الملزم الجبائي المحلي في ظل جائحة كورونا،مابين واجباتالإقرار الجبائي وإكراهات الحجر الصحي.

الملزم الجبائي المحلي في ظل جائحة كورونا،ما بين واجبات الإقرار الجبائي وإكراهات الحجر الصحي.

أحمد بوتوميلات

باحث بسلك الدكتوراه

كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية السويسي

جامعة محمد الخامس – الرباط

ملخص  :

عقب الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بالمغرب، وجد الملزمون بأداء بعض الرسوم المحلية أنفسهم أمام وضع غير مسبوق. فتحت طائلة عقوبات جبائية أو جنائية، كان هؤلاء الملزمون مضطرين من جهة إلى أن يضعوا لدى المصالح المختصة الإقرارت المنصوص عليها في القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ومن جهة أخرى إلى أن يظلوا في الحجر الصحي طبقا لمقتضيات المرسوم بقانون رقم 2.20.292 بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.

وحيث أنهم كانوا ما بين المطرقة والسندان، فقد كان لزاما على دافعي الضرائب والرسوم المحلية إيجاد السلوك الذي سيمكنهم من تفادي العقوبات الجبائية في سياق موسوم بالتوقف المؤقت لأغلبية الأنشطة الاقتصادية. ومن جانب آخر، فحالة العطالة التقنية لهذه الأنشطة ما كان لينتج عنها سوى نقص في المداخيل الجبائية لسائر الجماعات الترابية في الوقت الذي كان على هذه الوحدات الترابية المساهمة أكثر في المجهودات المبذولة من طرف الدولة لمواجهة الجائحة والحد من آثارها.

من خلال فحص انعكاسات جائحة كورونا على واجبات الملزمين فيما يتعلق بالجبايات المحلية، تهدف هذه الدراسة إلى تحليل ما اعتمدته السلطات العمومية كحلول لوضعية التضاد التي نتجت على إثر حالة الطوارئ الصحية مابين واجب إيداع الإقرارات الجبائية المتعلقة بالرسوم المحلية وواجب البقاء في الحجر الصحي.

كلمات مفتاحية:واجبات الملزمين – الجبايات المحلية – القاعدة الجبائية – الإقرار الجبائي– حالة الطوارئ الصحية -جائحة كورونا كوفيد 19.

Abstract:

Following state health emergency declaration in Morocco, the persons indebted to some local taxes faced a difficult situation. To avoid tax or penal sanctions, taxpayers need to file to the concerned authorities their declarations as defined in law n° 47-06 related to local authority taxation. On the other hand, they need to remain in confinement as determined by public authorities injunctions under Legislative Decree n° 2-20-292 that establish special provisions for the health emergency state and the measures for declaring it.

Trapped between the hammer and the anvil, the taxpayers were looking for the conduct to adopt during confinement to avoid the sanctions related to fiscal standards knowing that the majority of economic activities are in temporary cessation. In addition, the unemployment situation concerning these activities could only result in a reduction in the fiscal resources of the entire local authorities. On their turn, these decentralized entities are called upon to contribute more to the efforts of the state to face the pandemic and reduce its effects.

By examining the impact of the Covid-19 pandemic on taxpayers’ local tax obligations, this study seeks to analyze the solutions initiated by the public authorities to resolve the conflicting situation arising from the state of health emergency between the duty to file tax declarations and the obligation to remain in confinement.

Key Words: Taxpayer’s obligations, local taxation, fiscal norm, fiscal statement, state of health emergency, pandemic covid-19.

Résumé :

Suite à la déclaration de l’état d’urgence sanitaire au Maroc, les redevables de certaines taxes locales se sont trouvés face à une situation inédite. Sous peines de sanctions fiscales ou pénales, ces redevables étaient obligés d’une part de déposer auprès des services compétents des déclarations prévues par la loi n° 47-06 relative à la fiscalité des collectivités locales et d’autre part de rester en confinement suite aux injonctions prises par les autorités publiques en vertu du décret-loi n° 2-20-292 édictant des dispositions particulières à l’état d’urgence sanitaire et les mesures de sa déclaration.

Se trouvant ainsi entre le marteau et l’enclume, les contribuables cherchaient la conduite à adopter qui leur permet d’éviter durant le confinement les sanctions liées à des normes fiscales dans un contexte marqué par la cessation temporaire de la majorité des activités économiques. Par ailleurs, l’état de chômage technique desdites activités ne pouvait se traduire que par une baisse des ressources fiscales de l’ensemble des collectivités territoriales alors que ces entités décentralisées étaient appelées à contribuer davantage aux efforts de l’Etat dans la lutte contre la pandémie et la réduction de ses effets. 

En examinant les répercussions de la pandémie covid-19 sur les obligations des contribuables en en matière de fiscalité locale, cette étude cherche à analyser les solutions initiées par les autorités publiques pour résoudre la situation antinomique née suite à l’état d’urgence sanitaire entre l’obligation de déposer les déclarations fiscales et l’obligation de rester en confinement.

Mots clés: obligations des contribuables-fiscalité locale – norme fiscale-déclaration fiscale – état d’urgence sanitaire –pandémie covid 19

مقدمة

في نظام جبائي ذي طابع إقراري، يتعين على الملزم ” الإدلاء بإقرارات صادقة ودقيقة للمادة الجبائية”[1]،على أن تقوم الإدارة الجبائية بمراقبة الإقرارات المدلى بها ومطالبة الملزمين عند الحاجة بتقديم الإثباتات التي تراها ضرورية.غير أنه عقب الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بالمغرب، وجد الملزمون بأداء بعض الرسوم المحلية أنفسهم أمام وضع غير مسبوق؛ فتحت طائلة عقوبات جبائية أو جنائية، كان هؤلاء الملزمونمطالبينبأن يضعوا لدى المصالح المختصة الإقرارت المنصوص عليها في القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية[2]وفي نفس الوقت بأن يظلوافي الحجر الصحي طبقا لمقتضيات المرسوم بقانون رقم 2.20.292 بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها[3].

وبهذابرز تضاد ما بين نظام القواعد القانونية المؤطرةلحالة إعلان الطوارئ الصحية ونظام القواعد القانونية المتعلقة بالجبايات المحليةوذلك في إطار نوع من التنازع الذي يمكن أن يطرأ عادة ما بين القوانين. وهو الأمرالذي جعل المخاطب بهاذين القانونين ما بين مطرقة أحدهما وسندانالآخر في ظل وضع تميزبالنسبة للعديد من الملزمين بالتوقف الجزئي أو الكلي للأنشطة الاقتصادية وبالنسبة للجماعات الترابية بنقص في الموارد المالية الضرورية للمساهمة إلى جانب باقي السلطات العمومية في مواجهة انعكاسات هذه الجائحة.

ولضرورات هذا البحث، سنعتمد التمييز الذي استعمله الأستاذ مارك بلتيي[4]ما بين القواعـد الجبائية (Normes fiscales)والقواعد التضريبية(Normes d’imposition)مدرجا ضمن الأولى قواعد القانون الجبائي العامة والموجهة لجميع الملزمين وجاعلا الثانية مقتصرة على القواعد الفردية الموجهة لأفراد معنيين دون غيرهم. وبالرجوع إلى الإشكالية المطروحة فإن الملزم برسم محلي أمام قاعدة جبائية تتعلق بضرورة إيداع إقرار لدى مصلحة الوعاء المختصة وتحت طائلة قاعدة تضريبية تلزمه،في حالة عدم إيداع هذا الإقرار،بأداء زيادة في مبلغ الرسم المحلي المستحق أو الذي كان سيستحق في غياب كل إعفاء من هذا الرسم أو تخفيض منه كما أنه مطالب باحترام قاعدة قانونية أخرى تتعلق بضرورة التزام الحجر الصحي وإلا تعرض لعقوبة الحبس أو الغرامة أو هما معا.

وحتى نتمكن من الإحاطة بمختلف جوانب الموضوع، سننطلق من فرضية أن السلطات العمومية بحثت عن حلول تمكن من الحد من تداعيات جائحة كوفيد -19 ولاسيما فيما يخص وضعية التضاد المشار إليها أعلاه بين القواعد المتعلقة بالجبايات المحلية والقواعد المؤطرة لحالة الطوارئ الصحية. وهو ما يستدعي البحث في إشكاليات إيداع الإقرارات الجبائية المتعلقة بالرسوم المحلية قبل وبعد إعلان حالة الطوارئ الصحية (المبحث الأول) وكذا الحلول التي تم اعتمادها من طرف السلطات العمومية خلال فترة حالة الطوارئ الصحية (المبحث الثاني).

المبحث الأول: واجبات إيداع الإقرارات الجبائية المتعلقة بالرسوم المحلية قبل وبعد إعلان حالة الطوارئ الصحية

يمكن تعريف الإقرار الجبائي بأنه: “عملية أو سلوك طوعي يقوم به الملزم اتجاه الإدارة الجبائية، لأجل المساعدة على تحديد الدخول أو الأرباح الخاضعة أو المعفاة من الضريبة أو الرسم”[5]. وكمنطلق سيتم اعتبار الملزم المحلي كل شخص ذاتي أو معنوي يمكن أن يكون خاضعا للرسوم المحلية التي نص عليها القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية.

وكما سبقت الإشارة إلى ذلك، يتعين على هذا الملزم احترام قواعد القانون رقم 47.06 فيما يخص إيداع الإقرارت الجبائية داخل آجال معينة وذلك بعد ملئ مطبوع نموذجي أعدته الإدارة. غير أنه بعد الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بالمغرب، أصبح هذا الملزم مطالبا باحترام ضوابط خاصة (المطلب الثاني)تختلف عن تلك المعمول بها خلال الظروف العادية (المطلب الأول).

المطلب الأول: القواعد القانونية المؤطرة لإيداع الإقرارات السنوية المتعلقة بالرسوم المحلية خلال الظروف العادية

لقد وضع المشرع مجموعة من الواجبات على كاهل الملزمين المحليين والتي ضمنهابمواد من القانون رقم 47.06 ولاسيما تلك الواردة تحت عنوان “واجبات الملزمين”، حيث يتعين على الملزم ببعض الرسوم المحلية سواء المسيرة من طرف مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أن يودع لدى المصالح الجبائية المختصة إقرارات جبائية.

أولا: واجبات الملزمين المتعلقة بالرسوم المحلية المسيرة من طرف الدولة

تقوم مصالح الدولة بتدبير ثلاث رسوم جماعية من خلال قيام المديرية العامة للضرائب بتدبير وعائها وإسناد مهمة تحصيلها إلى الخزينة العامة للمملكة.ويتعلق الأمر بالرسم المهني، رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية، والتي يقوم الملزم المحلي بإيداع إقرارات بشأنها لدى مصالح المديرية العامة للضرائب سواء كان هذا الملزم مقاولة أو أسرة.

1.بالنسبة للإقرارات الواجب إيداعها من طرف المقاولات

إذا كان الملزم مقاولة خاضعة للرسم المهني، فإنه يقوم بإيداع الإقرارات التالية:

  • إقرار بالتسجيل في جدول الرسم المهني لدى المصلحة المحلية للضرائب التابع لها مقره الاجتماعي أو مؤسسته الرئيسة أو موطنه الضريبي داخل أجل أقصاه ثلاثون (30) يوما التي تلي تاريخ الشروع في مزاولة النشاط ؛
  • إقرار إجمالي يبين بالنسبة لكل مؤسسة مستغلة الأراضي والمباني والتجهيزات والتهييئات والمعدات والأدوات تاريخ اقتنائها وتاريخ اشتغالها أو تركيبها والمكان الملحقة به وثمن تكلفتها وذلك في أجل أقصاه 31 يناير من السنة الموالية لسنة الشروع في مزاولة النشاط ؛
  • إقرار يبين كل التغييرات الواقعة داخل المؤسسة والتي من شأنها الزيادة أو النقصان في العناصر الخاضعة للرسم وذلك في أجل أقصاه 31 يناير من السنة الموالية لسنة وقوع هذه التغييرات ؛
  • إقرار في حالة العطالة الجزئية أو الكلية يتم إيداعه لدى المصلحة المحلية للضرائب التابع لها مقره الاجتماعي أو مؤسسته الرئيسية أو موطنه الضريبي داخل أجل أقصاه 31 يناير من السنة الموالية لسنة العطالة ؛
  • إقرار بتفويت أو توقف النشاط أو نقله أو تغيير الشكل القانوني للمؤسسة وذلك داخل أجل خمسة وأربعون (45) يوما من تاريخ وقوع إحدى هذه الحالات علما أنه في حالة وفاة الملزم يصبح أجل إيداع الإقرار من طرف ذوي الحقوق هو ثلاثة (3) أشهر تبتدئ من تاريخ الوفاة.

في حالة عدم احترام الواجبات المشار إليها أعلاه، تطبق الجزاءات التالية:

  • كل ملزم لم يقم داخل الأجل المحدد بإيداع إقرار التسجيل بجدول الرسم المهني يتعرض لزيادة قدرها 15% من مبلغ الرسم المستحق أو الذي كان سيستحق في غياب كل إعفاء من الرسم أو تخفيض منه علما أنه في جميع الأحوال، لا يمكن أن يقل مبلغ الزيادة عن خمسمائة (500) درهم ؛
  • في حالة عدم إيداع الإقرار بالعناصر الخاضعة للرسم أو التأخير في ذلك أو عدم الإقرار بتغييرات متعلقة بهذه العناصر أو في حالة الإدلاء بإقرار ناقص وغير كاف يطبق الرسم وفق العناصر التي في حوزة الإدارة مع تطبيق زيادة قدرها 15% تحتسب على أساس مبلغ الرسم المستحق أو الذي كان سيستحق في غياب كل إعفاء من الرسم أو تخفيض منه؛
  • في حالة عدم الإدلاء بالإقرار بعطالة المؤسسة، يفقد الملزم الاستفادة من الإبراء من الرسم أو التخفيض منه بسبب العطالة ؛
  • في حالة عدم الإدلاء بإقرار تفويت أو توقف النشاط أو نقله أو تغيير الشكل القانوني للمؤسسة يتعرض الملزم لتطبيق زيادة قدرها 15% تحتسب على مبلغ الرسم المستحق أو الذي كان سيستحق في غياب كل إعفاء من الرسم أو تخفيض منه.

وتجدر الإشارة، إلى أنه طيقا لمقتضيات المادة 38 من القانون رقم 47.06، تطبق على المقاولات فيما يخص رسم الخدمات الجماعية نفس المقتضيات المتعلقة بالرسم المهني.

2.بالنسبة للإقرارات الواجب إيداعها من طرف الأسر

بالنسبة للأسر الخاضعة لرسم السكن، يتعين عليها إيداع الإقرارات التالية:

  • إقرار بانتهاء أشغال البناء أو تغيير ملكية العقار أو الغرض المخصص له؛
  • إقرار بشغور خلال شهر يناير من السنة الموالية لسنة الشغور مع الإشارة إلى مكونات المحلات الشاغرة والمدة وأسباب الشغور مثبتا ذلك بجميع وسائل الإثبات علما أن هذا الإقرار يعتبر بمثابة طلب إبراء من رسم السكن.

في حالة عدم القيام بهذه الواجبات، تفرض الجزاءات التالية:

  • يتعرض الملاك أو ذوو حق الانتفاع الذين لم يدلوا داخل الآجال المحددة بالإقرارات بانتهاء أشغال البناء أو بتغيير المالك أو بتغيير الغرض المخصص له لزيادة قدرها 15% تحتسب من مبلغ الرسم المستحق أو الذي كان سيستحق في غياب الإعفاء الكلي أو الجزئي من الرسم ؛
  • يفقد الملاك أو ذوو حق الانتفاع الذين لم يستجيبوا لاستدعاء المفتش المنصوص عليه في المادة 26 من القانون رقم 47.06، أو الذين لم يدلوا داخل الآجال المحددة بإقرار الشغور، حق الاستفادة من الإبراء من الرسم الصادر بسبب الشغور.

وتجدر الإشارة، إلى أنه طيقا لمقتضيات المادة 38 من القانون رقم 47.06، تطبق على الأسر فيما يخص رسم الخدمات الجماعية نفس المقتضيات المتعلقة برسم السكن.

وبناء على ما سبق، فإن الإقرارات الواجب الإدلاء بها بالنسبة للرسم المهني، رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية هي إقرارات ظرفية مرتبطة بحالات خاصة وليس لها طابع الإلزام السنوي كما هو ملاحظ بالنسبة للرسوم المحلية المسيرة من طرف الجماعات الترابية.

ثانيا: واجبات الملزمين المتعلقة بالرسوم المحلية المسيرة من طرف الجماعات الترابية

طبقا لمقتضيات المادة 167 من القانون رقم 47.06، فإن المصالح الجبائية التابعة للجماعات الترابية تقوم بتدبير الرسوم المحلية باستثناء الرسم المهني، رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية وتتلقى الإقرارات السنوية والظرفية المتعلقة بتلك الرسوم.

1.بالنسبة للإقرارات السنوية

الملزم المحلي مطالب، حسب النشاط المزاول، قبل فاتح أبريل من كل سنة بإيداع الإقرارات التالية:

  • إقرار،من طرف كل بائع لمشروبات تستهلك في المكان الذي تباع فيه، بالمداخيل المحققة خلال السنة المنصرمة وذلك بالنسبة للرسم على محال بيع المشروبات؛
  • إقرار، من طرف مستغلي مؤسسات الإيواء السياحي، يتضمن عددالزبناء الذين أقاموا بالمؤسسة خلال السنة المنصرمةوذلك بالنسبة للرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية؛
  • إقرار، من طرف المؤسسات التي تستغل ينابيع مياه معدنية أو مياه المائدة المعدة للاستهلاك في شكل قنينات، بعدد اللترات أو كسور اللترات وذلك بالنسبة للرسم على المياه المعدنية ومياه المائدة؛
  • إقرار، من طرف المستغل المرخص له باستخراج مواد المقالع، بطبيعة وكمية المواد المستخرجة برسم السنة المنصرمة وذلك بالنسبة للرسم عل استخراج مواد المقالع؛
  • إقرار، من طرف أصحاب الامتياز ومستغلي المناجم، بالكميات المستخرجة من المواد المنجمية خلال السنة المنصرمة، بالنسبة للرسم على استخراج مواد المقالع؛
  • إقرار، من طرف الهيئات التي تقدم الخدمات بالموانئ، برقم الأعمال الذي تم تحقيقه خلال السنة المنصرمة، وذلك بالنسبة لرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ.

وبالنسبة للرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، يتعين على مالكي أو حائزي الأراضي الحضرية غير المبنية، الخاضعة لهذا الرسم أو المعفاة منه، أن يودعوا لدى مصلحة الوعاء الجماعية قبل فاتح مارس من كل سنة، إقرار بهذه الأراضي يتضمن جميع البيانات المتعلقة بتصفية الرسم.

وتجدر الإشارة، أنه في حالة عدم إيداع الإقرارات المشار إليها أعلاه أو عند إيداعها خارج الأجل، فإنه تطبق على مبلغ الرسم المستحق زيادة قدرها 15%.

2.بالنسبة للإقرارات الظرفية

بحسب الوقائع التي يمكن أن تؤثر على عناصر تصفية الرسوم المحلية، فإنه يتعين على الملزمين إيداع إقرارات بهذه الوقائع كما يلي:

  • إقرار بتغيير المالك أو تخصيص الأرض أو تفويتها وذلك بالنسبة للرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية ؛
  • التصريح بالتأسيس عند الشروع في نشاط محل بيع المشروبات أو نشاط سيارات الأجرة وحافلات النقل العمومي للمسافرين؛
  • إقرار بتفويت النشاط أو توقيفه أو نقله أو تغيير الشكل القانوني للمؤسسة وذلك بالنسبة للرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية، والرسم على محال بيع المشروبات والرسم على النقل العمومي للمسافرين؛
  • الإقرار بالعطالة الجزئية أو الكلية بالنسبة للرسم على محال بيع المشروبات.

ونشير أنه في حالة عدم احترام الواجبات سالفة الذكر، تطبق الجزاءات المتعلقة بالوعاء الواردة بالباب الأول من القسم الثالث للقانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية.

المطلب الثاني: إيداع الإقرارات السنوية المتعلقة بالرسوم المحلية بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية

من الناحية القانونية، فإن الإجراءات المتخذة في إطار حالة الطوارئ الصحية نتجت عنها صعوبات ورهانات سواء بالنسبة للملزم المحلي أو المصالح الجبائية التابعة للجماعات الترابية.

أولا: صعوبات إيداع وتلقي الإقرارات خلال فترة حالة الطوارئ الصحية

المرسوم بقانون رقم 2.20.292يعتبر الأساس القانوني لحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها. واستنادا إلى مقتضيات المادة 2 من هذا المرسوم، فقد أصدر رئيس الحكومة بتاريخ 24 مارس 2020 المرسوم رقـم 2.20.293بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا-كوفيد 19[6]، والذي تم تعديله عدة مرات لتمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية. وقد حدد هذا المرسوم مجموعة من الشروط التي يتعذر معها أيداع وتلقي الإقرارات.

1.بالنسبة لتشديد الإجراءات المقيدة للتنقل

لقد منحت المادة 2 من المرسوم رقم 2.20.293 للسلطات العمومية صلاحية اتخاذ التدابير اللازمة من أجل عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم مع اتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة، طبقا لتوجيهات السلطات الصحية. وعليه، فمبجرد اتخاذ هذه التدابير يتعذر على الملزم مغادرة محل سكناه للوفاء بالتزاماته الجبائية ولاسيما تلك المتعلقة بإيداع إقراراته لدى المصالح الجبائية التابعة للجماعة أو الجهة.

وتجدر الإشارة، أنه طبقا للمادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم2.20.292 يعاقب على مخالفة الأوامر والقرارات الصادرة في إطار التدابير سالفة الذكر بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وبغرامة تتراوح بين 300 و1300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد.

من جانب الإدارة المكلفة بتلقي الإقرارات، فهي الأخرى معرضة لصعوبات تلقي هذه التصاريح بعد التدابير المتخذة لمواجهة جائحة كوفيد 19. فالموظفون واعوان الإدارة الجبائية المكلفون بتلقي هذه الإقرارات يخضعون لنفس القواعد المقيدة لتنقلهم مما يؤثر سلبا على قدرة المصالح الجبائية في هذا المجال.

2.بالنسبة لتخفيف الإجراءات المقيدة للتنقل

طبقا لمقتضيات المادة 2 من المرسوم رقم 2.20.293، فإن الملزم المحلي أو من ينوب عنه للقيام بالتزاماته لا يمكنه مغادرة محل سكناه إلا في الحالات التالية:

  • التنقل من محل السكنى إلى مقرات العمل، ولاسيما في المرافق العمومية الحيوية والمقاولات الخاصة والمهن الخرة في القطاعات والمؤسسات الأساسية المحددة بقرارات للسلطات الحكومية المعنية، مع مراعاة الضوابط التي تحددها السلطات الإدارية المعنية من أجل ذلك؛
  • التنقل من أجل اقتناء المنتجات والسلع الضرورية للمعيشة، بما في ذلك اقتناء الأدوية من الصيدليات؛
  • التنقل من أجل الذهاب إلى العيادات والمصحات والمستشفيات ومختبرات التحليلات الطبية ومراكز الفحص بالأشعة وغيرها من المؤسسات الصحية، لأغراض التشخيص والاستشفاء والعلاج؛
  • التنقل لأسباب عائلية ملحة من أجل مساعدة الأشخاص الوجودين في وضعية صعبة، أو في حاجة إلى الإغاثة.

ومن خلال ما سبق، لا تندرج ضمن الحالات الواردة أعلاه الذهاب إلى المصالح الجبائية لإيداع الإقرارات الجبائية. وهو ما يجعلنا نفترض أن الإطار القانوني لحالة الطوارئ الصحية أدى إلى صعوبة قيام الملزم المحلي بإيداع إقراراته السنوية لدى المصالح الجبائية المختصة. علما أن هذا الملزم، يمكنه إيداع اقراراته إذا تمكن من تخطي حواجز المراقبة الموضوعة لفرض احترام التدابير المتخذة في إطار حالة الطوارئ الصحية.

أما بالنسبة للمصالح الجبائية، وعلى غرار الوحدات الإدارية التابعة للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، فإنها توصلت بدورية وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة عدد 2020/1 بتاريخ 16 مارس 2020، بشأن التدابير الوقائية من خطر انتشار وباء كورونا ولاسيما تلك المتعلقة بالعمل قدر الإمكان على توفير الخدمات على الخط بما من شأنه الحد من توافد المرتفقين على مصالح الإدارة.

ثانيا: رهانات إيداع وتلقي إقرارات الملزم المحلي

يشكل إيداع الإقرارات من طرف الملزمين رهانا ماليا سواء بالنسبة للملزم المحلي أو بالنسبة للجماعات الترابية.

1.بالنسبة لأثر الجزاءات الجبائية على الملزم المحلي

يتعرض الملزم الذي لم يودع إقراره أو قام بإيداعه خارج الأجل لتطبيق جزاء يتمثل في زيادة الرسم المستحق بمقدار 15% التي قد تنضاف إلى الجزاءات عن الأداء المتأخر للرسم. وتؤدي هذه الزيادات إلى رفع المبلغ الذي يتحمله الملزم والذي يجعل هذه الزيادة بعد أربع سنوات تفوق في بعض الأحيان مبلغ الرسم الأصلي. وفي هذا الإطار، فإن الملزم يمكن أن يستند على مقتضيات المادة 162-IIليقدم طلبا للإبراء أو التخفيف من الزيادات والغرامات والذعائر وباقي الجزاءات المنصوص عليها في القانون رقم 47.06.

وتجدر الإشارة، أنه فيما يخص الرسوم المحلية التي تقوم بتدبيرها الجماعات الترابية، فإن طلب الإبراء أو التخفيف سالف الذكر يوجه إلى وزير الداخلية أما بالنسبة للرسوم المحلية لتي تقوم بتدبيرها المديرية العامة للضرائب فإن الطلب يوجه إلى الوزير المكلف بالمالية.

2.بالنسبة للموارد المالية للجماعات الترابية

يعتبر إيداع الإقرارات مرحلة مهمة في تأسيس الرسوم المحلية وتحصيل الموارد الذاتية للجماعات الترابية في غياب الإرادة أو في بعض الأحيان القدرة للقيام بإحصاء للوعاء الضريبي وبعمليات المراقبة الضرورية قانونا. وبذلك “أصبح الإقرار قاعدة عامة بالنسبة للنظام الجبائي المحلي، حيث أصبحت الإدارة الجبائية المحلية تعتمد على مضمون هذه الإقرارات لتحديد المساهمة الجبائية للملزم المحلي، ماعدا في الحالات التي حددها المشرع بخصوص بعض الرسوم التي تعتمد المعاينة المباشرة من طرف لجنة الإحصاء”[7].

المبحث الثاني: الحلول المعتمدة لإيداع الإقرارات السنوية المتعلقة بالرسوم المحلية خلال فترة حالة الطوارئ الصحية

بالنظر إلى صعوبات إيداع الإقرارات السنوية المتعلقة بالرسوم المحلية خلال فترة حالة الطوارئ الصحية، وبافتراض وجود حلول لحالة التنازع ما بين القواعد القانونية، يتعين رصد الحلول المعتمدة وتحليل مدى فاعليتها في حالة وجودها.

وفي هذا الإطار، قمنا ابتداء من 25 ماي 2020، باتصالات هاتفية مع موظفي وأعوان المصالح الجبائية لبعض الجماعات الترابية ووضعنا على مواقع التواصل الاجتماعي ابتداء من تاريخ رفع الحجر الصحي بتاريخ 26 يونيو 2020 استمارة لفائدة الأعوان والموظفين العاملين بهذه المصالح وذلك بخصوص المواضيع التالية:

  • الصعوبات المرتبطة بإيداع الإقرارات السنوية؛
  • مصادر الصعوبات على صعيد القواعد الجبائية التي تفرض إيداع هذه الإقرارات؛
  • الحلول المقترحة لتجاوز هذه الصعوبات؛
  • مدى وحدود الحلول المقترحة.

لعرض ومناقشة نتائج هذه الدراسة، سنعتمد فيما يلي محورين أساسيين أحدهما يتعلق بالحلول المؤسسة على تأويل القواعد الجبائية أما الآخر فسيتناول الحلول المؤسسة على تعديل القواعد الجبائية.

المطلب الأول: الحلول المؤسسة على تأويل القواعد الجبائية

من خلال النتائج المحصل عليها، يتبين أن أكثر من 70% من المستجوبين يؤكدون تقلص عدد الإقرارات المودعة مقارنة بنفس العدد الذي تم التوصل به خلال السنة المنصرمة.كما صرح 73% من المستجوبين، بأن دورية وزير الداخلية عدد 7186 بتاريخ 11 ماي 2020 بشأن انعكاسات حالة الطوارئ الصحية على تطبيق الجزاءات المتعلقة بالموارد المالية المدبرة من طرف الجماعات الترابية، قدمت بعض الحلول لتجاوز الإشكاليات المرتبطة بإيداع الإقرارات السنوية.

أولا: دور التأويل الإداري في ميدان الجبايات المحلية

تندرج دورية وزير الداخلية عدد 7186 بتاريخ 11 ماي 2020 ضمن التأويل الإداري الذي تمارسه الإدارة لتطبيق التشريع الجبائي الجاري به العمل وهو الأمر الذي يستدعي بحث القيمة القانونية لهذا التأويل وأثره القانوني.

1.من حيث القيمة القانونية

إن كثرة الدوريات في المجال الجبائي كظاهرة ملاحظة في العديد من الدول نتج عنها ” ارتباط تطبيق القانون الجبائي بالتأويل الذي تعتمده الإدارة للقاعدة القانونية الجبائية “[8]. ومن خلال هذه العلاقة، تكمن القيمة القانونية للتأويل الذي تقوم به الإدارة الجبائية.

وبالتالي فهذا التأويل يستمد قيمته من القواعد القانونية المرتبط بهاوالتي يشكل معها جبل ثلج يمثل جانبه الخفيفي حين تشغل القواعد القانونية جانبه الظاهر. وهو ما جعلتضارب الأراء حول القيمة القانونيةلهذا التأويل إلى إبراز أثره القانوني.

2.من حيث الأثر القانوني

على الرغم من النقاش الدائر حول مكانة التأويل ضمن منظومة القواعد القانونية، فإن أثره القانوني يمكن أن يوضح مكانته داخل هذه المنظومة. ولنأخذ على سبيل المثال، دورية وزير الداخلية عدد 7186 بتاريخ 11 ماي 2020 والتي استندت إلى مقتضيات المادة 6 من المرسوم بقانون رقم2.20.292ومقتضيات القانون رقم 47.06 لاتخاذ التدابير التالية خلال فترة حالة الطوارئ الصحية:

  • عند أداء الملزمين للرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية عن سنة 2020، يتم تطبيق الجزاءات عن الأداء المتأخر المنصوص عليها بالمادة 147 من القانون رقم 47.06 من دون أن تشمل هذه الجزاءات فترة الطوارئ الصحية ؛
  • في حالة عدم إيداع مالكي أو حائزي الأراضي الحضرية غير المبنية، الخاضعة للرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية أو المعفاة منه، لإقرار بهذه الأراضي قبل فاتح مارس 2020، أو إيداعه بعد هذا التاريخ، فيتم تطبيق الجزاءات عن عدم الإقرار أو وضع الإقرار خارج الأجل المنصوص عليها بالمادة 134-I من القانون رقم 47.06 ؛
  • بالنسبة للرسوم المحلية الأخرى التي يتعين على الملزمين دفع مبالغها قبل انصرام الشهر الموالي لكل ربع سنة وإيداع إقرارات تتعلق بها قبل فاتح أبريل من كل سنة، فإن أداء مبالغ هذه الرسوم عن الربع الأول من سنة 2020 وإيداع الإقرارات برسم سنة 2020 بعد فاتح أبريل لهذه السنة، لا يترتب عنه تطبيق الجزاءات المنصوص عليها بالمادتين 134-I و147 المشار إليهما أعلاه؛
  • عند أداء الملزمين لرسم من الرسوم الإقرارية المشار إليها أعلاه وذلك عن السنوات التي تسبق سنة 2020، يتم تطبيق الجزاءات المنصوص عليها بالمادة 147 من القانون رقم 47.06 سالف الذكر من دون أن تشمل هذه الجزاءات فترة الطوارئ الصحية كما تطبق الجزاءات المنصوص عليها بالمادة 134-I من نفس القانون في حالة عدم إيداع الإقرار أو إيداعه خارج الأجل.

ثانيا: حدود التأويل الإداري في ميدان الجبايات المحلية

يتبن من خلال ما سبق، أن التأويل الإداري للقواعد الجبائية المتعلقة بالرسوم المحلية يظل رهينا بالظروف التي أدت إلى ظهوره. وعلى هذا الأساس، فإن دورية وزير الداخلية التي سقناها كمثال للتأويل الإداري تظهر حدود هذا التأويل سواء من حيث مجال التطبيق أو من حيث الآثار القانونية.

1.من حيث مجال التطبيق

لقد اعتمد التأويل الإداري على القواعد الجبائية الموجودة للتأثير على قواعد التضريب المنتجة خلال فترة الطوارئ الصحية مستعملا مقتضيات المادة 6 من المرسوم بقانون رقم2.20.292التي كانت تنص على توقف سريان مفعول الآجال التشريعية والتتنظيميةابتداء من تاريخ إعلان حالة الطوارئ الصحية وإلى غاية الإعلان عن رفعها، أي قبل تعديل هذه المادة بموجب القانون رقم 42.20[9] الذي أصبح بموجبه لدى الحكومة صلاحية أن تقرر، خلال فترة حلة الطوارئ الصحية المعلن عنها، وقف سريان مفعول كل أجل من الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

وعلاوة على ما سبق فإن الحلول الواردة بدورية وزير الداخلية تهم فقط الرسوم المحلية التي تقوم بتدبيرها الجماعات الترابية، وبذلك فإن مجال تطبيق التأويل الإداري المعتمد من طرف هذه الدورية لا يشمل الرسوم المحلية التي يتم تدبيرها من طرف المديرية العامة للضرائب.

2.من حيث الأثار القانونية

إن عدم تطبيق الجزاءات المتعلقة بالوعاء والتحصيل بموجب دورية وزير الداخلية عدد 7186 بتاريخ 11 ماي 2020، بالنسبة للملزمين الراغبين في تأدية الرسوم المحلية خلال فترة حالة الطوارئ الصحية، يجعل للتأويل الذي اعتمدته الإدارة في هذه الحالة يتوفر على نفس الآثار القانونية للإعفاء من هذه الجزاءات الجبائية الذي يتم عادة بموجب نصوص قانونية.

ولقد سبق للمشرع أن اتخذ في هذا الإطار، نصوصا تم بموجبها إلغاء الزيادات والغرامات المتعلقة بالضرائب، الرسوم، الأتاوى ومختلف الحقوق المستحقة لفائدة الجهات، العمالات والأقاليم والجماعات وذلك تشجيعا للملزمين على أداء بما ذمتهم لفائدة هذه الجماعات الترابية. وهكذا، فقد صدر بالجريدة الرسمية في سنة 2013 القانون رقم 120.12 المتعلق بإلغاء الزيادات والغرامات والذعائر وصوائر التحصيل المتعلقة بالرسوم والمساهمات والأتاوى المستحقة لفائدة الجماعات والعمالات والأقاليم والجهات[10]وفي سنة 2018 صدر القانون رقم 82.17 المتعلق بإلغاء الزيادات الذعائر وصوائر التحصيل المتعلقة بالضرائب والرسوم والحقوق والمساهمات والأتاوى المستحقة لفائدة الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات[11].

المطلب الثاني: الحلول المؤسسة على تعديل القواعد الجبائية

لقد أبان البحث الذي قمنا به، أن 88% من المستجوبين يعتبرون أن حل الإشكاليات المتعلقة بإيداع الإقرارات المرتبطة بالرسوم المحلية يستدعي تغيير التشريع الجاري به العمل في حين لا يرى6% من المستجوبين ضرورة هذا التغيير. ومن حيث الوسيلة التي يمكن اعتمادها في تعديل القواعد الجبائية، فإن 70% من المستجوبين يرون أنه من الأفضل أن يتم بواسطة مشروع قانون أما30%من المستجوبين فيعتقدون أنه من الأفضل أن يتم هذا التعديل بواسطة مقترح قانون.وهو ما يدفعنا من خلال هذه النتيجة، إلى إبراز مكانة المبادرة التشريعية في مجال الجبايات المحلية ومعرفة حدودها.

أولا: المبادرة التشريعية في مجال الجبايات المحلية

                بعد الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية وظهور معالم انعكاساتها على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، لوحظ قيام بعض مكونات البرلمان المغربي بمبادرات لملائمة القوانين الجاري بها العمل مع المستجدات التي فرضتها هذه الحالة. وقد كان القانون رقم 47.06 أحد القوانين التي استهدفتها المبادرة التشريعية سواء من طرف فرق الأغلبية أو من فرق المعارضة.

1.المبادرة التشريعية لفرق المعارضة

لقد قامت إحدى فرق المعارضة إلى طرح مبادرة لتعديل مقتضيات القانون رقم 47.06 لمعالجة بعض الإشكالات المطروحة على إثر الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية. ويتعلق الأمر بمقترح القانون الذي تم إيداعه من طرف فريق الأصالة والمعاصرة لدى مكتب مجلس النواب بتاريخ 13 ماي 2020. وقد هم مقترح القانون المقدم تعديل المواد 8، 16، 64، 68، 75 و87 من القانون رقم 47.06 من خلال التنصيص على أنه خلال فترة حالة الطوارئ الصحية:

  • يستحق الرسم المهني فقط بالنسبة للفترة السابقة والشهر الجاري وبالنسبة للإقرار بتفويت أو توقيف النشاط أو نقله أو تغيير الشكل القانوني للمؤسسة، فإن أجل إيداع الإقرار يصبح هو ثلاثة أشهر تبتدئ من تاريخ الإعلان عن حالة الحجر الصحي الإجباري؛
  •  تطبق هذه المقتضيات أيضا حالة الاستثناء وحالة الحصار؛
  • الإعفاء أو التخفيض من الرسم على محال بيع المشروبات في حالة الإغلاق الإجباري من طرف السلطات العمومية المختصة بسبب الحجر الصحي أو حالة الطوارئ أو حالة الاستثناء أو حالة الحصار؛
  • إيداع الإقرار بتوقيف نشاط مستغلي مؤسسات الإيواء السياحي بقرار من السلطة المختصة بسبب حالة الطوارئ الصحية أو حالة الاستثناء أو حالة الحصار يتم داخل ثلاثة أشهر من انتهاء هذه الأسباب؛
  • الإعفاء من الرسم على النقل العمومي للمسافرين في حالة التوقف الإجباري الذي تفرضه السلطة الحكومية المختصة بسبب حالة الطوارئ الصحية وحالة الاستثناء وحالة الحصار.

2.المبادرة التشريعية لفرق الأغلبية

من جهته، قدم فريق العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة، مقترح قانون يغير ويتمم المرسوم بقانون رقم2.20.292من خلال التنصيص على توقف فوائد ورسوم وغرامات التأخير المرتبطة بأداء جميع الضرائب والرسوم.

وارتباطا بميدان الرسوم المحلية قام فريق العدالة والتنمية في 10 يونيو 2020بإيداع:

  • مقترح قانون بإلغاء الزيادات والغرامات والذعائر وصوائر التحصيل المتعلقة بالضرائب والرسوم والحقوق والمساهمات والأتاوى المستحقة لفائدة الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات؛
  • مقترح قانون يغير ويتمم المقتضيات المواد 8، 69، 76 و88 من القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية وذلك باعتبار توقف النشاط المهني خلال فترة حالة الطوارئ الصحية بمثابة عطالة جزئية وعدم أداء الرسم على محال بيع المشروبات، الرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية والرسم على النقل العمومي للمسافرين طيلة مدة العطالة الجزئية مع حصول الملزم على تخفيض من الرسم المهني يعادل مدة هذه العطالة الجزئية.

ثانيا: حدود المبادرة التشريعية في ميدان الجبايات المحلية

على الرغم من العيوب التي يمكن رصدها على مستوى تحرير مقترحات القوانين، فإن ذلك لا ينقص من دورها في رصد الحاجة لتعديل النص من أجل الاستجابة لمطالب شريحة من الملزمين.

1.من حيث شكل مقترحات القوانين

إن قراءة مقترحات القوانين المقدمة يمكن أن تبرز للملاحظ بعض الأخطاء التي ارتكبت والتي قد تدل على الاستعجال الذي صاحب تحريرها. فعلى سبيل المثال، تنص المادة الأولى من مقترح القانون الذي تقدم به فريق الأصالة والمعاصرة على تغيير وتتميم أحكام المواد 8، 16، 64، 68، 69، 83 في حين أن النص يتضمن تعديل المواد 8، 16، 64، 68، 75، 87.

أما مقترح القانون المقدم من طرف فريق العدالة والتنمية لتغيير وتتميم القانون رقم 47.06 فهو يشير إلى هذا الأخير باعتباره القانون المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ومجموعاتها في حين أنه يتعلق بجبايات الجماعات المحلية فقط.

2.من حيث مضمون مقترحات القوانين

من خلال مقارنة مقترحات القوانين سالفة الذكر، يلاحظ أنها همت أساسا الرسم المهني، الرسم على محال بيع المشروبات، الرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية والرسم على النقل العمومي للمسافرين. مما يستنتج منه، أن الحلول المقدمة تهم شريحة معينة من الملزمين وهي فئة مالكي المقاهي، المطاعم، المؤسسات السياحية، سيارات الأجرة وحافلات النقل العمومي للمسافرين.

وحيث أن الحلول المضمنة بمقترحات القوانين سالفة الذكر تستهدف فقط بعض الرسوم المحلية، فإنها لا تعني الملزمين بأداء الرسوم المحلية الأخرى المترتبة أيضا عن مزاولة أنشطة اقتصادية، معرضة بدوره الانعكاسات جائحة كوفيد 19، ونقصد الرسم على عمليات تجزئة الأراضي، الرسم على المياه المعدنية ومياه المائدة، الرسم على استخراج مواد المقالع، الرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ والرسم على استغلال المناجم.

وبذلك، فإن مقترحات القوانين المقدمة كانت قاصرة في تقديم حلول تشمل جميع الرسوم المحلية، كما أن ما قدمته يثير العديد من الملاحظات التي يمكن إجمالها فيما يلي:

  • الخلط بين حالة الطوارئ الصحية، وحالات الاستثناء والحصار والتي لا تؤدي بالضرورة إلى توقف النشاط الاقتصادي باعتبار أنها تتعلق بسير المؤسسات الدستورية خلال ظروف معينة؛
  • الحديث عن عطالة جزئية لتكييف حالة توقف النشاط المهني خلال فترة حالة الطوارئ الصحية، لا يستقيم مع تعريف المادة 69 من القانون رقم 47.06 التي تنص على أنه : “يقصد بالعطالة الجزئية عطالة مجموع مرافق المؤسسة التي تشكل موضوع استغلال منفصل”؛
  • عدم اعتماد الإقرار الجبائي الإلكتروني كوسيلة لتسهيل قيام الملزم بواجباته الجبائية.

خاتمة

لقد شكلت جائحة كورونا 19 مناسبة لانطلاق مبادرة تشريعية هامة من طرف أعضاء مجلس النواب، فيما يتعلق بإنتاج قواعد قانونية جديدة في مجال الجبايات المحلية.  إلا أن الحلول التي تضمنتها هذه المقترحات لم تمكن الملزم المحلي من تجاوز الإشكالات المرتبطة بالإقرار الجبائي في ظل الحجر الصحي. كما أن الدوريات التي صدرت عن وزارة الداخلية بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية اكتفت بتوجيه إرشادات عامة للمصالح الجبائية بشأن التعامل مع الوضع الجديد.

                وفي إطار البحث عن الحلول التي يمكن اعتمادها لتجاوز هذه الإشكالات، فإن الإقرار الجبائي الإلكتروني يمكن أن يطرح نفسه بديلا عن الإقرار الجبائي الورقي المعمول به حاليا، بما يوفره من قيام الملزم المحلي بواجب الإقرار دون الحاجة للتنقل إلى المصالح الجبائية التابعة للجماعات الترابية. وهذا الحل يتماشى مع التوجه العام للإدارة المغربية التي تقوم بتوفير العديد من خدماتها على الخط.

                وبذلك فإن منظومة الجبايات المحلية التي خصص لدراستها حيز هام من أشغال المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات المنعقدة بالصخيرات يومي 3 و4 ماي 2019، تستدعي اعتماد الرقمنة والتحول الإلكتروني واستعمال التكنولوجيات الحديثة على غرار ما يتم القيام به بالنسبة لجبايات الدولة. وعليه، فإن المراجعة الشاملة والمنتظرة لجبايات الجماعات الترابية يمكن أن تكون مناسبة لوضع الإطار القانوني للإقرار الإلكتروني الذي سيمكن الملزم المحلي من تجاوز بعض العوائق التي قد تحول دون الوفاء بالتزاماته الجبائية ولاسيما في ظل حالة الطوارئ الصحية.


[1]Bouvier (M), Introduction au droit fiscal général et à la théorie de l’impôt, LGDJ, 13e édition, Paris, 2016.

[2]القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.195 بتاريخ 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007)، الجريدة الرسمية عدد 5583 بتاريخ 3 ديسمبر 2007، ص. 3735.

[3]مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 رجب 1441 (23 مارس 2020) يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، الجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 24 مارس 2020، ص. 1782.

[4]Pelletier (M), Les normes du droit fiscal, Dalloz, Nouvelle Bibliothèque de Thèses, Paris, 2008, Vol. 78 p.40-41

[5]جفري (س)، الجبايات المحلية، مكتبة الرشاد، سطات، 2015، ص.188.

[6]مرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 رجب 1441 (24 مارس 2020) بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا-كوفيد 19، الجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 24 مارس 2020، ص. 1783.

[7]جفري (س)، مرجع سابق، ص.189.

[8]Katir(E), La doctrine administrative fiscale : une norme juridique ou des effets juridiques ?, REMALD, n° 131, novembre-décembre 2016, p.181-191

[9]صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.20.67 بتاريخ 4 ذي الحجة 1434 (25 يوليو 2020)، الجريدة الرسمية عدد 6903 بتاريخ 27 يوليو 2020، ص 4150.

[10]صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.13.07 بتاريخ 27 ربيع الأول 1434 (8 فبراير 2013)، الجريدة الرسمية عدد 6130 بتاريخ 28 فبراير 2013، ص 2061.

[11]صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.17.111 بتاريخ 17 ربيع الآخر 1439 (5 يناير 2018)، الجريدة الرسمية عدد 6638 بتاريخ 11 يناير 2018، ص 181.

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *