فعالية السياسة الضريبية في تحقيق التنمية المستدامة بالمغرب

فعالية السياسة الضريبية في تحقيق التنمية المستدامة بالمغرب

د.عبد الجبار المراكشي

باحث في القانون العام

أستاذ زائر بالكلية المتعددة التخصصات بالعرائش

تعد التنمية المستدامة مفهوما تنمويا شاملا وبديلا لمفاهيم سابقة أثبتت قصورها وأدت إلى التدهور البيئي الخطير الذي عرفته الكرة الأرضية، ويضم هذا المفهوم ثلاثة أبعاد رئيسية تتمثل في البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي والبعد البيئي.

إن الوصول إلى تحقيق هذا المفهوم على أرض الواقع والخروج من دائرة التخلف بشكل نهائي، يتأتى في المقام الأول عن طريق ترشيد وتفعيل أدوات السياسة الاقتصادية بشكل عام والسياسة الجبائية بشكل خاص بما يتماشى وأبعاد هذه التنمية، على اعتبار الأدوار التي تلعبها هذه السياسة في تحقيق مختلف أبعاد التنمية المستدامة، ابتداء بدورها المالي والاقتصادي والاجتماعي، وأن هذه الأدوار تتغير وتتطور وفقا لتطور النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للدولة، أي وفقا لتطور دور الدولة.

لقد بقي النظام الضريبي في المغرب، عمليا، مجالا لإصلاحات متواصلة، بحيث يتم إدخال تجديدات عليه مع كل قانون مالي جديد، وذلك بهدف خلق تحفيز اقتصادي جديد أو استجابة لمشاغل قطاع اقتصادي معين أو فئة اجتماعية معينة[1] . ومع مرور الزمن، فقد النظام شيئا فشيئا من وضوحه، مدعما بشكل كبير العقيدة الإدارية التي تحدد، عبر مذكرات الإدارة العامة للضرائب أو باقي منشوراتها، الطريقة التي ينبغي أن يؤول حسبها القانون.

ويعتبر النظام الضريبي المغربي الحالي، الذي يعد ثمرة لإصلاحات تتابعت في القرن العشرين وتسارعت وثيرتها في الثمانينات والتسعينات منه، نظاما حديثا شبيها بالأنظمة المعتمدة في الدول ذات الاقتصاد المفتوح. غير أنه يشكو رغم ذلك من أوجه نقص كبيرة.

ونجاح هذه الإصلاحات يتطلب دعم التماسك الاجتماعي وإرساء مناخ من الاستقرار. وينبغي من أجل ذلك العمل على تحقيق تنمية اقتصادية تتيح خلق ما يكفي من الثروات لضمان تنمية الطبقة الوسطى ورفع قدرتها الشرائية، ويؤمن في الآن نفسه تقدم نظام إعادة التوزيع والتضامن[2].

وبذلك تجد الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد نفسها في مفترق طرق. فالمغرب قد تبنى خيار انفتاح السوق، وهو مطالب بالتالي برفع تحدي الشغل والاستثمار، وتحدي الحفاظ على التنافسية الداخلية والخارجية لاقتصاده، والتحدي المتعلق بالاستعمال الجيد للإنفاق العمومي، وأخيرا التحدي الهام المتعلق بالحماية الاجتماعية والتضامن.

إن الإصلاح الضريبي الذي قام به المغرب لم تقتصر أهدافه على الجوانب المالية والاقتصادية والاجتماعية، بل تعدتها إلى الجانب البيئي، حيث تم بموجب القانون الإطار المتعلق بالميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة استحداث ضريبة بيئية تفرض على الأنشطة الملوثة والمستهلكة للموارد الطبيعية بمستوى أكبر.

أهمية الموضوع:

تتجلى أهمية هذا الموضوع، في أن فعالية السياسة الضريبية تكتسي قدرا كبيرا من الأهمية، فكلما كانت هذه السياسة فعالة كلما تحسنت المردودية المالية للجبايات بما يمكن من تمويل العملية التنموية في إطار السياسة الجهوية الجديدة، إضافة إلى الآثار الإيجايبة للسياسة الضريبية على مختلف أبعاد التنمية المستدامة الاقتصادية منها والاجتماعية والبيئية.

إشكالية الموضوع:

تتمحور الإشكالية الرئيسية لهذه الدراسة في السؤال الرئيسي التالي: ما مدى فعالية السياسة الضريبية في تحقيق التنمية المستدامة بالمغرب؟

تقودنا هذه الإشكالية الرئيسية إلى طرح مجموعة من الأسئلة الفرعية، وهي كالآتي:

كيف تساهم السياسة الضريبية في تحقيق مختلف أبعاد التنمية المستدامة؟

ما هي معالم الإصلاح الجبائي في المغرب؟

هل نجحت السياسة الجبائية في تحقيق الأهداف المسطرة لها؟

ما هي العوائق التي تواجهها السياسة الجبائية في المغرب؟

خطة البحث:

المبحث الأول: السياسة الضريبية وآثارها على التنمية المستدامة

المطلب الأول: طبيعة السياسة الضريبية وفعاليتها

المطلب الثاني: آثار وانعكاسات السياسة الضريبية على التنمية المستدامة

المبحث الثاني: مدى فعالية السياسة الضريبية في تحقيق التنمية المستدامة

المطلب الأول: فعالية السياسة الضريبية في تمويل ميزانية الدولة وتطوير الاقتصاد الوطني

المطلب الثاني: فعالية السياسة الضريبية في تحسين الواقع الاجتماعي والبيئي

المبحث الأول: السياسة الضريبية وآثارها على التنمية المستدامة

تلعب السياسة الضريبية دورا بالغ الأهمية في تحقيق التنمية المستدامة بمختلف أبعادها، ابتداء بدورها المالي والاقتصادي، كونها أهم مصدر لتمويل الخزينة العامة، وأداة لدعم النمو ومعالجة مختلف الاختلالات الاقتصادية، مرورا بمساهمتها في تحقيق البعد الاجتماعي للتنمية المستدامة من خلال المساهمة في تطوير آليات التضامن بما يرمي إلى تحقيق الفعالية والعدالة والإنصاف في المجال الاجتماعي.

المطلب الأول: طبيعة السياسة الضريبية وفعاليتها

إن رسم سياسة ضريبية تتسم بالفعالية يوجب الأخذ بعين الاعتبار العديد من المعايير لدى وضعها وتنفيذها.

الفقرة الأولى: طبيعة السياسة الضريبية

أولا: مفهوم السياسة الضريبية

يكاد يكون هناك اتفاق بين علماء المالية العامة على تعريف الضريبة، وما يمكن أن تسهم به في تحقيق أهداف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فعلى الرغم من تعدد التعاريف التي قيلت في تعريف الضريبة، فإن عناصر تعريف الضريبة تكاد أن تكون واحدة في مختلف هذه التعاريف.  فيمكن أن نعرف الضريبة بأنها “هي مبالغ نقدية تدفع بصورة دورية لتمويل النفقات العامة للدولة (الاقتصادية والسياسية والاجتماعية) وفقا للقوانين واللوائح والتعليمات التي تصدر بهذا الشأن وبشكل نهائي وبدون مقابل مباشرمتوقع[3]

وفي المقابل لم يتفق علماء المالية العامة على تعريف محدد للسياسة الضريبية، وإنما تعددت مفاهيم السياسة الضريبية تبعا لتعدد أهداف الضريبة ذاتها، ومع ذلك فقد اتفقوا على أن تواكب السياسة الضريبية التطورات التي يمر بها المجتمع في مختلف المجالات. وتعد السياسة الضريبية هي إحدى أدوات السياسة المالية التي هي إحدى أدوات السياسة الاقتصادية للدولة. وبصفة عامة، فإن السياسة الضريبية هي إحدى سياسات الدولة وأدواتها لتحقيق المصالح العليا للمجتمع في مختلف المجالات. وهو ما يقتضي ضرورة التنسيق بين السياسة الضريبية وكل من السياسة المالية والسياسة الاقتصادية.

وقد عرف البعض السياسة الضريبية على أنها ” مجموعة البرامج المتكاملة التي تخططها وتنفذها الدولة مستخدمة كافة مصادرها الضريبية الفعلية والمحتملة، لإحداث آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية مرغوبة، وتجنب آثار غير مرغوبة للمساهمة في تحقيق أهداف المجتمع”.[4]

ومن خلال هذا التعريف، يمكن استنتاج الخصائص التالية:

*أن السياسة الضريبية ينظر إليها على أنها مجموعة متكاملة من البرامج وليست مجموعة متناثرة من الإجراءات؛

* يسمح التعريف السابق للسياسة الضريبية بأن يمتد نطاقها ليشمل الإيرادات الضريبية الفعلية والمحتملة، وبذلك يمكن أن يمتد نطاق السياسة الضريبية ليشمل الحوافز الضريبية التي تمنحها الدولة لأنشطة اقتصادية معينة ترغب الدولة في تشجيعها؛

* أن هذا التعريف يوضح لنا أن السياسة الضريبية هي أداة من أدوات السياسة الاقتصادية العامة  التي تساهم في تحقيق أهداف المجتمع.

ثانيا: أدوات السياسة الضريبية

تعتمد السياسة الضريبية لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة على مجموعة من الأدوات التي أصبح يعبر عنها في الأدبيات الضريبية ” بالإنفاق الضريبي”، ويمكن تصنيف النفقات الضريبية إلى خمس مجموعات وهي كالآتي:

1- الإعفاءات الضريبية

وهي أحد أشكال الحوافز الضريبية التي تنصب على إيراد خاضع أصلا للضريبة، غير أن المشرع أعفاه من الضريبة بنص قانوني صريح، ويمكن أن يكون الإعفاء كليا أو جزئيا، دائما أو مؤقتا، وذلك لبلوغ هدف أو أهداف معينة يراها المشرع. وتعتبر الإعفاءات الضريبية المؤقتة من أكثر النفقات الضريبية استخداما في البلدان النامية.

2- التخفيضات المتعلقة بوعاء الضريبة

وتتمثل في تقرير معاملة ضريبية تفضيلية بتخفيض وعاء الضريبة، أي عدم سريان الضريبة على كامل الوعاء الخاضع للضريبة، وإنما على نسبة أو جزء منه.

3- الأسعار الضريبية المخفضة

ويقصد بها تخفيض أسعار الضريبة أو الضرائب على القطاع المرغوب تشجيعه مع إبقاء الأسعار ثابتة بالنسبة لباقي أوجه النشاط الاقتصادي الأخرى، أو ترفع على بعض أوجه النشاط، وتبقى ثابتة بالنسبة للبعض المراد تشجيعه[5]، فيزيد الاستثمار في المجالات الاقتصادية ذات السعر الضريبي المنخفض، وتقل الاستثمارات في المجالات ذات السعر الضريبي المرتفع، وهذا يعني أن السياسة الضريبية يمكن استخدامها في توجيه الاستثمارات إلى المجالات التي تتفق مع السياسة الاقتصادية للدولة.

4- تأجيل الضريبة

وذلك بإرجاء إدخال العائد في الوعاء، او تأخير استحقاق الضريبة أو دفعها، ويستخدم هذا النظام عادة لتشجيع المشروعات على إعادة استثمار الأرباح والعوائد، أو لتخصيص جزء من رأس المال لتمويل مشروعات اقتصادية أخرى[6].

5- القرض الضريبي

هو عبارة عن امتياز ضريبي يتعلق بفئة الممولين الذين يتمتعون بشروط خاصة، ويتمثل في تخفيض مبلغ الضريبة المدفوع أخذا بعين الاعتبار لقواعد الضريبة السارية المفعول، فيعمل القرض الضريبي على التخفيض من قيمة الضريبة المستحقة، وهو لا يمس قيمة المادة الخاضعة للضريبة، ولكنه يؤدي إلى تحقيق وفرات ضريبية.

الفقرة الثانية: فعالية السياسة الضريبية

إن فعالية السياسة الضريبية ترتبط بمدى فعالية النظام الضريبي الذي يعتبر ترجمة فنية لها، كما أن الوقوف على مدى تحقيقها للأهداف المسطرة لها يقود إلى تحكيم هذه السياسة على مجموعة من المؤشرات التي تمكن من قياس فعاليتها.

أولا: مفهوم فعالية السياسة الضريبية

توجد العديد من الإسهامات التي حاولت تعريف مصطلح الفعالية نذكر منها:

– تعريف الفعالية حسب ( بيتر دراكر ) : يعرف هذا الكاتب الفعالية على أنها ” عمل الأشياء الصحيحة” بينما عرف الكفاءة على أنها ” عمل الأشياء بشكل صحيح”[7]، فالفعالية تركز على النتائج بينما تتمحور الكفاءة على العمليات التي تحقق هذه النتائج.

– تعريف الفعالية حسب ( فانسن بلوشي ) : ينظر هذا الكاتب إلى الفعالية  على أنها القدرة على تحقيق النشاط المرتقب والوصول إلى النتائج المرتقبة.

ومن خلال ما سبق يمكن أن نخلص إلى أن الفعالية هي تلك العلاقة بين النتائج المحققة فعلا والنتائج المقدرة وذلك من خلال قياس الإنحراف، ويمكن القول على أن الفعالية يقصد بها بصفة عامة درجة تحقيق الأهداف وقدرة المنظمة على تحقيق الأهداف المسطرة طبقا لمعايير يتم تحديدها مسبقا. وبذلك يمكن وصف المنظمة التي تستطيع تحقيق أهدافها بأنها منظمة فعالة.

ثانيا: مفهوم فعالية السياسة الضريبية

ذهب البعض إلى تعريف الفعالية الضريبية بأنها ” التوفيق بين العدالة الضريبية التي تأخذ بعين الاعتبار مختلف الاعتباراتالاجتماعية و الفعالية الاقتصادية التي تمكن من تخفيض التشوهات الاقتصادية الناتجة عن فرض الضرائب”[8]، ويرى البعض الآخر على أن الفعالية الضريبية تتحقق بالاعتراف بمشروعيتها في مجتمع معين، فالضريبة الفعالة هيالضريبة التي تكون عادلة ، بحيث تتم معاملة دافعي الضرائب جميعا على أساس قواعد موحدة والرفع من شفافية الممارسات الضريبية.

وبناء على ماسبق، يمكن القول على أن  فعالية السياسة الضريبية تكمن في مدى تحقيق هذه السياسة لأهدافها،كما أن هذه الفعالية ترتبط بمدى فعالية النظام الضريبي الذي يعتبر ترجمة فنية للسياسة الضريبية.

المطلب الثاني: آثار وانعكاسات السياسة الضريبية على التنمية المستدامة

تلعب السياسة الضريبية دورا بالغ الأهمية في تحقيق التنمية المستدامة بكل أبعادها، المالية والاقتصادية والاجتماعية. ولذلك سنعرض في هذا المطلب لمختلف الأدوار التي تلعبها السياسة الضريبية في تحقيق التنمية المستدامة.

الفقرة الأولى: التأصيل النظري لمفهوم التنمية المستدامة

ظهر مفهوم التنمية المستدامة لأول مرة في تقرير اللجنة العالمية للبيئة و والتنمية والذي حمل عنوان مستقبلنا المشترك ونشر لأول مرة سنة 1987.

أولا: مفهوم التنمية المستدامة

جاء تعريف التنمية المستدامة للجنة العالمية للبيئة والتنمية في تقرير مستقبلنا المشترك كما يلي: ” التنمية المستدامة هي التنمية التي تسمح بتلبية حاجيات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية حاجياتهم”[9]

ويعرف البنك الدولي التنمية المستدامة على أنها” تلك التنمية التي تهتم بتحقيق التكافؤ المتصل الذي يضمن إتاحة نفس الفرص الحالية للأجيال القادمة، وذلك بضمان رأس المال الشامل أو زيادته المستمرة عبر الزمن”[10]

ويعرفها قاموس ويبستر على أنها ” تلك التنمية التي تستخدم الموارد الطبيعية دون أن تسنح باستنزافها أو تدميرها جزئيا أو كليا”.

وقد تعددت المقاربات والمداخل التي تناولت تعريف التنمية المستدامة، فهناك أكثر من 60 تعريفا لهذا النوع من التنمية، وتم تصنيف هذه التعاريف إلى تعريفات ذات طابع اقتصادي وتعريفات ذات اجتماعي وإنساني وتعريفات متعلقة بالجانب البيئي.

ومن خلال ما سبق، يمكننا القول أن التنمية المستدامة هي التنمية التي تحقق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والبيئية، التي تضمن تطور الكفاءة الاستخدامية للموارد وتزايد المقدرة الإنجازية في تلبية الحاجيات الحالية والمستقبلية.

ثانيا: أهداف التنمية المستدامة

أهداف التنمية المستدامة هي خطة لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع. وتتصدى هذه الأهداف للتحديات العالمية التي نواجهها، بما في ذلك التحديات المتعلقة بالفقر وعدم المساواة والمناخ وتدهور البيئة والازدهار والسلام والعدالة. وفضلا عن ترابط الأهداف، وللتأكد من ألا يتخلف أحد عن الركب، فمن المهم تحقيق كل هدف من الأهداف بحلول عام 2030. فكل هذه الأهداف بكيفية تحسين حياة الإنسان وتلبية جميع احتياجاته، وتتلخص أهم أهداف التنمية المستدامة[11] في الآتي:

1- تحقيق نوعية حياة أفضل: تحاول التنمية المستدامة عن طريق عملية التخطيط وتنفيذ السياسات التنموية تحسين نوعية حياة السكان في المجتمع اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا من خلال التركيز على الجوانب النوعية للنمو، لا الكمية وبصورة عادلة ومقبولة.

2- احترام البيئة الطبيعية: تحاول التنمية المستدامة الحفاظ على العلاقة بين أنشطة السكان والبيئة وتتعامل مع النظم الطبيعية ومحتواها على أنها أساس الحياة الإنسانية.

3- توعية السكان بالمشكلات البيئية: ويتم ذلك من خلال تنمية إحساس الأفراد بالمسؤولية اتجاه المشكلات البيئية، وحثهم على المشاركة الفاعلة في خلق الحلول المناسبة لها عن طريق مشاركتهم في إعداد برامج ومشروعات التنمية المستدامة وتنفيذها وتقييمها.

4- ترشيد الموارد الطبيعية: تتعامل التنمية المستدامة مع الموارد الطبيعية على أنها موارد محدودة، لذلكفهي تحول دون استنزافها أو تدميرها، وتعمل على استخدامها وتوظيفها بصورة عقلانية.

5- ربط التكنولوجيا الحديثة بما يخدم المجتمع: ويتحقق ذلك عن طريق توعية السكان بأهمية التكنولوجيا في تسريع عملية التنمية.

6- إحداث تغيير في حاجات وأولويات المجتمع: ويتم ذلك بطريقة تلائم إمكانيات المجتمع وتسمح بتحقيق التوازن الذي من خلاله يمكن تفعيل التنمية الاقتصادية و السيطرة على المشكلات البيئية، ووضع الحلول الملائمة لها.

المطلب الثاني: السياسة الضريبية وأبعاد التنمية المستدامة

من المؤكد أن للضريبية أبعاد متعددة ومتشعبة، ففي ظل المالية التقليدية كان الهدف من الضريبة هدفا ماليا بحتا، بمعنى أنه لا يترتب على فرضها أي أثر في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للأفراد. لكن مع تطور دور الدولة والمتمثل في التدخل في الحياة الاقتصادية بصورة فعالة تطورت أبعاد الضريبة.

الفقرة الأولى: السياسة الضريبية والبعد الاقتصادي للتنمية المستدامة

يحيل البعد الاقتصادي للضريبة على الوصول إلى حالة الاستقرار الاقتصادي، إذ أصبحت الضريبة في ظل الدولة الحديثة وسيلة للتأثير على المؤشرات الاقتصادية ( كالاستهلاك، والإنتاج والادخار والاستثمار) ، فهي تساهم بشكل واضح في تحقيق البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة.

أولا: تمويل نفقات الدولة

يرتبط الهدف المالي للضريبة بتغطيتها لحجم النفقات العمومية، وهو الهدف الوحيد للضريبة وفقا للفكر المالي، حيث أن ما تحققه الضريبة من أهداف اقتصادية واجتماعية لم تكن أهدافا مقصودة بحد ذاتها[12].وفي الوقت الذي نادى المفكرون التقليديون، بضرورة الاقتصاد في النفقات العامة من أجل تخفيف العبئ الضريبي على المجتمع، فقد نادى الكتاب المعاصرون بضرورة الاقتصاد في نفقات الجباية من أجل أن تكون حصيلة الضريبة التي تذهب إلى خزينة الدولة أكبر ما يمكن. ومن تم يعتبر الهدف المالي أحد الأهداف الرئيسية والهامة لأي ضريبة، فتأمين إيرادات دائمة من مصادر داخلية لخزينة الدولة، أحد غايات السلطات الحكومية، ومن هنا نشأت ” قاعدة وفرة حصيلة الضرائب” أي اتساع وعاء الضريبة بحيث يكون شاملا لجميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين مع الاقتصاد قدر الإمكان في نفقات الجباية، حيث يكون الإيراد الضريبي مرتفعا، وهذا ما نلاحظه في البلدان المتطورة حيث ترتفع نسبة الإيرادات الضريبية[13].

ويشار إلى أن الفكر المالي الحديث لا ينكر هدف الضريبة المالي الذي أصبح يكتسي أهمية كبرى مع زيادة حاجات الدولة واتساع نشاطها، إلا أنه يرفض فكرة حياد الضريبة لما لها من أثر على مختلف المتغيرات الاقتصادية منها والاجتماعية، لذا أضاف الفكر الحديث أهداف اقتصادية واجتماعية للضريبة.

ثانيا: تحقيق الاستقرار الاقتصادي

تحيل الأهداف الاقتصادية للضريبة على الوصول إل حالة الاستقرار الاقتصادي، إذ أصبحت الضريبة وسيلة للتأثير على المؤشرات والنواحي الاقتصادية كالاستثمار والاستهلاك والاستيراد والتصدير.. فالضريبة لا تقتطع دون انعكاسات على الاستهلاك والإنتاج والإدخار والاستثمار، وذلك باللجوء إلى استخدام الضريبة لتشجيع بعض النشاطات الإنتاجية، فكثيرة هي الدول التي استخدمت الضريبة كوسيلة لتشجيع قطاعات اقتصادية معينة مثل قطاع السياحة أو الصناعة أو الزراعة…. إلخ، فقامت بإعفاء تلك النشاطات من أي ضرائب بشكل دائم أو مؤقت سواء في الدول المتقدمة أو السائرة في طريق النمو من جهة. كما يتم استخدام الضريبة لمعالجة الركود الاقتصادي، لأن للدورات الاقتصادية رخاء وركود، باعتبارها سمة من سمات النظام الاقتصادي المعاصر، وهي الدورات التي لها تأثير سيء على الاقتصاد الوطني. ولذلك يتم اللجوء إلى الضريبة أو على الأقل إلى بعض أنواع الضرائب لمعالجة فترات الركود والانكماش، حيث يقل الشراء و الانكماش وتتكدس المنتجات، فتقوم الحكومات بزيادة القوة الشرائية لدى أفراد الشعب من ذوي الدخول المتدنية، وذلك بتخفيض معدل ضريبة الدخل في أجزائه الأولى ورفع الإعفاء الضريبي وزيادة الإعفاءات العائلية، وتخفيض معدلات الضرائب غير المباشرة، خصوصا تلك المتعلقة بالمواد الأساسية للمواطنين كالدقيق والحليب ومشتقاته… إلخ[14] .

الفقرة الثانية: السياسة الضريبية والبعد الاجتماعي للتنمية المستدامة

تساهم السياسة الضريبية بشكل كبير في تحقيق البعد الاجتماعي للتنمية المستدامة، فكما أن لها دورا كبيرا في التوزيع العادل للدخول، فإنها تعتبر من الأدوات الفعالة في التقليل من الفوارق الاجتماعية الموجودة بين مختلف الفئات. وتعتبر الضريبة أداة فعالة في تحقيق العدالة الاجتماعية، فهي تحاول الحد من الفوارق الاجتماعية بالحيلولة دون تكتل الثروات بأيدي القلة من أفراد المجتمع، ويتم ذلك بطرق متعددة منها فرض الثروات، أو فرض ضرائب عالية على السلع الكمالية عن طريق التصاعد في معدل الضريبة. ويمكن استخدام الضريبة أيضا في معالجة أزمات المجتمع، كحل أزمة السكن، فإذا فرضت ضريبة عالية على المساكن الشاغرة كليا أو جزئيا فإن ذلك يؤدي إلى دفع مالكيها إلى الإسراع في تأجيرها وإشغالها من أجل تفادي دفع ضرائب عالية، ويترتب على ذلك توفر خدمات السكن.

وإذا كانت الضريبة تساهم في تحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية فإنها تستعمل لتحقيق بعض الأهداف السياسية والثقافية.

تقوم الضريبة بمجموعة من الأهداف ذات الطبيعة السياسية على المستويين الداخلي والخارجي، حيث تعتبر الضريبة على المستوى الداخلي كأداة في يد السلطة الحاكمة أو بعض القوى الاجتماعية المسيطرة سياسيا في مواجهة الطبقات الاجتماعية الأخرى، وهي بذلك تحقق مصلحة القوى المسيطرة على حساب فئات الشعب. كما تستخدم الضريبة في الحد من تأثير طبقة اجتماعية معينة كطبقة ملاك الأراضي، كما أن إعفاء بعض الفئات الأخرى كالمحاربين القدامى أو تخفيض الضريبة على طبقات اجتماعية معينة يعتبر استعمالا للضريبة لأغراض سياسية. وعلى المستوى الخارجي، تشكل الضريبة أداة تستعملها الدولة من أجا تسهيل المعاملات التجارية مع بعض الدول عن طريق منع التسهيلات الجمركية كالإعفاءات وتقديم بعض الامتيازات الضريبية. كما يمكن للدولة استعمال الضريبة لمقاطعة منتجات وسلع دول أخرى، كرفع الرسوم الجمركية من اجل تحقيق أغراض سياسية.

وتستعمل الضريبة كذلك كأداة للمحافظة على التراث الثقافي للمجتمع وتثمينه، سواء بتمويلها للصناديق والبرامج الموضوعة لهذا الغرض أو بتقديم مزايا ضريبية للأنشطة التي تساهم في تحقيقه، مثل إقرار تخفيضات ضريبية على العوائد التي يعود جزء منها لتمويل مختلف الأنشطة الثقافية و إعفاء الدخول الناجمة عن أتعاب الأعمال الفنية وإعفاء المنجزات والأشغال الفنية والمواد الداخلة في الصناعة الثقافية من الضريبة على القيمة المضافة بغرض زيادة المقروئية والاهتمام بالفن.

الفقرة الثالثة: السياسة الضريبية والبعد البيئي للتنمية المستدامة

من بين أهم الأدوات التي تستعملها الحكومات للحد من التلوث البيئي الناجم عن النشاط الاقتصادي هي الضرائب الخضراء أو الجباية البيئية.

 وتعرف الجباية البيئية على أنها الضرائب والرسوم التي يتم فرضها ضد كافة الآثار السلبية على البيئة، ويعرفها البعض على أنها اقتطاع نقدي يرتكز وعاؤه على المواد والخدمات التي تشكل مخاطرا على البيئة أو على عملية استغلال الموارد الطبيعية.

فالجباية البيئية تشمل مختلف الضرائب والرسوم التي تفرضها السلطات العمومية على كافة الأشخاص الملوثين للبيئة، كما تشمل مختلف الإعفاءات والتحفيزات الجبائية الممنوحة للذين يستخدمون في أنشطتهم الاقتصادية المختلفة تقنيات إنتاجية مضرة بالبيئة، ويتم تحديد نسبة هذه الضرائب على أساس تقدير كمية ودرجة خطورة الانبعاثات المدمرة للبيئة، وقد سميت هذه الضريبة باسم الاقتصادي آرثر سيسيل بيغو[15] وتدعى الضرائب البيغوفية.

المبحث الثاني: مدى فعالية السياسة الضريبية في تحقيق التنمية المستدامة في المغرب

النظام الضريبي المغربي هو تعبير عن اندماج الدولة في في اقتصاد السوق العالمي ونتيجة لذلك الإندماج. وتاريخ الضرائب بالمغرب هو إلى حد بعيد تاريخ تطور الإدارة المركزية[16]، فالنظام الضريبي الذي كان يستند في بادئ الأمر إلى الأنساق التقليدية، مر بتغيرات مختلفة، ليعتمد بعد ذلك أنظمة أكثر حداثة خلال القرن العشرين، وينتهي بعد الإصلاح الضريبي لسنة 1984 إلى الهندسة الضريبية المعروفة اليوم[17].

وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود من الزمن على البدء في سلسلة من الإصلاحات الجذرية، نتساءل عن مدى نجاح السلطات العمومية في تحسين أداء النظام الضريبي ومدى تماشيه مع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة وتحقيقه لأهدافها.

المطلب الأول: فعالية السياسة الضريبية في تمويل ميزانية الدولة وتطوير الاقتصاد الوطني

يمكن تقييم فعالية السياسة الضريبية من خلال عدة جوانب أساسية ارتبطت بأهداف الإصلاح، والمتمثلة أساسا في رفع المردودية المالية، وكذا إضفاء نوع من التوازن بين مختلف الضرائب والرسوم، ومن أهداف السياسة الضريبية تشجيع الاستثمار وكذا ترشيد عملية الاستهلاك وتعبئة الادخار.

الفقرة الأولى: فعالية السياسة الضريبية في تمويل ميزانية الدولة

أولا: تقييم مردودية الضرائب والرسوم الرئيسية

يسعى الإصلاح الضريبي إلى تحقيق هدف أساسي يتمثل في تحسين المردودية المالية للضرائب والرسوم وكذا تحقيق التوازن بين مختلف هذه الضرائب.

1- الضريبة على الدخل

تفرض الضريبة على مداخيل العمل بالمغرب، مع بعض الاستثناءات القليلة، وفق الجدول التصاعدي الوارد بعده[18] :

المبلغ الواجب خصمهالنسبةأشطر الدخل ( بالدرهم)
السنويالشهري السنويالشهري
0.000.00معفى0 إلى 30.0000 إلى 2500
3000.00250.0010%30.001 إلى 50.0002501 إلى 4166.67
8000.00666.6720%50.001 إلى 60.0004167 إلى 5000
14000.001166.6730%60.001 إلى 80.0005001 إلى 6666.67
17200.001433.3334%80.001 إلى 180.0006667 إلى 15.000
24.4002033.3338%180.001 وما فوق15.000 وما فوق

المصدر: تركيب شخصي بناء على تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي: النظام الضريبي المغربي، التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المداخيل تخضع كذلك إلى الاقتطاعات من المنبع في مجال المساهمات الاجتماعية.

تفرض الضريبة على مداخيل وأرباح رأس المال التي يحققها أشخاص ذاتيون مقيمون برسم مداخيل وأرباح من مصادر مغربية وفق النسب التالية[19] :

 10 بالنسبة للربحيات؛% *

15 بالنسبة لزائد القيم عن تفويت أسهم الشركات المسومة بالبورصة؛%*

20 بالنسبة لزائد القيم عن تفويت أسهم الشركات غير المسومة بالبورصة؛%*

20 بالنسبة لزائد القيم عن تفويت سندات الاقتراض وسندات الديون ؛%*

30 بالنسبة للفوائد المقبوضة؛%*

20 بالنسبة للأرباح العقارية ( مع مساهمة دنيا تبلغ 3 بالمائة من ثمن البيع )؛%*

* تطبيق الجدول بالنسبة للمداخيل العقارية.

يتبين من خلال ما سبق أن نسب الضريبة الاسمية لمداخيل رأس المال هي عموما أقل أهمية من تلك المطبقة على مداخيل العمل الخاضعة لنسبة هامشية تبلغ 38 بالمائة ابتداء من دخل سنوي خاضع للضريبة يتجاوز 180.000 درهم.

ويظهر توزيع المداخيل المترتبة عن الضريبة على الدخل بين الأجراء والخاضعين الآخرين للضريبة، تركز التحمل الضريبي على الأجراء من دون أن تتم البرهنة مع ذلك على أن المداخيل التي تتم جبايتها من الأجراء هي أكثر أهمية من المداخيل والأرباح التي يحققها الخاضعون الآخرون للضريبة. ويترتب عن ذلك تفاقم الضغط الضريبي النسبي الذي لا ينجم عن القواعد الضريبية وإنما عن السلوكات وعن تطبيق تلك القواعد[20].

وقد تمت بالفعل ملاحظة أنه إذا كانت الضريبة تفرض على مداخيل العمل عن طريق الاحتجاز في المنبع التي تحد من إمكانيات بلوغ أفضل النتائج والتملص، فإن أصحاب المداخيل الكبرى – خصوصا المهنيون منهم- يتوفرون على مجال واسع لتحديد مستوى الضريبة المفروضة عليهم. وهو أمر لا ينبغي أن يغيب عنا في أي تحليل مقارن للضغط الضريبي على مداخيل العمل وعلى المداخيل الأخرى.

ولتصحيح هذه الوضعية يتعين اتخاذ إجراءات عملية تهدف إلى توسيع وعاء الضريبة على الدخل، وتوضيح النظام الضريبي لمختلف التعويضات الممنوحة وجعله منسجما مع النظام المطبق لحساب المساهمات الاجتماعية، وكذا احتساب حصص الضريبة على الدخل في ارتباط مع نسب التضخم والرفع تدريجيا من الشريحة المعفاة من الضريبة على الدخل، بالإضافة إلى تشجيع أصحاب المهن الحرة على أداء الضريبة على الدخل.

2- الضريبة على القيمة المضافة

تتميز الضريبة على القيمة المضافة بكونها أول ضريبة تمت بلورتها، بعد المصادقة على قانون الإطار للإصلاح الضريبي لسنة 1984،حيث حلت محل الضريبة على رقم المعاملات. والضريبة على القيمة المضافة هي حاضرة في كل المعاملات تقريبا، في كل شراء وفي كل بيع. وهي تشغل الرتبة الأولى في المداخيل الضريبية العامة، أي 20.88 بالمائة سنة 2011 مقابل 22.21 بالمائة سنة 2010. كما أنها تشغل الرتبة الأولى على مستوى النفقات الضريبية، أي 41.3 بالمائة سنة 2011 مقابل 46.2 بالمائة سنة [21]2010.

تعد الضريبة على القيمة المضافة ضريبة غير مباشرة حسب التعريف الكلاسيكي من حيث تحملها من طرف المستهلك، حيث تطبق أثناء إنفاق الدخل لا أثناء اكتسابه. وهي ضريبة عامة، بحيث تطبق على كل السلع والخدمات المنجزة بالمغرب، بحيث تطبق على كل قطاعات الإنتاج والتسويق وتخصم على جميع مراحل العمليات الخاضعة.

لكن تطبيقها في المغرب وعدم شمولها لكل القطاعات ومحدودية قاعدة الخصم يؤثر على طابع الحياد، بحيث تطبق في بعض الحالات كضريبة على رقم الأعمال[22]، وهي حالة قطاع الصناعة الغذائية – الفلاحية على وجه الخصوص .

في فرنسا، تخضع المنتوجات الغذائية لضريبة على القيمة المضافة ذات نسبة منخفضة. ذلك أنها تعتبر بالفعل بمثابة منتوجات تدخل في نطاق ضروريات الحياة[23]

يأتي غياب الحياد كذلك من الإعفاءات بدون حق في الانتقاص الموجود منذ إحداث الضريبة على القيمة المضافة التي كانت مرفوقة بقائمة للمواد والعمليات التي تعتبر معفاة بدون حق في الانتقاص[24]

3- الضريبة على الشركات

تطبق الضريبة على الشركات على مجموع الحاصلات والأرباح المحصل عليها من قبل الشركات، وغيرها من الأشخاص المعنويين المنصوص عليهم بهذه الصفة في القانون، كما هو الحال بالنسبة للمؤسسات العمومية، والجمعيات والهيئات المعتبرة في حكمها، والصناديق المحدثة بالقانون، ومراكز التنسيق التابعة للشركات غير المقيمة أو المجموعات.

وتعد الضريبة على الشركات هي ثاني ضريبة تم تطبيقها في إطار توصيات قانون الإطار لسنة 1984 بعد الضريبة على القيمة المضافة، حيث تمت المصادقة على قانونها رقم 24-86 بظهير 31 دجنبر 1986 وعرفت عدة تعديلات متوالية منذ بداية تطبيقها إلى غاية دمجها في كتاب الوعاء والتحصيل بقانون مالية 2006، ثم أخيرا انصهارها في المدونة العامة للضرائب منذ 2007.

عرف سعر الضريبة على الشركات انخفاضا مستمرا منذ إحداث هذه الضريبة سنة 1987 حيث كان سعرها يبلغ % 45وانخفض إلى 30%و ابتداء من سنة 2018 أصبحت الضريبة على الشركات تحتسب بناء على الأسعار التصاعدية التالية: 10% إذا كان مبلغ الربح الصافي يساوي أو يقل عن 300.000 درهم و20% إذا كان مبلغ الربح الصافي يتراوح بين 301.000 و 1.000.000 و 31% إذا كان مبلغ الربح الصافي يفوق 1.000.000.

وبالموازاة مع ذلك تضمنت الضريبة على الشركات سعرا استثنائيا كان يبلغ 39.6% ثم انخفض إلى 37%طبق على مؤسسات الائتمان والهيآت المشابهة وبنك المغرب، وصندوق الإيداع والتدبير وشركات التأمين وإعادة التأمين.

4- رسوم التسجيل التنبر والمساهمات الأخرى

تعتبر واجبات التسجيل والتمبر إلى جانب الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة، بمثابة المنشأة القوية التي يرتكز عليها النظام الضريبي المغربي الحالي، نظرا لمساهمتها الكبيرة في الرفع من الموارد العامة وتأثر هذه الأخيرة بكل تغيير أو تعديل قد يمسها سواء بالزيادة أو النقصان[25]

وقد تم تنظيم أحكام ضريبة التسجيل في المواد من 126 إلى 143 من المدونة العامة للضرائب، والمواد من 258 إلى 249 أصناف العقود والاتفاقات الخاضعة لواجبات التسجيل والتمبر وكذلك القواعد الخاصة بوعاء وتصفية وتحصيل هذا النوع من الواجبات والحقوق.

ويرجع أول ظهور لواجبات التسجيل بالمغرب إلى سنة 1906 وهو تاريخ إبرام اتفاقية الجزيرة الخضراء التي نصت في مادتها 65 على إنشاء واجب للخزينة على التفويتات قدره 2%. ولم يصدر القانون الأساسي لهذه الضريبة إلا بموجب ظهير 11 مارس 1915، كما شهد هذا القانون عدة تعديلات وإضافات على امتداد فترة الحماية وبعد الاستقلال، بواسطة القوانين المالية السنوية، والقوانين المعدلة لها، وقوانين الاستثمارات، والمعاهدات الدولية ذات الصلة بمجال التسجيل والمصادق عليها من طرف المغرب. ومع استكمال تدوين النصوص ذات الصلة إلى أن تم جمع هذه النصوص وملائمتها مع باقي مكونات المنظومة الجبائية بمقتضى قانون مالية 2004، ثم إدماجها في كتاب الوعاء والتحصيل ( 2006) ثم الإندماج النهائي بالمدونة العامة للضرائب ( 2007). غير أنه لا يزال الشعور قائما حتى اليوم لدى عموم دافعي الضرائب بأن رسوم التسجيل من الرسوم المعقدة والصعبة الاستيعاب، زيادة على أنها كانت تشكل كتلة مستقلة من الرسوم تدبر بمعزل عن باقي مكونات النظام الجبائي إلى غاية الإصلاح الشامل لسنة 2004، كما أنه ما يزيد من غموضية هذه الرسوم رغم تعدد أهدافها واتساع حجم المخاطبين بأحكامها ودقة شكلياتها، ندرة البحث بحيث لم تحظ بأية دراسة شمولية متخصصة على يد باحثين مغاربة[26].

ثانيا: تقييم مردودية الجبائيات المحلية

إن الجماعات الترابية مدعوة إلى تحمل مسؤوليات كبرى في مجال التنمية المحلية وتلبية حاجيات المواطنين والمقاولات. ويمر تحقيق هذه الهدف عبر تعبئة موارد مالية دائمة[27]

وتتمثل المداخيل الجبائية للجماعات ما بين سنتي 2012 و 2014، بما في ذلك حصتها الضريبة على القيمة المضافة المحولة إليها من طرف الدولة، فيما يلي:

جدول * منتوج الرسوم والواجبات المستحقة لفائدة الجماعات 2012-2014

مليون درهم

201420132012التسمية
8.63810.1888.487الجبايات المحلية (1)=(2)+(3)
4.6895.8154.597الرسوم المحلية المدبرة من طرف الدولة (2)
3.9494.3733.890الرسوم والأتاوى المحلية المدبرة مباشرة من طرف الجماعات (3)=(4)+(5)
2.3002.7332.375الرسومالمحلية المدبرة مباشرة من طرف الجماعات (3)
1.6491.6411.515الأتاوى المستحقة لفائدة الجماعات (5)
11.59411.77210.852حصة الجماعات في منتوج الضريبة على القيمة المضافة (6)
20.23221.97019.339مجموع الموارد الجبائية(7) = (6)+(1)

المصدر: تركيب شخصي بناء على تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول الجبايات المحلية، 2015.

تنظم الجبائيات المحلية بقانون يسمى بالقانون المتعلق بجبائيات الجماعات المحلية، وهو يعدد 17 ضريبة خصوصية موزعة بين الجماعات ( 11 ضريبة خصوصية) و العمالات والأقاليم ( 3 ضرائب خصوصية ) و الجهات ( 3 ضرائب خصوصية ).

تتوفر بعض الهيئات المحلية، بالنسبة لبعض الضرائب الخاصة، على حرية تحديد التسعيرة في إطار جدول يحدده القانون.

بالنسبة للتحصيل تستمر إدارة الضرائب في تدبير وتحصيل 3 ضرائب لحساب الجماعات، ويتعلق الأمر بالضريبة الخاصة المهنية والضريبة الخاصة على السكن والضريبة الخاصة على الخدمات الجماعية[28]. وبما أن الجبائيات المحلية هي مادة سياسية، فإن إصلاحها يجب أن يكون موضوع دراسة معمقة في إطار مشروع الجهوية.

الفقرة الثانية: فعالية السياسة الضريبية في تطوير الاقتصاد الوطني

إن من أهم أهداف السياسة الضريبية، تشجيع الاستثمار سواء المحلي منه أو الأجنبي و دعم القطاعات الاقتصادية، خاصة قطاعات الفلاحة والسياحة والطاقات المتجددة، وكذا ترشيد عملية الاستهلاك وتعبئة الادخار المحلي ودعم الصادرات.

أولا: السياسة الضريبية وتشجيع الاستثمار

يشتكي الفاعلون الاقتصاديون كثيرا من نظام تدبير الضريبة على القيمة المضافة، بحيث لا تطبق هذه الضرائب على جوانب كبيرة من النشاط الاقتصادي. فالكثير من سلسلات الإنتاج والتوزيع يبقى خارج مجال الضرائب، مما يزيد من ثقل العبء الذي يتحمله القطاع المهيكل، وتتحمله لا سيما المقاولات الأكثر شفافية[29]

ومن جانب آخر فإن الجداول المطبقة على بعض الضرائب غير شفافة بما فيه الكفاية، وكثيرا ما تترك لتقدير أعوان الضرائب، وهو ما ينجم عنه شعور عام بكون النظام غير منصف ولا عادل. هذا هو الوضع في كل القطاعات التي تتمتع المراحل القبلية فيها بإعفاء ضريبي، وخصوصا منها قطاع الصناعات الغذائية، الذي يجد نفسه، في غياب ضريبة على القيمة المضافة يتم اقتطاعها، مجبرا على أداء الضريبة على القيمة المضافة لا فحسب على القيمة التي يخلقها، بل وكذلك على القيمة التي يحققها مزودوه[30].

والشيء نفسه يصدق في حق قطاعات أخرى، مثل قطاع تربية الدواجن، حيث يؤدي أصحاب هذا القطاع ضريبة على القيمة المضافة عند الشراء أكبر من مثيلتها عند البيع وذلك بسبب اختلاف النسب. وينتج عن ذلك دين متخلف عن الضريبة على القيمة المضافة يبلغ بالنسبة إلى قطاع ما يناهز 800 مليون درهم، تبقى كلها على حساب القيمة المضافة المستقبلية، فلا يمكن بالتالي استرجاعها ولا اعتبارها عبئا يحمل على محمل الأسعار. هذه الأموال المجمدة تمنع القطاع من الاستثمار والتحديث، مع الإفضاء في النهاية إلى منتجات غير تنافسية قياسا إلى المعايير الدولية.

من جهة أخرى، ينبغي العمل على إضفاء مزيد من الوضوح على الضريبة على الشركات، فبقدر ما هو مشروع أن يطلب تطبيق قواعد عامة على الجميع، بقدر ما يبدو من باب الوهم محو الخصوصيات التي تختص بها كل مهنة، بالإعتقاد أن هذا لن تكون له أي آثار على الاستثمار.

ثانيا: أثر السياسة الضريبية على تحفيز الادخار وترشيد الاستهلاك

حاول واضعو السياسة المالية والضريبية على مدى السنوات الماضية من خلال السياسة الضريبية ترشيد عملية الاستهلاك وتعبئة الإدخار وذلك من أجل تحقيق وفرات مالية من شأنها تكوين رؤوس أموال توجه إلى الاستثمار.

1- أثر السياسة الضريبية على تحفيز الادخار

يختلف أثر الضرائب في الادخار بحسب نوع الادخار، فالضرائب التي تصيب مصادر الادخار، والضرائب على المال، والضرائب على الأرباح، مثل الضريبة على التركات والضريبة على زيادة القيمة… وغيرها، أي الضرائب المباشرة عموما، تضر بالادخار بصورة أكبر من الضرائب غير المباشرة، خاصة إذا تعلقت بالفئات ذات الدخول المرتفعة التي تخصص جزء كبير من دخلها للادخار[31]. كما أن ارتفاع سعر الضريبة يدفع بالمشروعات إلى التهرب من الضريبة باستخدام الطرق المشروعة وغير المشروعة، مما يفقد الدولة حصيلة ضريبية على جانب كبير من الأهمية.

2- أثر السياسة الضريبية على الاستهلاك

تؤثر الضرائب بصورة مباشرة على مقدار دخل الملزمين بها بالنقصان، ويتحدد ذلك بحسب سعر الضريبة. فكلما كان السعر مرتفعا كلما كان تأثيره على مقدار الدخل أكبر والعكس صحيح. ويترتب على ذلك، أن يتأثر حجم ما يستهلكونه من سلع وخدمات من خلال أثره، أي سعر الضريبة، على مستوى الأثمان، فالملزمون، وخاصة ذوو الدخول المحدودة والمتوسطة، يقل دخلهم مما يدفعهم إلى التضحية ببعض السلع والخدمات، وخاصة الكمالية منها، وبالتالي يقل الطلب عليها، وتميل اثمانها نحو الانخفاض[32].

ويتوقف أثر الضرائب على الاستهلاك على خطة الدولة في استخدام الحصيلة الضريبية، فإذا جمدت الدولة حصيلة الضريبة، فإن الاستهلاك يتجه نحو النقصان، أما إذا ما استخدمت الدولة هذه الحصيلة في طلب بعض السلع والخدمات، فإن نقص الاستهلاك من جانب الأفراد يكون نتيجة فرض الضريبة، يعوضه زيادة الاستهلاك الذي يحدثه إنفاق الدولة[33].

المطلب الثاني: أثر السياسة الضريبية على تحسين الواقع الاجتماعي وحماية البيئة

الفقرة الأولى: أثر السياسة الضريبية على تحسين الواقع الاجتماعي

أولا: عدالة السياسة الضريبية ومدى فعاليتها في توزيع العبء الضريبي وحماية القدرة الشرائية

تعتبر العدالة القاعدة الأولى التي يجب أن يأخذها المشرع الضريبي بعين الاعتبار عند وضعه للقوانين الضريبية، وهي تعني وجوب توزيع الأعباء العامة بين المواطنين بكيفية عادلة، فتفرض عليهم الضرائب وفقا لذلك[34].

لقد أصبح توسيع القاعدة الضريبية مسألة عدالة وإنصاف بقدر ما هو مسألة مداخيل للدولة وضغط ضريبي على دافعي الضرائب. فرفض دفع الضرائب، أو على الأقل الشعور بأنها مرتفعة جدا، لا يعود إلى مقدار الضريبة في حد ذاتها بقدر ما يعود إلى الشعور بأن الناس لا تؤدي ضرائبها بالطريقة ذاتها، وأن قسمة الاعباء الضريبية ليست عادلة[35].

ولعل القطاع الذي يشهد أكبر عدد من حالات الإحساس بالظلم هو قطاع العقار. فبالنسبة إلى ممتلكات عقارية متشابهة أو موجودة في منطقة واحدة، يشعر المواطنون بأن هناك فرقا في المعاملة في ما يتعلق بالضريبة على الأرباح العقارية وعمليات التقويم الخاصة بواجبات التسجيل وقيمة ضريبة السكن الواجب أداؤها.

ويعمل غياب الشفافية في الجداول المطبقة من قبل الإدارة الضريبية على تغذية ذلك الشعور بالظلم وانعدام المساواة[36].

وفي ما يخص الضريبة على الدخل، لا جدال اليوم في أن أصحاب المهن الحرة، ومثلهم التجار والوسطاء، وكل من لهم دخل إضافي غير أجورهم، لا يتحملون العبء الضريبي الذي يتحمله الأجراء.

ولذلك لابد من مجهود يفضي إلى تحقيق التوازن، وهذا يقتضي اعتماد مراقبة أكثر صرامة واتخاذ تدابير تحفيزية. كما أنه يتوجب ربط حصص الضريبة على الدخل بنسب التضخم، من أجل تفادي تآكل القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة بسبب ارتفاع كلفة المعيشة.

ثانيا: فعالية السياسة الضريبية في تفادي الضغط على الأجور

يبلغ الضغط الضريبي اليوم ما مقداره 22% بالنسبة إلى الأجور القريبة من الحد الأدنى للأجر، ويرتفع إلى ما قدره 45% بالنسبة إلى الأجور العليا. وإذا أردنا للمغرب أن يبقى داخل دائرة المنافسة الدولية دون أن يؤثر ذلك سلبا في الأجر الصافي المدفوع للعاملين، فإن من الضروري العمل على الحيلولة دون تجاوز الضغط الاجتماعي و الضريبي حدوده الحالية، مع العمل على دراسة وإحداث سبل لتمويل التغطية الاجتماعية[37].

الفقرة الثانية: فعالية السياسة الضريبية في حماية البيئة

تعد المشكلات البيئية من أكثر المشكلات إلحاحا في الوقت الحاضر، نظرا لتفاقمها السريع وتضاعف نتائجها، وأيضا بالنظر إلى تعقيدها وتصاعد حدة آثارها؛ إذ تمتد لتشمل مختلف أوجه الحياة الإنسانية متجاوزة بذلك الحدود السياسية للدول، ومن ثمَّ انشغلت جميع الدول بالمشكلات البيئية، وانعقد من أجلها العديد من المؤتمرات المحلية والدولية بهدف التوصل إلى أهم الآليات والسياسات، وكذلك التشريعات القانونية الكفيلة بحماية البيئة والثروات الطبيعية، ومن هذه الآليات: الآليات القانونية، مثل إصدار القوانين واللوائح المتعلقة بحماية البيئة، والآليات الاقتصادية، ومنها: السياسة الضريبية متمثلة في الضريبة البيئية[38] ومنح إعفاءات وحوافز ضريبية.

والمغرب بدوره اهتم بموضوع البيئة واعتمد مقاربة قانونية مندمجة ترتكز على تدخل الدولة في تدبير المخاطر البيئية والسهر على احترام المجال البيئي وحمايته والحفاظ عليه، وقد وضع لأجل ذلك مجموعة من النصوص القانونية[39] المتعلقة بحماية الطبيعة من الأضرار والمحافظة على صحة وسلامة المواطنين. ولعل مشروع الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة سيشكل المادة القانونية لهذا المفهوم في مرحلته الأولية بالنسبة للتجربة التشريعية المغربية، ويعتبر هذا الميثاق نقلة نوعية على هذه النصوص في مجال تحديد مبادئ وقيم التنمية المستدامة وأركانها القائمة على الرقي الاجتماعي والمحافظة على البيئة والتراث الطبيعي والثقافي، والتشجيع على تبادل الوسائل، والولوج إلى المعلومات من خلال البحث العلمي في مجال البيئة و التنمية.

ويتوفر المغرب اليوم على الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030، و هذهالإستراتيجية تتوخى تحقيق الانتقال التدريجي للمغرب نحو الاقتصاد الأخضر من خلال أخذ الرهانات البيئية بعين الاعتبار، والعمل على ضمان التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي وتعزيز مستدام للتنافسية الاقتصادية. ولتحقيق هذا الهدف ، تم تحديد سبعة رهانات أساسية كبرى، كما تم تحديد المحاور الاستراتيجية لكل رهان، والتي بلغت في مجملها 31 محورا استراتيجيا لها أهدافها وإجراءاتها ومشاريعها، كما ترمي على الخصوص إلى تمتين الحكامة والتنمية المستدامة، وتعزيز الإطار المؤسساتي للتنمية المستدامة، ودور الاطار القانوني والفاعلين واليات المراقبة، بالإضافة إلى تمتين الآليات الاقتصادية والمالية ووضع سياسة جبائية للنجاعة البيئية.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الاستراتيجية تمكن من تعزيز الترسانة القانونية البيئية التي جاء بها دستور 2011[40] الذي نص على التنمية المستدامة باعتبارها حقا لجميع المواطنين، ووضع آليات جديدة للحكامة الديمقراطية، علاوة على الشروط الضرورية لإرساء أسس التنمية المستدامة بالمملكة.

و في إطار ربط حماية البيئةبالسياسةالضريبيةوضع المشرع الضريبي المغربي لائحة اقتطاعات ضريبية ترتبط بحماية البيئة لتشمل مجالات الماء والطاقة والنقل و النفايات والتي تعد تعبيرا عن سياسة بيئية بدل أن يكون الهدف هو مجرد تحصيل موارد لفائدة الخزينة العامة للدولة.

الخاتمة

في الختام نخلص إلى القول أن السياسة الضريبية تساهم بشكل فعال في تحقيق مختلف أبعاد التنمية المستدامة، فكما أنها تعتبر المصدر الرئيسي لتمويل النفقات العامة للدولة، فإنها تلعب دورا هاما في تحقيق النمو الاقتصادي ومعالجة مختلف الاختلالات الاقتصادية، إضافة إلى مساهمتها في التوزيع العادل للدخول ورفع القدرة الشرائية للطبقات الأقل دخلا، وكذا حماية البيئة والحد من التلوث.

ورغم الإجراءات الضريبية التي اتخذتها السلطات العمومية بالمغرب بهدف تشجيع الاستثمار وتحفيز بعض القطاعات ذات الأولوية مثل الفلاحة والسياحة إضافة إلى تعبئة الادخار ودعم الصادرات، إلا أن هذه الإجراءات المتمثلة أساسا في منح إعفاءات وتخفيضات مؤقتة لم تكن ذات جدوى في النهوض بالاقتصاد الوطني، وهو ما يدل على عدم فعالية السياسة الضريبية في تحقيق البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة.

فالسياسة الضريبية بالمغرب تتسم باللاعدالة، فأصحاب المداخيل المحدودة (الأجراءوالموظفون) يساهمون بالقسط الأوفر من الحصيلة الضريبية، بالإضافة إلى التفاوت الكبير في توزيع الدخل بين مختلف فئات المجتمع وبالتالي تدهور القدرة الشرائية للمواطن.

ورغم استحداث المغرب بعض الضرائب البيئية من خلال مختلف قوانين المالية، إلا أن هذه الضرائب ليست ذات مردودية وغير فعالة في الحد من التلوث، فكل المؤشرات تدل على تدهور البيئة، بما يوكد عدم فعالية السياسة الضريبية في الحد من التلوث وتوفير موارد مالية لمواجهة آثاره السلبية.


 النظام الضريبي المغربي: التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي، تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، إحالة ذاتية رقم 9/2012 ص: 21[1]

 نفس المرجع، ص: 48[2]

عبد الجواد نايف، اقتصاديات المالية العامة والسياسة المالية، مطبعة الجامعة، بغداد ، 1967.[3]

[4]  سعيد عبد العزيز عثمان، النظم الضريبية ” مدخل تحليل مقارن” ، الدار الجامعية، الاسكندرية، 2004، ص: 14.

 عبد الحفيظ عبد الله عيد ” المالية العامة”، دار النهضة العربية، القاهرة، بدون سنة نشر، ص: 259. [5]

أحمد شرف الدين ” اتجاهات السياسة الضريبية وأثرها على الاستثمار”، كتاب الأهرام الاقتصادي، العدد 20 شهر أكتوبر 1989، القاهرة ص:21.[6]

 سعد العنزي و يعرب عدنان السعيدي و أحمد نزار النوري ” فاعلية المنظمة في فلسفة أبرز منظري الفكر الإداري” المجلد 15، العدد 53، العراق 2009، ص: 4.[7]

[8]Bernard Salanié, The Economics of Taxation, translation by the Massachusetts Institute of Technology , The MIT Press, Cambridge, Massachusetts, United States Of America, 2003, p. 79, Is available on the site : www.f3.tiera.ru/…Economics/ on 10/05/2013

[9]Corinne Gendron, Le développement durable comme compromis, Presses de l’Université du Québec, Canada, 2006 p.166, disponible sur le site : www.entrepotnumerique.com/o/7/p/40/excerp,

Consulté le 15/06/2013

دوجلاس موسيشيت، مبادئ التنمية المستدامة، ترجمة بهاء شاهين، الطبعة الأولى، الدار الدولية للاستثمارات الثقافية، القاهرة، 2000، ص: 13.[10]

عثمان محمد غنيم و ماجدة أحمد أبو الزنط ” التنمية المستديمة ( فلسفتها وأساليب تخطيطها وأدوات قياسها )، الطبعة الأولى، دار الصفاء للنشر والتوزيع، عمان، 2007، ص: 29-30.[11]

 كريم لحرش ” تديبر المالية العامة بالمغرب” مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2018، ص: 72.[12]

 نفس المرجع السابق، ص: 73.[13]

 نفس المرجع السابق، ص: 73[14]

 آرثر سيسيل بيغو ( 1877- 1957 )، اقتصادي بريطاني اشتهر يرجع له الفضل في ظهور الضرائب البيئية.[15]

النظام الضريبي المغربي: التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي…. مرجع سابق، ص: 16.[16]

 نفس المرجع السابق، ص: 47.[17]

 نفس المرجع، ص: 119.[18]

النظام الضريبي المغربي: التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي…. مرجع سابقص: 116.[19]

النظام الضريبي المغربي: التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي…. مرجع سابق، ص: 123.[20]

انفس المرجع أعلاه، ص: 124. [21]

 محمد شكيري ” القانون الضريبي المغربي” الجزء الأول، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب، 2016،ص: 179.[22]

النظام الضريبي المغربي: التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي…. مرجع سابق ،ص:126[23]

 نفس المرجع، ص: 126.[24]

 محمد شكيري ” القانون الضريبي المغربي” مرجع سابق، ص: 205[25]

 نفس المرجع السابق، ص: 207.[26]

 تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول الجبايات المحلية، 2015، ص: 9.[27]

النظام الضريبي المغربي: التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي…. مرجع سابق، ص: 137.[28]

 نفس المرجع السابق، ص: 23.[29]

 نفس المرجع السابق، ص: 24.[30]

كريم لحرش ” تدبير الميزانية العامة…، مرجع سابق، ص: 100[31]

 نفس المرجع السابق، ص: 99[32]

 حماد حميدي ” المالية العامة”، مطبعة بني ازناسن، سلا، الطبعة الأولى، 2000، ص: 279.[33]

 كريم الحرش ” تدبير المالية العامة….”، مرجع سابق، ص: 70.[34]

النظام الضريبي المغربي: التنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي…. مرجع سابق، ص: 156.[35]

 نفس المرجع السابق.[36]

 نفس المرجع السابق، ص: 161.[37]

  39تعرف الجباية البيئية على أنها نوع من الأدوات الاقتصادية لمعالجة المشاكل البيئية، وهي مصممة لاستيعاب التكاليف البيئية وتوفير حوافز اقتصادية للأشخاص والشركات لتعزيز الأنشطة المستدامة بيئيا.

كالقانون رقم 10.95 المتعلق بالماء المعدل في 2016 بقانون 36.15، والقانون رقم 08.01 المنظم لاستغلال المقالع، والقانون رقم 11.03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة، والقانون رقم 12.03 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة، والقانون رقم 13.03 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء، والقانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها[39]

الفصل 31 والفصل 71 و الفصل  151 من الدستور ل 29  يوليوز2011[40]

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *