الرقابة القضائية على تشكيل اللجان المكلفة بإعداد الجداول الانتخابية دراسة مقارنة

الرقابة القضائية على تشكيل اللجان المكلفة  بإعداد

                           الجداول الانتخابية         

دراسة مقارنة

                          محمود السقاف باحث في كلية الحقوق بسلا 

                                   جامعة محمد الخامس الرباط ـالمغرب

                                                                                           قاضي بالمحكمة الابتدائية باليمن  

اهتمت القوانين الانتخابية بتحديد الجهة المكلفة بأعمال القيد في جداول الناخبين ،وعنيت بوضع قواعد تحدد كيفية تكوين هذه اللجان، وآلية عملها، وما يجب عليها الالتزام به للحصول على جداول ناخبين معبرة عن حقيقة هيئة الناخبين.

وتختلف الأنظمة الانتخابية من بلد إلى آخر في تحديد الجهة التي تتولى قيد الناخبين في الجداول الانتخابية، فيرى بعض الفقه[1]، أن هذه الجهة في أغلب الدول تكون تابعة للسلطة التنفيذية.

وتختلف طريقة تشكيل أو تكوين لجان الجداول الانتخابية[2]، من دولة إلى أخرى، فلا تخرج طريقة تشكيل هذه اللجان عن أسلوبين أساسين في القوانين الانتخابية كما يلي:  أسلوب مباشر وذلك في حالة النص القانوني الذي يحدد أعضاء ورؤساء تلك اللجان طبقاً للمنصب الإداري الذي يشغله في نطاق المحافظة أو المديرية أو القرية، ويأخذ بهذا النظام الانتخابي الفرنسي والمصري[3].

أما الأسلوب الغير المباشر فيكون عندما يكتفي النص القانوني بتحديد الجهة التي تتولى تشكيل تلك الجان ،ويحدد ضوابط وشروط من يجوز تعينهم في تلك اللجان بلا تحديد مسبق لدرجة معينة أو منصب محدد في الأشخاص الذين تتكون منهم لجان الجداول الانتخابية ،ويأخذ بهذا الأسلوب النظام الانتخابي اليمني[4] .

لذلك يعود الاختصاص في وضع الجداول الانتخابية إلى لجان إدارية تحدث لهذا الغرض وهنا يثار تساؤل حول كيفية تكوين هذه اللجان، وما هي اختصاصاتها؟ وما مدى مراقبة القضاء لقانونية تشكيل هذه اللجان؟ وما مدى تأثير تشكيل هذه اللجان على نحو مخالف للقانون على العملية الانتخابية؟

للإجابة عن هذا التساؤل سنتطرق إلى الإطار القانوني المنظم  لتشكيل اللجان المكلفة بوضع ومراجعة الجداول الانتخابية )المحور الأول (مع التطرق إلى مدى مراقبة القضاء لقانونية تشكيل هذه اللجان ) المحور الثاني (كما يلي:

المحور الأول:الإطار القانوني المنظم لتشكيل اللجان المكلفة بإعداد الجداول الانتخابية

 

أ: تشكيل اللجان الفرعية (اللجان الإدارية)

خولت المادة 159 من الدستور اليمني لجنة عليا مستقلة ومحايدة تسمى اللجنة العليا للانتخابات، تتولى الإشراف والرقابة على إجراء الانتخابات العامة والاستفتاء العام، ويحدد القانون عدد أعضاء اللجنة والشروط اللازم توفراها فيهم وطريقة ترشيحهم وتعيينهم[5].

ويتم تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من تسعة أعضاء يتم تعينهم بقرار من رئيس الجمهورية من بين قائمة تحتوي على 15 اسم يرشحهم مجلس النواب ممن تتوفر فيهم الشروط المحددة في المادة (21) من هذا القانون[6].

وقد حدد قانون الانتخابات اختصاصات هذه اللجنة بمقتضى المادة 24 منه، وجعل من تلك الاختصاصات ما يلي:

  • تشكيل وتعين رؤساء وأعضاء اللجان الإشرافية ،ولجان إعداد جداول الناخبين الأساسية والفرعية[7].
  • وضع المعايير الخاصة باختيار رؤساء وأعضاء اللجان[8].

وتؤلف كل لجنة من ثلاثة أشخاص (رئيس وعضوين)، ويشترط لصحة قرار تعين أعضاء لجنة الجداول  الانتخابية أن يكون بموافقة ثلثي أعضاء اللجنة العليا[9].

ولقد منحت اللائحة التنفيذية لقانون الانتخابات الأولوية في تعين رؤساء اللجان وأعضاءها (أي اللجان الفرعية والأساسية)، لكل من:

  • ذوي الخبرات الإدارية والقانونية من حملة الشهادات الجامعية
  • من سبق لهم المشاركة في أعمال اللجان الانتخابية، وثبت كفاءتهم وعدم إخلالهم بالواجبات التي أنيطت بهم خلال عملهم في اللجان السابقة[10].

و قد حدد قانون الانتخابات اليمني شروط من يجوز تعينهم من قبل اللجنة العليا للانتخابات رؤساء وأعضاء لجان الجداول الانتخابية في الآتي:

  • أن يكون يمنيا
  • ألا يقل سنه عن (21) عاما بالنسبة للعضو وعن (25) عاما بالنسبة للرئيس
  • أن يكون رؤساء وأعضاء اللجان الأساسية والفرعية من حملة الثانوية العامة على الأقل
  • أن يكون مستقيم الخلق والسلوك، وألا يكون قد صدر ضده حكم قضائي نهائي في أي جريمة من جرائم الانتخابات أو في جريمة مخلة بالشرف ما لم يكن قد رد إليه اعتباره[11].
  • ألا يكون كل أعضاء اللجنة من حزب واحد[12]

وبذلك تميز النظام الانتخابي اليمني فيما يتعلق بتشكيل لجان الجداول الانتخابية عن غيره من الأنظمة الانتخابية الأخرى[13]، من خلال كون هذه اللجان مستقلة تماماً عن السلطة التنفيذية،بالإضافة إلى أن تنوع انتماءات أعضاءها يجعل من مبدأ الرقابة الذاتية على أعمال اللجان ضمانه لنزاهة ومصداقية القيد في جداول الناخبين.

أما المشرع المغربي فقد حدد تشكيل اللجان الإدارية المختصة بوضع ومراجعة اللوائح الانتخابية، وطرق عقد مداولاتها في صلب القانون على غرار المشرع الفرنسي.

وطبقاً لأحكام مدونة الانتخابات المغربية ،ينبغي التمييز بين تأليف اللجان الإدارية بناء على أحكام المادة 8 من مدونة الانتخابات[14]، وتأليفها في الجماعات الحضرية والقروية التي وقع توقيف مجلسها أو حله أو الذي تعذر تأليفه[15] ،وكذا تأليفها في الجماعات الحضرية والقروية أو المقاطعات الجديدة الناشئة عن تقسيم جماعات أو مقاطعات.

وبناء على أحكام المادة 8 من مدونة الانتخابات تتألف اللجان الإدارية من:

  • رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية أو المقاطعة أو من ينتخبه هذا المجلس من بين أعضاءه للقيام مقام رئيسه بمهام رئاسة اللجنة الإدارية
  • الخليفة الأول للعامل أو الباشا أو القائد أو من يمثلهم بصفة خليفة للرئيس
  • عضوين أصلين وعضوين احتياطيين ينتخبهم مجلس الجماعة الحضرية أو القروية من بين أعضائه، وبجانب اللجان الإدارية أجازت المادة 8 من نفس المدونة أن تحدث بقرار لرئيسها، لجنة أو لجان فرعية لمساعدة اللجنة الإدارية في بحث طلبات القيد.

وتتألف اللجان الفرعية من:

  • ممثل لمجلس الجماعة الحضرية أو القروية ينتخبه هذا المجلس من بين أعضائه رئيساً.
  • ممثل للسلطة الإدارية المحلية يعينه الخليفة الأول للعامل أو الباشا أو القائد بصفته خليفة للرئيس.
  • عضوين أصلين وعضوين احتياطيين يعينهم مجلس الجماعة الحضرية أو القروية من بين أعضائه أو من بين الناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية عند تعذر ذلك.

كما أن المادة التاسعة من مدونة الانتخابات، نصت على طريقة تأليف اللجان الإدارية في الجماعات الحضرية والقروية الجديدة الناشئة عن تقسيم جماعات حضرية أو قروية وفق مايلي:

  • عضو من مجلس الجماعة الحضرية أو القروية التي انبثقت عن تقسيمها الجماعة الجديدة ينتخبه المجلس المذكور رئيسا.
  • ممثل السلطة المحلية يعينه الخليفة الأول أو الباشا أو القائد بصفته خليفة للرئيس.
  • عضوين أصليين وعضوين احتياطيين ينتخبهم مجلس الجماعة من بين أعضائه.

في حين تتألف اللجان الإدارية في الجماعات أو المقاطعات الجديدة الناشئة عن ضم جماعات أو مقاطعات من:

  • عضو من مجلس إحدى الجماعات أو المقاطعات المعينة يعينه العامل رئيسا.
  • ممثل السلطة الإدارية المحلية يعينه الخليفة الأول للعامل أو الباشا أو القائد بصفته خليفة للرئيس.
  • عضوين أصلين وعضوين احتياطيين يعينهم العامل من بين أعضاء مجالس الجماعات أو المقاطعات المعنية أو من بين الناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية، عند تعذر ذلك.

أما الجماعات أو المقاطعات التي وقع توقيف مجلسها أو الذي تعذر تأليفه، فتشكل فيها اللجان الإدارية طبقا لأحكام المادة 10 من مدونة الانتخابات وفق ما يلي:

  • عضو من اللجنة الخاصة المنصوص عليها في المادة 26[16] من القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي تعينه اللجنة المذكورة رئيساً.
  • الخليفة الأول للعامل أو الباشا أو القائد أو من يمثلهم بصفته خليفة للرئيس.
  • عضوين أصلين تعينهما اللجنة الخاصة من بين أعضائها.
  • عضوين احتياطيين يحسنان القراءة والكتابة تعينهما اللجنة الخاصة من بين الناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية.

أما اللجان الإدارية الفرعية في الجماعات الحضرية أو القروية التي وقع توقيف مجلسها أو حله أو الذي تعذر تأليفه، فأنها تتشكل من:

  • عضو اللجنة الخاصة تعينه هذه اللجنة رئيسا.
  • ممثل السلطة الإدارية المحلية يعينه الخليفة الأول للعامل أو الباشا أو القائد بصفته خليفة للرئيس.
  • عضوين أصلين وعضوين احتياطيين يحسنون القراءة والكتابة تعينهم اللجنة الخاصة من بين الناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية.

أما في فرنسا فتحرر اللائحة الانتخابية التابعة لكل مكتب تصويت على حده، بواسطة لجنة إدارية تحدث بدورها لكل مكتب تصويت على حده، وتتشكل هذه اللجنة الإدارية، طبقا للفقرة الأولى من المادة 17 من مدونة الانتخابات الفرنسية من:

  • العمدة أو من يمثله.
  • مندوب عن الإدارة يعينه الوالي أو الخليفة.
  • مندوب يعينه رئيس المحكمة العليا[17].

بالمقابل يتم وضع اللائحة العامة لناخبي الجماعة بناء على اللوائح الخاصة بكل مكتب تصويت على حدة بواسطة لجنة إدارية تتشكل طبقا للفقرة 4 من المادة 17 من مدونة الانتخابات الفرنسية وفق ما يلي:

  • العمدة.
  • مندوب عن الإدارة يعينه الوالي أو خليفته.
  • مندوب يعينه رئيس المحكمة العليا[18].

وبالنسبة لباريس، وليون ومارسيليا، يتم تحرير اللائحة العامة لناخبي هذه المدن الثلاث من خلال كل دائرة على حده، وبناء على أحكام المادة 80 من القانون رقم 1169.82 بتاريخ 31 دجنبر 1982، يشارك عمدة الدائرة في كل من باريس، ليون ومارسيليا بصوت استشاري في أعمال اللجان التي تحدث بواسطة المادة 17 ما من مدونة الانتخابات[19].

ب: تشكيل اللجان الأساسية (لجان الفصل)

كما سبق الإشارة إليه أعلاه يتم تشكيل اللجان الأساسية[20] في الجمهورية اليمنية من قبل لجنة عليا مستقلة تسمى اللجنة العليا للانتخابات التي خول لها ذلك الدستور اليمني بمقتضى المادة 159 منه.

كما حدد قانون الانتخابات اليمني رقم 13 لسنة 2001 بمقتضى المادة 24 منه اختصاصات هذه اللجنة، وجعل من اختصاصاتها، تشكيل وتعين رؤساء وأعضاء اللجان الفرعية والأساسية، كما يدخل في اختصاصاتها وضع المعايير لاختيار رؤساء وأعضاء هذه اللجان[21].

وتؤلف كل لجنة من ثلاثة أشخاص (رئيس وعضوين) ويشترط لصحة قرار تعين أعضاء لجنة الجداول الانتخابية أن يكون بموافقة ثلثي أعضاء اللجنة العليا للانتخابات.

وكما حدد قانون الانتخابات رقم 13 لسنة 2001 شروط من يجوز تعيينهم رؤساء وأعضاء لجان الجداول الانتخابية سبق الإشارة إليها[22].

أما المشرع المغربي فطبقا لمقتضيات المادة 13 من مدونة الانتخابات، تضم لجنة الفصل فضلا عن أعضاء اللجنة الإدارية، ناخبين اثنين من بين الناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية للجماعة، يعين أحدهما مجلس الجماعة أو المقاطعة، ويعين الآخر السلطة الإدارية المحلية[23].

وبالنسبة للجماعات الحضرية والقروية أو المقاطعات الجديدة، فتشكل لجنة الفصل من أعضاء اللجنة الإدارية وعضوين آخرين يعين أحدهما مجلس الجماعة أو المقاطعة والآخر السلطة الإدارية المحلية، وذلك من بين الناخبين الذين يحسنون القراءة والكتابة المقيدين في اللائحة الانتخابية للجماعة الحضرية أو القروية التي انبثقت عن تقسيمها الجماعة أو الجماعة التابعة لها المقاطعة الجديدة.

أما الجماعات أو المقاطعات الناشئة عن ضم جماعات أو مقاطعات، فتشكل لجنة الفصل من أعضاء اللجنة الإدارية وعضوين آخرين يعين أحدهما مجلس الجماعة أو المقاطعة ويعين الآخر السلطة الإدارية المحلية من بين الناخبين الذين يحسنون القراءة والكتابة المقيدين في اللائحة الانتخابية التي انبثقت عن ضمها الجماعة الجديدة.

في حين تتألف لجنة الفصل في الجماعات الحضرية والقروية أو المقاطعات التي وقع توقيف مجلسها أو حله أو الذي تعذر تأليفه من أعضاء اللجنة الإدارية وعضوين آخرين من بين الناخبين الذين يحسنون القراءة والكتابة المقيدين في اللائحة الانتخابية للجماعة الحضرية أو القروية المعينة،  يعين أحدهما حسب الحالة، المجلس الجماعي أو اللجنة الخاصة المنصوص عليها في المادة 26 من الميثاق الجماعي، ويعين الآخر السلطة الإدارية المحلية.

  ولضمان مبدأ استمرارية المرفق العام المتمثل في تدبير عملية وضع ومراجعة اللوائح الانتخابية تم إخضاع رؤساء اللجان الإدارية والفرعية في مزاولة مهامهم لسلطة وزير الداخلية أو السلطة التي يفوض إليها القيام مقامه في ذلك.

ويقوم وزير الداخلية أيضا أو السلطة التي تقوم مقامه بتعين أعضا اللجنة الإدارية أو الفرعية من بين الناخبين الذين يحسنون القراءة والكتابة وإسناد رئاستها إلى السلطة الإدارية المحلية أو من يمثلها في حالة رفض مجلس الجماعة أو المقاطعة انتخاب رئيس اللجنة الإدارية أو رؤساء اللجان الإدارية الفرعية أو الأعضاء الذين يجب أن تتألف منهم هذه اللجان، أو في حالة اقتناع الرؤساء أو الأعضاء المنتخبون عن المشاركة في أعمال هذه اللجان، وذلك بعد توجيه إنذار إلى من يعنيه الأمر في رسالة مضمونة الوصول يتضمن الأجل المحدد للجواب والذي لا يجب أن يقل عن يوم واحد أو يزيد عن خمسة أيام من تأريخ التوصل بالإنذار تحت طائلة اعتبار عدم الجواب، عند انصرام الأجل، بمثابة الرفض.

ويضاف إلى ذلك نقطة أساسية ينبغي الوقوف عندها، تتجلى في أن أحد الفقه[24]انتقد مسلك الدول التي يتم فيها تشكيل اللجان الانتخابية من قبل السلطة التنفيذية لافتقادها عنصر الحياد الذي تقتضيه المصلحة العامة في الدولة، ويرى أن يتم استبعاد كل العناصر الحكومية من تلك اللجان، وأن يتم تشكيل هذه اللجان من عناصر مستقلة يرأسها قاض ويسمح لكافة الأحزاب السياسية بأن تمثل منها بعضو واحد[25].

بينما انتقد أخر تكوين لجان الجداول الانتخابية من الأحزاب، ويرى من الأفضل أن يتم تكوينها من عناصر قانونية وتنفيذية وإشراف قضائي، وذلك لنأي بتلك اللجان عن الجدل السياسي الذي تتعمد إثارته بعض الأحزاب مما  قد يؤدي إلى عرقلة أعمال تلك اللجان[26].

 

 

 

ومع ذلك نرى أن تشكل لجان أعداد الجداول الانتخابية من ثلاثة أشخاص يشترط فيهم أن يكونوا حاصلين على مؤهل جامعي في مجال القانون أو ما يعادله، وذلك لقصور معرفة أعضاء اللجان الأساسية والفرعية في قانون الانتخابات والأدلة الانتخابية،أما اللجان الإشرافية فنرى أن تشكل من ثلاثة أشخاص،قاضي يترأس اللجنة،وعضوين آخرين يشترط فيهما أن بكونا حاصلين على مؤهل جامعي في مجال القانون أو ما يعادله.

أما اللجنة العليا للانتخابات فنرى أن  تشكل بقرار من مجلس النواب من بين قائمة تحتوي على 15 اسم يرشحهم مجلس القضاء الأعلى ممن تتوفر فيهم الشروط المحددة في المادة 21 من قانون الانتخابات ،مع استبدال الفقرة ج بأن يكون حاصلا على شهادة ماجستير في مجال القانون أو ما يعادلها. وأن يكون من ذوي الكفاءة والخبرة، وذلك للأسباب التالية:

  • لضمان استقلال هذه اللجان استقلالاً تام عن السلطة التنفيذية.
  • لضمان نزاهة ومصداقية الجداول الانتخابية.
  • لضمان سلامة الانتخابات من الخروقات التي تؤثر على العملية الانتخابية.
  • لضمان الحياد والكفاءة في عمل اللجان.
  • التخفيف من عدد الطعون الواردة على المحاكم المختصة.
  • المدخل الأساسي لإصلاح نظام التصويت يكون في إصلاح وتنقية الجداول الانتخابية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحور الثاني : دور القضاء في مراقبة تشكيل اللجان المكلفة بوضع الجداول الانتخابية

ينبغي الإشارة إلى أن المشرع اليمني منح أي ناخب حق الطعن في صحة تشكيل أي لجنة من لجان الجداول الانتخابية التي تشكلها اللجنة العليا للانتخابات[27]، وذلك في حالة مخالفتها لقواعد ونصوص قانون الانتخابات سواء من حيث العدد أو كون اللجنة مشكلة من حزب واحد أو لم تتوفر في أي عضو فيها الشروط القانونية [28]، ويعد هذا الطعن دعوى إدارية ضد قرار إداري صادر من اللجنة العليا للانتخابات.

كما أن المشرع المغربي وإن كان قد نظم كيفية تشكيل اللجان الإدارية، إلا أنه أغفل إجراءات الطعن أمام القضاء في حالة عدم احترام اللجنة للتركيب الذي نص عليه القانون، ومن الواضح أن التشكيل الغير الصحيح للجان الإدارية يؤدي إلى تسجيلات غير قانونية[29].

أما المشرع الفرنسي فقد فتح إمكانية اللجوء إلى المحكمة الإدارية، بحيث خول للمحافظة الصلاحية لرفع دعوى الطعن في أعمال اللجنة الإدارية إذا ما تبين له بأن الشكليات التي يتطلبها القانون لم تحترم، وذلك داخل أجل اليومين الذين يليان تسليم جدول التعديلات التي أدخلت على اللائحة الانتخابية[30].

وبما أن المشرع المغربي سكت عن النص عن من له الصفة لرفع مثل هذه الدعوى، فلا مانع من أن يفتح باب الطعن في تشكيل هذه اللجان أمام الناخبين مادام الأمر يتعلق بمصلحة عامة تتجلى في سلامة اللوائح الانتخابية والمسلسل الانتخابي[31].

وفي هذا الإطار نجد القضاء قد تشدد في الفصل في قواعد تشكيل اللجان الإدارية الموكولة لها اختصاصات وضع ومراجعة اللوائح الانتخابية، واعتبر أن القرارات الصادرة عن لجنة إدارية غير مشكلة طبقا للقانون معيبة شكلاً، كما اعتبر أن تبني وتأكيد لجنة الفصل لهذه القرارات على علاتيها يجعل قراراتها معيبة شكلاً وبالتالي غير قائمة على أساس قانوني سليم[32].

وفي هذا السياق قضت محكمة جنوب غرب الأمانة ما يلي ” ثبوت مخالفة اللجنة العليا للانتخابات ولاستفتاء للقانون باستحداثها لجنتين انتخابيتين رجالية و نسائيه في منطقة هداد الدائرة (281) محافظة عمران لعدم مراعاتها القيد الوارد في المادة 24/2 من قانون الانتخابات، والتي تلزم اللجنة العليا بألا تشكل أي لجنة إشرافية أو أساسية أو فرعية إلا بموافقة ثلثي أعضاء اللجنة العليا، فلا يجوز تشكيل اللجنة بقرار انفراد به عضو واحد من اللجنة العليا ولا بقرار من اللجنة الإشرافية بموجب إنابة من أحد أعضاء اللجنة العليا وعليه يتقرر عدم قانونية  إنشاء تلك اللجنتين وبطلان كل إجراءاتها [33].

وفي قرار أخر قضت محكمة القضاء الإداري المصرية بأنه” يجب أن يتم تحرير الجداول الانتخابية بواسطة لجنة مكتملة العدد، مكونة من عناصر تابعة للإدارة، وعناصر أخرى غير تابعة لها”[34].

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخاتمة

ونخلص إلى إن رقابة القضاء على قانونية تشكيل لجان إعداد الجداول الانتخابية محدودة ويرجع السبب من وجهة نظري إلى جهل الناخبين بهذا الحق، بالإضافة إلى هيمنة السلطة التنفيذية على عملية تشكيل لجان إعداد الجداول الانتخابية، وكذا إلى عدم تنظيم المشرع المغربي لهذه المسطرة، ومن له الحق في تقديم الطعن.

 

 

 

[1] – سليمان الطماوي: النظم السياسية والقانون الدستوري، دار النهضة العربية القاهرة، طبعة 1988، ص:607، وكذا أكرام عبد الحكيم محمد محمد حسن: الطعون الانتخابية في الانتخابات التشريعية، دراسة مقارنة بالقانون الفرنسي، المكتب الجامعي الحديث، القاهرة، مصر، طبعة 2007، ص: 40-42

[2] – عرف القانون اليمني في المادة (2-ط) من قانون الانتخابات لجان إعداد الجداول الانتخابية بأنها اللجنة الأساسية واللجان الفرعية التي يتم تشكيلها للقيام بإعداد جداول بأسماء وبيانات الناخبين أو القيام بمراجعتها وتحرير نسخها، وكل ما يجب عليها القيام به وفقا لأحكام هذا القانون

كما  عرفت المادة الأولى الفقرة (13) من لائحة انتخاب أعضاء المجالس البلدية بالمملكة العربية السعودية لجان قيد الناخبين بأنها:” كل لجنة يناط بها في أول انتخابات للمجالس البلدية مهمة الإشراف على قيد أسماء الناخبين الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في هذه اللائحة”، صدرت هذه اللائحة بالقرار رقم (38396) ،وتأريخ  15/6/1425 هـ ،ونشرت بجريدة أم القرى في عددها رقم (4005)،و تاريخ 27/6/1425 هـ

[3] – إكرام عبد الحكيم محمد حسن: م س، ص: 41

[4] – حيث تنص المادة التاسعة من قانون الانتخابات العامة والاستفتاء رقم 13 السنة 2001 :”يكون لكل دائرة انتخابية جدول ناخبين دائم تعده لجنة أساسية ولجان فرعية تشكل وتحدد نطاق مهمة كل منها ومقرها بقرار من اللجنة العليا للانتخابات…”

[5] – المادة 159 من دستور الجمهورية اليمنية.

[6] – المادة 19 من القانون رقم (13) لسنة 2001 بشأن الانتخابات العامة والاستفتاء العام، حيث حددت المادة 21 من القانون المذكور الشروط من يرشح لعضوية اللجنة العليا للانتخابات كما يلي:

– أن يكون قد بلغ من العمر 35 سنة ، أن يكون  من أبوين يمنين، أن يكون حاصلا على الشهادة الجامعية أو ما يعادلها، أن يكون من ذوي الكفاءة والخبرة ،مستقيم الخلق والسلوك ، ألا يكون قد صدر ضده حكم بات في أي من جرائم الانتخاب أو في جريمة مخلة بالشرف والأمانة ، إذا كان منتميا إلى أي حزب أو تنظيم سياسي يجمد نشاطه الحزبي، مدة عضويته في اللجنة ، ألا يرشح نفسه في أي انتخابات عامة أو يشترك في الدعاية الانتخابية للأحزاب أو المرشحين مدة عضويته في اللجنة .

[7] – الفقرة 24 – د  من القانون رقم 13 لسنة 2001 بشأن الانتخابات العامة والاستفتاء.

[8] – الفقرة 24 – هـ  من القانون رقم 2001 بشأن الانتخابات العامة والاستفتاء.

[9] – الفقرة 24 – د  من نفس المرجع السابق

[10] – المادة 25- ب  من اللائحة التنفيذية للقانون الانتخابات رقم 13 لسنة 2001

[11] – المادة 26 من قانون الانتخابات العامة رقم 13 لسنة 2001م

[12] – المادة 24- د  من المرجع السابق

[13] – ففي مصر يحرر الجدول الانتخابي في المدن المقسمة على شياخات من قبل لجنة يرأسها المأمور وموظف يندبه مدير أمن المحافظة عضواً، وثلاثة أعضاء من هيئة الناخبين يختارهم مدير أمن المحافظة بشرط إجادتهم للقراءة والكتابة، أما في المدن المقسمة إلى حصص وقرى تشكل اللجنة من العمدة رئيساً وشيخ الحصة والمأذون وعضوين من الناخبين يختارهم المأمور بشرط إجادتهم للقراءة والكتابة طبقاً لأحكام المواد (2، 3) من اللائحة التنفيذية رقم 13008 لسنة 1994م، للقانون رقم 73 لسنة 1956م أشار إليها. إكرام عبد الحكيم محمد حسن، م.س، ص: 40-41

أما في فلسطين تتكون لجنة مركز الإقراع من أربعة أعضاء أحدهم يكون رئيسها تعينهم اللجنة المركزية للانتخابات بناءً على توصيات لجنة الدائرة الانتخابية بشرط حصولهم على شهادة الثانوية على الأقل طبقاً للمادة 16 من قانون الانتخاب الفلسطيني لعام 1995

أما في بريطانيا فتعد الجداول الانتخابية من قبل السلطات المحلية تحت إشراف موظف خاص يتم تعينه من قبل مجالس المناطق،و المقاطعات في انجلترا وويلز، ويسمى مأمور القيد، أشار إليها، عفيفي كامل عفيفي: الانتخابات النيابية وضماناتها الدستورية، م س، ص: 797

-[14] المادة التاسعة من ظهير شريف رقم 83-97-1 ، بتاريخ 2 ابريل 1997 كما عدل وتمم القانون رقم 64-02 ثم القانون رقم 23-06، وأخيراً القانون رقم 08-36 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5696 وتاريخ فاتح يناير 2009.

[15] – المادة (9، 10) من مدونة الانتخابات المغربية.

[16] – تنص المادة 26 من القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.297 بتاريخ 3 أكتوبر 2002، على ما يلي:”إذا وقع توقيف أو حل المجلس الجماعي أو استقالة جميع أعضائه المزاولين مهامهم، أو إذا تعذر تأليف مجلس، وجب تعين لجنة خاصة للقيام بمهام المجلس، تنتهي مهامها، بحكم القانون، بمجرد تأليف المجلس الجماعي من جديد…”

[17] – أشار إليها الحسن الجماعي في أطروحته لنيل الدكتوراه: الضوابط القانونية للانتخابات التشريعية في المغرب وفرنسا، كلية العلوم القانونية والاقتصادية، جامعة محمد الخامس، أكدال، السنة الجامعية 2000-2001، ص: 286

[18] – أشار إليها الحسن الجماعي: م س، ص: 286

[19] – الحسن الجماعي، م س، ص : 287

[20] – الفقرة 24 – د  من القانون رقم 13 لسنة 2001 بشأن الانتخابات العامة والاستفتاء

[21] – الفقرة24- هـ من نفس المرجع السابق.

[22] – المادة 26 من نفس المرجع السابق.

[23] – نصت المادة 13 من القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات “تعرض الطلبات والشكاوى المشار إليها في المادة السابقة على لجنة تسمى “لجنة الفصل” وتضم فضلا عن أعضاء اللجنة الإدارية المنصوص عليها في المادة 8 أعلاه ناخبين اثنين من بين الناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية للجماعة يعين أحدهما مجلس الجماعة وتعين الأخر السلطة الإدارية المحلية”

[24]– الفقرات (4، 5، 6) من المادة الثامنة من مدونة الانتخابات المغربية.

[25]– داود عبد الرزاق الباز: القيد في جداول الناخبين ومنازعاته. أمام القضاء ، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، طبعة 1990م س، ص 34.

[26]– عفيفي كامل عفيفي: الانتخابات النيابية وضماناتها الدستورية، دراسة مقارنة، دار الجامعين الإسكندرية، مصر، طبعة 2002. ، ص: 897.

[27] – المادة 138 من القانون رقم 13 لسنة 2009 بشأن الانتخابات العامة والاستفتاء .

[28] – المادتين 24-26 من نفس المرجع السابق

[29] – بوعزاوي بوجمعة: مراقبة صحة الانتخابات التشريعية المباشرة في المغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 1999-2000، ص: 27

[30] – بوعزاوي بوجمعة: م س، ص : 28

[31] – محمد عامري، الطعون الانتخابية في المغرب، إفريقيا الشرق، الطبعة الأولى، 1993، ص:129

[32]– الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بمراكش، بتاريخ 4 أبريل 2001 ،في الملف رقم 23/2001 أشار إليه، مراد آيت ساقل، القضاء الانتخابي بالمغرب في أفق استحقاق 2009 قراءة في منهجية الفصل في المنازعات الانتخابية من طرف القاضي الإداري، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسة الدراسات والأبحاث، العدد 5، ماي 2008م س، ص: 1

[33]– حكم محكمة جنوب غرب الأمانة رقم (124) لسنة 1427 هـ في القضية الإدارية رقم (8) لسنة 1427 الموافق 3/9/2006 م، غير منشور.

[34] – حكم محكمة القضاء الإداري المصرية في الدعوى الإدارية رقم (6271) لسنة 54 قضائية جلسة 2/11/2000 م، منشور في المشكلات العملية في الطعون الانتخابية ، أحمد يوسف وعزت أحمد يوسف، نوبل للنشر، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 2006، ص 354.

إقرأ أيضاً

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية Work …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *