و بعد المداولة طبقا للقانون .
حيث يؤخذ من وثائق الملف والقرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بوجدة في 11/12/2003 رقم 3086 أن المطلوبين في النقض ادعوا لدى ابتدائية وجدة أنه بتاريخ 19/12/1997 أجروا قسمة عينية مع أحد المدعى عليهم ….. في متروك مورثهم وحاز كل واحد ما نابه ، وأصبح يتصرف فيه سواء بالبيع أو الكراء ، إلا أن القسمة لم يتم إيداعها بالمحافظة العقارية ، وبعد استكمال الإجراءات الإدارية لإيداع مشروع القسمة فوجئ المدعون بقيام أحد المدعى عليهم …… الذي لا يملك سوى نصف المحل التجاري الواقع أسفل العمارة بمعية والدته ……… التي تملك النصف الآخر بنفس المحل التجاري موضوع الرسم العقاري عدد 430/02 ببيع أجزاء من جميع الشقق والمحلات الموجودة بالعمارة المسماة ( السلطاني ) الكائنة بشارع لخضر غيلان بوجدة للمدعى عليهما الثاني والثالث على الرغم من أنه لم يعد يملك فيها حسب القسمة الفعلية التي أجريت أمام الموثق منذ أواخر 1997 أي النصف فيما آلت الشقق الأخرى إلى المدعين ، وأن المدعى عليهما كانا عالمين بوقوع القسمة بين الورثة بدليل أنهما تقدما إلى الموثق….. وطلبا منه تحرير عقد شراء من المدعى عليه الأول محمد سلطاني بخصوص النصف الذي آل إليه في المحل التجاري المذكور وطلب منهما الموثق الانتظار إلى حين حصوله على الإذن النهائي من طرف قاضي القاصرين ، وبما أن سوء نية المشتريين ثابتة لأنهما كانا عالمين بوقوع القسمة بين الورثة وحيازة كل وارث لما نابه، وأن عقد البيع يعتبر باطلا لكون البائع باع حقوقا آلت إلى العارضين بمقتضى قسمة حررت بحضور الورثة وموافقتهم بما فيهم المدعى عليه أمام الموثق . طالبين الحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ في 8/7/1999 والتشطيب عليه من الرسوم العقارية من 93.428 إلى 93.444 . أجاب المدعى عليه الأول محمد سلطاني بمذكرة اعترف فيها بكون القسمة تمت بتاريخ 19/12/1997 بحضور جميع الورثة أمام الموثق وحاز كل وارث منابه وأصبح يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه ، وأنه باع القطعة الأرضية رقم 9 الكائنة بطريق العونية لعبد الله زكاغ بمقتضى العقد المؤرخ في 21/4/1998 ، وقام بتاريخ 10/9/1998 بكراء المحل التجاري الذي نابه ووالدته مناصفة بينهما ” المسمى رولان ” وبتاريخ 12/5/1999 باع القطعة الأرضية البالغة مساحتها 3819 م2 وفي شهر أبريل 1999 أبرم عقد وعد بالبيع لدى الموثقة الهاشمي سليمة يتعلق بنصف المحل التجاري الكائن أسفل العمارة للمدعى عليهما الثاني والثالث …….. و……….بعد أن أطلعهما على أن التركة قد تمت قسمتها ، وقد استغل المشتريان خلال شهر يونيو 1999 الضائقة المالية التي كان يمر بها وحاولا الضغط عليه ففوت لهما حظه المشاع في الرسم العقاري رغم علمهما بوقوع القسمة لأن حقه المشاع يفوق بكثير قيمة نصف المحل التجاري ، كما أجاب المدعى عليهما الثاني والثالث ………….. ( طالبا النقض ) أن دعوى المدعين عديمة الأساس لأنهما اشتريا من البائع لهما ما يملكه في الشياع وقيدا مشتراهما بالمحافظة العقارية ، وأن المطالبة ببطلان عقد البيع من طرف أشخاص لا علاقة لهم بالعقد ، وأن القول بوجود قسمة قبل عملية البيع قول مجرد لعدم تقييدها بالرسم العقاري . فأصدرت المحكمة الابتدائية حكما بإبطال عقد البيع المؤرخ في 05/7/1999 المبرم بين المدعى عليه الأول والمدعى عليه الثاني والثالث والتشطيب عليه من الرسوم العقارية من 93429 إلى 93440 وبأمر المحافظ على الأملاك العقارية بوجدة بتسجيل مقتضيات هذا الحكم عند صيرورته نهائيا . استأنفه ………….. وأيدته محكمة الاستئناف بعلل منها أن ما أثير بخصوص أحقية الطاعنين في التمسك بالفصلين 66 و67 من قانون التحفيظ العقاري فإنه ثبت من خلال وثائق الملف وتصريحات البائع والمستأنفين أن إقدامهما على ما أنجز من بيع أنهما علما بوجود مشروع قسمة بين الورثة ، وأنهما ذهبا إلى الموثقة سليمة بهاشمي لكتابة العقد بعد أن أخبرهما الموثق ……. أنه لن يكتب لهما عقد البيع لوجود قسمة بين البائع لهما …….. وباقي الورثة كما ثبت من محضر جلسة الدعوى الجنحية ومحضر البحث وجود العلم لدى المشتريين بوقوع القسمة مما يدل على سوء نيتهما ويتجلى ذلك أيضا في أن عقد البيع أبرم على حصة البائع في المتجر ليجعلوه بعد التعديل منصبا على حقوق البائع المشاعة رغم وجود قسمة وأن الجزاء المترتب عن هذا التصرف هو حرمانهم من الاستفادة من حجية التسجيل بالرسم العقاري … الخ وهو القرار المطلوب نقضه .
/ فيما يخص الوسيلة الأول المتخذة من خرق الفصل الأول من ق م م
ذلك أن ما عللت به المحكمة المطعون في قرارها من توافر صفة ومصلحة المدعين – المطلوبين في النقض – في التقاضي تعليل لا أساس له ، فالعقد موضوع الدعوى أبرم بين الطاعنين بصفتهما مشتريين والمطلوب حضوره …….. بصفته بائعا مالكا للمدعى فيه على الشياع ، وأن طلب المدعين إبطال عقد ليسوا طرفا فيه ولم يمس أي حق من حقوق المطلوبين في النقض الذين لا حق لهم في طلب إبطال عقد لم يكونوا طرفا فيه فمصلحة المطلوبين في النقض كانت تقتضي قيامهم باستشفاع المبيع من يد الطاعنين ، وهي المسطرة القضائية التي تحمي مصلحتهم كمالكين على الشياع إلى جانب المطلوب حضوره البائع للطاعنين . وليس إبطال عقد ليسوا طرفا فيه والتشطيب عليه . علما أن أحد المطلوبين في النقض وهي السيدة ………. أصالة عن نفسها ونيابة عن محجورتها ………سبق لها أن مارست استشفاع المبيع – موضوع الدعوى – إلا أن طلبها انتهى بالرفض .
لكن حيث إن المطلوبين – بصفتهم مدعين يدعون الحق لأنفسهم لا لغيرهم ، وأن الهدف من دعواهم هو تحقيق منفعة لهم بإبطال عقد مس بحق ملكيتهم على العقارات المبيعة فإن صفتهم ومصلحتهم قائمة ، وهو ما عللت به المحكمة قرارها من أن العقد المطلوب إبطاله والتشطيب عليه انصب على حقوق اكتسبها المدعون من عقد القسمة المنجز – وقد تضررت مصلحتهم من عقد البيع المذكور وأن داعي تحريك الدعوى مبعثه الحفاظ على هذه المصلحة كما أن المحكمة ثبت لها من مناقشة الدعوى انتهاء حالة الشياع بالقسمة التي تم إجراؤها بين الشركاء واعتبرت نتيجة لذلك وعن صواب أن المطلوبين محقين في المطالبة بإبطال عقد البيع الذي انصب على حقوقهم التي آلت إليهم نتيجة القسمة المذكورة . وأن ما انتهت إليه المحكمة لا يشكل أي خرق للفصل الأول من ق م م المحتج به والوسيلة على غير أساس .
// فيما يخص الوسيلة الثانية المتخذة من خرق الفصلين 66 و67 من ظهير التحفيظ العقاري . ذلك أن ما أشير إليه ضمن القرار للقول بسوء نية طرفي العقد عديم الأســـاس ولا يشكل تبريرا للقول بسوء نية طرفي العقد وحرمان الطاعنين من الاستفادة من حجية تسجيل مشتراهم بالرسم العقاري لكون المحكمة لم تبرز سوء نية طرفي العقد ولم ترد على دفوع الطاعنين ومذكرات المحافظ على الأملاك العقارية ، والإشهاد الصادر من المطلوب حضوره البائع للطاعنين ، فالعقد موضوع الدعوى أبرم أمام الموثقة …… بتاريخ 08/7/1999 وتم تقييده بالسجـلات العقاريـة بتاريخ 15 يوليوز 1999 في حين أن القسمة المحتج بها تم تحريرها من طرف الموثق ………. بتاريخ 21/8/1999 ، وأن تقييده بالسجلات العقارية لم يتم حتى تاريخ 7 غشت 2000 ، وبذلك فإن عقد القسمة وخلافا لما جاء في تعليلات الحكم المطعون فيه قد أنجز في تاريخ لاحق لعقد البيع موضوع الدعوى ، كما أن تاريخ إيداعه بالسجلات العقارية تم بدوره بعد أزيد من سنة من تاريخ تقييد عقد البيع ، وأن ما أشير إليه ضمن حيثيات القرار للقول بسوء نية طرفي العقد بدعوى استبدال عقد وعد ببيع المتعلق بالمتجر ( هكذا ورد ) لا يشكل تبريرا للقول بسوء نية طرفي العقد وحرمان الطاعنين من الاستفادة من حجية تسجيل رسم مشتراهم بالرسم العقاري .
لكن فمن جهة أولى لئن كان الفصلان 66 و67 من ظهير التحفيظ العقاري ينصان على أن كل حق عيني وكل اتفاق أو تعاقد غير مقيد بالرسم العقاري يعتبر غير موجود تجاه الأغيار فإن الفقرة الأخيرة من الفصل 66 تتطلب حسن النية في الشخص المقيد ، وأن المحكمة أبرزت وعللت بما فيه الكفاية عنصر سوء النية بتعليلاتها الواردة أعلاه باعتبارها محكمة موضوع وباعتبار أن عنصر حسن النية أو سوءها مسألة واقع موكول لسلطتها وتقديرها ولا تخضع في ذلك لرقابة المجلس الأعلى ، ومن جهة ثانية فإن الثابت أن القسمة تمت بين الشركاء أمام الموثق يوم 19/12/1997 بمجرد التعبير عن إرادتهم بإجرائها وأن تحرير هذا العقد بتاريخ لاحق عن تاريخ البيع لا يعني أن تصرف الشركاء بإجراء القسمة كان لاحقا عن تاريخ البيع ، وما ورد بتعليلات المحكمة المنتقدة في شأن تاريخ القسمة هي تعليلات سليمة تبرر ما انتهت إليه في تعليل قرارها والوسيلة في فرعيها على غير أساس .
/// فيما يخص الوسيلة الثالثة المتخذة من خرق الفصل 451 من ق ل ع .
ذلك أن ما ردت به محكمة الاستئناف على الدفع المتعلق بسبقية الفصل من كون الحكم الجنحي لم يتضمن أية مناقشة تتعلق ببطلان أو إبطال العقد موضوع الدعوى في حين أن الحكم الجنحي المدلى به قضى برفض طلبات المطلوبين في النقض المشتكيين المتعلقة بإبطال عقد البيع مع أن الطاعنين لم يدليا فقط بالحكم الجنحي بل أدليا أيضا بمذكرة الطلبات المدنية للمطلوبين في النقض أمام القضاء الزجري.
لكن حيث إن سلطة المحكمة الجزائية في إطار الدعوى المدنية التابعة تتحدد في التعويض عن الأضرار الناتجة عن الفعل الجرمي ولا تمتد إلى غير ذلك . ولذلك فالمطالبة بإبطال عقد البيع موضوع الدعوى الحالية هي بطبيعتها تخرج عن نطاق الدعوى المدنية التابعة ولا تختص بنظرها المحكمة الجزائية ، وأن ما عرض سابقا على القضاء الجزائي في شأن إبطال عقد البيع لا تأثير له على الدعوى الحالية وصحتها أمام القضاء المدني مما لم يرد معه أي خرق للفصل المحتج به والوسيلة على غير أساس .