دور الإعلام والجامعة في تسويق الديبلوماسية الموازية
د. زهرالدين طيبي
أستاذ باحث بامعة محمد الأول – وجدة
لا شك أن المراحل والتطورات التي مرت بها الدبلوماسية التقليدية[1] لتصبح على ما هي عليه اليوم، كانت نتيجة تأثير عدة عوامل مثل العولمة، وتوسيع محتوى ما يطرح على الساحة إضافة إلى التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصال الحديثة بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي الذي شكل تحدياً كبيراً وضغطاً هائلاً على الدور الدبلوماسي في العالم.
لقد حولت العولمة العالم إلى قرية صغيرة لا مجال فيها للسرية، حيث تشارك مختلف الدول في طرح وإيجاد الحلول المناسبة للأزمات والمشاكل القائمة فيها، من خلال الاجتماعات الدورية ومؤتمرات القمة والمناظرات وطاولات الحوار التي أصبحت تضم حولها ممثلين جدد بما فيهم الإعلام الذي بات يضطلع بدور ريادي في تحضير الرأي العام إن لم نقل في تشكيله، خصوصا بعد انتشار الوسائل التكنولوجية الحديثة[2] والهواتف الذكية بأسعار زهيدة مقارنة بما كانت عليه في الماضي، ولعل هذا ما جعل عملية نشر وتوزيع واستقاء المعلومات والأخبار أسهل وأسرع. من هذا المنطلق، أصبح الوضع الدبلوماسي اليوم يعيش نقلة نوعية وتحولا كبيرا في ظل كل هذا التطور الهائل في الصحافة والإعلام، وبات يخضع للتتبع والمراقبة كما للشفافية والمساءلة ومطالبا بالسرعة في اتخاذ القرارات المناسبة.
الإعلام وتسويق الدبلوماسية[3]
كل هذه المعطيات التقنية والرقمية في تكنولوجيا الاتصال عجلت بظهور حكومات افتراضية أصبحت تعرف باسم الحكومة الإلكترونية، التي بدأت في إطار الشفافية والحق في الوصول للمعلومة في الدول المتقدمة بنشر المعطيات والمعلومات، قبل أن تنتقل اليوم من المرحلة الأولى، التي كانت تقتصر على إعطاء المعلومات، إلى مرحلة ثانية هي مرحلة استقبال المعلومات والتعليقات والآراء عبر هذه الوسائل، على أن تصل إلى المرحلة الثالثة، وهي مرحلة التفاعل المشترك بين المواطنين وحكوماتهم إلكترونياً.
وإذا كانت الدبلوماسية التقليدية تعني إدارة العلاقات الرسمية بين الدول، وتعتبر كشكل من الأشكال التي تنظم وتدير وتدبر العلاقات الدولية، وتبادل البعثات الدبلوماسية والقنصلية وتسوية الخلافات وتقرب وجهات النظر بواسطة السفراء كل بطريقته الخاصة، فإن البرلمان والأحزاب والإعلام ومراكز البحوث والمجتمع المدني أصبحوا بدورهم يساهمون في تدبير الأزمات والدفاع عن قضاياهم عبر نوع آخر من الدبلوماسية الذي أصبح يعرف باسم الدبلوماسية الموازية.
لقد شهد النصف الثاني من القرن الماضي تطوراً هائلاً في العمل الدبلوماسي وكان الأداة والوسيلة الوحيدة في تنفيذ السياسة الخارجية للدولة وإن مازالت أدواته التقليدية قائمة، وأخذ العمل الدبلوماسي يكتسب أهمية كبيرة بفضل انجازات الثورة التقنية المذهلة في مختلف وسائل الإعلام والاتصال الحديثة. ولاشك أن التطور المذهل في رقمنة أوجه وسائل الإعلام والاتصال قد جعل من الصحافة والإعلام عالماً قائماً بذاته لما له من السلطة والسطوة والنفوذ والأثر البالغ على الرأي العام، حيث تطورت وسائل الإعلام بخطى أسرع من الدبلوماسية، وأصبح الإعلام يؤدي وظيفة من أخطر الوظائف في العصر الحديث، ولم يعد دور وسائل الإعلام يقتصر على تزويد الناس بالأخبار والمعلومات فحسب، وإنما انتقل ليؤدي أدواراً في غاية الأهمية في صناعة نمط حياة بشرية جديدة، وأصبح هو المنبر الرئيسي في التعبير عن أفكار وسياسات ومواقف الدولة وهو الصوت الأعلى في الدفاع عن مصالح ومكتسبات الدولة والمجتمع، ومن بين تلك الجوانب الكثيرة والتي يتم استخدام الوسائل الإعلامية فيها جانب العلاقات بين الدول وطريقة التواصل فيما بينها وأسلوب تسويق الأفكار والآراء المتنوعة في مختلف القضايا، حتى أصبح بعض رجالات الدبلوماسية يعتبرون الدبلوماسيــة الوجه الجميل للسياســة، و الإعلام هو الضوء الذي يُمكن للمتتبع أن يرى به ملامـح هذا الجمال.
وبالعودة إلى مجموعة من الأحداث التي أسقط فيها الإعلام رؤساء دول ورؤساء في أعلى هرم السلطة، وكشف العديد من الخبايا في قضايا هزت الرأي العام كقضية ” ووترغيت”[4] و” إيران غيت”[5] و”مونيكا غيت”[6] وأخيرا “بينلوبي غيت”[7] في الانتخابات الرئاسية الفرنسية لسنة 2017؛ يلاحظ المتتبع كيف تم استخدام وسائل الإعلام كأدوات أساسية في تحقيق إيديولوجيات خاصة، بل مهدت لحروب كبيرة، كالحرب ضد الإرهاب في أفغانستان والعراق، والدور الذي لعبته شبكات التواصل الاجتماعي في ما بات يعرف بالربيع العربي[8]، لما كان لهذه الوسائل من سمات محددة جعلها تحتل موقع الصدارة من حيث أولوية الاستخدام، حتى وصل الأمر إلى اعتبارها السلاح الأول في هذا العصر في عملية توجيه الشعوب والتأثير عليهم وتكوين رأي عام لهم حتى يتم اجتذابهم أو تحويلهم إلى الجهة المطلوبة.
لا شك أن الجانب الإعلامي على وجه التحديد واستخدامه كوسيلة في تسويق الدبلوماسية والرؤى والايديولوجيات الخاصة يجرنا إلى ما قامت به بعض الدول الغربية الكبرى في إطار غزوها الإعلامي، من إطلاق لفضائيات خاصة تهتم بالجانب العربي وبنفس اللكنة واللهجة العربية من مثل قناة الحرة الأمريكية، وروسيا اليوم، وقناة BBC العربية وغيرها من القنوات الكثيرة إضافة إلى المؤسسات الإعلامية التي تروم تشكيل رأي عام وتهدف من خلاله الحصول على تأييد عام شعبي لمواقفها في مختلف الأحداث الجارية على الساحة العربية بما يحقق طبعا سياساتها الخارجية ومصالح وأهداف وإيديولوجيات، حسب الأجندة الخاصة بهذه الدول ومصالحها الحيوية.
الإعلام والجامعة: قضية رابحة بمحام فاشل
لا يختلف اثنان في الجزم بأن الجامعة المغربية ومراكز البحث ومعها الإعلام، لا زالوا في منأى عن الدور الموكول لهم والمفترض القيام به في إطار الدبلوماسية الموازية لتبني القضايا الوطنية والترافع من أجلها، فلا يكفي مثلا القول إن الصحراء مغربية حتى يقتنع الكل بذلك، فالقضية تحتاج إلى بذل جهود كبيرة كفيلة بإقناع كل القوى والفاعلين على الساحة الدولية والإقليمية بعدالة القضية الوطنية، لا سيما في ظل وجود قوى أخرى تحارب من أجل هدف مناقض؛ وتجيش الإعلام وجماعات الضغط والأموال لتحقيق هدفها في مختلف المحافل الدولية.
صحيح بأن هيئات المجتمع المدني، الجامعة، مراكز البحوث والإعلام بكل أشكاله أصبحت لهم قدرة ترافعية مهمة للدفاع عن القضايا الأساسية للمغرب، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية، ومن هنا يجب التفكير في تطوير الاستراتيجيات حتى لا تقتصر على المتلقي المغربي وذلك من خلال استهداف المتلقي الغربي، فهو المعني الرئيسي بتوضيح الرؤية المغربية لقضية الصحراء.
ولا شك أن الندوات الدولية واللقاءات وتبادل الزيارات عبر البرامج المختلفة التي يستفيد منها الأساتذة والطلبة تعتبر من بين الوسائل الكفيلة بالقيام بالدبلوماسية الموازية، إضافة إلى الطلبة الأجانب الذين تحتضنهم الجامعات المغربية من مختلف الجنسيات وتعمل على تكوينهم في مختلف الميادين، لكن غياب استراتيجية واضحة في تفعيل دور الجامعات ومراكز البحوث في الدفاع عن القضايا الوطنية يجعل من الجامعة المغربية محام فاشل يترافع عن قضية رابحة. فالأساتذة الذين يشاركون في مختلف البرامج التكوينية والبعثات خارج أرض الوطن لا يتوفرون على معلومات ووثائق محينة للدفاع عن القضايا المصيرية، ومنهم من لا يهتم بغير دائرة اختصاصه، بل ويتحاشى الخوض في مرافعات لا يتوفر فيها على أدوات الإقناع، من هنا تأتي الدعوة لخلق مرصد للدبلوماسية الموازية على مستوى الجامعة تكون من بين مهامه توفير الوثائق في أبعادها الحقوقية والسياسية والاقتصادية والتكوينات المتخصصة في إدارة الأزمات الدولية، والندوات ذات الصلة بالنسبة للمهتمين والباحثين والأساتذة المشاركين في مختلف البرامج التكوينية عبر العالم. كما أن من بين المهام التي يجب أن تناط بهذا المرصد هو تنظيم الطلبة الأجانب وتتبعهم بعد إنهاء تكويناتهم والإبقاء على حبل الود معهم، باعتبارهم سفراء ومنهم من يصبح من صناع القرار ومنهم من يتبوأ مراكز هامة ببلده، ولنا في نموذج برنامج الزائر الدولي[9] الذي تنظمه الخارجية الأمريكية منذ أكثر من سبعين سنة خير مثال، حيث من بين المستفيدين من هذا البرنامج هناك أكثر من 186 أصبحوا رؤساء دول أو حكومات، وأكثر من 1500 أصبحوا وزراء في بلدانهم، كما أن سفراء الولايات المتحدة الأمريكية ينظمون لقاءات دورية مع كل المستفيدين من برامج التكوين، بل ويساعدونهم على خلق جمعيات تنظمهم.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال الدور الأساسي الذي يقوم به الإعلام في مختلف هذه المحطات، ومن هنا لا بأس في التفكير في دعوات دورية لصحفيين من مختلف الدول لحضور ندوات ولقاءات جامعية قصد تسويق صورة المغرب والدفاع عن قضاياه الحيوية. كما أن التواجد المستمر ضمن دائرة صنع القرار السياسي، والمشاركة في التأثير على دواليب صناعته بالخارج يكتسي أهمية قصوى في الدور المنوط بالإعلام في إطار الدبلوماسية الموازية الحديثة والتأثير في توجهات الرأي العام المحلي والعالمي.
آخر الكلام، أن التداخل والتلاحم بين الدبلوماسية والإعلام، يدفعنا أن نشبه الدبلوماسية بلا إعلام كالآلة الموسيقية بلا أوتار، لأنه ببساطة كل إعلامي دبلوماسي، وليس كل دبلوماسي يمكنه أن يكون إعلاميا.
بعض التوصيات
في الختام وقصد أجرأة وتفعيل دور الجامعة والإعلام في الدبلوماسية الموازية وبلورة مشروعهما الدبلوماسي الموازي، يمكن طرح التوصيات التالية:
- خلق مراصد تابعة لرئاسة الجامعات خاصة بالدبلوماسية الموازية، يكون من مهامها ربط الاتصال بمصالح وزارة الخارجية والتعاون قصد الحصول على تحيين للقضايا الوطنية ذات الصِّلة، والوثائق الكفيلة بتكوين فكرة ملمة عنها وتزويد الأساتذة المشاركين في مختلف البعثات والبرامج الأجنبية بها قصد الترافع.
- خلق إطار جمعوي يضم الطلبة الأجانب بمختلف جنسياتهم، لتتبع مسارهم وربط علاقات دائمة معهم وتوفير قاعدة بيانات خاصة بهم تبعث لمصالح وزارة الخارجية لبعثها للسفارات المغربية بالدول المعنية قصد توطيد العلاقات مع خريجي الجامعات المغربية باعتبارهم سفراء للقضايا الوطنية.
- تنسيق دائم ومباشر بين وزارة الاتصال والثقافة، ووزارة الخارجية من أجل جعل أخبار المغرب وتجربته في صدارة الأخبار خصوصا في أوروبا، والدول التي تؤيد الأطروحات الانفصالية، بحيث يمكن لنا آن نصد بذلك كل أكاذيب إعلام الخصم.
- المواكبة، الإلمام بالقضية، والمشاركة في التأثير على دواليب صنع القرار السياسي بالخارج.
- خلق مراكز بحثية، تستقبل زيارات الصحافة الأجنبية والمجتمع المدني وتربط علاقات دائمة معهم عبر التتبع الدائم.
[1] كان الهدف العام للدبلوماسية القديمة هو الاستقرار الأوروبي وليس المساواة العالمية وقد تحقق هذا الهدف من خلال الاتفاق الأوروبي عام 1815 الذي حقق لأوروبا مائة عام تقريباً من السلام وكان أبطال هذا الإنجاز هم رجال الدولة ودبلوماسيين مثل بسمارك ومترينخ وكاسترو
[2] لم يصبح اقتناء بعض وسائل التكنولوجيا من الكماليات أو مظهرا من مظاهر التحضر والحداثة عند البعض، بل بلغ هذا التملك درجة الهوس، إذ أصبح بمعدل جوال لكل فرد، لصيق به لا يفارقه في حله وترحاله، مكالمات ورنات لا تنتهي، رسائل قصيرة، لا يتوقف عن كتابتها، وأرقام يقوم بتركيبها اعتباطيا لنسج علاقات جديدة خارج المحيط العائلي.
[3] دور الدبلوماسية المغربية مثلا في تسويق نموذج الجهوية المتقدمة التي تبناها المغرب ودورها في إنجاح مقترحه الخاص بالحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية.
[4] ووترغيت هو اسم لأكبر فضيحة سياسية في تاريخ أمريكا. كان عام 1968 عامًا سيئًا على الرئيس ريتشارد نيكسون، حيث فاز بصعوبة شديدة على منافسه الديموقراطي همفري، بنسبة 43.5% إلى 42%، مما جعل موقف الرئيس ريتشارد نيكسون أثناء معركة التجديد للرئاسة عام 1972 صعباً جداً. قرر الرئيس نيكسون التجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس في مبنى ووترغيت. وفي 17 يونيو 1972 ألقي القبض على خمسة أشخاص في واشنطن بمقر الحزب الديمقراطي وهم ينصبون أجهزة تسجيل مموهة. كان البيت الأبيض قد سجل 64 مكالمة، فتفجرت أزمة سياسية هائلة وتوجهت أصابع الاتهام إلى الرئيس نيكسون. استقال على أثر ذلك الرئيس في أغسطس عام 1974. تمت محاكمته بسبب الفضيحة، وفي 8 سبتمبر1974 أصدر الرئيس الأمريكي جيرالد فورد عفواً بحق ريتشارد نيكسون بشأن الفضيحة.
[5] قضية إيران كونترا (بالإنجليزية: Iran–Contra affair) التي عقدت بموجبها إدارة الرئيس الأمريكي ريغان اتفاقاً مع إيران لتزويدها بالأسلحة بسبب حاجة إيران الماسة لأنواع متطورة منها أثناء حربها مع العراق وذلك لقاء إطلاق سراح بعض الأمريكان الذين كانوا محتجزين في لبنان، حيث كان الاتفاق يقضي ببيع إيران عن طريق الملياردير السعودي عدنان خاشقجي ما يقارب 3,000 صاروخ “تاو” مضادة للدروع وصواريخ هوك أرض جو مضادة للطائرات مقابل إخلاء سبيل خمسة من الأمريكان المحتجزين في لبنان.
[6] مونيكا صأمويل لوينسكي (23 يوليو 1973 -)، سيدة من عامة الناس أمريكية. كانت تعمل متدربة في البيت الأبيض في منتصف التسعينيات وتسلطت عليها اضواء الاعلام والسياسة عندما تورطت في فضيحتها الجنسية مع الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون فيما سمي بفضيحة مونيكا (Monicagatee).
[7] وجد مرشح اليمين الفرنسي فرنسوا فيون في الرئاسات الفرنسية الأخيرة لسنة 2017 نفسه في موقع ضعف، بعد فضيحة وظائف وهمية لزوجته. ووصل إحراج فيون إلى ذروته عندما بثت القناة الفرنسية الثانية شريطاً يتضمن مقابلة أجرتها صحيفة بريطانية عام 2007 مع بينيلوبي زوجة المرشح اليميني تقول فيها “لم أكن يوماً مساعدته الفعلية أو أي شيء من هذا القبيل”. وشاهد 5،4 ملايين شخص هذا الشريط على القناة الفرنسية الثانية، وكانت هذه الفضيحة من بين أهم أسباب إقصاء اليمين لأول مرة في الدور الأول للانتخابات الفرنسية.
[8] الثورات العربية، أو الربيع العربي أو ثورات الربيع العربي في الإعلام، هي حركات احتجاجية سلمية ضخمة انطلقت في بعض البلدان العربية خلال أواخر عام 2010 ومطلع 2011، متأثرة بالثورة التونسية التي اندلعت جراء إحراق محمد البوعزيزي نفسه ونجحت في الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي،[8][9] وكان من أسبابها الأساسية انتشار الفساد والركود الاقتصاديّ وسوء الأحوال المَعيشية، إضافة إلى التضييق السياسيّ والأمني وعدم نزاهة الانتخابات في معظم البلاد العربية. ولا زالت هذه الحركة مستمرة حتى هذه اللحظة.[10][11] نجحت الثورات بالإطاحة بأربعة أنظمة حتى الآن، فبعدَ الثورة التونسية نجحت ثورة 25 يناير المصرية بإسقاط الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ثم ثورة 17 فبراير الليبية بقتل معمر القذافي وإسقاط نظامه، فالثورة اليمنية التي أجبرت علي عبد الله صالح على التنحي.
وأما الحركات الاحتجاجية فقد بلغت جميع أنحاء الوطن العربي، وكانت أكبرها هي حركة الاحتجاجات في سوريا. تميزت هذه الثورات بظهور هتاف عربيّ ظهر لأول مرة في تونس و أصبح شهيرًا في كل الدول العربية وهو: “الشعب يريد إسقاط النظام“. ، ثم بعدها كانت الثورة في تونس عندما أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتردية، وعدم تمكنه من تأمين قوت عائلته، فاندلعت بذلك الثورة التونسية، وانتهت في 14 يناير عندما غادر زين العابدين بن علي البلاد بطائرة إلى مدينة جدة في السعودية، واستلم من بعده السلطة محمد الغنوشي الوزير الأول السابق، فالباجي قائد السبسي. وبعدها بتسعة أيام، اندلعت ثورة 25 يناير المصرية تليها بأيام الثورة اليمنية، وفي 11 فبراير التالي أعلن محمد حسني مبارك تنحيه عن السلطة، ثم سُجن وحوكم بتهمة قتل المتظاهرين خلال الثورة. وإثر نجاح الثورتين التونسية والمصرية بإسقاط نظامين بدأت الاحتجاجات السلميَّة المُطالبة بإنهاء الفساد وتحسين الأوضاع المعيشية بل وأحياناً إسقاط الأنظمة بالانتشار سريعاً في أنحاء الوطن العربي الأخرى فبلغت الأردن والبحرين والجزائر وجيبوتي والسعودية والسودان والعراق وعُمان وفلسطين (مطالبة بإنهاء الانقسام بالإضافة إلى الانتفاضة الثالثة) والكويت ولبنان والمغرب وموريتانيا. في 17 فبراير اندلعت الثورة الليبية، التي سُرعان ما تحولت إلى ثورة مسلحة، وبعد صراع طويل تمكن الثوار من السيطرة على العاصمة في أواخر شهر أغسطس عام 2011، قبل مقتل معمر القذافي في 20 أكتوبر خلال معركة سرت، وبعدها تسلّم السلطة في البلاد المجلس الوطني الانتقالي. وقد أدت إلى مقتل أكثر من خمسين ألف شخص، وبذلك فإنها كانت أكثر الثورات دموية. وبعد بدء الثورة الليبية بشهر تقريباً، اندلعت حركة احتجاجات سلمية واسعة النطاق في سوريا في 15 مارس، وأدت إلى رفع حالة الطوارئ السارية منذ 488 عاماً وإجراء تعديلات على الدستور، كما أنها أوقعت أكثر من ثمانية آلاف قتيل ودفعت المجتمع الدولي إلى مُطالبة الرئيس بشار الأسد بالتنحي عن السلطة. وفي أواخر شهر فبراير عام 2012 أعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح تنحيه عن السلطة التزاماً ببنود المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، التي كان قد وقع عليها قبل بضعة شهور عقبَ الاحتجاجات العارمة التي عصفت بالبلاد لعام كامل.
[9] إن برامج التبادل الثقافي التي تتبع الولايات المتحدة، وخاصة تلك البرامج التي لها روابط مع مكتب الشؤون التعليمية والثقافية (ECA) التابع لـوزارة الخارجية الأمريكية تسعى إلى تطوير الفهم الثقافي بين مواطني الولايات المتحدة ومواطني الدول الأخرى. وليس من الضروري أن تقوم برامج التبادل بمبادلة فرد بآخر من دولة أخرى، بل إن “التبادل” يشير إلى تبادل الفهم الثقافي الذي ينشأ عندما يذهب فرد ما إلى دولة أخرى. ويمكن النظر إلى هذه البرامج باعتبارها صورة من الدبلوماسية الثقافية في نطاق الدبلوماسية العامة.