التعسف في استعمال حق العدول عن الخطبة، والتعويض عن ضرره فقها وقانونا.
عبد العزيز أيت المكي[1]
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين،
أما بعد، فتعد الخطبة المرحلة الأولى التي تسبق عقد الزواج، ولأهميتها نظم الشرع والقانون أحكامها، غير أنه يحق للخاطبين أو لأحدهما العدول عنها متى شاء، إلا أن هذا العدول وإن كان مشروعا، قد يلحق الضرر بالطرف الآخر، فما طبيعة الخطبة؟ وما حكم الهدايا والأفراح التي تقام بسببها؟ وهل يتم تعويض المتضرر بسبب العدول عنها؟ ذلك ما سنحاول تناوله فقها وقانونا في المطالب الآتية:
المطلب الأول: طبيعة الخطبة وتكييفها الفقهي وحكم هداياها حالة العدول عنها.
تعتبر الخطبة وسيلة للتعارف بين الخاطبين، وهي مجرد تواعد على إنشاء عقد الزواج مستقبلا.
إلا أن هذه الوسيلة التي ندب إليها الشارع الحكيم قد تصرف عن مقصدها الأصلي، فهل يمكن أن تقوم الخطبة مقام العقد وحفل الزفاف، وتجيز ما يجيزه العقد والزفاف للمتعاقدين من التمتع ببعضهما، وترتيب أثار النكاح من حق الاستمتاع، ولحقوق الولد، ووجوب نفقة، وميراث إن مات أحدهما ؟. هذه المسائل وغيرها وقع خلاف بين الفقهاء حولها، وهذا هو موضوع الفرع الأول:
الفرع الأول: طبيعة الخطبة وتكييفها الفقهي:
لم يتعرض الفقهاء القدامى رحمهم الله تعالى لهذه المسالة في كتبهم، ويرجع ذلك في نظر بعض الباحثين المعاصرين إلى عدم انتشار هذه الظاهرة في زمانهم[2]. لكن المتأخرين من فقهاء المذهب المالكي-وخاصة المشتغلين بالفتوى في القرون المتأخرة –تحدثوا عنها[3]، حيث نجد الشيخين ميارة والتسولي في شرحهما للتحفة أوردا كلاما للفقيه النوازلي أبي سالم سيدي إبراهيم بن عبد الرحمن الجيلالي في المسألة، وأنه خصها بالتأليف وسماها: المسألة الشهية الأمليسية في الأنكحة المنعقدة على عادة البلد الغريسية[4].
وملخص المسألة: أن فقهاء المذهب المالكي اختلفوا في طبيعة الخطبة على ثلاثة أقوال وهي:
القول الأول: الخطبة عند أصحاب هذا القول – وحسب عاداتهم وأعرافهم – تقوم مقام العقد بحيث يرتبون على ما يحصل خلال فترتها من إرسال الحناء والحوائج .. آثار النكاح، وأن الإشهاد الحاصل ليلة الدخول ما هو إلا وسيلة لتحديد مقدار الصداق وأجله وتحقيق ما قبض منه خوفا من وقوع النزاع في ذلك.
يقول التسولي رحمه الله: “وهي ما جرت به عادات البلاد من أن الرجل يوجهه من يخطب له فيجاب بالقبول، ويتواعدون لعقد ليلة البناء، ثم يبعث الرجل بحناء وحوائج تتزين بها ويولول النساء، ويسمع الناس والجيران: فلان تزوج فلانة. سئل عن ذلك أبي سالم بن إبراهيم الجيلالي فقال: أما إن كانت العادة المذكورة جارية عندهم مجرى العقد المصطلح عليه، بحيث يرتبون على تلك الأمور من إرسال الحناء وغيرها آثار النكاح، وأن المواعدة للعقد ليلة البناء ليست هي عندهم لإنشاء العقد، بل للإشهاد بقدر الصداق وأجله، وتحقيق ما قبض منه وما بقي خوف التنازع في ذلك، فلا إشكال في لزوم النكاح وترتب آثاره عليه”[5].
ويقول الشيخ الوزاني معلقا على هذا الرأي: “فهذا لا شك فيه عند القائل به أن تلك العادة تحكم ويلزم المتعاقدان بها بحيث يحكم على ورثة الميت منهما بما يلزمه لصاحبه، بل يقال: أنه لا يمكن أن يختلف في ذلك”[6].
وإلى هذا الرأي ذهب الشيخ عبد الله كنون بقوله: “أن الخطبة يجب أن تقوم مقام العقد لاعتبارات العصر كاختلاء الخطيب بالخطيبة وسفره معها…”[7].
القول الثاني: ذهب أصحاب هذا الرأي إلى القول بأن الخطبة وما يرافقها من تبادل الزيارات والهدايا إنما ذلك بمثابة توطئة للعقد وأمارة على ميل كل لصاحبهن وأنها لا تعتبر عقدا، ولا تترتب عليها آثار عقد النكاح، يقول الشيخ الجيلالي: “وأما إن كانت العادة المذكورة إنما هي عندهم توطئة للعقد وأمارة على ميل كل لصاحبه فلا إشكال في عدم اللزوم”[8].
القول الثالث: وقع الاختلاف بين أصحاب هذا الرأي، بين قائل بأن الخطبة قائمة مقام العقد وبين قائل بأن الخطبة مجرد وعد بالزواج، وسبب الاختلاف يرجع إلى الجهل بعادة البلد. يقول الشيخ الجيلالي: “وأن جهل الحال بحيث لو سئل أهل البلد هل يقصدون العقد المنبرم أو الوعد، وأن الانبرام إنما يقع ليلة البناء لم يجروا شيئا، فهذا محل الإشكال على ماذا يحمل. هل الانبرام أو الوعد؟ ولعل هذا القسم محل الخلاف. فمن قال: أنها تنزل منزلة العقد المنبرم يقول: إن أركان النكاح كلها حاصلة، لأن الدلالة الفعلية أقوى من الدلالة القولية. ومن قال بعدم اللزوم يقول: أن تلك الأوصاف غير العقد فلا تنزل منزلته ولا يترتب عليها حكم”[9].
وبعد إيراد الإمام التسولي لفتوى الشيخ الجيلالي ساق معها مجموعة من الفتاوى، عن علماء المذهب المالكي تفيد انبرام عقد النكاح بالخطبة وما يرافقها من وَلاَوِلٍ وتبادل للهدايا والزيارات، ومن هؤلاء الشريف المزدغي والعبدوسي وابن لب والبرزلي … وفتاوى أخرى تفيد عدم اللزوم، ومن القائلين بهذا الرأي أبو العباس البلقيني …[10].
وعليه فإن الخطبة تعتبر عند أغلب مفتي المذهب المالكي مجرد وعد بالزواج، وليست بزواج. وهو القول الذي سارت عليه مدونة الأحوال الشخصية السابقة[11] ومدونة الأسرة الحالية. جاء في المادة 5 من مدونة الأسرة: “الخطبة: تواعد رجل وامرأة على الزواج. تتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا”. كما أن المادة 6 من المدونة نصت على أن الطرفان (الخطيبان) في فترة خطبة إلى حين الإشهاد على عقد الزواج.
أما المادة 156من المدونة الحالية فقد عكست مضمون المادة 5 والمادة 6، إذ اعتبرت الخطبة قائمة مقام العقد، وذلك في حالة ما إذا تمت الخطوبة و حصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج. وظهر حمل بالمخطوبة، فإنه ينسب إلى الخاطب للشبهة. “وهذا قول مرجوح فقها ومردود واقعا لما قد يترتب عليه من ظلم وحيف، وخصوصا على المرأة والأطفال، إذا عدل أحد الطرفين عن إتمام الزواج، ولم توجد وثيقة رسمية تثبت ذلك”2.
وإذا كانت المدونة قد اختارت الرأي القائل بأن الخطبة ليست بزواج، وأنها مجرد تواعد من الطرفين على الزواج، فإن هذا التواعد، حسب اتفاق جمهور الفقهاء من المالكية وغيرهم لا ينشئ إلزاما ولا التزاما، ومن ثم حق لكل من الخاطبين حق العدول عن الخطبة متى شاء.
ولكن من الناحية الأدبية والأخلاقية، فإن الشهامة والمروءة تحتم على الإنسان أن يحافظ على وعده، وأن يراعي شعور الآخرين، ويحترم حرمة البيت الذي فتح له أبوابه، وكرامة الطرف الذي ركن إليه. وغالبا ما تكون الضحية في هذا هي الفتاة، فلا ينبغي أن ينقض أحدهما وعده إلا لضرورة أو لحاجة شديدة[12].
وإن صرح الفقهاء بأن التراجع عن الخطبة بعد الركون ليس بحرام، فإن عدم الحرمة عندهم لا ينافي الكراهة، لأنه من إخلاف الوعد. وفي هذا الصدد يقول الفقيه المالكي الحطاب رحمه الله في كلام وجيه له “هل لمن ركنت له امرأة وانقطع عنها الخطاب لركونها إليه أن يتركها، أو يكره، والظاهر أنه يكره، لأن العدة إنما كرهت في العدة، قالوا خوف اختلاف الوعد”[13].
ومن الحجج التي يعتمد عليها الفقهاء لكراهة إخلاف الوعد ما يلي:
من القرآن: قوله سبحان وتعالى: )وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئولا([14].
ومن الأحاديث: قوله صلى الله عليه وسلم: (آيات المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان)[15].
كما أن السلف الصالح – رضي الله عنهم – كانوا أكثر الناس التزاما بوعودهم. ذكر الإمام الطبري أن عبد الله بن عمرو بن وائل، لما حضرته الوفاة قال: “إن فلانا خطب إلي ابنتي، وإني كنت قلت له فيها قولا شبيها بالعدة، والله لا ألقى الله بثلث النفاق، وأشهدكم أني قد زوجته”[16].
الفرع الثاني: حكم مصاريف الخطبة وهداياها حال العدول عنها:
سبقت الإشارة في الفرع الأول من هذا المبحث إلى الخلاف الحاصل بين العلماء في مدى اعتبار الخطبة قائمة مقام العقد أم لا، وانتهى بنا القول إلى أن الذي استقرت عليه مذاهب الفقهاء عامة والمذهب المالكي خاصة، أن الخطبة وعد بالزواج وليست بزواج، وأنها وسيلة للتعارف والاختبار فقط، إذ لا تمنح أي حق، ولا تلزم بأي واجب.
إلا أن الذي يحصل في غالب الأحيان أن مرحلة الخطبة يقترن بها تقديم هدايا وإنفاق مصاريف قد تثقل كاهل الراغب في الزواج، فإذا فشل الخاطبين ولم يتم الزواج وتراجع أحدهما عن رغبته، فما حكم تلك المصاريف والنفقات والهدايا إذن؟
أولا: مصاريف الخطبـة:
لم ينص الفقهاء القدامى رحمهم الله تعالى صراحة عن المصاريف التي يبذلها الخاطب في حفل الخطبة، إنما وقعت الإشارة في ذلك في كلام بعض أئمة المذهب المالكي وهو الشيخ ابن الجلاب رحمه الله. حيث قال: “فإن تزوجها على صداق مسمى، ثم أهدى إليها أو إلى أحد أهلها هدية أو حباه بحبوة، أو صنع معروفا، ثم طلقها قبل الدخول بها، فلا رجعة له في هبته لها ولا لغيرها من أهلها…”[17].
وقوله “صنع معروفا” يمكن أن يطبق أيضا على ما يبذله الزوج من تجهيز حفل الخطبة من مصاريف ونفقات، فلا يستساغ عرفا استرجاعه إن وقع العدول عن الخطبة أو الطلاق قبل البناء[18] وهو ما نص عليه الدردير أثناء حديث الشيخ خليل عن جواز الإهداء للمعتدة في عدتها. قال: “فإن أهدى إليها أو أنفق ثم تزوجت غيره لم يرجع عليها شيء، ومثل المعتدة غيرها، ولو كان الرجوع من جهتها”[19].
والعلة في عدم الرجوع عليها حسب تعليق الدسوقي على نص الدردير، هو أنه ارتكب حراما بالإنفاق عليها في عدتها. لكن العادة في عصرنا جرت على أن تنفق مصاريف في حفل الخطبة – غالبا ما تكون المخطوبة غير معتدة – فهل تأخذ نفس الحكم؟[20].
ذهب الفقيه المالكي الحطاب إلى ضمان مصاريف الخطبة واسترجاعها إن وقع العدول من قبل المرأة أو أوليائها. قال: “فرع: قال البرزلي عن أحكام الشعبي من تزوج امرأة فأخرج دينارا فقال: اشتروا به طعاما واصنعوه فوقع الشراء وانفسخ النكاح بعد الشراء فإن جاء من قبلهم ضمنوا له الدينار والطعام لهم. وإن كان من قبل الزوج فليس له إلا الطعام إن أدركه”[21].
وذهب الدكتور أحمد الخمليشي إلى القول بعدم الاسترداد، وعلل ذلك بمجموعة من العلل القانونية وهي:
أ – انعدام النص التشريعي القاضي بالاسترداد.
ب – تعذر تأسيس طلب الاسترداد على قواعد المسؤولية التقصيرية، لأن العدول عن الخطبة عمل مباح. ولو كان لسبب غير ظاهر، فلا يمكن أن يعتبر خطأ تترتب عنه مسؤولية تقصيرية.
ج – بالإضافة إلى هذين السببين القانونيين، فإن تقرير عدم الاسترداد يحمل من يؤدي تلك المصاريف على التقليل منها ما دام أنه يخسرها بصفة نهائية ولو تم التراجع بعد ذلك من الطرف الأخر، وقد يكون هذا سببا لتقليل مصاريف الخطبة التي نشاهد اليوم ارتفاعها الفاحش يكلف الراغب في الزواج ما لا طاقة له به”[22].
ويبدو لي – والله أعلم – أن الرجوع إلى أعراف الناس وعاداتهم في مثل هذه القضايا أقرب إلى الرفق بهم ورفع الضرر عنهم.
ثانيا: هدايا الخطبة:
تتجلى آثار العدول عن الخطبة كذلك بالإضافة إلى المصاريف والنفقات في الهدايا المقدمة خلالها، فهل يمكن للخاطب أن يستردها أم أن للمخطوبة الحق في الاحتفاظ بها كتعويض لها عن عدم إتمام عقد الزواج؟
وخلاصة ما ذهب إليه الفقهاء في ذلك:
1 – المذهب المالكي: قسم المالكية الهدايا إلى هدايا اختيارية وهدايا مشروطة.
فالهدايا الاختيارية، وهي التي يقدمها الخاطب إما للمخطوبة أو لأحد أوليائها بقصد التحبب إليهم، يحق للخاطب الرجوع فيها إذا طلق قبل البناء – يقول ابن الجلاب: “فإن أهدى إليها أو إلى أحد من أهلها هدية أو حباه حبوة، أو صنع معروفا، ثم طلقها قبل الدخول بها، فلا رجعة له في هبته لها ولا لغيرها من أهلها…”[23].
أما إذا قدمت للمخطوبة، و سواء كان ذلك قبل العقد أم أثناءه فهو لها. ولقد بين ابن رشد الجد رحمه الله القول في هذا بقوله: “الحبا[24] لولي المرأة ينقسم على ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يكون ذلك عند الخطبة قبل العقد.
والثاني: أن يكون عند العقد بشرط.
والثالث: أن يكون ذلك بعد العقد على غير شرط.
فأما ما كان من ذلك عند الخطبة قبل العقد، فإن تم العقد كانت المرأة أحق، وإن لم يتم العقد كان للزوج الرجوع به على الولي، لأن الذي أعطي لسببه لم يتم له…”[25].
واستدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت على صداق أو حبا أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أكرم عليه الرجل أخته أو ابنته)[26]، وأما الهدايا التي يقدمها الزوج بعد العقد للولي من غير اشتراط، فهي للولي إكراما له. كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك في الحديث الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (وأحق ما أكرم عليه الرجل أخته أو ابنته).
يقول الشيخ الدردير وهو بصدد الحديث عن الإهداء للمعتدة: “وجاز الإهداء في العدة لا النفقة عليها، فإن أهدى أو أنفق ثم تزوجت غيره لم يرجع عليها بشيء، ومثل المعتدة غيرها ولو كان الرجوع من جهتها، والأوجه الرجوع عليها إذا كان الامتناع من جهتها إلا لعرف أو شرط… أما إن كان الرجوع من جهته فلا رجوع له قولا واحدا”.
واستنتج الباحثون المعاصرون أن خلاصة المذهب المالكي في المسالة ترجع إلى حالتين:
الحالة الأولى: إذا عدل الخاطب فلا حق له في الرجوع فيما أهداه ولو كان موجودا.
الحالة الثانية: إذا عدلت المخطوبة, فللخاطب الحق في استرداد الهدايا سواء كانت قائمة أم هالكة[27].
2 – المذهب الحنفي: إذا كان الخاطب قد أعطى للمخطوبة أو لوليها شيئا من المال على اعتبار أنه مهر أو من المهر، فالخاطب له الحق في استرداده إن كان قائما أو قيمته إن كان هالكا أو مستهلكا.
أما الهدايا التي أعطاها الخاطب للمخطوبة فله الحق في استردادها إن كانت موجودة، فإن كانت هالكة أو مستهلكة فليس له استرداد قيمتها أو مثلها. جاء في الدر المختار “خطب بنت رجل وبعث إليها أشياء ولم يزوجها أبوها، فما بعث للمهر يسترد عينه قائما. وإن تغير بالاستعمال أو قيمته هالكا، لأنه معاوضة لم تتم، فجاز الاسترداد. وكذا يسترد ما بعث هدية وهو قائم دون الهالك والمستهلك، لأنه في معنى الهبة”[28].
3 – المذهب الشافعي: جعل الشافعية الحباء والهدايا جزء من الصداق الذي هو حق للزوجة، وأن ما قدم للأب يجعل الصداق فاسدا ويوجب على الزوج مهر المثل.
أما إذا أعطت الزوجة لأبيها مالها أو جزء منه فذلك جائز لأنه تصرفت في مالها[29].
4 – المذهب الحنبلي: ذهب الحنابلة إلى أن الهدايا المقدمة للمخطوبة هبة لا يجوز له الرجوع فيها، سواء أثيب عليها أو لم يثب.
أما ما قدم لها باعتباره مهرا أو جزء منه فالظاهر أنه يستحق استرداده[30].
ونخلص إلى أن الرأي الذي رجحه كثير من الباحثين المعاصرين هو ما ذهب إليه فقهاء المذهب المالكي في المسألة. إذ هو الأقرب للحق والعدل. والعلة في ذلك هي: عدم الجمع بين ضرر العدول وضرر الاسترداد، و لأن من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه[31].
وهو الرأي الذي أخذت به مدونة الأسرة، جاء في المادة 8 أن “لكل من الخاطب والمخطوبة أن يسترد ما قدمه من هدايا، ما لم يكن العدول عن الخطبة من قبله، ترد الهدايا بعينها، أو بقيمتها حسب الأحوال“.
وبنفس الرأي أخذ القضاء المغربي كذلك، ّّّّّّّإذ جعل للخاطب الحق في استرجاع هداياه إذا تبين له تعسف الخطيبة من استعمال حقها في العدول عن الخطبة.
ولقد عرضت على محكمة الاستئناف بمكناس نازلة من هذا الشأن وتتلخص وقائعها فيما يلي: “خطب السيد ع.ز الآنسة ف.خ من عائلتها قصد الزواج منها واستجابت الفتاة لهذه الخطبة التي داع أمرها بين الناس، وبالمناسبة تبرع الخاطب على مخطوبته بقطعة أرضية مساحتها عشرة هكتارات والتي سجلت باسمها في السجل العقاري، غير أنه أثناء فترة الخطوبة عمدت الفتاة المخطوبة إلى الزواج من رجل آخر غير المتبرع. بمعنى أن المخطوبة رجعت عن التزامها الأدبي بالخطبة وفضلت رجلا آخر غير الواهب. فالخاطب الأول رفع دعوى على المتبرع عليها يطلب من خلالها الحكم له باسترجاع الهدية عملا بالفصل الثالث من مدونة الأحوال الشخصية وتشطيب عقد الهبة من السجل العقاري. وبالفعل قضت المحكمة بأحقية الخاطب في استرجاعه لهديته عندما تبين لها أن ما قامت به المخطوبة هو عمل مشوب لسوء نية واستخلصت من ذلك أن العدول كان من جانبها وليس من جانبه”[32].
إلا أن الدكتور أحمد الخمليشي أشار في هذا الموضوع إلى مسألة أخرى وهي: أن ربط استرجاع الهدايا بالعدول عن الخطبة، أمر صعب من الناحية العملية، إذ أشار إلى أنه لا يبدو من المعقول الاكتفاء فقط بالنظر إلى أن من أعلن إنهاء الخطبة دون البحث عن سبب هذا الإنهاء، خصوصا وأنه في كثير من الحالات يلجأ الراغب الحقيقي في إنهاء الخطبة إلى إبداء شروط ثقيلة تعسفية ليضطر معها الطرف الآخر إلى الانسحاب وعدم إتمام الزواج.
ثم عاد ليقول أن تحديد السبب الحقيقي للتراجع عن الخطبة، لا وسيلة للقاضي لتقديره إلا عن طريق المعيار الموضوعي، إذ بهذا المعيار وحده يتأتى التمييز بين السبب الجدي المبرر لإنهاء الخطبة، والسبب الواهي الذي تستر به المتراجع لإخفاء تصرفه غير المبرر.
وأمام هذه المشاكل الصعبة التطبيق يرى الأستاذ الخمليشي أن استرجاع الهدايا ينبغي التنصيص على عدم أحقية الخاطب في استردادها إذا فسخت الخطبة، وبرر هذا بأن الهدايا التي تقدم في فترة الخطبة يقصد بها في الغالب المباهاة أو إخفاء بعض الوقائع والأوصاف التي لو اطلعت عليها الخطيبة ما رضيت بالزواج ..[33].
المطلب الثاني: التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية حالة العدول عن الخطبة
إذا تراجع الخاطب أو المخطوبة عن الخطبة وادعى أحدهما أنه تضرر – سواء أكان الضرر ماديا أم معنويا – من هذا الرجوع، فهل يتطلب ذلك التعويض من الراجع عن الخطبة؟
والحديث عن هذه المسألة ونظرا لكونها من القضايا المستجدة في عصرنا الحاضر، يتوقف على تحديد أسباب عدم بحث الفقهاء القدامى رحمهم الله تعالى لها في (فرع أول) و(الفرع الثاني) لتحديد رأي الفقهاء المعاصرين واتجاهاتهم فيها و (الفرع الثالث) لعرض موقف مدونة الأسرة و الرأي الراجح فيها.
الفرع الأول: أسباب عدم بحث الفقهاء القدامى لمسألة التعويض عن التعسف في حق العدول عن الخطبة.
لم يبحث فقهاؤنا القدامى – رحمهم الله تعالى – مسألة التعويض عن التعسف في العدول عن الخطبة، ويعود ذلك في نظر بعض الباحثين المعاصرين عموما، والقائلين بالتعويض خصوصا إلى ما يلي:
1 – أن مثل هذه الأمور في عهدهم كانت تجري على شيء من البساطة واليسر، فلم تكن الخطبة تستمر مدة طويلة، بل كانت تستغرق زمنا قصيرا يكون فيها الإعداد للزواج. وإذا ما عن لأحد الطرفين أن يترك الطرف الآخر، فإن هذا يحدث ببساطة، ولم يكن أحدا منهما قد تكلف في معظم الأحوال ما يستحق التعويض من مال أو غيره، كما أن المروءة والتذمم والتعفف عن أخذ العوض في مثل هذه الأمور لم تكن لتفسح المجال لطلب التعويض القضائي، وكان الناس يحلون مثل هذه الأمور في مجالس عرفية يحضرها بعض ذوي الرأي من وجهاء القوم وفقهائهم، وكان لأحكامهم العرفية سلطة الطاعة والتنفيذ بين الناس[34].
2 – ان الحياة الاجتماعية في البلدان الإسلامية لم يكن من شأنها في العصور الماضية أن تترك مجالا للإضرار بالمخطوبة عند العدول عن الخطبة، لأن الزواج كان ينعقد فورا بعد الخطبة، مما لا يعطي للخاطب و المخطوبة الوقت للظهور أمام الناس بمظهر الزوجية وإعطائهم ما اعتاده بعض الأشخاص في عصرنا الحاضر بالسفر بالمخطوبة والخلوة بها، بعلة أن يتعرف على أخلاقها وسلوكها وتتعرف هي على حالته و أخلاقه ولربما تجاوزت الأمور هذا الحد ليستدرج أحدهما الآخر نحو الاتصالات الجنسية فتحمل الفتاة قبل الأوان، كما يستعمل الوعد بالزواج أحيانا كوسيلة للتغرير بالفتيات والنيل منهن والاعتداء على شرفهن[35].
3 – ولعل ذلك راجع أيضا إلى أنهم في زمنهم ما كانوا يتورطون فيما قد يضرهم في هذه المسألة، لأنهم يعلمون أن مجرد الخطبة لا يلزم أحد الطرفين بشيء ومن تورط في تصرف قبل أن يستوثق من أمره بإتمام العقد يكون مقصرا في حق نفسه، فيتحمل تبعة ما جنى ولا يكون له حق في المطالبة بأي تعويض[36].
4 – أن التعويض لا يكون إلا لسبب من أسباب الالتزام كالإخلال بعقد أو فعل عمل ضار أو غير ذلك. فالخطبة في ذاتها ليست عقدا – كما رأينا في الرأي الراجح – ولا يترتب عليها أثر وكل ما في الأمر أنها وعد بإجراء العقد والعدول عن الوعد لا يؤدي إلى جزاء ولو أن الوفاء بالوعد من الأمور المستحبة عند بعض الفقهاء[37].
ولكن المسلمين في واقعنا المعاصر لما انحرفوا عن تعاليم دينهم الحنيف، وقلدوا الأجانب فسمحوا للخاطب بالخروج مع مخطوبته والحديث معها دون وجود محرم، مما ترتب على ذلك إلحاق الضرر بالطرفين معا والفتاة على وجه الخصوص، الأمر الذي دعا الفقهاء والقانونين المعاصرين للاجتهاد في المسألة، وما دامت هي من الأمور المستجدة وكما يقول الدكتور مصطفى شلبي فإن ذلك لا يعني أن تقف الشريعة الإسلامية عاجزة أن تعطي كل محدث من الأمور حكمه المناسب[38]. وكيف وقد قال عمر بن عبد العزيز: “تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور”[39].
وكان حديث فقهائنا المعاصرين والقانونيين لهذه القضية يسير في اتجاهات عدة، وهذا ما سنراه – بحول الله – في الفرع الثاني.
الفرع الثاني: اتجاهات الفقهاء المعاصرين في المسألة وأدلتهم:
ترجع آراء الفقهاء المعاصرين في مسألة التعويض عن ضرر العدول عن الخطبة إلى ثلاثة آراء وهي:
الرأي الأول: رفض مبدأ التعويض عند العدول عن الخطبة:
ذهب أصحاب هذا الرأي إلى القول بعدم التعويض مطلقا، وأن لكل من طرفي الخطبة أن يفسخها في الوقت الذي يشاء، ومن الذين قالوا بهذا الرأي الشيخ الجليل محمد بخيت المطيعي[40] و الدكتور عمر سليمان الأشقر[41] وابنه أسامة عمر سليمان الأشقر[42] و الدكتور عبد الكريم زيدان…[43].
واعتمدوا في ذلك على مجموعة من الأدلة ومن بينها:
1 – التعويض يخالف طبيعة الخطبة، إذ الخطبة ليست عقدا، وإنما هي تواعد من الرجل والمرأة على الزواج، والحكم بالتعويض ينافي حقيقة الخطبة، ومن ذهب إلى القول بالتعويض وهو يقرر أن الخطبة وعد وقع في التناقض. يقول الشيخ المطيعي في جواب له لأحد السائلين: “ومن ذلك يعلم أنه لا وجه أن يلزم من يمتنع عن العقد بعد الخطبة من الخاطب أو المخطوبة، بتعويض لأن كل واحد منهما لا يفوت على الأخر حقا حتى يلزم بالتعويض, بل بعد الخطبة لكل واحد منهما الحرية التامة شرعا أن يتزوج بمن شاء والله اعلم”[44].
2 – حق العدول عن الخطبة حق مشروع، إذ الذي تقرر في الفقه الإسلامي أن “الجواز الشرعي ينافي الضمان”[45]، أي أن من يمارس حقا مشروعا له أو إباحة ، لا يكون مسؤولا عما يترتب عن ذلك من ضرر، وإنما المسؤولية تنشأ عن المجاوزة و الاعتداء، والخاطب أو الخاطبة لا يعتبر معتديا إذا استعمل حقه في العدول[46].
3 – إن كلا من طرفي الخطبة، يعلم مسبقا أن حق العدول مقررا له شرعا، كما رأينا، فكان لزاما عليه أن يتوقع هذا العدول من جانب الطرف الآخر في كل وقت وحين، فلا يعتبر وقوعه مفاجأة له وليس فيه اعتداء على حق أحد، وإذا كان الأمر كذلك، فينبغي أن يتريث حتى تتبين له جلية الأمر، إذ الشريعة الإسلامية أصلا لا تقيم تعويضا لقضايا الاستهواء الجنسي والذي يكون من أسبابه السماح للمخطوبة بالخروج مع خاطبها إلى الحدائق والسينما ودور اللهو، إذ هي في هذه الحال تعرض نفسها للأقاويل، أما التسرع في الأمور الأخرى في ترك الوظيفة مثلا، أو شراء جهاز البيت، فإنه تهور أو تقصير في حق النفس، وعلى المقصر تقع تبعة التقصير، فما يصيبه من ضرر إنما كان بسبب منه، اغترارا أو طيشا، وليس منشؤه محض العدول[47].
4 – القول بالتعويض يعمق المشكلة ويؤصلها، ولا يحلها، لأنه يخالف طبيعة الخطبة، من كونها مجرد تواعد على الزواج، والضرر الذي ينشأ عن الفسخ ناتج عن إعطاء الناس الخطبة فوق ما تستحقه، وما دامت الخطبة وعدا، فإن الوعد لا يجوز أن يبني عليه الناس تصرفات وتوجهات في واقع الحياة تعود عليهم بالضرر، وإذا أقر مبدأ “التعويض” عن الضرر فكأنما بذلك ندعو الناس للتمادي في الإضرار، لعلمهم بما يترتب على هذه الأضرار من تعويض[48].
5 – إسناد قضايا التعويض للمحاكم، أمر صعب التطبيق، إذ القاضي ليس في استطاعته التعرف على الأسباب الحقيقية للعدول، وأن الأسباب التي يستند إليها العادل تبقى شخصية يقدرها كل من الخاطب و المخطوبة بكامل الحرية، كما لهوى النفس مدخل في العدول، وعلى هذا الأساس لا ينبغي إخضاع هذا التقرير للمقاييس العامة حفاظا على مبدأ الحرية المطلقة في اختيار كل من الزوجين لصاحبه، والتهديد بالتعويض يؤثر على هذه الحرية سيما إذا كان المعني بالأمر غير قادر ماديا على أداء التعويض المحتمل الحكم به عليه[49].
6 – الادعاء بالضرر الأدبي الذي سيسببه الرجوع عن الخطبة وبالضرر المعنوي المتمثل بألم الطرف الآخر من هذا الرجوع لا تعويض فيه، لأن الأمور المعنوية لا تعوض بالمال في الفقه الإسلامي[50].
7 – ثم إن فتح باب المطالبة بالتعويض بسبب الرجوع عن الخطبة يفتح باب المنازعات، وربما الاتهامات والفضائح التي يكون ضررها أفحش من الضرر المادي المدعى به، والقاعدة تقضي بدفع الضرر الأشد بتحمل الضرر الأخف والله أعلم[51].
الرأي الثاني: القائلون بوجوب التعويض مطلقا:
يقول أصحاب هذا الاتجاه بوجوب التعويض مطلقا دون البحث عن ماهية الضرر. وعلى رأس هؤلاء الدكتور عبد الرحمن الصابوني[52] و الدكتور فتحي الدريني[53] و الدكتور مصطفى السباعي[54].
والأدلة المعتمدة عندهم هي نفسها التي اعتمدها أصحاب القول الثالث الذي يقول بالتعويض مع التفصيل في ماهية الضرر الناتج عن العدول.
القول الثالث: التعويض عن الضرر مع مناقشة ماهية الضرر الناتجة عن العدول:
ذهب أصحاب هذا الرأي إلى القول بأن التعويض عن الضرر واجب إلا في حالة وجود أسباب معقولة تبرر العدول عن الخطبة.
ورغم اتفاق أصحاب هذا الرأي على وجوب التعويض، إلا أن الاختلاف حصل بينهم في تحديد نوع الضرر أو تحديد الشروط التي يجب توفرها عند الحكم بالتعويض.
الشيخ أبو زهرة رحمه الله اعتبر مسألة التدخل في حال إنشاء الضرر هو الذي يعوض لا مجرد العدول. إذ لم يفرق في كتابه الأحوال الشخصية بين الضرر المادي والمعنوي[55].
وقد اختار مجموعة من الأساتذة هذا الرأي الذي قال به الشيخ أبو زهرة كالأستاذ محمد بلتاجي[56] والفقيه القانوني عبد الرزاق السنهوري[57].
ولكن الدكتور أبو زهرة عاد ليقول في كتابه “محاضرات في عقد الزواج وآثاره” والمتأخر عن كتابه “الأحوال الشخصية” أن الذي يجب أن يعوض هو الضرر المادي.
يقول في هذا الصدد: “إن التمسك بالآداب الإسلامية الخاصة بالخطبة يترتب عليه أن يقتصر النظر في الأضرار المادية، لأن الأضرار الأدبية التي تمس السمعة، وسببها الاستهواء والاستغواء ونحو ذلك لا محل له في الفقه الإسلامي”[58].
ثم أضاف قائلا: “لذلك نطرح من تقديرنا الضرر الأدبي، ولنتجه إلى الضرر المادي، كأن تكون الزوجة قد أعدت متاعا، كلفت نفسها فيه الكثير، وتكلف أهلها فيه الكثير من الأموال، ثم جاء العدول بعد ذلك، فكان الضرر المادي لا محالة، هذا هو موضع النظر، وموضع تجاذب الأنظار”[59].
ومن هنا كان من النقط الأساسية التي وقع الاختلاف فيها بين الفريقين هي:
1 – الاختلاف في التعويض عن فسخ الخطبة، هل هو قائم على أساس التعسف في استعمال الحق أم على أساس “المسؤولية التقصيرية”.
2 – كما اختلفوا أيضا في نوع الضرر الذي يستوجب التعويض، فأصحاب القول الثاني ذهبوا إلى عدم التفريق بين الضرر المادي والمعنوي، بينما الفريق الثالث والمتمثل في رأي أبو زهرة ومن معه ذهبوا إلى الاقتصار فقط على الضرر المادي.
ورد أصحاب القول الثاني على الأدلة التي قدمها الشيخ أبو زهرة ومن معه بقولهم:
1 – أن الضرر الأدبي لا ينحصر كما صوره الأستاذ أبو زهرة في حالات الاستهواء الجنسي، بل كثير منه “يقع في حالات مباحة، ومن أمثلتها أن تكون الفتاة في سن يكثر معها الخاطبون فتختار واحدا منهم، ثم تمتد الخطبة سنين – كما يقع كثيرا – ثم يعدل الخاطب عن الخطبة بعد أن فاتها عدد من الخاطبين الأكفاء قد يكونون أحسن مستقبلا وأعظم مكانة اجتماعية من خطيبها الذي عدل أخيرا”[60].
2 – كما ردوا عليهم أيضـا في قولهم أن صور الضرر الأدبـي هي نتيجـة إغراء “لا تغرير” يقـول الدكتور السباعي في الجواب على هذا الكلام “أما القول هنا نتيجة اغترار من المخطوبة وأهلها لا نتيجة “تغرير” فهو قول غير مسلم به على إطلاقه، إذ ما يكون موقف الخطيبة وأهلها من الخاطب الذي دفع المهر أو بعضه، وقد اتفقا على إجراء العقد بعد إنهاء الخاطب دراسته في بلده أو في الخارج وذلك يستغرق أربع سنوات مثلا، وقد دأب خلال هذه الفترة كلها على إرسال الهدايا في كل مناسبة، وإرسال الرسائل إلى خطيبته وأهلها يؤكد فيها تصميمه على إنجاز الزواج بعد الانتهاء من عمله، ثم فاجأهم بعد هذا الانتظار الطويل بالعدول عن الخطبة ؟ أتكون الخطيبة وأهلها ضحية “اغترار” أم ضحية “تغرير” ؟، وماذا يكون موقف الشارع منهم لو أنهم وافقوا خلال هذه المدة على خطيب آخر و تزوج بها ؟ أليس هذا هو الذي نهى عنه الشارع؟”[61].
وذهب أصحاب هذا الفريق الثاني إلى وضع شروط إذا ما توفرت ثم بموجبها الحكم بالتعويض وهي:
1 – أن يثبت أن العدول لم يكن بسبب من المخطوبة.
2 – أن العدول قد أضر بها ماديا أو معنويا غير الاستهواء الجنسي.
3 – أن الخاطب قد أكد رغبته في الزواج من المخطوبة بما يستدل به عادة وعقلا على تأكيد خطبته وتصميمه على إجراء عقد الزواج[62].
وأضاف الأستاذ الصابوني قيدين على الشروط المذكورة أعلاه وهما:
القيد الأول: أن يخضع القاضي الشرعي مبدأ التعويض على عدم الزيادة على نصف المهر، خشية وقوع التعسف في تقدير التعويض وحتى لا يتجاوز المبلغ القدر الذي يدفعه الزوج حال طلاقه لزوجته قبل الدخول.
القيد الثاني: ألا يكون الطرف الآخر، هو السبب في العدول، إذ في هذه الحالة لا يحق له المطالبة بالتعويض.[63]
أدلة القائلين بالتعويض عموما:
اعتمد الفقهاء القائلون بالتعويض عموما على مجموعة من الأدلة نذكر منها:
1- أن الحقوق في الشريعة الإسلامية مقيدة بمنع الضرر قصدا أو مالا، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر و لا ضرار). يقول الدكتور الدريني: “ليس في الفقه الإسلامي حق مطلق، بحيث يتصرف فيه صاحبه كيف يشاء، دون رعاية لحق الغير، أو استهداف لغير الغاية النوعية المرسومة التي شرع من أجلها هذا الحق لأن الشارع رسم لكل حق غاية معينة، على المكلف أن يتغياها إبان استعماله لحقه، فينبغي أن يكون قصد ذوي الحق في العمل، موافقا لقصد المشرع في التشريع، و إلا كان استعمال الحق لغير غاية، أو لغاية غير مشروعة، وهو عبث أو تهكم، أو فسوق فضلا عن أنه تناقض لقصد الشارع، وكل ذلك غير مشروع …
وتأسيسا على هذا، فإن الشارع إذا منح حق العدول، فلا يبرر هذا المنح استعماله على وجه ضار، بباعث غير مشروع، أو قصد سيء، لإلحاق الأذى بالغير، تحت شعار الحق ، إذ الحق لم يشرع أصلا، ليتخذ وسيلة للإضرار بالغير، بل شرع لمصلحة جدية حقيقية مشروعة ومعقولة، تحقق غرضا اجتماعيا إنسانيا مقصودا للشارع تحقيقه، وهو هنا تمكين كل من طرفي الخطبة من التعرف على الآخر”[64].
2 – العدول إذا كان معيبا في باعثه، أو نتيجته ومآله، يوجب المسؤولية إذا ألحق بالطرف الآخر ضرر محقق، مادي أو أدبي.
وأن كل من الباعث غير المشروع، أو النتيجة الضرورية اللازمة واللاحقة بالغير من جراء العدول، ليس هو الغاية التي شرع من أجله حق العدول، فهو إذن تعسف وانحراف عنها، وهذا هو منشأ المسؤولية، والحكم بالتعويض[65].
3 – ربط الد كتور الدريني التعويض في العدول عن الخطبة بالتعسف في استعمال الحق بقوله “فتبين أن التعسف هو استعمال للحق أو الإباحة في غير غايته التي تمثل وظيفته الاجتماعية، وهو منشأ المسؤولية عن الضرر الناجم عن هذا التعسف”.
ويضيف قائلا: “هذا ونظرية التعسف في الفقه الإسلامي مدعمة الأصول، منبسطة الظل على كافة أنواع الحقوق، لاتصالها بمفهوم العدل فيه، و لا يشفع لذي الحق- إذا أضر بغيره – ادعاؤه أنه يستعمل حقه، وهو أمر جائز، والجواز ينافي الضمان والمسؤولية، كل هذا مقبول ما لم يكن ثمة تعسف، وانحراف عن الغاية التي وضعها المشرع للخطبة”[66].
ورد على أصحاب القول الثالث والذين ربطوا المسألة بمبدأ المسؤولية التقصيرية بقوله « ومن ذهب إلى أن العدول المصاحب بفعل ضار، ويوجب المسؤولية في التعويض أثرا لذلك الفعل غير المشروع، فهذه في الواقع مسؤولية تقصيرية، مما يشير إلى أنه أغفل المسؤولية التعسفية التي استقرت أصولها في التشريع الإسلامي”[67].
وخلص إلى أن العدول عن الخطبة، بما هو استعمال لحق ثابت في الأصل يتعلق به دليلان: أحدهما خاص، والآخر عام وهما باختصار:
الخاص: أن العدول عن الخطبة، بما هو استعمال لحق شخصي تقديري، وناشئ عن طبيعة الخطبة.
العام: أنه قاعدة كلية حاكمة على التشريع كله نظرا وتطبيقا، ومقيدة لأحكامه، إذ الأحكام إنما شرعت لمصالح المكلفين، لا للإضرار بهم، وهذه القاعدة قررها قوله صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار” ومقتضاها، أن كل من تسبب في الإضرار بغيره، دون وجه حق، مباشرة، أو بطريق غير مباشر، أي عن طريق استعمال الحقوق والحريات، ملزم بإزالة هذا الضرر عينا إن أمكن[68]، أو رفعه معنى بالتعويض[69] إذا تعذر أداء الواجب العيني[70]، جبرا للضرر بقدر الإمكان.
هذا، ولا بد من إعمال الدليلين في الواقع العملي، فلا يجوز إهمال أحدهما، لما تقرر أن: “إعمال الدليلين خير من إهمالهما أو إهمال أحدهما” ولأن حقائق التشريع وحدة كاملة لا تتجزأ[71].
أما الدكتور السباعي و الدكتور وهبة الزحيلي فقد وافقوا الدكتور الدريني بالقول بأن مبدأ التعويض مبني على أساس الإساءة / التعسف في استعمال الحق، وأضافوا مبدأ آخر هو مبدأ الالتزام في الفقه المالكي[72]. والذي يرى في أشهر أقواله بلزوم الوعد إذا ترتب على ذلك آثار.
كما أن أدلة الفريق الأول والقائلين بعدم التعويض مطلقا – لم تسلم من المناقشة، إذ أجاب الدكتور الدريني على بعض الاعتراضات التي قدموها بقوله: والحكم بالتعويض عن الضرر الناشئ عن إساءة استعمال حق العدول، لا يقيد حرية الزواج، وأن تلك الحرية قد كفلها الشارع، وحرص عليها، بجعله الخطبة غير ملزمة، ليكون إبرامه على أساس متين، وقدم أدلة على ذلك منها:
أ – أن الحكم بالتعويض يستند أساسا إلى التعسف الذي نجم عنه الضرر، والغرض منه إزالة الضرر اللاحق بالطرف الآخر، دون وجه حق، وليس الإلزام بالتعويض جبرا للضرر، و جزاء للتسعف، يتضمن الإلزام بإبرام عقد الزواج مطلقا[73].
ب – أن لمن عدل من أحد طرفي الخطبة. ملء الحرية في أن يعود إلى الآخر ويتفقا على إبرام عقد الزواج، ولا مانع يحول دون ذلك، إذا ما تراضيا بينهما، سواء أكان ذلك قبل الحكم بالتعويض أم بعده !!
ج – أن الحرية في أصل العدول مكفولة أيضا، ولا يؤثر الحكم بالتعويض – جزاء للتعسف في استعماله – على هذه الحرية مطلقا، لأن الجهة منفكة، إذ التعويض منشؤه التعسف في استعمال حق العدول، وليس منشؤه أصل حق العدول، وفرق بين أصل الحق، وبين التعسف في استعماله.
د – قولهم أن الذي تقرر في الفقه الإسلامي أن “الجواز الشرعي ينافي الضمان” تجاهل منهم لموضوعها، إذ تعارض هذه القاعدة في حكمها نظرية التعسف حيث تحكم بالتعويض، فكان التوفيق بينهما، أن نظرية التعسف تحكم العوارض الطارئة على ممارسة الحق، بفعل من المكلف، وتسببه في إحداث الإضرار بالغير، وأما قاعدة الجواز الشرعي ينافي الضمان فمجال تطبيقها في غير مجال التعسف، جمعا بين الدليلين، وعملا بحقائق التشريع. هذا ويمكن تطبيق هذه القاعدة في مجال التعسف، ولكن بإضافة (قيد) على نصها، بحيث يغدو على الوجه الآتي: “الجواز المقيد ينافي الضمان” بمعنى جواز استعمال الحق المقيد بغايته، دون انحراف فيها، أو اعتساف لها ينافي الضمان[74].
ومما ينبغي التنبيه عليه، أن الفقهاء القائلين بالتعويض اتفقوا على أن الأضرار التي تلحق بالمخطوبة وقد تسببت هي في نشوئها كخروجها عن تعاليم الشريعة و آدابها، لا تكون سببا للتعويض، إذ لا يوجد قانون عادل يحمي مخالفة من يخالفه، إذ أن هذه الحماية تشجيع لهم على هذه المخالفة[75].
الفرع الثالث: موقف المشرع المغربي من المسالة والرأي الراجح فيها:
لم تنص مدونة الأحوال الشخصية المغربية السابقة عن مسألة التعويض عن التعسف في استعمال حق العدول عن الخطبة، كما هو شأن القضاء بالمغرب إذ لم تصدر عنه أحكام قضائية مشابهة لما ذهب إليه القضاء المصري في بعض أحكامه، والسبب في ذلك – حسب رأي الدكتور محمد رياض – هو أن الطرف المتضرر من العدول عن الخطبة، لا يسلك طريق القضاء في طلب التعويض عن جهل أو عن قصد[76].
أما مدونة الأسرة الحالية فقد نصت في المادة 7 على ما يلي: “مجرد العدول عن الخطبة لا يترتب عنه تعويض، غير أنه إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا للآخر، يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض”.
وبذلك فالمدونة جعلت من حق المتضرر المطالبة بالتعويضات عن الأضرار المادية والمعنوية التي تترتب عليه، وذلك مثل شراء بعض الأمتعة والألبسة، أو شراء منزل أو سيارة، أو ترك وظيفة، أو الانقطاع عن الدراسة، أو تفويت خاطب آخر، أو الإساءة للسمعة بمجرد العدول عن خطبة طال أمدها كأربع سنوات مثلا[77].
الرأي الراجح في المسألة:
و الذي يستحسن الأخذ به من هذه الأقوال الواردة في هذه المسألة هو: الرأي الذي يرى ربط هذه الأضرار المادية و المعنوية التي تترتب عن العدول عن الخطبة بنظرية التعسف في استعمال الحق للعلل التالية:
1 – مراعاة لمقاصد الشريعة الإسلامية من تشريع الحقوق، وذلك باستهداف الغاية من تشريعها.
2 – تفاديا للأضرار التي تلحق أحد الطرفين من سوء استعمال صاحبه لحق العدول عن الخطبة، وعملا بقوله صلى اللهخ عليه وسلم: (لا ضرر و لا ضرار).
[1] – باحث في السنة الثالثة من سلك الدكتوراة، بكاية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سلا، تخصص التشريع؛ قضاياه ومناهجه.
[2] ينظر: أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية لابن معجوز 1/26. ومستجدات فقهية في قضايا الزواج و الطلاق لأسامة عمر سليمان الأشقر، ص 55.
[3] فقه الأسرة المسلمة في المهاجر، 1/298.
[4] والأمليس: هو الثمر الذي لا عجم له، و يقال لهذه المسألة أيضا المسألة الأغريسية، وذلك لكون السؤال ورد من بلاد أغريس، وهي بلدة من نواحي الصحراء المغربية،: ينظر شرح ميارة على التحفة، 1/155. وعن سبب ورود هذه الفتوى، يقول الدكتور أحمد خرطة : “جرت في منتصف القرن الحادي عشر الهجري حوادث عنف كثيرة بين القبائل على ضفاف وادي غريس بتافيلالت. هلك بسببها عدد وافر من الشباب خلفوا مخطوباتهم أيامى، ووقع التنازع بين أسرهم في الإرث، رفع السؤال من أجل ذلك إلى فقهاء المغرب حول ما جرت به عادة أهل بلد غريس”. ينظر: المسألة الشهية الإمليسية في الأنكحة المنعقدة على عادة البلد الغريسية لأبي سالم الجيلالي (980/ 1047هـ) دراسة وتحقيق الدكتور أحمد خرطة، 1/145.
[5] البهجة في شرح التحفة، 1/241.
[6] النوازل الصغرى، 2/166، وقال أيضا في حاشيته على التحفة: “والحاصل إن كان ما وقع من الإشاعة والهدايا والأطعمة عقدا, ولو ممن ناب عن الزوج والزوجة ووليهما بغير توكيل ولم يشك في علمهما ورضاهما بذلك. الظاهر اللزوم قاله الشريف. وإن لم يكن مجرد الهدايا والإرسال في الخطبة والواقع من أهل الخطبة إنما هو قبول ذلك، والسكوت والوعد فلا لزوم“. حاشية الوزاني على التحفة، ج 2/ملزمة 2/ص2، نقلا عن التعسف في استعمال الحق على ضوء المذهب المالكي للدكتور محمد رياض، ص 229.
[7] منطلقات إسلامية، ص23، نقلا عن التعسف في استعمال الحق للدكتور محمد رياض، ص230.
[8] البهجة في شرح التحفة، 2/448.
[9] البهجة في شرح التحفة، 2/ 448 وما بعدها.
[10] نفسه 2/448 وما بعدها.
[11] جاء في الفصل الثاني من الباب الأول من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة: “الخطبة وعد بالزواج وليست بزواج، ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا“.
[12] الزواج والطلاق في مدونة الأحوال الشخصية للدكتور الفاخوري، ص41.
[13] مواهب الجليل، 3/411.
[14] الآية 34 من سورة الإسراء.
[15] رواه البخاري في كتاب الأيمان، باب علامة المنافق، رقم: 33، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الأيمان، باب بيان خصال المنافق، رقم: 58.
[16] ينظر: جامع البيان للطبري، 10/193، و سير أعلام النبلاء للذهبي، 8/396.
[17] التفريع لابن الجلاب، 2 /50.
[18] فقه الأسرة المسلمة في المهاجر، 1/303.
[19] حاشية الدسوقي، 2/219.
[20] فقه الأسرة المسلمة في المهاجر، 1/304.
[21] مواهب الجليل للحطاب، 3/418.
[22] التعليق على مدونة الأحوال الشخصية للدكتور الخمليشي، 1/48.
[23] التفريع، 2/50.
[24] جاء في لسان العرب، مادة [حبا]: الحباء العطاء بلا من ولا جزاء.
[25] البيان والتحصيل، 5/15.
[26] أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها (شيئا)، رقم: 2129. والنسائي في كتاب النكاح، باب التزويج على نواة من ذهب، رقم: 3355. وابن ماجه في كتاب النكاح، باب الشرط في النكاح، رقم: 1955. وأحمد في المسند، من مسند عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، 2/182 و 221.
[27] ينظر: محاضرات في عقد الزواج وآثاره، ص66، وأحكام الأسرة في ضوء مدونة الأحوال الشخصية لمحمد الشافعي، ص49، الزواج والطلاق في مدونة الأحوال الشخصية، لإدريس الفاخوري، ص42.
[29] ينظر: مغني المحتاج، 3/226. والمجموع، 15/381 – 382.
[30] ينظر: المغني والشرح الكبير، 6/295، و المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم، 6/76.
[31] الفقه الإسلامي وأدلته، 7/ 26، و أحكام الأسرة في ضوء مدونة الأحوال الشخصية، ص50، والزواج والطلاق في مدونة الأحوال الشخصية وفقا لآخر التعديلات للدكتور إدريس الفاخوري، ص 42.
[32] محكمة الاستئناف بمكناس، قرار صادر في 7 أكتوبر 1980، مجلة رابطة القضاء، العددان 8 و9 مع تعليق محمد ابن أحمد الجراري نقلا عن أحكام الأسرة في ضوء مدونة الأحوال الشخصية للدكتور محمد الشافعي ص 50.
[33] التعليق على مدونة الأحوال الشخصية، 1/50.
[34] دراسات في أحكام الأسرة للدكتور محمد بلتاجي، ص 215 و 216.
[35] أحكام الأسرة في ضوء مدونة الأحوال الشخصية، ص 53.
[36] الزواج في الشريعة الإسلامية لعلي حسب الله، ص 90.
[37] أحكام الأسرة في ضوء مدونة الأحوال الشخصية، ص53.
[38] أحكام الأسرة في الإسلام دراسة مقارنة بين فقه المذاهب السنية والمذهب الجعفري والقانون للدكتور مصطفى شلبي، ص 70.
[39] الاعتصام للشاطبي، 1/133، وتنسب للإمام مالك، كما جاء في فتح الباري، 13/144. وهي مذكورة كذلك في الموطأ برواية محمد بن الحسن الشيباني، كتاب الصرف، باب الصلح في الشيء.
[40] مجلة المحاماة الشرعية، ص45 العدد الأول، السنة الثانية جمادى الأولى 1349 هـ، أكتوبر 1390.
[41] أحكام الزواج في ضوء الكتاب والسنة، ص 77.
[42] مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، ص 81.
[43] المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية، 6/76-77.
[44] مجلة المحاماة الشرعية، ص45 العدد الأول، السنة الثانية جمادى الأولى: 1349 أكتوبر 1930.
[45] المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقاء، 2/1032.
[46] بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي و أصوله، 2/521.
[47] محاضرات في عقد الزواج وآثاره، ص67.
[48] أحكام الزواج في ضوء الكتاب و السنة للدكتور عمر سليمان الأشقر، ص77.
[49]التعليق على مدونة الأحوال الشخصية، 1/52، وأحكام الزواج في ضوء الكتاب والسنة، ص 78، ومستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، ص 60.
[50]المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم ، 6/77.
[51] المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم، 6/78، وأحكام الزواج في ضوء الكتاب والسنة، ص 78.
[52]أحكام الزواج في الفقه الإسلامي للدكتور عبد الرحمن الصابوني، ص 85.
[53]بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، 2/522.
[54] شرح مدونة الأحوال الشخصية السوري ، ص 67 – 68.
[55] الأحوال الشخصية لأبي زهرة، ص3.
[56] دراسات في أحكام الأسرة، ص 218.
[57] الوسيط في شرح القانون المدني، 1/937.
[58] محاضرات في عقد الزواج وآثاره، ص67.
[59] نفسه، ص67.
[60] شرح مدونة الأحوال الشخصية السوري، ص 67 – 68. وينظر كذلك نفس المعنى في كتاب: بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، 2/522.
[61] شرح مدونة الأحوال الشخصية السوري، ص67 – 68.
[62] شرح مدونة الأحوال الشخصية السوري، ص 68.
[63] أحكام الزواج في الفقه الإسلامي، ص 86 -87.
[64] بحوث مقارنة للفقه الإسلامي وأصوله، 2/522.
[65] نفسه، 2/522.
[66] نفسه، 2/522.
[67] دراسات وبحوث في الفكر الإسلامي المعاصر، 2/ 742.
[68] عملا بالقاعدة الفقهية التي تقول: “الضرر يزال”.
[69] هذا ما دلت عليه قاعدة إذا تعذر الأصل يصار إلى البدل.
[70] دراسات وبحوث في الفكر الإسلامي المعاصر، 2/742.
[71] نفسه، 2/742.
[72] شرح مدونة الأحوال الشخصية السوري، ص 67 – 68، الفقه الإسلامي و أدلته، 7/28.
[73] دراسات وبحوث في الفكر الإسلامي المعاصر، 2/ 742.
[74] دراسات وبحوث في الفكر الإسلامي المعاصر، 2/ 343.
[75] ينظر: محاضرات في عقد الزواج و آثاره، ص57، وبحوث مقارنة في الفقه الإسلامي، 2/524 – 525.
[76] التعسف في استعمال الحق على ضوء المذهب المالكي و القانون المغربي، ص 232.
[77] مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته لعبد الله بن الطاهر، 1/45.