إشكالية الحجز على أموال الدولة وممتلكاتها في ضوء المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020

إشكالية الحجز على أموال الدولة وممتلكاتها في ضوء المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020

The problem of seizure of state funds and property in light of Article 9 of the Finance Law for the year 2020

وفاء عمارة 

 باحثة في سلك الدكتوراه قوانين التجارة والأعمال بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-جامعة محمد لأول وجدة

Ouafae Amara                        [email protected]

PhD student in Commerce Laws and Business Faculty of Economic and Social Legal Sciences-

University Mohammed first Oujda

يكتسي موضوع الحجز على أموال الدولة وممتلكاتها أهمية قصوى في إطار القانون الإداري، وليس بخاف الأهمية التي تنطوي عليها هذه الوسيلة القضائية لضمان تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة، لا سيما في الحالة التي تمتنع فيها الإدارة عن تنفيذ أحكام قضائية حازت حجية الأمر المقضي به.

وفي هذا السياق، تأتي هذه المقالة لتقارب إشكالية الحجز على أموال الدولة وممتلكاتها في ضوء مستجدات المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 من خلال تحليل أحكامها الجديدة وما تضمنته من تغييرات قانونية نوعية، تمنع الحجز على أموال الدولة وممتلكاتها، وذلك ارتكازا على النقاش الفقهي والقانوني الذي رافق هذا الموضوع في إطار القانون الإداري وفي سياق الاجتهاد القضائي المغربي.

الكلمات المفاتيح: الحجز على أموال الدولة وممتلكاتها- تنفيذ الأحكام الإدارية- الملكية العقارية- المادة 9 من قانون المالية

The seizure of state funds and property is a subject that has great importance in administrative law.  Thus, this judicial means has a significant role in ensuring the enforcement of judicial decisions against the administration, especially in the case refrain administration execution of judicial sentences.

In this context, this article is discussing the problematic of seizure of state funds and property in light of the Article 9 of the Finance Law for the year 2020, through the analysis of the new provisions and its specific legal changes which prevent seizure of state funds and property and based on the doctrinal and legal debate that accompanied this topic within the framework of administrative law and in the context of Moroccan jurisprudence.

Keyword: seizure of state funds and property- execution of judicial sentences- real property

على الرغم من أن القرارات الصادرة عن القاضي الإداري لها حجية الأمر المقضي به، إلا أن أحد الأطراف الصادرة ضدهم قد يرفضون تنفيذها. وإذا كان هذا الوضع لا يطرح إشكالات كثيرة عندما يكون هذا الرفض من قبل الأفراد، على اعتبار أن السلطة العامة قادرة على ضمان التنفيذ وإجبارهم على التقيد به، فإن الأمر يكون أكثر تعقيدا في حالة عدم تنفيذ هذا القرار من جانب الإدارة[1].

هذا التباين بين الأفراد والإدارة إزاء الأحكام القضائية، يجعل من مسألة إجبار الإدارة على التنفيذ في غاية الأهمية، بل يمكن القول إن أهميتها تفوق كل المسائل المطروحة أمام القاضي الإداري الذي يفترض أن تخضع الإدارة للقرارات الصادرة عنه وتحرص على تطبيقها[2].

غير أنه إذا كانت تصرفات الإدارة تعبر في النهاية، عن المنفعة العامة باعتبارها غاية وهدف كل سلطة، وهو ما يؤهلها لاتخاذ وتعبئة جميع الوسائل لتحقيقها ويبرر كذلك أهمية أعمالها، فإن هذه الأهمية لا تعد حجة أو سببا لامتناعها عن تنفيذ القرارات الصادرة ضدها، لا سيما في الحالة التي تحيد فيها عن شرط المصلحة العامة أو خارجة عن دائرة القانون.

ولأن مسألة التنفيذ تبقى المرحلة الحاسمة في المسطرة القضائية، فإن أهمية الأحكام لا تختزل في إصدارها، وإنما في إيجاد الوسائل والطرق التي يمكن الاستناد عليها من أجل العمل على تنفيذها[3]، إذ لا فائدة من وجود قانون بدون تطبيق، ولا قيمة للأحكام من دون تنفيذها على أرض الواقع، فبدون التنفيذ تغدو الأحكام القضائية عديمة الجدوى والفعالية، كما أن بقاء الأحكام والقرارات القضائية دون تنفيذ يتناقض مع مبدأ شرعية الدولة.

لأجل ذلك، فإن القاضي الإداري يلجأ إلى وسائل متعددة لضمان تنفيذ أحكامه، وقد بين الاجتهاد القضائي في غير ما مرة، استناده على وسيلة الحجز في مواجهة الإدارة الممتنعة عن التنفيذ للوفاء بالتزاماتها إزاء الأفراد في العديد من القضايا المتصلة بحقوقهم.

بيد أن هذا التوجه القضائي الذي أسس لتحولات نوعية في مسار حمل الإدارة على الالتزام بمنطوق الأحكام الصادرة ضدها، سيصطدم بالتغييرات التي جاءت بها المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 إذ لأول مرة سيتم التنصيص بصريح العبارة على عدم إمكانية الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها.

وارتباطا بما سبق، إذا كان الحجز على أموال الدولة من الوسائل التي سبق للقاضي أن وظفها لضمان تنفيذ الأحكام الإدارية في حالة الامتناع الصادر عن الإدارة، فإن هذه الوسيلة لم تعد متاحة له في ظل المستجدات التي تضمنتها المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020.

وأمام هذا الانعطاف القانوني يمكن التساؤل حول طبيعة النقاش الفقهي والأكاديمي المؤطر لفكرة الحجز على أموال الدولة؟ وإلى أي حد استطاع المشرع من خلال المقتضى القانوني الوارد في المادة 9 أن يوفق بين استمرارية المرفق العام في أداء مهامه الذي قد يتأثر بالحجز على موارده المالية والمادية وبين ضمان حقوق المتعاملين مع الإدارة؟

المطلب الأول: الحجز على أملاك الدولة في حالة عدم التنفيذ بين التأييد والرفض

إن إخضاع أملاك الدولة للحجز تنفيذا للأحكام القضائية، ترتب عليه جدلا واسعا بين الفقه والقضاء، جدلا يمكن التطرق إليه من زاوية، مدى إمكانية الحجز على أملاك الدولة (الفقرة الأولى) وأيضا من خلال التميز بين أموال الدولة العامة وأموال الدولة الخاصة باعتباره أساسا لسلك مسطرة الحجز (لفقرة الثانية).

الفقرة الأولى:  مدى إمكانية الحجز على أملاك الدولة

ثمة اختلاف واضح بين الفقه بشأن مدى إمكانية الحجز على أملاك الدولة، خلاف يمكن أن نميز داخله بين اتجاهين، اتجاه أول مؤيد للحجز على أملاك الدولة (أولا) اتجاه ثاني معارض للحجز على أملاك الدولة (ثانيا).

أولا: الاتجاه المؤيد للحجز على أملاك الدولة

إذا كان الحجز على أملاك الدولة قد أثار الكثير من الجدل فقها وقانونا ومن الناحية الاجتهادية، باعتباره موضوعا خلافيا، فإن جانبا مهما من الفقه لا يستثني المال العام من إمكانية الحجز عليه، ذلك أن الأحكام القضائية متى أصبحت نهائية، وجب تنفيذها ضد المحكوم عليه، دون تمييز بين أشخاص القانون العام أو الخاص، لأن تنفيذها يعد تكريسا لسيادة القانون[4].

 ويستند أنصار هذا الاتجاه على فكرة أن الأحكام القضائية لا يمكن إيقاف تنفيذها، فهي تكتسي حجيتها المطلقة سواء في علاقتها بالأفراد أو بالإدارة، بل والأكثر من ذلك فإن تخلف الحجز على الأموال العامة كآلية لإلزام الإدارة من شأنه أن يمس بالحقوق والحريات وأن يشكل خرقا صريحا لمبدأ المشروعية.

إن الحجز على أموال الدولة بمثابة الآلية التي ترغم الإدارة على الوفاء بالتزاماتها في علاقتها بحقوق الأفراد، ومن دون هذه الآلية تصبح الحقوق بعيدة عن الحماية القضائية الواجبة عن القضاء، باعتباره سلطة الفض في المنازعات الناشئة بين الأفراد والإدارة.

ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى الاجتهاد القضائي الإداري الذي أيد في عدد من قراراته قابلية الحجز على الأموال العمومية، وكمثال على ذلك يمكن الإشارة إلى الأمر الاستعجالي للمحكمة الإدارية بالرباط الذي كان واضحا حينما اعتبر بأنه إذا كان لا يجوز الحجز على المؤسسات العمومية لكونها مليئة الذمة وليس لكون أموالها أموالا عمومية مادام لا يوجد أي نص قانوني يمنع حجزها، ولكن إذا ثبت امتناع المؤسسة العمومية عن تنفيذ حكم قضائي بدون مبرر، فإن ملاءة الذمة تصبح غير مجدية بالنسبة للتنفيذ الذي يرغب فيه من صدر الحكم لفائدته. وفي هذه الحالة يجوز له القيام بالتنفيذ الجبري على أموال المؤسسة المذكورة نظرا لصبغة الإلزام التي تفرضها بحكم القانون الأحكام القضائية القابلة للتنفيذ[5].

كما ذهبت المحكمة الإدارية بالرباط إلى أنه “إذا كان العمل القضائي والفقه قد دأبا على السير في عدم الحجز على الأموال العمومية وذلك حفاظا على السير العادي للمرافق العمومية وانطلاقا من أن المفروض في المؤسسات العمومية الإسراع بتنفيذ الأحكام والرضوخ إليها تجسيدا لمبدأ المشروعية الذي يكرس سمو القانون بما تقتضيه من مساواة بين الأشخاص العاديين وأشخاص القانون العام، فإن هذا المبدأ، أي عدم قابلية الأموال العمومية للحجز، لا يمكن أن يؤخذ على إطلاقه وذلك كلما كان هناك امتناع عن التنفيذ بدون أي مبرر، هذا الامتناع الذي لا يمكن أن يفسر إلا بالتعسف في استعمال هذه الإمكانية، وبالتالي وفي غياب كل نص قانوني، فلا مانع من الحجز على هذه الأموال وبيعها لاستيفاء حق المحكوم عليه وإثبات المشروعية وفعالية السلطة القضائية التي تتمثل في تنفيذ الأحكام”[6].

ورغم الاجتهادات القضائية المؤيدة لفكرة الحجز على أملاك الدولة، فإن الممارسة أثبتت أن مسألة تنفيذ الأحكام الإدارية تبقى رهينة بأخلاقيات الإدارة ومدى امتثالها إراديا لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدها، حيث تبقى كل الاجتهادات القضائية محدودة أمام الصعوبات التي تعيقها في مواجهة الإدارة الممتنعة عن التنفيذ[7].

وجدير بالإشارة إلى أن العديد من الدول في التجارب المقارنة لم تترك مسألة الحجز مجالا لاجتهاد القاضي الإداري، وإنما عملت على الأخذ صراحة بالمبدأ القاضي بإمكانية الحجز على أموال الدولة لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة، وهو ما منح قوة أكثر للاجتهاد القضائي الذي أصبح معزز بإطار قانوني واضح يمكنه من اللجوء إلى الحجز على أموال وممتلكات الدولة، وكمثال على ذلك يمكن الإشارة الى التجارب كل من ألمانيا النمسا هولاندا[8].

ثانيا: الاتجاه المعارض للحجز على أملاك الدولة

يقدم هذا الاتجاه قراءة نقيضة للاتجاه السابق، ويرى أنه لا يمكن تعريض أملاك الدولة للحجز أو لإجراءات التنفيذ الجبري، ويتم الانطلاق من فكرة مفادها، صعوبة تطبيق وسائل التنفيذ الجبري المتعلقة بالحجز والحجز لدى الغير عندما تكون الإدارة طرفا ممتنعا عن التنفيذ، لاعتبارات تعود الى مبدأ حظر التنفيذ الجبري ضد الإدارة الذي يتأسس على مبادئ القانون العام ولاسيما مفهوم المال العام الذي لا يقبل التنفيذ الجبري لحيازته والتصرف فيه[9].

وتأسيسا على ما سبق فإنه يصعب تصور إمكانية الحجز على أملاك هي في الأصل موضوعة رهن إشارة الأفراد ومسخرة للصالح العام والمنفعة العامة هذه الأخيرة التي يتعين أن تظل على الدوام مصونة ومحمية من أي إجراء قد يمسها.

ويرى بعض الفقه أن أساس هذه القاعدة يكمن فـي أن حمايـة المال العام تقتضي عدم انتقاله اختيارا إلى ذمة الأفراد فإن هذه الحماية تقتضي من باب أولى منع انتزاع المال العام من الشخص الإداري جبراً عن طريق الحجز عليه[10].

وفي هذا الصدد نجد من دافع على الفكرة القائمة على المنفعة العامة باعتبارها الحائل بين الحكم القضائي والحجز على الأموال العامة، لكون هذه الأموال هي مخصصة بالأساس للصالح العام وليست ملك لأحد، وأي تصرف فيها قد يترتب عليه ضرر بهذه المصلحة العامة وبالمبدأ الرئيسي الذي ينبني على فكرة استمرارية المرفق العام بانتظام واضطراد[11].

وجدير بالإشارة إلا أن عددا من الأنظمة القانونية العربية منها والأجنبية تمنع بصريح النص القانوني الحجز على أموال الدولة العامة وتعتبره مخالفا للأحكام الدستورية المتعلقة بمالية الدولة وهذا مبدأ جرى الأخذ به منذ القدم وأصبح معمولا به في عددا من الدول التي أخدت حديثا بالقضاء الإداري في نظامها القانوني.

ويمكن في هذا الإطار أن نشير على سبيل المثال إلى الأنظمة القانونية المقارنة الآتية ذكرها:

القانون اللبناني: حيث نصت المادة 860 من قانون أصول المحاكمات المدنية في فقرتها الأولى على أنه لا يجوز القاء الحجز على الأموال التي منع القانون حجزها، والتي منها أموال الدولة وسائر الأشخاص المعنويين ذوي الصفة العامة[12].

القانون القطري: تنص المادة 1 من قانون رقم 10 لسنة 1987 بشأن أملاك الدولة العامة والخاصة على أنه: “أملاك الدولة العامة هي العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار أميري أو قرار من مجلس الوزراء. وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات القانونية أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم أو كسب أي حق عيني عليها، كما لا يجوز حيازتها أو استغلالها بأي وجه إلا في الأحوال وبالشروط المقررة قانونا. ويقع باطلا كل ما يتم بالمخالفة لذلك. وفى حالة حصول تعد على هذه الأموال يكون للجهة التي يقع في اختصاصها إدارتها أو الإشراف عليها إزالة التعدي إداريا”[13].

القانون الفلسطيني: حيث نصت المادة 44 من قانون التنفيذ رقم (23) لسنة 2005 على أنه: “1ـ لا يجوز الحجز ولا اتخاذ إجراءات تنفيذ أخرى على الأموال العامة المنقولة وغير المنقولة التي للدولة أو للأشخاص الاعتباريين العامة أو الهيئات المحلية أو أموال الأوقاف المخصصة لأداء أعمالها. 2- تشمل الأموال العامة جميع أموال الدولة التي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من مجلس الوزراء”[14].

الفقرة الثانية: التميز بين أموال الدولة العامة وأموال الدولة الخاصة كأساس للحجز

الأموال العامة هي ما تملكه الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة من عقارات ومنقولات، وقد تملك هذه الجهات أيضا أموالا خاصة، وتسمى أموال الدولة الخاصة، ولكل من الأموال العامة والخاصة العائدة للدولة أحكام تنفرد بها[15].

وحسب الأستاذ ” Maracel waline ” فإن المال العام هو ذلك الملك المخصص لسد الحاجيات العامة، أو لتسيير المرافق العامة[16].

وتكتسي أموال الدولة العامة أهمية قصوى، إذ بدونها لا يمكن للإدارة أن تؤدي وظائفها المتعلقة بالمنفعة العامة، إنها بمثابة الوسيلة المادية التي تستعين بها من أجل ممارسة أنشطتها خدمة للصالح العام، ومن المجمع عليه فقها وقضاء أن المال العام للدولة هو كل شيء تملكه الدولة من عقار ومنقول أو أي شخص اعتباري عام يكون مخصصا للنفع العام بالفعل أو بمقتضى القانون[17].

لقد وضع الفقه عدة معاير للتميز بين أموال الدولة العامة والأموال الخاصة ويمكن إيجاز هذه المعاير فيما يلي[18]:

أولا: تخصيص المال للنفع العام (مخصصة لاستعمال الأفراد مباشرة).

ينبني هذا المعيار على فكرة تخصيص المال العام للنفع العام وبذلك ينسحب هذا المعيار على الأموال التي خصصت لاستعمال الأفراد مباشرة وتلك التي خصصت لخدمة مرفق عام.

ومن تطبيقات هذا المعيار ما تم النص عليه في المادة 87 من قانون المدني المصري الذي نص على أنه يعتبر مالا عاما العقارات والمنقولات التي هي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم[19].

ثانيا: تخصيص المال لمرفق عام.

حسب هذا المعيار فإن المال العام هو ذلك المخصص لمرفق عام، حيث يستند هذا المعيار على نظرية المرفق العام لتعريف المال العام، وأنصار هذا المعيار هم أصحاب نظرية المرفق العام الذين جعلوا من فكرة المرفق العام أساسا للقانون الإداري ومعيارا لتحديد اختصاص القضاء الإداري، ومن هنا فإنه يعد مالا عاما كل عقار أو منقول تملكه الدولة ويكون مخصص لخدمة المرفق العام واستغلاله[20].

ثالثا: تخصيص المال للأفراد وخدمة المرفق العام.

وفقا لهذا المعيار فإنه يعتبر مالا عاما كل ما هو مخصص لاستعمال الأفراد ولخدمة المرفق العام، إذ بهذا الاستعمال يصبح المال بطبيعته غير قابل للملكية الخاصة، ومن هنا فإن المال العام هو كل ما تملكه الدولة من عقار ومنقول مخصص لاستعمال الأفراد بالفعل أو بالقانون ومرصود لخدمة المرفق العام، وكمثال على ذلك يمكن الإشارة إلى الطرق العامة والأنهار وشواطئ البحار والمساحات الغابوية[21].

وانطلاقا من هذا التميز فإن هذا الاتجاه يجعل من أموال الدولة الخاصة قابلة للحجز عليها من قبل القضاء دون غيرها من أموال الدولة العامة، ويعتبر الحجز على الأموال أحد أنواع التنفيذ الجبري، التي تطبق في إطار القانون الخاص التي يتعذر ممارستها في مواجهة الإدارة إلا إذا تعلق الأمر بالملك الخاص لهذه الأخيرة[22].

ورغم جدية هذا الاتجاه الذي يسلك طريق وسط بالاستناد إلى التميز بين أموال الدولة العامة والخاصة، إلا أن هنالك من اعتبر بأن هذا التميز لا ينبني على أسس سليمة على اعتبار أن أموال الدولة كيف ما كان نوعها تبقى احتمالية حجزها غير واردة، بحيث لا يمكن التصرف فيها، وتم الاستناد في ذلك على كون جميع أموال الدولة سواء كانت عامة أو خاصة هي في ملك الإدارة[23].

حيث إن عدم خضوع الأموال العامة لاجراءات التنفيذ الجبرية تبرره مقتضيات المصلحة العامة التي تنهض على فكرة الدولة وأشخاص القانون العام من خلال سعيهم لتحقيقها من جهة، كما يبرره كون الذمة المالية للدولة غير مهددة بالعسر وإن من شأن إخضاع المرفق العام إلى أحكام التنفيذ الجبري أن يعطل سير هذا المرفق وبالتالي يتعذر عليه تلبية الخدمات في إطار المصلحة العامة.

ويبدو مما سبق أن فكرة التميز من داخل أموال الدولة رغم مرونتها واعتبارها كذلك حلا وسطا إلا أنها ومع ذلك تعرضت للانتقاد وهو ما يجعل من هذا الموضوع موضوعا خلافيا ومثيرا للجدل إذ لم يتم الحسم فيه من قبل الفقه.

المطلب الثاني: المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 في علاقتها بتنفيذ الأحكام القضائية

تشكل المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 أرضية خصبة للبحث، لاسيما وأنها قد أثارت قبل اعتمادها نهائيا نقاشا سياسيا وفقهيا مهما، وذلك بناء على تنصيصها صراحة على عدم جواز خضوع أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها للحجز من طرف القضاء.

وبناء على ما سبق سيتم التطرق إلى النقاش السياسي والقانوني الذي واكب اعتماد المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 (الفقرة الأولى)، وكذا تأثير هذه المادة على تنفيذ الأحكام الإدارية المرتبطة بالملكية العقارية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: النقاش السياسي والقانوني حول المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020

يمكن التطرق إلى هذا النقاش السياسي والقانوني سواء من خلال الحوار الدائر بين البرلمان والحكومة بمناسبة عرض مشروع قانون المالية لسنة 2020 (أولا) أو عبر إثارة بعض الجوانب التي تهم وضعية المؤسسات العمومية في علاقتها بالمحتوى القانوني المتضمن في المادة 9 (ثانيا).

أولا: المادة 9 من قانون المالية بين الحكومة والبرلمان

لقد أثارت المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 الكثير من الجدل إذ لأول مرة سيتم التنصيص بشكل صريح على منع الحجز على أموال الدولة، وحري بالذكر أنه قبل اعتماد هذه المادة، كانت الإشارة القانونية لتنفيذ الأحكام القضائية واردة في الفصلان 149و 436 من قانون المسطرة المدنية، الذي تضمن نوعين من الصعوبات، صعوبات قانونية وأخرى واقعية[24]، علاوة على أن القانون المحدث للمحاكم الإدارية لم ينص على مقتضيات خاصة لمواجهة امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، لذا فالمرجع الذي كان يتم اعتماده هو المادة السابعة من القانون 90ـ41 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية التي تحيل على مقتضيات المسطرة المدنية[25].

وعودة إلى المادة 9 فقد نصت على ما مفاده أنه: “… في حالة صدور حكم قضائي نهائي قابل للتنفيذ، يلزم الدولة أو جماعة ترابية أو مجموعاتها بأداء مبلغ معين، يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه تسعون “90” يوما ابتداء من تاريخ الإعذار بالتنفيذ في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية لهذا الغرض…وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية، على أن يقوم الآمر بالصرف وجوبا بتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة وذلك في أجل أقصاه أربع “4” سنوات ووفق الشروط المشار إليها أعلاه، دون أن تخضع أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها للحجز لهذه الغاية”[26].

وانطلاقا من أحكام هذه المادة يتضح أن المشرع قد منع صراحة الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها، وهو ما يعد من جهة مسايرة لبعض الأنظمة القانونية، وتحولا من جهة ثانية غير مسبوق في النظام القانوني المؤطر لأملاك الدولة وأموالها بحيث أصبحت محمية من إمكانية التطبيق القضائي للحجز عليها [27].

غير بعيد عن ذلك، فقد استأثر هذا التحول القانوني الذي ترجمته الحكومة في مشروع قانون المالية لسنة 2020 والمتضمن في المادة 9منه، بنقاش استثنائي ومهم داخل البرلمان حيث تطرق العديد من النواب المنتمون للأغلبية والمعارضة وبشكل ملفت لمضمون هذه المادة وما حملته من معطيات اعتبروها معاكسة لما تسعى إليه الحكومة، من تعزيز للثقة في المؤسسات[28].

وبموازاة ذلك أكدوا أن دور القضاء يكمن في حماية الحقوق وضمان الحريات، عبر تطبيق القانون، وأن شرعية الأحكام تستنبط من تنفيذها، بل أكثر من ذلك اعتبروا أن عدم الالتزام بتنفيذ الأحكام القضائية، يعد ضربا للدستور، ومسا بمبدأ فصل السلط، ومنه فقدان الثقة في مؤسسة القضاء، وهو ما دفع بعض النواب إلى المطالبة بسحب المادة 9 من مشروع قانون المالية لسنة 2020، ذلك أن مكانها الصحيح هو مدونة تحصيل الديون العمومية[29].

وفي رده على هذه التساؤلات أكد وزير المالية “على أن الحكومة لا تنوي من خلال اقتراح هذه المادة، لا خرق الدستور ولا إفراغ الأحكام القضائية من محتواها، لأن الهدف هو توطيد ثقة المواطن في مؤسسات بلاده وليس العكس”[30].

وفي نفس الصدد، شهدت المادة 9 نقاشا مهما داخل مجلس المستشارين حيث اعتبر بعض المستشارين أن مقتضيات هذه المادة تطرح مجموعة من الإشكالات المرتبطة بمدى دستوريتها وحفاظها على مبدأ الفصل بين السلط، وأيضا من حيث تحقيقها للتوازن بين استمرارية المرفق العام وحماية حقوق الأفراد[31].

وفي رده على أسئلة المستشارين أكد وزير المالية أن مضمون المادة 9 له انعكاسات إيجابية ما لم يحد عن الموضوعية واستحضار المصلحة العليا للوطن والمواطنين، منوها بالتوافق الذي حصل داخل مجلس النواب والذي تم من خلاله تقييد منع الحجز على أموال وممتلكات الدولة بجملة من الضوابط والشروط التي تضمن تنفيذ الأحكام القضائية عبر توفير الاعتمادات المالية الضرورية في أجال محددة[32].

كما أضاف أنه تم تدعيم مقتضيات هذه المادة بتدبير جديد يمنع على الأمرين بالصرف أو من يقوم مقامهم من الالتزام بأي نفقة أو إصدار الأمر بتنفيذها، في إطار الاعتمادات المفتوحة بالميزانية العامة، لإنجاز مشاريع استثمارية على العقارات أو الحقوق العينية بالاعتداء المادي ودون استيفاء المسطرة القانونية لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة بالاحتلال المؤقت، حيث أوضح أن هذا التدبير الهام سيمكن من تفادي الاعتداء المادي على عقارات الغير، دون سلوك المساطر القانونية لنزع الملكية ودون توفير الاعتمادات المادية الضرورية لذلك[33].

ثانيا: المادة 9 وإمكانية الحجز على أموال المؤسسات العمومية

لقد أسس المضمون القانوني الوارد في المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020، لعدم إمكانية الحجز على ممتلكات الدولة، وهو ما من شأنه أن يضع إطارا واضحا لمنع الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها.

وعلى هذا الأساس ذهب عدد من الباحثين إلا أن هذا التنصيص إنما يهدف إلى ضرورة ضمان استمرارية المرفق العام، إذ لا يجوز فرض الحجز قصد تنفيذ قرار فردي على أموال وممتلكات هي في الأصل للدولة، مبرمجة ومخصصة لتأدية وتقديم خدمات للمواطنات والمواطنين بباعث تحقيق المصلحة العامة[34].

غير أن هذا المقتضى القانوني الوارد في المادة 9 من قانون المالية ولئن نص صراحة على عدم الحجز على أموال الدولة إلا أنه في المقابل لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى المؤسسات العمومية، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول مدى إمكانية إدراج المؤسسات العمومية ضمن الجهات المستثناة من الحجز عليها؟

يمكن في صدد الإجابة على هذا التساؤل إثارة مسألتين أساسيتان:

المسألة الأولى: تتعلق بجواب وزير المالية أثناء عرض ومناقشة مشروع قانون المالية بمجلس المستشارين الذي ساوى بين المؤسسات العمومية والجماعات الترابية ومجموعاتها من حيث عدم قابلية الحجز على ممتلكاتها، وهذا ما يستشف من جوابه على تساؤلات السادة المستشارين بلجنة التخطيط والمالية حيث أكد على أن المادة 9 تأخد بعين الاعتبار “ضرورة الحفاظ على التوازنات المالية للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، خاصة وأن الحجوزات على أموال الدولة بلغت خلال الثلاث سنوات الأخيرة ما يقارب عشرة ملايير درهم”[35]، كما استحضر المؤسسات العمومية كذلك في إطار حديثه عن التجارب الدولية الأخرى، “معتبرا أن معظم تشريعاتها تتضمن مقتضيات تمنع الحجز على أموال وممتلكات الدولة بما في ذلك الأملاك التابعة للمؤسسات العمومية…”[36].

ويمكن في هذا الصدد أن نتساءل عن سبب الاختلاف بين ما جاء على لسان وزير المالية الذي اعتبر المؤسسات العمومية ضمن الجهات المستثناة من الحجز على أموالها وما جاءت به المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020، وهل يمكن اعتبار ذلك سهوا؟

المسألة الثانية: تتعلق بالأمر الاستعجالي للمحكمة الإدارية بمكناس التي أقرت إمكانية الحجز على أملاك المؤسسات العمومية، في القضية المرفوعة ضد الأكاديمية الجهوية لتربية والتكوين (مؤسسة عمومية)، حيث دفعت هذه الأخيرة بأن طلب الحجز على أموالها يتعارض مع مقتضيات المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020، والتي تمنع أي حجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية، غير أن الاجتهاد القضائي لإدارية مكناس كان واضحا عندما اعتبر “أن المشرع ولئن منع إيقاع الحجز بصريح المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020، فإنه حصر هذا المنع بالنسبة لأموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية فقط دون باقي المؤسسات العمومية الأخرى والتي تدخل ضمنها الجهة المدعية مما يبقى معه الدفع المثار… وحيث إنه مادام أن الدين موضوع الطلب المصادق على الحجز ثابت ويستحق الأداء وتم بناء على سند تنفيذي مما تبقى معه شروط المصادقة على الحجز قائمة والطلب حوله مؤسس”[37].

علاوة على ما سبق، فإن البعض اعتبر أن الصياغة التي اعتمدت للمادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 تستثني أموال المؤسسات العمومية من قاعدة عدم جواز الحجز عليها، والسبب في ذلك يعزى إلى عدم تحويل عدد من المؤسسات العمومية الصناعية والتجارية إلى شركات المساهمة، حيث ارتأى المشرع أن طبيعتها تقتضي عدم شمول أموالها لقاعدة عدم حواز الحجز عليها[38].

الفقرة الثانية: تأثير المادة 9 على تنفيذ الأحكام الإدارية

للمادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 تأثيرات خاصة قد تنطوي على الحد من السلطة التقديرية للقاضي (أولا)، وإعطاء الامتياز للإدارة على حساب الأفراد (ثانيا) وكذا تنامي الاعتداء المادي على العقار(ثالثا).

أولا: الحد من السلطة التقديرية للقاضي الإداري

إن أهم إشكال تطرحه المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 هو ذلك المتعلق بتبعاتها على السلطة التقديرية للقاضي الإداري بحيث إنها تسحب من يده إصدار قرارات بالحجز على ممتلكات الدولة، وهو ما يمكن اعتباره توجها جديدا نحو الحد من حرية القاضي في علاقته بالنزاعات المعروضة عليه، والتي تكون الإدارة طرفا فيها.

وإذا كان السائد في قرارات القاضي الإداري هو الحجز على أملاك الدولة الخاصة دون إمكانية الحجز على العامة منها، فإن المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 جاءت لتمنع الحجز بنوعيه العام منها والخاص، حيث إن هذا المقتضى القانوني لا يتوقف سريانه على طبيعة المال المحجوز وليس شرطا أن يتعلق الأمر بأموال الدومين العام، بل إن هذه القاعدة تشمل جميع أموال الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها سواء أكانت ضمن الدومين العام أو الخاص[39].

وتجدر الإشارة إلا أن القاضي الإداري قبل التنصيص الصريح في المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 على عدم جواز الحجز على أملاك الدولة بمختلف أنواعها، كانت له الحرية المطلقة في تقدير هذه الإمكانية من عدمها، وهو ما كانت تأخد به جميع المحاكم الإدارية تقريبا حيث يمكن التميز داخل أحكامها بين الأموال العامة والأموال الخاصة كأساس للحجز على أملاك الدولة، ويمكن في هذا الإطار أن نسوق أمثلة لعدد من الأحكام التي قضى فيها بالحجز على أملاك الدولة:

ففي مناسبة تنفيذ حكم إلزامي صادر في مواجهة الجماعة الحضرية بفاس بمناسبة تنفيذ حكم إلزامي ونهائي في مواجهة الجماعة الحضرية لزواغة لفائدة ملكية بنت الحاج ومن معها لاستيفاء حقوق مالية تم حجز مجموعة من السيارات بالملف التنفيذي عدد 23/98 في مواجهة المجلس وتقرر تحديد تاريخ بيعها بالمزاد العلني غير أن المجلس المنفذ عليه وبسبب الحجز بادر إلى تنفيذ الحكم تلقائيا تفاديا لبيع المحجوز ووفى بالتزاماته المالية موضوع السند التنفيذي[40].

وفي إطار تنفيذ الحكم لفائدة عبد الله العلمي في مواجهة الجماعة الحضرية لزواغة تم إيقاع الحجز التنفيذي على مجموعة من سيارات المجلس المنفذ عليه بالملف التنفيذي عدد: 30/98 وخلال مسطرة إجراءات بيع المحجوز قام المجلس البلدي بالوفاء بالتزاماته المالية موضوع السند التنفيذي[41].

الواضح إذن أن القاضي الإداري كانت له سلطة واسعة ومطلقة في متابعة أحكامه بحيث لا يتوقف دوره عند إصدار الأحكام بل يتعداه إلى توقيع جزاءات عن عدم تنفيذ أحكامه من خلال وسيلة الحجز على أملاك الدولة الخاصة، إلا أن هذه السطلة المطلقة التي كان يتمتع بها لم تعد متاحة له بعد صدور المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 إذ جاءت مغايرة لأحكامه.

ويبدو أن توجه المشرع المغربي نحو منع الحجز على ممتلكات الدولة من شأنه أن يحد من الوظيفة الاجتهادية للقاضي الإداري الذي لم يعد يمتلك القدرة على ابتكار حلول مناسبة في ضل القيود التي فرضتها عليه المادة 9، لاسيما وأن القاضي الإداري هو في الأصل قاضي اجتهادي يستخلص أفكاره من المبادئ العامة للقانون.

ثانيا: إعطاء الامتياز للإدارة على حساب الأفراد

تتمتع الإدارة باعتبارها سلطة عامة بامتيازات استثنائية في تنفيذ قراراتها، حيث إن القرارات الإدارية تتمتع بالقوة القانونية الإلزامية وقرينة الشرعية في مواجهة الأفراد، وتعتبر هذه الامتيازات قاعدة عامة تأخذ بها مختلف الأنظمة القانونية المقارنة.

ويعد القضاء الحجر الزاوية في كفالة امتيازات الإدارة القانونية، وهو بمثابة الضمانة الأساسية لتنفيذ الأحكام الصادرة ضد الأفراد، حيث يلجأ القاضي إلى توقيع الجزاءات الجنائية والمدنية والتأديبية على الأفراد في الحالات التي يمتنعون فيها عن تنفيذ القرارات طواعية لحملهم جبرا على التنفيذ[42].

وبالعودة إلى المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 التي منعت الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها، يمكن أن نستنج بأن هذا التنصيص إنما يوسع من امتيازات الإدارة ويضعها في مرتبة تسمو على الأفراد من منطلق أن هذه الأخيرة ليست في نفس منزلتهم لأن الأهداف والغايات التي تسعى إلى تحقيقها تصب دائما في إطار المصلحة العامة وليس الخاصة.

وبهذا التنصيص الجديد يكون المشرع قد أعطى امتيازا واضحا للإدارة، لا يسمح بمقتضاه للقاضي أن يطبق الحجز على أملاكها في حالة امتناعها عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، وهو الإجراء الذي يمكن للقاضي نفسه أن يأمر به لضمان التنفيذ الجبري ضد الأفراد، مما يجعل الكفة غير متوازنة بينهما.

وترتيبا على ذلك، فإن االمادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 تنطوي على إدخال قاعدة جديدة لم يسبق الأخذ بها في إطار التشريعات المعمول بها سابقا، وهي قاعدة مجحفة ويشوبها خلل عدم انصاف الأفراد من جهة، وتؤسس لنوع من اللاتوازن بينهما من جهة ثانية، حيث إن هذه المادة تحيل على الإدارة باعتبارها سلطة عليا بعيدا عن اختصاص القضاء الإداري الذي جرد من وظيفته الاجتهادية بإصدار قرارات تقضي بالحجز على أموالها كما تواتر في العديد من القضايا المعروضة عليه سابقا.

ويتضح مما سبق أن المشرع بتوجهه هذا قد غيب قاعدة أساسية تنتظم فيها علاقة الإدارة بالأفراد، فأمام الإمكانية التي كفلها للإدارة للاستفادة من آلية الحجز بعد صدور حكم قضائي ضد الأفراد الممتنعين عن تنفيذ أحكام قضائية، فإنه لا يمكن إصدار أحكام مماثلة تنطوي على الحجز على أموال وأملاك الدولة.

لذا، فإنه على الرغم من توفر الأفراد على ضمانات تخولهم إمكانية الطعن في القرارات الإدارية أمام المحاكم المختصة، إلا أن المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 قد أقرت عدم قابلية الحجز على أموال وممتلكات الدولة لفائدة الأفراد، على أساس أن أموال وممتلكات الدولة هي في الأصل وجدت لخدمة الصالح العام، ومنه لا يجوز إيقاع الحجز عليها تحت أي طائلة كانت.

وإذا أمكن تبرير هذا التوجه الذي سلكه المشرع بباعث المصلحة العامة، حيث يتم تغليب المصلحة العامة على حساب المصلحة الخاصة، باعتبار أن الإدارة والمواطنين لا يمثلان مصالح متساوية مخافة عدم ضمان تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الأفراد، فإن هذا التوجه لا يمكن أن ينطبق على إجراء قضائي يتعين أن يكون الجميع سواسية أمامه وذلك ضمانا لسيادة دولة الحق والقانون.

ثالثا: تنامي الإعتداء المادي على العقار.

إن منع الحجز على أموال وممتلكات الدولة يشكل تحولا نوعيا بالنسبة للمنظومة القانونية المؤطرة لأملاك الدولة وأموالها، إذ لأول مرة سيتم الاعتراف للدولة بحصانتها ضد الحجز القضائي، وهو ما يعد تحولا مهما من شأنه أن يؤثر في مضمون الأحكام الصادرة ضد الدولة في نطاق قضايا الإعتداء المادي على العقار.

وإذا كانت سلطات القاضي الإداري متعددة ومترابطة، في مجال الإعتداء المادي على الملكية العقارية، حيث بإمكانه أولا، أن يقضي بوقف هذه الاعتداءات وإعطاء أمره للإدارة بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل ما، كما بإمكانه كذلك، أن يأمر بجبر الضرر الذي خلفه الإعتداء من خلال الحكم بالتعويض للأفراد[43]،  فإنه مع تبني قاعدة عدم جواز الحجز على أموال وممتلكات الدولة  عملا بما تضمنته المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 لم يعد بإمكان القاضي أن يعزز سلطاته السالفة وأن يضمن قوتها بآلية إضافية لطالما كانت مكفولة له وحاضرة في أحكامه .

وباستبعاد آلية الحجز على أموال الدولة من يد القاضي الإداري في حالة عدم تنفيذ أحكامه باعتبار أن ذلك لم يعد ممكنا قانونيا، يكون المشرع المغربي قد فتح المجال أمام الإدارة وحصنها قانونا من إمكانية الحجز على أموالها ولا سيما في القضايا المتعلقة بالاعتداء المادي على عقارات الأفراد.

إن هذه الصلاحية التي كانت المكفولة للقاضي الإداري والتي دأب عليها في العديد من أحكامه، أصبحت في ظل التنصيص القانوني الواضح في المادة 9 تشكل امتيازا للإدارة لضمان تطبيق قراراتها واعطائها قوة تنفيذية، بعيدا عن الإشكالات التي كان يطرحها الحجز على أموالها وتأثيرات الأحكام الصادرة ضدها على مكانتها في علاقتها بالأفراد.

لقد شهدت سنة 2020 سابقة اجتهادية في المجال القضائي، وذلك بعد صدور حكم قضائي يعتبر الأول من نوعه منذ اعتماد المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 والتي قضت بعدم جواز الحجز على أملاك الدولة، حيث سيقدم القاضي الإداري تأويلا خاصا للمادة 9 التي عرفت نقاشا مهما بين الباحثين، وهو التأويل الذي أكد من خلاله على المفهوم الضيق للجهات المستثناة من إمكانية الحجز على أموالها.

حيث أصدر رئيس المحكمة الإدارية بمكناس المستشار عبد الله بونيت، بصفته قاضيا للمستعجلات وطبقا للمادة 19 من القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية والتي تمنح الاختصاص لرئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه عنه بصفته قاضيا للمستعجلات والأوامر القضائية بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية، أمرا استعجاليا قضى فيه بإمكانية الحجز على أموال المؤسسات العمومية.

وقد عللت المحكمة حكمها بما مفاده أن “المشرع ولئن منع إيقاع الحجز بصريح المادة 9 من قانون المالية الجديد، فإنه حصر هذا المنع بالنسبة لأموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها فقط”، دون باقي المؤسسات العمومية الأخرى والتي تدخل ضمنها الجهة المدعى عليها.

وجدير بالإشارة إلى أن الحجز على أموال المؤسسات العمومية قد سبق وأن كان مضمونا لعدد من الأحكام القضائية حيث سبق للقاضي الإداري أن قضى بجواز الحجز على الأموال العمومية لتسديد مستحقات أصحاب الأراضي المنزوعة ملكيتهم.

ويمكن في هذا الإطار أن نسوق مثالا على ذلك، حيث قامت المحكمة الإدارية بالرباط بالحجز على أموال الوكالة الوطنية لمحاربة السكن الغير اللائق الموجود بحسابها لدى الخزينة العامة، وذلك لتنفيذ الحكم الصادر عن إدارية مكناس عدد 5/96 في إطار إنابة قضائية، الذي قضى بتعويضات عن نزع الملكية، ورغم دفع المحجوز عليها بكونها مؤسسة عمومية لا ينبغي الحجز على أموالها، إلا أن المحكمة أكدت أن الأموال التي يتشكل منها رأسمال المحجوز عليها على افتراض أنها أموال عمومية، فإن جزء منها رصد أصلا لتسديد مستحقات أصحاب الأراضي المنزوعة ملكيتهم، وهذا الحجز يشكل ضمانة بالنسبة لهؤلاء، ولا ضرر فيه على مصلحة المحجوز عليها.[44]

وبمسايرة الاجتهاد القضائي لإدارية مكناس للتوجه السابق الذي دأب فيه على الحجز على أموال المؤسسات العمومية يكون بذلك قد ضيق من الجهات المستثناة من تطبيق وسيلة الحجز ولم يأخذ بالمفهوم الواسع للمادة 9 الذي يمكن أن يستوعب حتى المؤسسات العمومية.

المراجع باللغة العربية:

الكتب

ـ إلهام حدوش، موانع انتقال الحقوق العينية العقارية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، سنة 2020.

الأطروحات والرسائل الجامعية

ـ أباه محمد الناجم، الاعتداء المادي للجماعات الحضرية والقروية على حق الملكية العقارية “في ضوء عمل القضاء الإداري المغربي”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، السنة الجامعية 2013-2014.

ـ رائد محمد يوسف العدوان، نفاذ القرارات الإدارية بحق الأفراد دراسة مقارنة بين/ الأردن ومصر، قدمت هذه الرسالة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون العام، كلية الحقوق قسم القانون العام، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، السنة الجامعية 2012ـ 2013.

المقالات

ـ محمد قصري، آليات تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية في مواجهة أشخاص القانون العام، مجلة الوكالة القضائية للملكة، العدد الأول، ماي 2018.

ـ حلمي نفطاطة، تنفيذ الأحكام القضائية في مواجهة أشخاص القانون العام على ضوء مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 122ـ 123، ماي ـ غشت 2015.

ـ يوسف ادريدو وخالد الدك، التنفيذ الجبري للأحكام القضائية الصادرة ضد أشخاص القانون العام في ضوء التشريع والقضاء بالمغرب، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 152، ماي ـ يونيو 2020.

ـ محمد باهي، انعكاسات هاجس تنفيذ الأحكام القضائية ضد الإدارة على العمل القضائي المغربي موقف القضاء الإداري المغربي من مبدأ عدم جواز الحجز على الأموال العامة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 128، ماي يونيو 2016.

ـ علي أحمد شكورفو، مظاهر الحماية المدنية للأموال العامة في التشريع الليبي في ضوء مبدأ المساواة، مجلة البحوث القانونية، السنة الأولى، العدد الأول، أكتوبر 2013.

ـ عائشة سلمان، إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 72ـ73، أبريل 2007.

ـ زكريا زكريا محمد المرسي المصري، المشاركة الشعبية في إدارة المال العام “دراسة مقارنة”، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، المجلد 3، عدد 2، سنة 2013.

ـ محمد قصري، الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 34، سنة 2000.

ـ حسن حبيب، إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة، المجلة المغربية الإدارة المحلية والتنمية، عدد 59، سنة 2004.

ـ أنسام علي عبد الله، النظام القانوني للأموال العامة “دراسة مقارنة”، مجلة الرافدين للحقوق، مجلد 2، عدد 25، سنة 2005.

ـ عادل الوزاني العواد، الحجز على أموال المقاولات العمومية على ضوء المادة 9 من قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 158، ماي يونيو 2021.

القوانين

ـ القانون المدني المصري لسنة 1954، المعدل بالقانون رقم 138 لسنة 1970م، المنشور بالجريدة الرسمية رقم 1 لسنة 1971.

ـ ظهير شريف رقم 1.19.125 صادر في 16 من ربيع الآخر 1441 (13 ديسمبر 2019) بتنفيذ قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، الجريدة الرسمية عدد 6838 مكرر، 17 ربيع الآخر 1441 (14 ديسمبر 2019).

ـ ظهيـر شريف رقم 1.91.225 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية، الجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1414 (3 نوفمبر 1993).

ـ ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، الجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394 (30 شتنبر 1974).

ـ القانون القطري رقم 10 لسنة 1987 بشأن أملاك الدولة العامة والخاصة.

ـ قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني لسنة 2000.

المصادر القضائية

ـ الأمر الاستعجالي للمحكمة الإدارية، عدد 65/2000، بتاريخ 06/07/2000.

ـ أمر قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية بالرباط، ملف عدد 972/91، بتاريخ 02/12/1991.

ـ أمر صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بمكناس، في ملف استعجالي، عدد 05/7103/2020، بتاريخ 22/01/2020، غير منشور.

ـ أمر رئيس إدارية الرباط، عدد 99 بتاريخ 23 ـ 4 ـ 1997.

التقارير

ـ تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، حول مشروع قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، الجزء الأول، دورة أكتوبر 2019.

ـ تقرير لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، حول مشروع قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، الجزء الأول، دورة أكتوبر 2019.

Sites d’internet

https://www.fallaitpasfairedudroit.fr/droit-administratif-2/le-controle-de-l-administration/contentieux-administratif/462-l-execution-des-decisions-du-juge-administratif-fiche-thematique

http://arab-ency.com.sy/detail/3155

www.maroc.ma

https://www.bal.ps/pdf/7.pdf
https://www.mme.gov.qa

http://77.42.251.205/LawArticles.aspx?LawTreeSectionID=259977&LawID=244565&language=ar


[1] – voire à ce propos : L’exécution des décisions du juge administratif (fiche thématique), https://www.fallaitpasfairedudroit.fr/droit-administratif-2/le-controle-de-l-administration/contentieux-administratif/462-l-execution-des-decisions-du-juge-administratif-fiche-thematique, consulté le 04/09/2020 à 17H45.

[2] – لقد سبق لجلالة الملك أن نبه في خطابه الموجه إلى البرلمان إلى إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية، حيث أكد على ما يلي: “كما أن المواطن يشتكي بكثرة، من طول وتعقيد المساطر القضائية، ومن عدم تنفيذ الأحكام، وخاصة في مواجهة الإدارة، فمن غير المفهوم أن تسلب الإدارة للمواطن حقوقه، وهي التي يجب أن تصونها وتدافع عنها. وكيف لمسؤول أن يعرقل حصوله عليها وقد صدر بشأنها حكم قضائي نهائي؟ ” أنظر في ذلك: نص الخطاب السامي الذي ألقاه جلالة الملك في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة (2016ـ 2021)، منشور في الموقع الرسمي البوابة الوطنية، https://www.maroc.ma/، تاريخ الزيارة 2021/08/26، على الساعة 17:35.

[3] ـ عائشة سلمان، إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 72 ـ 73، أبريل 2007، ص: 63.

[4] – محمد قصري، آليات تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية في مواجهة أشخاص القانون العام، مجلة الوكالة القضائية للملكة، العدد الأول، ماي 2018، ص: 37.

[5] ـ الأمر الاستعجالي للمحكمة الإدارية، عدد 65/2000، بتاريخ 06/07/2000، وارد لدى عبد العزيز لزهري، الاجتهاد والإبداع القضائي المغربي في مجال تنفيذ الأحكام الإدارية، أشغال الندوة الجهوية الثالثة، قضايا العقود الإدارية ونزع الملكية للمنفعة العامة وتنفيذ الأحكام من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، المركب الاصطيافي لوزارة العدل – مراكش – 21 – 22 مارس 2007، ص: 357.

[6] ـ أمر قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية بالرباط، ملف عدد 972/91، بتاريخ 02/12/1991، وارد لدى عبد العزيز لزهري، المرجع السابق، ص: 358.

[7] ـ حلمي نفطاطة، تنفيذ الأحكام القضائية في مواجهة أشخاص القانون العام على ضوء مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 122ـ 123، ماي ـ غشت 2015، ص: 59ـ 60.

[8] ـ للمزيد حول هذه الدول وأنظمتها القانونية يراجع في ذلك: يوسف ادريدو وخالد الدك، التنفيذ الجبري للأحكام القضائية الصادرة ضد أشخاص القانون العام في ضوء التشريع والقضاء بالمغرب، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 152، ماي ـ يونيو 2020، ص: 52.

[9] ـ محمد باهي، انعكاسات هاجس تنفيذ الأحكام القضائية ضد الإدارة على العمل القضائي المغربي موقف القضاء الإداري المغربي من مبدأ عدم جواز الحجز على الأموال العامة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 128، ماي يونيو 2016، ص: 14.

[10] ـ علي أحمد شكورفو، مظاهر الحماية المدنية للأموال العامة في التشريع الليبي في ضوء مبدأ المساواة، مجلة البحوث القانونية، السنة الأولى، العدد الأول، أكتوبر 2013، ص: 33.

[11] ـ عائشة سلمان، إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة، المرجع السابق، ص: 61.

[12] ـ انظر في ذلك قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني، منشور على الرابط التالي: http://77.42.251.205/LawArticles.aspx?LawTreeSectionID=259977&LawID=244565&language=ar، تاريخ الزيارة 2021/11/02، على الساعة 23:38.

[13] ـ أنظر في ذلك، قانون رقم 10 لسنة 1987 بشأن أملاك الدولة العامة والخاصة، المنشور في الموقع الرسمي لوزارة البلدية القطرية، https://www.mme.gov.qa، تاريخ الزيارة 2021/11/02، على الساعة 22:44.

[14] ـ للاطلاع على نص القانون كاملا يراجع في ذلك، الرابط التالي: https://www.bal.ps/pdf/7.pdf، تاريخ الزيارة 2021/11/01، على الساعة 23:24.

[15] ـ أنظر في ذلك: الموسوعة العربية، http://arab-ency.com.sy/detail/3155، تاريخ الزيارة 2021/08/25، على الساعة 18:28.

[16] – زكريا زكريا محمد المرسي المصري، المشاركة الشعبية في إدارة المال العام “دراسة مقارنة”، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، المجلد 3، عدد 2، سنة 2013، ص: 513.

[17]ـ عائشة سلمان، إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة، المرجع السابق، ص: 61.

[18] ـ للمزيد حول معاير التميز بين الأموال العامة والأموال الخاصة للدولة يراجع في ذلك:

ـ محمد قصري، الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 34، سنة 2000، ص: 26 ـ 27.

ـ زكريا زكريا محمد المرسي المصري، المشاركة الشعبية في إدارة المال العام “دراسة مقارنة”، المرجع السابق، ص: 465 ـ 705.

[19] ـ المادة 87 من القانون المدني المصري لسنة 1954، معدلة بالقانون رقم 138 لسنة 1970م، المنشور بالجريدة الرسمية رقم 1 لسنة 1971.

[20] ـ أنسام علي عبد الله، النظام القانوني للأموال العامة “دراسة مقارنة”، مجلة الرافدين للحقوق، مجلد 2، عدد 25، سنة 2005، ص: 313.

[21] ـ أنظر في ذلك:

ـ زكريا زكريا محمد المرسي المصري، المشاركة الشعبية في إدارة المال العام “دراسة مقارنة”، المرجع السابق، ص: 495.

ـ إلهام حدوش، موانع انتقال الحقوق العينية العقارية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، سنة 2020، ص: 72.

[22] ـ حسن حبيب، إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة، المجلة المغربية الإدارة المحلية والتنمية، عدد 59، سنة 2004، ص: 71.

[23] ـ محمد قصري، الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها، المرجع السابق، ص: 24.

[24] ـ ينص الفصلان 149 و436 على ما يلي:

ـ الفصل 149 “يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضيا للمستعجلات، كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ، أو الأمر بالحراسة القضائية، أو أي إجراء آخر تحفظي، سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا، بالإضافة إلى الحالات المشار إليها في الفصل السابق، والتي يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أن يبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات.

إذا عاق الرئيس مانع قانوني أسندت مهام قاضي المستعجلات إلى أقدم القضاة.
إذا كان النزاع معروضا على محكمة الاستيناف مارس هذه المهام رئيسها الأول.
تعين أيام وساعات جلسات القضاء المستعجل من طرف الرئيس”.

ـ الفصل 436 “إذا أثار الأطراف صعوبة واقعية أو قانونية لإيقاف تنفيذ الحكم أو تأجيله أحيلت الصعوبة على الرئيس من لدن المنفذ له أو المحكوم عليه أو العون المكلف بتبليغ أو تنفيذ الحكم القضائي ويقدر الرئيس ما إذا كانت الادعاءات المتعلقة بالصعوبة مجرد وسيلة للمماطلة والتسويف ترمي إلى المساس بالشيء المقضي به حيث يأمر في هذه الحالة بصرف النظر عـن ذلك. وإذا ظهر أن الصعوبة جدية أمكن له أن يأمر بإيقاف التنفيذ إلى أن يبت في الأمر. لا يمكن تقديم أي طلب جديد لتأجيل التنفيذ كيفما كان السبب الذي يستند إليه”.

[25] ـ المادة 7 من القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية، الصادر بتنفيذه ظهيـر شريف رقم 1.91.225 في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993)، الجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1414 (3 نوفمبر 1993)، ص: 2168.

[26] ـ قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.19.125 في 16 من ربيع الآخر 1441 (13 ديسمبر 2019)، الجريدة الرسمية عدد 6838 مكرر، 17 ربيع الآخر 1441 (14 ديسمبر 2019)، ص: 11123.

[27] ـ للاطلاع على بعض الأنظمة القانونية التي منعت الحجز على أملاك الدولة، أنظر في ذلك، الفقرة الأولى من المطلب الأول، أعلاه، ص: 6 ـ 7.

[28] ـ المملكة المغربية مجلس النواب، تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، حول مشروع قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، الجزء الأول، دورة أكتوبر 2019، ص: 30.

[29] ـ المرجع نفسه، ص: 30.

[30] ـ المرجع نفسه، ص: 32.

[31] ـ البرلمان مجلس المستشارين، تقرير لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية، حول مشروع قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، الجزء الأول، دورة أكتوبر 2019، ص: 12.

[32] ـ المرجع نفسه، ص: 16.

[33] ـ المرجع نفسه، ص: 16.

[34] ـ يوسف ادريدو وخالد الدك، التنفيذ الجبري للأحكام القضائية الصادرة ضد أشخاص القانون العام في ضوء التشريع والقضاء بالمغرب، المرجع السابق، ص: 63.

[35] ـ البرلمان مجلس المستشارين، تقرير لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية، حول مشروع قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، المرجع السابق، ص: 16.

[36] ـ المرجع نفسه، ص: 17.

[37] ـ أمر صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بمكناس، في ملف استعجالي، عدد 05/7103/2020، بتاريخ 22/01/2020، غير منشور.

[38] ـ عادل الوزاني العواد، الحجز على أموال المقاولات العمومية على ضوء المادة 9 من قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 158، ماي يونيو 2021، ص: 422.

[39] ـ عادل الوزاني العواد، الحجز على أموال المقاولات العمومية على ضوء المادة 9 من قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، المرجع السابق، ص: 421.

[40] ـ للاطلاع على الحكم عدد: 1050/97 أنظر في ذلك: محمد قصري، الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها، المرجع السابق، ص 30.

[41] ـ للاطلاع على الحكم عدد: 642 ت/96 أنظر في ذلك: محمد قصري، الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها، المرجع السابق، ص 30.

[42]رائد محمد يوسف العدوان، نفاذ القرارات الإدارية بحق الأفراد دراسة مقارنة بين/ الأردن ومصر، قدمت هذه الرسالة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون العام، كلية الحقوق قسم القانون العام، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، السنة الجامعية 2012 ـ 2013، ص: 87.

[43] ـ أنظر في ذلك: أباه محمد الناجم، الاعتداء المادي للجماعات الحضرية والقروية على حق الملكية العقارية “في ضوء عمل القضاء الإداري المغربي”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، السنة الجامعية 2013 ـ 2014، ص: 11.

[44] ـ أنظر في ذلك، أمر رئيس إدارية الرباط، عدد 99 بتاريخ 23 ـ 4 ـ 1997 وارد في مقال يوسف ادريدو وخالد الدك، التنفيذ الجبري للأحكام القضائية الصادرة ضد أشخاص القانون العام في ضوء التشريع والقضاء بالمغرب، المرجع السابق، ص: 75ـ 76.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *