الإدارة الاقتصادية الترابية :المراكز الجهوية للاستثمار من مرحلة التأسيس والتأصيل، إلى مرحلة الإصلاح والتكريس.( قراءة أولية في قانون رقم 18.47)
محمد أقريقز ، دكتور في القانون العام. جامعة عبد المالك السعدي بطنجة.
اطار بوزارة الداخلية.
إذا كان الخطاب الملكي لأكتوبر 1999، والذي حدد فيه جلالة الملك التوجهات الكبرى للسلطة عبر تبني مفهوم جديد لها من خلال رسم المعالم الأساسية لفلسفة هذا المفهوم وأبعاده، فقد تم الإعلان عن بعده الاقتصادي أيضا بمبادرة ملكية تجسدت في الرسالة الملكية المتعلقة بالتدبير اللامتمركز للاستثمار في 09 يناير 2002، والتي تضمنت إجراءات عملية لتسريع وثيرة الاستثمار . ومنذ دخول قانون الإطار رقم 95.18 الذي يعتبر بمثابة ميثاق للاستثمار حيز التنفيذ سنة 1996[1]، والسلطات العمومية تعمل على تشجيع الاستثمار والمبادرة الخاصة من خلال جملة من الإجراءات ذات الطبيعة التنظيمية والتشريعية، فضلا عن حوافز ضريبية وجمركية. وإذا كان الوضع بداية قد فرض ضرورة تحمل سلطات اللاتركيز الإداري مهمة خدمة شروط الاستثمار، وهو ما سرع بإحداث المراكز الجهوية للاستثمار كإجراء عملي قصد تبسيط المساطر الإدارية المرتبطة به مع تخويل السادة الولاة والعمال صلاحيات مهمة في هذا المجال كمرحلة أولى. إلا أن الممارسة العملية لمدة زمنية تجاوزت 16 سنة فرضت من جديد وبإلحاح عملية إصلاح ومواكبة، بعد الوقوف على مكتسبات التجربة ومثبطاتها التطبيقية.
فالاستثمار يشكل إحدى الآليات الأساسية للفعل الاقتصادي في وقتنا الراهن،[2] والعنصر القادر على الدفع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية جراء تأثيراته المباشرة على هاته المجالات ولارتباطه المؤسساتي، الاقتصادي والاجتماعي بالدولة. كما أن هناك قناعة جماعية لدى جل الباحثين والفاعلين في مجال التنمية بأن الاستثمار له مكانة أساسية في ضمان التوازن الضروري بين الإنسان ومحيطه الثقافي والاجتماعي، وهو ما دفع جلالة الملك يعلن في خطاب سامي له بأن النموذج التنموي الوطني أصبح غير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية[3]. حيث أن دوره لا يقتصر فقط في المساهمة في خلق قاعدة انتاجية في البلد المستثمر فيه، بل يهدف إلى القضاء على البطالة وإنعاش فرص الشغل التي يحدثها في إطار خلق الشروط الموضوعية لإقلاع اقتصادي قادر على التنافسية وتحقيق فائض يساعد على بلورة سياسية اجتماعية تتمحور حول ميكانيزمات تتجلى في بناء ميثاق اجتماعي جديد من شأنه تمكين المغرب من بناء مجتمع دينامي ومتماسك.[4]
فمن هنا يبرز الدور الاجتماعي للاستثمار، من خلال الاهتمام بمشاريع البنية الأساسية ذات الوظيفة الاجتماعية أو ما يعرف بالاستثمار في الهيكل الاجتماعي الأساسي.
ولمعالجة هذا الموضوع سوف نتطرق لنقطتين أساسيتين، عبر محورين إثنين:
المحور الأول : الهاجس الإقتصادي للرسالة الملكية حول التدبير الاقتصادي اللامتمركز.
المحور الثاني : قراءة أولية في قانون رقم 18.47.
المحور الأول : الهاجس الاقتصادي للرسالة الملكية حول التدبير الاقتصادي اللامتمركز.
لقد ظل الهاجس الاقتصادي قطب الرحى في سياسة جلالة الملك منذ توليه العرش وذلك بهدف الحد من التهميش والإقصاء والتفقير المادي[5] ولإعطاء دفعة جديدة للاستثمار تم الإعلان عن إنشاء لجنة خبراء تحت الرئاسة الفعلية لجلالته، انطلاقا من خطابه ل 12 أكتوبر 1999، قصد الإلمام بمواطن الخلل وتجاوز الصعاب التي تواجه المستثمرين في علاقتهم بالإدارة. كما تم الربط بين تحفيز الاستثمارات الخاصة الوطنية والدولية، ومسألة تبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية بشكل متكرر ووفق مسلسل كرونولوجي في عدة مناسبات يمكن أن نذكر منها مثلا :
– الرسالة الملكية الموجهة الى المشاركين في ندوة دعم الأخلاقيات بالمرفق العام، بتاريخ 29 لأكتوبر 1999، وكذلك في خطاب افتتاح أشغال المجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط بتاريخ 03 ماي 2000، والخطاب الملكي بمناسبة السنة التشريعية الجديدة للبرلمان بتاريخ 13 أكتوبر 2000، والذي دعا فيه جلالته إلى إحداث شباك وحيد على مستوى الجهة مختص بالاستثمار، ثم خطاب العرش ل 30 يوليوز 2001 الذي جاء فيه: “… فإننا نلح على ضرورة إجراء إصلاح إداري عميق وفق منهجية متدرجة ومتأنية ومتواصلة تتوخى تبسيط المساطر وجعلها شفافة ،سريعة مجدية ومحفزة على الاستثمار .”
ليأتي خطاب ملكي أخر بمناسبة افتتاح السنة التشريعية بتاريخ 12 أكتوبر 2001، مؤكدا على احداث مراكز جهوية للاستثمار تمنح من خلالها صلاحيات واسعة للولاة.
فالرسالة الملكية حول التدبير اللامتمركز للاستثمار[6]، جاءت لتعطي دفعة جديدة، ملموسة وقوية للاستثمار من خلال ترسيخ المفهوم الاقتصادي والقانوني للامركزية واللاتمركز والجهوية باعتبارها حجر الزاوية في العملية الاستثمارية ،وقصد تكريس البعد الاقتصادي للمفهوم الجديد للسلطة ووضع حد لتعدد وتعقد الاليات القانونية والإدارية وتبسيطها أمام المستثمر.”… فهذه الرسالة تتوخى أكثر من إحداث شباك واحد أو مراكز جهوية للإستثمار، بل تتضمن رسائل متعددة عن توجهنا لترسيخ اللامركزية واللاتمركز والجهوية التي نعتبرها القوام المؤسسي لمغرب اليوم والغد.كما أنها تجسيد للبعد الاقتصادي لمفهومنا للسلطة بإزاحة كل العوائق الإدارية أمام انطلاق حرية المبادرة الخاصة المحرك الأساسي للاستثمار وخلق الثروة وحل معضلة البطالة التي هي الهاجس الأكبر الذي يشغل بالنا وبال كل أسرة مغربية …”[7]
فالمتفحص لمضامين الرسالة الملكية يستطيع أن يدرك عمق وأهمية التوجيهات التي تحملها على المستوى السياسي، الإداري والاقتصادي.
إنه فعلا، مسلسل من الإصلاحات النابعة عن قناعة راسخة بكون أن الإصلاح أو الإقلاع الاقتصادي رهين في بعض جوانبه بالإصلاح الإداري، وهو الأمر الذي يفيد ضرورة اصلاح العلاقات بين الإدارة ومحيطها الاقتصادي وجعلها فعالة ومجدية في خدمة الاستثمار والمستثمر. كما أنها محطات تنم عن إرادة سياسية واضحة للسلطة العليا في البلاد لتجسيد المنظور الجديد لتدبير الشأن العام الوطني والمحلي، وذلك بجعل الإطار الجهوي وخصوصا على مستوى الإدارة الترابية غير الممركزة، المجال الأنسب لتطبيق البعد الاقتصادي لهذا المفهوم ومعه تجسيد سياسة القرب من المستثمر.
المطلب الأول :المراكز الجهوية للاستثمار: بنيات جديدة في الفضاء الإداري .
اعتبارا لمفهوم التدبير اللامتمركز للاستثمار، كإحدى الآليات المستعملة في مجال السياسات الاقتصادية تهدف تحفيز الاستثمار وتبسيط مكوناته، فقد عرفه أحد الباحثين[8] بمجموع التدابير اللازمة للقضاء على جمود الإدارة الاقتصادية وتكسير الحواجز المعيقة للاستثمار وذلك عبر نقل عملية اتخاذ القرار من المركز إلى المحيط. وعليه فمفهوم التدبير اللامتمركز للاستثمار لا يعتبر مجرد اجراء تقني يسمح بتجاوز المعيقات وتحقيق الأهداف، وإنما فلسفة تندرج ضمن الأسس الكبرى للإصلاح والتحديث جعلت منه شرط وإطار للبحث عن نجاعة أكبر للعمل الإداري وإعطاء اللاتمركز مبرراته الاقتصادية.
فالأهمية البالغة والمكانة الهامة للاستثمار اقتضت وضع مقاربة مغايرة تتطلب تحديدا جديدا للأهداف المتعين على الجهاز الإداري تحقيقها بالموازاة مع اصلاح وتحيين المساطر المعتمدة . ولذلك توصلت أغلب البلدان إلى إحداث بنية استقبالية سميت “بالشباك الوحيد ” أو “المخاطب الوحيد”، تسهيلا للإجراءات والعمليات الإدارية للمشروع الاستثماري وللخطوات المتبعة من قبل المستثمر.
الفرع الأول : الشباك الوحيد : دراسة في بعض التجارب المقارنة .
يعد الشباك الوحيد بنية استقبالية من شأنها دعم المشاريع الاستثمارية وتطوير أجواء الاستثمار الخاص والعام. وإذا كانت الغاية المثلى والأساسية من اللجوء إلى هذه الآلية تتجسد في فعاليتها في جلب الاستثمار من خلال تبسيط مسار وانطلاق المقاولة والتخفيف من حدة الحضور المكثف للإدارات، فإن مظاهر عملها وتسميتها قد اختلفت وتباينت من تجربة إلى أخرى. فهناك من أطلق عليها مركز شكليات المقاولة كما هو الأمر بالنسبة لكندا وفرنسا، وهناك من سماها بالشباك الوحيد مثل البرازيل اسبانيا وتونس…
ويمكن تنميط مميزات هذه الشبابك حسب الشكل الوارد في الجدول التالي :
الدولة | الخاصيات | نوع الشباك الوحيد |
تونس + البرازيل | تجميع ممثلي مختلف الإدارات في مكان واحد | مسار بسيط |
إسبانيا | وضع الملف لدى مخاطب واحد الذي يقوم بإعداد وتهيئ كل الإجراءات الإدارية عوض المستثمر | مخاطب واحد Vis-à-vis |
الفلبين | سلطة مختصة بمنح كل التراخيص | سلطة واحدة Autorité Unique |
وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن الشبابيك قد تتموقع في إطار وكالة وطنية للاستثمار والتنمية، كما هو الحال بالنسبة لماليزيا وسنغافورة، أو في إطار وزارة معينة كما هو الشأن بالنسبة لحالة تونس، كما قد ترتبط بالوزارة الأولى.
ورغبة في تجاوز النقاش الذي عرفه المغرب حول إحداث شباك وحيد للاستثمار أو طبيعة المخاطب الوحيد الذي يمكن أن يتعامل مع المستثمر، جاءت الرسالة الملكية حول التدبير اللامتمركز للاستثمار لتجيب عن هذه المسألة بإحداث مراكز جهوية للاستثمار تحت مسؤولية ولاة الجهات. حيث جاء في الفقرة الثالثة من نص الرسالة الملكية “… لذا قررنا أن تحدث تحت مسؤولية ولاة جلالتنا مراكز جهوية للاستثمار تتولى نوعين من المهام الرئيسية أحدهما المساعدة على إنشاء المقاولات، والأخر لمساعدة المستثمرين.”
وتطبيقا لمقتضيات هذه الفقرة، تم إحداث ستة عشر (16) مركزا جهويا للاستثمار، منذ غشت 2012، بناء على قرارات مشتركة[9] ، وهي مراكز موضوعة تحت سلطة ولاة الجهات، وبهذه الصفة تعتبر مصالح خارجية لوزارة الداخلية.[10]
وتتكون هذه المراكز من شباكين:
شباك أول مكلف بالمساعدة على إنشاء المقاولات، ويعد المخاطب الوحيد بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في إحداث مقاولة مهما يكن شكلها ويودون الاستفادة من خدماته. ويمكن أن يتوفر هذا الشباك على ملحقات على صعيد العمالات أو الأقاليم أو الجماعات حسب الحاجة وبما تسمح به الوسائل. ويضع القائمون على هذا الشباك رهن إشارة الطالبين مطبوعا موحدا[11]، يتضمن كل المعلومات القانونية والتنظيمية الضرورية لإنشاء أي مقاولة.
أما الشباك الثاني فهو الشباك الخاص بمساعدة المستثمرين، حيث يتولى تزويدهم بكل ما يفيدهم من معلومات بشأن الاستثمار الجهوي، وكذا دراسة كافة طلبات الترخيص الإداري وتحضير جميع الوثائق الضرورية لإنجاز مشاريع الاستثمار في المجال الصناعي، التصنيع الفلاحي، السياحة والصناعة التقليدية….، هذا بالإضافة إلى اقتراح الحلول التوافقية لما قد ينشأ من منازعات بين المستثمرين والإدارة.
فالقوة الاقتصادية للمجالات الترابية التي تغطيها المراكز الجهوية للاستثمار فرضت العدول عن فكرة الشباك الوطني والاستعاضة عنها بفكرة الشباكين الجهويين في أفق جعلها بنية قيادية على مستوى تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية وجذب الاستثمارات الوطنية والدولية وحسن تسويق الإمكانات الترابية واستقبال المستثمرين.
الفرع الثاني: المراكز الجهوية للاستثمار بين البعد الجهوي للتنمية وسياسة اللاتركيز.
إن الرسالة الملكية حول التدبير اللامتمركز للاستثمار فرضت بعدا جهويا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو البعد نفسه الذي يسائل وبإلحاح السلطات العمومية لدرجة ترهن التجربة الجهوية في وضعها المتقدم بمؤسسة الوالي أو العامل كقطب دينامي ومحرك أساسي ضمن مسلسلها التنموي.
من جانب أخر يحيلنا موضوع التدبير اللامتمركز للاستثمار، على مفهوم اللاتركيز الإداري الذي يرتبط بوجود وكينونة الدولة عبر منحها لسلطات تقريرية لممثليها على الصعيد الترابي وتجسيدا لمضامين الرسالة الملكية، صدرت العديد من النصوص القانونية التي تتضمن الاختصاصات المتعلقة بتدبير مسألة الاستثمار والتي فوضت للولاة،[12] وتهم المجالات التالية:
1- المصادقة على مداولات المجالس الجماعية المتعلقة بعمليات اقتناء وتفويت ومعاوضة العقارات التابعة للملك البلدي الخاص، وبتدبير الملك العمومي البلدي عندما يساوي مبلغ الاقتناء أو التفويت أو المعاوضة (2.500.000) درهم أو يقل، وكيفما كان مبلغ العمليات المذكورة عندما تكون ضرورية لإنجاز استثمارات يقل مبلغها عن 200 مليون درهم في قطاعات الصناعة والتصنيع الفلاحي والمعادن والسياحة والصناعة والصناعة التقليدية والسكن.[13]
2- المصادقة على مداولات المجالس القروية المتعلقة بعمليات اقتناء عقارات وتفويتها ومعاوضتها وكذا بتدبير الملك العمومي التابع للجماعات القروية عندما يساوي مبلغ الاقتناء أو التفويت أو المعاوضة (2.500.000 ) درهم أو يقل عنه، وكيفما كان مبلغ العمليات المذكورة عندما تكون ضرورية لإنجاز استثمارات يقل مبلغها عن 200 مليون درهم في قطاعات الصناعة والتصنيع الفلاحي والمعادن والسياحة والصناعة والصناعة التقليدية والسكن.[14]
3- مباشرة بيع العقارات من ملك الدولة الخاص عن طريق المزاد العلني عندما يتعلق الأمر بإنجاز مشاريع استثمار في قطاعات الصناعة والتصنيع الفلاحي والمعادن والسياحة والصناعة التقليدية والسكن يقل مبلغها عن 200 مليون درهم.[15]
4- ترتيب المؤسسات السياحية بعد استطلاع رأي لجنة استشارية تسمى ” اللجنة الجهوية لترتيب المؤسسات السياحية”.[16]
5- اتخاذ المقررات اللازمة لإنجاز مشاريع الاستثمار في قطاع المعادن والتي يقل مبلغها عن 200 مليون درهم .
6- المصادقة على صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات وكذا الاتفاقيات المبرمة من قبل الوحدات الترابية وهيئاتها في حدود مبلغ يساوي أو يقل عن عشرة ملايين درهم 10.000.000 درهم، دون التمييز بين طرق ابرامها ونقل الاعتمادات من فصل إلى فصل في ميزانيات الوحدات الترابية وهيئاتها.
7- المصادقة على مداولات مجالس الجهات ومجالس العمالات والأقاليم المتعلقة باقتناء ومعاوضة وتفويت عقارات الملك الخاص التابع للجهات والعمالات والأقاليم، وكذا بتدبير الملك العمومي التابع لها.
8- سلطة الترخيص بكراء العقارات من ملك الدولة الخاص قصد الاستثمار في قطاعات الصناعة والتصنيع الفلاحي والمعادن والصناعة التقليدية والسكن والتي يقل مبلغها عن 200 مليون درهم.
9- سلطة اتخاذ القرارات التي تدخل ضمن اختصاصات وزير التجهيز واللازمة لإنجاز مشاريع الاستثمار في قطاعات الصناعة والتصنيع الفلاحي والمعادن والسياحة والصناعة التقليدية ويقل مبلغها عن 200 مليون درهم، فيما يخص الترخيص بالاحتلال المؤقت لملك الدولة العمومي أو الترخيص بفتح واستغلال المؤسسات غير الملائمة والخطيرة.[17]
10- سلطة اتخاذ المقررات اللازمة لإنجاز مشاريع الاستثمار في قطاع المعادن التي يقل مبلغها عن 200 مليون درهم.[18]
11- سلطة منح رخص الاحتلال المؤقت للملك الغابوي والضروري لإنجاز مشاريع الاستثمار في قطاعي المعادن والسياحة التي يقل مبلغها عن 200 مليون درهم.[19]
12- سلطة تسليم رخص استغلال أماكن بيع المشروبات من الصنفين الأول والثاني إلى المؤسسات السياحية.[20]
وموازاة مع هذه التفويضات وهدفا في دعم لاتمركز الوصاية لفائدة الولاة صدرت دفعة أخرى بشأن تفويض الوصاية[21]، همت عدة مجالات كالممتلكات العقارية وتدبير المرافق العمومية الجماعية والتعمير والشرطة الإدارية المتعلقة بالنظافة والوقاية الصحية والسكينة العامة وتسليم الوصول لمقاضاة الجماعات وذلك فضلا عن تسليم الأوامر بالمهمة.[22]
فأمام التوجهات الملكية بخصوص التدبير اللامتمركز للاستثمار، وباقي خطاباته الأخرى، يكون قد أعطى الضوء الأخضر لعهد جديد يتكامل فيه النظامين اللامركزي واللاممركز بالشكل الذي يقرب الإدارة من المواطنين ويشجع على الاستثمار.
المطلب الثاني : المراكز الجهوية للاستثمار، وسؤال الحصيلة .
بالفعل، لقد أحدثت المراكز الجهوية للاستثمار بهدف تحريك عجلة الاقتصاد وتحقيق مستوى من التنمية يسمح بالتخفيف من العجز ويساعد على التخفيف من البطالة والحد من تمظهراتها. علاوة على المرامي البالغة للرسالة الملكية المتعلقة بالتدبير اللامتمركز للاستثمار على المستوى السياسي باعتبارها لبنة أساسية في تفعيل مسار سياسة اللاتركيز الإداري من زاوية الاستثمار، عبر آلية تفويض مجموعة من السلطات إلى ولاة الجهات كما سبق وأشرنا إلى ذلك أعلاه، قصد اتخاذ القرارات ومنح التراخيص اللازمة لإنجاز وتنفيذ المشاريع الاستثمارية على المستوى الترابي في المجالات الاقتصادية، الاجتماعية والتنموية.
وعليه، منذ قرابة ستة عشر سنة، صدرت أوامر توجيهية من أعلى سلطة في البلاد بتأسيس مراكز جهوية للاستثمار تكون في خدمة الراغبين في إنشاء مقاولات كما في خدمة الاستثمار على الصعيدين الجهوي والوطني.
واليوم بعد كل هذه السنوات، يطرح سؤال الحصيلة نفسه بإلحاح، خاصة مع صدور تقارير أبرزت جملة من الاختلالات في السير العادي للمراكز، وبروز الحاجة الملحة لإعادة تقييم المسار حتى تستعيد المراكز الجهوية للاستثمار مهمتها الأساسية التي خلقت من أجلها. سيما أن الرسالة الملكية أشارت إلى أن دور المراكز الجهوية للاستثمار لا ينحصر في القيام بمهام “الشباك الوحيد”، بل تتعداه إلى أدوار أخرى كتسهيل المعلومات ووضعها رهن إشارة الفاعلين الاقتصاديين والمساهمة في التعريف بالإمكانات الاقتصادية للجهات التي تتمركز فيها. لكن بين سنة 2002 و2018 جرت مياه كثيرة تحت هذا الورش المهم الذي عقدت عليه آمال كبيرة.
واليوم، يبدو الحديث عن الحصيلة كلاما منطقيا ووقفة ضرورية وملحة، خاصة مع الخروج للعلن تقارير منها ما تكلف به مكتب الدراسات الأمريكي “ماكينزي”، الذي قدم دراسة تشخيصية – نقدية حدد فيها مكامن الخلل في سير واشتغال المراكز الجهوية للاستثمار، كما وضع تصوراته لإعادة إحياء أدوارها فيما يتعلق بمهامها الجوهرية التي أحدثت من أجلها. .
ويبدو من المفيد قبل الخوض في بعض ملاحظات تقريري المجلس الأعلى ومكتب الدراسات «ماكينزي» إعادة رسم الخطوط العريضة لمهمة المراكز والأدوار التي حددت لها منذ بالبداية.
فالمراكز الجهوية للاستثمار على مستوى بنيتها الإدارية تتكون من شباكين كما سبقت الإشارة لذلك، الأول: شباك المساعدة على خلق المقاولات، الذي يشكل المخاطب الوحيد بالنسبة إلى كل شخص يرغب في خلق مقاولة. وتتحدد مهمته في تمكين المستثمرين من وثيقة موحدة تتضمن جميع المعلومات (القانونية والتشريعية) الخاصة بإحداث المقاولة، كما يعمل على إعداد الوثائق الضرورية من خلال التدخل لدى الإدارات المختصة. أما الشباك الثاني: فيهم مساعدة المستثمرين، وتتحدد مهمته في تمكين المستثمرين من كل المعلومات الضرورية لإحداث المقاولة على الصعيد الجهوي، وكذلك دراسة طلبات الترخيص وإعداد العقود الإدارية الضرورية لإنجاز مشاريع استثمارية في القطاعات الصناعية والغذائية والمعدنية والسياحية، وإحالتها على المصادقة من طرف والي الجهة إذا كانت قيمة الاستثمار تقل عن 200 مليون درهم أو إعداد مشاريع عقود أو اتفاقيات مع الدولة بالنسبة إلى الاستثمارات التي تتعدى 200 مليون درهم. وتعمل المراكز الجهوية كذلك على التدخل من أجل حل الخلافات بشكل ودي بين المستثمرين والإدارة. .
الفرع الأول : تقرير “ماكينزي”
جاء تقرير مكتب الدراسات “ماكينزي” ليثير عددا من الاختلالات التي تعرفها المراكز الجهوية للاستثمار. وهو التقرير الذي توصلت به وزارة الداخلية، دون أن تكشف تفاصيله للرأي العام، بسبب الملاحظات التي تضمنها، والتي تثير تساؤلات حول حصيلة السنوات العشر والمجالات التي فشلت في تحقيق نجاحات بشأنها. .
ومع ظهور تسريبات من محتوى هذا التقرير، طرح سؤال عريض حول لماذا تم اختيار فقرات لنشرها دون نشر التقرير بأكمله؟. .
وعلى العموم، فتقرير «ماكينزي»، الذي أوضح أن المراكز الجهوية للاستثمار كانت وسيلة فعالة لتأسيس المقاولات بفضل النشاط والحيوية التي يتمتع بها الأشخاص العاملون في هذه المراكز والسير الجيد للشباك الأول الذي يسهل الإجراءات الإدارية أمام المقاولات الجديدة ، أشار نفسه إلى أن المتاعب تبدأ في المرحلة الثانية ، أي بالمرور إلى الشباك الثاني الذي لا يوفر جميع الخدمات للمستفسرين، مثل الدعم والمشورة في مجال الموارد البشرية والتمويل ، بالإضافة إلى ضعف التنسيق مع الموردين والشركاء الذي يطال تسليم تراخيص التأسيس .وفي هذا الإطار أشار التقرير أيضا الى معيقات مرتبطة بالعقار، علاوة على عائق أخر يتمثل في نقص الوسائل المالية والبشرية، والتي تساهم في غياب سياسة التواصل بين مختلف الإدارات المعنية.
التقرير أشار أيضا إلى نقطة سوداء تتعلق بكون هذه المراكز لا تتكيف مع خصوصيات كل منطقة على حدة ولا تراهن على القطاعات الأساسية للتنمية المحلية ولا تشجع مشاريع من هذا القبيل، في الوقت الذي تشكل جهتان فقط الاستثناء في هذا المجال (الجهة الشرقية وجهة سوس ماسة ).
وبمقابل هذه الثغرات، يقترح مكتب الدراسات الأمريكي بعض الحلول التي من شأنها دعم وتقوية أداء هاته المراكز. وأول هذه الحلول التي اقترحها هو العمل على تحويل المراكز الجهوية للاستثمار إلى مراكز جهوية للتنمية الاقتصادية ، بهدف الوقوف على المؤهلات والثروات التي تتوفر عليها جهات المملكة ، وحسب هاته الدراسة نفسها يجب أن تكون مراكز الاستثمار مسيرة بواسطة مجالس إدارة ذات تمثيلية تشاركية متعددة تضم كل الفاعلين المحليين من معينين ومنتخبين ومجتمع مدني وهيئات مهنية …
كما يقترح المكتب أيضا إعادة النظر في الإيقاع البطيء للإدارات عبر خلق مصلحة خاصة بالعقار وتسليم تراخيص التأسيس، وهي المصلحة التي يجب أن تكون على اتصال مباشر بالإدارة المعنية. أما على مستوى نقص العنصر البشري وكفاءة العاملين، فيقترح المكتب إعادة النظر في الوسائل المعلوماتية المستعملة حاليا ووضع نظام فعال وهادف لتقييم مردودية وفعالية المستخدمين .
الفرع الثاني : تقرير المجلس الأعلى للحسابات
إن الدول السائرة في طريق النمو ملزمة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية بفتح أسواقها الوطنية أمام الرأسمال الأجنبي، الذي يساعدها على استغلال مواردها الطبيعية والمساهمة في تحسين بنيتها التحتية وكذا تطوير مختلف القطاعات الإنتاجية وذلك من خلال المصادقة على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالاستثمار، أو
عن طريق ابرام عقود الاستثمار مع الرأسمال الأجنبي الذي يتطلب مناخا اقتصاديا مساعدا وبيئة تنافسية بمقومات من الشفافية تسمح على الخلق والابتكار وتحقيق ظروف الاستقرار والأمن القانوني والقضائي[23]. وبالرغم من كون المراكز الجهوية للاستثمار جسدت تعبيرا حقيقيا ومباشرا عن رؤية ملكية للوحة القيادة من أجل توجيه وتدبير وتشجيع الاستثمار الوطني، بناء على فلسفة عمل جوهرها ربط الاستثمار بمحيطه الجغرافي المباشر، ودعم المبادرات الترابية المحلية وإعطائها الوعاء القانوني اللازم والإطار المؤسساتي والموارد البشرية المؤهلة .
إلا أنه بتوالي الوقت، وأمام تجليات الممارسة الميدانية اتضح عجز هذه المراكز عن تطوير نفسها لحد أضحت من بين العقبات التي تقف في وجه الاستثمار، حيث طغت البيروقراطية والمقاربة الإدارية الجامدة
والمتصلبة التي زاد من طينها بلة، ارتباطها بوزارة الداخلية ورجالاتها واشتغالها تحت إمرة الولاة ومديرين لازالت توجههم عقلية الحنين للماضي الإداري السلطوي بعيدا عن الفهم السليم للمفهوم الجديد للسلطة وتجلياته الاقتصادية ، الاجتماعية والسياسية.
في ظل هذه الوضعية جاء التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات في شكل دراسة تشخيصية دياكنوستيكية ونقدية وقفت على مكامن الداء ووصفت جرعات للعلاج.
– فغياب استراتيجية مشتركة للمراكز الجهوية للاستثمار منذ إحداثها، بهدف تحديد الأهداف الموكولة لها وتحيينها على المديين المتوسط والبعيد أعاق حسن سير هذه المرافق ، وأعاق أيضا ايجاد حلول مناسبة للمشاكل المطروحة سيما على مستوى احداث الشبابيك الوحيدة المختصة بخلق المقاولات ومصاحبة الاستثمارات وتتبعها، وتحديد وضعيتها القانونية وكذا ضبط وحصر الموارد البشرية والمالية المرصودة لها.
– محدودية وضع الهياكل التنظيمية ، إذ رغم التأشير على الهياكل التنظيمية لأغلب المراكز الجهوية للاستثمار من طرف وزارة الداخلية فإن عددا لا بأس به منها لا يزال غير مفعل، جراء مجموعة من العوامل، كغياب موارد بشرية مؤهلة قادرة على شغل الوظائف المتاحة ، عدم تطابق الوضعية الإدارية للموظفين الموجودين في المراكز الجهوية للاستثمار مع المعايير المحددة لممارسة المسؤولية، تأخير وصعوبات في إطلاق طلبات عروض الترشيح.
فعلى الرغم من أن الرسالة الملكية المتعلقة بالتدبير اللامتمركز للاستثمار تضمنت الإشارة لذلك، إلا أنه لم تتخذ أية مبادرة في هذا الاتجاه لحد الآن. فتباين واختلاف الأوضاع القانونية لموظفي المراكز الجهوية للاستثمار، وغياب نظام أساسي خاص بالموظفين لا يسمح بالتدبير الفعال للموارد والالتزام بالأهداف المسطرة. كما لا يشجع على تعزيز الشعور بالانتماء لهذه المراكز ولوسط مهني محفز وقار. إذ يعد نقص الموارد البشرية من بين العوائق التي تمت إثارتها من طرف المراكز الجهوية للاستثمار خصوصا على مستوى الأطر العليا والمهارات في المجالات التقنية والقانونية والاقتصادية. هذا مع ضرورة الإشارة كذلك إلى أن هناك غياب تحديد حقيقي للحاجيات من الأطر المتخصصة التي يجب أن تتوفر عليها هذه المرافق.
– الدور المحدود لمديرية تنسيق الشؤون الاقتصادية في توجيه أنشطة المراكز الجهوية للاستثمار، فإذا كانت هذه المديرية قد لعبت دورا طلائعيا في إعطاء الانطلاقة لهاته المراكز، وتعد بمثابة المخاطب والمنسق الوحيد لها على صعيد وزارة الداخلية . إلا أن عدم اضفاء الطابع الرسمي على هاته العلاقة جعل الأمر غير قادر على أن يتطور لدرجة تسمح بمساهمة هذه المديرية في عملية البرمجة الاستراتيجية، بل انحصر دورها فقط في مرحلة المتابعة الإجرائية الروتينية ، وهو الوضع الذي لم يمكن المديرية من ضمان أسلوب موحد للممارسات ودعم نوع متقدم من التعاون بين المراكز الجهوية للاستثمار.
– اقتصار الموارد المالية للمراكز الجهوية للاستثمار على دعم من الميزانية العامة للدولة، إذ تشكل مساهمات التسيير أو الاستثمار المرصودة من طرف الميزانية العامة ، أهم الموارد المالية لهذه المراكز، والتي لم تعرف أي تغيير ملموس خلال السنوات الأخيرة. وهو ما يدفع مسؤولي المراكز الجهوية للاستثمار إلى الإقرار بقلة ونقص في الموارد المالية المرصودة للقيام بالمهام المنوطة بها على أحسن وجه نتيجة عدم توفرها على موارد ذاتية وخاصة بها، مع العلم أن هذه المراكز كانت تتمتع بصفة مرفق الدولة المسير بطريقة مستقلة. وقد نصت المادة الثانية من مرسوم رقم 2.03.728 على أنه ” يحدد بقرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الخوصصة والمالية لائحة الخدمات المقدمة من طرف كل مركز جهوي وتعاريفها”[24]
وقد نتج عن عدم صدور هذا القرار، اعتماد المراكز الجهوية للاستثمار أساسا على المساهمات المقدمة من قبل الميزانية العامة للدولة.
– نقص في الربط المعلوماتي للمراكز الجهوية للاستثمار بمختلف الشركاء، إن الوضعية الراهنة لهذا الربط تعتريها عدة نقائص تؤثر سلبا على جودة الخدمات المقدمة من طرف هذه المراكز. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه من بين ستة عشر مركزا جهويا للاستثمار، تفتقد سبعة منها لأي ربط معلوماتي مع الإدارات الشريكة في حين ستة منها تتوفر على ربط معلوماتي مع إدارة واحدة هي المكتب المغربي للملكية الصناعية. هذا، علاوة على الأعطاب المتكررة والمتواصلة لبعض الارتباطات المعلوماتية مع الشركاء التي تقف عائقا في وجه معالجة الملفات بشكل فعال وبالسرعة المناسبة التي يتطلبها هذا النوع من الملفات والقضايا.
المحور الثاني : قراءة أولية في قانون رقم 18.47
إن إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار فرصة سانحة للنهوض بالاستثمارات الجهوية، سيما وأن نطاق اختصاصاتها وصلاحياتها ذات امتداد جهوي قادر على احتضان ودعم نسيج مقاولاتي مهم يشكل 95 بالمائة من النسيج الاقتصادي الوطني ، إنها المقاولات الصغرى والمتوسطة. ويندرج هذا الإصلاح في إطار التنزيل الفعلي لورش التدبير اللامتمركز للاستثمار، الذي يتطلع إلى مواكبة النسيج المقاولاتي وتحفيز الاستثمار الترابي.
وهو الإصلاح الذي اتضحت معالم خطوطه العريضة بعد خطاب العرش لسنة 2018، الذي جاء متضمنا انتقادا صريحا وشديد اللهجة لأداء الإدارة العمومية وموظفيها، شمل مستويات عدة منها ما هو مرتبط بالحكامة الإدارية، ومنها ما له صلة بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين أو المرتفقين بصفة عامة. وهو الخطاب ذاته الذي تم فيه تخصيص المراكز الجهوية للاستثمار بالذكر لدلالة مزدوجة الأهمية والمكانة باعتبار ما أضحت عليه غالبتها كعائق ومنظومة معرقلة للاستثمار عوض أن تشكل آلية لتحفيز، دعم وتشجيع للاستثمار الجهوي من خلال الوقوف على مشاكل المستثمرين وإيجاد الحلول الآنية والمرضية لها. ومن جهة ثانية على المكانة التي تحظى به هاته المؤسسات داخل رهانات صاحب الجلالة على أدوارها الريادية في انعاش الاستثمار وتبسيط المساطر والإجراءات وإعطاء صورة نموذجية لإدارة مواطنة في بعديها الإنساني والتنموي .
فإذا كان ما تم ذكره يعتبر من بين أسباب تنزيل هذا القانون الإصلاحي، ففي المقابل تظل جملة من الأسئلة القديمة المتجددة تطرح نفسها من قبيل: هل الوالي أو العامل سيشكل إطارا فعليا لممارسة اللاتركيز تدعيما للجهوية المتقدمة ، أم سيتحول إلى مركزية جديدة تشكل امتدادا لسلطة الدولة؟ وهل السلطات التي أضحى يتمتع بها الوالي ستشمل أيضا رؤساء المصالح الخارجية لجميع الوزارات ولو في مجال الاستثمار حتى يستطيعوا التقرير في عين المكان وبالسرعة المطلوبة، أم أننا بصدد وضع جديد، وضع التحول من بيروقراطية المركز إلى بيروقراطية المحيط؟.
المطلب الأول : مستجدات القانون رقم 18.47
تعد المراكز الجهوية للاستثمار من بين الوسائل التي اعتمدتها السلطات العمومية من أجل تشجيع الاستثمار وطنيا ومحليا، إذ أن أدوارها لم تقتصر في القيام بمهام الشباك الوحيد بل تعدته إلى أدوار أخرى ولو لم تتضح بشكل جلي ومباشر، تمثلت وتتمثل في جمع المعلومات وتسهيلها ووضعها رهن إشارة الفاعليين الاقتصاديين ، وكذلك المساهمة في التعريف بالإمكانات الاقتصادية للجهات والعمل على تسويق ترابها. وهو الأمر الذي يتطلب سلسلة من الإصلاحات الجذرية ذات البعد الشمولي وتلامس مجالات متباينة ومختلفة مثل :المالية العمومية، الضريبة العامة، السلطة القضائية ، تحديد دقيق للاختصاصات وكذلك خلق تناغم وتناسق بين روح القوانين ومنطوقها.
ولهذا، فالإصلاح المتعلق بالمراكز الجهوية للاستثمار يجب أن يكون في ظل استمرارية تطبيق مضامين الرسالة الملكية ل 09 يناير 2002، والتي تعد إطارا مرجعيا لاشتغال هذه المراكز، مع جعلها فاعلا متميزا في تسهيل وتنشيط الاستثمار ومواكبة النسيج المقاولاتي جهويا في ظل حراك قانوني وتنظيمي مهم أصبح راهنيا ومطلبا جماهيريا ( ميثاق جديد للاستثمار، ميثاق اللاتركيز الإداري)
فإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار ارتكز على ثلاثة ركائز أساسية:
– الركيزة الأولى تقوم على إعادة هيكلة المراكز الجهوية للاستثمار، من خلال اعتماد هيكلة تنظيمية جديدة تنبني على قطبين متكاملين هما قطب دار المستثمر وقطب تحفيز الاقتصادي والعرض الترابي[25]، مرفوقة بقناعة تعزيز وتدعيم العنصر البشري وتأهيله.
– أما الركيزة الثانية فتتمثل في إحداث لجنة جهوية موحدة للاستثمار، تستند على دمج كافة اللجان الجهوية السابقة ذات صلة بالاستثمار في لجنة جهوية موحدة، حرصا على تحسين جودة مساطر اتخاذ القرار والمقررات وملاءمة اجراءاتها . وهي اللجنة التي جاءت قراراتها ملزمة لكافة أعضائها، وتخضع لفلسفة تعليل القرارات، ومفتوحة على أليات طعن جديدة على المستوى الوطني، وكذا على تقنية التظلم والاستعطاف.
– وفيما يخص الدعامة الثالثة، فتتمحور حول تبسيط ورقمنة المساطر والاجراءات المرتبطة بملفات الاستثمار على المستوى الجهوي والمركزي، وذلك ارتباطا بورش اللاتركيز الإداري محليا، ومركزيا من خلال اعتماد مقاربات وقوانين مقارنة محفزة وحديثة أثبثت نجاعتها على المستوى الدولي وتهم جانب تبسيط المساطر والشفافية في مسلسلها التنفيذي من خلال اعتماد وأجرأة قانون الزامية التنفيذ وتقنين أجال منح الرخص ومعالجة الملفات.
فحلقة الوصل بين متطلبات الجهوية المتقدمة وميثاق التدبير الإداري اللامتمركز في غايات التبسيط والتجانس والتعاون الخلاق بين جميع مكونات الوحدات الإدارية من مؤسسات عمومية وشبه عمومية وخاصة، لا ينحصر امتداده فقط في ربط ميثاق اللاتمركز الإداري، بل يجب ايصال هاته الحلقة كذلك بأهداف ميثاق اللاتمركز للاستثمارات وتموقع مراكز الاستثمار الجهوي داخل مخططات وبرامج تنزيل ورش الجهوية الذي هو ورش عميق ومتواصل زمنيا ومستقبلا، على أساس أن تحفيز الاستثمار لا يمكن أن يعطي ثماره بشكل كامل ما لم تكن هذه المراكز فاعلا أساسيا في عملية التنمية الاقتصادية المستدامة وطنيا وجهويا، وهو الأمر المرهون في جانب هام منه بتمكينها من الوسائل القانونية والمالية الكفيلة بتأهيلها من أجل الاضطلاع بأدوار طلائعية ورائدة في مواجهة التحديات والمسؤوليات الملقاة على عاتقها.
المطلب الثاني : دراسة نقدية للقانون رقم 47.18
يأخذ القانون رقم 18.47 تسمية قانون إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وإحداث اللجن الجهوية الموحدة للاستثمار[26]، وهما موضوعان وإن كانت تجمع بينهما وحدة الهدف المتمثل في تبسيط وتسريع التدابير المتعلقة بالاستثمار ومواكبة المستثمرين، إلا أن إدراجهما في قانون واحد خلق نوعا من عدم التوازن في هذا النص كما وكيفا.
الفرع الأول : على المستوى الشكلي أو الكمي.
نجد أن القسم الأول من هذا القانون، والذي جاء يحمل تسمية المراكز الجهوية للاستثمار، بأبوابه الثلاث المرتبة كالتالي: أحكام عامة، المهام، أجهزة الإدارة والتسيير، ثم التنظيم المالي والإداري والذي أخذ 27 مادة من مجموع مواد القانون المتمثلة في 45 مادة. فيما كانت حصة القسم الثاني والذي خصص بالضبط والتنظيم للجان الجهوية للاستثمار من حيث اختصاصاتها، تأليفها وكيفية سيرها ثمانية (8) مواد. ليتناول القسم الثالث بالتحديد والتنظيم اللجنة الوزارية للقيادة في ثلاث (03) مواد، قبل أن يخصص القسم الرابع والأخير لأحكام ختامية وانتقالية.
الفرع الثاني : على المستوى الموضوعي أو الكيفي.
في هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن مسألة الجمع بين موضوعي المراكز الجهوية للاستثمار واللجان الجهوية الموحدة للاستثمار قد أثر سلبا في إحاطته بمختلف الجوانب المرتبطة بهما ، والتنبؤ بحجم الإشكالات القانونية التي قد تطرحها الممارسة العملية على مستوى تعدد المتدخلين وحجم المهام وطريقة التنظيم الزمني من حيث طريقة الاشتغال وكثافة الجدولة الزمنية .
وحتى إذا كان لا بد من جمع الموضوعين معا في نص واحد، فإن موضوع التدبير اللامتمركز للاستثمار يشكل الإطار الأمثل للقانون علاقة بالرسالة الملكية التأسيسية والتأصيلية لموضوع الاستثمار والتي جعلت من هذا الأخير موضوعا لها، في تناغم وتكامل لإطاريه القانوني والمؤسساتي على المستوى الجهوي.
يمكن أن نسجل كذلك بأن القانون لم يرد فيه أي مقتضى يعرف مفهوم الاستثمار أو يحدد المعايير التي يمكن اعتمادها لإضفاء صفة المشروع الاستثماري على الطلبات المقدمة للاستفادة من القرارات والتراخيص .أيضا وفي نفس الاتجاه لم يشر القانون إلى القطاعات المشمولة بالتدبير اللامتمركز للاستثمار على غرار الرسالة الملكية للاستثمار ل 9 يناير 2002.
أيضا على مستوى أجهزة الإدارة والتسيير، فالمشرع قد نص على أن المركز يديره مجلس إدارة، يرأسه والي الجهة المعنية. إلا أن الملاحظ فيما يخص التركيبة العضوية لهذه المجالس الإدارية هو غياب كل من عمال العمالات والأقاليم ورؤساء المجالس الجماعية أو من يمثلونهم . بالرغم من مهام الإشراف التي أوكلها القانون نفسه للعمال فيما يخص تتبع وانجاز المشاريع وتنفيذ العقود وإبرام الاتفاقيات داخل دوائر نفوذهم الترابي، فضلا على أهميتهم وموقعهم داخل اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار.
كذلك من جهة ثانية، نجد أن المشرع قد أدرج في الفقرة الثالثة من المادة العاشرة الممثلون الجهويون للإدارات العمومية المعنية بتنمية الاستثمارات والمحددة بنص تنظيمي، ضمن عضوية المجالس الإدارية. وهو الأمر الذي يتطلب بشأنه الحرص على إبداء بعض الملاحظات التي هي واقع معاش في ظل الإدارة العمومية المغربية ارتباطا بمسلسلي اللاتركيز واللامركزية.
وعليه يمكن أن نسجل في هذا الصدد كون أن التنظيم الإداري للمصالح الخارجية لا يتوافق في كثير من الحالات مع مقتضيات التقطيع الترابي الجهوي، حيث لا زالت العديد من المصالح الخارجية للإدارات العمومية تفتقد إلى تمثيليات جهوية، أو أن البعض الأخر منها يمتد اختصاصه على أكثر من جهة. فكيف سيكون التعامل عمليا مع هذه الوقائع، وماهي الجهة المخولة لتمثيل القطاع الإداري الذي لا يتوفر على تمثيلية جهوية في أشغال وأعمال المجالس الإدارية؟.
أكثر من ذلك، ومن جانب أخر وعلاقة بالطابع الأفقي لمجال الاستثمار وارتباطه المبدئي بجميع القطاعات الإدارية نظرا لتشعب حاجيات ومطالب كل مشروع استثماري وتداخلها، الأمر الذي يستدعي ويتطلب حضور جميع تمثيليات الإدارة العمومية على المستوى الجهوي لأشغال المجالس الإدارية للمراكز الجهوية للاستثمار، وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا على فعاليتها وفاعليتها.
وكان من المتاح تفادي الوقوع في مثل هذه الثغرات عبر التركيز بالدرجة الأولى على القطاعات الإدارية والجماعات الترابية المعنية بجدول أعمال المجلس الإداري مع إمكانية الحرص ثانيا على استدعاء الإدارات والجماعات الترابية ذات الاختصاص الترابي او القطاعي بالمشاريع الاستثمارية المسطرة بجداول أعمال المجالس الإدارية.
كذلك يمكن الوقوف ضمن المادة نفسها على مسألة تمثيلية الممثل الجهوي للمنظمة المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية،[27] لكنه غيب التمثيلية الجهوية للاتحاد العام لمقاولات المغرب، والتي قد يشكل حضورها قيمة مضافة وفائدة أكبر على مستوى تنوير المجلس الإداري بالوضعية العامة والظرفية الخاصة لمناخ الاستثمار على مستوى الجهة والتعريف بمؤهلات التراب المحلي وقطاعاته الواعدة وكذا الوقوف على الحدود والمثبطات المطروحة على أرض الواقع.
فقرة أولى: على مستوى توزيع الأدوار والسلطات بين الفاعلين.
بالرجوع إلى الرسالة الملكية ل 9 يناير 2002، باعتبارها الإطار القانوني العملي للاستثمار الجهوي، نجدها قد أعطت ولاة الجهات المسؤولية عن المراكز الجهوية للاستثمار من حيث تسييرها، تنظيمها وكذا إحداث شبابيك المساعدة على خلق المقاولات في عمالات الجهة أو أقاليمها وكذا جماعاتها. إلا أن هاته المهام حسب مقتضيات قانون رقم 18.47 أصبحت من اختصاص المجالس الإدارية لهذه المراكز. فالمادة (11) تنص على أن يتمتع مجلس الإدارة بجميع السلط والاختصاصات اللازمة لإدارة المركز. وهو ما يفيد من جهة اقتسام وتوزيع سلطة إدارة المراكز الجهوية للاستثمار بين الولاة المسندة إليهم رئاسة المجالس الإدارية ، وبين الهيئات الإدارية الأخرى التي لها ارتباط مباشر أو غير مباشر بميدان الاستثمار. ومن جهة ثانية، ووفق مقتضى الفقرة الثانية من المادة (11) نفسها، حيث تم تعزيز سلطات وصلاحيات مجموعة من الإدارات والمؤسسات العمومية الممثلة داخل المجلس الإداري من قبيل: المصادقة على برامج العمل السنوي للمركز، وكذا كيفيات تمويل برامج أنشطته، حصر المخطط التنظيمي الذي يحدد بنيات المركز التنظيمية واختصاصاتها، حصر الميزانية والبيانات التوقعية المتعددة السنوات ، يحدد أجور الخدمات المقدمة للأغيار … وغيرها من الصلاحيات [28] بالمقابل انحصرت أدوار المديرين العامين لهذه المراكز في تنفيذ قرارات المجالس الإدارية وتدبير بنيات المراكز والتعيين في مناصبها والحضور بصفة استشارية لاجتماعات المجالس الإدارية[29].
ففي هذا الصدد ، وعلى الرغم من انتباه المشرع المغربي لضرورة توسيع صلاحيات المراكز الجهوية للاستثمار وإلزام الإدارات والمؤسسات العمومية المعنية بالتنسيق والتعاون معها ومدها بالمعطيات اللازمة والمعلومات المطلوبة، إلا أن الأمر في نظرنا يظل مختلا إذ لم تتم مواكبته بتدعيم لسلطات المديرين العامين لهذه المراكز، ومعه سينتج نوع من التأثير السلبي على مسألة الاستقلالية في اتخاذ القرارات ، التي ستظل مرهونة نوعا ما بوثيرة عمل الشركاء المؤسساتيين الآخرين ومستوى تجاوبهم مع هذه المراكز.
وهو الوضع الذي لن يخرج بالنهاية، عن تجسيد الوضع القائم قبل التعديل الأخير وبالتالي استمرارية لنفس الصعوبات والتحديات التي عاشتها المراكز الجهوية للاستثمار في علاقتها بمحيطها المؤسساتي وتعاملها مع مختلف الفاعلين، المتدخلين والمؤثرين في مجال الاستثمار على المستوى الجهوي.
– أيضا نجد المادة الثامنة (8) من هذا القانون تنص على ما يلي: ” تعين الإدارات اللاممركزة والهيئات العمومية المعنية بمعالجة ملفات الاستثمار ومواكبة المقاولات، بناء على طلب من رئيس مجلس إدارة المركز المعني، ممثلين عنها بمقر المركز المذكور، أو عند الاقتضاء بتمثيلياته.”
وهو الطرح الذي يتماشى وفلسفة إحداث الشباك الوحيد الخاص بمساعدة المستثمرين، إلا أن تنزيله العملي على أرض الواقع من خلال تعيين ممثلين عن كل إدارة ذات صلة وارتباط بالاستثمار بمقر المركز، على غرار ما هو عليه الوضع بالنسبة للشباك المختص بالمساعدة على خلق المقاولات، يظل أمرا تعتريه الكثير من الصعوبات من الناحية التطبيقية جراء تعدد واختلاف المتدخلين في مجال الاستثمار، وكذا نتيجة تنوع متطلبات وحاجيات كل مشروع استثماري على حدة.
وعليه، فنجاح المراكز الجهوية للاستثمار في إحداث شبابيك بمقراتها لمساعدة المقاولات، لا يفيد بشكل حتمي وأوتوماتيكي أن الأمر سانح وفق نفس المعطيات المتاحة حتى بالنسبة لمهمة مساعدة المستثمرين، بل يجب الأخذ في الاعتبار الاختلاف الجوهري بين المهمتين.
فبالنسبة لمهمة خلق المقاولات، ونظرا للمعرفة والدراية المسبقة بالعدد المحدد للإدارات المعنية والمتدخلة في الإجراءات الإدارية شكلت عاملا حاسما وأمرا ممكنا واقعيا وعمليا في تعيين ممثلين لهاته الإدارات المتدخلة. هذا فضلا عن عنصر أخر مهم وحاسم في نجاح هذه المهمة، ويتمثل في الطابع الميكانيكي الروتيني للإجراءات الإدارية التي تدخل في صلب خلق المقاولة، إضافة على العدد الكبير نسبيا بخصوص الطلبات اليومية لخلق المقاولات، والذي يشفع بالتواجد المستمر لممثلي الإدارات المعنية بمقرات المراكز الجهوية للاستثمار.
ولهذه الاعتبارات كلها، يبدو منطقيا في هذا الإطار حث جميع الإدارات والمؤسسات العمومية المعنية بمجال الاستثمار على تعيين مخاطبين لها لدى مصالح المراكز الجهوية للاستثمارتعمل وتشتغل انطلاقا من مقرات إدارتها بالمعالجة الأولية والمبدئية لملفات المشاريع الاستثمارية بتنسيق وتواصل مع مصالح المراكز الجهوية في شكل فريق عمل عن بعد، لكن تحيط بأشغاله روح الانسجام والتناسق المألوفة في أعمال الشباك الوحيد وفلسفته دونما الحاجة إلى اغراق المراكز الجهوية بممثلين عن مختلف هاته القطاعات الإدارية المتدخلة.
فقرة الثانية: على مستوى الإطار القانوني المنظم للجنة الجهوية الموحدة للاستثمار.
ضمن مقتضيات القسم الثاني، والذي جاء تحت مسمى اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار، تنص المادة 28 من هذا القانون على ما يلي:
“من أجل ضمان معالجة مندمجة ومتسقة لملفات الاستثمار، يحدث على صعيد كل جهة من جهات المملكة جهاز تقريري يعهد إليه بتنسيق عمل الإدارات المختصة في مجال الاستثمارات يحمل اسم ‘اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار’. ليأتي بعده الباب الأول من هذا القسم محددا لاختصاصاتها في مادتين هما 29 و 30. فالمادة 29 تنص على أن : تحل اللجنة الجهوية محل اللجان التي تمارس في تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ الاختصاصات المنصوص عليها في هذه المادة، وتتولى بالرغم من جميع الأحكام التشريعية والتنظيمية المخالفة، القيام بما يلي على صعيد نفوذها الترابي:
أ) إجراء تقييم مسبق لمشاريع الاستثمار المعروضة عليها، من الجانب الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والعمراني، وكذا فيما يتعلق بإحداث مناصب الشغل ، والتحقق عند الاقتضاء من قابليتها للاستفادة من نظام التحفيزات التي تمنحها الدولة….[30].
وبشأن هذه النقطة بالذات، يحق لنا أن نتساءل عن الأليات والميكانيزمات التي سيتم بموجبها نقل هاته الصلاحيات والاختصاصات المذكورة وتحويلها من اللجان التي تمارسها حاليا إلى اللجنة الجهوية الموحدة؟ هذا في ظل صمت المشرع عن هذا المقتضى.
كذلك يصح التساؤل أمام عدم تطرق المشرع لكيفية التعامل مع العديد من الإشكالات ضمن ميادين متعددة ومتنوعة والتي تم تفويض السلطات بشأنها إلى ولاة الجهات، من قبيل: الملك الغابوي، الاحتلال المؤقت للملك العمومي، الترخيص بالتنقيب عن المعادن واستغلالها. فكيف ستتم معالجة مثل هذا النوع من الطلبات داخل اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، أم وفق منهجية عمل المعتمدة حاليا حيث يتم انجاز وتحضير ملفاتها التقنية من طرف الإدارات المختصة ليتم عرض القرارات المرتبطة بها لاحقا على ولاة الجهات لإقرارها والمصادقة عليها؟
أيضا يمكن الوقوف على الدور الحصري للجنة الجهوية الموحدة للاستثمار في البت وإبداء الرأي ودراسة الملفات الاستثمارية، دون امكانية أن ينصب جزء من مهامها على تتبع سير المشاريع والوقوف على مراحل
انجازها أو معالجة شكايات المستثمرين ومعها لعب دور مهم في كشف واستعراض حالات النزاع الممكنة والتي تنشأ بينهم وبين الإدارة، وبالتالي الحرص على القيام بالدور الاستباقي في هذا الإطار وتبني مقاربة جديدة وفعالة في حل النزاعات بطرق ودية وبديلة ، لتتجاوز بذلك العجز والإخفاق النسبي الذي سجلته المراكز الجهوية للاستثمار بخصوص هذه المسألة.
هذا فيما يتعلق بشق الاختصاصات، أما على مستوى تأليف اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، فيجب الوقوف عندها وإبداء بعض الملاحظات انطلاقا من محتوى المادة (31) من هذا القانون، والتي تنص على ما يلي: “يرأس والي الجهة اللجنة الجهوية. ويمكن له أن يفوض رئاستها إلى مدير المركز الجهوي للاستثمار المعني.
تتألف اللجنة الجهوية، حسب القضايا المدرجة في جدول الأعمال، من الأعضاء الأتي بيانهم:
- عمال العمالات أو الأقاليم التي ستنجز داخل نفوذها الترابي مشاريع الاستثمار أو ممثلوهم،
- رؤساء مجالس الجماعات التي ستنجز داخل نفوذها الترابي مشاريع الاستثمار أو أحد نواب كل واحد منهم،
- مدير المركز الجهوي للاستثمار،
- المدير العام للمصالح بإدارة الجهة،
- ممثل عن ولاية الجهة المعنية،
- مدير الوكالة الحضرية المعنية أو من يمثله،
- المسؤولون الجهويون عن المصالح اللاممركزة والممثلون الجهويون للمؤسسات العمومية وكل الهيئات الأخرى المعنية بمشروع أو مشاريع الاستثمار.
يمكن لرئيس اللجنة الجهوية أن يدعو المستثمر أو وكيله ليقدم إلى أعضاء اللجنة كل توضيح مفيد لدراسة ملف مشروع استثماره، على ألا يحضر مداولات اللجنة.
يمكن لرئيس اللجنة أن يدعو لحضور اجتماعات اللجنة، بصفة استشارية، كل شخص يرى فائدة في مشاركته.”
فبناء على مقتضيات هذه المادة، يتبين وضعية تبعية بعض أعضاء اللجنة لوالي الجهة – باعتباره رئيس اللجنة – وعلى رأسهم نجد المدير العام للمركز الجهوي للاستثمار، وهي التبعية التي من شأنها أن تؤثر على مبدأ استقلالية الرأي والموقف داخل أشغال هاته اللجنة. بل أكثر من ذلك، وبدل انتباه المشرع لهذه الاشكالية وحرصه على ايجاد حلول عملية لها، نجد ذهب في اتجاه تكريس هذا الوضع من خلال اضافة عضو جديد في نفس هذه الوضعية داخل اللجنة، هو ممثل والي الجهة المعنية.
كما كان من المفيد، وتدقيقا لمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 31 المشار اليها أعلاه، أن تتم الاستعانة بخبراء ومستشارين متخصصين في القطاعات والمشاريع الاستثمارية المطروحة للنقاش والتداول بشأنها ولو بصفة استشارية، ومعها التأسيس لثقافة جديدة، ثقافة الأخذ بأراء ذوي الدراية العلمية والعملية لأهل الاختصاص هدفا في اتخاذ قرارات ومقررات مبنية عل معايير موضوعية ذات أسس متينة، فعالة وناجعة.
خاتمة عامة
فعلا، لقد صدر بالجريدة الرسمية عدد 6754 بتاريخ 15 جمادى الاخرة 1440 (21 فبراير 2019)، الظهير الشريف رقم 1.19.18 الصادر بتاريخ 13 فبراير 2019 والمتعلق بتنفيذ القانون رقم 47.18 بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار واللجان الجهوية الموحدة للاستثمار.
ومن الطبيعي أنه بمجرد صدور القانون بالجريدة الرسمية يصبح ساري المفعول وقابل التطبيق، إلا أن المادة 43 من هذا القانون[31]،أقرت بصريح العبارة على إرجاء دخوله حيز التنفيذ حتى تاريخ تنصيب أجهزة إدارة المراكز الجهوية للاستثمار وتسييرها. فهذا القانون الرامي لتأهيل المراكز الجهوية للاستثمار يأتي في إطار تفعيل مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش لسنة 2017، ونزولا عند طلب جلالة الملك من رئيس مؤسسة المجلس الأعلى للحسابات بتقديم تصور جديد للنهوض بأوضاع هذه المراكز لكي تقوم بدورها التنموي المنوط بها في مجال الاستثمار علاقة بتنزيل ورش الجهوية المتقدمة وخدمة فلسفة ميثاق اللاتمركز الاداري.
فقد جاء هذا القانون بمجموعة من المقتضيات المهمة التي تصب اتجاه اصلاح منظومة التدبير اللامتمركز للاستثمار من خلال العمل على:
- تحويل المراكز الجهوية للاستثمار إلى مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي[32].
- إدارة المراكز الجهوية من طرف مجلس إداري تحت رئاسة والي الجهة، ويسيره مدير يعين طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل[33].
وبهذه النقطة يثار سؤال حول مدى شرعية المدراء الحاليين في تفعيل الإصلاح قبل تعيين تنصيب أجهزة ادارة المراكز الجهوية وتسييرها. حيث أن المقتضى القانوني يقر:” …. يسير المركز الجهوي مدير يعين طبقا….” ، وليست هناك أية إشارة أو إحالة على المدراء الحاليين. وهو ما يستدعي ضرورة التسريع بفتح مسطرة الترشيح لمناصب المسؤولية، ليباشر المدراء الجدد مسألة هيكلة المراكز، لأنه من غير المجدي مرفقيا أن يشرف مدراء في نهاية ولايتهم على وضع تصور ورؤية هيكلية والإشراف على تنزيلها في بعدها المستقبلي للإصلاح المنشود تفاديا للشطط والمحاباة المفترضين تحت ضغط واقع النهاية والمغادرة المرتقبة.
- بالرجوع إلى مقتضيات المادة العاشرة (10)، وخاصة الفقرة الثالثة منها، نقف على مسألة ربط المشرع لتمثيلية الإدارات الجهوية ضمن مجلس الإدارة المراكز الجهوية للاستثمار بنص تنظيمي محدد لهذا الأمر. وهو ما من شأنه أن يؤخر فعلا تأسيس هذه المجالس الإدارية ومعها عمل ومهام المراكز الجهوية للاستثمار. حيث أن الوضع مرتبط بضبابية الرؤية بالنسبة للقطاعات الإدارية الجهوية ، علاقة بإشكالية التنزيل الحقيقي لميثاق اللاتركيز الإداري.
- العمل على توحيد اللجان المرتبطة بالاستثمار في لجنة واحدة موحدة للاستثمار.[34] وهو ما سيتطلب إعادة النظر في اختصاصات العديد من الإدارات الجهوية، جراء سحب البساط من تحت أقدامها، وإلا ستصبح عبارة عن ريع إداري تفتقد لاختصاصات ومهام واضحة.
- إحداث لجنة جديدة تنظاف للبنية الإدارية المغربية ويمكن تصنيفها ضمن لجان الحكامة، إنها اللجنة الوزارية للقيادة،[35] تتولى تتبع عمل المراكز في مجال تنفيذ سياسة الدولة الرامية إلى تنمية الاستثمارات وإنعاشها جهويا، والعمل على تسوية وحلحلة الصعوبات التي قد تعترضها خلال القيام بمهامها، وكذا البت في الطعون المقدمة من طرف المستثمرين، هذا فضلا عن دراسة تقارير تقييم الأداء السنوية المتعلقة بالمراكز الجهوية التي تظل كيفيات تقييمها والمؤشرات المتعلقة بها رهينة خروج نص تنظيمي يؤطر العملية.[36]
وفي النهاية، يمكن القول أن كل هاته النقط المستجدة تعد اصلاحات طموحة ستمكن لا محالة من تحسين مناخ الاستثمار الجهوي، إلا أن مسألة التنزيل لا زالت مرهونة بالكثير من المعطيات القانونية والعملية كما سبقت
الإشارة لذلك. حيث أن الترقب هو سيد الموقف لحدود الساعة داخل مقرات المجالس الجهوية للاستثمار الحالية، مع هيكلة جديدة ذات قطبين للاشتغال والعمل، قطب دار الاستثمار، وقطب التحفيز الترابي.
هذا، إضافة إلى ميثاق اللاتركيز الإداري الذي سيؤجل التنفيذ الفعلي للجن التنظيمية للمراكز الجهوية التي يتطلب إحداثها واشتغالها نصوص تنظيمية هي نفسها حبيسة صدور التنظيم الإداري الجهوي للإدارات والمؤسسات العمومية عبر اعداد الوزارات الأم للتصاميم المديرية للاتمركز الإداري .[37]
أخرا وليس أخيرا فإن هاته القراءة الأولية في إطارها النقدي نسبيا لا تعدو سوى مساهمة من باب الاهتمام الأكاديمي بموضوع التدبير اللامتمركز للاستثمار من خلال الاشتغال خلال مرحلة الدراسات المعمقة على موضوع الإدارة الاقتصادية الترابية من خلال جدلية الضبط الأمني والدور التنموي لمؤسسة العامل، وكذا من منطلق الاحتكاك المهني بهذا المجال، وفق مبتغى أسمى قوامه صياغة نص قانوني وتنزيل مقتضياته في الشكل المطلوب والجودة المنشودة يستحضر نواقص التجارب السابقة ويحرص على خلق التدابير والميكانيزمات القمينة بتجاوزها ومعالجة عللها وإشكالاتها العويصة. هاته الأخيرة التي يشكل الاستثمار حجز الزاوية في التخفيف من حدتها، ودعامة لرئيسية لكل إقلاع اقتصادي تنموي يروم تكريس العدالة الاجتماعية وخلق الثروة، ومعها تحقيق استراتيجية معقولة لتدبير اقتصاد الندرة وتوفير فرص الشغل.
فهذا يتطلب النجاعة والفعالية في التسيير والتدبير من خلال دعامات قانونية ومرتكزات بشرية، مالية، قضائية، عقارية وإدارية. سيما وأن الإطار المؤسساتي للاستثمار أصبح يعرف في ظل الدستور الأخير لسنة 2011، ومعه القوانين التنظيمية للجماعات الترابية لـ يوليوز 2015، تعددا مؤسساتيا داخل مجال ترابي واحد ومحدد. فعلى مستوى الاستثمار الجهوي نجد إضافة إلى المراكز الجهوية للاستثمار، هناك الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع [38]،شركات التنمية الجهوية[39]، مجموعات الجهات ومجموعات الجماعات الترابية [40].(*)
وعليه، فالأمر يقتضي تفعيل المقتضيات والمبادئ الدستورية والقانونية عبر ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعمال مبدأ التدبير الحر داخل المجالس النيابية، وكذا تشجيع البحث العلمي وربط محتوياته وبرامجه بأهداف ومبتغى إنعاش الاستثمار وتأهيل مناخه العام والخاص من خلال تيسير ولوج المستثمرين إلى العقار، وتحيين قوانيينه وإعادة النظر في وعائه وتبسيط مساطر انتقاله وتداوله؛ مع تثمين العقار العمومي وحمايته. هذا دون اغفال دور مجلس المنافسة في هذا الإطار باعتباره هيئة مستقلة ومؤسسة دستورية مكلفة بتنظيم المنافسة، هدفا في تكافؤ الفرص وتأصيلا لمبدأ الإنصاف ولاقتصاد شريف يقطع مع الريع بمختلف أشكاله وينبذ الاحتكار.
فبالرغم من أن مفهوم التنمية عرف ولا زال يعرف تطورات هائلة وسريعة خلال السنوات الأخيرة، إلا أن السياسات المعتمدة لتحقيقه تمر بأزمة حقيقية. وهي الإشكالية التي كانت حاضرة في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الخريفية من السنة التشريعية العاشرة، بتاريخ 13 أكتوبر 2017. حيث أكد جلالته على ضرورة تجديد النموذج التنموي استجابة لتطلعات وطموحات المواطنين. فعلى العموم، يظل الهدف الأساسي من صياغة أي نموذج تنموي العمل من جهة أولى على آليات خلق الثروة وإنتاجها، ومن جهة ثانية آليات توزيعها وضمان استفادة مختلف الفئات الاقتصادية والطبقات الاجتماعية منها. في تلاءم والأسس الاقتصادية المعتمدة، وكذا المقومات الاقتصادية في إطار الاقتصاد الاجتماعي والتضامني الذي يعد لأحد روافد التنمية في العديد من الاقتصاديات الصاعدة. هذا فضلا، على تطوير البنيات اللامركزية من جهوية وترابية وجعلها وحدات لخلق الثروة عوض أن تظل مستهلكة لها وعبئا على مالية الدولة.
[1] ظهير شريف رقم 213.95.1 صادر في 14 من جمادى الآخرة 1416 ( 8 نوفمبر 1995) بتنفيذ القانون الإطار رقم 95.18 بمثابة ميثاق الاستثمارات، الجريدة الرسمية عدد 4335 بتاريخ 29/11/1995، صفحة 3030.
[2] محمد اقريقز : الإدارة الاقتصادية الترابية اللاممركزة: مؤسسة العامل بين الضبط الـأمني والدور التنموي – دراسة سوسيو قانونية-، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، الموسم الجامعي 2007-2008
[3] الخطاب الملكي السامي بمناسبة ترؤس جلالته لافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية العاشرة، بتاريخ 13 أكتوبر 2017.
[4] مشروع دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حول المقاربة النيابية للنموذج التنموي الجديد للمملكة، صيغة 28 يناير 2018، ص :17.
[5] أمحمد طيب :المفهوم الجديد للسلطة : الهاجس الأمني والهاجس الاقتصادي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الدستوري وعلم السياسة ، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، الدار البيضاء ، الموسم الجامعي 2003-2004.
[6] لقد أضفي على هذه الرسالة وعلى مقتضياتها صبغة الظهير الشريف الشيء الذي جعل منها ترقى إلى مستوى قانون حسب بعض الباحثين.
[7] خطاب جلالة الملك محمد السادس ، بمناسبة الإعلان عن الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير الأول في موضوع التدبير اللامتمركز للاستثمار ، جريدة الإتحاد الاشتراكي ، العدد 6727، بتاريخ 10 يناير 2002، ص:2.
[8] خالد الغازي : التدبير اللامتمركز للاستثمار والمفهوم الجديد للسلطة ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، سلسلة نصوص ووثائق ، عدد 66، 2002، ص 34 .
[9] أنظر القرارات المشتركة لوزير الداخلية، ووزير الاقتصاد والمالية والخوصصة، والسياحة ووزير الصناعة والتجارة والطاقة والمعادن، المتعلقة بافتتاح المراكز الجهوية للاستثمار، الجريدة الرسمية عدد 5093، الصادرة بتاريخ 8 رجب 1423 ( الموافق ل 16 سبتمبر 2002)، ص : .2651.
[10] المادة الأولى من مرسوم رقم 727.03.2 صادر بتاريخ 2 ذي القعدة 1423، الموافق ت 26 دجنبر 2003، المتعلق بتنظيم المراكز الجهوية للاستثمار.
[11] أنظر المرسوم رقم 350.02.2 صادر في 6 جمادى الأولى 1423، الموافق ل 17 يوليوز 2002، بالموافقة على المطبوع الموحد لإنشاء المقاولات، الجريدة الرسمية عدد 5027 بتاريخ 5 غشت 2002، ص :2184.
[12] جاء في الفقرة 3.7.1 من الرسالة الملكية :” وفي كل الأحوال يجب أن تنشر قرارات تفويض السلط بالجريدة الرسمية في أجل لا يتعدى خمسة وأربعون يوما بعد نشر رسالتنا الملكية هاته بالجريدة الرسمية.”
[13] مرسوم رقم2.02.138 صادر في 20 من ذي الحجة 1422، الموافق ل 05 مارس 2002، بتغيير وتتميم القرار الصادر في فاتح جمادى الأولى 1340، الموافق ل 31 دجنبر 1921، بتحديد طريقة تدبير شؤون الملك البلدي، الجريدة الرسمية عدد 4984، بتاريخ 7 مارس 2002، ص: 479.
[14] مرسوم رقم 2.02.139 صادر بتاريخ 20 من ذي الحجة 1422، الموافق ل 05 مارس 2002، يتعلق بالمصادقة على مداولات مجالس الجماعات القروية المتعلقة بملكها الخاص والعام، الجريدة الرسمية عدد 4984، بتاريخ 7 مارس 2002، ص: 480.
[15] مرسوم رقم 2.02.185 صادر في 20من ذي الحجة 1422 الموافق لـ5 مارس 2002، بتغيير وتتميم المرسوم الملكي رقم 330.66 بتاريخ 21 أبريل 1967، بسن نظام المحاسبة العمومية كما تم تعديله وتتميمه.
[16]مرسوم رقم 2.02.186 صادر في 20 من ذي الحجة 1422، الموافق لـ 5 مارس 2002، بتغيير وتتميم المرسوم رقم 7.81.471 الصادر في 21 من ربيع الاخر 1402، موافق ل 16 فبراير 1982، بترتيب المؤسسات السياحية .
[17] قرار لوزير التجهيز رقم 368.02 صادر في 20 من ذي الحجة 1422، الموافق ل 5 مارس 2002 المتعلق بتفويض السلط إلى ولاة الجهات، الجريدة الرسمية عدد 4984، بتاريخ 7 مارس 2002،ص: 486.
[18] قرار لوزير الصناعة والتجارة والطاقة والمعادن رقم369.02 صادر في 20 من ذي الحجة 1422، الموافق ل 5 مارس 2002 المتعلق بتفويض السلط إلى ولاة الجهات، الجريدة الرسمية عدد 4984، بتاريخ 7 مارس 2002 ،ص: 487.
[19] قرار للوزير المنتدب لدى وزير الفلاحة والتنمية القروية والمياه والغابات رقم370.02 صادر في 20 من ذي الحجة 1422، الموافق ل 5 مارس 2002 المتعلق بتفويض السلط إلى ولاة الجهات، الجريدة الرسمية عدد 4984، بتاريخ 7 مارس 2002 ،ص: 489.
[20] قرار للمدير العام للأمن الوطني رقم 371.02 02 صادر في 20 من ذي الحجة 1422، الموافق ل 5 مارس 2002 المتعلق بتفويض السلط إلى ولاة الجهات، الجريدة الرسمية عدد 4984، بتاريخ 7 مارس 2002 ،ص: 492.
[21] قرار لوزير الداخلية رقم 683.03 بتاريخ 20 مارس 2003 ، المتعلق بتفويض السلطة لولاة الجهات
[22] محمد بوجيدة : تطور الوصاية التقليدية على الجماعات الحضرية والقروية على ضوء الميثاق الجماعي الجديد والنصوص الخاصة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، سلسلة ” دراسات” عدد 62/63، 2005.
[23] محمد السكتاوي : الوضعية القانونية للمستثمر الأجنبي في المغرب، رسالة لنيل دبلوم الماستر في شعبة القانون الخاص، الموسم الجامعي 2008 – 2009، ص: 117.
[24] مرسوم رقم 2.03.728 الصادر في 2 ذي القعدة 1424( 26 ديسمبر 2003) بإحداث أجرة عن الخدمات المقدمة من قبل المراكز الجهوية للاستثمار.
[25] أنظر المادة 18 من القانون رقم 47.18.
[26] أنظر الظهير الشريف رقم 1.19.18 الصادر في 7 جمادى الاخرة 1440(13 فبراير 2019) بتنفيذ القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار. الجريدة الرسمية عدد 6754، بتاريخ 15 جمادى الاخرة 1440 (21 فبراير 2019) ، ص:834.
[27] أنظر الفقرة السادسة من المادة العاشرة من القانون رقم 47.18.
[28] أنظر المادة 11 من نفس القانون.
[29] (29) أنظر مقتضيات المادة 15 من نفس القانون.
[30] أنظر الفقرة الثانية من المادة 29 من نفس القانون.
[31] تنص الفقرة الأولى من المادة 43 على ما يلي: “يدخل هذا القانون حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ تنصيب أجهزة إدارة المراكز الجهوية للاستثمار وتسييرها.”
[32] أنظر مقتضيات الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون 47.18.
[33] المادة 9 من نفس القانون.
[34] المادة 29 من نفس القانون.
[35] المادة 40 من نفس القانون.
[36] (36) المادة 42 من نفس القانون.
[37] أنظر مقتضيات المادة 22 من المرسوم رقم 2.17.618 الصادر في 18 من ربيع الثاني 1440 ( 26 ديسمبر 2018) بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري، الجريدة الرسمية عدد 6738، الصادرة في 19 ربيع الثاني 1440( 27 ديسمبر 2018)، ص: 9787.
[38] (38) أنظر المادة 128 من القانون التنظيمي للجهات 111.14.
[39] (39) أنظر المادة 145 من نفس القانون التنظيمي.
[40] . (40) أنظر المادة 148 من نفس القانون التنظيمي.
*(*) الاستثمار الجهوي : المراكز الجهوية للاستثمار والوكالات الجهوية لتنفيذ المشاريع: علاقة تكامل أم تقاطع، سيكون موضوع مقالنا المقبل بحول الله وقوته.