إشكالية الطعن في قرارات المحافظ ومسؤوليته في ضمان الأمن العقاري
على ضوء قانون 07-14
نبيل البكوري
دكتوراه في القانون الخاص
كلية الحقوق فاس.
مقدمة
تشكل الثروة العقارية رافعة أساسية للتنمية مما يجعل الاعتناء بتنظيمها وضبط أحكامها غاية في الأهمية، ولهذا عملت مختلف التشريعات على صيانة نظام يكفل استقرار المعاملات العقارية وحماية حقوق الملاك وأصحاب الحقوق العينية ويعزز الثقة والأمن العقاري ويقوي دورها في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم أوكل قانون التحفيظ العقاري للمحافظ على الأملاك العقارية الذي يعتبر حجر الزاوية في النظام العقاري المغربي وركيزته الأساسية عدة مهام منها ما لخصته المادة 4 من القرار الوزيري المؤرخ في 4 يونيو 1915 المتعلق بتسيير مصلحة المحافظة العقارية من تلقي جميع طلبات التحفيظ والنظر فيها والقيام بالإجراءات اللازمة بشأنها، وكذا التقييد بالسجلات العقارية وتقييد الحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقارات المحفظة ومختلف العمليات اللاحقة على مسطرة التحفيظ ، وكذا المحافظة على العقود والتصاميم ومختلف السندات المتعلقة بالعقارات المحفظة بما فيها الخرائط العقارية الهندسية، وتزويد العموم بالمعلومات المتعلقة بالعقارات المحفظة أو الموجودة في طور التحفيظ والموجودة بأرشيف المحافظة، بالإضافة إلى استخلاص وقبض الواجبات المتطلبة من مختلف العمليات المطلوبة من المحافظة كما هي محددة ومنظمة قانونا…
ومن ثم فالمحافظ العقاري وهو يزاول مهامه قد يصدر قرارات ويمتنع عن القيام بأعمال، وقد يقوم بأعمال ينحرف بها عما هو مقرر قانونا تسبب أضرارا لأصحاب الحقوق، لذا يتحمل المحافظ العقاري مسؤولية جسيمة تتجاوز خطورتها المسؤولية العادية لغيره من الموظفين التي تحكمها القواعد العامة عملا بمقتضيات الفصلين 79 و80 من قانون الالتزامات والعقود، والخضوع للقواعد الخاصة التي جاء بها قانون التحفيظ 07-14 لتعزيز هذه المسؤولية وبيان خطورة ومدى أهمية المهام الملقاة على المحافظ العقاري في سبيل حماية حق الملكية وضمان استقرار المعاملات العقارية.
وانطلاقا مما سبق نتساءل، هل كل القرارات التي تصدر عن المحافظ العقاري تقبل الطعن أمام القضاء،أم أن هناك قرارات تتسم بالنهائية وتكون غير قابلة للطعن أمام القضاء؟ ثم ألا يعتبر ذلك مخالفا لمقتضيات المادة 118من دستور2011؟ وأخيرا إلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال المسؤولية الملقاة على المحافظ العقاري حماية المراكز القانونية وضمان استقرار المعاملات والأمن العقاري لتحقيق التنمية المنشودة؟
للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها ارتأينا مقاربة هذا الموضوع من خلال ما يلي :
المطلب الأول: الطعن في قرارات المحافظ العقاري
المطلب الثاني: مسؤولية المحافظ العقاري
المطلب الأول: الطعن في قرارات المحافظ
يتخذ المحافظ العقاري عدة قرارات أثناء مزاولته لمهامه قد تلحق ضررا بالغير سواء أثناء سريان مسطرة التحفيظ بغية تأسيس الرسم العقاري لتطهير الملك من جميع الحقوق غير المضمنة به أو أثناء عملية التقييد والتشطيب بالسجلات العقارية التي ينبغي أن تتسم بمبدأ المشروعية،مما حدا بالمشرع إلى إعطاء مجموعة من الضمانات والوسائل لحماية الحقوق، منها جعل بعض قرارات المحافظ خاضعة للطعن أمام القضاء (الفقرة الأولى) باستثناء بعض القرارات التي تكون نهائية غير قابلة للطعن (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: قرارات المحافظ القابلة للطعن
هناك مجموعة من القرارات التي يكون فيها الحق للمتضرر الطعن أمام القضاء لحماية الملكية العقارية، منها قرار رفض أو إلغاء مطلب التحفيظ (أولا) وقرار رفض تقييد حق عيني أو التشطيب عليه أو رفض إصلاح خطأ مادي أو العكس (ثانيا) ورفض تسليم نظير جديد للرسم العقاري أو نسخة شهادة التقييد الخاصة )ثالثا).
أولا: قرار رفض أو إلغاء مطلب التحفيظ
إذا كان الأساس من نظام التحفيظ العقاري الرغبة في الحصول على رسم عقاري يتسم بالنهائية وعدم القابلية للطعن بجميع أشكاله سواء بالإلغاء أو التشطيب أو التعديل بعد استيفاء جميع الإجراءات المنصوص عليها قانونا، فإن الأمر ليس على إطلاقه من الناحية العملية أثناء مسطرة التحفيظ ، فقد أقر الفصل 23 من قانون 07-14 على أنه إذا نص المحضر على تغيب طالب التحفيظ أو من ينوب عنه أو على عدم قيامه بما يلزم لإجراء عملية التحديد اعتبر مطلب التحفيظ لاغيا وكأن لم يكن إذا تعذر على المحافظ على الأملاك العقارية أو نائبه إنجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك، وأيضا نص الفصل 50 من نفس القانون كذلك على أن الطلب الرامي إلى التحفيظ والعمليات المتعلقة به يعتبر لاغيا وكأن لم يكن إذا لم يقدم طالب التحفيظ بأي إجراء لمتابعة المسطرة خلال ثلاثة أشهر من يوم تبليغه إنذارا من المحافظ على الأملاك العقارية بواسطة عون من المحافظة العقارية أو بالبريد المضمون أو عن طريق السلطة المحلية أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ.
ويجب على المحافظ تبليغ طالب التحفيظ في جميع الحالات التي يرفض فيها مطلب التحفيظ بقرار معلل، وذلك لإزالة الإشكال الذي كان مطروحا قبل مراجعة الفصلين23 و50 من ظ ت ع حول قابلية أو عدم قابلية قرار المحافظ للطعن أمام القضاء([1])والتي أصبحت تستغرق جميع حالات رفض مطلب التحفيظ لأي سبب أمام المحاكم الابتدائية التي تبت في القضية مع الحق في الاستئناف والتي تكون قابلة للطعن أمام محكمة النقض كما نص على ذلك الفصل 37 مكرر من قانون07-14، وهذا سيسهم بلا شك في العمل على توحيد الاختصاص لصالح جهة القضاء العادي في هذا المجال للقضاء على ازدواجية الاختصاص لتسهيل علم المتقاضين بالقاعدة القانونية المسطرية وضمان وضوحها ورسوخها على الأمن القانوني والقضائي([2])، وإن كان المشرع قد سكت عن الجهة الموكول لها البت في الطعن بشأن قرارات المحافظ القاضية بإلغاء مطلب التحفيظ مما لا يبقى معه للطرف المتضرر من قراره سوى اللجوء إلى القضاء الإداري.
ثانيا: قرار رفض تقييد أو التشطيب على حق عيني
إن تنوع التقييدات التي تطرأ على الرسم العقاري واختلاف أحكامها وتاريخ سريان مفعولها في مواجهة الكافة بمن فيهم المحافظ العقاري ينعكس لا محالة على طبيعة الحماية التي يتوخاها أصحاب التقييدات للمحافظة على حقوقهم وضمان مراكزهم القانونية التي تنتج لهم بمقتضاها([3]) ، وهذه العملية لا تتم تلقائيا من قبل المحافظ العقاري وإنما بطلب خطي من المعني بالأمر أو نائبه يتضمن وجوبا البيانات المنصوص عليها في الفصل 69 من قانون 07-14 مرفقة بالعقود والمحررات المطلوب تقييدها ، والتأكد من استخلاص واجبات التسجيل والتنبر ووجوب أداء رسوم المحافظة العقارية بصندوق الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية حسب التعريفة المعمول بها قانونا بعد التأشير على قبول الطلب من طرف المحافظ.
ويمكن لأصحاب الحقوق المقيدة كما يستفاد ذلك من الفصل 29 من القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 أن يطلبوا من المحافظ إصلاح ما وقع من إغفالات أو أغلاط مادية أو مخالفات طالت البيانات الواردة في الرسم العقاري أو في التقييدات اللاحقة، كما يمكن للمحافظ بدوره أن يبادر تلقائيا إلى القيام بالإصلاحات المنجزة وإلزام حامل نظير الرسم العقاري مع إنذاره بإحضاره قصد العمل على تحيينه، إذ أن العقد أو الحكم أو الأمر المطلوب تقييده يجب أن تكون بياناتها متطابقة مع البيانات المدونة بالرسم العقاري على اعتبار أن المحافظ العقاري ملزم بالتأكد من هوية المفوت وأهليته ومن صحة الوثائق المدلى بها تأييدا للمطلب شكلا وجوهرا وذلك تحت مسؤوليته .
ونتيجة لذك ، فالمحافظ ملزم بالتحقق والتدقيق في مضمون كل الوثائق والمستندات المقدمة لإجراء كل تقييد عيني أو تعديله أو التشطيب عليه تحت سلطته التقديرية لقبول أو رفض الطلبات المقدمة له، على أن يعلل قراره تعليلا كافيا ويبلغه للمعني بالأمر لإمكانية الطعن فيه أمام المحكمة الابتدائية التي تبت في القضية مع الحق في الاستئناف والنقض عملا بمقتضيات الفصلين 96 من القانون رقم 07-14 و10من القرار الوزيري المؤرخ في3 يونيو1915 الذي أبقى عليه المرسوم الصادر في14 يوليوز2014 المتعلق بإجراءات التحفيظ العقاري، مما يبرر قابلية قرارات المحافظ للطعن أمام القضاء التي قد يشوبها خطأ أو تجانب الصواب حفاظا على عدم ضياع الحقوق، وذلك في جميع الحالات التي يرفض فيها تقييد حق عيني أو التشطيب عليه، منها على سبيل المثال لا الحصر تعارض التقييد المطلوب إجراؤه مع ما هو مضمن بالرسم العقاري أو عند مخالفة طلب التقييد لبعض المقتضيات المرتبطة بالنصوص القانونية والتنظيمية ذات الصلة بمراقبة العمليات العقارية أو عدم نهائية الأحكام والقرارات القضائية الصادرة في موضوع الحق المطالب به أو عدم إخضاع العقود المراد تقييدها لإجبارية التسجيل..
ثالثا: رفض تسليم نظير جديد للرسم العقاري أو نسخة شهادة التقييد الخاصة
تعرض المشرع المغربي في الفصل 101 من قانون 07-14 إلى الحالة التي يتم فيها ضياع الرسم العقاري وشهادة التقييد الخاصة والتي تعتبر من مستجدات قانون التحفيظ العقاري والذي يجب على المعني بالأمر أن يقدم للمحافظ العقاري الوثائق المثبتة وأن يدلي إليه بتصريح يتضمن هويته وظروف ضياعها أو سرقتها أو تلفها والاستعانة بكل من له معلومات وملابسات الحادث.
وإذا تبين للمحافظ صدق طالب النظير أو الشهادة الخاصة يعمد أولا إلى نشر إعلان بالجريدة الرسمية بضياع أو تلف الرسم العقاري أو الشهادة التسجيل، فإذا وقع تعرض على إعطاء النسخة الجديدة خلال خمسة عشر يوما من نشر الإعلان المذكور، فإن للمحافظ السلطة التقديرية لإقرار صدق التعرض أو عدم أهميته، وبالتالي إعطاء نسخة جديدة بعد انقضاء هذه المدة أو رفض إعطائها استنادا للتعرض الحاصل، لكن السؤال الذي يطرح هنا ماذا لو تقدم متعرض على إعطاء النسخة الجديدة أو رأى المحافظ أن تعرضه غير محق أو رفض إعطاء النسخة ابتداء؟ بالنظر إلى الفصل 103 من قانون 07-14 نجده يحيل طالب نظير الرسم العقاري الجديد أو نسخة من شهادة التقييد الخاصة اللجوء إلى المحكمة الابتدائية التي تبث وفق الإجراءات المقررة في قانون المسطرة المدنية بالرغم من أن الفصل المذكور لم يحدد بكيفية صريحة مسطرة الطعن في حالة عدم الاستجابة للطلب.
الفقرة الثانية: قرارات المحافظ غير القابلة للطعن.
سن المشرع قبل تأسيس الرسم العقاري اتباع مسطرة خاصة تقوم على النشر والإعلان والتحديد، وذلك حتى لا يتضرر الغير من نهائية قرار التحفيظ غير قابل للطعن (أولا)، بحيث يتسنى لكل من ينازع في ملكية العقار المراد تحفيظه أو من يدعي حقا عينيا على العقار موضوع التحفيظ أن يتعرض على مسطرة التحفيظ وفق آجال محددة يتعين احترامها وإلا أمكن للمحافظ قبوله بصفة استثنائية أو رفضه والذي يكون غير قابل للطعن (ثانيا).
أولا: قرار رفض التعرض الاستثنائي
يعتبر التعرض من الوسائل القانونية التي سعى من خلالها المشرع حماية حقوق الملاك وأصحاب الحقوق العينية لتعزيز مبدأ الحجية المطلقة للرسم العقاري وضمان الأمن العقاري ، وقد خصص المشرع المغربي في ظهير 12 غشت 1912 الفرع الرابع من الباب الثاني من القسم الأول لبحث موضوع التعرضات ، كما بحث التعرض في فصول أخرى من القرار الوزيري الصادر في 3 يونيو 1915 المتعلق بتفاصيل تطبيق التحفيظ العقاري، وبذلك يمكن للمتعرضين على مطلب التحفيظ أن يتقدموا بتعرضاتهم منذ تاريخ إيداع المطلب بالمحافظة وينتهي بانتهاء أجل الشهرين الذي يبتدئ من يوم نشر إعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية حسب ما هو منصوص عليه في الفصل 27 من قانون 07-14 والذي لم يطرأ عليه أي تغيير مقارنة بالفصل القديم، في حين تم تقليص الجهات المسموح لها بتلقي التعرضات وحصرها لدى المحافظ العقاري والمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب أثناء إجراء عملية التحديد كما يستشف ذلك من الفقرة الأولى من الفصل 25 من نفس القانون،واستثناء يقبل التعرض من طرف المحافظ بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 كما نص على ذلك الفصل 29 من نفس القانون ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية، كما أن قراءة الفصل 29 القديم بقبول التعرض بعد انصرام الأجل بصفة استثنائية من طرف المحافظ مادام الملف لم يوجه إلى المحكمة كان مشروطا بوجود تعرضات سابقة([4])،
وهو ما يفسر تجاوز المشرع صراحة هذا الفهم بتعديل الفصل وجعل إمكانية قبول التعرض الاستثنائي ولو لم يرد على المطلب أي تعرض سابق على أن يبين المتعرض للمحافظ الوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل المحدد وكذا الادلاء بالوثائق والعقود المدعمة لتعرضه، ويكون قرار المحافظ برفض التعرض الاستثنائي غير قابل للطعن القضائي مما يجعله القرار الوحيد من ضمن القرارات التي يتخذها المحافظ العقاري بمناسبة تسيير عملية التحفيظ تتسم بحصانة من الخضوع لأي رقابة قضائية مهما كانت طبيعتها([5]).
وفي هذا الصدد يمكننا أن نتساءل عن ما مدى دستورية عدم قابلية قرارات المحافظ برفض التعرض الاستثنائي للطعن القضائي؟.
الرأي فيما نعتقد أن مثل هذه القرارات قابلة للطعن بالإلغاء أمام المحاكم الإدارية ولو في ظل وجود نص صريح من المشرع على عدم قابليتها لأي طعن مادام الفصل 118 من دستور 2011 أقر أن حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون، وأن كل قرار اتخذ في المجال الإداري سواء كان تنظيميا أو فرديا يمكن الطعن فيه أمام الهيئة الإدارية المختصة،وبالتالي إذا كان الدستور قد ارتقى بقاعدة عدم تحصين القرارت الإدارية من الطعن إلى مستوى القاعدة الدستورية ذات القيمة الأسمى، فإنه يستوجب على المحاكم الامتناع عن تطبيق أي نص يخالف الدستور طبقا للفصل 134 من الدستور، وقد سبق للمحكمة الإدارية بالرباط أن اعتبرت عدم جواز تحصين أي قرار إداري من الطعن أمام القضاء الإداري وتصدت للنظر في مشروعية قرار المحافظ العقاري برفض التعرض الاستثنائي حيادا على مقتضيات الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري([6])، وذلك تأكيدا لمبدأ سمو الدستور وسيادة مبدأ الشرعية الذي يعني خضوع جميع القرارت الإدارية للرقابة القضائية ومساواة الجميع أمام أحكام القانون([7]).
ثانيا: قرار التحفيظ بتأسيس الرسم العقاري
ينص الفصل 1 من القانون رقم 07-14 على أنه: ” يرمي التحفيظ إلى جعل العقار المحفظ خاضعا للنظام المقرر في هذا القانون من غير أن يكون في الإمكان إخراجه منه فيما بعد، ويقصد منه تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير، يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به”.
كما نص الفصل 62 من نفس القانون على أن الرسم العقاري نهائي ولا يقبل الطعن ويعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقارات وقت تحفيظه دون ماعداها من الحقوق غير المقيدة والتي لم تتم المطالبة بها أثناء جريان مسطرة التحفيظ
ويبدو من خلال النصين أن قرار التحفيظ العقاري يتسم بمبدأ الحجية المطلقة بخلاف التقييدات الواردة على الرسم العقاري التي تبقى لها حجية نسبية، فهو يطهر العقار من الحقوق غير الظاهرة وقت التحفيظ ولو كانت مشروعة ويعترف في نفس الوقت بالوجود القانوني للحقوق الظاهرة وقت التحفيظ ويضفي عليها صبغة المشروعية ولو كانت غير مشروعة، وهو قرار ينتج عنه تأسيس رسم عقاري يشكل دليلا قاطعا على حق الملكية والحقوق العينية والتحملات العقارية المعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ والمسجلة بالرسم العقاري.
وتزداد خطورة هذا القرار أنه نهائي وغير معلل، بمعنى أنه لا يقبل أي طعن ولا يمكن إلغاءه أو تغييره ولو عن طريق أحكام وقرارات قضائية، ولا يملك الغير مدعي استحقاق العقار بعد عملية تحفيظه إلا الرجوع في إطار دعوى شخصية على طالب التحفيظ متى ثبت تدليس من هذا الأخير، ليكون المشرع من خلال هذا النظام قد أمن حق الملكية العقارية المحفظة لصاحبها من أي منازعة محتملة، وقد كرس القضاء المغربي هذا الجانب السلبي لقاعدة التطهير في عدة أحكام و قرارات منها ما صدر عن المحكمة الاستئنافية تأييدا لها في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية التي جاء في إحدى حيثياتها : “وحيث إن هذا الإقرار يدل على أن الطاعن أثناء مباشرة المستأنف عليه مسطرة التحفيظ بخصوص نفس العقار لم يتعرض عليها ولم يدع أي استحقاق بخصوص العقار موضوع المسطرة المذكورة، وحيث إن الإقرار وإن كانت تنظمه مقتضيات المادة 405 وما يليها من قانون الالتزامات والعقود، فإن مسطرة التحفيظ ينظمها ظهير التحفيظ العقاري لسنة 1915 ، وهذه المسطرة بانتهائها بتحديد رسم عقاري لفائدة طالب التحفيظ تطهر العقار من كافة الادعاءات وتقرر ملكيته لفائدة من هو في اسمه، ولذلك يبقى صاحب الحق الوحيد عليه ويقوم له حق طرد أي معتد على ملكيته ورد أي تشويش ولو من مالك سابق لم يسجل حقه بنفس الطريقة ولم يتعرض على مسطرة التحفيظ”([8]).
وفي قرار لمحكمة النقض:” لكن حيث إنه لا يلزم من كون قرار رفض التحفيظ لايمكن الطعن فيه حسب مقتضيات الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري إلا أمام جهة القضاء العادي أن قرار التحفيظ باعتباره صادرا عن سلطة إدارية يكون قابلا للطعن بالإلغاء وأمام جهة القضاء الإداري، ذلك أن قرار التحفيظ كما استقر عليه اجتهاد الغرفة الإدارية بالمجلس النقض وحسب نص مقتضيات ظهير 12 غشت 1913 حول التحفيظ العقاري يعتبر قراراتها لارجعة فيه، من هذا المنطلق فإنه لا يقبل أي طعن سواء أمام القضاء الإداري أو أمام القضاء العادي، وأن المشرع قد افترض أن بعض الأشخاص قد يتضررون من قرار التحفيظ وفي هذه الحالة منحهم إمكانية مقاضاة المحافظ في حالة ارتكابه خطأ جسيما حسب عملية تحفيظ عقار ما والحالة أنه ملك للغير أو مقاضاة المستفيد من التحفيظ إذا كان قد استعمل تدليسا أو تزويرا للوصول إلى تحفيظ العقار في اسمه، وحيث يستخلص من كل ما سبق أن المحكمة الإدارية قد أخطأت عندما أخضعت قرار التحفيظ باعتباره صادرا عن سلطة إدارية في شخص المحافظ لمراقبة القضاء الإداري، والحالة أن القرار المذكور لا يخضع لأية رقابة وأن عملية التحفيظ والتي تنطوي على تطهير العقار المذكور تعتبر عملية نهائية لا رجعة فيها مما يجب معه إلغاء الحكم المستأنف([9]).
وتعتبر الصفة النهائية والقطعية لقرار المحافظ بمناسبة إنشاء الرسم العقاري محل انتقاد من الفقه خاصة عند ثبوت التدليس أو التزوير أثناء عملية التحفيظ بحيث ينبغي وضع استثناءات في مثل هذه الحالات وإلا كان بمثابة نزع للملكية وتعدي على حقوق الغير وخروج عن مبدأ العدل والإنصاف وزعزعت للأمن القانوني والعقاري على حد سواء، فضلا عن كونه مخالف لمقتضيات الدستور وفقا للمادة 118 من دستور2011.
المطلب الثاني:مسؤولية المحافظ العقاري
نص المشرع صراحة في الفصل 97 من قانون 07-14 على عدة حالات خاصة لمسؤولية المحافظ الشخصية (الفقرة الأولى)، فضلا عن مسؤوليته الشخصية في إطار الفصلين 79 و 80 وفق القواعد العامة لقانون الالتزامات والعقود (الفقرة الثانية) نظرا للدور الهام الذي يقوم به نظام التحفيظ العقاري في ضبط قواعد الملكية وجعلها واضحة مطهرة دون أن يشوبها أي لبس أو غموض.
الفقرة الأولى: مسؤولية المحافظ وفق القواعد الخاصة لقانون التحفيظ العقاري
ألزم المشرع المغربي على المحافظ العقاري التأكد من هوية وأهلية الأطراف (أولا) ومن صحة الوثائق المقدمة للتسجيل تأييدا لطلبات التقييد (ثانيا) دون إغفال التضمين في السجلات العقارية (ثالثا) أو إغفال التقييد في الشهادات أو نظائر الرسوم العقارية (رابعا) أو فساد وبطلان ما ضمن بالسجل العقاري،وذلك من أجل حفظ نظام التحفيظ العقاري وتثبيت الملكية وإحاطتها بثقة تؤمنها من كل ما قد يشوب من نزاع يشكل خطرا على استقرارا المعاملات وتحقيق التنمية.
أولا: مسؤولية المحافظ في مراقبة هوية وأهلية الأطراف.
حرص المشرع المغربي على أن لا تقيد في السجل العقاري إلا الحقوق الثابتة والخالية من العيوب والتي تستند على سبب صحيح، وتحقيقا منه لمبدأ مشروعية التقييد منح للمحافظ سلطة تقدير ومراقبة جد واسعة([10])، لذا خص المحافظ طبقا للفصل 72 من قانون07-14 التأكد والتحقق تحت مسؤوليته هوية المفوت وأهليته لما لهما من أهمية بالغة، ذلك أن المفوت هو الذي سيفقد أو سينقص أو سيعدل حقه المسجل في السجل العقاري منعا لأي غش أو تزوير وتلافيا لإبدال شخص محل آخر([11]).
والملاحظ أن المشرع قد ألقى على عاتق المحافظ شخصيا وتحت مسؤوليته التحقق من هوية المفوت وأهليته دون الإشارة إلى المفوت إليه، وهذا لا يعني أنه اقتصر على المفوت فقط، بل لابد أيضا من التحقق من هوية المفوت إليه ومن أهليته نظرا لارتباط حقوق المفوت بالمفوت إليه([12])، لأن هذا الأخير قد يصبح متصرفا في الحق المفوت مباشرة بعد تقييد حقه بالرسم العقاري([13])، وهو ما يستفاد من الفصل 73 من قانون 07-14([14])، وما ورد كذلك في الفقرة الثانية من الفصل 24 من القرار الوزيري 3 يونيو 1915 بان إمضاءات الأطراف الموضوعة العقود العرفية يجب لزوما أن تكون معرفا بها…
والسؤال الذي يطرح هنا هو كيف يمكن للمحافظ التحقق من أهلية الأطراف؟ عمليا يتم التحقق من أهلية الطرفين بالاستناد على بيانات الحالة المدنية للمفوت والمضمنة بالسجل العقاري للتأكد من عدم وجود مانع التصرف كأن يكون الشخص قاصرا أو صدر بشأنه قرار بالحجر، إلا أن هذه الوسيلة تبدو غير فعالة([15])، لأن الأهلية قد تتغير في الواقع دون أن يظهر هذا التغيير في الرسم العقاري، إذ كيف له معرفة الشخص بأنه معتوه أو سفيه أو أنه فاقد للعقل خاصة إذا كانت بكيفية متقطعة؟ ونتيجة لذلك يمكن القول بأن تحقق المحافظ من أهلية المفوت والأطراف بصفة عامة تتم بطريقة سطحية،الشيء الذي يمكنه أن يؤثر سلبا على القوة الثبوتية لبيانات السجل العقاري المتعلقة بالحالة المدنية والأهلية على وجه الخصوص.
ثانيا: التأكد من صحة الوثائق المقدمة للتقييد
إن مسؤولية المحافظ ليست بالهينة إزاء الحقوق التي ينبغي تقييدها، فهو ليس مجرد عون تنفيدي يكتفي بتلقي الوثائق والمستندات مع تقييدها، بل يجب عليه أن يتحقق من كل عملية على حدة قبل اتخاذ أي قرار وليرى هل الحقوق التي يتطلب تقييدها مستوفية لكافة الشروط القانونية سواء من حيث الشكل أو الجوهر([16])، جاء في قرار للمجلس الأعلى(محكمة النقض) على أن التقييد على الرسم العقاري يخضع للشروط والمقتضيات التي قررها ظهير 12 غشت 1913 الذي يلزم المحافظ بالتحقق تحت مسؤوليته من صحة الوثائق المدلى بها شكلا وجوهرا، حيث كون مضمونها لا يتعارض مع مضمون الرسم العقاري المعني وفي كونها غير متوقفة على وثائق أخرى، ومن حيث كونها تجيز تقييد الحقوق التي تتضمنها”([17]).
وتختلف الرقابة التي يجريها المحافظ على المحررات المقدمة إليه على حسب نوع الوثائق المقدمة عرفية([18])،أو عدلية أو محررات توثيقية(عصرية) أوعبارة عن مقررات قضائية،بحيث يرى جانب من الفقه([19])بأن التفسير الواسع للفصل 72 ظ.ت.ع يسمح باعتبار الحكم القضائي وثيقة تخضع لرقابة المحافظ من حيث الجوهر،فقد يكون مثلا الحكم مشوبا بخطأ مادي يحمل تناقضا صارخا بين الحيثيات والمنطوق أو في الرسم أو الحدود أو المساحة فيطلب مع ذلك من المحافظ قيده لأنه حائز لقوة الشيء المقضي به ليجد المحافظ نفسه في حالة عدم إمكانية مراقبته لموضوع الحكم أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يقيد الحكم مع الخطأ المشوب به، وهذا ما سيجعله عرضة سهلة لإثارة مسؤوليته الشخصية في مواجهة المتضرر وإما أن يمتنع عن تقييد الحكم.
ومن الناحية العملية فالمحافظ العقاري غير ملزم بأي شكل من الأشكال التحقق من صحة الأحكام القضائية بالنسبة للجوهر، وإنما يقتصر دوره التدقيق في توافر الصفة النهائية والتنفيذية للحكم من عدمه، وإذا اتضح له غلط مادي في متن الحكم وبعد تقييد الحكم عند الإقتضاء وجب عليه إخطار المعنيين بهذا الخطأ ودعوتهم لمراجعة الجهة القضائية المصدرة للحكم بقصد تصحيح ذلك الخطأ استنادا لمنشور السيد المحافظ العام([20])، ومن ثم فالمحافظ العقاري ملزم بتنفيذ الأحكام القضائية في إطار السلطة المخولة له قانونا([21]).
وفضلا عما سبق، فالمحافظ العقاري ملزم حسب ما ورد في الفصل 74 من قانون 07-14 التحقق من كون العملية المراد تسجيلها لا تتعارض مع التقييدات المضمنة في السجل العقاري تأكيدا للفصل 72 من نفس القانون، كأن يكون العقار مثلا مثقلا برهن رسمي من الرتبة الأولى ثم يتوصل المحافظ بعقد رهن آخر قصد تسجيله على نفس العقار بنفس الرتبة، فمبدأ ترتيب الأولوية بين الحقوق يحتم على المحافظ رفض تسجيل هذا الطلب في نفس الوقت إلا إذا وافق المستفيد من الرهن على ذلك أو تنازل عن حق الأولوية المسجل لفائدته([22]).
ثالثا : إغفال التضمين في السجلات العقارية
من المعلوم أن ما يقيد في الرسم العقاري من حقوق عينية يعتبر المنطلق الوحيد لمعرفة مالك تلك الحقوق وما قد يرد عليها أو يثقلها من قيود حتى تكون مرآة حقيقية وضامنة للوضعية العقارية وإلا فهو يعتبر غير موجود بالنسبة للغير، وذلك بصريح الفصل 65 من القانون 70-14 وما يليه، لذا ألزم القانون وتحت مسؤولية المحافط([23])بتسجيل كل الحقوق العينية والتكاليف العقارية وإعطاها حجية بين الأطراف وفي مواجهة الغير، بل أعطاها أهمية بالغة، بحيث يصبح هو مصدر الحق، إذ أن الأطراف يمكنهم التعاقد على أساسه دون الرجوع إلى الوثائق والرسوم المودعة تدعيما لطالب التسجيل، فالمحافظ العقاري بعد دراسته الدقيقة لمختلف الوثائق يستخلص منها بيانات موجزة ويؤرخها ويمضي عليها،وبالتالي فإيداع المستفيد من الحق للوثائق المثبتة لحقه لدى المحافظة العقارية يبقى دون جدوى ما لم يقم المحافظ أو من يقوم مقامه بنقل محتوى تلك الحقوق وتسجيله في الرسم العقاري المعني، وبالتالي فإن أي إغفال من لدن المحافظ أثناء عملية التسجيل إلا ويعد تهديدا للدعائم الأساسية التي يقوم عليها نظام التحفيظ العقاري برمته.
رابعا :إغفال تقييد في الشهادات أو نظائر الرسوم العقارية
تعتبر الشهادات ونظائر الرسوم العقارية من الوسائل الأساسية الموضوعة رهن إشارة العموم للإطلاع على الوضعية المادية والقانونية للعقارات قبل إبرام أي تصرف، فإن لم تكن هذه الوثائق صحيحة تعكس كل ما هو مدون بالسجلات العقارية، فإن هذه السجلات تفقد كل فعاليتها وجدواها([24])، فالمشرع نص في الفصل 60 من القانون رقم 07-14 على أن كل ما يقيده المحافظ في السجل العقاري يعيد نسخه على نظير منه ، واعتبارا كذلك لما اشتمل عليه الفصل 88 من نفس القانون على أن ما ضمن بالرسم العقاري أو بيان أو تقييد احتياطي يجب أن يضمن في نفس الوقت بنسخة الرسم، ومن ثم أمكن للمالك اعتماد النظير لعكس وضعية العقارات([25])، إلا أن هذا لا يتحقق بإطلاق لأنه قد تكون حالات يتعدد فيها الملاك وينفرد أحدهم بمسك النظير([26])، وهو الأمر الذي يجعلنا إذا ما أردنا التطابق الفعلي أن نلزم كل متصرف غير حائز للنظير بإجراء إضافي إن هو أراد تسجيل تصرفه يتمثل في جعل حائز النظير يدلي به، والحال أن هذا ليس متيسرا دائما أمام إشكالية إلزام ماسك النظير بالإدلاء به، ولهذا كان من العبث تحميل المحافظ العقاري مسؤولية إغفاله ما ضمن بالأصل خاصة وأن المشرع حسب الفصل 89 من قانون 07-14 لم يستلزم الإدلاء بنظير الرسم إلا إذا كان ما يراد تقييده يشترط موافقة حائز النظير، أما في غير هذه الحالة يمكن للمحافظ العقاري القيام بالتقييد مع غياب النظير على أن يوجه إشعارا للحائز بوجوب الإدلاء بالنظير داخل أجل لا يقل عن 20 يوما من تاريخ إجراء التقييد.
وعليه إذا كان النظير لا يعكس الصورة الحقيقة لوضعية العقار، فإن المشرع المغربي جعل طلب الشواهد أمرا مفتوحا للعموم لكونها توفر رؤية واضحة تجعل التراضي الذي تنبني عليه المعاملة سليما من كل خلط أو خداع بشأن وضع العقار، فهي تصدر عن المحافظ بناء على ما هو مسجل لديه في السجل العقاري ، وهي في أغلب الأحوال نسخة موجزة للسجل العقاري([27])، ومن ثم فكل إغفال في نقل بيان مضمن في السجل العقاري على الشهادة تعرض المحافظ العقاري للمسؤولية الشخصية( الفقرة الثانية من الفصل 97 من قانون 07-14) ، كما لو قيد رهن على الرسم العقاري وسلم شهادة أغفل أن يذكر فيها وجود ذلك الرهن، لأن من شأن ذلك أن يدفع الغير إلى إبرام تصرفات يستند فيها على شهادة المحافظ المفروض فيها أن تكون دقيقة تلخص الوضعية القانونية للعقار والحقوق والتحملات التي تثقله([28]).
خامسا: فساد وبطلان ما ضمن بالسجل العقاري.
جاء في الفقرة الثالثة والأخيرة من الفصل 97 من قانون 07-14 على أن المحافظ على الأملاك العقارية مسؤول شخصيا عن الضرر الناتج عن فساد أو بطلان ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي أو تشطيب ما عدا الاستثناء المذكور في الفصل73 من نفس القانون.
يلاحظ على هذه الفقرة أنها اصطبغت بطابع العمومية دون تبيان حدود المراقبة المطلوبة من المحافظ والتي يتحدد على ضوئها مسؤوليته الشخصية، وبالتالي فلا يتأتى فهمها إلا باستيعاب مضامين الفصول 72، 74، 94 على اعتبار أن المراقبة الواردة في هذه الفصول تتسم بنوع من العمومية([29])، وهذه الأخيرة أيضا لا تعني أنها تشمل جميع حالات الفساد والبطلان التي لم ينتبه إليها المحافظ وإنما فقط عند ثبوت سوء نيته أو كان تقصيره واضحا في واجب المراقبة الملقى على عاتقه([30]).
الفقرة الثانية: مسؤولية المحافظ وفق القواعد العامة لقانون الالتزامات والعقود
أحال المشرع بمقتضى الفصل 97 من قانون التحفيظ العقاري الذي نص على الحالات التي تعد خطأ شخصيا للمحافظ العقاري في فقرته الأخيرة والتي لم تكن موجودة قبل التعديل ونص عليها في الفصل 64 وحذفت منه على مسؤولية المحافظ في الفصلين 79 و80 وفق القواعد العامة من قانون الالتزامات والعقود، وعليه سنتناول مسؤولية المحافظ الشخصية من خلال الفصل 80 ق.ل.ع القائمة على معيار التدليس (أولا) والخطأ الجسيم (ثانيا).
أولا: التدليس
يعتبر التدليس من أنواع التغرير والغش، وحسنا ما فعل المشرع المغربي حينما اعتبر التدليس سببا لإبطال العقد، لأن المدلس يستعمل طرقا ووسائل مضللة توقع بالمتعاقد الآخر وهو عالم بها أيما علم، وهو يستعملها علما منه بأنه لولاها لما حصل على اتفاق أو عقد، والاحتيال مرفوض شرعا وقانونا([31])وهو ما نص عليه الفصل 52 ق.ل.ع في إطار عيوب الرضى: “التدليس يخول الإبطال إذا كان ما لجأ إليه من الحيل أو الكتمان أحد المتعاقدين أو نائبه أو شخص آخر يعمل بالتواطؤ معه قد بلغت في طبيعتها حدا بحيث لولاها لما تعاقد الطرف الآخر.
باستحضار التدليس الوارد في (الفصل 64 من قانون 07- 14)([32])يتبين لنا أن نطاق الفصل (52 ق.ل.ع) هو العقد، ولا يمكن أن يمتد إلى التدليس الوارد في عملية التحفيظ التي هي من الخصوصية باعتبارها مسطرة مزدوجة إدارية وقضائية ما يجعلنا ننفي عنها صفة عقدية([33])،
وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن مفهوم التدليس الوارد في الفصل 64 من قانون 07-14؟ ثم المعيار الذي يمكن على أساسه القول بوقوع تدليس من عدمه؟ للإجابة عن هذه التساؤلات، سيكون حري بنا الاستئناس ببعض” التفسيرات القضائية لمقاربة هذا المفهوم ولمعرفة الضابط لقيام التدليس من عدمه، ومن ذلك قرار المجلس الأعلى الذي جاء فيه: “تحفيظ العقار باسم البائع بعد بيعه يعد تدليسا ضد المشتري موجبا للتعويض…” ([34]) ، وفي حيثيات حكم الاستئناف جاء في تفسير مفهوم التدليس ما يلي: “… وحيث لئن كان مشرع الفصل 64 ظ.ت.ع قد توخى التخفيف من حدة آثار مبدأ الصفة القطعية للرسم العقاري الذي قد ينطوي على إضرار بحقوق الغير من خلال تكريسه إمكانية إقامة دعوى شخصية بأداء التعويض في حالة التدليس، وكان لهذا الأخير مدلول في إطار هذه الدعوى لا يشترط معه حسب ما استقر عليه العمل القضائي في قيام المستفيد من التحفيظ بوسائل احتيالية ملموسة، بل يكفي أن يكون سيء النية بطلب تحفيظ أرض ليست ملكا خالصا له وهو أمر حققته سندات الملف…” ([35])، يتضح من خلال هذا الحكم أن معيار التدليس الذي أقرته المحكمة لا ينبني على حسن نية طالب التحفيظ أو سوءها ولا على لجوئه إلى الوسائل الاحتيالية، وإنما يكفي أن يطالب بتحفيظ أرض ليس ملكا له.
وعليه يمكن القول إن القضاء والفقه أصبح يرنو إلى اعتناق مفهوم واسع للتدليس الوارد في الفصل 64 من قانون التحفيظ ، بمعنى أننا نكون أمام حالة تدليس كلما كان هناك تصرف صادر عن سوء نية([36]) من طرف المحافظ على الأملاك العقارية أو بقصد الإضرار بالغير أو ليضمن الموظف بفعله الخاطئ تحقيق منفعة شخصية له([37])، كما يدخل في إطاره كل عمل ترتب عنه ضياع حق من جراء التحفيظ يعطي الحق للمتضرر في طلب التعويضات عما لحقه من أضرار مادية على الخصوص أو معنوية إن ثبت أن لها وجها مقبولا قانونا([38])، بحيث لا يشترط لتحقق التدليس استعمال وسائل احتيالية، بل يحتوي كل عمل كان نتيجته قيد عقار أو حق عيني آخر على اسم غير مالكه الحقيقي مع علم المستفيد من التحفيظ بأن هذا الحق ليس في ملكه([39])، وبهذا تحاول سعاد عاشور تحديد مفهوم التدليس في مواجهة المحافظ بقولها: “أما التدليس فهو يشمل كل التصرفات التي تستتبع توافر القصد الجرمي مما يدل على سوء نيته، وإذا كانت هذه التصرفات صادرة أثناء وظيفته ويدخل في هذا المجال كل الأضرار العمدية التي يرتكبها المحافظ عن بينة واختيار إضرارا للغير، فلا يجوز مثلا للمحافظ استغلال الوظيفة لإشباع حقده وإرضاء نزواته([40])، ويضرب أحد الباحثين([41]) مثلا لذلك بعملية التزوير التي تلحق إحدى البيانات المضمنة في مطلب التحفيظ بشأن الأطراف أو المساحة أو بعض الحقوق أو سحب وثيقة مهمة في الملف، بحيث أن هذه التصرفات تحتوي قرينة سوء النية وقصد الإضرار لغاية شخصية…
ومن الناحية العملية فمن الصعب إيجاد دعوى ضد المحافظ بسبب التدليس لصعوبة الإثبات،إذ كثيرا ما قضى القضاء بانعدام مسؤولية المحافظ الشخصية واقتصر على تكييفها بأنها مسؤولية الدولة بدعوى وجود خطأ مصلحي لا خطأ شخصي([42]).
ثانيا: الخطأ الجسيم
ذهب بعض فقهاء القانون في تعريف الخطأ الجسيم على أنه هو الابتعاد عن السلوك المطلوب من الرجل العادي المتواجد في نفس الظروف…([43])، ويرى البعض الآخر بأنه خطأ لا يقوم على أساس التدليس ولكن يتعدى من حيث خطورته الخطأ العادي الذي يمكن توقع حدوثه من أي موظف كأن يقوم المحافظ بإغفال ذكر إسم طالبي التحفيظ بين عدة أشخاص وردت أسماؤهم بمطلب التحفيظ بالوثائق المؤيدة لمطلبهم([44])… ، ففي هذه الحالة وغيرها التي يهمل فيها المحافظ إجراءات جوهرية ألحقت ضررا بالغير،فخطأه يعد خطأ فادحا يتحمل مسؤوليته وحده.
وفي غياب واضح لتقدير جسامة الخطأ، فإن القضاء المغربي يميل أحيانا إلى التساهل مع الموظف فلا يعتد ببعض الأخطاء التي يرتكبها المحافظ في إطار قيامه بمهامه رغم أنها لا تخلو من جسامة([45])، كما أنه من الصعب التمييز بين الأخطاء الشخصية والمصلحية رغم وجود عدة معايير لهذه التفرقة، فقد يفقد الخطأ المصلحي طبيعته ويتحول إلى خطأ شخصي يثير مسؤولية المحافظ خاصة وأن المهام التي يقوم بها متشعبة وكثيرة.
وهكذا يبقى القضاء هو المختص الوحيد في تقدير هذه الأخطاء وذلك حسب ظروف كل قضية([46])، ومن بين إسهامات العمل القضائي في إقرار مسؤولية المحافظ عن الأخطاء الجسيمة التي قد يرتكبها أثناء قيامه بمهامه نجد قرار المجلس الأعلى(محكمة النقض) الذي جاء فيه مايلي:”… إن موضوع هذه الدعوى هو تعويض الضرر الناتج عن السير المعيب لعملية التحفيظ، حيث لم يتحقق المحافظ من مطابقة الوثائق على القطعة المراد تحفيظها، فالمحافظ ملزم بالقيام بكافة الوسائل للتحقق من ثبوت حق طالب التحفيظ بما فيه موقع القطعة المراد تحفيظها وحدودها، والمحافظ ارتكب تقصيرا واضحا بمثابة الخطأ الجسيم، حيث لم يقم بما يوجبه عليه القانون من جراء المطابقة”([47]).
وفي قرار آخر أقرت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى حكم محكمة الموضوع فيما ذهبت إليه، حيث جاء عنها ما يلي:”حيث يتضح من تنصيصات القرار المطعون فيه أن المحكمة قد عللت قضاءها بتحميل الطاعن المسؤولية الشخصية عن الضرر الذي لحق بالمدعي الأصلي بأن المحافظ قد ارتكب خطأ جسيما عندما اقتطع جزءا كبيرا من مساحة العقار موضع الرسم العقاري عدد 45566 دون أن يتأكد من أن هذا الرسم لا يزال يشمل المساحة المشار إليها في عقد الهبة الذي سجله عليه مما طبقت معه المحكمة في حقه مقتضيات الفصل 80 من ق.ل.ع وهو الفصل القابل للتطبيق على النازلة…” ([48]).
من خلال هذه التطبيقات القضائية التي مرت بنا يتبين لنا أن القضاء أعمل سلطته التقديرية في تحديد مدى اعتبار خطأ المحافظ جسيما من عدمه على ضوء ظروف كل قضية وخصوصيتها وملابساتها مما يستتبع القول إن معيار جسامة الخطأ يشمل جانبا من أخطاء المحافظ ، ولكن رغم ذلك لا يمكن الأخذ به على إطلاقه على اعتبار أن هناك أخطاء جسيمة قد يرتكبها المحافظ وتكيف من طرف القضاء على أنها أخطاء مصلحية تتحمل الدولة تبعاتها.
وأخيرا يمكن القول إن التعديلات التي جاء بها قانون 07-14 حافظت على ازدواجية الاختصاص بين المحاكم الابتدائية والإدارية للطعن في قرارات المحافظ العقاري أمام القضاء ، وإن قامت بنقل بعض الاختصاصات لجهة على حساب جهة أخرى قصد توحيد جهة الاختصاص في بعض القضايا، بينما كان الأولى إحداث محاكم عقارية متخصصة على غرار المحاكم التجارية والإدارية…، كما يجب إعادة النظر في صياغة الفصلين 29 و62 التي تنصان على حالات عدم قبول الطعن في قرارات المحافظ بما ينسجم ومقتضيات الدستور الجديد2011 باعتبار أن حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه ومصالحه التي يحميها القانون مع التخفيف من مسؤولية المحافظ العقاري بما يكفل الحفاظ على حقوق الأفراد لتحصين الملكية العقارية وضمان الأمن العقاري لزرع الثقة والاطمئنان في نفوسهم وتشجيعهم على توظيف أموالهم واستثمارها في مشاريع تنموية تعود بالنفع على البلاد.
[1]ـ ادريس لزرق، “مسؤولية المحافظ على الأملاك العقارية والطعن في قراراته على ضوء مستجدات القانون رقم 07-14 المغير والمتمم لظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري” ضمن ندوة نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية قراءة في مستجدات القانون رقم 07-14، سلسلة دفاتر محكمة النقض، عدد 21 سنة 2015، ص: 346
[2] ـ محمد الهيني، تقييم لنظام الطعن في قرارات المحافظ العقاري بين القضاء العادي والقضاء الإداري على ضوء مستجدات قانون التحفيظ العقاري، ضمن ندوة مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء القانون رقم 14-07 الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية وماستر التوثيق والعقار بكلية الحقوق مراكش يومي 23و 24مارس 2012، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية مراكش، ع 41سنة 2013، ص:72
[3]– حسن فتوخ، “دور المحافظ في مراقبة السندات المدلى بها تدعيما لطلبات التقييد”، ضمن ندوة نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية، م س: 173
[4]ــ جاء في قرار للمجلس الأعلى: “إن السماح للمحافظ على الأملاك العقارية بقبول التعرض خارج الأجل – بصفة استثنائية – مادام الملف لازال موجودا بين يديه ولم تتم إحالته على كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية، فإن ممارسة هذا الاستثناء مشروط بوجود تعرض أو تعرضات سابقة قدمت داخل الأجل، لأنه لا يتصور قيام المحافظ بتوجيه الملف إلى المحكمة إلا بوجود تعرضات مسجلة داخل الأجل وهي الحالة التي لايمكن تطبيق مقتضيات الفصل 29 إلا في إطارها”. قرار المجلس الأعلى في الملف الإداري عدد 2560/ 4/1/2006 بتاريخ: 23/1/2008
[5]ـ زكريا العماري، “مدى قابلية قرار المحافظ برفض التعرض الاستثنائي للطعن بالإلغاء دراسة في ضوء مستجدات القانون رقم 07-14 ودستور يوليوز 2011»، مجلة القضاء المدني، العدد الخامس ــ السنة الثالثة – سنة 2014، ص: 73
[6] ـ حكم المحكمة الإدارية بالرباط ملف عدد 196-5-2010 بتاريخ 24 ماي 2012.
[7]ـ محمد الهيني، تأملات بشأن عدم دستورية بعض تعديلات ظهير التحفيظ العقاري، مجلة القبس المغربية، ع 3 يوليوز 2012، ص: 204
[8]– قرار محكمة الاستئناف رقم 77، الغرفة العقارية، ملف عدد 138-2008-13 الصادر بتاريخ: 6 ماي 2010، منشور بمجلة قضاء محكمة الاستئناف في ظل المبادئ الحديثة المعتمدة من طرف المجلس الأعلى، عدد 1 سنة 2001، ص: 105
[9]– قرار محكمة النقض عدد 420 بتاريخ 11 – 4 – 2002 ملف إداري عدد 24 –4-1-99.
[10]– حسن زرداني “وجهة نظر حول مدى إثارة الصعوبة في التنفيذ من طرف المحافظ على الأملاك العقارية”، مجلة محاكمة، ع 2، ص 135.
[11]– محمد مهدي الجم “التحفيظ العقاري في المغرب” مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، الدار البيضاء، ط الأولى، 1979، ص 230.
[12]– محمد مهدي الجم، م.س، ص 239.
[13]– كمال عونة، سلطات المحافظ في مراقبة مستندات التقييد بين المشروعية والرقابة القضائية، دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، جامعة محمد الأول، كلية الحقوق،وجدة، السنة الدراسية:2003-2004ص 31.
[14]نص الفصل 73 على أنه: “”تعتبر هوية كل طرف وصفته وأهليته محققة إذا استند الطلب على محررات رسمية وتعتبر هويته محققة إذا كانت التوقيعات الموضوعة بالطلب وبالعقود المدلى بها مصادق عليها من طرف السلطات المختصة.”
[15]– وفي هذا الصدد أقرت محكمة الاستئناف بالرباط في حكم لها بأن المحافظ لا يمكنه الوقوف على التغيرات التي تطرأ على الأهلية إلا من خلال ما تقدم له من وثائق ولا تمتد صلاحيته إلى مراقبة الظروف الخارجية غير المصرح بها من طرف طالب التسجيل نفسه إذا كانت تؤدي إلى عيب في أهلية هذا الأخير.حكم رقم 1070 بتاريخ 1931 مجموعة قرارات محكمة الاستئناف عدد 461، شتنبر 1961
[16]– حسن زرداني “دور المحافظ على الأملاك العقارية في تقييد الأحكام القضائية من زاوية إكراهات التطبيق”، مجلة الأملاك ع 4-5، سنة 2007، ص 191.
[17]– قرار المجلس الأعلى، عدد 1027 بتاريخ 6/7/2000 ملف إداري، عدد 747، 4/1/99 (غير منشور).
[18]– جاء في قرار للمجلس الأعلى أن: “رفض المحافظ تسجيل عقد عرفي لافتقاره إلى ما يفيد تصحيح إمضاء عاقديه يعتبر قرارا معللا وفقا لما هو مقرر في المادة 73 من ظهير 13 غشت 1913″، قرار المجلس الأعلى، عدد 1031 صادر بتاريخ 08/03/2000، ملف مدني رقم 616/1/1/99 (غير منشور).
[19]– Abdelaziz Bentoumi “Vérification des décisions”,Bulletin de liaison,n° 9/ Avril 1987p: 6.
[20] ـ منشور المحافظ العام رقم 286 المؤرخ في 26 فبراير 1983.
[21] ـ جاء في قرار لمحكمة النقض أنه : “لما كان المحافظ جهة إدارية لتنفيذ الأحكام القضائية بالرسوم العقارية ، فإن تقييده لعقد البيع بناء على ما تضمنه منطوق حكم قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به يكون معه قراره بالتقييد قد تم في إطار سلطته المخولة له قانونا ما دامت المحكمة قد تأكدت من عدم تغييره لما تضمنه الحكم موضوع التقييد أو تعديله أو الزيادة فيه”. قرار عدد 21 ، الملف المدني عدد 1879/1/8/2013 الصادر بتاريخ 21 يناير 2014، منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 77 سنة 2014.
[22]– محمد خيري، “قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي”، مطبعة المعارف الجديدة، الدار البيضاء، ط الخامسة 2009، ص: 396.
[23]ـ نص الفصل 97 في فقرته الأولى من قانون 07 – 14 على: “إن المحافظ على الأملاك العقارية مسؤول شخصيا عن الضرر الناتج: عن إغفال التضمين بسجلاته لكل تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي أو تشطيب طلب منه بصفة قانونية.”
[24]-عبد الكريم حيدرة «المسؤولية الشخصية للمحافظ على الأملاك العقارية”، م المغربية للإدارة المحلية والتنمية، ع 64 ط 2005، ص 93.
[25]– رضوان دراز، المحافظ بين المسؤوليتين المدنية والإدارية، دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في القانون المدني، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق الدار البيضاء، السنة الجامعية: 2001 – 2002، ص 80.
[26]– تنص الفقرة الثانية من المادة 58 قانون 07-14 على أنه: “في حالة الشياع لايسلم إلا نظير واحد للشريك المفوض له ذلك، أما باقي أصحاب الحقوق العينية فيمكنهم الحصول على شهادة خاصة بالتقييد.”
[27]– محمد الحياني، المحافظ العقاري بين متطلبات الاختصاص وإكراهات المسؤولية ، ط الأولى 1423هـ/2002م، ص 95.
[28]– عبد الحفيظ أبو الصبر، “الخطأ الشخصي للمحافظ بين الخصوصية والخضوع للمبادئ العامة”، م.س، ص 14.
[29]– عزيز الزهراوي، ، الخطأ الشخصي للمحافظ على الأملاك العقارية، دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية الحقوق، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الدراسية 2006-2007.ص: 59.
[30]– عبد الحفيظ أبو الصبر،”الخطأ الشخصي للمحافظ بين الخصوصية والخضوع للمبادئ العامة، م.س، ص 15.
[31]– محمد الحياني:”عقد البيع وقانون التحفيظ العقاري بالمغرب”، مطبعة وراقة الكتاب لابيطا، فاس، ط 1994، ص 71.
[32]– ينص الفصل 64 من قانون 07-14على أنه : “لا يمكن إقامة دعوى في العقار بسبب حق وقع الإضرار به من جراء تحفيظ، ويمكنهم لمن يهمهم الأمر وفي حالة التدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى شخصية بأداء تعويضات…”.
[33]– جيلالي بوحبص: “نحو مقاربة لمفهوم التدليس الوارد في الفصل 64 من ظهير التحفيظ العقاري” مقالات في القانون العقاري وقانون البناء، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، ط الأولى 2006، ص 54.
[34]– قرار المجلس الأعلى عدد 746 الصادر بتاريخ 21/10/1978 ملف مدني رقم 38-668 .
[35]– حكم الاستئناف بالرباط، عدد 29 ا لصادر بتاريخ 4/3/2003، ملف عقاري رقم 29/2002/13 (غير منشور).
[36]– بل إن القضاء أحيانا لا يناقش حتى مسألة سوء النية من عدمه عند مناقشته لمفهوم التدليس كما في حكم المحكمة الابتدائية بالرماني الصادر بتاريخ 26/2/2004 في الملف 87/3/13 عدد 34 والذي جاء في إحدى حيثياته: “… وحيث إن تدليس الطرف المدعى عليه ثبت من خلال الأحكام المكتسبة لقوة الشيء المقضي به والتي قضت بعدم أحقية المدعى عليهم في ملكية الرسم عدد… وحيث يكون بذلك طلب المدعي مرتكز على أساس ويتعين الاستجابة له.”
فاستنادا لهذا الحكم فطالب التحفيظ لم يلجأ إلى أية وسائل احتيالية وإنما قام بتأسي رسم عقاري استنادا لأحكام قضائية أصبحت نهائية وقضت بصحة تعرضه، ولكن ألغيت هذه الأحكام فيما بعد، فقام خصمه في الدعوى السابقة بطلب تعويض وحكمت المحكمة من جديد بالتعويض رغم أن الذي تغير في الواقع هو المركز القانوني لطالب التحفيظ استنادا لتغير موقف الأحكام القضائية ليس إلا، وليس لقيامه بأية أفعال تدليسية.جيلالي بوحبص، م.س، ص 55-56.
[37]– وزارة العدل، شرح ق.ل.ع، الكتاب الأول، ج 1، ط 2002، ص 190.
[38]– عبد العالي بن محمد العبودي “نظام التحفيظ العقاري وإشهار الحقوق العينية بالمملكة المغربية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط الأولى 2003، ص 141.
[39]– مأمون الكزبري “التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي”، ط الثالثة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط الثانية 1987، ج 1، ص 98.
[40]– سعاد عاشور “حجية التسجيل وفق نظام التحفيظ العقاري، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، أبريل 1997، ص 224.
[41]– رضوان درازي، م.س، ص 62.
[42]– محمد الحياني “المحافظ العقاري والمسؤولية التقصيرية (واقع وآفاق)” ،مؤسسة النخلة للكتاب، وجدة، ص 75-76.
[43]– محمد كشبور “التطهير الناتج عن تحفيظ العقار” ط الأول 1426-2005، ص 53.
[44]– محمد خيري “قرارات المحافظ بين الازدواجية في المسؤولية والازدواجية في الاختصاص القضائي”، ندوة ا أنظمة العقارية في المغرب التي نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق، جامعة القاضي بمراكش، يومي 5 و6 أبريل 2002، منشورات مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش 2003، ص 348.
[45]– عبد الحفيظ أبو الصبر، م.س، ص 59.
[46]– حفيظة قسماوي “مسؤولية المحافظ في التشريع العقاري المغربي” مجلة القانون المغربي، ع 1 سنة 2002، ص 73.
[47]– قرار المجلس الأعلى رقم 3300 الصادر بتاريخ 25 مارس 1991، منشور بمجلة القضاء والقانون، ع 144، نونبر 1992، ص 148.
[48]– قرار المجلس الأعلى رقم 148 بتاريخ 29/2/1996 ملف إداري 1-5-1-95، مجموعة قرارات المجلس الأعلى، الغرفة الإدارية، 1958-1997، ص 461.