تقديم
إن من بين الإشكالات والتحديات الكبرى التي تواجهها دول العالم اليوم ومن بينها المغرب، الأزمة الحادة التي تعانيها على مستوى ماليتها العمومية. حسب المؤسسات المالية الدولة، أزمة المالية العامة هي، أولا وقبل كل شيء، أزمة حكامة هي سبب رئيس فيما تعانيه تلك الدول من اختلالات مالية: إنفاق خارج إطار الفعالية، مسؤوليات في غياب محاسبة فعلية، مراقبة مالية غير فعالة ويهيمن عليها الطابع الشكلي والانحسار ضمن قالب المشروعية، عدم شفافية المعلومات المالية، الاستفراد بالقرار المالي وغياب المقاربة التشاركية.
إن توجيه المالية العامة نحو اعتماد مبادئ الحكامة الجيدة هو اليوم مطلب دولي مثلما هو أيضا مطلب داخلي؛ فالمالية العامة اليوم هي أحدد الممرات الإجبارية نحو إصلاح الدولة وتوجيه إداراتها العمومية نحو الكفاءة والفعالية. كما أنها المعبر الأساسي الذي من خلاله تستطيع الدولة تنزيل سياساتها التنموية وتمويل مختلف تدخلاتها العمومية.
من جهة أخرى، الحكامة الجيدة للمالية العامة، حسب دعاة الفكر الليبرالي الحديث، سبيل نحو معالجة مختلف الاختلالات التي تعانيها الدول على مستوى ماليتها العامة: ازدياد في معدلات التضخم، عجز مالي متفاقم، محدودية في الموارد العمومية، مديونية متزايدة تثقل كاهل ميزانية الدولة ومعها ميزانيات الهيئات العامة…
وإن كانت المالية العامة اليوم تعد ممرا إجباريا نحو إصلاح الدولة، والعنصر المعول عليه في التدبير الأمثل والسليم للشأن العام، فإنها في أمس الحاجة إلى حكامة جيدة تقوم على أساس تكريس مبادئ الشفافية والمسؤولية وفتح الباب أمام المحاسبة إضافة إلى نهج المقاربة التشاركية في اتخاذ القرار المالي. وهذه المبادئ هي نفسها التي كرسها دستور المملكة 2011 ومن بعده القانون التنظيمي للمالية باعتبارها المقياس الذي على أساسه يتم تقييم الحكامة الجيدة للمالية العامة.
إن مجالات الحكامة الجيدة للمالية العامة عديدة ومتنوعة، وتخصيص مؤلف جماعي لهذا الموضوع بالذات إنما هو مناسبة للباحثين و الممارسين معا من أجل تبادل الأفكار وتعميق النقاش حول مختلف الإشكالات والتساؤلات التي يثيرها موضوع الحكامة الجيدة للمالية العامة.
ذ. حسن توراك
أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق الدارالبيضاء.
يمكن تصفح المؤلف كاملا من خلال الرابط التالي:
https://revuealmanara.com/wp-content/uploads/2024/10/الحكامة-المالية-1.pdf