الأمـن فـي السيـاسة الخـارجية المغـربية

الأمـن فـي السيـاسة الخـارجية المغـربية

 أميــن النيـة:

طالب باحث بسلك الدكتوراه

جامعـة محمد الخــامس الربــاط

       كليـة الحقوق سلا

مـقـدمة

إن نهاية الحرب الباردة لم تكن نهاية للتاريخ كما عبر عنها فرانسيس فوكوياما وإنما منعطفا أدخل العالم مرحلة تاريخية جديدة، دفع الباحثين في حقل العلاقات الدولية والسياسيين على حد سواء إلى إعادة النظر في مدى قدرة العديد من المنظورات والنماذج والأطر المعرفية التي سادت أثناء الحرب الباردة على فهم ما أفرزته التحولات التي شهدتها الساحة الدولية من قضايا، لعل من أهمها تلك المتعلقة بالأمن والتي تمتاز بالتعقيد والتشابك بالإضافة للتنوع والتعدد وكذلك التزامن والتواترالمتواصل والمتسارع مما يجعل التنبؤ بحدوثها وتتبع تطورها والتحكم في نتائجها أمرا صعبا ذلك أنه يتطلب من الإمكانيات البشرية المتخصصة والتكنولوجية المتطورة ما لا يمكن لكل الدول الحصول عليه. وفي هذا السياق تبرز القضايا الأمنية كموضوع رئيسي تدور حوله السياسة الخارجية للدول فهو جزأ لايتجزأ منها، ذلك أن أي دولة تهدف إلى ضمان وجودها بالحفاظ على استقلالها وسيادتها والدفاع عن أمنها.

وفي هذا الإطار، فإن المتتبع للعمل السياسي والدبلوماسي المغربي من خلال الأحداث والتفاعلات الدولية التي كان طرفا فيها بشكل أو بآخر، يجد أن المغرب سعيا منه للحفاظ على أمنه عمل وفق استراتيجية رسمها وتبنها من خلال سياسته الأمنية تتفق ودوافع ومعطيات وأهداف سياسته الخارجية.

فمن خلال الدائرة المتوسطية، فإن الإدراك المشترك لضرورة التعاون أمنيا  في مجالات (الهجرة، الإرهاب، الجريمة المنظمة، التهريب …) الذي أكدته مشاركة المغرب في مختلف المبادرات المتوسطية كالحوار مع الحلف الأطلسي، والشراكة الأمنية في إطار الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي، يندرج في سياق اقتناع صانع القرار في المغرب بضرورة خلق برامج تعاون أمني دولية للتخفيف من ثقل التحديات الأمنية التي تواجه استقراره.

في المقابل فقد اعتبر المغرب تاريخيا مجالا لاستقطاب دول شمال المتوسط لما يمتلكه من امتيازات جيو-استراتيجية، وموقعه كبوابة رئيسية نحو افريقيا، غير أن المنعطف الذي جعل من المغرب يتصدر دائرة اهتمام السياسات الأمنية لدول شمال المتوسط، هو التجربة المتميزة للمغرب في مجال مكافحة الإرهاب التي أصبحت مرجعية يقاس عليها ويحتذي بها بعد احداث فرنسا 2015.

مشكـلة الـدراسة:

انطلاقا مما سبق فإن اهتمام الدراسة سيكون منصبا على معالجة قضية الأمن في السياسة الخارجية المغربية متسائلين:

كيف ساهمت التحديات الأمنية للمغرب في ترشيد التوجهات الكبرى لسياسته الأمنية على مستوى خلق برامج تعاون دولي لحماية استقراره؟

إن هذه الإشكالية تترتب عنها مجموعة من التساؤلات الفرعية المساعدة على التحليل نذكر منها:

  • ما حجم الثنائي بين المغرب والحلف الأطلسي؟
  • ماهي الرؤية الاستراتيجية للحلف اتجاه المغرب؟
  • ماهي المكانة الأمنية للمغرب داخل الوضع المتقدم مع أوروبا؟
  • ماهي البرامج والمؤسسات ذات الطابع الأمني التي سيستفيد منها المغرب  داخل الوضع المتقدم؟

فرضـية الـدراسة:

للإجابة على الإشكالية المطروحة أعلاه نقدم الفرضية الرئيسية التالية:

 تعتبر التهديدات الأمنية محددا أساسيا للسياسة الخارجية باعتبار أن الوظيفة الأولى للدولة هي تقديم خدمة الأمن والحفاظ عليه، من خلال الدخول في برامج تعاون دولي مع دول مشتركة في نفس التهديدات.

المطلــب الأول: الشراكة الأمنية بين المغرب والحلف الأطلسي

تندرج علاقة المغرب بلحلف الشمال الأطلسي في إطارها العام، ضمن الظوابط التي تحكم الدولة مع باقي المنظمات الدولية الإقليمية منها والعالمية، وما تمليه الظوابط من تعاون وانخراط فعال وإيجابي في مخلتف البرامج والمهام وكذا الأهداف التي تسطرها هذه المنظمات على اختلاف تخصصاتها، إلا أن ما يميز هذه العلاقة هو اندراجها ضمن إطار عام.

إن تعاون المغرب مع  هذه المنطمة ينطلق من عنصرين أساسيين:

الأول معطى ذاتي مرتبط بموقع المغرب الجيوستراتيجي، الذي يشكل تأمينه مكسبا استراتيجيا حيويا بالنسبة للناتو والغرب بصفة عامة، أما المعطى الثاني فهو مرتبط بالتزام المغرب بالمساهمة في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

الفـرع الأول: التعاون الثنائي بين المغرب والحلف الأطلسي.

إنه بالعودة إلى مؤشر الزيارات التي قام بها عدد من المسؤولين في حلف الناتو إلى المغرب، سيتبين أن الحلف الأطلسي قد أعطى اهتماما أكبر لميناء الدار البيضاء في استراتيجية الحلف الأطلسي على الواجهة الغربية لجغرافية المغرب المطلة على المحيط الأطلسي.

ومن ضمن هذه الزيارات تلك التي قامت بها سفن الحلف الأطلسي للميناء ما بين 3 – 7 أبريل 2004 في إطار عمليات خاصة بإزالة الألغام البحرية وبمشاركة كل من ألمانيا واليونان وإيطاليا وتركيا واسبانيا.[1]

وفي إطار تعزيز الحوار الأطلسي المتوسطي قامت إحدى الوحدات البحرية التابعة للناتو والمسمات ب SNMG2 بزيارة إلى ميناء الدار البيضاء في الفترة الممتدة بين 7 و 13 مارس 2007 [2]  وقد قامت نفس هذه الفرقة بزيارة مماثلة لنفس الميناء منتصف ماي 2007 استغرقت 5 أيام وشملت لقاءات مع مسؤولين عسكريين مغاربة.

أما على الواجهة المتوسطية  فإن الحلف الأطلسي يراهن على المغرب للقيام بمهام ترتبط أساسا بمكافحة الإرهاب، وأسلحة الدمار الشامل، وذلك في إطار ما يسمى بعمليات المسعى النشيط أو الفعال [3].

ففي مجال مكافحة الإرهاب سيبرز دور المغرب بشكل أكبر بعد إلقاء السلطات الأمنية القبض على ما يسمى بالخلية النائمة المتهمة بالإعداد لعمليات ضد السفن الأمريكية في مضيق جبل طارق.

أما في مجال مكافحة الأسلحة ومواد الدمار الشامل، فإن المغرب بحكم انخراطه في عدد من المبادرات المرتبطة بهذا المجال، كمبادرة أمن الحاويات ومبادرة الأمن من الانتشار والشراكة العالمية ضد انتشار أسلحة ومواد الدمار الشامل وغيرها من المبادرات، فإنه يحتل مرتبة متقدمة في سياسات الحلف الأطلسي لمكافحة الانتشار النووي، خاصة بعدما أنشأ الحلف كتيبة متعددة الجنسيات للدفاع الكيماوي والبيولوجي والإشعاعي والنووي [4] .

وعموما فإن التعاون المغربي الأطلسي سيوثق بشكل واضح عندما وقع السيد المنور علي السفير المغربي لدى الاتحاد الأوربي والسكرتير العام بان دوهوي للحلف الأطلسي اتفاق في يونيو2008، هو الأول من نوعه على المستوى المغاربي، ويؤسس للمشاركة ضمن القوات البحرية الأطلسية.

وفي مابين 6-7 أبريل 2006 سيستقبل المغرب أول اجتماع يعقده مجلس حلف الشمال الأطلسي ودول الحوار المتوسطي في بلد عربي، حيث اعتبر فيه الأمين العام المنتدب للحلف السيد هينتو ريزو أن المغرب يشكل نموذجا جيدا فيما يتعلق بالتعاون على الصعيد السياسي والعملي، خاصة أنه شارك في عمليات حفظ السلام التي أشرف عليها حلف الشمال الأطلسي في البوسنة والهرسك وكوسوفو.[5]

و في هذا الاجتماع سيتعزز الحوار السياسي بين الحلف والمغرب، وهو ما تجلى على سبيل المثال في الزيارة التي قام بها وفد عن لجنة الخارجية والدفاع في البرلمان المغربي إلى مقر الحلف الأطلسي في بروكسيل يوم 16 ماي 2006.

وقبل هذا الاجتماع بسنة وقع الأميرال المغربي محمد برادة في سنة 2005 اتفاقا مع قائد عملية Active Endeavour، التي خصصت من أجل الملاحة في البحر المتوسط وردع الأنشطة الإرهابية، وفي هذا الصدد رست بميناء البيضاء فرقاطات من نوع SNMG2 في الفترة ما بين 21 و24 يونيو من نفس العام.

هذا وقد عرفت لقاءات الجانبين تقدما ملحوظا من حيث عددها قبيل عقد قمة ليشبونة في نونبر 2010، حيث نظم الحلف بتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون في 25 يناير من نفس السنة ندوة تحت عنوان “الحوار المتوسطي والمفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الشمال الأطلسي: اغتنام الحظة لتجديد ديناميكية الحوار وتعزيزه”، وفي هذه الندوة تم التأكيد من جانب الحلف على المفهوم الشامل للأمن، الذي يتضمن تهديدات جديدة مثل الجريمة والتخلف والفقر وانتهاك حقوق الإنسان والأمية والبطالة، فيما يشبه إيذانا بإتمام تحول الحلف إلى منظمة سياسية ذات أهداف عامة أكثر منها منظمة عسكرية إقليمية، كما تم التأكيد على الدور الفعال والأساسي للمغرب في معالجة مختلف هذه القضايا [6].

الفـرع الثاني: المغرب في السياسة توسيع الحلف الأطلسي.

لقد استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة بوش الابن أن تقنع أو تدمج المغرب في الترتيبات الجديدة لتوسيع حلف الشمال لأطلسي، سواء تلك الترتيبات المرتبطة بتعزيز الحوار الأطلسي المتوسطي، أو التي تتعلق بمبادرة اسطنبول للتعاون. فانطلاقا من المفهوم الهيمنة السريعة يتبين أن الولايات المتحدة الأمريكية  تراهن على المغرب ضمن سياسة الحلف الجديدة بسبب إطلاله على واجهتين بحريتين مهمتين للملاحة التجارية والعسكرية.

إن قيام أي حرب إقليمية سواء في الشرق الأوسط أو في إفريقيا يستلزم بالضرورة من الناحية اللوجستيكية على الأقل الاعتماد على التسهيلات التي سيوفرها المغرب خاصة على مستوى الممرات البحرية.

ومن أجل ذلك وحتى تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من المعرفة الكاملة بالذات والخصم والبيئة، فإنه يفترض أن تستفيد من المشاركة المغربية في التدريبات البحرية التي يقودها الحلف الأطلسي تحت اسم المسعى النشيط. [7]

واستناد لمفهوم “الهيمنة السريعة” وبناءا على أحد سماتها المتمثلة في ضمان السيطرة على البيئة ، يتبين لنا أهمية المغرب أيضا في سياسة توسيع الحلف الأطلسي، فالأخير يؤسس جزء من عملياته التدريبية على مبرر محاربة استخدام أسلحة الدمار الشامل، ومن ثم انخرط المغرب في عدد من المبادرات المرتبطة بالانتشار النووي ويعزز منطق السيطرة على البيئة .

لقد كان في الوقع المغرب، مدخلا لسياسة توسيع الحلف الأطلسي على المستوي الإقليمي. فالولايات المتحدة وظفت الأزمات ذات الطبيعة الجيوستراتيجية  للمغرب حتى تقنعه أو تدمجه في الترتيبات الجديدة للناتو، وهو ما تمظهر أساسا في انحياز الولايات المتحدة الغير المعلن أو الضمني على الأقل لإسبانيا في أزمة ليلى وجزيرتي الصفيحة بالحسيمة، هذا بالإضافة إلى توظيفها لمشكلة الصحراء  المغربية لنفس الهدف.

ويلاحظ في هذا السياق أن الموقف الأمريكي السلبي عموما خلال إدارة بوش الأولى تلاه قبول المغرب بالمشاركة في المناورات البحرية التي يقوم بها الحلف في مضيق جبل طارق، ثم تطورت بعد ذلك علاقة المغرب بالحلف بقبوله الانخراط رسميا في عمليات المسعى النشيط، وهذا ما أدى كله في النهاية إلى المساهمة في تحفيز دول أخرى لتطوير علاقاتها بالحلف الأطلسي كالجزائر مثلا، ولعل هذا ما يفسره قول الأمين العام للناتو السابق “جاك دي هوب شيفر”، بأن المشاركة المغربية في مناورات الحلف لها دلالاتها السياسية.[8]

وإذا كان المغرب لا تنطبق عليه لمعايير المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان التي تستلزم تدخلا إنسانيا، إلا أن حالات أخرى قد تكون مبررا لأي تدخل تحت هذا الاسم كما هو الشأن لحالة الطوارئ الناجحة عن اختلالات الأمن البيئي.

إن الحلف الأطلسي يبني جزء اهتماماته بالمغرب على أساس أن الأخير يقع على صفيحة تكتونية تهدده بالزلازل، خاصة في الشمال الغربي، ولذلك يستلزم حسب هذا المنطق الاستعداد لأي كارثة إنسانية محتملة  قد تترتب عن حدوث أي زلزال في المنطقة.

وهذا ما أكد عليه التصريح الذي أدلى به وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية السيد “مارك غروسمات” بعد زلزال الحسيمة عندما قال “لما لا نفكر في يوم يمكن فيه لحلف الناتو بخبرته في التخطيط للطوارئ المدنية من العمل مع دولة كالمغرب”.

والحقيقة أن موقع المغرب في سياسة توسيع حلف الشمال الأطلسي، لا يقتصر فقط على الحوض المتوسطي، بل يمتد أيضا حتى منطقة الخليج وآسيا الوسطى، ففي منطقة الخليج يشكل تبني الحلف لمشروع الشرق الأوسط الكبير أداة سياسية للضغط على دول الخليج للانخراط في ترتيبات توسيع الحلف الأطلسي، ومن هنا فإن اعتبار المغرب نموذجا للإصلاح السياسي في العالم العربي، كان أحد أدوات الضغط السياسية التي وظفتها دول الحلف لدفع دول لخليج إلى إجراء إصلاحات سياسية في دولها. [9]

المطلـب الثانـي: الأمن في اتفاقية الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي.

إن اتفاق الوضع المتقدم الذي خلص إليه اجتماع وزراء دول الاتحاد الأوربي، والذي تم التوقيع على نص اتفاقيته يوم 13 أكتوبر 2008 بلوكسمبورغ بعد أن طرحه المغرب رسميا سنة 2004. يقوم على فكرة توسيع دائرة العلاقات بين الاتحاد الأوربي والمغرب لتشمل معظم الأنشطة باستثناء العضوية في المؤسسات التقريرية للاتحاد الأوربي .

وإذا اعتبرنا في المغرب وضعا متقدما من الأحداث المهمة والاستراتيجية في علاقة ضفتي المتوسط بشكل عام والعلاقات الثنائية الأورومغربية على وجه الخصوص، فلا يجب اغفال المعطيات المترابطة التي تتحكم في التصورات المركزية للاتحاد الأوربي حيال جيرانه، لأن الوضع المتقدم الذي اعتبرته الأطراف الموقعة عليه قفزة للأمام في مسار العلاقات الثنائية، اهتم بالأساس بالجانب الأمني الذي أولاه أهمية كبرى واعتبر بحق الجانب المركزي لهذه الاتفاقية.

الفـرع الأول: مضمون الشق الأمني في الوضع المتقدم

إن المخاطر والتهديدات الأمنية التي باتت تهدد الأمن الأوربي في ظل غياب سياسة أوربية موحدة، من أكبر التحديات التي واجهت دول الاتحاد الأوربي في عقد التسعينات والقرن الواحد والعشرين.

لذلك كان من البديهي التفكير في مسار جديد في العلاقات الأمنية بين الجانبين، تجسد في إبرام اتفاقية الشراكة سنة 1996 ثم سياسة الجوار سنة 2003 ثم الوضع المتقدم سنة 2008.

وذلك من أجل احتواء التحديات الأمنية الكبرى في المنطقة ونخص بالذكر تجارة السلاح، الهجرة السرية، المخدرات

والإهاب [10] التي أصبحت تطرحها منطقة الساحل والصحراء والمجموعات الإرهابية، سواء تعلق الأمر بتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي أو تنظيم جماعة بوكوحرام أو تنظيم الدولة الإسلامية  (داعش) التي تستفيد من انهيار النظام في ليبيا وشساعة المجال الصحراوي وغياب التعاون بين دول المنطقة.

لذلك أسند الوضع المتقدم للمغرب دورا محوريا في المجال الأمني، وذلك بتعزيز التعاون بين المغرب والاتحاد الأوربي في مجال السياسة الأوربية للأمن والدفاع “Pesol”، في إطار إبرام اتفاق إطار مشاركة المغرب في عمليات تدبير الأزمات المدنية والعسكرية.[11]

وهو اتجاه ليس بالجديد حيث نجد أن الاتحاد الأوربي نوه بالاهتمام المغربي تجاه السياسة الخارجية والأمنية المشتركة Pesc، وخص بالذكر مشاركة المغرب في عملية الاتحاد الأوربي ALTHEA  في البوسنة و الهرسك في إطار السياسة الأوربية للأمن والدفاع.

وفي إطار الوضع المتقدم، تم التفاهم على خارطة طريق تفتح تعميق التعاون المغربي مع المكتب الأوربي للشرطة، أما بالنسبة للحرب على الإرهاب فالمغرب اختار تقوية شراكته مع الاتحاد الأوربي، حيث ثم الاتفاق على تقوية الشرطة المدنية التي تتكلف بمهام الحفاظ على السلم وأيضا تقوية الأمن والسلامة البحرية، مما سيكون له الأثر الكبير في تنمية التجارة بين المغرب والاتحاد الأوربي ومن جهة أخرى حماية البئية.

كما سيمكن الوضع المتقدم المغرب من المشاركة والولوج إلى مجموعة من الوكالات والبرامج الأوربية مثل:

  • المعهد العالي لمحاربة الجريمة.
  • برنامج تنمية ميكانيزمات مراقبة الحدود.
  • مشاركة المغرب في عمليات تكوين ودورات المدرسة الأوربية للشرطة (Cepol)
  • إنشاء اتفاق تعاون بين المغرب والمدرسة الأوربية للشرطة.
  • وضع اتفاق تعاون بين المغرب والمكتب الأوربي للشرطة (Europol).

التأسيس لحوار في مجال محاربة المخدرات والبدء بعمليات تعاون مع المرصد الأوربي.

الانضمام للوكالة الأوربية لأمن الطيران (Easa).

الانضمام للمرصد الأوربي للمخدرات (Emcdda). [12]

وينطلق المغرب من فكرة أن انضمامه إلى هذه الوكالات يأتي بالأساس من أجل حماية مصالحه، لمحاربة بعض

الآفات الخطيرة التي تهدد أمن واستقرار المغرب بالدرجة الأولى، فهو يدافع عن مصلحته كما هو الشأن بالنسبة لأوربا ولن يكون مجرد دركي لأوربا.

الفـرع الثانـي: تحديات اتفاق  الوضع المتقدم في الجانب الأمني.

إن الصعوبات الأمنية تظهر من خلال تركيز اتفاق الوضع المتقدم على القضايا الأمنية كقضية الهجرة والإرهاب، وفي هذا الإطار حمل الاتحاد الأوربي المغرب المسؤولية في معالجة هذه القضايا الشائكة من خلال منحه حق الولوج إلى وكالة الأمن الأوربية وعمليات إدارة الأزمات وهذا سيجعله في وضع ضعيف لأن محاربة هذه القضايا تتطلب إمكانيات مالية ولوجيستيكية لا يستطيع المغرب توفيرها، وخصوصا أن انخراطه  في هذه الوكالات الأمنية لا يعني بالضرورة أنه سيكون قادرا على اتخاد قرارات في هذا الشأن تعبر عن إرادته السياسية ووفق منظوره الخاص، بل إنه سيكون تحت الضغوطات الأوربية التي ستجعله يتخذ المبادرة في معالجة هذه القضايا الحساسة ووفق مصالحها، وعليه فإن الغاية من هذا الانضمام هو تحميل المغرب المسؤولية في هذه الملفات المتعلقة بالإرهاب، الهجرة السرية والتهريب.

والواقع أن محاربة هذه الظواهر تتطلب من الجانبين تبني مقاربة شمولية من خلال تقاسم المسؤولية.

إن منح الاتحاد الأوربي للمغرب حق الولوج لهذه الوكالات وعملية إدارة الأزمات، يهدف من خلالها حماية حدوده من هذه المخاطر التي تهدد أمنه واستقراره، مقابل تقديم الدعم وبعض المساعدات المالية للمغرب وهي بطبيعة الحال معادلة غير متوازنة، لأن المغرب يحتاج إلى تنمية حقيقية تتجاوز منطق الدعم والمساعدة وتتطلب بالمقابل في الاتحاد الأوربي الالتزام بجميع البنود التي جاء بها اتفاق الوضع المتقدم.

التزام أصبح صعبا في ظل الأزمة المالية التي تأثرت بها بعض دول منطقة الأورو وخاصة وأن الشريك الأوربي يعيش في أزمة مالية خانقة كادت أن تعصف ببعض دوله.

كما أن المغرب بدوره يطرح عليه اتفاق الوضع المتقدم عدة تحديات خصوصا في ظل الحراك الاجتماعي فهو يعيش في وضع لا يحسد عليه لأنه ملزم من جهة بإيجاد حلول لمشاكله الداخلية، ومن جهة أخرى على مستوى علاقاته الخارجية لأن هذه الإصلاحات الأمنية والشروط التي يفرضها الوضع المتقدم، تتطلب إمكانيات مالية مهمة من الصعب عليه تنفيذها وهنا يجد نفسه يتخبط في العديد من المشاكل الداخلية والخارجية لا تستطيع ميزانية الدولة تحملها. [13]

خلاصــة:

شكلت الساحة الدولية هدفا للسياسة الخارجية المغربية من خلال دبلوماسية أمنية شاملة، استطاعت تحريك كل الفاعلين الأساسيين والأوراق الرابحة للدفاع عن الأمن والمصالح الاستراتيجية  للمغرب، من خلال الشراكات الأمنية مع كل من الحلف الأطلسي والاتحاد الأوربي، شراكات قدمت إلى المغرب مجموعة من البرامج الأمنية التي ساعدته على التخفيف من حدة تهديدات استقراره الأمني.

إن استعراض أوجه التعاون الأمني الأورو مغربي يبين بشكل جلي أن البعد الأمني يشكل موضوعا محوريا في العلاقات استثنائية بين المغرب وأروبا، ورغم أهمية هذا التعاون للطرفين، فإن على المغرب الخروج من موقع الشرطي أو الحارس الموجود للحدود الأوربية. بل ينبغي استحضار المصلحة الوطنية وما يخدم الأمن القومي المغربي، ويحقق للمغرب انفتاحا ودورا محوريا في هذا المجال المتوسطي اعتمادا على موقعه الاستراتيجي، إن التعاون مع الاتحاد الأوربي رغم اهميته سيبقي المغرب في وضعية حارس الحدود، وينبغي التوجه الشامل والمتكامل في إطار متوسطية  في التكتل لحل المشاكل وتحقيق السلام والأمن المنشودين بحوض البحر الأبيض المتوسط، الذي يعد إحدى فضاءات الصراع والتنافي الدولي.


[1] Nato ships  visit Morocco, www.nato.org (22-4-2004)

[2] Snmg2 visit to Morocco, www.nato.org (5-3-2007)

[3] عبد العزيز عطية، قمة اسطانبول، توسع جنوبى للناتو، مجلة السياسة الدولية، عدد 158، أكتوبر 2004، ص 157.

[4]  بال دانوي، وزد سلولا تشوفسكي، المنظمات والعلاقات الأورو أطلسية , الكتاب السنوي 2005 حول التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت طبعة أكتوبر 2004، ص 123.

[5] HIGH- LEVEL Nato Mediterraneau dialogue event en Marocco, www.nato.org (6-4-2006).

[6] موقع وزارة الخارجية: WWW.DIPLOMATIE.MA

[7]  فؤاد فرحاوي, موقع المغرب في السياسة الخارجية الأمريكية، دراسة في الأبعاد الثنائية والإقليمية في ظل إدارة بوش الابن، دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق أكدال، 2008-2009 ص 326.

[8]  فؤاد فرحاوي، موقع المغرب في السياسة الخارجية الأمريكية، مرحع سابق, ص 327.

[9]  هاني الشميلطي: أوربا المتوسط: تاريخ العلاقات ومشروع الاتحاد من أجل التوسط المجلة العربية للعلوم السياسية مركز دراسات الوحدة العربية للعلوم السياسية بيروت عدد 19 صيف 2008. ص 31.

[10]  ابراهيم السعدي: الوضع المتقدم لا يقدم للمغرب مصالح حقيقية ملموسة على الرابط http://www.ALISLAH.ma/2009-10-0704/item/16112mo.html

[11]  ادريس الكزدي، السياسة الأوربية للأمن والدفاع – رؤية جنوبية، رسالة د.د.ع.م، كلية الحقوق سلا، 2006-2007، ص 108.

[12]  امينة حراقة، اثر توسيع العضوية في الاتحاد الأوربي على الشراكة المغربية الأوربية د.د.ع.م كلية الحقوق سلا، 2009-2010، ص 137.

[13]  جدار الجيلالي، إشكالية العلاقات المغربية الأوربية في ظل سياسة الحوار الجديدة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام كلية الحقوق أكدال 2011-2012، ص 261.

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *