و بعد المداولة طبقا للقانون
أسباب الطعن بإعادة النظر
حيث يعيب الطاعنان القرار بعدم مراعاة مقتضيات الفصل 372 من قانون المسطرة المدنية ذلك أن دفاع الطاعنين لم يبلغ بالقرار بالتخلي ولم يبلغ بالجلسة التي تم تعيين القضية فيها، ومن المعلوم أنه من حق وكلاء الأطراف تقديم ملاحظاتهم الشفوية المنصوص عليها في الفصل 372 من المسطرة المدنية، ولا يتأتى لهذا وجود فعلي إلا بتبليغ الأمر بالتخلي وإعلام كل الأطراف بالجلسة.
لكن، ردا على السبب أعلاه فإن مقتضيات الفصل 379 من قانون المسطرة المدنية الذي يحد أسباب إعادة النظر حصرا لم يجعل من أسباب إعادة النظر عدم تبليغ القرار بالتخلي للأطراف أو عدم تبليغهم بالاستدعاء للجلسة لا يكون ذلك سببا لإعادة النظر إلا إذا كان دفاع أحد الأطراف طلب الإذن للمرافعة بالجلسة ولم يستدعى لها وهو ما لم يحصل في النازلة ، فالسبب بالتالي غير جدير بالاعتبار.
فيما يخص الفرع الأول من السبب الثاني المتفرع إلى ثلاثة فروع.
حيث يعيب الطاعنان القرار فيه بعدم مراعاته مقتضيات الفصل 375 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص لزوم على ذكر بيانات معينة منها أسماء المترافعين المقبولين أمام المجلس الأعلى الذي رافعوا في الدعوى إلا أنه لا ذكر لاسم دفاع الطاعنين بالقرار المطعون بإعادة النظر فيه.
لكن، ردا على هذا الفرع المذكور فإن إسم دفاع المطلوبين في قرار النقض أعلاه مذكور باسم الأستاذ ….. وأن الخطأ المادي الذي لحق القرار بخصوص اسم دفاع المطلوبين لا يكون سببا لإعادة النظر إذ أنه طبقا للفقرة ب من الفصل 379 من قانون المسطرة المدنية إنما يخول صاحب المصلحة طلب تصحيح القرار إذا كان من شأن ذلك الخطأ أن يكون قد اثر فيه، وهو ما لم يحصر في النازلة مما ينبغي معه رد هذا الفرع من السبب أعلاه.
وفيما يخص الفرعين الثاني والثالث من السبب الثاني أعلاه.
حيث يعيب الطاعنان القرار أعلاه في الفرع الثاني بكونه لم يذكر النصوص المطبقة واكتفى بالقول بأنه “لئن كانت الحيازة شرط صحة في الهبة فإن عدم تسجيلها بالرسم العقاري قبل حصول المانع للواهب لا تأثير له على صحتها ولا يؤدي إلى بطلانها، إذا ثبتت حيازة الموهوب له فعليا للعقار الموهوب قيد حياة الواهب”.
وفي الفرع الثالث من نفس السبب فإن الفصل 375 من قانون المسطرة المدنية يفرض أن تكون القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى معللة، وأن انعدام التعليل يتجلى في عدم الجواب عما كان تعليلا مستندا للقرار الاستينافي المنقوض من جهة أولى أو عدم الجواب عما أثاره الطاعن، وكذا عدم الجواب عما تمسك به المطعون ضده. وأن الوسيلة التي أثارها الخصم تتلخص في أن الحيازة الفعلية، حالة مستقلة عن التقييد في الرسم العقاري وسابقة عنه.
وأنه حتى إذا ثبتت الحيازة الفعلية التي تتمسك بها المستانفة فإن الحيازة القانونية لعقار محفظ موهوب لا تثبت إلا بتسجيل عقد الهبة بالرسم العقاري وفي حياة الواهب، وأنه بمقتضى الفصلين 66 و67 من ظهير 12-08-1913 المتعلق بنظام التحفيظ العقاري يتعين لاعتبار وجود التبرع تسجيل سنده على الرسم العقاري للملك المتبرع به (محضر الإجتماع الثالث لمجلس الرؤساء بالمجلس الأعلى بتاريخ 20-09-1995) وللنظر ثانية إلى ما رد به الطاعنان أمام المجلس الأعلى على الوسيلة والمعتمدة في مذكرة الجواب، بأنه مادام العقار محفظ فإن تلك الحيازة لا تكون إلا بتقييد عقد الهبة بالرسم العقاري بما أن الحقوق العينية لا تنتج أثرا بين الأطراف إلا من تاريخ التقييد الفصل 67 من ظهير 12-08-1913 فإن الحيازة بناء على ذلك يجب أن تكون حيازة فعلية مقرونة بالحيازة القانونية مستند على محضر اجتماع رؤساء الغرف بالمجلس الأعلى المشار إليه. وأن القرار المطعون فيه بإعادة النظر اكتفى بإصدار حكم أو رأي مفاده أن الحيازة الفعلية كافية للقول بصحة التبرع حتى ولو لم يقيد قبل حصول المانع دون أن يرد بحرف واحد على ما تمسك الطاعنان تقيد لهذا الرأي.
لكن، ردا على الفرعين المذكورين أعلاه فإن اعتبار القرار المطعون بإعادة النظر أن ما يتطلب لصحة الهبة هو وجود حيازة فعلية قبل حصول المانع هو تأصيل وذكر القاعدة الفقهية الواجبة التطبيق القائلة – والحوز شرط حصة التحبيس … قبل حدوث موت أو تفليس-. والقرار المطلوب إعادة النظر فيه أجاب على ما أثره المطلوبان في النقض بمذكرة جوابهم بأن عدم تقييد الهبة بالسجل العقاري قبل حصول المانع لا تأثير له على صحة الهبة متى تمت الحيازة فعليا، وبلك فإن ما يتمسك به الطاعنان في الفرعين أعلاه إنما هو مناقشة المجلس الأعلى في تعليلاته، وذلك لا يدخل ضمن الأسباب المحددة حصرا في الفصل 379 من قانون المسطرة المدنية مما ينبغي معه رد الطلب.