التصحيح الضريبي بين المشروعية والبطلان
سفيان صابر
باحث بسلك الدكتوراه
جامعة محمد الخامس الرباط
مقدمة:
ينبني الإلزام الضريبي على القانون الذي يستلزم أساسا الامتثال الفعلي لمبدأ دستورية الضريبة، حيث يقتضي هذا الأخير مساهمة الجميع كل على قدر استطاعته في تحمل النفقات العمومية.
وإذا كان النظام الجبائي قد اتكل في السابق على الإدارة الضريبية لتقويم القدرة التكليفية للخاضعين للضريبة، فإنه وإلى وقت غير بعيد أضحى يعتمد على مبادرة الخاضع للضريبة بذاته في التصريح بمقدرته التكليفية قصد أداء ما بذمته للجهات المعنية بالتحصيل.
وباعتبار أن الإدارة الجبائية هي من تتولى السهر على تدبير مختلف الشؤون الضريبية وكذا التحقق من مدى تقيد المكلفين بالضريبة بالالتزامات القانونية الملقاة عليهم، فقد منحها المشرع في هذا الإطار فرصة تدارك الأخطاء والإغفالات التي يمكن أن تقع من جانبهم، من خلال تخويلها حق مباشرة تصحيح الضرائب[1]، متى تبين لها ما يدعوا إلى ذلك، إذ يكون في إمكان الإدارة ممارسة مسطرة التصحيح عقب عملية تقديم الإقرار الضريبي المعتمد في تحديد أساس فرض الضريبة، أو حتى في حالة الفرض التلقائي للضريبة، وذلك إذا ما ظهر لها ما يستوجب تصحيح الأساس الذي اعتمدته في فرض الضريبة[2].
وفي هذا المقام يراد باصطلاح التصحيح، إعادة النظر من لدن الإدارة في المبالغ المصرح بها من لدن الملزم لاحتساب المادة الضريبية[3]، كما يقصد بالتصحيح مراجعة مجموع الدخول والأرباح ورقم الأعمال المدلى بها من قبل الخاضعين للضريبة، بغية تصويبها اعتمادا على المعايير الجاري بها العمل في هذا الصدد أو بناء على المعطيات المتوفرة لدى الإدارة، وذلك بعد تحققها من ثبوت عدم صحة ومصداقية إقراراتهم.
وغني عن البيان أن إقدام الإدارة على إجراء عملية التصحيح، ينبغي أن يكون داخل الأجل القانوني المحدد، والذي بانصرامه يسقط حقها في إدخال أي تغيير على الأساس الضريبي المصرح به، حتى ولو ثبت لديها بالدليل القاطع وجود إخلالات قانونية تشوب إقرارات الخاضع للضريبة[4].
وتكمن أهمية مسطرة التصحيح، في تكريس مبدأ مساهمة الملزم مع الإدارة الجبائية في ربط الضريبة، حيث يهدف هذا المبدأ إلى إشراك الملزمين في تحميلهم جزء من عبء الإثبات، للتخفيف مما يقع على كاهل الإدارة بهذا الخصوص[5].
هذا وتزخر مسطرة التصحيح الضريبي بجملة من الخصوصيات، يمكن رصدها كالآتي:
تقوم مسطرة التصحيح على قاعدة التواجهية، وهذا يعني أن الإدارة الضريبية، لا يمكنها إخضاع الملزم لعبئ ضريبي إضافي ناتج عن عملية التصحيح دون قبوله[6]، ذلك أن تصحيح الأساس الضريبي يتم وفق مسطرة تسمى المسطرة التواجهية،[7] حيث يعرض كل طرف، الإدارة من جهة و الملزم من جهة أخرى، موقفه وملاحظاته بغية التوصل إلى اتفاق بالتراضي حول الأساس الضريبي الجديد[8].
وترتكز قاعدة المسطرة التواجهية، على مبدأ حق الدفاع المخول للملزم، والذي يتجسد في إمكانية مناقشته للتصحيحات المزمع القيام بها من طرف المفتش الفاحص على الأسس المصرح بها، ونتيجة لذلك فإن تغيير الأساس الضريبي لا يتم بصفة انفرادية[9].
أيضا أن عبء الإثبات في هذه المسطرة تتحمله الإدارة، على اعتبار أنها هي من ادعت خلاف الأمر الواقع المتمثل في صحة وصدق ما صرح به الملزم، وبالتالي يتعين عليها أن تقيم الحجة على أن ما ورد في التصريح لا يعكس حقيقة العمليات التي قام بها الخاضع للضريبة[10].
ومن خصوصيات مسطرة التصويب كذلك، أنها تضمن وتحمي الخاضع للضريبة من تعسف الإدارة، وتجعله في منأى عن التصحيحات العقابية، وتخوله حق الاعتراض على تصحيحاتها، كما أنها مسطرة موقفة للتنفيذ، حيث يؤدي تطبيقها كمبدأ عام إلى كسر قاعدة تقليدية في ميدان الضرائب، وهي قاعدة “الأداء قبل الشكوى”[11].
هذا ويثير موضوع التصحيح الضريبي إشكاليات عديدة، من قبيل الإشكالية التالية: ما هي القواعد الإجرائية المتعين احترامها من لدن إدارة الضرائب قصد إضفاء المشروعية على التصحيح الضريبي؟ وإلى أي حد يمكن القول أن حالات البطلان المنصوص عليها قانونا بشأن مسطرة التصحيح هي مقتضيات حصرية لا يجوز التوسع فيها؟ وبناء على أي أسس برر بموجبها القضاء الإداري توسعه في تقرير جزاء البطلان ؟
المبحث الأول: الضوابط المسطرية الناظمة للتصحيح الضريبي
تشكل مسطرة تصحيح الأساس الضريبي، امتدادا ونتيجة طبيعية لمسطرة المراقبة، بحيث تبتدئ من حيث انتهت هذه الأخيرة، وبذلك فالإدارة تباشر مسطرة تقويم التصريح إما مباشرة بعد عملية فحص المحاسبة في الحالة التي تكشف فيها محاسبة الخاضع عن وجود اختلالات أو نقصان في رقم الأعمال المصرح به، وإما بناء على المعطيات التي تحصل عليها من خلال قيامها بتحرياتها ومراقبتها، أو من خلال فحصها للوضعية الجبائية للملزم[12].
ومهما كان الأمر، فإن تصحيح الأساس الضريبي يخضع لمجموعة من القواعد الإجرائية، منها ما هو عام، ومنها ما هو خاص يحكم حالات استثنائية، وهو ما يحلينا إلى القول بأن مسطرة التصحيح تختلف حسب اختلاف الحالة موضوع التصحيح، حيث يمكن التمييز في ظلها بين المساطر العامة والمساطر الخاصة.
المطلب الأول: المساطر العامة للتصحيح
يمكن تصنيف المساطر العامة للتصحيح، إلى مساطر عادية ومساطر استعجالية، بحيث تقضي القاعدة العامة بأن تكون مسطرة التصحيح عادية تحكم أغلبية حالات تصحيح أسس فرض الضريبة الناتجة عن إقرار جبائي أو الناتجة عن فرض الضريبة بصورة تلقائية، فيما يقضي الاستثناء بأن تكون مسطرة التصحيح استعجالية في حالات حصرية حددها المشرع، ليتعين على الإدارة التقيد بها و عدم الخروج عليها[13].
أولا: المسطرة العادية للتصحيح
خولت المادة 220 من المدونة العامة للضرائب[14]، المنظمة للمسطرة العادية للتصحيح، مفتش الضرائب بعد إنهاء المراقبة الضريبية، إمكانية تصحيح أسس فرض الضريبة، أو المبالغ المحجوزة برسم الدخول المتكونة من الأجور، أو الأثمان أو التصاريح التقديرية المعبر عنها في العقود و الاتفاقات، سواء الناتجة عن إقرار الخاضع للضريبة أو رب العمل أو المدين بالإيراد، أو الناتجة عن فرض الضريبة بصورة تلقائية.
وفي هذه الحالة يتوجب على مفتش الضرائب تبليغ الخاضعين للضريبة وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة، في رسالة أولى وخلال الستة أشهر التالية لتاريخ إنهاء المراقبة الضريبية ب:
- أسباب التصحيح[15] المزمع القيام به و طبيعته و تفاصيل مبلغه، فيما يخص الضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل أو الضريبة على القيمة المضاف،
- الأساس الجديد الواجب اعتماده وعاء لتصفية واجبات التسجيل و كذا مبلغ الواجبات التكميلية الناتجة عن الأساس المذكور.
ويدعوهم في نفس الرسالة إلى الإدلاء بملاحظاتهم خلال أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ تسلم التبليغ[16]، و بعد اطلاع الخاضع للضريبة على فحوى الرسالة الأولى المذكورة، فإما أن يوجه جوابه إلى إدارة الضرائب خلال الثلاثين يوما من التوصل، و إما ألا يفعل.
وفي هذه الحالة الأخيرة (حالة عدم الجواب) يتم وضع الواجبات التكميلية موضع التحصيل، ولا يمكن أن ينازع فيها إلا وفق الشروط المقررة في المادة 235 من المدونة، أي عن طريق توجيه مطالبته إلى مدير الضرائب أو الشخص المفوض من لدنه داخل أجل الستة (6) أشهر الموالية للشهر الذي يقع فيه صدور الأمر بالتحصيل، مع العلم أن هذه المطالبة لا تحول دون التحصيل الفوري، و إن اقتضى الحال الشروع في مسطرة التحصيل الجبري، مع مراعاة إمكانية استرداد مجموع أو بعض المبالغ المؤداة بعد صدور قرار الإدارة بقبول المطالبة كلا أو جزءا، أو صدور الحكم القضائي في حالة رفع النزاع إلى القضاء، بعد عدم جواب الإدارة داخل الأجل القانوني المحدد لها (6 أشهر).
أما في حالة جواب الخاضع للضريبة على الرسالة الأولى، فيجب التمييز بين نوعين من الأجوبة: إما أن يفضي الجواب إلى قبول اقتراحات المفتش[17]، وهنا تنتهي المنازعة وتفرض الواجبات التكميلية، وإما أن يعبر الجواب عن الرفض الكلي أو الجزئي للتصحيح الضريبي، وهنا أيضا يجب أن نميز بين الحالة التي يرى فيها المفتش أن جواب الخاضع للضريبة مبني على أساس سليم، و يقع التخلي من قبله عن مسطرة التصحيح (و هذه حالة ناذرة جدا)، وإما أن يرى المفتش بأن جواب الخاضع للضريبة لا يستند إلى أساس صحيح كلا أو بعضا[18]، وحينذاك يتوجب على المفتش أن يقوم خلال أجل لا يتجاوز ستين (60) يوما من تسلم الجواب، بتبليغ الخاضع للضريبة بواسطة رسالة ثانية يجب أن تتضمن ثلاث عناصر مهمة هي:
- أسباب الرفض الكلي أو الجزئي لملاحظات الخاضع للضريبة،
- أساس فرض الضريبة الواجب اعتماده،
- إخبار الخاضع للضريبة بأن أساس فرض الضريبة سيصير نهائيا، في حال عدم تقديمه لطعن في ذلك أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، داخل أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ تسلم رسالة التبليغ الثانية.
واستنادا إلى البيانات المدرجة في الرسالة الثانية، تكون الإدارة ملزمة بتعليل رفضها الكلي أو الجزئي، من خلال ذكرها للأسباب القانونية و الواقعية التي اعتمدت عليها، وذلك لدحض الحجج والأدلة المدلى بها من طرف الخاضع للضريبة، كما تكون ملزمة بإعادة تأكيدها للتصحيحات الواردة في رسالة التصحيح الأولى في ظل عدم اقتناعها بملاحظات الملزم.
والأهم في ذلك هو أن المشرع أجبر الإدارة بتضمينها في رسالة التصحيح الثانية، حق الملزم في الطعن وأجله أمام اللجنة المحلية، لإعطائه الفرصة في الدفاع عن حقوقه[19].
وبالتالي وبعد توصل الخاضع للضريبة بالرسالة الثانية، فإما أن يرفع النزاع إلى اللجنة المحلية داخل أجل الثلاثين يوما، وإما أن لا يفعل و يصبح الأساس المبلغ إليه في الرسالة الثانية نهائيا، وعليه تؤسس الواجبات التكميلية وتوضع موضع التنفيذ[20].
وتطبيقا لما سلف فمتى تجاوزت الإدارة الضوابط الإجرائية التي تستلزمها مسطرة التصحيح، عدت هذه الأخيرة غير مشروعة وكانت عرضة للبطلان، وهو ما أقره العمل القضائي في العديد من المناسبات، من بينها حكم المحكمة الإدارية بالرباط[21] الذي جاء فيه: “وحيث فضلا عن ذلك فإن الجهة المدعى عليها لم تدل بما يثبت احترامها لمسطرة التصحيح الضريبي، وذلك بتبليغها للمدعي الرسالة الأولى و الثانية قبل فرض الضريبة، مما يجعل إجراءات المراجعة الضريبية تأتي معيبة وتستوجب الحكم ببطلانها”.
ثانيا: المسطرة السريعة للتصحيح
بالموازاة مع المسطرة العادية للتصحيح، هناك المسطرة الاستعجالية أو السريعة للتصحيح، والتي يلجأ إليها المفتش بالنسبة لبعض الضرائب بعينها، حين يتهدد الإدارة الجبائية خطر عدم تمكنها من استيفاء ما تروم فرضه من مستحقات عن طريق التصحيح[22].
وقد أورد المشرع لذلك حالات معينة، تضمنتها المادة 221 من المدونة العامة للضرائب[23] وتهم:
- الحصيلة الخاضعة للضريبة عن فترة النشاط الأخيرة غير المشمولة بالتقادم، في حالة تفويت مقاولة أو انقطاع عن مزاولة نشاطها، و كذا في حالة تسوية أو تصفية قضائية لها أو تغيير شكلها القانوني، إذا كان يترتب على ذلك إما إخراجها من نطاق الضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل و إما إحداث شخص معنوي جديد،
- الإقرارات المودعة من قبل الخاضعين للضريبة الذين لم يبق لهم في المغرب موطن ضريبي أو مؤسسة رئيسية من قبل ذوي الحقوق الخاضعين للضريبة المتوفين،
- إقرارات الخاضعين للضريبة الذين يبيعون قيما منقولة و يرها من سندات المال والدين،
- المبالغ المحجوزة في المنبع التي وقع إقرار بشأنها من طرف المشغلين أو المدينين بالإيرادات الذين ينقطعون عن مزاولة نشاطهم أو الذين ينقطعون عن مزاولة نشاطهم أو الذين يقومون بتحويل زبنائهم أو تغيير الشكل القانوني لمنشآتهم،
- الضرائب المفروضة من قبل فيما يتعلق الضريبة على القيمة المضافة، على فترة النشاط الأخيرة غير المشمولة بالتقادم في حالة تفويت مقاولة أو انقطاعها عن مزاولة نشاطها.
وفي هذه الحالات يقوم مفتش الضرائب، بتبليغ الخاضعين للضريبة وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة، في رسالة أولى وخلال الستة أشهر التي تلي تاريخ إنهاء المراقبة الضريبية ب:
- أسباب التصحيح المزمع القيام به و تفاصيل مبلغها،
- الأساس المعتمد لفرض الضريبة.
ويضرب للمعنيين بالأمر أجل ثلاثين (30) يوما من تاريخ تسلم رسالة التبليغ، لتقديم جوابهم و الإدلاء إن اقتضى الحال بما لديهم من إثباتات، و في حالة عدم جواب الخاضع للضريبة داخل الأجل المضروب لذلك، ، فإنه يجعل الإدارة تشرع في استخلاص الضريبة وفق الأساس المعتمد من طرف المفتش، وبالتالي يضيع على نفسه ضمانة هامة وأساسية في جعل الإدارة تخبره في رسالة ثانية بموقفها من المنازعة[24]، ولا يبقى أمامه في هذه الحالة سوى المنازعة في الضريبة المفروضة عليه وفق الأحكام الواردة في المادة 235 من المدونة.
أما في حالة جواب الخاضع للضريبة داخل الأجل المضروب من خلال تقديمه لملاحظاته، ورأى المفتش أن جميعها أو بعضها لا يستند إلى أساس صحيح، فهنا يتوجب على المفتش أن يبلغ الخاضع للضريبة في رسالة ثانية وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة، و داخل أجل لا يتجاوز الستين (60) يوما الموالية لتاريخ تسلم الجواب ب:
- أسباب رفضه الكلي أو الجزئي،
- أسس فرض الضريبة المعتمدة،
- إخبار الخاضع للضريبة بإمكانية تقديمه لطعن في أسس فرض الضريبة أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، داخل أجل الثلاثين يوما الموالية لتاريخ تسلم رسالة التبليغ الثانية.
وفي هذه الحالة، فسواء قدم الخاضع للضريبة طعنه أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، أم أحجم عن ذلك، فإن المفتش يعمد إلى فرض الضريبة استنادا إلى الأسس التي حددها في رسالة التبليغ الثانية، وذلك لكون أن مسطرة التصحيح السريعة تتميز بضرورة إجبار الملزم على أداءه للضرائب قبل المنازعة فيها[25]، فضلا عن أن الطعن أمام اللجنة المحلية لا يكون له أثر واقف في ظل المسطرة المذكورة[26]، حيث قضت المحكمة الإدارية في حكم[27] صادر عنها في هذا الإطار بما يلي: “وحيث إن الثابت من نازلة الحال أنه بعد توصل المدعي برسالة التبليغ الأولى والثانية وجوابه عنهما، والتماسه إحالة ملفه على اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، استجابت الإدارة إلى ملتمسه المذكور وعمدت على إثر ذلك إلى إصدار إعلام بالضريبة وأمر بالتحصيل، مما حاصله أن الإدارة المدعى عليها طبقت صحيح القانون، طالما أن الإجراءين المذكورين ناتجين عن سلوك المسطرة السريعة للتصحيح المومأ إليه أعلاه، التي لا تغل يد إدارة الضرائب في فرض الضريبة حين عرض النزاع على اللجنة المحلية”.
لكن يبقى من حق الخاضع للضريبة في جميع الأحوال أن ينازع في الضريبة المفروضة عليه وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 235 من المدونة.
بناء على ما سبق يتضح بأن السبب الأساسي الذي حمل المشرع إلى تمكين الإدارة الجبائية من اللجوء إلى المسطرة السريعة لتصحيح الأساس الضريبي، يكمن في حفظ حقوق الخزينة من الضياع الذي يمكن أن تتعرض إليه في حال سلوكها للمسطرة العادية للتصحيح التي تتميز بطول إجراءاتها[28].
المطلب الثاني: المساطر الخاصة للتصحيح
إلى جانب المساطر العامة في التصحيح، هناك مساطر خاصة تباشر في حالات معينة حددها المشرع على سبيل الحصر.
أولا: المسطرة الخاصة بتسوية الضريبة المحجوزة في المنبع
تضمنت المادة 222 من المدونة العامة للضرائب مجموعة من الحالات التي يتعين فيها على الملزم، شخصا طبيعيا كان أو معنويا، أن يحجز مبلغ الضريبة و يدفعه إلى خزينة الدولة داخل أجل معين، و هذه الحالات هي:
- عوائد الأسهم و حصص المشاركة و الدخول المعتبرة في حكمها،
- الحاصلات من التوظيفات المالية ذات الدخل الثابت،
- الأرباح الناتجة عن بيع قيم منقولة و غيرها من سندات رأس المال و الدين الخاضعة للضريبة المحجوزة في المنبع،
- المكافآت المدفوعة إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين غير مقيمين.
والواضح أن القاسم المشترك بين هذه الحالات، أن الضريبة تحجز في المنبع من طرف الجهة الدافعة للدخل، بمعنى أن هذه الجهة لا تتحمل شيئا في ذمتها المالية، إذ الملزم الحقيقي يبقى هو الشخص المستفيد من عوائد الأسهم وحصص المشاركة من حاصلات التوظيفات المالية، أو من غيرها مما ذكر[29].
وهكذا إذا لاحظ مفتش الضرائب، ما يستوجب تصحيح مبلغ الضريبة المحجوزة في المنبع، سواء كان ناتجا عن إقرار أو تسوية بسبب عدم الإدلاء بالإقرار المتعلق بإحدى الحالات المبينة أعلاه، فإنه يبلغ الخاضعين للضريبة المكلفين بالحجز في المنبع في رسالة إعلام أولى، وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة، بالتصحيحات المنجزة ويفرض الضرائب على المبالغ المعتمدة[30].
ولا يجوز المنازعة في الضرائب المذكورة، إلا وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 235 من المدونة.
ونظرا لمحدودية الضمانات المخولة للملزم في هذه التسوية، فإن مباشرة هذه المسطرة الخاصة تتطلب من الإدارة إنجازها بدقة كبيرة، حيث يتعين عليها إثبات مبررات لجوئها إلى المسطرة المذكورة، كحصول حجز مبلغ أقل مما يجب حجزه، أو عدم حجز المبلغ الواجب بالمرة، وأن تقيم الدليل على تبليغها للمكلف بالحجز برسالة تعلمه من خلالها بالتسوية المزمع القيام بها[31].
ومما تجب ملاحظته في هذا الخصوص، أن المشرع و إن كان قد أفرد أحكاما خاصة لهذه المسطرة، إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يحيل على المقتضيات العامة لمسطرة التصحيح، وذلك بالنسبة لتصحيح النتيجة الخاضعة للضريبة فيما يتعلق بالضريبة على الشركات إذا كان لها انعكاس على أساس عوائد الأسهم وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها، حيث ألزم المشرع مفتش الضرائب بتبليغ التصحيحات المتعلقة بالأساس المذكور إلى الخاضعين للضريبة، وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 220 و 221 من المدونة.
ثانيا: التصحيح في حالة الضريبة المحجوزة في المنبع عن الدخول المتكونة من الأجور
إذا كان الإقرار بمجموع الدخل المقدم من طرف المستفيد غير مطابق للبيانات الواردة في بطاقة أداء الأجور التي يسلمها رب العمل أو المدين بالإيراد، فإن الإدارة الجبائية تباشر مسطرة التصحيح في مواجهة هذا الأخير وليس في مواجهة الأجير[32]، وذلك لتصحيح الأخطاء و الإغفالات و أوجه النقصان التي شابت الضريبة المحجوزة في المنبع من طرف رب العمل أو المدين بالإيراد.
وأمام عدم تنصيص المادة 223 من المدونة العامة للضرائب على مقتضيات مسطرية تهم الضريبة المذكورة، يكون على الإدارة إتباع مسطرة التصحيح العادية أو السريعة.
ثالثا: المسطرة الخاصة بالتصحيح فيما يتعلق بالأرباح العقارية
احتفظ المشرع في المدونة العامة للضرائب، على الطابع الخاص لمسطرة التصحيح في الضريبة على الأرباح العقارية، باعتبار أن الإقرار بعملية التفويتات العقارية العرضية قد يشوبه في بعض الأحيان نوع من النقصان.
ونظرا لخصوصية الطابع العرضي لهذه المسطرة، فقد اعتبر المشرع أن مسطرة التصحيح المذكورة يجب أن تمر بصورة استعجالية، و بالشكل الذي يضمن استخلاص حقوق خزينة الدولة التكميلية، قبل أن يتصرف الخاضع للضريبة في عائدات التفويت[33].
وهكذا ألزم المشرع الإدارة الجبائية بمباشرة مسطرة التصحيح المتعلقة بالأرباح العقارية داخل أجل لا يتجاوز تسعين (90) يوما الموالية لتاريخ إيداع الإقرار، كما استوجب المشرع في حال إبداء الخاضع للضريبة داخل أجل الثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ تسلم التبليغ موافقته على الأساس المبلغ إليه، إصدار أمر بتحصيل الضريبة، وفي حال عدم جواب الخاضع للضريبة أو جوابه خارج الأجل المضروب، فإن ذلك يؤدي فرض الضريبة، ولا يمكن له أي ينازع فيها إلا وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 235 من المدونة[34].
أما في حال ما إذا قدم الخاضع للضريبة ملاحظاته داخل أجل الثلاثين (30) المشار إليه أعلاه، ورأى المفتش أن جميعها أو بعضها لا يستند إلى أي أساس صحيح، فإن المفتش يكون ملزما في هاته الحالة بتبليغ الخاضع للضريبة داخل أجل ستين (60) يوما، أسباب رفضه الكلي أو الجزئي، وكذا أسس فرض الضريبة المعتمدة، مع إخباره للمعني بالأمر بإمكاني الطعن في الأسس المذكورة أمام اللجنة المحلية، خلال أجل الثلاثين (30) يوما من تاريخ توصله بالرسالة الثانية[35].
واحترام الإدارة للمقتضيات التي أوردها المشرع في هذا الخصوص، يجعل مسطرة التصحيح المتبعة من طرفها سليمة، وهذا ما صرحت به المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها الصادر بتاريخ 22/10/2013 الذي جاء فيه: “وحيث إنه وبحسب المادة 224 من المدونة العامة للضرائب التي يستفاد منها أن المشرع منح للإدارة أجلين لتبليغ الرسالتين مدة كل منهما 90 يوما، يبدأ الأول من تاريخ إيداع الإقرار لتبليغ الرسالة الأولى، و يبدأ الثاني قصد تبليغ الرسالة الثانية من تاريخ تلقي الرد على الرسالة الأولى.
وحيث إنه لذلك وانطلاقا من هذا المبدأ القانوني المتصل بالشروط المتطلبة قانونا للقول بمشروعية فرض الضريبة على الدخل صنف الأرباح العقارية، و بالاطلاع على عناصر المنازعة ومعطياتها، يتضح أن الإدارة الضريبية قد احترمت الضوابط القانونية المتعلقة بفرض الضريبة محل الطعن، ذلك أن هذه الأخيرة بادرت بعد الإقرار بتاريخ 25/10/2007 بتوجيه الرسالة الأولى بتاريخ 29/11/2007 توصلت بها المدعية بتاريخ 06/12/2007 وأجابت عنها وأودعتها بإدارة الضرائب بتاريخ 25/12/2007 وبعد ذلك وجهت الرسالة الثانية بتاريخ 07/01/2008 التي توصلت بها المدعية وأجابت عنها ملتمسة خبرة دون إحالة الملف على اللجنة المحلية، ومن تم فالتبليغ كان داخل الأجل القانوني، وبالتالي فإن مسطرة التصحيح الضريبي تبقى قانونية ومشروعة وتكون الوسيلة المثارة بخصوصها لا أساس لها يتعين ردها”[36].
بقي لنا قبل الانتقال إلى المبحث الموالي طرح تساؤل محوري وهو: هل يكون في وسع الخاضع للضريبة الطعن في الرسائل المبلغة إليه في إطار مسطرة التصحيح أمام محاكم القضاء الإداري.
أجمع اجتهاد القضاء الإداري على أن الطعن الموجه ضد الرسائل التبليغية لمسطرة التصحيح سابق لأوانه اعتبارا لكونه منصب على مجرد إجراءات تحضيرية لفرض الضريبة، وبالتالي يكون غير مؤثر في المركز القانوني لمن صدر في حقه، وغير قابل للطعن فيه أمام القضاء.
وفي هذا السياق قضت المحكمة الإدارية بأكادير في أحد أحكامها[37] بما يلي: “وحيث ثبت للمحكمة بعد الاطلاع على وثائق الملف أنه لا وجود لأي فرض ضريبي من طرف الإدارة وأن الأمر يتعلق بمجرد إشعار أثناء مسطرة التصحيح المعتمدة في تحضير وتبليغ أساس فرض الضريبة التكميلية على الأرباح العقارية، وأن المدعي يتمسك أمام المحكمة بالطعن في أسس الرسالة الثانية.
وحيث إن المنازعة الضريبية سواء تعلقت بالضريبة الأصلية أو التكميلية تستلزم إصدار أمر بالتحصيل من طرف الإدارة كسند رسمي يبين موقفها وقرارها الأخير الذي خلصت فيه إلى نتيجة معينة يتوفر على صيغة تنفيذية وليس مجرد مقترحات ضمنتها في رسائلها لم يتم صياغتها إلى سند رسمي قابل للتنفيذ وبالتالي الطعن فيه.
وحيث أشعرت المحكمة المدعي بالإدلاء بالأمر بالتحصيل، إلا أنه لم يستجب رغم توصله حسب الثابت من شهادة التسليم المدرجة بالملف، مما تكون معه الدعوى سابقة لأوانها لكونها تنصب على مجرد رسالة ويتعين بالتالي التصريح بعدم قبولها”.
وفي نازلة مماثلة عللت المحكمة الإدارية بالرباط حكمها[38] على ما يلي: “وحيث أمام عدم ثبوت ما يفيد إخضاع المدعيتين لضريبة محدد مبلغها وتاريخ الشروع في تحصيلها، وأمام عدم استنفاذ مسطرة المراجعة التي نهجتها الإدارة لكافة مراحلها، فإن الدعوى الحالية تكون سابقة لأوانها ولا يسع المحكمة سوى التصريح بعدم قبولها”.
المبحث الثاني: بطلان مسطرة تصحيح الأساس الضريبي
إن انتهاك الإدارة الجبائية للضوابط المسطرية المنظمة للتصحيح الضريبي يؤدي إلى بطلان عملية التصحيح في حالات معينة (مطلب أول)، ويترتب عن ذلك عدة أثار قانونية (مطلب ثاني).
المطلب الأول: حالات بطلان مسطرة التصويب الضريبي
لم يعرف المشرع المغربي مؤسسة البطلان، تاركا الأمر للفقه الذي صاغ تعاريف متعددة، من ذلك ما ذهب إليه الفقيهان “أوبري” و “رو” اللذين عرفا البطلان بأنه عدم الصحة أو عدم النفاذ الذي يلحق التصرف لمخالفته لأمر أو نهي القانون، كما ذهب الأستاذ “أحمد شكري السباعي” في تعريفه للبطلان على أنه وصف يلحق التصرف القانوني لعيب فيه ويحرمه من آثاره[39].
ولئن منح المشرع للإدارة الجبائية حق تصحيح أوجه النقصان والأخطاء ومختلف الإغفالات الكلية أو الجزئية الملاحظة في تحديد أساس الضريبة، ملزما إياها بممارسة حقها في ذلك خلال أربع سنوات الموالية لسنة الواقعة المنشئة للضريبة عملا بمقتضيات المادة 232 من المدونة العامة للضرائب، فقد فرض عليها التقيد بالإجراءات المحددة قانونا لمباشرة التصحيح تحت طائلة بطلان المسطرة، فما هي إذن الحالات التي تؤدي إلى بطلان مسطرة تصويب الأساس الضريبي ؟
أولا: حالات البطلان المحددة قانونا
الأصل في تحديد حالات البطلان أنه لا بطلان إذا تحققت الغاية من الإجراء، فالإجراءات ليست مقصودة بذاتها وإنما لغاية يرجى تحقيقها، وهذه الغاية إما أن تحصل وإما لا، وفي ذلك يؤكد الأستاذ أحمد المليجي حرص المشرع على التوفيق بين اعتبارين: الأول هو ضرورة احترام ما يفرضه القانون من شكل للعمل الإجرائي، والثاني هو عدم التضحية بالحق من أجل الشكل، فلا يهدر الحق الموضوعي نتيجة بطلان الإجراءات التي هي بمثابة وسيلة لحماية الحق، وبالتالي فحتى في حالة النص على جزاء البطلان فلا يجوز الحكم به متى ثبت أن الغاية من الإجراء قد تحققت[40].
وبالرجوع إلى النصوص القانونية الجبائية، وبالذات المادة 220 من المدونة العامة للضرائب، يلاحظ أن المشرع المغربي نص على البطلان في حالتين:
- حالة عدم مراعاة الإدارة لأجل الخمسة عشر يوما المتعلق بتوجيه الإشعار بالفحص أو ميثاق الخاضع للضريبة إلى المعنيين بالأمر أو هما معا.
- حالة إخلال الإدارة بأجل الستين يوما المخول لها للجواب على ملاحظات الخاضع للضريبة.
ليتضح بشكل جلي رغبة هذا الأخير في عدم التوسع في تقرير البطلان مواكبة منه لمسلك التشريعات الحديثة الذي يميل بالكفة إلى ناحية مصالح الخصوم جاعلا من الشكل مجرد وسيلة تهدف تحقيق غايات معينة، ومراعاة منه في الوقت ذاته لخصوصيات الدين الضريبي الذي لا يعتبر دينا عاديا[41].
وتبعا لذلك سنتناول حالات البطلان المذكورة بشيء من التحليل.
أ- حالة عدم الالتزام بأجل الخمسة عشر يوما المنصوص عليه في مسطرة الفحص
يستشف من مقتضيات المادتين 212 و220 من المدونة العامة للضرائب، أن المشرع فرض على الإدارة الجبائية قبل إقدامها على فحص محاسبة الخاضع للضريبة ضرورة تبليغه بإشعار بذلك وفق إجراءات التبليغ المنصوص عليها في المادة 219 من نفس المدونة قبل التاريخ المحدد للشروع في عملية الفحص بخمسة عشر يوما على الأقل.
وبعبارة أخرى لا يجوز للإدارة أن تشرع في الفحص دون تبليغ الملزم المراد التحقق من محاسبته وإقراره بالإشعار، بحيث لا تكون مسطرة الفحص سليمة من حيث الأجل المقرر لمباشرتها إلا إذا كانت المدة الفاصلة بين تاريخ توصل الخاضع للضريبة بالإشعار وتاريخ حضور المفتش المكلف بالفحص لا تقل عن خمسة عشر يوما، باعتبار أن الهدف من تبليغ الإشعار هو السماح للخاضع للضريبة بتهييء دفاعه وإعداد وثائقه المحاسبية ومستنداته لجعلها في متناول المفتش المحقق عند حلول الموعد المحدد للمراقبة، وذلك للحيلولة دون مفاجأة الملزم بفحص مباغث غير مستعد له من شأنه المس بمصالحه المالية، وتقرير جزاء بطلان مسطرة التصويب نتيجة ذلك.
وقد كرس القضاء الإداري بمختلف درجاته هاته الضمانة القانونية في جملة من اجتهاداته ورتب على تجاوزها بطلان مسطرة التصحيح، حيث اعتبرت المحكمة الإدارية بفاس في إحدى النوازل التي عرضت عليها: “أن الإدارة الجبائية لم تحترم مسطرة التصويب حينما باشرت مسطرة التحقيق قبل انتهاء مدة خمسة عشر يوما على توجيه الإشعار بالفحص، مجانب للصواب”[42].
وفي نازلة أخرى صرحت استئنافية إدارية الرباط في أحد قراراتها[43]: “أن الإدارة المستأنف عليها عندما لم تحضر في الموعد المحدد للشروع في الفحص وهو اليوم السادس عشر الموالي لتوصل المستأنفة بالإشعار في 23/07/2002 وتحديد بداية الفحص في 09/08/200/، تكون قد أخلت بالأجل المحدد لها قانونا لإجراء هذا الأخير، وبالتالي بطلان مسطرة التصحيح”.
كما جسد قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض – المجلس الأعلى سابقا- الضمانة المذكورة بتقريره ما يلي: “وحيث أن المشرع الضريبي لئن كان أقر للإدارة الجبائية إمكانية الفحص والمراقبة، فإنه في المقابل قد أوجب أن يتم هذا الإشعار قبل 15 يوما من تاريخ الفحص حتى يتمكن الملزم من تهييء جميع الوثائق والمستندات المحاسبية، وأن عدم توصل المستأنفة بالإشعار المذكور قبل الموعد المحدد يجعل إجراءات التفتيش التي بوشرت باطلة وما بني عليها فهو باطل”[44].
ب- حالة إخلال الإدارة بأجل الستين يوما المخول لها للجواب على ملاحظات الخاضع للضريبة
ضمانا لبلوغ الأهداف المتوخاة من إجراءات المسطرة التواجهية لتصحيح الأساس الضريبي، المتمثلة أساسا في إشراك الخاضع للضريبة في عملية تصحيح الوعاء الضريبي لمعرفة وسائله وإثباتاته وموقفه من الأساس المزمع اعتماده لتصفية الضريبة الملزم بأدائها، حتم المشرع على الإدارة الضريبية وجوب التزامها بالقواعد الشكلية والموضوعية المنظمة للمسطرة المذكورة، حيث رتب صراحة على الإخلال بمقتضياتها جزاء البطلان خصوصا عند عدم احترام الأجل القانوني المتطلب لتبليغ الرسالة الثانية.
وفي هذا السياق قضت إدارية الرباط في حكم[45] صادر عنها بالآتي: “وحيث إنه إضافة لذلك ففرضا أن الرسالة أرجعت بإحدى الملاحظات المذكورة بالمادة 219 من المدونة العامة للضرائب ومن تم اعتبارها، فإن مفتش الضرائب أودع الرسالة الثانية بمكتب البريد بتاريخ 09/10/2009 ولم ترجع له من طرف هذا المكتب إلا بتاريخ 02/11/2009 والتبليغ يعتبر قانوني بعد مرور 10 أيام أي 13/11/2012 في حين أنه توصل بجواب المدعين عن الرسالة الأولى بتاريخ 02/09/2009 وكان عليه تبليغهم بالرسالة الثانية قبل تاريخ 02/11/2009 مما يجعل التبليغ بالرسالة الثانية قد وقع خارج أجل 60 يوما المتطلبة قانونا.
وحيث إنه للعلل أعلاه تكون مسطرة تصحيح الضريبة على الدخل المطعون فيها باطلة”.
وفي نازلة أخرى خلصت فيها نفس المحكمة لما يلي: “وحيث إن عدم إثبات المدعى عليها لصحة وسلامة مسطرة تصحيح الضريبة شكلا ولاسيما تبليغ الرسالة الثانية، وأسس مراجعتها موضوعا، باعتبار أن عبئ الإثبات يقع على عاتقها، يجعل مسطرة التصحيح الضريبي لاغية وباطلة لمخالفة قواعد المسطرة التواجهية المعتبرة من النظام العام، باعتبارها ضمانة حقيقية للملزم”[46].
أيضا وفي نازلة مماثلة صرحت إدارية الرباط في تعليل حكمها بالآتي: “وحيث إنه بالرجوع لوثائق الملف يتبين أن الرسالة الأولى أرسلت من إدارة الضرائب بتاريخ 07/05/2008 أجاب عنها المدعيان بجواب توصلت به الإدارة بتاريخ 03/06/2008، وبقي الملف خاليا بما يفيد إرسال الرسالة الثانية للمدعيان من طرف الإدارة الضريبية، مما ينم عن عدم احترام مسطرة تصحيح الضريبة المفروضة طبقا لمقتضيات المادة المذكورة أعلاه ويتعين الحكم ببطلانها، دون حاجة إلى مناقشة باقي الوسائل المحتج بها في الطعن”[47].
يفهم من الاجتهادات الإدارية المومأ إليها أعلاه، أن القضاء حريص على تمتيع الخاضع للضريبة بالضمانات التي مكنه منها التشريع الجبائي، مرتبا على ذلك جزاء البطلان كلما ثبت له بشكل جلي خرق الإدارة الضريبية للمقتضيات القانونية المتعلقة بالإشعار بالفحص وبتبليغ الرسالة الثانية لما في ذلك من تعد ومس خطير بحقوق الدفاع، ومن تطاول على الصياغة الآمرة التي خص بها المشرع القواعد الإجرائية للتصويب الضريبي.
ثانيا: حالات البطلان المقررة قضاء
لما كان الحكم بالبطلان لا يجوز إلا إذا نص عليه القانون صراحة استنادا إلى مبدأ “لا بطلان إلا بنص”، وأنه حيث ما نص المشرع على جزاء البطلان، تعين على القاضي أن يحكم به ولو لم يتحقق ضرر، فإن تطبيق هذا المبدأ أثار إشكالات كبيرة على مستوى الممارسة القضائية، تمثلت من جهة أولى في صعوبة تقصي المشرع لفحوى جميع القواعد الإجرائية المهمة حتى ينص على جزاء بشأنها حال خرقها، ومن جهة ثانية فقد أدى الحكم بالبطلان في منازعات عديدة إلى إهدار الحق من أجل الشكل الذي لم تكن له أهمية بالغة تستدعي مقابلته دائما بجزاء البطلان، وعلى هذا الأساس اتجه الفقه والقضاء إلى تطبيق قاعدة “لا بطلان إلا بضرر” التي بمقتضاها لا يكون القاضي ملزما بالتصريح بالبطلان لمجرد النص عليه، كما لا تكون له سلطة تقديرية واسعة للحكم به من عدمه، وإنما يكون معيار تقريره للبطلان مستمد من تحقق الضرر وحصوله.
ووفق هذا التوجه، سار القضاء الإداري يتحلل من مبدأ “لا بطلان إلا بنص”، وأضحى بالموازاة مع ذلك يكرس في اجتهاداته مبدأ “لا بطلان بدون ضرر”[48]، اعتبارا لدوره الإنشائي الذي لا يكتفي من خلاله بتطبيق وتفسير النصوص القانونية، وإنما يسعى من ورائه باستمرار إلى خلق وإنتاج قواعد قانونية جديدة مستقاة من المبادئ العامة للقانون، ضمانا في حفظ الحقوق والحريات وتأمين حمايتها.
وقد جسد القضاء الإداري النظرية السابقة في الميدان الضريبي، معللا الأخذ بها بكون القانون الجبائي إنما يعتبر قانونا مسطريا بامتياز، وأن مقتضياته تتصل اتصالا وثيقا بالنظام العام ما يجعل من قواعده آمرة يترتب عن تجاوزها تقرير جزاء البطلان.
وتبعا لذلك استحدث العمل القضائي حالات أخرى للبطلان – غير الحالات الحصرية المحددة سلفا من لدن التشريع – انطلاقا من توسعه في فهم وتفسير الضمانات المخولة للمكلفين بالضريبة، ابتغاء الحد شيئا ما من قساوة الجزاءات المسطرية الرامية لتحقيق الإلزام الضريبي، ورتب لأجل ذلك بطلان مسطرة التصحيح في عدة حالات من بينها:
أ- بطلان مسطرة التصويب لعدم صحة وواقعية العناصر التقديرية المعتمدة في تحديد أسس الفرض الضريبي
تعمد الإدارة الجبائية إلى مراجعة أسس فرض الضريبة في حال حصول شك لديها بوجود نقصان أو إخفاء على مستوى القيم التجارية والأثمان المصرح بها في عقود واتفاقات الأطراف، بحيث لا تلزمها البيانات المضمنة في الإقرارات الضريبية إلا في الحدود التي تكون بصددها الإدارة عاجزة عن تعليل وتسبيب التصحيح الذي تعتزم اقتراحه، نتيجة عدم توفرها على الإثباتات الضرورية الكفيلة بجعل مسطرة التصويب المباشرة من قبلها شرعية وإلا كان مآلها البطلان.
وهكذا فقد سبق للمحكمة الإدارية بالرباط وأن قضت في حكم[49] صادر عنها جاء فيه: “وحيث إن إدارة الضرائب لم تدل بعقود المقارنة المشار إلى مراجعها في مذكرتها الجوابية المؤرخة في 28/10/2012، حتى يتسنى للمحكمة مراقبة التقيد بالعناصر المستوجبة للتصحيح، مما يجعل التصحيح الضريبي المعتمد والذي رفع ثمن التفويت من 8000 درهم للمتر المربع المصرح به إلى مبلغ 10000 درهم للمتر المربع الواحد غير مؤسس على أساس صحيح من الواقع، لكون القيمة الحقيقية للعقار المبيع يجب أن تتم أخذا بعين الاعتبار موقع العقار، ومساحته، وحالته، ونوع الملك، وحالة الشيوع، وأساس تملكه، لاسيما وأن العقار قدم كتعويض عيني في إطار نزع الملكية للمنفعة العامة.
وحيث إن تجاوز التصحيح للعناصر المستوجبة له وفقا لمقتضيات المادة 224 من المدونة العامة للضرائب، وللعدالة الضريبية المكرسة دستوريا التي تفرض توزيع الأعباء العامة الضريبية مراعاة لمساهمة الملزم في تحقق النفع العام وتحمل نصيب من الأعباء العامة في إطار نزع الملكية للمنفعة العامة، يحتم إلغاءه”.
وفي حكم آخر[50] جاء فيه: “وفيما يخص الوسيلة المثارة بشأن المبالغة في تقدير الأساس الضريبي حيث إضافة لذلك فغنه في نازلة الحال، فالعقار موضوع التصحيح حسب ادعاء المدعي عبارة عن أرض فلاحية وقام بعدة استثمارات من أجل تنقيتها من الأحجار والغدارة لم تدل بعقود المقارنة تتماثل مع عقار المدعي في جميع الخصائص والمعطيات للقيام بالتصحيح، مما تكون معه الإدارة قد تخلفت عن إثبات حقيقة الثمن الذي اعتمدته لتصحيح إقرار المدعي.
وحيث إنه أمام صحة ووجاهة الوسائل المثارة فلا يسع المحكمة سوى القول بعدم مشروعية مسطرة التصحيح، ويتعين إلغاء الضريبة المطعون فيها”.
ب- بطلان مسطرة التصويب نتيجة عدم ممارستها وفق إجراءات التبليغ القانونية
يقع وجوبا على الإدارة الضريبية إذا ما ارتأت تطبيق إحدى المساطر الجبائية لاستخلاص حقوقها، تبليغ الخاضعين للضريبة المعنيين بالعنوان الرئيسي المحدد من طرفهم في إقراراتهم أو عقودهم أو مراسلاتهم المدلى بها إلى مفتش الضرائب التابع له مكان فرض الضريبة عليهم – بالإجراء المزمع مباشرته في مواجهتهم- تحت طائلة اعتبار مساطر الفرض الضريبي المجراة من جانب الإدارة حيادا عن إجراءات التبليغ المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة، باطلة وغير محدثة لأية آثار قانونية.
وتأسيسا على ذلك قضت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في حكم[51] لها بما يلي: “وحيث يتبين من وثائق الملف أن مفتش الضرائب قد قام بتبليغ رسالة التصحيح إلى الملزم بالعنوان الوارد في عقد البيع، والحال أنه كان ينبغي أن يراسله على العنوان الوارد في إقراره، الأمر الذي يكون معه قد أخل بالمقتضيات المنظمة لعملية التبليغ.
وحيث إنه تبعا لذلك تكون مسطرة تصحيح الضريبة على الدخل صنف الأرباح العقارية المفروضة على المدعي برسم سنة 2007 باطلة، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغاء الضريبة التكميلية المنبثقة عنها”.
وفي حالة أخرى عالجها قضاء محاكم الدرجة الأولى، صرحت المحكمة الإدارية بالرباط في أحد أحكامها[52] بالقول: “وحيث إنه بالرجوع لوثائق الملف وخاصة الرسالة الأولى المدلى بها من إدارة الضرائب، فمن جهة فهي مجرد نسخة شمسية غير واضحة وخاصة أن تاريخ الإرسال غير ظاهر وغير واضح، كما أنه ليس هناك ما يفيد رجوعها بعبارة غير مطالب به وذلك بعد الاطلاع على الإشعار بالتوصل. وادعاء الإدارة بكونها تحمل هذه العبارة، لا يمكن الأخذ به للقول بوجود تبليغ قانوني.
وحيث إنه استنادا لما ذكر تكون مسطرة تصحيح الضريبة المفروضة على المدعي غير محترمة لمقتضيات المادة المذكورة أعلاه، ويتعين الحكم ببطلانها لتفويت الفرصة على المدعي بإتمام المسطرة التواجهية والتي تعد إحدى الضمانات الممنوحة للملزم بالضريبة”.
ج- بطلان مسطرة التصويب بسبب عدم إفصاح الإدارة عن الأسباب المستوجبة للتصحيح
إذا لاحظ مفتش الضرائب بعد إجرائه تحقيقا في محاسبة وإقرار الخاضع للضريبة، ما يستلزم القيام ببعض التصحيحات لتصويب الإغفالات المعاينة من قبله بغرض ضمان تقدير حقيقي ومنطقي لأسس فرض الضريبة، وجب عليه أن يخبر الخاضع للضريبة وفق طرق التبليغ القانونية المعمول بها في الميدان الضريبي، بالأساس الجديد المصحح وبأسباب ومبلغ التصحيحات المزمع القيام بها، لاسيما وأن مثل هاته الشكليات إنما تعتبر بيانات إلزامية ينجم عن تجاوزها إخلال بالضمانات المخولة للملزم مما يترتب عنه بطلان مسطرة التصحيح.
وللتدليل على أهمية هذه البيانات نورد حكما صادرا عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء جاء فيه: “وحيث يتبين بالاطلاع على وثائق الملف أن إدارة الضرائب حددت الواجبات التكميلية المفروضة على المدعين دون بيان أسباب رفضها للأساس المصرح به من طرفهم.
وحيث إن المشرع قد أحاط مسطرة التصحيح بإجراءات جوهرية آمرة يترتب على مخالفتها بطلان مسطرة التصحيح، وأن بيان الأسباب التي دفعت الإدارة إلى القيام بالتصحيح يعتبر بدوره ضمانة خولها المشرع للملزم، وأن عدم تقيد الإدارة بذلك من شأنه أن يشوب عملية التصحيح بالبطلان”[53].
د- بطلان مسطرة المراجعة إثر إعراض الإدارة الجبائية عن المنازعة قضائيا في مقررات اللجان الضريبية الصادرة في مواجهتها
أجازت المادتين 226 و242 من المدونة العامة للضرائب للإدارة الجبائية والخاضع للضريبة إمكانية المنازعة قضائيا في عمليات تصحيح الضرائب المفروضة داخل أجل ستين يوما الموالية لتاريخ تبليغ مقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، وذلك تحت طائلة سقوط الحق، واعتبار مقررات اللجان الضريبية نهائية لكلا الطرفين.
هذا وقد كرست محاكم القضاء الإداري في هذا الإطار قاعدة قضائية مفادها، أن إحجام الإدارة الجبائية عن الطعن في مقررات اللجان الضريبية الصادرة ضدها، يفرغ مسطرة التصحيح من محتواها وينهض دليلا حاسما على التصريح ببطلان أوامر الاستخلاص الصادرة بشأنها، حيث صرحت المحكمة الإدارية بالرباط في حكم[54] صادر عنها بالآتي: “وحيث إنه أمام إقرار الإدارة بصدور مقرر اللجنة الوطنية بتاريخ 12/10/2011 أيد مقرر اللجنة المحلية الذي صدر لصالح المدعية بإلغاء الأساس الضريبي الجديد الناتج عن إعادة تقييم الثمن وبالإلغاء الكلي للواجبات التكميلية الناتجة عنه، وعدم إدلائها بما يفيد تقديمها لأي طعن أمام القضاء بخصوصه أي مقرر اللجنة الوطنية داخل أجل 60 يوم طبقا للفقرة الثانية من المادة 242 من المدونة العامة للضرائب، يجعل هذا الأخير أصبح نهائيا وتكون معه المراجعة لا أساس لها ويتعين إلغاء الأمر بالتحصيل المتعلق بها”.
يظهر من نماذج البطلان المومأ إليها أعلاه، أن القضاء الإداري لا يكتفي بتقرير البطلان بالاستناد فقط إلى الحالات الواردة حصرا في النصوص الضريبية، وإنما يقضي به كذلك كلما استبان له أن الفرض الضريبي المتخذ شابه إخلال إجرائي أو موضوعي من شأنه التأثير بشكل مجحف على حقوق وضمانات الخاضعين للضريبة.
المطلب الثاني: الآثار المترتبة عن بطلان مسطرة التصحيح الضريبي
إن مخالفة أي إجراء للشكليات والضوابط المقررة في شأن اتخاذه يكون جزاءه هو بطلان ذلك العمل الإجرائي وعدم إنتاجه لأي أثر قانوني[55].
وبتصفح النصوص القانونية الضريبية والاجتهادات القضائية، يتبين بشكل جلي أن الإخلال بمسطرة تصحيح الأساس الضريبي كما هو منصوص عليها قانونا، يشكل خرقا للضمانات القانونية المخولة للملزم، ويشوب المسطرة بالبطلان، مما يؤدي إلى إلغاء الفرض الضريبي المترتب عليها[56].
لنستشف على أن الجزاء المترتب عن عدم احترام القواعد الإجرائية الواجب إتباعها بخصوص مسطرة التصويب هو بطلانها لتعلقها بالنظام العام، لكن هل يحق للإدارة الجبائية إذا ما باشرت إجراءات تصحيح الضريبة بكيفية معيبة، أن تقوم من جديد بتكرار سلوك إجراءات التصحيح وفق مسطرة أخرى سليمة تداركا للإخلالات الإجرائية التي شابت المسطرة الأولى؟ (أولا).
وإذا كان القانون يفرض على الخاضع للضريبة ألا يثير حالات البطلان المنصوص عليها في المادة 220 من المدونة العامة للضرائب لأول مرة أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية، فماذا يقصد المشرع من ذلك؟ وإذا كانت اللجان الضريبية تختص بالنظر في المسائل الواقعية دون القانونية، ألا يعد بتها في حالات البطلان من المسائل القانونية؟ وما هي الآثار المترتبة عن بطلان مسطرة التصحيح المقررة من طرف اللجان الضريبية؟
(ثانيا).
أولا: مدى إمكانية إعادة الإدارة لمسطرة التصحيح
بالاطلاع على نصوص القانون الجبائي المغربي، لا نجد ما يمنع الإدارة من إجراء عمليات فحص متكررة أو من إعادة مسطرة التصحيح، وهو ما يستخلص ضمنيا من مقتضيات المادة 212 من المدونة العامة للضرائب التي نصت على أنه: “ويجوز لها أن تقوم فيما بعد بفحص جديد للحسابات التي سبق فحصها، من غير أن يترتب على الفحص الجديد ولو تعلق الأمر بضرائب ورسوم أخرى، تغيير أسس فرض الضريبة التي وقع الإقرار بها عقب المراقبة الأولى”.
وتأسيسا على ما ذكر يجوز للإدارة الضريبية أن تعيد مسطرة التصحيح من جديد ومن أولها إلى آخرها، انطلاقا من إمكانية إعادتها لمسطرة الفحص بتوجيه إشعار جديد لإجراء عملية فحص جديدة سيما وأن عملية الفحص تعتبر إحدى الآليات الجوهرية للتصحيح، لكن شريطة عدم تضمن نتيجة الفحص الجديد أسسا للضريبة مغايرة لتلك التي تضمنتها رسائل التبليغ الموجهة للخاضع للضريبة في إطار مسطرة التصحيح الأولى.
وارتباطا بموضوع البطلان ومن خلال مراجعة بنود المادة 220 من المدونة العامة للضرائب، يتضح أنها أقرت جزاء إلغاء مسطرة التصحيح برمتها في حالتي الإخلال بمسطرة الإشعار بالفحص وبأجل جواب الإدارة عن رسالة الخاضع للضريبة داخل الأجل القانوني، ما يفيد على أن بطلان مسطرة التصحيح يشمل جميع الإجراءات المتخذة في صلبها من أولها إلى الإجراء الذي كان سببا في بطلانها، مادام أن المشرع قد نص صراحة من خلال المادة المذكورة على بطلان مسطرة التصحيح وليس بطلان الإجراء القانوني في حد ذاته، لذلك فلو افترضنا أن إدارة الضرائب احترمت مسطرة الإشعار بالفحص وأجل رسالة التبليغ الأولى، ولم تلتزم بضابط أجل رسالة التبليغ الثانية، فإن البطلان يلحق جميع إجراءات التصحيح بما فيها الصحيحة والمعيبة، وعلى الإدارة أن تعيد مسطرة التصحيح من البداية على شرط عدم تغيير أساس الضريبة الوارد برسالتها الأولى[57].
هذا ويثار إشكال هام حول مدى اعتبار الإجراءات الباطلة لمسطرة التصحيح قاطعة للتقادم بحيث تتيح للإدارة فرصة تدارك الأوضاع القانونية المعيبة، أم أن من شأن ذلك أن يسقط حق الإدارة في التصحيح ؟
بقراءة متأنية لمضمون المادة 232 من المدونة العامة للضرائب، نستنتج أن التبليغات القانونية المنصوص عليها في المادة المذكورة والتي من ضمنها التبليغات المتعلقة بمسطرة التصحيح العادية والسريعة وكذا الخاصة بالأرباح العقارية، من شأنها قطع التقادم متى تمت بشكل مشروع، ليترتب عنها تبعا لذلك فتح مدة جديدة للتقادم الرباعي بمقتضاه يكون للإدارة حق سلوك مسطرة تصحيح الأساس الضريبي وتدارك ما شابها من عيوب إجرائية، وبصيغة أدق فلو زعمنا أن الإدارة أخلت بأجل الستين يوما لتبليغ الرسالة الثانية للملزم، وترتب عن ذلك بطلان مسطرة التصحيح بكاملها، غير أن الإدارة كانت قد باشرت من قبل إجراء تبليغ رسالة التصحيح الأولى بشكل قانوني، فإن هذا الإجراء الأخير يعتد بآثاره في قطع التقادم، غير أن الإدارة تكون ملزمة بإعادة مسطرة التصحيح من بدايتها وليس من الإجراء المعيب الذي تسبب في بطلانها.
ووفق هذا المنحى قضت المحكمة الإدارية بفاس لصالح الإدارة:” أن تعيد مسطرة تصويب الضريبة بكاملها ابتداء من توجيه الإشعار بالفحص وتبليغه للملزم ومواصلة باقي الإجراءات المتطلبة في التصويب داخل مدة التقادم بعد احتساب مدة الوقف شريطة ألا تتعدى الأسس التي سبق فرضها في ظل المسطرة السابقة المختلة”[58].
وكتساؤل أخير: هل ينجم عن تصريح القضاء ببطلان مسطرة التصحيح انتهاء الالتزام الضريبي؟
جوابا على هذا التساؤل ذهبت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرار[59] لها إلى القول: “وحيث إنه من جهة ثانية، لئن كانت المحكمة الإدارية قضت بإلغاء الضريبة المطعون فيها بعد أن ثبت لها عدم احترام الإدارة للإجراءات المسطرية الواجب إتباعها في فرضها، إلا أن حكمها انصرف إلى إلغاء ذات الضريبة المترتبة على هذه المسطرة المعيبة، وليس إلغاء الضريبة المستحقة على المستأنف عليه في مبدئها، وبالتالي فالحكم المستأنف لم يقضي بانقضاء الالتزام الضريبي الذي يظل مترتبا في ذمة المعني بالأمر”.
وسيرا على نفس النهج قضت المحكمة الإدارية بالرباط في أحد أحكامها[60] بما يلي: “قضاء المحكمة بحكم نهائي ببطلان مسطرة الفرض الضريبي شكلا وليس إلغاؤها كليا، يخول للإدارة تصحيح الإجراءات المقررة قانونا ولا يسقط حقها في فرض الضريبة ما دام أن أجل التقادم الرباعي لم يمض بعد”.
يتضح من خلال الاجتهادات القضائية المذكورة أنها وإن رتبت البطلان على الإخلال بالإجراءات المسطرية للتصحيح، إلى أنها حصرت أثره أساسا على الجوانب الشكلية للمسطرة، دون أن تمدده إلى موضوع الضريبية المفروض استخلاصها قانونا من الملزم، تاركة بذلك المجال أمام لإدارة الضريبية من أجل إعادة مباشرة مسطرة التصحيح من جديد لكون أن الإجراءات الباطلة لا يكون لها من محل في وقف أمد التقادم.
ثانيا: النتائج الناجمة عن بطلان مسطرة التصحيح على ضوء مقررات اللجان الضريبية
بعد استكمال مراحل المسطرة التواجهية للتصحيح القائمة بين مفتش إدارة الضرائب والخاضع للضريبة، نكون أمام أحد الاحتمالات التالية:
- الأول: إما أن يطلب الملزم صراحة إحالة عريضة طعنه على أنظار اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، لرفضه لجل أو بعض الأسس الضريبية التي خلص إليها المفتش جراء التصحيح، وبالتالي اعتبار النزاع الضريبي مستمرا؛
- الثاني: إما أن يعرض عن الطعن في الأسس الضريبية المبلغة إليه لسبب ما بالرغم من عدم اقتناعه بواقعيتها، وفي هذه الحالة يكون قد تنازل عن إحدى الضمانات المكفولة له قانونا، مما يترتب عنه تحرير أوامر بالاستخلاص، لكن تبقى إمكانية اللجوء إلى القضاء متاحة بالنسبة إليه؛
- الثالث: تسوية الخاضع للضريبة خلافه مع الإدارة الجبائية بشكل رضائي، وذلك بقبوله للتصحيحات المعتمدة من جانبها غداة مراجعتها للضرائب المفروضة عليه؛
لكن وفي حال ما إذا سلك الخاضع مسطرة اللجان الضريبية، مؤسسا طعنه على علة خرق الإدارة لإحدى إجراءات التصحيح التي تؤدي إلى البطلان بقوة القانون، فإنه لا يجوز له إثارة حالات البطلان تلك لأول مرة أمام اللجنة الوطنية للطعون الضريبية، لكون أن المادة 220 من م.ع.ض نصت على أنه : “ولا يجوز إثارة حالات البطلان المشار إليها أعلاه من لدن الخاضع للضريبة لأول مرة أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية”، الشيء الذي يستفاد منه أن إمكانية إثارة حالات البطلان من لدن الملزم تبقى متاحة فقط أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، وذلك تحت طائلة عدم القبول.
وقد توخ المشرع من هذا الإلزام الملقى على عاتق الخاضع للضريبة، منح الفرصة للإدارة حتى تكون على بينة من الخلل المسطري المدعى به، وتعيد بالتالي المسطرة وفق إجراءات سليمة يمكن معها المحافظة على الدين الضريبي من الضياع، على اعتبار أن رفع الطعن أمام اللجان الضريبية يوقف أمد التقادم من تاريخ رفعه إلى غاية انصرام الشهر الثالث الموالي لتبليغ المقررات الصادرة عن اللجان المذكورة بصورة نهائية[61].
هذا وإذا كانت اللجان الضريبية تختص – حسب ما يفهم ظاهريا من المقتضيات التشريعية المؤطرة لها – بالنظر في المسائل الواقعية دون الخوض في المسائل القانونية، فإن السؤال الذي يبقى مطروحا في هذا الإطار يتمثل في مدى اختصاص وأحقية اللجان الضريبية للبت في حالات البطلان باعتبارها مسائل قانونية ؟
يذهب جانب من الفقه المغربي إلى أن اللجان الضريبية عموما لا تختص بالبت إلا في المسائل الواقعية، ولا يمكن أن يمتد نظرها إلى المسائل القانونية لما في ذلك من تعد على اختصاص السلطة القضائية، فيما يذهب البعض الآخر إلى أن القراءة المتأنية للنصوص التشريعية المنظمة لضوابط اللجان الضريبية، توضح أن اختصاصها يشمل البت في النزاع المعروض عليها من جميع جوانبه الواقعية والقانونية، باستثناء ما يتعلق بتفسير النصوص القانونية والتنظيمية، والذي يتعين أن تصرح في شأنهما بعدم الاختصاص.
ويؤكد أنصار الرأي القائل بصلاحية اللجان الضريبية بالبت في جميع المسائل الواقعية والقانونية، على أن كل مسألة واقعية في المادة الجبائية هي بالضرورة قانونية ولو كان ظاهرها يوحي بخلاف ذلك، فيكون تقييد اختصاص اللجنة، إنما ينحسب على المسائل التي لها ارتباط بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية، ولا يعني حرمانها من البت في المسائل القانونية الواضحة التي لا تستوجب أي تفسير[62].
واستنتاجا لما ذكر، فإن اللجان الضريبية تختص بالبت في المسائل الواقعية والقانونية، غير أنه يمتنع عليها فقط تأويل هذه النصوص، وهو ما يستدل من اجتهادات القضاء، حيث سبق للمحكمة الإدارية بمكناس وأن أوضحت في هذا الشأن أن تطبيق اللجنة الضريبية المادة 42 من القانون 85/30، على أساس أن أجل 15 يوما المنصوص عليه في هذه المادة يحتسب من تاريخ التوصل لا من تاريخ الإرسال، ليس فيه أي تفسير أو تأويل للنص القانوني، وإنما هو فقط إعمال لمضمون هذا النص[63].
وعلى ذات المنوال صرحت إدارية وجدة بقولها: “متى كان النص واضحا ولا يحتاج إلى تفسير كعدم الطعن لديها داخل الأجل القانوني أو غير ذلك مما هو واضح ولا يحتاج إلى تفسير، فيمكنها آنذاك تطبيقه”[64].
وتأسيسا على ما ذكر يمكن للجان الضريبية البت في حالات بطلان مسطرة التصويب الضريبي مع إمكانية إصدار مقررات بإلغائها، شريطة اقتصار اللجان في ذلك على تطبيق أحكام القانون الواضحة أو تلك التي استقر الاجتهاد القضائي على تحديد مغزاها، ومن غير أي تأويل أو تفسير لقصد المشرع سواء أكان تفسيرا واسعا أو ضيقا، مادام أن ذلك يبقى من المهام الرئيسية التي يضطلع بها القضاء، وفي هذا السياق فقد سبق للغرفة الإدارية بمحكمة النقض وأن قضت في أحد قراراتها[65] بأن: “معاينة بطلان مسطرة التصحيح من قبل اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية نتيجة لوقوع تبليغ الرسالة الثانية إلى الملزم خارج الأجل القانوني دون الخوض في مدى صحة هذا التبليغ، لا يعد خروجا عن الاختصاص الموكول إليها ما دامت قد اكتفت بتطبيق القانون دون الخوض في تفسيره”.
وبالتالي فتقرير بطلان مسطرة تصويب الضريبة من طرف اللجنة الوطنية للإخلال بمقتضيات الإشعار بالتحقيق أو عدم جواب المفتش داخل الأجل القانوني، يضع الإدارة بين خيارين:
- فإما أن تعيد مسطرة التصويب بكاملها ابتداء من توجيه الإشعار بالتحقيق وتبليغه للملزم ومواصلة باقي الإجراءات المتطلبة في التصويب داخل مدة التقادم بعد احتساب مدة الوقف شريطة أن لا تتعدى الأسس التي سبق فرضها في ظل المسطرة السابقة المختلة؛
- أو أن تقدم على الطعن القضائي في المقرر المذكور أمام المحكمة المختصة داخل الأجل القانوني، لتتحمل على إثر ذلك الآثار القانونية الناتجة عن رفض طعنها، وهو فوات أمد التقادم لإعادة مسطرة التصحيح تحقيقا لموجبات الإلزام الضريبي[66].
في ختام هذه الدراسة نخلص إلى القول على أن مسطرة التصحيح الضريبي يتجاذبها طرفان أساسيان: يتمثل الطرف الأول في الإدارة الجبائية التي ترمي إلى الحفاظ على حقوق الخزينة العامة من كل تملص أو تهرب ضريبي وتكريس مبدأ المسأواة بين المواطنين في تحمل الأعباء العامة، أما الطرف الثاني فيتمثل في الخاضع للضريبة الذي يسعى إلى الدفاع عن عن ضماناته من كل تعسف أو جور يمكن أن يعصف بحقوقه المالية على إثر ممارسة الإدارة لصلاحياتها وسلطاتها الواسعة.
هذه المعادلة الصعبة جعلت القضاء الجبائي يحرص أشد الحرص على ضرورة احترام أطراف النزاع لقاعدة التواجهية، التي تتيح لكل طرف مناقشة اقتراحات وموقف الطرف الآخر قصد الاتفاق وديا على حل يرضيهما معا إن أمكن. وقد أولت اجتهادات القضاء الإداري لعملية تبادل المراسلات بين الإدارة والخاضع للضريبة أهمية كبيرة بالنظر لطابعها الإلزامي، حيث رتبت جزاءات قاسية على خرقها، تجلت بالنسبة للإدارة الجبائية في تقرير بطلان مسطرة التصويب برمتها، مع احتمالية سقوط حقها في التصحيح متى انصرم أمد التقادم الرباعي، فيما تمثلت بالنسبة للخاضع للضريبة في إمكانية فرض الضريبة عليه بصورة تلقائية متى أعرض عن تقديم جوابه عن مراسلاتها، أو إصدار أوامر بالاستخلاص إن لم يطعن أمام اللجان الضريبية في الأسس الضريبية المبلغة إليه في رسالة التصحيح الثانية.
لتظل مسألة المعادلة والتوفيق بين المصلحة الخاصة للملزم، وبين المصلحة العامة للإدارة الضريبية، أمرا في غاية الصعوبة يقع على كاهل القضاء عبئ تنزيله على أرض الواقع في أفق تحقيق عدالة ضريبية قائمة على أسس الإنصاف والشفافية والعقلنة الهادفة إلى تكريس الموازنة بين حقوق أطراف العملية الضريبية.
[1] – يتم تصحيح الأساس الضريبي من خلال إقامة مسطرة تواجهية بين الإدارة الضريبية والملزم، أما مجرد إصلاح خطأ مادي أو حسابي ورد في المبالغ الضريبية المفروضة، فلا يستدعي اللجوء إلى هذه المسطرة.
[2] ـ عزيزة هنداز، المساطر الضريبية بين القانون والتطبيق، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2011، ص 13.
[3] ـ محمد السماحي، مسطرة المنازعة في الضريبة، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الثانية 2003، ص 59.
[4] ـ سفيان ادريوش و رشيدة الصابري، تصحيح الأساس الضريبي-دراسة مقارنة، مطبعة دار القلم-الرباط، الطبعة الأولى ماي 2002، ص 45.
[5]ـ نجيب جيري، المنازعات الضريبية: النظام القانوني و الإشكالات التطبيقية على ضوء القانون 90 ـ 41 المحدث للمحاكم الإدارية، مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية، فقه المنازعات الإدارية، العدد السنوي الأول ـ 2011، ص 120.
[6] ـ خالد مبروكي، مسطرة تصحيح الضريبة في مرحلتها الإدارية، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، العدد 96، يناير ـ فبراير 2011، ص 44.
[7] ـ و يطلق عليها أحيانا تسمية المسطرة المتعارضة كترجمة لمصطلح Procédure contradictoire، إلا أنه في حقيقة الأمر لا تنطوي مسطرة التصحيح على أي تعارض، بل إن كل طرف يبدي ملاحظاته في مواجه الطرف الآخر.
[8] ـ عبد الغني يفوت، المسطرة التواجهية و إجراءات التبليغ في الضريبة العامة على الدخل، مداخلة قدمت في لقاء مشترك بين المجلس الأعلى و المديرية العامة للضرائب حول “العمل القضائي و المنازعات الضريبية”، أشغال اليومين الدراسيين 28 و29 مارس، عدد 8/2005، دفاتر المجلس الأعلى، ص 45.
[9] ـ عزيزة هنداز، مرجع سابق، ص 81.
[10]ـ عبد الرحمان أبليلا، الإثبات في المادة الجبائية بين القواعد العامة وخصوصيات المادة (على ضوء الممارسة والاجتهاد القضائي)، مطبعة الأمنية ـ الرباط، يناير 2013، ص 143.
[11]ـ المصطفى معمر، مظاهر النزاع في العلاقة بين الإدارة و الخاضع للضريبة خلال مسطرة تصحيح الأسس الجبائية، أعمال الندوة الوطنية حول المنازعات الضريبية 4 و 5 دجنبر 2009، عدد خاص لمجلتي القسطاس والزيتونة، مطبعة سلسبيل ف.ن، يوليوز 2010، ص 98.
[12] ـ عزيزة هنداز، مسطرة تصحيح الأساس الضريبي و المنازعات المترتبة عنها، رسالة لنيل الدبلوم الجامعي العالي في المهن القضائية والقانونية، جامعة محمد الخامس السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ الرباط، السنة الجامعية: 2005/2006، ص 44.
[13] ـ عبد الرحمان أبليلا، مرجع سابق، ص 137.
[14] ـ عدلت و تممت بموجب قانون المالية لسنة 2016.
[15] ـ لم يعرف المشرع المغربي أسباب التصحيح، لكن عرفها مجلس الدولة الفرنسي من خلال قرار صادر عنه بأنها: “جميع العناصر التي يجب أن تشملها رسالة التصحيح و التي تساعد المكلف في إبداء رأيه و الدخول مع الإدارة في مسطرة تواجهية بصفة مشروعة و قانونية، و اعتبرها شرطا أساسيا بالنسبة للخاضع للضريبة”، أنظر:
PIERRE FERNOUX, L’audit de la procédure de redressement, Ed, EFE – 1996, p 67 (CE, 24 avril 1981).
[16] ـ ـ يكون الإشعار الأول غير صحيح و معيبا شكلا متى غابت عنه هذه البيانات و الأسباب المفصلة للتصحيح، و يكون للخاضع للضريبة الذي يتمسك بذلك أن يشعر مفتش الضريبة بموقفه الشكلي منه داخل الأجل القانوني، ليبادر مفتش الضريبة إلى معاودة مراسلته من جديد، و يفصل ما جاء مبهما في إشعاره الأول.
[17]ـ يقصد بالقبول هنا القبول الصريح الذي ينجم عن إرادة واضحة عن الملزم برضاه بالتصحيحات المقترحة عليه من طرف الإدارة، و هذا القبول الصريح قد يكون في شكل جواب كتابي صادر عن الملزم أو في محضر موقع عليه من طرفه.
كما أن القبول قد يكون ضمنيا نابعا إما عن سكوت الملزم عن الرد على التصحيحات المبلغة إليه من الإدارة داخل الأجل الذي حدده المشرع، أو إمساكه عن الطعن فيها أمام اللجنة المحلية، إذ نصت المادة 220 من م.ع.ض أنه: “يعد عدم تقديم الطعن داخل أجل الستين (60) يوما المنصوص عليه أعلاه قبولا ضمنيا لمقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة”.
[18] ـ محمد منقار، مسطرة تصحيح الضريبة، مداخلة قدمت في لقاء مشترك بين المجلس الأعلى و المديرية العامة للضرائب حول “العمل القضائي و المنازعات الضريبية”، أشغال اليومين الدراسيين 28 و29 مارس، عدد 8/2005، دفاتر المجلس الأعلى، ص 26.
[19] ـ الحسن كثير، التبليغ في المادة الجبائية على ضوء التشريع الجبائي والاجتهاد القضائي، مطبعة الأمنية-الرباط، الطبعة الأولى 2012، ص 52.
[20] ـ محمد منقار، مرجع سابق، ص 27.
[21] ـ حكم رقم 342، بتاريخ 04/02/2013، ملف رقم 1128 ـ 08 ش ض.
[22] ـ محمد السماحي، مرجع سابق، ص 67.
[23] ـ عدلت و تممت بموجب قانون المالية لسنة 2016.
[24] ـ عدنان الشلخة، منازعات مساطر تصحيح الضرائب، بحث لنيل دبلوم الماستر في قانون المنازعات العمومية، جامعة سيدي محمد من عبد الله، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، ظهر المهرازـ فاس، السنة الجامعية: 2010/2011، ص 75.
[25] ـ الطاهري توفيق، الفحص الضريبي والعمل القضائي، أعمال الندوة الوطنية حول المنازعات الضريبية 4 و 5 دجنبر 2009، عدد خاص لمجلتي القسطاس والزيتونة، مطبعة سلسبيل ف.ن، يوليوز 2010، ص 87.
[26] ـ محمد السماحي، مرجع سابق، ص 69.
[27] – حكم عدد 1041، بتاريخ 22/03/2012، ملف عدد 628/7/2011.
[28] ـ عبد الجليل كوني، مسطرة التصحيح الضريبي على ضوء العمل القضائي للمحاكم الإدارية، رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص المستشار القانوني، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ـ مراكش، السنة الجامعية: 2011/2012، ص 19.
[29] ـ عبد الرحمان أبليلا، مرجع سابق، ص 139.
[30] – BENTAHAR MUSTAPHA, Cours De Droit Fiscal (Les procédures fiscales: le contrôle fiscal), Année universitaire 2013-2014, P 15.
[31] ـ عبد الرحمان أبليلا، مرجع سابق، ص 140.
[32] ـ عبد الرحمان أبليلا، مرجع سابق، نفس الصفحة.
[33] ـ عبد الرحمان أبليلا، مرجع سابق، ص 141.
[34] ـ المادة 224 من المدونة العامة للضرائب.
[35] ـ محمد السماحي، مرجع سابق، ص 71.
[36] ـ حكم رقم: 3287، بتاريخ: 22/10/2013، ملف رقم: 478/7/2012.
[37] – حكم رقم 0250/2010 ش، بتاريخ 15/04/2010، في الملف رقم 0649/2009، أورده محمد شوارق، المنازعات الجبائية المتعلقة بربط الرسوم المحلية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر-الرباط، الطبعة الأولى 2014، ص 59.
[38] – حكم رقم 4539، بتاريخ 11/12/2012، ملف رقم 430/7/2012.
[39] – عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني، الكتاب الأول، مصادر الالتزام، الجزء الأول – التصرف القانوني، الطبعة الثانية 2014، ص 197و 198.
[40] – عدنان أبو درار، حالات بطلان مسطرة الفرض الضريبي بين النص القانوني والاجتهاد القضائي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ـ تخصص القضاء الإداري، جامعة محمد الخامس السويسي ـ كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ـ سلا الجديدة، السنة الجامعية: 2012/2013، ص 70.
[41] – رشيدة الصابري، مجال البطلان في الميدان الضريبي والأثر النسبي المترتب عليه، مداخلة قدمت في لقاء مشترك بين المجلس الأعلى و المديرية العامة للضرائب حول “العمل القضائي و المنازعات الضريبية”، أشغال اليومين الدراسيين 28 و29 مارس، عدد 8/2005، دفاتر المجلس الأعلى، ص 103 و 104.
[42] – حكم عدد 122 بتاريخ 05/03/20029، ملف رقم 115 غ/2001.
[43] – القرار عدد 121 بتاريخ 22/1/2009 في الملف عدد 267/08/9، أورده رضا التايدي، مرجع سابق، ص 116.
[44] – القرار عدد 329، المؤرخ في 29/05/2003، الملف الإداري عدد 2350/4/1/2001.
[45] – حكم عدد 9802، بتاريخ 22/05/2012، ملف رقم 73/7/2012.
[46] – حكم رقم 3208، بتاريخ 09/13/2012، ملف رقم 348/7/2012.
[47] – حكم عدد 2131، بتاريخ 05/06/2012، ملف رقم 168/7/2012.
[48] – من مميزات هذه النظرية أنها تتقي عيوب نظرية البطلان الإجباري، فلا تؤدي إلى غلبة الشكل على حساب المضمون وضياع الحق لمجرد خطأ في الشكل، كما أنه في ظل نظرية البطلان الإختياري ذاتها، فإن القاضي لا يتمتع بسلطة مطلقة وإنما يقيده وجوب تحقق الضرر.
[49] – حكم عدد 304، بتاريخ 31/01/2013، ملف رقم 551/7/2012.
[50] – حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 3688، بتاريخ 16/10/2012، ملف رقم 189/7/2012.
[51] – حكم رقم 476، بتاريخ 15/03/2012، ملف عدد 100/11/9.
[52] – حكم رقم 4642، بتاريخ 18/12/2012، ملف رقم 572/7/2009.
[53] – حكم بتاريخ 02/11/2009، ملف رقم 21/06/2009.
[54] – حكم رقم 2275، بتاريخ 12/06/2012، ملف رقم 98/7/2012.
[55] – محمد قصري، المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الثالثة 2011، ص 60.
[56] – حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 74، بتاريخ 18/01/2010، ملف عدد 634/06/2008
[57] – محمد قصري، مرجع سابق، ص71.
[58] – حكم صادر بتاريخ 05/05/2004 في الملف رقم 417غ/2001، أورده عدنان أبو درار، مرجع سابق، ص 110.
[59] – القرار عدد 3011، بتاريخ 22/06/2015، ملف عدد 376/7209/2015.
[60]– حكم عدد 874 بتاريخ 07/03/2013 في الملف عدد 67/1/7/2012.
[61] – نص البند السادس من المادة 232 من م.ع.ض على أنه: “يوقف التقادم طوال الفترة الممتدة من تاريخ تقديم الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أو أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية إلى غاية انصرام أجل الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ تبليغ المقرر الصادر عن اللجان المذكور”.
[62] – إبراهيم أحطاب، مسطرة تصحيح الثمن في العقود – ضريبة التسجيل نموذجا، مكتبة الرشاد سطات، الطبعة الأولى 2014، ص 153.
[63] – حكم عدد 6/2000/5 ش، بتاريخ 03/02/2000، في الملف عدد 13/99/5، أورده عبد الرحيم التجاني، المنازعات الجبائية في مجال الضرائب المباشرة بالمغرب – الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات نموذجا، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال-الرباط، الموسم الجامعي 2012/2013، ص 482.
[64] – حكم عدد 109/99، ملف عدد 29/09/1999، مجلة الحقوق المغربية، الإصدار الثالث، سنة 2010، ص 99.
[65] – القرار عدد 66، بتاريخ25/01/2006، بالملف الإداري عدد 2308/4/2/2004، أوردته سميرة عمور، الطعون أمام اللجان الضريبية – أية ضمانات، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القضاء الإداري، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا، السنة الجامعية 2015/2016، ص 88.
[66] – محمد قصري، مرجع سابق، ص 78.