الالتزام بالإعلام في القانون المغربي دراسة على ضوء مدونة التأمينات

الالتزام بالإعلام في القانون المغربي دراسة على ضوء مدونة التأمينات

يوسف الزوجال Zaoujal Youssef

باحث بصف الدكتوراه بكلية الحقوق بطنجة

مقدمة

 

أثبتت بعض الدراسات التي أجريت في قطاع التأمين بالإضافة إلى غلاء خدمات التأمين والمعاملة السيئة للمؤمن له، صعوبة قراءة وثائق التأمين وغياب الإعلام عن الخدمات التي تقدمها شركات التأمين[1].

ومن هنا تبرز الأهمية القصوى للالتزام بالإعلام بحيث لا يمكن أن يستعلم كل متعاقد عن كل الأشياء التي تكون محل  التعاقد

فالمستهلك “يحتاج إلى حماية من نوع خاص تبدأ منذ فترة ما قبل التعاقد، وتنتهي بمرحلة ما بعد الاستهلاك فالبائع ملزم بإخبار المشتري وتزويده بكل النصائح والمعلومات التي تساعده على تحديد موقفه من التعاقد”[2].

و يحقق الإعلام بالنسبة للمستهلك امتيازين هما:

-الامتياز الأول يخول للمستهلك، إمكانية معرفة ثمن السلع أو الخدمات مسبقا، دون إجراء أي اتصال مع المهني، وذلك يعني أن القانون يضمن للمستهلك الحرية التامة في التعبير عن اختياراته، بعيدا عن كل تأثير قد يجبر المستهلك على اختيار بعض الأنواع من الخدمات، التي لا تستجيب لرغباته

–الامتياز الثاني وهو ما يحققه هذا الإعلام من منع في ممارسة التفاضل ما بين المستهلكين، فالقانون يحرم على المهني كل ما من شأنه يؤدي إلى تفضيل مستهلك على آخر، من حيث السعر، بالنظر إلى شخصيته أو صفته الاجتماعية.

على سبيل المقارنة عمل المشرع الفرنسي على إلزام المهني بتوضيح الالتزامات الواردة في العقد، بشكل يمكن المستهلك من استيعاب مضمونها.

 

ومن أمثلة ذلك ما جاء النص عليه في المادة 15- 114 Lالتي تفرض على المهني ضرورة الإشارة إلى الأجل المحدد الذي يلتزم فيه المهني بتسليم الشيء أو تقديم الخدمة، ويجب توضيح ذلك في العقد بشكل يستوعبه المستهلك.

ونظرا للأهمية التي يكتسيها، ركز المشرع المغربي في جل العقود المسماة مثل التأمين على الالتزام بالإعلام باعتباره وسيلة لإعادة التوازن المفقود بإلزام الطرف الأكثر علما بإعلام الطرف الأقل علما.

فما المقصود بالالتزام بالإعلام ؟

وما مضمونه في إطار قانون حرية الأسعار و المنافسة خصوصا فيما يتعلق بالخدمات؟

وما جزاء الإخلال به ؟

 

المبحث الأول :ماهية الالتزام بالإعلام و تمييزه عن الأنظمة المشابهة

سنحاول من خلال هدا المبحث دراسة التأصيل المفاهيمي للالتزام بالأعلام ودالك من خلال التطرق لماهيته في( المطلب الأول) على أن  أخصص تمييزه عن النظم المشابهة في( المطلب الثاني ).

 

المطلب الأول : ماهية الالتزام بالإعلام

 

الإعلام في اللغة، هو الإفضاء ويشتق من عبارة علم، علما، أي حصلت له حقيقة العلم ويقال أعلمه الأمر أي أطلعه عليه. [3]

واصطلاحا فالإعلام عبارة عن بيان أو إشارة أو تعليمات يمكن أن تقدم توضيحا بشأن واقعة أو قضية ما[4].

وأول من نادى بضرورة فرض الالتزام بالإعلام على عاتق المتعاقد الفقيه ربيرRippert[5].

يستفاد مما سبق أن الالتزام بالإعلام يستلزم من أحد المتعاقدين إعلام المتعاقد الآخر بكافة الوقائع والمعلومات لضمان تنفيذ العقد.

وهذا ما يسميه البعض “الالتزام الإيجابي” لأنه يفرض الالتزام بالصدق والأمانة نحو المتعاقد الآخر.[6]

يقول ذ. “عباسي بوعبيد” بهذا الصدد “يبدو أن هذا الالتزام حديث نسبيا في القانون حيث يتعلق الأمر بدرجة متممة للصدق والصراحة لاعتبار أن المتعاقد ملزم بالتصرف بشكل إيجابي، وهكذا فعندما يكون المدين على علم ببيان معين ويعتقد بأهميته بالنسبة للطرف الآخر يجب عليه أن يبلغه إليه.

يجب إذن أن يكون هذا الالتزام بالإعلام تلقائيا، فلا يجب استغلال ضعف الطرف الآخر الذي قد لا ينتبه إلى البيانات التي تهمه”.[7]

 

المطلب الثاني : تمييز الالتزام بالإعلام عن الأنظمة المشابهة

 

اختلف الفقهاء حول الألفاظ المستعملة للدلالة على الالتزام بالإعلام، فمنهم من استخدم عبارة Renseignement ومنهم من استعمل لفظة information أو عبارة conseil.[8]

أما بالنسبة للفقهاء المسلمين والعرب لم يتفقوا بدورهم على مدلول واحد للتعبير عن الالتزام بالإعلام منهم من ركز على لفظ الالتزام بالتبصير [9]فيما يرى البعض الآخر أنه يستحسن استعمال لفظ “الالتزام بالإخبار”،[10] بينما بعض الفقهاء يفضلون توظيف كلمة الالتزام بالإعلام[11].

الفقرة الأولى : تمييز الالتزام بالإعلام عن الالتزام بالتحذير و النصح

ميز الفقه بين الإعلام والتحذير والنصح [12].

 

أولا : تمييز الالتزام بالإعلام عن الالتزام بالتحذير

التحذير هو “لفت نظر المتعاقد الآخر إلى المخاطر المادية أو القانونية المترتبة على التعاقد، إنه يوجد في منطقة وسطى بين الالتزام بالإعلام والالتزام بالنصح فهو أقوى من مجرد الإعلام ولكنه لا يصل إلى درجة النصح، كما أن الالتزام بالإعلام يتلخص بصفة عامة في تقديم موضوعات موضوعية”.

 

ثانيا :تمييز الالتزام بالإعلام عن الالتزام بالنصح

النصح “فهو التزام تبعي للالتزام الأصلي الذي هو محل العقد”.

وفقا لما سبق، يعتبر واجب النصح واجبا لا ينازع في وجوده لأنه التزام يقع على الطرف الذي بسبب موقعه في العقد يملك معلومات لا يشاركه فيها الطرف الآخر.[13]

وهذا ينطبق كذلك فيما مجال التأمين نظرا لصعوبة الحصول على معلومات متعلقة بالعقد زيادة على عدم تخصص المستهلك (المؤمن له)، مما فرض كذلك على المشرع تكريس مبدأ الالتزام بالإعلام في مدونة التأمينات الجديدة.

 

الفقرة الثانية : تمييز الالتزام بالإعلام عن الإعلان

 

الإعلام هو : عبارة عن التزام قانوني سابق على إبرام العقد يلتزم بموجبه أحد الطرفين الذي يملك معلومات جوهرية. ويخص العقد المزمع إبرامه بتقديمها إلى الطرف الآخر بهدف أن يصدر الرضى صحيحا سليماً من طرفي العقد.

فالإعلام هو نشر الحقائق والمعلومات والأخبار بين الجمهور بمعنى نشر الثقافة وتنمية الوعي السياسي والارتقاء بالمدارك أي يمكن اعتباره أحد أشكال الاتصال التي تقدم بيانات ومعلومات للجمهور.

أما الإعلان فهو : يهدف إلى ترويج المنتجات والخدمات بقصد تحقيق الكسب المادي و غالبا ما يكون مدفوع الأجر عادة وبحسب الوقت والمساحة التي تشتري من وسائل الإعلام المختلفة.

ادن الإعلام هو أكثر موضوعية من الإعلان الذي يخلو من قدر من المبالغة والتفخيم في التعبير وفي البيان أوصاف المنتجات والخدمات.

 

المبحث الثاني :مضمون الالتزام بالإعلام و جزاءه وفق مدونة التأمينات الجديدة

 

سنقوم بدراسة هدا المبحث من خلال التطرق مضمون الالتزام بالإعلام (المطلب الأول) على أن نعرج الحديث جزاء الإخلال بالالتزام بالإعلام في مدونة التأمينات الجديدة ودالك من خلال(المطلب الثاني ).

المطلب الأول : مضمون الالتزام بالإعلام وفق مدونة التأمينات الجديدة

 

ميز المشرع المغربي في مدونة التأمينات الجديدة بخصوص الالتزام بالإعلام بين ما يسمى فقهيا عقد التأمين الفردي وعقد التأمين الجماعي[14]. وسنقتصر في دراستنا على الالتزام بالإعلام[15] في عقد التأمين الفردي.

بغض النظر عن مختلف المراحل التعاقدية ما قبل أو في إطار تنفيذ العقد المبرم من طرف المكتتب المؤمن له[16] يمكن إجمال الحماية المقررة عموما في مدونة التأمينات الجديدة في النقط التالية المتطلبات الشكلية اللازم توفرها في بيان المعلومات(أولا) و الإعلام بشروط العقد و التزاماته كأهم وسيلتين حمائيتين مقررتين لحماية رضا المستهلك المؤمن له (ثانيا).

 

الفقرة الأولى :المتطلبات الشكلية كآلية حمائية للشخص المكتتب في عقد التامين

حدد القانون المغربي مجموعة من الشكليات[17] لإخبار المؤمن له[18] والمتمثلة في اشتراط الكتابة وشكلها، كما استلزم توفر مجموعة من البيانات في عقد التأمين.

 

1- الشكليات و البيانات المستلزمة في بيان المعلومات

 

I– اشتراط الكتابة :

لم يشترط المشرع المغربي قالبا أو شكلا خاصا في عقد التأمين،[19] إذ يجوز أن تكون شروط و بنود العقد مطبوعة ومكتوبة على الآلة الكاتبة أو محررة بخط اليد، باستثناء شرط وحيد وهو أن يكون العقد مكتوبا بحروف بارزة أو بحروف بارزة جدا، وهذا ما نصت عليه المواد 6 و11 و 14 من مدونة التأمينات الجديدة[20] بمعنى أن يكون تحرير عقد التامين بحروف واضحة ومقروءة[21].

و قد توخى المشرع المغربي بذلك تمكين المؤمن له –المستهلك من قراءة شروط العقد قبل إقدامه على التوقيع.

يستفاد مما سبق أن اشتراط الكتابة بحروف بارزة تعد أهم ميكانيزم يساهم في تكوين رضى متبصر للمستهلك عن طريق إعلامه بكافة شروط التعاقد خاصة الشروط الجوهرية.

 

IIلغة عقد التأمين :

تهدف مدونة التأمينات الجديدة إلى تبصير وتنوير المؤمن له إلا أنها لم تنص على اللغة التي يجب أن يكتب بها عقد التأمين بمعنى أي لغة كتب بها عقد التأمين تعتبر مقبولة من الناحية القانونية ولو كان أحد الطرفين لا يفهمها[22].

فمن المعلوم أن أغلب عقود التأمين تتم من الناحية الواقعية باللغة الفرنسية رغم أن الدستور المغربي ينص على اللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية للبلاد طبقا لما جاء في تصدير دستور المملكة لسنة 1996[23].

ونؤيد بعض الفقه في اقتراحه المتعلق بتدخل المشرع بواسطة قانون حماية المستهلك ليفرض صراحة كتابة عقود الاستهلاك باللغة العربية حتى يتسنى للأغلبية المتعاملين بها إدراكها و فهمها.[24]

و استجابة لهذا المطلب عمل المشرع المغربي على استعمال تقنية تعريف المصطلحات التأمينية[25].

 

2- المعلومات المستلزمة في عقد التأمين :

من أهم البيانات الواجب توافرها في عقد التأمين نجد تاريخ التوقيع والمعلومات الشخصية للأطراف ()، ثم نوع التامين المبرم(). أما باقي البيانات سيتم ذكرها عند التطرق إلى الالتزام بالإعلام في عقد التامين[26].

 

أ – تاريخ توقيع عقد التامين والمعلومات الشخصية للأطراف :

 

– أهمية تاريخ توقيع عقد التامين و آثاره :

تتجلى أهمية تاريخ توقيع عقد التامين بالنسبة لطرفي عقد التأمين في النتائج القانونية المتمخضة عنه والمتمثلة فيما

يلي :

انعقاد مسؤولية المؤمن له عن مدى صحة البيانات المعلومة لديه المؤثرة على فكرة المؤمن عن الخطر أو المؤثرة على رضائه و تحديد لحظة إبرام العقد فمنذ هذا التاريخ يلزم المؤمن له بأداء الأقساط مقابل تحمل المؤمن الضمان بالإضافة إلى تحديد أساس ترتيب المؤمنين المتعاقدين ضامني الخطر الواحد عندما تتضمن وثيقة التأمين شرطا خاصا يقضي بتوزيع المسؤولية بينهم وفقا للأسبقية في التاريخ (المادة 42 من مدونة التأمينات الجديدة). أما في حالة عدم الإشارة إلى ذكر تاريخ التوقيع في وثيقة التأمين فلا يترتب عن ذلك بطلانها.

 

– تحديد المعلومات الشخصية الخاصة بالأطراف المتعاقدة :

تختلف المعلومات الشخصية الخاصة بالأطراف المتعاقدة اللازم تضمينها في العقد من جهة المؤمن أو من جهة المؤمن له.

 

* من جهة المؤمن :

 يجب تحديد اسم الشركة التعاضدية للتأمين أو اسم شركة التأمين إضافة إلى مقر عملها ورقم قيدها في السجل التجاري وضرورة الإشارة إلى أنها مقاولة خاضعة لأحكام القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، مكتوبة بحروف بارزة وموحدة بعد  تسميتها التجارية[27].

 

* من جهة المكتتب المؤمن له :

يجب ذكر الاسم العائلي والشخصي ثم مهنته وموطن ومقر عمله وفي التأمين على الحياة يلزم أيضا تعيين اسم الغير المستفيد إذا كان محددا أو اسم الشخص المؤمن على حياته في حالة التأمين على حياة الغير وتاريخ ازدياده بحيث أن هذا التعيين في الشخص المؤمن له أو الغير المستفيد يجب أن يكون محددا بصفة تنتفي عنه الجهالة[28].

 

ب- تبيان نوع التامين:

يجب أن يبين العقد نوعية التأمين أهو تأمين على الأشخاص أو تأمين من الأضرار.[29] ففي التأمين على الأشخاص يجب تحديد الشخص المؤمن على حياته أو الشخص المؤمن من الإصابات. أما في التأمين على الأشياء يجب بيان الشيء المؤمن عليه من الخطر بكل دقة، وذكر المحل المؤمن عليه من الحريق أو عدد الماشية ونوعها في التأمينات ضد موت الماشية أو المنتوجات ونوعها في التأمين ضد البرد.[30]

 

الفقرة الثانية :إعلام المؤمن له من خلال شروط العقد الخاصة

في هذا الإطار نصت الفقرة الأولى من المادة 10 من مدونة التأمينات على ما يلي:

“يسلم المؤمن للمؤمن له قبل اكتتاب العقد بيانا للمعلومات يبين على الخصوص الضمانات والاستثناءات المتعلقة بها وسعر هذه الضمانات والتزامات المؤمن له”.

وفي نفس السياق تنص المادة 13 من قرار وزير المالية والخوصصة الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2004 المتعلق بعقد التأمين على أنه

“يجب أن يتضمن بيان المعلومات على الأقل ما يلي : الضمان أو الضمانات موضوع العقد[31]و الاستثناءات والقيود المتعلقة بالضمانات[32] وحالات سقوط الحق[33] و شروط الإحالة[34] و شروط منح الاسترداد و التسبيق إذا نص العقد على ذلك و شروط إعادة التقييم والمشاركة في الأرباح  و الوحدات الحسابية المعتمدة في العقد و كيفية احتساب قسط التأمين أو الاشتراك و إجراءات التصريح بالحوادث وخاصة الوثائق الواجب الإدلاء بها للاستفادة من  التعويضات التي يضمنها العقد وآجال الإدلاء بهذه الوثائق و أثار التصريحات الخاطئة عند الانخراط أو عند وقوع الحادث و أثار عدم أداء قسط التأمين أو الاشتراك و نص شرط التحكيم بالنسبة للعقود التي تتضمنه.

يستفاد مما سبق أن المشرع المغربي حرص على توفير الإعلام الكافي للمؤمن له وذلك ما يتضح جليا بداية من خلال اقتراح التأمين[35] و مرورا ببيان المعلومات المسلم لهذا الأخير الذي يحدد ويبين شروط التعاقد.

و في اعتقادنا يكفل بيان المعلومات المسلم للمؤمن له عدم التزامه باعتباره الطرف الأقل قدرة وخبرة بشروط لم تعرض عليه ولم يطلع عليها مما يدل على أن هذا المقتضى وسيلة حمائية فعلية للمستهلك في عقد التأمين، فعلمه بشروط الإحالة يفتح له المجال لمناقشتها أو تعديلها حسب مصلحته قبل التزامه.

و وفق المادة 20 من مدونة التأمينات الجديدة فالتزامات المؤمن له هي :

– أداء المؤمن له قسط التأمين[36] والاشتراك في المواعيد المتفق عليها.

– التصريح عند إبرام العقد بكل الظروف المعروفة لديه والتي من شأنها أن تمكن المؤمن من تقدير الأخطار.[37]

– التصريح للمؤمن طبقا للمادة 24 من مدونة التأمينات الجديدة بالظروف[38] المنصوص عليها في بوليصة التأمين والتي ينتج عنها تفاقم الأخطار و اشتدادها[39].

– إشعار المؤمن بكل حادث من شأنه أن يغير الضمان على أبعد تقدير خلال 5 أيام الموالية لوقوعه.

 

 

المطلب الثاني : جزاء الإخلال بالالتزام بالإعلام في مدونة التأمينات الجديدة

 

للإخلال بالالتزام بالإعلام عدة آثار على العقد : فقد يكون العقد قابلا للإبطال على أساس نظرية عيوب الرضى.

ينص الفصل 311 ق.ل.ع على حالات الإبطال في القانون المغربي كما يلي:

“يكون لدعوى الإبطال محل في الحالات المنصوص عليها في الفصول 4 و39 و55 و65 من هذا الظهير، وفي الحالات الأخرى التي يحددها القانون، وتتقادم هذه الدعوى بسنة في كل الحالات التي لا يحدد فيها القانون أجلا مخالفا، ولا يكون لهذا التقادم محل إلا بين من  كانوا أطرافا في العقد”.

كما يمكن أن يكون هذا الإبطال كليا أو جزئيا، وقد يكون التعويض كذلك جزاءا على خرق الالتزام بالإعلام زيادة على ذلك يمكن للإخلال بالالتزام بالإعلام أن يكون قابلا للفسخ[40].

يضاف إلى ذلك مسؤولية المؤمن استنادا للقواعد العامة للمسؤولية العقدية.

و يتخذ الإخلال بالالتزام إما شكلا إيجابيا أو سلبيا، ويتجلى الأول في إدلاء المؤمن له للمؤمن ببيانات خاطئة ومخالفة للحقيقة.

نصت المادة 30 من مدونة التأمينات الجديدة على أن عقد التأمين يكون باطلا إذا كتم المؤمن له أمرا أو قد قدم بيانا كاذبا وهو نفس المقتضى الذي كان قد اعتمده الفصل 21 من القرار الوزاري المؤرخ في 28 نونبر 1934.

 

أما الثاني فيتمثل في سكوت هذا الأخير بالإدلاء بالمعلومات الهامة، مثلا يمكن ألا يلتزم المؤمن بأداء مبلغ التأمين، وهنا حسب المادة 52 من مدونة التأمينات الجديدة فإن كل مؤسسة التأمين التي لم تقم بدفع التعويض المستحق داخل الأجل المضروب تعاقب بغرامة إدارية من 10000 إلى 100000 درهم.

 

 

 

خاتمة

 

في ختام هده الدراسة يمكن القول بأن الالتزام بالأعلام في مجال الخدمات عموما و خدمة لتأمين على

وجه الخصوص التزاما قانونيا ايجابيا ملقى على كاهل المؤمن –المهني- الدي يجعل من هدا الأخير

الموجه والمسير في  مجال التعاقد مستندا في دالك على معارفه العلمية و العملية ومدى ضبطه

للقوانين المنظمة وكدالك مدى  تمكنه من تقنيات تحرير العقود بشتى أنواعها.محققا بدالك نتائج مقنعة الأطراف المتعاقدة .

 

لكن هدا الالتزام يصطدم من الناحية القانونية بمجموعة من الصعوبات نجملها فيما يلي

تشديد المسؤولية في مجال الالتزام بالأعلام

فرض عقوبات صارمة تتلاءم مع درجة لخطأ المرتكب من طرف المهني كالغرامات و سحب الرخص لمزاولة المهنة ثم الإغلاق

ابطال العقد بالنسبة للطرف الضعيف مع التعويض عن الضرر.

[1] V. Belouas : “Le secteur des assurances n’a pas bonne presse selon “léger & léger”, La vie économique, vendredi 17 juillet 1988, p : 19.

أورده الحسين بلوش : “إعلام المؤمن له في مدونة التأمينات الجديدة”، مجلة القصر، ع 6، شتنبر 2003:ص 53 و54.

[2] عبد القادر العرعاري “الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة: الكتاب الأول، عقد البيع”، ط 1، 1994، ص45.

[3] المعجم الوسيط، ج.2، ط 3، دار المعارف، ص : 718.

[4] بوعبيد عباسي : “الالتزام بالإعلام في العقود”، دراسة في حماية المتعاقد والمستهلك، ط1، المطبعة والوراقة الوطنية، ماي 2008، ص : 34.

[5] G. Ripert : “La règle morale dans les obligations civiles en droit français”, 4e éd., 1949, n°40, p : 40.

[6] Roselles : “Le droit pénal et la moralisation du contrat”, th Aix-en-provence, 1967, p : 87.

[7] بوعبيد عباسي : م.س، ص : 38.

[8] للاطلاع على الفقهاء الذين ركزوا على هذه الألفاظ، انظر

بوعبيد عباسي: م.س، ص:39-40.

[9] سهير منتصر : “الالتزام بالتبصير”، دار النهضة العربية 1990، ص : 1.

وكذلك العربي مياد : “الالتزام قبل التعاقد بالتبصير”، مجلة القانون المغربي، ع 12، يناير 2008، ص:9.

الحسين بلحساني : “أساس الالتزام بتبصير المستهلك ومظاهره”، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون، ع4، 2001، ص : 5.

[10] فاتح كمال : “سعر القرض البنكي أية حماية للمستهلك”، مجلة الملف ع 10، أبريل 2007، ص:38.

[11] بوعبيد عباسي : م.س، ص : 7.

أستاذنا عبد الخالق أحمدون : “الأسس الأخلاقية لقانون المنافسة والتحديات الراهنة”، مجلة طنجيس والقانون والاقتصاد، ع 3، 2003، ص : 57.

[12] بوعبيد عباسي : م.س، ص : 48 إلى 64.

[13] محمد الكشبور : “انطباعات حول المسؤولية والتأمين”، المجلة المغربية للقانون واقتصاد التنمية 1991، ص : 148.

[14] لقد خص المشرع المغربي عقد التأمين الجماعي بعدة مقتضيات تهتم بالالتزام بالإعلام بمقتضى المادة 106 من مدونة التأمينات الجديدة، حيث يلتزم المكتتب بما يلي :

  • تسليم المنخرط بيانا معدا من طرف المؤمن يعرف من خلاله بالضمانات وكيفية دخولها حيز التطبيق وكذا الإجراءات الواجب القيام بها عند وقوع الحادث.
  • إخبار المنخرطين كتابة بالتغييرات المزمع عند الاقتضاء إدخالها على حقوقهم والتزاماتهم.

[15] يركز بعض الفقهاء المغاربة أمثال محمد أوغريس ومحمد أمراني زنطار فقط على اقتراح التأمين كوسيلة لإخبار أو إعلام المؤمن له قبل التعاقد النهائي.

محمد أوغريس : أحكام التامين البري في التشريع المغربي م.س، ص : 112.

محمد أمراني زنطار : شرح قانون 17-99 م.س، ص : 107.

أما الفقيه العربي مياد فقد تناول الالتزام بالإخبار في عقد التأمين على ضوء القرار الوزيري الصادر بتاريخ 28 نونبر 1934.

العربي مياد : “عقود الإذعان”، م.س، ص : 270.

بالنسبة للفقه الفرنسي انظر :

YAWAGA S: « les obligations précontractuelles de l’assureur », RGDA, 1997, p : 83.

 

[16]يستعمل المشرع المغربي في المادة الأولى من مدونة التأمينات الجديدة عبارة “المكتتب” للدلالة على الشخص المتعاقد في عقد التأمين ومن هنا نتساءل عن مفهوم المكتتب أي المؤمن له (المستهلك). المكتتب أو المتعاقد : “هو كل شخص طبيعي أو معنوي يبرم عقد التأمين لحسابه أو لحساب الغير ويلتزم بموجبه اتجاه المؤمن بتسديد قسط التأمين وبتنفيذ الالتزامات المقابلة لالتزامات المؤمن له”.

محمد الهيني : “الحماية القانونية للطرف الضعيف في عقد التأمين البري”، رسالة نوقشت بكلية الحقوق بفاس 2006 ص : 7.

حاولت بعض التشريعات المقارنة الإحاطة بهذا المفهوم، مثلا المشرع المصري في النص رقم 53 من المشروع التمهيدي الذي عرفه على أنه : “يقصد بطالب التأمين الشخص الذي يتعهد بتنفيذ الالتزامات المقابلة لالتزامات المؤمن “.

اعتبر المشرع المغربي المؤمن له في المادة الأولى من المدونة شخص طبيعي أو معنوي يرتكز التأمين عليه أي على شخصه وعلى مصالحه. ويذهب الفقيه عبد السلام فيغو في نفس الاتجاه حيث اعتبره : “الشخص الذي يتهدده في شخصه أو في ماله الخطر المؤمن ضده، والذي لحمايته أو لحماية مصالحه ثم إبرام عقد التأمين”

عبد السلام فيغو : “عقد التأمين”، ط 2000 ، ص : 145.

و قد جاء المشرع المغربي بشكل عام ليضع صفة المؤمن له على شكل شخص له مصلحة في الاحتفاظ بشيء يلتجأ إلى التأمين وهذا ما يستفاد من المادة 40 من مدونة التأمينات الجديدة التي نصت على أنه : “يمكن لكل شخص له مصلحة في الاحتفاظ بشيء أن يقوم بتأمينه”.

وقد انتقد بعض الفقه التعريف المقدم للمؤمن له في التشريع المغربي بحيث يرى “أن المشرع المغربي ما كان عليه أن يقحم نفسه في هذه التعريفات التي تعتبر من اختصاص الفقه فقد سقط في المحظور إذ لم يشر لا من قريب ولا من بعيد لمسألة تحقق الخطر مما جعل هذا التعريف ناقصا”.

محمد الأمراني زنطار : “شرح قانون التأمين رقم 17-99″، م.س، ص : 104، هامش رقم 2.

[17] حول شكلية العقود بصفة عامة انظر :

سمير الوافي الشكلية في العقود ر.د.د.ع كلية الحقوق الدار البيضاء 1998.

انظر كذلك :

J.P.Pizzio : « formalisme des contrats : de la nécessité d’assurer la sécurité des contrats par le biais du formalisme », INC Hebdo, décembre 1988, n°636 à 639.

[18] عابدين ولد  الخير : “الحماية القانونية للمؤمن له أثناء تكوين العقد”، دراسة مقارنة في القانونين المغربي والموريتاني، ر.د.د.ع في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، السنة 1996-1997، ص : 132.

[19] محمد الأمراني زنطار : شرح قانون 17-99 م.س، ص : 110.

[20] تنص المادة 6 من مدونة التأمينات الجديدة على ما يلي :”إذا كانت مدة العقد تفوق سنة يجب كتابتها بحروف بارزة جدا على توقيع المكتتب ويجب التذكير بهذا الشرط في كل عقد

كما تنص المادة 14 من نفس المدونة “شروط العقد التي تنص على حالات البطلان المنصوص عليها في هذا الكتاب أو على حالات سقوط الحق أو الاستثناءات أو حالات استخدام التأمين لا تكون صحيحة إلا إذا أشير إليها بحروف جد بارزة

و قد جاء في الفقرة الأولى من المادة 11 من مدونة التأمينات الجديدة ما يلي : “يجب أن يحرر عقد التأمين كتابة بحروف بارزة“.

ويستفاد مما سبق أن الكتابة هنا هي شرط إثبات وليس شرط انعقاد وهذا ما أكد عليه القضاء المغربي

 

“لكن حيث إن عقد التأمين عقد رضائي يمكن إثباته بوثيقة التأمين أو بمذكرة التغطية التي يمكن إثباتها بالوصل الذي تسلمه شركة التأمين للمؤمن له أو بالكتب المتبادلة أو ببرقية من المؤمن للمؤمن له”.

قرار المجلس الأعلى صادر بتاريخ 03/06/1998، مجلة قضاء المجلس الأعلى، ع 56، ص:113.

انظر كذلك قرار الغرفة المدنية بالمجلس الأعلى الصادر بتاريخ 8 فبراير 1962 الذي أكد انه في مسائل التامين يجب كتابة العقد. مجلة القانون المغربي نونبر 1962 ص 890.

[21] الإشكال المطروح بهذا الصدد هو ما المقصود بوضوح الكتابة هل وضوح المبنى (اللفظ) أو الخط أم وضوح المعنى خاصة علما أن المشرع استعمل عبارة “الحروف” ؟ نعتقد أن المشرع المغربي قصد المعنى والخط معا. ويقصد بعبارة أحرف واضحة الذي يشترطه المشرع أن تكون هذه الحروف مميزة عن غيرها بطباعتها أو لونها أو شكلها بشكل يسهل قراءتها مقارنة مع غيرها. ولا تعد كتابة شرط بأحرف مائلة”en italique”،كتابة بأحرف جد بارزة رغم أن العقد مكتوب بأحرف عادية.

الحسين بلوش : “إعلام المؤمن له في مدونة التأمينات الجديدة”، مجلة القصر، ع 6، شتنبر 2003، ص : 60.

[22] بالنسبة للقضاء المغربي فهو الآخر لا يشترط ترجمة الوثائق والعقود إلى اللغة العربية كشرط لصحتها والأخذ بها طبقا للفصل الخامس من قانون 64-3 الصادر بتاريخ 26/01/1965 المتعلق بتوحيد ومغربة المحاكم وهذا ما جاء في احد قرارات المجلس الأعلى : “حيث لئن كانت اللغة العربية هي اللغة الرسمية فإن الدستور لا يمنع استعمال لغة أجنبية إذا دعت الضرورة لذلك”.

قرار مجلس الأعلى صادر بتاريخ 25/11/1983 مجلة قضاء المجلس الأعلى ع 35-36، ص:127.

انظر كذلك القرار 17/06/1992 مجلة المحاكم المغربية، ع 67 نونبر دجنبر 1993، ص:124.

وقرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 15/12/99 مجلة القضاء والقانون ع 145، ص: 167.

[23] أبو مسلم الحطاب: “رسمية اللغة العربية إلى أين”، مجلة المحاكم المغربية، ع 11 شتنبر أكتوبر 2003، ص : 39.

أما بالنسبة للمشرع الفرنسي فرغم التنصيص على لغة عقد التأمين فإن ذلك لم يحل المشكل نهائيا لأن مستهلكي التأمين يعانون من صعوبة فهم كل ما يرد في عقود التأمين من مصطلحات مما أدى بالفدرالية الفرنسية لشركات التأمين إلى تكوين لجنة أطلقت عليها اسم “لجنة تحسين لغة التأمين” والتي تتكون من ممثلي الإدارة الوصية وقضاة ومحامين وأساتذة جامعيين ولغويين ووكلاء التأمين وممثلي جمعيات حماية المستهلك وممثلي شركات التأمين.

ينص قانون التأمين الفرنسي صراحة على إلزامية كتابة عقد التأمين باللغة الفرنسية.

أنظر الموقع الإلكتروني  www.senat.fr تاريخ الاطلاع 15/05/2009، 16h18.

وهو نفس الشيء في القانون البلجيكي من خلال الفصل 26 من القانون المتعلق بحماية المستهلك الذي ينص على وجوب كتابة العقد باللغة الفرنسية ما لم يتفق الأطراف على كتابته بلغة أخرى غير الفرنسية.

[24] الحسين بلوش : التزام المؤمن له بالتصريح م.س، ص : 62.

[25] ظهر في التشريعات المنظمة لمجال الأعمال تطور هام نتج عنه استعمال مصطلحات لم يألفها المتعاملون بهذا القانون. وحتى يستطيع المتعاقد فهم هذه القوانين، أضحت هذه التشريعات تستعمل تقنية تعريف المصطلحات وهذا ما تضمنته المادة الأولى من مدونة التأمينات لتعريف المصطلحات الواردة في هذا القانون بحيث وصل عدد المصطلحات التي عرفتها هذه المادة 46 مصطلحا وذلك بتقريبها من المتعاملين في مجال التأمين.أضف إلى ذلك أن العديد من الشروط العامة لعقود التأمين درجت على تعريف المصطلحات المدرجة فيها. لدلك فمن المفروض أن يتضمن عقد التامين المبرم من طرف المكتتب شرح جميع المصطلحات التأمينية الواردة أو على الأقل أهمها.

[26] راجع يوسف الزوجال :الحماية القانونية للمستهلك في عقد التأمين دراسة تشريعية مقارنة ,رسالة لنيل الماستر في القانون المدني و الأعمال سنة 2008/2009.ص 40

[27]  محمد أوغريس : احكام التامين في التشريع المغربي م.س، ص : 121.

[28] محمد الهيني : م.س، ص : 76.

[29] محمد أوغريس : م.س، ص : 121.

[30] محمد الهيني : م.س، ص : 77.

تنص الفقرة الأولى من المادة 57 على ما يلي  فيما يخص التامين ضد البرد يجب على المؤمن له أن يرسل التصريح بالحادث داخل اجل 5 أيام من وقوعه إلا في حالة قوة قاهرة أو حادث فجائي و كذا في حالة تمديد هدا الأجل بمقتضى العقد

[31] وهبة الزحيلي : “نظرية الضمان أو أحكام المسؤولية المدنية والجنائية في الفقه الإسلامي”، دراسة مقارنة دار الفكر، ط 1982، ص : 15. يقصد بالضمان واجب رد الشيء أو بدله بالمثل أو بالقيمة أو غرامة ماثلة.

محمد فوزي فيض الله : “نظرية الضمان في الفقه الإسلامي العام”، مكتبة دار التراث الكويت، بدون ذكر الطبعة، ص : 14. الضمان هو “شغل الذمة بحق أو بتعويض عن ضرر”.

وتتحدد مدة الضمان باتفاق الطرفين أما إذا تحدد هذا الشرط من طرف واحد يعتبر لاغيا وباطلا وهذا ما يؤدي إلى اعتبار العقد وكأنه مبرم لمدة سنة واحدة فقط.

تنص المادة 6 من مدونة التأمينات الجديدة على أنه : “تحدد مدة العقد في بوليصة التأمين غير أنه يمكن للمؤمن له مع مراعاة الأحكام الواردة بعده والمتعلقة بالتأمين على الحياة أن ينسحب من العقد عند انصرام مدة 365 يوما ابتداء من تاريخ اكتتاب العقد شريطة أن يخبر المؤمن بذلك وفق الشروط المنصوص عليها في هذه المادة بواسطة إخطار بالفسخ تعادل مدته على الأقل الأجل الأدنى المحدد في العقد، ويملك المؤمن كذلك هذا الحق الذي يجب التنصيص عليه في كل عقد تأمين، ويجب أن تتراوح مدة الحد الأدنى لهذا الإخطار ما بين تسعين يوما غير أنه يمكن أن تقل مدة الحد الأدنى لهذا الإشعار المتعلق بفسخ ضمان الإخطار المشار إليها في المادة 45 من هذا الكتاب عن 30 يوما”.

[32] تنص المادة 17 من مدونة التأمينات الجديدة على أن الاستثناء من الضمان ينبغي أن يتم التنصيص عليه بطريقة صريحة ومحددة في العقد.  و تنص المادة 27 من مدونة التأمينات الجديدة على ما يلي : “في حالة يتحمل المؤمن الخسائر والأضرار الناتجة عن الحادث الفجائي أو الناتجة عن خطأ المؤمن له عدا استثناء صريح ومحدد في العقد“. نشير هنا إلى أنه يجب التمييز بين مستثنيات الضمان ومستثنيات التأمين فالمقصود بمستثنيات الضمان الحالات التي تجعل المؤمن غير ملزم بأداء التعويض للمضرور إذا ما توفر واحد من هذه المستثنيات. عبد الكريم قابيل : “مستثنيات الضمان في عقد التأمين المسؤولية المدنية الناتجة عن حوادث السيارات”، مطبعة الوراقة الوطنية، ط1، 2004، ص : 43 وما بعدها.

أمين السدراتي : “دفوع شركات التأمين بانعدام الضمان بين الشروط النموذجية العامة لعقد التأمين ومدونة التأمينات الجديدة”، مجلة الملف ع 6، ماي 2005، ص : 16 وما بعدها.

أما في القضاء المغربي فقد طبق القواعد التشريعية المتعلقة باستثناءات الضمان تطبيقا ضيقا وحرفيا وهذا ما يتأكد من خلال عدة قرارات نذكر منها على سبيل المثال قرار المجلس الأعلى المؤرخ في 29 دجنبر 2004 حيث جاء فيه ما يلي :

بأن الفقرة الثالثة من البند السابع المتعلقة بالمقتضيات الخاصة بالأخطار المستثناة من التأمين أكدت أن الحالات التي لا يشملها عقد التأمين هي الأفعال والأخطاء المرتكبة من طرف المؤمن له المرسل أو المرسل إليه أو المكلفين من طرفهم وممثليهم وذي حقوقهم

قرار المجلس الأعلى ع 1424 المؤرخ في 29 دجنبر 2004 ملف تجاري عدد 592/3/1/2004 المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، ع 8، ماي 2005، ص : 96 إلى 98.

أنظر كذلك :

حكم رقم 4877 بتاريخ 14/12/2000 ملف مدني رقم 947/1/5/2000 مجلة المرافعة ع 13، دجنبر 2002، ص : 147.

غير أن المؤمن لا يتحمل، رغم أي اتفاق مخالف الخسائر والأضرار الناتجة عن خطأ متعمد أو تدليس للمؤمن له. وفي نظرنا يهدف المشرع من اشتراط الوضوح والتحديد فيما يخص استثناءات الضمان جعل إرادة المتعاقد المؤمن له أو المستهلك أو العموم بصفة عامة واضحة لا يشوبها أي لبس أو غموض وحتى يستطيع هذا الأخير إبداء رأيه بشأنها وإمكانية مناقشتها مع  المؤمن قبل اكتتاب العقد. جاء في قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية صادر بتاريخ 7 ماي 1999 أن استثناء الأمراض المنقولة جنسيا من الضمان في التأمين عن المرض استثناء غير واضح وغير محدد وغير صريح في عقد التأمين.

Rapport de la cour de cassation, 1999, RGDA2000, n°2, p : 743.

أورد هذا القرار محمد الهيني : م.س، ص : 58.

[33] محمد أوغريس سقوط حق المؤمن له في التامين مجلة الأمن الوطني ع 184 1996.

[34] يقصد بشروط الإحالة تلك الشروط التي يكون موضوعها أو يترتب عليها إذعان العميل لشروط تعاقدية غير مكتوبة في ذات المحرر الذي يوقع عليه هذا الأخير، وغالبا ما تكون شروط الإحالة مثل شرط اتفاق التحكيم تعسفية وتؤثر على الالتزامات المؤمن له، وهذا ما أقر به القضاء المغربي. جاء في قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 30 دجنبر  1998 ما يلي : “إن المستأنف عليه بسلوكه مسطرة التحكيم يكون ..غير قبوله الصريح بما جاء في المطبوع مع المطبوع المعتمد في القرار المطعون فيه ذو طابع عام غير موقع عليه من الطرفين ولا يعمد في الإثبات أمام العقد الخاص المؤرخ في 22 يناير 1980 المبرم بين الطالب والمطلوب ..والذي أسند الاختصاص فيما ينسب بين طرفيه لمحاكم الدار البيضاء ولم تتحدث مقتضياته عن التحكيم وهي بمنحاها تكون قد بنت قرارها على أساس غير سليم عرضته للنقض”.

قرار مجلس الأعلى الصادر بتاريخ 30 دجنبر 1998 رقم 7968 ملف تجاري عدد 201694/1/4/96. أورده عبد السلام زوير : “الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإشكاليته العملية”، مطبعة دار السلام، الرباط، نونبر 2004، ص : 141 هامش رقم 38.

[35] حسب المادة الأولى من مدونة التأمينات الجديدة يعرف اقتراح التأمين بأنه محرر يسلمه المؤمن أو من يمثله إلى مؤمن له محتمل والذي يجب على هذا الأخير أن يدرج فيه المعلومات اللازمة لتمكين المؤمن من تقييم الخطر المراد تغطيته ومن ثم تحديد شروط تلك التغطية. فاقتراح التأمين هو عبارة عن مطبوع يحتوي على استمارة تتضمن عدة أسئلة يطرحها المؤمن مباشرة أو بواسطة وسطاء التأمين على المؤمن له. وتكون هذه الأخيرة أساسية لقيام عقد التأمين وعلى ضوء هذا الاقتراح يقرر المؤمن إما قبول أو رفض التأمين، وفي حالة إبرام عقد التأمين يصبح لاقتراح التأمين أهمية كبرى باعتباره الوثيقة الأساسية التي يرجع إليها لتحديد جميع البيانات المقدمة عن الخطر المؤمن منه كما يعتبر حجة للمؤمن له وحجة عليه.

فؤاد معلال : “قانون التأمين”، دراسة تحليلية على ضوء التأمينات الجديدة، مكتبة المعارف الجامعية فاس، دون ذكر السنة،

ص : 52.

ومن الملاحظات التي يمكن إثارتها في هذا الصدد أن المشرع المغربي تناول فقط اقتراح التأمين المقدم من طرف المؤمن ولم يتطرق لحالة اقتراح التأمين المقدم من قبل المؤمن له. كما نلاحظ أن المشرع المغربي قد استثنى التأمين على الحياة من تطبيق هذا المقتضى بحيث في غير التأمين على الحياة يكون اقتراح التأمين مقبولا في حالة إذا تم بواسطة رسالة مضمونة لتمديد مدة العقد أو تعديله أو استئناف العمل من جديد بعقد تم توقيفه إذا لم يرفض المؤمن هذا الاقتراح خلال 10 أيام الموالية ليوم التوصل به.

[36] قسط التأمين حسب المادة الأولى من مدونة التأمينات الجديدة مبلغ مستحق على مكتتب عقد التأمين مقابل ضمانات يمنحها المؤمن، ويتكون قسط التأمين من عنصرين أساسيين هما : القسط الصافي وعلاوة القسط.

– القسط الصافي :

 القسط الصافي هو “المبلغ الذي يحدده خبراء المؤمن بحيث يكون مساويا لقيمة الخطر الذي يتحمله المؤمن وهم يأخذون بعين الاعتبار مبلغ التأمين ومدته وسعر الفائدة التي حصل عليها المؤمن من توظيف مجموع أقساط التأمين التي يحصلها”.

علاوة التأمين :

تضاف إلى القسط الصافي عدة تكاليف تتعلق بنفقات إبرام عقود التأمين التي يستخلصها مجموعة من وسطاء وسماسرة التأمين مقابل عمولات، وبنفقات تحصيل الأقساط بالقدر الذي يتناسب مع قيمته، بالنفقة الإدارة العامة (التي هي عبارة عن مجموع المصاريف التي يتكبدها المؤمن من أجل مباشرة عملياته التأمينية)، إضافة إلى تكاليف الضرائب التي يتحملها المؤمن من جراء عبئ الرسوم التي تفرضها الدولة على نشاطه التأميني.

 

[37] يختلف الخطر بمعناه التأميني عن الخطر بمعناه اللغوي أو معانيه الأخرى التي يعرف بها في القانون المدني، فهو يعتبر ركنا في عقد التأمين لأنه الأساس الذي يعتمده في تحديد قسط التأمين.

يرى بعض الفقه بأن للخطر 3 معاني : 1- هو الضرر المترتب على وقوع الكارثة، فيقال أخطار غير محمية، 2- وهو الحادث المؤدي إلى كارثة فيقال خطر الوفاة في التأمين على الحياة، وخطر المسؤولية في التأمين من المسؤولية، 3- وهو موضوع الضمان فيقال خطر محمي”.

محمد أمراني زنطار : شرح قانون 17-99 م.س، ص : 118، هامش 1.

لعنصر الخطر شروطا وأنواعا.

– شروط الخطر :

أ- يشترط في الخطر أن يكون حادثا، احتماليا، يعني أن يكون غير مؤكد الوقوع.

ب– يجب ألا يكون الخطر المؤمن منه حادثا إراديا محضا. استنادا لهذا المبدأ اعتبر الفقيه محمد الامراني زنطار عقود التأمين التالية باطلة :

عقود التأمين التي تخول للمؤمن رفع الدعوى وتحمل نفقاتها لصالح المؤمن له إذا ما علق المؤمن التزامه بالضمان على تقديره الشخصي وعقود التأمين من المسؤولية المدنية الناشئة من ارتكاب الحوادث العمدية بفعل المؤمن له و هو ما جاءت به المادة 17 من مدونة التأمينات الجديدة”.

محمد أمراني زنطار : م.س، ص : 119.

ولكي يعتد بالخطر يجب أن يعزى إلى فعل الطبيعة(المادة 17 من مدونة التأمينات الجديدة) المصادفة (المادة 45 من مدونة التأمينات الجديدة)، أو إلى إرادة الغير.

ج– أن يكون الخطر المؤمن منه مشروعا أي أن يكون غير مخالف للنظام العام أو الآداب. ويتفق الفقه على أن التأمين من الغرامات المالية والمصادرة الجنائية وغيرها من العقوبات الزجرية غير جائز لمخالفته مبدأ شخصية العقوبة.

Picard et Besson : “Traité général des assurances terrestres en droit français”, éd. 1938, p : 53-54

يضيف عبد الكريم الإدريسي : م.س، ص : 20  و21، : “يجب أن يتوفر في الخطر المؤمن منه شروطا ثلاثة :

  • أن يكون الخطر المؤمن منه متفرقا من حيث الزمن.
  • أن يكون الخطر متماثلا فيتجانس في طبيعته ومحله وقيمته ومدته.
  • أن يكون الخطر منتظما الوقوع إلى درجة مألوفة.

ذكر هذه الشروط :

André Besson : “Les assurances terrestres”, T I, LGDJ, 4ème éd., 1977, p : 21 à 24.

أنظر أيضا محمد كامل درويش : م.س، ص : 84 و 86. أحمد محمد لطفي أحمد : م.س، ص : 47 و48.

  • أنواع الخطر :

يتخذ الخطر أشكالا متعددة يمكن تلخيصها فيما يلي :

أ- الخطر الثابت والخطر المتغير : ا

لخطر الثابت هو “الخطر الذي تبقى درجة احتمال تحققه ثابتة خلال مدة التأمين أو على الأقل خلال مدة معينة من الزمن كالتأمين ضد خطر الحريق”.أما الخطر المتغير فيكون في حالة “إذا اختلفت فرص تحققه خلال فترة التأمين فيسمى الخطر تصاعديا إذا كانت فرص تحققه من خلال فترة التأمين متزايدة مثل التأمين على الوفاة وبالعكس يسمى الخطر تنازليا إذا كانت فرص تحققه متناقصة”.

 ب- الخطر المعين والخطر الغير المعين :

 الخطر المعين هو الخطر الذي يرد على محل معين عند إبرام عقد التأمين مثل التأمين من السرقة. أما الخطر غير المعين فهو الذي يكون فيه محل التأمين غير محدد إلى حين تحق الخطر مثل التأمين من المسؤولية المدنية. يضيف بعض الفقه إلى هذه التقسيمات تقسيما آخر : الخطر الموضوعي والخطر الشخصي،الخطر المادي والمعنوي.

فالأول هو  الخطر الذي ينتج من نفس طبيعة الشيء موضوع عقد التأمين والخطر الشخصي : هو الخطر الذي يكون وثيق الصلة بشخص المؤمن له أو خطأه أو خطأ تابعيه.

أما الثاني هو  يعود لعوامل مادية من شأنها التأثير على حركته زيادة أو نقصانا أو الخطر المعنوي : هو الذي يعود لعوامل معنوية كشخصية المؤمن له وعدد المستخدمين التي تؤثر على حدة الخطر.

محمد أوغريس : م.س، ص : 27 و28.

الحسين بلوش : “التزام المؤمن له بالتصريح بالخطر على ضوء القرار الوزيري 28 نونبر 1934″، أطروحة لنيل دكتوراة الدولة في القانون الخاص كلية الحقوق بالدار البيضاء، 1997/1998، ص: 74 إلى 77.

انظر أيضا:

عبد العزيز توفيق : عناصر عقد التامين و شروط الخطر المؤمن له مجلة الأمن الوطني ع 170 سنة1992.

– MON CHARMENT henri : «  la déclaration du risque dans les assurances terrestres d’après la loi de juillet 1930, th., Paris.

– PETRIGNANI Louis : « déclaration de l’assuré et constatation de l’assureur en vue de l’évaluation du risque », th, Paris, 1993.

[38] الحسين بلوش : م.س، ص : 94 وما بعدها.

[39] بوشعيب فرحان التزام المؤمن له بإعلان الخطر و اشتداده في التامين البري رسالة كلية الحقوق الدار البيضاء 1998.ص60

[40] بوعبيد عباسي : م.س، ص : 345 إلى 385.

إقرأ أيضاً

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية Work …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *