أمام التحولات المتسارعة التي باتت تعرفها الإدارة المغربية وتحديات الظرفية الراهنة وما تحمله معها من مضامين واستحقاقات يصب معظمها في مفاهيم: الحكامة الجيدة، الديمقراطية، التنمية، واللامركزية بكل مستوياتها الإدارية والمالية والسياسية، فإنه كان لزاما جعل الجماعات الترابية بمثابة الأرضية المناسبة لاحتضان وتفعيل هذه المفاهيم، باعتبارها العمود الفقري للتنظيمات الإدارية.
وعلى هذا الأساس، فإن التحدي المطروح يتمثل في الانتقال بالجماعات الترابية من بنيات إدارية إلى مقاولات حقيقية، و التشريعات القانونية قد زحفت في السير نحو هذا المبتغى عبر الإصلاحات المتعاقبة على التنظيمات القانونية المؤطرة للجماعات الترابية بمختلف مستوياتها، والهادفة في مجملها لتعزيز المنظور التدخلي التنموي لها وذلك بالتخفيف من شدة الوصاية، وتعزيز الموارد المالية لها الذاتية والخارجية، وإصلاح النظام الجبائي المحلي، وتوسيع ميادين تدخلاتها وتبويب إختصاصاتها، إضافة للتكريس الدستوري لها بتخصيص باب بأكمله لها (الباب التاسع من دستور فاتح يوليوز 2011).
و بالنظر لحجم التطلعات المنتظرة من الجماعات الترابية بكل أنواعها وفي مجالات تهم مختلف مناحي الحياة المحلية الإدارية، الاقتصادية، الاجتماعية،و أمام ضعف الموارد الذاتية للجماعات الترابية1 من جهة، و محدودية الموارد الجبائية المحولة لها من قبل الدولة من جهة ثانية، فإن الاقتراض يعتبر الوسيلة الأساسية التي تسمح للجماعة الترابية بالاشتراك في مسلسل التنمية، والنهوض بتراب الجماعة عبر تجهيزه وتأهيله لاستقطاب الاستثمارات و المشاريع التي من شأنها إنعاش هذا التراب وتحريك دورة الاقتصاد والتنمية داخله على المدى الطويل .
بهذا فإن الاقتراض الجماعي يعتبر موردا ماليا مرصودا للجماعات الترابية بصفة ظرفية ومؤقتة، تلجأ إليه من أجل تغطية نفقات التجهيز و تنفيذ سياستها الاقتصادية و تمويل برامجها الاستثمارية، يسجل كنفقة إجبارية في ميزانية الجماعة المقترضة وتكون ملزمة بإرجاع قيمته والفائدة المطبقة عليه ضمن الآجال المحددة للتسديد التي تتراوح مابين 5 سنوات و 15 سنة.
ونظرا لأهمية القروض فقد اهتمت بها السلطات العمومية منذ السنوات الأولى للاستقلال2 وذلك أمام الحاجة الملحة لتمويل الاستثمارات العمومية المحلية، وغياب إرادة حقيقية للقطاع البنكي في منح القروض لتلك الجماعات3، لذلك قامت الدولة بإنشاء صندوق التجهيز الجماعي سنة 19594، وتم اعتباره هيئة متخصصة في تمويل التجهيزات والمشاريع الاستثمارية المحلية، وهو مؤسسة عمومية متمتعة بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي خاضعة لوصاية الدولة ورقابتها المالية.ولاستفادة الجماعات الترابية أيا كان نوعها من قروض هذه المؤسسة عليها استيفاء جملة من الشروط ، وإتباع مجموعة من الإجراءات المسطرية لحصولها على القرض، واستيفاء الجماعة الترابية لهذه الشروط والإجراءات المسطرية هل يشكل لها ضمانة قوية للاستفادة من قروض صندوق التجهيز؟ أم أن حصيلة الافتراضات الجماعية تكشف عن إكراهات عملية تتجاوز في حدتها صرامة المساطر القانونية ؟
للإجابة على هذه الإشكالية ارتأيت تقسيم الموضوع إلى مبحثين، بحيث تناولت في المبحث الأول شروط ومساطر حصول الجماعة الترابية على القرض، في حين خصصت المبحث الثاني لحصيلة الاقتراض الجماعي وإكراهات الحصول عليه.
المبحث الأول : شروط ومساطر حصول الجماعة الترابية على القرض
تناط بصندوق تجهيز الجماعات المحلية مجموعة من المهام الهادفة في مجملها لتنمية الجماعات الترابية و إعانتها على النهوض بالمهام الملقاة على عاتقها و المتعلقة بالشق التجهيزي، لمواكبة المنظور التدخلي الذي أراده منها المشرع ورسم خطوطه في التشريعات القانونية المنظمة للجماعات الترابية، وأمام قصور الموارد الذاتية عن تغطية هذا المنظور التدخلي فقد خول لها المشرع الحق في اللجوء للإقتراض، وأنشأ صندوق التجهيز الجماعي الذي يعتبر البنك الأساسي المشرف على عمليات الإقتراض الجماعي، لذا فقد سطرت إدراته لائحة من الشروط الذاتية التي يجب على الجماعة الترابية إحترامها، ولائحة من الشروط الموضوعية التي ينبغي في المشروع موضوع القرض التوفر عليها حتى يتسنى لها الإستفادة من موارد هذا الصندوق .
فالجماعة الترابية الراغبة في الحصول على قرض من بنك التمويل المحلي يجب عليها أن تحترم سقف مديونية يتحدد في أقل من 40% من مجموع الأقساط السنوية بالنسبة لمواردها المالية وذلك لمراعاة قدرتها على تسديد ديونها. كما يجب عليها المساهمة الذاتية في تمويل المشروع بنسبة 20% ويدخل في هذه النسبة المساهمات العينية كالبقع الأرضية-الهبات والمساهمات. إضافة لضرورة التوفر على الإمكانيات البشرية والمعدات الضرورية لإنجاز المشروع. كما يتوجب على الجماعة الترابية الخضوع لنسبة الفائدة المحددة من قبل إدارة الصندوق التي تبتدئ من 6.5 % وتتغير حسب مدة القرض التي يمكن أن تصل إلى 15 سنة، وكذلك حسب طبيعة الضمانات المقدمة.
أما المشروع موضوع القرض فيجب أن يقع ضمن لائحة القطاعات المؤهلة لتمويل الصندوق والمتصلة أساسا بالمرافق الحيوية كقطاع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، قطاع النقل الحضري والتهيئة الحضرية…إلخ، دون أن ينجم عنه أي آثار سلبية على البيئة وأن يلبي حاجة حقيقة وملحة تقع ضمن سلم أوليات الساكنة، وأن يتميز بالنجاعة المالية ويستجيب لمعايير أقل تكلفة، ولكي يكون كذلك وجب القيام بدراسات مفصلة حوله تشمل دراسة الوضعية الحالية ودراسة الجانب المالي والإقتصادي للمشروع والتكلفة المالية له ،وتداعيات أو تأثيرات هذا المشروع على الساكنة.
بعد استيفاء الجماعة الترابية للشروط المطلوبة للاقتراض وبعد المداولات التي يتخذها مجلسها بشأن مشروع معين وموافقته على إنجازه وتمويله بواسطة القرض، تقوم هذه الجماعة المعينة بإتباع مسطرة خاصة وفق إجراءات محددة سلفا من قبل الصندوق، وتبتدئ هذه المسطرة بإعداد ملف القرض الذي يتضمن رفع طلب من قبل رئيس المجلس إلى المدير العام للصندوق. ويتم إرفاق هذا الطلب بملف إداري وملف تقني. بعد إعداد ملف القرض يتم إرساله إلى الصندوق عن طريق سلطات الوصاية5 بعد تأشيرتها ومصادقتها عليه وإلا إعتبر عملا باطلا، فالمشرع أدرج المقررات التي يتخذها المجلس بشأن القروض ضمن لائحة المقررات الخاضعة لتأشيرة سلطة الوصاية وذلك حسب المادة 69 من القانون رقم 17.08 المتعلق بالميثاق الجماعي، وعند توصل الصندوق بملف القرض يعمل على دراسته والتأكد من أن جميع معايير الأهلية أو الشروط المطلوبة مستوفاة، وحين توافق لجنة الصندوق على طلب القرض يتم توقيع عقد القرض من طرف رئيس مجلس الجماعة والمدير العام لصندوق التجهيز.بعد توقيع الأطراف على العقد يتم إعداد القرار المشترك بين وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية، وإعداد رخصة البرنامج التي تتولى فتح إعتمادات الالتزام من طرف وزارة الداخلية أو السلطة المحلية بالنسبة للجماعات القروية. ليتم بعدها دراسة تنفيذ المشروع من قبل الجماعة المقترضة وإعداد ملفات طلبات العروض لمنح الصفقة والبدء في الأشغال، وبمجرد منح الصفقة والمصادقة عليها من طرف السلطات المختصة والإعلان عن الأمر ببدء الأشغال، يمكن للجماعة الترابية إرسال طلب سحب الأموال إلى الصندوق، ويمكن أن يكون هذا السحب دفعة واحدة أو على عدة أشطر حسب طبيعة المشروع ومدة إنجازه.وآخر خطوة في هذه المسطرة هي تسديد أقساط القرض مع الفوائد وتصل المدة القصوى للتسديد إلى 15 سنة، مع إدراج هذه الأقساط ضمن النفقات الإجبارية للميزانية السنوية للجماعة المقترضة حسب المادة 39 من القانون 45.08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات، و في حال امتنعت الجماعة عن ذلك فإن سلطة الوصاية تتدخل لتسجيل نفقات الديون في الميزانية المحلية6 وذلك حسب منطوق المادة 12 من القانون 31.90 المتعلق بتنظيم صندوق تجهيز الجماعات.
وتبقى شروط حصول الجماعات الترابية على قروض من لدن صندوق التجهيز شروطا معقدة وكبيرة والإجراءات المتبعة في ذلك طويلة وبطيئة، مما يشكل عائقا أمام الجماعات للإستفادة الفورية من هذه الموارد المالية الظرفية، خاصة الجماعات الضعيفة التي تفتقر إلى أطر تقنية لإعداد الدراسات التقنية للمشاريع المراد تمويلها من قبل الصندوق، مع إنعدام القدرات المالية لديها لتسديد أقساط الدين وفوائده .ال
المبحث الثاني :حصيلة الاقتراض الجماعي وإكراهات الحصول عليه
تعرف حصيلة أو نسب القروض الجماعية تأرجحا بين السنوات، وتختلف باختلاف نوع الجماعة الترابية وباختلاف إمكاناتها المالية والتقنية والبشرية ، وأيضا باختلاف القطاعات المحتضنة للمشاريع الممولة من قبل الصندوق. كما ترتبط ارتباطا وثيقا بمدى تدخل الجماعات الترابية في ميادين التنمية المحلية، فكلما زادت درجة هذا التدخل التنموي إلا وازدادت معها السياسة الافتراضية بشكل تصاعدي .
فالفترة الممتدة ما بين إحداث صندوق تجهيز الجماعات المحلية سنة 1959إلى سنة 1976 قد تميزت بمحدودية حجم القروض الممنوحة للجماعات7، وهذا يعود بالطبع للدور المحدود الذي كانت تلعبه الجماعات الترابية في ميدان التنمية المحلية آنذاك والذي كان منظما بالقانون الجماعي لسنة 19608، غير أنه مع زيادة توسيع اختصاصات الجماعات الترابية إبتداء من سنة 1976، وأمام قلة الموارد الذاتية وضعف الموارد المحولة من قبل الدولة التي عجزت عن تغطية النفقات التي تتطلبها هذه الاختصاصات،قد ازداد لجوء الجماعات نحو الاقتراض لسد العجز الذي يكثنف ميزانية التجهيز.
لذلك فقد شهدت القروض التي يمنحها الصندوق نموا قويا على مر السنين،ونأخذ الفترة الممتدة مابين 2006 و2011 على سبيل المثال لدراسة واقع حصيلة الاقتراض الجماعي، حيث ارتفعت هذه الحصيلة بنسبة 79% ما بين سنة 2006 وسنة2009،إذ انتقلت من 996 مليون درهم إلى أزيد من 1,77 مليار درهم سنة 2009، أي ما يعادل 5.6% من المداخيل مع استثناء الفائض. وبالرغم من هذا المنحى التصاعدي فإن مديونية الجماعات تبقى ضعيفة9 .
ومع متم نهاية سنة 2011 وصلت مداخيل التجهيز المتأتية من الاقتراض 1,73 مليار درهم، أي قرابة25% من مداخيل التجهيز دون احتساب الفوائض. وقد بلغت التزامات القروض 2.293 مليون درهم بمستوى تجاوز توقعات النشاط برسم نفس السنة، وهمت تمويل 105 مشاريع بجم إجمالي للاستثمار بلغ 6.223 مليون درهم 10.
وتتموقع الجماعات الحضرية في طليعة المستفيدين الأوائل من قروض صندوق التجهيز إذ أنها ومنذ إحداثه قد تصدرت المرتبة الأولى في لائحة المقترضين – مع محدودية أو ضعف القروض الممنوحة لباقي الجماعات الترابية- وذلك راجع لتوفرها على موارد مالية مهمة نسبيا مقارنة مع الجماعات الترابية الأخرى، أهمها الموارد الجبائية المحولة لها من قبل الدولة خاصة رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية والرسم المهني، مما يشكل لها ضمانة قوية لدى صندوق التجهيز الجماعي، إضافة لتوفرها على إمكانات بشرية تمكنها من إنجاز الدراسات التقنية حول المشاريع الممولة .
وكما تختلف نسبة القروض الممنوحة باختلاف الجماعات الترابية وإمكاناتها المالية والتقنية والبشرية، فإن تمويل الصندوق لهذه الجماعات يختلف أيضا باختلاف المشاريع ومدى إحترامها للقطاعات التي التزم الصندوق بتمويلها، حيث تتمركز المشاريع التي تهم التهيئة الحضرية صدارة المشاريع الممولة من قبل الصندوق، مع تسجيل المشاريع التي تهم القطاعات الأخرى خاصة قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل نسب ضئيلة في الاستفادة من القروض، وربما الأمر راجع لتفويض هذا القطاع في تدبيره وتجهيزيه للقطاع الخاص مما يكفل الجماعة عناء الاقتراض من أجله.
وإن كان المشرع أجاز الجماعات الترابية لها إمكانية اللجوء إلى الاقتراض من الأشخاص العامة والخاصة، بل واعتبرت القروض من ضمن لائحة الموارد المالية للجماعات الترابية ومجموعاتها (حسب المادة 30 من القانون المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات الترابية11)، إلا أن حصيلة الممارسة العملية لها في سياسة الاقتراض كشفت عن وجود العديد من المعيقات و الإكراهات التي تحد من قدرتها على الاقتراض، منها ما هو مرتبط بالجماعة نفسها ومنها ما هو مرتبط بالجهة المانحة للقرض.
وتتمظهر أولى الاكراهات ذات الصلة بالجماعة نفسها في محدودية الموارد المالية التي لا تمكنها من التمويل الذاتي للمشروع وفق النسبة التي حددها الصندوق، ولا من إنجاز الدراسات التقنية حول المشروع ولا من تسديد أقساط القرض و فوائده، مما لا يشكل لها ضمانة للحصول على القرض.هذا بالإضافة لضعف الموارد البشرية نتيجة غياب أطر عليا كفوءة مؤهلة لإعداد الدراسات حول المشروع، وضعف تكوين المنتخب الجماعي الذي يجهل مساطر القرض والقدرة المالية للجماعة على تسديده، مما يجعل من القرض عبء على الميزانية المالية للجماعة عليها الإلتزام بدفع أقساطه دون الإستفادة من مخلفاته، فمعظم المشاريع يتم وقفها لعدم قدرة الجماعة على تحمل تكاليفها أو لتغير المنتخب الجماعي. دون ان ننسى أثر الحضور المكثف لسلطة الوصاية في مجال الاقتراض الجماعي منذ إعداد الجماعة لطلب العقد، مرورا بموافقة الصندوق والإفراج عن الأموال المقترضة، وصولا إلى تسجيلها في النفقات الإجبارية وتسديد فوائدها، وهذا الحضور يشكل عائقا أمام الجماعة في مجال الإقتراض كونه يحد من سياستها الإقتراضية، ويجعلها تسير وفقا لتوجيهات السلطات المركزية، كما أنه يزيد من طول الإجراءات والمساطر الإدارية للقروض مما يعيق بشكل عام متطلب التنمية المحلية والاستقلالين المحليين المالي والاداري..
كما أن صندوق التجهيز يساهم بوجه او بآخر في تعميق فجوة الإكراهات التي تواجهها الجماعات الترابية في ميدان الاقتراض، وذلك نظرا لصرامة شروطه ومحدودية موارده المالية إذ أنه في تطلع دائم لمخصصات الدولة له والهبات والوصايا، إضافة لمركزية أنشطته في غياب بعد جهوي له يقرب منه المستفيدين.
ولمحاولة التخفيف أوالتلطيف عن حدة هذه الإكراهات والمعيقات التي تعترض طريق الجماعات الترابية في مجال القروض وجب تفعيل مجموعة من الإجراءت مثل: تطويع مدة ونسبة الفائدة المترتبة عن منح القروض حسب طبيعة المشاريع الممولة وصنف الجماعة الترابية المقترضة، توسيع نطاق المشاريع الممولة لتشمل المشاريع ذات الطابع الإجتماعي والثقافي، تبسيط مساطر منح القرض، توجيه سلطة الوصاية نحو وصاية مواكبة ولاحقة بتفعيل دورالمجالس الجهوية للحسابات، وذلك لوقف هدر المال العام وتبذيره والعمل على ترشيده بذل الوصاية القبلية التي تزيد من ثقل المساطر و بطئها، العمل على لامركزية أنشطة صندوق التجهيز الجماعي بخلق مندوبيات جهوية تابعة له في كل فروع المملكة، تقوية الموارد الذاتية لهذه المؤسسة لضمان تلبية الحاجيات التنموية لكل الجماعات الترابية …إلخ .
كما وجب إعادة النظر في طريقة إدراج القروض ضمن ميزانيات الجماعات الترابية، حيث إن هذه القروض تمنح من أجل سد حاجة تجهيزية أي أنها تدخل ضمن نفقات التجهيز، في حين أنه قد تم إدراج أقساط الدين كنفقة إجبارية ضمن نفقات تسيير المصالح في المادة 39 من قانون 45.08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات الترابية، مما يشكل عبء على عمود نفقات التسيير التي هي أصلا كثيرة و مرهقة لموارد الجماعة و مداخيلها ، و الأجدر هو تضمين أقساط القروض ضمن سلم نفقات التجهيز كما تم إدراج رأسمال القرض ضمنها.
1 – حين نصف الموارد الذاتية للجماعات بالضعف والقلة، فمرد ذلك راجع إلى المعطيات العملية والإحصائيات التي أتبثت محدودية إستقلال الجماعات الترابية وتطلعها الدائم لموارد الدولة المالية، فوفق ما جاء في تقرير اللجنة الإستشارية للجهوية الموسعة فإن العمالات والأقاليم تتوفرعلى إستقلال مالي محدود، حيث تعادل المداخيل المحولة لها من قبل الدولة83% و 62% و 54% على التوالي ، فيما تعد الجماعات الحضرية أقل إعتمادا على مساعدات الدولة المالية بنسبة35% .كما أتبث هذا التقرير أن المستوى الحالي للموارد الذاتية للجماعات الترابية لم يتجاوز 9,54 مليار درهم، حيث مثلت مداخيل الجماعات الترابية في سنة 2009 مع إستثناء الفائض و القروض 15,8%من مداخيل الدولة و 4,03% من الناتج الداخلي الإجمالي، وهي نسبة ضئيلة جدا وتكشف عن ضآلة الموارد الذاتية للجماعات الترابية خصوصا إذا ما تم مقارنتها بالمعايير الدولية ، ففي إسبانيا مثلا شكلت هذه المداخيل 50,9% من المداخيل العمومية و20% الناتج الداخلي الإجمالي .
2 – Driss Khoudry , le garde d’audit communal , l’outil du manager local , les éditions Maghrébine , Casablanca 1998 , p 27.
3 – محمد عالي أديبا، إشكالية الاستقلال المالي للجماعات المحلية، منشورات المجلة المغربية للإدارة والتنمية المحلية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 29،2001، ص 138.
4 – تم إحداث هذه المؤسسة بموجب ظهير شريف سنة 1959 ، وخضع نظامه القانوني لعدة تعديلات أهمها ما كان سنة 1992 حيث تم إصدار قانون رقم 31.90 متعلق بإعادة تنظيمه، وأصبح بموجب هذا القانون يحمل إسم صندوق تجهيز الجماعات المحلية بدل صندوق التجهيز الجماعي .ومنذ سنة 1996 أصبحت هذه المؤسسة بنكا متخصصا في تمويل القطاع العمومي المحلي وتسمى ببنك التمويل المحلي.وبالإضافة لهذه المؤسسة العمومية البنكية يمكن للجماعات الترابية الحصول على قروض وسلفات من بعض المؤسسات القرضية التابعة لبعض المنظمات الدولية والإقليمية ذات الطابع الجماعي كصندوق تنمية المدن العربية، إلا أن القروض الممنوحة من قبل هذا الصندوق تعرف نقصا و ضعفا عارما، إضافة لعدم إستفادة جميع الجماعات لدولة ما منها واقتصارها على تمويل منجزات ومشاريع بعض البلديات الكبرى، لذلك فإن صندوق تجهيز الجماعات المحلية وهيئاتها يعتبر الممول الرئيسي للقطاع المحلي – إن لم نقل الوحيد –
5 – دليل التمويل ، منشورات صندوق صندوق تجهيز الجماعات المحلية ،2009، ص 19 ومابعدها (بتصرف).
6 – يشكل حلول سلطة الوصاية محل المجلس الجماعي ضمانة قانونية بالنسبة لصندوق تجهيز الجماعات لحمايته من عجز الجماعة عن الوفاء بمستحقاتها المالية، وهو إجراء في حد ذاته لا يمس بالإستقلال المالي للجماعات نظرا لضرورة هذه النفقات وإرتباطها بالمصلحة العامة المحلية، لكن ما يمس بذلك الإستقلال هو قلة الموارد وعدم توفر ما يكفي منها لتغطية النفقات الإجبارية، فيتم الإلتجاء إلى مساعدات الدولة وإمداداتها حيث تصبح السلطة التي سجلت النفقة الإجبارية تلقائيا بعد رفض مجلس الجماعة هي التي قدمت الإمدادات المالية لتغطيتها.للمراجعة أنظر”عبد المجيد اسعد”، مالية الجماعات المحلية بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، 1999، ص 41.
7– Sedjari (A) , Les structures administratives territerrailes et le développement local au Maroc , T.D (5eme cycle) édition le faculté de droit. Rabat. 1981 , p 89
8 – Benbrqhi )n(, les fond d’équipement communal , M.C.S . Enap , Rabat , 1978, p 4
9 – تتأكد هذه الملاحظة إذا علمنا أن مديونية الجماعات الترابية عبر العالم تمثل جزءا هاما من مواردها، فعلى سبيل المثال شكلت مديونية الجماعات الترابية سنة 2005 ما يعادل 31% من مجموع المداخيل في إسبانيا و 34% في إيطاليا، أما في المغرب فتظهر بنية ميزانيات الجماعات الترابية أن هذه الأخيرة تتحكم بشكل جيد في المديونية، حيث مثل تسديد الدين بما في ذلك الأصل والفوائد كل عام خلال الست سنوات الماضية 10% من نفقات التسيير.أنظر تقرير اللجنة الإستشارية للجهوية المتقدمة،الكتاب الثالث،43 .
10 –التقرير السنوي لصندوق تجهيز الجماعات المحلية ، سنة 2011 ،ص 29 و 32 .
11 –قانون رقم 08-45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات الترابية ومجموعاتها ، صادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 02-09-1 في 22 صفر 1430 الموافق 18فبراير 2009، نشر بالجريدة الرسمية عدد5711 ، بتاريخ 27صفر 1430/23 فبراير 2009 .