إسهام العقار في مخطط تسوية المقاولة في ضوء القانون رقم 73.17

la contribution de l’immobilier au régime de règlement des difficultés de l’entreprise au regard de la loi n°73.17.

أيت وركان إبراهيم

Ait Ouirgane Ibrahim

باحث في مجال الاعمال والمقاولات

chercheur dans le domaine des affaires et des entreprises

إطار بالأمانة العامة للحكومة

ملخص

عمل المشرع المغربي من خلال أحكام  القانون رقم 73.17 الذي قضى بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، فيما يخص مساطر صعوبات المقاول، ولا سيما من خلال مواده من 545 إلى المادة 794 من مدونة التجارة، على تكريس مجموع من الأحكام المستمدة أساسا من الفلسفة العامة لمساطر المعالجة ولا سيما المقتضيات المؤطرة لإسهام  العقار في إنجاح مخطط تسوية المقاولات.

 إلا أن التوجهات التي تبنها القانون المشار إليه أعلاه رقم 73.17 تتعارض في كثير من الحالات مع المبادئ الكلاسيكية لنظرية العقد كما وردت في الظهير الشريف بمثابة قانون الالتزامات والعقودـ أو في نصوص أخرى ذات صلة بالمجال العقاري، وهو الأمر الذي جعل من مساهمة العقار في إنجاح مخطط التسوية ضعيفة إن لم نقل منعدمة، في الوقت الذي تكون فيه المقاولة في حاجة إلى أصول عقارية أو غيرها لإنجاح مخطط تسويتها، وهذا ما حاول المقال التدقيق فيه من خلال تمحيص مدى توفق المشرع المغربي من خلال أحكام القانون المذكور رقم  73.17 في الوصول إلى صيغة تكاملية بين المهمة التي انخرط فيها والمتمثلة في ضمان استمرارية المقاولة من جهة، وبين ما يتطلبه ذلك من توفير لعقارات ضرورية لتنفيذ مخطط تسوية المقاولة، وهل تم استحضار حماية حقوق كافة الأطراف المتدخلة في هذه المسطرة من جهة أخرى

Résumé

Le législateur marocain a consacré par la loi n°73.17 abrogeant et remplaçant le livre V de la loi n°15.95 portant code de commerce, en ce qui concerne les procédures pour les difficultés de l’entrepreneur. Il s’agit d’un système que le législateur a régit par les dispositions des articles 545 à 794 du code du commerce, qui comprend un ensemble de dispositions inspirées de la philosophie générale des procédures de règlement, en particulier les dispositions encadrant la contribution de l’immobilier au succès du dispositif des difficultés des entreprises. Cependant, l’approche susmentionnée peut dans de nombreux cas être en contradiction avec les principes classiques de la théorie des contrats telle que prévue par le Dahir formant code des obligations et des contrats, ou dans d’autres textes relatifs au domaine immobilier, qui ont rendus la contribution de l’immobilier dans la réussite du plan de redressement faible, voire inexistante, dans de nombreuses étapes ou l’entreprise aurait besoin d’actifs immobilier ou d’autres actifs.

C’est ce que cette contribution a tenté de scruter en examinant dans quelle mesure le législateur marocain a réussi, à travers les dispositions de la loi n°73.17 précitée, à parvenir à une formule complémentaire entre la tâche dans laquelle il s’était inscrit pour assurer la sauvegarde de l’entreprise d’une part et entre ce que cela nécessite en terme de mise à disposition des biens immobiliers nécessaires à la mise en œuvre du plan de redressement de l’entreprise et est-ce que la protection des droits de toutes les parties intervenant dans cette procédure a-t-elle été invoquée, d’autre part.

تقديم

إن سعي المقاولات بمختلف أنواعها إلى تملك العقار خلال بداية مشوارها، يعد أمراً عاديا وضرورياً في نفس الوقت، ذلك أن هذا العقار تبرز أهميته بالنسبة لهذه المقاولات على مستويات متعددة، حيث يعتبر أولا مجالاً لاستقرار نشاطها التجاري بمختلف أنواعه، ثم قد يكون له دور ائتماني في حالة تعرضها لضائقة مالية، وأرادت من أجل الحصول على قروض، تقديم هذا العقار كضمان. وبالتالي فالعقار قد يكون بذلك المخرج الأول والأساسي من الأزمة التي تعيشها المقاولة، كما قد يكون في حالات عديدة تلك الورقة الأخيرة بالنسبة لها في حالة خضوعها للتصفية القضائية، لاسيما وأن بيع هذه العقارات يوفر مداخيل مهمة قصد أداء الديون المترتبة في ذمتها[1].

غير أن امتلاك العقارات لا يكون في متناول كافة المقاولات[2]، الأمر الذي يحتم عليها البحث واللجوء إلى طرق غير تقليدية لتوفير ما تحتاجه من عقارات، بشكل لا يرهق كاهل هذه المؤسسة التجارية، ولا يستنزف رأسمالها، وبالتالي يبقى اللجوء إلى عقود الكراء التجاري والائتمان الإيجاري العقاري بمثابة المخرج والسبيل الوحيد أمام المقاولة، لتجاوز الصعوبات المتمثلة في شراء العقار، وهذه العقود قد تزداد أهميتها عندما تتعرض المقاولة المكترية لصعوبات، حيث يصير تقرير استمرارية هذه العقود خصوصا خلال تنفيذ مخطط الاستمرارية أمراً ضرورياً ولا محيد عنه، حتى تتمكن هذه المقاولة من متابعة استغلال العقارات موضوع هذه العقود، وبالتالي تنفيذ مخطط الاستمرارية في أحسن الظروف.

وما من شك أن تنفيذ مخطط الاستمرارية وفق ما يسطر فيه من أهداف، يشكل أهم

تحدي قد يواجه كافة المتدخلين في المسطرة، بمن فيهم المحكمة ورئيس المقاولة وكذلك

الدائنين خاصة وأن ذلك يتطلب تظافر جهود جميع هؤلاء الأطراف، بالرغم من تضارب المصالح الذي قد يطبع علاقة بعضهم بالبعض الآخر، والهاجس فس نهاية المطاف هو إنجاح مخطط تسوية المقاولة.

وزيادة على ذلك، فالتطبيق السليم لمقتضيات المخطط المذكور، يتطلب توفير الوسائل والإمكانات ـ خاصة المادية ـ التي تمكن من تحقيق هذا المبتغى، ولعل من بين أهم هذه الوسائل ذلك العقار الذي يمثل الوجود الجغرافي لهذه المقاولة، والذي يلعب دوراً كبيرا في إنجاح هذا المخطط، سواء كان ذلك العقار مملوكا للمقاولة، أو كانت هذه الأخيرة تستغله عن طريق عقود.

 ومن ناحية أخرى لابد أن نشير إلى أن الحديث عن مخطط تسوية المقاولة يعني حتما أن المقاولة غير ميؤوس من تسويتها أو تصحيحها، وأنها تعاني من مجرد صعوبات عابرة[3] يمكن تلافيها وتجاوزها إذا أخذت المسطرة مجراها الصحيح[4]، وهنا يمكن الحديث عن إسهام العقارات في إنجاح التسوية القضائية وإمكانية تدبيرها بشكل لا يؤثر على استمرارية المقاولة خلال هذه الفترة الحرجة، ولا يمس بحقوق الدائنين المتعاقدين خاصة منهم أصحاب العقارات موضوع العقود الجارية، وكذلك أصحاب الضمانات العينية العقارية.

ويمكن القول على أن الأهمية السالفة الذكر دفعت بالمشرع المغربي إلى الإحاطة ببعض الإشكالات  التي قد تعوق استفادة المقاولة من هذه العقارات خلال هذه الفترة الحرجة، والتي تكون الحاجة إليها أشد وأكبر من أي وقت مضى، بحيث أنه أولى الموضوع بعناية خاصة إدراكا منه للخطورة الناتجة عن هذا الوضع، ووعيا منه بالآثار السلبية التي قد تترتب على تفاقمه، حيث سارع المشرع المغربي وقبله العديد من التشريعات المقارنة[5] إلى إلغاء نظام الإفلاس – الذي كان يؤدي إلى إقصاء المقاولات من المحيط التعاقدي بمجرد توقفها عن دفع ديونها، دونما البحث عن الظروف والملابسات التي أدت إلى ذلك[6]، مما يؤثر سلبا على التوازن الاقتصادي والاجتماعي – هذا النظام (نظام الإفلاس) بغاياته المتمثلة في استئصال التاجر المفلس ومعاقبته وتصفية أصوله، والذي كان بدوره يعاني إفلاسا، استحق هو أيضا أن يعاقب ويستأصل وتصفى أصوله، فرحل غير مأسوف عليه[7].

وتأسيسا على ذلك، نسخ المشرع المغربي نظام الإفلاس بموجب الكتاب الخامس من القانون 15.95 المتعلق بمدونة التجارة[8] هذا النظام الذي حمل إبان صدوره بعضا من مقومات الوقاية والعلاج من مختلف الصعوبات التي قد تعترض المقاولة وآليات الحفاظ على استمرارية استغلالها لكن واقع تطبيقه أفرز العديد من الإشكالات مما استدعى تدخلا بترسانة قانونية مرنة ومواكبة للتحولات التي يعرفها الاقتصاد الدولي حيث تم نسخ هذا النظام المنصوص عليه الكتاب الخامس من القانون رقم  15.95[9] وتم تعويضه بمقتضيات القانون رقم 73.17[10]، يتعلق الأمر بنظام أخصه المشرع بأحكام المواد من 545 إلى المادة 794 من مدونة التجارة، حيث أن المشرع المغربي ورغبة منه في تسوية وضعية المقاولة المتوقفة عن دفع ديونها، عمل على وضع مجموعة من المقتضيات حاول من خلالها ضمان استمرارية نشاط المقاولة في المقام الأول، في انتظار إيجاد الحل الكفيل بتسوية وضعيتها. هذه المقتضيات ترمي في الأساس إلى حماية أصول المقاولة العقارية منها والمنقولة تحقيقا لهذه الاستمرارية وتنفيذا لمخطط الاستمرارية.

 ومن ناحية أخرى ووعيا منه بأن تطبيق القواعد العامة لنظرية العقد لن يسعفه في تحقيق هذا المبتغى، قد كرس المشرع المغربي في القانون المشار إليه أعلاه رقم 73.17 مجموع من الأحكام المستمدة أساسا من الفلسفة العامة لمساطر المعالجة، والتي قد تتعارض في كثير من الحالات مع المبادئ الكلاسيكية لنظرية العقد كما وردت في الظهير الشريف بمثابة قانون الالتزامات والعقودـ أو في نصوص أخرى ذات صلة بالمجال العقاري، فهل توفق المشرع المغربي من خلال أحكام القانون المذكور رقم  73.17 في الوصول إلى صيغة تكاملية بين المهمة التي انخرط فيها والمتمثلة في ضمان استمرارية المقاولة من جهة، وبين ما يتطلبه ذلك من توفير لعقارات ضرورية لتنفيذ مخطط تسوية المقاولة؟ وهل استحضر حماية حقوق كافة الأطراف المتدخلة في هذه المسطرة من جهة أخرى؟

إجابة عن الإشكالية القانونية المثارة سنحاول من خلال هذا المقال تحليل ومناقشة مختلف الأحكام المنصوص عليها في القانون السالف الذكر رقم 73.17 مع رصد ما أمكن من النقاشات الفقهية المثارة في شأنه، علاوة على التعليق على بعض المقررات القضائية الصادرة عن محاكمنا، ومقارنتها مع تجارب أخرى خاصة الفرنسية منها، قصد الوقوف على مواطن الضعف والقوة في تشريعنا، مع تقديم تصور قد يكون كفيلا بسد الثغرات التي تم تسجيلها على أحكام القانون المشار إليه أعلاه رقم 73.17 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.26 بتاريخ 2 شعبان 1439 (19 أبريل 2018) والقاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95المتعلق بمدونة التجارة، فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة[11]، وذلك من خلال خطة البحث التالية:

أولا: وظيفة الأصول العقارية للمقاولة عند اعتماد مخطط الاستمرارية

ثانيا: دور العقارات موضوع العقود الجارية عند تنفيذ مخطط الاستمرارية

أولا: وظيفة الأصول العقارية للمقاولة عند اعتماد مخطط الاستمرارية

يعتبر العقار من بين أهم الأشياء التي تتوفر عليها المقاولة ضمن أصولها، ذلك أنه يعتبر وبغض النظر عن دوره كمجال لاستقرار نشاط هذه المقاولة ـ أحد أهم الأوراق قد تبدو جليةً عندما تقرر المحكمة استمرارية للمقاولة باعتمادها لمخطط الاستمرارية، حيث يبرز هن الدور الذي تلعبه الأصول العقارية للمقاولة، في مساعدتها على الاستمرار في نشاطها وأداء خصومها، وعموماً المساهمة في إنجاح مخطط الاستمرارية وفق ما سطر فيه من أهداف.

وهذه الوظيفة التي يضطلع به العقار خلال هذه الفترة تتمظهر من خلال أمرين أساسيين، أولهما أهميته في التحفيز على تمويل المقاولة (1)، وثانياً دوره في توفير السيولة المالية، ومساعدة المقاولة على سداد خصومها بعد الاستفادة من ثمن تفويت هذا العقار في إطار التفويت الجزئي لبعض قطاعات النشاط (2)، مادام أن المقاولة المتعثرة عندما تعاني نقصاً في مواردها المالية، يمكن لها اللجوء إلى توفير بعض المال اللازم لتقوية ودعم أصولها، عن طريق بيع أو تحقيق بعض الأصول المثقلة بتأمينات عينية، والتي تعتبر غير ضرورية لاستمرارية المقاولة، ويطرح هذا الاحتمال في مخطط الاستمرارية[12].

1 ـ العقار كآلية في التحفيز على تمويل المقاولة

إن أهمية العقار بالنسبة للمقاولة لا تنحصر فقط في كونه يشكل المجال الذي تمارس فيه هذه الأخيرة أنشطتها التجارية، بل يتعدى هذا الأمر ليصل إلى كونه أصبح يؤدي مجموعة من الوظائف والمهام التي لم تكن هذه المقاولة لتستفيد منها لولا توفرها على هذه الأصول العقارية.

فإذا كان من الطبيعي أن المقاولات، وعلى اختلاف أنواعها، قد تعوزها الحاجة إلى الحصول على ائتمان قصد تطوير أنشطتها التجارية، حتى وهي في حالة جيدة وظروف عادية، فإن هذه

الحاجة يصبح إشباعها مسألة أساسية عندما تعترضها صعوبات مالية واقتصادية[13]، خاصة

بالنسبة للمقاولات التي أتيحت لها فرصة ثانية، وقررت المحكمة استمراريتها. حيث أن هذه المقاولة على وجه الخصوص، تكون في حاجة ماسة إلى مصادر التمويل، قصد تجاوز التعقيدات والصعاب التي أدت بها إلى هذا الوضع. وتعزيز القدرات الإنتاجية لهذه المقاولة، اعتماداً على ما حصلت عليه من تمويلات، تؤدي بها في نهاية المطاف إلى تسديد كافة الخصوم، والدخول مرة أخرى في سوق المنافسة بروح جديدة.

إلا أن الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد، هو أن الحصول على هذا التمويل يبقى أمراً جد صعب[14]، خاصة بالنسبة لهذه المقاولات التي وجدت نفسها أسيرة مساطر صعوبات المقاولة، التي تؤدي بها بلا شك إلى زعزعة علاقتها بالزبناء عموماً، وبالممولين على وجه الخصوص، نتيجة تأثر سمعتها بالوضع الذي هي عاقلة فيه.فمن المعلوم أن أغلب التمويلات[15] في الوقت الحالي يكون مصدرها الأبناك[16]، وهذه الأخيرة ـ وكما جرت العادة ـ لا تقدم على منح الائتمان إلا بعد فحص المركز المالي للتاجر، والتحري عن سمعته وكفاءته، ومدى ملاءمة الائتمان مع مصالحه[17]. فإذا كان قرار البنك بالموافقة على طلب المقاولة، فإن هذا يعتبر إلى حد كبير علامة على متن مركز التاجر، وعلى حسن سمعته. وهو عمل هام يطمئن إليه التجار الآخرون وكافة المعاملين مع المقاولة، مما يدفعهم إلى الإقبال على التعامل معها، مما يمكنها من الاستمرار في نشاطها[18].

لكن الأمور لا تسير على هذا النحو دائماً، حيث قد يحدث أن يُقابل طلب هذه المقاولة بالرفض، نتيجة البحث الذي قام به البنك حول الوضعية المالية لهذه الأخيرة، وحو لما يمكن أن تقدمه كضمان عند عدم الوفاء، خاصة وأن استيفاء الديون بالأسبقية على سائر الديون الأخرى، سواء كانت مقرونة بامتياز أو بضمانات طبقاً لما تخوله المادة 565 من م ت، لا يكون متاحاً بعد حصر المحكمة لمخطط الاستمرارية. ومادام أن الدائنين الذين يخول لهم المشرع هذا الامتياز هم الدائنون الذين نشأ دينهم في المرحلة أو الفترة المؤقتة، أي المرحلة التي تقع بين الحكم الأول القاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية، والحكم الثاني القاضي بحصر مخطط الاستمرارية[19]. وبالتالي فمادام استيفاء الديون التي نشأت بعد الحكم بحصر مخطط الاستمرارية تخضع للقانون العادي (القانون المدني)، فإن اشتراط تقديم ضمانات لفائدة الدائن يصير أمراً ملحاً وضرورياً.

والبين مما تقدم، أنه إذا كانت المقاولة في حاجة ماسة إلى التمويل، فإن ذلك يفرض مراعاة

وضعية الموقع للعقد معها، وبعبارة أخرى يجب البحث عن سبل للتوفيق بين مصلحة الدائنين، وذلك بإعطاء هؤلاء ضمانات وامتيازات تكفل حماية حقوقهم واستيفاء ديونهم، وإيجاد روافد أخرى لتمويل المقاولة، حتى تستعيد نشاطها[20]. ونرى بأن الضمانات هي أهم شيء لتوقيع عقود

جديدة تساهم في تمويل المقاولة.

وهنا بالضبط يبرز الدول الذي يلعبه العقار، أو بالأحرى الوظائف الأخرى التي يؤديها خدمة لهذه المقاولة، إذ أن ما للمقاولة من أصول عقارية تؤهلها للحصول على ائتمان بعد تقديم هذه العقارات كضمان، وبالتالي تتفادى هذه الأخيرة فرضية بيع الأصول العقارية، لتوفير السيولة المالية التي تحتاج إليها.

وبتعبير آخر، فهذه الضمانات العقارية[21] من شأنها أن تسهل حصول المقاولة على قروض لتنمية وتمويل استثماراتها، والخروج من الأزمة التي تتخبط فيها، ومن ثم تبقى هذه الوسيلة التمويلية العقارية هي الأمثل، لكونها تخول، من جهة للمقاولة سهولة الحصول على قروض، ومن جهة أخرى، تخول للمؤسسة مانحة الائتمان استيفاء وتحصيل ديونها، في حالة عجز المقاولة عن القيام بذلك، لكن تقديم المقاولة لعقاراتها كضمان، يثير إشكالاً يتعلق بالعقارات التي قررت المحكمة منع تفويتها، في إطار الإجراءات التي جاء بهام مخطط الاستمرارية، حسب ما تنص على ذلك الفقرة الأولى من المادة 594 من م ت[22]. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو، هل يمكن للمقاولة تقديم العقارات التي منعت المحكمة تفويتها كضمان لاستيفاء الدين؟يرى بعض الفقه الفرنسي[23] بهذا الخصوص أن عدم القابلية للتفويت لا تقيد بالضرورة ولا تمنع تقديم العقار موضوع المنع كضمان، خاصة أن المشرع يهدف من خلال منع تفويت بعض الأموال حماية أفضل للدائنين من خلال استمرارية المقاولة في مزاولة لأنشطتها، وهذا الاستمرار لن يتحقق إذا تم منع المقاولة من الاستفادة من عقاراتها عبر تقديمها كضمان[24]، للحصول على السيولة المالية الكفيلة بمساعدتها على هذا الاستمرار.

ونعتقد أن ما ذهب إليه هذا الجانب من الفقه يستحق التأييد، من حيث أولا، أن منع التفويت يكون لمدة معينة تحددها المحكمة، وبمرور هذه المدة يمكن إجراء كافة التصرفات على هذا العقار، بما فيها تحقيق الرهن أو بيع العقار لأداء الديون المترتبة في ذمة المقاولة. وكذلك من حيث أن التفويت ليس ممنوعاً منعاً مطلقاً، وإنما يتوقف فقط على ترخيص المحكمة، التي تملك في ذلك سلطة تقديرية واسعة، لتحديد ما إذا كان المال الذي يطلب رئيس المقاولة تفويته ضرورياً لاستمرار نشاط المقاولة أم لا[25].

ويمكن تبعاً لذلك بأن المنع من تفويت العقار لا يرتب المنع من إنشاء ضمان على هذا العقار، وإنما يتوقف ذلك فقط على ترخيص المحكمة، التي يجب أن تبقى مطلعة على أحوال المقاولة أثناء تنفيذ مخطط الاستمرارية، وتحديد ما تتطلبه وضعيتها المتعثرة بما فيها تقديم الضمان للحصول على ائتمان.

2 ـ تفويت العقارات كآلية لتوفير السيولة المالية للمقاولة

من المعلوم أن الخبرات التي تنجز أثناء فترة إعداد الحل، تعطي للمحكمة رؤية شاملة عن وضعية المقاولة، وتمكنها من وضع اليد على مكامن الخلل، فتبادر ـ في إطار مخطط الاستمرارية الذي تضعه، والذي يعتبر أداةً لرسم الخطة الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي على المقاولة سلوكها في إطار مسلسل التصحيح القضائي[26] ـ إلى تحديد بعض القطاعات من النشاط الذي تمارسه المقاولة المتعثرة، التي يتعين وقفها أو تفويتها[27]، بالنظر لمردوديتها الضعيفة أو المنعدمة، أو التي ستؤثر سلبا، على هذه المقاولة.

والتفويت المتحدث عنه هنا، لا يقصد به ذلك الذي يتم في إطار مخطط شامل لمختلف عناصر المقاولة، أي مخطط التفويت الكلي لأموال المقاولة كحل قائم الذات، وإنما يقصد به التفويت الجزئي لبعض ممتلكات المقاولة، أو بعض قطاعات النشاط، بشكل ملازم لاعتماد مخطط استمرارية المقاولة، عندما تقتضي الضرورة والمصلحة ذلك[28]، وهو ما يعبر عنه بالتفويت الجزئي، والذي ميزته المادة 635 من م.ت عن التفويت الكلي بشكل دقيق[29].

وأول ما تجدر الإشارة إليه بهذا الخصوص، أن المشرع أخضع تفويت عقارات المقاولة في إطار التفويت الجزئي لبعض قطاعات النشاط، لمقتضيات القسم الخامس من الكتاب الخامس المتعلق بصعوبات المقاولة، وبالرجوع إلى هذه المواد المحال عليها، وخاصة المواد من 651 إلى 669 نجدها تتعلق بالتصفية القضائية، وهذا الأمر كان محط انتقاد من طرف البعض[30]، مبرراً ذلك أن المشرع المغربي، كان عليه أن يحدو حدو المشرع الفرنسي، الذي أخضع التفويت الجزئي (طبقا للمادة 69 من تعديل 1994) لمسطرة التفويت الكلي (المواد من 82 إلى 90 والمادة 93 من قانون 25 يناير 1985)، والذي كان بذلك أكثر دقةً وانسجاماً من حيث الواقع والقانون، خاصة وأن التفويت الجزئي قي يتعلق بقطاعات النشاط، وما يترتب عن ذلك من إشكاليات مالية واقتصادية واجتماعية، مما يفرض معه التدقيق في هذه العروض المقدمة، ودراستها والتأكد من توفر شروطها.

وهذا التفويت الجزئي الذي يمكن أن ينصب على جزء من نشاط معين من مجموع الأنشطة التي تمارسها المقاولة، أو ينصب على قطاع معين يشكل نشاطاً مستقلاً بذاته، لا شك أن من شأنه توفير سيولة مالية مهمة لمواجهة الأعباء التي تثقل كاهل هذه المقاولة[31]. ولعل أهم ما قد يشمله هذا التفويت في هذا الإطار، هي تلك العقارات التي تمارَس فيها هذه الأنشطة التي تم تفويتها، حيث أن من شأن تفويت هذه العقارات أن يدِرَّ على المقاولة مبالغ كبيرة وسيولة مالية مهمة ستساعدها على الخروج من الأزمة التي تتخبط فيها[32]. وعملية بيع الأصول خلال هذا المخطط، قد تتم بصفة جزئية واستثنائية في إطاره، وهذا الإجراء لا يكتسي أهمية بالغة إلا حين يكون المال مثقلا بتأمين عيني[33].

لكن هذا الثمن المتحصل عليه من التفويت الجزئي أثار تساؤلا مفاده، هل هذا الثمن يتم

تخصيصه لتوزيعه على الدائنين كما هو الشأن في حالة التفويت الكلي، أم يتم إدراجه ضمن أصول المقاولة؟

اعتبر أغلب الفقه[34] بهذا الخصوص، أنه وإن كان المشرع المغربي لم يشر إلى كيفية استعمال الثمن المحصل عليه من التفويت الجزئي لبعض قطاعات النشاط ـ عكس ما فعل نظيره الفرنسي، الذي أكد على ذلك صراحة في المادة 79[35] من قانون 25 يناير 1985[36] ـ فإن ثمن التفويت هذا ينصب

في الذمة المالية للمقاولة ويضاف إلى أصولها. وبعبارة أخرى، فالمتحصل من هذا البيع يرصد لتقوية الجانب المالي للمقاولة المدينة، من دون تمكين الدائنين من الحصول على حقوقهم بصفة فورية، إذ الوفاء في هذه الحالة لا يتم إلا وفقاً لتوقعات مخطط التسوية[37].

إن التوجه السالف الذكر، التوجه في حقيقته توجه منطقي، لأنه ومادمنا في إطار تنفيذ مخطط يهدف في الأساس إلى استمرارية المقاولة، فإنه يتعين توفير السيولة المالية الضرورية لمساعدتها على هذا الاستمرار في مزاولة نشاطها، أما مسألة أداء الديون المترتبة في ذمتها، فهي في حقيقة الأمر تحصيل حاصل، مادام أن هذه الاستمرارية ستؤدي إلى تقوية وتطوير أنشطة المقاولة، وبالتبعية إبراء ذمتها من الخصوم[38]، وذلك بخلاف ما عليه الأمر في حالة التفويت الكلي، الذي يوزع ثمنه على الدائنين كلٌّ حسب مرتبته.

لكن ما قيل بهذا الخصوص لا يجب أخذه على إطلاقه، بل يجب مراعاة ما جاء في المادتين 632 و633 من م.ت، اللتين تتعلقان بحالة بيع ملك مثقل بامتياز خاص أو برهن أو برهن رسمي، حيث يتم أداء مستحقات الدائنين المستفيدين من هذه الضمانات من ثمن البيع بمجرد إتمام هذا البيع، حتى ولو لم يحن أجل هذه الديون[39]، وكذا حالة استبدال الضمان بضمان آخر عند الضرورة[40].

وإذا كانت حماية المقاولة قد تدفع بالمحكمة إلى ضرورة تفويت بعض عقاراتها في إطار التفويت الجزئي لبعض قطاعات النشاط، فإن هذه الحماية قد تفرض على هذه المحكمة ضرورة تقرير إجراء من نوع خاص يسير في الاتجاه المعاكس، ذلك أنها يمكن أن تقرر أيضاً في الحكم الذي يحصر المخطط أو يغيره عدم إمكانية تفويت الأموال والعقارات التي تعتبرها ضرورية لاستمرارية المقاولة دون ترخيص منها ولمدة تحددها (المادة 594 م ت)[41].

ولعل أبرز ما يثيره الإجراء، المتمثل في عدم قابلية تفويت الأموال العقارية الذي يفرضه القضاء، هو مسألة الحجز على هذه العقارات، حيث أن هذا الأمر يدفعنا إلى التساؤل حول ما إذا كان بالإمكان إجراء حجز على العقارات المشمولة بعدم القابلية للتفويت؟

استقر رأي الفقه[42] في فرنسا، على أن عدم قابلية العقار للتفويت يجعله حتما غير قابل للحجز، حماية للأموال الضرورية لاستمرارية المقاولة، وذلك تطبيقا للقواعد العامة الجاري بها العمل في مادة القانون المدني. وتطبق هذه القاعدة دون إجراء أي تفرقة بين الدائنين، وبين ما إذا كان سندهم سابقاً أو لاحقاً لقرار عدم قابلية العقار للتفويت، وهذا التوجه هو نفسه الذي اعتمدته محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها الصادرة عن الغرفة المدنية الأولى[43]، والذي قررت فيه قاعدة عامة مفادها أن عدم القابلية لتفويت العقار، يمنع إجراء الحجز عليه. وإذا كنّا قد سلمنا بأن عدم القابلية للتفويت وضع أساساً لحماية المقاولة، وبالتبعية حماية للدائنين، وأن المشرع وضع هذا المقتضى إذا كان من شأنه ضمان استمرارية هذه المقاولة، أفلا يعبر ذلك عن وجود تناقض بين الفكرتين؟

يرى بعض الفقه الفرنسي[44] أنه لا يوجد أي تناقض، بل على العكس من ذلك، هناك تكامل بين الأمرين، بحيث أن المشرع الفرنسي في إطار قانون 25 يناير 1985، يرى أن أفضل حماية للدائنين هي استمرارية المقاولة في مزاولة نشاطها، وبالتالي فهناك تناسباً عميقاً بين مصلحة المقاولة في الاستمرار، وحماية الدائنين، وبين الأهداف التي يروم المشرع تحقيقها.

وعلى العموم، فإذا كان لا يخفى الدور الذي تضطلع به الأصول العقارية للمقاولة عند اعتماد المحكمة لمخطط الاستمرارية وأهميتها في المساعدة على إنجاح هذا المخطط، فكيف هو الأمر بالنسبة للعقارات موضوع العقود الجارية؟

ثانيا: دور العقارات موضوع العقود الجارية عند تنفيذ مخطط الاستمرارية

إن الهدف من مخطط الاستمرارية، هو منح المقاولة المتعثرة فرصة جديدة لإعادة هيكلة بنايتها الإنتاجية، مع الحفاظ عليها في إطارها الأولي، بأقل حجم من الاضطرابات والتقلبات، فإن الوصول إلى تحقيق ما هو مضمن بهذا المخطط على أرض الواقع، هذا الأمر، يفرض في المقام الأول توفير مختلف الآليات والوسائل التي تمكن من التنفيذ السليم لما جاء فيه، إذ لا يمكن الحديث عن أي تسوية لهذه المقاولة المتعثرة في غياب الوسائل التي تمكن أو على الأقل تساعد على تحقيق ما هو مبرمج في مخطط الاستمرارية، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالوجود الجغرافي للمقاولة، والذي لا يتأتى، في غالب الأحيان. إلا من خلال العقارات موضوع الكراء والائتمان الإيجاري، مما تبدو معه أهمية وضرورة هذه العقارات موضوع العقود الجارية جليةً خلال تنفيذ المخطط.

غير أنه وبقدر هذه الأهمية التي تلعبها العقارات موضوع هذه العقود (1)، تطفو إلى السطح مجموعة من الصعوبات والمعيقات، المتعلقة باستمرارية هذه العقود (2) خلال هذه الفترة، في ظل التعارض الذي قد يحدث بين محتويات هذه العقود وبين ما تتطلبه هذه الاستمرارية من تعديل في هذه المحتويات.

1 ـ أهمية العقارات موضوع العقود الجارية أثناء تنفيذ المخطط

يربط الفقه القانوني[45] مصير العقود جارية التنفيذ بمسطرة التسوية القضائية، حيث يتم الحديث عن كون العقد في خدمة التسوية على العموم، والاستمرارية على وجه الخصوص، بالإبقاء على شبكة العلاقات التعاقدية[46]، علماً بأن العقد في مفهوم صعوبات المقاولة يشكل أصلاً من أصولها ومالاً من أموالها[47].

ولعل من بين أهم العلاقات التعاقدية التي تعتمد عليها المقاولة خلال هذه الفترة، والتي يتوق القضاء إلى الحفاظ عليها، هي تلك المتعلقة بالعقارات التي تزاول فيها هذه المقاولة أنشطتها، حيث أنه إذا كانت المحكمة قد قررت استمرارية المقاولة، بناءً على المعطيات التي راكمتها حول وضعيتها طوال فترة إعداد الحل، فإن هذه الاستمرارية ستكون بلا معنى، إذا لم تستمر معها العلاقات التعاقدية، التي تستغل وفقها العقارات التي تزاول فيها نشاطها. وبالتالي، فقد كان من البديهي، لتحقيق المبتغى الذي راهنت عليه المحكمة من خلال مخطط الاستمرارية، الاحتفاظ بالعقود المبرمة سلفاً مع المقاولة، لما تشكله هذه العقود من روابط ذات بعد اقتصادي مهم، يمثل بالنسبة لها شريان الحياة، الذي لن تتحقق من وراء إنهائها أية أهداف، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالوجود الجغرافي لهذه المقاولة الذي لا يتأتى إلا من خلال عقد كراء العقارات التي تمارس بها نشاطها، وتفادياً لاكتراء عقارات جديدة بشروط جد قاسية، قد ترهق موازنتها مستقبلاً[48]، وتعرقل حسن سير المخطط أو قد تؤدي إلى النهاية السلبية، وهي تقرير فسخه من طرف المحكمة عند عجز المقاولة عن تنفيذ التزاماتها المضمنة بصلب المخطط[49].

وحتى على فرض لجوء هذه المقاولة إلى إبرام عقود قصد اكتراء عقارات جديدة، نتيجة التخلي عن العقود السالفة، فإن النتيجة الحتمية لهذا الإجراء لن تخرج غالباً عن أمرين أساسيين؛ الأول يتمثل في مطالبة صاحب العقد الذي تم فسخه بالتعويض، والثاني سيتمثل في أن العقد الجديد الذي سيتم إبرامه، سيكون بلا شك بشروط غير تلك التي كانت تستفيد منها المقاولة في ظل العقد القديم، على اعتبار أن الوضعية المالية للمقاولة ليست هي نفسها عندما تم إبرام الكراء الأول، زد على ذلك أن وجيبة الكراء ستكون أكثر مما كانت عليه في السابق، نتيجة لكون السوق العقارية تعرف ارتفاعا متزايداً ومستمراً.

وهذه الأمور كلها طبعاً لا تصب في مصلحة المقاولة، ولا تساعد لا من قريب ولا من بعيد في تحقيق ما هو مبرمج في مخطط الاستمرارية، بل على العكس من ذلك، فهذه الوضعية تزيد في تأزيم وضعها، وتجعل فرص انتشالها من أزمتها ضعيفة إن لم نقل منعدمة.

ومهما يكن من أمر، فإن المقاولة وفي إطار سعيها إلى تحقيق الأهداف المنشودة في المخطط، لابد لها من توظيف وسائل تساعدها على تحقيق هذه الغايات والأهداف، وأول هذه الوسائل بطبيعة الحال هي الحفاظ على العقود التي تستغل بموجبها العقارات التي تزاول فيها أنشطتها، مادام أن أي حل قد تعتمده هذه المقاولة دون مراعاة منها لهذا المعطى سيكون مآله الفشل.

لذلك، فلا غرابة أن نجد المشرع منح مجموعة من الضمانات لأصحاب هذه العقارات، في مقابل استمرارية العلاقة التعاقدية مع المقاولة، لعل أهمها هي تلك الامتيازات المتعلقة بأداء الديون الناتجة عن هذا الكراء بالأسبقية عن باقي الديون الأخرى، وعياً منه بأن أي إجراء يرمي إلى تسوية وضعية المقاولة يتم بمعزل عن توفير الوسائل الكفيلة بذلك، سيؤدي بدون شك إلى عكس ما هو منتظر منه.

2 ـ معوقات استمرارية العقود الجارية أثناء تنفيذ المخطط

أسلفنا القول بأن أهمية العقود الجارية بالنسبة للمقاولة الخاضعة لمساطر معالجة الصعوبات، لا تنحصر فقط خلال فترة إعداد الحل، وإنما تمتد هذه الأهمية إلى ما بعد ذلك، خصوصاً عندما تختار المحكمة اعتماد مخطط الاستمرارية، الذي تروم من ورائه ضمان استمرار نشاط المقاولة في المقام الأول، وتمكينها من تجاوز الصعوبات التي تعترضها. وبالتبعية تسوية وضعيتها اتجاه الدائنين.

لكن الوصول إلى تحقيق هذه الأهداف، هو في حد ذاته ليس بالأمر السهل، خاصة أمام كثرة المتدخلين في هذه العملية، وأمام تضارب المصالح بين هؤلاء المتدخلين، خاصة منهم الدائنين الذين يشكلون عنصراً أساسياً لإنجاح هذا المخطط.

ولئن كانت مرحلة إعداد هذا الأخير تواجه بمشاكل عملية، بخصوص مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها السنديك، فإن هذه المشاكل تزداد حدةً وتعقيداً عندما يتعلق الأمر بالعقود الجارية، خاصة منها التي تستغلُّ بموجبها المقاولة العقارات التي تمارس فيها نشاطها، نظراً للأهمية التي تمثلها هذه الأخيرة بالنسبة لاستمرارية هذا النشاط، في ظل ما يلتزم السنديك بالقيام به بخصوص الاستشارات الفردية أو الجماعية للمكري المتعاقد مع المقاولة، قصد الحصول على موافقته ـ وعموما موافقة كل دائن ـ على الآجال والتخفيضات[50] المتعلقة بالأداءات المالية، وباقي

مشتملات العقد غير المتعلقة بالأداء المالي، خصوصاً منها مدة العقد، وتحقيق الاتفاق بشأنها[51].

والأكيد أن هذه الاستشارة الواجبة، والطامحة للحصول على موافقة الدائنين عموما المكري على وجه الخصوص، قد لا تتحقق[52]، بل قد يعرف هذا التفاوض بحد ذاته مجموعة من الصعوبات، وقد تواجه السنديك عند القيام به مجموعة من العراقيل والمعوقات الجوهرية الواقعية، التي تعوق إنجاح مخطط الاستمرارية، أو بالأحرى اعتماده أو اختياره، خصوصاً إذا كان هذا العقد يشكل أهمية بالغة بالنسبة للمقاولة[53].

وإذا كان ما ذكر يشكل فقط جانباً من الصعوبات والعراقيل التي تواجه السنديك أثناء إعداده لمخطط الاستمرارية، فإن الفترة التي يتم فيها تنزيل هذا المخطط على أرض الواقع، قد تشهد معيقات ومشاكل أشد تعقيداً، مشاكل ترتبط أساساً بالصعوبات المتعلقة بتطبيق نظرية

استمرارية العقود الجارية (أ) وتلك المرتبطة بمحتويات هذه العقود (ب) خاصة ما تثيره هذه الأخيرة عندما يتعلق الأمر بملاءمة محتوياتها مع الوضعية الحالية للمقاولة.

أ ـ الصعوبات المتعلقة بتطبيق نظرية استمرارية العقود الجارية

 من المسلم به، أن استمرارية العقود التي تستغلُّ بموجبها المقاولة العقارات التي تزاول فيها نشاطها ـ وكافة العقود الجارية بوجه عام ـ تشكل آلية أساسية لضمان استمرارية نشاط المقاولة خلال الفترة المؤقتة، أو ما يصطلح عليها في القانون التجاري الفرنسي بفترة الملاحظة[54]، كما تشكل أهمية بالغة لتسوية هذه المقاولة[55]، لكن هذه الاستمرارية شكلت في مقابل ذلك اضطرابا في المفهوم القانوني لقاعدة مواصلة العقود الجارية، كما هي منصوص عليها في المادة 588 من مدونة التجارة، بعد تبني مخطط الاستمرارية[56]، وطرحت مشاكل واضحة في حالة اختيار هذا المخطط، تعلقت أساساً بإشكال محوري مفاده؛ مدى قابلية نظرية العقود الجارية للتطبيق خلال هذه الفترة؟ هذا الإشكال الذي خلق نقاشاً في أوساط الفقه الفرنسي والمغربي، في محاولة منه للإجابة عنه وعن كافة التساؤلات التي تتفرع عنه. وأهمها هل يقتصر أثر نظرية العقود الجارية على مرحلة إعداد الحل فقط، أم يمتد إلى مرحلة تنفيذه؟ وهل حق الاختيار المقرر للسنديك في هذا الإطار مرتبط فقط باستمرارية الاستغلال أم يشمل كذلك مرحلة إعداد الحل[57]؟

أمام غياب جواب صريح عن هذا الإشكال، سواء في المادة 588 من م ت المغربية أو المادة 37 من قانون 25 يناير 1985 الفرنسي. انقسم الفقه المغربي وكذلك نظيره الفرنسي بخصوص هذا الأمر إلى اتجاهين؛ حيث ذهب جانب من هذا الفقه[58] إلى القول بتطبيق قاعدة استمرارية العقود الجارية، حتى بعد الحكم بحصر مخطط القول بتطبيق قاعدة استمرارية العقود الجارية، حتى بعد الحكم بحصر مخطط الاستمرارية، معتبراً أن القول بخلاف ذلك، من شأنه أن يعيدنا إلى القواعد العامة للقانون المدني، التي تخول للمكري ـ باعتباره دائنا ـ إثارة ومطالبة القضاء بفسخ العقد، لعدم تنفيذ الالتزامات السابقة على فتح المسطرة في مواجهة المقاولة المتوقفة عن الدفع. وبالتالي فإن الشرط الفاسخ الذي ظل طيلة المرحلة الانتقالية جامداً، يستعيد وجوده بعد حصر المخطط، الشيء الذي يستتبعه تأثير قواعد القانون المدني على نشاط المقاولة[59]، وعلى هذا الأساس فعدم تطبيق قاعدة الاستمرارية أثناء تنفيذ المخطط، قد يعرض المقاولة لهزة تفصلها عن محيطها التعاقدي[60]، على عكس ما تخوله هذه الاستمرارية من مساعدة على تسوية لوضعية المقاولة[61].

بينما ذهب جانب آخر من الفقه الفرنسي[62]، إلى القول بعدم تمديد قاعدة استمرارية العقود الجارية بعد صدور الحكم القاضي بحصر مخطط الاستمرارية، وذلك استناداً إلى عدم وجود نص يقضي صراحة أو ضمناً بهذا التمديد، وأن الحكم القاضي باعتماد هذا المخطط يعتبر بمثابة حكم بإقفال المسطرة، مما يعيد المقاولة إلى حالتها الطبيعية لتبدأ نشاطها من جديد، في وضعية لا يعود معها، لا السنديك في التشريع المغربي ولا المتصرف القضائي في التشريع الفرنسي يملكان سلطة المطالبة بتنفيذ أو بعدم تنفيذ العقود الجارية بعد الحكم بحصر المخطط.

كما أنه إذا كان رئيس المقاولة يسترجع حرية التصرف بعد صدور هذا الحكم، فلا يتصور انتقال سلطة اختيار مواصلة العقود لرئيس المقاولة أو أحد المسيرين، باعتباره طرفاً في العقد الذي هو شريعة المتعاقدين[63].

ويقدم أصحاب هذا التوجه[64] تعزيزا لموقفهم الأخير، تفسيراً من خلال ربط نظرية العقود الجارية مع حق الأولوية في استيفاء الدين المنصوص عليه في المادة 590 من م.ت المغربية والمادة 40 من قانون 25 يناير الفرنسي، والذي يعد ـ أي حق الأسبقية ـ بمثابة تحفيز قانوني على مواصلة تنفيذ المتعاقدين مع المقاولة للعقد، حتى ولو لم تنفذ هذه المقاولة المدينة التزاماتها. وبالتالي فهو يلغي أي رابطة أو مبرر يجيز الإجبار على تنفيذ العقود الجارية، ويعطي بالمقابل للمتعاقد الحق في المطالبة بالفسخ عند عدم وفاء المدين بالتزاماته[65].

وفي نفس هذا التوجه، اعتبر رأي في الفقه المغربي[66]، أن مواصلة العقود الجارية خلال تنفيذ مخطط الاستمرارية أمر غير مستساغ، ولا يجب أن تمتد أثر هذه القواعد نهائيا إلى ما بعد مرحلة الحكم بحصر مخطط الاستمرارية، اللهم إذا كان من شأن هذه الاستمرارية الزيادة في الدفاع عن مصالح المقاولة على حساب الدائنين، حيث أنه وبالإضافة إلى عدم وجود أي نص لا في التشريع المغربي، أو نظيره الفرنسي، يقضي صراحة أو ضمناً بتطبيق نظرية العقود الجارية أو في طور التنفيذ بعد الحكم بحصر مخطط الاستمرارية، فإن فرضية تطبيق هذه النظرية، لا تنسجم البتة مع منح الآجال والتخفيضات وكيفية سداد الخصوم أو الديون بعد الاستمرارية[67].

وبخصوص تعامل القضاء مع هذا الإشكال، فإنه يمكن القول بأنه سواء تعلق الأمر بالقضاء الفرنسي، أو نظيره المغربي، فإن مواقفه كانت مطبوعة بالتضارب، حيث نجد القرارات الصادرة عن المحاكم الفرنسية، تعزز تارة موقف الفقه الرافض لإلزام المتعاقد مع المقاولة بمواصلة العقد، كما حدث في عقد كراء عقار[68]، وتارة أخرى تقرر حماية مصلحة المقاولة، وتقضي بضرورة مواصلة العقد بالشروط التي تم الاتفاق عليها أثناء مرحلة إعداد الحل[69]، كما جاء في إحدى قرارات محكمة النقض الفرنسية الصادرة بتاريخ 14 فبراير 1989، فيما يتعلق بعقد فتح الاعتماد، حيث جاء في حيثيات هذا القرار “من الواجب على المؤسسة البنكية أن تحافظ خلال فترة تنفيذ مخطط الاستمرارية على التعهدات التي تحملت بها خلال فترة الملاحظة ودون أن تتقيد بمدة معينة[70].

والقضاء المغربي لم يحد هو الآخر عن هذا الطابع المتردد، الذي ميز تعامل القضاء الفرنسي مع هذه المسألة، حيث يقوم في بعض الأحيان أثناء بته في حكم مخطط الاستمرارية بتحديد بعض العقود التي يجب أن تستمر مع المقاولة[71].

وإذا كان ما ذكر يشكل أساساً الصعوبات والعراقيل التي يطرحها تطبيق نظرية استمرارية العقود الجارية عند حصر مخطط الاستمرارية، فإن تطبيق هذا المخطط قد يواجه صعوبات أخرى، ترتبط بمحتويات العقود الجارية نفسها، خاصة إذا علمنا أن مدى مخطط الاستمرارية يمكن أن تصل إلى عشر سنوات[72]، وتطرح بالتالي الإشكال بخصوص عقد الكراء المبرم لمدة محددة، والذي يفترض تنفيذه إلى غاية نهاية الأجل المتفق عليه في العقد فقط، فماذا لو صادف نهاية هذا الأجل بداية مخطط الاستمرارية وقررت المحكمة استمرارية العقد؟

لا شك أن حصر مخطط الاستمرارية قد يعطي أملا للمكري كدائن في تنفيذ الالتزامات المضمنة بهذا المخطط، لكن طول مدته قد يضر بمصالح هذا المكري، مادام أنه يبقى تحت رحمة المحكمة التي خولها المشرع سلطة تقديرية لتحديد مدة هذا المخطط على ألا تتجاوز عشر سنوات، وطول مدة المخطط قد تضر بمصالح المكري كدائنين وتفتح المجال أمام رئيس المقاولة طلب من أجل تغيير أهداف المخطط. تماطلا منه في تنفيذ التزاماته المالية، مما شكل إضراراً بمصالح الدائن.

وإلى جانب ذلك فقد يظهر التأثير بجلاء في محتوى العقد، عندما تفرض المحكمة آجالا موحدة للأداء يمكن أن تزيد عن مدة تنفيذ مخطط الاستمرارية[73]، حسب ما تنص على ذلك المادة 598 من م ت، مما تكون معه بنود العقد قد تعطلت مقدماً، وحلت محلها بنود جديدة لم يكن لأحد أطرافها ـ الذي هو المكري ـ أية إرادة في إنشائها. في تجاوز لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين.

فإذا كان يقال بأن إرادة الأطراف حرة في إنشاء ما تشاء من العقود، وتضمينها ما تشاء من الشروط، ولا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، فإن هذه الإرادة والشروط تتجمد، وبالنتيجة فإن محتوى العقد الذي كان سارياً قبل فتح مسطرة التسوية القضائية، لا يبقى له وجود خلال المرحلة الانتقالية[74].

صفوة القول، إن جل بنود ومقتضيات العقد يطالها التعديل، خاصة منها آجال وثمن الكراء، الذي قد تطاله تخفيضات يقترحها السنديك، ويفاوض بشأنها المكري الدائن ليحصل على موافقته وتشهد عليها المحكمة[75]، مما يصير معه تنفيذ محتويات العقد يواجه صعوبات بعد انتهاء المرحلة الانتقالية أو المؤقتة[76]. هذه الصعوبات التي قد تهدد مصلحة المكري، خصوصا في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية المغربية، حيث غالباً ما يكون هذا الأخير طرفاً مدنياً وليس تاجراً، لذلك فإنه من شأن تعطيل بنود العقد أن يعرض هذا الأخير بدوره لصعوبات، خصوصاً إذا كانت هذه الآجال والتخفيضات موضوع المخطط مبالغ فيها[77].

وهذا الأمر يجرنا بالضرورة إلى التساؤل عن الضمانات التي قررها المشرع لهذه الفئة، في مقابل التنازلات والتضحيات التي يقدمونها في سبيل إنجاح مخطط الاستمرارية؟

ب ـ الصعوبات المرتبطة بمحتويات العقود الجارية

ليس بغريب أن نجد توجه القضاء المغربي في تعامله مع العقود الجارية خلال تنفيذ مخطط الاستمرارية، يسير في اتجاهات مختلفة. فأمام إحجام المشرع عن تحديد قواعد تضبط وتؤمن التنفيذ الدقيق والسليم للعقود الجارية بعد حصر المحكمة لمخطط الاستمرارية، فقد كان من اللازم تجاوز وتدارك هذا الفراغ القانوني، من خلال إعمال القضاء لسلطته التقديرية عند تقرير مصير هذه العقود.

لكن هذا الأمر في حقيقته ليس بالأمر السهل، نتيجة تضارب المصالح بين كافة المتدخلين في المسطرة، خاصة منهم الدائنين. فلئن كانت صعوبة تطبيق قاعدة العقود الجارية عند تنفيذ مخطط الاستمرارية يشكل العقبة الأولى بخصوص هذه العقود، فإن تنفيذها يصطدم بإشكال أشد تعقيداً، يرتبط أساساً بمحتوى هذه العقود التي لا تتماشى في غالب الأحيان مع ما تفرضه مساطر معالجة صعوبات المقاولة. مما يصير معه التضحية بحقوق أحد أطراف العقد ـ أو على الأقل بجزء من حقوقه ـ أمراً حتمياً لتحقيق المبتغى من وراء هذه المسطرة، خصوصا وأن تنفيذ العقد يعد عنصراً رئيسياً في رابطة الالتزام بين الأطراف المتعاقدة، لكونه يحقق التوازن الاقتصادي للعقد، ويمثل بشكل أو بآخر جوهر التعاقد.

ولما كانت العقود التي تستغل بموجبها المقاولة العقارات التي تزاول فيها نشاطها ـ خاصة متنها عقد الكراء التجاري وعقد الائتمان الإيجاري العقاري ـ تشكل روابط تعاقدية لها خصوصياتها، فإن لتقرير استمراريتها خلال مخطط الاستمرارية، تأثير على تنفيذ محتوى هذه العقود، نتيجةً لتطبيق مجموعة من القواعد التي أوجدها المشرع حماية للمقاولة المتعثرة، وتلبية لمتطلبات الظرفية الاقتصادية، وضرورة المحافظة على الوحدات الإنتاجية التي تشكل عماد الاقتصاد الوطني[78].

وتتمثل هذه القواعد أساساً في قاعدة الاستمرارية، المنصوص عليها في المادة 588 من م ت، وإمكانية التفاوض[79] التي يقوم خلالها السنديك باستشارة الدائنين ـ ومن بينهم المكري ومؤسسة الائتمان باعتبارهم دائنين ـ بصفة فردية أو جماعية، قصد الحصول على موافقتهم بشأن الآجال والتخفيضات التي يطلبها منهم السنديك، لضمان التنفيذ الأمثل لمخطط الأمثل  لمخطط الاستمرارية، ثم الإجراء المتمثل في فرض آجال موحدة للأداء[80] من طرف المحكمة على الدائنين.

وتطبيق هذه القواعد، يكون له بلا شك وقع على هذه العقود، نتيجة الاختلاف القائم بين ما تنص عليه هذه القواعد ومحتويات العقود، ويظهر ذلك بجلاء مثلاً عندما يفرض تنفيذ مخطط الاستمرارية التجديد المستمر لعقد الكراء، وتمديد مدته لحين قفل المخطط. مما قد يتعارض مع ما هو مضمن في عقد الكراء من جهة، ومع إرادة المكري الرافضة للتجديد من أخرى، وكذلك مع ما وضعه المشرع من مسطرة خاصة لتجديد هذا العقد[81] من جهة ثالثة، الأمر الذي يبقى معه البحث عن ضمانات لهؤلاء الأطراف خاصة منهم أصحاب العقارات موضوع العقود الجارية أمراً مُلحاً في سبيل منحهم بعض الحماية في حال آلت أمور هذه المقاولة إلى الأسوأ.

ختاما يمكن القول على أن نظام صعوبات المقاولة يرتكز أساسا على إنقاذ المقاولة من الانهيار، وحماية مصالحها الاقتصادية والمالية بالدرجة الأولى عبر عدة آليات لضمان استمرارية استغلال نشاطها التجاري، فالأحكام التي وردت في القانون رقم 73.17 تتقاطع مع مجالات أخرى لتحقيق الغاية المتوخاة منها، وأهمها المادة العقارية حيث أن هذه الأخيرة تلعب أدوارا متعددة في مختلف مراحل المسطرة؛

  تبرز وظيفة العقار الائتمانية من خلال تقديمه كضمان عيني للاستفادة من قروض لتمويل مشاريع المقاولة وتنميتها ومن تم الإسهام في إنجاح مخطط التسوية، لاسيما وأن حصر هذا الأخير متوقف بالأساس على الإمكانات والوسائل التي تمكن من هذه الاستمرارية خاصة العقارات الضرورية لمزاولة النشاط ولاستمراره مادام استمراره مرتبطا وجودا وعدما بوجود المحل الذي يمكن من ذلك في ظل ما يفرضه هذا المخطط من تغييرات كبيرة على المقاولة تمتد لتطال كل مكوناتها.

لابد من التصريح في هذا المقام على أن نجاح الغايات السالفة الذكر يفرض مراعاة أمر أساسي -يشكل أساس وجوهر هذه المساطر والمحدد الأول والأخير لنجاحها من عدمه- ألا وهو تحقيق الأمن القانوني والاقتصادي بالنسبة للدائنين (أصحاب العقارات) بما يمكنهم من الاطمئنان على استيفاء كافة ديونهم المترتبة بذمة المقاولة وبما يدفعهم للاستمرار في التعامل مع هذه المقاولة بالرغم من خضوعها للمساطر الجماعية ولاسيما بإفراد الكراء التجاري والائتمان الإيجاري العقاري بقواعد خاصة تراعي من جهة أهمية العقار بالنسبة للمقاولة الخاضعة للتسوية وتراعي كذلك خصوصية العقود التي تؤطرها خاصة عقد الائتمان الايجاري العقاري الذي تتداخل في العديد من القوالب القانونية التي تجعل من غير المقبول إخضاعه للقواعد الواردة في القانون 73.17 ولاسيما أحكام المادة 588 .

ويجب التصريح بأن القاعدة القانونية المؤطرة لمجال المال والأعمال عرفت تحاولات كبيرة أدت بها في حالات كثيرة إلى فقدان طابعها القانوني ولو بشكل جزئي تحت هاجس تطبيق السياسات المحددة من طرف السلطات العمومية “حماية المؤسسة الاقتصادية” والذي أدى، بما لايدع مجالا للشك، إلى التضحية بأهم العناصر المشكلة لقواعد القانون والمتمثلة في عنصري الديمومة والاستقرار، مادام الأمر يتعلق بتعديلات جاءت استجابة لدعوات اقتصادية داخلية منها وخارجية ترتبط أساسا بتحسين مؤشرات مناخ الأعمال الدولي أكثر مما كان الهدف منها معالجة إشكالات قانونية وواقعية ترتبط بصعوبات المقاولة المغربية.


[1] -العقار كمقوم من مقومات المقاولة، له دور بارز عند الحكم بفتح مسطرة صعوبات المقاولة، فإذا قضت المحكمة بفرض مسطرة التسوية، فالعقار يقدم كضمانة عينية قصد الحصول على قروض لتجاوز الصعوبة التي تعيق استمرار نشاط المقاولة، ومن خلال اعتماد مسطرة التسوية فوضعية العقار ستتغير حتما ما بين مخطط الاستمرارية ومخطط التفويت وذلك حسب مصلحة المقاولة المتوقفة عن الدفع بالدرجة الأولى

[2] – لا شك أن المشاريع الاستثمارية، وعلى اختلاف أنواعها، تستدعي تعبئة موارد هامة، من أجل حسن سير هذه المشاريع وتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب والأرباح، ولتحقيق هذه الأهداف كان لزاماً على أصحاب هذه المشاريع، علاوة على إيجاد اليد العاملة، توفير وسائل الإنتاج من عقارات ومعدات وآلات… وهو ما يدفع بهذه المقاولات إلى البحث عن طرق غير تقليدية للتمويل، تتماشى وقدرات هذه المقاولات، خاصة تلك المقاولات الناشئة.

[3] – محمد لعروصي: “مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح المسطرة التسوية القضائية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة محمد الخامس، كلية ا لعلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، الرابط 2004-2005، ص2.

[4] – وكما عبر عن ذلك الدكتور أحمد شكري السباعي بقوله: “أنها صعوبات لا تلبث أن تزول، كالنقص في المواد الأولية أو منافسة حادة مؤقتة وعابرة، أو انغلاق الأسواق لأزمة سياسية أو دولية…” انظر أحمد شكري السباعي، “الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجها”، الجزء الثاني، في مساطر المعالجة؟، حكم فتح مسطرة المعالجة والتسوية القضائية، دار النشر المعرفة، الرباط، الطبعة الأولى 2000، ص 142.

[5] – كالقانون الفرنسي الذي ألغى نظام الإفلاس وعوضه بالقوانين التالية:

– La loi n° 84-148 du 1er mars 1984, relative à la prévention et au règlement amiable des difficultés des entreprises. Journal officiel du 2 mars 1984. / Décret n°85-295 du 1er mars, pris pour l’application de loi n°84-184 de 1er mars 1984 précité, journal officiel de 5 mars 1985.

– La loi n°85-98 du 25 janvier 1985 relative au redressement et à la liquidation judicaires des entrepris, journal officiel du 26 janvier 1985./ Décret n° 85-1388 du 27 décembre 1985, relative au redressement et à la liquidation judicaires des entreprises, journal officiel du 29 décembre 1985.

 وهذا القانون خضع بدوره لمجموعة من التعديلات ولا سيما:

  • تعديل وتتميم بمقتضى القانون رقم 475-94 المؤرخ في 10 يونيو 1994.
  • تعديل بمقتضى القانون رقم 845-2005 المؤرخ في 26 يوليوز 2006.
  • ثم القانون التونسي الذي بدوره عوض قانون الإفلاس بالقانون المتعلق بإنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية عدد 34 لسنة 1995 المؤرخ في 17/04/1995 المنقح بالقانون عدد 63 لسنة 1999 المؤرخ في 15/06/1999، والقانون عدد 79 لسنة 2003 المؤرخ في 29/12/2003.

[6] – وهو الأمر الذي دفع البعض إلى إضفاء الصفة العقابية على نظام الإفلاس. انظر في ذلك فاتحة مشماشي: “الصفة العقابية للإفلاس”. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرابط، 1995، ص 5 وما يليها.

[7] – محمد أخياط، “تقديم لكتاب “استمرار نشاط ا لمقاولة الخاضعة للتسوية القضائية”، لمؤلفه عبد الحق بوكبيش، مكتبة دار السلام للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 2007، ص 3.

[8] – ظهير شريف رقم 83-96-1 صادر بتاريخ فاتح غشت 1996 بتنفيذ القانون رقم 95-15 المتعلق بمدونة التجارة، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 4418، بتاريخ 3 أكتوبر 1996، ص 2187 وما بعدها.

[9] ظهير شريف رقم 1.96.83 صادر في 15 من ربيـع الأول 1417 )فاتح أغسطس 1996 ( بتنفيذ القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، منشور بالجريدة عدد 4418 بتاريخ 19 جمادى الأولى 1417 )3 أكتوبر 1996)، ص 2187.

[10] – تم نسخ وتعويض الكتاب الخامس أعلاه، بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 73.17 بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.26 بتاريخ 2 شعبان 1439 (19 أبريل 2018)، الجريدة الرسمية عدد 6667 بتاريخ 6 شعبان 1439 (23 أبريل 2018)، ص 2345.

[11] – جريدة الرسمية عدد 6667 بتاريخ 6 شعبان 1439 (23 أبريل 2018)، ص 2345.

[12] – محمد العلواني: “توظيف الملكية كضمان في عمليات الائتمان”، دار الأمان للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2012، ص 65.

[13] – رضوان بدة: “تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة بالمغرب”، رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، أكدال، السنة الجامعية 2006-2007، ص 125.

[14] – من المسائل التي قد تزيد في صعوبة تمويل البنك للمقاولة في هذه الفترة هو الخوف من إثارة مسؤوليته على هذا التمويل، حكيث أن المشرع أخضع بمقتضى القانون البنكي، عملية تمويل المقاولة التي توجد في وضعية صعبة لمجموعة من الضوابط التي يجب على البنك مانح الائتمان الخضوع لها، والتي تتجلى أساسا في واجب الاستعلام حول المقاولة وواجب تقدير ملائمة الائتمان لظروف المقاولة، ثم واجب مراقبة استعمال قيمة الائتمان. وعدم احترام هذه الضوابط من طرف المؤسسة مانحة الائتمان يؤدي لا محالة إلى مساءلتها عن هذا الأمر، وهذا الوضع دفع بالبعض إلى القول بأن التوسع في مسوؤلية البنك عن سياسته في توزيع الائتمان يمكن أن يؤدي إلى الحد من تشجيع البنوك على إنقاذ المقاولات المتعثرة، ومن شأنه أن يؤدي أيضا إلى تشتت وإنهاء العلاقات التعاقدية بينهما عوض تنشيطها، مما يقلص حظوظ المقاولة في التسوية والإنقاذ، كما أن تقرير القضاة للمسؤولية بشكل مبالغ فيه يدفع البنك إما إلى نهج أسلوب الانغلاق لحماية نفسه أو يدفعه لطلب ضمانات مرتفعة، غالباً ما لا تتوافق مع الوضعية المالية والاقتصادية للمقاولة.

أنظر: مينة حربي: “موقف البنك من تمويل المقاولة التي تعترضها صعوبات مالية”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط ـ أكدال، السنة الجامعية 2003-2004، ص 11 وما يليها.

فاطمة الحسيني: “المسؤولية المدنية للبنك في إطار صعوبات المقاولة”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط ـ أكدال، السنة الجامعية 2000-2001، ص 11 وما يليها.

[15] – هناك مجموعة من المساوئ التي تثيرها هذه المسائل التمويلية من منطلق ارتفاع الفائدة البنكية، وصعوبة الحصول على القروض بدون تقديم ضمانات، وضرورة الخضوع لمجموعة من الشروط المجحفة، إلا أنه لا مناص عن الابتعاد عن التمويل البنكي، لأن هذا الأخير هو القلب النابض في المجال الاقتصادي.

أنظر: عبد الواحد شعير: “إشكالية الرهن العقاري كضمان بنكي في ضوء التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق”، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1995، ص 5.

[16] – تؤدي البنوك دوراً فعالاً في تمويل الاقتصاد، حيث تحتل مركز الصدارة، وذلك بما تمتاز به من قدرة كبيرة على جمع المدخرات وتوظيفها، وحسب التقرير السنوي لبنك المغرب للسنة المالية 2011، فإن الأبناك تحتل المركز الأول في تصنيف التمويل بمختلف أنواعه، متنوعة بمؤسسات القروض الصغرى والمتوسطة.

أنظر: بنك المغرب، التقرير السنوي، السنة المالية، 2011، ص 138.

[17] – عمر السكتاني: “وضعية البنك مانح الائتمان لمقاولة موضوع تسوية قضائية”، مقال منشور على الموقع الإلكتروني www.montada.echoroukonline.com يوم 23/03/2009 على الساعة 09.55.

[18] – عبد الحميد الشواربي ومحمد عبد الحميد الشواربي: “إدارة المخاطر الائتمانية من وجهة النظر المصرفية والقانونية”، منشأة المعارف بالإسكندرية، طبعة 2002، ص 156.

[19] – أحمد شكري السباعي، “الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجها”، الجزء الثاني، في مساطر المعالجة؟، حكم فتح مسطرة المعالجة والتسوية القضائية، دار النشر المعرفة، الرباط، الطبعة الأولى 2000، ص 142.

[20] – محمد لعروصي: “مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح المسطرة التسوية القضائية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة محمد الخامس، كلية ا لعلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، الرباط 2004-2005، ص 138.

[21] – بالنظر للمزايا التي تمنحها الضمانات العقارية للدائن والمدين على حد سواء، فقد أصبحت تعرف انتشاراً واسعاً، خاصة الرهن الرسمي الذي يحتل مقدمة هذه الضمانات، لما يخوله للدائن من الاحتفاظ بحيازة العقار واستغلاله والتصرف فيه، وبالتالي فقد أصبح يعتبر من أهم هذه الضمانات التي يتعامل بها الدائنون وخصوصا الأبناك. وعلى حد تعبير الأستاذ محمد الكشبور فإن الرهن الرسمي في الوقت الراهن يتصدر باقي الضمانات العينية والشخصية الأخرى، فتلجأ إليه مؤسسات الائتمان العامة والخاصة على حد سواء، وفي مقدمتها مختلف الأبناك الوطنية فهو يلعب دوراً اقتصادياً بالنسبة للدائن غالباً ودوراً اقتصادياً واجتماعيا بالنسبة للمدين في أكثر الأحوال، ولذلك نجد المشرع قد قوى من دوره الائتماني في القانون 10.98 المتعلق بتسنيد الديون الرهنية”.

أنظر محمد الكشبور: “تقديم لكتاب تحقيق الرهن الرسمي في القانون المغربي لمؤلفه محمد سلام”، الطبعة الأولى 2002، مطبعة النجاح الجديد، الدار البيضاء، ص 3.

[22] – تنص الفقرة الأولى من المادة 594 من م ت على أنه “يمكن للمحكمة أن تقرر في الحكم الذي يحصر مخطط الاستمرارية أو بغيره، عدم إمكانية تفويت الأموال التي تعتبرها ضرورية لاستمرارية المقاولة دون ترخيص منها، وذلك لمدة تحددها المحكمة”.

[23] – Bernanrd Soinne : « Traité des procédures collectives, commentaire des textes formule » 2ème édition, Litic, 1995, p. 1237.

[24] – Michel Jeantin : « La continuation de l’entreprise, redressement judiciaire des textes formule », 2ème édition, Litic. 1995, p. 1237.

[25] – أحمد شكري السباعي: “الوسيط”، الجزء الثاني، م.س، ص 435.

[26] – عبد الحميد أخريف: “الدور القضائي الجديد في القانون المغربي لمعالجة صعوبات المقاولة”، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق، جامعة حقوق الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعة 2000/2001، ص 14.

[27] – كريم أيت بلا: “استمرارية نشاط المقاولة فلي إطار التسوية القضائية على ضوء العمل القضائي”، مكتبة دار السلام، الطبعة الأولى 2008، ص 165.

[28] – عبد الرزاق الزيتوني، استمرارية المقاولة بعد التوقف عن الدفع وحماية الدائنين على ضوء القانون رقم 95-15 المتعلق بمدونة التجارة، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، وحدة التكوين والبحث قانون الأعمال جامعة الحسن الثاني عين الشق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية 2005-2006، ص 186.

[29] – يفهم هذا التمييز من تعبير المادة 635 الذي جاء فيه “يهدف التفويت إلى الإبقاء على النشاط الذي من شأنه أن يستغل بشكل مستقل والمحافظة على كل أو بعض مناصب الشغل الخاصة بذلك النشاط، وإبراء ذمة المقاولة من الخصوم.

يكون التفويت إما كلياً أو جزئياً، وفي الحالة الأخيرة، يجب ألا يؤدي إلى إنقاص قيمة الأموال غير المفوتة، ويجب أن يتعلق بمجموع عناصر الإنتاج التي تكون قطاعاً لأوجه النشاط كاملة ومستقلة…”.

[30] – أحمد شكري السباعي: “الوسيط”، الجزء الثاني، م.س، ص 439.

[31] – كريم آيت بلا: “استمرارية المقاولة في إطار التسوية القضائية على ضوء العمل القضائي”، مرجع سابق، ص 167.

[32] – جاء في أمر صادر عن القاضي المنتدب للتسوية القضائية لشركة كوزمار ما يلي: “حيث إن الطلب يروم الإذن ببيع العقار ذي الرسم العقاري عدد 6020/46 لتغطية النقص الحاصل على السيولة بهدف نجاح مخطط الاستمرارية المحدد في مواجهتها. وحيث أكد السنديك من خلال تقريره المدلى به بجلسة 10/04/2012 أن ديون 8 دائنين تتمثل في مبلغ إجمالي قدره 3.276.311,65 درهم لم تؤد على بعد أقل من أربعة أشهر من نهاية المخطط. وحيث أن الغاية من سن مساطر صعوبات المقاولة هي الحيلولة دون اندثار المقاولة والحفاظ على النشاط والاستمرارية الاقتصادية والاجتماعية لهذه المقاولة، كما أن الغاية من أموال الشركة بصفة عامة أكانت منقولة أم عقارية هو أن تكون رهن إشارتها لمواجهة الأزمات الاقتصادية التي تمر منها… وحيث أنه لم يثبت أن هذا العقار هو من بين الوسائل والأموال المخصصة لتحقيق الغرض الاجتماعي للشركة من جهة أو هو من يتواجد عليها المقر الاجتماعي. لهذه الأسباب نصرح علنيا ابتدائياً وحضورياً الإذن للشركة ببيع العقار ذي الرسم 6020/40 بعد قيامها بكافة الإجراءات الضرورية والقانونية المتعلقة بالتفويت وصيانة الحقوق العينية المرتبطة به”.

أمر عدد 1401/2012 صادر بتاريخ 29/05/2012 في الملف رقم 252/19/2012.

[33] – محمد العلواني: “توظيف الملكية كضمان في عمليات الائتمان”، مكتبة دار الأمان، الطبعة الأولى، 2012 ، ص 63.

[34] – أحمد شكري السباعي: “الوسيط”، الجزء الثاني، م.س، ص 439.

[35] – جاء في المادة 79 من قانون 25 يناير 1985 الفرنسي الذي عدل بمقتضى المادة 81-L621 على أنه:

« En cas de cession partielle d’actifs, le prix est versé à l’entreprise sous réserve de l’application de l’article L.621-80 ».

[36] – Yves CHARTIER : « Droit des affaires », T. 3, entreprises en difficulté, prévention, redressement, liquidation, 1ère édition, avril 1989, Presse universitaire de France, Paris, p. 390.

[37] – محمد العلواني: “تقديم الملكية كضمان في عمليات الائتمان”، م.س، ص 63.

[38] – Edouard Salustro : « La gestion de l’entreprise en difficulté », Colloque du 17 mai 1984 sur le thème « L’enjeu du nouveau droit de faillite », Litec, p. 2.

[39] – يمكن لرئيس المقاولة أن يتفادى الأداء قبل حلول أو الأوان، بعد بيع الملك المثقل بامتياز أو برهن أو برهن رسمي، بأن يعرض على الدائن صاحب الامتياز أو الرهن استبدال هذا الضمان بآخر، إذا كان للضمان الثاني نفس الامتيازات، حتى يتمكن من استخدام الأموال العائدة من هذا البيع في صالح المقاولة والتسوية وضمان إنجاز الاستمرارية في أحسن الظروف وأوفرها حظاً لإجراء عملية الإنقاذ، وقد تأتي مبادرة الاستبدال من طرف الدائن نفسه متى رأى هذا الأخير أن ثمن البيع غير كاف للحصول على ديونه كاملة.

أنظر أحمد شكري السباعي: “الوسيط”، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص 462 وما يليها.

[40] – عبد الرزاق الزيتوني: “استمرارية المقاولة بعد التوقف عن الدفع وحماية الدائنين على ضوء القانون رقم 15-95 المتعلق بمدونة التجارة”، م.س، ص 189.

[41] – جاء في المادة 594 من م ت ما يلي: “يمكن للمحكمة أن تقرر في الحكم الذي يحصر مخطط الاستمرارية أو يغيره، عدم إمكانية تفويت الأموال التي تعتبرها ضرورية لاستمرارية المقاولة دون ترخيص منها وذلك لمدة تحددها المحكمة”.

[42] – Bernard Soinne : « Traité de procédures collectives, commentaire des textes formule », Op. cit, p. 1238.

– Yves CHARTIER : « Droit des affaires, entreprises en difficulté, prévention, redressement, liquidation, op.cit, p. 391.

– Michel Jeantinen : « Droit commercial instrument de paiements et de crédit-entreprises en difficulté », Dalloz, 5ème édition, 1999, p. 384.

[43] – Cass.civ, 1ère chambre, 9 octobre 1985, bulletin civil. 1, n° 252.

[44] – Michet Jeantin : « La continuation de l’entreprise », Op.cit, p. 43.

[45] – Corinne Saint-Alary Houin : « Droit des entreprises en difficulté », Op.cit, p. 342.

– Yves Guyon : « Droit des affaires », Op.cit, p. 225.

– Marie Hélène Monserie : Les contrats dans le redressement, op.cit, p. 33.

[46] – Philippe Roussel Galle : « Les contrats en cours dans le redressement et la liquidation judiciaires », thèse de doctorat en droit privé, Université de Burgone : le 17 mail 1997, p. 28.

[47] – عبد العزيز تريد: “آثار التسوية والتصفية القضائية على عقد الصفقة العمومية”، برنامج اليوم الدراسي حول الصفقات العمومية المنظمة من قبل المحكمة الإدارية بمكناس، الجمعة 9 ماي 2003، ص 1.

[48] – محمد لعروصي: “مآل عقد الكراء التجاري إثر فتح مسطرة التسوية القضائية”، مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، عدد 4 يناير 2004، ص 24.

[49] – مريم العباسي: “وضعية عقد الكراء التجاري بعد فتح مسطرة التسوية القضائية”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس السويسي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، الموسم الجامعي 2008-2009، ص 48.

[50] – إن الحصول على موافقة الدائنين بخصوص هذه الآجال أو التخفيضات أو هما معا قد لا يتحقق في جميع الأحوال، وهو ما يجعل مهمة التشاور في كثير من الأحيان عسيرة، سواء كانت فردية أو جماعية، خاصة وأن تضحيات التخفيضات أو منح الآجال لا يمكن فرضها على الدائنين دون استشارتهم أو معرفة رأيهم، ودون احترام مبدأ وحرية الموافقة أو الرفض، حتى ولو كانت مصلحة استمرارية المقاولة تقتضي ذلك، والمشرع الفرنسي أقر في هذا الإطار مبدءاً محموداً لكونه منح للدائن إمكانية الأداء له في أجل قصير بشرط التخفيض من مبلغ الدين الأصلي، ليكون بذلك قد تلافى ولو جزء من المشاكل التي تطرحها هذه الاستشارة، وذلك عندما نص في المادة 19-L626 من مدونة التجارة الفرنسية المعدلة بمقتضى قانون 26 يوليوز 2005 على ما يلي:

« Le plan peut prévoir un choix pour les créanciers comportant un paiement dans délais uniformes plus bref mais assorti d’une réduction proportionnelle du montant de la créance. La réduction du crance n’est définitivement acquise qu’après versement, au terme fixé, de la dernière échéance prévue par la plan pour son paiement.

[51] – امحمد لفروجي: صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2000، ص 270، أحمد شكري السباعي: “الوسيط”، الجزء الثاني، م.س، ص 414.

[52] – محمد لعروصي: “مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 175.

[53] – مريم العباسي: “وضعية عقد الكراء التجاري بعد فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 49.

[54] – مريم العباسي: “وضعية عقد الكراء التجاري بعد فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 50.

[55] – محمد لعروصي: “مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 185.

[56] – مريم العباسي: “وضعية عقد الكراء التجاري بعد فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 50.

[57] – حياة حجي: “حق الأسبقية المقرر للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مسطرة التسوية القضائية”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة قانون الأعمال والمقاولات، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية، والاقتصادية والاجتماعية، الرباط السويسي، السنة الجامعية 2004/2005، ص 38.

[58] – Michel Jeantinen : « Droit commercial instrument de paiements et de crédit-entreprises en difficultés », Dalloz, 1995, p. 465 et suite.

[59] – محمد لعروصي: “مصير العقود الجارية بعد فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 186.

[60] – Georges Ribert et René Robot : « Traité de droit commerciale », Tom 1, 16ème édition 1996, p. 1160.

[61] – Fernand Darrida, Pierre Gode et Jean-Pierre Sortais : « Redressement et liquidation », op.cit, p. 264 et suite.

[62] – Françoise Perchone : « Entreprise en difficulté », Op.cit, P. 322.

          – Marie Hélène Monserie : « Les contrats dans le redressement », Op.cit, p. 196.

[63] – مريم العباسي: “وضعية عقد الكراء التجاري بعد فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 51.

[64] – Marie Hélène Monserie : « Les contrats dans le redressement », Op.cit, p. 196.

[65] – محمد لعروصي: “مصير العقود جارية التنفيذ بعد فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 186.

[66] – أحمد شكري السباعي: “الوسيط”، الجزء الثاني، م.س، ص 444 وما بعدها.

[67] – إن هذا الرأي هو الأقرب إلى الصواب، انطلاقاً من التبريرات القانونية التي قدمها، بحكم أن قاعدة استمرارية العقود الجارية التي تضمنتها المادة 588 من م ت، وردت في باب استمرارية المقاولة خلال فترة إعداد الحل. وبالتالي، فلا يمكن القول بتمديد أثرها إلى مرحلة ما بعد الحكم بحصر المخطط، كما أن سلطة المطالبة باستمرارية العقود الجارية تثبت للسنديك وحده دون غيره، حسب ما هو وارد في المادة 588 من م ت، وهذا الأخير عندما ترفع يده على إدارة المقاولة بعد الحكم بحصر مخطط الاستمرارية، لتنتقل إلى رئيس المقاولة، فلا يمكن أن تنتقل معها سلطة المطالبة باستمرارية العقود الجارية؟ لأن رئيس المقاولة عندما يستعيد سلطته خلال هذه المرحلة، يمكنه التفاوض مع الدائنين في إطار النظرية العامة للعقد، ومن ثمة فلا يمكنه إجبار الدائنين على الاستمرار في تنفيذ العقد.

[68] – Cass.com, 11 décembre 1991, IR, p. 11.

[69] – محمد لعروصي: “مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 187.

[70] – Cass.com 14 avril 1989. قرار أشار إليه أحمد شكري السباعي: “الوسيط”، الجزء الثاني، م.س، ص 444.

[71] – حكم رقم 07/2002 صادر بتاريخ 07/01/2002 في الملف عدد 328/2001/10، والذي جاء فيه ما يلي “… وحيث يستفاد من تقرير السنديك أن نجاح مخطط الاستمرارية وتحقيق نتائج إيجابية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي يمكن تحقيقه اعتماداً على طلبات الزبناء الأوروبيين والأمريكيين، وعلى ناتج بيع طابقين سبق أن أبرمه رئيس المقاولة لشركة ابتسام طيكس، الذي سيتم استخلاصه على مدى خمس سنوات، بفائدة نسبتها 7%، وعلى كراء طابقين اثنين بسومة شهرية محددة في 150.000.00 درهم…” كما جاء في حكم آخر صادر عن المحكمة التجارية بمراكش[71] بتاريخ 20/04/2000، والمتعلق بحصر مخطط شركة دنيا فنادق ما يلي: “… هذا مع وجوب الأخذ بالآجال الأطول بحسب ما تنص عليه العقود الرابطة بين الطرفين والتي لازالت سارية المفعول، إلى حين الإدلاء بما يفيد فسخها أو تعديلها…”.

[72] – حددت المادة 596 الأجل الأقصى لمخطط الاستمرارية في عشر سنوات، وذلك بنصها على أنه “تحدد المحكمة مدة مخطط الاستمرارية على ألا تتجاوز عشر سنوات.

[73] – Yasline Viala : « La principe de l’égalité entre les créanciers dans le redressement et la liquidation judiciaire des entreprises », thèse pour le doctorat en droit, université sciences sociales, Toulouse, 2001, p. 103, أشارت إليه: حياة حجي: “نظام الضمانات وقانون صعوبات المقاولة”، م.س، ص 284.

[74] – محمد لعروصي: “مصير العقود جارية التنفيذ تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 193.

[75] – حسب ما تنص على ذلك المادة 598 من مدونة التجارة.

[76] – محمد لعروصي: “مصير العقود جارية التنفيذ تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 193.

[77] – مريم العباسي: “وضعية عقد الكراء التجاري بعد فتح مسطرة التسوية القضائية”، م.س، ص 56.

[78] – سعد القاسمي: “خصوصيات نظام صعوبات ـ دراسة مقارنة ـ”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون الأعمال، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، 1998-1999، ص 88.

[79] – المنصوص عليها في المادة 585 وما يليها من مدونة التجارة.

[80] – تضمنت هذا الإجراء المادة 598 في فقرتها الثانية التي جاء فيها “تفرض المحكمة بالنسبة إلى باقي الدائنين آجالا موحدة للأداء مع مراعاة الآجال الأطول التي اتفق عليها الأطراف قبل فتح المسطرة، وذلك فيما يخص الديون المؤجلة، ويمكن أن تزيد هذه الديون على مدة تنفيذ مخطط الاستمرارية…”.

[81] – وضع المشرع مسطرة خاصة لتجديد عقد الكراء، ونظمها في الفصول من 5 إلى 9 من ظهير 24 ماي 1955 بشأن عقود كراء الأملاك أو الأماكن المستعملة للتجارة أو الصناعة أو الحرف.

إشكالات الحد من تقسيم الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري ودوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *