دور الإدارة الإلكترونية في تنزيل استراتيجيات التنمية المستدامةبدولة قطر

دور الإدارة الإلكترونية في تنزيل استراتيجيات التنمية المستدامة بدولة قطر

عبدالهادي الغفراني المري

طالب بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي.

Abstract

In the last few decades, most countries of the world have begun to rely on medium and long-term programs and strategies in order to achieve their development goals, especially in their sustainable dimensions, because work governed by clear plans and strategies on the part of governments brings good results that reflect the aspirations of peoples, unlike random work that is not based on any strategies. In this regard, like the rest of the world, the State of Qatar relied on a comprehensive vision of development called Qatar National Vision 2030 in order to achieve the welfare of the people.

ملخص

إن غالبية دول العالم، في العقود القليلة الأخيرة بدأت تعتمد على برامج واستراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى من أجل تحقيق أهدافها التنموية خصوصا في أبعادها المستدامة، لأن العمل المحكوم بخطط واستراتيجيات واضحة من طرف الحكومات يأتي بنتائج جيدة تعكس طموحات الشعوب عكس العمل العشوائي الذي لا يستند على أية استراتيجيات. وفي هذا الصدد، كباقي دول العالم، اعتمدت دولة قطر على رؤية شاملة للتنمية اطلق عليها رؤية قطر الوطنية 2030 من أجل تحقيق رفاهية الشعب.

مقدمة:

لاشك أن للإدارة الإلكترونية مداخل عديدة لتعزيز التنمية في كافة مستوياتها وفي شتى أبعادها، من خلال أن دورها يبقى بارزا في تفعيل وتنزيل البرامج القطاعية والمخططات الاستراتيجية للتنمية المستدامة. هذه الأخيرة أخدت نقاشا واسعا بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين ناهيك عن الباحثين والعلماء والمهتمين بالشأن التنموي بمختلف مشاربهم ومذاهبهم الفكرية والأيديولوجية، وذهبوا في تعريفها وتحديد مفهومها مذاهب شتى يصعب الإلمام بها جميعها، ولكن يمكن مع ذلك، القول أن التنمية المستدامة هي رزمة من الإجراءات التي تسعى إلى إشباع حاجيات الأجيال الحالية وتحقيق مستوى معين من العيش الكريم دون أن يؤثر ذلك في مقدرات الأجيال القادمة وذلك بأن تراعي النظام البيئي وأن تحافظ عليه من الاستغلال المكثف وكذلك تأخذ بعين الاعتبار محدودية الموارد الطبيعية وندرتها. بمعنى أن التنمية المستدامة هي عملية متواصلة من تطوير القدرات البشرية والمادية والطبيعية وكذلك تطوير الأرض والمدن والإنسان وكل ما يرتبط بالأعمال التجارية والصناعية في توازن كامل بين إمكانيات الجيل الحاضر والجيل القادم.

وهنا بالذات، تأتي أهمية الإدارة الإلكترونية في تنزيل أهداف التنمية المستدامة كما خلصت إليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة سنة 2015 بعد مسار طويل من التشاور والنقاش والعمل الجماعي والتشاركي من أجل القضاء على جميع أشكال الفقر وحماية البيئة وضمان عيش كريم للإنسان بحلول 2030، باعتبار أن الإدارة الإلكترونية، كما يتم تعريفها غالبا، بأنها استخدام تقنيات المعلومات والاتصال وبشكل خاص الانترنت وجميع الوسائط الإلكترونية، كأداة تهدف إلى إنشاء إدارة ذات جودة عالية وتطبيق التكنولوجيا الرقمية لتحديث وتغيير وظائف الدولة بقصد تحسين فعاليتها ونتائجها وكذا جودة الخدمات التي يتم تقديمها للجمهور .

إذن فالإدارة الإلكترونية على هذا الأساس ستحمل جملة من المزايا، التي ستنعكس بالإيجاب على الحياة الإدارية والاقتصادية والاجتماعية كما للمواطن، إذ ستدخل تجديدات هامة على الإدارة باعتبارها رافعة أساسية للتنمية المستدامة، وذلك من خلال تحسين وتحديث بنياتها ووظائفها، وتطوير مواردها  البشرية، و قدراتهم و كفاءتهم، كما ستكون سببا في ترسيخ مبادئ الاستمرارية  والمساواة بين المرتفقين  وبالتالي العمل على تفعيل كافة البرامج القطاعية والاستراتيجيات التي تُعنى بالتنمية المستدامة.

لأن إدخال المعلوميات وتقنيات الاتصال، هو ثورة حقيقية في الإدارة لما يحدثه من تغيير في أسلوب العمل الإداري وفعاليته وأدائه، هذا فيه تأثير على الموظف والمرتفق، وتعتبر الإدارة الإلكترونية هي امتداد للمدارس الإدارية الفكرية، فمن المدرسة الكلاسيكية المتضمنة في كل من: المدرسة البيروقراطية لماكس فيبر، ومبادئ الإدارة العملية لفردريك تايلور، ووظائف الإدارة لهنري فايول، إلى المدرسة العلاقات الإنسانية، والتي تطورت إلى المدرسة السلوكية، ثم مدرسة النظم في بداية الخمسينيات، وتلتها المدرسة الموقفية في الستينات، وفي منتصف التسعينات ظهرت ما يعرف بالإدارة الإلكترونية.

إن الجودة في تقديم الخدمات للمرتفقين من المبادئ التي كرستها أغلب دساتير العالم من أجل خدمة الفعل العمومي، و الإدارة الإلكترونية  تساهم في تفعيل هذا المبدأ عن طريق تجاوز الأخطاء اليدوية الناتجة عن تأدية الموظف لمهامه بالطريقة الورقية التقليدية. هذه الأخطاء نادر الوقوع فيها في حالة استعمال الوسائل التكنولوجية ، لأن المعطيات فيها مرتبطة بقاعدة للبيانات مبرمجة بطريقة تلقائية و مضبوطة ، ما يساهم  في الرفع المرتفقين في الإدارات التي يلجؤون إليها و بالتالي تجاوز عدم الرضى الذي يطبع العلاقة بين المرفق و المرتفق.

وبما أن تكنولوجيا المعلوميات والاتصال وبشكل خاص الانترنت، تعتبر من أنجح الوسائل التكنولوجية الحديثة التي بإمكانها تبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية وتنزيل الاستراتيجيات الوطنية، فإنه تم استخدامها بهدف إنشاء إدارة ذات جودة عالية، وهو ما أسفر عن ظهور برامج واستراتيجيات في مجال الرقمنة الالكترونية.

ولمعالجة هذا الموضوع نصوغ الإشكالية التالية:

كيف تقوم الإدارة الإلكترونية في تنزيل استراتيجيات التنمية المستدامة؟ وما هي وسائلها وألياتها في صناعة تحول رقمي يلقي بنتائجه الإيجابية على التنمية المستدامة؟

للإجابة عن هذه الإشكالية سوف نعتمد التصميم التالي:

المحور الأول: البرامج القطاعية واستراتيجيات التنمية المستدامة في قطر

المحور الثاني: دور الإدارة الإلكترونية في تفعيل وتنزيل البرامج القطاعية واستراتيجيات التنمية المستدامة

المحور الأول: البرامج القطاعية واستراتيجيات التنمية المستدامة في قطر

لاشك أن التطور التكنولوجي الذي تنامى في ظل الثورة المعلوماتية، أفرز ظهور مفاهيم جديدة تم تداولها بشكل كبير في المحافل العلمية والأكاديمية لما لها من أثر إيجابي على تطوير نظم المعلومات الإدارية ورفع من جودة الخدمات المقدمة إداريا كما كان له تأثير جيد على الخدمات الاجتماعية وعلى مردودية الاقتصاد، حيث ظهرت في هذا الصدد مفاهيم تعبر عن هذا التوجه من قبيل التجارة الإلكترونية والأعمال الإلكترونية والحكومة الإلكترونية وانتهاء بالمفهوم الأعم ألا وهو الإدارة الإلكترونية، وتعتبر هذه الأخيرة فرعا معرفيا حديثا، يدخل ضمن مواضيع العلوم الإدارية وهي لا تشكل بديلا عن الإدارة التقليدية بقدر ما هي نمط جديد في الإدارة وامتداد لتطور الفكر الإداري … نتيجة لتحالف هذا الأخير مع تكنولوجيا المعلومات والاتصال[1].

ولهذا تم الاستفادة من الآليات التي تقدمها التكنولوجيا الحديثة، وعلى رأسها الإدارة الإلكترونية التي تشكل آلية لتجاوز اختلالات الإدارة الإلكترونية و خاصة بإعادة توزيع الاختصاصات و المسؤوليات و تنظيم العلاقات التسلسلية داخل الإدارة.  هذه التغييرات قد تكون بشكل رسمي معد له مسبقا، أو عن طريق الممارسة و التطبيق. فالتكنولوجيا يمكن أن ترسم علاقات أفقية بدل العمودية بين مختلف أجزاء المنضمة، بشكل تداخلي دون حواجز أو عوائق . كما أنها ترفع من درجة التنسيق بين الوحدات الإدارية و ذلك من خلال وضع ابناك للمعلومات المشتركة يتم تبادلها بشكل سلس دون اتباع الإجراءات الورقية المعقدة وهذا ما يضفي الطابع المرن والفعال للإدارة الإلكترونية[2].

ومن هذا المنطلق، خصوصا في العقود القليلة الأخيرة، بدأت الدول تعتمد على برامج واستراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى من أجل تحقيق أهدافها التنموية، لأن العمل المحكوم بخطط واستراتيجيات واضحة من طرف الحكومات يأتي بنتائج جيدة تعكس طموحات الشعوب عكس العمل العشوائي الذي لا يستند على أية استراتيجيات. وفي هذا الصدد، كباقي دول العالم، اعتمدت دولة قطر على رؤية الشاملة للتنمية اطلق عليها “رؤية قطر الوطنية 2030[3]“، حيث تهدف هذه الرؤية إلى تحويل قطر إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وعلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل. من خلال التغلب على خمس تحديات تتمثل في كيفية التحديث مع المحافظة على التقاليد، وتلبية احتياجات الجيل الحالي واحتياجات الأجيال القادمة، وكذلك الموازنة بين النمو المستهدف والتوسع غير المنضبط، وتحديد مسار التنمية وحجم ونوعية العمالة الوافدة المستهدفة، وأخيرا، العمل على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة وتنميتها.

وبالتالي فإن التنمية تأتي في قلب اهتمامات الدولة من خلال هذه رؤية قطر الوطنية 2030، باعتبارها رؤية استراتيجية وخارطة طريق لما يجب أن تكون عليه قطر في أفق السنوات المقبلة، حيث وضعت هذه الرؤية نصب عينيها التنمية بشتى أبعادها كركيزة أساسية يجب الوصول إليها وتحقيق كافة أهدافها خصوصا التنمية المستدامة حيث تعرِّف هذه الأخيرة، بشكل مختصر، بأنها تلبية احتياجات الجيل الحالي دون المساس باحتياجات الأجيال المقبلة.[4]

وفي تطبيق هذه الرؤية وتنزيل مضامينها أصدرت الحكومة القطرية العديد من الاستراتيجيات المواكبة لهذه الرؤية، حيث تم إصدار استراتيجية التنمية الوطنية الأولى للفترة 2011 – 2016. حيث تتضمن أربع ركائز[5]:

  • التنمية البشرية : تطوير وتنمية سكان قطر لكي يتمكنوا من بناء مجتمع مُزدهر.” ويلاحظ هنا أن التنمية البشرية لكل سكان قطر، مواطنين 12% ووافدين 88% من إجمالي السكان دون تركيز على المواطنين وإعادة دورهم في المجتمع باعتبارهم التيار الرئيسي.
  • التنمية الاجتماعية: تطوير مجتمع عادل وآمن مُستند على الأخلاق الحميدة والرعاية الاجتماعية وقادر على التعامل والتفاعل مع المجتمعات الأخرى ولعب دور هام في الشراكة العالمية من أجل التنمية.
  • التنمية الاقتصادية: تطوير اقتصاد وطني متنوع وتنافسي قادر على تلبية احتياجات مواطني قطر في الوقت الحاضر وفي المستقبل وتأمين مستوى معيشي مرتفع.
  • التنمية البيئية: إدارة البيئة بشكل يضمن الانسجام والتناسق بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة”.

وتختم الاستراتيجية تأكيدها على الرؤية بذكر التحديات الرئيسية المتمثلة في الموازنة بين الخيارات التالية:-

  • التحديث والمحافظة على التقاليد.
  • احتياجات الجيل الحالي واحتياجات الأجيال القادمة.

وهكذا نجد استراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر 2011-2016 باعتبارها خارطة طريق، تجعل التنمية وأساليب تحقيقها عبر مقاربة تشاركية من خلال أن وظيفتها الجوهرية في متابعة وتنفيذ الاستراتيجية  تعود لعدة فاعلين سواء من القطاع العام أو من القطاع الخاص، كما يشرك مختلف الوزارات والأجهزة الحكومية في تبني وتنزيل هذه الاستراتيجية.

كما أصدرت قطر استراتيجية التنمية الوطنية الثانية للفترة 2018 – 2022، التي تمنح دولة قطر فرصة لتسليط الضوء من الناحية الاستراتيجية على مساهمتها الهامة للغاية في الشراكة العالمية من أجل التنمية، بما في ذلك المساعدات الإنسانية والإنفاق الكبير على المساعدات الإنمائية. وتدعم استراتيجية قطر للتعاون الدولي تنفيذ الهدف المتعلق، بتعزيز عملية تحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول ذات الدخل المنخفض، وتتفق مع الأهداف العالمية لأجندة للتنمية المستدامة 2030 السالفة الذكر، وتدعم الشراكة العالمية من أجل التنمية للقضاء على الفقر، والحد من عدم المساواة، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية، وهذه الاستراتيجية منفتحة على جميع الشركاء المعنيين، ومنهم القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية والاواسط الأكاديمية ومراكز البحوث ، والمجتمع المدني في الشراكة المنشودة في تنفيذ نتائج مقررات المؤتمرات الدولية والإقليمية، ومؤتمرات القمة التي تعقدها الأمم المتحدة واستعراضاتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والميادين ذات العلاقة ، ولا سيما في تحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها دولياً ، ومن أجل المنفعة المتبادلة ، حيث تنص رؤية قطر الوطنية 2030 على أن دولة قطر عضو مسؤول في المجتمع الدولي، يسهم في إحلال السلام والأمن العالميين عن طريق مبادرات سياسية ومساعدات تنموية وإنسانية. وإن مشاركة قطر الفعالة في التعاون الفني في المجالات الإنمائية والإنسانية، وتحديد المجالات المواضيعية المطلوب التركيز عليها ، والدول ذات الأولوية، كل ذلك يسهم في إقامة مجتمعات تسودها العدالة الاجتماعية، وأقل عرضة للانخراط في الصراعات المسلحة. والجدير بالذكر هنا أن دولة قطر مهتمة بشكل كبير كذلك بالهدفين الإنمائيين 11 و16 بشأن إقامة مجتمعات آمنة متكاملة ومسالمة[6].

وعن منهجية إعداد استراتيجية التنمية الوطنية الثانية التي غطت جميع القطاعات بالدولة، فقد تم إعدادها بمشاركة جميع الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية، وفق منهجية واضحة اعتمدت على تحليل الوضع الراهن، والمقارنات المرجعية الإقليمية والدولية، بعد أن حددت بها أولويات ونتائج وأهداف تنموية واضحة سعيا لتحقيق “رؤية قطر الوطنية 2030”.

وتُعدّ الاستراتيجيتان الأولى والثانية خطتين خمسيتين ضمن رؤية قطر 2030، التي أطلقت سنة 2008. وستتلوها استراتيجيتان تنمويتان أخريان للوصول إلى 2030.

وعلى مستوى القطاعات فقد تم إصدار العديد من البرامج والاستراتيجيات منها الخطة الاستراتيجية المستدامة لوزارة البلدية والبيئة 2018-2022[7]، كما أصدرت نفس الوزارة استراتيجية قطر الوطنية للأمن الغذائي 2018 – 2023[8]. كما أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة برنامج توفير  المخزون الاستراتيجي للسلع التموينية والاعلاف في نوفمبر 2015[9].​

بالإضافة إلى ذلك أصدرت وزارة الثقافة والرياضة استراتيجيتها 2018-2022[10] التي تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي وتعليم النشء مواهب الرياضة. وكذلك الأمر بالنسبة وزارة الداخلية التي أصدرت استراتيجيتها 2018-[11]2022…وهي تشابه إلى حد ما المخططات والاستراتيجيات التي تبناها المغرب مثل مخطط المغرب الأخضر 2020 وكذلك، مخطط اليوتيس للصيد البحري 2020، وأيضا رؤية 2015 للصناعة التقليدية، ناهيك عن مخطط التسريع الصناعي(2014-2020)، والمخطط الطاقي في أفق 2030 وغيرها من المخططات التي تسعى إلى تحقيق تنمية مستدامة تحقق ما نصت عليه الأمم المتحدة في خلق توازن بين الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

المحور الثاني: دور الإدارة الإلكترونية في تفعيل وتنزيل البرامج القطاعية واستراتيجيات التنمية المستدامة

إنه لبلوغ أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة[12] عملت دولة قطر على تبني “استراتيجية الحكومة الرقمية لدولة قطر 2020”[13] بهدف الارتقاء بمستوى الخدمات الحكومية للأفراد والشركات، ورفع كفاءة العمليات الإدارية الحكومية، وزيادة مستوى الشفافية والمشاركة المجتمعية. فضلا على ذلك، عملت الحكومة على تبني برنامج أخر، هو برنامج قطر الذكية (تسمو)[14] الذي جاء خصيصا للإسراع في تحقيق جميع ركائز رؤية قطر الوطنية 2030، حيث أن ركائز رؤية قطر تلتقي في كثير من بنودها مع أهداف التنمية المستدامة الذي أشارت إليه الأمم المتحدة. وبالتالي فإن قطر توفر إدارة إلكترونية جيدة لتنزيل وتفعيل جل استراتيجيات التنمية المستدامة، والتي منها الحكومة الرقمية وبرنامج قطر الذكية باعتبار هذا الأخير منصة للانطلاق والتقدم نحو الاقتصاد الرقمي والمستقبل الذكي، كما تم إنشاء واحة قطر الرقمية كركيزة أساسية لدفع آفاق التعاون بين الشركات متعددة الجنسيات، والشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة ومعاهد البحوث.

ويسعى التحول الرقمي لدولة قطر عبر مختلف إداراتها الالكترونية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة أو حتى بعضها كما نصت عليها الأمم المتحدة؛ فبرنامج “تسمو” يسعى في قطاع المواصلات إلى خفض فترات التأخير على الطرقات بنسبة 20%، خفض وفيات الطرق إلى 6 لكل 100 ألف، بالإضافة إلى خفض انبعاثات المركبات للرحلات الاعتيادية بنسبة 10%.، وفي قطاع البيئة سيعمل برنامج قطر الذكية على خفض استهلاك الفرد للطاقة بنسبة 20%، وخفض استهلاك الفرد للمياه بنسبة 35%، بالإضافة إلى إنتاج 40% من إجمالي الغذاء المستهلك محلياً. وفي قطاع الصحة فإن الأهداف الاستراتيجية لـ”تسمو” تتمثل في العمل على خفض معدل البدانة بنسبة 5%، وخفض نسبة التدخين بنسبة 30%، بجانب الوصول إلى الرعاية الطبية في غضون 10 دقائق[15].

كما نجد فضلا على ذلك، استراتيجية قطر للحكومة الرقمية 2021- 2026، حيث تركز هذه الاستراتيجية الجديدة على الخدمات المقدمة للأفراد، والتي ستكون مبنية على البيانات ونظم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ باحتياجات العميل الفعلية، فضلاً عن نقل البنية التحتية إلى الحوسبة السحابية المحلية.

كما أن الإدارة الإلكترونية في قطر تتضمن العديد من التطبيقات كتطبيق آمرني، وموقع حكومي، وسديم باعتبارها منصة للخدمات السحابية الحكومية حيث توفر بيئة تكنولوجية مشتركة ذات فعالية. وتتيح للجهات الحكومية استخدام موارد الحوسبة بقدر كبير من السهولة والسرعة.

لقد حققت الإدارة الإلكترونية مستويات جيدة في تنزيل البرامج والاستراتيجيات المتعلقة بالتنمية المستدامة، ولعل أهم مثال على هذا النجاح اطلاق وزارة التعليم بوابة التعلم عن بعد “Qlearning” لتسهيل ودعم جميع خدمات التعلم عن بعد، وتمكين الطلبة من التدريب على حلول أسئلة نموذجية متصلة ببنك أسئلة مدقق، وارسال الاستفسارات مباشرة للمعلمين واستقبال الإجابات، إضافة الى إمكانية تقديم شرح تفصيلي للمواد الدراسية. كما وفرت الوزارة المنصة التعليمية “مزيد” عبر الانترنت،التي تتيح للطلبة سهولة وسرعة الوصول لمصادر التعلم مثل الكتاب المدرسي والفيديوهات التعليمية والمزيد من المحتوى المتنوع والمحدث باستمرار[16].

خاتمة:

وخلاصة القول، فإن دولة قطر تعتبر من الدول الرائدة عربيا في تبني الإدارة الإلكترونية، والتي تسعى من خلالها إلى تنزيل جل الاستراتيجيات والبرامج والمخططات القطاعية التي تم تكريسها على مستوى الدولة أو على مستوى كل وزارة، حيث أن رقمنة الإدارة هو مجرد وسيلة لغاية كبرى وأفضل وهي تنزيل الاستراتيجيات التنموية إلى أرض الواقع لكي يستفيد منها عامة سكان الدولة (مواطنين وأجانب)، وهذه الاستراتيجيات والبرامج تخدم في نهاية المطاف أهداف التنمية المستدامة كما جاءت في خلاصات الأمم المتحدة.


[1]  عبد الفتاح بيومي حجازي ,الحكومة الالكترونية ونظامها القانوني, شركة جلال للطباعة, الطبعة الأولى، 2004، ص43

[2] Sauret, Jacques, “Efficacité de l’administration et service à l’administré : les enjeux de l’administration électronique”,   Revue Française d’administrations publique , N°:110 , 2004.

[3]  رؤية قطر الوطنية 2030، تم اعتمادها بموجب القرار الأميري رقم (44) لسنة 2008.

[4]  – الموقع الإلكتروني لجهاز التخطيط والإحصاء – بند استدامة الازدهار الاقتصادي، https://www.psa.gov.qa/ar/nds1/Pages/Overview.aspx – دخول 25/03/2020.

[5] https://www.psa.gov.qa/ar/knowledge/Documents/NDS2Final.pdf

[6] https://hukoomi.gov.qa/ar/downloadable/qatar-second-national-development-strategy-2018-2022

[7] http://www.mme.gov.qa/cui/view.dox?siteID=1&id=738&contentID=5804

http://www.mme.gov.qa/pdocs/cview?siteID=1&docID=14466&year=2018

[8] http://www.mme.gov.qa/cui/view.dox?siteID=1&id=738&contentID=7483

[9] https://www.moci.gov.qa/mec_news/%d9%88%d8%b2%d8%a7%d8%b1%d8%a9

[10]https://www.mcs.gov.qa/wpcontent/uploads/2021/02/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%A9-.pdf

[11] https://portal.moi.gov.qa/wps/wcm/connect/ff08b7a4-a508-4751-b387-7a0025301f50/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9+%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%A9.pdf?MOD=AJPERES

[12]  تم تحديد الأهداف 17 في ما يلي:

  1. القضاء على الفقر
  2. لقضاء التام على الجوع
  3. الصحة الجيدة والرفاهية
  4. التعليم الجيد
  5. المساواة بين الجنسين
  6. المياه النظيفة والنظافة الصحية
  7. طاقة نظيفة وبأسعار معقولة
  8. العمل اللائق ونمو الاقتصاد
  9. الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية
  10. الحد من أوجه عدم المساواة
  11. مدن ومجتمعات محلية مستدامة
  12. الاستهلاك والإنتاج
  13. العمل المناخي
  14. الحياة تحت المياه
  15. الحياة في البر
  16. السلام والعدل والمؤسسات القوية
  17. عقد الشراكات لتحقيق الأهداف

[13] https://portal.www.gov.qa/wps/portal/about-hukoomi/integrated-e-government/!ut/p/a0/04_Sj9CPykssy0xPLMnMz0vMAfGjzOIt_S2cDS0sDNzdnbzdDDyd3VyCzE18DSzMTPWDE4v0C7IdFQGbqe6h/

[14] https://www.motc.gov.qa/ar/10118546node14067

[15] https://www.motc.gov.qa/ar/10118546node14067

[16] https://www.edu.gov.qa/ar/Pages/Corona.aspx

إقرأ أيضاً

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية Work …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *