القاضي الإداري وتحقيق نجاعة المرفق العام من خلال رقابته للصفقة العمومية.

القاضي الإداري وتحقيق نجاعة المرفق العام من خلال رقابته للصفقة العمومية.

نبيل الإدريسي البوزيدي

باحث بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا.

مقدمة

أصبحت شعارات العقلنة، والترشيد، والحكامة، والنجاعة في مجال تدبير المرفق العام الموضوع الذي يستأثر اهتمامات جل الباحثين والمهتمين بمجال الإدارة وحماية المال العام، خاصة بعد نشر مجموعة من التقارير لعدة هيئات دولية ووطنية تضمنت اختلالات تدبيرية وتسييرية ومالية تهم مرافق الدولة وهيئاتها وطرق تسييرها، مما عجل بإجراء مجموعة من الإصلاحات، شملت مهام الإدارة وبنياتها بغية ملائمتها مع سياق التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية -إن على الصعيد الدولي أو الوطني- استجابة للحاجيات الأساسية للمواطنين بطرق أكثر نجاعة وفعالية.

وتماشيا مع ما جاء به دستور المملكة لسنة 2011، وما يحمله من بوادر الإصلاح الشمولي في شتى المجالات بما فيها مجال حسن تدبير المال العام ونجاعة المرفق العام، يندرج إصلاح نظام الصفقات العمومية، وذلك في إطار تخليق الحياة العامة، وتحديث أساليب عمل الإدارة من خلال عدة إجراءات في إطار شمولي يتمحور حول ثلاثة أبعاد:

  • منطق تدبير الميزانية المرتكز على النتائج وتقييم الأداء.
  • منطق ربط المسؤولية بالمحاسبة.
  • منطق تبسيط المساطر.

وقد تم إخضاع نظام الصفقات العمومية لعدة إصلاحات قصد الاستجابة لمتطلبات التحديث، والانفتاح، وإرساء مبادئ الحكامة الجيدة، والحرص على الحفاظ على المال العام وصيانته. بدأت هذه الإصلاحات منذ عقد الجزيرة الخضراء في 17 ابريل 1906 الذي بموجبه تم إنشاء لجنة الصفقات، ثم ظهير المحاسبة العمومية بتاريخ 09 يونيو 1917 والذي تم بمقتضاه إلغاء لجنة الصفقات وتنظيم مسطرة إبرام الصفقات العمومية، ولم يظهر نظام طلبات العروض إلا مع قرار المقيم العام المؤرخ في 06 فبراير 1943 بإسناد الصفقات على أساس المتقدم بأدنى سعر[1]. واستمرت الإصلاحات إلى ما بعد الاستقلال، حيث اتخذت مسطرة الصفقات العمومية شكلا جديدا استجابة للوضع الجديد للبلاد، فصدر الظهير الشريف رقم 1.58.041 بشأن ضبط المحاسبة العمومية للمملكة المغربية[2]، غير أنه لم يرقى لمستوى التطلعات. ثم صدر بعده مرسوم 1965[3] الذي حاول جمع شتات النصوص المتعلقة بالصفقات العمومية لاسيما ما يتعلق بأشكال وطرق إبرامها، ثم جاء إصلاح 1976 بإصدار مرسوم 14 أكتوبر 1976[4] الذي منح الإدارة سلطات واسعة في اختيار طرق إبرام الصفقات العمومية، وبعده مرسوم 30دجنبر 1998[5] الذي نسخ مرسوم 1976 وألغى دفتر الشروط الإدارية ليحل محله دفتر شروط إدارية جديدة تمت المصادقة عليه بمقتضى مرسوم 04 ماي 2000، ثم المرسوم رقم 2.06.388 الصادر في 16 من محرم 1428 الموافق 5 فبراير 2007 المتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة ناسخا لسابقه ومتضمنا لمقتضيات جديدة تتمثل بالأساس في ضمان الشفافية في تعاملات الإدارة، والمساواة بين المتنافسين، ومجموعة من الإجراءات والمساطر التي تهدف بالأساس إلى تتبع ومراقبة تدبير الصفقات العمومية بغية ضمان فعالية ونجاعة الطلبية العمومية.

وانسجاما مع ثقافة الإصلاح، صدر المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية[6]، والذي يمكن اعتباره متقدما ويتماشى مع ما تضمنه دستور 2011 من احترام لمبادئ الحكامة الجيدة في مجال تدبير وتسيير المال العام، وتعزيز ضمانات المتعاملين مع الإدارة من خلال الشفافية في تعاملاتها، والمساواة بين المتنافسين، حيث خصص المرسوم الباب العاشر منه لحكامة الصفقات العمومية من خلال تنصيصه على امكانية الإشراف المنتدب على المشروع[7]، وتكتل المشتريات[8]، والمراقبة والتدقيق[9]، وواجب التحفظ وكتمان السر المهني[10]، ومحاربة الغش والرشوة وتضارب المصالح[11]. كما خصص الباب الحادي عشر للشكايات والطعون سواء إلى صاحب المشروع[12]، أو اللجوء إلى لجنة الصفقات[13].

ويمكن تعريف الصفقات العمومية حسب المادة 4 من مرسوم 2013 بأنهاعقود بعوض تبرم بين صاحب مشروع من جهة وشخص ذاتي أو اعتباري من جهة أخرى يدعى مقاولا أو موردا أو خدماتيا وتهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات وفق التعاريف الواردة بعده “[14].

كما عرفها الفقيه الفرنسي – André de laubadere  – على أنها:” عقود بمقتضاها يلتزم المتعاقد القيام بأعمال لفائدة الإدارة العمومية مقابل ثمن محدد “[15].

وبهذا تلجأ الدولة إلى إبرام الصفقات كأسلوب فعال من أساليب تسيير أنشطتها وتنفيذ برامجها بعقود مكتوبة بين طرفين (الدولة والمقاولة) ترتكز على مجموعة من العناصر الأساسية في شكل دفاتر تحملات حددها نظام الصفقات في ثلاث، وهي: -دفتر الشروط الإدارية العامة، -دفتر المقتضيات الخاصة، -دفتر المقتضيات المشتركة[16].

ومن أجل حسن تطبيق الصفقات العمومية وضمان نجاعتها وفاعليتها، وبهدف مطابقتها للأهداف المتوخاة من وراء إبرامها وحماية المال العام من النزيف الذي تسببه الصفقات المشبوهة كان لابد من تعزيز أليات الرقابة عليها سواء الداخلية أو الخارجية، إدارية كانت أو قضائية.

بالنسبة للرقابة الإدارية هي تلك الرقابة التي تتكفل بها أجهزة إدارية يمكن اعتبارها من المهام التقليدية التي تمارسها الإدارة على الصفقات العمومية، وتتم إما من طرف أجهزة رقابة منبثقة من داخل الإدارة المبرمة للصفقة أو من طرف أجهزة رقابة خارج الإدارة. وتلعب هذه الرقابة دورا مهما لكون الإدارة أدرى بحماية مصالحها. وقد أصبح الافتحاص والتدقيق[17] بشكل عام، والافتحاص الداخلي على الخصوص من المصطلحات الاكثر تداولا سواء داخل الادارات العمومية او الخصوصية لما يشكله من اهمية في شتى المجالات بما فيها مجال الصفقات العمومية.

أما بالنسبة للرقابة القضائية هي التي تتولاها جهات قضائية تتدخل من أجل حمل أطراف العقد على احترام المقتضيات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية، وهي نوعان: تتعلق الأولى برقابة المحاكم المالية ممثلة في المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات[18]، إضافة لأقسام متخصصة في الجرائم المالية بمحاكم الاستئناف[19]. أما الثانية فتبرز من خلال رقابة المحاكم الإدارية التي تختص بالبث في النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية باعتبار هذه الصفقات عقود إدارية[20]، والاختصاص النوعي لهذه المحاكم يعد من النظام العام[21]. كما أن القاضي الإداري ملزم خلال ممارسته لمهامه بالتقيد بمبادئ الشفافية واحترام القانون والمصلحة العامة وتكريس اجتهادات قضائية تروم إرساء قواعد الحكامة الجيدة وضمان الأمن المالي[22]. وتقوم هاته المحاكم بمراقبة مشروعية صفقات الدولة عن طريق القضاء الشامل بشكل عام أو قضاء الإلغاء كاستثناء.

فالدور الاجتهادي للقاضي الإداري في مجال المنازعات الإدارية بصفة عامة، وفي مجال العقود الإدارية على الخصوص يستوجب بيان القواعد التي أسس لها في سبيل ضمان رعايته للمال العام وحسن تدبير وتسيير المرفق العام، من جهة، وفي ضمان التوازن ما بين مصالح الإدارة ومصالح المتعاملين معها في مجال الصفقات العمومية من جهة أخرى، وهو ما ستسعى لتشخيصه هذه المقالة من خلال كشف مدى مساهمة القاضي الإداري في تحقيق نجاعة المرفق العام عبر رقابته للصفقة العمومية. وسيتم خلالها الاعتماد على مجموعة من مناهج البحث العلمي منها المنهج التاريخي، والمنهج القانوني، والمنهج المقارن.

 وستتناول الدراسة مبحثين أساسيين:

– مبحث اول متعلق بدور القاضي الإداري من خلال قضاء الإلغاء في رقابته للصفقة العمومية ومدى تحقيق نجاعة المرفق العام.

– مبحث ثاني مرتبط بمختلف المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية في إطار القضاء الشامل والقضاء الاستعجالي سعيا لنجاعة وفعالية المرفق العام.

المبحث الأول: قاضي الإلغاء ونجاعة المرفق العام من خلال رقابته للصفقة العمومية.

    من أجل إخضاع الأعمال المرتبطة بالصفقات العمومية إلى رقابة قاضي الإلغاء[23]ابتدع الاجتهاد القضائي الإداري نظرية القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد، وهي القرارات التي تستهدف التمهيد لإبرام العقد، أو السماح بإبرامه، أو الحيلولة دون إبرامه.

فالإدارة وهي بصدد تكوين عقد إداري تصدر-بإرادتها المنفردة-مجموعة من القرارات تهدف بها إلى إبرام هذا العقد، حيث يكون المختص بالنظر في المنازعات التي تدور حولها قاضي الإلغاء وليس قاضي العقد، كون العقد لم ينشأ بعد وتسمى تلك القرارات بالقرارات المنفصلة عن العقد[24].

وعمل القضاء الإداري المصري من خلال المحكمة الإدارية العليا على تحديد مفهوم لتلك القرارات[25].كما تمت الإشارة إلى القرارات المنفصلة عن العقد أول مرة وبصفة صريحة في المغرب في قرار المجلس الأعلى الصادر في 16 يوليوز 1959 في قضية فيلدستين[26].

وإذا كان مفهوم القرارات المنفصلة يحتل اليوم مكانة مهمة في الاجتهاد القضائي الإداري، فإن مكانته على العكس من ذلك في الدراسات الفقهية حيث لا تزال نسبية، إذ لم يتطرق لها الفقه المغربي إلا استثناء[27]، ولم يخصص لها الفقه المصري إلا سطورا قليلة[28]، لكن يحظى هذا المفهوم في فرنسا بأهمية متزايدة[29].

وعلى ضوء ما تقدم يمكننا القول بأن فيصل التفرقة بين القرارات المنفصلة عن العقد الإداري-والتي تعد قرارات إدارية نهائية تخضع لاختصاص قضاء الإلغاء-وبين القرارات المتصلة بالعقد الإداري -والتي يختص بنظر النزاع حولها قاضي العقد-مناطه السلطة التي كانت تتمتع بها الإدارة حال إصدارها للقرار، فإذا أصدرته استنادا إلى نصوص عقد إداري عد قرارا متصلا بهذا العقد، بحيث لا يحدث بذاته أثرا، ومن ثم يدخل النظر في منازعاته ضمن اختصاص قاضي العقد. أما إذا كان مستندا إلى نص القانون فقط وبالتطبيق لأحكامه كان القرار الصادر بالإلغاء قرارا إداريا ويطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري بدعوى الإلغاء[30] باعتباره قرارا منفصلا عن العقد.

وتبعا لذلك فدراسة المبحث الأول المخصص لرقابة القاضي الإداري للصفقة العمومية في إطار قضاء الإلغاء سعيا لنجاعة المرفق العام ستكون مقسمة لمطلبين، يخصص الأول للقرارات السابقة والمصاحبة لتكوين الصفقة، على أن يخصص الثاني للقرارات المتخذة في مرحلة تنفيذ الصفقة العمومية أو إنهائها.

المطلب الأول: رقابة القاضي الإداري للقرارات السابقة والمصاحبة لتكوين الصفقة العمومية ومدى تحقيق نجاعة المرفق العام.

يعمل القاضي الإداري على بسط رقابته على جل مراحل تكوين عقد الصفقة العمومية، تمتد هذه الرقابة لتشمل حتى العمليات السابقة والمصاحبة لتكوين هذا العقد، هدفها حماية المتنافسين لنيل الصفقة، وتحقيق وانجاز موضوع الصفقة سعيا لأكبر قدر من الفعالية والنجاعة لسير المرفق العام. وتدخل هذه الرقابة ضمن قضاء الإلغاء كون العقد لم ينشأ بعد.

أ-بالنسبة للقرارات السابقة لتكوين الصفقة العمومية.

هي قرارات تحضيرية تستهدف التمهيد لإبرام الصفقة، كالقرارات المتخذة من طرف الإدارة في مرحلة دراسة ملفات المتنافسين أو تلك التي تقضي بإبعاد أوإقصاء بعض المرشحين من المشاركة في المنافسة بشكل تعسفي.

وقد أثارت هاته القرارات إشكالية تتعلق بكونها مجرد قرارات تحضيرية وليست حاسمة في النزاع وبالتالي لا يجوز الطعن فيها، لأن الطعن بالإلغاء لا يوجه إلا ضد القرارات النهائية، ومع ذلك فقد قبل مجلس الدولة الفرنسي الطعن في هاته القرارات واعتبرها نهائية. ففي قضيةfamille la poz  قبل مجلس الدولة الفرنسي الطعن في قرار للمجلس البلدي القاضي بالإقصاء اللامشروع لعائلة la poz   من صفقة بيع المنزل وتم إلغاؤه نظرا لاتسامه بالشطط في استعمال السلطة[31].

ومن أمثلة الاجتهادات القضائية المغربية بخصوص قبول الطعن في هاته القرارات نجد حكم للمحكمة الإدارية بالبيضاء  رقم 03 ملف رقم 9/2/2003 الصادر بتاريخ 03/01/2005 والذي جاء فيه:” وحيث أنه أمام منازعة الطاعنة في نزاهة مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل خلال إسناد الصفقة فإن هذه المحكمة أمرت تمهيدا بإجراء خبرة … وحيث أنه بناء على ما ورد في تقرير الخبرة والوثائق المرفقة بالطلب فإن الأمر يوحي بوجود نوع من الريبة في إسناد الصفقة لشركة جونس هانس مما تكون معه الصفقة المذكورة قد طبعها نوع من التمييز بين المرشحين وتكون السلطة الساهرة عليها قد استعملت سلطتها في غير ما أعدت له وكان بالتالي قراراها مشوبا بالانحراف في استعمال السلطة يتعين إلغاؤه”[32].  

 ب-بالنسبة للقرارات المصاحبة لعملية التعاقد.

 هي تلك القرارات التي تتم بها المصادقة أو رفض المصادقة على العقد المبرم من طرف الإدارة، أو تكون المصادقة مخالفة للشكليات التي فرضها القانون.

 والمصادقة هي إفصاح الإدارة عن نية إتمام التعاقد، حيث أن العقد غير المصادق عليه لا يعد سوى مشروع للتعاقد، ليست له أية أثار قانونية تجاه الإدارة أو المتعاقد معها، وبذلك تخضع القرارات المتعلقة بالمصادقة عليها من طرف سلطة الوصاية سواء كانت إيجابية أو سلبية لرقابة القضائي الإداري.

وعلى هذا الأساس فقد قضت المحكمة الإدارية بوجدة بإلغاء قرار لوزير الفلاحة صادق بمقتضاه على صفقة عمومية بالرغم من مخالفتها للقواعد القانونية المطبقة في هذا المجال[33].  نفس الشيء بالنسبة لقرار للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 864 بتاريخ 11مارس 1999 في قضية بلقاضي محمد ضد جماعة سيدي حرازم حيث قبلت طعنا بالإلغاء ضد مقرر إرجاء مناقصة لكراء محلات الاصطياف بسيدي حرازم[34].

والحاصل مما ذكر أن جميع القرارات الممهدة للعقد الإداري كالقرارات المتعلقة بإبرامه، والقرارات المتعلقة بالإقصاء من المنافسة، أو القرارات المتعلقة برفض المصادقة على عقد الصفقة، أو حتى القرارات المتعلقة بالتراجع عن المصادقة على العقد، كلها تعتبر قرارات إدارية منفصلة على العقد الإداري يجوز الطعن فيها بالإلغاء. غير أن ما يجب ملاحظته هنا هو أن قاضي الإلغاء يكتفي بإلغاء القرار ولا يمكنه تجاوز ذلك بإصدار أوامر للإدارة بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل في إطار نظرية الفصل بين السلط[35].

المطلب الثاني: رقابة القاضي الإداري على القرارات المتخذة في مرحلة تنفيذ الصفقة العمومية أو إنهائها ونجاعة المرفق العام.

بعد المصادقة على الصفقة العمومية، ومرورها بجميع المراحل الممهدة لتكوين العقد، ودخولها حيز التنفيذ يمكن للإدارة -بوصفها سلطة إدارية وليس بوصفها طرفا متعاقدا-اتخاد مجموعة من التدابير والقرارات الإدارية يمكن ان تصل إلى حد انهاء العلاقة التعاقدية دون اللجوء للقضاء. هنا يمكن للمتعاقد الطعن بالإلغاء بسبب التجاوز في استعمال السلطة ضد تلك التدابير والإجراءات، وبالتالي بسط رقابة القاضي الإداري عليها في إطار قضاء الإلغاء حفاظا على حقوق المتعاملين مع الإدارة، وسعيا لنجاعة الصفقة العمومية وبالتالي نجاعة المرفق العام.

أ-رقابة القاضي الإداري على القرارات المتخذة في المراحل الأولية لتنفيذ الصفقة العمومية.

تدخل جل المنازعات المتعلقة بتنفيذ بنود الصفقة العمومية ضمن القضاء الشامل، لكن يمكن للإدارة وبصفة منفردة أن توقع على المتعاقد المقصر بعض الجزاءات بنفسها دون اللجوء إلى القضاء بوصفها سلطة إدارية وليس بوصفها طرفا متعاقدا ضمانا لتنفيذ الصفقة العمومية في أحسن الظروف والآجال. هنا تكمن مهمة القاضي الإداري في فحص مدى مشروعية تلك الإجراءات والتدابير المتخذة في إطار قضاء الإلغاء.

ومن أبرز أنواع هذه القراراتنجد قرار إقصاء المرشح الذي رست عليه الصفقة العمومية، حيث يمكن إلغاء هذا القرار إذا لم تحترم الإدارة صاحبة المشروع الشروط المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل، وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بأكادير إذا اعتبرت أن قرار لجنة العروض غير قانوني وغير واقعي بإقصاء إحدى الوكالات من التنافس على الصفقة.[36]

ب-رقابة القاضي الإداري على القرارات المتخذة لفسخ عقد الصفقة العمومية بين قضاء الإلغاء والقضاء الشامل.

يمكن للإدارة أن تصدر قرارات بفسخ عقد الصفقة بإرادتها المنفردة دون اللجوء للقضاء. فهل يمكن الطعن بالإلغاء أمام هذه القرارات أم اقتصارها على القضاء الشامل؟ وجوابا على ذلك ذهب مجلس الدولة الفرنسي في إحدى قراراته [37]إلى القول بقابلية القرارات المستندة إلى البنود التنظيمية للعقد الإداري للطعن فيها بالإلغاء خلافا للقرارات التي تصدر تنفيذا للعقد التي لا تجوز الطعن فيها إلا في إطار دعوى القضاء الشامل.

هذا وقد بين القضاء الإداري المصري مجال دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الشامل بشأن قرار فسخ العقد. ففي حكم لمحكمة القضاء المصري بتاريخ 27 يناير 1957 في القضية رقم 197 السنة 11 اعتبرت أنه: “إذا كان الإلغاء مستندا إلى نص القانون فقط وبالتطبيق لأحكامه كان القرار الصادر بالإلغاء قرارا إداريا ويطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري بدعوى الإلغاء…أما إذا كان الإلغاء مستندا لبنود العقد نفسه وتنفيذا له فإن المنازعة فيه تكون محلا للطعن أمام محكمة القضاء الإداري على أساس الولاية الكاملة لهذا القضاء’’[38].

  وقد تكرس هذا الاتجاه القضائي في أحكام القضاء الإداري المغربي من خلال مجموعة من القرارات والأحكام سواء على مستوى قرارات الغرفة الإدارية[39]، أو على مستوى المحاكم الإدارية [40]حيث اعتبر الاجتهاد القضائي المغربي على غرار القضاء المقارن أن قرار الفسخ متى استند إلى نصوص القانون اعتبر قرارا إداريا مما يجوز الطعن فيه بالإلغاء.

فقاضي الإلغاء يسعى أثناء جميع المراحل السابقة والمصاحبة والمتخذة لتنفيذ الصفقة العمومية أو إنهائها لفرض رقابته على جميع القرارات الإدارية المتعلقة بها، سعيا لخلق نوع من التوازن بين جميع المتنافسين لنيل الصفقة في احترام تام للمبادئ المؤطرة للصفقات العمومية والمجسدة لمبادئ الحكامة الجيدة في مجال الطلبيات العمومية والمرتبطة بمبدأ المنافسة، ومبدأ الشفافية، ومبدأ الفعالية، ومبدأ المساواة، سعيا لتحقيق نجاعة المرفق العام واستغلال أمثل للمال العام. لكن تبقى أغلب المنازعات المقدمة أمام القضاء الإداري في مجال الصفقات العمومية تدخل ضمن القضاء الشامل لتعدد أوجهه ومسبباته، كما أن الطابع الاستعجالي لهذه المنازعات يجعل تدخل القضاء الاستعجالي محوريا في المجال، وهو ما سأحاول دراسته في المبحث الثاني من هذه المقالة.

المبحث الثاني: رقابة القضاء الشامل والقضاء الاستعجالي للصفقة العمومية ونجاعة المرفق العام.

القضاء الشامل هو القضاء الذي يخول للقاضي تصفية النزاع كليا، حيث أن اختصاصه لا يقتصر على التأكد من صحة أو بطلان القرارات الإدارية التي تصدر في شأن العملية المركبة لعقد الصفقة، وإنما يمتد ليشمل كل عناصرها. فكل نزاع نشأ عن علاقة تعاقدية بين الإدارة والأشخاص يخضع للقضاء الشامل[41]

وتندرج في نطاق القضاء الشامل كل المنازعات الناشئة عن تنفيذ العقد والمتصلة به. ويشمل ذلك إلغاء أي قرار إداري اتخذته الإدارة تنفيذا لبنود العقد وأثناء سريانه، على اعتبار أن كل ما يدخل في نطاق العقد هو من اختصاص القضاء الشامل[42]. ويؤكد الدكتور سليمان الطماوي أنه متى توافرت في المنازعة حقيقة العقد الإداري، سواء أكانت المنازعة خاصة بانعقاد العقد، أو صحته، أو تنفيذه، أو انقضائه، فإنها كلها تدخل في نطاق ولاية القضاء الكامل، دون ولاية الإلغاء[43].

كما يلعب القضاء الاستعجالي دورا مهما في رقابة المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية، بالنظر للطابع الاستعجالي لهذه المنازعات.

وعليه ستتناول دراسة المبحث الثاني صور المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية في إطار القضاء الشامل ودور قاضي العقد في تحقيق نجاعة المرفق العام كمطلب أول، على أن يخصص المطلب الثاني للدور المحوري للقضاء الاستعجالي في حل منازعات الصفقات العمومية سعيا لنجاعة المرفق العام.

المطلب الأول: قاضي العقد ونجاعة المرفق العام في المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية.

تتخذ المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية في إطار القضاء الشامل عدة صور يمكن إجمالها فيما يلي:

أ-دعوى لأجل بطلان عقد الصفقة، ودعوى الحصول عل المبالغ المالية.

بالنسبة لدعوى لأجل بطلان عقد الصفقةهي تلك الدعوى التي تثار عندما يلحق العقد عيب في التكوين، حيث إن المتعاقد لا يمكنه المطالبة بإلغاء العقد إلا بسلوك دعوى القضاء الشامل لأن دعوى الإلغاء لا توجه ضد العقود الإدارية. ويشترط في هذه الدعوى رفعها من المتعاقد صاحب المصلحة، لأن الأجنبي عن العقد لا يجوز له رفعها كونه لا يتمتع بأي قوة في الالتزام، وإذا تضرر من عملية التعاقد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فلا يكون أمامه إلا حق الطعن بالإلغاء من تصرفات صاحب المشروع.

اما بالنسبة لدعوى الحصول عل المبالغ الماليةالتيتعد أهم أهداف الصفقة، تقام إما من طرف الإدارة، أو من طرف المتعاقد معها. وفي هذا الإطار قضت المحكمة الإدارية بمراكش على أنه “من حق الشركة المدعية بعد إنجاز الأشغال المطلوبة منها بمقتضى صفقة الأشغال المطالبة بمستحقاتها التي تبقى دينا بذمة البلدية المتعاقدة [44]“. وفي نفس الإطار قضت نفس المحكمة في حكم أخر بأن “ثبوت إنجاز المدعية للأشغال المتفق عليها بشكل سليم يجعلها محقة في طلب الحصول على مستحقاتها فورا[45]“. وقد ترفع هاته الدعوى لأي سبب من الأسباب التي تؤدي إلى الحكم بمبلغ مالي، بما فيها فوائد التأخير. هنا نجد قرار صادر عن المحكمة الإدارية بمراكش في الدعوى المقامة من طرف شركة ماربيل على بلدية مراكش

المدينة[46].كما قد ترفع من أجل التعويض عن الحرمان من الربح، كما جاء في حكم إدارية أكادير[47]“.

فدعوى التعويض في مجال منازعات العقود الإدارية تتخذ عدة أوجه منها:

– التعويض عن التماطل في أداء المقابل المالي نتيجة تنفيذ العقد: فهدف المتعاقد من تنفيذ العقد هو الحصول على المقابل المالي، لذا على الإدارة الالتزام بتأديته وإلا أرغمت على تأدية فوائد التأخير.

– التعويض لضمان التوازن المالي: ينشئ اختلال التوازن المالي للعقد الإداري حقا والتزاما في الوقت ذاته، فالالتزام ينشأ على كاهل الإدارة التي عليها إعادة التوازن المالي للعقد، والحق يكون للمتعاقد في شكل تعويض عن الظروف التي أثرت على التوازن المالي للمشروع، وهذه الظروف تكون إما نتيجة تعديل العقد، أو نتيجة خطأ الإدارة، أو نتيجة فعل الأمير، أو نتيجة قوة قاهرة أو صعوبات مادية غير متوقعة.

ب-دعوى إبطال التصرفات الصادرة عن الإدارة على خلاف التزاماتها التعاقدية، ودعوى لأجل فسخ الصفقة.

بالنسبة لدعوى إبطال التصرفات الصادرة عن الإدارة على خلاف التزاماتها التعاقدية تتم إذا صدر عن الإدارة تصرف مخل بالتزاماتها التعاقدية، حيث يحق للمتعاقد معها المطالبة بإبطال تلك التصرفات عن طريق القضاء. ومن امثلة ذلك القرارات الخاصة بتوقيع جزاء من الجزاءات التعاقدية، أو بفسخ عقد الصفقة، أو إنهائه أو إلغائه. فقد اعتبرت المحكمة الإدارية بالرباط في حكم لها بين شركة مقاولة الأشغال العامة العقارية ومدير المكتب الوطني للكهرباء الذي ألغى صفقة متعلقة بإنجاز الطاعنة لأشغال إعداد حوض جديد للطاقة الكهربائية بجرادة، أن القرار القاضي بإلغاء الصفقة يدخل في إطار المنازعة حول تنفيذ العقد الإداري الذي يختص بالنظر فيه القضاء الشامل [48]“. كما قضت إدارية الدار البيضاء في أحد أحكامها بأنه “في حالة فسخ العقد كجزاء لخطأ المتعاقد، للقضاء أن يبحث مدى ملائمة الفسخ كعقوبة للخطأ المنسوب إلى المتعاقد[49]“.

بالنسبة لدعوى لأجل فسخ الصفقة هنا نتحدث عن الفسخ الذي ينطق به القضاء بناء على طلب أحد الطرفين. وقد حدد الدكتور سليمان الطماوي الأسباب التي من أجلها يحكم القضاء بالفسخ في العناصر التالية[50]:

-الفسخ القضائي بسبب القوة القاهرة: ينتج عن القوة القاهرة إعفاء المتعاقد من التنفيذ، فلا يكون بمقدور الإدارة إرغامه على التنفيذ ولا أن توقع عليه غرامات التأخير.

-الفسخ القضائي نتيجة الإخلال بالالتزامات التعاقدية: ويكون في حالة عدم وفاء أحد الأطراف المتعاقدة بالتزاماته التعاقدية، وإذا ما وصلت المخالفة درجة جسيمة هنا يحق له اللجوء إلى القضاء.

  ويختلف موقف المتعاقد عن موقف الإدارة في مسألة الفسخ، حيث أن المتعاقد يكون دائما مضطرا إلى اللجوء إلى القضاء بغية الحصول على حكم قضائي يقضي بفسخ العقد، وهذا الحكم لا يصدر عن القضاء إلا إذا أخطأت الإدارة خطأ جسيما. بينما يمكن للإدارة اللجوء إلى فسخ العقد بقرار إداري صادر من جهتها، كما يمكنها أن تتنازل عن استعمال حقها في فسخ العقد الإداري وأن تلجأ بدورها إلى القضاء ضمانا لعدم رجوع المتعاقد عليها بالتعويض إذا ما ثبت أنها أساءت استخدام هذا الحق. وهنا نورد ما جاء في حكم المحكمة الإدارية بمراكش الذي قضت فيه بأنه “ليس هناك ما يمنع صاحب المشروع من الالتجاء إلى القضاء الإداري بشأن فسخ عقد صفقة، وذلك بالرغم من شروط الفسخ المنصوص عليها بدفتر الشروط الخاصة والعامة المقررة لصالح الإدارة صاحبة المشروع، حيث أن من حقها التنازل عنها ورفع أمر الفسخ إلى القضاء ما دامت ترى في ذلك ضمانة للطرفين[51]“. فالهدف من هاته الدعوى الحصول على حكم قضائي بفسخ الصفقة تسري أثاره ابتداء من تاريخ رفع تلك الدعوى.

فالقاضي الإداري في مجال المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية وعبر القضاء الشامل يسعى لبسط رقابته وفض النزاع كليا سعيا منه لتحقيق نوع من التوازن بين أطراف العقد، ومحاولا في الوقت نفسه الرفع من نجاعة المرفق العام والخدمات التي يقدمها حفاظا على المال العام وتحقيقا لموضوع الصفقة.

وبالنظر للطابع الاستعجالي لهذه المنازعات يبقى دور القضاء الاستعجالي محوريا في فض النزاعات المثارة في مجال الصفقات العمومية وهو ما سيتم دراسته في المطلب الثاني من هذا المبحث.

المطلب الثاني: الأمور المستعجلة في منازعات الصفقات العمومية ونجاعة المرفق العام.

إن اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية يستتبع لزوما اختصاصه بالفصل فيما ينبثق عن هاته المنازعات من أمور مستعجلة[52]، مادام القانون لم يسلبه ولاية الفصل فيها. فقد دأب القضاء المقارن وخاصة القضاء الاستعجالي الفرنسي، على استصدار أوامر للمتعاقد مع الإدارة باحترام التزاماته التعاقدية. كما دأب على تعليق مسطرة التعاقد إلى حين التحقق من شرعية القرارات المتخذة في هذا الإطار. إلا أن سلطة القضاء تستند إلى نص قانوني من جهة، ومن جهة أخرى، تبقى هذه الصلاحية محددة في الزمان بإمكانية تفعيلها حصرا قبل التوقيع على العقد. إلا أنه خلال مرحلة تنفيذ العقد لا يمكن لقاضي المستعجلات أن يتدخل إلا استنادا إلى القواعد المسطرية العامة المطبقة على القضاء الاستعجالي[53].

أ-المقتضيات القانونية المقررة بشأن اختصاص القضاء الاستعجالي في منازعات الصفقات العمومية ونجاعة المرفق العام.

تكتسي الطلبات المستعجلة في مجال الصفقات العمومية أهمية قصوى بالنظر إلى خصوصية هذه المنازعات، والتي يعد الوقت عاملا مؤثرا فيها. فعقد الأشغال العامة مثلا يثير عدة إشكاليات تستوجب التدخل لاتخاذ إجراءات مستعجلة لا تحتمل التأخير، مثل إثبات الأوضاع المادية التي يخشى زوالها، أو التحقق من قيام القوة القاهرة التي يمكن أن يتمسك بها مستقبلا كسبب يجعل المتعاقد يتحلل من التزاماته التعاقدية، أو تقديم طلب إجراء خبرة لاعتماده كأساس للمطالبة بالتعويض، حيث أن عدم إجراء هاته الخبرة يحول دون الوقوف على حقيقة الأمر خاصة إذا قامت جهة أخرى بإتمام الورش[54].

والجدير بالذكر أن المحاكم تفصل في الطلب المستعجل في الحدود والضوابط المقررة للفصل في الطلبات المستعجلة، حيث تنظر أولا في توافر عنصر الاستعجال على حسب الحالة المعروضة والحق المطلوب المحافظة عليه، ذلك أنه من شروط قبول الطلبات في إطار المادة 149 من قانون المسطرة المدنية وجوب توفر عنصر الاستعجال. وعلى هذا الأساس قضى أمر استعجالي للمحكمة التجارية بالرباط[55] على أن الحال في طلب إجراء خبرة على الوثائق المحاسبية للطرفين الذي تقدمت به المدعى عليها لا يكتسي أي طابع استعجالي. ثم تستظهر المحاكم جدية الأسباب أو عدم جديتها بالنسبة إليها في ظاهرها، فتحكم على مقتضى هذا النظر بحكمها المؤقت على الوجه المستعجل للنزاع، وذلك إما باتخاذ الإجراء المطلوب أو رفضه دون المساس بالناحية الموضوعية للنزاع، الأمر الذي تنظر فيه المحاكم بعد ذلك في ظل ما لديها من دلائل موضوعية، وهو ما أكدت عليه المحكمة الإدارية بوجدة حيث قضت بمقتضى المادتين 149 و 152 من قانون المسطرة المدنية المحال عليهما الفصل 7 من القانون 41.90 بضرورة توافر حالة الاستعجال، و عدم المساس بأصل الحق، و هما شرطان لازمان إذا انعدم أحدهما زال اختصاص قاضي المستعجلات لفائدة قضاء الموضوع[56]. كما أقرت المحكمة الإدارية بالرباط في أمرها الاستعجالي المتعلق بقضية وزارة التجهيز ضد نادي الأشغال العمومية قاعدة عدم المساس بجوهر النزاع حيث جاء فيه “ما دام من شأن البث في النزاع المرتبط بتنفيذ بنود عقد اتفاقية التسيير المس بالمركز القانوني لطرفي العقد، وبالتالي المس بجوهر النزاع فإن محكمة الموضوع هي المختصة بالبت في النزاع المذكور وليس قاضي المستعجلات[57]“.

ب-القواعد العامة التي تؤطر اختصاص القضاء الاستعجالي ومدى تحقيقها لنجاعة الصفقة العمومية والمرفق العام.

بخصوص القواعد العامة التي تؤطر اختصاص القضاء المستعجل، أكد أمر صادر عن المحكمة الإدارية بفاس على أنه إضافة إلى ضرورة توافر الشروط الازمة لانعقاد اختصاصه في الأمور المستعجلة المتعلقة بمنازعات العقود الإدارية، ألا وهي توافر عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر الحق، فإن اختصاص القضاء المستعجل تؤطره قواعد عامة. حيث أنه إذا كان القاضي الإداري الاستعجالي يملك سلطة وضع حد لكل اعتداء مادي أو غصب أو قطع تعسفي لوضعية شرعية قائمة وذلك بإرجاع الأطراف إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل حدوث الاعتداء المادي حماية منه للمراكز القانونية الواضحة، فإن اختصاصه ذلك مشروط بتوافر عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر الحق وهما شرطين لازمين إذا انعدم أحدهما زال اختصاص قاضي المستعجلات لفائدة قضاء الموضوع. وأضافت نفس المحكمة لتوضيح القواعد العامة على القضاء الاستعجالي المساس به هو السبب القانوني الذي يحدد حقوق كل الطرفين والتزامه قبل الأخر، إذ يحضر عليه تناوله بالتفسير والتأويل وتأسيس فضائه بذلك على أسباب تمس أصل الحق المقصود بالحماية من خلال الإجراء المطلوب، غير أنه شرط عدم المساس بجوهر الحق هذا لا يمنع قاضي المستعجلات من البحث في مبلغ الجد في المنازعة، فإذا استبان له أن المركز القانوني للطالب لم يعد من شأنه المساس بأصل الحق حكم بعدم اختصاصه للبث في الطلب. وحتى إذا كانت المنازعة مفتعلة والغاية منها ابعاد اختصاص القضاء المستعجل أو رده أو محاولة منعه من البث في الطلب أمر باختصاصه وبالإجراء المطلوب حوله[58].

 كما أن الطلبات المستعجلة في منازعات العقود الإدارية المرتبطة بولاية قضاء الإلغاء تنحصر فقط في طلب الحكم بوقف تنفيذ قرار من القرارات الإدارية المنفصلة. وتبعا لذلك يخضع هذا الطلب لأحكام وقف تنفيذ القرار الإداري، يستهدف هذا النظام وقف سريان القرارات الإدارية. فمحل دعاوى إيقاف تنفيذ القرارات الإدارية أمام القضاء الإداري عامة، سواء في ببلادنا، أو في فرنسا، أو مصر، يكون دائما هو ذاته محل طلب دعوى الإلغاء، وذلك تطبيقا لقاعدة اقتران طلب وقف التنفيذ المقرر الإداري بطلب إلغاء نفس المقرر[59].وفي حكم للمحكمة الإدارية بالرباط اعتبر أنه في حالة غياب نص قانوني خاص يعطي لقاضي المستعجلات اختصاص إيقاف تنفيذ عقد إداري يبقى النص العام الواجب التطبيق المادة 149 من قانون المسطرة المدنية[60].

فدور القضاء الشامل والقضاء الاستعجالي يبقى محوريا في فض النزاعات الناشئة عن الصفقات العمومية لتعدد أسبابها من جهة، وطابعها الاستعجالي من جهة أخرى، حيث يعد الوقت عاملا مؤثرا فيها. والقاضي الإداري من خلال رقابته للصفقة العمومية يحاول حماية حقوق المتعاقد مع الإدارة مع ضمان حسن تنفيذ التزاماته التعاقدية سعيا لفعالية ونجاعة الطلبيات العمومية وحماية المال العام وبالتالي نجاعة المرفق العام.

خاتمة

تعد الصفقات العمومية إحدى الآليات الأساسية التي يتم بها تنفيذ الميزانية، لارتباطها بتدبير الشأن العام، وتشكل اللبنة الأساسية لتلبية حاجات الإدارة. وبالنظر لأهمية موضوعها المتمثل في إنجاز أوراش كبرى أو تقديم خدمات وإنجاز توريدات، فإن إطارها القانوني يخضع لبعض المبادئ الرامية إلى ترسيخ الشفافية والحفاظ على مصالح الإدارة والمتعاملين معها على حد سواء، في إطار شراكة متوازنة يتوخى منها إنجاز أعمال بجودة عالية، وبتكلفة مناسبة، فضلا على الرغبة في تخليق الحياة العامة ومحاربة كل الممارسات المرتبطة بأفعال الغش والرشوة. لذلك خصها المشرع بمجموعة من النصوص القانونية التي تضبط جميع العمليات، وتحدد تصرفات الأطراف المتدخلة في هذا المجال، إضافة إلى إسناد عمليات التتبع والمراقبة إلى عدة أجهزة قصد ضمان نجاعة الصفقة العمومية وتحقيق الأهداف المرجوة منها.

ويبقى تدخل القضاء الإداري حاسما في المجال باعتباره إحدى اوجه الرقابة القضائية المسلطة على حسن تنفيذ النفقة العمومية، حماية للمال العام، وتحقيقا للنجاعة الإدارية للمرفق العام، سواء عبر مراقبة كل المراحل التي يمر منها التعاقد في مجال الصفقات العمومية، وكذا محاولة خلق نوع من التوازن بين طرفي الصفقة عبر قضاء الإلغاء أو القضاء الشامل في احترام تام لمجموع المبادئ المؤطرة لحسن تدبيرها سواء مبدأ الشفافية، أو مبدأ المنافسة، أو مبدأ المساواة، أو مبدأ التنافسية، أو مبدأ الفعالية للوصول إلى الجودة وحماية كل أطراف العقد .   


[1] سناء رشدي، المنافسة في الصفقات العمومية بين التشريع والقضاء، بحث لنيل شهادة الماستر في جامعة سيدي محمد ابن عبد الله بفاس، الموسم الجامعي 2010-2011 ص 12.

[2] الظهير الشريف رقم 1.58.041 بشأن ضبط المحاسبة العمومية للمملكة المغربية الصادر في الجريدة الرسمية عدد 2393 بتاريخ 05/09/1958 الصفحة 2063.

[3] تجدر الإشارة إلى أن اول قانون وضعه المشرع يهم تنظيم كيفية إبرام الصفقات العمومية كان هو مرسوم 116-65-2 الصادر بتاريخ 19/05/1965 والذي جمعت فيه مجموعة من النصوص التي كانت متفرقة وقد تمحور هذا القانون حول اعتماد اسلوب المناقصة لاختيار نائل الصفقة، حيث كان يختار من تقدم بأقل ثمن دون امكانية الإدارة اقصاء اي عرض اعتمادا على الجودة.

[4] المرسوم رقم 2.76.479 بتاريخ 19 شوال 1396 (14 أكتوبر 1976) بشأن صفقات الأشغال أو الأدوات أو الخدمات المبرمة لحساب الدولة الصادر في الجريدة الرسمية عدد 3339 بتاريخ 27/10/1976 الصفحة 3269.

[5] المرسوم رقم 2-98-482 الصادر في 30-12-1998 والذي اسس لمقياس آخر لاختيار نائل الصفقة وهو المتقدم بأفضل عرض.

[6] المرسوم رقم 2.12.349 الصادر في 8 جمادى الأولى 1434 (20 مارس 2013) يتعلق بالصفقات العمومية الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6140 الصادرة بتاريخ 23 جمادى الأولى 1434 (4 أبريل 2013).

[7]  المادة 161 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية بالمغرب.

[8]  المادة 162 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية بالمغرب.

[9]  المادة 165 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية بالمغرب.

[10]  المادة 166 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية بالمغرب.

[11]  المادة 168 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية بالمغرب.

[12]  المادة 169 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية بالمغرب.

[13]  المادة 170 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية بالمغرب.

[14]  المادة 4 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية بالمغرب.

[15] André De Laubadère, Franck Moderne, Pierre Dévolvé. Traité des contrats administratifs. Tome : premier. LGDJ,Paris 1983. p : 24.

[16]  المادة 13 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية بالمغرب.

[17] الافتحاص (المراجعة أو التدقيق) هو ترجمة للكلمة اللاتينية audit اقتصرت وظيفته في البداية على المجال المالي والمحاسباتي في القطاع الخاص، ثم امتدت إلى باقي القطاعات والمجالات بما فيها القطاع العام. وهناك تعاريف مختلفة للافتحاص من أهمها تعريف جمعية المحاسبة الأمريكية التي اعتبرت” الافتحاص هو عملية منظمة ومنهجية لجمع وتقييم الأدلة والقرائن بشكل موضوعي، والتي تتعلق بنتائج الأنشطة والأحداث الاقتصادية وذلك لتحديد مدى التوافق والتطابق بين هذه النتائج والمعايير المقررة وتبليغ الأطراف المعنية بنتائج الافتحاص”.

 [18] هي من المحاكم المتخصصة بالجانب المالي، وقد عمل المغرب مند سنة 1996 على إقرار مبدأ دسترة رقابتها على الأموال العمومية، ويؤطرها الظهير الشريف رقم 124-02-1 الصادر في 13 يونيو 2002 بتنفيذ القانون رقم: 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، منشور بالجريدة الرسمية عدد:5030 بتاريخ:15 غشت 2002، ص:2294.

[19]  أحدثت الأقسام المالية بموجب الفصل السادس من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.338 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، وذلك للنظر في الجنايات المنصوص عليها في الفصول 241 إلى 256 من القانون الجنائي وكذا الجرائم التي لا يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها، وقد حدد في أربعة عدد محاكم الاستئناف المحدثة بها الأقسام المذكورة، وذلك على النحو الآتي:

– محكمة الاستئناف بالرباط وتشمل دائرة نفوذها : الرباط – القنيطرة – طنجة – تطوان.

– محكمة الاستئناف بالدار البيضاء وتشمل دائرة نفوذها : الدار البيضاء – سطات – الجديدة – خريبكة – بني ملال.

– محكمة الاستئناف بفاس وتشمل دائرة نفوذها : فاس – مكناس – الرشيدية – تازة – الحسيمة – الناضور – وجدة.

– محكمة الاستئناف بمراكش وتشمل دائرة نفوذها : مراكش – أسفي – ورزازات – أكادير – العيون.

أنظر: المرسوم رقم 2.11.445 صادر في 7 ذي الحجة 1432 (4 نوفمبر2011) بتحديد عدد محاكم الاستئناف المحدثة بها أقسام للجرائم المالية وتعيين دوائر نفوذها، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5995 الصادرة بتاريخ 17 ذو الحجة 1432 (14 نوفمبر2011).

[20]  لتوافر شروط العقد الإداري وهي -وجود سلطة عامة كطرف في العقد/-ارتباط العقد بنشاط المرفق العام/-اتباع أساليب القانون العام.

[21]  وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بأكادير، حيث قضت بأن “عمليات البناء لفائدة شخص من أشخاص القانون العام هي صورة من صور عقود الصفقات، تكتسي بحكم طبيعتها عقودا إدارية تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية. حكم عدد 221 بتاريخ 04/10/1999 في قضية أيت عبد الله ضد بلدية الأخصاص، أورده محمد الأعرج، الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية في منازعات العقود الإدارية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية «سلسلة مواضيع الساعة”، عدد 47، 2004 ص 76.

[22]  عبد الحق أخو الزين قاضي بالمحكمة الإدارية بالرباط، دور القاضي الإداري في حماية المال العام، تاريخ التصفح 15-05-2018، مقال منشور بمجلة القانون منشور في الموقع الإلكتروني http://droitagadir.blogspot.com/2013/07/blog-post_7482.html.

[23]  قضاء الإلغاء هو القضاء الذي يخول للقاضي الإداري سلطة الحكم بإلغاء قرار إداري معيب دون الحق في توجيه أوامر إلى الإدارة للقيام بعمل أو الامتناع عن القيام به. وتهدف دعوى الإلغاء إلى احترام مبدأ الشرعية، حيث يحق للأفراد، الطعن في القرارات إذا كانت غير مشروعة.

[24]  عرض حول القرارات المنفصلة عن العقد من إنجاز طلبة ماستر القضاء الإداري بسلا الفوج السادس الموسم الجامعة 2013/2014

[25]  المحكمة الإدارية العليا، طعن رقم 666 لسنة 24ق، جلسة 14/4/1979حيث ذهبت إلى أنه “…ومن حيث ينبغي في ضوء تنظيم عملية العقد الإداري المركبة، التفرقة بين نوعين من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية في شأن العقود الإدارية:

النوع الأول: وهي القرارات التي تصدرها أثناء المراحل التمهيدية للتعاقد وقبل إبرام العقد، وتسمى بالقرارات المنفصلة المستقلة، ومن هذا القبيل القرار الصادر بطرح العمل في مناقصة، والقرار الصادر باستبعاد أحد المتناقصين والقرار الصادر بإلغاء المناقصة أو بإرسائها على شخص معين، فهذه القرارات هي قرارات إدارية نهائية شأنها شأن أي قرار نهائي وتنطبق عليها جميع الأحكام الخاصة بالقرارات الإدارية النهائية.

النوع الثاني: وينظم تحته القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية تنفيذا لعقد من العقود الإدارية واستنادا إلى نص من نصوصه كالقرار الصادر بسحب العمل ممن تعاقد معها، والقرار الصادر بمصادرة التأمين أو إلغاء العقد ذاته، فهذه القرارات يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات التي تثور بشأنها لا على أساس اختصاصه بنظر منازعات القرارات الإدارية النهائية، وإنما على أساس اعتباره المحكمة ذات الولاية الكاملة بنظر كافة المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية.

[26]  حيث جاء في حيثيات القرار ما يلي: “…إذا ما اعتبرنا فرضا أن الرسالة التي يخبر بها رئيس إدارة التربية العامة المغربية الطاعنة في خدمة الرابطة الإسرائيلية العالمية بالقرارات المتخذة في حقها من طرف اللجنة المركزية للرابطة، تشكل مقررا إداريا منفصلا قابلا لذلك لأن يكون محل بالإلغاء، فإن الطعن في هذه النازلة غير مقبول لكون الرسالة المطعون فيها هي سابقة لتاريخ 23/10/1957 تكون قد حررت في وقت لم يكن فيه الطعن بسبب تجاوز السلطة جائزا إلا للموظفين…إن الطاعنة التي هي في خدمة الرابطة الإسرائيلية العالمية باعتبار هذه الرابطة جمعية خاصة، ليست لها صفة موظفة ولو أن هناك اتفاقية بين هذه الجمعية والسلطات العمومية الإدارية…”، وتابع المجلس الأعلى يقول: “…حيث أن النزاع الذي بمناسبته تقدمت السيدة فليدستين بطعن أمام مجلس الدولة والذي يتعلق بوضعيتها كعضو من أعضاء هيئة التعليم المنتمية للتحالف الإسرائيلي قد وافق على القرارات المتخذة…من طرف اللجنة المركزية والتحالف المذكور، يشكل قرارا إداريا منفصلا يمكن الطعن فيه من أجل العيوب الخاصة التي يمكن أن تشوبه، هذا الادعاء يتعارض على كل حال، مع مقتضيات الفصل الثاني من ظهير 16 ربيع الأول 1347 (فاتح شتنبر 1928) المعمول به آنذاك والتي بمقتضاها لا يمكن الطعن أمام مجلس الدولة الفرنسي بسبب الشطط في استعمال السلطة سوى ضد الأعمال الصادرة عن سلطات الحماية المتعلقة بالنظام الأساسي لموظفي الإدارة المغربية، وأنه يستنتج مما سبق أن الطعن المقدم من طرف السيدة فيلدستين غير مقبول لرفعه أمام محكمة غير مختصة للبت فيه، ويبقى كذلك حتى بعد صدور ظهير 27 شتنبر 1957 المحدث بموجبه المجلس الأعلى…” (القرار عدد 63 الصادر في 16 يوليوز 1959، ملف إداري، عدد 1077، قرارات المجلس الأعلى في المادة الإدارية 1958-1997، منشورات المجلس الأعلى في ذكراه الأربعين 1997، ص19 ).

[27]   إذا استثنينا طبعا الإشارات الخاطفة من طرف بعض الفقه: أنظر أمينة جبران، دعوى القضاء الشامل، المنشورات الجامعية المغربية، 1994، ص421-422، حيث لم تخصص للموضوع أكثر من صفحتين، الجيلاني أمزيد، شرط انتفاء الدعوى الموازية في المنازعات الإدارية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، 1996، ص243-244، كما تحدث الأستاذ إدريس الحلابي الكتاني عن القرارات المنفصلة في المجال التعاقدي، أنظر في هذا الشأن: إدريس الحلابي الكتاني، العقود الإدارية، مطبعة دار السلام، 2000، ص110-117.

[28]  سليمان الطماوي، الأسس العامة للعقود الإدارية-دراسة مقارنة-، الطبعة الاولى 1957، ص184، أورده محمود حافظ، القرار الإداري، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993، ص76.

[29]  ففي النصف الأول من القرن العشرين لم يظهر مفهوم الانفصالية في فرنسا إلا عند ثلاثة فقهاء بارزين Duguit (L). و Alibert (R) و Bonnard (R)، وفي النصف الثاني من القرن العشرين لم يشر العديد من الفقهاء إلى مفهوم القرارات المنفصلة، باستثناء DE Laubader وJ.C Venezia و Y.Gaudemet في مجال إدارة الدومين الخاص، أما بالنسبة للكتب الحديثة فيتم تقديم مفهوم الانفصالية بطريقة كلاسيكية على اعتبار أن الفقهاء المعاصرون يتجهون إلى حصره في بعض المجالات التقليدية كأعمال السيادة والقضاء التعاقدي، ونادرا ما كان يتم إثارة القرار المنفصل بمناسبة دراسة عمليات القضاء الشامل للعمليات التعاقدية الخاضعة للقانون الخاص

[30]  حكم محكمة القضاء المصري بتاريخ 27 يناير 1957 قضية رقم 197 السنة 11.

[31]  أورده محمد الرحماني، منازعات الصفقات العمومية، رسالة لنيل الماستر في الحقوق، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الحقوق فاس، برسم السنة الجامعية، 2008/2009، ص 43.

[32]   حكم رقم 03 ملف رقم 9/2/2003 صادر بتاريخ 03/01/2005، أورده خالد انطيطح، رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، جامعة مولاي إسماعيل، كلية الحقوق، مكناس، برسم السنة الجامعية 2010/2011، ص 120.

[33]   حكم المحكمة الإدارية بوجدة، عدد 24، صادر بتاريخ 10/02/1999 أورده خالد انطيطح، م س، ص 123.

[34]   قرار للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 864 بتاريخ 11مارس 1999 في قضية بلقاضي محمد ضد جماعة سيدي احرازم، أورده محمد قصري في مقال بعنوان: القاضي الإداري ومنازعات الصفقات العمومية، منشور بمجلة المعيار، العدد 39، يونيو 2008.الصفحة 97.

[35]  محمد قصري، القاضي الإداري ومنازعات الصفقات العمومية، منشور بمجلة المعيار، العدد 39، يونيو 2008، الصفحة 99.

[36]   حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 10 صادر بتاريخ 23 فبراير 1995 منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة دراسات وأبحاث جامعية العدد 19 سنة 1997، ص 122

[37]  قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 4ـ08ـ1905 في قضية مارتاني أورده المستشار محمد القصري الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في مداخلة له حول القاضي الإداري ومنازعات الصفقات العمومية منشور بموقع مدونة المنبر القانوني، الصفحة 100.

[38]  حكم محكمة القضاء المصري بتاريخ 27 يناير 1957 قضية رقم 197 السنة 11.

[39]   كقرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 66 بتاريخ 12ـ09ـ1967 في قضية الشركة الكهربائية المغربية ضد وزير الأشغال العمومية والذي اعتبرت فيه أن عدم النص في عقد الامتياز على أداء مقابل لذلك يندرج ضمن المزايا المالية التي تتمتع بها الشركة وبالتالي إلغاء القرار الإداري الصادر من وزير الأشغال العمومية القاضي يفرض بموجبه على الشركة المتعاقدة أداء تعويض مقابل احتلالها أراضي عمومية مدت عليها الأسلاك الكهربائية لنقل التيار الكهربائي باعتباره قرارا منفصلا عن العقد.

[40]   حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد 94ـ526 بتاريخ 09ـ11ـ1995 قضية أزرقان ضد بلدية مكناس.

[41]  حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 05/05/2003 أورده محمد الأعرج، م س ص 77.

[42]   كريم لحرش: القضاء الإداري المغربي، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية عدد مزدوج 16-17 مطبعة طوب بريس الرباط الطبعة الأولى 2012، ص 120.

[43]   سليمان الطماوي، الأسس العامة للعقود الإدارية -دراسة مقارنة-، الطبعة الاولى 1957، ص 130

[44]  حكم المحكمة الإدارية بمراكش عدد 4 صادر بتاريخ 18/01/1999، أورده خالد انطيطح، م س، ص 58.

[45]  حكم عدد 60، صادر بتاريخ 1/12/2001، أورده خالد انطيطح، م س، ص 58.

[46]   حكم إدارية مراكش عدد 4 صادر بتاريخ 18/01/1999، جاء فيه “الشركة المدعية تستحق تعويضا عن التماطل بعد ثبوت إنذارها و مطالبتها للبلدية بأداء مستحقاتها عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتسلم.

[47] حكم إدارية أكادير عدد 279، صادر بتاريخ 26/7/2007، أورده محمد قصري، القاضي الإداري ومنازعات الصفقات العمومية مجلة المعيار العدد 39، يونيو 2008، ص 32. “، جاء فيه أن مسؤولية المجلس البلدي لأولاء تايمة عن الضرر اللاحق بالمدعية ثابتة في الحدود المشار إليها أعلاه، وحيث أن المحكمة انطلاقا من سلطتها التقديرية وبعد الأخذ بعين الاعتبار حرمان المدعية من الربح الذي كان من الممكن أن تحققه من الصفقة التي تم إقصائها منها، قررت الحكم على المجلس البلدي لأولاء تايمة بأداء للمدعية مبلغ 250.000 درهم.

[48]   حكم المحكمة الإدارية بالرباط، عدد 67، بتاريخ 11/04/1996، أورده محمد الأعرج، م س، ص 78.

[49]   حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، عدد 243 صادر بتاريخ 23/02/1996، أورده خالد انطيطح ص 53.

[50]   محمد سليمان الطماوي، الاسس العامة للعقود الإدارية، ص 768.

[51]  إدارية مراكش، حكم عدد 264، صادر بتاريخ 5 ماي 2003، أوردته إلهام بخوشي، منازعات الصفقات العمومية، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الحقوق، فاس، برسم السنة الجامعية 2009/2010. ص 51.

[52]  مليكة الصروخ، الصفقات العمومية في المغرب – الأشغال والتوريدات والخدمات-الطبعة الأولى، مطبعة دار القلم، 2010، ص 428.

[53]  محمد الأعرج، نظام العقود الإدارية والصفقات العمومية وفق قرارات وأحكام القضاء الإداري المغربي، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، العدد 88 -2011، ص 129.

[54]  خالد انطيطح، رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية، م س، ص 135.

[55]  أمر استعجالي للمحكمة التجارية بالرباط، عدد 131 بتاريخ 02-03-2001 مكتب الصرف ضد شركة المنشآت المغربية الدليل العلمي ص368 أورده محمد الأعرج، نظام العقود الإدارية والصفقات العمومية وفق قرارات وأحكام القضاء الإداري المغربي،م س ص130.

[56]  أمر استعجالي للمحكمة الإدارية بوجدة رقم 72 صادر بتاريخ 06/09/2001، أورده خالد إنطيطح، م س، ص 136.

[57]  أمر استعجالي للمحكمة الإدارية بالرباط عدد 44 صادر بتاريخ 13/02/2002، أورده خالد إنطيطح ص 137.

[58]  أمر استعجالي صادر عن المحمة الإدارية بفاس، عدد 1185، بتاريخ 17-11-2004 بين شركة أنوار للبناء ضد المجلس الجماعي لفاس، أورده محمد الأعرج، نظام العقود الإدارية والصفقات العمومية وفق قرارات وأحكام القضاء الإداري المغربي،م س ص132.

[59]  عبد الله بونيت. إيقاف تنفيذ القرار الإداري في ضوء الإجتهاد القضائي المغربي والمقارن-دراسة تطبيقية الطبعة 2-2011.

[60]  حكم للمحكمة الإدارية بالرباط رقم 296 بتاريخ 23-08-2006 بين عبد اللطيف وهبي ضد شركة الرباط باركينغ أورده  محمد الأعرج، نظام العقود الإدارية والصفقات العمومية وفق قرارات وأحكام القضاء الإداري المغربي،م س ص132.

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *