تطور الحماية القانونية للحريات الاقتصادية
على ضوء الدساتير المغربية
مصطفى علوش
طالب باحث في القانون العام
كلية الحقوق السويسي، جامعة محمد الخامس بالرباط
يتطلب تأهيل الاقتصاد وحل الإشكالات والاختلالات المترتبة عن هيمنة القطاع العام الاقتصادي بناء اقتصاد تنافسي يرتكز على قوة المبادرة الخاصة. فالتحولات الاقتصادية العالمية وتنامي انفتاح الاقتصادات العالمية و اتساع رقعة المبادلات التجارية و ما يفرزه ذلك من منافسة شرسة بين الدول، كل ذلك يستوجب توفير كل الشروط المناسبة لتحفيز المبادرة الخاصة المحلية، كما الدولية، باعتبارها أداة للإقلاع الاقتصادي وطنيا و دوليا.[1] فالانسحاب التدريجي للدولة من تدبير الأنشطة الاقتصادية لصالح المبادرة الخاصة وتعزيز النهج الليبرالي، فرض على السلطات العمومية توفير الظروف المناسبة لبلورة الدور الجديد للدولة، [2] من خلال تعزيز الضمانات القانونية الكفيلة بحماية الحريات الاقتصادية.
يفيد المفهوم التقليدي للحريات الاقتصادية أن الأشخاص العامة لا يمكنها التدخل كفاعلين اقتصاديين إلا عندما يتعذر على القطاع الخاص النهوض بمهام تلبية الحاجيات الاجتماعية. كما تعمل على تجنب عرقلة المبادرة الخاصة عبر العديد من التشريعات المختلفة. بيد أن تطبيق هذا المفهوم وفق المنظور التقليدي السالف الذكر يبقى صعبا. فالتدخل الاقتصادي للدولة بالمغرب أخذ أشكالا متنوعة، وهو ما يجعل الحصيلة الفعلية لحرية المبادرة الخاصة وحرية المنافسة تبقى محدودة. [3]
لقد لعب المشرع الدستوري دورا بارزا في تكريس النهج الليبرالي للاقتصاد المغربي منذ أول تجربة دستورية سنة 1962. ولئن تراوحت الممارسة العملية للدور الاقتصادي للدولة بين تدخلية واسعة منذ الاستقلال كانعكاس لجملة من العوامل على رأسها هاجس بناء الدولة وشرعية النظام السياسي، وضعف القطاع الخاص من جهة، وخطاب ليبرالي مصحوب بتراجع بين لهذا الدور خاصة منذ البدء في تطبيق برنامج التقويم الهيكلي بإيعاز من المؤسسات المالية الدولية من جهة أخرى، فإن الوثيقة الدستورية ظلت وفية لروح النهج الليبرالي منذ أول دستور للمملكة سنة 1962. فكيف تساهم الحماية الدستورية للحريات الاقتصادية في تعزيز الانفتاح الاقتصادي بالمغرب وترسيخ مبادئ دولة الحق و القانون الاقتصادي؟
لقد كرست كل الدساتير المغربية حق الملكية كدعامة أساسية لحرية المبادرة الخاصة التي حظيت بدورها بطابع الحماية الدستورية منذ دستور 1996، وهو ما عزز الحماية القانونية للحريات الاقتصادية التي تصب في تكريس الانفتاح الاقتصادي.
ولئن تمت دسترة حق الملكية (المطلب الأول) منذ دستور 1962، فإن حرية المبادرة الخاصة (المطلب الثاني ) لم تجد طريقها إلى الدسترة إلا في الإصلاح الدستوري لسنة 1996. بينما عزز دستور 2011 هذه الحرية بإقراره مبدأ التنافس الحر.
المطلب الأول: حق الملكية كدعامة لحرية المبادرة الخاصة
رغم أن حق الملكية ليس مطلقا ويعرف حدودا (أولا)، فإن أهميته، كحرية اقتصادية، تتجلى في الترابط القائم بينه وبين حرية المبادرة الخاصة (ثانيا).
أولا: حق الملكية وحدوده
تقوم النظريات الليبرالية على تصور مفاده أن الاقتصاد الناجع و المستدام ينبني أساسا على حق الملكية الفردية والتي يتم بناء عليها تخويل حق الحيازة و التصرف للفاعلين الاقتصاديين القادرين على المساهمة في مسلسل التنمية الاقتصادية. فمنطق الملكية الفردية يتسم وفق منظور رواد الفكر الليبرالي، بالقدرة على تحفيز شروط خلق الثروة بواسطة العمل و بضمان انبثاق فئات من المقاولين المبدعين. من هنا تجلت قدرة نظام الملكية الفردية على المساهمة في خلق فرص الشغل، باعتبار هذا النظام أرضية ضرورية لبلورة المسؤولية و المبادرة الخاصة التي تتوقف عليها الاستفادة من القدرات الذاتية للأفراد وتوفير شروط الابتكار وحفز النمو.[4] فضلا عن ذلك، يشكل حق الملكية الفردية شرطا من شروط التحرير الاقتصادي باعتبارها أساسا للحريات الاقتصادية.[5] لكن، وعلى النقيض مما يراه الكثيرون، فالملكية لا تشكل الشق الأهم في الهندسة القانونية للمجتمعات المعاصرة، بقدر ما يحظى العقد بهذه الأسبقية.[6]
إذا كان المشرع الدستوري لم يبادر إلى دسترة حرية المبادرة منذ دستور 1962 و اكتفى بالمقابل بدسترة حق الملكية الفردية فحسب، فإن القاضي الإداري استند على الطابع الدستوري لحق الملكية لاعتبار حق التجارة و الصناعة مبدأ من المبادئ العامة للقانون.[7] وبالتالي فالقاضي الإداري ساهم، من خلال اجتهاده في تفسير القاعدة الدستورية، في تكريس القيمة القانونية لحرية المبادرة الخاصة حتى قبل دسترتها.
شأنها شأن العديد من الدساتير المقارنة، نصت مختلف الدساتير المغربية منذ دستور 1962 على إمكانية الحد من حق الملكية إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة. فالفصل 15 من دستور 1962 نص على أن ” حق الملك مضمون. للقانون أن يحد من مداه واستعماله إذا دعت إلى ذلك ضرورة النمو الاقتصادي والاجتماعي المخطط للبلاد. لا يمكن نزع الملكية إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون”.و الملاحظ أن الفصل 15 من الدستور السالف ذكره لم يصف الملكية موضوع الحماية بالخاصة أو الفردية، و هو ما يفيد أن ملكية باقي الأشخاص العامة تحظى كذلك بذات الحماية.
في هذا السياق، يجدر التنويه أن المجلس الدستوري الفرنسي قد حسم نقاشا سابقا في هذا المضمار عندما اعتبر أن المادة 17 من إعلان حقوق الإنسان و المواطن لا تقتصر فقط على الملكية الفردية، بل تهم أيضا ملكية أشخاص القانون العام.[8]
وحيث إن حق الملكية لا يمكن الحد منه إلا وفق ما يقتضيه القانون، ومن منطلق كون ملكية الأشخاص العامة لا تشذ عن هذه الحماية التي يضمنها الدستور، فإن الاختصاص الحصري للمشرع بتفويت المنشآت العامة ونقل ملكيتها إلى الخواص يعد نتيجة منطقية لهذين المعطيين. بناء على ذلك، نص دستور 1996 في فصله السادس و الأربعون المحدد لمجال القانون على تخويل البرلمان اختصاص ” تأميم المنشآت ونقلها من القطاع العام إلى القطاع الخاص”. وهو نفس المقتضى الذي نص عليه دستور 2011 في فصله الواحد و السبعون تحت مسمى “تأميم المنشآت ونظام الخوصصة “.
وعليه، يمكن القول أنه إذا كان التأميم شكلا من أشكال نزع الملكية الخاصة، فإن الخوصصة تعد مظهرا من مظاهر “نزع الملكية العامة”، و هو ما يعضد فكرة الاختصاص الحصري للبرلمان في مجال التأميم والخوصصة باعتباره اختصاصا قد ينطوي على الحد من مدى حق الملكية.
رغم أهميته في تحفيز النمو و المبادرة، فإن حق الملكية المطلق قد تكون له انعكاسات سلبية على المصلحة العامة. من هذا المنطلق، فإن إقرار هذا الحق في الدساتير يترافق دوما مع التنصيص على إمكانية الحد منه بقانون. وهو الأساس القانوني لحق الدولة في نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أو أثناء القيام بعمليات التأميم.
تعد المصلحة العامة قيدًا هاما بالنسبة لحق كل فرد في ملكه الخاص، فلا يستطيع أن يستخدمه بشكل يضر مصلحة المجتمع، أو ينفرد بالتصرف فيه إذا كانت هناك مصلحة عامة تعارض ذلك. ولهذا، فالمصلحة العامة هي قيد على بعض الحقوق الخاصة للأفراد ومن بينها حق الملكية الخاصة.[9] فقد سبق للمحكمة الدستورية العليا بمصر مثلا أن قضت في أحد اجتهاداتها أنه ” ولئن كان الدستور قد كفل حق الملكية الخاصة ، وحوطه بسياج من الضمانات التي تصون هذه الملكية وتدرأ كل عدوان عليها، إلا أنه في ذلك كله لم يخرج عن تأكيده على الدور الاجتماعي لحق الملكية ، حيث يجوز تحميلها ببعض القيود التي تقتضيها أو تفرضها ضرورة اجتماعية ” [10]
ولئن أقر المشرع الدستوري باحتمال استغلال حق الملكية بشكل تعسفي، وهو ما يستشف من إقراره إمكانية الحد منه، فإنه بتكريسه لحماية حق الملكية الخاصة يجعل من هذا الحق شرطا لليبرالية الاقتصادية ودعامة من دعائم الحريات الاقتصادية التي سيتم تكريسها في وقت لاحق.[11]
ثانيا: ترابط حق الملكية وحرية المبادرة الخاصة
تأسيسا على ما تم بسطه أعلاه، وبناء على الترابط القائم بين حق الملكية وحرية المبادرة الخاصة، والذي شكل مرتكز القاضي القاضي الإداري لتكريس الحماية القضائية لهذه الحرية حتى قبل دسترتها وفق ما تم بيانه سلفا، فإنه يطرح التساؤل التالي: لماذا تأخرت دسترة حرية المبادرة الخاصة إلى حدود 1996 رغم دسترة حق الملكية، الذي يشكل أساسها، منذ دستور 1962؟ ولماذا لم يساير المشرع الدستوري اجتهاد القاضي الإداري وبالتالي دسترة حرية المبادرة الخاصة في الدساتير الموالية لدستور 1962؟
إلى جانب تسجيل ضعف استخدام مفهوم “حرية المبادرة” من لدن صناع القرار المغاربة[12]، يمكن القول أن تأخر دسترة حرية المبادرة يجد تفسيره في الطابع الهجين للتدخل الاقتصادي للدولة الذي زاوج لمدة طويلة بين التدخلية القوية وخطاب الانسحاب وبين التوجيه والتحرير. كما يشكل ذلك انعكاسا لطابع التردد التي اتسم به اعتماد الليبرالية في شقها الاقتصادي من لدن الدولة.
بينما يفسر البعض خلو الدساتير المتعاقبة منذ 1962إلى 1992 من أية إشارة إلى حرية المبادرة الخاصة بما أملته ضرورة نهج الدولة لسياسة تدخلية بفعل ضعف المبادرة الخاصة والقطاع الخاص والمجهودات التنموية التي فرضتها ضرورة تحقيق الاستقلال الاقتصادي.[13] فضلا عن ذلك، يمكن القول أن دساتير 1970، 1972 و 1992لم تنعكس إيجابا على الحريات الاقتصادية بحكم جو الاحتقان السياسي وأجواء الصراع بين الملكية والمعارضة والذي تجسد في تعطيل الدستور من خلال إعلان حالة الاستثناء بين 1965 و 1970.
فرغم تبني الدولة للإيديولوجية الليبرالية في شقيها الاقتصادي والسياسي على مستوى الخطاب، فإنها ظلت عمليا حبيسة المنطق التدخلي في شتى المجالات كانعكاس للطابع المخزني- التقليدي لبنية الدولة.[14] فبعيد الاستقلال، لم يحل الخطاب الليبرالي للدولة دون مواصلة النهج المتمثل في إجهاض كل مبادرة فردية و ضرب مقوماتها عبر جملة من الوسائل على رأسها البيروقراطية، المنافسة الموازية للمؤسسات والمقاولات العمومية، الحماية الجمركية والضغط الضريبي.[15]
كما أن هذا الوضع يؤشر من منظور البعض لوجود هوة بين السياسي والاقتصادي في الفترة التي عرفت حضورا قويا للدولة (1956-1983). فإذا كان النهج الليبرالي بينا في التوجهات السياسية للدولة، فإن المجال الاقتصادي ظل مطبوعا بتدخلية قوية للدولة لمدة طويلة. فهذا التناقض غير مقبول مما فرض ضرورة تناغم السياسي و الاقتصادي في سياق تحديات العولمة.[16] وهو ما يفسر التعارض الذي سجل أثناء بداية تنفيذ برامج التقويم الهيكلي بناء على توجيهات المؤسسات المالية الدولية والنهج التدخلي الذي دأبت عليه الدولة.[17] فالخيار الليبرالي للدولة لا يمكن فصله عن السياق التاريخي الذي رافقه طيلة القرن العشرين.[18]
ومفاد ما تقدم، أن الحماية القانونية لحق الملكية الفردية شكلت دعامة أساسية لحرية المبادرة الخاصة خصوصا من خلال كونها مرتكز القاضي الإداري في اجتهاداته التي كانت تصب في اتجاه حماية حرية التجارة والصناعة، والتي شكلت بدورها اللبنة الأساسية لحث المشرع الدستوري لضمان الحماية القانونية لحرية المبادرة الخاصة.
المطلب الثاني: الحماية القانونية لحرية المبادرة الخاصة ودورها في تعزيز الانفتاح الاقتصادي
جاءت دسترة حرية المبادرة الخاصة بالمغرب (أولا) في سياق سعي الدولة لتعزيز الحريات الاقتصادية باعتبارها ركيزة أساسية لمسلسل الانفتاح الاقتصادي (ثانيا).
أولا: مفهوم حرية المبادرة الخاصة وسياق تطورها في التجربة الدستورية المغربية
يفيد المبدأ الدستوري لحرية المبادرة الخاصة أن القانون لا يحدد سلفا وعلى سبيل الحصر لائحة للأنشطة التجارية والصناعية التي يسمح بممارستها. بل إن الأنشطة التي يمكن مزاولتها تتطور باستمرار. كما لا يمكن للقانون حصر لائحة الأشخاص الذين يسمح لهم بممارسة نشاط معين والحد من حرية الأخرين في ولوج مهن معينة باستثناء ما يتعلق بضرورة توفر الشروط اللازمة لمزاولة بعض المهن والأنشطة.[19] كما لا يمكن، بمقتضى نفس المبدأ، للأشخاص العامة منع ولوج فاعلين خواص إلى أي نشاط اقتصادي بدعوى امتلاك الشخص العام لاحتكار نشاط معين.[20]
جدير ذكره أن حرية المبادرة كانت مثار نقاش فقهي في أوساط الفقه المقارن (فرنسا أساسا) بين تيارين يرى أحدهما أن حرية المبادرة هي مكون من مكونات حرية التجارة و الصناعة، بينما يرى الاتجاه المخالف عكس ذلك معتبرا أن حرية المبادرة تشمل حرية التجارة والصناعة.[21] وبصرف النظر عن الجدل الفقهي الآنف الذكر، فمبدأ حرية التجارة و الصناعة في التجربة الفرنسية مثلا يستمد جذوره من قانون 2و17 مارس 1791 الذي ينص على حرية ممارسة الأشخاص لأي نشاط اقتصادي أو مهني في احترام للنصوص القانونية الجاري بها العمل.[22] و المبدأ ذاته، والمتسم بقيمة دستورية، مصدره مبدأ الحرية الذي أرساه إعلان حقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789.[23]
أما بشأن سياق تطور حرية المبادرة الخاصة في التجربة المغربية، فيجدر التنويه أنه بعد التنصيص عليه في بنود اتفاقية الجزيرة الخضراء، لم يبد المغرب المستقل أي رفض لمبدأ حرية التجارة و الصناعة، بل استند عليه المجلس الأعلى في العديد من اجتهاداته. بيد أن الدولة أدخلت عليه بعض التعديلات عبر العديد من النصوص القانونية التي همت مجالات الاقتصاد والانتاج والتجارة والخدمات.[24] إلا أن الواقع العملي في مرحلة معينة والمتسم بقوة تدخل الدولة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية جعلها تكبت كل المبادرات فردية كانت أم جماعية.[25] مع ذلك، وانطلاقا من 1962، بدأ الاجتهاد القضائي يحيل على حماية دستور 1962 لحق الملكية الخاصة في اجتهاداته التي همت حرية التجارة والصناعة.[26]
سعيا لتكريس التوجه الليبرالي للدولة في تدبير القطاع العام الاقتصادي، نص دستور 1996، للمرة الأولى في تاريخ الدساتير المغربية، من خلال مقتضيات الفصل الخامس عشر منه على ضمان حرية المبادرة الخاصة، مع التنصيص على إمكانية الحد منها. ف” حق الملكية وحرية المبادرة الخاصة مضمونان. للقانون أن يحد من مداهما وممارستهما إذا دعت إلى ذلك ضرورة النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد”. وبذلك يكون المشرع الدستوري قد ضمن الحماية القانونية لحرية المبادرة الخاصة التي لا يستقيم واقع اقتصاد السوق القائم على المنافسة دون حمايتها.
فإذا كانت الدساتير اللاحقة على دستور 1962 اقتصرت على دسترة حق الملكية، فإن دستور 1996 شكل قفزة نوعية في اتجاه تكريس حرية التجارة والصناعة وحرية المبادرة الخاصة. ففضلا عن تعزيزه لحماية حقوق الانسان كما هي متعارف عليها عالميا، عزز فصله الخامس عشر حماية الحريات الاقتصادية من خلال تأكيده الصريح على ضمان المشرع الدستوري لحرية المبادرة إلى جانب حق الملكية.[27]
لقد جاء الإصلاح الدستوري لسنة 1996 في سياق وطني مطبوع ببداية الانفراج السياسي و التقارب بين القصر والمعارضة وبداية تشكل شبه إجماع حول الاختيارات الاقتصادية للدولة والتي توجت بمشاركة المعارضة في تدبير الشأن العام.
أما دوليا، فقد شهد العالم مجوعة من المتغيرات دفعت بالفاعلين الحكوميين إلى نهج تحولات اقتصادية تجسدت في إعادة النظر في دور الدولة خصوصا بعد القصور الذي عرفه القطاع العام [28]. كما أن تحرير الاقتصاديات عالميا ترتب عنه خضوع العديد من أنشطة القطاع العام لمنطق المنافسة. وقد صاحب ذلك تنامي خضوع المقاولات العمومية لقواعد القانون العادي على حساب قواعد القانون العام.[29] فضلا عن ذلك، عرفت الآليات القانونية لتدخل الدولة تحولات تجسدت في تنامي حضور آلية التعاقد على حساب الآليات التقليدية المتمثلة في القوانين والمراسيم والدوريات التي يطغى عليها الطابع الانفرادي (L’unilatéralité)، مرد ذلك كون العقد الأداة القانونية المثلى لتجسيد المقاربة التشاركية.[30] يضاف إلى ذلك، كون المجال الإداري ليس بمعزل عن السياق الاقتصادي والاجتماعي، والذي يفرض عليه التكيف مع تحولات المبادئ والآليات المتحكمة في تدخل الدولة. وهو ما يفسر عدم اقتصار الدولة على قواعد القانون العام في تدخلاتها وإقبالها المتزايد على قواعد القانون الخاص وأساليب تدبير القطاع الخاص.[31]
غير أن اتسامها بالقيمة الدستورية لا يجعل حرية المبادرة الخاصة بمنأى عن أي مساس بها متى اقتضت ضرورة المصلحة العامة ذلك. وقد تتخذ القيود على حرية المبادرة الخاصة عدة أشكال من قبيل نظام الترخيص الإداري أو التصريح المسبق أو تحديد شروط الولوج إلى أنشطة معينة وممارستها. [32] فحرية المبادرة الخاصة ليست مطلقة؛ فوفق مقتضيات الفصل 15 من دستور 1996 فإن “حق الملكية و حرية المبادرة الخاصة مضمونان. للقانون أن يحد من مداهما وممارستهما إذا دعت إلى ذلك ضرورة النمو الاقتصادي و الاجتماعي للبلاد. ولا يمكن نزع الملكية إلا في الأحوال و حسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون.”
ثانيا: دور حرية المبادرة الخاصة في تعزيز الانفتاح الاقتصادي
إذا كانت المنافسة قيمة حقوقية رديفة لحرية المبادرة الخاصة التي يكفل دستور المملكة ممارستها، فإن حق الخواص في مزاولة أنشطتهم لا يجد تطبيقه العملي ما لم تتوفر شروط المنافسة والمساواة في الولوج إلى الأسواق في ظل ضمانات قانونية نافذة،[33] مرد ذلك كون حرية المنافسة تعتبر تجسيدا لمبدأ حرية التجارة و الصناعة (حرية المبادرة) و التي تشكل بدورها فرعا للحرية التعاقدية والتي تترجم قانونيا الليبرالية في شقيها السياسي والاقتصادي.[34] فضلا عن ذلك، فالاقتصاد بحاجة إلى بيئة قانونية ملائمة بغية ضمان حماية حقوق الفاعلين الخواص والمصلحة العامة على حد سواء.[35]
رغم أن دستور 1996 نص في الفصل الخامس عشر منه على ضمان حرية المبادرة الخاصة، فإن البعض وصفه بالحياد الاقتصادي (neutralité économique) بدعوى أن الفصل الخامس عشر السالف الذكر هو الفصل الوحيد الذي جاء بمقتضيات تهم النظام الاقتصادي. الأمر الذي وجب تجاوزه في دستور 2011 من خلال تقديم إجابات واضحة حول تصور الدستور لليبرالية الاقتصادية و دور الدولة.[36] بينما يرى رأي مخالف أن الدستور المغربي هو في ذات الوقت دستور سياسي و اقتصادي. فالدستور الاقتصادي هو مجموع المقتضيات المتعلقة بالتنظيم الاقتصادي للدولة لاسيما الحريات الاقتصادية.[37]
والجدير بلفت النظر إليه، أنه يسجل في التجارب الدستورية المقارنة كون ” الدساتير في الديموقراطيات الغربية تتميز بأنها محايدة فيما يتعلق بالتنظيم الاقتصادي للدولة ، إذ ليس من موضوعات هذه الدساتير تحديد برنامج اقتصادي ، أو حتى مجرد وضع قيود جوهرية لتوجيه الاختيار بين مختلف السياسات الاقتصادية . إن المشرع هو السلطة المختصة بتحديد أسس النظام الاقتصادي . ويعتبر تدخل القانون ضمانة دستورية للتنظيم الاقتصادي للدولة فى الديموقراطيات الحرة”. [38] وعلى سبيل المثال لا الحصر، فالدستور الفرنسي لا يتضمن أي تنصيص صريح على حرية المبادرة الخاصة، فوحده القاضي الدستوري يتولى استنباط وجود حرية المبادرة الخاصة من خلال المبادئ العامة. فقد تم تكريس هذه الحرية من خلال القرار الشهير للمجلس الدستوري الفرنسي بتاريخ 16 يناير 1982 بمناسبة بته في مدى دستورية قانون التأميمات [39] فهو دستور “يتميز بالحياد الاقتصادي، ويترك للمشرع تحديد السياسة الاقتصادية. ويكفي أن نشير إلى المادة 34 من الدستور التي تعهد إلى القانون وضع القواعد الخاصة بتأميم المشروعات ونقل ملكية المشروعات من القطاع العام إلى القطاع الخاص” [40].
أما في المغرب، فتجدر الإشارة إلى أن دستور 1972 هو أول دستور يخول، في فصله الخامس و الأربعون، البرلمان الاختصاص بتأميم المنشآت و نقلها من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
على غرار الفصل 15 من دستور 1996، نص الفصل 35 من دستور 2011 على ضمان حق الملكية وحرية المبادرة والمقاولة، مع تعزيز ذلك بالتنافس الحر(Libre concurrence). والملاحظ أن المشرع الدستوري قد عزز حرية المبادرة للتأكيد على توسيع مدى الحريات الاقتصادية ليشمل دسترة التنافس الحر في أفق إرساء دعائم دولة القانون الاقتصادي(Etat de droit économique).
فالتنافس الحر يقوم على “حماية الحريات الاقتصادية و المساواة بين الفاعلين الاقتصاديين، من خلال العمل على تفادي إخلال تدخلات السلطة العامة بالمنافسة وتجنب الممارسات المنافية للمنافسة أو خلق تفاوتات بين الفاعلين الاقتصاديين.”[41] غير أن مبدأ التنافس الحر ” يتميز عن باقي الحريات الاقتصاديات بكونه ليس له طابع عام و لا يشمل كل مناحي الحياة الاقتصادية، بل يهدف فقط إلى احترام المنافسة الحرة، العادلة و المشروعة.”[42]
في ذات السياق، تجدر الإشارة إلى أن الفصل 35 من دستور 2011 يثير ملاحظات يمكن بسطها على النحو التالي:
- أسند الفصل المذكور حماية حق الملكية للقانون، بينما تبقى حماية حرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر من اختصاص الدولة؛
- خلافا لدستور 1996، لم يقرن المشرع الدستوري في دستور 2011 حرية المبادرة بوصف “الخاصة”.
- إذا كان الفصل 15 من دستور 1996 يقر إمكانية الحد من مدى حق الملكية وحرية المبادرة معا، فإن دستور 2011 لم يشر في الفصل 35 منه إلى إمكانية الحد من حرية المبادرة واكتفى بالتنصيص على ذلك بالنسبة لحق الملكية.
فضلا عن ذلك، نص الفصل 36 من الدستور على تجريم القانون لمختلف الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية. و هو ما جعل أحد الباحثين يصف الفصلين 35 و 36 من دستور 2011 بالمصدر الرئيسي للقانون الدستوري الاقتصادي المغربي.[43] و بذلك تتجلى الإشارات القوية للمشرع الدستوري باعتبار المرجعية الليبرالية في المجال الاقتصادي هي الموجهة للسياسة الاقتصادية للدولة.[44] و انسجاما مع ذات التوجه، يجدر التنويه أن دستور 2011 استخدم لفظ ” المنافسة” للمرة الأولى عكس دستور 1996 الذي لم يستخدم هذا المفهوم قط .[45] و ينسحب نفس الأمر على الدساتير السابقة.
كما أن دستور 2011 يكرس اعتماد مبادئ اقتصاد السوق في تدبير الحياة الاقتصادية، كوجه من أوجه الانفتاح الذي يشكل خيارا ثابتا للمغرب من خلال تنصيص ديباجة الدستور عليه. في ذات السياق، يجدر وصف توجه المشرع الدستوري بكونه يسعى لتكريس “اقتصاد سوق اجتماعي” (Economie sociale du marché) من خلال حرصه على التوفيق بين ضمان معدل نمو قوي والتحكم في معدلات التضخم والبطالة وضمان حماية اجتماعية ملائمة، وهو ما يلزم الدولة بالسعي نحو الحفاظ على المصلحتين العامة والخاصة على حد سواء.[46]
هذا التوجه زكته دسترة مبدأ التوازن المالي للدولة في الفصل 77 من دستور 2011 والسمو بمجلس المنافسة إلى مصاف المؤسسات الدستورية كضامن للشفافية و الإنصاف في العلاقات الاقتصادية وفق مقتضيات الفصل 166 من ذات الوثيقة الدستورية.
واتساقا مع توجه المشرع الدستوري الرامي لتعزيز مناخ الحريات الاقتصادية عبر تعزيز صلاحيات مجلس المنافسة كمؤسسة دستورية، بادر المشرع العادي بإصدار قانونين هامين في هذا المضمار وهما على التوالي: القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، والقانون 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة. كل ذلك بغية تجاوز نقائص القانون السابق 06.99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.
مؤدى ذلك أن، المقتضيات الدستورية ذات صلة بمجال الحريات الاقتصادية تبقى متقدمة، غير أن انعكاسها على أرض الواقع يبقى محدودا. فترتيب المغرب في مؤشر الحرية الاقتصادية[47] يبقى متأخرا؛ حيث احتل سنة 2009 الرتبة 101 عالميا من بين 178 دولة.[48] بينما تراجع سنة 2014 إلى المرتبة 103 بفعل عدة عوامل على رأسها اتساع دور الدولة وضعف مناخ الأعمال بفعل الرشوة و الفساد.[49] كما أن تدبير الاقتصادي بمنطق السياسي قد يحد من فعالية التدابير المتخذة. غير أن ذلك لا ينفي حقيقة المجهودات التي تبذل على مستوى تبسيط المساطر وتحفيز المبادرة الخاصة و تشجيع الاستثمار.
على سبيل الختم، يمكن القول أن المقتضيات الدستورية ذات صلة بالحريات الاقتصادية سعت لتعزيز الانفتاح والتحرير الاقتصادي عبر توفير الضمانات الدستورية لتعزيز حضور المبادرة الخاصة. فبعدما أرسى دستور 1962 اللبنة الأولى للتوجهات الليبرالية للدولة المغربية بعد الاستقلال، شكل دستور 1996 البداية الفعلية لتكريس التوجه الانفتاحي للدولة في تدبير الاقتصاد عبر الدسترة الصريحة لحرية المبادرة. كما رافق هذا الانفتاح الاقتصادي انفتاح سياسي تمثل في إشراك أحزاب المعارضة في تدبير الشأن العام بعد تشكيل حكومة التناوب التوافقي سنة 1998. بينما سعى دستور 2011 نحو تكريس و تعزيز التوجه الانفتاحي للمشرع الدستوري في وضع أسس التدبير الليبرالي للاقتصاد ومن خلال ذلك رسم معالم دور جديد للدولة في الحياة الاقتصادية. مؤدى ذلك أن جملة المقتضيات المتصلة بالحريات الاقتصادية التي جاءت بها مختلف الدساتير المغربية يتأتى معها نفي صفة الحياد الاقتصادي عن الدستور المغربي عكس ما يراه البعض.
[1] عبد الحافظ أدمينو : نظام البيروقراطية الإدارية بالمغرب – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية – أكدال الرباط 2001-2002،ص 198.
[2] عبد النبي اضريف : الخوصصة بالمغرب :إصلاحات ،حصيلة و رهانات – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية عين الشق الدار البيضاء 1999-2000 ص 217.
[3] Abderrahmane ZANANE : Les libertés économiques au Maroc- Article non publié, p3.
[4] محمد المرغدي: المنافسة : أبعادها الاقتصادية والقانونية (الجزء الثاني)- منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة- االعدد 92 ، 2015 ص 245-246.
[5] Sophie NICINSKI : Droit public des affaires, Montchrestien, 2010 p43-Cité par Abderrahmane ZANANE : La liberté d’entreprendre –in constitution et gouvernance (sous la direction d’Ahmed ESSOUSSI)-Latrache éditions 2012 P136.
[6] Gérard FARJAT : Pour un droit économique, Presse Universitaire de France, édition 2004,p47.
[7] Abderrahmane ZANANE : La liberté d’entreprendre –in constitution et gouvernance (sous la direction d’Ahmed ESSOUSSI)-Latrache éditions 2012 P 135.
[8] Conseil Constitutionnel Français: Décision n° 94-394, 21 juillet 1994, les grandes décisions du Conseil Constitutionnel.cité par :
وليد حيدر جابر :طرق إدارة المرافق العامة : المؤسسة العامة و الخصخصة – منشورات الحلبي الحقوقية (بيروت لبنان ) الطبعة الأولى، 2009، ص111.
[9] تامر ريمون : الضمانات الدستورية لحماية الاستثمار، مجلة الدستورية (منشورات المحكمة الدستورية العليا بمصر ) العدد الثاني والعشرون- مقال متوفر في الموقع الالكتروني للمحكمة الدستورية العليا المصرية على الرابط :
http://hccourt.gov.eg/Pages/elmglacourt/mkal/22/tamer%2022.htm (consulté le 15/01/2016).
[10] حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية في القضية رقم 68 لسنة 19 ، جلسة 31/7/2005، أورده تامر ريمون: الضمانات الدستورية لحماية الاستثمار،المرجع نفسه.
[11] Abderrahmane ZANANE : Les libertés économiques au Maroc- op.cit p2.
[12] Abderrahmane ZANANE : La liberté d’entreprendre, op.cit-p134.
[13] Mohamed EL YAAGOUBI : La liberté du commerce et de l’industrie ou la liberté d’entreprendre (Article 35,alinéa 3 de la constitution) , Publications de la REMALD , numéro 108 Janvier – Février 2013,p21.
[14] عبد الحافظ أدمينو : نظام البيروقراطية الإدارية بالمغرب – مرجع سابق، ص195.
[15] محمد شقير : تطور الدولة بالمغرب :إشكالية التكون و التمركز و الهيمنة- أفريقيا الشرق طبعة 2002،ص342.
[16] Abdeslam BEKKALI : Processus de libéralisation et réforme de l’Etat au Maroc-Publications de la REMALD N° 57-58 ,2004 p120.
[17] عبد الحافظ أدمينو : نظام البيروقراطية الإدارية بالمغرب – مرجع سابق، ص 196.
[18] Ahmed BERAKOUCH : La liberté d’entreprendre dans une économie de concurrence :cas du Maroc- thèse de doctorat en droit public, Université de Perpignan via Domitia ,2009-2010, p38.
[19] Idem p67.
[20] Mohamed EL YAAGOUBI : La liberté du commerce et de l’industrie ou la liberté d’entreprendre (Article 35,alinéa 3 de la constitution) , op.cit p25.
[21] Ali KAIROUANI : La nouvelle constitution économique du Maroc : étude analytique de droit public économique, publications de la REMALD N° 114, Janvier Février 2014 p56.
[22] Lexique des termes juridiques (dictionnaire), Dalloz 21ème édition 2014, p563.
[23] Didier LINOTTE et Raphaël ROMI : services publics et droit économique, Edition du juris-classeur ,5ème édition 2003,p134.
[24] Michel ROUSSET : Politique administrative et développement économique au Maroc1956-2004, communication présentée au séminaire organisé par l’Union international des Avocats. L’association des Barreaux du Maroc et le bureau de Marrakech à Marrakech les 7 et 8 mai 2004 p4 . Article accessible en ligne sur le lien: http://www.mmsp.gov.ma/concoursena2011/michel_rousset. pdf (consulté le 12/08/2011).
[25] محمد شقير : تطور الدولة بالمغرب :إشكالية التكون و التمركز و الهيمنة- مرجع سابق ص342.
[26] Abderrahmane ZANANE : La liberté d’entreprendre- op.cit. p138.
[27] Ahmed BERAKOUCH : La liberté d’entreprendre dans une économie de concurrence: cas du Maroc, op.cit p66.
[28] نادية بوضاض : مساهمة في دراسة سياسة الخوصصة في المغرب – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق أكدال الرباط 2003 ص8.
[29] Jean-Philippe COLSON : Droit public économique, LGDJ 3ème édition 2001-p447.
[30] Mohamed EL YAAGOUBI: La technique contractuelle, nouveau mode de gestion de l’Etat du 21ème siècle – In quel Etat pour le 21ème siècle, édition l’Harmattan 2001,p125.
[31] Abdelah EL MOUTAOUKIL : Les grands services publics, publications de la REMALD collection « manuels et travaux universitaires » 1ère édition 1999,p27.
[32] Gabriel ECKERT : Droit public des affaires, LGDJ Lexenso éditions ,2ème édition 2013, pp107-108.
[33] الجيلالي أمزيد :الحماية القانونية و القضائية للمنافسة في صفقات الدولة- منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية،سلسلة مؤلفات و أعمال جامعية العدد 79 الطبعة الأولى 2008، ص15.
[34] (M) DRISSI ALAMI MACHICHI : concurrence : droits et obligations des entreprises au Maroc, EDDIF édition 2004 pp 11-12.
[35] (M) DRISSI ALAMI MACHICHI : Environnement juridique de la vie économique-La revue Marocaine de droit économique, N°2 Janvier 2009 p9.
[36] Larbi JAIDI : La constitution économique de l’Etat – La vie économique 11/04/2011 (www.vieeco.com / consulté le 21/02/2012).
[37] Ali KAIROUANI : La nouvelle constitution économique du Maroc : étude analytique de droit public économique, op.cit. p53.
[38] محمد محمد عبد اللطيف : الدستور و المنافسة ، مجلة الدستورية (منشورات المحكمة الدستورية العليا بمصر ) العدد الثالث عشر- مقال متوفر على الموقع الالكتروني للمحكمة الدستورية العليا المصرية على الرابط :
http://hccourt.gov.eg/Pages/elmglacourt/mkal/13/abdelatef.htm (consulté le 25/03/2015).
[39] Gabriel ECKERT : Droit public des affaires, LGDJ Lexenso éditions ,2ème édition 2013-p106.
[40] محمد محمد عبد اللطيف : الدستور و المنافسة،مرجع سابق ص 1.
[41] Gabriel ECKERT : Droit public des affaires,op.cit,p114.
[42] Sophie NICINSKI : Droit public des affaires, 3ème édition, Montchrestien, paris 2012, p57 – cité par : Ali KAIROUANI : La nouvelle constitution économique du Maroc : étude analytique de droit public économique, op.cit. p57.
[43] Ali KAIROUANI : La nouvelle constitution économique du Maroc : étude analytique de droit public économique, oo.cit. p53.
[44] محمد الأعرج : طرق تدبير المرافق العامة بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، سلسلة مؤلفات و أعمال جامعية العدد 101- 2013 ص 55.
[45] Hafid BARKA : Dimension économique de la nouvelle constitution marocaine – Publications de la REMALD, numéro 103 mars– avril 2012,p102.
[46] Centre marocain de conjoncture : Réforme constitutionnelle : quel contenu économique ? N° 37 juin 2011-p6.
[47] ينشر المعهد الأمريكي (The Heritage Foundation) و اليومية الاقتصادية (The wall street journal ) تقريرا سنويا حول مؤشر الحرية الاقتصادية، و هو مؤشر يتم قياسه بناء على معدل جملة من المؤشرات الأخرى هي: السياسة التجارية، الجباية، تدخل الدولة في الاقتصاد، السياسة النقدية، الاستثمار، مناخ الأعمال، السياسة المالية، مرونة سوق الشغل، حق الملكية و مستويات الرشوة والفساد.
[48] Ministère de l’économie et des finances (Direction des études et des prévisions financières) : Indice de liberté économique 2009 au niveau mondial et positionnement du Maroc, septembre 2009,p1.
[49] Hicham El Moussaoui : Maroc : la liberté économique confisquée par l’État, article accessible en ligne sur le lien :http://www.libreafrique.org/HichamElMoussaoui-liberte-230114