Site icon مجلة المنارة

مظاهر التحول في حماية الأجانب بالمغرب

مظاهر التحول في حماية الأجانب بالمغرب

سعيد مشاك / حميد بلغيت

طالبين باحثين بسلك الدكتوراه بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة

مختبر الدراسات والأبحاث في مجال حقوق الإنسان

 

مقدمة

ارتباطا بالموضوع يبدو أنه من الطبيعي القول بأن وضعية الأجانب في القانون الدولي التقليدي كانت تجد صداها في واجب المعاملة وفق بعض مبادئ الحضارة والعدالة، اعتبارا لكونهم آنذاك لم تكن لديهم أهلية امتلاك الحقوق في القانون الدولي، وكانت حمايتهم تستند أساسا إلى الدولة الأصلية فيما يعرف بالحماية الدبلوماسية، وبالتالي كان من السهل اللجوء إلى القوة في حالة امتناع دولة عن دفع التعويضات عن الأضرار التي تلحق بمواطني دولة أخرى فوق إقليمها.

لكن مع منتصف القرن الماضي صارت وضعية هذه الفئة تجد صداها أكثر فأكثر في القانون الدولي المعاصر، وذلك نتيجة تطور مركز الفرد في القانون الدولي بعد ميثاق الأمم[1] المتحدة والشروع في مسلسل تدويل حقوق الإنسان[2]، الذي تنامى معه الاتجاه إلى ربط وضعية هذه الفئة وإثارتها بمقتضيات ما يعرف بالقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وكما هو الشأن بالنسبة للتجارب المقارنة التي لها تاريخ طويل في استقبال الأجانب فوق أقاليمها، خضعت وضعية هذه الفئة بالمغرب لتحولات أساسية في التاريخ السياسي المغربي، عبر انتقالها من ما يسمى بنظام الامتيازات، إلى مرحلة الحماية وصدور ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب سنة 1912[3]، الذي لم يعتبر الفرنسيين أجانب أنداك وجعل المواطنين أقل حقوقا من الأجانب إبان هذه الحقبة[4]، وصولا لمرحلة ما بعد الاستقلال واستعادة المغرب لسيادته، وهي المرحلة التي سنحاول من خلالها إبراز أهم مظاهر التحول في أنماط الحمايةالمقدمة لمختلف فئات الأجانب المقيمين بالمغرب وتحولاتها منذ الاستقلال إلى اليوم وذلك عبر رصدها وتحليلها من خلال ثلاثة عناصر أساسية:

أولا: مرحلة ما بعد الاستقلال أو مرحلة الفراغ المعياري

لا مراء في كون أن إحدى المتحولات الأساسية بعد استرجاع المغرب لسيادته، هو استعادة أهلية اتخاذ قراره الخارجي خاصة ما يتعلق بالمصادقة والانضمام للاتفاقيات الدولية، وهو ما ترجمه فعلا بعد شروعه في منهجية الانخراط التدريجي في عدد من الاتفاقيات والصكوك الدولية، بحيث شملت هذه العملية إضافة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان[5]الذي تم اعتماده قبل بضع سنوات من استقلال المغرب، عدد من الأدوات القانونية التي همت هذا الجانب أو ذلك من حماية الأجانب.

ولا نكون قد بالغنا إذا صرحنا بالقول أن إحدى المتحولات التي همت وضعية الأجانب بالمغرب بعد الاستقلال[6] تتمثل في التحول الجذري الذي عرفه القانون الدولي خاصة بعد الشروع في مسلسل تدويل حقوق الإنسان[7] وما خلفه من تداعيات على تطور مركز الفرد بصفة عامة والأجانب بصفة خاصة في المضامين المعيارية التي كرستها مختلف الاتفاقيات الدولية، والتي أصبح معها جزء هام من وضعية هذه الفئة مرتبطا بالقانون الدولي بصفة عامة والقانون الدولي لحقوق الإنسان بصفة خاصة.

لقد كانت أولى الاتفاقيات الدولية المتضمنة لحماية إحدى فئات الأجانب التي ورثها المغرب عشية الاستقلال هي اتفاقية جنيف بشأن وضعية اللاجئين لسنة 1951[8] رغم كونها إبان تلك المرحلة لم تكن تكتسي صبغتها العالمية، بحث تم انتظار أكثر من عقد ونصف لصدور برتوكول 1967[9] الذي أضفى عنها طابعها الكوني، وعمل على حذف الشرط الزماني والمكاني الذي كان يترجم الطابع الظرفي لهذه الاتفاقية[10]، وهو البرتوكول الذي صادق عليه المغرب أيضا في وقت مبكر نسبيا.

ومن الطبيعي أن يخلف تشبث المغرب بالصكين السالفين تداعيات على المستوى الداخلي انعكست بدرجات متفاوتة على هذه الفئة من الأجانب بالمغرب، حيث أنه إذا كان هذا الالتزام يعني بالدرجة الأولى التزام المغرب بقيمه الضاربة في عمق التاريخ من كرم وضيافة وتقديم الحماية للمضطهدين والحفاظ على حقهم في الحياة، فإن ذلك ترجمه المشرع المغربي سنة 1957عبر إصدار المرسوم التطبيقي[11] لاتفاقية جنيف بشأن وضعية اللاجئين لسنة 1951، والذي أنشأ بموجبه المكتب المغربي للاجئين وعديمي الجنسية على مستوى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، وأحدث لجنة وطنية للطعون شكلت من خلال ثلاث قطاعات وزارية،وهي كل من وزارة العدل، ووزارة الداخلية ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون، إضافة لممثل عن مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالمغرب[12].

وأوكل المرسوم المتعلق بتطبيق اتفاقية جنيف لسنة 1951 الخاصة بوضعية اللاجئين، إلى المكتب المغربي للاجئين وعديمي الجنسية اختصاصات متعددة تتمثل أساسا[13] فيالاعتراف بصفة لاجئ حسب الشروط المحددة في اتفاقية جنيف، وللأشخاص المنضوون في نطاق ولاية المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إضافة إلى تسليم الأشخاص المشار إليهم في المادة 1 من الاتفاقية الوثائق اللازمة لتمكينهم من ممارسة الإجراءات الضرورية لحياتهم المدنية ومن أجل الاستفادة من أحكام التشريع الوطني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، و إثبات صحة الوثائق والعقود التي يدلى بها الأشخاص المعنيون إلى المكتب[14].

وفي نفس السياق أنيط باللجنة الوطنية للطعون في الطلبات المرفوضة صلاحية البت في الطعون المقدمة ضد القرارات القاضية برفض طلبات اللجوء وإبداء الرأي بخصوص التدابير الزجرية المنصوص عليها في المواد 31 و32 و33 من الاتفاقية، وذلك إما استنادا إلى الطعون التي يقدمها الأشخاص الواقعون تحت طائلة هذه العقوبات (الطرد-الإبعاد) أو بطلب من السلطات المختصة[15].

ولعل ما يثير الانتباه في هذا الصدد هو أداء هذا المكتب الذي ظل ضعيفا على مستوى الحماية المقدمة للاجئين وطالبي اللجوء بالمغرب، وذلك كنتيجة طبيعية للاقتضاب الشديد الذي تميز به مرسوم 1957، وعدم خوضه في العديد من التفاصيل المرتبطة بحيثيات حماية اللاجئين وطالبي الصفة على ضوء ما كرسه نظام جنيف[16]، بحيث لم يتضمن لمسطرة تقديم ودراسة طلبات اللجوء وجزئياتها، بل وما يرتبط بها من إشكالات مختلفة كالطلبات المقدمة في النقاط الحدودية وضمانات تطبيق مبدأ عدم الإعادة القسرية في حق اللاجئين وطالبي اللجوء باعتباره الحجر الأساس في القانون الدولي للجوء، إضافة لانحساره الشديد على مستوى الضمانات المقدمة في عملية الطعون وتحديد الآجال المعقولة لذلك وغير من التفاصيل الأخرى.

إضافة لما سلف ورغم كون المغرب قد كان عضوا في اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية المنظمة لجوانب محددة من شؤون اللاجئين لسنة 1969[17]، والتي عملت على توسع التعريف الوارد في اتفاقية جنيف بشأن وضعية اللاجئين ليشمل الفارين من الحروب والنزاعات المسلحة والعنف العشوائي والمعمم[18]، إلا أنه لم يتخذ أي خطوات اتجاه تفعيل هذه الاتفاقية وتطبيقها، ليشمل التشريع الوطني معايير موسعة مما كرسته المادة الأولى من اتفاقية جنيف، خاصة وأن انسحابه من منظمة الوحدة الأفريقية لم يعقبه أي إعلان عن التحلل من الالتزامات المترتبة عن هذه الاتفاقية.

وإجمالا يمكن القول إن جاز التعبير أنه رغم التشبث المبكر للمغرب بالمنظومة الدولية لحماية اللاجئين، إلا أن ذلك لم يترجم فعليا على المستوى الداخلي فيما يتعلق بضرورة ملائمة التشريع الوطني مع هذه الالتزامات والدفع باتجاه إرساء منظومة وطنية واضحة وشفافة لحماية اللاجئين بالمغرب، إضافة إلى الطبيعة المضطربة التي تميزت بها العلاقة ما بين السلطات المغربية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالمغرب منذ 1975 إلى غاية أوائل سنوات 2000.

إذا كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد تضمن الحقوق والحريات كمبادئ عامة دون تفصيل فيها، فإنه قد ترك بالمقابل للمجتمع الدولي ترتيبها وتصنيفها بمقتضى صكوك دولية أتت في مراحل لاحقة، وكانت صياغة واعتماد كل من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[19] والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية[20] أول صكين ملزمين للدول في مجال حقوق الإنسان، متضمنين معايير تهم حقوق وحريات الأجانب[21]، وكانا من الصكوك الأولى في القانون الدولي لحقوق الإنسان التي شكلت إحدى المصادر الأساسية لالتزامات المغرب في هذا الإطار، حيث صادق عليهما في سنوات مبكرة نسبيا.

إن المصادقة المبكرة للمغرب على الصكين المذكورين، كان يعني عمليا التزامه بالمعايير الواردة في هذه الصكوك التي تهم الأجانب، خاصة مبدأ عدم التمييز الذي كرسه العهدين، والمادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلقة بمنع الطرد وترحيل الأجانب دون مقررات قضائية، ومنع الطرد الجماعي. وأيضا المادة 26 بخصوص مساواة الجميع أمام القانون وباقي المواد التي تنطبق بشكل كلي على الأجانب، ما عدا المادة 25 المتعلقة بالحقوق السياسية التي يقتصر انطباقها على المواطنين فقط وتعتبر من المواد الفريدة في هذه الاتفاقية[22].

ونفس الشيء بالنسبة لمقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي تنطبق أحكامه على الأجانب مع مراعاة بعض مقتضيات المادة 2 التي تعطي الصلاحية للدول النامية إلى أي حد يمكنها إعمال هذه الفئة من الحقوق لغير المواطنين، مع مراعاة الطبيعة البرنامجية في إعمال هذه الفئة من الحقوق.

بحيث يقر العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مبدئيا جميع هذه الفئة من الحقوق لجميع البشر[23]، بغض النظر عن الجنسية والانتماء[24]،وذلك على قدم المساواة بين الأجانب والمواطنين داخل الدولة المستقبلة، رغم كون الواقع ما فتئ يكشف عن وجود بون شاسع بين ما يقره القانون الدولي لحقوق الإنسان من حقوق وحريات لهذه الفئةوكيف يتعاطى معها بكثير من التمييز والإقصاء، حيث غالبا ما تحاط بقيود تهم الحق في العمل[25] والتعليم والصحة والسكن وشروط قاسية تستبعد الأجنبي من الولوج إليها[26].

وفي نفس الإطار صادق المغرب أيضا على عدد من الأدوات القانونية الدولية التي كانت من المنتظر أن تحدث تفاعلات وانعكاسات على وضعية الأجانب بالمغرب، ومن بينها الاتفاقية الدولية لمكافحة جميع أشكال التمييز العنصري[27]، التي تعتبر من المصادر الأساسية لحماية الأجانب في القانون الدولي أيضا، وفي مرحلة لاحقة صادق على اتفاقية مكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة[28] واتفاقية حقوق الطفل[29] واتفاقية مناهضة التعذيب[30] والاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم[31] التي يعتبر المغرب الدولة الثانية التي صادقت عليها، إضافة إلى الاتفاقيات والبرتوكولات الأخرى ذات الصلة بحقوق وحريات الأجانب[32].

ولعل ما يسترعي الانتباه في هذا المضمار هو أنه رغم المصادقة المبكرة للمغرب على عدد من الأدوات القانونية الدولية المتضمنة في جزء منها معايير خاصة بحماية مختلف فئات الأجانب، إلا أن مرحلة ما قبل مطلع سنوات 2000 تميزت بفراغ معياري في العديد من الجوانب المنظمة لحقوق وحريات هذه الفئة،الشيء الذي يعزى ربما آنذاك إلى كون أن المغرب كان بلدا مصدرا لليد العاملة المهاجرة نحو الخارج مقابل انخفاض في عدد الأجانب المقيمين بالمغرب بعد رحيل المستعمر، الشيء الذي لم يكن معه ربما إشكال ولوج هذه الفئة للحقوق مطروحا كما هو الشأن حاليا الذي أصبح فيه سؤال حماية هذه الفئة إحدى الانشغالات الكبرى للسلطات العمومية.

ورغم انخفاض عدد الأجانب المقيمين بالمغرب بعد الاستقلال، إلا أن موضوع حمايتهم ووضعهم أثار بعض السجالات داخل الأوساط القانونية، بحيث أن استقلال المغرب كان يعني عمليا رحيل المستعمر واستعادة المغرب لقراره السياسي وامتلاكه الحق في إبرام المعاهدات الدولية والمصادقة عليها وفقا لمبدأ المساواة في السيادة الذي كرسه ميثاق الأمم المتحدة،الشيء الذي أصبح معه جزء مهم من وضع هذه الفئة مقرونا بمقتضيات القانون الدولي لحقوق الإنسان، رغم محدودية الأطر القانونية الوطنية التي كانت سائدة إبان هذه المرحلة.

بحيث شرع المغرب عشية الاستقلال في مسلسل التوحيد والمغربة في العديد من المجالات وتم تمديد العمل بالقوانين الموروثة عن الحماية الفرنسية إلى باقي مناطق المغرب، وذلك عبر تمديد العمل بظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب، بموجب قانون توحيد المحاكم في 26 يناير 1965، وكذا قرار وزير التشغيل الخاص بتمديد العمل بقوانين هجرة الأجانبإلى المغرب من أجل العمل وإلغاء القوانين التي كانت معمول بها في مناطق الحماية الاسبانية وذلك بتاريخ، 17 ابريل 1959، إضافة لقرار وزير الداخلية الخاص بتمديد المقتضيات القانونية المنظمة لدخول وإقامة الأجانب بمنطقة الحماية الفرنسية إلى جميع تراب المملكة سنة 1962[33]، ثم  ظهير 2 مارس 1973 المتعلق باسترجاع ومغربة بعض الأنشطة الاقتصادية، وهو الشيء الذي أعيد النقاش حول وضعية الأجانب إلى الواجهة، وتباينت فيه الآراء ما بين من يرى بكون وضعية هذه الفئة ما زالت تحكمها القوانين التي خلفها المستعمر، ويمثل هذا الاتجاه بعض الفقهاء الفرنسيين على رأسهم بول ديكرو، ومن يرى أن وضعية الأجانب بعد الاستقلال أصبحت تخضع لمبدأ المساواة مع المواطنين المغاربة ما لم يكن هناك نص مخالف، وهو الاتجاه الذي تزعمه العديد من أساتذة القانون بالمغرب وسايره بعض الفقه الدولي.

وقد ظلت وضعية الأجنبي من ناحية الولوج للحقوق والحريات بالمغربخاضعة للمقتضيات القانونية المشار إليها، وكانتمطبوعة ببعض الغموض في الكثيرمن الجوانب، ولم تعرف المعايير الدولية والمعايير التي تضمنتها صكوك جهوية التزم بها المغرب إبان هذه المراحل طريقها إلى الإعمال والتفعيل، رغم كونها أصبحت تشكل جانبا مؤطرا لوضعية هذه الفئة بالمغرب إلى جانب ما يعرف باتفاقيات الاستيطان المبرمة مع كل من السنغال والجزائر وموريتانيا وكذلك اتفاقيات مع دول أخرى ذات صلة بحقوق الأجانب فيما يتعلق بالدخول والإقامة واتفاقيات في مجال التعاون القضائي.

ثانيا: مرحلة القطع والتأسيس لحماية حقوق الأجانب

لقد ساد اعتقاد راسخ لدى أغلب الدارسين لهذا الموضوع في العقود الموالية لاستقلال المغرب بكون أن وضعية الأجانب بالمغرب ظلت محكومة بقوانين ونصوص موروثة عن عهد الاستعمار، مقابل تركيز السلطات المغربية مع منتصف التسعينات من القرن الماضي على المقاربة الأمنية للموضوع عبر زجر حرية التنقل ومحاربة الهجرة غير النظامية، بمبادرة منها، أو تحت تأثير أجندات خارجية لا سيما الاتحاد الأوروبي الذي انخرط في عملية متواصلة لتقيد الهجرة والتنقل وكبح جماح التدفقات البشرية الراغبة في وصول القلعة الحصينة.

وتميزت مسألة حماية حقوق الأجانب خلال هذه المرحلة بعدة تحديات أساسية طرحتها تحولات إقليمية ودولية همت الحراك الهجري والنزوح بصفة عامة، حيث صار معه المغرب أنذلك منصة تصدير وبوابة عبور بامتياز، وهو الشيء الذي أحدث تفاعلات إقليمية مختلفة خلفت تداعيات متعددة مست هذا الجانب أو ذلك من وضع هذه الفئة بالمغرب.

ولعل من بين المعادلات الشائكة التي انعكست في مضامين أول تشريع مغربي في مجال الدخول والإقامة ( القانون 02-03)[34]، تمثلت في الضغط الأوروبي المتصاعدبعد الشروع في تنفيذ توجهات الاتحاد فيما يتعلق بالسياسة المشتركة للاتحاد بشأن الهجرة واللجوء، مقابل تصاعد وتيرة الهجرة السرية من وعبر المغرب خاصة مواطني البلدان الافريقية الصديقة للمغرب، وفي نفس المضمار كان من نتائج الانخراط التدريجي للمغرب في المنظومة الأممية لحماية حقوق الإنسان، تصاعد الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان خاصة مع دخول الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والتي كان المغرب من الدول الأوائل المصادقة والداعية إلى المصادقة على هذه الاتفاقية انطلاقا من دفاعه على مصالح الجالية المغربية المقيمة بالخارج.

إضافة إلى الطبيعة التطورية لظاهرة الهجرة وديناميتها المتسارعة التي أصبحت تصير معها عملية الضبط عبر نصوص تشريعية أكثر صعوبة وبالتالي يثار هنا إشكال الأولويات التي ينبغي أن تكون أكثر للنصوص التنظيمية نظرا للمرونة المسطرية في استصدارها.

إن التمعن في قراءة السياق والمحددات التي عجلت بصدور هذا القانون تشكل محط إجماع أغلب الدارسين والباحثين في مجال الهجرة[35]، بحيث أن كان استجابة لظروف دولية وإقليمية بل وداخلية لعب فيها عنصر الأمن والسيطرة دورا محوريا، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يجب القول عن كونه شكل محطة مفصلية في تاريخ التشريع الوطني في الجانب المتعلق بالدخول والإقامة فوق التراب الوطني ومحاربة الهجرة غير النظامية، وذلك لسببين على الأقل، يتعلق الأول بكونه قد أحدث قطيعة مع جميع النصوص القانونية الموروثة عن عهد الاستعمار التي كانت سارية المفعول في هذا المضمار، والثاني يتعلق بكونه حاول من خلاله المشرع المغربي تضمينه بعض الضمانات القانونية والمسطرية لحماية الأجانب الراغبين في الدخول والإقامة بالمغرب وملائمته مع الالتزامات الدولية في هذا الباب.

ولعل من مميزاته الأساسية في مجالإقرار الضمانات والحقوق الخاصة بالأجانب سواء على مستوى الدخول أو الإقامة، توفير سبل الانتصاف ضد قرارات المنع من الدخول، والطعن في قرارات الطرد والترحيل والاقتياد إلى الحدود، والطعن في قرارات الامتناع عن تسليم وتجديد ومنح بطاقة الإقامة أو التسجيل، وإقرار أماكن للاحتفاظ غير تابعة لإدارة السجون، وبعض الضمانات القانونية للفئات الهشة مثل تكرس مبدأ عدم الترحيل في حق النساء الحوامل والأطفال وكذلك منع ترحيل من لديهم خوف في حالة إعادتهم من التعرض للاضطهاد أو التعذيب والممارسات الحاطة بالكرامة الإنسانية أو المهينة ( المادة 3 من اتفاقية التعذيب، 33 من نظام جنيف)، إضافة إلى إقرار الحق في الحصول على بطاقة الإقامة وبطاقة التسجيل، ومنع الطرد الجماعي وعمليات الترحيل خارج نطاق القانون، وكذا إقرار المراقبة القضائية على أمكان الاحتجاز وغيرها من الضمانات، رغم النقاشات التي تثار في انعدام ملائمتها مع المعايير الدولية ذات الصلة بل وعدم كفايتها وضعفها على مستوى تقديم الحماية اللازمة[36].

وفي مقابل ذلك لم يفلح المشرع المغربي عبر هذا القانون في امتحان الملائمة مع المعايير الدولية التي التزم بها المغرب في الاتفاقيات السالفة الذكر، بحيث أن سيطرت الفلسفة الأمنية على هذا النص القانوني نتيجة عوامل داخلية وخارجية متفاعلة فيما بينها، جعلته متضمنا لمقتضيات غامضة وضعيفة بل ومتناقضة أحيانا في الكثير من الجوانب، لعل أبرزها خوضه في مسألة تجريم الهجرة والدخول غير النظامي للتراب الوطني،  وغياب الإقرار بالآجال المعقولة على مستوى الطعون وتمكين الطاعنين من وسائل الانتصاف، إضافة للغموض  الذي انتابه على مستوى توقيف قرارات الطرد في حالة الطعن، حيث أن التنفيذ التلقائي هو المبدأ خاصة لدى توافر عنصر تهديد النظام العام الذي يعتبر من العبارات الفضفاضة المكرسة لغلو الإدارة واحتكار سلطة التكييف القانوني لواقعة الطرد أو الأبعاد، وكذلك أيضا عدم إصدار المراسيم التنظيمية خاصة المرسوم المتعلق بإحداث أماكن احتجاز غير تابعة لإدارة السجون، وفرض الغرامات على شركات النقل ( دون جدوى) رغم كونه إجراء أثبت فشله في العديد من التجارب المقارنة.

وفي نفس السياق تضمن هذا القانون تداخل مقتضياته مع نصوص أخرى سارية المفعول، خاصة فيما يتعلق بطالبي اللجوء وعدم توضيح ذلك بما يكفي خاصة مع غياب نظام وطني واضح في هذا المجال ( مثلا الاحتفاظ بطالبي اللجوء إلى غاية النظر فيما إذا كان الطلب قائما على أساس دون تحديد للجهة التي ستتولى الأمر والمسطرة المتبعة، أو على الأقل الإحالة إلى مرسوم 1957)، بالإضافة إلى كون أن هذا المرسوم مع دخول القانون 02-03 حيز التطبيق صارت العديد من مقتضياته متجاوزة خاصة تلك الصلاحيات التي خولها للجنة الطعون التي صارت من اختصاص القضاء الإداري بمقتضى القانون 02-03 وبموجب أيضا القانون 90 -41 المحدث للمحاكم الإدارية.

ويبدو أنه لابد من الإشارة إلى أن هذا القانون بغض النظر عن كونه كان موجها بالأساس لمحاربة الهجرة غير النظامية وتقوية التنسيق مع شركاء المغرب في هذا الإطار خاصة الجار الأوروبي، وكذلك إسبانيا التي تعتبر البوابة نحو أوروبا عبر المغرب، إلا أنه خضع لأول امتحان مباشرة بعد صدوره بزيارة المقرر الأممي الخاص بحقوق الإنسان للمهاجرين للمغرب سنة 2003، والذي أعد تقريرا في الموضوع ووجه فيه توصيات مختلفة للمغرب تتمحور حول ضرورة اتخاذ تدابير إدارية وتشريعية وأخرى قضائية من أجل الوفاء بالتزاماته الاتفاقية بما تقتضيه عملية ملائمة شاملة لبنوده ومقتضياته، إضافة إلى تأكيد ذلك عبر مختلف زيارات المساطر الخاصة للمغرب التي أتت في مراحل لاحقة من جهة، وأيضا اللجان التعاهدية أثناء فحص التقارير الدورية للمغرب من جهة ثانية.

وفي نفس السياق عرفت علاقة المغرب ببعض المنظمات الدولية أو وكالات الأمم المتحدة المتخصصة بعدا أخر، بحيث أضحت تتسم بطابعها التعاوني أكثر من أي وقت مضى، وهو ما حدى بالسلطات المغرب إلى توقيع اتفاقية المقر مع المنظمة الدولية للهجرة سنة 2006 والتي أصبحت بعد الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة وكالة متخصصة لها، ثم أيضا توقيع اتفاقية المقر مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين سنة 2007.

لعل ما ميز مرحلة العقد الأول من سنوات 2000، هو محاولة المشرع المغربي استجماع التشريعات الوطنية المتناثرة في مختلف المجالات وتحديثها وملائمتها مع ما قطعه المغرب في مسلسل المصادقة على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتفاعله مع المنظومة الأممية بصفة عامة، وكان ذلك إيذانا بصدور مجموعة من القوانين القطاعية التي عالجت بعض الجوانب المتعلقة بولوج الأجانب للحقوق والحريات ولو بشكل محتشم.

وقد تضمنت مدونة الشغل في المواد من 516 المتعلقة بالتأشير على عقد العمل من طرف القطاع الوصي، وكذلك المادة 517 – 518 – 519 – 520)، إشارات عدة متعلقة بكيفية ممارسة العمل المأجور بالمغرب وسبل الولوج إليه من طرف الأجانب[37]، ثم إصدار المرسوم التطبيقي لوزير التشغيل المحدد لنموذج عقد تشغيل الأجانب واشتراط شهادة الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءاتالتي تثبت عدم توفر كفاءة وطنية قادرة على ممارسة نفس العمل، من أجل مصادقة القطاع الوصي على عقد العمل[38]، وهو الشرط الذي قد يكون من خلاله المشرع قد تجاوز مفهوم الأفضلية الوطنية إلى أمور مخالفة لمقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتأويلات لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمادة 2  من العهد.

ورغم كون المدونة قد كرست مبدأ عدم التمييز في مادتها التاسعة، إلا أنها لم تفلح في عملية الملائمة في جملة من مقتضياتها فيما يتعلق بالأجانب، بحيث أن عقد الشغل مبدئيا يمكن إثباته بجميع الوسائل أي حتى وإن لم يكن كتابيا، إلا أنه بالنسبة للأجانب لا يمكن المجاجة والتقاضي إلا إذا كان العقد كتابي، أضف إلى ذلك طبيعة العقد المحدد المدة وجعل الإقامة رهينة بتجديده، وكذلك أيضامنع الأجانب من تحمل المسؤوليات النقابية، كما أن المادة 558 لم تنجع في القطع عما هو موروث عن عهد الاستعمار بحيث أحالت فيما يتعلق بممارسة للأنشطة المهنية إلى إحدى الظهائر الموروثة عن عهد الاستعمار وهو ظهير 1934، والتي تستوجب إذن الأمانة العامة للحكومة.

وفي نفس السياق حاول المشرع التطرق لوضعية الأجانب في مجالات أخرى كمدونة الأسرة وجعلأحكامها منطبقة على اللاجئين بالمغرب[39]، وكذلك أيضاتعديل قانون الجنسية وإقرار منح الأم لجنسيتها للأطفال، وغيرها من التشريعات الأخرى التي لازالت تعتريها مشاكل مختلفة إزاء ولوج الأجانب لمختلف الحقوق والحريات بالمغرب، كالضمان الاجتماعي والتغطية الصحية، والحق في تأسيس الجمعيات[40]، والتعليم[41] وانعقاد الأنكحة[42]، والحالة المدنية[43]، والمساعدة القضائية، وحرية المعتقد[44]، وبعض مظاهر التمييز والكراهية[45].

ورغم الملاحظات العديدة التي يمكن تسجيلها في هذا المضمار، يمكن القول عموما أن هذه المرحلة تميزت على المستوى التشريعي فيما يتعلق بتمتع الأجانب بالحقوق والحريات بخاصيتين أساسييتن على مستويين أساسيين:

وبالتالي ليس من المبالغة القول بأنه مع المتحولات الأساسية التي شهدها المغرب فيما يتعلق بتحوله من بلد مصدر وعبور إلى بلد استقبال وان بشكل نسبي اليوم، تعامل  مع مسألة حقوق الأجانب خلال هذه الفترة بنوع من الصدام والتكيف في نفس الوقت، بحيث نلاحظ أن هناك التجريم المتعلق بالدخول والإقامة، مقابل السماح بإقامة مساكن جماعية لغير النظاميين وجدة تطوان الناظور… وكذلك أيضاالمنع من تحمل المسؤوليات النقابية مقابل السماح بوجود جناح خاص بالمهاجرين يرأسه مهاجر في المنظمة الديمقراطية للشغل، والمنع القانوني لحق الأجانب المقيمين في تأسيس الجمعيات مقابل السماح بوجودها أو حاليا الترخيص لها من لدن وزارة الداخلية.

ثالثا: تقعيد المنظومة المعيارية الخاصة بحماية الأجانب

لقد شكل بداية العقد الثاني من سنوات 2000، منعطفا جديدا في مجال حماية حقوق وحريات الأجانب بمختلف فئاتهم، حيث أن إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان وعدد من المؤسسات الوطنية للحماية انعكس بوضوح على وضعية هذه الفئة، كما بوأ المشرع الدستوري خلال المراجعة الدستورية لسنة  2011 حقوق هذه الفئة مكانة دستورية كسابقة في التاريخ الدستوري المغربي، خاصة وأن ذلك أتى في وقت تحول فيه المغرب إلى وجهة لاستقرار عدد مهم من الأجانب، وكذا استقرار العديد ممن كانوا ينتظرون لحظة العبور للضفة الأخرى نتيجة تشديد المراقبة والتقييد، كما توج كل ذلك سنة 2013، بمبادرة المغرب من خلال أعلى سلطة في البلاد إلى سن سياسة وطنية جديدة للهجرة واللجوء بالمغرب.

خلافا للمراجعات الدستورية التي تعاقبت على التاريخ السياسي للمغرب، كانت الوثيقة الدستورية لسنة 2011 أول دستور كرس حقوق وحريات الأجانب ليبوئها مكانة دستورية[46]، حيث نص الفصل 30 في قفرته الثالثة على “… أن الأجانب يتمتعون بنفس الحريات الأساسية المعترف لها للموطنين والمواطنات المغاربة وفق القانون، مضيفا في الفقرة الموالية على أنه يمكن للأجانب المقيمين بالمغرب المشاركة في الانتخابات المحلية بمقتضى القانون أو تطبيقا لاتفاقيات دولية أو لممارسات المعاملة بالمثل، مضيفا في الفقرة الأخيرة من الفصل على أن القانون يحدد شروط تسليم الأشخاص المتابعين أو المدانين لدولة أجنبية وكذا شروط منح حق اللجوء[47].”

ويتبين من خلال هذا الفصل أن الأجانب يستفيدون من نفس الحقوق والحريات المكرسة للمواطنين المغاربة وفق شروط وإجراءات قانونية خاصة بذلك، وبغض النظر عن تلك الشروط والإجراءات التي عادة ما تحددها القوانين والتشريعات العادية والتي تقتضيها خصوصية كل فئة من الحقوق على حدة لولوج الأجانب إليها، فان عملية الدسترة هاته شكلت بالفعل طفرة نوعية في هذا الإطار خصوصا وأنها أتت في وقت يعرف فيه العالم اكبر موجات من حركات التنقل والهجرة وتتسم بتراجع ملحوظ في مجال دسترة حقوق وحريات هذه الفئة على مستوى المنظومة الدستورية عالميا[48].

وإضافة لذلك عمل المشرع الدستوري في فصول أخرى فيما يتعلق بالحقوق غير القابلة للتصرف مثل الحق في الحياة، منع التعذيب والاسترقاق، والاعتقال التعسفي وغيرها من الحقوق والحريات على الحرص على دسترتها بصيغ وعبارات عامة وشاملة تنطبق على الشخص الإنساني مستبعدا انطباقها على المواطنين فقط وذلك بشكل ملائم لما تضمنته مختلف الأدوات القانونية الدولية التي يعد المغرب عضوا فيها[49].

لكن في مقابل ذلك تبدو جدلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكرسة في الفصل 31 ونزوع المشرع نحو الأفضلية الوطنية قائمة في النص الدستوري خاصة وأن هذا الفصل تضمن بصريح العبارة مفهوم المواطنة، وأيضا كونه أتى من ناحية الشكلانية الدستورية في المرتبة الموالية للفصل 30المدسترة لحقوق وحريات هذه الفئة.

وبعيدا عن الخوض في المكانة الدستورية التي حظيت بها حقوق هذه الفئة والخوض في تفاصيلها، لابد من الإشارة إلى أن اعتماد المراجعة الدستورية لسنة 2011، قد أعطى دينامية جديدة لهذا الملف وجذب اهتمام المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان خاصة المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبر صلاحياته الهامة في مجال النهوض والحماية واثراء الفكر والحوار بشأن حقوق الإنسان في بعدها الشمولي والمترابط[50]، حيث أعد تقريرا مفصلا حول وضعية هذه الفئة بالمغرب وسبل معالجة اختلالاتها ورفعه إلى الملك[51] الذي تفاعل معه إيجابا وأصدر تعليمات للحكومة قصد بلورة سياسة جديدة للهجرة واللجوء بالمغرب، مما خلق دينامية مؤسساتية جديدة خاصة بعد إسناد تدبير شؤون الهجرة للوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج[52]وإحداث لجان خاصة مكلفة بمتابعة تنفيذ التعليمات الملكية في هذا الصدد .

ويبدو أنه لابد من التذكير أن هذه المرحلة عرفت أيضا تصاعد عملية تفاعل المغرب مع المنظومة الأممية لحماية حقوق الإنسان خاصة بعد إحداث المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، وذلك عبراستقبال مساطر خاصة جديدة مثل المقررة الخاصة بالاتجار بالبشر،  المقرر الخاص بمناهضة التعذيب،  فريق العمل الخاص بالاعتقال التعسفي، وما تم تقديمه من توصيات ذات صلة بحقوق المهاجرين واللاجئين، وكذلك الرفع من وتيرة التفاعل مع الآليات التعاهدية ومناقشة التقارير الدورية للمغرب وما تمخض عن ذلك من توصيات هامة في هذا المجال خاصة مناقشة التقرير الأولي للمغرب أمام لجنة العمال المهاجرين والذي تزامن مع إعلان جلالة الملك لتبني المغرب لسياسة وطنية جديدة للهجرة بالمغرب منبنية على مقاربة حقوقية تستجيب لالتزامات المغرب الدولية وتنبني على القواعد الجديد للشراكات وشمولية في أبعادها ورائدة على المستوى الجهوي والإقليمي.

تعد المبادرة الملكية المتعلقة بتسطير السياسة الوطنية الجديدة للهجرة واللجوء بالمغرب وتحديد فلسفتها الحقوقية القائمة على تنزيل الالتزامات الدولية للمغرب في هذا المضمار[53]، إحدى مؤشرات التحول الهامة اليوم، حيث أن اهتمام أعلى سلطة بالمغرب بهذا الملف، كان له وقع إيجابي على وضعية مختلف فئات الأجانب.

ودون الخوض في مختلف التفاصيل الدقيقة المرتبطة بهذا الورش الذي دشنه المغرب سنة 2013[54]، سنشير فقط إلى أبرز عناصر التحول في هذا المضمار والتي يمكن تلخيصها في مستويين أساسيين:

لقد شكلت عملية تأهيل المنظومة القانونية والمؤسساتية ذات الصلة بحقوق وحريات الأجانب، إحدى المكونات الأساسية للاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء[55] التي تم إعداد من قبل الحكومة المغربية في شخص الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، وشركائها من القطاعات والمؤسسات الوطنية وجمعيات المجتمع المدني.

ويعتبر حسم الخيارات التشريعية التي استقرت عليها الحكومة المغربية إحدى التحولات الهامة في هذا الإطار، بحيث ذهبت إلى ضرورة اعتماد قوانين خاصة بكل فئة على حدة، أي قانون خاص باللجوء، وقانون خاص بالهجرة[56] وقانون خاص بمكافحة الاتجار بالبشر والذي صدر السنة الماضية ونشر بالجريدة الرسمية[57].

وفيما يتعلق بفئة اللاجئين وطالبي اللجوء يشكل البحث عن إنشاء نظام وطني واضح  وفعال للجوء بالمغرب إحدى الرهانات الكبرى للسياسة الوطنية الجديدة للهجرة واللجوء، وذلك لتنزيل الالتزامات الاتفاقية للمغرب في هذا الإطار، ويبدو من خلال المعطيات المتوفرةأن المشروع قيد البلورة والموجود في مراحل متقدمة لإخراجه لحيز الوجود[58]، قد كرس مبدأ عدم التمييز بين اللاجئين وطالبي اللجوء، وأقر مسطرة واضحة لتقديم طلبات اللجوء وفحصها وضمان الشروط الموضوعية لإجراء المقابلات مع طالبي اللجوء، إضافة لتضمينهلمبدأ عدم الإعادة القسرية لطالبي اللجوء واللاجئين.

ولا بد من التأكيد على أن هذا المشروع ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار ضرورة تجاوز الغموض الذي كان حاصلا مع القانون 03-02 ومرسوم 1957 فيما يتعلق بطلبات اللجوء المقدمة في المراكز الحدودية خاصة الموانئ والمطارات، وكذا إحداث مؤسسة أو جهة واضحة تتولى تلقي الطلبات وفحصها ودراستها وتتولى البت بشأنها، مع ضمان سبل الانتصاف والطعن بالنسبة للاجئين الذين قد ترفض طلباتهم، مع إقران ذلك بوقف تنفيذ قرارات الإبعاد والطرد،وتحديد آجال معقولة ومنطقية لذلك، مع توسيع الحماية لتشمل اعتماد صكوك دولية أخرى خارج المعايير المذكورة في اتفاقية جنيف لسنة 1951 من ذلك مثلا المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب، وتوجهات المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وكذا مراعاة عودة المغرب للاتحاد الإفريقي ومراعاة التعريف الواسع لاتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية المنظمة لجوانب محددة لشؤون اللاجئين لسنة 1969.

إضافة إلى ضرورة الالتزام بحماية الفئات الهشة من طالبي اللجوء وفق ما نصت عليه اتفاقية جنيف لسنة 1951، والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بفئات محددة مثل المرأة، الطفل…، والالتزام بالشروط المحددة في اتفاقية جنيف فيما يتعلق بسحب الصفة وإسقاطها، وإلغائها، وعدم منحها وغيرها من الضمانات الإجرائية والموضوعية.

وفميا يتعلق بمشروع القانون الخاص بالهجرة[59] الذي فضلت فيه السلطات إلغاء القانون 02-03وتعويضه بقانون جديدة أكثر تكريسا للحقوق والحريات ومنسجما مع الالتزامات الدولية للمغرب في هذا الإطار، فينبغي من خلاله تجاوز الثغرات المتوفرة على مستوى القانون 03- 02، وتكريس مبدأ عدم التجريم بالنسبة للهجرة غير النظامية وجعلها مجرد مخالفة إدارية، ووضع الحدود الفاصلة بشكل واضح بين الهجرة واللجوء، مع مراعاة المعايير الدولية المكرسة في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وخاصة العهدين الدوليين والاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والاتفاقيات الفئوية الأخرى ومراعاة معيار الهشاشة بالنسبة للمرأة المهاجرة والالتزام بحماية المصلحة العليا للطفل المهاجر.

إضافة لذلك ينبغي التنصيص بشكل واضح على المقصود بأماكن الاحتفاظ غير التابعة لإدارة السجون والالتزام بإحداثها وفقا للمعاير التي حددها الفريق ألأممي المعني بالاعتقال التعسفي، الذي وسعت مهامه لتشمل مراقبة أماكن الاحتفاظ بالأجانب، مع العمل على  تعزيز ظروف الاحتفاظ بمناطق الانتظار وتعزيز الحق في التقاضي في هذا الإطار ومراقبة هذه الأماكن من طرف القضاء والمؤسسة الوطنية لحماية حقوق الإنسان، وكذا التضمين الصريح للحق في التجمع العائلي كحق أساسي من  حقوق المهاجرين، والتدقيق في الضمانات الإجرائية المطبقة على الأجانب الذين يخضعون للترحيل أو أجبروا على مغادرة التراب الوطني، مع البحث في إمكانيةتعويض الاحتجاز الإداري بإجراءات بديلة، وضرورة تضمين المشروع لتدابير تهدف إلى تعزيز طرق الطعن مع تحديد آجال معقولة في ذلك ووقف تنفيذ القرارات المتعلقة بالطرد والترحيل على نحو يضمن أكثر مراعاة تطبيق مبدأ عدم الترحيل في إطار تدابير أكثر مرونة، مع المنع الصريح لعمليات الترحيل الجماعي، مع الأخذ بعين الاعتبار التداخل القوي بين موضوع الهجرة واللجوء وتهريب المهاجرين وجرائم الاتجار بالبشر، والحرص علىضمان احترام الحقوق الأساسية للمهاجرين، منها الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

لقد شكلت عملية التسوية الاستثنائية للمهاجرين في وضعية غير نظامية[60]، سواء في مرحلتها الأولى أو مرحلتها الثانية، وكذا إعادة فتح المكتب المغربي للاجئين وعديم الجنسية على مستوى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون وتشكيل لجنة خاصة للاستماع لطالبي اللجوء والتي قطعت أشواطا مهمة في هذا المضمار[61]، إحدى التطورات الأساسية في ملف الأجانب بالمغرب، حيث مكن منح بطائق الإقامة وبطائق اللجوء رافعة هامة لانتشال شريحة واسعة من طالبي اللجوء والمهاجرين من براثين الهشاشة التي كان يزيد من حدتها وضعهم غير النظامي والغامض أحيانا.

ولا مراء في القول أن الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء المشار إليها سابقا، والتي قطعت الحكومة شوطا مهما في تنفيذها وتنزيلها[62]، في شخص برامجها المختلفة التي حاولت الإجابة عن مختلف التحديات التي تواجه الأجانب في ولوجهم لحقوقهم المدنية والسياسة، شكلت بدورها خطوة هامة نحو تعزيز وحماية مختلف فئات الأجانب، بحيث صارت الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الخاصة بالأجانب والمكرسة في مختلف الالتزامات الدولية للمغرب في طريقها إلى الإعمال والوفاء ولو بشكل نسبي مع غياب أي مبادرة نحو مراجعة المنظومة القانونية القطاعية التي تعد الحجر الزاوية نحو مزيد من التقعيد لمنظومة وطنية فعالة وواضحة بالنسبة للأجانب، والتي من شأنها أن تدعم مصداقية خطابه الدولي الذي أضحى يحظى باحترام مختلف الفاعلين الدوليين في هذا المضمار.

خــــاتمة:

يبدو من خلال ما سلف أن التحولات التي شهدتها وضعية الأجانب، عبر مراحلها الزمنية المختلفة على مستوى الولوج لمختلف حقوقهم المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، قد بلغت اليوم نضجها، بحيث صارت ما تقتضيه ضرورات عملية الملائمة الشمولية لمختلف التشريعات الوطنية مع الالتزامات الدولية للمغرب، سواء في الشق المتعلق بالقانون الدولي للجوء أو القانون الدولي لحقوق الإنسان، إحدى الرهانات الأساسية للمشرع الوطني من أجل تجاوز مخلفات الماضي بتعقيداتها ونقائصها المختلفة في هذا المضار.

ولا شك أن ما وصلت إليه اليوم وضعية هذه الفئة بالمغرب خاصة بعد اعتماد السياسة الوطنية الجديدة للهجرة واللجوء، كانت نتيجة طبيعية لاعتمال عوامل مختلفة، انعكست بدرجات متفاوتة على هذا الورش الإصلاحي الجديد الذي تبناه المغرب كتجربة نموذجية على المستوى الجهوي والإقليمي.

ولا مراء في كون أن اتجاه المغرب نحو تعزيز المنظومة المعيارية الخاصة بحماية الأجانب سيشكل دعامة أساسية للنهوض بواقع هذه الفئة، وسيعزز من دينامية التفاعل مع المنتظم الدولي وتقوية خطاب المغرب في جميع الإشكالات التي بات يطرحها ملف الهجرة واللجوء بتعقيداته المختلفة على المستوى الدولي، كما أن جعل الالتزامات الدولية للمغرب كأحد الركائز التي تنبني عليها هذه المبادرة سيمكن لا محالة من الرفع من القدرة التفاوضية للمغرب وتعزيز اختياراته وموقعه في علاقاته بمختلف شركائه في هذا المضمار.

ولابد من التأكيد في الأخير على أنه اليوم بات من اللازم على المشرع الوطني، التسريع بإخراج القانون المتعلق بالهجرة والقانون المتعلق باللجوء الذين يفترض أن يكونا ملائمين في مقتضياتهما مع المعايير الدولية إلى حيز الوجود مع العمل على الشروع في تحين المنظومة القانونية القطاعية التي تشكل إحدى المداخل الأساسية لتفعيل وإعمال المقتضيات الدولية ذات الصلة بمختلف فئات الحقوق بالنسبة للأجانب، وذلك عبر إبطال مفعول النصوص القانونية التي تتعارض مع المعايير الدولية من جهة، واعتماد تشريعات خاصة سدا للفراغات التشريعية المحتملة في هذا الاتجاه من جهة ثانية.

 

لائحة المراجع:

 

 

 

[1]– وقـِّع ميثاق الأمم المتحدة في 26 يونيو 1945 في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية وأصبح نافذاً في 24 أكتوبر 1945.

[2]– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،1948.

[3]– أمحمد أحمد بن عبود، مركز الأجانب في المغرب، دراسة قانونية لوضعية الأجنبي في المغرب قبل عهد الحماية وخلالها،الطبعة الثالثة، مطابع ومنشورات عكاظ، الرباط، 1988، ص. 5، وما بعدها.

[4]– نفس المرجع.

[5]– راجع، محمد المرابطى، القواعد الدولية لحماية المهاجرين، مجلة السياسة الدولية، العدد، 175، يناير 2009، المجلد 33: ص. 87.

[6]– للتعميق في هذا الإطار، راجع،عبد المنعم الفلوس، ” وضعية الأجنبي بالمغرب منذ الاستقلال”، أطروحة دكتوراه دولة في الحقوق، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق، السويسي، الرباط، 2007.

[7]– محمد يوسف علوان، محمد خليل الموسى، القانون الدولي لحقوق الإنسان، المصادر ووسائل الرقابة، الطبعة الأولى 2005، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، ص. 39.

[8]– اعتمدت اتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين يوم 28 يوليوز 1951 في مؤتمر الأمم المتحدة للمفوضين بشأن اللاجئين وعديمي الجنسية الذي دعت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة بمقتضى قرارها 439(د-5) بتاريخ 14 دجنبر 1950، ودخلت حيز التنفيذ ابتداءمن 22 أبريل 1954 طبقا للمادة 43.

[9]– أحاط المجلس الاقتصادي والاجتماعي علما به مع الإقرار في القرار 1186 (د-41) المؤرخ في 18 نوفمبر 1966، كما أحاطت الجمعية العامة علما به في قرارها 2198 (د-21) المؤرخ في 16 دجنبر 1966 والذي طلبت فيه الأمين العام أن يحيل نص البروتوكول إلى الدول المذكورة في مادته الخامسة لتمكينها من الانضمام إلى هذا إليه، ودخل حيز النفاذ في 4 أكتوبر 1971، وفقا لأحكام المادة 8.

[10]– للتعميق أكثر في حيثيات نشأة القانون الدولي للجوء والتوجهات التي تحكمت في مساره والمعايير التي حددت توجهاته، راجع، محمد العمرتي،” قانون اللجوء في القانون الدولي العام” أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق (القانون العام)، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، أكدال، السنة الجامعية 2005/2006.

[11]– المرسوم رقم 2.57.1256، يحدد بموجبه كيفيات تطبيق الاتفاقيات المتعلقة بوضعية اللاجئين الموقع، عليها في جنيف بتاريخ 28 يوليوز 1951، الجريدة الرسمية عدد 2341 بتاريخ 06/09/1957الصفحة 1978.

[12]– المرجع السابق.

[13]– المرجع السابق.

[14]– للتفصيل أكثر راجع، محمد العمارتي، محمد بوبوش،”أوضاع اللاجئين في المغرب: دراسة قانونية”، المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد 31، سنة 2011.

[15]– المرجع نفسه.

[16]– المرجع نفسه.

[17]– المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قسم خدمات الحماية الدولية، ” استنتاجات اللجنة التنفيذية-تصنيف حسب الموضوع”، الطبعة الثالثة، غشت 2008، ص. 502.

[18]– أنظر نص الاتفاقية المبرمة سنة 1969.

[19]– اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف-د-21 المؤرخ في 16 ديسمبر 1966 ودخل حيز التنفيذ في 23 مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49، ويرجع تاريخ توقيع المملكة المغربية لهذه الاتفاقية ل 19 يناير 1977 كما تم إيداع وثائق التصديق والانضمام إليها في 3 ماي 1979.

[20]– العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 ديسمبر1966 ودخل حيز النفاذ بتاريخ 3 /يناير 1976، وفقا للمادة 27.  ووقع المغرب على هذه الاتفاقية بتاريخ 19 يناير 1977 ووضع أوراق التصديق والانضمام بتاريخ 3 ماي 1979.

[21]– راجع، المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ” حقوق غير المواطنين”، الأمم المتحدة، نيويورك-جنيف-،2006، ص، 2، وما بعدها.

[22]– للتدقيق أكثر بشأن هذه النقطة، راجع التعليق العام رقم 15، للجنة المعنية بحقوق الإنسان، لسنة 1985.

[23]– محمد المرابطى، مرجع سابق، ص. 87

[24]– تنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أنه ” تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب”.

[25]– تذهب بعض الدراسات في مجال القانون الدولي العام إلى القول في هذه النقطة أن القاعدة العامة أنه للأجنبي الحق في العمل وعلى قدم المساواة مع الوطني إلا أن هناك استثناءات هامة، يبررها نظام المهن وحماية العمالة الوطنية من البطالة، لذا جرى العرف على أن ثمة أنواعا من العمل يجوز للحكومات أن تخص بها الوطنيين وأهمها: المهن المتصلة بالثروة الاقتصادية والصناعات المتصلة بالدفاع الوطني والأمن والمهن ذات الأهمية الاجتماعية.

[26]– راجع، المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ” حقوق غير المواطنين”، مرجع سابق.

[27]– يرجع تاريخ توقيع المملكة المغربية لهذه الاتفاقية ل 18 شتنبر 1967 كما تم إيداع وثائق التصديق والانضمام إليها في 18 دجنبر 1970.

[28]– اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/180 المؤرخ في 18 دجنبر 1979 ودخلت حيز النفاذ: 3 شتنبر 1981، وفقا لأحكام المادة 27.

[29]– وقع عليها المغرب بتاريخ 20 يناير 1990 ووضع أوراق التصديق والانضمام بتاريخ 21 يونيو 1993.

[30]– وقع عليها المغرب بتاريخ 8 يناير 1986، كما وضع أوراق التصديق والانضمام بتاريخ 21 يونيو 1993.

[31]– اعتمدت الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 158/45، في 18 ديسمبر 1990، ودخلت حيز التنفيذ في 1 يونيو 2003، وبلغ عدد الدول المصادقة عليها حتى 20 نونبر 2003، 24 دولة. وتم التوقيع عليها من طرف المغرب في 15 غشت 1991، ووضع أوراق التصديق والانضمام في 21 يونيو 1993.

[32]– نشير في هذا الصدد إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 25 الدورة الخامسة والخمسون المؤرخ في 15 نونبر 2000. وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 25 الدورة الخامسة والخمسون المؤرخ في 15 نونبر 2000.

 

[33]– يتعلق الأمر بالقوانين التالية:

 

[34]– الظهير الشريف رقم 196-03-1 الصادر في 16 من رمضان 1424 (11 نوفمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 02-03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية ومحاربة الهجرة غير المشروعة، الجريدة الرسمية رقم 5160 الصادرة بتاريخ 13 نونبر 2003.

[35]– راجع في هذا الصدد، بعض المقالات المكتوبة في هذا الإطار، مثل:

– Mohamed Saadi, La loi 02-03 et la convention internationale sur la protection des droittravailleurs migrants : aspects problématiques de l’immigration clandestine, Revue marocaine des contentieux, n° 10-11, 2004, Oujda.

– Hamid Rbii, La loi 02-03 relative à l’entrée et au séjour des étrangers au Maroc, à l’émigration et l’immigration irrégulières : control des flux migratoires et droit des étrangers, la gazette de palais : revue interministérielle d’études et de documentation juridique n°- 17,2007, Maroc.

– Mohamed Chafi, les étrangères au Maroc, tome III, collection de recherche et juridique, n° 20. 2012.

– Mahdi Lahlou, le Maroc et les migration des africains du sud du Sahara, Evolutions récent et possibilités d’action in la nouvelle question migratoire- cas du Maroc Critique Economique n° 16, Eté automne, 2005.

[36]– القانون رقم 02-03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية ومحاربة الهجرة غير المشروعة، الجريدة الرسمية رقم 5160 الصادرة بتاريخ 13 نونبر 2003، مرجع سابق.

[37]– الظهير الشريف رقم 1.03.194 صادر في 14 من رجب 1424 (11 سبتمبر 2003)بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، الجريدة الرسمية عدد 5167 بتاريخ 08/12/2003.

[38]– قرار وزير التشغيل والتكوين المهني رقم 350.05 الصادر في 29 من ذي الحجة 1425 (9 فبراير 2005) المتعلق بتحديد نموذج عقد الشغل الخاص بالأجانب، الجريدة الرسمية عدد 5300 بتاريخ 17/03/2005.

[39] أنظر، ظهير شريف رقم 22-04-1 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004) بتنفيذ القانون رقم 03-70 بمثابة مدونة الأسرة، الجريدة الرسمية عدد 5184 الصادرة بتاريخ 5 فبراير 2004.

[40]– ظهير 1958 كما تم تعديله وتتميمه بموجب القانون 00-75، الصادر بتنفيذه ظهير شريف بتاريخ 23 يوليوز 2002، الجريدة الرسمية عدد، 5046، بتاريخ 10 أكتوبر 2002.

[41]– أنظر، الظهير الشريف رقم 200-00-1 بتاريخ 19 ماي 2000، القاضي بتنفيذ القانون 00-4 وتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 171-63-1بتاريخ 13 نونبر 1963، حول إلزامية التعليم الأساسي، الجريدة الرسمية عدد 4798، بتاريخ 25 ماي، 2000.

[42]– الظهير الشريف رقم 020-60-1 بتاريخ 6 رمضان 1379 بشأن انعقاد الأنكحة بين المغاربة والأجنبيات أو المغربيات والأجانب طبقا للصيغ المعينة في الحالة المدنية، الجريدة الرسمية بتاريخ 25 مارس 1960.

[43]– ظهير شريف رقم 239-02-1 صادر في 25 من رجب 1423 بتنفيذ القانون رقم 99-37 المتعلق بالحالة المدنية، الجريدة الرسمية عدد 5054 بتاريخ 7 نونبر 2002.

[44]– مشروع التعديل الشامل لمنظومة القانون الجنائي المغربي، منشور على الموقع الرسمي لوزارة العدل والحريات.

[45]– عدم ملائمة التعريف الوارد في مدونة القانون الجنائي، لما نصت عليه المادة الرابعة من الاتفاقية الدولية لمكافحة جميع أشكال التمييز العنصري.

[46]– الدستور المغربي لسنة 2011، الجريدة الرسمية عدد، 5952، بتاريخ 17 يونيو 2011.

[47]– راجع الفصل 30 من الدستور المغربي لسنة 2011، مرجع سابق.

[48]– لقد أثبتت دراسات عديدة في هذا المجال، كيف عملت دساتير الدول التي تستقبل موجات كبيرة من حركات الهجرة العالمية، على تقويض المكانة الدستورية لحقوق وحريات الأجانب، فالانتقال من مراجعة دستورية إلى أخرى لدى العديد من البلدان الأوربية تكاد لا تخلو من تراجع المكانة الدستورية لحقوق هذه الفئة، كما أن الدساتير في هذا الإطار كانت متأثرة بالسياقات الزمنية والظروف المرحلية التي شهدت تقلبات كبيرة على مستوى الحراك الهجري العالمي، فمرحلة حاجة أوروبا لليد العاملة بعيد الحرب العالمية الثانية وإعادة بناء ما خلفته الحرب من دمار، وتوفير الملاذات الآمنة للعديد من البشر هو الذي حكم التجارب الدستورية الأولى لما بعد الحرب، لكن المرحلة التي أصبحت فيها أوروبا تعيش أزمة اقتصادية ولم تكن فيها بحاجة إلى اليد العاملة، والشروع في استقطاب المهاجرين المؤهلين فقط هي التي حكمت المراجعات الدستورية اللاحقة، كما أن الانتقال من تجارب الدول الأوروبية إلى دول أمريكا اللاتينية التي تعد تجارب فتية في هذا الباب اثبت لنا الفرق من حيث المكانة الدستورية لحقوق وحريات الأجانب، ونعتقد بأن التجربة المغربية بدورها كانت محكومة بظروف المرحلة فالتحول النسبي من بلد مصدر وعبور إلى بلد استقبال مقابل تصاعد الالتزامات الاتفاقية للمملكة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان كلها عوامل عجلت بدسترة حقوق وحريات الأجانب بالمغرب.

[49]– راجع الباب المتعلق بالحقوق والحريات في الدستور المغربي لسنة 2011، مرجع سابق.

 

[50]راجع، الظهير الشريف رقم، 19. 11. 1، الصادر في 1 مارس 2011، بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ج، ر، عدد 5922، بتاريخ 3 مارس 2011، وراجع أيضا، الظهير الشريف رقم 25-11-1 صادر في 12 ربيع الآخر 1432 الموافق لـ 17 مارس 2011 بإحداث مؤسسة الوسيط، الجريدة الرسمية، عدد 5926، 17 مارس 2011. الذي أولى لهذه المؤسسة اختصاصات هامة في مجال حماية حقوق الأجانب.

[51]– راجع، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ” تقرير الأجانب وحقوق الإنسان بالمغرب: من أجل سياسة جديدة قي مجال اللجوء والهجرة، الخلاصات والتوصيات”، شتنبر 2013.

[52]– راجع، المرسوم الصادر بتاريخ، 14 نونبر2013 المتعلق بتحديد اختصاصات الوزارة المكلفة بالمغربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، الجريدة الرسمية،عدد6204، مكرر بتاريخ 15 نونبر 2013.

[53]– بلاغ الديوان الملكي الصادر بعد جلسة العمل حول تنفيذ السياسة الجديدة للهجرة بالمغرب شتنبر 2013.وأنظر أيضا، نص الخطاب الملكي الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين للمسيرة الخضراء 06 نونبر 2013.

[54]-Voir, Actes du Séminaire international sur l’intégration des immigrés au Maroc sous le thème « La nouvelle politique migratoire au Maroc, Quelle stratégie d’intégration ? », Ministère chargé des marocains résident a l’Etranger et des affaires de la migration, OIM, confédération suisse, rabat, 2013.

[55] – Ministère Chargé des Marocains Résidant à l’Étranger et des Affaires de la Migration, Stratégie Nationale de l’Immigration et de l’Asile( www.mre.gov.ma).

[56]–Ministère Chargé des Marocains Résidant à l’Étranger, et des Affaires de la Migration, »  Politique Nationale d’Immigration et d’Asile: 2013-2016 »Septembre 2016,p 105., et s.

[57]– أنظر، الظهير الشريف رقم 127-16-1، الصادر ب 25 غشت 2016، المتعلق بتنفيذ القانون رقم 14-27 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، الجريدة الرسمية عدد 6501، بتاريخ 19 سبتمبر 2016.

[58]– Ministère Chargé des Marocains Résidant à l’Étranger, et des Affaires de la Migration, »  Politique Nationale d’Immigration et d’Asile: 2013-2016 »Septembre 2016,p 105.

[59] – Mohamed Saïd Laalej (D. DIDH), mise à niveau du cadre juridique et institutionnel relatif à la migration (volet protection et assistance humanitaire,  Actes du Séminaire sous le thème : « Assistance humanitaire au profit des migrants au Maroc : Quelle dispositif de lutte contre la vulnérabilité? », Ministère chargé des marocains résident à l’Etranger et des affaires de la migration, CNDH, DIDH, rabat,  le 23 juillet 2014, p23 et s.

[60]– circulaire conjointe du Ministre de l’Intérieur et du Ministre Chargé des Marocains Résidant à l’Étranger et des Affaires de la Migration n° 8303 du 16 décembre 2013 a régi l’opération conduite du 02 janvier au 31 décembre 2014.

[61]–  Ministère Chargé des Marocains Résidant à l’Étranger et des Affaires de la Migration, « Politique Nationale d’Immigration et d’Asile 2013-2016 », op cit.

[62]-idem.

 

Exit mobile version