قراءة في الاتفاقية الدولية للطفل لسنة 1989

قراءة في الاتفاقية الدولية للطفل لسنة 1989

العربي بنساسي

طالب باحث بسلك الدكتوراه

جامعة محمد الخامس – الرباط

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – سلا

مقدمة:

مع ولادة كل طفل في أي مكان في العالم، تتجدد آمال بني البشر وأحلامهم، فمما لاشك فيه أن الطفولة هي نواة المستقبل، فهم صانعوه وهم ثروات الأمم والأمل المنشود الذي تتطلع إليه في تحقيق أهداف المستقبل وبما أن تطور حقوق الإنسان على الصعيد الدولي قد اثار اهتماما ووعيا بضرورة تعزيز هذه الحقوق وتشجيعها واحترامها للناس جميعا من دون أي نوع من أنواع التمييز، وانطلاقا من المبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة التي يجسد فيها الاعتراف بالكرامة المتأصلة لجميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم على قدم المساواة وبصورة غير قابلة للتصرف بها أساسا للحرية والعدالة والسلم في العالم، فقد باتت حقوق الطفل وضرورة حمايتها جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان العالمية. وقد اعترفت الأسرة الدولية برمتها بذلك حينما تبنت في سنة 1989 اتفاقية حقوق الطفل وتعهدت بتحقيق الأهداف التي اقرها مؤتمر القمة العالمي من أجل الأطفال لسنة 1990.

هذا يقودنا إلى القول بان القرن التاسع عشر شهد اعترافا دوليا ورسميا بحقوق الطفل وبمنأى عن حقوق عائلته ، وأصبح هذا الاعتراف أمرا واقعيا ووضعت احتياجات الأطفال وحقوقهم في مركز الصدارة لأية استراتيجية تنموية، إذ أن الطفولة هي المرحلة التي تتشكل فهيا عقول البشر وأجسادهم وشخصياتهم وهي المدة التي يلحق أي حرمان تدريجي خلالها دمارا طويل الأمد وتشويها للتنمية البشرية مما يستوجب معه أن يظل قدر الإمكان بمنأى عن أي تهديدات مهما كانت مصادرها كما تجب حمايتهم من أفدح الأخطاء والمؤتمرات التي يرتبها ويحيكها عالم الكبار.

قراءتنا لاتفاقية الأمم المتحدة الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989 ستكون وفق التصميم الآتي:

المبحث الأول: الاهتمام الدولي بحقوق الطفل في العصر الحديث.

المبحث الثاني: قراءة في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989

المبحث الأول: الاهتمام الدولي بحقوق الطفل في العصر الحديث:

في وقتنا الحاضر يحتل الطفل مكانا متميزا في نواحي الحياة الخاصة ولاسيما في القانون، ولقد تعدت الأهمية الممنوحة للطفل النطاق الوطني إلى النطاق الدولي.

ولقد كان تطبيق القانون الدولي ينحصر في إطار محدد لا يتخطاه ألا وهو إطار العلاقات الدولية بين الدول والمؤسسات الدولية كونهم هم فقط بحسب الاتجاه التقليدي للقانون الدولي أشخاص هذا القانون. إلا أن الاتجاه الحديث والأعراف الدولية اتجهت إلى تطوير القانون الدولي بالاعتراف بالأفراد كأشخاص له إلى جانب الدول والمنظمات الدولية مادام أن قواعد القانون الدولي تهدف بشكل أو بآخر إلى حماية  حقوق ومصالح الفراد في إطارها الدولي، لذا استظل الانسان بصورة عامة والأطفال بصورة خاصة بحماية القانون الدولي سواء من خلال الاتفاقيات الدولية أم علاقات دولة ما يغيرها من الدول أم من خلال الرعاية التي تضفيها المؤسسات الدولية مباشرة.

ومنذ سنة 1924 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية لم يشهد المجتمع الدولي أي محاولة حقيقية للاعتراف بالطفل وبحقوق ينظمها القانون الدولي، أو إنشاء مؤسسات أو هيئات دولية تعنى بمشاكل الطفولة، إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ونشأة هيأة الأمم المتحدة حيث كان الدمار الذي خلفته الحرب كبيرا، لم يستثني من آثاره الوخيمة أي أحد، بل إن الطفل مورس عليه من الوحشية والقسوة ما مورس على الكبار، وقد توج العمل في إطار منظمة الأمم المتحدة بإصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 والذي تضمن بحكم موضوعه مجموعة مهمة من الحقوق الإنسانية الأساسية والعامة، وبعض النصوص الخاصة بالطفل، وإن كانت كل الحقوق سواء العامة أو الخاصة في خدمة الطفل بالدرجة الأولى، على اعتبار أن الطفل إنسان أولا، وثانيا لأن الطفولة إنما هي مرحلة من المراحل الإنسانية.

ولعل الاهتمام بقضايا الطفولة في هذا الإعلان، ولو بهذا الجزء اليسير إنما يعتبر اعتراف من المجتمع الدولي للطفل بانفراده بعناية خاصة تتميز عن تلك الخاصة بالإنسان بصفة عامة.

وتواثر اهتمام المجتمع الدولي بالطفل، وأصبح يتأكد من يوم لآخر أن للطفل حاجات خاصة به، وأن إقرار قواعد خاصة لإبراز هذه الحقوق وحمايتها ورعايتها أصبح هاجسا، بل وواجبا على كامل المجتمع الدولي، ولقد ترجم هذا الاهتمام بإصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة في نونبر 1959 القرار رقم 1386 ) ®14( الذي سمي بإعلان حقوق الطفل([1])، والذي أكدت من خلاله الأمم المتحدة وبصفة غير مباشرة الدولة الموقعة على الإعلان أن حقوق الطفل غير قابلة للتنازل.

وبانتقال النصوص الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان من مرحلة عدم الالتزام على مرحلة الالزام تخطو أيضا حقوق الطفل خطوة مهمة وقد تكرس ذلك عن طريق إقرار العهدين الدوليين من طرف هيئة الأمم المتحدة وذلك سنة 1966، حيث أشار العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية إلى حقوق الطفل في عدة مواد، كما تضمن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية نصوصا تتعلق أيضا بحقوق الطفل.

ولقد خصص للطفل عام تحتفل به الأمم المتحدة وسمي ²بالعام الدولي للطفل² ([2])،  للدلالة على أهمية حماية الطفولة باعتبارها العصب الرئيسي واللبنة الأساسية في بناء المجتمعات ودفع صرح الإنسانية إلى الأمام.

وقد ظلت هذه النصوص الدولية هي الشرعية التي تعتمدها الدول في إقرار الحقوق إلى غاية سنة 1989، تاريخ صدور اتفاقية حقوق الطفل.

المبحث الثاني: قراءة في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989:

لقد كانت المطالبة بعقد اتفاقية دولية خاصة بحقوق الطفل أمرا ملحا دائما، وبرزت الحجة القائلة أنه مادامت حقوق الإنسان تتطلب مجموعة تشريعات دولية مترابطة ومتكاملة يعترف بها عالميا وتصدر بها اتفاقيات محددة وملزمة، فإن الدفاع عن حقوق الأطفال يجب أن يعتمد أيضا على مجموعة قوانين دولية ملزمة ومعترف بها([3]).

ومن ناحية أخرى فإن إعلانات حقوق الطفل، رغم تعلقها مباشرة بالأطفال، إلا أنها جاءت خالية من الاثار القانونية الملزمة، فهي على الراي الراجح فقها وعلى ما جرى عليه العمل الدولي، لم تعد بمثابة توصية لا تلزم الدول المخاطبة بها من الناحية القانونية، فلا تعتبر الدولة المعنية مسؤولة مسؤولية دولية في حالة عدم الاستجابة لما جاء فيها من أحكام، أما مشروع الاتفاقية، فإنه إذا ما دخل حيز التنفيذ بعد التصديق عليه من الدول أصبح مصدر القواعد قانونية ملزمة للدول  التي صدقت عليه،ـ وبحيث يمكن مساءلتها قانونا عند مخالفتها لأحكامه، ومعنى هذا ان الاتفاقية تنتقل بحقوق الطفل من دائرة الاختيار إلى دائرة الإلزام، كما انها تكفل نظاما قانونيا للحماية يرتب مجموعة من الحقوق والالتزامات القانونية، ولعل ذلك هو بيت القصيد اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل([4]).

وتجدر الإشارة أن عقد اتفاقية حقوق الطفل لم يكن أمرا يسيرا فلقد بذلت الدول والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية جهودا كبيرة لأجل إخراج هذه الاتفاقية إلى الوجود.

ولا شك أن عقد الاتفاقية يعكس التصور العام الذي لحق بحقوق الطفل في المستوى الدولي، لما لها من طبيعة خاصة ومميزة يحكم كونها أول اتفاقية دولية تعالج حقوق الطفل بشكل كامل ومفصل، كما أنها قد جعلت الطفل شخصا من أشخاص القانون يحوز تلك الحقوق. ننتقل بعد هذا للوقوف عند:

أولا: ظروف وملابسات عقد الاتفاقية

ثانيا: مضمون الاتفاقية ومبادئها الرئيسية

ثالثا: تأثير الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل على التشريعات الوطنية.

أولا: ظروف وملابسات عقد الاتفاقية

بعد مرور أقل من عشرين عاما على إصدار إعلان حقوق الطفل لعام 1959، وفي عام 1978 عرض ممثل بولندا مشروع قرار بعنوان ²مسألة إعداد اتفاقية بشأن حقوق الطفل²، على الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف منح حماية الطفل طابع الإلزام على المستوى الدولي، هذا فضلا عن تعيين بعض الحقوق الجديدة للطفل وتطوير البعض الآخر([5]).

ولقد انعكس توجه الاتفاقية على موقف المشرع المغربي والذي بدوره لم يتخلف عن مواكبة ركب الاهتمام بهذه الشريحة من المجتمع -الأطفال-عبر تحديث الترسانة القانونية المنظمة لحقوق هذه الفئة وكذلك إدماج مضامين اتفاقية حقوق الطفل في السياسات العمومية، علاوة على تفعيل دور المجتمع المدني في هذا المجال.

ولذلك سن المشرع المغربي أحكاما خاصة بحماية حقوق الطفل فغي مختلف فروع القانون، كما أن الدستور السادس للمملكة الصادر في عام 2011، كرس هذا الحق وارتقى به على مصاف الحقوق الدستورية، حيث ينص الفصل 31 على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة ومن الحق في التنشئة على التشبث بالهوية المغربية والثوابت الوطنية الراسخة والحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة.

وينص كذلك الفضل 32 على أن الدولة تسعى لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية، إضافة على أن التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة، كما يشير نفس الفصل إلى إحداث مجلس استشاري للأسرة والطفولة.

أ-المبادرة البولندية:

يرجع الفضل الأول في اقتراح عقد اتفاقية حقوق الطفل إلى بولندا، وقد تم إدراج هذا الاقتراح في الجلسة الرابعة والثلاثون للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمنعقدة في أوائل عام 1978([6]).

وتوقيت هذه المبادرة كان يهدف على اعتماد الاتفاقية في عام 1979. وذلك في أثناء الاحتفال بالعام الدولي للطفل، وهو في نفس الوقت ذكرى مرور عشرين عاما على صدور إعلان حقوق الطفل والذي أقرته الجمعية العامة سنة 1959. وهذا ما يفسر ان نص الاتفاقية الذي اقترحته بولندا قد جاء مطابقا لمبادئ إعلان حقوق الطفل عام 1959. حيث كان من المأمول فيه أن تتم الموافقة على مشروع الاتفاقية بمناقشة قليلة، وذلك على أساسا أن هذه المبادئ قد تم الموافقة عليها من قبل من جانب المجتمع الدولي، ومن هنا يمكن للجمعية العامة للأمم المتحدة ان تقر وتعتمد النص النهائي للاتفاقية قبل نهاية عام 1979. لكن كانت هناك أسباب قانونية وواقعية أدت إلى تأخير عقد الاتفاقية.

أولها: مدى اتجاه هذه المبادرة إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأطفال، حيث أغفلت الكثير من هذه الحقوق.

ثانيها: أنها تبدو وكأنها مبادرة اللحظة الأخيرة، حيث أن النص لم يكن قد اكتمل في صورته النهائية، وبالتالي فلن يحصل على التأييد المطلوب، فعندما عمم السكرتير العام للأمم المتحدة هذا الاقتراح على الدول، والمنظمات المتخصصة، وذلك بغرض تقديم آرائهم واقتراحاتهم كان هناك حماسا شديدا للمبادرة، لكن في المقابل كان هناك اعتراضات من جانب بعض الدول. فعلى سبيل المثال فقد أوضحت الحكومة الدانمركية أن لغة النص غير محددة حيث أنها تفتقر إلى الحسم والوضوح، وبأن النص قد تجاهل التعامل مع جميع الحقوق، كما ان مسودة النص قد تجاهلت أيضا الفاعلية الخاصة بتنفيذ الاتفاقية.

ثالثها: أن ثمة نقطة أخرى هامة قد اثارتها المنظمات المتخصصة وهي انه لا يمكن اعتماد نص الاتفاقي إلا بعد قدر كاف من التقارير والبرامج([7]). فحينما طلبت لجنة حقوق الإنسان من الأمين العام للأمم المتحدة جميع اقتراحات وملاحظات الدول الأعضاء والوكالات المتخصصة([8]). تلقي السكرتير العام 28 ردا من الدول الأعضاء، و4 من الوكالات المتخصصة و15 من منظمات غير حكومية، إلا أن اليونيسيف لم تتقدم بأية ملاحظات([9]). وفي عام 1979 وعلى أساسا هذه الردود، قررت الأمم المتحدة إنشاء مجموعة عمل لوضع المسودة الأولى لاتفاقية حقوق الطفل.

ب- مجموعة العمل المكلفة بإعداد مشروع الاتفاقية:

تماشيا مع مطلب الكثير من الدول، عهدت لجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة إلى مجموعة عمل مهمة إعداد مشروع اتفاقية دولية لحقوق الطفل، وذلك بقرار صدر في 12 مارس 1979([10]).

ولقد تألقت مجموعة العمل من الثلاثة وأربعين دولة الأعضاء في لجنة حقوق الإنسان، بالإضافة على إمكان مشاركة ممثلين من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بوصفهم مراقبين، وكذلك ممثلوا الوكالات المتخصصة والمنظمات غير الحكومية. وكان النص البولندي هو وثيقة العمل الأساسية للمجموعة.

وكانت الاجتماعات تعقد على الملأ، وقد عقدت مجموعة العمل أول اجتماع لها في عام 1979، حتى تقوم ببداية فورية لمناقشة مشروع الاتفاقية. ومنذ عام 1980 وحتى 1987 كان يعقد اجتماعا سنويا([11]). ولقد كان هناك عامل إيجابي أثر في دور مجموعة العمل وخاصة في مهدها الأول، وهو التغير الذي طرا في الثمانينات على العلاقات الدولية، وخاصة عندما بدأت علاقات الشرق والغرب في الاندماج، فهذا الجو السياسي قد ساهم بصورة كبيرة في مساعدة مجموعة العمل نحو التحرك للأمام. كما كان لإسهام الوكالات المتخصصة مثل منظمة العمل الدولية، ومنظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة، وكذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واللجنة العليا لشؤون اللاجئين، دورا كبيرا في حل المشكلات التي ظهرت خلال المناقشات. والفئة المهمة جدا والتي ساعدت في إنجاز مشروع الاتفاقية كانت هي المنظمات غير الحكومية. Non-Governmental Organization لأنها كانت بمثابة الأداة في تمكين العديد من الحكومات من أن تأخذ مشروع الاتفاقية بجدية أكثر بالإضافة لتعاونها المستمر مع اليونيسيف في تدعيم وتأييد عملية الحصول على اعتماد للاتفاقية من جانب الأمم المتحدة([12]).

وتعكس التقارير الصادرة عن مجموعة العمل، هذا الدور الكبير الذي قامت به المنظمات غير الحكومية. فقد أوضحت أن المنظمات غير الحكومية لها أثر واضح في صياغة شكل ومحتوى الاتفاقية، وكذلك على العديد من المجالات والحقوق التي قررتها الاتفاقية.

وفي فبراير 1988، أتمت مجموعة العمل قراءتها الأولى للاتفاقية ولإتماما قراءتها الثانية، عقدت اللجنة 12 اجتماع في المدة من 28 فبراير حتى 9 ديسمبر عام 1988. وفي خلال القراءة الثانية للاتفاقية حدثت تغيرات واضحة في النصـ، وقد أنشئ 16 مجموعة لكتابة مسودات وتقارير مجموعة العمل الرئيسية([13]).

وقد استطاع فريق العمل أن ينجز القراءة الثانية بسرعة والتزام، على الرغم من العديد من المناقشات المطولة والصعبة حلو بعض القضايا المعقدة، مثل الحماية القانونية للطفل قبل الولادة، والديانة، والتبني.

وتم عرض النص النهائي للاتفاقية الخاصة بحقوق الطفل على لجنة حقوق الإنسان، والتي اقرتها في 8 مارس عام 1989، ورفعتها بدورها إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة([14]).

وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل في 20 نوفمبر 1989، وفتح باب التوقيع عليها في 26 يناير 1990. حيث وقع عليها في ذلك اليوم واحد وستون دولة، ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ في 2 سبتمبر 1990. أي بعد مرور شهر على تصديق الدولة العشرين عليها، إعمالا لنص المادة 49 منها، وأصبحت في ذلك التاريخ قانونا دوليا يسري على الدول الأطراف وتعتبر اتفاقية حقوق الطفل من أسرع الاتفاقيات العامة المتعددة الأطراف دخولا في حيز النفاذ وهو يترجم الاهتمام والدعم اللذين تحظى بهما الاتفاقية على مستوى العالم([15]).

وإذا كانت الاتفاقية تخاطب الحكومات بصفة أساسية، إلا أنه من الواجب أن نأخذ في الاعتبار أن الاتفاقية تخاطب أيضا كل السلطات المسؤولة بين أعضاء المجتمع، فيجب احترامها من الآباء، وكل أعضاء الأسرة، وكل من يعملون في المدارس، وكذلك أصحاب المهن([16]).

ثانيا: مضمون الاتفاقية ومبادئها الرئيسية

اتفاقية حقوق الطفل فريدة من نوعها إذ أنها تجمع في نظام شامل كل الفوائد القانونية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال، والتي كانت سابقا مبعثرة في عدة اتفاقيات دولية.

والاتفاقية تنطبق على جميع الأطفال الذين هم دون الثامنة عشرة عدا أولئك الأطفال الذين يصلون إلى سن الرشد قبل ذلك السن، وفقا لما تحدده القوانين الوطنية لبلدانهم، والحقوق الواردة في الاتفاقية تنطبق على جميع الأطفال دون أي تمييز([17]) وتتكون اتفاقية حقوق الطفل من ديباجة و54 مادة، وهذه المواد تنقسم بدورها إلى ثلاثة أجزاء:

الجزء الأول: يتناول مجموعة الحقوق المقررة للطفل، والالتزامات الجوهرية المترتبة على الدول الأطراف التي تصادق على الاتفاقية )المواد، 1: 41(.

الجزء الثاني: يتعلق بإنشاء آلية دولية من أجل مراقبة تنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاقية وهي، لجنة حقوق الطفل، وبيان اختصاصها وطريقة عملها. )المواد، 42: 45(.

الجزء الثالث: وهو مجموعة المواد التي تنظم كافة المسائل الإجرائية المتعلقة بالاتفاقية )المواد، 46: 54(.([18]).

ويوجد ضمن نصوص الاتفاقية أربعة مواد وهي )2، 3، 6، 12( اعتبرتها لجنة حقوق الطفل خلال دراستها للمفهوم الحقيقي لحقوق الطفل بمثابة مبادئ أساسية أو عامة للاتفاقية، لأنها تؤثر في حقوق الطفل الأخرى، فضلا على أنها تساعد في تفسير الاتفاقية([19]). والمبادئ الأربعة الأساسية التي أبرزتها لجنة حقوق الطفل في دورتها الأولى المعقودة عام 1991، هي:

1-حق الطفل في المساواة  )عدم التمييز(:

بشكل مبدأ عدم التمييز واحدا من الأسس المستقرة لفلسفة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وقد جاءت المواثيق الدولية والإقليمية لتؤكد في صدر نصوصها على الحق في المساواة بين الناس جميعا دون أي تمييز أو استثناء([20]).

وبالفعل فإن حق الطفل فيس المساواة، يعتبر من المبادئ الأساسية لاتفاقية حقوق الطفل، حيث تنص الاتفاقية على ذلك في المادة الثانية منها، بالقول: ²ينبغي على الدول الأطراف أن تضمن لجميع الأطفال الذين يخضعون لولاياتها التمتع بحقوقهم دون أي نوع من أنواع التمييز، بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو جنسيتهم أو لغتهم أو ديانتهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو ا\صلهم القومي أو الأثني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم أو أي وضع آخر² ([21]).

والرسالة القوية من هذا المبدأ هي التأكيد على مبدأ تكافؤ الفرص، بمعنى أن تتاح للبنات الفرص نفسها التي تتاح للأولاد، كما ينبغي أن يمنح أطفال اللاجئين والأطفال من أصل أجنبي وأطفال الفئات الأصلية أو الأقليات، الحقوق نفسها الممنوحة لسواهم جميعا، وينبغي أيضا ان يمنح الأطفال الذين يعانون من عجز الفرصة الحقوق نفسها الممنوحة لغيرهم في التمتع بمستوى معيشي ملائم([22]) إن المجتمع الدولي يدرك ضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين: وبعدم تحقيق وجود مجتمع عادل إذا استمرت حقوق الإنسان الأساسية تمنح للذكور دون الإناث. وعلى ذلك فإن ممارسة التمييز بين الأولاد، سوف يؤدي إلى الإضرار بالبنت من جميع نواحي الصحة والتعليم والترفيه والفرصة الاقتصادية، فتنتهك بذلك حقوقها الممنوحة لهات بموجب الاتفاقية([23]).

2-تحقيق المصلحة العليا للطفل:

تجسد اتفاقية حقوق الطفل مبدأ أساسيا هو مبدأ ²الأطفال أولا² ويعنى هذا المبدأ ان تكون مصلحة الطفل العليا ²Intérêt supérieur de l’enfant² من الاعتبارات الأولى عند اتخاذ سلطات الدولة أية قرارات تتعلق بالأطفال.

ولقد كرست المادة الثالثة من الاتفاقية هذا المبدأ العام الذي تقوم عليه الاتفاقية حيث تقرر ²في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى².

وتشير العديد من المواد الأخرى الواردة في الاتفاقية إلى هذا المبدأ، للتأكيد على الأولوية لمصالح الطفل العليا عند النظر في اتخاذ أي إجراء وأيا كانت طبيعته([24]).

لاشك أن واحدا من ابرز التطورات التي جاءت بها اتفاقية حقوق الطفل هو منح مصلحة الطفل الاعتبار الأعلى، والذي بمقتضاه لم تعد مصالح الدولة أو الوالدين تشكل وحدها كل العوامل المؤثرة التي يجب أخذها بعين الاعتبار، عند اتخاذ أية قرارات تتعلق بالأطفال، فهناك أيضا مصلحة الطفل ذاته، والتي تكون لها في بعض الحالات الاعتبار الحاسم في اتخاذ القرار، بل هناك من يرى، أن ذلك الاعتبار كان عاملا أساسيا ودافعا نحو إدراك ضرورة الانتقال بالتزام المجتمع الدولي تجاه حقوق الطفل إلى مستوى نوعي جديد، بعد أن اتضح أن مصالح الأطفال ليست بالضرورة متماثلة مع مصالح أولياء أمورهم([25]).

إن النقطة الهامة المتعلقة بمبدأ الأطفال أولا، هي أنه يجب أن يكون هؤلاء الأطفال قادرين على الاعتماد على ذلك الالتزام في كل الأوقات العادية، ولا يقتصر ذلك على الظروف الاستثنائية، لأنه لو ساد الاعتقاد بان مبدأ الأطفال أولا واتفاقية حقوق الطفل، يطبقان على الحالات الاستثنائية فقط، فإن جوهر الحماية لابد وأن يكون قد ضاع([26]).

وعلى الرغم أن اتفاقية حقوق الطفل لم تحدد صراحة المقصود ²بمصلحة الطفل العليا² إلا أن تقرير المبدأ في حد ذاته ستكون له انعكاسات، مفيدة على التشريعات الوطنية للدول، والتي تنص عادة على مصلحة الطفل، دون أن تشير صراحة بأن تحظى هذه المصالح بالأولوية والرعاية. ولو أن هذا المبدأ قد تم غرسه في ضمائر الحكومات والمجتمع الدولي، فإن الوضع سوف يختلف بالنسبة للملايين من أطفال العالم.

3-المحافظة على حق الطفل في البقاء والنماء:

من المبادئ الرئيسية التي أكدت عليها اتفاقية حقوق الطفل هو مبدأ المحافظة على حق الطفل في الحياة، والتي أقرته جميع مواثيق حقوق الإنسان([27]) لأن هذا الحق هو الذي يضمن للطفل التمتع بكافة الحقوق الأخرى الممنوحة له بموجب الاتفاقية، ولذلك فقد نصت الاتفاقية على أنه ²تعترف الدول الأطراف بأن لكل طفل حقا أصيلا في الحياة² ([28]) إن اتفاقية حقوق الطفل قد أوجبت 8لى الدول الأطراف أن تضمن إلى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه، وهذا يعني أن حق الطفل في الحياة لا يتمثل فقط في المحافظة على هذا الحق، بل وفي توفير الظروف الملائمة لبقاء الطفل ونموه، وينبغي  تفسير كلمة ²النمو² في هذا السياق بمعناها الواسع، على أن يضاف إليها بعد نوعي آخر هو أنه ليس المقصود بالنمو الصحة البدنية فحسب، بل أيضا النمو العقلي والإدراكي والعاطفي والاجتماعي والثقافي([29]).

4-احترام آراء الأطفال:

ينبغي أن يكون للأطفال حرية الرأي في جميع المسائل التي تؤثر عليهم، وإيلاء الاعتبار الواجب لهذه الآراء، وفقا لسن الطفل ونضجه([30]) والفكرة الكاملة من وراء هذا المبدأ، هي أن يكون للطفل الحق في أن يستمع إليه وفي حمل آرائه محمل الجد في أية ميادين تشمل أي إجراءات قضائية أو إدارية أو اجتماعية تتعلق بحياة الطفل، لأنه حتى يتم صقل شخصية الطفل والمساهمة في نموه الذهني، يجب أن يتمتع بحرية تكوين آرائه والتعبير عنها بحرية وبأية وسيلة يختارها بنفسه، ضمن حدود النظام العام والآداب العامة ووفقا لسنه ودرجة نضجه. ومن هذا المنطلق فإن الحكومات يتعين عليها أن تجد الطرق الأكثر جدية لأخذ آراء الأطفال في الاعتبار. ويعتبر انتشار برلمانات الأطفال تطورا هاما على هذا الصعيد، غير أنه لا يجب أن ينظر لهذه البرلمانات على أنها مجرد تمرين تثقيفي للأطفال، بل ينبغي أن تعتبر مؤسسات ديمقراطية هامة([31]).

وقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة ²كوفي عنان Kofi Annan² على هذا المبدأ بالقول ²أن الأطفال لهم نفس المكانة كالبالغين كأعضاء في الأسرة الإنسانية. وأن الدول ملزمة بأن تدرك الهيكل العام للحقوق الإنسانية لكل الأطفال، لأنه عند استخدام التعريق الاصطلاحي للأطفال كبشر تحت سن الثامنة عشر، فإن ذلك يشمل نسبة كبيرة من سكان العالم. وإذا كان الأطفال بشكل عام لا يشاركون في العمليات السياسية، إلا أن الكثير من الدول بدأت تستمتع بصورة جادة إلى وجهات نظر الأطفال في كثير من القضايا الهامة التي تتعلق بهم([32]).

ثالثا: تأثير الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل على التشريعات الوطنية:

أ-على المستوى الوطني:

اتفاقية حقوق الطفل هي اتفاقية دولية ملزمة وضعت قوانين جديدة لحماية الطفل، وتعتبر أهم وأكثر اتفاقيات حقوق الإنسان قبولا لدى المجتمع الدولي، حيث صادقت عليها جميع دول العالم فيما عدا دولتين فقط([33]) وقد أحدثت الاتفاقية تأثيرا كبيرا منذ إقرارها في عام 1989.

ويرى البعض، أن هناك أسباب جعلت الفوائد القانونية من وراء الاتفاقية كبيرة جدا، لعل أهمها.

  • إن الحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية، وكذلك الحقوق المدنية والسياسية الواردة في الاتفاقية، لها صفة متساوية ولا يمكن فصلها عن بعضها البعض.
  • إنه لا يمكن اعتبار هذه الحقوق حقوقا تجريدية، بل هي حقوق عملية، ومن ثم يمكن المحافظة عليها بموجب الاتفاقية بوصفها ملزمة من الناحية القانونية، وبالتالي فهي توفر أساسا تشريعيا لسياسات البلدان التي صادقت عليها.
  • إن الاتفاقية تتناول الأشياء التي يصعب قياسها، مثل الضرر النفسي والجسماني الذي يلحق بالأطفال نتيجة لاستغلالهم الاقتصادي والجنسي، أو بسبب اشتراكهم في أعمال العنف والنزاعات المسلحة. فالاتفاقية تؤمن للطفل الحماية من التشرد وكافة الشرور والانتهاكات التي يتعرض لها على مستوى العالم([34]).

ولاشك أن التغييرات التي تجربها الدول التي صادقت على الاتفاقية على أنظمتها التشريعية، هي تغيرات هامة أطلقت شرارتها الاتفاقية. إذ تمثل القوانين الجديدة والتي تمت صياغتها بلغة أوضح نقلة كبيرة في التشريعات القانونية للدول، وتعطي الأولوية القصوى لما هو في مصلحة الطفل، وتتراوح الإجراءات التي اتخذتها الدول في هذا الصدد بين تبني الاتفاقية على نطاق واسع، وبين إعادة النظر في القوانين، وإجراء التغيرات الدستورية. وكذلك إنشاء أجهزة لتطبيق الاتفاقية.

فعلى سبيل المثال، تضمن الدستور الجديد الذي صدر في ²توجو² كافة المواد ذات الصبغة الإجرائية الواردة في الاتفاقية. وفي ²أنجولا وناميبيا²: فقد عمدت إلى تضمين دساتيرها عناصر مختلفة من الاتفاقية. وفي ²اثيوبيا² نجد الدستور الأثيوبي يستلهم الكثير من أحكامه الخاصة بالطفل من نصوص الاتفاقية.

وفي ²أوغندا² يعتبر المدافعون عن حقوق الطفل ²المرسوم الجديد الخاص بالطفل² الذي وقعه الرئيس ²يوري موسيفيني² في مايو 1996، خطوة رائدة وتاريخية على مستوى القارة الإفريقية بأكملها. ويؤكد هذا المرسوم الذي يسترشد في توجهاته بأحكام الاتفاقية، التزام أوغندا الكامل بتلبية احتياجات مواطنيها الصغر سنا، ويخول التشريع للسلطات المحلية إقامة محاكم الأطفال والعائلات في كل مقاطعة ومنطقة. كما ينص على إجراءات خاصة بالرعاية البديلة والتبني، ويضع الأسس الإنسانية لعمليات إعادة التأهيل للجانحين من الأحداث. اما قانون حماية الطفل التونسي الذي أقر في أكتوبر 1995، فيشتمل على 123 مادة، تتضمن إتساق القوانين الوطنية مع نصوص الاتفاقية، وينص القانون على تعيين مندوب في كل محافظة من محافظات البلاد ليكون مسؤولا عن حماية الأطفال([35]).

ولقد انعكس توجه الاتفاقية على موقف المشرع المصري الذي رأى إنفاذا لأحكامها، إصدار تشريع خاص بحقوق الطفل هو القانون رقم 12 لسنة 1996، في الخامس والعشرين من مارس 1996، وذلك للتأكيد على أهمية الحماية القانونية للطفل([36]).

وما برح تأثير الاتفاقية يتسم بالعمق، فمن ماليزيا إلى المكسيك، ومن ناميبيا إلى النرويج. ومع كل يوم ينقضي يتزايد فهم الأطفال لحقوقهم، كما أنت الذين يعيشون ويعملون معهم يزدادون فهما لكيفية احترام هذه الحقوق([37]).

ب-على المستوى الدولي:

أما على المستوى الدولي فقد كان تأثير الاتفاقية سريعا وعميقا، حيث تشكلت ائتلافات عديدة حول العالم تضم هيئات حكومية ومجموعات مدنية، ومنظمات تابعة للأمم المتحدة، ومنظمات دولية غير حكومية، ومؤسسات خيرية، ومواطنين يشعرون بالمسؤولية من أجل إنصاف الأطفال في جميع بلدان العالم، عن طريق دعم اتفاقية حقوق الطفل ونشر مبادئها.

وكانت أول الخطوات التي أوضحت الاهتمام الدولي لوضع اتفاقية حقوق الطفل موضع التطبيق الفعلي. هو عقد مؤتمر عالمي من أجل الطفولة في التاسع والعشرين والثلاثين من سبتمبر عام 1990، فقد تجمع أكبر حشد من قادة دول العالم في مقر الأمم المتحدة ²بنيويورك² لمناقشة جدول أعمال مكون من بند واحد فقط وهو ²الأطفال² وفي ختام تلك القمة التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ، تبنى واحد وسبعون من زعماء العالم ورؤساء الحكومات، إضافة إلى ثمانية وثمانون ممثلا رسميا آخر معظمهم برتبة وزراء – الإعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته ونمائه في التسعينات، وخطة عمل لتنفيذ بنود ذلك الإعلان، ويمثل هذا الإعلان وخطة العمل الصادرة عنه صورة حقيقية للتأثير الذي أحدثته الاتفاقية على المستوى الدولي([38]).

ويذكر في هذا الخصوص أيضا المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان الذي عقد في ²فيينا² عام 1993، فقد طالب المؤتمر بالتصديق المبكر على اتفاقية حقوق الطفل، وبوجوب العمل على تحقيق كافة الحقوق الواردة فيها([39]).

وقد أعادت الدول تأكيدها، ووسعت من نطاق التزامها بحماية الأطفال من خلال إقرار بروتوكولين اختياريين لاتفاقية حقوق الطفل في عام 2000 )الأول( خاص باشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة والذي يرفع الحد الأدنى لسن التجنيد الإجباري من 15 إلى 18 عاما. )الثاني( يعالج بيع الأطفال وبغاء الأطفال والصور الإباحية للأطفال([40]). وفي دورتها الرابعة والخمسين وبمناسبة مرور عشر سنوات على عقد مؤتمر القمة العالمي الأول للطفولة. دعت الجمعية العام للأمم المتحدة على عقد دورة استثنائية خاصة بها، لمتابعة تعهدات زعماء العالم في مؤتمر الطفولة عام 1990، ولبحث أفضل الطرق لتطبيق اتفاقية حقوق الطفل([41]).

خاتمة

تظل اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 أول اتفاقية دولية في تاريخ العلاقات الدولية تعنى بحقوق الطفل وتوضح هذه الحقوق توضيحا مفصلا وكيفية احترام هذه الحقوق وتطبيقها، بل إن الاتفاقية تجاوزت بكثير الولاية القانونية الممنوحة لها، حيث رسخت مبادئ أخلاقية ومعايير دولية جديدة للتعامل مع الأطفال، كما أنها تعد واحدة من أكثر الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان تطورا وشمولا.

لقد تطورت الاتفاقية مفهوم الاهتمام بالطفل وانتقلت به من مرحلة الرعاية التاي سادت قبل الستينات ومرحلة تنمية الموارد البشرية التي سادت في الثمانينات إلى مرحلة مفهوم الحق القائم بذاته لكل الأطفال دون استثناء أو تمييز.

ولقد كان الدافع والاعتبار الأول في خروج هذه الاتفاقية بصورتها الراهنة هو حاجة المجتمع الدولي لأن ينقل مسؤوليات حماية حقوق الطفل من النطاق الأدبي –  الذي يعبر عنه الإعلانان الخاصان بالطفل إلى نطاق المسؤولية القانونية الملزمة للدولة والمشمولة برتابة المجتمع الدولبين وهو ما لا توفره  سوى معاهدة دولية تعاقدية، وأن ينقل التزام المجتمع الدولي تجاه حقوق الطفل من النطاق المحدود وغير المباشر الذي عنى به العهدان الدوليان الصادران عام 1966، إلى نطاق شامل ومباشر.

وكما أشار إلى ذلك الأستاذ الدكتور محمد السعيد الدقاق، تنتقل الاتفاقية بحقوق الطفل من دائرة الاختيار إلى دائرة الإلزام، وتكفل نظاما ثانويا للحماية اللازمة لحقوق الطفل بشكل يرتب مجموعة من الالتزامات القانونية على الدول التي تصادق عليها([42]).


[1] – عبد الكبير طبيح: ²آليات إعمال حقوق الطفل² المؤتمر الوطني حول حقوق الطفل الدورة الثانية المرصد الوطني لحقوق الطفل 1995، ص 1.

[2] – كان ذلك سنة 1979 عالمية للطفل.

[3] – يراجع نجوى علي عتيقه، حقوق الطفل في القانون الدولي ص 96.

[4] – يراجع في هذه التفاصيل: د. محمد السعيد الدقاق – الحماية القانونية للأطفال في إطار مشروع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل ص 334.

[5] – عن مركز الطفل في القانون الدولي العام ص 118.

[6] – انظر:

UN. Doc E/CN.4/1349, 1978, p. 9.

[7] – يراجعه في هذه التفاصيل:                                   -Sharon Detrick, Op.cit, PP 20-21.

[8] – أنظر:                                                           -U.N. Doc, E/CN 4/1468/1979.

[9] – أنظر أيضا:                                                             – U.N Doc, E/CN.4/1324.

[10] – يراجع في ذلك: د. إبراهيم العناني، الحماية القانونية للطفل على المستوى الدولي مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، حقوق عين شمس، العدد الأول يناير 1997، ص 2.

[11] – أنظر الوثائق التالية:

The report of the working Group are at,UN DOCS:

E/CN.4/1468 (1979), E/CN.41.1542 E/CN. 4/L. 1575 (1981).

E/1982/12./Add.I.E/CN.4/1983.62, E/CN.4

E/CN.4/1985/64, E/CN.4/1986, 3, E/CN.4/1987/25.

[12] – يراجع في ذلك:                                             -Sharon Detrick. Op.cit, pp 24, 25.

[13] – أنظر:                                                        -Van Bueren. Op.cit. PP. 14-15.

[14] – أنظر:                                                                UN Doc E/CN.4/W.G.1/L4.

[15] – يراجع في ذلك: د. إبراهيم العناني، الحماية القانونية للطفل على المستوى الدولي، مرجع سابق ص 2.

[16] – انظر:

– Carol, Bellamy, Convention on the Rights of the Child, Abending National Commitment.chttp : www.Unicef.org/CRC/Cnvention.htm.

[17] – أنظر:                                -The state of the world’s children (Unicef) 1990, p.6

[18] – لٌطلاع على النص الكامل للاتفاقية، انظر حقوق الطفل، صحيفة الوقائع رقم 10. مركز حقوق الإنسان، جنيف 1997، ص 16-49.

[19] – أنظر:

Philip Alston – the best interest of the child, Reconciling culture and human Rights. A.J.I.L. Vol. 89, No 4,, 1995, P.854.

[20] – انظر على سبيل المثال، م/2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المبدأ الأول من إعلان حقوق الطفل 1959، والمادة 2 من كلا العهدين الدوليين. وفي أهمية مبدأ المساواة الوارد في اتفاقية حقوق الطفل: ²تقول² مارى روبنسون² مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان-.

« All of us are born with human Rights – a principle the convention on the rights of the child markes very clear human Rights are not something a richer person gives to a poorer person: nor they owned by a select few and given to others as a mere favour gift. The belong to each and every one of us equally”.

  • Mary Robinson, human Rights belong to each of us equally. www.unicef.org/CRC/Convention.htm.)

[21] – مادة 2/1 من الاتفاقية.

[22] – يراجع في ذلك:

– The rights of the child, fact sheet No 10. (Rev. 1) centre for human rights, Geneva, 1997, p 5.

[23] – يراجع في ذلك:

– Harmful Traditional Practices Affecting the Health of Women and Children, Fact Sheet No 23. Rev . 1. centre for human Rights, Geneva 1995. Pp, 12-15.

[24] – من هذه المواد: مادة 9/1، 9/3، 18/1، 37 )ج( 40/3. من الاتفاقية.

[25] – يراجع في ذللك: بهى الدين حسن، حقوق الطفل في إطار حقوق الإنسان هل الاستراتيجيات واحدة، إشكاليات تطبيق اتفاقية حقوق الطفل في الواقع المصري ²الناشر أمديست²، 1999 ص 61.

[26] – أنظر:                    Report, the State of the world’s Children. Unicef 1990, p, 7, 8

[27] – يراجع تفصيلا في ذلك:

– B.G Ramcharan, the Right to Life in International Law 1985.

– إذا كان الحق في الحياة من اهم الحقوق المقررة في القانون الدولي للإنسان بوجه عام وللطفل بصفة خاصة، فإن الفضل الأول في تقرير هذا الحق يرجع إلى الدين الإسلامي – لأنه كان من عادات العرب في الجاهلية قتل الأولاد ذكورا وإناثا خشية الفقر، ووأد البنات خشية العار، فنزل القرآن الكريم محرما ذلك، يقول سبحانه وتعالى ²ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم عن قتلهم كان خطئا كبيرا² )الإسراء آية 31(. ويقول تعالى: ²قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم..² )الأنعام آية 140(.

وقد روى في الصحيحين من حديث عبدالله ابن مسعود، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم – أي الذنب أعظم قال ²وأن تجعل الله ندا وهو خلقك² قلت ثم أي: قال ²أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك².

[28] – مادة: 6  من الاتفاقية.

[29] – انظر في ذلك:

– the rights of the child, fact sheet, No 10, (Rev.1) centre for human right, Geneva, 1997. P 5.

[30] –  مادة 12 من اتفاقية حقوق الطفل.

[31] – أنظر في ذلك:

The state of the world’s children (Unicef) 2002, p 41.

[32] – انظر مقالة:

– Kofi Annan, why make a special case for children, www.unicef.org.

[33] – حتى يوليو عام 2002، صدقت على الاتفاقية 191 دولة فيما عدا الولايات المتحدة الأمريكية، والصومال –  على الرغم من توقيع البلدين على الاتفاقية، فالولايات المتحدة وقعت عليها في 16 فبراير 1995، اما الصومال فوقعت عليها في مايو عام 2002 وللإطلاع على قائمة الدول التي وقعت أو صدقت أو انضمت إلى الاتفاقية.

انظر الموقع التالي على الإنترنت www.ohchr.org

[34] – راجع في ذلك: ستيفن لويس، تقرير مسيرة السم، اليونسيف 1994 ص 27.

[35] – لمزيد من التفاصيل يراجع:

-Report, the State of the world’s children (Unicef) 1997. P. 12.

[36] – يراجع في ذلك: د./إبراهيم العناني، الحماية القانونية للطفل على المستوى الدولي، مرجع سابق، ص 3.

[37] – أنظر، وضع الأطفال في العالم، 2003 ص 69.

[38] – عقد القمة العالمية للطفولة عام 1990، بمبادرة من اليونسيف و6 دول هي، كندا، مصر، مالي، المكسيك، السويد، باكستان. أنظر:                                           -G. Van Bueren, Op.cit, p 15.

[39] – راجع في ذلك: -Rebecca Wallace M, International Human Rights Text and Materials, 1997, P 210.

[40] – للإطلاع على نصوص البروتوكولين: أنظر د. محمود شريف بسيوني، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، المجلد الأول، دار الشروق، الطبعة الأولى 2003، ص 901-909.

[41] – قرار الجمعية العامة 54/39 المؤرخ 7 ديسمبر 1999.

[42] – الدكتور محمد السعيد الدقاق، الحماية القانونية للأطفال، ص 2.

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *