السياسة  الإفريقية للمغرب في المرحلة الأولى للإستقلال

السياسة  الإفريقية للمغرب في المرحلة الأولى للإستقلال

الطالب الباحث رشيد الخلوقي

 EL KHALLOUKI RACHID

 كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – جامعة محمد الأول – وجدة.

[email protected]

ملخص البحث

من خلال هذه الدراسة، تم تحليل السياسة الإفريقية التي اتبعها المغرب بعد حصوله على الإستقلال من أجل استرجاع القطر الموريتاني، والتي فشلت في تحقيق ما كانت تطمح إليه، فموريتانيا حصلت على استقلالها، ونالت العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة، كما اعترفت بها معظم الدول الإفريقية.

الممارسة الإفريقية للمغرب خلال هذه الفترة مكنته من الخروج من عزلته الإفريقية ولو بصفة مؤقتة، خصوصا أنها أدخلت في القارة الإفريقية مبادئ ثورية جديدة، كمبدأ عدم الانحياز، ومفهوم الاستعمار الجديد، إلا أن تداعياتها كانت سلبية فيما بعد، فقد فرضت عليه عزلة إفريقية دامت لمدة عقد من الزمن، فالدول القليلة التي ساندته بخصوص مطالبه الترابية سرعان ما تراجعت عن مواقفها السابقة، وتزامن ذلك مع تفكك مجموعة الدار البيضاء.

بالنسبة لنزاع الحدود مع الجزائر، فرغم أن المغرب كان محقا في مطالبه الترابية، إلا أن ملف النزاع كان استمرارا لتداعيات الملف الموريتاني، وزاد من تأزيم وضعية المغرب إفريقيا، خصوصا أن فترة النزاع واكبت تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، التي أخذت بمبدأ احترام الحدود القائمة، والذي ساندته معظم الدول الإفريقية.

مبدأ احترام الحدود القائمة، دعم موقف الجزائر بقوة، التي قامت بحملة دبلوماسية مكثفة على الصعيد الإفريقي، مستغلة ثقلها السياسي والدبلوماسي، ووضعيتها الإقتصادية المريحة، لترسيخ أطروحتها، وتعميمها إفريقيا، على أن المغرب ينهج سياسة توسعية إقليمية على حساب جواره المباشر.

بفعل صراعها مع المغرب، رفعت الجزائر سقف مطالبها، وأصبحت لها حسابات استراتيجية وجيوسياسية في المنطقة، محاولة منها فرض الهيمنة على المستوى الإقليمي، فكانت الوسيلة المتاحة أمامها، تطويق المغرب وعزله عن محيطه الإفريقي، مستغلة التطورات التي كانت تعرفها قضية الصحراء الغربية، ولتحقيق ذلك، جندت الجزائر دبلوماسيتها وإمكانياتها على الصعيد الإفريقي، دفاعا عن حق تقرير مصير الشعب الصحراوي.

الكلمات المفاتيح:

– السياسة الإفريقية للمغرب – استكمال الوحدة الترابية للمغرب – المسألة الموريتانية – مجموعة الدار البيضاء – نزاع الحدود مع الجزائر- حرب الرمال- منظمة الوحدة الإفريقية – قدسية الحدود الموروثة عن الإستعمار.

مقدمة

بعد حصوله على الإستقلال ارتبطت سياسة المغرب الإفريقية بمخلفات الفترة الاستعمارية، وذلك بفعل الكيفية التي حصل بها على استقلاله، التي تركته مجزأ وغير تاما، وبالتالي كان عليه الدخول في معركة دبلوماسية لتحقيق مطالبه الترابية وفق حدوده التاريخية.

كانت البداية، المطالبة بالقطر الموريتاني الذي كان خاضعا للإحتلال الفرنسي، وبفعل عدم قدرته على الدخول في مواجهة عسكرية تحريرية ضد فرنسا، كان السبيل الوحيد أمام المغرب، هو اللجوء إلى معركة دبلوماسية على الصعيد الإفريقي، حددت بشكل كبير طبيعة ممارسته الإفريقية.

ملف آخر أثر على علاقات المغرب الإفريقية في المرحلة الأولى للإستقلال، وكان من محدداتها الأساسية، وهو نزاع الحدود مع الجزائر حول الصحراء الشرقية، والذي وصلت تداعياته إلى درجة نشوب مواجهة عسكرية على طول الشريط الحدودي بين البلدين، طيلة شهر أكتوبر 1963، في إطار ما عرف بحرب الرمال.

ورغم توصل المغرب والجزائر إلى تسوية قانونية، وضعت حدا لنزاع الحدود بينهما، إلا أن هذا الملف كانت له انعكاسات كبرى على المستوى الإفريقي، سواء خلال فترة النزاع، أو على الممارسة المغربية الإفريقية في توجهاتها اللاحقة.

فكيف أثرت مسألة استكمال المغرب لوحدة الترابية على ممارسته الإفريقية في المرحلة الأولى للإستقلال؟

للإجابة عن هذه الإشكالية سنقوم بدراسة مرحلة استكمال المغرب لوحدته الترابية غداة نيله للاستقلال، وانعكاسات ذلك على ممارسته الإفريقية، وذلك من خلال التصميم التالي:

الفرع الأول : مطالب المغرب تجاه موريتانيا وتأثيرها في سياسته الإفريقية.

الفرع الثاني : النزاع المغربي الجزائري حول الحدود وانعكاساته الإفريقية.

الفرع الأول: مطالب المغرب تجاه موريتانيا وتأثيرها في سياسته الإفريقية

شكلت القضية الموريتانية المحطة الأساسية الأولى لنشاط الدبلوماسية المغربية، كما حددت طبيعة ممارستها الإفريقية، فمباشرة بعد الاستقلال، تشكلت مواقف داخل المغرب طالبت بضم إقليم موريتانيا، مستندة في ذلك على مجموعة من الحجج التاريخية والقانونية (الفقرة الأولى).

مباشرة بعد إعلان الموقف الرسمي من القضية الموريتانية، تحركت الدبلوماسية المغربية لإفشال الخطوة الفرنسية، وكبح الاستقلال الموريتاني الوشيك، وبفعل الثقل الدبلوماسي لفرنسا، لم يستطع المغرب مجاراتها على المستوى الدولي، لذلك ركز في سياستة الخارجية على الدول الإفريقية المناهضة للوجود الفرنسي في القارة الإفريقية، محاولة منه الحصول على تأييد ومساندة منها بخصوص أحقيته في  إقليم موريتانيا. (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تبلور الموقف المغربي حول استرجاع موريتانيا

أولا: الحجج التاريخية والقانونية حول مغربية موريتانيا

أ: الحجج التاريخية

شكلت موريتانيا أو ما يسمى ببلاد شنكيط الإمتداد الجغرافي والتاريخي للمغرب منذ القدم، فمختلف الدول التي تعاقبت على حكم المغرب كبلد مستقل عن المشرق العربي كان لها امتداد في هذا الإقليم، فالعلاقات الأولى بين المغرب وموريتانيا ترجع إلى الدولة المرابطية (1147-1040م) التي أسست إمبراطورية قوية تجمع الطرفين، إلا أنه بعد تفكك هذه الأخيرة سوف تضعف وتنحسر العلاقات بين الجانبين[1].

لم تستمر هذه القطيعة لمدة طويلة، فالعلاقات المغربية الموريتانية عادت إلى سابق عهدها مباشرة بعد وصول الدولة الموحدية للحكم في المغرب (1269-1121م)، حيث امتدت سلطتها لتشمل منطقة أدرار Adrar بموريتانيا[2].

بعد تفكك الدولة الموحدية سيتراجع النفوذ المغربي في موريتانيا، وذلك في عهد الدولة المرينية (1465-1244م)، والدولة الوطاسية (1554-1472م)، إلا أنه بعد تولي الدولة السعدية حكم المغرب (1659-1554)، أصبحت السياسة الصحراوية المغربية أكثر فعالية مع السلاطين السعديين، حيث وصلت الحملة الأولى التي قام بها السلطان محمد الشيخ تجاه هذا الإقليم إلى منطقة وادان Ouadâne وسط موريتانيا[3]، بعد ذلك سيواصل السلطان أحمد المنصور تعزيز مكانة السلطة المغربية في موريتانيا، من خلال تنظيم رحلات استكشافية لهذه الأخيرة، كما أنشأ بها طريق صحراوي أخد اسم أحد مساعديه، وهو القائد العسكري جودر[4].

بعد توليها حكم المغرب سنة 1631، اهتمت الأسرة العلوية هي الأخرى بإقليم موريتانيا، حيث قام سلاطينها الأوائل بجولات تفتيشية إلى المنطقة، ومن أبرزهم المولى رشيد، إلا أن الإهتمام الأكبر كان في عهد السلطان المولى إسماعيل الذي قام بزيارة لمنطقة أدرار الموريتانية سنة 1679، وحصل على مبايعة معظم قبائل المنطقة، إضافة لذلك، فقد قام بدور الوساطة لتسوية خلافاتهم الداخلية[5].

مع نهاية القرن التاسع عشر، بدأ التدخل الفرنسي في الإقليم الموريتاني، بهدف تحقيق مجال أوسع لإمبراطورية فرنسية تمتد من السينغال إلى البحر الأبيض المتوسط، مرورا بصحراء المغرب والجزائر، وفي سنة 1903 دخل هذا المشروع حيز التنفيذ، حيث أحدثت الحكومة الفرنسية ما يعرف بالإقليم المدني الموريتاني كامتداد لإفريقيا الغربية الفرنسية[6].

خلال فترة الاحتلال هذه، سيتجدد الارتباط الموريتاني بالمغرب، حيث قاد الشيخ ماء العينين بعثة موريتانية تضم زعماء القبائل إلى مشور فاس، بغرض طلب المساعدة من السلطان مولاي عبد العزيز لمواجهة الاحتلال الفرنسي للمنطقة[7]، وفعلا استجاب السلطان المغربي لهذا الطلب من خلال إرسال الدعم والأسلحة مع المولى إدريس[8]، ولقد واصل إبنه الهيبة بن ماء العينين المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي في المغرب ذاته إلى غاية انهزامه في معركة سيدي بوعثمان شمال مراكش سنة 1912، إذن وحتى هذا التاريخ لم يكن هناك أي مبرر للتشكيك في تبعية الإقليم الموريتاني للمغرب كغيره من الأقاليم الأخرى التي توصف أحيانا بمناطق السيبة، مقابل المناطق التي كانت قريبة في موقعها الجغرافي من مركز السلطة السياسية في البلاد[9].

ب: الفقرة الثانية : الحجج القانونية

إذا كانت هناك حجج وبراهين تثبت مغربية موريتانيا، وتؤكد وجود علاقات تاريخية قائمة منذ القدم بين الإقليم الموريتاني والدولة المغربية، فإن هناك عدة وثائق دولية تعترف هي الأخرى بممارسة السيادة المغربية على موريتانيا، ومن ضمنها نجد الإتفاقيات الدولية التي عقدتها الدول الأوربية الإمبريالية مع بداية القرن العشرين لتسوية خلافاتها حول المغرب، فمؤتمر الجزيرة الخضراء الذي تم عقده في 16 يناير 1906 لتقرير مصير المغرب كمستعمرة أوربية، بمشاركة 12 دولة أوربية، بما فيها، فرنسا، بريطانيا، إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا، وبوساطة أمريكية تمثلت في حضور الرئيس الأمريكي روزفلت، نص على أن حدود المغرب تمتد إلى نهر السينغال[10].

اعتراف الدول الأوربية بمغربية موريتانيا ولو بشكل ضمني، تجلى كذلك في الرسائل الملحقة للاتفاقية الفرنسية الألمانية لسنة 1911، التي أكدت على أن المغرب يشمل كل جزء من إفريقيا الشمالية، الممتدة بين إفريقيا الغربية الفرنسية والمستعمرة الإسبانية ريو دي أورو (وادي الذهب)[11] .

ومن خلال هذه المراسلات، يبدو أن فرنسا وألمانيا اتفقتا على أن حدود المملكة المغربية تضم منطقة الساقية الحمراء، إضافة إلى موريتانيا التي لم تكن بعد ملحقة بإفريقيا الغربية الفرنسية.

ثانيا: مطالبة المغرب باسترجاع موريتانيا

أمام رغبة فرنسا بإجراء استفتاء دستوري بموريتانيا في 03 شتنبر 1958، ورفضها فتح أي مفاوضات مع المغرب، لم يجد هذا الأخير أمامه سوى الإفصاح عن موقفه بشكل واضح ورسمي[12]، وقد اتضح هذا الموقف من خلال خطاب العاهل المغربي آنذاك الملك محمد الخامس في 25 فبراير 1958 بمحاميد الغزلان، الواقعة أقصى جنوب المغرب، والذي جاء فيه: “…وإن ما يسعدنا أن يستقبلنا في قرية المحاميد التي هي باب صحراء المغرب، أبناؤنا الذين استقبلوا جدنا في قرية أخرى من الركيبات وتكنة وأولاد دليم، وسواها من القبائل الشنكيطية، وأن نستمع إليهم، ومعهم فقهاءهم وأدباءهم، وهم يؤكدون لنا كما أكد أباؤهم لجدنا تعلقهم بالعرش العلوي، واستمساكهم بعروة المغرب الوثقى التي لا انفصام لها، وإننا نحيي نفوسهم الأبية وعزيمتهم القوية، ونرحب بهم في وطنهم وبين أهليهم، ونؤكد لهم بدورنا، وليبلغ الشاهد منهم الغائب، أننا سنواصل العمل بكل ما في وسعنا لاسترجاع صحرائنا، وكل ما هو ثابت لمملكتنا بحكم التاريخ ورغبات السكان…[13].

مباشرة بعد هذا الخطاب، التحقت بعض الزعامات القبلية الموريتانية بالمغرب، وأعلنت البيعة للعرش العلوي مناقضين بذلك السياسية الفرنسية بالمنطقة، ومن بينهم، حرمة ولد بابانا من قبائل الزوايا، إد واعلي الذي كان يسيطر على الساحة السياسية الموريتانية من 1946 إلى غاية 1950، وأمير قبائل الترارزة فال ولد عمير، والداي ولد سيدي بابا وزير السكنى والأملاك العامة، ومحمد المختار ولد باه وزير التعليم، والشيخ أحمد ولد سيدي مدير صندوق التضامن الاجتماعي، ومحمد إسماعيل ولد عبيدان، وتعتبر هذه الشخصيات من أهم رجال السياسة والمجتمع في موريتانيا، ومن دعائم الإدارة المحلية[14].

اتضح الموقف الرسمي للمغرب بخصوص المسألة الموريتانية أيضا من خلال التصريح الذي أدلى به ممثل المغرب لدى الأمم المتحدة في 25 أكتوبر 1958، حيث أكد المغرب ولأول مرة على حقوقه في موريتانيا، وسيدي إفني ووادي الذهب[15].

هذا الموقف الرسمي المعلن عنه من طرف الملك محمد الخامس، لقي دعما من طرف الزعيم التاريخي لحزب الاستقلال الذي كان سباقا إلى إثارة هذا الملف، وذلك بتأكيده على أن الحدود التاريخية والطبيعية للمغرب تمتد من طنجة شمال المغرب إلى نهر السينغال جنوبا[16]، كما دعم هذه الأطروحة بعض الأحزاب السياسية المغربية أنداك، كحزب الديمقراطية والإستقلال، والحزب الشيوعي المغربي[17].

داخل الحكومة المغربية، ظهرت مواقف معارضة لمنطق الضم وكانت مع مبدأ تقرير مصير الشعب الموريتاني، ومن أهمها موقف عبد الله إبراهيم، عبد الرحيم بوعبيد، والمنتمين لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية[18]، وقد إلتقى موقف هذا الأخير مع موقف ولي العهد آنذاك الأمير مولاي الحسن، الذي كان مخالفا للاتجاه الذي يدعو إلى الضم وفي صالح تقرير مصير موريتانيا[19].

رغم هذه التحركات الدبلوماسية، لم يتمكن المغرب من استرجاع إقليم موريتانيا بفعل صلابة الموقف الفرنسي، وحدوث عدة تحولات سياسية في القارة الإفريقية، وكذلك بفعل الظرفية الدولية السائدة أنذاك، فموريتانيا حصلت على استقلالها في 28 نونبر 1960، وتمكنت من الحصول على العضوية الكاملة داخل منظمة الأمم المتحدة، ثم في منظمة الوحدة الإفريقية بعد ذلك.

هذه الأحداث أجبرت المغرب إلى التنازل التدريجي عن حقوقه في موريتانيا، والاتجاه نحو مسلسل التسوية الذي انتهى بالاعتراف باستقلال القطر الموريتاني.

الفقرة الثانية: تأثير القضية الموريتانية على العلاقات المغربية الإفريقية

أولا: التحرك المغربي على المستوى الإفريقي لاسترجاع موريتانيا

تميزت مرحلة مطالبة المغرب بموريتانيا بانقسام دول القارة الإفريقية إلى مجموعتين من الدول، مجموعة ثورية في أفكارها واتجاهاتها، وبمعاداتها للاستعمار في كل أشكاله، ومجموعة محافظة ومعتدلة، تؤمن بضرورة استمرار التعاون مع الدول الغربية، وقد اختلفت مواقف المجموعتين بالنسبة للمشاكل السياسية التي كانت تعرفها القارة الإفريقية آنذاك، ومن ضمنها القضية الموريتانية.

انطلاقا من هذه الأرضية، فقد حصل المغرب على تأييد ومساندة من طرف الدول الإفريقية التقدمية الثورية، والمعروفة بعدائها للوجود الفرنسي داخل القارة الإفريقية (أ)، في المقابل فقد عارضت الدول المعتدلة والمتعاونة مع الإستعمار القديم المطالب المغربية في موريتانيا (ب).

أ : المواقف الإفريقية المساندة لمطالب المغرب في موريتانيا

في إطار نزاع المغرب مع فرنسا حول أحقيته في القطر الموريتاني، اتجه المغرب في ممارستة الخارجية إلى الدول الإفريقية التقدمية الثورية، المعروفة بمناهضتها للاستعمار  بشتى أنواعه، وقاد حملة دبلوماسية مكثفة، من خلالها استطاع جلب دعم هذه الدول الإفريقية، ومن أهم هذه المبادرات نجد:

كسب الدعم المصري لانتزاع تأييد الجامعة العربية للملف المغربي

اتسمت فترة مطالبة المغرب بموريتانيا بهيمنة الناصرية على النظام الإقليمي العربي، وهو ما كان يعني استحالة كسب رهان القضية الموريتانية عربيا في غياب أي تعاطف مغربي مع الناصرية، أو بدون التحول إلى الدولة المكافحة للإمبريالية في المنطقة العربية، فضمن هذا الإطار أتت الرحلة الملكية إلى مجموعة من دول المشرق العربي، وفي مقدمتها الجمهورية العربية المتحدة خلال شهر فبراير 1960 للبحث عن سند مصري داخل الجامعة العربية، وإلباس القضية الموريتانية الطابع القومي العربي مثل باقي القضايا القومية الأخرى آنذاك، كالقضية الفلسطينية، والمقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي[20].

نتج عن التقارب المغربي المصري على مستوى السياسة الخارجية، مساندة مصر ودعمها القوي للمطالب الترابية للمغرب، حيث أصدرت اللجنة السياسية للجامعة العربية المجتمعة في شاتورة بلبنان في غشت 1960 عدة قرارات حول هذه القضية، تمثلت في:[21]

– إضفاء الصبغة المغربية على موريتانيا،

– إدانة السياسة الإستعمارية الفرنسية،

– تأييد الموقف المغربي في كل مساعيه،

– المساهمة في إقناع الدول الصديقة لدعم جهود المغرب لاسترجاع أجزائه الترابية.

التدخل العسكري في كتانغا (Katanga) بالكونكو

كان لانفجار أزمة الكونكو سنة 1960، مناسبة للمغرب ليقوم بردة فعل ضد الدول الغربية الإستعمارية، بما فيها فرنسا عائقه الأساسي في عدم تمكنه من استرجاع موريتانيا، فالبلدان الإفريقية المستقلة آنذاك، كانت تعتبر بأن لها الأولوية في تسوية هذه القضية، التي لم تكن في نظرهم كونغولية فحسب، وإنما قضية إفريقيا كلها[22]، لذلك لم يتردد المغرب في الظهور كدولة إفريقية تقدمية، فاتخذ قرار التدخل العسكري في كتانغا (Katanga) بالكونكو تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة، للوقوف إلى جانب باتريس لومومبا Lumumba ضد الانفصالي مويس تشومبي Moise Tshombé الذي حاول الإنفصال بإقليم كتانغا (Katanga)[23].

بهذا التدخل فالمغرب برز كدولة مناهضة للإستعمار، ومنشغل فعليا بسياسة القوى الإستعمارية في إفريقيا، كما حاول إظهار أن القضية الموريتانية مثل قضية Katanga أي مسألة انفصالية[24].

إنشاء مجموعة الدار البيضاء بمبادرة مغربية

نشأت هذه المجموعة نتيجة إنعقاد مؤتمر الدار البيضاء، بناء على دعوة وجهت من الملك محمد الخامس في الفترة ما بين 03-07 يناير 1961، وذلك بعد عدة لقاءات واجتماعات بين ممثلي الدول الإفريقية المشاركة[25].

اشترك في هذا المؤتمر ست دول وهي: المغرب، الجمهورية العربية المتحدة (جمهورية مصر العربية)، غانا، غينيا، مالي، الحكومة الجزائرية المؤقتة[26].

بحث المؤتمر الكثير من الموضوعات، وأصدر العديد من القرارات ذات صبغة سياسية، أهمها قرار خاص بتأييد مطالب المغرب في موريتانيا، فمجموعة الدار البيضاء أعلنت تأييدها لكل عمل يقوم به المغرب في موريتانيا لاسترجاع حقوقه المشروعة فيها، وهي مسألة شائكة لم يتعرض لها المؤتمر إلا استجابة لرغبة المغرب[27].

ب: المواقف الإفريقية المعارضة للمطالب المغربية في موريتانيا

الموقف المعارض لبعض دول الجوار(تونس والسينغال كنموذج)، ومدى تأثيره على العلاقات الثنائية

التأييد التونسي بخصوص مغربية موريتانيا، عرف تغيرا فجائيا بفعل انحياز تونس لأطروحة الدول الإفريقية المعتدلة الموالية لفرنسا، والمعروفة بموقفها المعادي للمطالب المغربية، وتجلى ذلك في موقفها المساند لاستقلال موريتانيا ودعم ترشحها في الأمم المتحدة[28].

طالب المغرب من تونس التراجع عن موقفها، من خلال الرسالة التي بعث بها الملك محمد الخامس إلى الرئيس التونسي لحبيب بورقيبة، وجاء فيها ما يلي: ” لقد بلغ إلى علمنا منذ حين، أن الوفد التونسي بهيأة الأمم المتحدة يقف من قضية موريتانيا موقفا لا يتفق والموقف الذي قرره المغرب تجاه هذه القضية، وأخد على نفسه الدفاع عنه، كما بلغ إلى علمنا ما نشرته بعض الصحف حول ما تذهب إليه الحكومة التونسية بهذا الشأن، وقد كان لهذه المواقف كلها وما أذاعته الصحف أسوأ الأثر في نفوسنا، وتعجبنا أن يقف بلد تربطنا وإياه روابط الصداقة والمودة والإخاء، مثل هذا الموقف، ونحن نأسف له أشد الأسف، ونأسى له أبلغ الأسى، نأمل أن لا يكون ما أنهي إلى علمنا سند من الصحة، وأن يصدر من فخامتكم ما ترجع به المياه إلى مجاريها، فقد ظلت موريتانيا جزءا من التراب الوطني طيلة عصور المغرب التاريخية مرتبطة بنا، متعلقة بعرشنا، ولو صدر لقدر الله من شقيقتنا تونس ما يفت في عضدنا، ويعرقل مساعينا، لكان في ذلك الأثر السيء على علاقتنا بكم بوجه خاص، وبوجه عام على مستقبل المغرب العربي…”[29].

رغم هذا الملتمس، فقد أكدت تونس على موقفها المعادي للمغرب والمساند لاستقلال موريتانيا، وتجلى ذلك من خلال تصريح أحمد صدوق وزير الشؤون الخارجية التونسي، الذي برر موقف بلاده بالقول: “… إن تونس لا ترى من المنطق، ولا من المفيد سياسيا أن تجاري الحكومة المغربية في مطالبها، بمعارضتها مبدأ استقلال موريتانيا وضم هذا القطر الإفريقي للتراب المغربي، وأن المطالبة بالإلحاق لا تتلاءم مع المنطق السياسي الحاضر، وأن تونس لا تعارض استقلال موريتانيا…”[30].

نتج عن الموقف التونسي المناهض للمطالب المغربية في موريتانيا، والذي أدى إلى اعتراف تونس بالدولة الموريتانية المستقلة سنة 1960، قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث تم سحب السفير المغربي من تونس في 24 نونبر 1960، واعتبر الملك محمد الخامس أن الموقف التونسي يعد خرقا سافرا لمعاهدة الإخاء والتضامن الموقعة بين البلدين في 30 مارس 1957.

بالنسبة للسنيغال، فرغم العلاقات التاريخية العريقة التي تجمعها مع المغرب، فقد أعاقت القضية الموريتانية كل مبادرة للتقارب الثنائي بين البلدين، وجسدت الفترة الممتدة بين سنتي 1960 و1964 مرحلة القطيعة والمواجهة، بسبب معارضة السينغال لمطالب المغرب في موريتانيا[31].

موقف السينغال الرافض لأطروحة مغربية موريتانيا، لم يقتصر على رفض الحجج والمستندات التي ارتكز عليها الموقف الرسمي المغربي، وإنما قامت أيضا بحماية وضمان الإستقلال الموريتاني، وذلك من خلال تكريس عزلة المغرب على المستوى الإقليمي، وذلك بإقناع موريتانيا بالانضمام لإطارات تجمعية جهوية تصون استقلالها وتحميها من التهديدات المغربية[32].

بررت السينغال موقفها الرافض للمطالب المغربية باعتبارت قانونية وسياسية، وأن مطالب المغرب هي أطماع توسعية في المنطقة، فقد أعلنت أن هي الأخرى لها حقوقا في المنطقة الموريتانية، إلا أن مبدأ عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار حال دون مطالبتها بهذه المناطق، ففي نظر الرئيس السينغالي سنغور، أنه سواء انتمت موريتانيا في الماضي للمغرب أم لا، فلا يمكن ضم بلد دون استشارة الشعب، لأن العصر هو عصر الاستقلال وتقرير المصير[33].

إلى جانب هذه المبررات، فالأهداف السينغالية خلال هذه المرحلة، تمثلت في رغبتها في الحفاظ على الوضع القائم بالمنطقة لتحافظ على الإمتيازات بعد رحيل فرنسا، وذلك بضمان استمرار موريتانيا كعضو في منظمة غرب إفريقيا، ومن جهة أخرى، كانت للسينغال عدة أطماع في ضم الجزء الجنوبي من موريتانيا، رغم أن هذا المطلب لم يصرح به رسميا خلال فترة مطالبة المغرب بموريتانيا[34].

موقف مجموعة دول برازافيل المعارض للمطالب المغربية

انعقد مؤتمر في مدينة تناناريفو عاصمة ملاغاش(مدغشقر) في 11 شتنبر 1961، أعلن فيه عن ميلاد الدول الإفريقية والملغاشية، والذي ضم: السينغال، إفريقيا الوسطى، الكونكو برازفيل، الغابون، موريتانيا، داهومي (البنين)، ساحل العاج، النيجر، الكاميرون، تشاد، ملاغاش (مدغشقر)، فولتا العليا(بوركينافاسو)، رواندا، الطوغو[35].

حققت مجموعة دول برازافيل الكثير من الإنجازات، كما أثبتت وجودها كقوة ظهرت على مسرح السياسة الإفريقية، كما أن توجهاتها السياسية كانت محافظة ومعتدلة، تؤمن باستمرار التعاون مع الدول الغربية[36].

بالنسبة للمواقف التي تبنتها هذه المجموعة، فقد اختلفت تماما عن مجموعة الدار البيضاء، فقد هنأت مجموعة دول برازافيل موريتانيا باستقلالها الذي تم سنة 1960، ومنحت لها أهمية خاصة من خلال إصدارها في أولى قراراتها الصادرة في تصريح برازفيل، في المقابل أعلنت مجموعة دول الدار البيضاء تأييدها لكل عمل يقوم به المغرب في موريتانيا لاسترجاع حقوقه المشروعة[37].

الفرع الثاني: النزاع المغربي الجزائري حول الحدود وانعكاساته الإفريقية

نتج عن مساندة المغرب للمقاومة الجزائرية، إعلان فرنسا الحرب على المغرب، وذلك في معركة إسلي سنة 1844، هذه المعركة انتهت بانهزام المغرب، وإرغامه على توقيع معاهدة للامغنية سنة 1845، والتي تركت قضية الحدود غامضة بين المغرب والجزائر، وبموجب ذلك، اقتطعت فرنسا عدة مناطق مغربية في الجنوب الشرقي، وضمتها لمستعمراتها في الجزائر، مستغلة الضعف العسكري للمغرب، وكذلك معاهدة الحماية التي فرضتها على المغرب سنة 1912.

بعد حصوله على الاستقلال، ظل المغرب مصرا على حقوقه في الصحراء الشرقية، ورغم الإغراءات الفرنسية، اختار المغرب التفاوض مع الحكومة الجزائرية المؤقتة التي كانت تقود معركة الحصول على الاستقلال، وبعد سلسلة من المفاوضات، توصل الطرفان إلى تأجيل مسألة الحسم في مشكل الحدود إلى غاية استقلال الجزائر، وتم توثيق ذلك في اتفاقية 06 يوليوز 1961.

غداة حصول الجزائر على الإستقلال، بادر المغرب إلى تذكيرها بمطالبه الترابية، وضرورة تنفيذ اتفاقية 06 يوليوز 1961، إلا أن رد الجزائر كان مفاجئا، حيث رفضت الدخول في أي مفاوضات كيفما كان نوعها بخصوص المطالب الترابية للمغرب، مما أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين، ثم الدخول في مناوشات عسكرية على الحدود سنة 1963، عرفت بحرب الرمال (الفقرة الأولى).

بعد اندلاع المواجهات العسكرية بين المغرب والجزائر، تدخلت عدة جهات لإيقاف هذا النزاع، لكنها فشلت في ذلك، إلا أن منظمة الوحدة الإفريقية تمكنت من وقف الإقتتال، ودفع طرفي النزاع إلى مناقشة المشكل أمام مجلس وزراء المنظمة.

رغم أن منظمة الوحدة الإفريقية لعبت دورا مهما في تسوية النزاع المغربي الجزائري حول الحدود، إلا أن ملف النزاع انعكس سلبا على وضعية المغرب في محيطه الإفريقي، وكذلك على ممارسته الافريقية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تطورات الخلاف المغربي الجزائري حول الحدود

أولا: مطالبة المغرب بترسيم حدوده المشتركة مع مستعمرة الجزائر الفرنسية

إن نزاع الحدود بين المغرب والجزائر يعود تاريخيا إلى منتصف القرن التاسع عشر[38]، تاريخ الدخول الفرنسي إلى الجزائر وإدماجها في النظام السياسي الفرنسي، واعتبارها أراضي فرنسية، وبفعل التضامن المغربي مع المقاومة الجزائرية التي كان يقودها الأمير عبد القادر ، أعلنت فرنسا الحرب على المغرب، وذلك في معركة إسلي بتاريخ 14 غشت 1844[39].

انتهت هذه المعركة بانهزام المغرب، وتوقيعه لمعاهدة السلم في 10 شتنبر 1844 بطنجة، ثم معاهدة للامغنية في 18 مارس 1845، وقد كان هدف فرنسا من هذه المعاهدة إجبار السلطان مولاي عبد الرحمان على الإعتراف بسيادتها في الجزائر، الشيء الذي لا يتحقق إلا بتسطير الحدود بين البلدين، ولأسباب مبيتة لدى فرنسا، فقد سطرت الحدود بشكل غير كامل بين الإيالة المغربية والإيالة الفرنسية في الجزائر[40].

استغلت فرنسا هذا الغموض الذي تضمنته معاهدة للامغنية، وكذلك عجز المخزن المغربي والصعوبات التي كان يواجهها، لتستولي على أراضي كانت دائما تحت السيادة المغربية، وذلك باستخدامها لحق المطاردة (أي مطاردة الثوار الذين يلجأون إلى التراب المغربي)، ومن هذه الأراضي التي استولت عليها بالتتابع، واحات تيديكلت، كورارة، توات، وادي زوزفانة والساورة، والسفح الغربي لجبل بشار، وأخيرا تندوف سنة 1934[41].

بعد حصوله على الإستقلال، استمر المغرب في مطالبة فرنسا بتسوية مسألة حدوده المشتركة مع الجزائر، حيث تم الدخول في عدة مفاوضات خلال شهري فبراير ومارس سنة 1956، توجت بإنشاء لجنة مهمتها دراسة مشكل الحدود، إلا أنه تم الإختلاف بين الطرفين حول الصلاحيات المخولة لهذه اللجنة، فالمغرب كان يريد منح هذه اللجنة صلاحيات واسعة تشمل دراسة جميع الأمور المرتبطة بمسألة حدوده في الجنوب الشرقي، بينما كانت فرنسا تميل إلى القيام بتنازلات طفيفة للمغرب، وجعل مهمة اللجنة المختلطة مقتصرة فقط على تسطير الحدود[42].

وإذا كانت مطالب المغرب بخصوص مناطقه في الجنوب الشرقي لقيت تجاوبا فرنسيا، لكن بشروط معنية، فإن الحكومة المغربية رفضت من جهتها المراوغات الدبلوماسية الفرنسية، وفضلت تأجيل تسوية هذا المشكل إلى حين تشكيل حكومة جزائرية مستقلة، خصوصا وأن السلطان محمد الخامس الذي كان مساندا لاستقلال الجزائر، لم يعترف لفرنسا بحقها في التفاوض مع المغرب بخصوص هذه المسألة، وقد صادف هذا الرفض المغربي للدخول في مفاوضات مع الحكومة الفرنسية، تجاوب جزائري، وتفهم صريح للمشكل، واستعداد كامل لإيجاد حل له في المستقبل[43].

تجسدت أولى المحادثات الرسمية مع الحكومة المؤقتة الجزائرية حول المطالب الترابية للمغرب، في اللقاء الذي تم بين الملك محمد الخامس وعبد الحميد مهري عن جبهة التحرير الوطني بمدريد سنة 1955[44]، ورغم فشل هذه المفاوضات، فقد كان بإمكان المغرب خلال هذه الفترة حسم مشكل الحدود الشرقية بصفة نهائية، من خلال الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحكومة الفرنسية، التي قدمت اقتراحا من طرف سفيرها بالرباط ألكسندر  بارودي Alexander Parodi [45].

رفض المغرب هذا التوجه، واختار التفاوض مع الحكومة الجزائرية المؤقتة، فالملك محمد الخامس كان مساندا للثورة الجزائرية، ومع استقلال الجزائر، فحسب رأيه الدخول مع فرنسا في مفاوضات ثنائية حول مسألة الحدود في هذه الفترة، هو بمثابة اعتراف المغرب بسيادة فرنسا على الجزائر، وفي نفس الوقت تنكرا للعمل الذي تقوم به جبهة التحرير الجزائرية للحصول على الإستقلال، وهو ما أكده الملك الحسن الثاني في إحدى تصريحاته: (لقد جاءنا السيد بارودي موفدا من قبل الجنرال دوغول، وصرح قائلا”…نحن على وشك تسوية سلمية مع الجزائر، ونعتقد أنه من المناسب أن يتباحث المغرب وفرنسا من الأن في مشكل حدودهما…”، فكان جواب والدي “إنه غير وارد أن أتفاوض في هذه الظروف، فذلك سيكون مني طعنا من الخلف للجزائر المكافحة، إننا سنسوي قضايانا فيما بعد …”)[46].

ودعما لهذا التوجه، انسحب المغرب من اللجنة المشتركة الفرنسية المغربية الخاصة بتعيين الحدود بصفة نهائية سنة 1958، كما اعترفت حكومة الرباط بالحكومة المؤقتة الجزائرية كسلطة شرعية وحيدة، لها صلاحية التباحث مع المغرب حول قضية الحدود بين البلدين[47].

انطلاقا من هذه الأرضية، تم استئناف المفاوضات بين المغرب والحكومة الجزائرية المؤقتة بعد سنة 1958، والتي انتهت بتوقيع اتفاق سري مشترك بالرباط في 06 يوليوز 1961 بشأن قضية الحدود، من طرف الحسن الثاني ملك المغرب، وفرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة الجزائرية، ولم تنشره حكومة الرباط إلا في 02 شتنبر 1963 حينما أشتد الصراع على الحدود يين الدولتين[48].

وفي هذا الاتفاق السري، تبادل الجانبان التزامات سياسية صريحة، كل منهما في مواجهة الأخر، حيث أكدت حكومة المغرب مساندتها التامة غير المشروطة ودون تحفظ للشعب الجزائري في كفاحه من أجل الاستقلال السياسي والوحدة الوطنية، كما أعلنت دعمها الكامل لموقف الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في مفاوضاتها مع فرنسا، على أساس احترام السلامة الإقليمية الجزائرية، ومعارضتها بكل الوسائل لكل محاولة تجزئة، أو إنقاص للإقليم الجزائري، أما الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية فقد قررت من جانبها أن المشكلة الإقليمية التي أثارها عدم تعيين الحدود بين البلدين بفعل المستعمر الفرنسي، إنما ستجد حلها في مفاوضات لاحقة بين حكومة المملكة المغربية وحكومة الجزائر المستقلة، كذلك التزمت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بأن الاتفاقيات والتسويات التي سوف تسفر عنها المفاوضات الفرنسية الجزائرية، لن تتطرق إلى ما يتعلق بتعيين الحدود بين المغرب والجزائر، كما اتفق الجانبان على إنشاء لجنة مشتركة جزائرية مغربية، مهمتها دراسة مشكل الحدود وإيجاد حل لها في ظل روح الإخاء والوحدة المغاربية[49].

ثانيا: تطورات خلاف الحدود في الصحراء الشرقية بعد استقلال الجزائر

اعتبر المغرب اتفاقية 06 يوليوز 1961 مع الحكومة الجزائرية المؤقتة، بمثابة اعتراف جزائري بالحقوق المغربية على الأراضي موضوع النزاع بالصحراء الشرقية، وبناء على ذلك، استأنفت الحكومة المغربية مطالبتها بتسوية مشكل الحدود مباشرة بعد استقلال الجزائر، حيث أرسل الملك الحسن الثاني وفدين متلاحقين إلى العاصمة الجزائرية لفتح مفاواضات حول هذا الموضوع، إلا أن المسؤوليين في الحكومة الجزائرية المؤقتة  آنذاك، كان جوابهم بأن قضية الحدود لن تثار إلا بعد انتهاء انتخابات الجمعية الوطنية الجزائرية[50].

استمر المغرب في الضغط على الجزائر المستقلة لتسوية قضية حدودهما المشتركة، وتجلى ذلك في الزيارة الرسمية التي قام بها الملك الحسن الثاني للجزائر في الفترة الممتدة ما بين 13 و 15 مارس 1963، حيث تم التباحث مجددا حول قضية الحدود المشتركة مع المسؤولين الجزائريين، ومن أبرزهم أحمد بن بلة، إلا أن موقف هذا الأخير، كان هو طلب المزيد من الوقت إلى غاية انتهاء انتخابات رئاسة الجمهورية وبناء المؤسسات الجزائرية[51].

بعد استقرار الوضع السياسي بالجزائر، ووصول أحمد بن بلة إلى رئاسة الجمهورية، تبخرت الوعود التي تقدمت بها الجزائر للمغرب بخصوص تسوية مشكل الحدود، وتم تجاهل اتفاقية 06 يوليوز 1961 المبرمة بين الجانبين.

لقد نتج عن هذه المواقف المتعارضة للبلدين، ارتفاع حدة التوتر في المنطقة، فالجزائر ترفض أي تسوية سلمية مع المغرب، إضافة لذلك، فقد تميزت سياستها الخارجية تجاهه بالعداء الصريح، في المقابل يصر المغرب على ضرورة تسوية مشكل حدوده الشرقية مع الجزائر، وتنفيذ اتفاقية 06 يوليوز 1961 الموقعة مع الحكومة الجزائرية المؤقتة، فرغم تبني الطرفين لحلول دبلوماسية للتخفيف من حدة التوتر، إلا أن النتيجة كانت اندلاع مواجهة مسلحة في أكتوبر 1963، عرفت بحرب الرمال.

الفقرة الثانية: انعكاسات ملف الحدود الجزائري على الممارسة المغربية الإفريقية

رغم توصل المغرب والجزائر إلى تسوية قانونية وضعت حدا لنزاع الحدود بينهما، إلا أن هذا الملف، انعكس سلبا على الممارسة المغربية الإفريقية في توجهاتها اللاحقة، فمنظمة الوحدة الإفريقية التي قامت على مبدأ أساسي، وهو قدسية الحدود الموروثة عن الإستعمار، وعدم المساس بها أو تغييرها، تعاطفت مع الموقف الجزائري الذي يتوافق مع المبدأ السالف الذكر، ومن جهة أخرى، نجد أن ملف الحدود الجزائري، قد أثر بشكل غير مباشر على مواقف منظمة الوحدة الإفريقية بخصوص ملف الصحراء(أولا).

من ناحية أخرى، فقد اتخذت الجزائر من قضية نزاعها حول الحدود مع المغرب منطلقا لها، لتقود حملة دبلوماسية مكثفة على الصعيد الإفريقي، مستغلة الظرفية العالمية وثقلها الدبلوماسي والإقتصادي، استطاعت من خلالها أن تفرض على المغرب عزلة في محيطه الإفريقي(ثانيا).

أولا: انعكاس ملف الحدود الجزائرية على مواقف منظمة الوحدة الإفريقية اللاحقة بخصوص المصالح السياسية للمغرب

تعتبر قضية الحدود بين المغرب والجزائر أول مشكلة واجهتها منظمة الوحدة الإفريقية بعد إقرار ميثاقها التأسيسي في أديس أبابا في ماي 1963[52]، وقد استطاعت المنظمة القيام بدور رئيسي وإيجابي في تسوية النزاع من بدايتة إلى نهاية[53]، فالخطوة الأولى التي بذلت من أجل إنهاء النزاع، كانت بمبادرة إمبراطور إثيوبيا هيلاسلاسي، وبإسم منظمة الوحدة الإفريقية، كما أن اجتماع باماكو انتهى بتكليف مجلس وزراء المنظمة بعقد دورة استثنائية لمناقشة النزاع، ومن خلالها تم تكليف لجنة تحكيم خاصة لدراسة نزاع الحدود بين المغرب والجزائر[54].

لقد قامت لجنة التحكيم الخاصة بعدة جهود لإيجاد تسوية نهائية لنزاع الحدود بين المغرب والجزائر، فرغم أنها لم تتوفق في عملها، إلا أنها استطاعت دفع طرفي النزاع إلى الدخول في مفاوضات مباشرة[55]، من خلالها تم التوصل إلى تسوية قانونية لنزاع الحدود بين البلدين، كما أن إجراءات إنهاء هذا الخلاف كانت أمام مؤتمر القمة الإفريقي التاسع، الذي أصدر قرارا يسجل تسوية الخلاف، ويهنئ جميع الأطراف[56].

رغم الدور الذي لعبته منظمة الوحدة الإفريقية في تسوية النزاع المغربي الجزائري حول الحدود، إلا أن هذا الملف أثر بشكل سلبي على الممارسة المغربية الإفريقية، خصوصا أن معظم الأقطار الإفريقية ورثت حدودا عن الفترة الاستعمارية، ودافعت بشدة عن قدسية هذا المبدأ، أي احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، وعدم تغييرها أو المساس بها، كما أن هذا المبدأ من العناصر الأساسية التي قامت عليها منظمة الوحدة الإفريقية[57].

وإذا كان هذا المبدأ، قد لقي تأييد غالبية رؤساء الدول والحكومات المجتمعة في مؤتمر أديس أبابا[58]، فإن المغرب عارض هذا المبدأ، وعبر عن ذلك من خلال مذكرة قدمها إلى منظمة الوحدة الإفريقية، حينما طلب الانضمام لهذه الأخيرة في 13 شتنبر 1963، وقد جاء في هذه المذكرة، أن المملكة المغربية وهي تعلن انضمامها إلى ميثاق أديس أبابا، تتحفظ على مبدأ احترام الحدود القائمة[59].

انطلاقا من هذه الأرضية، فقد راهنت الجزائر منذ البداية على منظمة الوحدة الإفريقية، وفضلت الإلتجاء إليها، حيث تأييد معظم الدول الأفريقية لمبدأ احترام الحدود القائمة[60]، فهذا المبدأ كان عاملا أساسيا لدعم تحركات الجزائر، ورهانا رابحا لها داخل القارة الإفريقية، في المقابل دخل المغرب في رهان إفريقي كانت تكاليفه باهظة[61]، فالمغرب كان يعرف منذ بداية النزاع ضعف مركزه عند اللجوء للمنظمة الإقليمية، وكان يريد الإلتجاء إلى مجلس الأمن، أملا في مساندة كل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن هاتين الدوليتين أفهمتا المغرب أنه ليس من مصلحته الإلتجاء إلى الأمم المتحدة[62]، حتى لا يتم تدويل القضية، وإدراجها كإحدى صراعات الحرب الباردة.

إضافة إلى ترجيح كفة الجزائر، فقد أثر ملف الحدود بشكل غير مباشر على مواقف منظمة الوحدة الإفريقية اللاحقة بخصوص قضية الصحراء، والتي كان بإمكانها كقضية سيادة بالنسبة للمغرب، أن تجد حلا لها في السنين الأولى لحصول المغرب على الإستقلال، لولا قضية موريتانيا، ونزاع الحدود مع الجزائر[63].

ثانيا: دور الجزائر في تأزيم العلاقات المغربية الإفريقية

تميزت حقبة الستينات التي تزامنت مع انفجار الصراع المغربي الجزائري حول الحدود، بنشاط مكثف للدبلوماسية الجزائرية على الساحة الإفريقية، والتي قامت في بدايتها الأولى على مرجعية المواجهة، ومقاومة الإستعمار، وذلك خلال حكم الرئيس أحمد بن بلة، ومن ضمن مبادراتها، إرسال عشرات الآلاف من المتطوعين في يونيو 1963 إلى أنغولا لمساندتها على التحرر من الإستعمار البرتغالي، وكذلك إرسالها سفينة محملة بالأسلحة إلى تنزانيا[64].

هذه السياسة الإفريقية للجزائر استمرت في عهد الرئيس بومدين، حيث كثفت الجزائر من حضورها الإفريقي، واحتضنت العديد من المؤتمرات والقمم الإفريقية، والاجتماعية الوزارية، والمؤتمرات الغير الحكومية للمنظمة الإفريقية، كما كانت الجزائر عضوا فعالا في لجنة التحرير الإفريقية منذ إنشائها[65]، مستفيدة من تعاطف الكثير من الأنظمة الإفريقية ذات الحزب الوحيد مع ما يسمى بثورة المليون شهيد[66].

استمر النشاط الدبلوماسي الجزائري على المستوى الإفريقي مع أوائل السبعينات، حيث اعتمدت الجزائر سياسة إفريقية متميزة، هدفها احتلال المركز الأول في القارة الإفريقية، مستفيدة من التوازن الذي تقيمه بين الشرق والغرب من جهة، وبين الشمال والجنوب من جهة أخرى[67]، وكذلك من إمكانياتها الطاقية، ودعم غالبية الدول الإفريقية، إضافة  لتزعمها حركة عدم الانحياز [68].

استغلت الجزائر نشاطها الدبلوماسي على المستوى الإفريقي، واستطاعت استمالة معظم الدول الإفريقية إلى جانبها، ثم تطويق المغرب وعزله عن محيطه الإفريقي، فإلى جانب ملف الحدود، فالجزائر كانت تبحث دائما عن تعميق أزمة النظام المغربي المنافس الوحيد لزعامة شمال إفريقيا[69].

بفعل هذه السياسة الإفريقية، تمكنت الجزائر من إحداث أزمة بين المغرب وعدة دول إفريقية، وعلى سبيل الذكر  ولا الحصر، نجد أن تقرب النظام الجزائري إلى دولة مالي، التي لم تنسى تماما خريطة المغرب الكبير التي تمس ثلث مالي، نتج عنه تجميد العلاقات بين المغرب والجمهورية المالية[70].

ملف الجزائر أثر كذلك على العلاقات المغربية الغينية، والتي وصلت إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية، كما أكد على ذلك الرئيس الغيني أحمد سيكوتوري في خطابه أمام مؤتمر القمة الإفريقي السابع عشر في فريتاون سنة 1980، حينما صرح بمايلي: “…والجدير بالذكر أنه في سنة 1963، قام نزاع على الحدود بين المغرب والجزائر حول منطقة تندوف، مما أدى إلى نشوب حرب بين البلدين، وكانت منظمة الوحدة الإفريقية قد تأسست، وسنطلعكم على أمر وهو بمجرد علمنا بالنبأ، أبرقنا إلى المغرب لإبلاغه بقطع علاقتنا الدبلوماسية معه، فمن سنة 1963 إلى غاية 1975، أي لمدة 12 سنة، لم تكن علاقاتنا مع المغرب طيبة[71].

إضافة لهذه الانعكاسات، فالحسابات الإستراتيجية والجيوسياسية للجزائر على المستوى الإقليمي، كانت أكبر من نزاعها مع المغرب حول الحدود، حيث كثفت الجزائر نشاطها المعادي للمغرب، بهدف تسريع قيام دولة صحراوية تربط الجزائر بالمحيط الأطلسي، وعزل المغرب عن موريتانيا، أي عن عمقه الإفريقي[72]، ولتحقيق ذلك، بدأت الجزائر سياسة الدعم الكامل للبوليزاريو، وتأمين أكبر قاعدة صحراوية مؤيدة، سواء في الداخل أو الخارج، وتحولت مخيمات تندوف إلى معسكرات تدريب، ووضعت وزارة الخارجية الجزائرية كل طاقاتها لتأمين توازن إعلامي تحريضي، يقوم على أساس تبني الجزائر لسياسة الدعم والتأييد لمبدأ حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره[73].

خلاصة

من خلال هذه الدراسة، يتبين أن السياسة الإفريقية التي اتبعها المغرب من أجل استرجاع القطر الموريتاني، قد مكنته من الخروج من عزلته الإفريقية ولو بصفة مؤقتة، خصوصا أنها أدخلت في القارة الإفريقية مبادئ ثورية جديدة، كمبدأ عدم الانحياز، ومفهوم الاستعمار الجديد، إلا أنها في المقابل فرضت عليه عزلة إفريقية دامت لمدة عقد من الزمن، فالدول القليلة التي ساندته بخصوص مطالبه الترابية سرعان ما تراجعت عن مواقفها السابقة، وتزامن ذلك مع تفكك مجموعة الدار البيضاء، وفي نفس الوقت فشلت الدبلوماسية المغربية في تحقيق ما كانت تطمح إليه، فموريتانيا حصلت على استقلالها، ونالت العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة، كما اعترفت بها معظم الدول الإفريقية.

حتى وإن افترضنا أن الممارسة الإفريقية للمغرب اشتغلت في أعلى المستويات وبدون ارتكاب أخطاء، كان من المستحيل ضم القطر الموريتاني، لأن الظرفية السياسية الدولية كانت مع حق الشعوب في تقرير مصيرها، كما واكبت هذه الفترة نشأة كيانات جديدة داخل إفريقيا، كانت ترى في استقلال موريتانيا دعما لوجودها، وفي المطالب المغربية تهديدا لها، إضافة لذلك، فالخصم كان من العيار الثقيل، فعلى المستوى الدولي تعتبر فرنسا قوة سياسية وعسكرية عظمى، وتلقى الدعم من طرف القوى العالمية الكبرى، وكذلك على المستوى الجهوي، نجد أن معظم الدول الإفريقية المستقلة حديثا، كانت لا تزال تحت التبعية السياسية والإقتصادية للدول الاستعمارية، ومن أهمها فرنسا.

بالنسبة لنزاع الحدود مع الجزائر، فرغم أن المغرب كان محقا في مطالبه الترابية، إلا أن ملف النزاع كان استمرارا لتداعيات الملف الموريتاني، وزاد من تأزيم وضعية المغرب إفريقيا، خصوصا أن فترة النزاع واكبت تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، التي أخذت بمبدأ احترام الحدود القائمة، والذي ساندته معظم الدول الإفريقية.

مبدأ احترام الحدود القائمة، دعم موقف الجزائر بقوة، التي قامت بحملة دبلوماسية مكثفة على الصعيد الإفريقي، مستغلة ثقلها السياسي والدبلوماسي، ووضعيتها الإقتصادية المريحة، لترسيخ أطروحتها، وتعميمها إفريقيا، على أن المغرب ينهج سياسة توسعية إقليمية على حساب جواره المباشر.

بفعل صراعها مع المغرب، رفعت الجزائر سقف مطالبها، وأصبحت لها حسابات استراتيجية وجيوسياسية في المنطقة، محاولة منها فرض الهيمنة على المستوى الإقليمي، فكانت الوسيلة المتاحة أمامها تطويق المغرب، وعزله عن محيطه الإفريقي، مستغلة التطورات التي كانت تعرفها قضية الصحراء الغربية، ولتحقيق ذلك، جندت الجزائر دبلوماسيتها وإمكانياتها على الصعيد الإفريقي، دفاعا عن حق تقرير مصير الشعب الصحراوي.


[1]– Mohamed  Lamouri, Le Contentieux relatif aux frontières terreste du Maroc, Rabat, 1979 , p111.

[2] – Odette De Puigaudeau, Le  Passé maghrébin de la Mauritanie, Rabat, 1962, p20.

[3] –  عبد القادر لعرج، السياسة المغربية في المحيط المغاربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، الرباط، 1994-1995، ص36.

[4] – Mohamed  Lamouri ;op.cit. p.111.

[5]– Ibid, p.111.

[6] – أحمد بنكوكوس، العلاقات بين دول المغرب العربي وآفاق الوحدة، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والإجتماعية، أكدال- الرباط، يونيو 1989.ص297.

[7]– Mohamed  Lamouri, op.cit,  p115.

[8] – Ibid, p112.

[9] – أحمد بنكوكوس، مرجع سابق ص297.

   الموقف المغربي من قضية الحدود قام على مفهوم شخصي وسياسي شعبي، لا إقليمي جغرافي للحدود، بمعنى أن الحدود المغربية يجب أن تخطط على أساس وجود المجموعات البشرية التي تدين بالولاء السياسي والديني للسلطان، وبالفعل فمنذ أواخر القرن 19م طالب السلطان مولاي الحسن بالسيادة على كل الأقاليم الصحراوية التي يذكر سكانها اسمه في خطب أيام الجمعة في المساجد. أنظر في ذلك:  بطرس بطرس غالي، جامعة الدولة العربية وتسوية المنازعات المحلية، القاهرة، 1977، ص 135.

[10]– Marie-Beatrice De Cerou , Les relation politique du Maroc avec les groupements africains et arabes depuis l’indépendance, Thèse de doctorat d’état,  Paris, 1967, p 78 .

[11]– المراسلات الملحقة بالاتفاق الفرنسي الألماني الموقعة في 04/11/1911. وردت في: مغربية الصحراء، مقالات مرافعات ووثائق، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، الدار البيضاء، نونبر 2018،مرجع سابق، ص. 436. 

[12] – عبد القادر لعرج، مرجع سابق، ص27-28.

[13] – النص الكامل لهذا الخطاب ورد في انبعاث أمة، الجزء الثالث (1957-1958)، مطبوعات القصر الملكي، ص 149-150.

[14] – خالد الشكراوي، السياسة الإفريقية للمغرب في عهد الملك محمد الخامس، مجلة المناهل، عدد 77- 78، محرم 1427- فبراير 2006،ص 198.

[15] – Mohamed  Lamouri , op.cit, p 104.  

[16] – Ibid, p107.

[17] – عبد القادر لعرج، مرجع سابق، ص 48.

[18] – نفس المرجع، ص 23.

[19] – أحمد العبد اللوي، العلاقات الاتفاقية بين المغرب والبلدان الإفريقية (1956-1981)، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، 1983، مرجع سابق، ص6.

[20] – عبد القادر لعرج، مرجع سابق، ص33.

[21] – Mohamed  Lamouri, op.cit, p 114.

[22] – أحمد العبد اللوي، مرجع سابق، ص07.

[23] – عبد القادر لعرج، مرجع سابق، ص 34.

[24] – نفس المرجع، ص 34.

[25] – محمد الحسيني مصيلحي، رسالة دكتوراه عن منظمة الوحدة الإفريقية، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1976، ص 39.

[26] – نفس المرجع، ص 39.

[27] – نفس المرجع، ص40.41.

[28] – محمد سليم، محاولة لدراسة العلاقات بين المغرب والدول العربية (1956- 2003)، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال- الرباط ، 2004-2005، ص 50.

[29] – صدرت هذه الرسالة في 06 نونبر 1960. نقلا عن : عبد القادر لعرج، مرجع سابق، ص 53.

[30] – التصريح مذكور في جريدة العلم، بتاريخ 24 نونبر 1960 . نقلا عن: عبد القادر لعرج، مرجع سابق، ص 53.

[31] – يزيد هشام، العلاقات المغربية السينغالية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، 1996، ص 08.

[32] – نفس المرجع، ص 09.

[33] – نفس المرجع، ص 16.

   في نفس السياق صرح وزير خارجية غانا، في عهد الرئيس نكروما، أن هناك افريقيين في موريتانيا لهم أقارب ومعارف في الناحية الأخرى من الحدود داخل السينغال، ولأهالي السينغال صلات قرابة مع الافريقيين في غامبيا، وهناك إفريقيون في سيراليون ينتمون إلى نفس الجماعة التي ينحدر منها بعض أهالي لبيريا وغينيا، كما أضاف أيضا أن هناك إفريقيون في خمس دول وهي: ساحل العاج، وفولتا العليا(بوركينا فاسو)، وشمال توغو، وشمال داهومي(البنين)، ينحدرون من أصل واحد. انظر : محمد الحسيني مصيلحي، مرجع سابق، ص 532 .

[34] – يزيد هشام، مرجع سابق، ص 14.

[35] – محمد الحسيني مصليحي، مرجع سابق، ص 50.

[36] – نفس المرجع، ص 62.

[37] – نفس المرجع، ص 63.

[38] – بطرس بطرس غالي، العلاقات الدولية في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة الأولى، القاهرة، 1974، ص 245.

[39] – محمد سليم، مرجع سابق، ص 39.

[40] – نفس المرجع، ص 39 .

[41] – نفس المرجع، ص 39.

[42] – عبد الجبار معطيش، العلاقات المغربية الجزائرية من 1830 إلى اليوم، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، نونبر1992، ص 175.

[43] – نفس المرجع، ص 176.

[44] – أحمد بنكوكوس، مرجع سابق، ص 247.

[45]– Attilio Gaudio, Sahara espagnol : Fin d’un mythe colonial,  Edition arrissala , Rabat , 1975,  p224.

[46] – الحسن الثاني، ذاكرة ملك، ص 48.

[47] – بطرس بطرس غالي، العلاقات الدولية في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، مرجع سابق، ص 247.

[48] – نفس المرجع، ص 247.

[49] – نفس المرجع، ص 247-248.

[50] – بطرس بطرس غالي، جامعة الدول العربية وتسوية المنازعات المحلية، مرجع سابق، ص 137.

[51]– Mohammed Maazouzi, L’Algérie et les étapes successives de l’amputation du territoire marocain, Dar El Kitab, Casablanca, 1976,  p143.144.

[52] – محمد الحسيني مصليحي، مرجع سابق، ص. 535.

[53] – بطرس بطرس غالي، العلاقات الدولية في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، مرجع سابق، ص 263.

[54] – محمد الحسيني مصيلحي، مرجع سابق، ص542.

[55] – le Monde du 04 mars 1967. cité par : 45  محمد سليم، مرجع سابق، ص

[56] – بطرس بطرس غالي، العلاقات الدولية في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، مرجع سابق، ص263.

[57] – لم يسجل ميثاق أديس أبابا بصفة صريحة مبدأ قدسية الحدود الإفريقية، حيث أشار فقط إلى ضرورة احترام سيادة كل دولة، وسلامة أراضيها، وحقها الثابت في استقلال كيانها، إلا أنه خلال مؤتمر القمة الأول الذي انعقد في القاهرة بين 17 و21 يونيو 1963، صدر القرار رقم 16، الذي يجعل من قدسية الحدود، ووجوب احترامها، وعدم المساس بها، أيا كانت الظروف التي استدعت رسم تلك الحدود، من المبادئ الأساسية التي يجب أن تحكم العلاقات الإفريقية. أنظر في ذلك: بطرس بطرس غالي، العلاقات الدولية في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، مرجع سابق، ص 125.

[58] – كان الاتجاه الذي ساد مؤتمر أديس أبابا سنة 1963 يرمي إلى الإبقاء على الحدود كما هي دون أي تغيير، وقد عبر عن ذلك أكثر من رئيس دولة حضروا المؤتمر، فمثلا نجد، ما صرح به مواديبو كيتا رئيس جمهورية مالي: ” يجب أن نتنازل عن أي مطالب إقليمية، إذا أردنا ألا ندخل في أفريقيا ما يمكن وصفه بأنه استعمار أسود”.

    وأضاف إلى ذلك فيلبير تسيرنانا، رئيس جمهورية مدغشقر، بقوله: ” لم يعد من الممكن أن نلجأ إلى معايير جنسية، أو دينية، أو لغوية، لتغيير الحدود بين الأمم لأننا إذا فعلنا ذلك، فسوف تزول بعض الدول الإفريقية من الخريطة.

    كما أكد الحاج أبو بكر تفاوا رئيس وزراء نيجريا نفس الشيء بقوله : يجب على الدول الإفريقية أن تحترم بعضها البعض، وأن نيجريا تعترف بجميع الحدود القائمة في إفريقيا، وتعترف بوجود جميع الدول الإفريقية.  ورد لدى: محمد الحسيني مصيلحي، مرجع سابق، ص533.

[59] – بطرس بطرس غالي، العلاقات الدولية في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، مرجع سابق، ص 124-125.

[60] – نفس المرجع، ص 264.

[61] – علي الشامي، الصحراء الغربية “عقدة التجزئة في المغرب العربي”، الطبعة الأولى، دار الكلمة للنشر، بيروت، لبنان، 1980، ص 350.

[62] – بطرس بطرس غالي، العلاقات الدولية في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، مرجع سابق، ص 264.

[63] – عبد السلام سفيري، الملف الدبلوماسي لنزاع الصحراء في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، يونيو 1981، ص 138.

[64] – عادل الموساوي، علاقة المغرب مع إفريقيا جنوب الصحراء بعد انتهاء القطبية الثنائية، أطروحة لنيل الدكتورة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، 2002-2003،مرجع سابق، ص121.

[65] – نفس المرجع، ص 122.

[66] – الحسان بوقنطار، السياسة الخارجية المغربية (الفاعلون والتفاعلات)، طبعة 2002، ص199.

[67] – علي الشامي، مرجع سابق، ص 226.

[68] – نفس المرجع، ص 235.

[69] – نفس المرجع، ص 262.

[70] – Maghreb Machrek , janvier- février 1967 , p 29.

[71] – أحمد العبد اللوي، العلاقات الاتفاقية بين المغرب والبلدان الإفريقية (1956-1981)،مرجع سابق، ص.10.

[72] – علي الشامي، مرجع سابق، ص. 228.

[73] – نفس المرجع، ص. 234-235.

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *