مسطرة معالجة محاضر مخالفات السير المعاينة بطريقة آلية

مسطرة معالجة محاضر مخالفات السير المعاينة بطريقة آلية

                            إعداد : ذ/ عبد الواحد القريشي

                                    دكتور في الحقوق

صاحب مدونة السير جدل عميق حول الاجراءات التي تضمنتها ، والبيئة التي تطبق فيها ، أيضا ارتباط مقتضياتها بكل مواطن ،ومما لا شك فيه أنه بالرغم من صدور هذا النص بالجريدة الرسمية وسريان مفعوله منذ فاتح أكتوبر 2010 ، فإن تفعيل مقتضياته لا زال يطرح اشكالات عملية ، أضف الى ذلك ان هذه المقتضيات تبقى غامضة لدى فئة واسعة ، وهو الامر الذي الذي يدعونا الى ان نلامس مستجدا مهما مما تضمنته مدونة السير ويتعلق بمسطرة معالجة محاضر السير المعاينة بطريقة آلية ، كما ان ما يدعونا الى معالجة هذا الموضوع هو وقوفنا على ان معالجة هذه النوعية من المحاضر يفترض ان يتم من جهات مختلفة ، ويفترض الاعتماد على تقنيات حديثة ، وعلى تفعيل التنسيق بين مختلف الجهات في الوقت الذي نكاد نجزم بانه لم يصاحب مدونة السير ما يكفي من التكوينات الكفيلة بأجرأتها على مستوى الواقع.

وعلى هذا الاساس نرى ان التطرق لمسطرة معالجة محاضر مخالفات السير المعاينة بطريقة آلية يفترض في حده الادنى ان نتطرق لما يلي :

أولا: السند القانوني للمعاينة الالية للمخالفات

ثانيا: البيانات الواجب الاشارة اليها بمحضر المخالفة المعد برسم معاينة آلية

ثالثا: إشعار المخالف بمحاضر المخالفات المعدة بطريقة آلية

رابعا : مسطرة المعالجة القانونية للمخالفة المعدة تبعا لمعاينة آلية

أولا: السند القانوني للمعاينة الالية للمخالفات

    تمت معالجة المعاينة الالية للمخالفات بالفرع الثاني من الباب الاول من القسم الثالث من مدونة السير وعلى الخصوص المادة 197 وما بعدها حيث تنص على أنه :” يمكن ان تتم معاينة واثبات المخالفات لاحكام هذا القانون والنصوص الصادرة لتطبيقه المتعلقة بتجاوز السرعة المسموح بها وتلك المحدد قائمتها من لدن الادارة باستعمال اجهزة تقنية ، تعمل بطريقة آلية حتى في حالة عدم وجود العون محرر المحضر بمكان المخالفة .

لهذا الغرض يحدث لدى السلطة الحكومية المكلفة بالنقل نظام يسمى نظام المراقبة والمعاينة الالية للمخالفات يهدف الى تمكين الاعوان محرري المحاضر المنتدبين من لدن السلطة المذكورة من مراقبة ومن معاينة واثبات المخالفات لاحكام هذا القانون والنصوص الصادرة لتطبيقه بواسطة الاجهزة التقنية السالفة الذكر المرتبطة بنظام المراقبة والمعاينة الالية للمخالفات .

تقام اجهزة المراقبة السالفة الذكر المصادق عليها وفقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل داخل التجمعات العمرانية وخارجها من الاماكن المحددة من لدن السلطات المختصة وفقا للنصوص الجاري بها العمل .“

وفيما يخص القيمة القانونية لقيمة المحاضر المنجزة على إثر المعاينة الالية فإن المادة 202 من مدونة السير حسمت هذه المسألة عندما نصت على أنه :” يوثق بضمن محاضر المخالفات التي ترتكز معاينتها على ادلة مادية تقدمها اجهزة تعمل بطريقة الية ، مع عدم وجود العون محرر المحضر في مكان ارتكاب المخالفة ، الى ان يتبت ما يخالف مضمن هذه المحاضر باية وسيلة من وسائل الاثبات .“

هذا وتجدر الاشارة الى انه استثناء من احكام المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية فانه لا يتطلب محضر المخالفة المعد برسم معالجة الية توقيع المخالف انسجاما وما نصت عليه الفقرة الاخيرة من المادة 201 من مدونة السير.

 ثانيا : البيانات الواجب الاشارة اليها بمحضر المخالفة المعد برسم معالجة الية

وفقا لمدونة السير الجديدة فان المحاضر المعدة برسم معالجة آلية يجب أن تكون متضمنة لمجموعة من الشكليات ونذكر على الخصوص ما نصت عليه المادة 198 والتي جاء فيها على أنه :”تسجل على الخصوص بواسطة نظام المراقبة والمعاينة الالية للمخالفات المعلومات التالية :

1- رقم المخالفة ؛

2- الصورة المتعلقة بالمركبة أثناء المخالفةوالمتضمنة بيان ساعة المخالفة وتاريخها ومكانها؛

3- المعطيات المتعلقة بالمخالفات : طبيعة المخالفة ومكانها وتاريخها وساعتها ووسيلة المراقبة ؛

4 – التعريف بالمركبة : رقم تسجيل المركبة التي استعملت لارتكاب المخالفة؛

5 – التعريف بصاحب شهادة التسجيل : هويته ورقم بطاقة تعريفه الوطنية وعنوانه او الاسم التجاري ورقم القيد في السجل التجاري وعنوان المقر الاجتماعي بالنسبة للشركات ويراعى في تجديد المعلومات المسجلة ملاءمتها مع الشخص المعني حسبما اذا كان الامر يتعلق بشخص ذاتي او معنوي ؛

6 – التعريف بالمخالف: هويته ورقم بطاقة تعريفه الوطنية وعنوانه؛

7 – رقم رخصة سياقة المخالف وتاريخ ومكان تسليمها؛

8 مبلغ الغرامة التصالحية والجزافية؛

9 – المعلومات المتعلقة بأداء الغرامات أو بإيداع مبلغها من قبل المخالفين أعلاه يمكن ان تقوم الادارة بتغيير او تتميم القائمة المشار اليها اعلاه .”[1]

هذا بالاضافة الى ما نصت عليه المادتين 195و201 من مدونة السير.

والملاحظ ان المشرع قد حرص على ان يتضمن محضر المخالفة مجموعة من البيانات وبشكل دقيق وذلك حتى يتاح للمخالف تبين أمره بخصوصها عند إشعاره.

     ثالثا: إشعار المخالف بمحاضر المخالفات المعدة بطريقة آلية

   حتى يكون المخالف على علم بالمخالفات التي تحرر ضده والناتجة عن مخالفة آلية فقد اوجب المشرع اشعاره بهذه المخالفات وفق مسطرة محددة ، كما أوضح البيانات الواجب توفرها في الاشعار .

    1 – البيانات الالزامية في الاشعار :

وقد نصت على ذلك المادة 200 من مدونة السير وتتمثل هذه البيانات على الخصوص فيما يلي :

  • التعريف بالمركبة ؛
  • تاريخ المخالفة وساعتها ومكانها ؛
  • وسيلة المراقبة المستعملة؛
  • الاسم الشخصي والاسم العائلي للعون محرر المحضر وصفته؛
  • البيان المصور لصفيحة تسجيل المركبة التي ارتكبت بواسطتها المخالفة؛
  • مبلغ الغرامة التصالحية والجزافية وكيفية أدائها ؛

وفي حالة إذا ما كانت المخالفة هي تجاوز السرعة المسموح بها ، وجبت الاشارة كذلك في الاشعار الى ما يلي :

  • السرعة المسجلة بالجهاز التقني المستعمل ؛
  • السرعة المعتمدة تطبيقا لاحكام هذا القانون والنصوص الصادرة لتطبيقه.

هذا بالاضافة الى ما تضمنته المادة 222 من مدونة السير حيث يجب ان يضاف الى ما سبق  الاقتراح باداء الغرامة التصالحية والجزافية.

وإذا كانت هذه البيانات تندرج في اطار الضمانات المقررة للمخالف ، فإن أحد ابرز هذه الضمانات هي ان يتم احترام مسطرة الاشعار المحددة قانونا.

       2– مسطرة إشعار المخالف بمحضر المخالفة المعد بطريقة آلية

نصت المادة 200 من مدونة السير على انه :” …يوجه اشعار بالمخالفة الى صاحب شهادة تسجيل المركبة ، بالعنوان المصرح به الى الادارة وذلك بواسطة رسالة مضمونة مع الاشعار بالاستلام او عن طريق مفوض قضائي …”

وعلى ضوء ما سبق يمكن ان نؤكد ان ارتكاب مخالفة اذا كان يرتب على المخالف أداء غرامة الا في حالة منازعته فيها وبتت المحكمة انه على حق في منازعته، فانه يفرض بالمقابل على الوزارة المكلفة بالنقل الاعوان المكلفين بضبط المخالفات ، المحاكم …القيام باجراءات اخرى.

      رابعا: مسطرة المعالجة القانونية للمخالفة المعدة تبعا لمعاينة آلية

بقراءة المقتضيات القانونية المنظمة للمخالفات المعدة بناء على معاينة آلية يمكن ان نميز بين الاجراءات التي يجب القيام بها في حالة تسلم الاشعار واداء الغرامة ، وبين الاجراءات المتعلقة بمسطرة المنازعة.

     1 – الاجراءات الناتجة عن اداء مبلغ الغرامة الجزافية

إذا وجهت الادارة  الاشعار بالمخالفة الى المخالف فاننا نكون امام احدى حالتين :

 الحالة الاولى: التوصل بالاشعار

وفي هذه الحالة فان بامكان المخالف اداء الغرامة التصالحية الجزافية داخل اجل 15 يوما انطلاقا من تاريخ تسلم الاشعار.

مع الاشارة الى الى ان المادة 223 من مدونة السير أشارت الى ان الاداء الفوري للغرامة يتم اما نقدا او بواسطة شيك او بجميع وسائل الاداء الاخرى التي تحددها الادارة .

وعلى ضوء هذا الاداء يجب القيام بالاجراءات التالية :

  • تسليم وصل للمخالف؛
  • توجيه نسخة من وصل الاداء او نسخة من المحضر مشار فيه الى الاداء الى الادارة قصد المعالجة والتتبع ؛
  • تخبر الادارة المخالف بالاجراءا ت المتخذة بخصوص خصم النقط المتعلق برخصة سياقته.

هذا ومن المهم الاشارة الى ان اداء الغرامة التصالحية الجزافية يعد اعترافا بارتكاب المخالفة وتنازلا بالتالي عن مسطرة المنازعة.

          الحالة الثانية: رفض المخالف تلقي تبليغ الإشعار

   وقد تطرقت لهذه الحالة المادة 203 من مدونة السير والتي نصت على أنه :” اذا تعذر التعرف على مكان الشخص صاحب شهادة تسجيل المركبة او في حالة رفض المعني بالامر تلقي التبليغ بالاشعار بالمخالفة او في حالة عدم اداء الغرامة التصالحية والجزافية ، يوجه محضر المخالفة الى وكيل الملك لدى المحكمة المختصة .”

            2– مسطرة المنازعة في المخالفة المعدة بناء على معاينة آلية

وفق المادة 230 من مدونة السير فإنه يمكن للمخالف ان ينازع في المخالفة ، وذلك داخل اجل 15 يوما انطلاقا من تاريخ تسلم الاشعار .

وتقدم الشكاية موضوع المنازعة الى المصلحة الصادر عنها الاشعار على ان تتضمن التعليل المستند عليه في المنازعة .

ولا يتم قبول المنازعة الا اذا قام المخالف بايداع مبلغ الحد الاقصى للغرامة المحدد في المواد 184 و185 و186و187 من مدونة السير داخل اجل 15 يوما انطلاقا من تاريخ التوصل بالاشعار .

ويتم الايداع مقابل وصل اما لدى كتابة ضبط المحكمكة المختصة او لدى قباضات المالية او أي مكان تحدده الادارة.

ان منازعة مخالف في ارتكابه للمخالفة يفرض على الادارة ان توجه محضر المخالفة الى وكيل الملك لدى المحكة المختصة داخل اجل لا يتجاوز 05 ايام من تاريخ تسلم الشكاية مرفقا بالاثباتات المتعلقة بالمعاينة الالية .

هذا ونشير الى ان المادة 234 من مدونة السير اعطت الامكانية للمخالف بعد ان يكون قد قدم شكايته ان يؤدي ثلثي الغرامة على ان يسحب الشكاية التي قدمها.

ومن جهة أخرى فان امكانية تطبيق المادة 375 من المسطرة الجنائية المتعلقة بالسندات التنفيذية في حالة المنازعة التعسفية تصبح غير ممكنة.

وتبعا لمقتضيات المادتين 236و237 من مدونة السير فانه في حالة حفظ المحاضر من قبل النيابة العامة او في حالة صدور قرار بعدم المتابعة او بالادانة او أي مقرر يبت في موضوع قضية عرضت على محكمة ، فان على  وكيل الملك ان يوجه على الفور الى الادارة نسخة من محضر المخالفة والمقرر الصادر عن المحكمة ومنطوق الحكم بعدم المتابعة لاجل المعالجة والتتبع.

كما ان على النيابة العامة ان توجه نسخا من المقررات او منطوقا للاحكام الصادرة تنفيذا لاحكام هذا القانون او النصوص الصادرة لتطبيقه التي حازت قوة الشيء المقضي به الى الادارة داخل اجل 15 يوما من تاريخ صدور المقرر.

واذا كان هذا المقتضى  الاخير  انما شرع بالاساس لاجل المعالجة والتتبع وهو امر مقبول ، فان تنفيذه يطرح اشكالين على الاقل :

الاول : اشكال قانوني

ويتعلق بشبه استحالة تححق حيازة المقرر او الحكم لقوة الشيء المقضي به داخل اجل 15 يوما انطلاقا من تاريخ صدوره، ونقترح في هذا الصدد ان يتم تعديل هذا المقتضى ليصبح احتساب اجل توجيه الحكم او المقرر ا الى الادارة  انطلاقا من تاريخ حيازته لقوة الشيء المقضي به .

الثاني : إشكال واقعي

ويتعلق بالمحيط و بما يقتضي تطبيق هذا المقتضى من تنسيق دقيق بين مكونات المحكمة من نيابة عامة ورئاسة ، وما يتطلبه أيضا من تفرغ ، مما يجعلنا نؤكد على أن التتفعيل الاحسن  لهذه المقتضيات يتطلب برنامجا معلوماتيا يربط بين المحكمة والمصالح  الخارجية ، مع اعداد ظروف تطبيق هذا الاقتراح وخاصة على مستوى العنصر البشري.

هذا ونشير الى انه  اذا كانت النيابة العامة ملزمة بتبليغ المقررات الصادرة بعدم المتابعة الى الادارة ، فاننا نرى ان من لواجب ان يتم تبليغ واشعار المخالف المنازع  في نفس الوقت بهذه المقررات وان يتضمن هذا الاشعار اذنا باسترجاع المبلغ التي تم ايداعه بكتابة الضبط وفق مسطرة مبسطة.

هي إذن غزارة في الإجراءات صيغت لتشكل لنا مدونة للسير على الطرق ،صاحب تدوينها جدل كبير ، ليس فقط حول ما اتت به من مستجدات او حول الصياغة القانونية ، ولكن أيضا حول البنيات التحتية والبيئة المناسبة لتطبيق هذه المدونة .

نعتقد أيضا المواطنة الحقة هي مفتاح أساسي في تفعيل مقتضيات مدونة السير وفي تفعيل المقتضيات القانونية عموما.

                                                       د/ عبد الواحد القريشي

                                 مدير مساعد المركز المغربي للابحاث والتنمية والتواصل

     

    

 

[1]               – تطرح الفقرة الاخيرة من المادة 198 من مدونة الاسرة الوارد نصها اعلاه سؤالا قانونيا يتعلق حول قابلية مقتضيات مادة تندرج في اطار القانون الصادر عن البرلمان بمجرد قرار صادر عن الادارة : نعتقد ان مسطرة نص تشريعي واضحة ولا يمكن تعديل أية مادة الا في هذا الاطار.

إقرأ أيضاً

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية Work …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *