أهمية مكان التحكيم في المسطرة التحكيمية

أهمية مكان التحكيم في المسطرة التحكيمية

L’importance du lieu de l’arbitrage dans la procédure arbitrale

                

 طالب بسلك الدكتوراه

 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا_ جامعة محمد الخامس _ الرباط

 

   تعالج هذه المساهمة أهمية المقر كخاصية ارتباط في مجال التحكيم. ولقد أثار هذا السؤال ولا يزال، نقاشات نظرية محتدمة، كما أن له تداعيات عملية مباشرة.

  من خلال هذه المقدمة، يمكن إدراك الدور المهم الذي يلعبه المقر في المنازعة التحكيمية، باعتباره المكان القانوني والنظامي والرسمي، الذي يربط التحكيم بنظام قانوني وطني، نظام معترف له بالشرعية وذو طابع قضائي.

 ومن الأجدر في هذا الباب، بل يصح بداية، أن نجعل من هذا العنصر المهم في العملية التحكيمية، ذاك المفهوم المادي والملموس الذي يختص به مقر التحكيم.

  وبحيث يتم احترام أولوية إرادة الأطراف في اختيار التحكيم، فإن الطرح العام هو أن كل اتفاق على التحكيم يجب أن يكون له مقر، خصوصا إذا كان الأمر يتحدد على غراره معرفة قاضي الدعم ”  Le Juge d’appui” الذي تكون له أهمية قصوى في تأمين مسار التحكيم حالة وجود صعوبات.[1]

وإذا كان اتفاق الأطراف على المقر أو اختيارهم له تبعا لإرادتهم، يهم فيما يهم مكان سير الإجراءات التحكيمية، فهل ثمة ما يؤثر، في حالة ما إن تم تغيير هذا المقر لغرض تيسير المسطرة التحكيمية وإجراءاتها فيما يخص النزاع الجاري أمام هيئة تحكيمية..؟ وبعبارة أخرى، أن ما يهمنا في هذه المناسبة هو مكان الإجراءات، وفي شقها الاستعجالي على وجه الخصوص، وليس مقر التحكيم الذي يمكن أن يتم الاتفاق عليه مسبقا سواء في العقد أو بعد نشوب نزاع.

  إن موضوعنا هذا، يتحدد في مجال التدابير الوقتية والتحفظية بمناسبة مسطرة تحكيمية تقع إجراءاتها في مكان معين. إذن، فما هي خصوصية هذه المسطرة إذا ما أردنا رؤية عنصر المقر من هذا الجانب؟

   هذا، مع أننا نعتقد جازمين أن ما يسري على المقرر التحكيمي (Sentence) نجده يسري على الإجراء الاستعجالي في هذا الباب.

  وعليه، سيتم معالجة هذه المسألة من خلال مطلبين كالتالي:

المطلب الأول: مكان المسطرة التحكيمية

المطلب الثاني: خصوصية مكان التحكيم من حيث الإجراءات

المطلب الأول: مكان المسطرة التحكيمية

تجدر الإشارة بدء، أنه عندما يتلقى المحكم الاستعجالي أو هيئة التحكيم طلبًا بالتدابير المؤقتة، فإنهم يواجهون نفس التحدي الذي تواجهه المحكمة الاستعجالية المختصة، إلا أنه ليس الوحيد، بل هناك تحد آخر أكثر صعوبة، وهو حين يتعلق الأمر بالتحكيم ذي الطابع الدولي حيث يكون النزاع مرتبطا بالتحكيم التجاري الدولي، سواء كان نزاعًا حول الموضوع أو نزاعًا ذا طبيعة استعجالية أثير لغرض التدابير المؤقتة.[2]

والأمر هنا يتعلق أساسا بمقر التحكيم من حيث سير إجراءات الدعوى التحكيمية، والذي يكون له تداعيات جمة على سير المسطرة الجارية أمام الهيئة التحكيمية..

الفقرة الأولى: المبادئ العامة لمكان التحكيم

من المفهوم، أنه في مثل هذه النزاعات، يكون الخصوم في الغالب من جنسيات مختلفة، بالإضافة إلى كون المعاملات الجارية أو الأصول (Les biens) موضوع التقاضي تتواجد في بلدان مختلفة. ولهذه الأسباب، نجد من الناحية العملية أنه كثيرا ما يحدث أن يقيم كل من الطرفين في بلدان مختلفة، بينما يقع مركز التحكيم المختص بنزاعه في بلد آخر. وبالمثل، يزيد تعدد الخصوم من الصعوبات، لا سيما في مجال نزاعات مرتبطة بالتدابير الوقتية والتحفظية.

ومع ذلك، فإن الحالة المستعجلة التي دعت إلى تقديم التدابير الوقتية والتحفظية لدى المحكم، تزيد من هذه الصعوبات لأن المحكم الذي يبت في المطلب الاستعجالي يجب أن يصدر قراره خلال فترة لا تتجاوز بضعة أيام، وفي خلال هذه الفترة القصيرة، يُلزم المحكم بإدارة المسطرة بطريقة عادلة، كما يجب أن يضمن أن لكل طرف (من حيث التدابير الثنائية-Mesures provisoires bilatérales)؛ حقه ليدلي بأقواله بالشكل الكافي، لأن الخصوم في المنازعة التحكيمية يجب أن يعاملوا على قدم المساواة فضلا على وجوب أخذ الفرصة لممارسة حقوقهم.[3]

هذا هو التحدي المعقد الذي يواجه التحكيم التجاري الدولي في الشق الاستعجالي. كما أن الحدوث المفاجئ لخطر ما، مع حتمية احترام الحقوق المستحقة للأطراف وكذلك الحاجة إلى فحص المطلب وإصدار القرار خلال فترة زمنية قصيرة هي عوامل تتعارض والسمات المتأصلة في نزاعات التحكيم الدولية المذكورة سابقا، ومن أجل تقييم قدرة التحكيم التجاري الدولي لتجاوز هذا التحدي المعقد، يظل من الضروري تحليل المقتضيات ذات الصلة التي تنظم مسألة مقر التحكيم فيما يتعلق بالتدابير الوقتية والتحفظية،. بما أن هذه مسألة إجرائية عامة، فسوف نركز بأكبر قدر ممكن على ما هو ملائم لغرض دراستنا.

الفقرة الثانية: التحديد القانوني لمقر التحكيم

في مجال التحكيم التجاري الدولي، يعتبر مقر التحكيم عنصرا تأسيسيا جوهريا ذا أهمية قصوى،[4] لأنه في حالة عدم وجود إرادة صريحة من الأطراف، قد يكون المقر أحد العوامل التي قد يتم بموجبها تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع من طرف هيئة التحكيم. والتي على أساسها تم إسناد مهمة الفصل في النزاع للمحكم أو لعدة محكمين. كما يحدد كذلك محكمة الدولة التي يرجع لها الاختصاص الترابي، للنظر في الصعوبات التي قد تواجه الدعوى التحكيمية في بداية أو أثناء إجراءات التحكيم (juge d’appui)، أو لممارسة حق الطعن ضد قرار التحكيم.[5]وهذه أمثلة عن النتائج القانونية التي قد ترتبط بمقر التحكيم.

بالإضافة إلى ذلك، يثير مكان التحكيم عددا من الصعوبات العملية، وكثيراً ما نجد أن مقر التحكيم يختلف عن المكان الذي نشأ فيه النزاع. ومن الممكن، من الناحية العملية، ألا نجد أي نوع من العلاقة بين مقر التحكيم والعناصر الرئيسية للنزاع، مثل محل إقامة كل من الأطراف أو موقع الموجودات المعنية، إلخ..، ففي نزاعات التحكيم المعقدة، يمكن عقد إجراءات تخص الدعوى في مواقع مختلفة.[6] وبالنظر إلى ظروف نزاع التحكيم الجاري، يجوز أن يتخذ المقر القانوني للتحكيم أحد هذه الأماكن أو غيرها،[7] وعلاوة عن ذلك، فإن ظهور المسطرة الحديثة في التحكيم عبر الإنترنت (cyber arbitrage) يجعل المسألة أكثر تعقيدًا.[8]

بسبب هذه العواقب ذات الطبيعة القانونية، فإن فكرة مقر التحكيم هي قضية مثيرة للجدل. خاصة وأن هناك تعبيرين مختلفين لا ينبغي الخلط بينهما لأنهما لا يمتلكان نفس الدلالة الإجرائية؛ هذان المصطلحان هما: مقر التحكيم ومكان إجراءات التحكيم.[9]

وتحدد المادة 3 من قانون التحكيم البريطاني لعام 1996 مقر التحكيم بتأكيد ذلك كما يلي:”في هذا الجزء” يقصد بمقر التحكيم “المقر القضائي للتحكيم المعين: (أ) من جانب طرفي اتفاق التحكيم، أو (ب) من قبل أي هيئة تحكيمية أو مؤسسة أخرى أو شخص معين من الأطراف ذات الصلاحيات في هذا الأمر، أو (ج) من قبل هيئة التحكيم إذا كان ذلك مرخصًا لها من قبل الأطراف، أو تم تحديده مسبقا، وفي غياب أي تعيين من هذا القبيل، يراعى اتفاق الأطراف وجميع الظروف ذات الصلة “.

في رأينا أن مقر التحكيم هو الموقع الجغرافي الذي يعتبر فيه التحكيم قانونًا قد تم إجراؤه وحيث تم اتخاذ أي قرار تحكيمي على الرغم من أنه ليس فعلا المكان الذي جرت فيه كل أو بعض إجراءات التحكيم.[10]

خلافا لما هو منصوص عليه في القوانين الوطنية المتعلقة بالمسطرة المدنية، وما يتم تطبيقه أمام محاكم الدولة، فإن تحديد المقر القانوني للتحكيم يخضع أساسا لإرادة الطرفين.[11]

  كما يظل للأطراف الحق في تعيين المقر في اتفاق التحكيم المبرم بينهما.[12]ويبقى من المقبول أن يختاروه في بداية إجراءات التحكيم.[13] وبالتالي، فإن حق الأطراف في تحديد مقر التحكيم هو مبدأ عام وقابل للتطبيق بغض النظر عن موضوع النزاع المنظور من قبل هيئة التحكيم، والذي تؤكده الصكوك الدولية للتحكيم، وحتى أغلبية أنظمة التحكيم  تزكي هذا المبدأ بالإجماع.[14]

تنص المادة 63 من اتفاقية المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (CIRDI) على أنه: “إذا قرر الأطراف أن تتم إجراءات التحكيم والتوفيق والتحكيم: (أ) في مقر محكمة التحكيم الدائمة أو أي مؤسسة أخرى مناسبة، عمومية أو خاصة، ﻳﻜﻮن اﻟﻤﺮكز قد اتخذ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎت ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض؛ (ب) في أي مكان آخر توافق عليه اللجنة أو المحكمة بعد التشاور مع الأمين العام.

كما تنص المادة 20 في بندها الأول، من قانون الأونسيترال النموذجي على أن: “للأطراف حرية الاتفاق على مكان التحكيم. فإن لم يتفقا على ذلك، تولت هيئة التحكيم تعيين هذا المكان، على أن تأخذ في الاعتبار ظروف القضية، بما في ذلك راحة الطرفين”.

وفيما يتعلق بقواعد التحكيم، تنص المادة 18-1 من قواعد غرفة التجارة الدولية (CCI) على أن: ” المحكمة تحدد مكان التحكيم، ما لم يتفق الطرفان على ذلك”

كما يؤكد البند 1.16 من لوائح محكمة لندن للتحكيم الدولي ((LCIA[15] على أنه: “يجوز للطرفين الاتفاق كتابة على مكان (أو مكان قانوني) تحكيمهم في أي وقت قبل تشكيل هيئة التحكيم، وبعد ذلك بموافقة خطية مسبقة من طرف هيئة التحكيم “.

فيما يتعلق بالتشريعات الوطنية، نشير على سبيل المثال، إلى نص المادة 1.20 من قانون التحكيم التجاري الكندي على أنه: “للأطراف الحرية في تقرير مكان التحكيم. وفي غياب مثل هذا القرار، يتم تحديد هذا المكان من قبل هيئة التحكيم، مع مراعاة ظروف القضية، بما في ذلك رضا الأطراف”. كما نذكر القسم 1043 من قانون التحكيم الألماني الذي ينص على أن: “للأطراف الحرية في الاتفاق على مكان التحكيم. وفي غياب هذا التنصيص، تحدد هيئة التحكيم مكان التحكيم مع مراعاة ظروف القضية، بما في ذلك رضا الأطراف. وهكذا تنص المادة 22 من قانون التحكيم السويدي على أنه: “يحدد الأطراف مكان الاجراءات. وفي غياب هذا التحديد، يقوم المحكمون بذلك “.

وفي حالة عدم اتفاق الطرفين على تحديد مقر التحكيم، يتم تحديد هذا المقر وفقاً لقواعد المركز المنصوص عليها في اتفاق التحكيم.[16] وفي هذا الصدد، تنص المادة 16-2 من محكمة لندن للتحكيم الدولي (LCIA) على أنه: “في حالة عدم وجود أي اتفاق من هذا القبيل، يكون مقر التحكيم هو لندن (إنجلترا)، وإلا فإلى أن تصدر أوامر هيئة التحكيم، في ضوء الظروف وبعد منح الأطراف فرصة معقولة لتقديم رأيهم كتابة إلى هيئة التحكيم تقترح مكان تحكيم آخر أكثر ملاءمة (…). وتؤكد المادة 18-1 من قواعد غرفة التجارة الدولية (CCI) على أن: ” تحدد المحكمة مكان التحكيم، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك”.

المطلب الثاني: خصوصية مكان التحكيم من حيث الإجراءات

  بالنظر إلى أن إجراءات اتخاذ التدابير الوقتية والتحفظية يمكن أن تجري أمام هيئة التحكيم التي تبت في موضوع النزاع، وأن ذلك يمكن أن يتم من قبل محكم المستعجلات قبل تشكيل هذه المحكمة، فإنه سيقودنا إلى فحص قواعد التحكيم التي تحكم مسألة المكان حيث تجري مسطرة النظر في هذه التدابير وفق الآتي:

الفقرة الأولى: جدوى اختيار مكان الإجراءات

  تجدر الإشارة، إلى أن تحديد مقر التحكيم يخضع في المادة الاستعجالية أمام هيئة التحكيم للقواعد العامة التي تحكم نفس المسألة في جميع منازعات التحكيم العادية. ومع ذلك، قد يكون المقر المختار غير مناسب لظروف طلب تدابير ذات طبيعة استعجالية، التي يجب تقديمها والنظر فيها واتخاذ قرار بشأنها في غضون أيام قليلة على الأكثر. في مثل هذه الحالة، يجوز لهيئة التحكيم عقد جلسات الاستماع والاجتماعات في أي مكان تراه مناسبًا لجميع الأطراف ووفقًا لظروف النزاع.[17] وهذا الإجراء، الذي يمكن أن تتخذه هيئة التحكيم (تحديد مكان الإجراءات)، منصوص عليه في غالبية صكوك التحكيم.

ومع ذلك، تعتبر بعض الأنظمة أن موافقة الأطراف أمر ضروري، إذا ما قررت المحكمة تغيير مكان الإجراءات.[18]وهذا ما نفهمه من نص المادة 2.18 من قواعد غرفة التجارة الدولية (CCI)، على أنه: “يجوز لهيئة التحكيم، بعد أخذ رأي الأطراف، عقد جلسات استماع واجتماعات في أي مكان آخر تراه مناسبًا، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك”. وأيضا وبنفس المعنى من خلال المادة 20-2 من قواعد غرفة التجارة بستوكهولم (CCS) على أنه “يجوز لهيئة التحكيم، بعد التشاور مع الأطراف، إجراء جلسات استماع في أي مكان تراه مناسبًا. كما يجوز لها أيضا أن تجتمع وتناقش في أي مكان تراه مناسبا”. ونفهم كذلك المعنى نفسه من خلال المادة 39 (ب)- من قواعد المنظمة العالمية للملكية الفكرية، التي تنص على أنه: “يجوز للمحكمة، بعد التشاور مع الطرفين أو الأطراف، عقد جلسات استماع في أي مكان تراه مناسبًا. ويجوز لها التداول في أي مكان تراه مناسبًا “. وكذلك المادة 3.16 من قواعد (LCIA)، التي تفيد نفس المعنى.[19]

وتجدر الإشارة في هذا الصدد، أن أنظمة أخرى، مثل القانون السويسري، لا ينص صراحة على هذا الشرط (استشارة الأطراف قبل تغيير مكان إجراءات التحكيم). وعلى سبيل المثال، تمنح المادة 2.16 من القانون السويسري لهيئة التحكيم فقط الإذن بتغيير مكان الإجراءات مع مراعاة ظروف النزاع. وتنص بذلك على أنه: “بصرف النظر عن تحديد مقر التحكيم، يجوز لهيئة التحكيم أن تقرر أين ستجري الإجراءات. ويجوز لها على وجه الخصوص الاستماع إلى الشهود وعقد الاجتماعات للتشاور معهم في أي مكان تراه مناسباً، مع مراعاة ظروف التحكيم”. كما تنص المادة 22 من قانون التحكيم السويدي على أنه: “يجوز للمحكمين عقد اجتماعات في مكان آخر في السويد أو في الخارج، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك”.

ومن شأن الإجراء الموضح أعلاه أن يكون مناسبًا للنظر في نزاع تحكيمي استعجالي لا يتميز بالتعقيد. إلا أنه يبقى في تقديرنا، أن الصلاحية الممنوحة لهيئة التحكيم لتحديد المكان المناسب للقيام بإجراءات التحكيم ليست ميزة حقيقية من شأنها تمكين التحكيم الدولي الاستعجالي من التغلب على التحديات التي تواجه. خصوصا إذا اتسم النزاع الاستعجالي، الذي قد يحدث بشكل غير متوقع، بالتعقيد بالنظر إلى طابعه الدولي أو لتعدد الأطراف المعنية ووجود موطن كل منهم في بلد مختلف عن البلد المختار كمقر للتحكيم، الأمر الذي  يزيد من تعقد المسطرة قيد المناقشة أكثر فأكثر، هذا ما إذا أضفنا إلى كل ما سبق ذكره إمكانية وجود حالة تتطلب تدخل الهيئة التحكيمية للبت استعجاليا في الطلب المقدم أمامها؛ وهو ما يتطلب حتمًا قرارًا فوريًا في غضون ساعة أو بعض الساعات على الأكثر.

فعلى الرغم من الصلاحية التي منحت للهيئة التحكيمية  في تحديد المكان المناسب، من حيث الموقع الجغرافي، للمضي قدمًا في عملية التحكيم، فلن يكون من السهل والمناسب تمامًا في ظل ظروف بالغة التعقيد كهذه، تحقيق الغاية المتوخاة من المسطرة المذكورة.

وهنا يكمن ضعف وعدم فعالية التحكيم التجاري الدولي في الشق المتعلق باتخاذ التدابير الوقتية والتحفظية. ولهذا السبب، نعتقد أن هذه التحديات التي تواجه التقاضي الاستعجالي الدولي أمام هيئة التحكيم لا يمكن التغلب عليها إلا إذا تم عقد جلسات استماع واجتماعات ومداولات في الفضاء الافتراضي (cyber_espace) بواسطة وسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة.

إلا أن هذا الحل لا يمكن أن يكون ذا فعالية بالنسبة لطلبات تتعلق بالتدابير الوقتية والتحفظية إلا بالنسبة للأنظمة والمؤسسات التحكيمية التي تعترف وتحتضن نظام المحكم الاستعجالي.

وفي تعبير واضح للغاية، تنص المادة 2.4، التذييل الخامس من قواعد غرفة التجارة الدولية على أنه: ” كل اجتماع مع محكم الأمور المستعجلة يجوز أن يكون في شكل جلسة يحضرها الأطراف المعنيون شخصيا في أي مكان يراه المحكم مناسبا، أو عن طريق الجلسة الافتراضية عبر الفيديو(vidéoconférence)، عبر الهاتف أو بوسائل اتصال أخرى مماثلة “.

كذلك، تنص المادة 5، الجدول 1 من قواعد المركز الدولي للتحكيم بسنغافورة (CAIS) على أنه: “(…) يجب أن يوفر هذا الجدول الزمني فرصة معقولة لسماع الأطراف، كما يجيز اللجوء التحدث الجماعي من خلال الهاتف أو عبر المراسلات الكتابية كبدائل لجلسة رسمية (…) “. وفي صياغة مماثلة، تؤكد المادة 38 (د)- من قواعد الرابطة الأمريكية للتحكيم (AAA) أنه: “(…)، مثل هذا الجدول الزمني يوفر فرصة معقولة لجميع الأطراف للاستماع إليهم، كما يجيز اللجوء إلى الهاتف أو عن طريق الجلسة الافتراضية عبر الفيديو(vidéoconférence)، أو عبر المراسلات الكتابية كبدائل لجلسة رسمية (…)”.

إن ما يمكن أن نستخلصه من تحليل صياغة هذه المواد؛ هو أن المحكم الاستعجالي لديه صلاحية عقد جلسات استماع واجتماعات بالوسائل الإلكترونية دون الاستشارة مع الأطراف في هذا الصدد، وهو ما يعني أن إجراء جلسات استماع عبر الفيديو من خلال الواقع الافتراضي هو أمر يتعلق بتقدير محكم الاستعجالات.

الفقرة الثانية: التحكيم الإلكتروني وإشكالية مقر الإجراءات التحكيمية

في تقديرنا يقدم التحكيم الإلكترونيفي هذا المجالميزة مهمة، خصوصا في موضوع مقر التحكيم، لإنه يساهم في فعالية هذا الإجراء- جلسات استماع عبر الفيديو من خلال الواقع الافتراضي – مادام أن وجود حالات استعجالية لا تسمح للمحكم بإضاعة الوقت للتشاور مع جميع الأطراف في مسألة مكان الجلسة أو الوسائل التي من خلالها يمكن أن تعقد اجتماعات، مع أن الأمر لا يستبعد أبدا الحاجة إلى إخطار جميع الأطراف بمكان جلسات الاستماع أو الوسائل التي ستستخدم لعقد الجلسات.

ومن المهم جدا التأكيد، على أن المقتضيات المذكورة أعلاه، لا تنطبق إلا على الطلبات المقدمة لمحكم المستعجلات، الذي لا يكون مختصا إلا قبل تشكيل هيئة التحكيم. وبعبارة أخرى، فإنها لا تنطبق أبداً على طلب اتخاذ تدابير مؤقتة معروضة على هيئة التحكيم.

 لهذا السبب، وفيما يتعلق باتخاذ تدابير وقتية أو تحفظية طلبت من هيئة التحكيم، نرى ضرورة العمل بنفس المقتضيات المذكورة آنفا، والتي تتيح للمحكمة إذا كانت ظروف القضية تستدعي عقد جلسات الاستماع والاجتماعات والمداولات من خلال وسائل الاتصال الحديثة هذه. والذي نقترح أن يتم العمل على تقنينها ضمن الأنظمة واللوائح التحكيمية التي تعتمد هذا النظام.[20]

من حيث المنهجية التشريعية، نعتبر أنه من المنطقي أن استعمال هذه الوسائل التي نقترح أن تكون من أدوات الهيئة التحكيمية، يجب أن تتبع المقتضيات التي تحكم سلطة هيئة التحكيم في منح التدابير الوقتية والتحفظية.

إن إمكانية عقد جلسات استماع واجتماعات بوسائل الاتصال الإلكترونية بغرض التغلب على العقبات التي تواجه النزاع الدولي الاستعجالي أمام التحكيم، لا سيما في حالة تعدد الأطراف. وفيما يتعلق بالمسألة قيد النظر، نعتقد أن هذا الإجراء يزيد من فعالية التحكيم التجاري الدولي فيما يتعلق باتخاذ التدابير الوقتية والتحفظية، لا سيما في حالة الاستعجال القصوى.

بالإضافة إلى ذلك، فإنه يمنح هيئة التحكيم التفوق على المؤسسة القضائية للدولة التي لديها فقط الآلية التشريعية التي تجعلها أقل قدرة على تسوية النزاعات الدولية المعقدة التي تتميز بتعقيد كبير.

ومع ذلك، إذا كان تطبيق الإجراء الآنف الذكر، بمناسبة طلبات التدابير الوقتية والتحفظية أمام المحكم الاستعجالي يعتبر ضروريا لفعالية المسطرة الاستعجالية التي ينظرها هذا المحكم الوحيد، فإنها تكون بأهمية بل بضرورة أكثر، ولا غنى عنها في حالة اتخاذها من قبل هيئة التحكيم.

في حالة تقديم طلب التدابير المؤقتة إلى هيئة التحكيم، والتي غالبا ما تكون مؤلفة من ثلاثة، لأنه من النادر في الممارسة العملية أن تتكون هذه المحكمة من محكم واحد، ففي حالات الاستعجال القصوى التي تتطلب التدخل القضائي السريع جدا، يكون من الصعب على هؤلاء المحكمين الثلاثة، في غضون ساعات بعد إيداع الطلب، أن يحضروا جميعهم في موقع جغرافي معين لسماع جميع الأطراف (الذين قد يكونون أكثر من اثنين)، والتداول وإصدار قرارهم الذي يجب أن يكون في بعض الأحيان في ساعة أو أكثر من ذلك بقليل.

ولهذا السبب، نعتقد أن الإجراء الذي يعطي المحكم سلطة عقد جلسات استماع واجتماعات بوسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة وخاصة في الفضاء السيبراني (cyber_espace)، يجعل التحكيم التجاري قادرا على التغلب على تحديات الزمن و المسافة الذين يميزان التقاضي الدولي الاستعجالي، وخاصة التعددية الدولية.

قبل وضع النقطة الأخيرة في هذه الفقرة، لا يزال هناك مبدآن عامان يجب ذكرهما:

المبدأ الأول: في حالة عقد جلسات استماع أو اجتماعات في مكان آخر غير المكان الذي يتفق عليه الأطراف بصفته مقر التحكيم، يجب إخطارهم بهذا المكان. وفي جميع الحالات، يجب على الأطراف أيضًا أن يكونوا على دراية بتاريخ ووقت الجلسة. وفي هذا الصدد، تنص المادة 20-2 من قواعد غرفة التجارة بستوكهولم (CCS) على أنه: “يجوز لهيئة التحكيم، بعد استشارة الأطراف، إجراء جلسات استماع في أي مكان تراه مناسبًا”. ومن المفهوم طبعا، أن استشارة الأطراف حول عقد جلسات الاستماع والاجتماعات في مكان آخر غير الذي تم بالفعل الاتفاق عليه، يؤكد موافقتهم ومعرفتهم الضمنية بهذا المكان.

من الواضح أن المادة 27-2 من قواعد غرفة التجارة بستوكهولم (CCS)، تؤكد هذا المبدأ من خلال النص على أنه: “تحدد هيئة التحكيم، بالتشاور مع الأطراف، تاريخ ووقت ومكان أي جلسة استماع وتخطر الأطراف في غضون فترة زمنية معقولة “.

مما سبق، نستنتج أن هذا المبدأ يجب أن ينطبق أيضا في حالة المحكم الاستعجالي أو هيئة التحكيم عندما تقرر عقد جلسات استماع أو اجتماعات بواسطة وسائل الاتصال الإلكترونية. من المسلم به أن هذا ينطبق إذا تم تقديم الطلب لغرض التدابير الثنائية؛ وخلافا لذلك، فإنه يشكل انتقاصا لحقوق الدفاع المخولة للأطراف. ومع ذلك، لا ينطبق هذا المبدأ إذا كان الطلب لغرض التدابير الأحادية، لأن مبدأ التواجهية يعتبر من الخصائص الأساسية لهذه المسطرة.

المبدأ الثاني: لا يزال يعتبر التحكيم قد أجري في الموقع الجغرافي التي تم تعيينه من قبل الأطراف من أجل أن يكون المقر القانوني للتحكيم، حتى لو عقدت جلسات أو اجتماعات في مكان آخر. وهو المبدأ الذي بعض اللوائح والأنظمة التحكيمية ذات الصلة.

وتنص المادة 20-3 من قواعد (CCS) على أنه: “يُعتبر قرار التحكيم قد صدر من مقر التحكيم”. وبالتالي، فإن المادة 4.16 من القواعد السويسرية التي تنص على أنه: “يعتبر الحكم قد تم إصداره في مقر التحكيم”. من أجل تنظيم هذه المسألة، تعتبر المادة 3.16 من لوائح (LCIA) أكثر وضوحا لأنها تؤكد هذا المعنى.[21]

هذا المبدأ، يعني ضمنا أن النتائج القانونية تتعلق دائما بالمقر المعين، إما بموافقة الأطراف أو المحكم أو مؤسسة التحكيم في غياب أي اتفاق. وعلى العكس، فإن هذه النتائج تظل في استقلال تام عن المكان الذي تجري في العمليات الإجرائية للتحكيم.[22]

خاتمة

في مؤلفه المعنون ب: “القاضي والتحكيم” Le juge et l’arbitrage – ، يعتبر “فرحات حرشاني”- F. Horchani، أن لا مجال للحديث عن جدوى المقر، ويرى أن هناك نقاط أخرى التي تجعل من انعدام الجدوى التي تتعلق بمقر التحكيم، من شأنها إثارة الجدل والنقاش.

في حين نجد المدافعين على مبدأ التحديد الجغرافي للمقر في مجال التحكيم التجاري الدولي، يؤيدون المنظور التقريري للتحكيم، والذي من أجله يجب أن يكون أي التحكيم مختصا وفق خاصية وظيفية، وهو الأمر الذي يوفره مقر التحكيم كأداة فعالة في هذا المجال.[23]

ورغم تضارب الآراء في هذا الصدد، نرى من جهتنا، أنه بمناسبة نزاع تحكيمي، وخصوصا في مجال التدابير الوقتية والتحفظية، فإن مسألة المقر تظل ذات جدوى وأهمية في سير المسطرة التحكيمية، إن لم يكن على مستوى الإصدار فالأمر جاد في مجال التنفيذ.

كما نعتقد أن عقد جلسات استماع أو اجتماعات عبر الفضاء السيبراني (cyberespace[24] أو غيرها من الوسائل الإلكترونية الموثوق بها في مجال الاتصال، إذا ما تعلق الأمر باتخاذ تدابير وقتية أو تحفظية، فإنه لا يغير من حقيقة أن التحكيم يعتبر كما لو أنه تم في المقر القانوني الذي سبق تحديده، وأن أي حكم أو أمر قد يتم إصداره، يعد كما لو أنه صدر في هذا المقر.[25]


[1]– A. panchaud, Le siège de l’arbitrage international de droit privé, Rev. Arb. 1966, p. 2-15.

[2][2][2]- Les éléments qui donnent à l’arbitrage le caractère international s’avèrent une question rudimentaire; or, il nous suffit de mentionner l’article 1.3:5 de la loi type qui confirme que :   Un arbitrage est international si: a) Les parties à une convention d’arbitrage ont, au moment de la conclusion de ladite convention, leur établissement dans des États différents; ou b) Un des lieux ci-après est situé hors de l’État dans lequel les parties ont leur établissement: i) Le lieu de l’arbitrage, s’il est stipulé dans la convention d’arbitrage ou déterminé en vertu de cette convention; ii) Tout lieu où doit être exécutée une partie substantielle des obligations issues de la relation commerciale ou le lieu avec lequel l’objet du différend a le lien le plus étroit; c) Les parties sont convenues expressément que l’objet de la convention d’arbitrage a des liens avec plus d’un pays. 4) Aux fins du paragraphe 3 du présent article, a) Si une partie a plus d’un établissement, l’établissement à prendre en considération est celui qui a la relation la plus étroite avec la convention d’arbitrage; b) Si une partie n’a pas d’établissement, sa résidence habituelle en tient lieu. 5) La présente Loi ne porte atteinte à aucune autre loi du présent État en vertu de laquelle certains différends ne peuvent être soumis à l’arbitrage ou ne peuvent l’être qu’en application de dispositions autres que celles de la présente Loi.

ورد بالهامش للمؤلف:Fehr AbdElazim Emara, L’arbitrage commercial international, op. cit., P. 161.                                        .

[3]– تراجع المادة: 2.5 التذييل الخامس لقواعد عرفة التجارة الدوليةCCI-. وبالمعنى نفسه، المادة 6.43 من النظام السوسري والمادة 18 من قانون الأونسيترال النموذجي.

[4]– S. BECHET, « Le lieu de l’arbitrage », (2007), Vol. 84, No 1, RIDC, p. 36 et 37, en ligne : http://www.jurisquare.be.acces.bibl.ulaval.ca/en/journal/rdidc/index.html consulté le 24 juin 2018. Voir aussi: Alexander J. BELOHLAVEK, “Importance of the Seat of Arbitration in International Arbitration: Delocalization and Denationalization of Arbitration as an Outdated Myth”, 2013, Vol. 31,  Issue 2, Kluwer Law International, p. 262  et René DAVID, op. cit., p. 390.

[5]– Gabrielle Kaufmann-Kohler, « Le lieu de l’arbitrage à l’aune de la mondialisation: réflexions à propos de deux formes récentes d’arbitrage », 1998, Vol.  3, Rev.arb.: Bull. du Comité français de l’arbitrage. 517, 519 et Dictionnaire du droit privé, en ligne :

http://www.dictionnairejuridique.com/definition/siege.php consulté le 15 juin 2018.

[6]– René DAVID, op. cit., p. 391.

[7]– Berthold GOLDMAN, Emmanuel GAILLARD et Philippe FOUCHARD, op. cit., p. 691.

[8]– Gabrielle Kaufmann-Kohler, Le lieu de l’arbitrage à l’aune de la mondialisation : réflexions à propos de deux formes récentes d’arbitrage, op. cit., 517, 517.

[9]–  Alexander J. BELOHLAVEK, op. cit., p.  262.

[10]– voir : Gabrielle Kaufmann-Kohler, Le lieu de l’arbitrage à l’aune de la mondialisation: réflexions à propos de deux formes récentes d’arbitrage, op. cit., 517, 521.

[11]–  Alexander J. BELOHLAVEK, op. cit., 262, 265 et Andrea CARLEVARIS and José Ricardo FERIS, op. cit., p. 30.
بالنسبة للمشرع المغربي فقد تعرض لمكان التحكيم من خلال القانون 05-08، تراجع الفصول التالية:
–  الفصل 10-327

تضبط الهيئة التحكيمية إجراءات مسطرة التحكيم التي تراها مناسبة مع مراعاة أحكام هذا القانون دون أن تكون ملزمة بتطبيق القواعد المتبعة لدى المحاكم ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك في اتفاق التحكيم.

ولطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في المملكة المغربية أو خارجها، فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكانا ملائما للتحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى ومحل إقامة الأطراف. ولا يحول ذلك دون أن تجتمع هيئة التحكيم في أي مكان تراه مناسبا للقيام بإجراءات التحكيم كسماع أطراف النزاع أو الشهود أو الخبراء أو الإطلاع على المستندات أو معاينة بضاعة أو أموال أو إجراء مداولة بين أعضائها أو غير ذلك.

-الفصل 40-327

 يعتبر دوليا، حسب مدلول هذا الفرع، التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية والذي يكون لأحد أطرافه على الأقل موطن أو مقر بالخارج.

يعتبر التحكيم دوليا إذا:        

1- كان لأطراف اتفاق التحكيم وقت إبرام هذا الإتفاق مؤسسات بدول مختلفة؛

2- أو كان أحد الأمكنة التالي بيانها واقعا خارج الدولة الموجودة بها مؤسسات الأطراف:

 أ) مكان التحكيم عندما يكون منصوصا عليه في اتفاق التحكيم أو معينا بمقتضى هذا الإتفاق؛

 ب) كل مكان يجب أن ينفذ فيه جزء مهم من الالتزامات المترتبة على العلاقة التجارية أو المكان الذي تربطه أكثر بموضوع النزاع صلة وثيقة؛

3- أو كان الأطراف متفقين صراحة على أن موضوع اتفاق التحكيم يهم أكثر من بلد واحد.

[12]-René DAVID, op. cit., p. 391 et Gabrielle Kaufmann-Kohler, Le lieu de l’arbitrage à l’aune de la mondialisation : réflexions à propos de deux formes récentes d’arbitrage, op. cit., 517, 522.

194– Berthold GOLDMAN, Emmanuel GAILLARD et Philippe FOUCHARD, op. cit., p. 690.  

[13]– Fehr AbdElazim Emara, op. cit., p.164.

[13]- LCIA: London Court of International Arbitration.

[14]– Berthold GOLDMAN, Emmanuel GAILLARD et Philippe FOUCHARD, op. cit., p. 691 et Alexander J. BELOHLAVEK, op. cit., p.  265. 

 

 

[17] -Berthold GOLDMAN, Emmanuel GAILLARD et Philippe FOUCHARD, op. cit., p. 691 ; Alexander J. BELOHLAVEK, op. cit., p.  266 et S. BECHET, op. cit., p. 77. 

[18]– Alexander J. BELOHLAVEK, op. cit., p.266.

[19]– L’article 16.3 du règlement de la LCIA disposant que :“ The Arbitral Tribunal may hold any hearing at any convenient geographical place in consultation with the parties and hold its deliberations at any geographical place of its own choice; and if such place(s) should be elsewhere than the seat of the arbitration, the arbitration shall nonetheless be treated for all purposes as an arbitration conducted at the arbitral seat and any order or award as having been made at that seat. “

[20]– Fehr AbdElazim Emara, op. cit., p.169.

[21] -l’article 16.3 du règlement de la LCIA est consideré comme le plus clair puisqu’il confirme que : « The Arbitral Tribunal may hold any hearing at any convenient geographical place in consultation with the parties and hold its deliberations at any geographical place of its own choice; and if such place(s) should be elsewhere than the seat of the arbitration, the arbitration shall nonetheless be treated for all purposes as an arbitration conducted at the arbitral seat and any order or award as having been made at that seat».Edité par: Fehr AbdElazimEmara, op. cit., p.171.

[22]-Voir S. BECHET, op. cit., p. 80 et Berthold GOLDMAN, Emmanuel GAILLARD et Philippe FOUCHARD, op. cit., p. 691. Voir aussi Cass. 2e civ., 9 février 1994, Gautier, Rev.arb., 1995.127, obs. P. Véron ; RTD com., 1994.477, obs. Dubarry et Loquin. Cité par  Berthold GOLDMAN, Emmanuel GAILLARD et Philippe FOUCHARD, op. cit., p. 692 et  Cass. 1e civ., 28 octobre 1997, Rev.arb., 1998, p. 399.

[23]– S. BESSON, « L’importance du siège de l’arbitrage », Rev. bresil. arbitr. 2007, n° 13, p. 107.

[24]-l’article 20.2 du Règlement de la CCS prévoit que :« le Tribunal arbitral peut, après consultation des parties, conduire des audiences à tout endroit qu’il estimera approprié». 

[25]– Voir S. BECHET, op. cit., p. 80 et Berthold GOLDMAN, Emmanuel GAILLARD et Philippe FOUCHARD, op. cit., p. 691. Voir aussi Cass. 2e civ., 9 février 1994, Gautier, Rev.arb., 1995.127, obs. P. Véron ; RTD com., 1994.477, obs. Dubarry et Loquin. Cité par  Berthold GOLDMAN, Emmanuel GAILLARD et Philippe FOUCHARD, op. cit., p. 692 et  Cass. 1e  civ., 28 octobre 1997, Rev.arb., 1998, p. 399.  (256) Près de cette conclusion, voir S. BECHET, op. cit., p. 82.   

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *