التقنيات الحديثة المدمجة لمقاربة تدبير المخاطر ودورها في تعزيز مردودية المراقبة الجبائية
نبيل الإدريسي الزكاري
(طالب باحث بسلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس، أكدال)
تشكل الموارد الجبائية في المملكة المغربية العمود الفقري لموارد الدولة، فهي تمثل ما يزيد عن 90% من مجموع الموارد العادية، كما أنها تساهم بشكل عام في تحقيق الاستقرار الإقتصادي عن طريق حماية الإقتصاد من التضخم و الإنكماش، كما توظف من أجل حماية الإنتاج الوطني، و تحسين وثيرة الإستثمار عن طريق النفقات الجبائية، فضلا عن كونها أداة لتذويب الفوارق الإجتماعية و إعادة توزيع الدخل و الثروة بين مختلف فئات المجتمع، بالإضافة إلى تسخيرها لتحقيق التنمية الإقتصادية و الإجتماعية.
إلا أن الذي يقلص من دور الضريبة و يهدد وجودها، احتيال بعض الملزمين بالضريبة للتهرب من إلتزاماتهم الضريبية التي يفرضها القانون، حيث يؤدي هذا التهرب إلى إحداث آثار سيئة سواء من ناحية التقليص من حصيلة الضرائب أو من ناحية عدالة توزيع العبئ الضريبي على النحو الذي قصده واضعوا السياسة الضريبية. إذ يزداد العبئ بالنسبة لمن قاموا بأداء التزاماتهم الضريبية على الوجه الأكمل، بينما ينخفض و يتلاشى هذا العبئ بالنسبة لمن تمكنوا من التهرب من هذه الإلتزامات الضريبية أو من جانب منها[1]. و عليه فإن وجود ملزم ملتزم بواجباته تجاه الإدارة الضريبية و آخر متملص من هذه الواجبات، بالإضافة إلى وجود متهرب معاقب و آخر غير معاقب من طرف الإدارة الضريبية يضع فعالية المراقبة الضريبية و العدالة الضريبية على المحك، كما أنه يكرس المنافسة غير المشروعة.
وهذا ما يستلزم ضرورة تحديث و تأهيل الإدارة الضريبية لمواجهة هذه التحديّات و مواكبة التطورات المتسارعة التي يعرفها الإقتصاد، خاصة في ظل اشتداد ظاهرة العولمة، وهذا التحديث يجب أن يرتكز على تزويد الإدارة الضريبية بالوسائل التقنية و التكنولوجية من أجل تسريع عملية مراقبة ملفات الخاضعين للضريبة و تغطية كافة الأنشطة و الملزمين، إلى جانب ضرورة إستقطاب مزيد من الموظفين الذين يتوفرون على خبرات و مهارات مهمة في علوم الضريبة و المحاسبة و القانون و الإقتصاد و كذا علوم الإدارة و التدبير. و خلق شبكة لتواصل الإدارات فيما بينها سواء تعلق الأمر بالتواصل الأفقي أو العمودي[2]. و تعزيز تبادل المعلومات بين مختلف الإدارات الضريبية و مصالح الضمان الإجتماعي و المؤسسات المالية و المصرفية لإستهداف الغش الضريبي عبر تحليل “تداخلات البيانات” “Recoupement des données” و استنباط الثغرات التي تساهم في كشفه.
و الإشكالية المحورية التي تعاني منها منظومة المراقبة الجبائية بالمملكة، تتجلى في عدم قدرة عملية المراقبة الضريبية على تغطية و معالجة كافة التصاريح نظرا لضخامتها و في هذا الصدد، فإن عملية المراقبة طوال السنوات السابقة لم تكن تغطي سوى أقل من 3 في المائة من التصريحات، كما أنه على الرغم من رفع معدلاتها بحوالي نقطتين ابتداء من سنة 2016 بفضل رقمنة معظم مهن إدارة الضرائب حيث تمت زيادة عدد عمليات المراقبة من 1200 إلى حوالي 3258 عملية، فالإدارة الضريبية المغربية ما تزال بعيدة عن المعايير الدولية في هذا المجال [3]. كما أن عملية المراقبة قد خضعت خلال السنوات السابقة للذاتية نضرا لمحدودية النظام في تدبير الكم الهائل من الخاضعين، حيث يتم التوجه في كل عملية مراقبة لنفس الخاضعين، في حين أن العديد من الخاضعين لم تبرمج لهم أية زيارة مطلقا، و هذا يُعزى لضعف المنظومة الضريبية في السابق و غياب مقاربة واضحة لإستهداف مكامن الغش الضريبي. هذا دون ذكر القطاع الغير المهيكل الذي يعد أساسا خارجا عن هذا النظام بالرغم من الحيز الهام الذي يشغله في الإقتصاد، الأمر الذي يستدعي استحداث حلول جوهرية لتنظيمه و إدماجه. و عليه فإن كل هذه العوامل ساهمت في تفاقم الغش الضريبي و تكريس محدودية المراقبة الجبائية و بالتالي تفويت مبالغ هامة على خزينة الدولة.
و تمارس الإدارة الجبائية حقها في مراقبة تصريحات المقاولة و الملزمين، مقابل نظام الإقرار المعتمد في تحديد الأساس الذي تُفرض عليه الضريبة، و ذلك للتأكد من صحة البيانات التي تم الإدلاء بها من طرف المقاولة و مدى مطابقتها للعمليات التي قامت بها بناء على المعطيات التي توفرت لدى الإدارة من خلال عملية المراقبة [4].
و تتجلى سلطة الإدارة الجبائية في مراقبة ملزميها و تحري مدى صدق عقودهم و تصريحاتهم، و لها في ذلك عدة آليات، فقد تمارس حق المعاينة [5] و حق الإطلاع [6]، و قد تستعمل الحقين معا لممارسة حق أثقل هو حق الفحص المحاسبي [7].
و كما أسلفنا سابقا، فإن الإشكال المطروح يتجلى في كيفية السيطرة و إخضاع العدد الضخم من التصريحات و المقاولات لعملية المراقبة، خاصة في ظل قلة إمكانات الإدارات الضريبية و الخصاص في الموارد اللوجيستية و البشرية، كما أنه بالرغم من وجود ترسانة قانونية ضخمة في هذا المجال، فإن النصوص الجبائية مهما بلغت من الدقة و الأهمية تبقى مرتبطة بمدى قابليتها للتطبيق، و عليه فإن قوة الإدارة الضريبية لا تكمن فيما يُوفره لها القانون من سلطات بل يبقى الأهم هو مدى قدرتها على تفعيل هذه السلطات على أرض الواقع بالإضافة إلى بلوغ الأهداف المرجوة منها[8]. و لعل أهم ما يُحَجِّم من هذه الفعّالية هو محدودية الموارد البشرية و على رأسها تعداد المفتشين المحققين[9]، المكلفين بمراقبة أكثر من نصف مليون 500.000 مقاولة، و يعتبر ذلك من أكبر العوائق التي ينبغي تجاوزها [10].
و توظيف عدد ضخم من الموظفين لا يعد حلا جذريا لهذا المشكل خاصة في ظل تضخم الجهاز الإداري و ارتفاع كتلة الأجور التي “تلتهم” جزء غير يسير من الموارد العمومية يمكن توظيفها بطريقة أكثر إنتاجية، و عليه فإن الحاجة تقتضي إرساء حلول جوهرية تُوفِق بين معادلة تحقيق تحصين للموارد الضريبية و تحقيق المردودية الضريبية في ظل محدودية الوسائل المتاحة للإدارة الضريبية.
و من ضمن هذه الحلول الجوهرية، تعتبر مقاربة إدارة المخاطر خيارا إستراتيجيا للإدارات الجبائية، فأمام النمو و التطور المطّرد الذي يعرفه الإقتصاد، و ما يوازيه من خضوع العديد من الأنشطة للضريبة مع ما يعتريها أحيانا من عدم قدرة الإدارة الضريبية الوصول لبعضها و تفشي ظاهرة الغش الضريبي، خاصة في ظل الخصاص في الموارد البشرية المؤهلة، تبرز الحاجة إلى ضرورة ترشيد الموارد المرصودة لعملية المراقبة الجبائية للرفع من مردوديتها، إلى جانب تأمين المرونة أثناء القيام بعملية المراقبة لكي لا تؤثر على إنسيابية الأنشطة الإقتصادية، وفي هذا الصدد أجمع العديد من المتخصصين على أن الإفراط في المراقبة يقتل المراقبة “trop de contrôle tue le contrôle” كما يتعين على عملية المراقبة أن تتم بشكل أقل و دقيق لكي تتحقق بشكل أفضل “Contrôler moins pour contrôler mieux” و ذلك لكي تنصّب على إستهداف مكامن الغش الضريبي و تحديدها بدقة و عدم إضاعة الجهد في عمليات روتينية للمراقبة دون جدوى و مردودية .
و مقاربة إدارة المخاطر التي تحقق هذه الغاية تقوم على إدماج جملة من المخاطر أثناء عملية المراقبة، و بناءً على تحليلها يتم إنشاء جملة من الإخطارات و الإشارات و التنبؤات التي ُتوَجه عملية المراقبة نحو إستهداف مكامن الغش الضريبي و القيام بعمليات دقيقة لإستئصالها، دون المساس بمرونة عملية المراقبة في مجملها.
و فيما يلي شرح مفاهيمي لسيرورة عملية المراقبة القائمة على إدارة المخاطر المرتكزة على التكنلوجيات الحديثة، و دورها في إستهداف و إنتقاء الأهداف عبر تصنيف موضوعي للتصريحات حسب معدل المخاطر المحتسب.
عملية المراقبة القائمة على إدارة المخاطر و دورها في استهداف و انتقاء الأهداف [11]
و لقد استطاعت العديد من الإدارات الجبائية خاصة في الدول الغربية، تحقيق نتائج ذات مردودية عالية، فيما يخص إدماج مقاربة إدارة المخاطر في صلب عمليات المراقبة الجبائية، و تدعيم دورها بفضل إستعمال تكنلوجيا المعلومات و الإتصال الحديثة نضرا لمحدودية العقل البشري في تتبع الكم الهائل من الملفات و التصريحات خلال الزمن الحقيقي، وهو ما مكن من الرفع من حصيلة المبالغ المراجعة التي تم تحصيلها لفائدة الخزينة و ترشيد الموارد المرصودة لعملية المراقبة.
و يأتي على رأس هاته التكنلوجيات تقنية ” البيانات الضخمة” أو “Big DATA “.
ثم تقنية ” التنقيب عن البيانات ” أو “Data mining”.
ولقد عرف معهد ماكنزي العالمي سنة 2011 “البيانات الضخمة “[12] على أنها “أي مجموعة من البيانات التي هي بحجم يفوق قدرة أدوات قواعد البيانات التقليدية من إلتقاط، تخزين، إدارة و تحليل تلك البيانات”[13].
ففي ظل اشتداد ظاهرة العولمة و ما واكبها من إنتشار للمعلومات على الشبكة العنكبوتية، أضحت هذه الأخيرة مرتعا لعدد ضخم من المعلومات و الوثائق الرقمية الخاصة بمختلف الميادين[14] و التي يصعب في العديد من الأحيان استغلالها[15]، ومن هنا ظهر هذا المصطلح ” البيانات الضخمة” ، وهي عبارة عن مجموعة من البيانات الضخمة جداً [16] والمعقدة لدرجة أنه يُصبح من الصعب معالجتها باستخدام أداة واحدة فقط من أدوات إدارة قواعد البيانات أو باستخدام تطبيقات معالجة البيانات التقليدية. حيث تشمل هذه التحديات الالتقاط، و جمع المعلومات والمدة، والتخزين، والبحث، والمشاركة، والنقل، والتحليل والتصور. ويرجع الاتجاه إلي إلى تبني مصطلح البيانات الضخمة كذلك بسبب المعلومات الإضافية المشتقة من تحليل مجموعة واحدة كبيرة من البيانات ذات الصلة، بالمقارنة مع المجموعات المنفصلة الأصغر حجماً مع نفس الحجم الإجمالي للبيانات، مما يسمح بوجود ارتباطات تكشف على سبيل المثال “الاتجاهات التجارية المحورية، وتحديد جودة البحث، وربط الاستشهادات القانونية، ومكافحة الجريمة وتحديد ظروف حركة تدفق البيانات في الوقت الحقيقي”.
وتتألف “البيانات الضخمة” من “المعلومات المنظمة” و هي المعلومات المؤهلة للاستغلال المعلوماتي نضرا لاحترامها للمعايير التقنية و سهولة استغلالها مباشرة . بالإضافة إلى “المعلومات غير المنظمة ” و هي ما ينتجه البشر، كرسائل البريد الإلكتروني، مقاطع الفيديو، التغريدات، منشورات فيس بوك، رسائل الدردشة على الواتساب و المنتديات الإلكترونية، النقرات على المواقع وغيرها. و”المعلومات المنظمة” تشكل جزء ضئيل يصل إلى 10% مقارنة ب”المعلومات غير المنظمة ” والتي تشكل الباقي، الأمر الذي يستلزم معالجة “المعلومات غير المنظمة” لتسهيل إستعمالها.
و فيما يتعلق بمكافحة الغش الضريبي، تشكل البيئة الإلكترونية و العالم الإفتراضي على شبكة الإنترنت فضاءً غنيا لإستغلال “البيانات الضخمة ” عن طريق جمع و إنتاج المعلومات القيمة و المفيدة في عمليّة المراقبة، و نذكر على سبيل المثال رصد معلومات حول نشاط مقاولة معينة تدّعي أنها في وضعية التوقف أو عجز رغم قيامها بعدة عمليات تجارية، أو رصد أنشطة لبيع المواد المهربة و الشبكات المتورطة في ذلك، أو جمع معلومات حول تزييف منشأ منتج معين للإلتفاف حول مقتضيات اتفاقيات التبادل الحر، رصد عمليات التقليل من القيم و رقم المعاملات و الأعمال الخاضعة للضريبة، عمليات تبييض الأموال رصد عمليات الإغراق، كشف الأنشطة و المقاولات الخفية لبعض المتملصين…
و أكثر من ذلك، و لإبراز أهمية دور ” البيانات الضخمة ” يجب أولا التفرقة بين البيانات و المعلومات، فالبيانات هي حقائق محظة، فهي سلسلة غير مترابطة من الحقائق الموضوعية التي يمكن الحصول عليها عن طريق الملاحظة أو عن طريق البحث والتسجيل، أما المعلومات فهي تعرف على أنها البيانات التي تمت معالجتها بحيث أصبحت ذات معنى وباتت مرتبطة بسياق معين[17]. و في سياق الغش الضريبي يحيلنا الأمر على التنبؤ بعمليات الغش و أيضا إستنباط المعلومات عبر تحليل نتائج تقاطعات البيانات
“Recoupement des données” و رصد العلاقات القائمة بين العناصر و المتدخلين في هذه العمليات مما يساهم في كشف خيوط هذه العمليات المعقّدة.
و أمام الحاجة الملحة لدعم إتخاذ القرارات على ضوء المعرفة التي يتم الحصول عليها من المعلومات المحصل عليها من البيانات التي تم تجهيزها وتنظيمها وهيكلتها و سياقتها، تقتضي الضرورة اللجوء إلى تحليل منهجي لهذه البيانات بواسطة نظام معلوماتي قوي لما يوفره من سرعة في توفير المعلومة خلال الزمن الحقيقي و سرعة قياسية مقارنة بالتدخل البشري. و تعتمد تقنية ” البيانات الضخمة” حسب شركة “آي بي إم” ، إلى إستخدام مقاربة تحليلية معقدة تغطي أربعة أبعاد :
1.الحجم (Volume)، والذي يشير إلى سعة و نطاق البيانات؛
2.السرعة (VITESSE) ، التي تضمن تحليل البيانات المتدفقة في الزمن الحقيقي، على سبيل المثال في البورصة أو في السيارات المزودة بأجهزة استشعار.
3. التنوع (Variété) ، ويتعلق الأمر بتحليل أشكال مختلفة من البيانات (البيانات المهيكلة وغير المهيكلة، والنص والصوت والفيديو، وبيانات الاستشعار، وسائل الاعلام الاجتماعية، الخ)؛
4. المصداقية (Véracité) و التي تحيل إلى ضرورة التعامل مع الحالات الكامنة في عدم التيقن من البيانات و مصادرها، مما يقتضي ضرورة التحقق من جودة هاته البيانات وتوافرها واكتمالها ودقتها و أيضا تناسقها.
الأبعاد التي يتعين إدماجها في مشروع ” البيانات الضخمة
أما فيا يتعلق بتقنية ” التنقيب عن البيانات ” أو “Data mining”[18]. فيمكن تعريفها كتقنية تهدف إلى استنتاج المعرفة من كميات هائلة من البيانات، وهي تعتمد على الخوارزميات الرياضية والتي تعتبر أساس التنقيب عن البيانات وهي مستمدة من العديد من العلوم مثل علم الإحصاء والرياضيات والمنطق وعلم التعلم، والذكاء الاصطناعي والنظم الخبيرة، وعلم التعرف على الأنماط، وعلم الآلة. وغيرها من العلوم والتي تعتبر من العلوم الذكية وغير التقليدية.
ويمكن الإستفادة من “البيانات الضخمة” في عملية التنقيب عن البيانات أو Data Mining باعتبارها بيئة لممارسة التنقيب عن البيانات، حيث تتمحور هذه العملية على القيام بالجمع و البحث وتحليل البيانات للحصول على الأنماط المتشابهة و إستنباط الحقائق وتحويلها إلى معلومات مفيدة للباحث للإستفادة منها في أماكن أخرى. وهي عملية تتم بشكل آلي أو شبه آلي تتقاطع فيها أنظمة الذكاء الإصطناعي والأجهزة المتعاملة مع قواعد البيانات العملاقة والأساليب الإحصائية المعقدة. و عليه يمكن لمفهوم هذه التقنية أن يشمل تحويل هذه البيانات إلى توقعات ذات قيمة مهمة.
و عليه تعتبر التقنيتان “البيانات الضخمة” و “التنقيب عن البيانات” المكملتان لبعضهما، حقلين مهمين للمعرفة حيث تتقاطع مزايا علم الإقتصاد القياسي وتكنلوجيا المعلومات الحديثة، وربط التقنيتان بمجال المراقبة الجبائية و الجمركية يشكل فرصة هامة ذات قيمة مضافة عالية بالنسبة للمفتشين العاملين بالإدارات الجبائية، من حيث توفير المعلومات القيّمة و توجيه عمليات المراقبة، ومن جهة أخرى فيما يخص التوقع و الوقاية من المخاطر الضريبية خلال عمليات المراقبة المستقبلية، وكل ذلك يصب في تحقيق الهدف الذي تتوخاه الإدارة الجبائية و الذي يتجلى في مكافحة جميع أنواع الاحتيال الضريبي من خلال تشجيع استغلال أمثل للبيانات المتعلقة بدافعي الضرائب (الشركات والأفراد)..[19]
و حلول “البيانات الضخمة” و “التنقيب عن البيانات” هي فعالة جدا في الكشف عن حالات الغش الضريبي و التهرب من دفع الضرائب. حيث أنها تسمح بتحليل كميات كبيرة من البيانات في وقت وجيز، مقارنة بالتدخل البشري الذي يمكن أن يستغرق شهورا عديدة للعثور عليها و في أحيان عديدة عدم الوصول إلى خيوطها. والعديد من الدول اختبرت أو نفذت هذه الحلول في المراقبة الجبائية بنجاح. حيث أظهرت فعاليتها في القيام بمكافحة التهرب من دفع الضرائب، خاصة فيما يتعلق بالاحتيال و التهرب من دفع الضريبة على القيمة المضافة، حيث أن هذه الحلول تقوم بتحليل كميات كبيرة من البيانات في الزمن الحقيقي، وكشف التناقضات الغير مرئية أو التي يصعب كشفها من طرف العقل البشري[20].
و في ظل اشتداد ظاهرة العولمة تزداد الحاجة إلى تحصين الموارد الضريبية تجاه مختلف المخاطر التي تؤدي إلى تبديدها و بالتالي تراجع التنمية الإقتصادية و الإجتماعية، لذا أصبح من الضروري إدماج هذه الحلول و جعلها أدوات جوهرية في تنزيل أية مقاربة إصلاحية في النهوض بالمراقبة الجبائية داخل بلادنا. فإلى أي حد تستطيع معه التكنلوجيات الحديثة تحقيق طفرة في مردودية المراقبة الجبائية ؟ و أين تتموقع بلادنا ضمن الدول الرائدة في هذا المجال؟
و عليه سنتطرق في هذه المقالة إلى دور تقنيات و تكنلوجيات المعلومات الحديثة المدمجة لمقاربة تدبير المخاطر في الرفع من مردودية المراقبة الجبائية على ضوء التجارب المقارنة من خلال المحور الأول، على أن نخصص المحور الثاني لدراسة تنفيذ مشاريع المراقبة الجبائية المرتكزة على التكنلوجيات الحديثة و تموقع المملكة المغربية في هذا المجال.
المبحث الأول : دور تقنيات و تكنلوجيات المعلومات الحديثة المدمجة لمقاربة تدبير المخاطر في الرفع من مردودية المراقبة الجبائية على ضوء التجارب المقارنة
تعتبر محاربة الغش عن طريق تقنيات “البيانات الكبيرة” و “التنقيب عن البيانات” المرتكزة على التكنلوجيات الحديثة، فعالة جدا في الكشف عن حالات الغش الضريبي و التهرب من دفع الضرائب. حيث أنها تسمح بتحليل كميات كبيرة من البيانات في الوقت الحقيقي، مقارنة بالتدخل البشري الذي يمكن أن يستغرق شهورا عديدة للعثور عليها. والعديد من الدول اختبرت أو نفذت هذه الحلول في المراقبة الجبائية بنجاح. و فيما يلي عرض لأهم التجارب المقارنة في هذا المجال.
- دولة بلجيكا
إعتمد النموذج البلجيكي على نظام مطور من طرف شركة SAS لمكافحة ” الغش الحلقي المتعلق بالتهرب من دفع الضريبة على القيمة المضافة” ” Fraude TVA de type carrousel” حيث مكن الإدارة الضريبية من رصد هاته الظاهرة و مختلف التناقضات و الإختلالات المتعلقة بها في زمن قياسي[21].
و هذا النظام يستمد مدخلاته من خلال تحليل متعدد المصادر ( المعلومات المتوفرة على الشبكة العالمية، المعطيات المتوفرة لدى الإدارة الضريبية، المعلومات المتوصل بها من قبل شركاء الإدارة الضريبية في إطار تبادل المعلومات) حيث أنه يعطي نظرة شاملة على الاحتيال و الغش الضريبي عبر نهج تحليلي يسمح بربط الأحداث و سيناريوهات الغش التي لا تبدو من أول وهلة. و هو يعتمد المقاربة الإستباقية القائمة على تحديد الأولويات في التصدي للغش الضريبي عبر أنظمة للرصد و التتبع و التي تتخذ شكل تنبيهات و اخطارات تُوجه عملية المراقبة و المحققين.
و في هذا الصدد، يعد إستخدام برامج كشف الغش الضريبي المطورة من قبل شركات رائدة في هذا المجال كبرامج SPSS ، SAS ، أو I2 في تحليل المعلومات المتعددة المصادر وكذا المتوفرة على الشبكة العنكبوتية و الشبكات الإجتماعي، عمليا و فعالا في كشف و تمثيل الروابط بين مختلف المتدخلين في عمليات الغش الضريبي عبر تمثيلها في شكل رسوم بيانية، مما يسمح معه بكشف الروابط المشبوهة والأنشطة بشكل لم يسبق له مثيل، حيث أن عمليات الغش التي كانت تستغرق أسابيع لاكتشافها، أصبحت تعالج فقط في غضون دقائق[22].
و يشار إلى أنه في مثل هذه الحلقات، فإن وجود البضائع أصلا أو تداولها على أرض الواقع يعد غير ضروري، ويعزى ذلك إلى كون الهدف المشترك للمشاركين في هذه العملية لا ينصب على تحقيق عملية إقتصادية وتجارية، لكنه يهدف إلى تقاسم الضريبة على القيمة المضافة المتهرب من دفعها للدولة عن طريق الاحتيال، و الإستفادة من الخصوم أو استرداد الضريبة على القيمة المضافة التي لم يتم دفعها من المنبع، إلى جانب تخفيض سعر السلعة لكسب حصة في السوق.
و التحدي الذي كان مطروحا على السلطات الضريبية في بلجيكا هو أنها كانت في سباق مع الوقت و كسب عامل الزمن في مواجهة الشركات و المقاولات المتورطة في هذه الممارسات التدليسية و التي سرعان ما تختفي و يفقد أثرها، مع ما يشكله ذلك من هضم للحقوق و تفويت مبالغ هامة على خزينة الدولة نضرا لما تتطلبه عملية المراقبة الكلاسيكية من ووقت و مساطر و التي مهما بلغت من التبسيط، فهي قد تصطدم باشتداد تحديات ظاهرة العولمة[24].
و بفضل تقنيات “البيانات الكبيرة” و “التنقيب عن البيانات” المُدْمَجَة في النظام الُمطَوّر لمكافحة “الغش الحلقي” الخاص بالإدارة الضريبية ببلجيكا، إستطاعت بلجيكا مواكبة التحديات و تخفيض الغش المتعلق بالضريبة القيمة المضافة و ما ينتج عنه من خسائر لفائدة الخزينة بنسبة تتراوح ما بين 80٪ و 90٪ حيث تقدر المبالغ التي تم إرجاعها للخزينة بمليار يورو € سنويا ما بين 2001 و 2010، إلى جانب تخفيض الوقت اللازم للقيام بعمليات الكشف من 3 أسابيع في السابق إلى … 5 دقائق! [25].
و في إطار جهود مكافحة الغش الضريبي كذلك، و بالنظر إلى ارتكاز “المفتشية الخاصة للضرائب” ببلجيكا على مكافحة الغش الضريبي المنظم، أي الذي يتخذ شكل “شبكات” و “تنظيمات”، فلقد انصبت جهود المفتشية على تحليل المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت بواسطة هذه التقنيات الحديثة، و على رأس المواقع التي استهدفت شبكة “Offshore Leaks [26]” التي تحتوي على أكثر من 2.5 مليون من الملفات و التسريبات و التي ظهرت بشكل مفاجئ و شكلت كنزا من المعلومات و موضوع بحث لدى الصحفيين والإدارات الضريبية حول العالم. بحيث تمكنت المفتشية من كشف العشرات من الشبكات المتورطة في التهرب و الغش الضريبيين، و بالنظر للكم الضخم الذي تحتويه هذه الشبكة من المعلومات فكان من المستحيل كشف التداخلات و الروابط و العلاقات القائمة بينها و ربط الأحداث دون إخضاعها للتحليل بهذه التقنيات الحديثة التي تفوق التدخل البشري و المعالجة المعلوماتية الكلاسيكية. فبدون استعمال هذه التقنيات الحديثة في التحري يبدو الأمر مثل “البحث عن ابرة داخل كومة قش”.
كما أصبح بمقدور المفتشين إمكانية الوصول إلى خيوط هذه الشبكات و فهم تنظيمها و نشاطها قبل إجراء تحقيق ميداني[27].
يقدر حجم التهرب الضريبي بايطاليا نحو 120 مليار أورو سنويا[28] وهو يمثل 7،5% من الناتج الداخلي الخام.[29] و يعزى إنتشار هذه الظاهرة حسب الكنفدرالية العامة للصناعة الإيطالية كون 99% من الملزمين يخضعون لمراقبة جبائية معمقة مرة واحدة كل 33 إلى 50 عاما[30] . في إطار جهود مكافحة التهرب الضريبي لجأت إدارة الضرائب الإيطالية في 4 يناير من سنة 2013 إلى إستعمال ربوت محوسب يطلق عليه “redditometro”، وهو يستخدم المئات من المؤشرات التي تمكن من رصد الإختلافات بين حصيلة المبالغ التي تم إنفاقها (و التي على أساسها يتم إحتساب المبالغ المفترض تحصيلها) مع تلك المصرح بها. و حيث أن التصريح الإلكتروني بإيطاليا قد أصبح إلزاميا، فالنظام يقوم بتحليل البيانات على إمتداد فترة زمنية معينة و بالتالي فهو عبارة عن مؤشر عن الدخل، حيث يقارن النظام بين النفقات التي يدفعها الملزمون و تصريحاتهم الضريبية السنوية المودعة[31]، وفي حالة رصد حالات يتجاوز الفرق فيها 20٪ (مع مراعاة دخل الأسرة الإجمالي)، يتم الشروع في عملية المراجعة المعمقة للحسابات من طرف الإدارة الضريبية الإيطالية، و بالتالي فإن الإنحرافات التي يتم رصدها تُمكّن من توجيه عمليات التفتيش بكل دقة نحو المكامن المحتملة للغش الضريبي، و أهمية هذه التقنية تكمن في أنها تمكن من استخدام البيانات المصرفية والمالية للأفراد وكذلك البيانات المتعلقة بالتجار و عملياتهم، مما يمكن المصالح الضريبية من الوقوف على نطاق التقاطع في التصاريح و كشف التضاربات، و بالتالي أصبحت المصالح الضريبية قادرة على معرفة أدق التفاصيل و المعاملات كمعرفة تكلفة شراء سيارة ومصاريف الملابس، والاستثمارات المالية أو العقارية.
و لقد تم توسيع العمل بهذا النظام منذ شهر مارس 2013 ليشمل كافة الدخول المصرح بها منذ سنة 2009، و على إثر ذلك فإن عمليات التدقيق في إيطاليا قد تحسنت بشكل كبير، وهي تستفيد من حيث أن معظم المعاملات تتطلب استخدام رقم ضريبي فريد ووحيد يناط بكل دافع للضرائب (في العقود، والرهون العقارية، ومنتجات التأمين، الخ). أما باقي المعاملات الأخرى، فإن وزارة المالية الإيطالية أعادت تصنيف البيانات الإحصائية الوطنية على أساس جغرافي: حيث تم تقسيم إيطاليا إلى خمس مناطق جغرافية، كما تم تقسيم النفقات إلى 11 فئة مختلفة تتراوح ما بين العزاب تحت 35 سنة إلى الأزواج أكثر من 65 عاما.
و بالموازاة مع مراجعة هذا النظام المعلوماتي المعتمد لدخول 35،000 من الأسر الايطالية خلال السنوات الأربع التي سبقت سنة 2013. فلقد مٌنحت ضمانات للخاضعين تتجلى في حق الاعتراض و التعقيب على طلبات التوضيح التي تبعث بها الإدارة، عبر تقديم الحجج و الوثائق التي تبرئ ذمتهم تجاه الحقوق المحتملة للإدارة الضريبية. كما تم الأخذ بعين الإعتبار لمختلف العناصر غير المباشرة، مثل الدخل الكلي لكل أسرة من أجل تلافي الإنحرافات المحتملة. و في حالة عدم قدرة الخاضعين على إثبات صحة تصريحاتهم المقدمة يتم اللجوء إلى عملية التدقيق المعمق من قبل الإدارة الضريبية [32].
وتعد الوسيلة المعلوماتية “redditometro” أداة فعالة لإستهداف المخاطر الضريبية نضرا لتلقائيتها في إستهداف التصريحات الناقصة و المزيفة و المتضمنة للغش الضريبي، فهي تعتمد بشكل كبير على استخدام البيانات المالية، لكن من العوامل التي تحد من فعّاليته هو أن هذه الرقابة المالية المُحكمة يمكن أن تحرض في المقابل المدلسين على إستعمال المال خارج قنوات الشبكات البنكية التي تخضع بياناتها لرقابة مشددة من قبل السلطات الضريبية.
و على إثر ذلك فإن الإدارة الضريبية بإيطاليا باتت تتطلع إلى تطوير هذا النظام بهدف خلق رقابة قبلية قادرة على التنبؤ بمختلف حالات الغش الضريبي.
وعلى الرغم من من النجاح الذي حققه نظام “redditometro” فإن محكمة نابولي في إيطاليا قد أقرت في 24 ديسمبر 2013 بأن نظام ” redditometro ” يتعارض مع احترام الحياة الخاصة للأفراد ( البيانات الشخصية) لكن لم يتم حظر البرنامج الذي كان قد أذن به “وسيط الخصوصية بايطاليا ” في 21 نوفمبر 2013. و لقد أدى هذا بالبعض إلى وصف هذا النظام بأنه “أداة للتجسس الضريبي” .
و يستمد هذا النظام قوته في أنه يتكون من 1500 الخوادم و 3 أجهزة كمبيوتر مركزية قوية، وهو يجمع لوزارة المالية الإيطالية معلومات من 300 قاعدة للبيانات (بما في ذلك السجل العقاري وسجلات الأحوال المدنية، المركبات، والسفن وغيرها) بالإضافة إلى المعلومات المستقاة من 10.000 إدارة عمومية [33].
ولقد أصبح بمقدور الإدارة الضريبية الوصول إلى البيانات المتضمنة في الحسابات المصرفية، وأرصدة الاستثمارات وإجمالي عمليات الحسابات الجارية السنوية و أمام هذا النجاح المذهل تم تطوير نسخة أخرى من هذا البرنامج شملت إدماج 120 قاعدة إضافية للبيانات، كما بات هذا النظام محط مراقبة و تتبع مستمر من قبل السلطة المكلفة بحماية البيانات الشخصية (وهي التي تحدد الإجراءات ومدة الجمع و تفاصيل هذا النوع من المعلومات المستعملة من قبل إدارة الضرائب و مدى احترامها للخصوصية ).
- المملكة المتحدة :
قامت المملكة المتحدة بتطوير نظام « Connect »للتحقق من مصداقية الإقرارات الضريبية والإعفاءات الضريبية التي يستفيد منها بعض الخاضعين للضريبة دون وجه حق. و يهدف هذا النظام أساسا إلى تجنب منح “المبالغ المستردة ” من دون التحقق من صحتها[34].
و لقد تم تطوير هذا النظام منذ سنة 2009 من طرف شركة ” BAE systems” بتكلفة بلغت 45 مليون جنيه إسترليني، و تم بدئ العمل به سنة 2010.
وو تحليل تقاطع البيانات إلى جانب كشف التضاربات بين التصريحات المودعة و المعلومات التي بحوزة الإدارة الضريبية، الذي تخوله تقنية “التنقيب عن البيانات” التي يرتكز عليها نظام « Connect » خلّف معجزة في مجال زجر الغش الضريبي بالمملكة المتحدة.
و بفضل المعالجة الرقمية للبيانات المتعلقة بالمقاولات الصغيرة والمتوسطة و الكبرى وأصحاب المشاريع الذاتية من قبل مصلحة الضرائب. فإن المصلحة لا تبدأ بعملية التحقق المعمق إلا في حالة كشف النظام المعلوماتي عن أرقام معاملات تختلف كثيرا عن تلك التي أعلن عنها في السنوات السابقة، وخاصة فيما يتعلق بالتكاليف و النفقات، وهذا يؤشر على الإستهداف الدقيق لمكامن الغش من قبل هذا النظام.
ولقد مكن نظام «Connect» من إدماج البيانات المتعلقة ب 38 مليون شخص و 4.8 مليون شركة في البلاد[35] منذ فاتح أبريل 2009، كما تم السماح للإدارة الضريبية بجمع البيانات من مصادر خارجية متعددة، حيث أن نظام «Connect» يقوم بمقارنة الإقرارات الضريبية لدافعي الضرائب مع ما يقارب الثلاثين من قواعد نظام البيانات المختلفة، بما في ذلك المتعلقة بالحسابات المصرفية، العقارات المسجلة بالمحافظة العقارية، الإعانات الاجتماعية المدفوعة وحتى عروض الوظائف الماضية المعلنة في الصحف أو على شبكة الإنترنت. و لقد مكن هذا النظام من إسترجاع 2 مليار جنيه من الإيرادات الإضافية للسنة المالية 2011-2012 ومن تم سرعان ما قفزت لتقارب 22 دولار مليار جنيه من السنة المالية 2014-2015.[36]
تعتبر تقنية “البيانات الضخمة ” وليدة الإستعمال في فرنسا مقارنة مع باقي الدول الأوروبية التي سبقتها في هذا المجال، فلقد رأت النور في 6 مارس 2014، و في هذا الصدد فإن المديرية العامة للمالية العمومية
“DGFiP “[37] ، و المديرية الوطنية للتحقيق الضريبي التابعة لها، أعطت الإنطلاقة الأولى لمعالجة البيانات الضريبية على أساس إستعمال تقنية ” التنقيب عن البيانات ” ” ingData min ” و “البيانات الضخمة ” في كشف حالات الاحتيال الضريبي وهي ترتكز على منظومة ل ” إستهداف الغش و تثمين المعلومات المستقصية ” ciblage de la fraude et valorisation des requêtes (CFVR) “” .
وهذه المبادرة تعكس الرغبة في جعل تقنيات “استخراج البيانات” أو “التنقيب عن البيانات” قوة موجهة لمهام المراقبة الضريبية، وهذه المهمة أضحت مؤطرة لهذا النهج قانونيا بقرار من اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات بفرنسا بتاريخ 30 يناير 2014، وقرار وزاري في 21 فبراير 2014. [38]
وبناء عليه تم وضع دعامة لهذا المشروع عبارة عن مستودع بيانات وحيد يطلق عليه “EDEN” وهو يعتمد على 11 مصدرا من المعلومات الدقيقة و ذات المصداقية المتأتية من مصادر مختلفة[39]، إلى جانب جمعها مع العديد من البيانات الشخصية والمهنية.
و بعد مرحلة جمع المعلومات، تأتي عملية “الإستعلام و التثمين” “Requêtes et valorisation”، وهي ترتكز على مقارنة التصاريح التي ستخضع لعملية المراقبة و التي تم إيداعها الكترونيا، بالمعلومات التي تم تجميعها في السابق عبر تحليل “تداخلات البيانات” و من تمّ كشف الإغفالات و التناقضات و التضاربات في التصاريح.
و بالإضافة إلى ذلك يتم توظيف المعطيات المتعلقة بالغش الضريبي المكتشفة في السابق، و التي بناءً عليها يتم تحديد “أنماط الغش” من خلال مجموعة من الأساليب الإحصائية و النماذج التنبؤية المرتكزة على الاقتصاد القياسي، ليتم بعد ذلك مقارنة و قياس التصاريح المودعة التي ستخضع لعملية المراقبة على هذه الأنماط، وعلى أساس نتائجها (معدل المخاطر المحصل عليه) يتم تحديد جدوى إخضاع الملزمين للمراقبة المعمقة من عدمه. و لقد تم وضع هذه العملية قيد التقييم و الإختبار لمدة ستة أشهر من أجل التدقيق و التأكد من فعّاليتها، و هي لا تقتصر فقط على المعلومات الواردة عبر نظام “EDEN” بل تتعداه لتشمل البيانات الواردة من نتائج المعالجة و التي تتداخل مع البيانات الواردة من نظام “SIREN” وهو النظام المعلوماتي لدليل المقاولات في فرنسا و النظام المعلوماتي للتعرف على دليل المؤسسات “SIRET” حيث يتم في نهاية العملية إعادة تحديد المعايير ذات المخاطر المرتفعة.
لكن هناك عدة عوامل حدت من “إنتاجية” هذا النظام الجديد [40]:
- فالسلطة الفرنسية المشرفة على حماية البيانات الشخصية فرضت حفظ المعلومات ل 4 سنوات كحد أقصى ( سنة على الإنترنت و 3 سنوات في الأرشيف و المحفوظات ) في حين أن المدة القصوى لحفظ الأرشيف المتعلق بالمراقبة الجبائية المحتملة بفرنسا يقدر ب 10 سنوات.
- على خلاف باقي الدول الأوروبية، يلاحظ عدم وجود خطة واضحة بشأن الأداء المنتظر من هذا النظام، فالوزارة لا تتحاور بشأن الخبرات و المعارف المستخدمة مما يؤدي إلى مشاكل تشغيلية في استخدام النظام نضرا لإختلاف بيئات التطوير التي تجمع بين للإعتماد على البرمجيات المفتوحة المصدر في تطويره، جنبا الى جنب مع البرمجيات المتخصصة في كشف الغش الضريبي المطورة من قبل الشركات الخاصة الرائدة في هذا المجال .
- عدم وجود ترابط واضح مع باقي المصادر المعلوماتية الغير الضريبية، كما هو الحال بالنسبة للنموذج الإيطالي على سبيل المثال الذي قام بتحديد ما يقرب من 100 من المعايير وهو يرتكز على الربط مع الشبكات المصرفية، و أيضا على الملفات و الشبكات اجتماعية أو ملفات العملاء بغرض تطوير فعالية نظام المراقبة الشامل[41].
- و الأكثر من ذلك، فإن هذا النظام لا يعد بالمعنى الدقيق للكلمة أداة للتنميط “profilage ” ، فحسب السلطة الفرنسية المشرفة على حماية البيانات الشخصية ” فالعناصر الواردة لها فقط قيمة إخطارية و لا تؤدي إلى برمجة تلقائية للمراقبة كما أن قرارات التعديل لا تفرض تلقائيا على الملزمين[42].
و لقد عملت فرنسا على تجاوز هذه المحدودية التي لا تعني بطبيعة الحال إعادة توجيه استراتيجية الرقابة المالية ولكن تمت ترجمتها في البداية إلى مرحلة اختبار جوهرية واحدة، تلتها مرحلة معالجة المشاكل على شاكلة التجربتان البلجيكية و الإيطالية (الربط مع المصادر الخارجية المعلوماتية الغير الضريبية) و التي تقوم على رصد و كشف العلاقة بين الانحرافات و التناقضات في التصاريح و إطلاق عملية المراقبة الضريبية، أو رفض منح “المبالغ المستردة” كما هو الشأن بالنسبة للنموذج البريطاني.
و في هذا الصدد، ومن أجل تحقيق مكاسب إضافية فيما يخص تحسين زمن رد الفعل للقيام بعملية المراقبة[43]، و الرفع من حجم المبالغ المستردة و عقلنة الموارد البشرية المرصودة لعملية المراقبة ( تشغيل أقل عدد من الموظفين و الرفع من حصيلة عملية المراقبة) سعت السلطات الفرنسية إلى التوصل إلى ما يلي[44] :
- المستهدفة بعملية المراقبة؛
- في خزينة الدولة.
- كما هو الشأن بالنسبة للنموذج البريطاني أو البلجيكي أو الإيطالي .
و بناءً عليه و لمواجهة التطور المستمر للسلوك الاحتيالي و طرق الغش التي أصبحت تتخذ عدة أشكال معقدة، أجمع العديد من المتدخلين في مسلسل التصدي للغش الضريبي على ضرورة وجود تَكَيُفٍ مستمر للإدارة الضريبية مع إستراتيجيات الإستهداف و الكشف المستحدثة و المُعَدّلة لمواجة التحديات الجديدة [45].
فبالنظر إلى التطور المتسارع الذي يعرفه قطاع البحث العلمي فيما يتعلق باستحداث الخوارزميات المعقدة و انظمة الذكاء الإصطناعي التي تعد ركيزة تقنيات “التنقيب عن البيانات”، تبقى هذه التقنيات من الحلول الفعالة و الثابتة في تحسين مردودية عملية المراقبة و تحديثها، والكشف السريع لحالات الاحتيال و الغش، الأمر الذي يقتضي إرساء نظام لليقظة و التتبع لآخر مستجدات البحث العلمي في هذا المجال و تقييم مدى مساهمتها في تحسين مجال المراقبة الجبائية.
وعلى هذا المنوال، فلقد قامت فرنسا بجهود حثيثة لتطوير نظامها المتعلق بالتصدي للغش الضريبي و الاجتماعي باستمرار، و بناء على طلب الوزارات المعنية، قامت المفوضية الوطنية لمكافحة الغش بفرنسا بمبادرة بين مختلف الوزارات تهدف إلى إنشاء فريق للعمل متخصص في تقنية “التنقيب عن البيانات” وهو يجمع كافة الإدارات المالية بفرنسا ( كالمديرية العامة للمالية العمومية، و المديرية العامة للجمارك و الضرائب غير المباشرة، و مصلحة معالجة الاستخبارات والعمل ضد الدوائر المالية غير المشروعة التابعة لوزارة المالية الفرنسية) إلى جانب منظمات الرعاية الاجتماعية ( كالصندوق الوطني للمخصصات الأسرية، و قطب التشغيل، و الوكالة المركزية للمنظمات الاجتماعي والصندوق الوطني للتأمين الصحي للأجراء و الصندوق الوطني لتأمين شيخوخة الأجراء و الصندوق المركزي للضمان الإجتماعي الفلاحي و النظام الإجتماعي للمستقلين[46] .
ولقد تم تقديم المقاربة المقترحة للجنة الإستراتيجية المقامة بين مختلف الوزارات لمكافحة الغش في (22 نوفمبر 2013 و28 أكتوبر 2014). و بعد المرحلة الأولى من التفكير و المناقشات حول الأساليب الإحصائية ذات الصلة بتقنية استخراج البيانات، تم إعداد دليل منهجي، و الذي يتضمن شروط النجاح في كل مرحلة من مراحل هذا المشروع (تحديد الأهداف، وحشد الخبرات، إنتقاء البيانات لاستخدامها، واختيار النماذج الإحصائية و نماذج الاقتصاد القياسي، الخطوات اللازم إتباعها مع السلطة الفرنسية لمراقبة حماية البيانات الشخصية، المرحلة التجريبية، تقييم فعالية النماذج المتبناة ، إدارة التغيير عبر تكييف و تحيين النماذج مع المستجدات و الزمن…).
و لقد انعكست هذه التدابير بصفة إيجابية في مجال زجر الغش، فعلى مستوى التصدي للغش الضريبي في المجال الإجتماعي، المتعلق بالمخصصات العائلية فلقد قام الصندوق الوطني للإعانات الأسرية بإعتماد تقنية استخراج البيانات، حيث تمت تجربتها في عام 2006، ليتم تعميمها و إستعمالها على نطاق واسع في أواخر عام 2011 من أجل الكشف عن حالات الغش المتعلقة بالإستفادة من المخصصات و الدعم التي يقدمها فرع الأسرة للأسر دون وجه حق[47].
و تتجلى الفوائد التي جناها فرع الأسرة بفضل هذه التقنية في الزيادة المهمة لحالات الغش المكتشفة بالإضافة إلى تحقيق زيادة كبيرة فيما يخص التسويات المالية منذ سنة 2012، ففي ظرف سنتين مكنت تقنية “التنقيب عن البيانات” من تحسين المردودية المالية لعمليات المراقبة. حيث تم تحقيق طفرة نوعية سنة 2012 بالوصول إلى 110 مليون يورو من التصحيحات المالية، في مقابل 41 مليون يورو في سنة 2011 التي سبقت اعتماد تقنية “التنقيب عن البيانات”، و إستمر هذا التطور في 2013 ليصل إلى 174 مليون يورو من المبالغ المالية المصححة وهو ما يمثل تطورا بنسبة 58% مقارنة مع سنة 2012[48] ثم 214 مليون يورو سنة 2014 بنسبة إرتفاع تقارب 23%.
و لضمان إستمرارية هذا النجاح بات تزويد النظام بالمعلومات الجديدة حول حالات الغش المكتشفة يتم بصفة دائمة للرفع من فعاليته و كفائته. حيث أنه بعد ثلاث سنوات من إستغلال النماذج الإحصائية، أسفرت حملة التفتيش العشوائية التي أجراها فرع الأسرة عام 2013 على تحديث النماذج المستخدمة من قبل المصالح الإحصائية لتعكس و تدمج تطور السلوك الاحتيالي داخل النظام، كما تمت مواصلة تحديث النماذج المحققة في 2014 بصفة دائمة ليتم إدماجها و إستعمالها في 2015. وفيما يتعلق بأنواع الإحتيال المكتشفة فهي تتمحور حول:
- الإغفال والتصريح الخاطئ : و يمثل هذا النمط حوالي 70٪ من حالات الغش في 2013 و 2014.
- إخفاء أو تحريف للموارد،
- التصريح الخاطئ أو عدم التصريح بالمستجدات و التغييرات الخاصة بالعمل أو الأسرة ؛
- التدليس
أما فيما يتعلق بالصندوق الوطني للتأمين الصحي للأجراء فمن جانبه، قد واصل أعمال التحقيق في مجال الغش المتعلق بالتغطيات الصحية، بالتوازي مع الخطة الوطنية التي أنشئت لهذا الغرض. وعليه فإن النتائج المحصل عليها من النماذج الإحصائية و “التنقيب عن البيانات” أعطت مردودية تقدر بثلاثة أضعاف مقارنة بطرق المراقبة العشوائية البسيطة. و بات من الممكن الإستفادة عمليا من نتائجها خلال عمليات التفتيش المستقبلية.
أما فيما يخص الإدارة العامة للمالية العمومية و قطب التشغيل، فلقد قاموا بدورهم بتفعيل مشروع استخراج البيانات، و ذلك عبر القيام بمهام داخلية مخصصة لتحديد أنماط الاحتيال المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة من جهة، وعلى إعانات البطالة من جهة أخرى. ولقد بادر قطب التشغيل بإعتماد تقنية استخراج البيانات في نهاية عام .2013 حيث إرتكز الاختيار المنهجي الذي تم تبنيه على أن تتم عملية التطوير داخليا عن طريق إدماج مهارات مهنية في مجالات التدقيق والإحصائيات وتعزيز فريق العمل بخبرات محددة في تقنية إستخراج البيانات.
وجرت المرحلة التجريبية الأولى في أربع مناطق و امتدت من فبراير إلى ابريل 2014 لتطوير نماذج التحليل الإحصائية. وفي المرحلة الثانية التي شملت ثماني مناطق خلال الفترة من أكتوبر 2014 إلى الربع الأول من 2015، تم التركيز على إختبار و تقييم الوسيلة المتاحة من قبل المفتحصين. وبعد تحليل و إتمام العمل على النماذج، تم إيداع الملف لدى السلطة الفرنسية المكلفة بمراقبة حماية المعطيات الشخصية للسماح بتشغيل البيانات المتعلقة بالبطالة.
أما الوكالة المركزية لمنظمات الضمان الاجتماعي فمن جانبها، قد إنخرطت في مقاربة تحديد المخاطر المرتبطة بالغش المتعلق بالعمل غير القانوني و الإنخراطات الغير المصرح بها و تعبئة كل شبكتها من المفتشين المتخصصين في كشف حالات الاحتيال إلى جانب المصالح الإحصائية. لتمتد أعمالها بعد ذلك إلى تحديد معايير الغش في إطار مراقبة الدفاتر و الوثائق المحاسبية ومقارنتها مع ملفات المساهمات.
أما بخصوص عملية المراقبة الضريبية للمقاولات، فبالرغم من إمكانية الإدارة الضريبية بفرنسا حتى قبل سنة 2014 الحصول على الملفات المعلوماتية الرقمية، فقد أصبح من اللازم حاليا وضع المحاسبة و التسجيلات الضريبية الخاصة بالمقاولة ضمن ملف رقمي خاص ( un fichier des écritures comptables (FEC) ) ، ووضعه رهن إشارة المفتشين العاملين بالإدارة الضريبية أثناء عملية المراقبة الجبائية، حيث بات بامكان الإدارة الضريبية إستغلال و إستعمال المعلومات المتضمنة ضمن الملفات المعلوماتية الرقمية الخاصة بالمقاولة و على رأسها دفتر الحسابات الكبير (le grand-livre détaillé ).[49]
ولقد أصبح بإمكان الإدارة الضريبية إجراء تحليل شامل و معمق للبيانات الواردة من الملف المعلوماتي المتعلق بمحاسبة المقاولة (FEC ) باستخدام نظام معلوماتي خاص يدعى« Alto 2 » . و هو ما يعزز من دقة و عمق عمليات المراقبة المنجزة من قبل مفتشي المالية العامة. حيث يسمح هذا التحليل بالكشف عن الأخطاء والاختلافات و التناقضات التي قد لا تجذب انتباه الإدارة لإجراء التصحيحات و المراجعات خلال عملية المراقبة التقليدية. و التحدي الأبرز من خلال تحليل الملف المعلوماتي الخاص بالمقاولة، هو مدى القدرة على الكشف عن حالات التهرب الضريبي من خلال استخدام البيانات المعقدة. حيث أن المعلومات المتوفرة لا تعكس الصلات و العلاقات الواضحة بينها، ولكن عندما تستخدم مع أداة معلوماتية قوية، يمكنها كشف التداخلات (recoupements décisif). حيث أن الهدف هنا يتعدى كشف الإحتيالات الضريبية ذات الأحجام الصغيرة. ليتم تعقب و كشف الاحتيالات الضريبية المقامة على نطاق واسع .
أما المراقبة داخل مقر المقاولة فيمكن أن تنصب حول صحة و موثوقية الملف المعلوماتي المتعلق بمحاسبة المقاولة (FEC ) المرسل من قبل المقاولة للإدارة الضريبية.
و ما يستفاد من هذه الطريقة أن المفتشين بالإدارة الضريبية لا يهدرون الوقت في تفحص كافة الملفات الواردة أو التنقل عشوائيا بين مختلف مقرات الشركات ( دون معرفة مسبقة بالهدف المراد الكشف عنه)، بل إنهم يقومون بتحديد معايير لإنتقاء حالات الغش الضريبي و تزويد النظام المعلوماتي بها، ليقوم النظام بتحليل كافة المعلومات الواردة المتضمنة في الملف المعلوماتي المتعلق بمحاسبة المقاولة (FEC) و المرسلة من الشركات، مما يسمح معه باستهداف حالات الغش بدقة، ثم إنتقال المفتشين بعد ذلك لمقر المقاولة بغية إخضاعها لعملية المراقبة الجبائية المعمقة مع معرفة مسبقة بالمسائل المراد الكشف عنها، وهو ما يسمح بتوفير الجهد و الموارد التي ترصدها الدولة خلال عملية المراقبة الجبائية و يزيد من مردودية عملية المراقبة و إسترجاع المبالغ المالية لفائدة خزينة الدولة.
و فيما يلي إستعراض لأهم المعايير التي تعتمدها التكنولوجيات الحديثة المرتكزة على تقنية “البيانات الضخمة” “Big DATA ” في مجال كشف الغش الضريبي و التي تسمح بالكشف عن الأخطاء والاختلافات و التناقضات المندرجة في الملفات المعلوماتية (FEC ) المتعلقة بمحاسبة المقاولة.
بعض المعايير التي تعتمدها التكنولوجيات الحديثة في مجال كشف الغش الضريبي للتأكد من صحة الملفات المعلوماتية (FEC ) المتعلقة بمحاسبة المقاولة، المرسلة من قبل المقاولات للإدارة الضريبية بفرنسا[50]
أما فيما يتعلق بمراقبة مجال التجارة الإلكترونية التي تعتبر نتيجة حتمية لظاهرة العولمة، فإن استعمال التكنولوجيات الحديثة في مجال المراقبة الضريبية و الجمركية أصبح يفرض تكيفا و مواكبة للتطورات المتسارعة للثورة التكنلوجية في مجال وسائل الإعلام و الإتصال، حيث باتت التجارة الإلكترونية بعيدة عن قنوات المراقبة التقليدية، و يتجلى تأثير هذه الوسائل على الموارد العمومية في تقليص الفرص المتاحة لتحصيل الدولة للضرائب و الرسوم بفعل العوامل التالية [51]:
- انتشار التجارة الإلكترونية حيث أصبحت حصة كبيرة من التجارة الدولية تتم عبر شبكة الإنترنيت [52]، وهو ما يشكل تحديا معقدا أمام الإدارة الضريبية بسبب الإنتقال من المعاملات الورقية التي تسمح بتتبع العمليات و التأكد من طبيعتها بمجرد الرجوع إلى الفواتير، إلى المعاملات الإلكترونية أو ما يسمى ” بالمعاملات الافتراضية ” المتسمة بغياب الدليل المادي على إنجازها، وهو ما لم يتوقعه النظام الجبائي الذي يقوم على مسك محاسبة تكشف جميع العمليات التجارية و تعزز بالفواتير و الوثائق المحاسبية بكيفية تسمح للإدارة الضريبية بالمراقبة و فرض الضرائب و الرسوم بناء على وقائع و أدلة، و تبعا لذلك فمن المؤكد أن أغلب العمليات التجارية التي تتم عبر الإنترنت تفلت من أداء الضرائب و الرسوم، وهو ما يضيع على الدولة فرصة حقيقية لتحصيل الموارد .
- حلول عمليات البيع الرقمي عبر شبكة الإنترنيت محل عمليات البيع المادي كما هو الشأن على سبيل المثال بالنسبة لبيع الصور و الموسيقى و الإستشارات الطبية و القانونية و المالية و خدمات التعليم و غيرها، ومن المؤكد أن انتشار هذا النوع من العمليات يؤدي إلى صعوبة تحديد الملزم الحقيقي بأداء الضريبة أو الرسم، وهو مظهر آخر لتقليص إمكانيات تحصيل الموارد.
- انتشار بطاقات الأداء الإلكترونية على نطاق واسع بكيفية تؤدي إلى صعوبة مراقبة عمليات الأداء التجارية و التأكد من مبالغها الحقيقية لغياب الدليل المادي لواقعة الأداء لغياب الفواتير ووصولات الأداء أو الشيكات أو غير ذلك من الوثائق التي تكشف عن تفاصيل عمليات الأداء، و يساهم هذا الإنتشار كذلك في تعقد مهام إدارة الضرائب في مراقبة العمليات التجارية و التحقق من مبالغها خاصة في غياب نظام معلوماتي يربط بين هذه الإدارة و جميع المقاولات الخاضعة للضريبة بكيفية تسمح بالتسجيل المركزي للعمليات التجارية لمختلف هذه المقاولات.
وفي هذا الصدد استطاعت العديد من الإدارات الضريبية و الجمركية عبر العالم التكيف مع هذا الخطر، وعلى رأسها ادارة الجمارك الفرنسية و التي قطعت أشواطا هامة في التصدي لظاهرة الغش الضريبي و الجمركي عن طريق الشبكة العالمية للإنترنت[53]، فأمام تنامي حجم التجارة الإلكترونية في فرنسا على امتداد السنوات الماضية و التي جاوز رقم معاملاتها 81 مليار يورو سنة 2017، إنخرطت الجمارك الفرنسية في التصدي لمكافحة الغش عن طريق الإنترنت، وفي هذا الصدد تم خلق مصلحة “Cyberdouane” منذ سنة 2009، و إلحاقها بالمديرية الوطنية للإستخبار و التحريات الجمركية، و لقد أنيطت بها مهمة رصد وتحديد المخالفين للقوانين و المقتضيات الجمركية عبر شبكة الإنترنت وتحليل و تفكيك شبكات الغش على الإنترنت.
و تقوم هذه المصلحة بإجراء الأبحاث انطلاقا من مبادرتها الخاصة أو بناء على طلب باقي المصالح الجمركية.
- Cyberdouane” فالهدف منه هو التعرف على الأشخاص الذاتيين أو المعنويين المتواجدين في فرنسا و المستخدمين لشبكة الإنترنت في نشاط إحتيالي. و يرتكز البحث على الاشخاص الذين يستخدمون الإنترنت لتسويق منتجات محظورة أو الخاضعة للضرائب مرتفعة (المخدرات والأسلحة وتزوير والأنواع المحمية والسجائر والكحول و البضائع المزيفة، تجارة الأدوية غير المشروعة).
- فاليقظة ترتكز على[54]:
- ؛
- ؛ التعرف على صاحب عنوان البريد الإلكتروني؛
- ؛ تحديد رقم هاتف معين عبر بروتوكول الإنترنت؛
- .
و فيما يلي نبذة عن المنهجية المستخدمة في جمع و إستقصاء المعلومات.
المنهجية المستخدمة في جمع و استقصاء المعلومات
و انطلاقا مما سبق، و بالنظر إلى المساهمة الإيجابية للتكنلوجيات الحديثة في الرفع من مردودية المراقبة الجبائية و هو الأمر الذي أثبتته مختلف التجارب المقارنة للدول الرائدة في هذا المجال، ارتأينا تخصيص المحور الثاني لتسليط الضوء على سبل تنفيذ مشاريع المراقبة الجبائية المرتكزة على التكنولوجيات الحديثة و تموقع المملكة المغربية في هذا المجال.
المبحث الثاني : تنفيذ مشاريع المراقبة الجبائية المرتكزة على التكنلوجيات الحديثة المدمجة لمقاربة تدبير المخاطر، و تموقع المملكة المغربية في هذا المجال.
نظرا للحصيلة و النجاح الهائل الذي حققته العديد من الإدارات الضريبية حول العالم عبر تبني المراقبة الجبائية المرتكزة على التكنلوجيات الحديثة و المدمجة لمقاربة تدبير المخاطر[55]، والذي أكدته مختلف التجارب المقارنة التي أسلفناها سابقا. شرعت العديد من المصالح و الإدارات الضريبية داخل المملكة في تبني هذه المقاربة. و في هذا الصدد ففيما يخص المراقبة الجمركية، فلقد استفادت من الأرضية التي وفرتها بيئة “تجريد المساطر من ﻁﺎﺒﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ” “la dématérialisation” ، التي تم تبنيها في وقت مبكر من طرف هذه الإدارة و تنزيلها بشكل تدريجي عبر مراحل لمواكبة التطورات المتسارعة التي يعرفها الإقتصاد.
و عليه فبالنظر إلى إلزام الإدارة الجمركية المغربية لكافة الفاعلين الإقتصاديين بوضع تصريح لكل عملية جمركية[56]، و الذي تتم ترجمته إلى بيان مفصل يتم إيداعه إلكترونيا مرفقا بمجموعة من الوثائق المرقمنة كالفواتير، سند الشحن، شهادات المنشأ التي تخول الإستفادة من الشروط التفضيلية لإتفاقيات التبادل الحر، قائمة الحزم، و شهادات ولوج السوق الوطنية، و الترخيصات… ، بحيث يتم إرسال هذه المعطيات من طرف الفاعل الإقتصادي أو المعشر عبر نظام التعشير الجمركي “بدر”.[57]
فإنه مباشرة بعد الإيداع الإلكتروني بل و حتى قبله في إطار المراقبة القبلية، يقوم نظام التعشير الجمركي “بدر” بفحص دقيق للبيانات وفق مقاربة إدارة المخاطر، حيث يرتكز نظام الانتقائية الأوتوماتيكي لهذا النظام على مجموعة من المعلومات القيمة التي يتم تزويده بها بشكل مستمر من مختلف المصالح، و إنطلاقا من تحليلها يتم تحديد آليات المراقبة و طرق الفحص والإنذار و التوجيه التي تمكن أعوان الجمارك من التحري والاستعلام بطريقة فورية خلال كل مراحل الاستخلاص الجمركي والتدخل في الوقت المناسب لتعميق المراقبة إذا اقتضى الحال مع ضمان إنسياب العمليات التجارية.
و في إطار إستراتيجيتها لمحاربة الغش التجاري، اعتمدت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة على مجموعة من التدابير الهادفة من جهة، إلى استباق عمليات الغش وتحسين المراقبة الوقائية وردع جميع عمليات وممارسات الغش، ومن جهة أخرى، التزود بالوسائل والآليات الضرورية لتحسين جودة نظام تحليل المخاطر وذلك باللجوء إلى التقنيات المتطورة في البحث التوقعي. هذه الحلول، التي تساعد على معالجة البيانات القديمة ذات المعطيات الكثيرة، تمكن من إعطاء تنبيهات متعلقة بالممارسات غير القانونية المتعلقة بالتجارة الخارجية [58] ( استنباط الحقائق المحتملة انطلاقا من تحليل المعلومات التاريخية للعمليات السابقة، و توجيه عمليات المراقبة الآنية نحو الخطر المحتمل ).
و فيما يخص الإنتقائية التي تحدد طبيعة الفحص الذي تخضع له الشحنات، فهي باتت تتم بكل شفافية و مصداقية حيث تم تحييد العامل البشري في هذا المجال، و باتت الإنتقائية تتم بطريقة أوتوماتيكية من قبل نظام التعشير الجمركي “بدر” و هي ترتكز على تدبير مجموعة من المخاطر التي تكتنف العملية الجمركية .
كالمخاطر المتعلقة بالصنف و التي تتجلى في التصريح ببضاعة معينة ضمن بند لا يتوافق مع خصائصها مما قد ينتج عنه تقليل من الرسوم و المكوس المستحقة، أو التفاف عن ترخيصات ولوج السوق الوطنية أو التهرب من تدابير مكافحة الإغراق، أو المخاطر المتعلقة بمنشأ البضائع التي قد تخول الإستفادة من الشروط التفضيلية دون وجه حق، أو مخاطر التقليل من القيمة، أو مخاطر التزييف…
و بناءً على هذه المخاطر، و إستيفاء للمعايير الدولية في مجال المراقبة الجمركية فقد تم إستحداث 3 قنوات للمراقبة في إطار تعزيز الإستراتيجية القائمة على سرعة و انسيابية العمليات الجمركية إلى جانب ضمان المراقبة الفعالة و المدروسة و الإستهدافية، و عليه فلقد عملت إدارة الجمارك على تصنيف الفاعلين الإقتصاديين داخل النسيج الاقتصادي و ميزت وفق معايير حيادية و موضوعية بين عمليات ذات مخاطر متدنية، و عمليات ذات مخاطر منخفظة، و عمليات ذات مخاطر مرتفعة[59] و يتم إخضاع كل صنف من هذه العمليات لقناة معينة:
- القناة الخضراء : وهي قناة ترتكز على رفع اليد عند مقر المقاولة، وهي تخول للفاعل الاقتصادي رفع اليد عن البضائع تلقائيا دون المرور بالإجراءات الجمركية بعد إستيفاء الشروط، على أن يودع ملف التعشير في أجل 8 أيام[60]، و هذا القرار يتم بشكل تلقائي من النظام و يرتكز على جملة من المعايير التي يتم تزويده بها، ولقد خضعت مسطرة التعشير في هذا السياق إلى تبسيط أكبر سنة 2011 عبر إطلاق المرحلة التجريبية لخدمة الحصول على رفع اليد عند مقر المقاولة و ذلك على مستوى المكتب الجمركي للدار البيضاء الميناء.
- القناة البرتقالية: حيث تكتفي الإدارة فقط بفحص للوثائق و المستندات المتعلقة بالتصريح من قبل المفتشين، و بناء على نتيجة الفحص يتم رفع اليد عن البضائع بعد إستكمال الإجراءات القانونية، شريطة عدم رصد أي اختلالات أو إغفالات أو شك أو غموض أو تعارض أثناء فحص التصريح، و هذا القرار يتم بشكل تلقائي من النظام و يرتكز على تحليل جملة من المخاطر، و تمثل التصريحات الخاضعة لهذه القناة ما يقارب 90% و هو ما يتوافق مع المعايير الدولية في هذا المجال.
- القناة الحمراء: و التي على أساسها يتم رفع اليد عن البضائع بعد الفحص المادي الجزئي أو الكلي للبضائع.
و تم خلال سنة 2015 تحديد متوسط معدل الفحص المادي للتصاريح في 4, 19% بالنسبة للواردات و
9, 14% بالنسبة للصادرات. مقارنة مع سنة 2014، حيث عرفت هذه المعدلات زيادة طفيفة بفعل اعتماد مخاطر جديدة.
و بالإضافة إلى ذلك، فإن نظام التعشير الجمركي “بدر” بات قادرا على رصد حالات التقليل من القيم، و رصد حالات التلاعب بالمنشأ و التصريح الخاطئ بالصنف، و حالات الإغراق، و التهرب من ضريبة معينة حيث يتخذ ذلك شكل إخطارات و عتبات إنذارية توجه و تسهل عملية المراقبة.
أما فيما يخص المديرية العامة للضرائب بالمملكة المغربية، فلقد قامت بتطوير خدمات SIMPL أو
» خدمة الضرائب عبر الأنترنت « من أجل تمكين المستعملين من الوفاء بالتزاماتهم الضريبية بطريقة الكترونية[61]. و لقد شكل هذا النظام دعّامة حقيقية للمراقبة الضريبية المرتكزة على التكنلوجيات الحديثة.
حيث أنه يسمح للمقاولات و أصحاب المهن الحرة و باقي الخاضعين من إنجاز إقراراتهم وأداءاتهم الإلكترونية الخاصة بالضرائب والرسوم الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة.
و لقد باتت الإدارة الإلكترونية تمثل إحدى أولويات الرؤية الاستراتيجية للمديرية العامة للضرائب حيث أن معظم الإجراءات الضريبية أصبحت تتم عبر الأنترنت: » و بالتالي فإن جميع ملزمي الإدارة الضريبية لن يتنقلوا إلى المديرية للقيام بتصريح و استخلاص الضرائب أو لطلب استرجاع الضريبة أوتقديم شكاية .« [62]
و لقد شكل تعميم الإقرار والأداء الإلكترونيين للضرائب ابتداءً من فاتح يناير 2017 تتويجا لمسيرة تسهيل المساطر التي تنهجها المديرية العامة للضرائب. وهذه العملية إجبارية حاليا بالنسبة للفئات التالية [63]:
وابتداءً من سنة 2017، أصبح الانخراط في العمليات الالكترونية إجباريا لكافة الخاضعين للضريبة بغض النظر عن رقم معاملاتهم.
وهذه الخطوة المتمحورة حول تجريد ﺍﻟﻤﺴﺎﻁﺭ ﻤﻥ ﻁﺎﺒﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ أو “Dématérialisation La” تعتبر لبنة أساسية في مسلسل تعزيز المراقبة الجبائية المرتكزة على مقاربة إدارة المخاطر و المدعّمة من التكنلوجيات الحديثة[64]، حيث عملت المديرية العامة للضرائب على تدشين إستراتيجية جديدة في مجال المراقبة الجبائية منذ سنة 2011 و التي تعتمد على فحص الملفات بطريقة دقيقة و انتقائية.
(Contrôle axé sur des opérations ponctuelles) و تنصب على استهداف المخاطر الجبائية الكبيرة لبعض الملزمين[65]، و عدم إضاعة الجهود في فحص ملفات ضريبية ذات مخاطر متدنية.
و في هذا الصدد، قامت المديرية العامة للضرائب بتطوير نظام ذكي يقوم على تحديد حالات الغش الضريبي المفترض وفق مسطرة أتوماتكية (إنتقاء الملزمين الذين سيخضعون لعملية المراقبة لا يتم بشكل عشوائي ) وهي ترتكز على تحليل مجموعة من المخاطر لانتقاء التصريحات ذات معدل مرتفع من المخاطر الضريبية .
و على أساس هذه الحالات المحددة يتم توجيه عملية المراقبة و المقاولات التي ستخضع لمسطرة المراقبة. و تحديد طبيعة المراقبة المعمقة التي ستتم برمجتها و هل ستقتصر على مراقبة المستندات و الوثائق و الدفاتر المحاسبتية، أم ستتعداه لتُنجزَ في مقر المقاولة .
وفي هذا الصدد، بمجرد إيداع الخاضعين لتصريحاتهم يتم معالجتها عن طريق النظام الضريبي المندمج système intégré de taxation (SIT)، الذي بدوره يرتبط بنظام SIR و الذي يحتوي على جميع المعلومات حول الملزمين، و التي تم المتوصل بها من طرف الشركاء المؤسساتيين للمديرية في إطار قنوات تبادل المعلومات التي تنضمها الإتفاقيات المبرمة [66].
و عليه فبمجرد وصول التصريح إلى نظام SIT تتم معالجة المعلومات بواسطة نظام تحليل المخاطر SAR لينتج عن هذه العملية إحتساب معدل معين من المخاطر و الذي تحدد وفقه نوعية المراقبة و الملفات المستهدفة.
و هناك أنظمة معلوماتية متقدمة و إستنباطية بشكل تستطيع معه تجاوز المعلومات المتضمنة في تصريحات الملزمين المتملصين و المدعمة بالوثائق و الحجج، عبر دراسة “تداخل البينات” المتوصل بها من قبل الشركاء و كشف التناقضات بين التصريحات و الحقائق ( ككشف مقاولة معينة صرحت على أنها في وضعية عجز بالرغم من قيامها بالعديد من عمليات الإستيراد و التصدير، أو عدم قيام مقاولة معينة في حالة نشاط دائم بأداء المخصصات الإجتماعية، أو قيام مقاولة معينة بإستخلاص الضريبة عن القيمة المضافة و عدم أدائها للدولة.
و الحاجة أشد اليوم لإقامة نظام معلوماتي مندمج و موحد بين مختلف الفاعلين لإستقصاء حالات التهرب والغش الضريبي والاجتماعي، و الذي بدوره يمكن أن يتطور ليصبح قادرا على تجاوز مرحلتي الرصد و الإستنباط ليصل إلى مرحلة ” التنبؤ ” بحالات الغش.
و إنطلاقا مما سبق، يتبين أن تنفيذ مشاريع المراقبة الجبائية المرتكزة على إدارة المخاطر و المدعّمة بالتكنلوجيات الحديثة لا يمكن أن تتم بدون وجود آليات فعّالة لتحليل البيانات الضريبية و رصد المعلومات و الإشارات و إستنباط التنبؤات بغية توجيه عملية المراقبة، فأمام تكيف حالات الغش الضريبي مع بيئة المنظومة الضريبية، ظهرت أشكال معقدة و مطورة من الغش مما يحتم بدل جهود حثيثة من مختلف الإدارات و مؤسسات الضمان الإجتماعي للتصدي لهذه الظاهرة و مخاطرها، و تعد تقنية “التنقيب عن البيانات” أداة فعالة و مبتكرة في هذا المجال [67]، و أي مشروع متعلق بتقنية ” التنقيب على البيانات ” يحتم إحترام عدد معين من الشروط اللازمة[68] لإنجاح كل مرحلة من المشروع وهي تتمحور حول : تحديد الأهداف، تعبئة المهارات و الكفاءات، إنتقاء المعطيات اللازم إستخدامها، إختيار النماذج الإحصائية و الإحصائية-القياسية، تحديد الخطوات اللازم إتخاذها مع السلطة المكلفة بمراقبة حماية المعطيات الخاصة، الإستفادة من التجارب ذات الصلة، تقييم فعالية النماذج التي تم اعتمادها في كشف الغش، قيادة عملية التغيير عبر تدابير سابقة و مواكبة و مستقبلية للمشروع لضمان تماشيه مع الأهداف المسطرة، تكييف النماذج التي تم تبنيها مع الزمن و المستجدات في مجال زجر الغش، حيث أن مكافحة الغش في المالية العمومية تحتم إيجاد حلول تتماشى و تعددية و إختلاف الحالات محل الدراسة إلى جانب العمل مع كافة المتدخلين من أجل مواكبتهم و تطوير المنهجيات الإحصائية من أجل تعزيز مردودية إستراتيجيات الإستهداف خلال عملية المراقبة .
و بالنظر إلى أن تقنية ” التنقيب على البيانات ” ترتكز على مجموعة من المبادئ و الآليات التي يجب تحديدها قبل الشروع في خطوات المشروع. فإن مرتكزات أي مشروع للمراقبة الجبائية المرتكز على تقنية “التنقيب عن البيانات” باعتبارها مقاربة منهجية دقيقة تم تطويرها للكشف عن المعلومات المتضمنة في نظم المعلومات وتسليط الضوء على أي ارتباط ملموس بين البيانات المرصودة، يستلزم توفير ركيزتين أساسيتين:
- إدماج مجموعة من التقنيات في مجال الإحصاء والرياضيات، تمكن إنطلاقا من تحليل حجم ضخم من البيانات، استخراج المعلومات الهادفة لتحسين المعرفة المتعلقة بالظواهر المدروسة (ظاهرة الغش) وبالتالي السماح بإتخاذ الإجراءات المناسبة لتحقيق الهدف (مكافحة الغش).
- وجود نظام معلوماتي فعال و قادر على إدماج مختلف المعلومات من مصادر متعددة و مختلفة، و معالجتها و إستخدامها كمدخلات للخوارزميات المعلوماتية التي صممها الباحثون في المجال الرياضي و الإقتصاد القياسي بشراكة مع الأطر المعلوماتية داخل الإدارة الضربية بغية إستهداف مكامن الغش الضريبي و التنبؤ به، حيث أنها تتخذ شكل إخطارات و إشارات توجه عملية المراقبة الجبائية.
و عمليا، ترتكز عملية “التنقيب على البيانات” على تقنيات متطورة إلى حد ما، حيث لكل منها هدف خاص وشروط ضرورية لتنفيذها. و هذه التقنيات يتم تكييفها حسب طبيعة ونوعية البيانات المتاحة في نظم المعلومات المستخدمة. وفي هذا الصدد يمكن التمييز بين وضعيتين [69]:
- فالأولى تتعلق بالبحث عن المعايير التمييزية لحالات الغش في ظل غياب جرد تاريخي ذي صلة مباشرة بالحالات المكتشفة. (يمكن الإعتماد على معايير و خصائص حالات الغش المكتشفة في السابق، و التي لا توجد لها علاقة مباشرة بعمليات الملزمين الآنية التي ستخضع لعملية المراقبة ولكن لها قواسم مشتركة في كيفية سير عملية الإحتيال، بحيث يتم “تنميط” الملزمين و التنبؤ بحالات الغش المستقبلية المفترضة بناءً على قياسها بالحالات المكتشفة.).
- أما الحالة الثانية فهي تتم في إطار سياق يتسم بوجود معرفة مسبقة بمعلومات تاريخية حول حالات الغش التي تم اكتشافها (وهي ذات صلة مباشرة أو غير مباشرة بموضوع المراقبة ) و أثناء تحليل وضعية الغش من منظور تموقعها داخل شبكات معينة عبر استخدام تقنيات خاصة، يتم الكشف عن المعلومات المترابطة.
و فيما يخص مراحل تنفيذ مشروع “التنقيب على البيانات” المتعلق بعملية المراقبة الضريبية فيجب أن يرتكز على[70]:
و على سبيل المثال: مؤشر إحتمالية القيام بتعديل ضريبي أثناء أثناء القيام بعملية المراقبة المُبرمجة ( لا معنى لأن يتم استثمار كفاءات و مبالغ ضخمة في هذا المشروع و تكون النتيجة هي رصد عدد محدود من الوضعيات الشاذة) ، مؤشر عن رصد و تعديل القيم الحقيقية خلال عملية المراقبة و ما ينتج عنها من حصيلة ضريبية لصالح الخزينة، مؤشر عن تعديل نسبة المبالغ المراجعة المستحقة بالنسبة إلى المساهمات و الضرائب أو المخصصات الاجتماعية المصرح بها، مؤشر الكشف عن عدد المستفيدين من وضعية الاحتيال و التهرب، مؤشر المبالغ المستحقة التي لم يتم دفعها للدولة.
- النطاق:
يُعدُّ تحديد نطاق المشروع أساسيا، سواء بالنسبة لنطاقات البحث و التحريات (إستهداف نشاط معين، منطقة جغرافية معينة، نوعية الضرائب، المساهمات الإجتماعية، المستفيدون …) و أيضا لتوصيف حالات الغش و الاحتيال «La caractérisation de la fraude”.
و لا بد لأي مشروع فعّال و ناجح للتنقيب عن البيانات أن يتضّمن مجالات للتحقيقات و التحريات محددة بدقة، وهذا يستلزم تحجيم و تحديد الشريحة المستهدفة ( مقاولة كبرى، متوسطة صغرى، شريحة إجتماعية قطاع إقتصادي أو إجتماعي معين ..) من أجل تحديد العوامل المؤثرة للإحتيال الضريبي على هذه الشريحة، بالإضافة إلى تحديد المجموعات الإحصائية الأكثر عرضة للخطر، إلى جانب استهداف الحالات ذات المخاطر المرتفعة.
و بالنظر إلى أن عدم تجانس حالات الغش “l’hétérogénéité des comportements de fraude ” يزداد بإختلاف المجموعات (التي لا توجد بينها قواسم مشتركة) فإنه بالتالي يصعب تحديد معايير المخاطر في نطاق دراسة تتصف بالعمومية و تغطي نطاق واسع من المجموعات غير المتجانسة.
وبالمثل، فإن عدم تجانس ممارسات المراقبة يمكن أن يعرقل التحليل و تحديد معايير الاستهداف. لذلك، من المستحسن تحجيم و تحديد نطاق معين وفئة معينة من أجل ضمان دقة المعايير المعتمد عليها في رصد حالات الغش.
و بالتالي فإن عدم توصيف حالات الغش و الاحتيال “La caractérisation de la fraude”، يمكن أن يُحَجِّمَ و يَحُدّ من فعّالية أي نظام معلوماتي، نضرا لعدم تمييز حالات الغش الضريبي و حالات عدم الإلتزام بالواجبات تجاه الإدارة الضريبية.
« entrepôt de données » الذي يُجَمِّعْ و يتلقى مختلف المعلومات التي ستخضع للتحليل، و تجدر الإشارة إلى أن تحليل المعلومات المتضمنة في نظام المعلومات يجب أن تواكبه عملية تحديد المعلومات ذات الأهمية و المستغلة في الدراسة، عن غيرها من المعلومات غير الموثوقة بما يكفي للمعالجة الإحصائية، و بالتالي يجب التمييز بين المعلومات التي تقتضي تعديلا أو تحويلا أو ضمان التزويد الدوري للنظام بها، و المعلومات التي تقتضي إجراء عمليات التوحيد فيما بينها بخصوص وحدات القياس وهذا يقتضي إلماما بتقنيات تخزين و أرشفة المعلومات .
و استغلال المعلومات التاريخية السابقة لعملية المراقبة يقتضي عدم تعديلها عن طريق المعالجة المعلوماتية أو محوها بشكل يفقدها قيمتها التاريخية و إعادة إستغلالها في عمليات مستقبلية، و إنما يتعين إستغلالها عن طريق تحديد المؤشرات “les indicateurs” و الأبعاد “les dimensions” المحددة مسبقا و التي تجيب عن تساؤلات محددة و التي بدورها تتغير بالتغير المستمر للمعطيات التاريخية.
يحتم أي مشروع للتنقيب عن البيانات تبني مسطرة التصريح لدى السلطة المكلفة بمراقبة حماية البيانات الشخصية[71]، لتلافي أي خرق أو تسريب للبيانات الشخصية أثناء عملية المراقبة.
و كما قلنا سابقا فإن تقنية “استخراج البيانات” تمكن من خلال تحليل البيانات المتضمنة في سجلات مختلف الملزمين و الشركات و المقاولات، من كشف السجلات ذات المخاطر العالية و تلك ذات المخاطر المحتملة، عبر عدة مقاربات بل و التنبؤ بعمليات الشروع في غش ضريبي و معالجتها إستباقيا ويتحقق ذلك من خلال سلسلة من الخوارزميات المدمجة في النظام المعلوماتي و التي يتم تطبيقها وفق معايير إستهدافية محددة على مجموع البيانات و المعلومات المدمجة و المدخلة و الواردة على النظام، و يمكن لهذه المعلومات أن تتعلّق بالعديد من المعطيات ذات الطابع الشخصي أو بالأسرار المهنية للشركات ( الزبناء، الممونون..).
وفي فرنسا فإن البرمجيات المستخدمة من قبل وزارة المالية الفرنسية، تستخدم البيانات الواردة من 11 مصدرا مختلفا من المعلومات الدقيقة ذات المصداقية المتأتية من مصادر مختلفة و العديد منها تحتوي على معلومات ذات طابع شخصي يتم الحرص على احترامها و عدم إنتهاكها أثناء أية عملية معالجة. ليعهد إلى المسؤولين في الإدارة الضريبية بعد ذلك تحديد الأشخاص أو الشركات المستهدفة بعملية المراقبة الضريبية المعمقة.
وفي هذا الصدد فقد أبدت اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات موافقتها فيما يخص تعميم هذه التقنية خلال عملية المراقبة الضريبية على المقاولات و الشركات، و إستندت في ذلك إلى أن الأمر لا يتعلق بمجرد أداة للتنميط “profilage” تستند على التحديد المباشر للفاعلين المتورطين بحالات الغش، وورد في هذا السياق : ” أن اللوائح و القوائم المنتجة للحالات المحتملة التي قد تشكل خطرا كبيرا فيما يخص حالات الاحتيال الضريبي لا يؤدي تلقائيا إلى عمليات المراقبة الضريبية المعمقة”. و بالتالي فهي ذات قيمة إخطارية و لا تؤدي إلى برمجة تلقائية للمراقبة كما أن قرارات التعديل لا تفرض تلقائيا على الملزمين، بل على إثر ذلك يتم، إرسال هذه اللوائح و القوائم المنتجة إلى الموظفين و المفتشين المتخصصين بالمديرية العامة للمالية العمومية، التي تقوم بعملية تقييم للمخاطر قبل اتخاذ أي قرار للمراقبة “، كما تشبتت اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات، بضرورة توفير ضمانات قوية لتوفير مستوى عالي من حماية المعطيات الخصوصية [72]. كما أن السلطة الفرنسية المشرفة على حماية البيانات الشخصية فرضت حفظ المعلومات ل 4 سنوات كحد أقصى ( سنة على الإنترنت و 3 سنوات في الأرشيف المحفوظات ).
لا يقتصر نجاح مشروع “التنقيب عن البيانات” فقط على المعلومات المجمّعة و المتحصل عليها، ولكن يعتمد أيضا إلى حد كبير على كيفية سير عملية المراقبة، و التي تقتضي إنخراط فرق ذات تكوين و إلمام بالتقنيات الإحصائية و الخبرات في مجال زجر الغش كي لا تزيغ عملية المراقبة عن الأهداف المتوخاة منها.
كما أن التقنيات الإحصائية المستخدمة لوحدها لا يمكنها أن تشكل بديلا لعملية المراقبة و الخبرة التي تجريها مصالح المراقبة، و إنما تشكل دعما لإتخاذ القرار و توجيه عملية المراقبة، لذلك لا بد من تعبئة جميع المهارات الإحصائية و الكفاءات المهنية و المعلوماتية، سواء في مرحلة التخطيط أو التنفيذ، والجمع بينهما في وقت مبكر من العملية لضمان المواكبة الكاملة للمشروع. و بالتالي فإن المهارات الإحصائية هي بالطبع ضرورية لتسيير هذا المشروع، كما هو الشأن بالنسبة للمهرات في مجال نظم المعلومات. و عليه فإن نتائج المعالجة الإحصائية ينبغي أن ترسل للمشرفين على رصد حالات الغش للتأكد من صحتها أو إخضاعها لاختبارات لاحقة[73].
ومن أجل إشراك أفضل للمصالح المسؤولة عن عملية المراقبة و ضمان تكامل في العمل بينها، وعلى رأسها مصالح الإحصائيات ونظم المعلومات، فإنه قد يكون من المناسب إنشاء فريق مشترك و متخصص على المشروع داخليا. فمن شأن هذا الفريق المتكون من جميع مهارات المراقبة و الرصد والمهارات الإحصائية والمعلوماتية اللازمة الوصول سريعا للأهداف المتوخاة. كما ينبغي الحرص أيضا على القيام بإنشاء حوارات و مناقشات منتظمة ضمن الفريق من أجل ضمان أكبر قدر ممكن من الكفاءة و الإستمرارية في المشروع .
إن تقييم فعالية تقنية ” التنقيب عن البيانات ” يعتمد على اكتمال عملية المراقبة التي أجريت، و حصر حالات الغش التي تم تأكيدها من خلال هذه العملية، و هذا الشرط هو الذي يمنع إنحياز تحليل و تقييم نتائج عملية المراقبة. و يعطي فكرة شمولية حول فعاليتها في رصد الغش الضريبي.
كما أنه من الضروري إدماج نتائج المؤشرات التي تم التوصل لها خلال الدراسة، بالإضافة إلى نتائج عمليات المراقبة السابقة التي أسفرت على رصد و إستهداف حالات الغش الضريبي بفضل تقنية “التنقيب عن البيانات”، جنبا إلى جنب مع النتائج المتحصل عليها عادة خلال عمليات المراقبة العادية أو العشوائية، داخل “مستودع البيانات” لتطوير خطط المراقبة و الإستهداف المستقبلية، و يتحقق ذلك عبر تحديث النماذج ووضع المخططات المستقبلية للمراقبة و الإستهداف، كما يتعين أيضا إدماج حصيلة المقارنة بين المقاربتين ( الحديثة و التقليدية) لحصر حالات النجاح و القصور من أجل تزويد ” مستودع البيانات ” بحالات جديدة للغش، تُسهم في الرفع من يقظة النظام و مردوديته في كشف و تتبع الغش الضريبي.
وفيما يلي سنسلط الضوء على بعض الإختلالات و التناقضات المتعلقة ببعض ممارسات الغش الضريبي و التي يمكن كشفها بسهولة من خلال إخضاع بيانات الملزمين للفحص عبر تقنية “التنقيب عن البيانات” “Data mining”.
و عليه فلتسليط الضوء على كيفية عمل بعض الآليات و الخوارزميات التي تعتمدها تقنية “التنقيب عن البيانات” في مجال زجر الغش الضريبي، سنقوم بمحاكاة لسيناريو إفتراضي عن كيفية إستعمال هذه التقنية في توجيه عملية المراقبة الجبائية و جدوى إخضاع الملف من عدمه للمراقبة الجبائية المعمقة، و تنبيه الإدارة الضريبية فيما يخص “المتملصين المحتملين” عن دفع الضرائب عن طريق خوارزمية “بحث النقطة الأقرب” أو “Les K-plus proche voisins “[74].
و من أجل ذلك، نفترض وجود العينة العشوائية التالية التي تمثل عددا من الخاضعين للضرائب و خصائصهم إلى جانب سوابقهم فيما يخص الغش الضريبي الذي كشفته الإدارة الضريبية خلال العمليات السابقة، حيث يمثل العمود الأول لائحة الخاضعين للضريبة، فيما يمثل العمود الثاني الدخل، فالثالث عدد البطاقات البنكية، فالرابع السن، فالخامس الحالة العائلية، فالسادس سوابق الغش المكتشفة من قبل الإدارة الضريبية [75].
ثم بعد ذلك سنستقصي من بين هؤلاء «الجيران” عدد الذين تبت في حقهم الغش سابقا من قبل الإدارة الضريبية. ليمكننا في الأخير تقرير ما إذا كان السيد “بيير” هو شخص “متملص محتمل” أم “ملتزم محتمل” أمام الإدارة الضريبية.
و عملية إحتساب المسافات يمكن إحتسابها وفقا للعديد من الصيغ الرياضية و من ضمنها المسافة L1، مسافة مانهاتن، مينكوفسكي، كحد أقصى، ثنائي، الخ) وفي حالتنا هاته يمكننا اللجوء إلى إحتساب المسافة الإقليدية المرجحة وفق الصيغة التالية :
و عليه فالمسافة بين السيد “بيير” و الخاضع الأول تحتسب وفق الصيغة التالية:
Sqrt[(150-25)2+(3-1)2+(30-25)(1-0)2]
لتصبح المسافات بين السيد “بيير” و باقي الخاضعين كالتالي :
وإذا قمنا بعملية ترتيب قيم الجدول ترتيبا تصاعديا لتسهيل التصنيف، سنتحصل على وضعية الملزمين الأقرب أو ( الجيران ) للسيد ” بيير” كما يوضح الجدول التالي :
و يتضح من خلال تحليل وضعية الملزمين الأقرب لوضعية الملزم ” بيير” أن الملزمين 12؛ 5؛ 13؛ 15؛ 4؛ 10 معظمهم يوجد في وضعية سليمة أمام إدارة الضرائب بحكم عدم تورطهم في غش و تدليس ضريبي في السابق ويمكن ترجمة ذلك رياضيا للحصول على مؤشر إحتمالي للغش، فإذا أجرينا التحليل على خمسة أشخاص نلاحظ أن 4/5 من الحالات المشابهة لا تمثل غشا ضريبيا مقابل حالة واحدة تمثل 1/5 وعليه فإن إخضاع الملزم “بيير ” لعملية مراقبة ضريبية معمقة غير ذي جدوى و الأولى توجيهها للخاضعين الذين ترتفع نسب ” إحتمالية الغش الضريبي ” لديهم و تتماشى خصائصهم مع حالات الغش المكتشفة وهي تمثل حالات ذات مخاطر أكبر، و ينتج عن هذه العملية توجيه عملية المراقبة و إستشراف محاولات الغش بطرق علمية و ذات مردودية.
و إذا أخذنا بعين الإعتبار قصور العقل البشري على تحليل هذا الكم الضخم من وضعيات الخاضعين و التصاريح حسب تعدد الأهداف المراد الكشف عنها ( تورط أحد الخاضعين في نشاط معين دون آخر) ، و من جانب آخر ما توفره الأنظمة المعوماتية من قوة في التحليل و المعالجة تتضح لنا بلا شك أهمية التقنيات الحديثة المدمجة لمقاربة تدبير المخاطر و دورها في تعزيز مردودية المراقبة الجبائية و زجر الغش.
الملزمين في وضعية سليمة أمام الإدارة الضريبية الملزمين في وضعية غير سليمة أمام الإدارة الضريبية الملزمين الأقرب أو “الجيران الأقرب” للملزم ” بيير” الملزم ” بيير” |
“تنميط” الملزم ” بيير” و تموقعه بالنسبة لباقي الملزمين الأقرب من وضعيته.
خاتمة
إن تحديث عملية المراقبة الجبائية من خلال استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة المرتكزة على مقاربة تدبير المخاطر، أصبح يلعب دورا حاسما من حيث زيادة الكفاءة والحد من ممارسات الغش الضريبي إلى جانب تعزيز مردودية المراقبة الجبائية، و ذلك عبر الإرتكاز على مقاربات إستهدافية عوض المقاربات العشوائية و الروتينية، الأمر الذي يرفع من حصيلة عملية المراقبة إلى جانب ترشيد موارد الإدارات الجبائية المحدودة.
و إنطلاقا من دراسة و تحليل تموقع المغرب بالنسبة لتجارب مختلف الدول الرائدة في هذا المجال، نلاحظ أن المملكة تسير على الخطى الصحيحة في هذا المجال، بالرغم من وجود تباين في التطبيق و التنفيذ بين مختلف الإدارات الضريبية، مصالح الضمان الإجتماعي و المؤسسات المالية و مكافحة تبييض الأموال و كذلك المؤسسات الأمنية، فبالرغم من أن غايتهم واحدة و التي تتمحور حول مكافحة الغش، إلى أن هناك سرعات و مقاربات مختلفة في التطبيق، وهذا الأمر هو الذي دفع بمختلف هذه الإدارات إلى إبرام اتفاقيات ثنائية لتبادل المعلومات فيما بينها لضمان وجود تكامل بين هذه الجهود.
و نضرا لتعقد عمليات الإحتيال و التهرب الضريبي، بالإضافة إلى سرعة فقدان آثار بعض الملزمين و تبخر شركاتهم الوهمية عبر عمليات الغش المنظم ( عمليات الغش الضريبي غالبا ما ترافقها عمليات تملص من دفع الحقوق الإجتماعية أو تهريب العملة و تبييض الأموال)، فإن الحاجة اليوم تقتضي تنفيذ مشروع وطني يتجلى في إقامة نظام معلوماتي مركزي و مندمج بين كافة الفاعلين في مجال زجر الغش على المستوى الوطني، قادر على تجميع مختلف المعلومات المتحصل عليها من مختلف المصادر الغير الحكومية (الإنترنت، الشبكات الإجتماعية، المواقع الإلكترونية، شبكات التسويق الإلكتروني) ، بالإضافة إلى إدماج المعلومات المتوصل بها من طرف الإدارات الوطنية و شركاء المملكة، من أجل التصدي للغش الضريبي خلال الزمن الحقيقي و الوصول لكافة خيوط عمليات التملص.
و هذا الأمر يقتضي فتح ورش جديد و إطلاق مبادرة فريدة و مبتكرة تقتضي تحيينا لمعظم النصوص القانونية دون الإخلال بمبدأ حماية الخصوصية، إلى جانب ضرورة إدماج القطاع الغير المهيكل و الذي يعد غير مشمول نسبيا بأي نظام للمراقبة.
[1] رضوان عنبي، التهرب الضريبي، دراسة سوسيولوجية، المنارة، العدد الثاني، يوليوز 2012، الصفحة 45.
[2] سليمان بومزوغ، المراقبة الجبائية للمقاولة في المغرب، مطبعة دار السلام الرباط، الطبعة الأولى، سنة 2016، الصفحة 124.
[3] في عام 2014 بفرنسا، أجرت السلطات الضريبية أكثر من 1.5 مليون مراجعة ضريبية لدافعي الضرائب الخاضعين للضريبة.
[4] سليمان بومزوغ، المراقبة الجبائية للمقاولة في المغرب، مطبعة دار السلام الرباط، الطبعة الأولى، سنة 2016، الصفحة 14.
[5] للإدارة الضريبية الحق في إجراء معاينة يمكن بمقتضاه أن تطلب من المقاولة تقديم الفاتورات أو الوثائق المحاسبية أو المعاينة الفعلية للعناصر المجسدة للإستغلال و تهدف الإدارة من ممارسة هذا الحق الكشف عن حالات الإخلال بالإلتزامات الواردة في النصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل.
[6] يمنح حق الإطلاع للإدارة الجبائية الحق بأن تأخذ و تطلع على نسخ من الوثائق التي توجد بحوزة الأغيار، قصد جمع المعلومات التي تفيدها في مراقبة و ربط الضريبة الواجبة في حق المقاولة و لقد حددت المادة 214 من المدونة العامة للضرائب مجال استعمال حق الإطلاع في الوثائق المحاسبية الموجودة في حوزة إدارات الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العمومية و كل هيئة خاضعة لمراقبة الدولة و كل الأشخاص الذين يزاولون نشاطا خاضعا للضريبة.
[7] يُعتبر فحص المحاسبة نوعا من الرقابة التي تُمارسها الإدارة، بهدف التحقق من صحة البيانات المحاسبية و الإقرارات التي أدلى بها الخاضعون للضريبة و التأكد في عين المكان من حقيقة و جود الأموال المدرجة في الأصول.
و لم يعرف القانون المغربي فحص المحاسبة، إلا أن مجلس الدولة الفرنسي عرفها من خلال قرار بلانيير “plénière” الصادر بتاريخ 13-03- 1967 بأنه : مراقبة لمدى صحة و صدق اقرارات الخاضع للضريبة و ذلك بمقارنتها مع البيانات المحاسبية من أجل ضمان فرض الضريبة على المتملص منها بدون سند قانوني.
و تقوم الإدارة بتحديد برنامج سنوي للأشخاص و المقاولات الذين سيخضعون لهذا النوع من المراقبة و ذلك بناء على معايير محددة سابقا كالتصريح بالعجز المزمن و عدم الإنسجام بين المشتريات و المداخيل.
[8] سليمان بومزوغ، المراقبة الجبائية للمقاولة في المغرب، مطبعة دار السلام الرباط، الطبعة الأولى، سنة 2016، الصفحة 121.
[9] بلغ عدد المفتشين المحققين في المديرية العامة للضرائب خلال سنة 2017 ما مجموعه 395 مفتشا، بعدما قامت الإدارة العامة للضرائب بانتقاء 100 مفتش برسم سنة 2016. ومن المنتظر أن يصل هذا العدد إلى 700 مفتش في غضون هذه السنة، ليبلغ الألف سنة 2018، عن طريق إعادة انتشار الموظفين وتكوينهم للقيام بهذه المهمة.
[10]على سبيل المثال فيما يتعلّق بالضريبة على الشركات وحدها فحسب معلومات نشرتها مؤسسة ” أنفوريسك” خلال سنة 2015، فإن 100 شركة كبرى (شركة اتصالات المغرب، المكتب الشريف للفوسفاط، التجاري وفابنك، الشركة الوطنية للاستثمار، البنك المركزي الشعبي، شركة الإسمنت لافارج، الشركة المغربية للتبغ، البنك المغربي للتجارة الخارجية، الشركة العامة، البنك المغربي للتجارة والصناعة…)، تحمّلت نحو 37% من الضريبة على الشركات وضخت 15 مليار درهم من مجموع 41 مليار درهم المحصلة في سنة 2015. وبلغ عدد الشركات الخاضعة للضريبة على الشركات في المغرب سنة 2016 إلى ما يناهز 278.098 شركة، غير أن التقديرات التي توردها مؤسسات رسمية، تشير في السنوات الأخيرة إلى أن 2% فقط من الشركات تساهم بنحو 80% من إيرادات الضريبة على الشركات. ويطرح هذا الوضع مسألة تفعيل مبدأ المساواة أمام الضريبة، في ظل ما درجت عليه 63% من الشركات من التصريح بتحقيقها لخسارة، ما يتيح لها فقط أداء مساهمة دنيا، ما يطرح السؤال حول فاعلية مسألة المراقبة التي تتولاها الإدارة الجبائية و الحصيلة الضريبية المهمة التي من الممكن تحصيلها من خلال المراجعة الدقيقة للتصريحات.
[11] Le Sous-groupe sur la conformité du Forum sur l’administration de l’impôt, Gestion du risque d’indiscipline fiscale : Systèmes de sélection des dossiers à contrôler, publication CENTRE DE POLITIQUE ET D’ADMINISTRATION FISCALES et L’ ORGANISATION DE COOPÉRATION ET DE DÉVELOPPEMENT ÉCONOMIQUES, Page 26, Document consulté sur :
[12] البيانات الضخمة Big data أصبحت واقع نعيشه، حتى أن قاموس أوكسفورد اعتمد المصطلح و أضافه للقاموس مع مصطلحات مستحدثة أخرى مثل التغريدة tweet .
[13] من وجهة نظر الخبراء، هي مجموعات متعددة من البيانات (المنظمة أو الغير منظمة) تضخمت وتعقدت لدرجة إستحالة التعامل معها عبر التدخل البشري أو قواعد البيانات وأنظمة المعالجة التقليدية. من وجهة نظر مقدمي الخدمات، هي الأدوات والعمليات التي تحتاجها المنظمات للتعامل مع كمية كبيرة من البيانات لغرض التحليل. و لقد اتفق الطرفان على إنها بيانات هائلة لا يمكن معالجتها بالطرق التقليدية.
كما أن الوقت والتكلفة الكبيرة التي تحتاجها البيانات العملاقة لتحليلها إضطرت بالتقنيين إلى الاعتماد على أنظمة الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence التي تستخدم خوارزميات معقدة للعمل عليها، والتي بدورها تعتمد على تقنيات الحوسبة السحابية لإتمام عملها.
[14] من بين هذه المعلومات و الوثائق الرقمية:
- المصادر الناشئة عن إدارة أحد البرامج، سواء كان برنامجا حكوميا أو غير حكومي، كالسجلات الإلكترونية وسجلات التأمين والسجلات المصرفية.
- المصادر التجارية أو ذات الصلة بالمعاملات، الناشئة عن معاملات بين كيانين، على سبيل المثال معاملات البطاقات الائتمانية والمعاملات التي تجرى عن طريق الإنترنت بوسائل منها الأجهزة المحمولة.
- مصادر شبكات أجهزة الاستشعار، على سبيل المثال، التصوير بالأقمار الصناعية، وأجهزة استشعار الطرق، وأجهزة استشعار المناخ.
- مصادر أجهزة التتبع، على سبيل المثال تتبع البيانات المستمدة من الهواتف المحمولة والنظام العالمي لتحديد المواقع.
- مصادر البيانات السلوكية، على سبيل المثال، مرات البحث على الإنترنت عن منتج أو خدمة ما أو أي نوع آخر من المعلومات، ومرات مشاهدة إحدى الصفحات على الإنترنت.
- مصادر البيانات المتعلقة بالآراء، على سبيل المثال، التعليقات على وسائط التواصل الاجتماعي.
- رسائل البريد الإلكتروني، مقاطع الفيديو، التغريدات، منشورات فيس بوك، رسائل الدردشة على الواتساب، النقرات على المواقع وغيرها.
[15] نظرا لضخامة حجم الملفات نذكر على سبيل المثال :
- لدى واتس آب أكثر من مليار مستخدم، و يتم تداول اكثر من 42 مليار رسالة و حوالي 1.6 مليار صورة بشكل يومي.
- فيسبوك تتعامل مع أكثر من 50 مليار صورة من مستخدميها.
- جووجل Google تتعامل مع حوالي 100 مليار عملية بحث في الشهر.
[16] منذ عام 2012 كانت الحدود المفروضة على حجم مجموعات البيانات الملائمة للمعالجة في مدة معقولة من الوقت خاضعة لوحدة قياس البيانات إكسابايت. وتضاعفت القدرة التكنولوجية العالمية لتخزين المعلومات للفرد الواحد تقريباً كل 40 شهر بدءا من العام 1980 حيث في عام 2012 تم تقدير البيانات المنتجة ب 2.5 كوينتيليون بايت ( 2.5 × 1018) من البيانات يوميا 90% منها غير مهيكله مقابل 10% فقط من البيانات المهيكلة.
و خلال كل كل دقيقه يولد العالم من حولنا مايقرب من 1.7 مليون بليون بايت من البيانات من مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الالكتروني لمواقع الأعمال الخاصة كأمازون واى-باى وأعمال البيع بالتجزئة للمشاريع العلمية والقومية العملاقة.
و عادة ما يواجه العلماء عددا من القيود بسبب مجموعات البيانات الضخمة الموجودة في العديد من المجالات، والتي تتضمن الأرصاد الجوية (علم الطقس)، وعلم الجينات (علم الجينوم) ، والمحاكاة الفيزيائية المعقدة والبحوث البيولوجية والبيئية، معلومات البحث على الإنترنت (محرك بحث). وتنمو مجموعات البيانات في الحجم بشكل جزئي، ويرجع ذلك لأنها يتم جمعها بشكل متزايد عن طريق أجهزة استشعار المعلومات المتنقلة، والتقنيات الحسية الجوية (الاستشعار عن بعد) ، وسجلات البرامج، والكاميرات، والميكروفونات، وأجهزة تحديد ذبذبات الإرسال (تحديد الهوية بإستخدام موجات الراديو) وشبكات استشعار اللاسلكية .
و من الصعب العمل مع البيانات الضخمة باستخدام معظم أنظمة إدارة قواعد البيانات العلائقية وإحصائيات سطح المكتب وحزم المحاكاة، حيث يتطلب الأمر بدلاً من ذلك “برامج متوازية واسعة النطاق تعمل على عشرات أو مئات أو حتي آلاف الخوادم”. وما يُعتبر “بيانات ضخمة” يختلف باختلاف قدرات المنظمة التي تقوم بإدارة المجموعة، وعلي قدرات التطبيقات التي تستخدم بشكل تقليدي لمعالجة وتحليل مجموعة البيانات في النطاق الخاص بها. “فبالنسبة لبعض المنظمات، ربما تؤدي مواجهة مئات الغيغا بايت من البيانات لأول مرة إلى إعادة النظر في خيارات إدارة البيانات. وبالنسبة للبعض الآخر، ربما يستغرق الأمر عشرات أو مئات تيرابايت من البيانات قبل أن يصبح حجم البيانات شأناً مهماً”.
[17] Par Ziv Baida, Commencez petit, pensez grand, pensez « Big Data » , OMD actu : Passage au numérique, Publication de Organisation mondiale des douanes, Février 2016 | n° 79 | www.wcoomd.org
[18] ظهر التنقيب في البيانات (Data mining) في أواخر الثمانيات وأثبت وجوده كأحد الحلول الناجحة لتحليل كميات ضخمة من البيانات، وذلك بتحويلها من مجرد معلومات متراكمة وغير مفهومة (بيانات) إلى معلومات قيِّمة يمكن استغلالها و الاستفادة منها بعد ذلك.
واستخراج البيانات Data Mining كتقنية تهدف إلى استنتاج المعرفة من كميات هائلة من البيانات، و هي تعتمد على الخوارزميات الرياضية والتي تعتبر أساس التنقيب عن البيانات وهي مستمدة من العديد من العلوم مثل علم الإحصاء والرياضيات والمنطق وعلم التعلم، والذكاء الاصطناعي والنظم الخبيرة، وعلم التعرف على الأنماط ،وعلم الآلة. وغيرها من العلوم والتي تعتبر من العلوم الذكية وغير التقليدية.
وقد اجتذبت مرحلة التنقيب في البيانات الكثير من الاهتمام في الأوساط البحثية على مدي العقد الماضي، في محاولة لتطوير خوارزميات قابلة للتوسع والتكيف مع كميات متزايدة من البيانات في البحث عن أنماط معرفية ذات معنى. وقد نمت حزم من الخوارزميات والبرمجيات و بشكل كبير خلال العقد الماضي، إلى حد أن التوسع قد جعل من الصعب على العاملين في هذا الحقل تتبع التقنيات المتاحة لحل مهمة معينة.
و من جهة أخرى، لقد أدي الانتشار الواسع لتقنية المعلومات وسهولة إتاحتها إلى تضخم حجم المعلومات بصورة استباقية لم يشهدها التاريخ من قبل، مما جعل من قضية البيانات الضخمة على الإنترنت مثاراً للجدل، من حيث جدوى وجودها بهذه الصورة العشوائية. وعندما نتحدث عن البيانات الضخمة، فإننا نتحدث عن كميات لا يمكن تخيلها من البيانات متعددة الأنواع والمصادر بحجم يصل إلى المئات من التيرابايت أو حتى البيتابايت (البيتابايت هو الرقم واحد متبوعا بـ 15 صفر). كما أن شركة IBM تتحدث عن 2.5 كوينتيليون بايت من البيانات كل يوم (الكوينتيليون هو الرقم واحد متبوعا بـ 18 صفرا). معلومات في كل مكان وفي موضوعات شتي. وهنا نتساءل ما أهمية هذه البيانات في ظل وجود حقيقة تشير إلى أن المعلومات المنظمة من هذه البيانات لا تشكل إلا جزءً ضئيلاً يصل إلى 10% مقارنه بالمعلومات غير المنظمة والتي تشكل الباقي. ذلك أدي إلى ازدياد الحاجة إلى تطوير أدوات تمتاز بالقوة لتحليل البيانات واستخراج المعلومات والمعارف منها، فالأساليب التقليدية والإحصائية لا تستطيع أن تتعامل مع هذا الكم من الهائل لذا تستخدم أدوات ذكية لمعالجة هذه البيانات.
ومن هنا تبرز الإشكالية المتمحورة حول كيفية تفعيل تقنية “التنقيب على البيانات” في ظل البيانات اللامتناهية، و هو ما يحيل على ضرورة إستعمال تقنية “البيانات الضخمة” كبيئة و مدخل لممارسة “التنقيب على البيانات”.
[19] Cyril Dégrilart et Kada Meghraoui, Le Big Data entre dans le monde de la fiscalité, 12/09/2016, Document consulté sur :
[20] Les big data dopent la lutte contre la fraude fiscale, business analytics info, Document consulté sur http://business-analytics-info.fr/6290/les-big-data-dopent-la-lutte-contre-la-fraude-fiscale/
[21] بلجيكا كانت سباقة في التصدي لظاهرة الغش الحلقي الذي تعاني منه معظم الدول الأوروبية، ويرجع الفضل في ذلك إلى استعمال تقنية التنقيب عن البيانات التي تكشف أتوماتيكيا سلوكات الغش و التلاعب الضريبي عن طريق ربط و إيجاد نقط إلتقاء و روابط بين مختلف المعلومات الواردة من الإدارة الضريبية ووزارة العدل، و في هذا الصدد تم إخطار المفتشين الضريبيين بحالة مشبوهة للغش الضريبي المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة في أقل من خمسة دقائق على تسجيل الإقرار الضريبي و بالتالي عرفت حالات الغش الحلقي المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة تراجعا حادا ب 98%.
[22] كما تلجأ العديد من الإدارات الضريبية حول العالم إلى تطوير أنظمة معلوماتية خاصة بها بمواردها الذاتية.
[23] Fraude TVA de type carrousel, Publication Direction générale des finances publiques en France Document consulté sur :
[24] فيما يتعلق بالمتدخلين في هذه العمليات، فإن تنفيذ هذا النوع من العمليات في إطار حلقة بسيطة، يفترض وجود ثلاث شركات مختلفة على الأقل:
و عليه فإن الغش المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة، وعلى وجه الخصوص، الغش المنظم داخل دول المجموعة يضر المنافسة العادلة داخل الاتحاد الأوروبي إلى جانب التقليل من الإيرادات الضريبية للدول الأعضاء. لكل هذه الأسباب، كان من الضروري على الإدارات الضريبية داخل الدول الأعضاء الجعل من مكافحة هذا النوع من الاحتيال ذا أولوية.
[25] إنخفظت خسائر الخزينة البلجيكية فيما يخص التهرب من الضريبة على القيمة المضافة بشكل ملحوظ يقدر ب 1.1 مليار يورو في عام 2001 إلى 26،04 مليون يورو في 2006 ثم 93،6 مليون يورو في عام 2009، بانخفاض 85٪ على مدى 8 سنوات، ليصل إلى 95٪ عام 2011 ب 18 مليون يورو من المبالغ المتملص منها من ضريبة على القيمة المضافة.
علاوة على ذلك، تم اختصار آجال عمليات الكشف و المراقبة بشكل كبير، من حوالي 3 أسابيع لمدة 5 دقائق فقط، كما أن 99.9٪ من عملية الكشف تبدأ منذ وضع أول تصريح خاطئ و تمكن تقنية ” البيانات الضخمة” من استقصاء حدوث صفقة معينة و ربطها بتغيير العنوان، تكرار مخططات الغش على مستوى عدة بلدان، تحديد شبكات الغش الضريبي و كشف متزعميه.
[26] يعني حرفيا “التسريب خارج الحدود الإقليمية”، وهو مرتبط بموقع ويكيليكس، تأسس منذ منذ عام 2013، و يتضمن سلسلة من التسريبات حول الملاذات الضريبية واستخدامها لأغراض التهرب الضريبي وغسل الأموال في جميع أنحاء العالم. وهو تابع للإتحاد الدولي للمحققين الصحفيين International Consortium of Investigative Journalists) (ICIJ) وهو عبارة عن شبكة دولية مقرها في واشنطن تأسست عام 1997 كذراع لمركز النزاهة العامة بهدف “العمل على قضايا مثل الجرائم عبر الحدود والفساد ومحاسبة السلطة.” ويتضمن 165 صحفي استقصائي من أكثر من 65 بلداً يمكن الولوج للموقع عبر الرابط التالي :
[27] Big Data : comment le fisc a récupéré plus d’1 milliard d’euros dans la lutte contre la fraude, mardi 22 avril 2014, Document consulté sur :https://www.agoria.be/fr/Big-Data-comment-le-fisc-a-recupere-plus-d-1-milliard-d-euros-dans-la-lutte-contre-la-fraude
[28] تم تقييم مجموع المبالغ التي فُوتت على الخزينة الإيطالية سنة 2015 بأنها كانت كافية لمحو الدين العام في إيطاليا منذ 15 عاما.
[29] و لقد تم تقدير هذه الخسائر سنة 2015 ب 122 مليار يورو حيث أن 40 مليار يورو من هذا المبلغ يمثل الغش المتعلق بعدم أداء الضريبة على القيمة المضافة، و 34 مليار يورو تمثل الغش المتعلق بالتملص من دفع المساهمات الإجتماعية.
[30] L’évasion fiscale a coûté à l’Italie 122 milliards d’euros en 2015, latribune.fr, 17/12/2015, Document consulté sur : https://www.latribune.fr/economie/union-europeenne/l-evasion-fiscale-a-coute-a-l-italie-122-milliards-d-euros-en-2015-536902.html
[31] Samuel-Frédéric Servière, BIG DATA : en matière de contrôle fiscal, la France va devoir mettre les bouchées doubles, 15 mai 2014 Document consulté sur :
[32] Samuel-Frédéric Servière, BIG DATA : en matière de contrôle fiscal, la France va devoir mettre les bouchées doubles, 15 mai 2014 Document consulté sur :
[33] Giulietta Gamberini , En Italie, l’Etat va utiliser un nouveau logiciel qui traque les fraudeurs au fisc, 21/08/2013 Document consulté sur :
[34] Cyril Dégrilart et Kada Meghraoui, Le Big Data entre dans le monde de la fiscalité, 12/09/2016, Document consulté sur :
[35]Tristan de Bourbon, Big data vs fraudes fiscales: le modèle anglais, 23 juin 2015 Document consulté sur :
http://www.lopinion.fr/edition/international/big-data-vs-fraudes-fiscales-modele-anglais-25527
[36] Samuel-Frédéric Servière, BIG DATA : en matière de contrôle fiscal, la France va devoir mettre les bouchées doubles, 15 mai 2014, Document consulté sur :
[37] La Direction générale des Finances publiques.
[38] Lutte contre la fraude Bilan 2013, publication de la Délégation Nationale de Lutte contre la Fraude, Page 44, Document consulté sur : www.fondafip.org/f2708_Bilan_2013.pdf
[39] الدليل الوطني للعاملين بقطاع الصحة ADELIE ، قاعدة البيانات المتعلقة بالموطن الضريبي، الجريدة الرسمية للإعلانات المدنية والتجارية BODACC، قاعدة البيانات Rebecca و هي قاعدة توثيق و مستندات يتم تزويدها يوميا بالمعلومات من مختلف مراكز التوثيق التابعة للإدارة المركزية لوزارة الاقتصاد والمالية الفرنسية، قاعدة أرقام الحسابات البنكية بالخارج، المعلومات المتأتية من مختلف التمثيليات المهنية،…
[40] Samuel-Frédéric Servière, BIG DATA : en matière de contrôle fiscal, la France va devoir mettre les bouchées doubles, 15 mai 2014 Document consulté sur :
[41] لا يوجد تقاطع للبيانات الواردة من الشبكات الإجتماعية مع المعلومات موضوع البحث في هذا النظام ، وهذا التقاطع كفيل بتحديد الدخول التي لم يتم التصريح بها لدى الإدارة الجبائية، كما تمكن من وضع تصور واضح عن سلاسل الغش التي تكون الشبكات الإجتماعية أحد حلقاتها.
[42] غياب إرسال الطلبات الإيضاحية من طرف الإدارة الضريبية بطريقة تلقائية، وهذا الإجراء كفيل بتخفيف الضغط على مصالح و فرق التدقيق والمراقبة، كما أن هذه الإجراء الوقائي كفيل بتحديد الأخطاء و الإغفالات الكبيرة والسماح بإدخال التصحيحات في أقرب وقت ممكن.
[43] يجب تقييم ساعات العمل المستغرقة في عملية المراقبة، فعندما سيتم توسيع العمل بهذا النظام المعلوماتي، سيتحسن الأداء و سيؤدي ذلك إلى تحقيق مكاسب كبيرة في الإنتاجية بالنظر إلى كتلة الأجور التي سيتم توفيرها و تقليص المدة الزمنية للمراقبة، وتوجيه الموارد البشرية على عمليات الغش الأكثر تعقيدا.
[44] Samuel-Frédéric Servière, BIG DATA : en matière de contrôle fiscal, la France va devoir mettre les bouchées doubles, 15 mai 2014 Document consulté sur :
[45] قامت المفوضية الوطنية لمكافحة الغش بفرنسا بخلق فرق عمل مشترك بين الوزارات وهو يجمع الإدارات المالية و منظمات الحماية الإجتماعية، بهدف تبادل الخبرات فيما يخص تنفيذ مشروع التنقيب عن البيانات، مما خلق العديد من التجارب في الإدارات المالية و المؤسسات الإجتماعية. كما واكبت المفوضية الوطنية لمكافحة الغش كافة المتدخلين في مكافحة الغش.
ولقد أكدت السلطات السلطات العومية مرارا على أهمية مكافحة الغش في المالية العمومية حيث أجمعت مختلف الإدارات و مؤسسات الحماية الإجتماعية على ضرورة الوعي بالمخاطر الجديدة، حيث أن سلوكات الغش تتماشى على الدوام مع بيئتها حيث تأخذ أشكالا أكثر تعقيدا و تطورا.
[46] Lutte contre la fraude Bilan 2014, publication de la Délégation Nationale de Lutte contre la Fraude, Page 12, Document consulté sur :
www.economie.gouv.fr/files/files/PDF/DNLF_BILAN_2014.pdf
[47] Lutte contre la fraude Bilan 2013, publication de la Délégation Nationale de Lutte contre la Fraude, Page 16, Document consulté sur : www.fondafip.org/f2708_Bilan_2013.pdf
[48] Lutte contre la fraude Bilan 2014, publication de la Délégation Nationale de Lutte contre la Fraude, Page 12, Document consulté sur : www.economie.gouv.fr/files/files/PDF/DNLF_BILAN_2014.pdf
[49] Cyril Dégrilart et Kada Meghraoui, Le Big Data entre dans le monde de la fiscalité, 12/09/2016, Document consulté sur :
[50] Cyril Dégrilart et Kada Meghraoui, Le Big Data entre dans le monde de la fiscalité, 12/09/2016, Document consulté sur :
[51] محمد حنين ” المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية ” مطبعة دار القلم الطبعة الاولى 2007 صفحة 13.
[52] باتت تحقق رقما للمعاملات يفوق 2300 مليار دولار سنويا.
[53] في فرنسا وحدها هناك 33،8 مليون مشتري عبر شبكة الإنترنت وهو ما يمثل 5% من المشترين عالميا، وهي بذلك تتبؤ المرتبة السادسة عالميا.
[54] منشورات وزارة المالية الفرنسية:
http://www.economie.gouv.fr/files/finances/presse/dossiers_de_presse/090210cyberdouane.pdf
[55] حيث أنها تقوم بتكريس الوقاية و التصدي و تدبير جملة من المخاطر خلال مختلف مراحل المراقبة القبلية و الآنية و البعدية، مستفيدة في ذلك من الطاقات الهائلة و السرعة في المعالجة التي تخولها التكنلوجيات الحديثة مقارنة مع التدخل البشري، و التي تنتج جملة من الإخطارات و الإشارات و التنبؤات التي ُتوَجه عملية المراقبة نحو إستهداف مكامن الغش الضريبي و القيام بعمليات دقيقة لإستئصالها دون المساس بمرونة و إنسياب المعاملات و العمليات التجارية.
[56] الفصل 65 – 1- يجب أن يقدم بشأن جميع البضائع المستوردة أو المقدمة للتصدير تصريح مفصل يعين لها نظاما جمركيا ( بتاريخ 25 شوال 1397 1.77.339مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة المصادق عليها بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم).
[57] قبل هذا التاريخ كان يتم إيداع البيان المفصل إلكترونيا ليتبعه مباشرة بعد ذلك إيداعه ضمن الصيغة الورقية مع الوثائق المرفقة الفواتير، سند الشحن، شهادات المنشأ، و شهادات ولوج السوق الوطنية وفق الأجال القانونية.
[58] التقرير السنوي عن أنشطة إدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة، إصدارات أنشطة إدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة، سنة 2015، صفحة 23.
[59] * العمليات ذات المخاطر المتدنية هي التي تتم من طرف فاعلين اقتصاديين ثبت لدى إدارة الجمارك إلتزامهم بالقوانين و التشريعات الجمركية و الضريبية كالمؤسسات العمومية و الشركات المصنعة الكبرى و المقاولات المهيكلة و التي تم منح بعض منها تصنيفا من طرف الإدارة الجمركية بمنحها الفئة “أ ” أو الفئة “ب”، حيث قامت بإستيفاء معايير التدبير الجيد و المراقبة و اداء الضرائب و المستحقات و مسك الوثائق المحاسبية، حيث خول لها هذا التصنيف الأولوية و الأسبقية في المراقبة الجمركية و كذلك الإعفاء من المخالفات الجمركية البسيطة من الدرجة الرابعة.
و بعزمها على الاستجابة أكثر لمتطلبات و حاجيات المقاولات، حرصت إدارة الجمارك على تطوير نهجها لتصنيف المقاولات لينتقل من مرحلة برنامج التصنيف إلى صفة الفاعل الاقتصادي المعتمد دوليا.
ويستهدف هذا البرنامج المقاولات ذات مصداقية والتي تتوفر فيها معايير الأمن وتقدم ضمانات على مستوى الشفافية و السلامة وصلابة وضعيتها المالية إلى جانب خلو سوابقها من إختلالات و نزاعات جسيمة تم ضبطها من قبل الإدارة و القدرة على السداد المالي.
و تمكن هذه الصفة للفاعلين الاستفادة من عدة امتيازات جمركية وتنمية الأنشطة المرتبطة بالتجارة العالمية. و تتجلى هذه الإمتيازات في:
- تخفيف مساطر المراقبة حيث تكتفي الإدارة فقط بفحص للوثائق و المستندات و التي على أساسها يتم رفع اليد عن البضائع.
- التحقق المادي إذا لزم الأمر بوسائل غير تدخلية (الماسحات الضوئية).
- المرور السريع بالجمارك عن طريق رفع اليد عند مقر المقاولة و الخضوع بعد ذلك للمراقبة داخل أجل 8 أيام.
- إمكانية إجراء التخليص الجمركي عند مقر المقاولة.
- الدفع عن طريق الشيكات غير مصدق عليها في حدود عتبة معينة،
- منح تسهيلات فيما يخص الضمانات بالنسبة للشركات المستخدمة للأنظمة الإقتصادية بالجمرك.
- هذا الوضع يعطي المستفيد فرصة المصادقة بنفسه على منشأ البضاعة،
- تقديم الإستشارة و التوجيه و الأسبقية في معالجة الطلبات
ومنذ انطلاق برنامج التصنيف أعربت أكثر من 865 مقاولة، مشتغلة في الغالب بقطاع الصناعة والتجارة، عن رغبتها في الاستفادة من امتيازات هذا البرنامج. وقد تم الاستجابة ل 7, 44% من هذه الطلبات حيث بلغ عدد المقاولات المصنفة إلى نهاية سنة 2016،387 مستفيد.
و على صعيد آخر وتبعا للتوصيات المنبثقة عن أشغال المناظرة الوطنية حول الجبايات المنعقدة سنة2013 ، أنشئت لجنة ثنائية تضم إدارة الجمارك والمديرية العامة للضرائب من أجل البحث في سبل تبني منهجية مشتركة لتصنيف عام للفاعلين الاقتصاديين.
و فعلا لقد تم اعتماد التصنيـف الــموحد ‘الجمارك-الــمديرية العامـة للضرائب’ وهي ميـزة تدعـم الــمقاولة في سـعيها وراء الرفـع مـن أدائهـا.
و يعد التصنيف الموحد للمقاولة مسعى ثنائي نشأ سنة 2015 بين إدارة الجمارك والمديرية العامة للضرائب يسند للمقاولة صفة تجمع عمليتي التصنيف التي تباشرها كل من المؤسستين على حدة لصالح محيط الأعمال . و ببلوغه السنة الثانية من دخوله حيز الوجود، سجل هذا النهج المشترك سنة 2016 منح أول شهادة للتصنيف الموحد الذي هم ثمان 08 مقاولات حاصلة في نفس الوقت على صفة الفاعل الاقتصادي المعتمد «تبسيطات جمركية « و تصنيف جبايئ من نفس الدرجة .و من شان هذه الميزة المشتركة «الفاعل الإقتصادي المعتمد» و «الملزم المصنف « أن تسمح للمقاولة بالولوج إلى قائمة تحفيزية من المزايا والمساطر المبسطة التي تفتح في وجهها آفاق تنمية قدراتها التنافسية ونيل حصة من الأسواق الدولية.
و عليه فإن عملية التصنيف قد عززت من من مردودية عمل الإدارة الجمركية و دعمت تنافسية المقاولات من حيث السرعة في رفع اليد و الخدمات التي خولتها لها الإدارة الضريبية في هذا المجال و بالتالي تركيز الجهود على مكامن الغش و إستهدافه أثناء عملية المراقبة عوض شموليته و عموميته و التي لا تأتي بمردودية.
*أ ما العمليات ذات مخاطر المنخفظة و التي تتوافق مع احتساب معدل معين للمخاطر يتوافق مع احتمالية كبرى لعدم وجود خطأ أو تحايل أو تدليس، فإنه يقتضي تدخل العامل البشري الذي يمثله المفتشون في فحص الوثائق و بناء على قرارهم المدعم يمكن للمصلحة إخضاعها، للفحص الجزئي أو الكلي بعد رصد اغفلات أو اختلالات في التصريح، و في حالة عدم وجود شكوك أو تضاربات أو غموض أو نقص في المعلومات، يتم تعشيرها دون فحص يدوي .
* أما بالنسبة للعمليات ذات المخاطر العالية فهي تهم فاعلين إقتصاديين لهم سوابق في النزعات الجمركية أو في الغش الجمركي بصفة إعتيادية و متكررة أو فاعلين جدد لم يسبق لهم القيام بأية عملية أو وجود شحنة من البضائع الشديدة الحساسية فيما يخص المردودية الضريبية، الأمر الذي يؤهلها لتكون محط غش من قبل المتملصين و يتم إدراجها ضمن القناة الحمراء.
[60] التقرير السنوي عن أنشطة إدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة، إصدارات أنشطة إدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة، سنة 2013، صفحة 15.
[61] وفي هذا الصدد أعلن السيد عمر فرج المدير العام لمديرية الضرائب، » أن الحديث عن الإدارة الرقمية ليست مجرد أداة تكنولوجية بل هو خيار استراتيجي يقتضي تغييرا جذريا في الطريقة التي نستوعب بها احتياجات زبنائنا والتفاعل معهم، و هذا هو التغيير الحقيقي النموذجي« . بهذه العبارة أعلن السيد عمر فرج التزام المديرية العامة للضرائب برقمنة جل خدماتها ومواصلة مشاريع الإصلاح الأخرى.
[62] ” المديرية العامة للضرائب : رقمنة المساطر الضريبية “، مجلة المالية : وزارة الإقتصاد و المالية المغربية ، ملف ( التحديث : مسعى دائم في عمل وزارة الإقتصاد و المالية )، العدد 32 مارس 2017، الصفحة 13
[63] الموقع الرسمي للمديرية العامة للضرائب المغربية :
[64] و يندرج ذلك في اطار الإستجابة لتوصيات المجلس الأعلى للحسابات بخصوص المراقبة الجبائية، حيث أنه في إطار عملية الإفتحاص التي قام بها المجلس الأعلى للحسابات للمديرية العامة للضرائب سنة 2011، قدم بعض التوصيات لإصلاح نظام المراقبة الضريبية داخل هذه الإدارة و ذلك من خلال :
- .
كما أن المناظرة الوطنية الثانية حول الجبايات بخصوص المراقبة الجبائية قد أقرت جملة من التوصيات، و یتعلق الأمر بوضع منظومة فعالة لجزر الغش الضریبي بتقویة وسائل عمل الإدارة الجبائیة حتى تتمكن من ممارسة عملھا على أحسن وجه و ذلك بالوسائل التالیة:
[65] خلال حجاج، جباية المقاولة بالمغرب، السلسلة المغربية للعلوم و التقنيات الضريبية، العدد السابع، مطبعة الأمنية بالرباط، 2014، صفحة 333.
[66] أبانت التجارب المقارنة في العديد الدول الرائدة في مجال زجر الغش الضريبي على ضرورة تكامل الجهود و تبادل المعلومات بين مختلف الأجهزة المعنية داخل الدولة و أيضا مع الشركاء الخارجيين، كما هو الحال بالنسبة لدول الإتحاد الأوروبي، ولقد سارت المديرية العامة للضرائب على هذا المنوال حيث أنها وقعت على مجموعة من الاتفاقيات-إطار الخاصة. و فيما يلي نبذة عن أهم ما جاء في هذه الإتفاقيات:
إتفاقية–إطار بين المديرية العامة للضرائب وإدارة الجمارك والضّرائب غير المُباشرة
تم التوقيع، يوم 16 شتنبر 2015 بين إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والمديرية العامة للضرائب، على اتفاقية إطار للتعاون تدخل ضمن التوجهات الحكومية المتعلقة بتنسيق أنشطة الإدارات. و تنص هذه الاتفاقية على تعاون دائم ومنفتح على الميادين ذات الاهتمام المشترك، لاسيما من خلال تطوير تبادل المعلومات والبيانات، التصنيف المشترك للفاعلين الاقتصاديين المعتمدين، تبسيط المساطر الإدارية، التنسيق في مجال المراقبة وتحصيل الديون العامة و تقاسم الممارسات الجيدة، الرقابة الاقتصادية والنصوص التنظيمية، تبادل البيانات الإحصائية، كما يشمل هذا التعاون مجالات أخرى كالرصد الاقتصادي و التنظيمي.
إتّفاقية–إطار للتعاون بين المديرية العامة للضرائب والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية
تهدفُ هذه الاتفاقية التي تربط المديرية العامة للضرائب بالوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية إلى تحديد الالتزامات المتبادلة لكلا الطرفين فيما يتعلق ب :
- تحسين الأسعار المرجعية للمعاملات العقارية والتقارب نحو مرجع مُشترك؛
- تبادُل المعلومات والبيانات؛
- نزع الطابع المادي عن الوثائق والإجراءات المرتبطة بمهام الهيأتين من أجل فعالية أكبر وتخفيض الآجال؛
- تنظيم دورات مُشتركة لتكوين الموظفين وتزويدهم بالمعلومات اللازمة؛
- تبادُل البيانات الاحصائية وتشارُك نتائج الدّراسات المُفيدة لتحقيق المهام المنوطة بهم، وذلك وفقاً للأحكام التنظيمية الجاري بها العمل؛
- إرساء لجان تتكون من ممثلين عن المؤسستين لتتبّع أفضل لمجالات التعاون.
إتفاقية تعاون بين المديرية العامة للضرائب والمجلس الوطني لهيئة الموثقين
تهدفُ اتفاقية التعاون التي وقعتها المديرية العامة للضرائب مع المجلس الوطني لهيئة الموثقين إلى إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة في تبادُل البيانات في مجال نقل الملكية ودفع الضرائب. ومن الناحية التقنية، فإن تبادل البيانات القانونية بين الموثقين والإدارة الضريبية سيكون إلكترونياً بين« Système Intégré de taxation » الخاص بالمديرية العامة للضرائب ونظام» توثيق« الذي وضعته هيئة الموثقين.
اتفاقية تعاون مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
تهدفُ هذه الاتفاقية أساساً إلى تطوير تبادل المعلومات )قواعد البيانات ( وأفضل الممارسات في المجالات ذات الاهتمام المشترك و تبسيط الإجراءات للمواطنين والشركات و تعزيز مكافحة التهرب الضريبي والاجتماعي وتحسين تحصيل المستحقّات.
اتفاقية تعاون مع الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين
تهم اتفاقية الاستعانة بمصادر خارجية بخصوص عقود التوثيق والتحصيل إلى تحسين تحصيل الضرائب في ظلّ احترام حقوق وضمانات دافعي الضرائب، بما في ذلك ضمان ظروف أفضل لتبليغ الرسائل الإدارية الموجهة لدافعي الضرائب من قبل المديرية العامة للضرائب.
اتفاقية تعاون مع وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك
يهدف بروتوكول هذا الاتفاق إلى تحديد الالتزامات المتبادلة لكلا الطّرفين لتنفيذ إطار عمل لتبادل قاعدة البيانات الخاصة بتسجيل السيارات و تجديد محتوياتها بصفة دورية و ذلك تزامنا مع تجريد استخلاص الضريبة السنوية على السيارات.
وفي نفس الوقت، تُكرّسُ هذه الاتفاقية دعم المديرية العامة للضرائب للعمل الذي تقوم به وزارة التجهيز لضمان دفع الغرامات عن المخالفات التي تمّ رصدها عن طريق أجهزة التحكم الآلي.
التعاون مع وزارة الداخلية
يهدفُ التعاون مع وزارة الدّاخلية أساساً إلى تحسين عائدات الضرائب المحلية من خلال تحسين إدارة وتحصيل الضرائب المحلّية مع دراسة حول إصلاح النصوص التشريعية الخاصة بالجباية المحلية و كذا البحث عن سبل جديدة لاستغلال المعلومات التي تتوفر عليها المديرية العامة للضرائب و الوصول إلى المعلومات المتوفرة في قواعد البيانات ونظم المعلومات الخاصة بوكالات توزيع الماء والكهرباء والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية و الجماعات المحلية…
التعاون مع وزارة الفلاحة والصيد البحري
[67] فهي تمكن من :
- .
[68] اكتشاف المعرفة في قواعد البيانات (Knowledge Discovery in Database (KDD ليس بالعملية السهلة والتي قد يعتقد البعض أنها تتوقف عند تجميع البيانات وإدارتها، بل نراها تمتد إلى التحليل والتوقع والتنبؤ بما سيحدث مستقبلاً. و التنقيب في البيانات يشكل جزءا من اكتشاف المعرفة knowledge discovery، وهذه العملية هي الأكثر شمولا. و تتضمن عملية اكتشاف المعرفة الخطوات التالية:
1- اكتشاف البيانات Data discovery:
وهي مرحلة جمع البيانات وتشمل كشف وتحديد وتوصيف البيانات المتاحة.
2- تصفية البيانات وتنقيتها Data cleaning:
ويتم في هذه المرحلة إزالة البيانات المزعجة Noise التي لا أهمية لها، كما يتم حذف البيانات المتضاربة والبيانات الغير متناسقة.
3- تكامل البيانات Data integration:
يتم في هذه المرحلة تجميع البيانات المتشابهة وذات الصلة من مصادر البيانات المتعددة ودمجها معا.
4- اختيار البيانات Data selection:
في هذه المرحلة، يتم تحديد واسترجاع البيانات الملائمة من مجموعة البيانات.
5- تحويل البيانات Data transformation:
في هذه المرحلة يتم تحويل البيانات إلى نماذج مخصصة ملائمة لإجراءات البحث والاسترجاع بواسطة خلاصة الإنجاز أو عمليات التجميع.
6- التنقيب عن البيانات Data mining:
أي استخدام طرق ذكية تطبق لاستخلاص أنماط البيانات استخراج نماذج مفيدة قدر الإمكان.
7- تقييم النمط Pattern evaluation:
يتم في هذه المرحلة تحديد الأنماط المهمة حقا والتي تمثل قاعدة المعرفة لاستخدام بعض المقاييس المهمة.
8- تمثيل المعرفة وتقديمها Knowledge presentation:
وهي المرحلة الأخيرة من مراحل اكتشاف المعرفة في قواعد البيانات وهي المرحلة التي يراها المستفيد، هذه المرحلة الأساسية تستخدم الأسلوب المرئي لمساعدة المستفيد في فهم و وتفسير نتائج استخراج البيانات.
وبالتالي فإن عملية التنقيب في البيانات تعد خطوة أساسية لتطبيق أساليب ذكية بهدف الكشف عن أنماط البيانات المثيرة للاهتمام والمخبأة في مجموعات البيانات الكبيرة.
[69] Le « data mining » une démarche pour améliorer le ciblage des contrôles, Délégation national à la lutte contre la fraude, publication de la Délégation Nationale à la Lutte contre la Fraude : MINISTERE DE L’ECONOMIE ET DES FINANCES EN FRANCE, Paris, le 14 janvier 2014, Page 2, Document consulté sur :http://www.economie.gouv.fr/files/files/DNLF/fichier_data_mining_joint.pdf
[70] Le « data mining » une démarche pour améliorer le ciblage des contrôles, Délégation national à la lutte contre la fraude, publication de la Délégation Nationale à la Lutte contre la Fraude : MINISTERE DE L’ECONOMIE ET DES FINANCES EN FRANCE, Paris, le 14 janvier 2014, Page 3, Document consulté sur :http://www.economie.gouv.fr/files/files/DNLF/fichier_data_mining_joint.pdf
[71] في فرنسا هناك السلطة الفرنسية لمراقبة حماية البيانات الشخصية .
أما في المغرب فهناك اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ولقد أحدثت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بالمغرب بمقتضى القانون 08-09 الصادر في 18 فبراير 2009 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
تضطلع اللجنة بمهمة التحقق من أن عمليات معالجة المعطيات الشخصية تتم بشكل قانوني وأنها لا تمس بالحياة الخاصة أو بحقوق الإنسان الأساسية أو بالحريات. و تتشكل اللجنة من شخصيات تتمتع بالحياد والنزاهة وتمتلك كفاءة في الميادين القانونية والقضائية وفي مجال المعلوميات.
[72] Bercy va généraliser le “data mining” contre la fraude fiscale des entreprises, Document consulté sur : http://archives.nicematin.com/france/bercy-va-generaliser-le-data-mining-contre-la-fraude-fiscale-des entreprises.2353308.html
[73] Le « data mining » une démarche pour améliorer le ciblage des contrôles, Délégation national à la lutte contre la fraude, Publication de la Délégation Nationale à la Lutte contre la Fraude : MINISTERE DE L’ECONOMIE ET DES FINANCES EN FRANCE, Paris, le 14 janvier 2014, Page 3, Document consulté sur :http://www.economie.gouv.fr/files/files/DNLF/fichier_data_mining_joint.pdf
[74] بحث النقطة الأقرب
مسألة بحث النقطة الأقرب هي مسألة رياضية لإيجاد أقرب النقاط من مجموعة نقاط لنقطة معينة في الفضاء المتري.
يعتبر مبدأ المنطقة المجاورة لنقطة معينة بديهيا إلى حد ما فالتعريف البسيط له هو الحيز أو المنطقة المتضمنة لهذه النقطة، و يستعمل هذا المبدأ في الرياضيات عندما نرغب في توحيد مفهوم محدودية المساحة المترية.
وعليه يمكن تحديد المنطقة المجاورة لنقطة معينة، على أنها مجموعة من النقط الأخرى التي لها مسافة محددة عن هذه النقطة.
وتتوافق هذه الطريقة مع المبدأ الأساسي: “قل لي من هم أصدقاءك، سأقول لك من أنت”. وهي تختلف عن الأساليب التقليدية حيث لا يتم استنتاج أي نموذج من أي مثال معين. فكلما أردنا تصنيف عنصر جديد، نقوم بتطبيق الخوارزمية على المحيط، ونبحث عن الأصدقاء الجدد لهذا العنصر. مثال: إذا أردنا أن توقع احتمال حدوث السرطان في مريض جديد فيتم تنفيذ ذلك على مرحلتين:
1. البحث عن حالات المرضى الذين تتوافق خصائصهم و أعراضهم مع هذا المريض.
2. إذا تم رصد المزيد من حالات السرطان بين هؤلاء “الجيران”، فإن هذا المريض له إحتمال كبير لوجود احتمال الاصابة بمرض السرطان.
وأهم العراقيل التي تواجه تقنية بحث النقطة الأقرب هناك :
إختيار الجيران ( كم تستلزم هذه العملية من عدد للجيران؟)
ما هي المسافة المعتبرة في هذا التحليل.
[75] Les K-plus proche voisins : vite, il faut se la réapproprier, Document consulté sur: