أعمال الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري محل الرقابة القضائية

أعمال الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري محل الرقابة القضائية

 بزكي احسين

     طالب باحث بسلك الدكتوراه كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا

جامعة محم الخامس

hsn2510@hotmail.com

 

مقدمة

عرف المغرب منذ الثمانينات مجموعة من التغيرات التي فرضتها التحولات العالمية ( العولمة)، من خلال تحرير مجموعة من القطاعات الاقتصادية، و من بينها قطاع الاتصال السمعي البصري. إن الانخراط في تبني التوجه الليبرالي الذي فرضته الالتزامات السياسية على المستوى الدولي و السعي من أجل بناء دولة الحق و القانون، تم استيراد العديد من المفاهيم و المؤسسات و مشروع الإصلاح من فوق.فتم اتخاذ مجموعة من الإجراءات و إطلاق مجموعة من الأوراش و المبادرات الإصلاحية، من بينها إحداث مجموعة من المؤسسات  و الهيئات التي تصنف من خانة هيئات الحكامة الجيدة و التقنين، كالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري التي أحدثت مند سنة  2002[1]، بالموازاة مع رفع احتكار الدولة  في مجال البث الإذاعي و التلفزي[2].

تكتسي أعمال الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أهمية خاصة نظرا لتعدد الوظائف المسندة لها،  تشريعيا وتنظيميا فهي تعد النواة الصلبة لفئة هيئات الحكامة الجيدة والتقنين.

إن المصطلحات الأكثر شيوعا واستعمالا من طرف المشرع لتحديد مهام هيئات الحكامة الجيدة والتقنين هي،السهر، الإشراف ،الرقابة ، إبداء الرأي ، المساهمة، هذا يذل على أن هناك قاسم مشترك بين هذه المهام وهي رقابة واحترام وتطبيق القواعد القانونية في إطار وظيفة الضبط.

تتمتع الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري  بصلاحيات واسعة تتمثل في السلطة التقريرية  بنوعيها، العامة التنظيمية وسلطة إصدار القرارات الفردية بالأساس. وبين هذه وتلك توجد فئة من الصلاحيات توصف بالمرنة مقارنة بالصلاحيات ذات الطبيعة العقابية، تتمثل في سلطة إصدار التوصيات والآراء، ميزاتها أنها مجردة من الالتزام، ومع ذلك تلقى صدى واسع من طرف متعمدي الاتصال السمعي البصري.

إن تجميع السلطات في يد واحدة، لم يكن من السهل تقبله في بداية الولادات الأولى للهيئات الناظمة في القانون المقارن[3].

فإذا كانت هذه الصلاحيات الممنوحة لهذه الهيئات تفتقد للمشروعية، إلا أن الفقه والقضاء الفرنسي سعى من خلال القراءة المرنة للنصوص والمبادئ وعلى رأسها  مبدأ الفصل بين السلطات، ضرورة هذه الصلاحيات لأداء المهام في قطاعات مسها التركيب المتزايد للحياة الاجتماعية والاقتصادية وعدم تلاؤم تدخلات الدولة في مواجهة الحقوق وضبط القطاعات الاقتصادية، وهذا هو مفهوم المشروعية التي لا تتحقق بالتطابق المطلق بين الصلاحيات والنصوص، وإنما بإحداث التلاؤم بينهما بناء على معطيات ومبررات واعتبارات متعددة والتي يمكن أن نعبر عنها بالمشروعية البراغماتية[4].

فما هي إذن الآليات التي تمارس بها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري  عملية تقنين و ضبط القطاع السمعي البصري؟

منح المشرع للمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري مجموعة من الآليات القانونية، تتمثل أساسا في الأعمال والقرارات ذات الطبيعة التنظيمية (الفرع الأول) والأعمال والقرارات ذات الطبيعة الزجرية (الفرع الثاني) باعتبارهما محلا للرقابة القضائية.                                  

المبحث الأول: الأعمال والقرارات ذات الطبيعة التنظيمية.

        تعد السلطة التنظيمية من أساليب ممارسة العمل الإداري في الدولة، في غالبية الأنظمة البرلمانية والمختلطة يوزع الدستور السلطة التنظيمية بين رئيس الدولة والوزير الأول وقد عرفت تطوراً ملحوظا، بعد إقرار كل من القضاء والفقه بإمكانية منح للسلطات الإدارية المستقلة السلطة التنظيمية المحدودة والمتخصصة.

ويقصد بالأعمال ذات الطبيعة التنظيمية التي تتمتع بها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري الاختصاصات  الاستشارية والتنظيمية المحضة (الفقرة الأولى) المتعلقة بإبداء الرأي والاستشارات، والتوصيات للسلطات العمومية للدولة وللفاعلين الاقتصاديين والاختصاصات التنظيمية المحضة المتعلقة بممارسة السلطة التنظيمية.

المطلب الأول: الأعمال الاستشارية والتنظيمية.

       تعتبر الأعمال الاستشارية للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري من الأدوار التقليدية الممنوحة لها باعتبارها هيئة  ذات خبرة واختصاص في المجال السمعي البصري، إلا أن استقلالية الهيئة  واكتساب تجربة في القطاع منحها المشرع اختصاصات ذات طبيعة تنظيمية محضة من خلال دوريات وتوصيات وقرارات وقانون داخلي تكتسي القوة الإلزامية.

الفرعالأول:   الأعمال الاستشارية

الفقرة الأولى-  الدور الاستشاري للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري مع الحكومة والبرلمان.

      تلعب الهيئات الاستشارية دورا حاسما في عقلنة القرار السياسي والإداري على حد سواء، حيث تمكن صانع القرار من تفادي الإنزلاقات المحتملة. وقد ظهرت فكرة الاستعانة بالهيئات الاستشارية نتيجة التعقيد والتداخل الذي مس الأنشطة الإدارية، خاصة أن تحليل هذه الأنشطة يتطلب الاستعانة بمجموعة من الخبراء والتقنيين متخصصين.

وفي ظل التطور الحاصل وانتقال دور الدول من حارسة إلى متدخلة في جميع مجالات الحياة أصبح النشاط الاستشاري أسلوباً فعالا ودعامة يضمن حياة النشاط الإداري الذي لا يمكنه النهوض بدون وجود كفاءات فنية.

وتنقسم الآراء الاستشارية إلى ثلاث صور، فهي إما أراء اختيارية أو أراء إلزامية، وإما أراء مطابقة.

فإن كان الأخذ والعمل بالرأي الاستشاري في الصنف الأول أو الثاني غير ملزم لطالبه إلا أن الصنف الثالث من الآراء الاستشارية  فذات طبيعة ملزمة، وعرفت في كل من التشريع والفقه والقضاء بالآراء المطابقة أو الآمرة، وهي تتضمن إلزاما مزدوجا للإدارة، قبل الإقدام على إصدار قراراتها باللجوء إجباريا إلى طلبها، ثم الالتزام بمضمونها، ونتيجتها تحث طائلة البطلان، وهذا الإلزام يكون مقررا دائما بموجب نصوص قانونية صريحة[5].

ومن الأمثلة للآراء الاستشارية الإجبارية في مجال السمعي البصري نجد في المادة 4 من القانون 15-11 المتعلق بإعادة تنظيم الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري إبداء الرأي وجوبا لكل من رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان في شأن مشاريع ومقترحات القوانين أو مشاريع المراسيم المتعلقة بقطاع الاتصال السمعي البصري.

 أما فيما يخص الآراء الاستشارية المطابقة، فبعد الإطلاع على القانون 15-11 السابق الذكر لم نجد في أحكامه  ما يفيد إمكانية إصدار المجلس الأعلى للسمعي البصري بآراء مطابقة، في المقابل نجد المشرع الفرنسي بعد تعديل 2009 منح صلاحيات تعيين رؤساء السمعي البصري العمومي إلى رئيس الجمهورية بعد رأي مطابق   (avis conforme)  للمجلس الأعلى للسمعي البصري (CSA)، ورأي  لجنة الشؤون الثقافية لكل من مجلسي البرلمان ويتم اتخاذه وفق شروط الفقرة الخامسة من المادة 13 من الدستور. ( قبل قانون رقم 258-2009 بتاريخ 5 مارس 2009 فصلاحيات تعيين كبار مسؤولي السمعي البصري العمومي يعود للمجلس الأعلى ) ثم جاء تعديل 2013 ليرجع الأمور إلى ما كانت عليها و تنص المادة 4-47 من القانون 30 سبتمبر 1986 أن رؤساء الشركات الوطنية للبرامج   présidents des sociétés nationales de programme    يتم تعينهم لمدة خمس سنوات من قبل المجلس الأعلى للسمعي البصري (CSA)، بأغلبية الأعضاء. فهذه التعيينات تتم بقرار معلل مبني على الكفاءة والتجربة.

قد يظهر الرأي كظاهرة قانونية غير قابلة للتكييف، فهو يشبه القرار الإداري في مظهره الخارجي[6]. و في هذا الإطار، اعتبر القضاء الإداري المغربي رفض إبداء الرأي قرارا إداريا.[7] وفي مجال النوظمة الاقتصاديةla régulation économique  اعتبر مجلس الدولة الفرنسي في اجتهاد حديث (CE.ass ,21/03/2016,Société Fairvesta International GMBH) أن التوصيات و الآراء قابلة لآن تكون موضوعا لدعوى الإلغاء إذا كان من شأنها التأثير على سلوكيات  الأشخاص الموجهة لهم بطريقة ملحوظة[8].

الفقرة الثانية:الاستشارة البينية مع باقي هيئات الحكامة الجيدة والتقنيين والقضاء

  ولضمان نوع من التكاملية والتنسيق، و الانسجام للاستفادة من الخبرات الفنية المشتركة بين هيئات الحكامة الجيدة والتقنيين، بالنظر لتداخل وتقاطع الاختصاصات بينها، أحدث المشرع آلية الاستشارة البينية، فيما بينها، و مع القضاء، كجهة طالبة للاستشارة أو كجهة مانحة لها بحكم تخصصه في الآليات النزاعية[9].

وخاصة بين كل من الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات وكذلك مع مجلس المنافسة.

فمنح مثلا الإذن من أجل استغلال تردد لبث برامج إذاعية إلى متعهد من طرف الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري يتوقف على موافقة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات.

وقد منح المشرع الاختصاص لمجلس المنافسة للنظر في المنازعات المتعلقة بالممارسات المنافية للمنافسة في مجال القطاع السمعي البصري طبقا لما نصت عليه المادة 7   (الفقرة5)، “يحيل المجلس الأعلى إلى السلطة المختصة أمر النظر في الممارسات المخالفة للقانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة. ولنفس السلطة أن ترجع المجلس الأعلى لإبداء رأيه في هذا الشأن”. وفي علاقته مع القضاء تنص نفس المادة من القانون 11.15 “كما يمكن للسلطة القضائية أن تحيل إلى المجلس الأعلى، لأجل إبداء الرأي، الشكايات المستندة إلى خرق أحكام النصوص التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بقطاع الاتصال السمعي البصري والواجب على السلطة المذكورة النظر فيها”.

من خلال هذا النص نستشف أن المشرع قد تولى تنظيم استشارة القضاء للمجلس الأعلى بالمقابل لم ينظم استشارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية أي غياب تبادل الأدوار بين القضاء والمجلس الأعلى للسمعي البصري في مجال الاستشارة كما في علاقة المجلس الأعلى والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات.

وفي هذا الإطار ذهب الأستاذ محمد الهيني إلى القول أنه ليس هناك ما يمنع قانون الهيئات الضابطة من طلب مشورة القضاء في الجوانب القانونية للحالات التقنية المعقدة، التي تتولى دراستها والتحقيق فيها والبت فيها، إلا أن التفسير الضيق والحرفي للنصوص القانونية الذي غالبا ما تتبناه بعض الهيئات يقف حجرة أمام الاستعانة بالقضاء، مما قد يضعف دورها، وفعاليتها  في تطبيق النصوص القانونية عن المنازعات المعروضة عليها. ويفضل أن يظل التطبيق العملي للاستشارة منوطا بمحكمة النقض وحدها، باعتبارها محكمة قانون تسهر على توحيد وتفسير قضاء محاكم الموضوع لنصوص القانون.

الفرع الثاني:الأعمال التنظيمية المحضة.

للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري صلاحية إصدار قرارات تنظيمية، وأخرى غير تنظيمية، في إطار ممارستها لسلطة التنظيم والضبط.

الفقرة الأولى:السلطة التنظيمية الممنوحة للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري.

   إذا كان المشرع قد منح بعض السلطات الإدارية المستقلة صلاحية و إصدار التنظيمات، فإن ذلك يندرج ضمن التأهيل التشريعي وليس التفويضي، بمعنى ذلك لا يعتبر نقلا للاختصاصات وعلى اعتبار مثلا في فرنسا أن كلا من رئيس الجمهورية والوزير الأول هما السلطتين اللتين منحهما الدستور سلطة تنظيمية عامة وأصيلة، فلا يمكن للتنظيمات التي تصدرها السلطات الإدارية المستقلة إلا أن تكون أقل درجة و أهمية من التنظيمات التي تصدرها  كل من هاتين السلطتين في نظام التدرج القانوني[10].

إن ما يميز المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري هو تمتعه بسلطة تنظيمية قوية وذات مجالات متعددة ومختلفة. فعقب دخول القانون 11.15 المتعلق بإعادة تنظيم الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري حيز التنفيذ، اعتمد المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري بتاريخ 02 مارس 2017 مسطرة متعلقة بالشكايات الخاصة بخرق أجهزة ومتعهدي الاتصال السمعي البصري للقوانين أو الأنظمة المطبقة على قطاع الاتصال السمعي البصري. وتحدد هذه المسطرة قواعد وشكليات إيداع ومعالجة الشكايات التي يتلقها المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، ولاسيما تلك المتعلقة بصفة المشتكي، موضوع الشكاية، دراسة ملف الشكاية ومداولات المجلس الأعلى[11].

وفي نفس الإطار بناء على القانون 11.15 السالف الذكر والقانون 66.16 المغير والمتمم بموجبه القانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري اعتمد المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري:

 – بتاريخ 19 يناير 2017 مسطرة لمنح التراخيص لإحداث واستغلال خدمات سمعية بصرية[12].

 – كما اعتمد المجلس الأعلى بتاريخ 25 يناير مسطرة الأذون[13].

 وفي إطار المهمة الدستورية للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري في السهر على احترام التعبير التعددي لتيارات الرأي والفكر والحق في الإعلام، أصدر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري بتاريخ 21 يوليوز 2016، قراره رقم 33-16 المتعلق بضمان التعددية السياسية في خدمات الاتصال السمعي البصري خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2016.

و لضمان الإنصاف والتوازن في إطار ممارسة إعلامية تعددية بما يرسخ الاختيار الديمقراطي بدعائمه القائمة على مبادئ التمثيلية والمشاركة المواطنة والمناصفة، فقد وضع المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري  مجموعة من الضوابط بشأن ضمان التعبير التعددي لتيارات الرأي والفكر في خدمات الاتصال السمعي البصري، مع التأكيد على احترام حرية المتعهدين ومسؤوليتهم التحريرية[14].

وإذا كانت الهيئات الناظمة تمتلك سلطة تقديرية واسعة في إصدار النصوص التنظيمية على شكل دوريات، أو توصيات أو نظام عام أو قانون داخلي، إلا أن هذه السلطة كأي سلطة أخرى، تخضع للقيود والضوابط التي تحد من إطلاقيتها، ويمكن إدراج مبدأ تدرج التشريع الذي بموجبه لا يمكن للقاعدة القانونية الأدنى أن تخالف القاعدة القانونية الأسمى، طبقا للمادة 6 من الدستور، “تعتبر دستورية القواعد القانونية و تراتبيتها، ووجوب نشرها مبادئ ملزمة.”

 كما أن مبدأ الاستقرار القانوني يقضي العمل على ضبط التضخم التشريعي وإزالة عوارض تشوهات القواعد القانونية. هذا بالإضافة إلى حماية الحقوق المكتسبة باحترام مبدأ عدم رجعية النصوص والقرارات التنظيمية، وضمان مبدأ المساواة أمام القانون وأمام الهيئات الناظمة[15].

الفقرة الثانية: خضوع الأنظمة الصادرة عن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري لرقابة القاضي.

 إن ثمة صوراً أخرى كالرقابة البرلمانية والرقابة الإدارية تمارس فيها الرقابة على أعمال الإدارة، إلا أن هذين الشكلين من الرقابة لا يشكلان ضمانات كافية وأكيدة لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم تجاه السلطات العامة. وقد أوضح هذه الحقيقة الدكتور ثروت بدري بالقول أن الحماية التي تحققها كل من الرقابة البرلمانية والرقابة الإدارية غير كافية لأن الأولى سياسية يتحكم فيها حزب الأغلبية وتخضع لأهوائه والثانية تجعل الأفراد تحت رحمة الإدارة إذ تقيم من الإدارة خصما وحكما في وقت واحد[16].

فإذا ما حادت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري عن ضوابط السلطة التنظيمية، وخالفت النصوص الدستورية أو التشريعية أو التنظيمية، فإن الأنظمة الإدارية الصادرة عنها تصبح قابلة للطعن فيها بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة، بسبب عيب الاختصاص أو الشكل أو السبب أو الغاية أو عيب مخالفة القانون بشكل عام، كما يمكن إثارة عدم شرعيتها من خلال دعوى فحص الشرعية كما يمكن رفع دعوى القضاء الشامل للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المترتبة عنها.

وبعد الإطلاع على مجموعة من القرارات التنظيمية التي أصدرها المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري والقوانين المنظمة له فيتضح أن الأنظمة الصادرة عنه، تصبح قائمة بذاتها وصحيحة قانونا بمجرد صدورها ولا تحتاج لموافقة الوزارة الوصية على قطاع الإعلام وبالتالي تصبح إمكانية إقامة الدعوى في مواجهة قرار المجلس.

وهكذا اعتبر مجلس الدولة الفرنسي في قراره رقم 21345 الصادر بتاريخ 20 دجنبر 2000 أن دعوى الإبطال تقدم ضد قرار الموافقة الذي يصدره الوزير المكلف بالاقتصاد، والذي من خلاله تصبح الأنظمة التي تعدها لجنة عمليات البورصة نافدة[17].

ولكن غالبا ما يتم اللجوء إلى دعوى التعويض بمناسبة البت في دعوى المسؤولية الإدارية، عن الخطأ في التشريع والتنظيم، لاسيما متى انقضى أجل الطعن بالإلغاء لتجاوز السلطة، كما أنه ليس هناك ما يمنع قانونا من جمع دعوى الإلغاء والتعويض في عريضة واحدة[18].

المطلب الثاني: الأعمال الترخيصية

  نتناول قرارات منح أو رفض الترخيص والأذون من جهة (أولا) ثم نبين مدى خضوع القرارات الفردية الصادرة عن الهيئة العليا برقابة القاضي (ثانيا).

الفرع الأول: قرارات منح أو رفض الترخيص والأذون.

يدخل في إطار الاختصاص التنظيمي للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، صلاحية إصدار التراخيص لولوج سوق الإعلام السمعي البصري من خلال قرارات إدارية فردية، تصدر بناء على طلب[19]. وهذه القرارات قد تتعلق بمنح الترخيص أو برفضه أو بوقفه أو سحبه كعقوبة إدارية  حسب الحالات المنصوص عليها قانونا[20].

وتعد صلاحية منح التراخيص،les autorisations  و الاعتمادات  les agréments  من امتيازات السلطة العامة في إطار القانون الإداري، وتبقى هذه السلطة التقديرية مقيدة في إطار احترام مجموعة من المعايير أو المقاييس العامة.  

فقد منح المشرع للمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري صلاحية منح التراخيص les autorisation   والأذون les licences   ويتم البت في الطلبات وتبليغ القرار لطالبي التراخيص والأذون خلال أجل لا يتجاوز ثلاثة (3) أشهر بعد التوصل بالطلبات.

وإذا كان المجلس الأعلى هو الذي يملك الصلاحية بمنح الترخيص، باعتباره جهة إدارية فليس لقاضي الإلغاء الحلول محل الإدارة، ومنح ترخيص أي كان نوعه أو إقرار مقتضيات تنظيمية لممارسة حق معين، احتراما لمبدأ فصل السلطات[21].

إذا تبت للمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري أن الجهة طالبة الترخيص أو الإذن لا تتوفر فيها الشروط المتطلبة قانونا، لا يمكنها الاستجابة لدفتر التحملات فتقضي برفض الطلب.

ويكون قرار الرفض معللا، ويبلغ إلى مقدم الطلب برسالة مقابل وصل بالتسلم، ويجب الإشارة إلى أن حسب المادة 27 من القانون 11.15 المتعلق بإعادة تنظيم الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أنه تقدم الطعون ضد قرارات المجلس الأعلى أمام المحكمة الإدارية بالرباط.

 المهم الإشارة فيما يتعلق بالاختصاص في مجال التراخيص إلى أن القرارات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة  الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية واحدة، والتي تختص محكمة النقض بالنظر فيها ابتدائيا واستئنافيا طبقا للمادة 9 من القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية، تشمل ليست القرارات الإيجابية فقط بل حتى السلبية منها أيضا[22].

وهكذا جاء في قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط صادر بتاريخ 25/06/2008 “إن الطعن في قرار الرفض الصريح الصادر عن وزارة التجهيز لطلب الطاعن الرامي إلى الترخيص له بممارسة مهام وكيل بحري على صعيد كافة الموانئ المغربية، يعتبر طعنا في قرار سلبي، يتعدى نطاقه الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية واحدة، وبالتالي يرجع الاختصاص بالنظر في طلب الإلغاء المقدم ضد القرار المذكور إلى محكمة النقض تطبيقا للمادة 9 أعلاه وليس إلى المحكمة الإدارية”[23].

إلا أن هذا الإشكال المطروح في هذه النازلة لا يمكن توقعه في المجال السمعي البصري كون المشرع منح الاختصاص للطعن في قرارات المجلس الأعلى للمحكمة الإدارية بالرباط.

الفرع الثاني: قرارات وقف أو سحب الترخيص.

وباستقراء النصوص التشريعية المنظمة للقطاع السمعي البصري وخاصة القانون 11.15 المتعلق بإعادة تنظيم الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري نجد في المادة 23 أنه إذا وقع الإخلال بالشروط التي يفرضها الدفاع الوطني والأمن العام وتم إثبات المخالفة من لدن المراقبين التابعين للهيأة العليا، فإن رئيس المجلس الأعلى يؤهل ليوقف، على الفور، الترخيص أو الإذن الممنوح للمنشأة التي تقدم الخدمات وذلك بقرار معلل يتخذه بعد أن يخبر بذلك مدير الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات والسلطة الحكومية المختصة[24].

ونجد الحالة الثانية أشار إليها المشرع في المادة 24 من نفس القانون وهي في حالة عدم تقيد حامل رخصة لاستعمال موجات راديو-كهربائية بالشروط المحددة لهذا الغرض ولم يمتثل للإعذار الموجه إليه من مدير الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات ففي حالة الاستعجال يوقف هذا الأخير رخصة استعمال الموجات دون اتخاذ العقوبات المشار إليها في المادة 23 من نفس القانون أي توجيه الإنذار أو إيقاع عقوبات منصوص عليها في دفتر التحملات أو إحالة الأمر إلى السلطة القضائية أو المهنية المختصة للمعاقبة على المخالفة المثبتة.

والمهم الإشارة أن صيانة الحقوق المكتسية، تعد من المبادئ العامة التي لا تسمح للهيئة الناظمة بالتراجع عن مقررات اتخذتها في نطاق القوانين و التنظيمات الجاري بها العمل وقت صدورها، وخولت المستفيد منها وضعية إدارية معينة، ما عدا إذ كان سحب القرار الإداري ناشئا عن عدم المشروعية المستوجبة للإلغاء من أجل الشطط في استعمال السلطة[25].

الفرع الثالث : مدى خضوع القرارات الفردية الصادرة عن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري لرقابة القاضي.

لقد كرس المشرع المغربي رقابة القاضي الإداري على القرارات الفردية الصادرة عن المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، من دون التمييز بين القرارات المانحة والرافضة لمنح التراخيص والأذون أي المتخذة في إطار رقابة دخول السوق السمعي البصري، وهو المبدأ نفسه الذي كرسه المشرع الفرنسي على اعتبار أن الطعون ضد القرارات الفردية للسلطات المستقلة المكلفة بالتقنين أو الضبط الاقتصادي la régulation économique  من اختصاص مجلس الدولة الفرنسي[26]، والقرارات المتخذة في إطار رقابة هذه الهيئات للسوق لضمان احترام النصوص التشريعية والتنظيمية وتصحيح الأوضاع غير المشروعة. وقد ميز الفقه الفرنسي بين الإعذارات والأوامر التي تخضع لرقابة القاضي وغيرها من التدابير مثل التحذيرات والملاحظات التي لا تخضع لرقابته، معتمداً معياراً للتميز بينهما يتمثل أن الأولى تأمر بالقيام بتصريف معين، بينما الثانية تقوم بمجرد التذكير بالتنظيم[27].

وهكذا جاء حكم المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ 17 أبريل 2002 “لكن حيث وإذ كان الأصل أن للإدارة كامل الصلاحية في إطار ما تملكه من سلطة الملائمة في منح أو رفض الترخيص، وهي في استعمالها لهذه الصلاحية تحرص على إسباغ قراراتها المشروعية، تحقيقا للمصلحة العامة، إلا أن سلطتها في هذا الصدد ليس سلطة مطلقة وإنما تخضع لرقابة القضاء، فيما يخص صحة وشرعية السبب المعتمد في الرفض، متى أعلنت عنه لما في ذلك من ضمانة لحقوق المعنيين بتلك القرارات، إذ يتعين على الإدارة أن تبين الأسباب والوقائع المادية التي اعتمدتها في الرفض، وإن كانت غير ملزمة بالإفصاح عن هذه الأسباب في صلب قراراتها، إلا حيثما يحتم عليها القانون ذلك، فإن ضرورة قيام قراراتها على سبب تظل قائمة، حيث تلزم بالكشف عن هذه الأسباب أمام القضاء وإثباتها، وفي حالة تقاعسها أو عجزها عن ذلك يعتبر قرارها باطلا”[28].

وقد استقر قضاء المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية على أن : للجهات المخولة إلغاء وسحب ترخيص البث والإذاعة، إذ ما تراعي لها ذلك يخدم المصلحة العامة، وكان ملائما ولازماً[29].

المبحث الثاني: الأعمال والقرارات ذات الطبيعة الزجرية.

تخول الاختصاصات التي منحها المشرع للمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، صلاحية إصدار العقوبات الإدارية باعتبارها قرارات فردية ذات طبيعة زجرية بمناسبة ضبط قطاع الاتصال السمعي البصري في حالة خرق النصوص التشريعية والتنظيمية. ولعل من بين أهم المبررات التي جعلت المشرع يحول صلاحية فرض العقوبات من محلها الأصلي وهو القاضي إلى المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، تتعلق بالبحث عن أفضل وأكثر الطرق فعالية لإتمام وظيفة رقابة النشاطات الاقتصادية في قطاع السمعي البصري.

ونظراً لكون سلطة الجزاء هي مخولة أصلا للقضاء فإن عملية نقلها لهيئات التقنين و الضبط كان من الضروري، أن يصاحبه استعارة الضمانات القانونية الجنائية لقانون النوظمة، لاسيما بعد سحب الصفة الجرمية عن المخالفات الإدارية، والصفة الجنائية عن العقوبات الإدارية، تحت تأثير مدرسة اللاتجريم[30].

المطلب الأول: طبيعة العقوبات التي يملك المجلس الأعلى للسمعي البصري فرضها.

إن منح السلطة القمعية لسلطات الضبط المستقلة، يعبر عن هدف أساسي وهو إزالة التجريم، فموضوع العقوبات الإدارية كان ومازال موضوع نقاشات حادة سواء في القانون الإداري الفرنسي أو المقارن. فمنح هذه السلطات لهذه الهيئات، يشكل عامل ضروري لنجاعة وظائفها[31].

يعد منح السلطة العقابية لهيئات الضبط والتقنين فكرة حديثة تعبر عن رفض التدخل القضائي في القطاعات الاقتصادية، نظراً لعوامل المرونة، السرعة والفعالية التي يتميز بها تدخل هذه الهيئات مقابل تعقد وطول الإجراءات القضائية.

الفرع الأول: خصوصيات مختلف أوجه العقوبات التي يملك المجلس الأعلى فرضها.

لقد أقر المجلس الدستوري الفرنسي على مشروعية الزجر الإداري على مراحل، وانتهى به الأمر إلى ضرورة احترام شرطين أساسيين في ممارسة السلطة الزجرية، ويتعلق الأمر بأنه لا يمكن أن توقع أو تصدر عقوبات سالبة للحرية، وضرورة إثراء النظام الزجري الإداري ببعض المبادئ المكرسة في القانون الجنائي بمعنى استعارة الجزاء الإداري للضمانات الجنائية.

الفقرة الأولى: خصوصيات العقوبات التي يفرضها المجلس الأعلى.

يمكن توضيح الخصوصيات التي تميز العقوبات التي يفرضها المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري بناء على ثلاثة معايير. تتعلق بكل من الجهة المصدرة للعقوبة وكذلك من الهدف المتوخى، من فرض العقوبة وأخير معيار تكييف هذه العقوبة.

أ- المعيار الأول: فيتعلق الأمر هنا بالمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، باعتباره سلطة إدارية مستقلة فطبيعة الجزاء الذي يوقعه المجلس يكتسب صفته الإدارية. ويعد هذا المعيار الشكلي أكثر وضوحاً للتميز بين الجزاء الجنائي بصفة عامة الذي يكون من اختصاص القضاء والجزاء الإداري الذي يكون من اختصاص هيئة إدارية، هذا من جهة بالإضافة إلى تمتع المجلس الأعلى بامتيازات السلطة العامة[32]. أما من ناحية ثالثة وبناء على المعيار المادي المتعلق بطبيعة النشاط الذي يقوم به المجلس الأعلى بإصدار قرارات إدارية انفرادية من جهة واحدة.

ب-المعيار الثاني:  فيتعلق الأمر بالطبع الردعي والذي يكمن في الهدف من توقيع العقوبة، فإذا كانت العقوبة الجنائية تتماثل مع العقوبة الإدارية فهذه النقطة، إلا أن ما يميز هذه الأخيرة هو اعتماد بعض التدابير الوقائية مثل التدابير التحفظية والإعذارات والأوامر التي تصدرها السلطات الإدارية وتدابير الضبط الإداري الذي يهدف إلى حماية والمحافظة على النظام العام بشكل عام كإجراءات وقائية وبخلاف مجال القانون الجنائي الذي يحدد بدقة الأفعال المجرمة والعقوبات الموقعة عند ارتكابها طبقا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات فإن المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري على غرار باقي هيئات الضبط يتمتع بهامش كبير من السلطة التقديرية عند تقدير عنصر المخالفة والعقوبة المناسبة لها.

ج- المعيار الثالث: فيتعلق بتكييف العقوبات التي يفرضها المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، فهل يمكن اعتبارها عقوبات إدارية أم تأديبية أو أعطاها المشرع تكييفا أخر. ويمكن رصد اتجاهات ثلاث في الفقه الفرنسي يحاول كل منهما تحديد ذاتية العقوبة الإدارية.

الاتجاه الأول، تبني معيار يأخذ في الاعتبار هوية الخاضعين للجزاء واشترط وجود رابطة سابقة[33]،         préexistant un lien بين الإدارة وبين الأفراد المخاطبين بالجزاء.

 تم هناك اتجاه ثان يميل إلى تبني معيار مضمون هذا الجزاء[34]،contenu de la sanction   ووفقا لهذا الاتجاه، فإن الجزاء الإداري هو ذلك الذي يطبق على موضوع العلاقة بين الإدارة والأفراد. وواضح من هذا التعريف، أنه تدخل من طائفة الجزاءات الإدارية، وفقا لهذا الاتجاه، الجزاءات التأديبيةsanctions disciplinaires   والعقوبات التعاقدية      pénalités contractuelles  وسحب الرخص والأذون.

وأخيراً دهب اتجاه فقهي أخر إلى الأخذ بمعيار عضوي organique  في تحديد ذاتية الجزاء الإداري، بمعنى تحديد ذاتيته بالنظر إلى طبيعة الجهة المصدرة للجزاء الإداري[35]. إلا أن هذا المعيار العضوي، رغم وضوحه وبساطته الظاهر، يثير بعض الصعوبات إلى الشك الذي يثور حول طبيعة السلطة الموقعة للجزاء هل هي إدارية أم قضائية خاصة إذا لم يجزم المشرع في الطبيعة الإدارية والقضائية للجهة المصدرة للجزاء.

وقد اتبع القضاء الإداري الفرنسي معايير متعددة، إلا أنه فضل مند عام 1953 الاستناد إلى معيار مادي مستمد من طبيعة الوظيفة المسندة إلى هذه السلطة وكذلك موضوع النزاعات المنوط بها الفصل فيها.

وبالرجوع إلى النصوص القانونية التي تنظم المجلس الأعلى للسمعي البصري فكلها تنص على إذا لم يتقيد متعهد الاتصال السمعي البصري بالشروط المفروضة عليه بمقتضى النصوص التشريعية والتنظيمية أو بمضمون دفتر تحملاته أو الإذن المسلم له، فسواء تم الاعتماد على المعيار الموضوعي أو المعيار الشكلي الضيق الذي يأخذ ببعض الشكليات مثل تشكيل السلطة المخولة بتوقيع الجزاء، ومدى استقلاليتها، وطبيعة الإجراءات المتبعة أمامها وكذلك طرق الطعن المتاحة في مواجهة الجزاءات التي توقعها، فإن المجلس الأعلى سلطة إدارية، لها تشكيل جماعي، له مساطر خاصة، وقراراته قابلة للطعن أمام المحكمة الإدارية بالرباط، وشبه غياب للوظيفة التحكيمية أو المهام ذات الطبيعة القضائية فإن العقوبات التي يفرضها هي عقوبات يمكن نعتها بإدارية رغم اكتفاء المشرع فقط بمصطلح العقوبات. 

الفقرة الثانية: أنواع العقوبات

تختلف العقوبات الإدارية، وتعدد مجالاتها بين عقوبات مالية وغير مالية، كما تتمتع الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بسلطة تقديرية لتحديد  الجزاء تبعا لجسامة المخالفة. ماعدا العقوبات السالبة للحرية، فإن العقوبات التي يمكن أن يقررها المجلس الأعلى لمرتكب المخالفة، مختلفة وتتعدد مجالاتها بين عقوبات مالية sanctions patrimoniales  تصيب الذمة المالية للمخالف، وعقوبات غير مالية، بينما يمكن أن ينضاف إلى هاتين الطائفتين الكبيرتين مسائل تندرج ضمن العقوبات التكميلية.

– العقوبات السالبة أو المضيقة للحقوق: هي العقوبات التي تتعلق بالنشاط المهني للشخص عموما، وتعتبر أشد قسوة من العقوبات المالية، وتسمي أيضا العقوبات غير المالية، ويتعلق الأمر بكل من الإنذار أو التوبيخ، وقد تنصب على الحرمان من بعض الحقوق أو تقيدها.

في التجربة الفرنسية فالمجلس الأعلى للسمعي البصري يملك السلطة العقابية اتجاه متعهدي الاتصال السمعي البصري الذي يمارسها بنوع من التدرج في العقاب، حيث أنه لا يمارس هذه السلطة العقابية إلا بعد توجيه الإعذارla mise en demeure  (باستثناء المادة42-3  من قانون 30 سبتمبر 1986).

في غالب الأحيان ، يتم الإعذار عن طريق رسالة إنذاريه lettre mise en garde أو رسالة تذكيرية بالتنظيم lettre de rappel ferme de la réglementation[36].

وباستقرائنا لمختلف النصوص التي تؤطر قطاع الاتصال السمعي البصري بالمغرب فنجد في المادة 22  القانون 11.15 المتعلق بإعادة تنظيم الهيئة العليا لاتصال السمعي البصري أنها تنص أنه في حالة عدم تقيد متعهدي الاتصال السمعي البصري بالشروط المفروضة عليه وعدم امتثاله للإعذار الموجه إليه واستمرت المخالفة، فيمكن للمجلس الأعلى بعد التداول أن يقر واحدا أو أكثر من بين التدابير التالية حسب الحالة.

  • توجيه إنذار إلى معتمدي الاتصال السمعي البصري.
  • إيقاع العقوبات المنصوص عليها في دفتر التحملات[37]، أو في بنود الإذن حسب الحالة.
  • وقف بث الخدمة أو جزء من البرامج لمدة شهر على الأكثر.
  • تخفيض مدة الترخيص في حدود سنة واحد.
  • السحب المؤقت أو النهائي للترخيص.

بالإضافة إلى هذه العقوبات ففي حالة ما إذا وقع الإخلال بالشروط التي يفرضها الدفاع الوطني والأمن العام وتم إثبات المخالفة من لدن المراقبين التابعين للهيأة العليا، فإن رئيس مجلس الأعلى يؤهل ليوقف على الفور الترخيص أو الإذن الممنوح للمنشأة، دون أن يوضح المشرع طبيعة هذا الوقف هل وقف مؤقت أو نهائي للخدمة.

أما حسب المادة 24 من القانون 11.15 السالف الذكر في حالة عدم تقيد حامل رخصة لاستعمال موجات راديو كهربائية بالشروط المحددة وفي حالة الاستعجال يوقف مدير الوكالة الوطنية لتقنين الموصلات رخصة استعمال الموجات.

  • العقوبات المالية: وتسمى أيضا بالعقوبات الاقتصادية فهي تمس الذمة المالية للشخص مرتكب المخالفة[38].

– العقوبات التكميلية: تشمل العقوبات التكميلية التي تنضاف وجوبا أو اختياريا للعقوبة الإدارية الأصلية، وتمتاز بخاصية التبعية، من منطلق عدم جواز الحكم بها لوحدها[39].

وهكذا تنص المادة 23 من القانون 11.15 السالف الذكر أنه في حالة توجيه إنذار إلى متعهدي الاتصال السمعي البصري، يجوز للمجلس الأعلى أن يقرر نشر هذا الإنذار في الجريدة الرسمية أو بثه وجوبا على قنوات المتعهد أو هما معا.

 انطلاقا مما سبق نلاحظ أن للمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري سلطة تقديرية واسعة في اختيار العقوبة المناسبة من بين مجموع العقوبات المحددة قانونا أو تنظيميا. وبهذا يمكن القول أن المجلس الأعلى يملك سلطات أكثر اتساعا من تلك التي يملكها القاضي الجنائي، حيث أن هذا الأخير لا يملك التدخل إلا بعد وقوع المخالفات، أما الهيئة العليا فتملك على النقيض من ذلك، سلطات تمكنها من التدخل قبل وقوع هذه المخالفات، كإخطار المخالف أو إعذاره mise en demeure للكف عن المخالفة المثبتة و إلا كان عرضة للجزاء، كما تملك توجيه أوامر injonctions لتحقيق ذات النتيجة.

الفرع الثاني: سلطة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في تفريد الجزاء.

مكن المشرع الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري من نظام عقابي تشريعي وتنظيمي دقيق، يتضمن المخالفات والعقوبات المتصلة بعمل الضبط، بحيث حدد شروط النطق بالجزاء من جهة، وكذا مضمونه من جهة أخرى، مع منحها سلطة تقديرية لتحديد موضوع الجزاء.

وهكذا يظهر أنه يمكن للهيئة العليا أن تستفيد من اختصاص وضع الجزاء (الجزاءات التعاقدية)، واختياره من خلال ممارسة سلطة تقديرية واسعة تنظيميا وتقريرا، إما بسبب عدم الدقة من جانب المشرع، لأن القانون يضع تحت تصرف الهيئة سلسلة من الجزاءات المتنوعة، دون أن يربط النطق بأي منها بشروط محددة. أو أخيرا عندما يسمح لها بتوقيع جزاءات مالية، مكتفيا بحد أقصى لا يجوز تخطيه[40].

بالرجوع إلى النص القانوني المتعلق بإعادة تنظيم الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، فبموجب المادة 23 من القانون 11.15 أعطى المشرع للمجلس الأعلى إمكانية أن يقرر واحد أو أكثر من بين التدابير التي يراها مناسبة حسب الحالة.

المطلب الثاني: الضمانات القانونية لتوقيع العقوبات.

إذا كانت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري يمكن أن تتمتع بالسلطة العقابية من دون خرقها للدستور، فإن ممارسة هذه السلطة يجب أن تكون في إطار توفير مجموعة من الضمانات سواء من الجانب الموضوعي، وتأتي في مقدمتها مبدأ شرعية المخالفات والعقوبات باعتباره المبدأ الأساس الذي تنبثق منه معظم الحقوق، وقد اعتبر الأستاذ Frank Moderne، أن مبدأ الشرعية ومبدأ التناسب هما بمثابة الجناحين له[41].

مبدأ الشرعية هو مبدأ دستوري، يقتضي أن تكون الجرائم والمخالفات والعقوبات المقررة لها محددة في القانون، إلا أن هذا المبدأ يعرف مرونة واضحة في مجال الضبط، التنظيم و التقنين. أما في  الجانب المسطري فإن الخصوصيات الأساسية التي تميز مجال العقوبات التي توقعها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ، هي الفعالية، السرعة والمرونة، والتي تشكل في حد ذاتها خطرا على الضمانات الأساسية للحقوق إذا لم تؤخذ هذه الأخيرة بعين الاعتبار.

ويتعلق الأمر هنا بكل من مبدأ الحياد واحترام حقوق الدفاع ومبدأ المواجهة[42]، التي تهدف إلى حماية حقوق ومصالح الأشخاص من تعسف وانحراف هذه الهيئات أثناء سير الإجراءات لذلك فقد تم نقل الضمانات الإجرائية المعروفة والمطبقة في المجال الجزائي إلى مجال العقوبات التي توقعها هيئات التقنين والضبط المستقلة وذلك لضمان الشرعية الإجرائية لقراراتها[43]. من خلال تحويلها ونقلها من فضاء القانون الجنائي إلى فضاء الضبط والتقنين.

خاتمة

لقد منح المشرع للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري مجموعة من الاختصاصات التي لا يمكن لها ممارستها  إلا بمراقبة مضمون البرامج (حماية الأطفال و الجمهور الناشئ، حماية الكرامة الإنسانية، مراقبة برمجة الفقرات الإشهارية)، و لكي تكون سلطة المراقبة فعلية و حقيقية فإنها تستلزم إصدار عقوبات، ويقوم المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري وجوبا بتعليل قراراته التي تتضمن عقوبات و بتبليغها لمرتكب المخالفة، و يعمل على نشرها بالجريدة الرسمية، و يمكن أن تكون هذه القرارات موضع طعن أمام المحكمة الإدارية بالرباط.

فإذا كانت رقابة القضاء أهم و أجدى صور الرقابة وأكثرها ضمانا لحقوق الأفراد و حرياتهم فإن التطبيقات القضائية، تكاد تغيب في الواقع العملي المغربي في مجال القطاع السمعي البصري وهذا راجع بالأساس إلى محدودية القطاع السمعي البصري الوطني اتجاه المنافسة الخارجية، في حين أنه في القانون المقارن نجد اتساع نطاق الرقابة القضائية على أعمال هيئات الحكامة الجيدة و التقنين، ليشمل تلك الأعمال التي تدخل في إطار القانون المارن le droit souple .

المراجع باللغة العربية:                                                                                                              1- الكتب:

– محمد الأعرج، المساطر الإدارية غير القضائية، دراسة قانونية لفاعلية قواعد الإجراء والشكل في القرارات الإدارية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية مؤلفات وأعمال جامعية عدد47 الطبعة الأولى 2003.

– وليد محمد الشناوي، الدور التنظيمي للإدارة في المجال الاقتصادي، دراسة مقارنة، الناشر، المكتبة العصرية للنشر والتوزيع ،الطبعة الثانية 2012.

– بوجمعة بوعزاوي، القضاء الإداري المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2018.             

– هشام مدعشا، هيئات الضبط: ضبط قطاع الاتصال السمعي البصري نموذجا (الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري)، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2018.

– فهد عبد الكريم أبو العثم، القضاء الإداري بين النظرية والتطبيق، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2005، عمان.                                 – بوشعيب أوعبي، مدخل لدراسة قانون الاتصال السمعي البصري بالمغرب، دراسة قانونية مقارنة الجزء الأول، المطبعة دار القلم بالرباط 2019.

2- الرسائل و الأطروحات

– محمد الهيني، رقابة القضاء على أعمال هيئات النوظمة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة قانون المنافسة والاستهلاك، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، السنة الجامعية 2012-2013.

– خرشي إلهام، السلطات الإدارية المستقلة في ضل الدولة الضابطة، أطروحة لنيل شهادة الدكتورة في القانون العام، جامعة سطيف 2، السنة الجامعية 2014-2015.

3- القوانين و المراسيم:

  • ظهير شريف رقم 257-04-1 صادر في 25 من ذي القعدة 1425 بتنفيذ القانون رقم 03-77 المتعلق بالاتصال السمعي البصري (جريدة رسمية بتاريخ 23 ذو الحجة 1425 -3 فبراير 2005).
  • ظهير شريف رقم 1.16.123 صادر في 21 من ذي القعدة 1437 (25 لأغسطس 2016) بتنفيذ القانون رقم 11.15 المتعلق بإعادة تنظيم الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري.
  • مرسوم  بقانون رقم  633-02-2 الصادر في 2 رجب 1423/ 10 سبتمبر 2002، بإنهاء احتكار الدولة في ميدان البث الإذاعي و التلفزي، جريدة رسمية رقم 5038، بتاريخ 12 شتنبر 2002.

4- المواقع الالكترونية:

المراجع باللغة الأجنبية:

-çagla TANSUI, La régulation des services publics en  réseau en France et en Turquie, Electricité et communication électronique. L’HARMATTAN, 2009.

– Oderzo Jean-Claude, « les autorités administratives indépendantes et la constitution », thèse de doctorat, faculté de droit et sciences politiques, Aix-en-provenance, 19/12/2000.

– M. Delmas. Marty, c.teitgen . colly, punir sans juger, de la répression administrative au droit administratif. pénal, économica, 1992.

التصميم

مقدمة 1

المبحث الأول: الأعمال و القرارات ذات الطبيعة التنظيمية. 2

المطلب الأول:الأعمال الاستشارية و التنظيمية. 2

الفرع الأول:   الأعمال الاستشارية 2

الفرع الثاني:الأعمال التنظيمية المحضة. 4

المطلب الثاني: الأعمال الترخيصية 7

الفرع الأول: قرارات منح أو رفض الترخيص و الأذون. 7

الفرع الثاني: قرارات وقف أوسحب الترخيص. 8

الفرع الثالث : مدى خضوع القرارات الفردية الصادرة عن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري لرقابة القاضي. 9

المبحث الثاني: الأعمال و القرارات ذات الطبيعة الزجرية. 10

المطلب الأول: طبيعة العقوبات التي يملك المجلس الأعلى للسمعي البصري فرضها. 10

الفرع الأول: خصوصيات مختلف أوجه العقوبات التي يملك المجلس الأعلى فرضها. 11

الفرع الثاني: سلطة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في تفريد الجزاء. 14

المطلب الثاني: الضمانات القانونية لتوقيع العقوبات. 15

خاتمة 15


[1]– تم إحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري سنة 2002 بمقتضى الظهير الشريف رقم: 1-02-212 صادر في 22 من جمادى الآخرة 1423 / 31 أغسطس 2002. ج.ر، عدد:5035 الصادرة يوم الاثنين 2 شتنبر 2002.

[2]– تم رفع احتكار الدولة  في مجال البث الإذاعي و التلفزي سنة 2002 بمقتضى المرسوم  بقانون رقم  633-02-2 الصادر في 2 رجب 1423/ 10 سبتمبر 2002، بإنهاء احتكار الدولة في ميدان البث الإذاعي و التلفزي، جريدة رسمية رقم 5038، بتاريخ 12 شتنبر 2002.

[3]– محمد الهيني، رقابة القضاء على أعمال هيئات النوظمة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة قانون المنافسة والاستهلاك، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، فاس، السنة الجامعية 2012-2013.، ص.140.

[4]– خرشي إلهام، السلطات الإدارية المستقلة في ضل الدولة الضابطة، أطروحة لنيل شهادة الدكتورة في القانون العام، جامعة سطيف 2، السنة الجامعية 2014-2015. ، ص.190.

[5]-د. محمد الأعرج، المساطر الإدارية غير القضائية، دراسة قانونية لفاعلية قواعد الإجراء والشكل في القرارات الإدارية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية مؤلفات وأعمال جامعية عدد47 الطبعة الأولى، 2003 ص: 113.

[6]– بوجمعةبوعزاوي،القضاءالإداريالمغربي،مطبعةالمعارفالجديدة،الرباط، 2018،ص. 54.

[7]– قضت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في الحكم عدد 652 بتاريخ 26 دجنبر  2001 في قضية علال البركة / الوكالة الحضرية بالدار البيضاء بإلغاء ” قرار الرفض الضمني بعدم إ عطاء الرأي الموافق على طلب الترخيص لاتسامه بالشطط في استعمال السلطة” حكم أورده بوجمعة بوعزاوي في مرجعه السابق،ص. 54.

[8]– « Considérant que les avis, recommandations, mises en garde et prises de position adoptés par les autorités de régulation dans l’exercice des missions dont elles sont investies, peuvent être déférés au juge de l’excès de pouvoir lorsqu’ils revêtent le caractère de dispositions générales et impératives ou lorsqu’ils énoncent des prescriptions individuelles dont ces autorités pourraient ultérieurement censurer la méconnaissance ; que ces actes peuvent également faire l’objet d’un tel recours, introduit par un requérant justifiant d’un intérêt direct et certain à leur annulation, lorsqu’ils sont de nature à produire des effets notables, notamment de nature économique, ou ont pour objet d’influer de manière significative sur les comportements des personnes auxquelles ils s’adressent » Conseil d’Etat Assemblée, 21 mars 20016 Société Faivesta International et autres, requête numéro 368082.  Pour consulter texte intégral. https://www.revuegeneraledudroit.eu/blog/2016/06/06/le-recours-pour-exces-de-pouvoir-confronte-au-droit-souple-il-plie-mais-ne-rompt-pas/ تاريخ  الزيارة 27.12.2018, ,

[9] د. محمد الهيني رقابة القضاء على أعمال هيئات النوظمة مرجع سابق ص: 154.

[10]– إلهام خرشي، السلطات الإدارية المستقلة في ظل الدولة الضابطة ، مرجع سابق، ص. 205.

[11]– قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري رقم 17-07 المؤرخ في 03 جمادى الثانية 1438 (02 مارس 2017 ) بخصوص مسطرة الشكايات.

[12]– قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري رقم 17-04 المؤرخ في 20 ربيع الثاني 1438 (19 يناير 2017 ) والمتعلق باعتماد مسطرة الترخيص لإحداث واستغلال الخدمات البصرية.

[13]– قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري رقم 17-05 المؤرخ في 26 ربيع الثاني 1438 (25 يناير 2017 ) القاضي باعتماد  المسطرة المتعلقة بالأذون.

[14]– قرار “م.أ.ت.س.ب” رقم 18-20المؤرخ في 22 رمضان 1439 (07 يونيو 2018) بشأن ضمان التعبير التعددي لتيارات الرأي والفكر في خدمات الاتصال السمعي البصري خارج فترات الانتخابات العامة والاستفتاءات.

[15]– د محمد الهيني، رقابة القضاء على أعمال هيئات النوظمة، مرجع سابق، ص: 178-190.

– [16] فهد عبد الكريم أبو العثم، القضاء الإداري بين النظرية والتطبيق، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2005، عمان، ص. 133.

[17]– قرار أورده محمد الهيني في أطروحته، المرجع السابق ص: 192.

[18]– قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، عدد 35 ملف إداري 613-5-1-1996 بتاريخ 9-1-1997. أورده محمد الهيني في أطروحته مرجع سابق ص: 197.

[19]– قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري رقم 17-05 المؤرخ في 26 ربيع الثاني 1438 (25 يناير 2017 ) القاضي باعتماد المسطرة المتعلقة بالأذون.

-قرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري رقم 17-04 المؤرخ في 26 ربيع الثاني 1438 (25 يناير 2017 ) القاضي باعتماد مسطرة الترخيص لإحداث واستغلال الخدمات السمعية البصرية.

[20]– وفي هذا الإطار وبناء على ملف دراسة الطلب وعلى موافقة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات المؤرخ بتاريخ 28 مارس 2017 قرر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، خلال اجتماعه بتاريخ 30 مارس 2017 منح شركة TANGER MED PORT AUTHORITY

للفترة المسندة من فاتح يونيو إلى 30 شتنبر 2017 وذلك للاستغلال المؤقت للتردد 100هرتز من أجل بث برامج إذاعية بمناسبة حملة العبور “مرحبا 2017 “.

[21]– وفي هذا الاتجاه صدرت مجموعة من القرارات والأحكام أوردها الأستاذ محمد الهيني في أطروحته، قرار الغرفة الإدارية لمحكمة النقض صادر بتاريخ 25/03/2003 عدد 984 ….- حكم عدد 746 بتاريخ 29-02-2012 ملف رقم 416-5-2011 غير منشور.

[22]– د محمد الهيني، رقابة القضاء على أعمال هيئات النوظمة، مرجع سابق، ص. 208.

[23]– القرار عدد 867 في ملف رقم 340/07/5 غير منشور أورده محمد الهيني في أطروحته المرجع السابق، ص. 208.

[24] – وقد أصدر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري بتاريخ 17 يونيو 2009 قرارين بسحب الإذن:

– القرار رقم 23-09 الصادر في 24 جمادى الآخرة 1430 (17 يونيو 2009) المتعلق بسحب إذن تسويق باقة “الجزيرة الرياضية” من شركة « performances sport »

– القرار رقم 22-09 الصادر في 24 جمادى الآخرة 1430(17 يونيو 2009) القاضي بحسب الإذن الذي يرخص تسويق الخدمة ذات الولوج المشروط “شاوتايم – show time  من شركة HK Distribution  “.

[25]– قرار محكمة النقض عدد 86 بتاريخ 8-3-1990 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 142 نونبر 1990.

[26]– يمكن الطعن أمام القاضي الإداري ضد القرارات المتعلقة :

      –      بطلبات الاعتمادات أو الرخص أو جميع القرارات المرتبطة بهذهالمساطر 

 (CE ,11 avril 2014 Syndicat des réseau radiophoniques nationaux, n° 348972 ,T…. sur l agrémentpar le CSA del acquisition  de diverses sociétés exploitant des services   radiophonique).

  •  تعديل شروط استغلال مصدر

(CE, Assemblée ,13 juillet 2016 société Métropole Télévision- société paris première n° 396476, Rec., sur  un   rejet  par le CSA de la demande  d’agrément de la modification des modalités de financement de la chaine paris  première).                                                                                                    

  • أو أيضا منح أو رفض إلغاء رخصة ممارسة نشاط اقتصادي

(CE , 30juin 2006 , société Neuf Télécom S.A, n°289564, Rec., affaire relative au refus de l’ ARCEP de faire droit à une demande d’ abroger d’ autorisation d’ utilisation de fréquences.

[27]–  çagla TANSUI, La régulation des services publics en  réseau en France et en Turquie, Electricité et communication électronique. L’HARMATTAN, 2009. P: 489.

[28] مجلة المحامي، عدد 42، ص. 201.

[29]-حكم استشهد به في التقرير مفوضي الدولة بوقف بث “الجزيرة مباشر مصر”والذي أعده القاضي سادي حمدي بإشراف الدكتور محمد الدمرداش العقالي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار واستشهد بالأحكام القضائية الصادرة في دول عدة وحالات شبيهة. هذا التقرير تم نشره يوم 28 ديسمبر 2013، في بوابة فيتو: www.vetogate.com. تاريخ الزيارة 27/12/2018.                                                

[30]– محمد الهيني، رقابة القضاء على أعمال هيئات النوظمة، مرجع سابق، ص. 234.

[31]–  çagla TANSUI, La régulation des services publics en  réseau en France et en Turquie, Electricité et communication électronique. L’HARMATTAN, 2009. P: 358-359.

[32]– خرشي ألهام ” السلطة الإدارية المستقلة في إطار الدولة الضابطة ” مرجع سابق ص. 303.

[33] – وليد محمد الشناوي، الدور التنظيمي للإدارة في المجال الاقتصادي، دراسة مقارنة، الناشر، المكتبة العصرية للنشر والتوزيع ،الطبعة الثانية 2012. ص:782

[34]-B. Genevois, le  conseil constitutionnel et la définition des pouvoirs du conseil supérieur de l’audiovisuel, RFDA, mars avril 1989, p 215-228-, Ibid. p:782.

[35]– M. Delmas. Marty,c.teitgen . colly, punir sans juger, de la répression administrative au droit administratif. pénal, économica, 1992, p :37.

[36]_ فحسب المادة 1-42 من قانون 30 سبتمبر 1986، يستطيع المجلس الأعلى للسمعي البصري الفرنسي أن يصدر إحدى الجزاءات الأربعة الآتية حسب درجة المخالفة:1- توقيف النشر، البث، التوزيع لخدمة أو خدمات لنوع من البرنامج أو جزء من البرنامج أو وصلة أو مجموعة من الوصلات الإشهارية لمدة شهر على الأكثر.2- تخفيض مدة الترخيص أو الاتفاقية في حدود سنة. 3- فرض عقوبة مالية مصحوبة غالبا بتوقيف النشر أو التوزيع خدمة أو خدمات أو جزء من البرنامج.

  • سحب الرخصة أو الفسخ الأحادي الجانب للاتفاقية.

 http://www.csa.fr/Le-CSA/Presentation-du-Conseil/Des-missions-diversifiees/Les-sanctions.

[37]– أنظر المادة 31 من دفتر التحملات للخدمة التلفزية الذي يضبط ويؤطر الخدمة التلفزة “مدي 1 تي في”، (لقرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري رقم 07.14 الصادر بتاريخ 11 ماي 2014)

[38]-المادة 30 من دفتر تحملات “مدي 1 تي في” تنص على أن دون الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في  النصوص التنظيمية الجاري بها العمل، يمكن للهيأة العليا أن تحدد عقوبة مالية يتلاءم مبلغها مع خطورة المخالفة المرتكبة دون أن تتجاوز نسبة 1% من رقم المعاملات الإشهاري (دون احتساب الرسوم ) الذي حققه المتعهد خلال أخر سنة المالية .أنظرأيضا المادة 72 من دفتر تحملات شركة صورياد-القناة الثانية (مرسوم رقم 2.12.597 صادر في 25 من طي القعدة 1433 (12 أكتوبر 2012) بنشر دفتر تحملات شركة صورياد القناة الثانية. ج .ر, عدد 6093 بتاريخ 22 أكتوبر ,2012). و المادة 202 من دفتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، (مرسوم رقم 2.12.596 صادر في 25 من ذي القعدة 1433 (12 أكتوبر 2012)، بنشر دفتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة، ج, ر، عدد 6093 بتاريخ 22 أكتوبر 2012).

[39]– د. محمد الهيني، ” رقابة القضاء على أعمال هيئات النوظمة “،  مرجع سابق،  ص: 268.

[40]–  محمد الهيني،رقابة القضاء على أعمال هيئات النوظمة،  مرجعسابق،  ص:271.

[41]Oderzo Jean-Claude, « les autorités administratives indépendantes et la constitution », thèse de doctorat, faculté de droit et sciences politiques, Aix-en-provenance, 19/12/2000.  P :422.

[42]– د. هشام مدعشا، هيئات الضبط: ضبط قطاع الاتصال السمعي البصري نموذجا (الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري)، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2018،  ص.­126.125، 127.

[43]– خرشي إلهام، السلطات الإدارية المستقلة في ظل الدولة الضابطة،  مرجع سابق، ص: 327.

إقرأ أيضاً

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية Work …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *