مصير اتفاقية الائتمان وصعوبات المقاولة
رشيد فوزي
طالب باحث بسلك الدكتوراه بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة
تعتبر استمرارية المقاولة المتعثرة في مزاولة نشاطها الوسيلة المثلى لترجمة أهداف المشرع من اعتماد نظام صعوبات المقاولة على أرض الواقع، وذلك ما دفع المشرع المغربي إلى فرض هذه الاستمرارية بقوة القانون في إطار التسوية الودية، أي خلال المرحلة اللاحقة لصدور الحكم القاضي بالتسوية القضائية، والتي يطلق عليها تشريعا فترة إعداد الحل.
وتهدف هذه المرحلة إلى توفير الوقت الكافي واللازم لأجهزة المسطرة لأجل تقييم وضعية المقاولة واختيار الحل المناسب لها وإخراجها من المأزق المالي والاقتصادي الذي تتخبط فيه، وذلك بكيفية تحقق مصلحة المقاولة وتحافظ على مناصب الشغل، ولهذا الاعتبار يبدو من غير المنطقي إيقاف نشاط المقاولة خلال هذه المرحلة، حيث سيؤدي ذلك إلى اندثار عناصر الأصل التجاري ومن ضمنها عناصر الزبناء، كما سيكون له بالتأكيد تأثير سلبي على حقوق الأجراء، ولهذا يتعين استمرار المقاولة في مزاولة نشاطها بنفس الشروط تقريبا قبل الحكم بفتح مسطرة المعالجة.
ففي هذا الإطار، خول المشرع المغربي بمقتضى المادة 573 من م.ت للسنديك وحده الحق في أن يطالب بمواصلة العقود الجارية التنفيذ في تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة، حيث تشمل من حيث المبدأ كافة العقود المبرمة مع المقاولة الخاضعة لهذه المسطرة.
إلا أن التساؤل المطروح في هذا الصدد يندرج في مصير العقود الجارية بعد الحكم بفتح مسطرة المعالجة والذي يشكل عقد الائتمان صورة من صورها (المطلب الأول) وبتعبير أخر هل الحكم بفتح مساطر المعالجة يضع حدا للائتمان؟ وما وضعية البنك خلال مساطر معالجة صعوبات المقاولة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مصير اتفاقية الائتمان عند الحكم بفتح المسطرة
لقد أحاط المشرع المغربي العقود الجارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية بتنظيم خاص من أجل متابعة المقاولة لنشاطها وتصحيح وضعيتها، ودليل هذا المادة 573 من م.ت التي تضمنت عبارة تنفيذ العقود الجارية دون إعطاء تعريف محدد لها، فاستمرارية نشاط المقاولة خلال المرحلة الانتقالية، أو إعداد الحل بالقانون المغربي أو فترة الملاحظة حسب القانون الفرنسي، يبقى ممكنا وذلك من أجل تأمين ذلك النشاط، وبالتالي الحفاظ على علاقاتها التعاقدية، ناهيك أن السنديك هو الوحيد صاحب القرار في استمرارية هذه العقود، إلى جانب المحكمة في مخطط التفويت[1].
وقد جعل المشرع المغربي قاعدة مواصلة العقود الجارية عامة ومطلقة، تسري على كافة العقود المبرمة مع المقاولة من دون أن يكلف نفسه عناء التفريق بين أنواع العقود فورية أو مستمرة، مبنية على الاعتبار الشخصي أو لا.
ومن هنا نتساءل عن مصير العقود الجارية بعد الحكم بفتح المسطرة ومدى انعكاسها على عقد فتح الائتمان (الفقرة الأولى)، وعن مدى نجاعة الآليات المهمة للتحفيز على تمويل المقاولة (الفقرة الثانية) وذلك لما لها من دور في ضمان استمرارية المقاولة خلال فترة إعداد الحل.
الفقرة الأولى: استمرارية العقود الجارية ومدى انعكاسها على عقد فتح الائتمان
إن تسيير المقاولة والمحافظة عليها من المهام الأساسية للسنديك، إذ بعد فتح المسطرة وتعيينه يكون ملزما بتحديد موقفه من العقود الجارية[2]، إما ضرورية لمتابعة نشاط هذه المقاولة خلال فترة إعداد الحل وإما غير ضرورية لذلك، مما يقتضي أن توجد قواعد قانونية مرنة تسمح للسنديك بالتعامل مع أصحاب هذه العقود وفق ما تستدعيه استمرارية الاستغلال أثناء الفترة المذكورة[3].
ففي هذا الإطار، يخول المشرع المغربي بمقتضى المادة 573 من م.ت وحده الحق في أن يطالب بمواصلة العقود الجارية التنفيذ في تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة وذلك بتقديمه للطرف المتعاقد مع المقاولة الخدمة المتعاقد بشأنها قبل صدور هذا الحكم، لذلك يعرفها الأستاذ شكري السباعي، بأنها العقود التي يبرمها رئيس المقاولة مع الأغيار المتعاقدين، والتي لم تستنفذ أو لم تنقص أثارها بعد صدور حكم فتح مسطرة المعالجة، وبمعنى أخر التي تستمر أثارها حتى بعد صدور حكم فتح المسطرة[4].
ونظرا ما للعقود في طور التنفيذ من أهمية، في تفعيل الصعوبات التي تعترض المقاولة فقد خصها المشرع بنظام خاص، وجعل الأصل فيها الاستمرار وبذلك فإنه لا يترتب على مجرد فتح التسوية القضائية فسخ أو تجزئة أو إلغاء العقد، على الرغم من أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي[5]، لهذا أولى المشرع العقود التي تبرمها أو أبرمتها عناية خاصة لا سيما منها العقود التي تستغرق مدة أطول في تنفيذها وتؤثر على مصير المقاولة.
وهكذا فإنه يلاحظ أن عقد فتح الاعتماد يتميز بذيوعه في علاقات التمويل بين البنوك والتجار، إذ يلجأ هؤلاء لهذا العقد نظرا للمزايا التي يقررها لهم، والتي تميزه عن القرض المصرفي، ذلك أن التاجر لما يكون في حاجة دائمة ومتجددة إلى أموال غير أمواله الذاتية، لمواجهة العمليات المختلفة، فهو يجد نفسه محتاجا إلى مورد مالي موثوق فيه، يلجأ إليه كلما لم يسعفه رأس ماله الخاص في إجراء العمليات التجارية[6].
وكما هو معلوم فإن عقد الائتمان يقوم على الاعتبار الشخصي ومن شأن ذلك أن يعطي فرصة للبنك متى وقعت مستجدات من شأنها أن تزعزع ثقته في الزبون المستفيد لإنهاء هذا الاعتماد، حيث أنه يعد من قبيل التعسف في حق البنك إلزامه بالاستمرار في تقديم ائتمانه لزبون فقد مقومات الثقة التي على أساسها منح له الاعتماد خاصة وأن إلزامه بالاستمرار على هذا النحو إلى غاية انتهاء المدة المحددة للاعتماد قد يؤدي إلى مساءلته على أساس إساءة منح الائتمان كما يستفاد من أحكام المادة 525 من م.ت[7].
وإذا كان الإجماع منعقد على تخويل البنك حق إنهاء الاعتماد محدد المدة في حالة انقلاب الموازين التي بني عليها إبان التعاقد مع الزبون، إلا أن هناك بعض الاختلافات بخصوص بعض الوقائع التي تؤثر على الاعتبار الشخصي وتبرر إنهاء الاعتماد من جانب البنك، حيث يرى بعض الفقه[8] أن عناصر الاعتبار الشخصي اللصيقة بشخص الزبون مثل وفاته أو فقدان أهليته أو الحكم عليه من أجل جناية تعطي الحق للبنك من وضع حد الاعتماد. لأن قيام هذا الأخير على الاعتبار الشخصي يجعله قابلا للإبطال بطلب من البنك إذا ما وقع في غلط المستفيد، أو في صفة جوهرية فيه، في حين يذهب جانب أخر من الفقه[9] أنه ليس من حق البنك في الحالات السابقة الذكر إنهاء الاعتماد في حالة ما إذا كان مضمونا بتأمين عيني، أو تحمل ذووا حقوق الزبون، أو ورتثه بالتزامات في حالة وفاته، والاستمرار في استغلال نشاطه السابق.
وعليه فإن التوقف عن الدفع التي ترتب عليه بعض التشريعات إفلاس المدين وغل يده ومنعه من إدارة أمواله والتصرف فيها فإن البنك من حقه إنهاء الاعتماد الممنوح للزبون الموجود في هذه الحالة، أما التشريعات التي لا ترتب على التوقف عن الدفع إلا التسوية القضائية كالمغرب وفرنسا لا يخول الاجتهاد القضائي للبنك في حق إنهاء الاعتماد محدد المدة وذلك اعتمادا على ما ورد في المادة 37 من قانون 25 يناير1985 المتعلق بالتسوية والتصفية القضائية للمقاولات تعطي الحق خلال فترة الملاحظة –الفترة الفاصلة بين تاريخ افتتاح مسطرة التسوية القضائية وتاريخ وضع التقرير من طرف المتصرف القضائي- في أن يطلب الاستمرار في تقديم الاعتمادات المتعاقد بشأنها قبل التوقف عن الدفع، مع تحميل البنك المسؤولية عن الضرر الذي يلحق المقاولة نتيجة إيقاف الاعتماد قبل انتهاء مدته[10].
وانطلاقا من التفسير الذي أعطته محكمة النقض الفرنسية لمدلول المادة 37 المذكورة أعلاه عمدت هذه المحكمة إلى تحديد وحصر مدى تطبيق مقتضيات المادة 60 من القانون البنكي الفرنسي ل 24 يناير 1984 التي تعد المصدر الرئيسي للمادة 525 من م.ت على الزبون المرتبط مع البنك بعقد اعتماد محدد المدة، والذي قد يتوقف عن الدفع ويوضع إثر ذلك في حالة تقويم قضائي يبتدئ بفترة الملاحظة.
فلقد صرحت في بعض قراراتها الحديثة أن شرط عدم قابلية الوضع المالي للمستفيد للإصلاح بالمرة الذي تعلق المادة 60 السالفة الذكر على وجوده تخويل الحق للبنك في إنهاء عقد فتح الاعتماد دون مهلة الإشعار ولو كان محدد المدة، لا يعتبر متوفرا في حالة افتتاح مسطرة التقويم القضائي إخضاع المقاولة المعنية بالأمر لفترة الملاحظة.
ومما عللت به المحكمة موقفها هذا أن المقاولة لا يمكن اعتبارها والحالة هذه في وضعية مالية غير قابلة للتقويم بالمرة ما دام أن فترة الملاحظة تفتح بالأساس لتشخيصها، ولمعرفة ما إذا كانت هناك إمكانية لإستمراريتها أم لا، وأن مجرد التوقف عن الدفع لا يكفي وحده لاعتبار وضعية المقاولة التي يعنيها الأمر غير قابلة للإصلاح نهائيا[11].
فما يجب تسجيله في هذا المضمار أن ما قررته محكمة النقض الفرنسية، بخصوص عدم تخويل البنك وضع حد للاعتماد محدد المدة بسبب توقف الزبون عن الدفع وإخضاعه لفترة الملاحظة، لم يكن ممكنا إعماله في التشريع المغربي الذي كان يرتب على التوقف عن الدفع إفلاس المدين ورفع يده عن إدارة أمواله والتصرف فيها وتركها لدائنيه يقتسمونها فيما بينهم بالمساواة. على أن الأمر يمكن اعتباره منتهيا ما دام أن المشرع المغربي بمقتضى مدونة التجارة لسنة 1996 عمل على هجر نظام الإفلاس وتبنى في مقابل ذلك مسطرة التسوية القضائية، الذي ينبني على الاهتمام بتقويم المقاولة التي تعترضها صعوبات أو التي تتوقف عن الدفع، وذلك عن طريق افتتاح هذه المسطرة بفترة الملاحظة تستمر خلالها المقاولة في ممارسة نشاطها ويقوم أثناءها السنديك بمساعدة رئيس المقاولة المعنية بالأمر إما بإعداد مخطط لاستمرارية هذه الأخيرة أو تفويتها جزئيا أو كليا من أجل إبراء ذمتها من الديون التي عليها، وإما بتقديم اقتراح بوضعها في التصفية القضائية.
ومدونة التجارة المغربية بدورها تتضمن في الكتاب الخامس المخصص لمعالجة صعوبات المقاولة، مادة مستوحاة من نظيراتها الفرنسية ويتعلق الأمر بالمادة 573 التي تعطي من جهة للسنديك الحق في طلب تنفيذ العقود الجارية عند تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية، وتمنع من جهة أخرى تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد لمجرد فتح هذه المسطرة وذلك بالرغم من أي نص قانوني أو شرط تعاقدي.
وفي هذا الإطار قضت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش أن العقد المبرم قبل الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية في حق الشركة من العقود الجارية التي بإمكان السنديك وحده في أن يطالب بتنفيذها وفق أحكام المادة 573 من م.ت[12].
وعلى هذا الأساس نخلص إلى أن أحكام المادة 573 من م.ت تسري على جميع العقود الجارية عند افتتاح التسوية القضائية، بما في ذلك العقود البنكية المتعلقة بمنح الائتمان ما عدا تلك التي وضعت لها هذه المدونة بصريح العبارة مقتضيات خاصة بشأن فسخها، كما هو الشأن مثلا لعقد كراء العقارات المخصصة لنشاط مقاولة الموجودة في حالة تصفية قضائية، حيث أجازت المادة 621 من م.ت[13] لمكري هذه العقارات أن يرفع بعد مرور ثلاثة أشهر من صدور الحكم القاضي بالتسوية القضائية دعوى فسخ العقد لعدم الوفاء بالأكرية والتحملات المتعلقة بالاختلال اللاحق لصدور هذا الحكم[14].
وبذلك فإن السلطة التي تخولها المادة 525 من م.ت للمؤسسة البنكية بخصوص إنهاء عقد فتح الاعتماد محدد المدة بدون أجل إذا ما تبين أن المركز المالي للمستفيد من الاعتماد يعتريه الاضطراب أو وضعيته مختلة لا رجعة فيه كما تنص على ذلك المادة 568 من م.ت[15]، مما يقتضي أن تظل الحسابات البنكية لهذا المدين مفتوحة ما دام نشاطه سيتابع بعد صدور هذا الحكم كما تنص على ذلك المادة 571 من هذه المدونة.
فالحجية التي تكون للحكم القاضي بالتسوية القضائية فيما يخص عدم اختلال الوضع المالي للمستفيد من الاعتماد بصورة لا رجعة فيه، تفيد قطعا انعدام توافر شرط عدم قابلية وضعية هذا المستفيد للإصلاح بالمرة الذي تعلق على وجوده المادة 525 من م.ت حق البنك في إنهاء الاعتماد بدون مهلة الإشعار ولو كان محدد المدة.
وتطبيقا لذلك فإذا ما أقدم البنك فاتح الاعتماد على إعمال حقه في الإنهاء في مثل هذه الحالة، فإنه لا يعفى من المسؤولية عن الضرر الذي يمكن أن يلحق المستفيد من جراء إخلاله بالتزام تعاقدي[16].
الفقرة الثانية: أليات التحفيز على التمويل بعد الحكم بفتح المسطرة
تنص المادة 575 من م.ت على أنه:”يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بصفة قانونية بعد صدور حكم التسوية بالأسبقية على ديون أخرى، سواء كانت مقرونة أم لا بامتيازات أو ضمانات” وتعكس هذه المادة سعي المشرع نحو تحفيز المتعاملين مع المقاولة على تمويلها خلال مرحلة ما بعد حكم التسوية القضائية عبر منحهم ضمانة هامة في الامتياز القانوني[17]، مسبغا على الديون الأخرى المترتبة بذمة المقاولة ولو كانت مقترنة بامتيازات أو ضمانات.
ولا شك أن المشرع قد تبنى مقتضيات جديدة في هذا الإطار تخرج عن الصيغ المتعارف عليها في حقل القانون المدني وتهدف في عمقها إلى خدمة المقاولة وحمايتها في المقام الأول، وفي هذا الإطار نجد أن الامتياز الوارد في المادة 575 قد جرد حق الأولوية التي يتمتع به أصحاب الضمانات العينية من مفعوله وأحدث امتيازات غير عادية في قواعد الامتياز.
وفي هذا الصدد قضت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء[18] أن الديون التي تنشأ بعد الحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة تؤدي في تاريخ استحقاقها مهما كانت المرحلة التي قطعتها التسوية القضائية، وفي الوقت الذي تكون فيه مثبتة ومستحقة الأداء يمكن المطالبة بها مباشرة من رئيس المقاولة أو السنديك إن كان هو المسير دونما إلى تصريح أو تسجيل.
ولطمأنة الدائنين وتحقيق الضمانات اللازمة لهم، وحتى يتم تسوية المقاولة، وإنجاح مخطط الاستمرارية قرر كما سبق المشرع حق الأولوية، لكن حتى يتمكن الدائنون من استيفاء ديونهم بالأسبقية على كل الديون الأخرى، فلا بد من توفر مجموعة من الشروط التي تستشف من مقتضيات الفصل 575 من م.ت وتتمثل هذه الشروط الثلاث في أن يكون قد نشأ بعد صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة ضد المقاولة المدينة وأن يكون الدين قد نتج بمناسبة مواصلة المقاولة نشاطها وأن يكون الدين المعني بالأمر قد نشأ بصفة قانونية.
إلا أننا نعتقد أن الامتياز الذي تحظى به الديون اللاحقة لحكم فتح المسطرة المعالجة لم يأت عبثا، بل أراد المشرع من ورائه أن يحقق نوعا من الحوافز الهامة لحماية المقاولة قبل حماية المدين، بل إن الدائنين الذين قبلوا ركوب مخاطر دعم المقاولة المفتوحة في مواجهتها المسطرة يستحقون بالمقابل حماية تشريعية لحقوقهم. وإذا كان الهدف الرئيسي من الامتياز منحها الوسائل للوصول إلى هذه الغاية ولذلك نجد أن خلال فترة الملاحظة يستمر نشاط المقاولة بقوة القانون، كما أنه لإيجاد التمويل أثناء خلال هذه الفترة لا بد للمقاولة من اللجوء إلى الاقتراض، بينما الأطراف المتعاملة مع المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية، لا يمكن أن يقدموا الدعم اللازم لهذه الأخيرة إلا إذا تولد لديهم يقين تام بحصول الأداء، الأمر الذي يبرر امتيازا على الديون الأخرى[19]، كما جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يؤكد أهمية مقتضيات المادة 575 حيث جاء في هذا القرار “وحيث أكدت الطاعنة في مذكرتها التوضيحية بكون هذه الصعوبة هي مجرد صعوبة ظرفية، وأنها تأمل في تجاوزها في إطار المقتضيات القانونية المعمول بها في إطار مدونة التجارة التي تمنح امتيازات متعددة لدائني المقاولة بعد فتح مسطرة التسوية القضائية، وحيث بالفعل فإن هذا الطرح يتماشى ومقتضيات المادة 575 من مدونة التجارة التي تنص على ما يلي:”…يتم سداد الديون الناشئة…” وبالتالي فإن هذا الامتياز الوراد في الفصل المذكور من شأنه أن يشجع الأبناك على منح المقاولة قروضا تستطيع بموجبها تجاوز أزمتها المالية”[20].
وبالتالي فهذا التعديل في نظام الأسبقية للوفاء بالديون اللاحقة لفتح المسطرة التي جاءت به مدونة التجارة لسنة 1996، يضمن للبنوك التي تشارك في تمويل المقاولة ذات الوضعية المالية المتدهورة خلال فترة الملاحظة، أن تحتل وضعية ممتازة تمكنها من استيفاء ديونها بالأسبقية عند تصفية المقاولة، ذلك أن تدخل البنوك من شأنه أن يسهل مخطط الاستمرارية أو مخطط التفويت في ظروف تمويلية من شأنها أن تمكنها من استرداد أقصى من يمكن من ديونها السابقة.
غير أن الصياغة التي جاءت بها المادة 575 من م.ت هي عامة ومطلقة ولم تشمل أي استثناء، بحيث أن جميع الديون اللاحقة لحكم فتح المسطرة تحظى بالأفضلية على جميع الديون الأخرى سواء مقرونة بامتياز أم لا أو بضمانات، الأمر الذي نجده يتعارض مع مقتضيات المادة 657 من م.ت في فقرتها الثانية[21]، التي تخول للقاضي المنتدب إمكانية الإذن للسنديك بأداء الديون السابقة للحكم قصد فك الرهن أو استرجاع الشئ المحبوس إن كان يستلزمه متابعة نشاط المقاولة.
إلا أن هذا التعارض بين المادتين يمكن أن ينجلي باعتبار صياغة الفقرة الثانية من المادة 657 من م.ت لم تأتي بصيغة الإلزام بل بصيغة الجواز، وهكذا فإن القاضي المنتدب لن يعمد إلى أداء أي دين سابق إلا إذا كانت خزينة المقاولة تسمح بذلك وبعبارة أخرى حتى تكون لديه السيولة اللازمة لأداء الديون المادة 575 أولا لينتقل لأداء الديون السابقة في إطار ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 657 من م.ت.
وبالإضافة إلى مقتضيات المادة 575 من م.ت التي من شأنها تحفيز الأغيار على تمويل المقاولة المتعثرة، فإن المشرع المغربي وضع آليات أخرى من شأنها توفير الظروف الملائمة لتسوية وضعية هذه المقاولة والحفاظ على إمكانياتها المالية، ويتعلق الأمر بمقتضيات المادة 653 و 578 من م.ت، فالمادة الأولى تجعل حكم فتح المسطرة يوقف ويمنع كل دعوى قضائية يقيمها الدائنون أصحاب الديون الناشئة قبل الحكم إذا كانت ترمي إلى الحكم على المدين بأداء مبلغ من المال أو فسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال كما يوقف حكم فتح المسطرة ويمنع كل إجراء من إجراءات التنفيذ التي يقيمها هؤلاء الدائنون سواء على المنقولات أو العقارات تفاديا لضياع أو خروج هذه الأخيرة من يد المقاولة التي تحتاج إليها عملية الإنقاذ والتسوية ومتابعة النشاط.
وتفيد الصيغة التي جاءت بها هذه المادة الأخيرة، أن الأمر يشمل جميع الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة دون تمييز بين الدائن الحاصل على رهن أو امتياز أو بين دائن عادي، الشئ الذي يضمن المساواة بين مختلف الدائنين والطابع الجماعي لمساطر معالجة صعوبات المقاولة، هذا بخلاف قانون الإفلاس الذي كان يفرض وقف المتابعات الفردية في وجه الدائنين في الكتلة، أي الدائنين العاديين والدائنين أصحاب الامتيازات الخاصة وأصحاب الرهون الرسمية على العقارات فلم يكن يطالهم هذا المبدأ حيث كانوا يتمتعون بحق الأولوية وحق التتبع على الأموال المرهونة، أما الدائنين خارج الكتلة فلم يكن يطبق عليهم هذا المبدأ[22].
وتجدر الإشارة، إلى أن هذه القاعدة تحمي أصول المقاولة المتعثرة من الدائنين الذين يرغبون في استيفاء ديونهم وذلك راجع إلى كون المقاولة تكون في أمس الحاجة إلى أموالها الذاتية لاستعمالها في عملية التسوية، وتشمل هذه القاعدة جميع دعاوي الأداء المرفوعة ضد المقاولة، بغض النظر عن المحكمة التي رفعت إليها سواء محكمة تجارية أو ابتدائية أو استئناف.
أما إذا كانت الدعوى جارية، أي أقيمت قبل الحكم بفتح المسطرة، فإنها توقف مؤقتا وتواصل بعد تصريح المدعي بدينه واستدعاء السنديك طبقا للمادة 654 من م.ت، على أن يكون الهدف من هذه الدعوى فقط إثبات الدين وحصره.
على أن المنع لا يخص إلا التي ترمي إلى الحكم على المدين بأداء مبلغ معين من المال، أما الدعاوي الرامية إلى إلزام المدعي عليه للقيام بعمل أو إمتناع عن عمل، فغير مشمولة بهذه القاعدة[23].
ونعتقد أنه بالقراءة المتأنية لمقتضيات المادة 653 من م.ت يتضح أن المشرع استعمل كلمتين في ذات المادة، فقد استعمل كلمة “يوقف وكلمة “يمنع” ولعل الغاية من ذلك تكمن في إرادة المشرع لا تعير اهتماما لتاريخ صدور حكم التسوية القضائية وتاريخ المطالبة أو الشروع في التنفيذ على أموال المدين، فيمكن أن تاريخ حكم التسوية لا حقا على تاريخ المطالبة بالدين ففي هذه الحالة يوقف هذه المطالبة أو بوقف إجراءات التنفيذ إن تم الشروع فيها، ويمكن أن يكون حكم التسوية القضائية سابقا لتاريخ المطالبة بالديون أو إجراءات التنفيذ وفي هذه الحالة فإنه يمنع هذه المطالبة أو الشروع في مباشرة إجراءات التنفيذ.
فمن المعلوم، أن دراسة هذه المواد القانونية نظريا تجعلها عادية وإيجابية بالنسبة للمقاولة المتعثرة، إلا أنه من الناحية العملية تعتبر ملاذا لبعض ذوي النيات السيئة وذلك من أجل الآثار القانونية المترتبة عن مقتضيات المادة 653 من مدونة التجارة التي توقف المطالبات القضائية وإجراءات التنفيذ في مواجهة المقاول المدين، وهو الأمر الذي يوضح خطورة وجسامة المسؤولية الملقاة على عاتق القضاء التجاري الذي يصعب عليه في كثير من الأحيان استقصاء ومعرفة خلفيات المطالب التي تعرض عليه، والأهداف الحقيقية منها، ومن تم التعامل معها بما يلزم من الحيطة والحدر.
ولا يتم الحفاظ على أصول المقاولة فقط عن طريق إيقاف ومنع الدعاوي القضائية الرامية إلى الحكم على المقاولة المتعثرة بأداء مبلغ من المال أو فسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال، بل إن المشرع وضع آلية أخرى هامة للحفاظ على أصول المقاولة بل والحصول على التمويل الضروري لها، ويتعلق الأمر الإمكانية المخولة لرئيس المقاولة أو السنديك في تقديم رهن رسمي أو رهن بالتوصل إلى صلح أو تراضي وذلك بعد الحصول على الترخيص من القاضي المنتدب[24].
كما أنه يمكن للقاضي أن يرخص للسنديك بأداء الديون السابقة للحكم بفك شئ مرهون أو استرجاع شئ محبوس قانونيا إذا كان يستلزمه متابعة النشاط ويبقى الهاجس الأساسي من خلال كل هذه المقتضيات هو تمكين المقاولة من الأموال الضرورية لتسوية وضعيتها.
وبالإضافة إلى ما سبق وفي إطار توفير فرصة أمام المقاولة من أجل الاستمرارية في مزاولة نشاطها في ظروف مناسبة فإنه يمكن للسنديك أن يقترح استبدال ضمان بأخر وذلك إذا كان الضمان المراد تحريره ضروريا لاستمرارية المقاولة[25].
المطلب الثاني: الوضع القانوني للبنك خلال معالجة صعوبات المقاولة
رأينا في ما سبق أن المادة 575 من م.ت تعطي ضمانات للبنك مانح الائتمان خلال فترة إعداد الحل باستيفاء ديونه بالأولوية باعتباره يندرج ضمن فئة الدائنين الممتازين، إذ أن توزيع المبلغ الناتج عن بيع أموال المدين، يتم بطريقة متساوية، أي قسمة غرماء بحيث يأخذ كل دائن ما يخصه حسب دينه عند التصفية.
لكن مع ذلك، فالدائنين الذين يستفيدون من الدوافع القانونية للأولوية غالبا ما يجتنبون الخضوع للقسمة بالتساوي للديون عند التصفية، خصوصا أنه كلما كان هناك تطور اقتصادي واجتماعي، إلا وكانت لائحة الامتيازات المختلفة والتي تجد مصدرها في القانون تعرف اتساعا في نطاقها.
والتساؤل الذي يطرح نفسه في هذا الصدد يتمحور حول مدى تأثير وانعكاس الامتيازات والضمانات الممنوحة لبعض الدائنين المهيمن للمقاولة على وضعية البنك المانح للائتمان الذي بدوره يستفيد في غالب الأحيان من الضمانات (الفقرة الأولى)، كما نتساءل عن وضعية البنك وأجراء المقاولة عند فتح مساطر المعالجة (الفقرة الثانية) باعتبار أن المشرع المغربي جاء بضمانات حمائية للأجراء سواء في مدونة الشغل أو في مدونة التجارة التي تسعى إلى إعطاء ضمانات لحماية الطبقة الشغيلة.
الفقرة الأولى: وضعية البنك مانح الائتمان تجاه الدائنين الممتازين
نصت المادة 575 من م.ت على أنه:”يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح التسوية، بالأسبقية على كل الديون الأخرى سواء مقرونة، أم لا بامتيازات أو ضمانات”.
وعليه، يلاحظ أن الصياغة التي أتت بها عامة دون التعرض لأي استثناءات في الموضوع، بل الأكثر من ذلك لم تحاول هذه المادة ان تضع ترتيبا معينا للديون اللاحقة نفسها، فليس من المنطق أن تكون جميع الديون قد سجلت في تاريخ واحد، بعد حكم فتح المسطرة، كما أنه قد يكون بعضها أكثر امتيازا وضمانا من غيره.
والأكثر من ذلك نجد المادة السابقة لم تعط أي امتياز لديون الأجراء على الديون اللاحقة، بل أقرت مبدأ أولوية هذه الأخيرة على جميع الديون السابقة، وأحجمت عن أي إفصاح باستثناء إشارة طفيفة، في المادة 593 من م.ت التي أحالت على تطبيق القواعد المنصوص عليها في مدونة الشغل عن فسخ عقود العمل[26]، رغم أنه برجوعنا إلى هذه المدونة نجدها لا تشير إطلاقا إلى هذا الموضوع.
لذلك فهذه الصياغة المعيبة من لدن المشرع تولد الكثير من النزاعات الداخلية بين الدائنين اللاحقين[27]، رغم الأهمية التي يحظون بها من حيث كونهم يساهمون في تمويل المقاولة التي تمر بصعوبات، ويحاولون إنقاذها ومواصلة مسلسل الإنتاج، بعد فتح مسطرة التسوية القضائية طبقا لمقتضيات المادة 583 من م.ت[28].
إلا أنه برجوعنا للمشرع الفرنسي الذي أبان عن رغبته في المادة 40 من قانون 25 يناير 1985 في الحد من الغموض الذي يصاحب ترتيب الدائنين خلال المراحل التي تمر منها مسطرة صعوبات المقاولة بعد الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية، وما ذلك إلا رغبة من المشرع في إنقاذ المقاولات المتعثرة وحماية مصالح الدائنين من اجل حاجيات استمرار النشاط.
وجاء في نص هذه المادة أن الديون الناشئة بصفة قانونية بعد الحكم بفتح المسطرة تؤدي في أجالها في حالة استمرارية المقاولة[29]، ويترتب على ذلك أن الديون الناتجة عن تصرفات السنديك أو المدين في حدود سلطاتهم هي وحدها التي تستفيد من امتيازات الفصل 40، وسبب ذلك يتجلى في كون المشرع الفرنسي لا يقبل إلا الديون الناتجة بشكل قانوني، وبناء على تصرفات مسموح به قانونا، ومصدرها مقتصر فقط على السنديك أو على المدين في حدود ما يسمح به القانون[30].
أما بالنسبة للوضع في التشريع المغربي الذي لم يشر إلى ترتيب للدائنين الذين نشأت بعد الحكم بفتح المسطرة، فقد حاول اللجوء لآليات فعالة تتجلى في الاحتكام لتاريخ استحقاق الدين بحيث أصبح دينه واجب الأداء، يؤدي دينه من قبل غيره من الدائنين، كما أن المشرع زيادة في حماية هؤلاء الدائنين وضع أيضا معيار الاحتكام للضمانات المقرون بها الدين.
1-الاحتكام لتاريخ استحقاق الدين: يعتبر تاريخ استحقاق الدين معيارا حاسما للفصل بين الدائنين الذين نشأت ديونهم بعد الحكم بفتح مسطرة المعالجة، ذلك أن السنديك الذي يشرف على سير هذه المسطرة وكلما توفرت لديه أموال فإنه عليه أداء تلك الديون بحسب تاريخ استحقاق كل دين على حدة.
ورغم فعالية هذا المعيار إلا أنه قد تصادف السنديك بعض الاشكالات بخصوص تسوية النزاع القائم بين هؤلاء الدائنين.
فمثلا قد تنشأ عدة ديون بصفة قانونية بعد فتح مسطرة التسوية القضائية، غير أنها تحمل نفس تاريخ الاستحقاق.
فما العمل حينها حتى تتم تسوية النزاعات دون تفضيل دائن على أخر أو الإجحاف بحقوق دائن على أخر؟ بالرجوع إلى القواعد العامة، نجد أن هذه الديون تؤدى بالأسبقية على بعضها البعض، وذلك يكون طبعا وفق رتبة كل دين[31].
وإذا تساوت هذه الديون في الرتبة، وكانت مستحقة في نفس التاريخ، فيتم العمل بمقتضيات الفصل 1245 من ق.ل.م[32].
2- الاحتكام للضمانات المقرون بها على الدين الناشئ بعد حكم فتح مسطرة المعالجة مخافة ضياع الحقوق نتيجة المزاحمة، فيا بين الدائنين المستفيدين من حق الأولوية على ضمان ديونهم وذلك على عن طريق حصولهم على رهون رسمية وذلك لتأكيد ضمان ديونهم، كالأبناك التي غالبا ما تطلب الرهون مقابل استمرارها في تمويل المقاولة، لاسيما وأن المشرع يجيز لها ذلك بناءا على أحكام المادة 578 من م.ت[33]، وعليه يصبح الدائن المرتهن متمتعا بحق أسبقية ثان، فضلا عن الأسبقية المخول بمقتضى المادة 575 من م.ت السالفة الذكر باعتباره ينتمي إلى طائفة الدائنين الذين نشأت ديونهم في الفترة التي تلي تاريخ فتح المسطرة المذكورة.
وإمكانية قبول الرهن خولها المشرع للقاضي المنتدب لكي يرفض للسنديك أو لرئيس المقاولة بتقديم رهن رسمي لدائني المقاولة الناشئة ديونهم بعد صدور حكم التسوية القضائية، شرط توافر كفاية الضمانات الرهنية وذلك ما أيده القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 22/11/2000 الذي جاء ضمن حيثياته:”أنه من المفروض في الضمان كفايته لتأمين أداء الدين بمجرد قبوله من البنك الدائن، ويقع عبئ إثبات عدم كفايات الضمانات الرهنية بسبب خطأ في التقدير أو بسبب انهيار قيمي بتدخل المدين أو عوامل خارجية على طالب الحجز”[34].
وهكذا، ففي حالة بيع العقار أو المنقول المقرر عليه على التوالي الرهن الرسمي أو الرهن لفائدة دائن ناشئ دينه بعد تاريخ الحكم بفتح مسطرة المعالجة، فإن هذا الدائن يستخلص دينه من ثمن البيع وذلك بالأسبقية على غيره من الدائنين المستفيدين من حق الأولوية المنصوص عليها في المادة 575 من م.ت ولو كان هناك تساو أو مساواة في المرتبة بين الدائن المرتهن وبين أي واحد من هؤلاء الدائنين الآخرين[35].
وهذا يعني بأن وضعية البنوك أمام نوعية معينة من الدائنين تبقى غير مستقرة، إلا أن مؤسسات الائتمان عموما، تتمتع بضمانات اتفاقية في غالب الأحيان ممتازة ومقدمة من غيرها، والسبب في جعل البنوك تتميز بهذه الوضعية الخاصة راجع إلى أهمية الائتمان بالنسبة للمقاولة، من جهة وخشية البنوك من تضرر مصلحتها أمام تأثير الضغوطات المتعلقة بالاستحقاق النوعي للديون، والتي يمارسها الدائنون أصحاب الامتيازات الممتازة.
الفقرة الثانية: وضعية البنك مانح الائتمان وأجراء المقاولة
سعى المشرع من خلال اعتماده على نظام صعوبات المقاولة إلى المحافظة على مجموعة من الحقوق المرتبطة بالمقاولة، ولما كان البعد الاجتماعي أحد المجالات المتصلة بها، فقد شكل أحد مراميه ولذلك اتخذ كافة التدابير في سبيل تحقيق هذه الغاية، لأن الأمر يهم فئة تشكل شريحة مهمة في المجتمع وهم الأجراء، وهكذا تبنى حلولا تراعي المصلحة الاجتماعية بالشكل الذي يحمي الأجير ومنحه دورا مهما في المحافظة على حقوقه.
وعليه تعد ديون الطبقة العاملة من أهم الديون التي تحظى بأهمية خاصة نظرا للطابع المعيشي الذي تلعبه الأجور، لذلك مكن هذه الفئة من امتياز عام على أموال المشغل بشكل يجنبهم مزاحمة باقي الدائنين، وذلك من خلال الفصل 1248 من ق.ل.ع[36]، والذي يتضح لنا من خلاله بأن هذا الامتياز غير كاف، فهو من ناحية لا يرد إلا على منقولات المدين دون عقاراته حتى ولو كانت مؤجرة للغير، وبالتالي فهو يتعطل بحقوق الامتياز الخاص على المنقول، وكذا حقوق الامتياز العام السابق عليه (مصروفات الجنازة- الديون الناشئة عن مصروفات المريض مرض الموت-المصروفات القضائية) وهذا من شأنه أن يؤخر استيفاء مستحقات الأجير.
وفي هذا الإطار نسجل التحول الكبير الذي تحقق في ظل خروج مدونة الشغل إلى الوجود حيث عرف المركز المالي للأجير تحسنا ملحوظا، يتجلى ذلك من خلال استفادة هذه الفئة من امتياز الرتبة الأولى قصد استيفاء ما لها من مستحقات في ذمة المشغل في جميع منقولاته[37]، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال 382 من مدونة الشغل والتي تنص على أنه:”يستفيد الأجراء خلافا لمقتضيات الفصل 1248 من الظهير الشريف المكون لقانون الالتزامات والعقود من امتياز الرتبة الأولى المقررة في الفصل المذكور قصد استيفاء ما لهم من أجور وتعويضات في ذمة المشغل من جميع منقولاته.
تكون التعويضات القانونية الناتجة عن الفصل من الشغل مشمولة بنفس الامتياز ولها نفس الرتبة”[38]. وهذا ما قضت به محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 02/01/2009 “بأن ديون العمال هي ديون إمتيازية طبقا لمقتضيات المادة 382 من مدونة الشغل مما يتعين معه تصنيف دين العارض بدين ذي صفة امتيازية”.
فهذا التحول يجعل تشريعنا يقترب وإن كان بشكل محدود مما نصت عليه المادة 143 من مدونة الشغل الفرنسية، التي منحت لأجور العمال الخاضعة لمسطرة التسوية أو التصفية القضائية امتيازا ممتازا يضمن أداء الأجور المستحقة عن ستين يوم عمل السابقة لفتح المسطرة، إذ يتم ذلك الأداء خلال عشرة أيام الموالية لصدور الحكم القاضي بفتح المسطرة ضد المقاولة المشغلة[39]، وفي حالة عدم توفر الأموال الكافية لذلك فإن الأجراء يتقاضون الأجور المضمونة بحق الامتياز المذكور من طرف جمعية تدبير نظام التأمين على ديون الأجراء حيث تضمن الأداء الفعلي والسريع لديون العمال بمناسبة فتح المسطرة يطلق عليها اختصارا «L’association pour la gestion du régime d’assurance des Gérances des salariés» وذلك بموجب قانون 27 دجنبر 1973[40].
ونفس المنحى سار عليه المشرع التونسي في قانون 17 أبريل 1995 المتعلق بإنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية وذلك في المادة 37، شأنه شأن نظيره الفرنسي قد حافظ لديون العمال على مكانة خاصة وأحاطها “بامتياز مدعم”[41].
وبرجوعنا للمادة 382 من مدونة الشغل يتضح لنا أن المشرع قد متع العمال بامتياز الدرجة الأولى بحيث قدمهم على غيرهم ممن كانوا يسبقونهم في الترتيب في المادة 1248 من ق.ل.ع، إلا أنه قد أغفل حماية دقيقة جدا تتعلق بحالة عدم وجود أو عدم كفاية الأموال المحصل عليها خلال فترة فتح مسطرة التسوية القضائية لسداد مستحقات الأجراء، وذلك خلافا للمشرع الفرنسي الذي وفر حماية متكاملة لشريحة العمال، إذ أن المقاولة المنهارة والتي تعاني من عجز على مستوى الخزينة، فإن الوفاء بأجور العمال يشكل أولوية اقتصادية واجتماعية، إذ يبدو من غير المعقول معاملة الأجراء كدائنين عاديين وبالتالي فرض أجال للتسوية عليهم.
ونؤيد رأي أحد الباحثين[42] الذي ذهب إلى حد القول بأن المشرع ومعه القضاء المغربي قد وقفا موقفا لا ينسجم مع ضرورة حماية الطابع المعيشي لأجور الأجراء والديون الثابتة في ذمة المشغل، بحيث نجد القاضي المغربي تحديدا مقيدة بغياب الآليات التي قد تساعده على القفز على النص القانوني وإخراجه من جموده، حتى يتسنى له تمكين الأجير من نيل مستحقاته التي في ذمة المشغل بالأسبقية عن بقية الدائنين، بحكم الطبيعة المعيشية التي تميز دين هذا الأخير، وتجعله بالتالي في محل من الانتظار، أو نيل ديونه على دفعات، أو الحصول على نسبة ضئيلة منها والتي يكون مردها عدم كفاية أصول المقاولة.
فانطلاقا مما سبق، ألا يمكن للبنك مانح الائتمان أن يتدخل في هذا المجال بحيث يقوم بدور البديل ويحل محل رئيس المقاولة في أداء ديون الأجراء وبالتالي أن يحل محلهم في حقوقهم سواء بشكل قانوني أو تعاقدي؟ وهل يمكن قبوله له في إطار المسطرة الجارية كدائن له بدين ممتاز؟.
برجوعنا إلى مقتضيات قانون الالتزامات والعقود فإن هذا النوع من الدعاوي لا يثير أي نزاع أو تعارض وذلك حسب البند العاشر من الفقرة الرابعة من الفصل 1248 من ق.ل.ع التي تنص على أن الحلول التلقائي يكون لفائدة كل شخص يقدم الأموال الضرورية للأجراء ويمنحه نفس مرتبة هؤلاء دون أن يستطيع أي دائن أخر معارضة ذلك[43].
ولما كانت النصوص القانونية قد منحت لديون الأجراء ضمانة خاصة، والتي يطلق على تسميتها “الامتياز الممتاز” فإنه ترتيبا لذلك ينبغي أن يتم الحلول بقوة القانون لفائدة كل شخص قدم المبالغ الضرورية لتسوية الديون التي تتمتع بامتياز ممتاز. وتم تكريس هذه القاعدة من طرف القانون الفرنسي ل 13 يوليوز 1967 وفي المادة 51 الفقرة الرابعة[44] التي تتفق في بنيتها مع مقتضيات البند العاشر في الفقرة الرابعة من الفصل 1248 من ق.ل.ع.
ويمكن أن نستخلص من خلال التفسير الحرفي لهذه النصوص، أن البنك الذي يقرض الأموال الضرورية للمقاولة لدفع ديون الأجراء ذات الامتياز سيحل بقوة القانون محل هؤلاء الأجراء في حقوقهم، والهدف الرئيسي من الحلول الاتفاقي هو الانتقال التلقائي للدين الرئيسي بمزاياه وتوابعه، لفائدة الشخص الحال محل غيره البديل[45].
لكن هل من المنطقي أن يتم يتمسك البنك مانح الائتمان بحقه في الاستفادة من الحلول بمجرد ما يمنح قرضا يكون موضوعه تسوية ديون الأجراء في شكل امتياز ممتاز؟
فالمشرع المغربي انطلاقا من مقتضيات الفصل 1248 من ق.ل.ع يبدو واضحا بخصوص هذا التساؤل إذا اعترف بحق الدائن البديل المستفيد من الحلول في أن يتمتع بقوة القانون بالامتياز الذي كان يتمتع به الدائن الأصلي، بمجرد ما يقوم بالوفاء بالمبالغ المستحقة لهذا الأخير، كما أن المشرع المغربي يشترط في الامتياز أن يكون صريحا، مع العلم أنه ينبغي هنا التذكير بمقتضيات المادة 2095 من القانون المدني الفرنسي[46] التي نصت على أن حق الامتياز ناتج عن صفة خاصة معترف بها لدين معين، يخول للدائن أن يكون مفضلا عن غيره من الدائنين حتى المرتهنين منهم.
لكن الامتياز أو الامتياز الممتاز إذا كانا يقوما على نفس الأساس، فهذا يعني أن كلاهما تمليه اعتبارات من طبيعة اتفاقية لدين الأجور، ويترتب على ذلك أنه في غياب أي عائق يحول دون تطبيق مبدأ الأثر الناقل للحلول، وقبول انتقال الامتياز الممتاز لفائدة البنك البديل بشكل منتظم، فإن النتيجة المنطقية لذلك سيجعل بطبيعة الحال من تدخل البنكي لمنح الائتمان من أجل تسوية ديون الأجراء التي لم تسدد حلا ملائما ومساهما في إنقاذ المقاولة من الانهيار.
لكن الملاحظ على مستوى الواقع العملي ببلادنا، أنه نادرا ما تتدخل البنوك لتسوية ديون الأجراء في حالة انهيار المقاولة وعدم كفاية أصولها لتغطية هذه الديون وذلك راجع بطبيعة الحال إلى تخوف البنوك من تعرضه للمخاطر البنكية، وخاصة منها خطر عدم السداد الذي قد يعرضه بدوره للصعوبات.
ولكي يتمكن البنك المقرض من الحلول فإنه فلا بد من توافر شرطين:
-أولهما: أن يكون أداء الأجور الذي قام به البنك يخص فترة العمل ذات الامتياز الممتاز؟
-ثانيا: ينبغي أن يقع الحلول بشكل صريح، طبقا لمقتضيات الفصل 212 من ق.ل.ع، ويجب أن يتحقق هذا الشرط في نفس الوقت الذي يتم فيه الأداء من طرف البنك، الذي يتعين عليه الحصول على إيصال أو مخالصة للحلول من طرف كل أجير.
كما أنه ليس هناك ما يمنع البنك الذي يقوم بتسديد الأجور الغير المؤداة، أن يطالب بمعالجة خاصة كبديل، حينما يعمد إلى دفع الأجور بطلب من المشغل دون أن يكون مدينا بها[47].
وفي حالة وقوع نزاع بين بديلين بخصوص عملية الحلول، بحيث يتمسك أحدهما بالحلول القانوني، في حين أن الأخر يرفض ذلك، فإنه يبدو منطقيا ومناسبا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، أن تمنح الأولوية للذي لم يقع عليه أي التزام بالدفع[48].
ويستخلص مما تقدم أنه يمكن لرئيس المقاولة التي تعاني من الصعوبات أو السنديك في الحالة التي تكون أموال المقاولة غير كافية لتسوية أجور العمال، اللجوء إلى تقنية الحلول التي تمثل حلا مناسبا، نظرا لما يتضمنه من مزايا خصوصا تلك التي تمكن الأجراء من تقاضي أجورهم من الجهاز المؤمن الذي يحل محل رئيس المقاولة أو السنديك، دون انتظار دخول مخطط الاستمرارية حيز التطبيق، ذلك أن أي تأخير في تسوية ديون هذه الفئة من الدائنين إلا وينجم عنه تأجج النزاع بينهم وبين المقاولة، الناتج عن تخوفهم من تعرض استمرارية الاستغلال وكذا نشاط المقاولة لخطر يعصف بها.
قائمة المراجع:
المراجع باللغة العربية:
الكتب:
– أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، سنة 2000.
– امحمد لفروجي، وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، العدد 3.
– أيت بلا، استمرارية المقاولة في إطار التسوية القضائية على ضوء العمل القضائي، مطبعة دار السلام- الرباط، الطبعة الأولى.
– عبد الرحيم السلماني، القضاء التجاري بالمغرب ومساطر معالجة صعوبات المقاولة، دراسة نقدية ومقارنة، طوب بريس 22 الرباط، الطبعة الأولى 2008.
– على جمال الدين عوض، عمليات البنوك من الوجهة القانونية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1981.
الأطروحات والرسائل:
– حياة حجي، حق الأسبقية المقرر للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مسطرة التسوية القضائية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التجارة والأعمال، جامعة محمد الخامس –السوسي الرباط، السنة الجامعية 2003/2004.
– زكية عومري، أثر التسوية على الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التجارة والأعمال، جامعة محمد الخامس –السويسي الرباط، السنة الجامعية 2003/2004.
– عبد الرزاق الزيتوني، استمرارية المقاولة بعد التوقف عن الدفع وحماية الدائنين على ضوء القانون 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق وحدة التكوين والبحث في قانون الأعمال، جامعة الحسن الثاني عين الشق، السنة الجامعية 2005/2006.
– فضل أبابري، نظام العقود الجارية أثناء التسوية الودية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأعمال والاستثمار، تخصص القانون التجاري المقارن، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2006/2007.
– محمد لعروصي، مصير العقود الجارية التنفيذ في مسطرة التسوية القضائية، رسالة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، السنة الجامعية 2004/2005.
المقالات:
– امحمد لفروجي، مصير العقود الجارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، العدد6، شتنبر 2006.
– حسن الوزاني التهامي، أليات الحفاظ على نشاط المقاولة خلال مرحلة إعداد الحل في إطار مساطر معالجة صعوبات المقاولة، مجلة المحاكمة، العدد 6 أبريل-يونيو 2009.
– رشيد الشائب، مداخلة بعنوان “الأجير بين خصوصيات الشغل وأهداف الكتاب الخامس من مدونة التجارة”، الندوة الجهوية التاسعة بعنوان عقود العمل والمنازعات الاجتماعية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، محكمة الاستئناف حي الرياض السلام أكادير، يونيو 2007.
– عمر أزوكار، استمرار العقود الجارية في مساطر معالجة الصعوبات، مجلة المرافعة، العدد 12، يناير 2002.
المراجع باللغة الفرنسية:
Les ouvrages :
– Esacara et Raut, Le principe de droit commercial, Tome 6, Paris 1996.
– J.Master, La subrogation personnelle, L.G.D.J, 1979.
– jean content, La garantie du salarié par l’ A.G.S, Revue de droit social, Paris, 1978, N2.
– Naciri Bennani Abdelhak, La responsabilité du banquier dans l’octroi du crédit aux entreprise en difficulté an droit marocain, collection manuels et travaux universitaires, Publication de la REMALD, N 31, édition 2001.
Thèses et mémoires :
– Oumaalli Abderrahman, Les dispositions protectrices des créanciers des entreprises en difficulté, mémoire pour le diplôme d’études supérieures approfondies en science juridiques ; université cadi ayyad ; faculté des sciences juridiques économiques et sociales Marrakech, année universitaire 2007/2008.
[1] – فضل أبابري، نظام العقود الجارية أثناء التسوية الودية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأعمال والاستثمار، تخصص القانون التجاري المقارن، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2006/2007، ص:20.
[2] – عمر أزوكار، استمرار العقود الجارية في مساطر معالجة الصعوبات، مجلة المرافعة، العدد 12، يناير 2002، ص:73.
[3] – امحمد لفروجي، مصير العقود الجارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، العدد6، شتنبر 2006، ص:13.
[4] – أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، سنة 2000، ص:321
[5] – المادة 375 من مدونة التجارة.
[6] – محمد لعروصي، مصير العقود الجارية التنفيذ في مسطرة التسوية القضائية، رسالة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، السنة الجامعية 2004/2005، ص:83.
[7] – امحمد لفروجي، وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، العدد 3، ص:40.
[8]– Escara et Raut, Le principe de droit commercial, Tome 6, Paris 1996, P :656.
[9] – على جمال الدين عوض، عمليات البنوك من الوجهة القانونية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1981، ص:485.
[10]– Cour de cassation –Arrêt commercial- 08 décembre 1987, Dalloz 1988, P :52. Note F.derrida.
[11]– Cour de cassation français –arrêt commercial- 02 Mai 1989, Bulletin civil 1989, P : 221.
[12] – قرار رقم 1042 صدر بتاريخ 20/09/07 ملف رقم 1173/6/06 منشور بمجلة المحاكم التجارية العدد الثالث والرابع، فبراير 2009، ص:216.
[13] – تنص الفقرة الرابعة من المادة 621 من مدونة التجارة على أنه:”يجب على المكري الذي يعتزم طلب فسخ أو معاينة حصوله لأسباب معقولة للحكم بالتصفية القضائية أن يرفع إن لم يفعل ذلك من قبل طلبه داخل ثلاثة من صدور الحكم”.
[14] – أما الأكرية والتحملات المتعلقة بالاحتلال السابق لصدور الحكم القاضي بافتتاح مسطرة التسوية القضائية فلا يجوز للمكري أن يرفع دعوى فسخ العقد لعدم الوفاء بها ذلك أن هذا الحكم يوقف ويمنع بناء على مقتضيات المادة 653 من مدونة التجارة كل دعوى قضائية يقيمها الدائنون أصحاب الديون الناشئة قبل صدوره من أجل الحكم على المدين بأداء مبلغ من المال أو بفسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال.
[15] – أما إذا كانت الوضعية المالية للمدين المتوقف عن الدفع مختلة بشكل لا رجعة فيه، فإن المحكمة التجارية المرفوعة إليها الدعوى تحكم مباشرة بالتصفية القضائية.
-راجع في هذا الصدد المادة 568 من مدونة التجارة التي ورد في فقرتها الأولى على أنه:”يقضي بالتسوية القضائية إذا تبين أن وضعية المقاولة ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه وإلا فبقضي بالتصفية القضائية”.
[16] – الفقرة الأخيرة من المادة 525 من مدونة التجارة تنص على أنه:”يؤدي عدم احترام هذه المقتضيات من طرف المؤسسة البنكية إلى تحميلها المسؤولية المالية”.
[17] – كريم أيت بلا، استمرارية المقاولة في إطار التسوية القضائية على ضوء العمل القضائي، مطبعة دار السلام- الرباط، الطبعة الأولى، ص:106.
– قرار رقم 2062/2000 بتاريخ 10/10/2000، ملف عدد 1510/2000/11. (غير منشور).[18]
[19] – عبد الرحيم السلماني، القضاء التجاري بالمغرب ومساطر معالجة صعوبات المقاولة، دراسة نقدية ومقارنة، طوب بريس 22 الرباط، الطبعة الأولى 2008، ص:235.
[20] – قرار رقم 150/2000 بتاريخ 20/01/2000، ملف عدد 1681/99/11. (غير منشور).
[21] – تنص الفقرة الثانية من المادة 657 على أنه:”يمكن للقاضي المنتدب أن يأذن للسنديك بأداء الديون السابقة للحكم وذلك لفك الرهن أو لاسترجاع شئ محبوس قانونيا، إذا كان يستلزمه متابعة نشاط المقاولة”.
[22] – زكية عومري، أثر التسوية على الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التجارة والأعمال، جامعة محمد الخامس –السويسي الرباط، السنة الجامعية 2003/2004، ص:43.
[23] – حسن الوزاني التهامي، أليات الحفاظ على نشاط المقاولة خلال مرحلة إعداد الحل في إطار مساطر معالجة صعوبات المقاولة، مجلة المحاكمة، العدد 6 أبريل-يونيو 2009، ص:149.
[24] – انظر بهذا الخصوص مقتضيات المادتين 578 و 657 من مدونة التجارة.
[25] – تنص المادة 601 من مدونة التجارة على أنه:”إذا كان الملك مثقلا بامتياز أو رهن رسمي، أمكن عند الضرورة استبدال ضمان بأخر إذا كان للضمان الثاني نفس الامتيازات ويمكن للمحكمة في حالة غياب اتفاق أن تأمر بهذا الاستبدال”.
[26] – تنص المادة 593 من مدونة التجارة على أنه:”حينما تكون المقاولة موضوع منع إصدار شيكات عن وقائع سابقة لحكم فتح التسوية يمكن للمحكمة أن تأمر بوقف أثار المنع خلال مدة تنفيذ المخطط وسداد خصوم هذه المقاولة”.
[27] – حياة حجي، حق الأسبقية المقرر للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مسطرة التسوية القضائية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التجارة والأعمال، جامعة محمد الخامس –السوسي الرباط، السنة الجامعية 2003/2004، ص:117.
[28] – تنص المادة 583 من مدونة التجارة على أنه:”حينما يعتزم السنديك اقتراح مخطط استمرارية المقاولة على المحكمة يهدف إلى تغيير في رأس مال يطلب من مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية أو من المسير حسب الأحوال استدعاء الجمعية العامة غير العادية أو جمعية الشركاء ويمكن للسنديك أن يستدعي بنفسه الجمعية حسب الأشكال التي ينص عليها النظام الأساسي عند الاقتضاء”.
[29] – جاء في نص المادة 40 من القانون الفرنسي ل 25 يناير 1985 المعدل بقانون 10 يونيو 1994 على ما يلي:
« Les créances nées régulièrement après le jugement d’ouverture sont payées, a leur échéances lorsque l’activité et poursuivie… »
[30] – عبد الرزاق الزيتوني، استمرارية المقاولة بعد التوقف عن الدفع وحماية الدائنين على ضوء القانون 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق وحدة التكوين والبحث في قانون الأعمال، جامعة الحسن الثاني عين الشق، السنة الجامعية 2005/2006، ص:165 وما يليها.
[31]– Oumaalli Abderrahman, Les dispositions protectrices des créanciers des entreprises en difficulté, mémoire pour le diplôme d’études supérieures approfondies en science juridiques ; université cadi ayyad ; faculté des sciences juridiques économiques et sociales Marrakech, année universitaire 2007/2008, P :104.
[32] – ينص الفصل 1245 من قانون الالتزامات والعقود على أنه:”الدائنون الممتازون في مرتبة واحدة يستوفون حقوقهم على وجه المحاصة”.
[33] – تنص الفقرة الأولى من المادة 578 من مدونة التجارة على أنه:”يرخص القاضي المنتدب لرئيس المقاولة أو للسنديك بتقديم رهن رسمي أو رهن بالتوصل إلى صلح أو تراضي”.
[34] – قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 22/11/2000 عدد 1863 ملف تجاري عدد 942/13/99، منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 86، يناير-فبراير، 2001، ص:162 إلى 164.
[35] – امحمد لفروجي، م.س، ص:393.
[36] – تنص المادة 1248 من قانون الالتزامات والعقود على أنه:”…رابعا: الأجور والتعويضات عن العطل المستحقة الأجرة، والتعويضات المستحقة بسبب الإخلال بوجوب الإعلام بفسخ العقد داخل المهلة القانونية والتعويضات المستحقة أما عن الفسخ التعسفي لقد إجارة الخدمات وإما عن الإنهاء السابق لأوانه لعقد محدد المدة…”.
[37] – نسجل في هذا الإطار عدم وجود أي جديد على مستوى طبيعة امتياز ديون الأجراء، حيث أنها بقيت تشمل فقط منقولات المدين دون عقاراته، ونعتبر هذه القصور كان على المشرع تجاوزه وذلك بتمديد تطاق الامتياز ليشمل حتى عقارات المدين.
[38] – وفي نفس الإطار راجع المادة 261 من مدونة الشغل المغربية والتي تنص على أنه:”يستفيد الأجير، خلافا لمقتضيات الفصل 1248 من الظهير الشريف المكون لقانون الالتزامات والعقود من امتياز الرتبة الأولى المقرر في الفصل المذكور…”.
[39] – رشيد الشائب، مداخلة بعنوان “الأجير بين خصوصيات الشغل وأهداف الكتاب الخامس من مدونة التجارة”، الندوة الجهوية التاسعة بعنوان عقود العمل والمنازعات الاجتماعية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، محكمة الاستئناف حي الرياض السلام أكادير يونيو 2007، ص:213 وما يليها.
[40]– jean content, La garantie du salarié par l’ A.G.S, Revue de droit social, Paris, 1978, N2, P :104-105.
[41] – تنص المادة 37 من المجلة التونسية :”تعطي الأولوية للديون الجديدة المترتبة على المؤسسة بداية من انطلاق فترة المراقبة والتي لها علاقة مباشرة وضرورية لمواصلة نشاطها وتستخلص قبل الديون السابقة ولو كانت ممتازة إلا أن الديون الممتازة المنصوص عليها بالفصلين 564 و 566 من المجلة التجارية وبالفقرات 1و2و3 من الفصل 199 من مجلة الحقوق العينية تتمتع بامتياز مدعم للدفع وتستخلص قبل غيرها”.
[42] – هشام الزاهير، تعامل القضاء مع عقود الشغل في نطاق صعوبات المقاولة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث المهن القضائية والقانونية، جامعة محمد الخامس-السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، السنة الجامعية 2005/2006، ص:120.
[43] – ينص البند العاشر من الفقرة الرابعة من الفصل 1248 من قانون الالتزامات والعقود على أنه:”في حالة الإفلاس أو التصفية القضائية إذا دفعت الحصة غير القابلة للحجز عليها من الأجور والعمولات والتعويضات التي ما زالت مستحقة على المدين للعمال والمستخدمين والمتجولين والممثلين التجاريين وفقا لأسس المبنية فيما سبق من نقود سبقها وكيل الدائن (السنديك) أو المصفي أو أي شخص أخر غيرهما، فإن المقرض يحل في الأجور المدفوعة في مستحقيها ويحق له استيفاؤها بمجرد وجود النقود اللازمة من غير أن يكون لأي دائن أخر أن يتعرض لذلك…”.
[44] – وتنص المادة 51 من القانون الفرنسي ل 13 يوليوز 1967:
« En cas ou les dites sommes seraient payées au moyen d’une avance, le préteur sera de se fait subrogé ans les droit des intéressés qu’aucune autre créancier puisse y faire opposition»
[45]– J.Master, La subrogation personnelle, L.G.D.J, 1979, P :160.
[46]– ينص الفصل 2095 من القانون الفرنسي:
« Le privilège est un droit que la qualité de la créance donne à un créancier d’être préfère aux créancière, même hypothécaires ».
[47]– Naciri Bennani Abdelhak, La responsabilité du banquier dans l’octroi du crédit aux entreprise en difficulté an droit marocain, collection manuels et travaux universitaires, Publication de la REMALD, N 31, édition 2001, P :348.
[48]– A.Naciri Bennai, op.cit, P :349.