الميراث في القانون الدولي الخاص المغربي:أية إشكالات يطرحها الفصل 18 من ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب؟
سلمى الازرق
باحثة في القانون الخاص
كلية الحقوق-السويسي
مقدمة:
قد تتصل علاقة قانونية خاصة بعنصر أو أكثر من عناصرها بأكثر من قانون واحد كقانون جنسية الأطراف أو قانون موطنهم أو قانون محل إبرام العقد أو قانون موقع المال أو قانون محل التنفيذ، وارتباط العلاقة القانونية بأكثر من قانون واحد يجيز في الظاهر على الأقل أن لكل قانون من هذه القوانين الاختصاص في أن يطبق دون غيره عليها سواء من حيث إنشائها أو من حيث انتهائها وبالتالي ينتج عن هذا التزاحم أو التنازع في ما بين كل هذه القوانين ضرورة إيجاد حل نهائي لمعرفة أيها أنسب بأن تخضع له العلاقة القانونية محل النزاع.
و لعل من أهم غايات قواعد المنهج التنازعي هو محاولته التنسيق بين مجموع الأنظمة القانونية المتعارضة وبالتالي محاولة خلق نوع من التعايش في ما بينها أخذا بعين الاعتبار أن منهجية التحليل التنازعي تفترض معاملة الأنظمة المتنافسة على قدم المساواة وإعطائها نفس فرص التطبيق وذلك في جميع المجالات خاصة في مجال الأحوال الشخصية على اعتبار أن العلاقات الدولية الخاصة الأسرية أصبحت اليوم، وفي ظل ارتفاع نسبة هجرة الأشخاص من بلدانهم الأصلية نحو دول المهجر، واقعا دوليا لا يمكن تجاهله في الوقت المعاصر مما استوجب تنظيمها بصفة موضوعية تتفق مع خصوصيتها في ظل تراجع مبدأ إقليمية القوانين الذي كان معمولا به بشكل مطلق قديما لفائدة مبدأ شخصية القوانين الذي يعتبر انعكاسا لمرونة تعامل التشريعات الوطنية مع القوانين الأجنبية من خلال السماح بتطبيقها من قبل القضاة الوطنيين متى تم إسناد الاختصاص إليها.
ومن أهم المجالات الخصبة التي تعرف تنازعا للقوانين مجال الأحوال الشخصية، هذا المفهوم الذي ظهر نتاج للتقسيمات التي انتهجها فقه الدول العلمانية في بدايات القرن 13م للتمييز ما بين مجموع الأحوال التي تتنازع بصددها القوانين؛ فمنهم من قسم هذه الأحوال إلى أحوال شخصية تتعلق بكل ما ينظم حالة وأهلية الشخص ومنهم من أضاف الأحوال العينية إشارة إلى بعض المسائل المالية التي من بينها التركات والوصايا.
ومادام أن هذا المفهوم ظهر لأول مرة في قوانين الدول الغربية ذات المرجعية العلمانية كانت نتيجة منطقية أن يعد بمثابة مصطلح دخيل على الثقافة الإسلامية. ولعل هذا كان هو السبب في عدم تعريفه من لدن العديد من التشريعات التي تستند في نصوصها على المرجعية الإسلامية باستثناء بعض القوانين نذكر منها على سبيل المثال التشريع التونسي في مادته 2 من أمر 1956 والتي جاء فيها : ”تشتمل الأحوال الشخصية على النزاعات المتعلقة بحالة الأشخاص وأهليتهم وبالزواج و نظام الأموال بين الأزواج وحقوق الأزواج وواجباتهم المتبادلة والطلاق والتطليق والتفريق وواجب النفقة بين الأقارب وغيرهم وتصحيح النسب والتبني والوصاية والقيامة والحجر والترشيد والهبات والوصايا وغير ذلك من التصرفات بموجب الموت والغيبة واعتبار المفقود ميتا”[1]، وبالرغم أن المشرع المغربي قد استعمل هذا المصطلح في الكثير من المناسبات لا في إطار لمدونة الأحوال الشخصية الملغاة ولا في مدونة الأسرة إلا أنه لم يورد له أي تعريف قانوني مما استدعى تدخل الفقه على رأسهم الأستاذ محمد الكشبور الذي عرف الأحوال الشخصية أنها ”مجموع القواعد القانونية التي تحكم الزواج والطلاق والولادة ونتائجها والأهلية الشرعية والوصية والميراث”[2] وبالتالي يكون مفهوم الأحوال الشخصية في المغرب، والذي يشتمل علاوة على مسائل الحالة والأهلية و الزواج و الطلاق، يتسع أيضا ليشمل الشق المتعلق بالميراث والوصايا على عكس المفهوم السائد في الدول الغربية التي تخرج من نطاق الأحوال الشخصية المسائل المتصلة بالتركات والوصايا وتدخله في مجال الحقوق العينية. وهذا توجه يترتب عنه بشكل منطقي اختلاف ضوابط الإسناد من دولة إلى أخرى لأن مسائل الأحوال الشخصية بما فيها الميراث والوصايا حسب القانون المغربي تخضع للقانون الشخصي بناء على معيار الجنسية بينما مسائل الأحوال العينية يحكمها ضابط آخر وهو ضابط قانون الموقع وبالتالي فإن هذا الاختلاف في ضوابط الإسناد بين مختلف تشريعات الدول يؤثر في مسار الإعمال الجيد لقواعد الإسناد التي توصل إلى القانون الواجب التطبيق.
ولما كانت الوفاة هي النهاية الطبيعية لكل شخص ولما كانت أيضا إعداما لقدرته على التصرف في ماله، كان لزاما على التشريعات أن تنظم انتقال الأموال من ذمة السلف إلى الخلف بالميراث و كذا بالوصية، فالميراث باعتباره خلافة الشخص بحكم القانون في ما ترك بسبب موته[3] وكما كان في القانون الروماني إلى أن استمر به العمل إلى اليوم هو على نوعان: الأول هو الشق المتعلق بالتركات التي تترتب عن الوفاة وتخضع لقانون الميراث و يسمى ب”الميراث القانوني”[4] والثاني هو الميراث الذي يوصي به الموصي قبل وفاته لشخص آخر يدعى الموصى له و ذلك على شكل تصرف مضاف إلى ما بعد الموت يسمى ”الوصية”، ولذلك قد يظهر التنازع في الإرث بين قانون المورث و قوانين الورثة و قانون موقع المال في التركة، و في الوصية قد يظهر التنازع بين قانون الموصي وقانون الموصى له وقانون مكان عمل الوصية، كما قد يظهر التنازع في الحالة التي يكون فيها عناصر التوارث موزعة بين دول مختلفة كأن تكون أموال التركة موجودة في إقليم إحدى الدول الأجنبية وفي هذه الحالة نكون أمام إرث دولي أو وصية دولية بحيث يكون مرتبطا بأكثر من عنصر يجعله مرتبط بأكثر من نظام قانوني واحد وبالتالي لابد من اختيار قانون واحد من بين هذه القوانين المتنازعة في ما بينها لحكم النزاع.
و في إطار تعيين القانون الواجب التطبيق على المواريث الدولية ظهرت عدة توجهات فقهية لعل من أبرزها ثلاثة اتجاهات أساسية: الأول كان يتبناه الأستاذ نيبوييه NIBOYET والذي يقضي بتطبيق القانون الشخصي للمتوفى على ميراثه كوحدة لا تتجزأ ويتم تحديد القانون الشخصي بالاستناد على ضابط الجنسية عوض ضابط موقع المال. وفي هذا الإطار نجد العديد من التشريعات من تبنت هذا التوجه كالتشريع المصري في المادة 17 من القانون المدني المصري والتي جاء فيها:” يسري على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت، قانون المورث أو الموصي…”[5]. أما الاتجاه الثاني الذي يتزعمه الأستاذ ديمارتينز DE MARTENS الذي يذهب إلى الأخذ بتطبيق قانون الدولة التي يوجد فيها المال الذي خلّفه المتوفى أي قانون الموقع وكذا قانون الدولة التي ينتمي إليها المتوفى بجنسيته استنادا كذلك على ضابط الجنسية وذلك من خلال التمييز الذي أقامه ما بين الأموال المنقولة والأموال غير المنقولة؛ بحيث يجب تطبيق قانون الدولة التي ينتمي إليها المورث بجنسيته على النوع الأول بينما النوع الثاني فهو يخضع لقانون الدولة التي يوجد فيها ذلك المال. ومن بين التشريعات التي أخذت بهذا التوجه نذكر مثلا التشريع العراقي الذي ميز ما بين المسائل الخاصة كشروط الاستحقاق وموانع الإرث وتحديد الأنصبة التي أخضعها لقانون جنسية المتوفى كما جاء في المادة 22 من القانون المدني العراقي: ” …وقضايا الميراث يسري عليها قانون المورث وقت موته”، بينما المسائل الأخرى المالية المتعلقة بالتركة سواء كانت عقارية أم منقولة فهي تخضع من حيث آلية انتقال ملكيتها من السلف إلى الخلف إلى قانون الموقع وهذا ما أكدت عليه المادة 24 من نفس القانون والتي جاء فيها:”…المسائل الخاصة بالملكية والحيازة والحقوق العينية الأخرى وبطرق انتقالها بالعقد والميراث والوصية وغيرها، يسري عليها قانون الموقع”[6]. وما يعاب على هذا التوجه هو أنه يفتح المجال أمام تطبيق أكثر من قانون واحد و و ما لا يتماشى مع وظيفة المنهج التنازعي التي تسعى إلى الوصول إلى تطبيق قانون واحد دون غيره من القوانين. بينما التوجه الثالث الذي يتبناه الفقه الأنجلوسكسوني فهو يبني فكرته على أساس أن التركات تشكل قواعد عينية لا قواعد شخصية وبالتالي هي تخضع في مجملها للقانون المحلي أخذا بضابط موقع المال. ومن التشريعات التي أخذت به نذكر القانون المدني اليمني في المادة 27 التي جاء فيها:” يرجع في الميراث وغيره من التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت إلى قانون الأحوال الشخصية اليمني[7].”
وبناء على كل ما سبق، ما هو التوجه الذي سار فيه ظهير الوضعية المدنية للأجانب والفرنسيين بالمغرب لسنة 1913 بشأن القانون المختص بحكم التركات الدولية؟ في هذا الإطار نشير إلى الفصل 18 من ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب الذي يشكل قاعدة الإسناد المختصة في مجال المواريث والوصايا الدولية والذي جاء فيه ما يلي: ”يخضع توارث المنقولات والأصول الموجودة داخل منطقة الحماية الفرنسية بالمغرب لقانون الدولة التي ينتسب إليها الموروث في ما يعود إلى تعيين الورثة والترتيب الذي يرثون بمقتضاه، والأنصبة العائدة إلى كل واحد منهم والمقادير التي يتعين إرجاعها للتركة و المقدار الذي يجوز للموروث أن يتصرف به على وجه الوصية والمقدار الذي يجب حفظه للورثة”. وبالتالي يتبين من خلال هذا الفصل أن تشريع ظهير الوضعية المدنية للأجانب بالمغرب كيف مسائل التركة كونها جزء من الأحوال الشخصية وحرص على إخضاعها لقانون واحد ألا وهو قانون جنسية المورث دون أن يحدد وقت الاعتداد بالقانون الشخصي استنادا على ضابط الجنسية بخلاف بعض التشريعات المقارنة التي أخذت بجنسية المورث وقت الوفاة حتى و لو لم تكن جنسيته الأصلية كالمادة 18 من القانون المدني السوري والتي جاء في معرض بيانها أنه يسري على الميراث وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت قانون المورث أو الموصي أو المتصرف وقت موته[8]، و نقطة الالتقاء ما بين النصين السابقين، أي الفصل 18 من ظهير 1913 و المادة 18 من القانون المدني السوري أنهما لم تفرقا من حيث القانون الواجب التطبيق مابين الخلافة القانونية أي الإرث والخلافة الاختيارية أي الوصية كما أنهما لم تميزا بين العقارات والمنقولات، فقرر كلا التشريعين أن يخضعاها معا لقانون واحد ألا وهو القانون الشخصي إعمالا بالفصل الأول من اتفاقية لاهاي المؤرخة في 17 يوليو 1907 بشأن تنازع القوانين في قضايا الميراث والوصايا والتي يعد المغرب طرفا فيها[9].
وإذا كان تطبيق الفصل 18 من ظهير 1913 لا يثير أي إشكال من الناحية المبدئية حيث يبدو شاملا لكافة المسائل التي تدخل في إطار تنظيم المواريث من حيث تعيين الورثة وترتيبهم والأنصبة العائدة إلى كل واحد منهم والمقادير التي يجوز للمورّث أن يتصرف فيها على وجه الوصية فإنه لا يبدو بهذه السهولة من حيث الواقع، إذ ما يزال الفصل 18 قاصرا عن استيعاب العديد من الإشكالات التي تثار في مجال تنازع الاختصاص التشريعي كالصمت الوارد على الفصل المذكور في ما يتعلق بإحدى المواضيع الشائكة التي قد تطرح بصدد ميراث الأجانب بالمغرب كموضوع التركات الشاغرة وغيرها من الإشكاليات العميقة التي تضفي على هذا الموضوع أهمية بالغة من حيث كونه يشكل موضوعا مهما يتيح المجال أمام الباحثين والمهتمين بمجال القانون الدولي الخاص المغربي لملامسة مكامن الضعف في الفصل 18 ووضع اقتراحات له تكون مستمدة من التشريع والفقه المقارن لتجاوزها وذلك من خلال محاولتنا الإجابة عن إشكالية التالية والتي مفادها :
إلى أي حد استطاع ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب الإلمام بكافة الإشكالات التي تثيرها التركات الدولية في مجال تنازع القوانين ؟
هذه الإشكالية تقتضي منا معالجة هذا الموضوع من خلال تحليل الفصل 18 من ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب وذلك بناء على ما يلي:
الفقرة الأولى: صعوبة التكييف ومحدودية الإحالة في مجال التركات الدولية
الفقرة الثانية: تنازع الجنسيات وأثره على تعيين القانون الواجب التطبيق على التركات الدولية
الفقرة الثالثة: التوجه الأوروبي الحديث في ميدان التركات الدولية
الفقرة الرابعة: غياب تنظيم قانوني للتركات الدولية الشاغرة في ظهير الوضعية المدنية للأجانب والفرنسيين بالمغرب
الفقرة الخامسة: الحلول الفقهية لإشكالية التنازع المتحرك في مجال التركات الدولية
الفقرة السادسة: خصوصية آلية الدفع بالنظام العام في ميدان التركات الدولية
أولا: صعوبة التكييف ومحدودية الإحالة في مجال التركات الدولية
إن الاختلاف الذي تعرفه القواعد القانونية في مادة المواريث ما بين الدول باعتبارها قواعد غير موحدة يعود إلى الحساسية التي تطبع هذا الموضوع نظرا لارتباطه بقيم ومبادئ وحضارة كل مجتمع مما يجعل من الصعب توحيد تلك القواعد الأمر الذي يخول للتشريع الداخلي لكل دولة صلاحية تعيين القانون الذي يحكم توزيع ونقل التركات الدولية على أساس أن قواعد الإسناد في كل دولة هي التي تعين هذا القانون ومن ثم هي تبني حكمها إما على عينية المواريث، ناظرة إلى قانون موقعها، أو أنها قد تبني حكمها على شخصيتها، ناظرة بذلك إلى الشخص المتوفى ومن ثم تخضع الميراث لقانونه الوطني أي قانون الدولة التي يحمل جنسيتها أو قانون موطنه حسب الأحوال مما يحتم علينا معرفة موقف القانون الدولي الخاص المغربي من ذلك بالاستناد إلى مسألة التكييف التي يجريها القاضي المغربي في مجال الميراث.
من خصائص الفصل 18 من ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب أنه يسند الاختصاص في مجال المواريث الدولية للقانون الوطني للهالك. فقد ظلت التركات الدولية خاضعة لمدة طويلة للقانون الشخصي للمتوفى قبل أن يتراجع مبدأ شخصية القوانين بعد أن بدأت التشريعات المقارنة تذهب في منحى مغاير نذكر منها على سبيل المثال التشريع الفرنسي الذي اتجه إلى التمييز ما بين التركات العقارية والتي يُخضعها إلى القانون العيني (قانون موقع المال) والتركات المنقولة التي تخضع لقانون آخر موطن للمتوفى استنادا على المادة 3 من القانون المدني الفرنسي[10]، إلا أنه ما يعاب على هذا التوجه أنه يفتح المجال للوقوع في ما يُعرف بازدواجية القوانين أو الازدواجية القانونية من خلال الفصل ما بين القانون العيني والقانون الشخصي مما يتيح الإمكانية لتطبيق أكثر من قانون واحد على نفس العلاقة القانونية وهو ما يتعارض مع وظيفة المنهج التنازعي التي تسعى إلى تطبيق قانون واحد لا غير. كما نجد تشريعات أخرى تخضع المواريث لقانون آخر موطن للمتوفى كالمادة 90 من القانون الدولي الخاص السويسري لسنة 1987[11]، أما تشريعات أخرى كالقانون الدولي الخاص التونسي مثلا فقد اعتمد على عدة ضوابط في مجال تحديد القانون الواجب التطبيق على التركات الدولية وذلك بموجب المادة 54 من مجلة القانون الدولي الخاص التونسية لسنة 1998 والتي جاء فيها ما يلي:
“يخضع الميراث للقانون الداخلي للدولة التي يحمل المتوفى جنسيتها عند وفاته أو لقانون دولة آخر مقر له أو لقانون الدولة التي ترك فيها أملاكا”[12]، ليكون أول ضابط هو ضابط الجنسية وإذا انتفى يحل محله ضابط الموطن ثم بعده ضابط مكان افتتاح التركة. وبالتالي هذا الاختلاف الحاصل ما بين هذه التشريعات بشأن القانون الذي يختص بحكم التركات الدولية ينتج عنه العديد من الإشكالات التي تثار في مسار الوصول إلى القانون الواجب التطبيق، وأول إشكال يطرح في هذا الصدد هو متعلق بالتكييف؛ حيث وإن كان الميراث يندرج في مواضيع الأحوال الشخصية في أغلب الدول العربية كما سبقت الإشارة إليه في مقدمة هذا العرض فإن الأمر يختلف في دول أخرى حيث يعد فيها موضوعا من مواضيع الأحوال العينية. ويترتب عن هذا الاختلاف في التكييف اختلاف قوانين الدول في ما يخص قاعدة الإسناد الخاصة بالميراث. فلو فرضنا أن إسبانيا كان مقيما في المغرب وتاركا فيه بعد وفاته تركة جزء منها منقول موجود في المغرب، وجزء منها ثابت موجود في فرنسا، فإذا كان القاضي المغربي سيُكيف العلاقة القانونية على أساس أنها تدخل في مسائل الأحوال الشخصية،ومن ثم سيعمد على تفعيل الفصل 18 من ظهير 1913 التي يحيل على تطبيق القانون الشخصي الذي هو في هذه الحالة القانون الإسباني، في حين أن القاضي الفرنسي، في الجزء الآخر من التركة الموجودة في فرنسا، سيُكيفها على أنها من المسائل التي تدخل في مجال الأحوال العينية وبذلك سيُخضعها إلى قانون الموقع الذي هو في هذه الحالة القانون الفرنسي إعمالا بالمادة 3 من القانون المدني الفرنسي التي تميز ما بين التركات المنقولة وغير المنقولة وتخضع هذه الأخيرة كما هو الحال في هذا المثال، لقانون الموقع، وهو ما سيتيح الإمكانية أمام تطبيق أكثر من قانون واحد على نفس التركة أي القانون الإسباني والقانون الفرنسي معاً لتكون بالتالي هذه الازدواجية في تطبيق القوانين نابعة أساسا من مسألة تنازع التكييفات التي يمتاز بها نظام المواريث الدولية.
والأمر لا يقتصر فقط على مستوى التكييف بل قد يشمل حتى الإحالة. فماذا لو توفي سويسري في المغرب باعتباره آخر موطن له وترك فيه أموالا عقارية ومنقولة؟ القاضي المغربي في هذه الحالة سيعود إلى قاعدة الإسناد المغربية التي ترجع الاختصاص للقانون السويسري باعتباره القانون الشخصي للمتوفى ولكن إذا ما عاد القاضي المغربي إلى هذا القانون سيجد أن القاعدة القانونية المعنية بالتطبيق هي قاعدة شكلية أي أنها ترجع الاختصاص لقانون الموطن والذي هو في هذه الحالة القانون المغربي. فهل سيقبل القاضي المغربي عقد الاختصاص التشريعي لقانونه الوطني علما أن ظهير 1913 لا يتضمن أي مقتضى صريح يحسم في مسألة مدى إمكانية الأخذ بالإحالة إضافة إلى المسلك غير الواضح للقضاء المغربي الذي لم يحسم إلى حدود الساعة في آلية الإحالة إما قبولا أو رفضا ؟
ثانيا: تنازع الجنسيات وأثره على تعيين القانون الواجب التطبيق على التركات الدولية
إن الإشكالات التي تُطرح في مجال الأحوال الشخصية بشكل عام وفي مجال المواريث الدولية بشكل خاص تمتد لتشمل حتى ضابط الإسناد المضمن في الفصل 18 من ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب ألا وهو ضابط الجنسية. فقد يحدث مثلا وأن تكون للمتوفى أكثر من جنسية واحدة الأمر الذي يتطلب معه بالضرورة الحسم في مسألة تعدد الجنسيات قبل أن يحدد القاضي القانون الواجب التطبيق على اعتبار أنه لتعيين هذا القانون لا بد من تحديد جنسية واحدة دون غيرها. فما هو إذن الحل الذي ينبغي على القاضي المغربي أن يقوم بإعماله ليصل إلى القانون الواجب التطبيق على تركة لمورث له أكثر من جنسية واحدة في ظل العبء الذي ألقاه عليه الفصل 4 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب والفرنسيين بالمغرب[13]؟
إن عبارة “القاضي المعروض عليه النزاع يعين قانون الأحوال الشخصية الواجب تطبيقه”، تطرح أكثر من تساءل: هل يتعين على القاضي الفصل في مسألة تنازع الجنسيات استنادا على الحلول الموضوعة في التشريع المغربي علما على أنه لا يوجد أي نص في القانون الداخلي يُوضح كيفية حل مشكل تعدد الجنسيات؟ أم أنه ينبغي عليه أن يستند على الاجتهادات القضائية السابقة في مجال الجنسية لإيجاد حل لهذه المسألة ؟
لما كان الاجتهاد القضائي سواء الوطني أو الدولي مصدرا أساسيا للقانون الدولي الخاص المغربي، فإن القاضي يُمكن له اللجوء إلى تطبيق الحلول التي أقرتها الأحكام القضائية الدولية والتي استندت على معيار الجنسية الفعلية كحكم محكمة التحكيم الدولية الدائمة الصادر في قضية كانافيرو بتاريخ 3 ماي 1912[14] وحكم محكمة العدل الدولية لسنة 1955 في قضية نوتباوم[15] وحكم محكمة الاستئناف بالدار البيضاء سنة 1989[16] في قضية وصية أحد الأجانب الذي كانت له أكثر من جنسية واحدة فتم الاستناد على معيار الجنسية الفعلية باعتبارها جنسية الدولة التي يعيش الفرد في كنفها فعلا ويندمج في الجماعة المكونة لها. إلا أنه في إطار هذا الحكم الأخير، وإن كان الأمر يتعلق بموضوع الوصايا فإنه لا إشكال في الأخذ بالحل الذي تم التوصل إليه وإعماله في نطاق المواريث الدولية أيضا اعتمادا على أسلوب القياس ما دامت الوصايا والمواريث تدخلان معا في مسائل الأحوال الشخصية في منظور القانون المغربي.
أما فيما يخص القانون الواجب التطبيق على تركات الأجانب المسلمين فإن المادة 2 من مدونة الأسرة تسند الاختصاص التشريعي للقانون المغربي في جميع العلاقات القانونية التي تتضمن طرفا مسلما، وفي هذه الحالة يتم تعطيل العمل بالقانون الشخصي للمورث (أي الذي يتأسس على ضابط الجنسية) ويحل محله القانون المغربي استنادا على امتياز الديانة مما سيضرب بلا شك في صميم توقعات الورثة غير المسلمين على أساس أن الأمر سيشكل مباغتة ومفاجأة لهم لأنه لا يفترض فيهم العلم إلا بالقانون الذي يجمعهم مع المورّث والذي يمنحهم الحق في أن يرثوا فيه، بحيث من الممكن أن يكونوا قد رتبوا كل توقعاتهم القانونية على أساسه ودون غيره من القوانين الأخرى استنادا على مبدأ ”التوقع القانوني”[17]. وما يُعاب على امتياز الديانة المكرس في المادة 2 من مدونة الأسرة أنه، علاوة على تعطيله لكل آليات المنهج التنازعي في القانون الدولي الخاص المغربي، فهو يضفي على طريقة تعامل القاضي المغربي مع العلاقات القانونية المشتملة على عنصر أجنبي طابعا وطنيا بحثا غاضا الطرف عن ذلك العنصر الأجنبي الذي من المفروض أن يخرج الروابط القانونية من قالبها الوطني إلى قالب آخر دولي. كما أنه ما يُعاب على هذا الامتياز أيضا هو كونه يفسح المجال الواسع أمام التحايل على القانون؛ إذ من الصعب الكشف عن دوافع المعني باعتناق الإسلام مادام أن التفوه بالشهادتين يكفي لاعتباره مسلما وعلما أنه من القواعد السائدة في الفقه الإسلامي هي “عدم جواز الشك في نية من أعلن إسلامه” ثم قوله تعالى” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا”[18]. وهكذا فقد يلجأ الأجنبي المقيم في المغرب إلى تغيير ديانته واعتناق الإسلام بُغية الخضوع للقانون المغربي للاستفادة من الأحكام التي يتضمنها والتي من بينها حرمان الورثة من الميراث طبقا لقاعدة لا توارث بين مسلم وغير مسلم[19]. ونظرا لغياب أي تنظيم في ظهير 1913 لمسألة صلاحية القاضي في كشف التحايل على القانون والمعاقبة عليه فإن الأمر سيكون رهينا بسلطته التقديرية، إذ لا بد للقاضي المغربي، لاسيما في مجال المواريث الدولية، أن يفطن بمسألة التحايل على القانون وأن يتعامل معها بنوع من الحذر واليقظة لكي لا تضيع حقوق الورثة الذين تكون توقعاتهم كلها تعوّل على قانون المورث مما قد يدفعهم هم كذلك لاعتناق الإسلام تحايلا على القانون فقط لكي يحضوا بنصيبهم من التركة.
ثالثا: التوجه الأوروبي الحديث في ميدان التركات الدولية
إذا كان المنحى الذي اتجه فيه مشرع ظهير 1913 في إخضاعه التركة بمنقولاتها وعقاراتها لقانون واحد ألا وهو القانون الشخصي للمورث يبدو سليما من الناحية العملية فإنه كذلك حتى من الناحية القانونية المجردة؛ ذلك أن التركة يجب ألا يُنظر إليها كمال يمتلك على نحو مجزئ إذ هي مجموع أو مخلوق قانوني يتصل بشخص المورث وتتكون من أموال مادية وغير مادية ومن الصعب التمييز بين منقولاتها وعقاراتها إذ في ذلك ولوج لطريق التكييف وما قد يمكن أن ينتج عليه من تناقضات على مستوى الحلول القانونية مما يبرر صحة وصواب اعتماد ظهير 1913 لوحدة التنظيم القانوني للمواريث الدولية وعدم التمييز بين منقولاتها وعقاراتها[20].
وفي هذا الإطار نشير إلى أن التوجه الذي كانت تتبناه بعض التشريعات المقارنة في تمييزها ما بين القانون الواجب التطبيق على التركات العقارية والذي يكون مختلفا تماما عن القانون الواجب التطبيق على التركات المنقولة قد تراجع بعدما تبنى الاتحاد الأوربي اتفاقية توحيد قوانين الميراث ما بين دول الاتحاد والتي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 17/08/2015 والتي وحدت المعايير التي ستخضع لها التركات الدولية بعد تاريخ دخولها حيز التنفيذ. ففي السابق كان يتم التمييز ما بين التركات المنقولة التي كانت تخضع للقانون الشخصي للمورث والتركات العقارية التي كانت تخضع لقانون الموقع استنادا بذلك على معيارين: معيار الجنسية ومعيار موقع المال، بينما يعد من أبرز ما جاءت هذه الاتفاقية هو تقييم الميراث وفقا للقوانين المتبعة في البلد الذي يتوفى فيه الشخص بغض النظر عن الجنسية التي يحملها. ومن المعلوم أن المشاكل التي تقع بين الورثة في مختلف دول العالم حول قضايا الميراث لها علاقة بالقوانين الوطنية الخاصة بكل دولة والتي عادة ما تكون مختلفة من دولة إلى أخرى وفي بعض الأحيان قد تكون متناقضة. وعليه أقرت هذه الاتفاقية قواعد جديدة تقضي بتوحيد قانون الميراث استنادا على ضوابط حديثة كضابط الإرادة في المادة 22 وضابط الإقامة الاعتيادية في المادة 21[21].
فلو فرضنا مثلا أن بلجيكا قبل وفاته كان مقيما في فرنسا وتاركا فيها أموالا على شكل عقارات ومنقولات بالإضافة إلى عقارات أخرى في بلجيكا. فما هو القانون الواجب التطبيق على هذه التركة؟
في السابق وقبل أن تخرج هذه الاتفاقية إلى حيز الوجود كان هناك العمل بضابطي إسناد مختلفين:
- العقارات: والتي تخضع لقانون موقعها الذي هو في هذه الحالة القانون الفرنسي وكذا القانون البلجيكي.
- المنقولات: والتي تخضع لقانون الدولة التي كانت فيها للمتوفي قبل وفاته إقامة اعتيادية وهو في هذه الحالة القانون الفرنسي.
فبعدما تم العمل بهذه الاتفاقية لم يعد هناك سوى ضابط إسناد واحد ألا وهو قانون دولة الإقامة لحظة الوفاة والذي يُطبق على التركة سواء كانت منقولة أو غير منقولة، باستثناء المادة 22 المذكورة والتي تُعطي للهالك قبل وفاته الحق في أن يختار القانون الذي يرغب في أن يُطبق على تركته بعد الوفاة عن طريق وثيقة تُحرر من قبل الموثقين المعتمدين بالشكل الرسمي[22].
كما أن هذه الاتفاقية لم تقتصر فقط على مجال تنازع القوانين في المواريث الدولية بل تضمنت أيضا أحكام تتعلق بالاختصاص القضائي الدولي لدول الاتحاد الأوربي في قضايا الإرث. حيث أنها تضمن قبول دول الاتحاد الأحكام الصادرة عن محاكم باقي دول التكتل الأوروبي، علما أنه في السابق كانت المحاكم الوطنية لدولة أوروبية تحكم على سبيل المثال لصالح أحد مواطنيها في حقه بالحصول على أموال أو ميراث ما في بلد آخر لكن دون أن تكون لهذا الحكم أية فعالية في البلدان الأوربية الأخرى مما يترتب عنه ضياع حقوق الورثة في الخارج[23].
رابعا: غياب تنظيم قانوني للتركات الدولية الشاغرة في ظهير الوضعية المدنية للأجانب والفرنسيين بالمغرب
من أهم المواضيع التي أغفل عنها ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب لسنة 1913 في مادة المواريث الدولية هو ما يُعرف بالتركات الشاغرة باعتبارها مجموع الأموال التي يُخلفها المورث دون أن يكون هناك أي شخص تتوفر فيه شروط الاستحقاق مما يجعلها تركة لا وارث لها[24]. وبالتالي فالتساؤل الذي يُطرح في هذا النطاق هو حول مصير هذه التركة.
إذا كان المبدأ المسلم به في أغلب التشريعات الدولية أن التركات الشاغرة تؤول إلى الدولة فإن الخلاف الذي يثور في هذا الإطار هو حول أية دولة من الدول التي تتنازع قوانينها حول التركة يثبت لها هذا الحق؟ فلو فرضنا مثلا أن إسبانيا توفي في المغرب مخلفا فيه مبالغ مالية مهمة لا وارث لها، فإن القاضي المغربي بإعماله للقانون الإسباني باعتباره القانون الوطني للمتوفى تبين له أنه ليس هناك من تتوفر فيه شروط الاستحقاق. فهل هذه الأموال ستؤول إلى الدولة المغربية باعتبار أن المغرب يشكل موقع تلك الأموال مما يفرض مآلها إليها استنادا على المعطى السيادي أم أن الدولة الإسبانية التي ينتمي إليها هذا الإسباني بجنسيته هي الدولة الوارثة فيه باعتباره أحد رعاياها؟
لم يتضمن التشريع المغربي أي إجابة عن هذا الإشكال باستثناء الفصلين 267 و 268 من قانون المسطرة المدنية المغربي المتعلقان بأهلية الدولة المغربية في الإرث[25] ولكن ما يستشف من خلال عبارة “إذا كانت الدولة مؤهلة عند انعدام وارث معروف الإرث” أنه ينبغي الرجوع إلى قواعد الإسناد لمعرفة ما إذا كانت فعلا أهلا بهذه التركة أم لا. غير أنه بالرجوع إلى هذه القواعد نجدها لا تشير لا من قريب ولا من بعيد لموضوع التركات الشاغرة، ليبقى الأمر بذلك معلقا ما بين قانون دولتين اثنتين: القانون المغربي باعتباره القانون الذي ينبغي أن يُطبق على هذه التركة ما دامت موجودة بالمغرب استنادا على قاعدة موقع المال ثم القانون الإسباني للدولة الإسبانية التي ينتمي إليها الموروث بجنسيته والتي يثبت لها لوحدها الحق في أن ترث فيه.
فهكذا يبدو أن موضوع التركات الشاغرة يعد من المواضيع الشائكة في إطار القانون الدولي الخاص المغربي لما له من ارتباط بسيادة الدولة التي توجد فوق أراضيها هذه التركة من جهة، والالتزام بإعمال القانون الشخصي للمعني بالأمر من جهة أخرى.
وإذا كان ظهير 1913 قد غض النظر عن مصير التركات الدولية التي لا وارث لها، فإن تشريعات دول أخرى قد نظمت بموجب نصوص قانونية صريحة وواضحة هذه المسألة والتي نذكر منها على سبيل المثال القانون الدولي الخاص التركي في المادة 22 والتي نصت على إرجاع التركة الشاغرة الكائنة بالجمهورية التركية والتي يخلفها المورثون الأجانب عن غير ورثة إلى الدولة التركية[26] وهو نفس التوجه الذي تبناه القانون المدني الفرنسي في المادة 809[27] والمشرع المصري في المادة الأولى من قانون رقم 71 لسنة 1962[28] لتكون بذلك تشريعات هذه الدول قد أسست أيلولة التركة الدولية الشاغرة إليها استنادا على معطى سيادي ولم تُكيف المسألة على أساس أنها حق إرثي تعطي على أساسه الحق للدولة التي ينتمي إليها المتوفى بأن ترث فيه.
خامسا: الحلول الفقهية لإشكالية التنازع المتحرك في مجال التركات الدولية
في مجال التركات الدولية يلاحظ أن المشرع المغربي قد فتح الباب على مصراعيه في ما يتعلق بإثارة التنازع المتحرك conflit mobile لأنه لم يحدد الوقت الذي يعتد به فيه بجنسية المتوفى على عكس تشريعات أخرى كالقانون السوري السابق الإشارة إليه سابقا والذي أكد أن الجنسية التي يعتد بها هي تلك التي يتمتع بها المتوفى وقت وفاته. فماذا لو عمد الهالك في حياته بالمغرب على تغيير جنسيته دون أن تتجه إرادته نحو التحايل على القانون، فهل سيعتد القضاء المغربي بقانون الجنسية القديمة أم بقانون الجنسية الجديدة؟
إن ظهير الوضعية المدنية للأجانب بالمغرب لسنة 1913 لم يعالج مسألة التنازع المتحرك ولم يضع لها أية حلول عملية لتجاوزها إلا أن الفقه المغربي بمعية الأستاذ أحمد زوكاغي[29] يذهب إلى الأخذ بتمديد الحلول المعمول بها لحل التنازع المتحرك في إطار القوانين الداخلية وتمديدها لتشمل الروابط الدولية الخاصة وهذه الحلول هي عبارة عن مبدأين أساسيين أولهما مبدأ الأثر الفوري للقانون الجديد، وثانيهما مبدأ عدم رجعية هذا القانون على الوقائع التي حدثت قبل دخوله حيز لتنفيذ. وبذلك فإنه لحل مشكل التنازع المتحرك الذي قد يحصل في مادة المواريث الدولية ينبغي إعمال القانون الشخصي للمورث المتمثل في قانون آخر جنسية يكون قد اكتسبها لا بقانون جنسيته القديمة.
سادسا: خصوصية آلية الدفع بالنظام العام في التركات الدولية
إذا كان القانون الشخصي للمورث هو القانون الواجب التطبيق إعمالا بالفصل 18 من ظهير 1913 فإن القاضي المغربي قد يتبين له أحيانا أن قواعد هذا القانون تتعارض مع المبادئ والقيم التي يقوم عليها نظام مجتمع دولته[30] مما يدفعه إلى تحريك آلية النظام العام مما يؤدي إلى تعطيل قاعدة الإسناد الخاصة بالميراث كلما خالف القانون الأجنبي المختص أحكام الشريعة الإسلامية وذلك في العديد من الفروض من بينها:
- إذا تضمن القانون الإرثي أحكاما تعسفية كمنع الإرث بسبب اختلاف اللون أو الجنس أو حرمان الإناث من الإرث فإن هذه الأحكام تعد مخالفة للنظام العام.
- إذا كان القانون الإرثي يجيز الميراث للوارث الذي قتل الموت عمدا أو يورث الابن الطبيعي من أبيه المسلم، أو كان يجير التوارث بين المسلم وغير المسلم.
- إذا كان القانون الإرثي يجيز تمييز الابن الأكبر بإيثاره التركة ككل.
ومن تطبيقات النظام العام في مجال الإرث في بعض الدول العربية نذكر إحدى القرارات الصادرة عن القضاء المصري في قضية رفعتها زوجة لبنانية مسيحية الديانة ضد ورثة زوجها اللبناني المسلم، إذ قررت محكمة النقض المصرية ما يلي: “ولئن كانت مسائل المواريث والوصايا تدخل طبقا للمادة 17 من التقنين المدني لقانون المورث أو الموصي، فإنه متى كان القانون الواجب التطبيق أجنبيا، فإن تطبيقه يكون مشروطا بعدم مخالفة أحكامه للنظام العام والآداب العامة في مصر وفقا لما تقتضيه المادة 28 من التقنين المدني[31]، ولما كان الثابت من أوراق الملف أن المطعون عليها مسيحية الديانة. ومن تم تختلف ديانتها عن المستوفى، وكان من المقرر بناء على نص المادة 6[32] من قانون المواريث رقم 88 لسنة 1943 أن اختلاف الدين من موانع الإرث، فإنه إذا كان الحكم المستأنف قد قضى بتوثيقها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه[33]“.
وبخصوص الدفع بالنظام العام في مجال الإرث فقد اختلفت آراء الفقهاء حول حكم اختلاف القانون الأجنبي الواجب التطبيق عن قانون القاضي من حيث بيان الورثة والأنصبة؛ فهناك اتجاه يرى أنه إذا كان أطراف التركة أي المورث والورثة أجانب غير مسلمين فهنا لا يعد القانون الأجنبي مخالفا للنظام العام لأن تنظيم التركات بين الأجانب غير المسلمين يرتبط بالتنظيم الاجتماعي والاقتصادي لكل دولة وهو بالتالي يختلف بالضرورة من دولة إلى أخرى[34]، بينما الاتجاه الثاني يرى أنه إذا كان أطراف التركة مسلمين فإن القانون الأجنبي لا يعد مخالفا للنظام العام من حيث بيان الورثة وأنصبتهم لأن مجرد الاختلاف ما بين القانونين من حيث بيان الورثة ومراتبهم ودرجاتهم وأنصبتهم وحالات الحجب…لا يتوفر معه الدافع للأخذ باستبعاد هذا القانون لأن النظم الاجتماعية للدول الإسلامية لا يمكن أن تتأثر إلا إذا كان هذا القانون يسمح ببنت المتوفى بالحصول على نصيب مواز للولد أو نصيب أكبر منه فإنه آنذاك يتم استبعاد القانون لأنه يكون قد مس في جوهر إحدى الأحكام المستقاة من القرآن الكريم[35]، أما الاتجاه الثالث فهو يقضي بكون أن النظام العام ما هو إلا دفع استثنائي لا يثار إلا عند المساس الصارخ بالمبادئ الجوهرية التي يقوم عليها مجتمع دولة القاضي فإذا كان القانون الأجنبي يساوي بين الذكر والأنثى وكان أطراف النزاع غير مسلمين فإنه لا مجال للدفع بالنظام العام في مواجهة القانون الأجنبي لأنه من غير المعقول تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على أطراف لا يمتون لها بأية صلة[36]، كما أن إعمال النظام العام كلما اختلف القانون الأجنبي عن أحكام القانون الداخلي للدولة سيؤدي إلى هدم قاعدة الإسناد الخاصة بالميراث لأنه ستطبق أحكام الشريعة الإسلامية في جميع الأحوال.
وإذا كان التوارث بين المسلم وغير المسلم أمر ماس بالنظام العام في جل الدول العربية فإن العكس مقرر في الدول الغربية كفرنسا مثلا، فكل قانون ينص على هذا المانع يُعد مخالفا للنظام العام الفرنسي استنادا على أساس التمييز الديني وهذا ما لم يقبل به القضاء الفرنسي في إحدى الأحكام الصادرة عن محكمة النقض الفرنسية التي استبعدت القانون الإسلامي الذي ينص على عدم الأهلية للميراث بسبب اختلاف الدين وذلك في قرار صادر بتاريخ 17/11/1964 حيث جاء فيه:
« Une incapacité successorale fondée sur la non-appartenance à une religion déterminée est directement contraire aux principes de la loi française et notamment à celui de la liberté de conscience » [37].
أما بخصوص القضاء المغربي فإن آلية الدفع بالنظام العام لاستبعاد القانون الأجنبي في مادة المواريث حاضرة في العديد من القرارات الصادرة عن محاكم المملكة، ولعل من بين هذه الأحكام، قرار محكمة النقض عدد 386/2 بتاريخ 02/01/2014 وهي تبت في قضية ميراث إسباني الجنسية مقيم في المغرب تقدمت من خلالها زوجته بدعوى للاعتراف بكونها هي الوارثة الوحيدة للمتوفى طبقا للفصول 912 و 930 و 931 و 944 و 945 من القانون المدني الإسباني التي تخول لها الحق في الإرث ولو كانت وريثته الوحيدة، وكان حُكم المحكمة الابتدائية بطنجة قد بت في طلبها ذاك والذي كانت قد دعمته بشاهدين اثنين معترفا لها بحقها في الإرث. إلا أن النيابة العامة في المحكمة الابتدائية استأنفت الحكم الابتدائي ليصدر قرار استئنافي آخر يُلغي الحكم الابتدائي الذي اعترف لها بصفتها كزوجة للمتوفى، وبالتالي أحقيتها في الميراث، بعلة أن القول بكون الطاعنة هي الوارثة الوحيدة لزوجها الهالك مسألة مخالفة للنظام العام المغربي دون أن تعلل حكمها تعليلا كافيا كما أشار إلى ذلك الفصل 345 من قانون المسطرة المدنية ودون أن تراعي كون أن المعنيين بالأمر، أي الهالك وزوجته، هم أجنبيان وبالتالي هما يخضعان للقواعد المنصوص عليها في الفصل 3 و 18 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب والفرنسيين بالمغرب لسنة 1913 وبالتالي خضوعهما للقانون الإسباني الذي يُجيز للزوجة، ولو كانت الوريثة الوحيدة أن ترث فيه، ولا يوجد في نظيره من القانون المغربي ما يمنع توارث الزوجة في زوجها الهالك إذ لها في ذلك إما الربع (4/1) أو (8/1) بحسب الأحوال، لذلك فإن المسلك الذي سارت عليه محكمة الاستئناف بإلغائها للحكم الابتدائي كونه مخالف للنظام العام غير مبني على أساس وهو ما يجعله عُرضة للنقض.
فبعد قراءة حيثيات هذا الحكم يتضح أن الدفع الذي أثارته محكمة الاستئناف لاستبعاد القانون الإسباني لم يُبنى على سبب وجيه وصريح. وهنا نتساءل على أي أساس استبعد القضاء المغربي القانون الإسباني باعتباره القانون الواجب التطبيق 1913؟ هل على أساس فرضية كون أن المعني بالأمر أي المتوفى كان مسلما وبالتالي وجوب خضوع تركته للقانون المغربي الذي يمنع التوارث ما بين مسلم وغير مسلم؟ أم هل على أساس أن العلاقة التي تجمع المعني بالأمر بطالبة النقض لا تتأسس على عقد زواج صحيح وشرعي ولو كان القانون الإسباني يسمح لها في أن ترث فيه مما يمكن أن يتسبب في خدش الشعور العام المغربي؟ أم أن توجه المحكمة كان بغرض إقصائها من الميراث لكي تأول التركة إلى الدولة المغربية ما دام أن موقع المال محل التركة موجود في المغرب؟
فلو كان إعمال آلية النظام العام في استبعاد تطبيق القانون الأجنبي بمثابة صمام أمان لحماية المنظومة الاجتماعية من قواعد يتضمنها هذا القانون والتي تشكل مساسا بالجماعة الوطنية ومساسا بالمقومات الأساسية للدولة، فإن القضاء المغربي يجب ألا يقف موقفا سلبيا تجاه القوانين من خلال بقاءه دائما مختفيا وراء ستار النظام العام بل يجب أن يقف موقف وسط و أن يختار ما يتلاءم معه، بمعنى أن يميز ما بين الأوضاع والحالات والقضايا وألا يبالغ فيها وأن يحاول بذلك التعامل بنوع من المرونة والتسامح مع القوانين الأجنبية وإلا فلن تجد هذه القوانين حيزا للتطبيق في المغرب ما دام أن القضاء المغربي متمسك بموقفه المتشدد تجاه قواعد الشريعة الإسلامية لأنه كيفما كانت الأحوال لا يُمكن إخضاع الأطراف غير المسلمين في القضايا التي تعرض أمام المحاكم المغربية للقانون المغربي ذي المرجعية الدينية الإسلامية وهم لا علاقة لهم بهذا الدين.
[1] _أمر مؤرخ في 6 محرم 1376 (13 أوت 1956) يتعلق بإصدار مجلة الأحوال الشخصية، الرائد الرسمي عدد 66 الصادر في 17 أوت 1956، المادة الثانية.
[2] _الكشبور محمد:”الوسيط في قانون الأحوال الشخصية- الزواج و الطلاق- النسب و الحضانة- النزاع حول متاع البيت- إجراءات الطلاق و الرجعة”، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الخامسة 2003، ص 61.
[3] _أعراب بلقاسم: ”القانون الدولي الخاص الجزائري- تنازع القوانين”، دار هومه للطباعة والنشر و التوزيع، طبعة 2002، الجزائر، ص 268.
[4] _غالب علي الداودي:” القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، تنازع الاختصاص القضائي، تنفيذ الأحكام الأجنبية- دراسة مقارنة”، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2011، ص 188.
[5] _القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 الصادر بقصر القبة في 9 رمضان سنة 1367 هـ الموافق ل 16 يوليو 1948، جريدة الوقائع المصرية – عدد رقم 108 مكرر (أ) صادر في 29-7-1948، في مادته 17 :”يسري على الميراث و الوصية و سائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت، قانون المورث أو الموصي أو من صدر منه التصرف وقت موته”.
[6] _القانون المدني العراقي رقم 40 المؤرخ في 9/8/1951 مجموعة القوانين و الأنظمة عدد 3015 الصفحة 243، في مادته 24:”المسائل الخاصة بالملكية والحيازة والحقوق العينية الأخرى، وبنوع خاص طرق انتقال هذه الحقوق بالعقد والميراث والوصية وغيرها، يسري عليها قانون الموقع فيما يختص بالعقار، ويسري بالنسبة للمنقول قانون الدولة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت وقوع الأمور الذي ترتب عليه كسب الحق أو فقده”.
[7] _القانون المدني اليمني رقم 14 و المنشور في الجريدة الرسمية عدد 7 (10/0) الصادر بتاريخ 27 محرم 1423 هـ الموافق ل 10 أبريل 2002، في مادته 27 التي جاء فيها:” يرجع في الميراث والوصية وغيرها من التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت إلى قانون الأحوال الشخصية اليمني”.
[8] _القانون المدني السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 84 بتاريخ 1949/5/18 المنشور في الجريدة الرسمية عدد 232 ص 1267 الكتاب الأول”الالتزامات بوجه عام” والذي جاء في المادة 18 منه ما يلي:”1- يسري على الميراث والوصية، وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت، قانون المورث، أو الموصي، أو من صدر منه التصرف وقت موته. 2-ومـع ذلك يسري على شكل الوصية قانون الموصي وقت الإيصاء، أو قانون البلد الذي تمت فيه الوصية، وكذلك الحكم في شكل سائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت”.
[9]_عبود موسى:”الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي”،المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى- أكتوبر 1994، ص 271.
[10] _Code civil Français (CCV) , l’article 3 qui dispose que : ”Les immeubles, même ceux possédés par des étrangers, sont régis par la loi française.”
[11] _Loi fédérale sur le droit international privé de la Suisse 18 décembre 1987, l’article 90 qui dispose que : ” La succession d’une personne qui avait son dernier domicile en Suisse est régie par le droit suisse.”
[12] _ القانون عدد 97 لسنة 1998 مؤرخ في 27 نوفمبر 1998 يتعلق بإصدار مجّلة القانون الدولي الخاص، المادة 54 التي ورد فيها: “يخضع الميراث للقانون الداخلي للدولة التي يحمل المتوفى جنسيتها عند وفاته أو لقانون دولة آخر مقر له أو لقانون الدولة التي ترك فيها أملاكا”.
[13]_ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالوضعية المدنية للفرنسيين و الأجانب بالمغرب، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 46 بتاريخ 12 شتنبر 1913، ص 77، في الفصل الرابع الذي جاء فيه :” إذا كان شخص ما يحمل في آن واحد بالنسبة لعدة دول أجنبية جنسية كل واحدة منها، فإن القاضي المعروض عليه النزاع يعين قانون الأحوال الشخصية الواجب تطبيقه”.
[14] _تتلخص وقائع القضية في أن حكومة بيرو كانت تعترض على رغبة ايطاليا في حماية البارون كانيفارو (Canevaro) الذي كان مواطنا ايطاليا بحكم ولادته ومواطنا بيرونيا بحكم إقامته، وقد اعتمدت المحكمة المذكورة الجنسية البيرونية دون الجنسية الإيطالية لأن المعني بالأمر أثبت بتصرفاته السابقة تمسكه بها إذ رشح نفسه للانتخابات في بيرو و طلب من حكومتها الموافقة على أن يكون قنصلا لهولندا لديها.. للإطلاع على وقائع القضية بتمعن تصفح الموقع الإلكتروني الآتي :
http://www.omanlegal.net/vb/showthread.php?t=7772
Vu le 06/05/2017 à 20 :37min (en ligne).
[15]_والقيد الحسين:” مجموعة الاجتهادات في مادة القانون الدولي الخاص”، (دون ذكر دار النشر/ الطبعة)، الدار البيضاء 2001، ص 59.
[16]_القرار رقم 904 الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في الملف المدني عدد 1659/84 بتاريخ 13/4/1989 والذي جاء في إحدى حيثياته أن ” القانون الواجب التطبيق في حالة الهالك متعدد الجنسيات هو قانون جنسيته الفعلية”.
[17]_مخلص عبد الله: ”نظام التوارث في القانون الدولي الخاص المغربي”، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية أكدال- الرباط، السنة الجامعية 2006-2007، ص 38.
[18]_سورة النساء، الآية 94.
[19]_أوحيدة جميلة:”آليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي”، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى 2007، ص 366.
[20]_مخلص عبد الله: ”نظام التوارث في القانون الدولي الخاص المغربي”، مرجع سابق، ص 16.
[21] _Règlement (UE) N°650/2012 du Parlement Européen et du Conseil du 4 juillet 2012 relative à la compétence, la loi applicable, la reconnaissance et l’exécution des décisions, et l’acceptation et l’exécution des actes en matière de successions et à la création d’un certificat successoral européen , l’article 21 qui dispose que : ‘’Sauf disposition contraire du présent règlement, la loi applicable à l’ensemble d’une succession est celle de l’État dans lequel le défunt avait sa résidence habituelle au moment de son décès” Et l’article 22 qui dispose que :”Une personne peut choisir comme loi régissant l’ensemble de sa succession la loi de l’État dont elle possède la nationalité au moment où elle fait ce choix ou au moment de son décès”.
[22]_GAUDMET-TALLON Hélène : ”Droit international privé patrimonial de la famille”, édition Litec, 1ère tirage, Paris 2010, page 322.
[23]_NUYTS Arnaud:” Actualités en droit international privé”,édition Bruyant, 2ème tirage, Bruxelles, Page 13-14.
[24]_الهداوي حسن: ”تنازع القوانين- المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني”،مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية1997، عمان، ص 124.
[25]_الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، الجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394 (30 شتنبر 1974)، ص 2741، في المادة 267 التي جاء فيها: ”إذا كانت الدولة مؤهلة عند انعدام وارث معروف للإرث أخبرت السلطة المحلية لمكان الوفاة وكيل الملك بذلك مع بيان المتروك على وجه التقريب..” و المادة 268 التي ورد فيها :”يأمر رئيس المحكمة الابتدائية عند الاقتضاء باتخاذ جميع تدابير الإشهار التي يراها ضرورية و خاصة تعليق أمره بآخر موطن للهالك و بمقر الجماعة لمحل ازدياده إن كان معروفا و حتى النشر في جريدة واحدة أو أكثر من الجرائد التي يعينها.”
[26]_Loi No. 5718 relative au droit international privé du 27 nov. 2007, (Resmi Gazette No. 26728 du 12 déc. 2007), journal officiel n°17701 du 22 Mai 1982 quia remplacé la loi 2675 du 20 Mai 1982 relative au droit international privé et à la procédure civile international, page 4/7 dans l’article 22 troisième aliéna qui dispose que :’’Une succession en déshérence qui se situe en Turquie, revient a l’état”.
[27]_Code civil Français, l’article 809 qui dispose que :”La succession est vacante :
1° Lorsqu’il ne se présente personne pour réclamer la succession et qu’il n’y a pas d’héritier connu ;
2° Lorsque tous les héritiers connus ont renoncé à la succession ;
3°Lorsque, après l’expiration d’un délai de six mois depuis l’ouverture de la succession, les héritiers connus n’ont pas opté, de manière tacite ou expresse.”
[28]_قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 71 لسنة 1962 بشأن التركات الشاغرة و الذي جاء في المادة الأولى منه :” تؤول إلى الدولة ملكية التركات الشاغرة الكائنة بالجمهورية العربية المتحدة و التي يخلفها المتوفون من غير وارث أيا كانت جنسيتهم و ذلك من تاريخ وفاتهم.”
[29]_أحمد زوكاغي:”تنازع القوانين في الزمان-دراسة في القانون الدولي الخاص المغربي”، مطبعة الأمنية- الرباط، الطبعة الأولى 1993، ص 177.
[30]_زاير فاطمة الزهراء: ”النظام العام في النزاعات الدولية الخاصة المتعلقة بالأحوال الشخصية”،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الدولي الخاص، كلية الحقوق و العلوم السياسية بتلمسان، السنة الجامعية 2010-2011، ص127.
[31]_المادة 28 من القانون المدني المصري:”لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته النصوص السابقة، إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام و الآداب في مصر.”
[32]_المادة 6 من قانون رقم 88 لسنة 1943 بشأن المواريث، والتي جاء فيها:” لا توارث بين مسلم و غير مسلم.”
[33]_قرار محكمة النفض المصرية رقم 0039 لسنة 1999، مكتب فني 15 الصفحة 43 بتاريخ 2002/01/09، المجلة العربية للفقه و القضاء، العدد 38، سنة 2014، ص 94.
[34]_صلاح الدين جمال الدين:”تنازع القوانين –دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون”، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2009، ص 421.
[35]_ نفس المرجع السابق.
[36]_محمد وليد المصري :”الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص”، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 2011، ص 227.
[37]_Cour de cassation, chambre civile 1, audience publique, du Mardi 17 Novembre 1964 publié au Bulletin officiel N°505. Arrêt publié sur le site internet suivant :
http://www.alaindeversavocat.com/domaines-d-activite/droit-international-de-la-famille/successions/ Vu le 30/4/2017 à 18 :55min (en ligne).