مبدأ التقاضي على درجتين وترجمته وفق نظام التقاضي المغربي

مبدأ التقاضي على درجتين وترجمته وفق نظام التقاضي المغربي

إلياس الهواري احبابو

(باحث بسلك الدكتوراه/

 كلية العلوم القانونية والاقتصادية

 والاجتماعية بطنجة)

 

مقدمة

يعتبر القضاء إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها بناء الدولة، فالعدل أساس الملك، ولا يمكن تصور حياة منضبطة داخل الجماعة البشرية إلا إذا كان هناك جهاز مستقل وفعال يقوم بتصريف العدالة بين الأفراد بخصوص ما ينشأ بينهم من نزاعات، وبقدر ما تتشعب العلاقات بين الأفراد وتشتد التحديات التي تفرزها التحولات الاقتصادية والاجتماعية  والثقافية، الناتجة عن التطور المستمر للأوضاع في سياق عملية التغيير المتوازي، التي تطبع حركة المجتمعات، بقدر ما يكون لزاما على القضاء استيعاب هذه التحولات ومواكبتها على نحو يسهم في عدم إعاقة التطور والانخراط  في المسار التنموي إلى أبعد حدوده الممكنة. [1]

وبصدور دستور 2011، بات لزاما ترجمة نصوصه إلى قوانين وإجراءات كفيلة بإصلاح القضاء، وكذا ترجمة هذه النصوص على أرض الواقع بما يكفل ضمان حقوق الأفراد والجماعات وتكريس مبدأ استقلالية ونزاهة القضاء.[2]. وذلك في إطار ورش تحديث المنظومة التشريعية المغربية الذي جاءت خطوطه العريضة في الخطاب الملكي لـ 20 غشت 2009 . حيث أصدر المشرع المغربي في الخامس من سبتمبر 2011  حزمة من القوانين المغيرة والمتممة لكل من التنظيم القضائي لـ 15 يوليوز 1974، وقانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية، كما تم إحداث أقسام لقضاء القرب بموجب القانون رقم 42.10، إلى جانب توسيع مجال اختصاص القضاء الفردي وإحداث أقسام للجرائم المالية بمحاكم الإستئناف…

ويعتبر التنظيم القضائي بمثابة مجموعة القواعد القانونية التي تنظم السلطة القضائية وولايتها وتحدد الخريطة القضائية للدولة، وتبين اختصاصات المحاكم وكيفية تشكلتها وترتيبها وكيفية تفتيشها، كما تنظم القواعد المتعلقة برجال القضاء من تعيين وترقية وتأديب.

وينطوي مبدأ التقاضي على درجتين على العديد من المكنات والمحاذير، وتختلط فيه الاعتبارات العامة مع الاعتبارات الخاصة، كما يعد أحد المبادئ الرئيسة التي يقوم عليها النظام القضائي المغربي، ولأن لهذا المبدأ تجلياته وانعكاساته على المنازعات المدنية. ونظراً لما طرأ على هذا المبدأ من تطور كبير، فقد كان لزاماً على المشرع المغربي أن يلتفت إلى هذا التطور، وما يرتبه من استحقاقات على المسطرة المدنية، الأمر الذي يدعونا في هذا البحث الوقوف على أهم الآثار التي ينتجها مبدأ التقاضي على درجتين من خلال المحاور الآتية:

المحور الأول: مفهوم مبدأ التقاضي على درجتين وفق قانون المسطرة المدنية

المحور الثاني: مبدأ التقاضي على درجتين في ظل نظام التقاضي المغربي

المحور الثالث: الآثار المترتبة على اعتبار الطعن بالاستئناف ترجمة لمبدأ التقاضي على درجتين

 

 

 

المحور الأول: مفهوم مبدأ التقاضي على درجتين وفق قانون المسطرة المدنية

يقوم نظام التقاضي في المغرب مبدئيا على درجتين، وهذا يعني أن الدعوى ترفع في البداية أمام محكمة الدرجة الأولى وهي إما المحكمة الابتدائية أو التجارية أو الإدارية؛ وحينما تصدر هذه الأخيرة حكمها يمكن للمحكوم عليه أن يتظلم من الحكم الصادر أمام محكمة أعلى درجة من المحكمة الأولى وهي محكمة الاستئناف بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية، أو محكمة الاستئناف التجارية بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية، أو محكمة الاستئناف الإدارية بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية، حيث إن الاستئناف يطرح النزاع أمام هذه المحاكم من جديد لتفصل فيه بحكم نهائي حائز من حيث المبدأ لقوة الأمر المقضي به.[3]

كما يعتبر الطعن بالاستئناف من طرق الطعن العادية، وقد نظمه المشرع في الفصول من 134 إلى 146 من قانون المسطرة المدنية.

وللاستئناف مسطرة يتعين احترامها والالتزام بها وآثار تترتب عنه. وهذا ما سنحاول التطرق إليه .

أولا:  الاستئناف مسطرته و آثاره

تعرف الأحكام القضائية بصفة عامة أنها معرضة للوقوع في أخطاء عفوية من جهة، كما أن أحد الأطراف قد يتعذر عليه تقديم أوجه دفاعه أمام المحكمة المختصة من جهة أخرى، لذلك فإن مختلف التشريعات تأخذ بمبدأ الطعن في الأحكام، واحتراما لقدسيتها، وضمانا لاستقرار الأوضاع الاجتماعية، قيد المشرع استعمال طرق الطعن بآجال وإجراءات، ويجب احترامها تحت طائلة عدم قبول الطعن .

ويعتبر الاستئناف طعنا في تسيير قاضي أول درجة للإجراءات وتقديره للوقائع وتطبيق القانون عليها، أي أن الاستئناف هو تظلما من أخطاء القاضي الأول مما لا يجوز للقاضي نفسه النظر في القضية في طور الاستئناف، كما هو الحال في الطعن بالتعرض[4].

وبهذا يجسد الطعن بالاستئناف مبدأ التقاضي على درجتين، موفرا بذلك ضمانة هامة من ضمانات التقاضي، حيث يسمح بتدارك ما قد يقع فيه قضاة المحاكم الأدنى من قصور، كما يتيح للخصوم استدراك ما فاتهم تقديمه من دفوع وأدلة أمام محكمة أول درجة، لذلك صح القول في الطعن بالاستئناف، أنه طريق لإصلاح القضاء الصادر من أول درجة.

ورغم أخذ المشرع بنظام التقاضي على درجتين إلا أنه توجد بعض الاستثناءات الخاصة التي ألغى بمقتضاها المشرع الدرجة الثانية لبعض القضايا، حيث لم يجز الطعن فيها بالاستئناف [5]، بل جعل الفصل فيها يقر لمحكمة الدرجة الأولى نهائيا.

 

ثانيا: أهداف الطعن بالاستئناف وفلسفته

يعتبر الاستئناف مثل التعرض، وهو من الطرق العادية للطعن يؤدي إلى إعادة مناقشة الدعوى من الناحيتين الموضوعية والقانونية، وهو الطعن الذي يرفعه الخصم إلى محكمة عليا في حكم صادر من محكمة أقل درجة [6] أي بمقتضاه يعاد طرح النزاع على محكمة أعلى درجة من المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، حيث تملك محكمة الاستئناف جميع السلطات التي تكون لقاضي أول درجة، فتفحص النزاع من جوانبه الواقعية والقانونية ولا تقف وظيفتها عند مراقبة صحة الحكم المستأنف .

ويمكن تعريف الاستئناف كذلك على أنه تظلم من أخطاء القاضي المصدر للحكم المستأنف إلى قاضي أعلى درجة في سلم تنظيم المحاكم لكون قضاة المحاكم العليا أكثر اختبارا وأكبر عددا، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا يكون من بين الهيئة التي تنظر في هذا الطعن القاضي الذي أصدر الحكم المطعون فيه . كما أن محل الاستئناف ليس حكم أول درجة وإنما القضية نفسها التي نظرها قاضي أول درجة[7]، أما ما يكون في الحكم المطعون فيه من عيوب سواء اتصلت بعدالته أم  بصحته فتواجه في الاستئناف بطريق غير مباشر.[8]

ولقد تراجع الدور التقليدي للاستئناف لمصلحة المفهوم الحديث الذي يعتبر الاستئناف مناسبة لإجراء فحص جديد للقضية[9] مع إعطاء الأولوية لإنهاء النزاع بكل تداعياته وهو ما يتطلب ازدهار الخصومة القضائية[10] وتمكين المحكمة من التعرض بطريقة أكثر شمولية للمركز المتنازع عليه[11] حتى لو تطلب الأمر الإخلال بمبدأ التقاضي على درجتين[12].

إذن فمن خلال ما سبق يعتبر الاستئناف ضمانة إضافية لحقوق المتقاضين وفي مقدمتهم المتهم، سيما في التنظيم القضائي الذي يأخذ بنظام القاضي الفرد في الدرجة الأولى والقضاء الجماعي في الدرجة الثانية، فمن جهة إذا علم القاضي أن حكمه معرض للطعن فيه عمل بحرص أكبر على توخي الحقيقة، وبذل جهدا أكبر في دراسته القضية واستقصاء عناصرها والتدبر فيها، ومن جهة ثانية يكون القضاء الجماعي في مرحلة الاستئناف عاملا مهما لتفادي الأخطاء القضائية، إلا أن الاستئناف غير مقطوع بفائدته إذ مما يعاب عليه أنه ينشأ عنه زيادة في المصاريف وبطء في توقيع العقاب ومن شأنه الحط من شأن القضاء. مما  يساهم في زعزعة الثقة بعدالة أحكام القضاء، والحالة أن هذه الثقة هي الأساس المتين الذي يقوم عليه كل بنيان قضائي سليم .[13] .

ويستجيب الإستئناف لجملة من الأهداف تتعلق بفلسفة القانون وفكرة العدالة ذاتها:  فهو كطريق طعن في الأحكام القضائية يتيح المجال لمن تضرر من قضاء أول درجة، لإعادة طرح النزاع مجددًا بهدف فحصه وتمحيصه من لدن قا ض أعلى درجة وأكثر خبرة ودراية ليقوم بإصلاح ما صدر من عيوب سواء تعلقت بالإجراءات أم بتقدير الوقائع أم بإعمال القانون، ولذلك يستجيب لفكرة التظلم من قضاء معيب صادر عن أول درجة[14]، كما يواجه من النواحي العملية مثالب القضاء الصادر عن بشر ليس معصومًا أو منزهًا عن الخطأ والنسيان، ويهيئ السبيل لاستدراك أوجه الخلل والقصور فضلا عن الغش والتضليل الذي قد يقع فيه الخصوم أو يقترفونه كيفما اتفق.[15] وبهذا وذاك، تتحقق أهداف الدور التقليدي لهذا النظام الذي تكرس له منذ نشأته.[16]

ثالثا: مجال تطبيق الاستئناف في قانون المسطرة المدنية

نظم المشرع المغربي الاستئناف في الفصول من 134 إلى 146 من قانون المسطرة المدنية، وكقاعدة عامة تكون كل الأحكام قابلة للاستئناف، لأن الطعن طريق عادي وهو الوسيلة الأساسية التي ترد الحقوق لأصحابها.[17]

ولقد جاء الفصل 134 من ق م م بقاعدة عامة مفادها، إمكانية الطعن في كل حكم صادر عن المحكمة الابتدائية متى صدر في حدود اختصاصها الابتدائي المحلي والنوعي، إذن يمكن تصنيف الأحكام القابلة للاستئناف كالتالي:

  • الأحكام التي تتجاوز قيمة النزاع فيها ثلاثة آلاف درهم، إلا أنه يجب مراعاة ما يلي، العبرة في قيمة الدعوى بطلبات الخصوم لا بما يحكم به القاضي، وكذلك أن العبرة بالطلبات الختامية التي يتقدم بها المدعي[18]، وفي حالة تقدم المدعى عليه بطلبات مقابلة فإذا كان كل من الطلب الأصلي والطلب المقابل يدخل في حدود الاختصاص الإنتهائي للمحكمة فإن هذه الأخيرة تحكم انتهائيا بالنسبة لجميع الطلبات، وعلى العكس من ذلك إذا كان أحد هذه الطلبات لا يجوز الفصل فيه إلا ابتدائيا، فإن الحكم الفاصل في جميع الطلبات يكون قابلا للاستئناف. كذلك عند تقديم طلبات من عدة مدعين أو ضد عدة مدعى عليهم مجتمعين وبموجب سند مشترك حتى يكون الحكم قابلا للاستئناف يجب أن يكون نصيب أحدهم يتجاوز مبلغ ثلاثة آلاف درهم. [19]
  • الأحكام التي لا يمكن تحديد أو تقدير قيمة النزاع فيها[20] كالالتزام بعمل أو الالتزام بالامتناع عن عمل كمن يطلب هدم بناء أو تسليم عين…
  • الأحكام التمهيدية التي تسبق الأحكام الفاصلة في الموضوع، وهي التي لا تفصل في جوهر النزاع، شرطا استئنافها في وقت واحد مع الأحكام الفاصلة في الموضوع[21] وضمن نفس الآجال.[22]
  • الأوامر المبنية على طلب التي يصدرها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه غير أن استئناف هذه الأوامر لا يكون إلا في حالة الرفض.[23]
  • الأحكام التأويلية أو التفسيرية التي تصدرها المحكمة لتفسير حكم معين و لا يمكن استئناف هده الأحكام إلا إدا كانت الأحكام موضوع التأويل نفسها قابلة للاستئناف.
  • الأحكام الصادرة في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية والمعاشات الممنوحة في نطاق الضمان الاجتماعي[24]

وإذا كانت القاعدة كما أشرنا إلى ذلك سابقا أن تخضع كل الأحكام للطعن بالاستئناف فإن هناك بعض الاستثناءات الواردة على ذلك نوجزها فيما يلي:

  • الأحكام التي لا تتجاوز قيمة النزاع فيها ثلاثة آلاف درهم.
  • الأحكام الصادرة في إطار الفقرة الأولى من الفصل 21 حيث “يبث القاضي في القضايا الاجتماعية انتهائيا في حدود الاختصاص المخول إلى المحاكم الابتدائية والمحددة بمقتضى الفصل 19”
  • الأحكام الصادرة في إطار الفقرة الثانية من نفس الفصل، إذ تبت المحكمة انتهائيا في النزاعات الناشئة عن تطبيق الغرامات التهديدية المقررة في التشريع الخاص بالتفويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية ولو كان مبلغ الطلب فيها غير محدد.
  • الأحكام التي انقضى ميعاد استئنافها دون الطعن فيها .[25]
  • أحكام المحكمين وفقا للفصل 34-327.[26]
  • لا يقبل الطعن بالاستئناف من المحكوم عليه الذي قبل الحكم بصفة صريحة أو ضمنية .[27]

 

 

المحور الثاني: مبدأ التقاضي على درجتين في ظل نظام التقاضي المغربي

إن الكشف عن الحقيقة يشكل أمرا غاية في الصعوبة، لاسيما حين تتكاثر القضايا على القاضي وتتلاحق، ولا يلتقط أنفاسه بعد فراغه من إحداها إلا وأخرى تجثم على صدره وتعرض ذاتها على ذهنه المنكود، لذلك شرع نظام الاستئناف أملا في أن تصلح الدرجة الثانية من القضاء ما عسى أن تكون قد أفسدته الدرجة الأولى، وهذا الاعتبار يصدق على القضاء الجنائي كما يصدق على القضاء المدني.[28]

ويخضع النظام القضائي الجزائي في العديد من التشريعات المقارنة لمبدأ التقاضي على درجتين، وأخذت به وأكدته العديد من التشريعات العربية، كالتشريع المغربي والفلسطيني والمصري، حيث اعتبرت هذه التشريعات بأن التقاضي على درجتين هو الأصل العام، وإن كانت بعض التشريعات كالتشريع السوري والأردني[29] قد أردت بعض الاستثناءات، فقد جعلت الأصل والأساس الذي قوم عليه التنظيم القضائي هو التقاضي على درجتين بتوافر محاكم أول درجة ومحاكم الدرجة الثانية. وسواء تعلق الأمر بالجنح أو المخالفات وحتى الجنايات التي أضحت بموجب التعديل المدخل على قانون المسطرة الجنائية المغربي لسنة 2003، مع مراعاة الأحكام التي نص المشرع على التقاضي فيها على درجة واحدة وفتح الباب أمام الطعن فيها من خلال النقض.

وكما سبقت الإشارة؛ فالتنظيم القضائي المغربي عرف مجموعة من التعديلات التي فرضتها التطورات المتتالية، إلا أنه ورغم كل هذا فإن المبادئ التي يقوم عليها لم تتغير من حيث جوهرها اللهم تلك التي كانت المستجدات تستدعي تحديثها، هكذا أصدر المشرع المغربي قانون رقم 10-34[30] الصادر بتاريخ 5 سبتمبر 2011 المغير و المتمم للظهير الشريف بمثابة قانون رقم 388-74-1 بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1394 الموافق لتاريخ 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، وذلك عن طريق مادة فريدة تغير وتتمم الفصول 1و2و4و6و7و24 من الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بالتنظيم القضائي السالف الذكر.

ولقد أصبح الفصل الأول من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 388-74-1 المتعلق بالتنظيم القضائي المغربي ينص على ما يلي: ” يشمل التنظيم القضائي المحاكم التالية:

المحاكم الابتدائية؛

المحاكم الإدارية؛

المحاكم التجارية؛

محاكم الاستئناف؛

محاكم الاستئناف الإدارية؛

محاكم الاستئناف التجارية؛

المجلس الأعلى.

…”

وبناء على مقتضيات الفصل الأول أعلاه، يتبين أن المشرع المغربي أدخل تغييرات مهمة على تنظيم المحاكم المغربية بإلغاء محاكم الجماعات و المقاطعات المحدثة بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتاريخ 15 يوليوز 1974، والتي كان هدفها الأساسي التخفيف على المحاكم الابتدائية عن طريق منحها النظر في بعض القضايا التي لا تحتاج إلى كل الإجراءات والمساطر التي ينص عليها المشرع بالنسبة للمحاكم الابتدائية من جهة، والمساعد على تقريب القضاء من المتقاضين من جهة أخرى. [31]

ومن خلال ملاحظة الفصل 34.10[32] و التعديلات التي طرأت عليه يتبين أن المشرع المغربي عاد إلى تبني مبدأ القاضي الفردي كقاعدة عامة، رغم حفاظه على مبدأ القضاء الجماعي في بعض القضايا، فتبني مبدأ القاضي الفردي يحقق مصالح ومنافع بالنسبة للمتقاضين أهمها السرعة في البت، والبساطة في المسطرة، فضلا عن أن القاضي الفردي وهو يبت في القضايا التي تعرض عليه، يحكم بناء على قناعته خاصة و أنه هو الذي تتبع كافة أطوار النزاع إلى حين الحكم فيه. حيث يمكن القول بأن المشرع المغربي أخذ بنظامي القضاء الفردي و القضاء الجماعي أمام المحاكم الابتدائية.

ولقد أخذ المشرع المغربي بمبدأ التقاضي على درجتين، حيث توجد درجتان من المحاكم، محاكم الدرجة الأولى أو المحاكم الابتدائية، والمحاكم الاستئنافية كدرجة ثانية للتقاضي، فالحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى، يمكن أن يستأنف أمام محاكم الدرجة الثانية، أما النقض فهو أساسا طريقا للطعن في أحكام محاكم الاستئناف باستثناء الأحكام النهائية للمحاكم الابتدائية والتي يطعن فيها بالنقض مباشرة أمام محكمة النقض[33] وأنه لايعتبر درجة ثالثة للتقاضي، ذلك أن محكمة النقض بصفتها محكمة قانون، فإنها لا تراجع القضية التي حكم فيها من حيث الوقائع، كما تفعل محاكم الموضوع، وإنما يقتصر دورها في النظر في مدى موافقة الحكم الصادر عن المحكمة الاستئنافية للقانون، سواء فيما يخص القانون الموضوعي أو الإجرائي.[34]

ويعد التقاضي على درجتين من المبادئ الهامة في الخصومة المدنية، والطعن بالاستئناف هو الترجمة العملية لهذا المبدأ الذي يقوم على إتاحة الفرصة للخصوم لطرح منازعاتهم مجدداً على محكمة أعلى درجة، لتعيد النظر فيه من حيث الوقائع ومن حيث القانون بصرف النظر عن وجهة نظر محكمة أول درجة التي فصلت في النزاع.[35]

ويعد مبدأ التقاضي على درجتين داخل النظام القضائي المغربي أحد الضمانات الكبرى نتيجة إعطائه للمتقاضين فرصة كافية لأن تدرس قضاياهم في مرحلتين، كل مرحلة تعتبر مستقلة عن الأخرى، إذ في استطاعة من لم تتح له فرصة تقديم حججه ووسائل دفاعه في المرحلة الأولى أن يقدمها في المرحلة الثانية، مما يطمئن المتقاضين في حسن سير العدالة.[36]

 

 

 

المحور الثالث: الآثار المترتبة على اعتبار الطعن بالاستئناف ترجمة لمبدأ التقاضي على درجتين

يترتب على اعتبار الاستئناف أداة تطبيق مبدأ التقاضي على درجتين ما يأتي:[37]

  • لا ينبغي أن تقف وظيفة الاستئناف عند مراقبة صحة الحكم المستأنف، وإنما ينبغي إعادة الفصل في القضية من جديد من حيث الوقائع ومن حيث القانون على حد سواء.
  • لا يجوز استئناف الحكم إلا مرة واحدة، ولا يجوز استئناف الإستئناف.
  • باعتبار الاستئناف طريقًا للطعن في الأحكام القضائية فإنه يخضع بالضرورة للقواعد العامة المقررة للطعن من حيث شروطه ومسوغاته.[38]
  • يعرض الطعن بالاستئناف على محاكم الدرجة الثانية[39] وجوبا، وهي محاكم الاستئناف فلا يتصور أن ينظر الطعن من قبل المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه نفسها أو أية محكمة موازية لها في الدرجة. ذلك أنه إذا أريد الاقتراب من فكرة العدالة المثالية، تعين أن ينظر ذات النزاع مرة ثانية من قبل محكمة أكثر أهمية وخبرة لأن مرة واحدة لا تكفي لتحقيق اعتبارات العدالة.[40]

وبعبارة أخرى فإن من المتصور النظر إلى قضاء ثاني درجة – بحسبانه ترجمة لمبدأ التقاضي على درجتين – من ناحيتين:

الأولى: باعتباره وسيلة لمراقبة حكم أول درجة تنتهي بتأييد أو عدم تأييد ذلك الحكم،

والثانية: باعتباره أداة لإعادة نظر القضية نفسها وبالسلطات نفسها التي تهيأت لقاضي أول درجة.[41]

  • لكي يؤدي الإستئناف دوره وفقاً لمبدأ التقاضي على درجتين، لا بد وأن يتمتع قاضي الإستئناف بالسلطات الكاملة التي يملكها قاضي أول درجة من حيث الوقائع، وكذلك من حيث القانون[42] ولا بد وأن ينظر النزاع من محكمة غير تلك التي فصلت فيه في المرة الأولى.[43] ولا بد أخيراً أن يتم إعادة النظر في النزاع ذاته في حدود ما رفع عنه الطعن.[44]
  • التقاضي على درجتين هو حق يخول لكل طرف في الحكم الصادر أن يطعن فيه و هو ما يشكل ضماناً من ضمانات حق التقاضي.[45]
  • أن الطعن الموجه ضد الأحكام التي تصدر ابتدائياً يمكن الطعن فيها بالاستئناف وفق الطرق التي قررها القانون تأسيساً لمبدأ التقاضي على درجتين و هو حق إجرائي نشأ نتيجة صدور حكم في القضية .[46]
  • و التقاضي على درجتين هو حق “يخول لكل طرف في الحكم الصادر أن يطعن فيه و هو ما يشكل ضماناً من ضمانات حق التقاضي”، وهو ما يبرز دوره بأنه لا يمكن التنازل عنه، إذ أنه مسألة لها علاقة بالنظام العام و لا يجوز مخالفته عن طريق الاتفاق.[47]
  • اعتبارا على أن حكمًا واحدًا في النزاع لا يقدم ضمانات كافية، لهذا فإن محل الاستئناف ليس حكم أول درجة وإنما القضية نفسها التي نظرها قاضي أول درجة[48]، أما ما يكون في الحكم المطعون فيه من عيوب سواء اتصلت بعدالته أم . بصحته فتواجه في الاستئناف بطريق غير مباشر.[49]
  • من بين مظاهر تكريس مبدإ التقاضي على درجتين الاستئناف الذي يعد وسيلة طعن عادية و التي يمكن أن نقول عنها بأنها وسيلة نموذجية باعتباره يمكن من إعادة النظر في الدعوى واقعاً و قانوناً.
  • و الطعن بالاستئناف تكريس لمبدإ التقاضي على درجتين و الذي هو وسيلة أساسية لضمان عدالة الأحكام .
  • يعتبر الطعن بالاستئناف كطريق طعن عادي أمام محكمة الدرجة الثانية تجسيدا لمبدأ التقاضي على درجتين من النظام العام[50]، كونه يشكل ضمانة هامة في ممارسة حق التقاضي وإمكانية الدفاع عن الحقوق أمام جميع المحاكم بمختلف درجاتها تكريسا لمبدأ الحق في محاكمة عادلة، لما في ذلك ما يساعد على تدارك الأخطاء القضائية للأحكام الابتدائية، وإتاحة الفرصة للخصوم، أو خلفائهم[51] – لمرة واحدة فقط [52]– وذلك لاستدراك ما فات الخصوم من دفوع وأدلة أمام محكمة أول درجة، لا سيما وأن الغاية التي شرع من أجلها هذا النوع من الطعون تتجلى في إعادة الفصل في القضية من جديد من حيث الوقائع والقانون من قبل محكمة الدرجة الثانية[53]. بل يجوز استثناء تقديم طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف وفق ما هو محدد في الفصل 143 من ق م م[54]، أو طلب التدخل في الدعوى ممن قد يكون لهم الحق في أن يستعملوا التعرض الخارج عن الخصومة، أو تقديم مقال استئناف فرعي من طرف المستأنف عليه قبل إقفال باب المرافعة، أو ممارسة الاستئناف المثار بسبب الاستئناف الأصلي المنصوص عليه في الفصل 135 من ق م م.[55]
  • تعتبر ازدواجية درجات التقاضي عاملا من عوامل الأمن القانوني، لأن الاستئناف يتفادى ما عسى أن يشوب حكم محكمة أول درجة من عيوب، إما بسبب اعتمادها على ملف خال من أدلة الإثبات أو بسبب سوء تقديرها، ومنه يصبح الاستئناف أكثر من مجرد إعادة نظر ملف الدعوى، بل يصبح طريقها لإنهاء الفصل في الدعوى، وبناء على ذلك، فإن القاعدة تعتبر مبدأ إجرائيا عاما لايجوز أن يلحق مساس إلا بنص تشريعي.[56]
  • يعد نظر النزاع على درجتين ضمانة أساسية للتقاضي لايجوز حجبها عن المتخاصمين بغير نص صريح ووفق أسس موضوعية، بما مؤداه أن الخروج عنها لايفترض، وذلك سواء نظر إلى الطعن استئنافيا في الأحكام الصادرة بصفة ابتدائية باعتباره طريقا محتوما لمراقبة سلامتها وتقويم اعوجاجها.[57]

إن تحقيق العدالة أوجب إقرار مبدأ التقاضي على درجتين –أو كما يطلق عليها رجال القانون تعدد درجات التقاضي- وكذا إقرار احترام هذا المبدأ القانوني المترسخ في جميع التنظيمات القضائية المختلفة.

 

 

خاتمة

تطرقت هذه الدراسة إلى موضوع “مبدأ التقاضي على درجتين وترجمته وفق نظام التقاضي المغربي” باعتباره مفهوما يتطلب عرض النزاع على محكمة أعلى درجة لتقول كلمتها فيه من جديد بقضاء حاسم. وهو مبدأ قد تطور من مجرد وسيلة لتصويب قضاء أول درجة إلى أداة فاعلة لحسم النزاع بكل تداعياته دون إغفال لدوره التقليدي، وهو ما سمح بإدخال عناصر جديدة في المرحلة الإستئنافية تمشيًا من الدور الحديث للمحكمة الإستئنافية لكونها الأداة التنفيذية لتطبيق مبدأ التقاضي على درجتين؛ وتبعًا لذلك لم يعد دور المحكمة الإستئنافية يقتصر على مجرد مراقبة قضاء أول درجة، وإنما مناسبة لإعادة النظر في النزاع بكل ما اشتمل عليه من عناصر سبق وأن عرضت على محكمة الدرجة الأولى، وما يمكن أن يضاف إليها من عناصر جديدة مرتبطة بموضوع الدعوى الأصلية.

ونستطيع أن نقرر الأهداف الذي تترتب على مجال إعمال مبدأ التقاضي على درجتين:

  • أنه ضمانة أكيدة لحسن سير القضاء وتحقيق العدالة.
  • أنه يضمن الحماية القضائية الكاملة للحقوق.
  • أنه يضمن تصحيح ما شاب الأحكام القضائية من أخطاء وعيوب ونواقص
  • أنه يضمن إشراف المحاكم الأعلى درجة على صحة وشرعية أعمال المحاكم الأدنى درجة.
  • أن يؤدي إلى تدارك أخطاء القضاة
  • أنه يؤدي إلى استدراك الخصوم لما فاتهم من تقديمه من دفاع وأدلة أمام محكمة الدرجة الأولى.
  • أنه يؤدي إلى استقرار المراكز القانونية للأفراد.
  • أنه يمكن من إعادة النظر في الدعوى واقعاً وقانوناً، و هو وسيلة أساسية لضمان عدالة الأحكام.
  • أن الطعون في الأحكام هي امتداد ضروري للتطبيق الصحيح للقانون.
  • أن من شأنه التأكد مما إذا كان حكم محكمة أول درجة قد طبق حكم القانون تطبيقا صحيحا فتؤيده، أو أنه لم يفصل في النزاع بصورة صحيحة ولم يعطي صاحب الحق حقه فتلغيه وتصدر حكما آخر ينصفه.

وما نسجله في هذا الصدد الإشارة إلى أنه قد آن الأوان لإحداث تعديل في نظام الطعن بطريق الاستئناف يعطي هذه المحكمة المجال لتجاوز الدور التقليدي ووضع حد للنزاع في مرحلة حاسمة، ويمكن في هذا السياق مجاراة التشريعات المقارنة فيما ذهبت إليه بهذا الخصوص، وهي خطوات جديرة بالاتباع إذا ما أريد تحديث تشريعاتنا الوطنية لتصبح أكثر ملاءمة واستجابة لروح العصر وإيفاء بحسن سير القضاء.

وأخيرا نذهب إلى اعتبار أن الطعن بالاستئناف بمثابة الآلية المانعة لكل خطأ، ولكن ليس بشكل مطلق –إن لم نقل الغالب-، بحيث قد يستمر الخطأ حتى بعد استعمال الطعن وهذا منتهى حيلة البشر.

 

[1]  عبد العزيز يعكوبي: دور القضاء في تفعيل المسار التنموي واستعياب التحولات، مؤلف جماعي بعنوان القضاء ورهان التحدي من خلال التحولات التي يعرفها المغرب – سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية للمعهد العالي للقضاء – الجزء السادس – بتاريخ دجنبر 2004 ص: 59.

[2]  ديبي إبراهيم: ملاحظات واقتراحات حول المحاور الستة لإصلاح القضاء جريدة المساء العدد 1240 الخميس 15 أكتوبر 2011.

[3]  بوحموش عمر: الإصلاح القضائي بين النظرية والتطبيق، دار السلام 2000، ص134.

[4]   شرح قانون المسطرة الجنائية، أحمد الخمليشي، الجزء الأول، الطبعة الأولى 1986 .

[5]  أنظر النقطة الموالية: ثالثا: مجال تطبيق الاستئناف في قانون المسطرة المدنية.

[6]  الموسوعة الجنائية، جندي عبد المالك، المجلد الأول، دار المؤلفات القانونية،1976، بيروت .

[7]  والي فتحي: الوسيط في قانون القضاء المدني”قانون المرافعات المدنية والتجارية- وأهم التشريعات المكملة له” دار النهضة العربية، 2009، ص715.

[8]  والي فتحي: الوسيط في قانون القضاء المدني، ص715.

[9]  محمد نور شحاتة: نطاق النزاع في الاستئناف في المواد المدنية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988، ص9.

[10]  Vicent (J.): Les dimension nouvelles de l’appel, D. 1973, P. 180.

[11]  Vicent (J.): Op. cit P. 180.

[12]  إبراهيم حرب محيسن، مرجع سابق، ص 265.

[13]  جندي عبد المالك: الموسوعة الجنائية، المجلد الأول، دار المؤلفات القانونية، دار إحياء التراث العربي، 1976، ص205.

[14]  عباس العبودي: شرح أحكام قانون أصول المحاكمات المدنية، ط1، ص369.

[15]  نبيل إسماعيل عمر: الطعن بالاستئناف وإجراءاته في المواد المدنية والتجارية،  منشاة المعارف بالإسكندريّة، 1980، ص7.

[16]  محمد نور شحاتة: نطاق النزاع في الاستئناف في المواد المدنية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988، ص9.

[17]  تنص الفقرة 134 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي: “استعمال الطعن بالاستيناف حق في جميع الأحوال عدا إذا قرر القانون خلاف ذلك”.

[18]  ينص الفصل 11 من ق م م على: “يحدد الاختصاص الانتهائي استنادا إلى مبلغ الطلب المجرد الناتج عن أحد مستنتجات المدعي”.

[19]  ينص الفصل 14 من ق م م على: “يحكم انتهائيا في الطلب المقدم من عدة مدعين أو ضد عدة مدعى عليهم مجتمعين وبموجب سند مشترك إذا كان نصيب كل واحد من المدعين لا يزيد عن القدر المحدد للحكم انتهائيا، ويحكم ابتدائيا بالنسبة للجميع إذا زاد نصيب أحدهم عن هذا القدر”.

[20]  ينص الفصل 12 من ق م م “يبت ابتدائيا إذا كانت قيمة موضوع النزاع غير محددة”.

[21]  ينص الفصل 140 من ق م م: ” لا يمكن استيناف الأحكام التمهيدية إلا في وقت واحد مع الأحكام الفاصلة في الموضوع وضمن نفس الآجال. ويجب أن لا يقتصر مقال الاستيناف صراحة على الحكم الفاصل في الموضوع فقط بل يتعين ذكر الأحكام التمهيدية التي يريد المستأنف الطعن فيها بالاستيناف.

[22]  جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى رقم 45 بتاريخ 10/1/1979، ملف مدني، عدد 63014، مجلة المحاماة، عدد 16، ص: 148.

” وحيث أن الحكم المطعون فيه كان خارقا لمقتضيات الفصل 140 من ق.م.م حينما قبل استئناف الحكم الابتدائي الذي لم يكن إلا حكما تمهيديا غير فاصل في جوهر الدعوى”.

وهو ما أكده أيضا المجلس الأعلى في القرار عدد 1737 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 2/7/1986، ملف مدني عدد 3099، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 41، ص73.

[23]  الفقرة 2 من الفصل 148 الذي يقضي بأنه: ” يكون الأمر في حالة الرفض قابلا للاستئناف داخل خمسة عشر يوما من النطق به عدا إذا تعلق الأمر بإثبات حال توجيه إنذار ويرفع هذا الاستئناف أمام محكمة الاستئناف“. 

[24]  الفقرة 2 من الفصل 21 من ق.م.م: “غير أنه يبت ابتدائيا فقط في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية وكذا في المعاشات الممنوحة في نطاق الضمان الاجتماعي باستثناء النزاعات الناشئة عن تطبيق الغرامات التهديدية المقررة في التشريع الخاص بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية فإن الأحكام تصدر بصفة انتهائية ولو كان مبلغ الطلب غير محدد”.

[25]  عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، المطبعة والوراقة الوطنية، 213، ص266.

[26]  ينص الفصل 34-327 :
“لا يقبل الحكم التحكيمي أي طعن مع مراعاة مقتضيات الفصلين  35-327 و36-327 بعده.

يمكن أن يكون الحكم الصادر عن الهيئة التحكيمية موضوع إعادة النظر طبقا للشروط المقررة في الفصل 402 بعده وذلك أمام المحكمة التي كانت ستنظر في القضية في حالة عدم وجود اتفاق التحكيم”.

[27]  الطيب الفصايلي: الوجيز في القانون القضائي الخاص، الجزء الثاني، الطبعة الثالثة، نونبر 1999، ص155-156-157.

[28]  الطيب الفصايلي: التنظيم القضائي في المغرب، الطبعة الثانية، 1997، ص38.

[29]  ممدوح البحر: مبادئ أصول المحاكمات الجزائية الأردني، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1998، ص258.

[30]  الجريدة الرسمية عدد 5975 بتاريخ 5 سبتمبر 2011.

[31]  رغم من أن محاكم الجماعات و المقاطعات لا تدخل في أي درجة من درجات التقاضي سواء العادية منها أو الاستثنائية، إلا أنها تدرس إلى جانب محاكم أول(المحاكم الابتدائية) درجة لاتصالهما عن طريق الإحالة

[32]  ينص الفصل الرابع من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي المعدل بمقتضى قانون رقم 34.10 على ما يلي: ” تعقد المحاكم الابتدائية بما فيها المصنفة، جلساتها مع مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 5 بعده، وكذا الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة، بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط، ما عدا الدعاوى العقارية العينية و المختلطة وقضايا الأسرة و الميراث، باستثناء النفقة التي يبث فيها بحضور ثلاث قضاة بمن فيهم الرئيس ومساعدة كاتب الضبط. 

[33]  المجلس الأعلى سابقا.

[34] أحمد هنيدي: مبدأ التقاضي على درجتين حدوده وتطبيقاته في القانون المصري والقانون الفرنسي، دار النشر النهضة العربية الإسكندرية، 1992، ص8.

[35]  إبراهيم حرب محيسن: مدى تعلق التقاضي على درجتين بالنظام العام، دراسة مقارنة، دراسات علوم الشريعة والقانون، المجلد 39، العدد 1،2012، ص 263.

[36]  عبد العزيز توفيق: التنظيم القضائي، الجزء الأول، 1995، ص38.

[37]  راغب وجدي: المرجع السابق، ص743-744.

[38]  راغب وجدي: نفس المرجع السابق.

[39]  نبيل إسماعيل عمر، الطعن بالاستئناف، بند 185، ص 168، وما بعدها.

[40]  نبيل إسماعيل عمر، الطعن بالاستئناف، بند ص 9

[41] Costa (S.) Manuale di : 13 diritto processuale civile. Torino, 1955,no. 333, p.384 .

[42]  والي فتحي: الوسيط في قانون القضاء المدني، المرجع السابق، بند 366، ص732، نبيل إسماعيل عمر، الطعن بالإستئناف، بند 1، ص5.

[43]  نبيل إسماعيل عمر: الطعن بالاستئناف وإجراءاته في المواد المدنية والتجارية،  بند 1 ص5.

[44]  راغب وجدي: مبادئ القضاء المدني، دار النهضة العربية، القاهرة 2001، ص 752.

[45] SELMI Houcine, Le double dégrée de juridiction en droit privé tunisien, mémoire D.E.A, 1983-1984.  P80.

[46]  عبد المنعم حسن” طرق الطعن في الأحكام المدنية و التجارية” دار العلم للطباعة، 1975، صفحة 13.

[47] SELMI Houcine, Op. Cit.  P80.

[48]  والي فتحي: الوسيط في قانون القضاء المدني،م س، بند 360، ص 715

[49]  والي فتحي: الوسيط في قانون القضاء المدني م س، بند 360، ص 715

[50]  جاء في قرار عدد 1085 الصادر بتاريخ 28 فبراير 2012 في الملف المدني عدد 2956/1/2/2011 منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 76 ما يلي:

” إن التقاضي على درجتين هو من النظام العام، واستئناف الأحكام ينشر الدعوى أمامها من جديد ليتيح لها البت في جوهر موضوعها، وأن إحجامها عن ذلك يشكل خرقا للفصل 146 من ق.م.م الذي يوجب عليها إذا ما ألغت الحكم المطعون فيه أن تتصدى له في الجوهر إذا كانت جاهزة “.

[51]  اعتبرت محكمة النقض أن مجرد إثبات الورثة لصفتهم الإرثية في الهالك يخولهم حق الطعن بالاستئناف في الحكم، ولو لم تسجل إراثتهم بالرسم العقاري، وقضى بنقض القرار الاستئنافي المطعون فيه القاضي بعدم قبول استئناف الورثة لانعدام الصفة بسبب عدم تسجيل إراثتهم بالرسم العقاري.

– قرار محكمة النقض عدد 734 صادر بتاريخ 7مارس1995 في الملف المدني عدد 3905/87 منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 47- ص 35.

[52]   جاء في قرار لمحكمة النقض أن ” طرق الطعن في الأحكام لا تمارس إلا مرة واحدة. وأن الشخص الذي خسر الطعن بالاستئناف في حكم ما بسبب عدم احترامه شروط القبول ـ عدم بيان الأسباب ـ لا يجوز له أن يعود إلى استئناف نفس الحكم من جديد بمقال مستوف للشروط. وأن المحكمة عندما قبلت استئناف حكم سبق التصريح بعدم قبول استئنافه تكون قد خرقت قاعدة جوهرية تتعلق بممارسة الطعن في الأحكام “.

– قرار رقم 141 صادر بتاريخ 23 فبراير1977 منشور بمجلة المحاماة عدد 13 ـ ص 120.

[53]  قرار محكمة النقض عدد 70 صادر بتاريخ 24 ماي 1977 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 128 ـ ص 100، اعتبر بمقتضاه أن ” الاستئناف ينشر الدعوى من جديد أمام محكمة الدرجة الثانية ويبقى الحق للأطراف في إثارة كل الدفوع التي يرونها لصالحهم أمام المحكمة المذكورة “.

[54]  تنص مقتضيات الفصل 143 من ق م م على ما يلي:

” لا يمكن تقديم أي طلب جديد أثناء النظر في الاستئناف باستثناء طلب المقاصة أو كون الطلب الجديد لا يعدو أن يكون دفاعا عن الطلب الأصلي. يجوز للأطراف أيضا طلب الفوائد وريع العمرة والكراء والملحقات الأخرى المستحقة منذ صدور الحكم المستأنف وكذلك تعويض الأضرار الناتجة بعده. لا يعد طلبا جديدا الطلب المترتب مباشرة عن الطلب الأصلي والذي يرمي إلى نفس الغايات رغم أنه أسس على أسباب أو علل مختلفة “.

– وقد اعتبر محكمة النقض في هذا السياق أنه: ” طبقا للفقرة الأولى من الفصل 143 من ق م م فإن الطلب الذي يمكن تقديمه لأول مرة أثناء النظر في الاستئناف، هو المترتب مباشرة عن الطلب الأصلي والذي يرمي إلى نفس غاياته، لذلك فالطلب المقابل الذي المدلى به من طرف المستأنفة لأول مرة أمام محكمة الاستئناف الرامي إلى المصادقة على الإعلام بالإفراغ لا يهدف للدفاع عن الطلب الأصلي المتعلق بإبطال التنبيه بالإخلاء لاختلاف موضوع الطلبين، لذلك فهو يعد طلبا جديدا، ومحكمة الاستئناف لما اعتبرته كذلك وصرحت بعدم قبوله، تكون قد طبقت بصفة صحيحة أحكام الفصل المذكور والوسيلة على غير أساس “.- قرار رقم 1647 صادر بتاريخ 25أكتوبر2000 في الملف التجاري رقم 105/1/2/98 منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد مزدوج 57 ـ 58 ـ السنة 23 ـ ص 204.

كما أن نفس المحكمة اعتبرت في قرار آخر أنه:

” … لما كان الأثر القانوني والفعلي المترتب بداهة عن الحكم بفسخ عقد الكراء هو إفراغ المكتري من المحل موضوع العقد فإن طلب تفسير القرار الاستئنافي القاضي فقط بفسخ عقد الكراء وذلك بالتنصيص على إفراغ المكتري هو أو من يقوم مقامه لا يعتبر طلبا جديدا باعتبار أنه لم يضف أية واقعة جديدة وإنما كان القصد منه هو إعطاء المعنى الصحيح لفسخ عقد الكراء وترتيب الآثار القانونية لهذا الفسخ الذي لا يمكن تصوره بدون إفراغ، ومن ثم فإن المحكمة عندما قضت في النازلة بناء على ما ذكر تكون قد صادفت الصواب “.

– قرار عدد 46 صادر بتاريخ 15 يناير03 في الملف عدد 1055/3/1/03 ( مشار إليه ضمن التقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة 2003 ) ـ ص 106.

[55]  ينص الفصل 135 من ق م م على ما يلي: “يحق للمستأنف عليه رفع استيناف فرعي في كل الأحوال ولو كان قد طلب دون تحفظ تبليغ الحكم ويكون كل استيناف نتج عن الاستيناف الأصلي مقبولا في جميع الأحوال غير أنه لا يمكن في أي حالة أن يكون سببا في تأخير الفصل في الاستيناف الأصلي”.

[56] البلتاجي سامح جابر: التصدي في الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، 2000، ص86.

[57]  تركي علي عبد الحميد: نطاق القضية في الاستئناف، دار النهضة العربية، 1998، ص120.

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *