تمييز المسئولية التأديبية للموظف العامعن غيرها من أنواع المسئولية 

تمييز المسئولية التأديبية للموظف العام عن غيرها من أنواع المسئولية 

سلطان راشد الابراهيمي طالب بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي.

ملخص

   تناولت هذه الدراسة موضوع صور تمييز المسؤولية التأديبية عن غيرها من أنواع المسؤولية وهو موضوع في غاية الأهمية، حيث تبرز أهميته بناء على ما يعرضه الباحث في هذا الدراسة من خلال ثلاثة مباحث للمسئوليات القانونية الثلاث التي يخضع لها الموظف العام، مبيناً مفهوم وأركان كل مسئولية منها، وأوجه الالتقاء والاختلاف بين المسئولية التأديبية وكل من المسئوليتين المدنية والجنائية.

يعتبر الموظف العام عصب الجهاز الإداري في الدولة ، ليس باعتباره فقط يمثل العنصر المنوط به تسيير ذلك الجهاز باتجاه تحقيق غايته وأهدافه المحددة ، وإنما باعتباره أيضًا العنصر المتحكم في أداء العمل الحكومي في أنشطته المختلفة .

 ولما كان إخلال الموظف بالالتزامات التي تفرضها الأجهزة الإدارية هو الأساس الذي تقوم عليه مسئوليته التأديبية ، والسند الذي ترتكز عليه سلطة التأديب في معاقبته، فإن النظم التأديبية تُعتبر بحق أكثر النظم الوظيفية تأثيرًا في الموظف من بين مختلف نظم الوظيفة العامة ، وذلك بالنظر لانعكاسات القرار التأديبي الحاسم للمسئولية التأديبية على حياة الموظف الوظيفية ، وبالتالي على حياته الشخصية من خلال المساس بكيانه المعنوي والمساس بمزايا الوظيفة.

ABSTRACT

This paper tackles the subject of the various aspect of punitive responsibility and differentiating it from other responsibilities. This is regarded as a vital subject depending on what will be displayed in such study of three main approaches of legal responsibilities to which the public servant may be subjected. Conceptions and dimensions of each responsibility will be explained, points of similarities and differentiation as well as civil and criminal liabilities will be displayed as well.

The public employee is considered the backbone of the administrative system in the state, not only for being the facilitator entrusted with moving forward towards achieving its specified goals but also as the controlling factor in performing the governmental work with all its diversified activities.

As the employee’s breach to his commitments imposed by the administrative authorities upon which the disciplinary responsibility rely on in punishment, The disciplinary systems are rightly considered to be the most influential functional systems affecting the employee. That’s because of the impact of the decisive disciplinary penalty on the functional life of the employee and accordingly on his personal life through hurting his moral dignity and his job privileges.

مقدمة

تعرف المسئولية لغة بأنها حالة أو صفة من يسأل عن أمر تقع عليه تبعته، وهى تطلق أخلاقياً على التزام الشخص بما يصدر عنه قولاً أو عملاً، بينما تطلق قانوناً على الالتزام باصطلاح الخطأ الواقع على الغير طبقاً للقانون([1]).

        فالمسئولية إذن عبارة عن حالة الشخص الذي ارتكب أمراً يستوجب المساءلة أو المؤاخذة، والأمر موضوع المساءلة يكون أدبياً أو قانونياً ، وبالتالي تكون المساءلة أدبية أو قانونية، وتثير المسئولية الأدبية فكرة الإخلال بواجب أدبي وفكرة الجزاء الأدنى الذي يتمثل في استهجان المجتمع أو تأنيب الضمير أو العقاب الإلهي في الدنيا أو الآخرة، بينما تشير المسئولية القانونية فكرة الإخلال بقاعدة من قواعد القانون وفكرة الجزاء القانوني الذي يكون غالباً عقوبة تقع على المسئول أو تعويضاً يلزم به قبل الغير أو كلا الأمرين معاً، ويميز الفقه بين المسئولية الأدبية والمسئولية القانونية من عدة نواحٍ ، أهمها([2]) :

  1. أن المسئولية الأدبية هي مسئولية الشخص الذاتية أمام الله سبحانه وتعالى – ونحو الغير، لأنها تشمل سلوك الإنسان نحو خالقه ونحو نفسه ونحو غيره، فتغير نفسه على ما يتجه من سلوكه نحو الغير وتؤاخذه على ما يحيد منها عن هذا السبيل، وهى تستوجب جزاءا أدبياً أو دينياً لا دخل فيه للقانون ولا شأن به للدولة. أما المسئولية الجنائية فهي مسئولية الشخص عن مخالفته قاعدة قانونية بسلوك خارجي، يسأل عنه أمام السلطة المختصة قانوناً، وهى تستوجب جزاءً قانونياً.
  2. أن نطاق المسئولية الأدبية أوسع من نطاق المسئولية القانونية، لأن دائرة الأخلاق أوسع من دائرة القانون، حيث تتصل الأولى بالنوايا الباطنة والسلوك الخارجي المحسوس في علاقة الإنسان بربه وبنفسه ونحو الغير، أما دائرة القانون فتتصل كقاعدة عامة بسلوك الإنسان نحو الغير، ولا تحفل بالنوايا مادامت تتخذ لها مظهراً خارجياً.
  3. أنه لا يشترط لقيام المسئولية الأدبية حدوث ضرر للغير، أما في نطاق المسئولية القانونية فإن الضرر يعد ركناً في بعض أنواعها.   

وتنقسم المسئولية القانونية إلى ثلاثة أنواع هي: المسئولية المدنية، والمسئولية الجنائية ، والمسئولية التأديبية

مشكلة الدراسة :

تبرز مشكلة الدراسة في السؤالين التاليين :

  1. ما أوجه الالتقاء والاختلاف بين المسئولية التأديبية وكلا من المسئولية المدنية والمسئولية الجنائية ؟
  2. ما حجية الحكم الجنائي على المسئولية التأديبية ؟

منهج الدراسة :

ينتهج الباحث في منهج الدراسة أسلوب الوصف التحليلي ، وذلك عن طريق الرجوع للكتب العلمية والمراجع القانونية المتعلقة بهذا الصدد .

أهمية الدراسة :

تبرز اهمية الدراسة من خلال تسليط الضوء على اوجه الإلقاء والاختلاف بين المسئولية التأديبية للموظف العام وبين كلا من المسئولية المدنية والمسئولية الجنائية.

المفردات الدالة في الدراسة :

1- المسئولية :

هي حالة أو صفة من يسأل عن أمر تقع عليه تبعته، وهى تطلق أخلاقياً على التزام الشخص بما يصدر عنه قولاً أو عملاً، بينما تطلق قانوناً على الالتزام باصطلاح الخطأ الواقع على الغير طبقاً للقانون.

2-الموظف العام :

كل من يشغل إحدى الوظائف الواردة في ميزانية الحكومة ويقدم خدمة عامة .

3- الوظيفة العامة :

 هي عمل دائم ومستقر وتخضع لنظام قانوني محدد متميز ومستقل عن القانون الخاص ويخضع الموظف فيها لمجموعة من القواعد القانونية التي تعطيه حقوق وتفرض عليه واجبات مهنية محددة.

4- المسئولية القانونية :

وهي التي يترتب عليها جزاء قانوني جراء مخالفة واجب من الواجبات الاجتماعية، وهي نوعان مسؤولية جنائية ومسؤولية مدنية.

5- المسؤولية الأخلاقية :

هي التي تترتب عن مخالفة قواعد الأخلاق فيسأل أمام الله وأمام ضميره، ولايتريب عليها أي جزاء قانوني.

6- المسئولية المدنية :

تنشأ عند الإخلال بالتزام سابق وقد يكون هذا الالتزام ناشئاً عن القانون أو عن العقد، فإذا كان ناشئاً عن القانون كانت المسئولية المدنية تقصيرية، وإذا كان ناشئاً عن العقد كانت المسئولية المدنية تعاقدية

7- المسئولية الجنائية :

يكون الشخص مسؤولا جنائيا إذا تجاوز ما نص عليه القانون أو ما أوجبه بحث يترتب على ذلك عقوبة.

8- المسئولية التأديبية:

التزام الموظف بتحمل عاقبة إخلاله بواجبات وظيفته التي ينظمها القانون الوظيفي ، وهذا هو أساس المسئولية التأديبية والذي يتمثل في الإخلال بواجب وظيفي سلباً أم إيجاباً.

9– حجية الحكم :

تعرف الحجية بأنها تلك القوة المانعة من قبول دليل ينقضها أو دعوى جديدة لسبق الفصل في موضوعها بحكم حائز على حجية الشيء المقضي به.

10- العقاب التأديبي :

هو الإيلام والأثر المترتب على ثبوت المسئولية التأديبية في حق المحال إلى التأديب فيما نسب إليه من أخطاء تأديبية أو إخلال بواجبات الوظيفة .

خطة الدراسة :

وذلك على نحو موجز فيما يلي:

المبحث الأول : صور المسئولية القانونية التي يخضع لها الموظف العام.

المبحث الثاني : أوجه الالتقاء والاختلاف بين المسئولية التأديبية وكل من المسئوليتين المدنية والجنائية.

المبحث الأول

صور المسئولية القانونية التي يخضع لها الموظف العام

أعالج في هذا المبحث – بإيجاز- صور المسئولية القانونية التي من الممكن أن تلاحق الموظف العام ، وهي المسئولية المدنية والمسئولية الجنائية ، والمسئولية التأديبية ، وأخصص لكل صورة من هذه الصور ، مطلباً مستقلاً كما يلي :

المطلب الأول

المسئولية المدنية

        تقوم المسئولية المدنية في جميع الأحوال على ثلاثة أركان هي: الخطأ والضرر و علاقة السببية بينهما، والخطأ الذي تقوم به المسئولية المدنية يفترض الإخلال بالتزام سابق لا فرق بين أن يكون هذا الالتزام ناشئاً عن القانون أو عن العقد، فإذا كان ناشئاً عن القانون كانت المسئولية المدنية تقصيرية، وإذا كان ناشئاً عن العقد كانت المسئولية المدنية تعاقدية، وفي كلتا الحالتين يتحقق التلازم بين المسئولية وبين فكرة الجزاء، إذ يكون الالتزام بتعويض الضرر فيهما التزاماً جزائياً([3]).

        وبالنظر في ركن الخطأ الذي تقوم به المسئولية المدنية، فإن نطاق المسئولية المدنية يبدو أكبر اتساعاً من نطاق المسئولية الجنائية، حيث يتحد في الثانية حالات الإخلال بأوامر أو نواهٍ منصوص عليها صراحة في القوانين الجنائية، بينما في الأولى يتسع ليشمل كل إخلال بواجب قانون عام يقضى بعدم الإضرار بالغير ولو لم يكن مما تكفله القوانين الجنائية.   

        وبالنظر إلى الركن الذي تقوم به المسئولية المدنية، نجده يتمثل في الإخلال بمصلحة مالية أو أدبية بالمضار، ويلزم الأخير أن يكون شخصاً معيناً، طبيعياً كان أم معنوياً، ويكون له وحده حق المطالبة بالتعويض، بينما الضرر ليس ركناً في المسئولية الجنائية، وإن كان كل إخلال في نطاق المسئولية الجنائية يعتبر إخلالاً أو إضراراً بمصلحة المجتمع([4]). ويكون للمجتمع وحده حق المطالبة بتوقيع الجزاء على المخل، وتتولاه النيابة العامة بالدعوى الجنائية.

المطلب الثاني

المسئولية الجنائية

        المسئولية بمفهومها الجنائي هي التزام شخص بتحمل نتائج أفعاله المجرمة، ولكي يكون الشخص مسئولاً جنائياً، فإن ذلك يستتبع أن يكون الشخص أهلاً لتحمل نتائج هذه الأفعال، أي متمتعاً بقوة الوعي والإدراك وبسلامة الإرادة والتفكير، وذلك لأن المسئولية الجنائية تؤدى إلى العقاب، والعقاب لا يؤدى غايته إذا لم تكن لدى الشخص مقدرة على إدراك ما فعل، وعلى فهم ما يلحق به من جراء ما فعله والمسئولية بالمفهوم المتقدم لا تقوم إلا إذا أقدم الشخص على ارتكاب خطأ جنائي أي على خرق قاعدة جنائية تتضمن تجريماً لفعل وجزاء على خرقها، ولذلك تقوم المسئولية الجنائية على ركنين هما: الخطأ الجنائي والأهلية، ونبين تاليا أركانها :

1- الركن الشرعى :

        ويقصد به، النص القانوني الذي يبين الفعل المكون للجريمة، والعقوبة المقررة لمرتكبه، فالقاعدة في الباب الجنائي أنه ” لا جريمة ولا عقوبة بغير نص”، فإذا لم يوجد نص تشريعي يجرم الفعل، فإن الفعل يخرج عن دائرة عدم المشروعية ويدخل في دائرة المشروعية ويعد مباحاً. 

2- الركن المادي: ويقصد به، المظهر أو السلوك الخارجي للفعل المكون للجريمة، وهو يتكون في الجريمة بصورتها العادية وهى الجريمة التامة من عناصر ثلاثة ، هي([5]):

  •  سلوك أو نشاط إجرامي من الفاعل .
  • تحقق النتيجة الضارة مقصودة أو غير مقصودة .
  • علاقة السببية بين سلوك الفاعل والنتيجة التي وقعت.

3- الركن المعنوي :

        وهو الصلة النسبية التي تربط بين ماديات الجريمة (السلوك الإجرامي) وبين شخصية الجاني، فالقوى النفسية لدى الشخص هي التي توجه سلوكه الخارجي بالقدر الذي تتحكم به إرادته، ومن ثم فإن وجود إرادة يعتد بها القانون تعد عنصراً أساسياً في تكوين الركن المعنوي، حيث يلزم لقيام الركن المعنوي وجود إرادة يعتد بها القانون تتجه إلى ارتكاب الفعل المجرم مع معرفة الفاعل بالصفة الجرمية للفعل كما حددها القانون، وبناء عليه يقوم الركن المعنوي على عنصرين أساسيين ، هما([6]) :

  1. إرادة ارتكاب الجرم.
  2. العلم بالصفة الإجرامية للفعل، وهو عنصر نفترض وجوده ما لم يثبت عكسه.

المطلب الثالث

المسئولية التأديبية

        المسئولية التأديبية هي التزام الموظف بتحمل عاقبة إخلاله بواجبات وظيفته التي ينظمها القانون الوظيفي ، وهذا هو أساس المسئولية التأديبية والذي يتمثل في الإخلال بواجب وظيفي سلباً أم إيجاباً، وذلك بهدف كفالة حسن انتظام العمل واطراده بالمرفق الذي يعمل فيه، عن طريق العقاب. والمسئولية التأديبية بالمفهوم السابق تقوم على أساس الخطأ، أما الضرر فليس بركن لازم لقيامها ـ كما سيأتي بيانه لاحقا ـ كما يتحدد النظام الموضوعي للمسئولية التأديبية في الخطأ المتمثل في الإخلال بالواجبات الوظيفية، ولما كان الموظف يخضع لنظم وظيفية مختلفة، فإن المسئولية التأديبية تتسم بالنسبية أو الفئوية، حيث تختلف الواجبات الوظيفية من نظام وظيفي إلى آخر باختلاف طبيعة الوظيفة وأعمالها وأهدافها،وباعتبار أن النظام التأديبي نظام فئوي ، بمعنى أنه لا يسري إلا على أفراد الفئة الذين ينتمون إلى منظمة أو جهة معينة، تربطهم بها رابطة مشتركة بهدف تحقيق أهداف تلك المنظمة أو الجهة،  ومن ثم فإن الأفراد الذين لا ينتمون إلى هذه الفئة يكونون عينات من تحمل المسئولية، كما أن الخطأ الذي يرتب المسئولية التأديبية في نظام وظيفي، قد لا يرتبها في نظام وظيفي آخر([7]) .

        وأخيراً فإنه إذا كان أساس المسئولية التأديبية توافر ركن الخطأ لدى الموظف العام، فإنه يتعين ثبوت الخطأ ثبوتاً يقطع في الدلالة على ارتكابه له، وذلك إذا كان الخطأ فيه إخلال بواجبات الوظيفة أو بمقتضاها، بحيث إذا لم يثبت يقينا خطأ محدد قِبَل الموظف، فإنه لا يكون ثمة سبب مشروع تقوم عليه المسئولية التأديبية التي تبرر مجازاته وعقابه تأديبياً([8])

المبحث الثاني

أوجه الالتقاء و الاختلاف بين المسئولية التأديبية

وكل من المسئوليتين المدنية والجنائية

تلتقي المسئولية التأديبية مع المسئوليتين المدنية والجنائية في أمور وتختلف معهما في أمور أخرى، وسوف أتطرق في هذا المبحث لأوجه الالتقاء والاختلاف في مطلبين كما يلي:

المطلب الأول

أوجه الالتقاء والاختلاف بين المسئولية التأديبية والمسئولية المدنية

أولاً ـ أوجه الالتقاء بين المسئوليتين التأديبية والمدنية:

        في نطاق المسئوليتين التأديبية والمدنية للموظف العام، يرى الباحث وجود ثلاثة أوجه للالتقاء بين المسئوليتين، وهى:

الوجه الأول ـ تحقق الخطأ شرط لقيام المسئوليتين المدنية والتأديبية:

        حيث تختلف مسئولية الموظف في إخلاله بالالتزامات التي ترتبها وظيفته في جانبه، تبعاً لاختلاف الأوصاف القانونية التي يمكن أن يندرج تحتها هذا الإختلاف، فقد يوصف هذا الإخلال بأنه خطأ تأديبي مُوجِب للمساءلة التأديبية، وقد يوصف بأنه خطأ مدني موجب للتعويض ([9]) .

الوجه الثاني ـ وجود السند القانوني شرط لقيام المسئوليتين المدنية والتأديبية:

        فلا قيام لمسئولية قانونية – أياً كان نوعها- دون سند قانوني، أي دون نص قانوني يرتب المسئولية عن الخطأ.

الوجه الثالث ـ اتساع دائرة كل منهما :

وأخيراً يرى الباحث أن المسئوليتين التأديبية والمدنية تتشابهان في اتساع دائرة كل منها عن المسئولية الجنائية.

        فالمسئولية المدنية يكفى في قيامها الإخلال بأي واجب قانوني يقضى بعدم الإضرار بالغير، وبما أن تلك الواجبات القانونية لا حصر لها، فإن دائرة المسئولية المدنية تكون لا حد لها([10]).

        كذلك المسئولية التأديبية يكفى في قيامها الإخلال بأي واجب وظيفي، ومظاهر ذلك الإخلال – كما سنرى ـ لأحكام لا حصر لها، وبالتالي تكون دائرة المسئولية التأديبية لا حد لها. 

ثانياً ـ أوجه الاختلاف بين المسئوليتين التأديبية والمدنية :

        يرى الفقه أن ثمة أوجهاً عديدة تميز بين المسئوليتين التأديبية والمدنية، أهمها([11]):

1ـ من حيث أساس المسئولية :

        إذا كان قيام كلا المسئوليتين التأديبية والمدنية يستلزم تحقق الخطأ، إلا أن الخطأ التأديبي يتميز عن الخطأ المدني ، فمن جهة تقوم المسئولية التأديبية على أساس الخطأ الوظيفي، وقوام ذلك الخطأ هو الإخلال بواجبات الوظيفة ومقتضياتها،أما الخطأ الذي تقوم على أساسه المسئولية المدنية فقوامه الإخلال بواجب قانوني عام يتمثل في مصلحة مالية أو أدبية للغير بنص القانون بعدم الإضرار بها ([12]).  

2ـ من حيث الهدف والأداة :

        تهدف المسئولية المدنية إلى إصلاح الضرر الذي نشأ عن الخطأ ووسيلتها في ذلك تعويض إصابة الضرر ،أما المسئولية التأديبية فالهدف منها كفالة حسن سير العمل وانتظامه في المرافق العامة، ووسيلتها في ذلك الجزاء التأديبي.

3- من حيث أركان المسئولية :

        الضرر يعتبر ركنًا أساسياً لقيام المسئولية المدنية، حيث يشترط في الخطأ المدنى أن يترتب عليه ضرر ، وأن تقوم علاقة السببية بين هذا الخطأ والضرر الواقع، بينما ركن الضرر كما سنرى لاحقا ليس شرطاً لازماً لقيام المسئولية التأديبية.  

4- من حيث تحديد الأخطاء والعقوبات:  

أ- من حيث طبيعة الجزاء:

        الجزاء في المسئولية المدنية إلزام المسئول عن الخطأ بتعويض الضرر تعويضا يعتبر الأصل فيه أن يكون حالاً ([13]). بينما الجزاء في المسئولية التأديبية، وإن كانت بعض صوره لها طبيعة خاصة إلا أنها تأخذ معنى العقوبة، كما أن أغلبها ينال من المزايا الوظيفية للموظف ، وفي حالات استثنائية – كما هو الحال في أنظمة تأديب الشرطة العسكرية – تكون العقوبة التأديبية مقيدة للحرية.

ب- من حيث التأمين من المسئولية :    

في المسئولية التأديبية يستبعد تماماً التأمين من المسئولية، بينما في المسئولية المدنية يمكن التأمين من المسئولية ولو كان أساسها الخطأ، باستثناء الخطأ العمومي أو الغش الذي يمتنع التأمين بالنسبة له ([14]).

                                        المطلب الثاني

أوجه الالتقاء والاختلاف بين المسئولية التأديبية والمسئولية الجنائية

أولاً : أوجه الالتقاء بين المسئوليتين التأديبية والجنائية

تلتقي المسئوليتان التأديبية والجنائية في أوجه عديدة ، أهمها:- 

(1) من حيث استلزام توافر ركن الخطأ لقيام المسئولية :

        حيث يستلزم قيام المسئوليتين التأديبية والجنائية، ارتكاب خطأ يمثل انحرافاً أو خروجاً على السلوك الذي ينهى عنه أو يأمر به القانون.

(2) من حيث الخطأ الموجب للمسئولية :

        ذلك لأن الخطأ الموجب للمسئوليتين التأديبية والجنائية، يمكن إثباته – كقاعدة عامة – بكافة طرق الإثبات المقررة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك([15]).

(3) من حيث ضرورة ثبوت الخطأ الواجب للمسئولية في جانب مرتكبي الخطأ :

        وفي ذلك تتفق المسئولية التأديبية مع المسئولية الجنائية، بحيث إنه إذا لم يثبت بيقين فعل محدد قبل الموظف فإنه لا يكون ثمة سبب مشروع تقوم عليه مسئوليته التأديبية التي تبرر مجازاته وعقابه تأديبيًا([16]).

(4) من حيث الهدف النهائي من المساءلة أو العقاب :

        إن الهدف النهائي من المساءلة التأديبية يتماثل مع نظيره في المساءلة الجنائية، وهو تحقيق الصالح العام، باعتبار أن حماية الوظيفة العامة من الصالح العام، وإذا كانت طبيعة العقاب مختلفة في المسئوليتين، فإن العقاب في كلا المسئوليتين لا يقصد به التعويض كما هو الحال في المسئولية المدنية، وإنما يقصد به الزجر والردع ([17]).

(5) من حيث شرعية العقاب على الخطأ الواجب للمسئولية :

         إذ يخضع في كلا المسئوليتين التأديبية والجنائية لقاعدة ” لا عقاب بغير نص” حيث تلتزم سلطة التأديب بالجزاءات الواردة حصراً في القانون الوظيفي، كما لا يملك القاضي الجنائي الحكم بعقوبة لم يرد بها نص في القانون العقابي.

 (6) من حيث القواعد الإجرائية في دعوى المسئولية :

         تخضع الدعوى التأديبية – كقاعدة عامة – لذات الإجراءات التي تخضع لها الدعوى الجنائية، حيث تتماثل قواعد التحقيق والمحاكمة في كلتا الدعويين إلى حد كبير، وإن كان ذلك بقدر ما يتلاءم مع طبيعة الخطأ التأديبية ([18]).

(7) من حيث التأمين من المسئولية :

        إن التأمين من المسئولية مستبعد تماماً في المسئولية التأديبية والجنائية على حد سواء، على خلاف المساءلة المدنية باعتبارها مساءلة تستهدف تعويض الضرر .

(8) من حيث أسباب انقضاء دعوى المسئولية :

        تنقضي الدعوى الجنائية بصدور حكم بات في الدعوى، كما تنقضي بأسباب عامة أخرى، هي : وفاة المتهم، والعفو ، ومضى المدة([19])، وكذلك الأمر بالنسبة للدعوى التأديبية حيث تنقضي بذات الأسباب العامة التي تنقضي بها الدعوى الجنائية ([20])، فتنقضي بصدور  حكم أو قرار نهائي في الدعوى، وبالتقادم، وبالعفو من الخطأ بمعرفة الإدارة ([21])، وبوفاة المخالف([22]).

(9) من حيث شخصية العقوبة في كلا المسئوليتين :

        حيث لا يوقع الجزاء الجنائي أو الجزاء التأديبي ولا ينفذ – حال ثبوت المسئولية – إلا على من ارتكب الخطأ الموجب للمسئولية أو شارك في ارتكابه([23]).

ثانياً ـ أوجه الاختلاف بين المسئوليتين التأديبية والجنائية :

        على الرغم من التقاء المسئولية التأديبية والمسئولية الجنائية في أوجه عديدة، إلا أن ثمة أوجه اختلاف جوهرية، ترجع في مجموعها إلى طبيعة وأهداف التأديب من حيث ارتباطه بالوظيفة العامة وشاغلها، وسأعرض لأهم أوجه الاختلاف بين المسئوليتين فيما يلي:

(1) من حيث طبيعة الخطأ الموجب للمسئولية :

        على الرغم من أن المسئوليتين التأديبية والجنائية تلتقيان في استلزام توافر ركن الخطأ لقيام كل منهما، إلا أن طبيعة الخطأ الجنائي تختلف عن طبيعة الخطأ التأديبي، فالأول يتمثل بشكل عام في الإخلال بنظام المجتمع، بينما يتمثل الثاني في الإخلال بنظام مجتمع وظيفي فقط([24]).

(2) من حيث شرعية الخطأ الموجب للمسئولية :

        حيث يختلف مفهوم مبدأ الشرعية في الخطأ الموجب للمسئولية الجنائية عن مفهومه في الخطأ الموجب للمسئولية التأديبية ، فالجرائم الجنائية محددة على سبيل الحصر في القوانين العقابية، بينما ينصرف مفهوم الشرعية في الخطأ التأديبي إلى الإطار العام الذي لا يجوز أن تتعداه سلطة التأديب في اعتبارها أفعالاً بعينها تنطوي على أخطاء تأديبية، حيث لا يوجد بوجه عام تحديد تشريعي لجميع الأخطاء التأديبية([25]).

(3) من حيث وصف (تكييف ) الخطأ الموجب للمسئولية :

        تستقل المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية في الوصف القانونى للخطأ الموجب للمسئولية، فلا يجوز أن يوصف الخطأ التأديبي بالأوصاف الموجودة في القانون الجنائي، ومن حيث التكييف فإن الخطأ التأديبي يجب أن يرد إلى الإخلال بالواجبات الوظيفية، ولا يجوز أن يسند إلى نظام قانوني آخر غير القانون التأديبي الواجب التطبيق([26]).

(4) من حيث أركان المسئولية :إذا كانت المسئولية التأديبية والجنائية تلتقيان في استلزام توافر ركن الخطأ لقيام كل منهما، فإن الأمر مختلف بالنسبة للركن المعنوي ، حيث لا زال الاختلاف قائماً في الفقه حول استلزام الإرادة الآثمة لقيام المسئولية التأديبية ([27]).

الخاتمة :

 تحدثنا في دراستنا عن  صور المسئولية القانونية التي يخضع لها الموظف العام و أوجه الالتقاء والاختلاف بين المسئولية التأديبية وكل من المسئوليتين المدنية والجنائية ثم تطرقنا للعلاقة بين المسئولية التأديبية والمسئولية الجنائية وقد ركزنا في دراستنا على العلاقة بين المسئولية التأديبية ومدى خضوعها للقواعد العامة للمسئولية و نطاق حجية الحكم الجنائي على المسئولية التأديبية والإشكاليات التي تثور بشأن حجية الحكم الجنائي على المسئولية التأديبية ، وقد توصلنا إلى مجموعة من النتائج والتوصيات القيمة .

النتائج :

  1. المسئولية عبارة عن حالة الشخص الذي ارتكب أمراً يستوجب المساءلة أو المؤاخذة، والأمر موضوع المساءلة يكون أدبياً أو قانونياً ، وبالتالي تكون المساءلة أدبية أو قانونية .
  2. تنقسم المسئولية القانونية إلى ثلاثة أنواع هي: المسئولية المدنية، والمسئولية الجنائية ، والمسئولية التأديبية، ويخضع الموظف العام لتلك الأنواع الثلاثة من المسئوليات.
  3. تختلف مسئولية الموظف في إخلاله بالالتزامات التي ترتبها وظيفته في جانبه، تبعاً لاختلاف الأوصاف القانونية التي يمكن أن يندرج تحتها هذا الإختلاف.
  4. إن إعمال تقادم الدعوى التأديبية مبنى في الأساس على صعوبة إثبات الخطأ التأديبي بعد مرور وقت طويل على ارتكابه من جهة.

التوصيات :

  1.  أهمية الفصل بين المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية، وتبعاً لذلك سلطة الإدارة التقديرية المطلقة في بحث ملاءمة وقف الدعوى التأديبية من عدمه.
  2. ضرورة أن يشترط للوقف أن يكون الحكم في الدعوى التأديبية متوقفاً على نتيجة الفصل في الدعوى الجنائية.
  3. وجوب احترام حجية الحكم الجنائي فيما انتهى إليه ، وإعمال مقتضاها وإصدار القرار أو الحكم التأديبي.
  4. 4-    أهمية إدراك بأنه لا يجوز أن نقيد سلطة التأديب بمنعها من إعادة مساءلة الموظف من جديد ، باعتبارها لم تستنفد في الواقع اختصاصها تمامًا .

([1])   المعجم الوسيط ، الجزء الأول ، ط 3 ،ص  226.

([2]) انظر في تفصيل ذلك :

      – د.سمير عبدالله سعد :الجرائم التاديبية والجنائية للموظف العام ، منشأة المعارف ،الإسكندرية ،2014 ص17 وما بعدها .

      –    د . سليمان مرقص  : الوافي في شرح القانون المدنى ، المجلد الأول، الطبعة الخامسة، تنقيح، د. حبيب إبراهيم الخليلى، غير موضح دار وبلد النشر، 1992م، ص 1 وما بعدها .

([3])   انظر في ذلك :  

– د. كمال عبدالواحد الجوهري :قواعد المسئولية التأديبية والجنائية والمدنية في مجال تادية أعمال المحاماة ،الطبعة الأولى ،المركز القومي للإصدارات القانونية ، القاهرة 2015 ، ص 441  بعدها.

– مستشار عز الدين الدناحورى، د. عبد الحميد الشواربى : المسئولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء ، الطبعة الأولى، المدينة للطباعة ، القاهرة، 1988م، ص 11 وما بعدها.

([4])   د. رمسيس بهنام :  نظريــة التجريم في القانون الجنائي ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، ط2، بدون تاريخ نشر، ص 60. 

([5]) د. محمود محمود مصطفى:  شرح قانون العقوبات ، القسم العام، بدون دار نشر، القاهرة ، ط 6، 1966م، ص 31.   

([6]) انظر في فيصل ذلك: د. مصطفى الموجى: النظرية العامة للجريمة، مرجع سابق، ص 567، وما بعدها.

([7])  انظر في ذلك :

      – د. خليفة سالم الجهمي: المسئولية التأديبية للموظف العام، دراسة مقارنة، منشورات جامعة قار يونس – بنغازي، الطبعة الأولى، 1997م ، ص 57 ، 58 .

– محمد عبد الله هزيم :  المخالفات التأديبية لرجل الشرطة ، دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة، رسالة ماجستير غير منشورة ، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب – المعهد العالى للعلوم الأمنية، الرياض، 1990م، ص 34 وما بعدها. 

([8])   انظر في ذلك مستشار. محمد محمود طه:  الجريمة التأديبية في ضوء أحكام المحكمة الإدارية العليا ، بحث منشور، مجلة هيئة قضايا الدولة، العدد الأول، السنة الرابعة والأربعون، يناير  ـ مارس 2000م، ص 14.

([9]) مغاورى محمد شاهين: المساءلة التأديبية للعاملين المدنيين ، عالم الكتب، القاهرة ، 1974م، ص 52. 

([10])د . سليمان مرقص  : الوافي في شرح القانون المدنى ، المجلد الأول، الطبعة الخامسة تنقيح ، د. حبيب إبراهيم الخليلى، غير موضح دار وبلد النشر، 1992م. ، ص 5.  

([11]) انظر في ذلك: 

– د. محمد جودت الملط:  المسئولية التأديبية للموظف العام ،مرجع سابق ، ص 66 وما بعدها. 

([12]) د. محمد منصور:  التأديب والعقاب في علاقات العمل ، دراسة معرفة في التأديب ، غير موضح دار النشر، 1972، ص 209.  

([13]) د. سليمان مرقص:  الوافي في شرح القانون المدنى ، المجلد الأول ، مرجع سابق، ص 6.

([14])د.سليمان مرقص ،المرجع السابق، ص 6.

([15]) انظر في ذلك :

–  د. خليفة سالم الجهمى :  المسئولية التأديبية للموظف العام ، مرجع سابق، ص143.

–  د. رمضان محمد بطيخ :  المسئولية التأديبية ، مرجع سابق ، ص 8.

([16]) انظر في ذلك قضاء المحكمة الإدارية العليا بمصر: الطبعة رقم 2067، السنة 36 ق – جلسة 24/4/1993م. 

([17])د. رمضان محمد بطيخ: المسئولية التأديبية لعمال الحكومة، والقطاع العام وقطاعه الأعمال العام فقهاً وقضاء ، دار النهضة العربية، القاهرة، 1999م ، ص 7.

([18]) انظر في ذلك : د. عبد القادر الشيخيلى  القانون التأديبي وعلاقته بالقانون الإداري والجنائي، دار الفرقان للطباعة، عمان ، ط1، 1983م، ص 21 وما بعدها.

([19]) انظر في ذلك : د. محمود محمود مصطفى:  شرح قانون الإجراءات الجنائية، مطبعة جامعة القاهرة، ط5 ،1957م، ص 145 وما بعدها. 

([20]) انظر في ذلك: 

– د. عيسى السيد إسماعيل : موسوعة المحاكمات التأديبية أمام مجلس الدولة ، مرجع سابق، ص 28 وما بعدها.

– وانظر في تفاصيل أسباب انقضاء الدعوى التأديبية أثناء الخدمة، وبترك الخدمة د. محمد محمود ندا :  انقضاء الدعوى التأديبية، دراسة مقارنة، دار الفكر العربى، القاهرة ، 1981م، ص 33 وما بعدها. 

([21]) حيث تملك جهة الإدارة حفظ التحقيق قطعياً في المخالفة التي ارتكبها الموظف تبعاً لمقتضيات المصلحة وفي نطاق سلطتها التقديرية. 

([22]) حيث يستقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المخالف، انظر على سبيل المثال : حكمها الصادر في الطبعة رقم 330 السنة 16 ق ، جلسة 26/1/1974م، مجموعة السنة19، قاعدة 50، ص 104. 

([23]) د. رمضان محمد بطيخ :  المسئولية التأديبية ، مرجع سابق، ص 8.

([24]) د. منصور إبراهيم الفيومي:  المسئولية التأديبية ، مرجع سابق، ص 81.

([25]) انظر في ذلك :

– د. زكى محمد النجار :  الوجيز في تأديب العاملين بالحكومة والقطاع العام ، ط2، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة ، 1986م، ص 31.

– د. عبد القادر الشيخليى :  القانون التأديبي وعلاقته بالقانون الإدارى والجنائي، دار الفرقان للطباعة، عمان ، ط1، 1983م ، ص 51 وما بعدها.

([26]) انظر في ذلك :

– مغاورى محمد شاهين :  المساءلة التأديبية للعاملين المدنيين ، عالم الكتب ، القاهرة ، 1974 م، ص 193 وما بعدها وأنها في قضاء المحكمة الإدارية العليا : حكمها الصادر في 8/12/1962م، المجموعة من 8، ص 219، مشار إليه بمؤلف د. محسن العبودى  التأديب وأحكام تأديب ضباط الشرطة ، مرجع سابق، ص 48.  

 

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *