المفاوضة الجماعية في التشريع المغربي
د. ندير امباركة
باحثة في قانون الشغل
تعتبر المفاوضة الجماعية الإطار الأمثل لإقامة نوع من التوازن والتعايش السلمي بين أطراف العلاقة المهنية، والتخفيف نسبيا من التوتر والصراع الذي يطبع هذه العلاقة، إلى جانب فعاليتها في تأمين شروط وظروف عمل أفضل، وتقرير المزيد من الحقوق والمزايا للأجراء. وهذه الخصوصية التي تطبع المفاوضة الجماعية هي التي أدت إلى اهتمام منظمة العمل الدولية بها، حيث بلغ اهتمام هذه المنظمة بالحريات النقابية والحقوق الأساسية في العمل أقصاه عندما وضعت المفاوضة الجماعية موضع التوصيات الدولية، ويعد إعلان فيلادلفيا الصادر عن مؤتمر العمل الدولي لسنة 1944 الذي اعتبر ملحقا بدستور المنظمة بداية الاهتمام الدولي بهذه الآلية، إذ أقر هذا الإعلان الاعتراف الفعلي بحق المفاوضة الجماعية غير أنه لم يتناول تفاصيل هذا الحق،من حيث أطرافه ،وموضوعاته ،ومستوياته والإجراءات التي تنظم استخدامه ،والحماية اللازمة له ودور الدولة في حق التفاوض الجماعي، هذا ما تكفلت به التشريعات الوطنية، فكيف عالج المشرع المغربي المفاوضة الجماعية؟.
هذا ما سنوضحه من خلال تحديد ماهية المفاوضة الجماعية (المطلب الأول)، ثم التعرض إلى المسطرة القانونية للمفاوضة الجماعية و نتائجها(المطلب الثاني).
المطلب الأول: ماهية المفاوضة الجماعية
إن محاولة تحديد ماهية المفاوضة الجماعية يكتنفها العديد من الصعوبات، وذلك لأن المشرع لم يهتم بالمفاوضة الجماعية إلا حديثا[1]، وهو الأمر الذي انعكس على اهتمام الفقه بها.
وعليه، فإن تحديد ماهية المفاوضة الجماعية يستوجب منا تحديد مفهومها (الفقرة الأولى) ثم تحديد أطرافها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم المفاوضة الجماعية
على الرغم من أن مسألة تحديد المفاهيم وإعطاء التعاريف ظلت من اختصاص الفقه والقضاء، إلا أن ما يلاحظ في العديد من التشريعات المقارنة أنها عرجت عن هذا الاتجاه بخصوص المفاوضة الجماعية، إذ أعطت بشأنها تعريفا تشريعيا. وهو ما ينطبق أيضا على التشريع المغربي الذي عرفها من خلال المادة 92 من مدونة الشغل بأنها: “الحوار الذي يجري بين ممثلي المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا أو الاتحادات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا من جهة، وبين مشغل أو عدة مشغلين أو ممثلي المنظمات المهنية للمشغلين من جهة أخرى بهدف:
- تحديد وتحسين ظروف الشغل والتشغيل.
- تنظيم العلاقة بين المشغلين والأجراء.
- تنظيم العلاقات بين المشغلين أو منظماتهم من جهة وبين منظمة أو عدة منظمات نقابية للأجراء الأكثر تمثيلا من جهة أخرى“[2].
وعلى الرغم من أن هذا التعريف قد اشتمل على أغلب عناصر المفاوضة الجماعية، إلا أنه يبقى محل نظر لاتسامه بالقصور، ذلك أنه أخرج التجمع الفعلي للأجراء من نطاق المفاوضة الجماعية، فالأجراء غير المنتمين إلى تنظيم نقابي لا يمكنهم أن يكونوا طرفا في المفاوضة الجماعية، بل أكثر من هذا اشترط المشرع المغربي في التنظيم النقابي للأجراء أن يكون متمتعا بصفة النقابة الأكثر تمثيلا، وهذا أمر يضيق من نطاق المفاوضة الجماعية كما سنرى لاحقا.
مما سبق ،يمكننا القول بأن المفاوضة الجماعية هي الحوارات والنقاشات الجماعية التي تجرى بين مشغل واحد أو أكثر أو منظمة أو أكثر من منظمات المشغلين وبين المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا وفقا للإطار القانوني الخاص بها لتنظيم علاقات الشغل على أسس تحقق إلى حد ما نوع من العدالة التشاورية تنسجم مع التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده الساحة المهنية.
الفقرة الثانية: الأحكام الخاصة بأطراف المفاوضة الجماعية
لقد استقرت المعايير الدولية والعربية على أن المفاوضة الجماعية تجرى بين المنظمات النقابية الممثلة للأجراء من جهة، ومشغل ، أو عدة مشغلين، أو واحد أو أكثر من منظمات المشغلين، من جهة أخرى، وذلك بحسب المستوى الذي تباشر فيه المفاوضة الجماعية. والمشرع المغربي وسيرا على نهج المعايير الدولية وضع بدوره قواعد خاصة تتعلق بالإطار القانوني الذي يكتسب من خلاله الأطراف أهلية التفاوض الجماعي، سواء تعلق الأمر بالمنظمات النقابية[3] التي تمثل الأجراء في كل مستوى من مستويات المفاوضة (أولا)، أو بتحديد طبيعة وأهلية المشغل كطرف ثاني في المفاوضة الجماعية (ثانيا).
أولا- التمثيل النقابي أساس أهلية الأجراء للتفاوض الجماعي
سواء تعلق الأمر بالمفاوضة الجماعية على مستوى المقاولة الواحدة أو على مستوى قطاع اقتصادي برمته، أو على المستوى الوطني فإنه، وانطلاقا من المادتين 92 و 95[4]، لا يمكن للأجراء أن يكونوا طرفا مفاوضا إلا من خلال نقابتهم أو منظماتهم النقابية. وحتى تتمكن النقابة من القيام بهذا الدور فإن غالبية التشريعات المقارنة تعترف لها بالشخصية القانونية[5]، وهذا هو شأن المشرع المغربي، حيث ينص في المادتين 403 و404[6] على أحقية اكتساب النقابات للشخصية الاعتبارية والأهلية المدنية بمجرد تأسيسها وفق أحكام القانون.
فاكتساب التنظيم النقابي لهذه الأهلية يجعل منه الشخص المعنوي الوحيد صاحب الاختصاص، والممثل القانوني لأعضائه ، لكن طبيعة المفاوضة الجماعية، وخصوصيتها تستلزم تمتع النقابة بأهلية خاصة للتفاوض تختلف عن الأهلية العامة التي تتمتع بها كل التنظيمات النقابية، حيث إن أهلية التفاوض الجماعي هو اختصاص تستأثر به التنظيمات النقابية الأكثر تمثيلا[7] دون المنظمات النقابية الأخرى ذات التمثيل المحدود، وبالتالي فإن أهلية التفاوض الجماعي تصبح امتياز يمنحه القانون للنقابة التي لها أعلى نسبة تمثيل وذلك على مختلف المستويات التي تجرى فيها المفاوضة الجماعية. فما هي إذن المعايير المعتمدة في تحديد المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا والمؤهلة للتفاوض الجماعي؟.
بالرجوع للتشريعات المقارنة، خاصة التشريع الفرنسي نجده قد عمد إلى تنظيم مسألة النقابات الأكثر تمثيلا بتقريره لمجموعة من المعايير من خلال المادة [8]L2121-1
- المنخرطون من حيث عددهم؛
- الاستقلال عن المشغل؛
- الاشتراكات من حيث حجمها؛
- الأقدمية والتجربة؛
- الشفافية المالية .
وقد استقر الفقه الفرنسي على أن التمثيلية النقابية تقوم سواء باستجماع النقابة لمجموع تلك المعايير أو لبعضها فقط، وهو الموقف الذي كرسه الاجتهاد القضائي الفرنسي من خلال قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 12 شتنبر 1994[9].
وبخصوص التشريع المغربي فإنه حدد المعايير التي يتم الاستناد عليها في تحديد المنظمة الأكثر تمثيلا والمؤهلة للتفاوض بموجب المادة 425 من مدونة الشغل والتي تنص على أنه: “لتحديد المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني، يتعين الأخذ بعين الاعتبار ما يلي :
- الحصول على 6% على الأقل من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين في القطاعين العمومي والخاص؛
- الاستقلال الفعلي للنقابة؛
- القدرة التعاقدية للنقابة؛
لتحديد المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا على مستوى المقاولة أو المؤسسة، يتعين الأخذ بعين الاعتبار ما يلي :
- الحصول على نسبة 35% على الأقل من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين على صعيد المقاولة أو المؤسسة؛
- – القدرة التعاقدية للنقابة”.
فإذا كان المشرع قد حسم في الجدل الذي كان سائد قبل المدونة[10] فيما يخص معايير تحديد النقابة الأكثر تمثيلا، إلا أن موقفه هذا أثار العديد من الملاحظات والاستفسارات كالتالي:
– إن النسبة المقررة لاكتساب صفة النقابة الأكثر تمثيلا نسبة ضعيفة تجعل العديد من النقابات تظفر بها مما يعرقل نجاح المفاوضة الجماعية ويؤثر على فعاليتها لتواجد العديد من النقابات على طاولة الحوار[11]. وإن كنا نرى هنا تنظيم اتحاد بينهم قد يساعد على تجاوز هذه الصعوبة، فهو أيضا ليس بالأمر الهين إذ يتطلب مستوى عال من الوعي النقابي.
– إن معيار القدرة التعاقدية إذا كان يستفاد منه عدد الاتفاقيات الجماعية للشغل التي توصلت إلى إبرامها نقابة ما، فإن ذلك يعني بداهة احتكار المنظمات النقابية التقليدية صفة النقابة الأكثر تمثيلا، لأنها صاحبة السبق التاريخي في إبرام جل الاتفاقيات الجماعية للشغل النافذة حاليا.
– جاء المشرع بمصطلح عام وفضفاض يتعذر ضبطه، ويتعلق الأمر بمصطلح الاستقلال الفعلي، فماذا يقصد بهذا الاستقلال؟ هل الاستقلال على المشغل أو السلطة العامة أم الأحزاب؟.
– حدد المشرع نسبة موحدة لتحديد النقابة الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني شمل القطاعين الخاص والعام بغض النظر عن التمييز بين عدد مندوبي الأجراء في كل قطاع على حدة[12].
– إن التعداد الذي جاءت به المادة 425 من مدونة الشغل يطرح تساؤلا عما إذا كانت تلك المعايير قد أدرجت على سبيل الترتيب والأولوية أم على سبيل الجمع ،بحيث لا تكون المنظمة النقابية أكثر تمثيلا إلا إذا توفرت على تلك المعايير جميعها. وإن كان يلاحظ على المستوى الواقعي التركيز أساسا على معيار النسبة المحصلة من انتخابات مندوبي الأجراء مع إهمال باقي المعايير الأخرى.
وعليه، تعتبر نسبة التمثيل القاعدة التي تكتسب من خلالها التنظيمات النقابية أهلية التفاوض الجماعي، لكن تفعيل هذه القاعدة يؤدي حتما إلى إثارة مسألة الجهة المختصة بتحديد التنظيم أو التنظيمات النقابية الأكثر تمثيلا، خاصة وأن صفة الأكثر تمثيلا لا يمكن اعتبارها حقا مكتسبا لأن هذه المعايير تتغير من وقت لآخر فهناك نقابات يتقلص عدد مندوبيها وبالتالي يصيبها الوهن.
تختلف الجهة المختصة بتحديد التنظيم أو التنظيمات النقابية الأكثر تمثيلا وفق تشريع العمل لكل دولة، فالقانون الفرنسي يحدد الجهة المختصة بحسب ما إذا كان تمثيل الأجراء على المستوى الوطني أو على مستوى المهنة ، إذ يعود تحديد تمثيلية المنظمة على المستويين الوطني والمهني إلى السلطة الإدارية التي يعهد لها أيضا إعداد لوائح النقابات المهنية الأكثر تمثيلا[13]، في حين يعهد بتحديد النقابات الأكثر تمثيلا على مستوى المؤسسات إلى محاكم الموضوع تحت رقابة محكمة النقض.
أما بالنسبة للمشرع المغربي فإنه لم يحدد الجهة الموكول إليها أمر البت والحسم في النزاعات المحتملة بين المنظمات بشأن حدود تمثيليتها بموجب مدونة الشغل، لكن الواقع يبين أن السلطة الحكومية ممثلة في وزارة التشغيل هي التي تتولى أمر تحديد تلك المنظمات، خاصة عند تشكيل الوفد الرسمي الذي يمثل المغرب في المؤتمر العام لكل من منظمتي الشغل الدولية والعربية، وأيضا عند تحديد تمثيلية الأجراء في بعض المؤسسات كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ثانيا– أهلية المشغل في المفاوضة الجماعية
يعد المشغل الطرف المقابل للأجراء في المفاوضة الجماعية، وتختلف أهلية المشغل باختلاف المستويات التي تجري عليها المفاوضة الجماعية، فقد يكون المشغل شخصيا هو الذي يجري المفاوضة الجماعية مع النقابة أو نقابات الأجراء الأكثر تمثيلا على مستوى المقاولة، كما يمكنه كذلك أن ينيب عنه من يمثله في ذلك سواء كان المشغل عضوا في منظمة من المنظمات المهنية للمشغلين أو لا ينتمي إلى أي منها. أما إذا كانت المفاوضة على مستوى القطاع فإن التفاوض يمكن أن يجري بين المشغل أو المشغلين أنفسهم بصفة شخصية وإما من خلال المنظمة أو المنظمات المهنية التي تمثلهم[14]. أما بالنسبة للمفاوضة الجماعية التي تجرى على المستوى الوطني فإن الذي يمثل المشغل هي المنظمات المهنية للمشغلين.
مما سبق يمكننا القول بأن المشرع المغربي لم يشترط ضرورة توافر الصفة الجماعية بجانب المشغل، حيث يحق لهذا الأخير أن يشارك في المفاوضة الجماعية بصفة منفردة، أو مجموعة من المشغلين أو ممثلا من طرف منظمة مهنية ينتمي إليها وذلك بحسب ما إذا كان ينتمي إلى تنظيم نقابي أو غير منتمي لأي منظمة نقابية، إلا أنه ما يعاب على التشريع المغربي أنه أشار بخصوص التفاوض على المستوى الوطني إلى المنظمات المهنية للمشغلين وليس المنظمة المهنية للمشغلين؛ أي أنه يقر بحالة التعددية في تمثيل المشغل ولكن دون أن يجيب على الإشكال الذي يطرحه هذا التعدد[15] كما فعل بالنسبة لحالة تعدد النقابات الممثلة للأجراء، إذ جعل حق التفاوض حكرا على النقابة المهنية الأكثر تمثيلا. فهل يمكن القول بأن هذا الإغفال يفسر على أنه إيمانا من المشرع المغربي باحتكار الاتحاد العام لمقاولات المغرب بصفة التمثيلية في المفاوضة الجماعية؟.
المطلب الثاني: المسطرة القانونية للمفاوضة الجماعية و نتائجها
تعتبر المفاوضة الجماعية عملية فنية وقانونية تسير وفقا لإجراءات وقواعد محددة[16]، هذه الإجراءات لها بالغ الأثر في سير وانتظام المفاوضة، وبالتالي في نتائجها. فالتفاوض هو عملية مباشرة بين طرفي العلاقة الشغلية يهدف كل طرف فيها التأثير على الآخر وحمله إلى الاقتناع بوجهة نظره. فهل استطاعت التشريعات المختلفة ومعها التشريع المغربي سن آليات قانونية مناسبة لنجاح المفاوضة الجماعية وتحقيق السلم الاجتماعي.
الفقرة الأولى: الإجراءات المسطرية للمفاوضة الجماعية
للمفاوضة الجماعية جانبان يكمل كلا منهما الآخر، فالجانب الموضوعي لا يمكن أن يكتمل دون الجانب الإجرائي، ويعد البدء في المفاوضة الجماعية الدعامة الأولى في الجانب الإجرائي والركن الأساسي والحاسم لنجاح المفاوضة الجماعية والوصول إلى تحقيق أهدفها.
والبدء في المفاوضة يجب أن يكون شاملا ومتضمنا لكافة العوامل التي من شأنها التأثير في سير المفاوضة. فما هي الإجراءات الأساسية التي ينبغي أن يتضمنها البدء في التفاوض الجماعي؟.
أولا- التعهد بالتفاوض
إن التعهد بالتفاوض يجسد المرحلة التي تلتقي فيها إرادة الطرف الراغب في التفاوض مع إرادة الطرف الآخر الذي يرد بالقبول، إلا أن التعبير عن الإرادة المشتركة لا يعتد به قانونا إلا إذا اقترن بإبرام اتفاق مكتوب يحدد فيه: تاريخ بدء المفاوضة، وتاريخ انتهائها، وإيداع الاتفاق المشترك.
1- تاريخ بدء المفاوضة
بالرجوع إلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية والعربية المنظمة للمفاوضة الجماعية نجدها تركت إجراءات تحديد وقت بداية المفاوضة الجماعية بين الأطراف إلى التشريعات الوطنية، إلا أن هذه الأخيرة بدورها أغفلت هذه المسألة، إذ فضلت ترك هذا التحديد لاتفاق أطراف التفاوض الجماعي.
وبالنسبة للمشرع المغربي نجده قد نص في الفقرة الأولى من المادة 98 من مدونة الشغل على أنه: “يمكن للطرفين أن يحددا، باتفاق مشترك، تاريخ بدء المفاوضة الجماعية، داخل أجل خمسة عشر يوما الموالية لتاريخ توصل الطرف الأول بموافقة الطرف الثاني على التفاوض”.
من خلال المادة أعلاه نلاحظ أن المشرع استعمل لفظ “يمكن” والتي يفهم منه أن إبرام اتفاق مشترك لتحديد تاريخ البدء في المفاوضة الجماعية يخضع لحرية الطرفين، مع إلزامهم على الدخول في هذه المفاوضة داخل أجل 15 يوم الموالية لتاريخ توصل الطرف الأول بقبول الطرف الثاني، وقد ساير المشرع المغربي بهذا نظيره الفرنسي الذي تدخل لتحديد بداية المفاوضة الجماعية.
2- تاريخ انتهاء المفاوضة الجماعية
استعمل المشرع نفس الصيغة التي حدد بها تاريخ البدء في التفاوض عند تحديده تاريخ إنهاء التفاوض الجماعي إذا سمح للطرفين بأن يحددا باتفاق مشترك بينهم تاريخ الانتهاء من التفاوض على أساس ألا يتعدى في جميع الأحوال خمسة عشر يوما من تاريخ بدء المفاوضة[17].
ونرى أن تحديد المشرع المغربي لسقف زمني من أجل إنهاء المفاوضة قد يشكل عرقلة في وجه المتفاوضين، بحيث يجدون أنفسهم مقيدين بأجل محدد مما يؤثر على عملية التفاوض التي تتطلب الأخذ والرد بين الطرفين، لهذا كان من الأفضل أن يمنح المشرع للطرفين صلاحية تمديد هذا الأجل كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وكلما تبينت بوادر نجاح التفاوض.
3- إيداع الاتفاق المشترك
إن المسطرة القبلية للمفاوضة الجماعية والمتمثلة في إبرام اتفاق مشترك بين الطرفين من أجل البدء في التفاوض يظل مجرد واقعة مادية ليس إلا، ومن تم فهو غير ملزم ومفرغ من أية قيمة قانونية ما لم توجه نسخة منه إلى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل[18]، بحيث يشكل توصل الجهة المعنية بنسخة من الاتفاق المشترك قرينة قانونية[19] تثبت نية الشركاء الاجتماعيين في الدخول في المفاوضة الجماعية.
ثانيا- الدخول في المفاوضة الجماعية
خصت مدونة الشغل مادتين اثنتين لمرحلة ما بعد اتفاق الأطراف للتفاوض جماعيا[20]، ونعتقد أن تقليص المشرع مسطرة الدخول في التفاوض ضمن مواد محددة راجعا إلى رغبته في عدم تدخله في مسطرة المفاوضة الجماعية وإحالة تنظيمها على الأطراف المتفاوضة.
ولا شك أن من القواعد التي تفعل عملية التفاوض الجماعي الالتزام بتقديم البيانات والمعلومات اللازمة حتى يمكن تقييم مطالب كل طرف على ضوء هذه البيانات والمعلومات.
ونظرا لأهمية المعلومات المقدمة من الطرفين في نجاح التفاوض حرصت العديد من التشريعات على تحديد طبيعة المعلومات الواجب على المشغل تقديمها[21]، والتي يكون لها الدور الإيجابي في تيسير مهمة الأطراف المتفاوضة كما هو الشأن بالنسبة للمشرع الفرنسي[22]، كما ألقت المعايير العربية على عاتق السلطات العامة في كل دولة التزام بأن توفر لأهداف التفاوض كافة المعلومات والبيانات والإحصائيات التي من شأنها مساعدة أطراف المفاوضة الجماعية على تحقيق الهدف المرجو منها[23]، وقد ساير المشرع المغربي هذا الاتجاه إذ نص في المادة 99 من مدونة الشغل على أنه: “توفر السلطة الحكومية المكلفة بالشغل، أو السلطة الحكومية المعنية، للطرفين المتفاوضين الإحصاءات والبيانات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية وغيرها، لتسهيل إجراء المفاوضة الجماعية”.
فإذا كانت جل التشريعات المقارنة ألزمت السلطة العامة بتقديم البيانات الضرورية لتسهيل عملية التفاوض، فإنها في المقابل لم تحدد نوع، ومضامين هذه البيانات، هذا ما دفع الفقه[24] إلى اقتراح نماذج من البيانات التي يجب أن تطرح على طاولة التفاوض سواء تعلق الأمر بالمفاوضة الجماعية على مستوى المقاولة أو تلك التي تجرى على المستوى القطاعي.
ومن بين هذه البيانات نشير إلى:
- عدد الأجراء وفئاتهم وجنسهم و نوع نشاطهم؛
- عدد عمليات التشغيل ومناصب الشغل المتوفرة؛
- الأجور والمزايا الأخرى المكملة له النقدية والعينية. وإذا تعلق الأمر بالمفاوضة على المستوى القطاعي ضبط تطور معدل الأجور الفعلية بحسب الأصناف المهنية وبحسب الجنس، وذلك لدراسة الفوارق الأجرية داخل كل فئة والوقوف على الوضعية الهرمية القائمة بين الأجر الأدنى والأجر الأعلى لكل فئة؛
- المستوى الذي يجب أن تجرى فيه المفاوضة الجماعية؛
- اتفاقيات الشغل الفردية والجماعية المبرمة ونوعيتها خاصة ما يتعلق بعقود الشغل المحددة المدة والمؤقتة؛
- مكان المفاوضة حيث يجب على المشغل أن يوفر مقرا خاصا خلال مراحل المفاوضة والعمل على تجهيزه بالمعدات الأساسية.
وهكذا، وانطلاقا من مدونة الشغل، فإذا كان المشرع المغربي ترك تحديد إجراءات المفاوضة الجماعية للأطراف المتفاوضة باستثناء بعض القواعد الخاصة بالتفاوض الجماعي في حالة الضرورة وبعض القواعد الخاصة بتمثيلية الأطراف،فإنه أغفل العديد من الالتزامات التي تقع على عاتق الأطراف، بعد الدخول في المفاوضة الجماعية كالتزام الأطراف المتفاوضة بمقتضيات حسن النية[25] خاصة بالنسبة للمفاوضة الجماعية التي تتم بعد حدوث نزاع جماعي، ويدخل في نطاق مبدأ حسن النية في هذا الإطار امتناع كل طرف عن اللجوء إلى ممارسة أي تصرف من شأنه التأثير على مجريات المفاوضة الجماعية، كامتناع الأجراء عن اللجوء إلى الإضراب أو التهديد به لإجبار المشغل بقبول مطالبهم، وفي مقابل ذلك يقتضي حسن النية امتناع المشغل عن اللجوء إلى الإغلاق أو التهديد به لتراجع الأجراء عن إضرابهم.
على الرغم من أهمية هذا المبدأ في المفاوضة الجماعية، إلا أننا نرى بأن المشرع المغربي لم يتطرق له في الأحكام القانونية المنظمة للمفاوضة الجماعية، بخلاف المشرع الفرنسي[26] والمصري[27] اللذان تناولا هذا الالتزام بنص صريح من خلال منع المشغل أثناء المفاوضة الجماعية اتخاذ الإجراءات أو إصدار قرارات تتعلق بالموضوعات المطروحة للتفاوض إلا في حالة الضرورة، وبتالي فإن المشغل ملزم بالامتناع عن اتخاذ أي إجراء أو قرار يخص موضوعات التفاوض، وذلك لإتاحة الفرصة للمفاوضة الجماعية لتسوية الموضوعات محل الخلاف.
ونرى أن الالتزام بحسن النية أثناء المفاوضة الجماعية يحمل بين طياته شروط تكريس السلم الاجتماعي، الأمر الذي يتطلب من المشرع المغربي التدخل بفرض هذا الالتزام من خلال نص قانوني صريح يضاف إلى مقتضيات المنظمة للمفاوضة الجماعية، ويلزم من خلاله المشرع طرفي علاقة الشغل أثناء المفاوضة الجماعية بعدم اتخاذ أي إجراء من شأنه عرقلة التفاوض الجماعي.
الفقرة الثانية: نتائج المفاوضة الجماعية وتكريس السلم الاجتماعي
إذا كانت المفاوضة الجماعية هي أداة لتنظيم شروط وظروف الشغل، فإن الملاحظ من الناحية العملية أن التفاوض الجماعي بين عنصري الإنتاج لا يكون مصيره دائما النجاح، فقد تكون وجهة نظر كل من الطرفين جد متباينة، بحيث يظل كل طرف متشبث بموقفه، لذلك فإن نتائج المفاوضة الجماعية إما أن يكون مصيرها الفشل، وإما مآلها النجاح[28]، وبهذا فإن فرص نجاح المفاوضة الجماعية تتساوى مع فرص فشلها، فليس من الضروري أن تنتهي مفاوضة جماعية بنجاح بل قد تنتهي بالفشل، وذلك متوقف على توافر العوامل المختلفة التي تساعد على نجاحها، هذه العوامل قد تكون داخلية ترجع إلى الأطراف المتفاوضة من حيث تمسكها بمواقفها وفشلها في التغلب على الاختلاف الذي بينها في وجهات النظر، وقد تكون خارجية متمثلة في المناخ العام الذي يحيط بالمفاوضة الجماعية.
ومن ثم فإن التطرق إلى النتائج التي تسفر عنها المفاوضة الجماعية يتطلب منا التطرق إلى حالة نجاحها (أولا)، وكذا الحالة التي تصل فيها إلى طريق مسدود، وبذلك فشلها (ثانيا).
أولا- نجاح المفاوضة الجماعية
إن مواضيع ومجالات المفاوضة الجماعية عديدة ومتنوعة، بحيث لا يمكن حصرها، ولكن في غالب الأحيان فإن المفاوضة الجماعية تنصب على القضايا الأكثر أهمية بالنسبة للأجراء، مثل المطالبة بالزيادة في الأجور، تحسين شروط العمل وظروفه، فضلا عن المطالبة بتجديد اتفاقية الشغل الجماعية لتضمينها شروط أفضل للأجراء، ومن ثم فإذا نجحت المفاوضة الجماعية في تسوية المواضيع المعروضة للتفاوض الجماعي فإنها تتوج بإبرام اتفاق جماعي يتضمن المسائل المتفق عليها، وبالتالي تكون المفاوضة قد نجحت في الوظيفة التي تقوم بها إذا عملت على تحويل الفرقاء إلى شركاء تكون لهم مصالح مشتركة ومتبادلة[29].
ويكون لنجاح المفاوضة الجماعية دورا مهما في تحقيق استقرار علاقات الشغل، إذ يساهم مساهمة فعالة في توفير المناخ الملائم لجلب واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وفي تسوية العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي يعود بالنفع على طرفي علاقة الشغل وعلى الاقتصاد الوطني ككل، لذلك فإن انتهاء المفاوضة الجماعية بالنجاح يترتب عنه زوال الأخطار التي تهدد استقرار علاقات الشغل الجماعية وتحقيق السلم الاجتماعي، وهو هدف ينشده المشرع الاجتماعي في كل قوانين العمل المقارنة.
فإذا كانت المفاوضة الجماعية في حالة انتهائها بالنجاح تتبلور في شكل اتفاق، فإن التساؤل يثور بشأن طبيعة هذا الاتفاق؟.
تنص المادة 100 من مدونة الشغل على ما يلي: “تدون نتائج المفاوضة الجماعية في محضر أو اتفاق يوقعه الطرفان، وتوجه نسخة منه إلى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل، التي توجه نسخة منه إلى مجلس المفاوضة الجماعية”[30].
انطلاقا من مقتضيات هذه المادة نرى بأن المشرع المغربي لم يحدد لنا طبيعة الاتفاق الناتج عن التفاوض الجماعي، فهل يقصد به اتفاقية جماعية للشغل أم لا ؟ فإذا كان الجواب بالإيجاب فإنه كان عليه أن يحيل بخصوصه إلى مقتضيات القسم الرابع من مدونة الشغل الخاص بالاتفاقية الجماعية[31] كما هو الشأن بالنسبة للمشرع المصري الذي أحال على مقتضيات اتفاقية الشغل الجماعية بمقتضى المادة 151 من قانون العمل التي تنص على أنه:” يدون الاتفاق الذي تسفر عنه المفاوضة في اتفاقية جماعية طبقا للشروط والقواعد الخاصة باتفاقيات العمل الجماعية الواردة في هذا القانون…..”.
فبما أنه خص المفاوضة الجماعية بقسم مستقل فهذا يعني أن الاتفاق الناتج عنها هو اتفاق له طبيعته الخاصة.
ثانيا– فشل المفاوضة الجماعية
إن المفاوضة الجماعية وسيلة وليست هدفا، وبالتالي قد لا تحقق مبتغاها عندما تنتهي بالفشل، وفي هذه الحالة يترتب على هذا الفشل نتائج هامة وخطيرة، ليس فقط بالنسبة لأطراف المفاوضة وإنما بالنسبة للاقتصاد ككل.
ففشل المفاوضة الجماعية يمثل المرحلة الأخيرة من العملية التفاوضية، بحيث يؤدي بالأجراء إلى الاستعداد لاستخدام البديل المناسب الذي يتوجب عليهم اللجوء إليه لتسوية الخلاف الموجود بينهم والذي لم تنجح المفاوضة الجماعية في معالجته أو حله، وتتمثل هذه البدائل في حرية أطراف المفاوضة الجماعية للجوء إلى الوسائل القانونية الأخرى من أجل تسوية النزاع القائم بينهما. واللجوء إلى هذه الوسائل من شأنه تعزيز وتشجيع المفاوضة الجماعية كما جاء في المادة 5 من الاتفاقية الدولية رقم 154 لسنة 1981 بشأن تشجيع المفاوضة الجماعية التي نصت على أنه: “تشكيل هيئات ووضع إجراءات لتسوية نزاعات العمل لكي تساعد على تعزيز المفاوضة الجماعية”، وأضافت المادة الثامنة من نفس الاتفاقية على أنه: “لا توضع التدابير التي تتخذ لتعزيز المفاوضة الجماعية ولا تنفذ بطريقة تعيق حرية المفاوضة الجماعية”، كما ينص البند الثامن من التوصية الدولية رقم 163 لسنة 1981 بشأن تشجيع المفاوضة الجماعية على أنه: “ينبغي عند الاقتضاء اتخاذ تدابير مكيفة مع الظروف الوطنية، بحيث تساعد إجراءات تسوية منازعات العمل الأطراف في إيجاد حل للمنازعات ذاتها سواء أثير هذا النزاع أثناء التفاوض حول اتفاقيات أو أثير بشأن تفسير وتطبيق اتفاقات …”.
كما حرصت منظمة العمل العربية على تأكيد نفس المقتضيات بحيث ألزمت الدول بضرورة تقرير الوسائل السلمية الأخرى لتسوية المنازعات التي لم تستطع أطراف المفاوضة الجماعية تسويتها، ومن هذه الوسائل: المصالحة والوساطة والتحكيم. وتطبيقا لذلك تنص المادة الثامنة من الاتفاقية العربية رقم 11 لسنة 1979 بشأن المفاوضة الجماعية على أنه: “لكل دولة من دول الأعضاء أن تنشئ أجهزة للتوفيق والتحكيم تتولى عند الاحتكام إليها باتفاق الطرفين تسوية ما قد ينشأ من خلاف بسبب فشل المفاوضة الجماعية، وينظم تشريع كل دولة هذه الأجهزة”.
كما يؤدي فشل المفاوضة الجماعية إلى استعداد أطراف العلاقة الشغلية لاستخدام بدائل أخرى، غير تلك المشار إليها سابقا، فقد يضطر الأجراء إلى اللجوء إلى ممارسة الإضراب لحمل المشغل للاستجابة لمطالبهم، كما يلجأ المشغلين إلى إغلاق مؤسساتهم كرد فعل لممارسة الأجراء لحقهم في اللجوء إلى الإضراب. ومما لا شك فيه أن لجوء طرفي المفاوضة الجماعية في حالة فشلها إلى هاتين الوسيلتين سوف يهدد لا محالة استقرار علاقات الشغل الأمر الذي يهدد بدوره السلم الاجتماعي، وهو ما دفع أحد الفقهاء[32] إلى التساؤل حول مدى اعتبار فشل المفاوضة الجماعية نزاعا جماعيا للشغل يمكن أن يسلك على إثره أحد الطرفين مسطرة تسوية نزاعات الشغل الجماعية وفق الكتاب السادس من مدونة الشغل؟.
بالرجوع لمدونة الشغل فلا نصادف أي مقتضى صريح يعتبر فشل المفاوضة الجماعية بمثابة نزاع شغل جماعي، وحسبنا أن نؤكد وسيرا على نهج التشريعات المقارنة[33] بأنه ليس هناك ما يمنع الطرفين من اللجوء إلى مسطرة التسوية الخاصة بنزاعات الشغل الجماعية عند فشل المفاوضة الجماعية، خاصة إذا اعتبرنا أن ذلك الفشل بمثابة نزاع جماعي ناشئ بسب الشغل من ثم يندرج في خانة النزاعات الجماعية الخاضعة لنطاق المسطرة وفق المادة 549 من مدونة الشغل طالما كانت أهداف المفاوضة الدفاع عن مصالح جماعية ومهنية.
[1]– ويمكن إرجاع تأخر المغرب في تفعيل مقتضيات المفاوضة الجماعية إلى عدة أسباب :
– الشتات الذي كانت تعرفه الأنظمة والقواعد التي كانت تنظم هذا المجال، بحيث لم يكن هناك قانون جامع يسهل الرجوع إليه لحل النزاعات القائمة بين الأجراء والمشغلين .
– الدور الذي كانت تلعبه الدولة في مجال التشغيل باعتبارها المشغل الوحيد إذ لم يكن للقطاع الخاص دور يذكر إلا عند بداية الثمانينات .
– البداية المحتشمة للنقابة بمساهمتها في حل المشاكل التي كانت تواجهها المؤسسة.
راجع بهذا الشأن:
فريدة اليوموري :”أحكام المفاوضة الجماعية “، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 70 شتنبر –أكتوبر 2006، ص :147.
[2]– وهذا التعريف الذي أورده المشرع المغربي للمفاوضة الجماعية جاء مطابقا لمقتضيات المادة الثانية من اتفاقية العمل الدولية رقم 154 لسنة 1981 بشأن تشجيع المفاوضة الجماعية، إذ تضمن غالبية عناصر المفاوضة الجماعية سواء من حيث تحديد أطرافها، أو تحديد مضمونها، أو من حيث تحديد مواضيعها والتي تشمل كل ما يتعلق بشروط وظروف العمل.
[3]– إن منطق الاحتكار النقابي الذي حكم موقف المشرع المغربي في مجال المفاوضة الجماعية هو نفسه الذي استقرت عليه العديد من التشريعات الاجتماعية كالتشريع الفرنسي و المصري.
– راجع : محمد الشرقاني : النظام القانوني للمفاوضة الجماعية (الحوار الاجتماعي)، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2014 ،ص:139 و140.
[4]– تنص المادة 95 من مدونة الشغل المغربية على ما يلي: ” تجرى المفاوضة الجماعية بصورة مباشرة على المستويات التالية:
– مستوى المقاولة: بين المشغل وبين نقابات الأجراء الأكثر تمثيلا بالمقاولة؛
– مستوى القطاع: بين المشغل أو المنظمات المهنية للمشغلين وبين المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا بالقطاع؛
– المستوى الوطني: بين المنظمات المهنية للمشغلين وبين المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني.
يمكن لكل طرف أن يستعين أثناء المفاوضة بمن يشاء من المستشارين.”
[5]– كالتشريع الجزائري الذي ينص من خلال المادة 16 من القانون المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي القانون رقم 14-90 على أنه: “يكتسب التنظيم النقابي الشخصية المعنوية والأهلية المدنية بمجرد تأسيسه …..ويمكنه أن يقوم بما يلي : إبرام أي عقد أو اتفاقية أو اتفاق له علاقة بهدفه “
[6]– تنص المادة 403 على ما يلي: ” تحصل النقابات المهنية، على الشخصية الاعتبارية، إذا تأسست وفق أحكام هذا القانون”.
[7]– وقد ارتبط مصطلح النقابة الأكثر تمثيلا بصدور ميثاق فيرساي، أما عن ظهور المصطلح في التشريع المغربي فيمكن القول بأن التشريعات الصادرة بعد الاستقلال لم تستعمل المصطلح نظرا للظروف السياسية آنذاك إضافة إلى تواجد النقابة الوحيدة التي رفعت تحدي إجلاء المستعمر قبل التفكير في مصالحها. يحظى هذا المصطلح باهتمام الباحثين رغم ظهور منظمات عمالية جديدة حتى صدور مدونة الشغل التي تناولت مصطلح الأكثر تمثيلا كقاعدة لتمثيلية النقابة العمالية على المستوى الوطني وعلى مستوى المقاولة. ويقصد بالنقابة الأكثر تمثيلية “النقابات التي تعكس تمثيلا حقيقيا لعمال المهنة لتكسب بفعل هذا الوجود الحقيقي بين الأجراء اعتراف القانون بها باعتبارها منظمات مؤهلة لتمثيل المهنة في مواجهة السلطات العامة وفي مواجهة المشغلون في المحيط النقابي الوطني أو الدولي “
– بلال العشري: النقابات المهنية بالمغرب، مطبعة دار أبي رقراق، الطبعة الأولى، 2012، ص:88.
[8] – article L2121-1 :
« La représentative des organisations syndicales est déterminée d’après les critères cumulatifs suivants
- Le respect des valeurs républicaines,
- L’indépendance,
- La transparence financière ;
- Une ancienneté minimale de deux ans dans le champ professionnel et géographiques couvant le niveau de négociation cette ancienneté s’apprécie à compter de la date de dépôt légal des statuts
- L’audience établie selon les niveaux de négociation conformément aux articles L2122-1, L2122-5,L2122-6,L2122-9 ;
- L’influence, prioritairement caractérisée par l’activité et l’expérience ;
- Les effectifs d’adhérents et les cotisations.
[9]– قضت محكمة النقض الفرنسية بتمثيلية نقابة معينة على الرغم من حداثة تأسيسها وذلك لمجرد أنها :
– أتبتث أنها تضم عددا كافيا من المنخرطين علما بظاهرة ضعف التنقيب؛
– أن عددا من قادتها يكتسبون خبرة نقابية على إثر تجربتهم السابقة في منظمة نقابية أخرى؛
– إنها تستخلص اشتراكات من شأنها أن تضمن لها الاستقلال المالي؛
– إن حركتها تؤكد إشعاعا حقيقيا في الساحة النقابية وهو الإشعاع الذي يستفاد أساسا من نتائج الانتخابات المهنية.
– قرار أشار إليه محمد الشرقاني: النظام القانوني للمفاوضة الجماعية ، م س، ص:142.
[11]– يجب التنبه أن اشتراط المشرع على المستوى الوطني نسبة 6% من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين وطنيا سمح بإفراز 4 منظمات نقابية أكثر تمثيلا خلال انتخابات مندوبي الأجراء التي جرت سنة 2015 مقابل 5 منظمات سنة 2009.
[12]– وفاء بنفضول المجدولي: تنظيم علاقات الشغل عن طريق المفاوضة الجماعية، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة، جامعة محمد الخامس – أكدال -، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، السنة الجامعية: 2006-2007، ص :78.
[13] – Lyon – Caen Gérard : “Pour une réforme enfin claire et imaginative du droit de la négociation collective”, Revue droit social, n° 4 Avril 2003, P : 357.
[14]– المادة 95 من مدونة الشغل.
[15]– عكس المشرع الفرنسي الذي حدد المعايير التي يتم بموجبها تحديد المنظمة المهنية الأكثر تمثيلا بالنسبة للمشغل بمقتضى المادة L2151-1 التي تنص على:
1- La représentativité des organisations professionnelles d’employeurs est déterminée d’après les critères cumulatifs suivants :
1°- le respect des valeurs républicaines
2°- l’indépendance
3°- la transparence financière
4°- une ancienneté minimale de deux ans dans les champs Professional et géographique couvrant le niveau négociation. Cette ancienneté s’apprécie à compter de la date de dépôt légal des statuts
5°- l’influence, prioritairement caractérisée par l’activité et l’expérience.
6°- l’audience, qui se mesure en fonction du nombre d’entreprises volontairement adhérentes ou leurs salariés soumis au régime français de sécurité sociale et, selon les niveaux de négociation, en application du 3° des articles 2152-1 ou L2152-4
II- Pour l’application du présent titre, sont considérées comme des organisations professionnelles d’employeurs les syndicats professionnels d’employeurs mentionnés à l’article L2131-1 et les associations d’employeurs mentionnées à l’article L2231-1.
[16]– ونقصد بهذه الإجراءات مختلف المحطات التي يجتازها المتفاوضون.
[17]– الفقرة الثانية من المادة 98 من مدونة الشغل.
[18]– طبقا للفقرة الثالثة من المادة 98 من مدونة الشغل.
[19]– وهناك جانب من الفقه يعتبر أن توجيه نسخة الاتفاق المشترك إلى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل هو للعلم فقط وليس للمراقبة.
أنظر:
– عبد اللطيف خالفي: الوسيط في مدونة الشغل، علاقات الشغل الجماعية، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، 2006، ص: 337.
[20]– ويتعلق الأمر بالمادة 94 و 100 من مدونة الشغل.
[21]– كالتشريع المصري من خلال المادة 149 من قانون العمل التي تقضي بأنه: “يلتزم صاحب العمل بتقديم ما يطلبه ممثلو التنظيم النقابي في المفاوضات الجماعية من بيانات ومعلومات خاصة بالمنشأة، ولصاحب العمل أو ممثلي التنظيم النقابي طلب هذه البيانات من منظماتهم بحسب الأحوال، ويلتزم الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ومنظمات أصحاب الأعمال بتقديم ما يلزم لحسن سير المفاوضات الجماعية من البيانات والمعلومات الخاصة بفرع النشاط أو المهنة أو الصناعة”.
[22]– L’ article L2242-2 du code du travail français.
[23] – تنص المادة الخامسة من اتفاقية الشغل العربية رقم 11 لسنة 1979 بشأن المفاوضة الجماعية أنه: ” تؤمن الجهات الرسمية لمنظمات العمال وأصحاب الأعمال أو منظماتهم، الحصول على كافة الإحصاءات والبيانات الاقتصادية والاجتماعية والفنية وغيرها لتسيير إجراء المفاوضة الجماعية على أسس سليمة”.
[24] – محمد الشرقاني: م س، ص:229 و230.
[25]– ويقصد بمبدأ حسن النية في التفاوض أن يدخل كل طرف إلى المفاوضة وهو عنده الرغبة في نجاحها بصدق والسعي إلى إنجاحها بشتى الوسائل المشروعة والمقبولة عند الطرفين المتفاوضين.
وقد ظهر هذا الالتزام أول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1935 من خلال القانون المعروف ب WAGNER الذي أعاد تنظيم العلاقات الجماعية للشغل بهدف تحقيق نوع من التوازن بين المشغلين ونقابات الأجراء، وهو المبدأ الذي تم تكريسه في قانون 1947 المعروف ب TAFT-HARTLEY.
– محمد الشرقاني : م س، ص: 242.
[26]– تنص المادة 3 – L2242 من قانون العمل الفرنسي على ما يلي:
« Tant que la négociation est en cours conformément aux dispositions de la présente section, l’employeur ne peut dans les matières traitées, arrêter de décisions unilatérales concernant la collectivité des salariés, sauf si l’urgence ne le justifie. »
[27]– تنص المادة 150 من قانون العمل المصري بأنه: “يحظر على صاحب العمل أثناء المفاوضة اتخاذ إجراءات أو إصدار قرارات تتعلق بالموضوعات المطروحة للتفاوض إلا عند قيام حالة الضرورة والاستعجال، ويشترط أن يكون الإجراء أو القرار في هذه الحالة مؤقتا”.
[28]– عبد اللطيف خالفي: م س، ص: 343.
[29]– محمد نصر الدين منصور: “المفاوضة الجماعية”، بحث مقدم إلى مركز الدراسات والبحوث القانونية، كلية الحقوق جامعة القاهرة، 1999.
[30]– نلاحظ أن المشرع استعمل لفظ “أو” التي تفيد بأن تدوين نتائج المفاوضة قد تتم في شكل محضر كما يمكن أن تتم في شكل اتفاق دون أن يميز المشرع بين الطبيعة القانونية لكل منهما.
[31]– المواد 104 وما بعدها.
[32] – محمد الشرقاني: م س، ص:297.
[33] – كالمشرع المصري من خلال المادة 156 و163 من قانون العمل.