المنهج الوصفي التحليلي في مجال البحث العلمي
يونس مليحدكتوراه في الحقوقكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –سلاجامعة محمد الخامس بالرباط |
عبد الصمد العسوليباحث في صف الدكتوراهكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –سلا بجامعة محمد الخامس بالرباط |
إن المنهج العلمي عبارة عن أسلوب للتفكير والعمل يعتمده الباحث لتنظيم أفكاره وتحليلها وعرضها وبالتالي الوصول إلى نتائج وحقائق معقولة حول الظاهرة موضوع الدراسة. ويمتاز هذا الأسلوب بالمرحلية بمعنى أنه يتكون من مجموعة من المراحل المتسلسلة والمترابطة التي يؤدي كل منها إلى المرحلة التالية، ويبدأ المنهج عادة بعد تحديد مشلكة الدراسة أو البحث مرورا بوضع وصياغة الفرضيات واختبارها وتحليلها ومن ثم عرض النتائج ووضع التوصيات، وهنا يمكن القول أن الفرق بين المنهج والأسلوب هو أن الأول قد يقتصر على أسلوب واحد واضح ومميز وقد يشتمل على مجموعة من الأساليب ذات الخصائص المتشابهة.
وسنتطرق في هذه الدراسة إلى المنهج الوصفي التحليلي، الذي يعد مظلة واسعة ومرنة تتضمن عددا من المناهج والأساليب الفرعية مثل المسوح الاجتماعية ودراسات الحالات التطورية والميدانية وغيرها. إذ أن المنهج الوصفي يقوم على أساس تحديد خصائص الظاهرة ووصف طبيعتها ونوعية العلاقة بين متغيراتها وأسبابها واتجاهاتها وما إلى ذلك من جوانب تدور حول سبر أغوار مشكلة أو ظاهرة معينة، والتعرف على حقيقتها في أرض الواقع. ويعتبر بعض الباحثين بأن المنهج الوصفي يشمل كافة المناهج الأخرى باستثناء المنهجين التاريخي والتجريبي. لأن عملية الوصف والتحليل للظواهر تكاد تكون مسألة مشتركة وموجودة في كافة أنواع البحوث العلمية.
كما يستخدم المنهج الوصفي في دراسة الأوضاع الراهنة للظواهر من حيث خصائصها، أشكالها، وعلاقاتها، والعوامل المؤثرة في ذلك، وهذا يعني أن المنهج الوصفي يهتم بدراسة حاضر الظاهر والأحداث، ويشمل كذلك في كثير من الأحيان عمليات تنبؤ لمستقبل الظاهر والأحداث التي يدرسها.
ويعتمد المنهج الوصفي على تفسير الوضع القائم (أي ما هو كائن) وتحديد الظروف والعلاقات الموجودة بين المتغيرات. كما يتعدى المنهج الوصفي مجرد جمع بيانات وصفية حول الظاهرة إلى التحليل والربط والتفسير لهذه البيانات وتصنيفها وقياسها واستخلاص النتائج منها[1]. فما هو المنهج الوصفي التحليلي، وما هي أهدافه وخطواته وطرقه؟
أولا: المنهج الوصفي التحليلي
إن المتتبع لتطور العلوم يستطيع أم يلمس الأهمية التي احتلها المنهج الوصفي في هذا التطور، ويرجع ذلك إلى ملائمته لدراسة الظواهر الاجتماعية، لأن هذا المنهج يصف الظواهر وصفا موضوعيا من خلال البيانات التي يتحصل عليها باستخدام أدوات وتقنيات البحث العلمي. وقد ارتبطت نشأة هذا المنهج بالمسوح الاجتماعية وبالدراسات المبكرة في فرنسا وانكلترا، وكذا بالدراسات الأنثربولوجية في الولايات المتحدة.
ويعتمد المنهج الوصفي التحليلي على دراسة الظاهرة كما توجد في الواقع، ويهتم بوصفها وصفا دقيقا، ويعبر عنها كيفيا أو كميا. فالتعبير الكيفي يصف الظاهرة ويوضح خصائصها، أما التعبير الكمي فيعطيها وصفا رقميا يوضح مقدار هذه الظاهرة أو حجمها أو درجة ارتباطها مع الظواهر الأخرى[2].
* تعريف المنهج الوصفي التحليلي
كما يمكن تعريف المنهج الوصفي بأنه أسلوب من أساليب التحليل المرتكز على معلومات كافية ودقيقة عن ظاهرة أو موضوع محدد عبر فترة أو فترات زمنية معلومة وذلك من أجل الحصول على نتائج
عملية تم تفسيرها بطريقة موضوعية تنسجم مع المعطيات الفعلية للظاهرة، وهناك من يعرفه
بأنه “طريقة لوصف الموضوع المراد دراسته من خلال منهجية علمية صحيحة وتصوير النتائج التي يتم التوصل إليها على أشكال رقمية معبرة يمكن تفسيرها”. وهناك تعريف آخر للمنهج الوصفي وهو “محاولة الوصول إلى المعرفة الدقيقة والتفصيلية لعناصر مشكلة أو ظاهرة قائمة، للوصول إلى فهم أفضل وأدق أو وضع السياسات والإجراءات المستقبلية الخاصة بها”[3].
* أهداف المنهج الوصفي التحليلي
إن من أهم أهداف الأسلوب الوصفي في البحث هو فهم الحاضر من أجل توجيه المستقبل. فالبحث الوصفي يوفر بياناته وحقائقه واستنتاجاته الواقعية باعتبارها خطوات تمهيدية لتحولات تعتبر ضرورية نحو الأفضل، ويمكن إجمال أهداف الأسلوب الوصفي في النقاط التالية :
جمع بيانات حقيقية ومفصلة لظاهرة أو مشكلة موجودة فعلا لدى مجتمع معين .
تحديد المشكلات الموجودة وتوضيحها .
إجراء مقارنات لبعض الظواهر أو المشكلات وتقويمها وإيجاد العلاقات بين تلك الظواهر أو المشكلات .
تحديد مايفعله الأفراد في مشكلة أو ظاهرة ما والاستفادة من آرائهم وخبراتهم في وضع تصور وخطط مستقبلية واتخاذ القرارات المناسبة لمواقف متشابهة مستقبلا .
*خطوات المنهج الوصفي التحليلي
لا يقدم الباحثون في الدراسات الوصفية مجرد اعتقادات خاصة، أو بيانات مستمدة من ملاحظات عرضية أو سطحية. ولكن كما هو الحال في أي بحث يقومون بعناية بـخطوات أساسية ومهمة تتمثل في[4]:
فحص الموقف المشكل؛
تحديد مشكلتهم ووضع فروضهم؛
تسجيل الافتراضات التي بنيت عليها فروضهم وإجراءاتهم؛
اختيار المفحوصين المناسبين والمواد المصدرية الملائمة؛
اختيار أساليب جمع البيانات أو أعدادها؛
وضع قواعد لتصنيف البيانات تتسم بعدم الغموض، وملاءمة الغرض من الدراسة، والقدرة على إبراز أوجه التشابه أو الاختلاف أو العلاقات ذات المغزى؛
تقنين أساليب جمع البيانات؛
القيام بملاحظات موضوعية منتقاة بطريقة منظمة ومميزة بشكل دقيق؛
وصف نتائجهم وتحليلها وتفسيرها في عبارات واضحة محددة.
ويسعى الباحثون إلى أكثر من مجرد الوصف فهم ليسوا – أو ينبغي ألا يكونوا – مجرد مبوبين أو مجدولين. كما يجمع الباحثون الأكفاء الأدلة على أساس فرض أو نظرية ما، ويقومون بتبويب البيانات وتلخيصها بعناية، ثم يحللونها بعمق، في محاولة لاستخلاص تعميمات ذات مغزى تؤدي إلى تقدم المعرفة.
ثانيا: طرق المنهج الوصفي التحليلي
*طريقة المسح:
يعتبر المسح واحدا من المناهج الأساسية في البحوث الوصفية، حيث يهتم بدراسة الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها في مجتمع معين، بقصد تجميع الحقائق واستخلاص النتائج اللازمة لحل مشاكل هذا المجتمع، وتعتمد الطريقة المسحية على تجميع البيانات والحقائق الجارية، عن
موقف معين، وذلك من عدد كبير نسبيا من الحالات في وقت معين أيضا، وهذه الطريقة لا تهتم بصفات الأفراد كأفراد، ولكنها تهتم بالإحصائيات العامة التي تنتج عندما تستخلص البيانات من عدد من
الحالات الفردية، فهذه الطريقة بالضرورة هي دراسات مستعرضة[5].
تعريف منهج المسح:
تتعدد تعريفات المسح الاجتماعي وتختلف باختلاف الفلسفات العلمية التي ترتبط بجمع البيانات وتحليلها والأهداف المرجوة منها، فهناك من يعرف المسح الاجتماعي ” محاولة منظمة لتحليل وتأويل وتسجيل الوضع الراهن لنظام اجتماعي أو لجماعة أو لمنطقة، والمسح يركز على قطاع عرضي من الحاضر ولفترة من الزمن كافية للدراسة والهدف منه الحصول على مجموعات من البيانات المصنفة وتأويلها والتعميم انطلاقاً منها، كل ذلك بهدف ترشيد التطبيق العملي في المستقبل القريب”. كما عرفه عدد من العلماء على أنه:
تعريف يولين يونج: ان المسح الاجتماعي هو عبارة دراسة للجوانب المرضية للأوضاع الاجتماعية القائمة في منطقة جغرافية محدودة وهذه الاوضاع لها دلالة اجتماعية ويمكن قياسها ومقارنتها بأوضاع اخرى يمكن قبولها كنموذج وذل كقصد تقديم برامج إنشائية للإصلاح الاجتماعي.
تعريف هويتني: يرى بأن المسح الاجتماعي محاولة منظمة لتقرير وتحليل وتفسير الوضع الراهن لنظام اجتماعية او جماعة او بيئة معينة وهو ينصب على الوقت الحاضر وليس على اللحظة الحاضرة، كما انه يهدف الى الوصول الى بيانات يمكن تصنيفها وتفسيرها وتصميمها وذلك للاستفادة منها في المستقبل وخاصة في الاغراض العلمية. فالمسح الاجتماعي وان كانت تغلب عليه الصفة العلمية إلا أن بعض المسوح تنصب على الجانب النظري والأمثلة على ذلك كثيره ومتعددة.
تعريف كامبل: محاولة لجمع البيانات بطريقة منظمة سواء من جمهور معين أو عينة منه باستخدام المقابلات أو أي أداة أخرى من أدوات البحث.
تعريف أرمان كوفليه: طريقة أكثر تعمقاً في البحث الاجتماعي.
كما يتضمن البحث المسحي جمع بيانات لاختبار فروض معينة أو الإجابة على أسئلة تتعلق بالحالة الراهنة لموضوع الدراسة، إذ تحدد الدراسة المسحية الوضع الحالي للأمور. وقد يبدو البحث
المسحي بسيطاً جداً، إلا أنه في واقع الأمر أكثر من مجرد توجيه بعض الأسئلة أو تحديد الإجابات عليها. إذ نظراً لأن الباحث كثيراً ما يستخدم أدوات لم يسبق استخدامها فعليه أن يبني الأدوات التي تصلح لبحثه، وهذه تتطلب وقتاً ومهارة. وهناك مشكلة أساسية تؤدي إلى تعقيد البحث المسحي، وربما إضعافه، وهو نقص ردود أفراد العينة، أي عدم قيام الأفراد بإرجاع الاستبيانات أو الذهاب إلى المقابلات المحددة. وإذا كان معدل الردود منخفضاً، فإنه لا يمكن الخروج بنتائج صادقة من البحث[6]. وهناك أنواع مختلفة من المسح، كالمسح الاجتماعي والمسح التعليمي ومسح الرأي العام ومسح السوق[7].
تطبيقات أسلوب المسح (الدراسات المسحية):
يتمثل هذا الأسلوب في جمع بيانات ومعلومات عن متغيرات قليلة لعدد كبير من الأفراد، ويطبق هذا الأسلوب في كثير من الدراسات من أجل[8]:
وصف الوضع القائم للظاهرة بشكل تفصيلي ودقيق.
مقارنة الظاهرة موضوع البحث بمستويات ومعايير يتم اختيارها للتعرف على خصائص الظاهرة المدروسة.
تحديد الوسائل والإجراءات التي من شأنها تحسين وتطوير الوضع القائم.
ويطبق أسلوب المسح عادة على نطاق جغرافي كبير أو صغير، وقد يكون مسحا شاملا أو بطريق العينة، وفي أغلب الأحيان تستخدم فيه عينات كبيرة من أجل مساعدة الباحث في الحصول على نتائج دقيقة وبنسب خطأ قليلة، وبالتالي تمكينه من تعميم نتائجه على مجتمع الدراسة[9].
ومن بين الحالات التي تحتاج إلى المنهج المسحي:
المسح لتعليمي: المدارس، الطلبة، المعلمين.. الخ.
المسح الاجتماعي: القضايا الاجتماعية كالزواج والطلاق..الخ.
المسح الاقتصادي: مسح السوق.
المسح الثقافي: القراءة، المكتبات…الخ.
مسح الرأي العام: الانتخابات، وجهة نظر مجتمع في قضية معينة.
خطوات المسح
عند القيام بالمسح الاجتماعي يجب القيام بالمراحل والخطوات التالية:
تحديد مجتمع البحث: أي مجموع المفردات أو الوحدات التي تجمعها صفة واحدة أو مجموعة من الصفات المشتركة، وتعتبر وحدة أو مفردة مجتمع البحث هي وحده العد الأساسية.
تصميم استمارة استبانة لجمع البيانات: التي تشمل على مجموعة من الأسئلة المحتاجة إلى إجابات عنها من وحدات مجتمع البحث لكي تحقق الغرض الذي يسعى إليه الباحث، وقد يتم جمع البيانات بواسطة استمارة الاستبانة المصممة لذلك إما بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، أي بالاتصال المباشر بوحدات البحث بواسطة المقابلة أو بإرسال استمارة الاستبانة لهم لكي يجيبوا عليها.
تحديد خطة الدراسة: وتجمع البيانات لهذا المنهج عن طريق:
تجمع وحدات أو مفردات البحث ويطلق على ذلك (الحصر الشامل)
بعض وحدات أو مفردات مجتمع البحث أي أخذ عينة من المجتمع الشامل ويطلق على ذلك أسلوب (العينة). ويتوقف استخدام أحد هذين الأسلوبين لحظة البحث على الإمكانات المتاحة للباحث، وعلى تجانس وحدات أو مفردات مجتمع البحث، وفي كثير من الأحيان يفضل استخدام أسلوب العينة للأسباب التالية:
توفير الوقت والجهد والتكاليف اللازمة لإجراء البحث؛
السرعة في إجراء البحوث؛
تقليل مدى التحيز النابع من عدم الدقة في قياس الظواهر؛
صعوبة توفير الاحتياجات اللازمة لمسح كل وحدات المجتمع وخاصة الكبيرة منها.
4-جمع البيانات والمعلومات: يجب أن تراعى العوامل التالية:
تحديد مسارات جمع البيانات الميدانية؛
القيام بالمقابلات والزيارات الميدانية أو الإرسال البريدي لاستمارات الاستبانة حتى يمكن استيفاء البيانات اللازمة والتي يصعب الوصول إليها من البيانات المنشورة.
مراجعة البيانات المجمعة للتحقق من مدى صحتها وصلاحيتها للبحث.
تحليل البيانات[10].
وبعد جمع البيانات تأتي مراحل تحليلها في إطار القيام بالأنشطة التالية:
أ – تصنيف البيانات وتقسيمها إلى مجموعات متجانسة وخاصة للأسئلة ذات النهايات المفتوحة أي غير مقيدة حتى يمكن جدولتها بسهولة؛
ب- ترقيم البيانات يدويا وآليا باستخدام الكمبيوتر؛
جدولة البيانات الكمية وحساب النسب المئوية المحتاج إليها إما يدويا أو آليا؛
التحليل الإحصائي للبيانات الرقمية وعمل الجداول والرسومات البيانية وتحدد الفروق بين المتوسطات ومدى التشتت في المجموعات ومعاملات الارتباطات وغيرها.
5-عرض النتائج وكتابة التقارير: وتعتبر المرحلة الأخيرة التي يقوم بها الباحث في إطار المنهج، وترتبط بعرض النتائج المتوصل إليها وكتابة التقرير النهائي للبحث قبل طبعه ونشره للتعميم، وذلك وفق الخطوات التالية:
أ- تسجيل النتائج المتوسل إليها وتحديد مدى التعميم من النتائج إلى مواقف مشابهة لموضوع الدراسة؛
ب- تسجيل النتائج بما يساير الخطوات المستخدمة في الوصول إليها، فالنتائج ما هي إلا حصيلة للعمليات والإجراءات والافتراضات التي يبنى عليها الباحث دراسته.
وإذا رجعنا إلى ما قدمته سايمون تحت عنوان خطوات تنفيذ المسح، فإننا نجدها توجه الباحث لاتخاذ الإجراءات التالية:
تأكد من أن البيانات التي تريد القيام بجمعها ليست متاحة في إحدى الجامعات أو مراكز البحوث أو الجهات الحكومية المعنية.
إذا تأكدت من عدم وجود تلك البيانات وأردت القيام بجمع البيانات من الميدان فعليك بتحديد مجتمع البحث الذي تريد أخذ عينة منه.
تخير طريقة سحب العينة التي تنوي استخدامها والقوائم التي ستختار العينة منها.
حدد الإجراءات التي تريد استخدامها لملاحظة المبحثين أو لتوجيه الأسئلة إليهم، وقم بإعداد استمارة الاستبيان أو استمارة الملاحظة التي ستستخدمها[11].
قم باختبار الأدوات التي ستقوم باستخدامها لجمع البيانات (الاستبيان، الملاحظة) وقم بتعديلها في ضوء الاختبار.
قم بجمع البيانات.
حلل البيانات باستخدام أدوات التحليل الإحصائي المناسبة خصوصا تلك التي تبحث عن العلاقات بين المتغيرات.
قم بتفسير البيانات وصولا إلى نتائج واستخلاصا الدراسة.
مزايا وعيوب المسح:
لعل الميزة الكبرى في المسح الاجتماعي والتي لا يجاريه فيه أي منهج آخر هي في تجميع قدر هائل من البيانات من أفراد موزعين في مناطق متباعدة مما لا يتيسر ذلك في غيره، كما تعتبر تكلفه إجراء المسوح (باستخدام الاستبيان البريدي بشكل خاص) منخفضة التكاليف إلى حد ما إمكانية تعميم نتائج المسح عالية بسبب كبر حجم العينة عادة.
بالإضافة إلى أنه لا يكتفي بأداة واحدة في جمع البيانات وإنما يستعين بمعظم الأدوات المستخدمة في البحوث الاجتماعية وأهمها المقابلة، الملاحظة، الاستبيان، وتحليل المحتوى، والتي توفر كثير من الجهد والوقت والمال إذا أحسن استخدام المنهج، وتكشف الأوضاع القائمة التي تؤثر على حل المشكلات الكامنة.
عيوب منهج المسح:
يسعى المسح إلى وصف أو تفسير ظواهر واقعية في فترة زمنية يعيشها الباحث ولذلك فإنه لا يناسب الدراسات التي تسعى إلى معرفة التطور التاريخي لمجتمع من المجتمعات أو لجماعة من الجماعات أو لظاهرة من الظواهر الاجتماعية. لكن هذا المنهج يحمل مجموعة من العيوب، من أهمها الخطأ الذي يقع فيه الباحث أثناء اختيار العينة، وكذلك خطأ التحيز سواء كان تحيزا من قبل الباحث أو المبحوث، وضخامة الجهود والنفقات والخبرات الفنية التي يطلبها المسح.
كما تعتبر الدراسات المسحية سطحية في وصفها لسلوك وتوجهات التجمعات كبيرة الحجم، وقلما تستطيع النفاذ لجمع بيانات متعمقة من المبحثين، بالإضافة إلى عدم قدرة الباحث في بعض الأحيان على الحصول على الأجوبة من جميع المبحثين، مما يثير قضية مدى اختلاف مواقف واتجاهات من لا يستجيبوا للاستبيان البريدي مثلا عن مواقف واتجاهات من استجابوا فعلا والذين قد يكون لهم دافع خاص للاستجابة.
فالدراسات المسحية لا تستطيع من حيث المبدأ النفاذ إلى العلاقات السببية لافتقارها إلى التحكم في المتغير المستقل من جانب الباحث، ولا يستطيع المسح الاجتماعي دراسة السلوك والأفعال الاجتماعية المباشرة وإنما تتوصــل إلى البيانـــــات من خلال ما يذكره أو يتــذكره المبعوثون عن الأفعال الاجتماعية التي شاركوا فيها، أو عن طريق توجيه أسئلة عن مواقف افتراضيه أو مستقبلية[12].
وبالرغم من فوائد المسح الكثيرة إلا أنه محدود في مدى الاعتماد عليه للأسباب التالية [13]:
لجمع بيانات كمية عن بيئة من البيئات لابد من توجيه عدد كبير من الأسئلة للمبحثين. وقد يؤدي ذلك إلى ضيق الناس وعدم تعاونهم مع الباحثين، وفي حالة الاقتصار على عدد محدد من الأسئلة قد لا تكون البيانات التي يحصل عليها كافيه لمعرفة حاجات البيئة والتعرف على مشكلاتها؛
تتوقف أهمية المسح على عدد أفراد العينة. فإذا كان العدد قليلا فإن نتائج المسح لا يمكن الاعتماد عليا لأنها تعطي صورة ناقصة عن الجماعة أو الظاهرة المراد دراستها؛
نظرا لأن المسح الاجتماعي يرتكز على دراسة الحاضر فأنه لا يصلح في الدراسات التطورية التي تعتمد على الربط بين الماضي والحاضر.
فعلى الرغم من أن المسوح الحديثة تتضمن الجانبين النظري والعملي على السواء إلا أنه يصعب الاعتماد على المسح في إصدار تعميمات واسعة أو في الوصول إلى نظريات علمية ولن يأتي ذلك إلا في ظل برنامج طويل المدى يتضمن القيام بمسح متكرر بين الحين والحين.
*طريقة دراسة الحالة:
يختلف علماء المناهج في تحديد دراسة الحالة، هل هي منهج ضمن مناهج البحث، أم أنها إحدى الطرق التي عن طريقها يتم إجراء بحث معين، أو يمكن اعتبارها إحدى أدوات جمع البيانات. ويذهب
قاموس علم الاجتماع الذي وضعه فايرشايلد (Fairchild)، إلى أن دراسة الحالة منهج في البحث الاجتماعي عن طريقه يمكن جمع البيانات ودراستها، بحيث يمكن رسم صورة كلية لوحدة معينة في علاقاتها المتنوعة وأوضاعها الثقافية.
ودراسة الحالة هي الدراسة التي تهتم بحالة فرد أو جماعة أو مؤسسة يصعب على الباحث استخدام المناهج الاخرى من أجل جمع معلومات عن أفراد مجتمع الدراسة بأسلوب معمق[14].
تعريف دراسة الحالة :
يطلق على منهج دراسة الحالة اسم ” المنهج المونوجرافي”، وتعني المونوجرافيا عند علماء الإجتماع الفرنسيون: ” وصف موضوع مفرد أي القيام بدراسة وحدة مثل الأسرة أو القبيلة دراسة مستفيضة للكشف عن جوانبها المتعددة والوصول إلى تعميمات تنطبق على غيرها من الوحدات المتشابهة ” .
وقد اختلف علماء المناهج في تحديد دراسة الحالة، هل هي منهج ضمن مناهج البحث، أم أنها إحدى أدوات جمع البيانات؟ على اعتبار أنه يمكن استخدامها لهذه الغاية في جميع البحوث والدراسات سواء أكانت دراسات استطلاعية أو وصفية بل حتى تلك التي تقوم باختبار الفروض السببية، بينما اعتبر العديد من المشتغلين بمناهج البحث دراسة الحالة منهجا وليست أداة من أدوات البحث، وبأن الذين ينظرون إلى دراسة الحالة باعتبارها أداة من أدوات البحث، إنما فشلوا في أن يميزوا بين دراسة الحالة كمنهج له طريقته في النظر إلى الحقائق الاجتماعية، وبين الأدوات التي صاحبت هذا المنهج منذ نشأته كالملاحظة والوثائق الشخصية [15].
ويؤكد قاموس علم الاجتماع الذي وضعه ” فيرتشيلد ” هذا الاتجاه الأخير الذي يأخذ به الكثير من علماء
المنهجية، حينما يشير إلى أن دراسة الحالة منهج في البحث عن طريقه يمكن جمع البيانات ودراستها. وقد
تكون هذه الحالة أو الوحدة شخصا معينا أو أسرة أو جماعة أو نظام أو ميادين العمل المختلفة، فالعالم
المتتبع لهذا المنهج يأخذ عينات تمثل الجماعة التي يقوم بدراستها، ثم يجري البحث على هذه الحالات المختارة، وأخيرا يطبق ما وصل إليه من نتائج على المجموعة كلها [16].
فدراسة الحالة هي دراسة تجريبية تبحث في ظاهرة معاصرة في سياقها الحياتي الفعلي عندما تكون الحدود بين الظاهرة والسياق غير واضحة، وتستعمل فيها مصادر متعددة للأدلة [17]. وتتفق أغلب التعريفات على أن منهج دراسة الحالة هو المنهج الذي يتجه إلى جمع البيانات العلمية المتعلقة بأية وحدة سواء أكانت فردا أو مؤسسة أو نظاما اجتماعيا أو مجتمعا محليا أو مجتمعا عاما. وهو يقوم على أساس التعمق في دراسة مرحلة معينة من تاريخ الوحدة، أو دراسة جميع المراحل التي مرت بها وذلك بقصد الوصول إلى تعميمات علمية متعلقة بالوحدة المدروسة وبغيرها من الوحدات المشابهة لها.
وكتوضيح فدراسة الحالة، ليست طريقة لجمع البيانات، لكنها قالب بحثي يستخدم طرائق عدة لجمع البيانات ويحللها في سياقات مختلفة. وهذا النموذج البحثي غير موحد، فهناك دراسات حالة تجرى وفقا للنموذج الإرشادي النوعي وأخرى تجرى وفقا للنموذج الكمي. وهناك تلاثة أنواع من دراسة الحالة: الجوهرية والأداتية والجمعية.
فالدراسة الجوهرية تجرى في العادة لأجل ذاتها، أي أنها تجرى لمعرفة حالة لوحدها، لذلك لا يتوقع أن تكون النتائج قابلة للتعميم على حالات مماثلة. أما الدراسة الأداتية فتستخدم للبحث في قضية اجتماعية أو لتحسين نظرية، وفي هذه الدراسة تكون النتائج قابلة للتعميم على نطاق أوسع من نطاق الحالة المدروسة. وبالنسبة للدراسة الجمعية فهي تتضمن عددا من الدراسات الفردية التي تبحث معا بهدف التعمق في قضية معينة او ظاهرة أو وضع، وتشتمل هذه الدراسة عادة على دراسات عدة من النوع الأداتي.
أسلوب دراسة الحالة:
يقوم هذه الأسلوب على جمع بيانات ومعلومات كثيرة وشاملة عن حالة فردية واحدة أو عدد محدود من الحالات وذلك بهدف الوصول إلى فهم أعمق للظاهرة المدروسة وما يشبهها من ظواهر، حيث يتم جمع البيانات عن الوضع الحالي للحالة المدروسة وكذلك ماضيها وعلاقاتها من أجل فهم أعمق وأفضل للمجتمع الذي تمثله هذه الحالة.
وما يجب التأكيد عليه عند دراسة الحالة هو تحديد المشكلة الحقيقية والتمييز بينها وبين الأعراض المصاحبة لها، فانخفاض حجم مبيعات سلعة معينة ليس هو المشكلة الحقيقية للشركة بل من الأعراض المصاحبة لها. وِإذا قام الباحث بتشخيص الحالة فإنه قد يجد أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم كفاءة رجال البيع أو ارتفاع أسعار بيع السلعة أو انخفاض مستوى جودتها أو عدم وجود نظام حوافز مجدي لرجال البيع.
وقد يلزم في بعض الأحيان اشتراك أكثر من فرد واحد في دراسة الحالة فدراسة حالة انخفاض مبيعات السلعة الآنفة الذكر قد تستلزم اشتراك فريق من المتخصصين من دائرة التسويق ودائرة الإنتاج ودائرة المشتريات والدائرة المالية.
جوانب هامة في دراسة الحالة:
إن كل ما سبق يؤكد على أربعة جوانب هامة في دراسة الحالة هي :
إن دراسة الحالة هي إحدى الدراسات أو المناهج الوصفية؛
دراسة الحالة هي طريقة تستخدم لاختبار فرض أو مجموعة من الفروض؛
من الضروري التأكيد على الحالات الأخرى المشابهة التي يفترض تعميم النتائج عليها؛
التأكيد على الموضوعية والابتعاد عن الذاتية في اختبار الحالة وفي جمع البيانات والمعلومات اللازمة ومن ثم تحليلها وتفسيرها.
شروط دراسة الحالة:
تتطلب دراسة الحالة الدقة في تحري المعلومات مع مراعاة تكاملها، كما تتطلب دراسة الحالة التنظيم والتسلسل والوضوح لكثرة المعلومات التي تشملها. زيادة على الاعتدال في طرح المعلومات بحيث تكون مفصلة تفصيلا مملا وليس مختصرا بحيث يؤدي إلى الخلل في المعلومات، كما وينبغي أن تكون هذه المعلومات متناسبة مع هدف الدراسة تتطلب دراسة الحالة ضرورة القيام بتسجيل كل المعلومات وذلك لكثرتها وخشية نسيان بعضها، وضرورة الاقتصاد في الجهد والتكلفة وإتباع أقصر الطرق لبلوغ الهدف المطلوب من دراسة الحالة.
ج- علاقة دراسة الحالة بمناهج البحث الأخرى [18]
هناك علامة تكامل بين دراسة الحالة ومناهج وأساليب وأدوات البحث الأخرى:
دراسة الحالة والمسح الاجتماعي:
إن دراسة الحالة والمسح يكملان بعضهما البعض في معظم البحوث الاجتماعية والنفسية والسياسية وهناك علامة وثيقة بينهما. ولكن هناك فرق بين طريقة المسح ودراسة الحالة يكمن بصفة رئيسية في أن المسح يعتبر دراسة كمية حيث تتجمع البيانات أو القياسات من عدد كبير من الوحدات الفردية (الأشخاص عادة)، أما في دراسة الحالة فإن الباحث يفحص بعناية واحدة أو أكثر من هذه الوحدات والتي يفضل أن تكون ممثلة للمجتمع أو للموضوع المدروس.
كما وتختلف دراسة الحالة عن المسح في أن دراسة الحالة تتطلب الفحص التفصيلي لعدد ممثل من الحالات فهي لا تتطلب – كما هو الحال في المسح – تجميع البيانات الكمية من عدد كبير من المستجيبين.
دراسة الحالة والمنهج الإحصائي:
إن الأساليب الإحصائية تستخدم عندما تكون الحالات مصنفة وملخصة لتكشف عن عدد مرات
تكرار حدوث الظاهرة فضلاً عن التطورات والاتجاهات ونماذج السلوك. وبينما لا يستطيع الباحث الإحصائي الكشف إلا عن العلاقة بين ثلاثة أو أربعة عوامل على الأكثر في وقت واحد فإن الباحث الذي يستخدم منهج دراسة الحالة يستطيع أن يختبر مواقف وأشخاص وجماعات ونظم اجتماعية ومن الممكن أيضاً أن يصل من خلال دراسته هذه إلى تعميمات تنطبق على جميع الحالات المشابهة فالإحصاء بصفة خاصة قد لا يكفي لشرح وتفسير العوامل الديناميكية الإنسانية المؤثرة في الموقف الكلي ومن هنا كانت أهمية دراسة الحالة والبعد بها عن التجريد وفي فهمها فهماً متعمقاً وشاملاً.
دراسة الحالة والمنهج التاريخي:
قد تستلزم دراسة إحدى الحالات أن يقوم الباحث بدراستها دراسة علمية دقيقة، ويعمد في دراسته للحالة إلى الدراسة الوصفية المباشرة للحالة عن طريق ملاحظتها ملاحظة موضوعية، إلا انه لا يستطيع أن يقتنع بذلك لأنه يدرك بعد ملاحظته البسيطة أن المشكلة هي نتاج لخبرات تراكمية سابقة، مما يدفع الباحث إلى الرجوع إلى تاريخ حياة الفرد وهذا ما يتطلب توفر مصادر وقواعد البحث الوثائقي أو التاريخي. فعلى الدارس أن يجمع كل هذه المعلومات ويحفظها في سجل يوضح حياة الفرد موضوع الدراسة.
وعلى الباحث دوما أن يربط الحالة بدراسة تاريخية، مما يساعد على فهم سرّ ظهور هذه الحالة المعنية، وكيفية تطورها من الماضي إلى اليوم. ومن الجدير بالذكر أن دراسة الحالة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتاريخ الحالة وبتاريخ الحياة، وعلى الرغم من أن البعض يستعمل هذه المفاهيم الثلاثة (دراسة الحالة، تاريخ الحالة، تاريخ الحياة) بمعنى واحد إلا أن بعض المختصين يرى ضرورة التفريق بينها جميعا. فمثلا نجد سترانج يميز بين أسلوبي تاريخ الحالة ودراسة الحالة، فيصف تاريخ الحالة بأنه عبارة عن معلومات تتجمع وتنظم في فترات زمنية محددة، أما دراسة الحالة فهو تحليل عميق شامل للحالة قيد الدراسة، وهي لذلك تتضمن تفسيرا لشخصية الفرد وللمشكلة التي يعاني منها سواء أكانت تربوية أم مهنية أو خلافا لذلك، ويتم ذلك وفق الخطوات التالية:
1- تحديد الظاهرة والمشكلة أو نوع السلوك المطلوب دراستها.
2- تحديد المفاهيم والفروض العلمية والتأكد من توفر البيانات المتعلقة.
3- اختيار العينة للحالة التي يقوم بدراستها[19] .
يصف مايكل باتون الاستراتيجيات الخمس عشرة التي يستخدمها الباحثون في دراسة الحالة لاختيار الحالة باعتبارها معاينة عرضية. أما الهدف من المعاينة العرضية فهو اختيار أفراد لدراسة الحالة يتميزون بتراثهم المعرفي بالنسبة لأغراض الباحثين (أي أفراد تتوافر لديهم معلومات أو معارف خاصة تجعل منهم أفراد مهمين للباحثين) وذلك بدلاً من إنفاق الوقت مع جميع الأفراد في الميدان. وأما الاستراتيجيات الخمس عشر فهي موضحة في الجدول في الصفحة التالية :
الحالات المختارة |
إستراتيجية المعاينة |
– حالات تتمثل فيها صفة متطرفة مرتفعة أو منخفضة– حالات تتصف بارتفاع أو انخفاض درجة الصفة (غير متطرفة)– حالات تتمثل فيها الصفة بدرجة متوسطة أو نمطية– عدة حالات تمثل المدى الكامل للتنوع في الصفة– عدة حالات تظهر الصفة عند نقاط محددة– عدة حالات تتشابه في درجة الصفة– عدة حالات يمكن اختيارها عشوائياً من مجتمع متاح |
أ- إستراتيجيات اختيار حالات تمثل خاصية مهمة:1- الحالة المتطرفة2-الكثافة3-حالة نمطية4- التنوع الأقصى5-طبقية6-متجانسة7-غرضية عشوائية |
– حالات تتيح اختباراً حيوياً لنظرية أو برنامج أو ظاهرة– حالات تعبر عن تكوين نظري معين– حالات يحتمل أنها يمكن أن تؤكد أو لا تؤكد نتائج بحوث سابقة– حالات يتوفر فيها محك مهم– حالات سياسية معروفة جيداً |
ب- إستراتيجيات قائمة على مفهوم منطقي:8- الحالة الحرجة9- نظرية / تكوين إجرائي10- حالات مؤكدة / غير مؤكدة11- بناء على محك12- حالة مهمة سياسياً |
– حالات تختار أثناء جمع البيانات للاستفادة منها عند الحاجة– حالات مرشحة لامتلاكها معلومات وفيرة |
جـ – إستراتيجيات بارزة:13- انتهازية14- كرة الثلج |
– حالات تختار لتوفرها وسهولة اختيارها |
د – إستراتيجية غير منطقية:15- السهولة |
الفئة الأولى من هذه الاستراتيجيات تتضمن اختيار الحالات التي تمثل خاصية بارزة للظاهرة التي يريد الباحثون دراستها. أما الاستراتيجيات الثلاث من الفئة الثانية فتتضمن جانباً منطقيا مرتبطاً بالتوجه النظري لمفهوم الباحث حول معنى الحالة. وأما الاستراتيجيات التاليتان فتتضمنان اختيار عينة من بين حالات ثم جمع البيانات منها فعلاً ثم يركز في الفئة الثالثة على الأفراد الذين يتصفون بصفة معينة بشكل مرتفع أو منخفض ويهمل الفئة المتوسطة.
والإستراتيجية الأخرى في هذه الفئة هي معاينة كرة الثلج التي يسأل فيها الباحث أفراد سبق له ان جمع بيانات منهم لترشيح آخرين له ممكن أن يمدوه بمعلومات مفيدة عن الظاهرة موضوع الاهتمام وبذلك يتزايد حجم العينة مثلما تتزايد كرة الثلج عند تدحرجها. والإستراتيجية الأخيرة الموجودة ضمت الفئة الأخيرة بالجدول تعترف بأن بعض الباحثين قد يختار الحالات لدراستها بناء على توفرها وسهولة الحصول عليها.
تحديد وسائل جمع البيانات في دراسة الحالة:
على الباحث جمع البيانات الأولية والضرورية لفهم الحالة أو المشكلة وتكوين فكرة واضحة وكافية عنها، أي توسيع قاعدة المعرفة عن الحالة أو المشكلة المطلوب دراستها ويمكن الحصول على البيانات والمعلومات في دراسة الحالة من مصادر عديدة نذكر منها :
المقابلة الشخصية: تعتبر المقابلة الشخصية أكثر الأساليب الشائعة المستخدمة في دراسة الحالة فكثيراً ما يجري الباحثون مقابلات شخصية مع المشاركين في الميدان في بحوث دراسة الحالة. وعادة ما تكون الأسئلة مفتوحة بدلاً من تقيدهم باختيارات محددة مما يتيح للمستجيبين حرية كاملة يمتد إدلائهم بالاستجابات ويمكن للمقابلة الشخصية أن تكون غير رسمية وتأتي صمن المحادثة الطبيعية مع المشارك وهنا لا يطلب من الباحث أن يتقيد بخطة محكمة مسبقة أو بأسئلة مخطط لها من قبل ولكن هذا لا يعني أن تتم المقابلة دون أي تنظيم بل من المفضل أن يكون هناك ترتيب وتنسيق على قدر الإمكان في إدارة الحوار وإذا ما أجريت المقابلة الشخصية مع عدد كبير من المشاركين أو إذا اشترك في المقابلات أكثر من مقابل فقد يلجأ الباحثون إلى إعداد مرشد للمقابلة يحدد مجموعة من الموضوعات لاستكشافها مع المشاركين أي تحويل المقابلة إلى مقابلة مقنعة.
قد تجري المقابلة على هيئة مناقشات يشارك فيها عدد من الأفراد يشكلون ما يطلق عليه “المجموعة المحورية” ويدير المناقشة مقابل محنك. وفي الحالة من الطبيعي أن يتناول المشاركون الحديث و يستمعون لبعضهم البعض مما يساعد على التعبير عن مشاعر أو آراء لا يمكن أن تظهر إذا كانت المقابلات شخصية.
إن ما يميز المقابلة الشخصية في دراسة الحالة هي أنها قريبة إلى الحالة الطبيعية لتشخيص المشارك فيها وبالتالي فإن العلاقة بين الباحثين والشخص الذي تتم معه المقابلة تصبح شرطاً هاماً للمقابلة وذلك مع احتفاظ الباحث المجرب بموقفه الموضوعي على قدر الإمكان.
فالباحث لي بلاي – أحد رواد منهج دراسة الحالة – قد عاش بين عائلات العمال التي كان يقوم بدراسة أحوالها الاقتصادية والاجتماعية في فرنسا وإن كان ما يؤخذ على هذه الطريقة غير الرسمية صعوبة كتابة وتدوين الملاحظات والمناقشات بين الباحثين والشخص المفحوص بدقة كافية.
الملاحظة: يمكن استخدام الملاحظة في دراسة الحالة على النحو التالي :
إجراء الملاحظة على مدى فترة زمنية معينة.
إجراء الملاحظة للاستيثاق من صحة ما قاله المبحوث في المقابلة المتعمقة.
عند تعذر أجراء مقابلات متعمقة مع المبحوث تستخدم الملاحظة لجمع البيانات المطلوبة.
ويستخدم بعض الباحثين التسجيل الصوتي أو التسجيل المرئي أو يكتبون مذكرات عند ملاحظة المشاركين أثناء عملهم في الميدان ويسعى بعض الباحثين إلى أن يكونوا هم أنفسهم ملاحظين مشاركين أي أن يتفاعلوا شخصياً مع المشاركين في الميدان في الأنشطة الميدانية وذلك لتكوين التعاطف والثقة معهم مما يساعد على زيادة فهمهم للظاهرة ومثل هؤلاء الباحثين يكتبون مذكرات على ملاحظاتهم ولكن بعد أن يغادروا الميدان.
الاستبيانات: يستخدم الباحثون في دراسة الحالة الاستبيانات عندما يكون الاتصال الفردي المباشر بجميع المشاركين غير ممكن وتكون البيانات المرغوب في جمعها غير شخصية. والاستبيان المصمم تصميماً جيداً يمكن أن يستثير معلومات متعمقة. ولكن استخدام الاستبيان المعد مسبقاً في “دراسة الحالة” لا يؤدي دائماً إلى أفضل النتائج. وذلك لأن هذا الإعداد المسبق للأسئلة قد يحول دون حرية الحديث بل قد يشجع على المراوغة والكذب.. كذلك فإن الأسئلة الخاصة بتاريخ حياة الشخص لا تتم الإجابة عليها بطريقة “نعم” و “لا” أو بعلامة معينة كما أن الإجابات المفيدة فعلاً يمكن أن تكون الإجابات المفصلة وبالتالي الطويلة.
تحليل الوثائق الشخصية: وتتضمن هذه الوثائق سيرة حياة الشخص ذاته – الوثائق المجمعة عن المدارس التي دخلها – هيئات الخدمات الاجتماعية – التاريخ الطبي – المحادثات والمقابلات التي أجراها وغير ذلك. ويعتقد كثير من الباحثين تماشياً مع الأسلوب الكيفي بأن معنى الفحص المكتوب يمكن أن يختلف باختلاف القارئ والفترة الزمنية والمضمون الذي يظهر في النص وهكذا.
شروط جمع البيانات:
العناية بالمميزات الفردية الدقيقة: أي الاهتمام بأي عنصر يمكن أن يسهم في فهم سلوك الفرد والذي يمكن أن يلعب دورا في تمييز الفرد عن غيره من الأفراد، وقد يحتم هذا الشرط إلى ضرورة الالتفات إلى المهارات النادرة لدى الفرد قيد الدراسة. فعلى الدارس أن يقوم بالبحث عنها فإذا وجدها درس إمكانية تنميتها إلى الحد الذي يمكن أن تساعد صاحبها على استغلالها وتسخيرها لمصلحته وفائدته.
العناية بتقويم المعلومات: لا بد من تقويم المعلومات تقويما دقيقا. وذلك بسبب اختلاف الطرق المستخدمة في جمع المعلومات ودرجة صدقها وثباتها. ونظرا لتعدد هذه الطرق وتشابهها، فإنه يتحتم مراعاة تطبيق هذا المعيار واختيار الضروري من المعلومات. لذا فإن الأخصائي يجب أن يكون خبيرا باختيار الأدوات المستعملة خصوصا إذا عرفنا بأن لكل أداة ميزات وعيوب، إذا ليس هناك أداة من الأدوات المستعملة في دراسة الفرد ممكن أن تقيس ما يراد قياسه بدقة تامة دون احتمال وقوع الخطأ. لذا فإن على الأخصائي أن يكون حذرا في إصدار أحكامه فيما يتعلق بالنتائج التي توصل إليها بالنسبة للفرد قيد الدراسة.
مراعاة العامل الثقافي: يجب أن يكون الباحث على اطلاع شامل و وعي تام بالثقافة التي يعيش فيها الفرد المفحوص وذلك حتى يتمكن من فهم المقبول وغير المقبول في هذه الثقافة خصوصا إذا عرفنا بأن الثقافة تؤثر في سلوك الأفراد وتشكيل شخصياتهم. ومن هنا تأتي أهمية دراسة الباحث للظروف البيئية التي تؤثر في الفرد مما يساعد في تحديد السلوكيات التي يقوم بها الأفراد.
استقلال المعلومات الفردية: إن دراسة الإنسان عبارة عن سلسة متصلة الحلقات فسلوكه الحالي هو امتداد لسلوكه الماضي، ودراسة أي حالة تتطلب دراسة أعراض السلوك المرضية أثناء الطفولة السابقة وتاريخ الحياة أمر ضروري كما أن الميدان بحاجة إلى تحسين طرق الوصول إلى المعلومات الوصفية المتتابعة.
الاستمرار في تقويم الحالة: إن تقييم الحالة عملية ضرورية وهامة، مما لا شك فيه أن بعض أنماط سلوك الفرد تتضح بمجرد الحصول على بعض المعلومات الأولية التي تبين بعض نواحي القوة والضعف في شخصية الفرد وقد يتبين كلما تعمقنا في دراسة الحالة أن الآراء الأولى عن الفرد كانت خاطئة تماما. لذا يجب الحذر من الحكم على الفرد من خلال المعلومات الأولية و يجب على الأخصائي أن يعيد التفكير في افتراضاته حتى يتمكن من القيام بالتشخيص السليم.
الطريقة المتبعة في كتابة التقرير الخاص بدراسة الحالة: من الأفضل أن يكون التقرير مطولا وشاملا لكثير من التفاصيل بدلا من أن يكون مختصراً ومهملاً لبعض النواحي الهام.
وأخيراً تجدر الإشارة إلى ضرورة أن تشمل البيانات التي تم جمعها على الأقل ما يلي[20]:
تاريخ الحصول على المعلومات.
أسماء الأشخاص الذين أدلوا ببياناتهم.
الكلمات الفعلية المستخدمة في هذه البيانات.
وصف مختصر للظروف المحيطة بعملية المقابلة.
ملخص للأساليب الخاصة التي استخدمت في أي جزء من الدراسة (مثل الملاحظة الشخصية المباشرة، المقابلة، الاستبيان …. الخ) .
تحديد الشخص أو الوثيقة التي تمدنا بالمعلومات.
ملاحظات مكملة.
تحليل البيانات[21]:
إن الباحث يحصل عادة على كمية كبيرة من المعلومات في بحوث دراسة تعطي عدداً كبيراً من الصفحات فقد يحصل مثلاً على (200 صفحة تتضمن كل واحدة منها 250 كلمة وبالتالي تكون النتيجة 50000 كلمة بين يديه) وهذا ما يجعل لتحليل هذه الكمية من البيانات أهمية تذكر، وهناك ثلاثة أنواع للتحليل:
التحليل التفسيري :
ويتضمن مجموعة من الإجراءات المنظمة لترميز وتصنيف البيانات الكيفية للتأكد من إبراز التكوينات والأفكار والنماذج ( أي الوصول إلى استنتاجات ) ويمكن إجراء هذه العملية يدوياً، ولكن لتسهيل الأمر يتم استخدام بعض برامج الحاسب الآلي مثل برنامج إثنوجران أما خطوات التحليل التفسيري فهي:
إعداد قاعدة بيانات تحتوي البيانات التي جمعت أثناء دراسة الحالة ( المذكرات الميدانية – الوثائق – التسجيلات … ).
ترقيم كل سطر من سطور النص بالتتابع ثم تقسيم النص إلى أجزاء ذات معنى.
عمل فئات ذات معنى لترميز البيانات.
ترميز كل جزء برمز الفئة أو الفئات التي تنتمي إليه.
جمع جميع الأجزاء التي أعطيت رمز فئة معينة.
استخراج التكوينات التي تظهر من الفئات.
التحليل البنائي:
تتكون هذه الطريقة من عدد محدد من الخطوات في تحليل البيانات الكيفية التي لا يحتاج الباحث إلى عمل أية استنتاجات للوصول إليها وذلك لأنها تعتبر مجرد معالم كافية في البيانات. أما الباحث الذي يقوم بالتحليل التفسيري فقد يقوم بتجديد الفئات بناء على كيفية تلقي الطلبة للتغذية الراجعة من المدرس في قاعة الدراسة وقد يستخدم الجملة الأخيرة التي ذكرها المدرس وهي “هذا صحيح كلمة هاوس تعني منزل” كمثال على تغذية راجعة للمعلومات وهذا التصنيف لا يعتبر كامناً وإنما مستنتجاً من قبل الباحث. لذلك فيستخدم التحليل البنائي في التحليل القصصي وفي تحليل البيانات الإثنوجرافية وغيرها من بيانات البحوث الكيفية.
هذا وتجدر الإشارة إلى أنه تتم كتابة التقرير في كل من التحليل التفسيري والتحليل البنائي لنتائج دراسة الحالة بالطريقة التقليدية ( المقدمة – مراجعة البحوث السابقة – الطريقة – النتائج – المناقشة ). وهذا ما يعتبر مشابهاً لطريقة الباحثين الكميين في كتابة تقارير البحوث الكمية.
التحليل التأملي:
يشير التحليل التأملي إلى عملية يعتمد فيها الباحثون الكيفيون في تحليل البيانات التي جمعت اعتمادا أساسياً على حدسهم وحلهم الشخصي ولا يتضمن ذلك تحديد فئات صريحة أو مجموعة محددة
من الإجراءات. وفي إعداد التقرير التأملي كثيراً ما يحوّل الباحثون دراسة الحالة إلى قصة تتناول الأحداث التي تم رصدها في دراسة الحالة. فقد يقوم باحث مثلاً بدراسة عن التسرب من المدرسة فيتناول قصة طالب متسرب كيف تسير حياته في المنزل والمدرسة، ويعطي في ثنايا القصة أسباب تسرب الطالب المستمدة من وقائع حياته الماضية في المنزل والمدرسة.
استخلاص النتائج ووضع التعميمات:
وفي هذه المرحلة يوضح الباحث النتائج التي تم التوصل إليها و أهميتها و إمكانيات الاستفادة منها في دراسات أخرى. إن أي خطوة تتم في دراسة الحالة يجب أن تكون كاملة إذ أن هذه الخطوة سوف لن تتكرر مرة أخرى.
مزايا وعيوب منهج دراسة الحالة:
الخصائص المهمة في دراسة الحالة[22]
نجد بأن جول وزميليها يذكران الخصائص التالية لدراسة الحالة:
دراسة أمثلة معينة (وحدات التحليل):
إن الغرض من دراسة الحالة إلقاء الضوء على ظاهرة معينة تشتمل على مجموعة من العمليات أو الأحداث أو الأفراد أو أشياء أخرى ذات أهمية للباحثين ويجب على الباحثين توضيح الظاهرة التي ستخضع لدراسة مكثفة (جمع البيانات حولها ثم تحليلها).
وكمثال على ذلك دراسة كيجان حيث كانت الظاهرة التي اهتم بها هي المشاركة بين المدرسة والجامعة وبالتحديد المشاركة التي تنمي قدرة أعضاء هيئة التدريس في مدارس المناطق المحلية. أما محوره فكان آثار برنامج المشاركة على الحياة المهنية للمدرسين. والحالة التي اختيرت لهذه الدراسة هي أربعة مدرسين من برنامج المدرسين المقيمين في جامعة آلاباما.
ولقد أصبح مدرسو المدرسة الابتدائية ذوي الخبرة المدرسين المقيمين لمدة عامين بالجامعة حيث
كانوا يقومون بالتدريس والإشراف في برنامج إعداد المدرسين قبل الخدمة، ثم يقومون من بعدها بالعودة إلى مقاطعاتهم وقد حصلا على المعلومات التي تساعدهم على تصميم برامج تنمية أعضاء هيئة التدريس أثناء الخدمة. إذاً إن دراسات الحالة تهتم بدراسة أمثلة متعددة للظاهرة بحيث يعتبر كل مثال وحدة تحليل منفصلة وفي دراسة كيجان كانت وحدة التحليل هي المدرس المشارك أي أن الدراسة شملت أربع وحدات.
الدراسة المتعمقة للحالة:
تتضمن دراسة الحالة جمع كمية كبيرة من البيانات عن الحالة أو الحالات موضوع الدراسة والتي تختار لتمثيل الظاهرة. وهذه البيانات هي عبارات لفظية أو صور أو أشياء مادية ومن الممكن كذلك جمع بعض البيانات الكمية. وتجمع البيانات عادة على مدى فترة زمنية طويلة باستخدام عدة طرق لجمع البيانات.
وفي دراسة كيجان ( آنفة الذكر ) قام الباحثون بإجراء مقابلات شخصية مدتها تسعون دقيقة مع كل مدرس. وقد استخدمت في هذه المقابلات المسجلات الصوتية ومن ثم تفريغ الأشرطة المسجلة وتحليل كل مقابلة شخصية للحصول على سرد قصصي متماسك لخبرات كل مدرس. هذا ودعي المدرسون الأربعة إلى تعديل وتنقيح التقرير الكامل باعتبارهم مشاركين في التأليف. نستنتج من ذلك أن البيانات التي حصل عليها هؤلاء الباحثون تعتبر دراسة متعمقة للحالة محل الدراسة.
دراسة الظاهرة في بيئتها الطبيعية:
يعرّف جيروم كيرك ومارك ميلر البحث الكيفي بأنه ملاحظة الناس في أماكنهم الخاصة والتفاعل معهم بلغتهم وبشروطهم. والتزاماً بهذا التعريف فإن دراسة الحالة تستلزم بالضرورة العمل الميداني، حيث يتفاعل الباحثون مع المشاركين في البحث في مواقعهم الطبيعية.
ويجب على الباحث أن ينظر للظاهرة كما ينظر إليها أفرادها ويحصل الباحث على وجهة نظر المشاركين في دراسة الحالة عن طريق المحادثات غير الرسمية معهم وبملاحظتهم أثناء سلوكهم الطبيعي في الميدان، ويحافظ الباحثون في نفس الوقت على آرائهم وأفكارهم الخاصة كدارسين للظاهرة. وتساعد وجهة نظرهم كخارجين على تكوين المفاهيم المتعلقة بالحالة، وكذلك الإطار النظري المتعلق بها وكتابة تقرير عن النتائج يضاف إلى التراث البحثي في هذا المجال.
مزايا وعيوب منهج دراسة الحالة
المزايا:
تعطي صورة واضحة عن الحالة باعتبارها وسيلة شاملة ودقيقة بحيث توفر معلومات تفصيلية وشاملة ومتعمقة عن الظاهرة المدروسة وبشكل لا توفره أساليب ومناهج البحث الأخرى.
تساعد في تكوين واشتقاق فرضيات جديدة وبالتالي يفتح الباب أمام دراسات أخرى في المستقبل.
يمكن الوصول إلى نتائج دقيقة وتفصيلية حول وضع الظاهرة المدروسة مقارنة بأساليب ومناهج البحث الأخرى.
تفيد في عملية التنبؤ لأنها تشمل الدراسة في الماضي والحاضر.
العيوب:
لا يعتبر هذا المنهج علمياً بصفة كلية،بسبب تحيز الباحث في بعض الأحيان عند تحليل وتفسير نتائج الظاهرة المدروسة، الأمر الذي يجعل الباحث عنصرا غير محايد وبالتالي تبتعد النتائج عن الموضوعية.
تقوم هذه الطريقة على دراسة حالة منفردة أو حالات قليلة و عليه فإن ذلك قد يكلف سواء من ناحية المال أو الوقت المطلوب .
قد لا تعتبر هذه الطريقة عملية بشكل كامل، اذا ما أدخلنا عنصر الذاتية والحكم الشخصي فيها، أو كان بالأساس موجودا في اختيار الحالة ، أو في تجميع البيانات اللازمة لهذه الدراسة وتحليلها
وتفسيرها.
تستغرق وقتا طويلا مما قد يؤخر تقديم المساعدة في موعدها المناسب خاصة في الحالات التي يكون فيها عنصر الوقت عاملا فعالا .
إذا لم يحدث تنظيم وتلخيص للمعلومات التي تم جمعها فإنها تصبح كم هائل من المعلومات الغامضة عديمة المعنى تضلل أكثر مما تهدي.
صعوبة اختيار حالات الدراسة التي ينبغي أن تكون حالات مثالية حتى تنسحب نتائج الدراسة على المجتمع كله.
عدم صحة البيانات المجمعة أحياناً, فقد يعمد الشخص المبحوث إلى إرضاء الباحث بأن يقول له ما يعتقد أنه يرضيه فضلاً عن أن المبحوث قد يذكر الحقائق من وجهة نظره الخاصة لتبرير سلوكه أو موقفه.
نتائج مثل هذه الدراسة لا تستثمر إلا في نطاق ضيق وهو نطاق الحالة المدروسة وينتج عن ذلك صعوبة تعميم النتائج على كل الحالات في المجتمع وذلك لأن لكل حالة ظروفها ومعطياتها وبالتالي يحتاج إلى عدد كبير من الحالات لدراستها بحيث تكون هذه الحالات ممثلة تمثيلاً صحيحاً للمجتمع.
ولكن يمكن التغاضي عن بعض هذه العيوب، فالباحث في دراسة الحالة عندما يميل إلى الذاتية فهذا أمر لا مفر منه في هذا النوع من الدراسة. على أية حال، لقد استطاعت “دراسة الحالة” في الوقت الحاضر أن تثبت فعاليتها وقيمتها في مجالات متعددة كالتعليم والاجتماع والإدارة وغيرها… وهذا كفيل بالتغاضي عن أسباب الضعف الكامنة في هذا المنهج.
إن تناول المنهج الوصفي التحليلي من حيث التعريف والأهداف والأسس، يساعد في التعرف على أهم خطواته، والتي تبدأ بالشعور بالمشكلة وتنتهي بتحليل النتائج وتفسيرها واستخلاص التعميمات والاستنتاجات، كما يتيح المجال للكشف عن الطرق المستخدمة في المنهج والتي تتنوع ما بين المسح ودراسة الحالة، مما يشير إلى ضرورة استخدام الأداة المناسبة لطبيعة الدراسة، مما يحقق الشمول والتوازن ويزيد من إمكانية تعميم النتائج والتوصيات.
زيادة على كون أهمية المنهج المسحي تكمن في كونه يوفر قواعد معلوماتية تفصيلية تسهم في دعم عمليات التخطيط والمشاركة في عمليات التنمية المجتمعية، ويأتي ذلك في إطار تطوير الاستراتيجيات وصياغة السياسات للتعرف إلى متطلبات واحتياجات المجتمع كما ان الحصول على البيانات المطلوبة عن المتغيرات المختلفة لموضوع الدراسة هو ما يشيع استخدامه في اغلب البحوث العلمية في العلوم الاجتماعية والإنسانية و يتضمن اجراء نفس خطوات أي منهج من مناهج البحث وتبدا بتحديد المشكلة المراد بحثها ثم تحديد الاداة التي سيتم جمع البيانات ثم الوصول الى العينة المناسبة للدراسة وجمع البيانات وتحليلها واستخلاص النتائج ويعتمد المسح في أدواته على تصميم استبيان يتضمن بيانات أفراد الأسر والأشخاص الذين يقع عليهم الاختيار، فضلاً عن عوامل الانسجام الاجتماعي والاندماج والخدمات الاجتماعية والدخل والإنفاق والآراء الشخصية والقيم والهوية الوطنية، وغيرها. ومن بين الأدوات التي ستستخدم في الدراسة، المتغيرات الديموغرافية والحالة التعليمية والعملية والاقتصادية.
بالإضافة إلى تطرقنا لمنهج دراسة الحالة، لتعاريفه وأهدافه وطرقه ومزاياه وعيوبه، والذي يعد طريقة من طرق المنهج الوصفي التحليلي، وهي طريقة لدراسة وحدة معينة مثل مجتمع محلي أو أسرة أو قبيلة أو منشأة صناعية أو خدمية دراسة تفصيلية عميقة بغية استجلاء جميع جوانبها والخروج بتعميمات تنطبق على الحالات المماثلة لها، وقد أطلق عليه الفرنسيون مصطلح المنهج المونجرافي، ويقصد به وصف موضوع مفرد باستفاضة.
لهذا يكاد المنهج الوصفي يشمل كافة المناهج الأخرى باستثناء المنهجين التاريخي والتجريبي، ذلك لأن عملية الوصف والتحليل للظواهر تكاد تكون مسألة مشتركة وموجودة في كافة أنواع البحوث العلمية. والباحث حينما يستخدم المنهج الوصفي، لا يقوم بحصر الظواهر ووصفها جميعها، وإنما يقوم بانتقاء الظواهر التي تخدم غرضه من الدراسة ثم يصفها ليتوصل بذلك إلى إثبات الحقيقة العلمية.
[1] – عميرة إبراهيم، حتى نفهم البحث التربوي، القاهرة، دار المعارف، سنة 1981، ص 92.
[2] – المشوخي محمد سليمان، تقنيات ومناهج البحث العلمي، الطبعة الأولى، القاهرة، دار الفكر العربي، سنة 2002، ص 45.
[3]– الرفاعي أحمد، مناهج البحث العلمي، تطبيقات إدارية واقتصادية، دار وائل للنشر، عمان 1998، ص 122.
[4]– فان دالين: مناهج البحث في التربية وعلم النفس، ترجمة محمد نبيل نوفل وآخرون، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية (ط5)، 1994، ص 292-293.
[5] – أحمد بدر، أصول البحث العلمي ومناهجه، المكتبة الأكاديمية القاهرة، الطبعة الثامنة مزيدة ومنقحة، 1982، ص 289.
[6] رجاء محمود أبو علام، مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية، القاهرة، دار النشر للجامعات (ط3)، 2001، ص 88.
[7] – Best John W, Research in Education, 2d ed, Prentice-Hall, 1990, pp 120-126.
[8] – عوض عدنان، مناهج البحث لعلمي، ص 78.
[9] – ربحي مصطفى عليان، البحث العلمي: أسسه، مناهجه وأساليبه، إجراءاته، مطبعة بيت الأفكار الدولية، عمان، الأردن، ص 49.
– زين بدر فراج، أصول البحث القانوني، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص 19. [10]
[11] – غازي عناية، إعداد البحث العلمي، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، بدون ذكر تاريخ النشر، ص 12.
[12] – أحمد شلبي كيف تكتب بحثاً أو رسالة، ط 24، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1997، ص 43.
[13] – أحمد شلبي، مرجع سبق ذكره، ص 107.
[14] – Schutt R. Investigating The social Work : The process and practice of Research. Thcusand Oaks. CA : Pine Forge Press (1996).
[16] رشوان حسين عبد الحميد أحمد ، العلم و البحث العلمي ، دراسة في مناهج العلوم ، المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية 1992 ، ص 183 .
[17] سوتيريوس سارانتاكوس ، البحث الإجتماعي ،المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات ، ترجمة : شحدة فارع ، الطبعة الأولى 2017 ، ص 376
[18]– أحمد بدر، أصول البحث العلمي ومناهجه، المكتبة الأكاديمية، 1996.
[19] – رجاء محمود أبو علام، مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية، جامعة القاهرة (مصر).
[20]– أحمد بدر، أصول البحث العلمي ومناهجه، المكتبة الأكاديمية، سنة 1996.
[21] د.رجاء محمود أبو علام، مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية، جامعة القاهرة (مصر)
[22]– رجاء محمود أبو علام، مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية، جامعة القاهرة (مصر)