حقوق الملكية الفكرية على الحيازة النباتية في التشريع الجزائري بقلم الدكتورة دوار جميلة،أستاذة محاضرة-أ- بكلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة محمد البشير الإبراهيمي، برج بوعريريج-الجزائر-

حقوق الملكية الفكرية على الحيازة النباتية في التشريع الجزائري
بقلم الدكتورة دوار جميلة،أستاذة محاضرة-أ- بكلية الحقوق و العلوم السياسية
جامعة محمد البشير الإبراهيمي، برج بوعريريج-الجزائر-

[email protected]
الملخص:
تعتبر الأصناف النباتية الجديدة أحد أشكال الملكية الفكرية التي أكدت اتفاقيات الملكية الفكرية على ضرورة حمايتها،و ذلك على سند من القول بأن الإبداع في مجال الأصناف النباتية يمثل في ذاته إبداعا فكريا يكون بمقتضاه لمربي الصنف النباتي ملكية فكرية تجب حمايتها من الاعتداء عليها من جهة،و تشجع المربين على تقديم المزيد من الإبداعات من جهة أخرى.
بالنسبة الجزائر،فبعد انضمامها إلى العديد من الاتفاقيات الدولية الرامية إلى حماية الموارد الطبيعية خاصة الموارد الوراثية،أصدرت القانون03/05المؤرخ في 6فيفري2005 و المتعلق بالبذور و الشتائل و حماية الحيازة النباتية،و من ثم تكون المسألة الرئيسية المعالجة في هذه المقالة هي كيفية الحصول على الموارد الجينية النباتية في ظل قوانين براءات الاختراع.
الكلمات المفتاحية:الأصناف النباتية الجديدة، الملكية الفكرية، الحماية القانونية.
ABSTRACT :
The plant varieties is considered as a from of the new intellectual property that the ip agreements confirmed on the necessity to protect these varieties, based on the saying that creativity in the field of plant varieties represents in itself an intellectuality that gives to the plant variety breeders an intellectual property that should be protected from abuse on one hand, and encourages the breeders to provide more creations on the other hand.
Keys word: plant varieties, intellectual property, protection.
المقال:
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانتصار قوات التحالف ظهرت الأهمية النسبية للتكنولوجيا ، كما أن من أهم ما طرح مسألة التنمية المستدامة Sustainable Development وهي التي تهدف إلى الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة خاصة الموارد الوراثية والحفاظ على تنوعها في بيئتها الطبيعية وغير الطبيعية واعتبار أن ما نملكه اليوم هو استعارة من الأجيال القادمة .
وجاءت بداية الخمسينيات واكتشف واتسنWatson التركيب الكيماوي للكرموسومات وتم تطوير أدوات جديدة للتطوير الوراثي للمادة الحية ، ووظفت الدول المتقدمة والشركات متعددة الجنسيات موارد بشرية ومادية ضخمة في تطوير تكنولوجيات حديثة أصبحت من أسرار تلك الشركات حتى تحتفظ بالميزة النسبية لها في الأسواق ، واستخدمت هذه التكنولوجيات الحديثة في تحسين منتجات قائمة وإضافة منتجات جديدة، ومع تعقد وتداخل هذه التكنولوجيات كان لابد وأن يتم نوع من التخصص بين الشركات، ومن هنا جاءت ضرورة حماية هذه التكنولوجيات محليا ودوليا تحت ما يسمى “حقوق الملكية الفكرية” .
ومن المعلوم أن الحماية التي تقررها قوانين الملكية الفكرية لأصحاب الحقوق على اختلاف صورها تتضمن منحهم حقوقا استئثارية،وهي حقوق احتكارية بطبيعتها يؤدي منحها بصدد الغذاء إلى إعاقة الحصول عليه و ارتفاع أسعاره،لذلك اتجهت تشريعات كثير من بلدان العالم إلى استبعاد النباتات و الحيوانات من نطاق الحماية المقررة عن طريق براءة الاختراع باعتبارهما المصدران الرئيسيان للغذاء .
لكن بدأ هذا الوضع في التغير في السنوات العشرين الأخيرة من القرن العشرين نتيجة للضغوط التي تمارسها الشركات العملاقة متعددة القوميات على مختلف الدول لرفع مستويات الحماية بما يمكنها من إحكام قبضتها و سيطرتها على مختلف مجالات التكنولوجيا بما في ذلك تكنولوجيا الغذاء و الزراعة،و قد طالبت هذه الدول بذلك في الجولة الثامنة للمفاوضات التجارية المتعددة الأطراف التي عقدت في الفترة ما بين1986إلى1993تحت مظلة الجات (جولة الأوروغواي).
و قد استجابت اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية(اتفاقية تربس) لمطالب الدول المتقدمة،فأوجبت على الدول ضرورة توفير درجة عالية من الحماية للاختراعات في مختلف مجالات التكنولوجبا دون تمييز بين مجال تكنولوجي و أخر،كما أوجبت كذلك توفير حماية فعالة للأصناف النباتية الجديدة دون أن تضع حدا أدنى من معايير أو مستويات مثلما فعلت في صور الملكية السبعة التي عالجتها،و من ثم لا يوجد أي التزام على عاتق الدول بالأخذ بنصوص اتفاقية اليوبوف،بل يجوز لها وضع نظام خاص بما يتفق مع مصالحها بشرط أن يكون فعالا .
على المستوى العربي، الظروف السياسية التي تغلغلت بين الدول العربية خلال العصور الحديثة لم توفر لتلك الدول الفرصة الكافية لإعطاء الموارد الوراثية النباتية وحمايتها وصيانتها وتطويرها الجهد التشريعي المناسب على الرغم من تصديق العديد من الحكومات العربية على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، هذا لا ينفي أن هناك العديد من الجهد التشريعي في مجالات قد تؤثر على الموارد الوراثية بمعناها الشامل (الحيواني والنباتي والكائنات الدقيقة) .
فقد أصدرت السودان قانون حماية البيئة لعام 2001 واعتبر الإطار القانوني للعمل من أجل صيانة الموارد الوراثية ، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة أصدرت الدولة القانون الاتحادي رقم 24/1995 في شأن حماية البيئة وتنميتها وتطويرها،ووضعت تونس العديد من التشريعات للمحافظة على الموارد الوراثية النباتية وحماية حقوق المربين في الأصناف الجديدة .
أما الجزائر،فبعد انضمامها إلى العديد من الاتفاقيات الدولية الرامية إلى حماية الموارد الطبيعية خاصة الموارد الوراثية ،أصدرت القانون03/05المؤرخ في 6فيفري2005 و المتعلق بالبذور و الشتائل و حماية الحيازة النباتية،و من ثم تكون المسألة الرئيسية هي كيفية الحصول على الموارد الجينية النباتية في ظل قوانين براءات الاختراع،أو بمعنى أخر إلى أي مدى يمكن التوفيق بين براءات الاختراع المتعلقة بالموارد الجينية النباتية و النفاذ لأغراض البحث و التطوير ?
وعليه ارتأينا تحليل الفكرة من خلال المباحث التالية:
المبحث الأول:الاعتراف بالحيازة النباتية في التشريع الجزائري
لم يكن الابتكار في مجال النبات محلا لأي حق في الماضي، ولكن تغير هذا الموقف وتزايد الاهتمام بمنح حماية حقوق الملكية الفكرية للإبداع و الابتكار في مجال النبات خاصة بعد الدور الموسع للشركات الخاصة في الدول المتقدمة في البحث الزراعي،وبشكل خاص أبحاث التكنولوجيا الحيوية الزراعية .
و عليه تعتبر الأصناف النباتية الجديدة أحد أشكال الملكية الفكرية التي أكدت اتفاقيات الملكية الفكرية على ضرورة حمايتها، وذلك على سند من القول، بأن الإبداع في مجال الأصناف النباتية يمثل في ذاته إبداعا فكريا يكون بمقتضاه لمربي الصنف النباتي ملكية فكرية تجب حمايتها من الاعتداء عليها من جهة، وتشجع المربين على تقديم المزيد من الإبداعات من جهة أخرى .
ذلك أن إطلاق الطاقات الإبداعية لدى الإنسان يستلزم ضمان الحماية و الرعاية لهذا الإبداع في القوانين الوطنية و الدولية،و هذا ما يعرف بحماية حقوق الملكية الفكرية،حيث أن الملكية الفكرية هي إبداعات فكر الإنسان،و لا يجوز لأي شخص أخر أن ينتفع بها انتفاعا مشروعا بغير إذن مالكه .
و من أجل ذلك يتطلب الأمر بداية تحديد المقصود بالصنف النباتي الجديد(الحيازة النباتية) ثم نتحدث عن طرق الحصول على الأصناف النباتية الجديدة في المطلب الثاني لنصل إلى حصر خصائص الحيازة النباتية في المطلب الثالث.
المطلب الأول:مفهوم الصنف النباتي الجديد
في هذا المطلب سنحاول تبيان المقصود بالأصناف النباتية الجديدة في فرعين، نتناول في الفرع الأول التعريف التشريعي و في الفرع الثاني التعريف الفقهي.
الفرع الأول:التعريف التشريعي
عرفت اتفاقية اليوبوف الصادرة عن الإتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة المقصود بمصطلح الصنف النباتي بأنه مجموعة نباتية تندرج في مصنف نباتي واحد من أدنى المرتبات المعروفة،وتستوفي أو لا تستوفي تماما شروط منح حق مستولد النبات،و يمكن تعريفها بالخصائص الناجمة عن تركيب وراثي معين أو مجموعة معينة من التراكيب الوراثية،و تمييزها عن أي مجموعة نباتية أخرى بإحدى الخصائص المذكورة على الأقل،واعتبارها وحدة نظرا لقدرتها على التكاثر دون أي تغيير .
و قد عرف قانون حماية الأصناف النباتية الجديدة الأردني الصنف النباتي بأنه مجموعة نباتية تقع في أدنى رتبه في التصنيف النباتي الواحد سواء كان مستوفيا أو غير مستوف لشروط منح الحماية،و يتصف هذا الصنف بخصائص ناجمة عن تركيب وراثي معين أو عن مجموعة تراكيب يمكن تمييزها عن أي مجموعة نباتية أخرى بإحدى هذه الخصائص على الأقل،و يعتبر الصنف وحدة واحدة بسبب قدرته على التكاثر دون أي تغيير في خصائصه.
و هو التعريف ذاته الوارد عند المشرع السوداني و الفلسطيني و الإماراتي، في حين لم يرد في قانون حقوق الملكية الفكرية المصري تعريف للصنف النباتي، و إنما اقتصر المشرع على تعداد شروط الحصول عليه .
أما المشرع الجزائري،فبعدما استبعد بموجب المادة8 من الأمر07/03المؤرخ في19جويلية2003 المتعلق ببراءة الاختراع الأنواع النباتية و الطرق البيولوجية للحصول على حيوانات أو نباتات من الحماية، تدارك الأمر في القانون03/05المؤرخ في 6فيفري2005 و المتعلق بالبذور و الشتائل و حماية الحيازة النباتية،فنص على أنه توصف الحيازة النباتية على أنها كل صنف جديد أنشئ أو اكتشف أو وضع ينتج عن مرحلة جينية متميزة أو عن تشكيلة خاصة للأطوار الوراثية،و الذي يتميز عن المجموعات النباتية الأخرى التي تشكل كيانا مستقلا بالنظر لقدرتها على التكاثر .
و يلاحظ أن جل التعاريف الواردة لا تختلف كثيرا عن التعريف الوارد في اتفاقية اليوبوف،مما يعني أن هذه الأخيرة وسيلة ساعدت الدول و المنظمات في صياغة القوانين.
الفرع الثاني:التعريف الفقهي
الصنف في النبات حسب علماء البيولوجيا هو مجموعة نباتية ضمن نطاق مصنف نباتي واحد من أدنى المراتب المعروفة،و تعرف من خلال خصائص الميزة الوراثية،و بالتالي،فإن الحماية لا يمكن أن تمتد لتشمل عائلة بكاملها،و لا يمكن أن تمتد لتشمل الجنس بالكامل،كما لا تمتد الحماية لتشمل نوعا من الأنواع،و إنما تقتصر الحماية على الصنف النباتي الجديد ،و بهذا تنقسم العائلة في النبات إلى أجناس،و ينقسم الجنس إلى أنواع،و ينقسم النوع إلى أصناف،و الصنف هو أدنى مرتبة معروفة في تقسيم النبات،و مثال ذلك القمح الذي ينتمي إلى العائلة النجلية،و ينتمي إلى هذه العائلة أيضا الأرز و الشعير،و يعتبر القمح جنسا و الشعير جنسا و هكذا .
و بمرور الوقت أصبح كل جنس يتضمن أكثر من نوع،فجنس القمح يتضمن القمح الصلب و اللين،و ينقسم النوع إلى عدة أصناف،فمثلا ينقسم القمح الصلب إلى صنف حوراني،حماري،سيناتور،كابكلي،و تختلف هذه الأصناف من حيث انتاجيتها و مقاومتها للآفات الزراعية و موعد النضج و غير ذلك.
و لا بد من التوضيح في الأخير أن هنالك فارقا كبيرا بين حماية الصنف النباتي باعتباره جديدا يتمتع بالحماية كملكية فكرية، وبين حماية النبات نفسه،ذلك أن حماية هذا الأخير تتم من خلال اتفاقية التنوع البيولوجي، لأن الملكية الفكرية لا تحمي الفكرة الإبداعية إلا وفقا لشروط محددة.
المطلب الثاني:طرق الحصول على الأصناف النباتية الجديدة
شهد قطاع تربية النباتات تطوير بذور مهجنة ذات إنتاجية عالية،إلا أنها قد تحمل خصائص غير مرغوب بها،و السبب في ذلك أنه خلال عملية التهجين يتم مزج الخصائص الوراثية لسلالات الآباء،لكنه في طور لاحق أصبحت عملية تحسين النبات تتم عن طريق الانتخاب الصناعي،حيث يتدخل الإنسان لتطوير السلالات،و يمكن الحصول على الأصناف النباتية الجديدة بإحدى الطرق التالية:
الفرع الأول:الطريقة البيولوجية
هي طريقة التكاثر العادي التي تم الحفاظ عليها دون إدخال أية تعديلات،إذ يظل النبات محتفظا بتكوينه و تركيبه،و لم يتم التدخل فيه من جانب النظريات التي ظهرت في علم البيولوجيا و الهندسة الوراثية،و هذه الطريقة تؤدي إلى تحسينات هائلة في النبات،لكنها مقيدة بحدوث التوافق الجنسي،ووفقا لاتفاقية تربس لا تحظى هذه الطريقة بالحماية وفقا لنظام براءة الاختراع .
الفرع الثاني:الطريقة الهجينة
هي التي تنتج أصنافا جديدة من خلال إدخال تحسينات،و لما كانت المادة الوراثية للنبات توجد على الجينات المحمولة على DNA،فإن عملية نقل الجينات من نبات إلى أخر يتم باستخدام ناقل بكتيري أو قاذف للجينات…
و هكذا يصبح الصنف النباتي المعدل وراثيا هو صنف تم التدخل في تركيبه الوراثي من حيث المحصول أو اللون أو الطعم،و بما يحقق رغبات المستهلكين و المزارعين،و قد أسهمت هذه الطريقة في حصول المربي على أصناف نباتية تحمل الصفات المرغوب بها بشكل أدق و أسرع من الطرق التقليدية لتربية النباتات.
المطلب الثالث: خصائص الصنف النباتي الجديد
يسود الاعتراف على نطاق واسع اليوم بأهمية الحفاظ على و الاستخدام المتواصل للموارد الجينية النباتية في مجال الزراعة و الغذاء،و يتعلق مجال العمل بحماية المزرعة،فالمزارعون لا يستخدمون التقاوى فقط،بل يلعبون دورا رئيسيا في عملية الحفاظ على السلالات النباتية و تحسينها،إذ تكفل أنشطتهم تطوير المحصول،حيث تنشأ أصناف جديدة من خلال التوليف الجيني و التحول و التهجين ، و كذلك بين المجموعات النباتية المزروعة وغير المزروعة.
و عليه يقتضي إذن حماية الحيازات النباتية بموجب قانون الملكية الفكرية الجزائري ملائمة هذه الأخيرة لحقائق الفلاحة الوطنية، إذ أقر المشرع الجزائري بموجب المادة24من القانون03/05السالف الذكر الخاص بحماية الحيازة النباتية إمكانية بسط الحماية على الأصناف النباتية الجديدة المستحدثة إذا كانت تتمتع بالخصائص التالية:
• أن تختلف عن الأنواع المعروضة من قبل بميزة هامة و دقيقة و قليلة التقلب،أو بعدة ميزات تشكل في مجموعها نوعا نباتيا جديدا.
• أن تكون متجانسة بالنسبة لمجموع ميزاتها.
• أن تكون لها صفة الاستقرار، أي أنها تبقى مطابقة لتعريفها الأول بنهاية كل دورة إنتاجية.
المبحث الثاني:شروط الاعتراف بالحيازة النباتية في التشريع الجزائري
برزت خلال الفترة الأخيرة أهمية الابتكارات المتعلقة بالأصناف النباتية و خاصة في مجال الزراعة و الغذاء في ظل التطور المذهل للتكنولوجيا الحيوية،و كانت أغلبية الدول النامية تستبعد الأصناف النباتية الجديدة من الحماية القانونية للمصلحة العامة نظرا للآثار السلبية المترتبة على احتكار هذه الابتكارات على غذاء الإنسان و تطوير محاصيله الزراعية و المحافظة عليه .
و قد بذلت الدول الأوروبية جهود كبيرة في سبيل إبرام أول اتفاقية لحماية الأصناف النباتية المعروفة باسمU.P.O.V،و طبقا لأحكام هذه الاتفاقية يمكن منح الحماية بغض النظر عن الطريقة التكنولوجية التي تم التوصل من خلالها إلى الصنف النباتي الجديد سواء بطريق التكاثر الجنسي أو اللاجنسي أو باستخدام الهندسة الوراثية .
و تعتبر نصوص هذه الاتفاقية بمثابة القواعد العامة لحماية الأصناف النباتية في تشريعات دول الأعضاء، و تحدد الاتفاقية الشروط اللازمة لمنح الحماية و ما يجب فعله، و عن أحكام U.P.O.V أخذ التشريع الجزائري ،لذلك سيتم التوضيح من خلال هذا المبحث المحل الذي ترد عليه الحماية و هو الصنف النباتي،و ما ينبغي أن يتوافر فيه من شروط في المطلب الثاني،و ما يجب إتمامه من إجراءات في المطلب الثالث.
المطلب الأول:الصنف النباتي محل الحماية
يرى علماء البيولوجيا أن الحصول على صنف نباتي يحتاج إلى وقت طويل و مجهود كبير يقدر بفترة زمنية تتراوح ما بين07إلى 13 سنة يقوم خلالها المربي بتجميع عدد كبير من العينات، ثم يقوم بفحص عينة في السنة الأولى،و ينتقي بعضها في السنة التالية،وهكذا حتى يصل إلى الصنف الذي يحتوي على جميع الصفات الوراثية التي يريدها المربي و التي تصورها كصورة ابتكارية،ومن أمثلتها القطن الملون،و هو نوع من القطن المطور الذي يخرج بشكل معين دون حاجة إلى صبغه،و كذلك زراعة الطماطم المربعة التي تواجه مشاكل التخزين و التغليف دون أن تتعرض للتلف السريع
المطلب الثاني:الشروط الموضوعية
سارت تشريعات دول العالم على نهج اتفاقية اليوبوف بوضعها لشروط محددة لمنح الحماية للأصناف النباتية الجديدة،تتلخص هذه الأخيرة حسب المادة03و ما بعدها من القانون الجزائري المتعلق بالحيازة النباتية على النحو التالي:
الفرع الأول:التمايز
اشترط المشرع الجزائري في الصنف النباتي المطلوب حمايته لكي يكون متميزا أن يختلف بوضوح عن أي صنف نباتي أخر يكون معروفا بشكل عام.
و عليه ليكون الصنف النباتي متميزا يجب أن :
• أن يسجل في الفهرس الرسمي للدولة،
• أن يتم إيداع طلب الحماية،
• أن يحمل صفات مختلفة يمكن أن تكون ذات طبيعة مورفولوجية أو فيزيولوجية.
و يعد شرط التمايز شرطا أساسيا لمنح الحماية،و إذا تم منح الحماية لصنف نباتي لا يفي بهذا الشرط،أو صنف نباتي يدخل في مفهوم المعرفة العامة،فإنه لا يرقى إلى درجة التميز التي تؤهله للحماية القانونية،و كذلك الحال إذا لم تكن الصفة المميزة من الممكن احتفاظ الصنف النباتي بها عند تناسله،حيث لن يكون الصنف النباتي مميزا عند هذا التناسل،مما يفقده ميزته.
الفرع الثاني:التجانس
المقصود به أن تتوحد أفراد الصنف بدرجة كافية عل الأقل في الخواص الأساسية، حتى و إن وجد اختلاف بين أفراده فيما عدا ذلك، طالما أن الاختلاف قد وقع في الحدود المسموح به .
فالتجانس لا يكون مطلقا،و إنما يسمح بوجود تنوع نتيجة لاختلاف خصائص المواد المستخدمة للإكثار،و بهذا يمكن القول بأن الصنف يكون متميزا إذا اتحدت أفراده في الطول أو القصر أو الشكل،و إن اختلفت انتاجيته أو تباينت ألوان أوراقه .
الفرع الثالث:الثبات
يعد الصنف النباتي ثابتا إذا لم تتغير خصائصه الأساسية عند الإكثار المتكرر للصنف النباتي،أو عند نهاية كل دورة من دورات الإكثار للصنف النباتي.
و قد أوضح الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة أنه عادة إذا ثبت عند إجراء الفحص أو ما يسمى باختبارات التمايز و التجانس و الثبات للصنف النباتي المطلوب حمايته أن الصنف النباتي متجانس في خصائصه الأساسية،فإنه يعد ثابتا و ذلك بالنسبة للعديد من الأصناف النباتية،و في حال ما إذا ثبت عدم استفاء الصنف النباتي المطلوب حمايته شرط التجانس و الثبات وقت منح حق مربي النبات،فإن هذا يترتب عليه بطلان حق مربي النبات،كذلك يسقط حق مربي النبات إذا ثبت أن الصنف النباتي لم يعد يفي بشرط التجانس و الثبات .
الفرع الرابع:تسمية الصنف النباتي
الاسم هو العنصر المميز لكل عمل و لكل صنف، و حتى لا يختلط الصنف بغيره من الأصناف من النوع ذاته أو قريب منه وجب احترام الضوابط التالية :
• أن تكون التسمية مختلفة عن كل الأسماء الأخرى المستخدمة،
• يجب أن لا تتسبب التسمية في التظليل أو في الخلط فيما يتعلق بطبيعة الصنف النباتي أو بهوية المربي،
• التأكد من أن تسمية الصنف لن تؤثر على حقوق مسبقة،
• يجب أن تكون التسمية مميزة،و يمكن التعرف عليها بسهولة.
الفرع الخامس:القيمة الزراعية و التكنولوجية
يعتبر الصنف ذا قيمة تكنولوجية و زراعية إذا توافرت فيه مقارنة بالأصناف المسجلة أو النموذجية تحسين نوعي للزراعة و الإنتاجية و انتظام للمردود،أو أي استعمال أخر للمنتوجات الناجمة عنها .
المطلب الثالث:الشروط الإجرائية
حدد القانون الجزائري عددا من المتطلبات الإجرائية التي يجب أن يفي بها مقدم الطلب للحماية ملخصة على النحو التالي:
الفرع الأول: إيداع الطلب
يودع كل شخص طبيعي أو معنوي ذو جنسية جزائرية طلب حماية حيازة النبات لدى السلطة الوطنية التقنية النباتية،و تقبل أيضا حماية حيازات النباتات بطلب من كل شخص طبيعي أو معنوي ذي جنسية أجنبية إذا ما تم احترام مبدأ المعاملة بالمثل .
الفرع الثاني:ارفاق الطلب بمجموعة وثائق
يجب أن يدعم طلب حماية حيازة النبات بما يسمح بتعيين الصنف تعيينا جنيسا يسمح بتعريفه،و لا يتشكل إلا من أعداد،و لا يمكن أن يوقع في الخطأ أو يؤدي إلى التباس في الخصائص أو في القيمة أو في هوية الصنف .
الفرع الثالث:تقديم شروحات
على طالب الحماية أن يقدم كل معلومة أو مادة نباتية تطلبها السلطة الوطنية من أجل :
• التحقق من أن الصنف ملك فعلا للطالب،
• التحقق من أن الصنف ينتمي فعلا لعلم التصنيف النباتي المصرح به،
• إثبات إختبار V.A.T،
• إثبات الوصف الرسمي للصنف.
علاوة على ذلك،و حتى يكون الصنف جديدا، يتعين على الطالب إثبات أنه لم يقم عند تاريخ إيداع الطلب ببيعه أو تسليمه للغير، أو برضاه لأغراض تجارية أو لاستغلاله الخاص على التراب الوطني منذ أكثر من سنة،أو غير التراب الوطني منذ أكثر من أربع سنوات،أو في حالة الأشجار و الكروم منذ أكثر من ستة سنوات.
ليتم دراسة الطلب عن طريق اختبار العينات الواجب تقديمها و إجراء الفحوص المطلوبة، لتنشر بعد ذلك النتائج،و تبلغ للمعني .
المبحث الثالث:أثار الاعتراف بالحيازة النباتية في التشريع الجزائري
إذا توافرت في الصنف النباتي شروط الحماية القانونية،تمنح لمربي الصنف النباتي الجديد شهادة تخول صاحبها التمتع بحقه الاستئثاري الذي يعد حجة على الغير كافة لا يجوز المساس به إلا بموافقة صاحبه،إلا أن حقوق مربي الصنف النباتي ترد عليه استثناءات و قيود تفرضها المصلحة العامة نتناول هذه المسائل في المطالب الموالية.
المطلب الأول:حقوق صاحب الصنف النباتي الجديد
تخول كل حيازة نبات تستجيب للشروط السابق ذكرها ما يلي من الآثار:
الفرع الأول:الحصول على شهادة الحيازة
يترتب على إيداع طلب حماية حيازة النبات قانونا الحماية المؤقتة للصنف قبل منح شهادة حيازة النبات،و تمنح الأولوية في طلب حماية الصنف للمودع الأول الذي يخول له القانون الحق في الحصول على سند يسمى شهادة حيازة النبات التي تشكل سند ملكية معنوية .
و عليه تشمل الحقوق المرتبطة بشهادة حيازة النبات ما يأتي :
• الصنف النباتي المحمي،
• كل صنف لا يختلف اختلافا واضحا عن الصنف المحمي،
• كل صنف مشتق أساسا من الصنف المحمي إذا لم يكن هذا الأخير مشتقا بدوره أساسا من صنف أخر،
• كل صنف يتطلب انتاجه الاستعمال المتكرر للصنف المحمي.
و الجدير بالذكر أنه تبقى العناصر الأساسية للنباتات الهجينة و الأصناف المركبة سرية إذا ما طلب الحائزون ذلك.
مع مراعاة كل وثيقة أو حدث أو معطى أو معلومة ذات صلة بأحكام هذا القانون،لا تمتد الحقوق المرتبطة بشهادة المتحصل النباتي للأعمال المنجزة في :
• إطار خاص و لأغراض غير تجارية،
• على سبيل التجربة أو التعليم أو البحث العلمي،و كذا في إطار إنشاء بنك للمورثات،
• بهدف إنشاء صنف جديد شريطة أن لا يكون مشتقا أساسا من الصنف المحمي، أو أن هذا الصنف المخترع لا يتطلب الاستخدام المتكرر للصنف المحمي،
• من الفلاحين لأهداف الزرع في مستثمراتهم الخاصة باستعمال منتوج المحصول المتحصل عليه عن طريق زرع الصنف المحمي باستثناء النباتات التزيينية و الزهرية.
و تعود ملكية المتحصل النباتي المخترع من قبل عون عمومي باحث أثناء ممارسة مهامه إلى المؤسسة العمومية التي يتبعها،و يدون اسم العون في شهادة المتحصل،و لهذه المؤسسة وحدها أهلية تقديم طلب لنيل حقوق المتحصل النباتي أو التسجيل في الفهرس الوطني ضمن الشروط المقررة قانونا.
الفرع الثاني:الاستفادة من مدة ضمان
يعد صاحب شهادة حيازة النبات صاحب الحق في الحماية إلى أن يثبت العكس، و تحدد مدة الحماية ب20سنة للأنواع السنوية و 25سنة بالنسبة لأنواع الأشجار و الكروم،و يبدأ سريان هذه الآجال ابتداء من تاريخ منح شهادة حيازة النبات،و بعد انقضاء مدة الحماية يسقط الصنف في الملك العمومي إلا في حالة ما إذا طلب الحائز أو ذو حقه تجديد الحماية،حيث لا يمكن منح التجديد إلا مرة واحدة لمدة أقصاها عشر سنوات .
و في الأخير يكون حق الحماية مقابل أتاوة تدفع يحدد قانون المالية مبالغها و كيفيات تحصيلها .
الفرع الثالث:الانخراط في السجل الوطني
تنشأ لدى الوزير المكلف بالفلاحة سلطة وطنية تقنية تضم لجنة وطنية للبذور و الشتائل و تضم لجانا تقنية متخصصة و مفتشين تقنيين تكلف بحماية الحيازات النباتية عن طريق مسك سجل للحقوق يدون فيه كافة طلبات شهادات حيازة النبات، وكذا سندات الحيازة المسلمة و يحفظ فيه كل الوثائق و المعلومات المتعلقة بحداثة الصنف و تركيبه و خصائصه وصفاته .
المطلب الثاني:حدود حق حماية الحيازة النباتية
تمنح شهادة حيازة النبات صاحبها حقا في الحماية يتكون من حق حصري على الاستغلال التجاري للحق المعني،و تشمل الحماية عناصر إنتاج أو تكاثر و تكثيف الصنف المحمي،كما تمتد الحماية إلى أعمال التوضيب و العرض للبيع، وكذا إلى كل شكل من أشكال تسويق و تصدير و استيراد الصنف المحمي .
إذن زيادة على الاعتراف بالحيازة النباتية، أجاز القانون03/05المؤرخ 06فيفري2005 المتعلق بالحيازة النباتية في أن يكون الصنف المحمي موضوع استغلال أو تحويل وفق شروط معينة نتعرف عليها في الفرع الأول،غير أن هذه الامتيازات ليست على إطلاقها نسلط الضوء على القيود المفروضة في الفرعين الثاني و الثالث.
الفرع الأول:منح التراخيص
يمكن للصنف الذي منح حماية أن يكون موضوع عقد ترخيص بين المتحصل و مؤسسة انتاج و تكاثر البذور و الشتائل المعتمدة وفقا لأحكام المادة19من القانون الوارد أعلاه و المعرفة بموجب هذا القانون بمستغل الصنف،كما يمكن أن يكون حق الحيازة موضوع تحويل كل أو جزء من الحقوق لذي حق واحد أو أكثر،ويتم تحويل الحقوق عن طريق عقد موثق لا يسري مفعوله قبل الغير إلا بعد أن يسجل في دفتر الحقوق،لكن يجب تحت طائلة البطلان أن يحدد مدى الحقوق الممنوحة للمستغل أو لذي حقه في عقد الترخيص أو في عقد التحويل لاسيما طبيعته الحصرية أو غير الحصرية،أو المحدودة أو غير المحدودة،كما يجب أن يحدد أيضا قيمة تعويض الاستغلال الذي يمثل حق المستغل في المكافأة .
و أخيرا يمكن لصاحب شهادة المتحصل النباتي التنازل في كل وقت عن كل أو جزء من حقوقه،و يتم التنازل عن طريق تصريح كتابي يرسل إلى السلطة الوطنية التقنية النباتية،و يترتب على هذا التنازل تحويل حقوق المعني إلى الأملاك العامة .
الفرع الثاني:الرخصة الإجبارية
يمكن لكل شخص طبيعي أو معنوي أن يطلب من السلطة الوطنية التقنية النباتية،و يحصل لديها على رخصة إجبارية إذا لم يتم استغلال الصنف المحمي من قبل صاحبه في أجل ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ منح شهادة المتحصل النباتي .
و الجدير بالذكر لا تمنح الرخصة الإجبارية إلا من أجل المحافظة على مصلحة عمومية أكيدة،لذلك تؤهل السلطة الوطنية التقنية النباتية للبث بموجب مقر معلل في المصلحة العمومية التي منحت بموجبها الرخصة التي يجب عليها زيادة على هذا التأكد من أن طالب الرخصة الإجبارية تتوافر فيه الشروط التالية :
• يجب أن يصدر الطلب عن مؤسسة للإنتاج و تكاثر البذور و الشتائل معتمدة قانونا و تتوفر على الكفاءات و المؤهلات المهنية المطلوبة في هذا المجال.
• يجب أن تكون مؤسسة إنتاج و تكاثر البذور و الشتائل قادرة على الاستغلال المالي لحق الحيازة.
• يجب على مؤسسة إنتاج و تكاثر البذور و الشتائل أن تكون قد طلبت من صاحب الحق المعني ترخيصا ضمن الشروط السابق بيانها،و رفض ذلك.
• يجب أن يتم الطلب بعد ثلاث سنوات من تاريخ منح حق المتحصل.
الفرع الثالث:مقرر المصلحة العمومية
يمكن للسلطة الوطنية التقنية النباتية بصفة استثنائية،و لأسباب ترتبط بالأمن الغذائي الوطني أو ذات أهمية بالنسبة للتنمية الفلاحية الوطنية إصدار مقرر المصلحة العمومية دون أن يكون الصنف المحمي موضوع طلب الرخصة الإجبارية،وفي هذه الحالة تقوم السلطة الوطنية التقنية النباتية بتعيين مؤسسة انتاج و تكاثر البذور و الشتائل أو أكثر معتمدة لاستغلال الصنف المحمي المعني،و الذي يوصف بالرخصة التلقائية بموجب هذا القانون .
المطلب الثالث:استنفاذ الحق
حقوق مربي النبات ليست مطلقة، و إنما مقيدة بضوابط تهدف إلى خلق نوع من التوازن ما بين الاهتمامات المشروعة لصاحب الحق في الحماية و التي تتمثل بشكل رئيسي في تحقيق مكاسب مادية تعوض ما أنفقه على أنشطة البحث و التطوير لاستنباط أصناف جديدة و بين اهتمامات الدولة التي تسعى إلى مراقبة كل ما يتعلق بتسويق هذا الأخير تحقيقا للمصلحة العامة نتعرف على هذه الأمور في الفروع التالية.
الفرع الأول:حالات الانقضاء
باستثناء حالة انقضاء أجال الحماية،لا يتم زوال الحقوق المرتبطة بحماية المتحصل النباتي إلا عن طريق إجراءات الانقضاء المسبق أو السحب أو إلغاء الحقوق،و يتم العمل بالانقضاء المسبق للحقوق من طرف السلطة الوطنية التقنية النباتية في الحالات الآتية :
• التنازل المنصوص عليه في المادة46من ذات القانون.
• عدم دفع الأتاوى المنصوص عليها في المادة39من ذات القانون.
• رفض إعطاء السلطة الوطنية التقنية النباتية الوثائق و العينات و المادة النباتية المقررة في مراقبة إبقاء الصنف بموجب أحكام المادة43من القانون.
أما السحب،فتصدره السلطة الوطنية التقنية النباتية بعد استنفاذ طرق الطعن الإدارية و القضائية،و عندما تثبت هذه الأخيرة بأن حق المتحصل قد منح لشخص لم يكن له الحق في ذلك .
و يبادر بإلغاء الحقوق عندما يتبين خلال استغلال الصنف المحمي، بأن هذا الصنف لم يعد يستجيب لأحد مقاييس الحداثة أو التمايز أو الانسجام أو الاستقرار التي كانت سببا في منح تلك الحماية .
الفرع الثاني:المراقبة
دون الإخلال بمختلف أنواع المراقبة التي تقوم بها السلطات المؤهلة قانونا في ميدان الفلاحة و تسويق المنتوجات الفلاحية،فإن عمليات مراقبة إنتاج و تكاثر البذور و الشتائل،و التحقق من حماية حقوق المتحصلين يقوم بها سلك من المفتشين التقنيين للنبات التابعين للسلطة الوطنية التقنية النباتية .
و يمكن زيادة على ذلك معاقبة كل من ينتمي إلى مستخدمي السلطة الوطنية التقنية النباتية وفقا لأحكام المادة301من قانون العقوبات الذي يقوم دون أن يكون مؤهلا قانونا من قبل المتحصل أو من ذي حقه بإفشاء أو محاولة إفشاء معلومات تقنية أو علمية كان المتحصل قد طلب صراحة إبقاءها سرية.
و تقرر اللسلطة الوطنية التقنية النباتية في مجال حماية حقوق المتحصلين منع تسويق كل صنف محمي منتج أو متكاثر بطريقة غير مطابقة لأحكام هذا القانون،و تبلغ بذلك المتحصل أو ذي حقه أو أصحاب الترخيص بالاستغلال.
و يجب عليه تقديم كل معلومة أو مادة نباتية تطلبها السلطة الوطنية التقنية النباتية للفحص من أجل :
• التحقق من أن الصنف ملك فعلا للطالب.
• إثبات أن الصنف جديد و مستقر و متميز و متناسق.
• إثبات الوصف الرسمي للصنف.
المبحث الرابع:الحيازة النباتية و البحث العلمي
يعتبر الحق في الغذاء من حقوق الإنسان الأساسية التي قدرتها المواثيق و الاتفاقيات الدولية فضلا عن دساتير كثير من دول العالم،و قد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن لكل شخص الحق في أن يعيش هو و عائلته في مستوى يكفيه للمحافظة على الصحة و الرفاهية،و يشمل ذلك الغذاء و الملبس و المسكن و العناية الصحية .
و تجنبا لاحتكار الغذاء،و حرصا على توفيره دون قيود،استبعدت قوانين معظم دول العالم الحيوانات و النباتات من نطاق الحماية عن طريق البراءة،لأن هذه الأخيرة تحمي النبات كله باعتباره وحدة واحدة بما فيه من جينات و تركيبات كيماوية،و عليه يمنع على الغير استخدامه إلا بإذن من صاحب البراءة،و هو ما يؤدي إلى عرقلة التقدم العلمي و تطوير النباتات و تحسينها ،لأنه إذا أراد شخص أن يدخل في النبات أفكارا جديدة تؤدي إلى انتاج صنف نباتي جديد،فإنه لا يستطيع ذلك بسبب براءة الاختراع،و سبيل المثال لو حصل شخص على براءة اختراع نبات الذرة،فإن بيع هذه الذرة إلى مصنع ليستخرج منه زيتا لا يتم إلا بعد الحصول على موافقة صاحبه،وهو الأمر ذاته بالنسبة لاستخراج مادة كيماوية من الصنف النباتي .
و بالإضافة إلى ما تقدم، ففي نظام براءة الاختراع، لا يمكن استعمال الصنف المحمي بالبراءة في التعليم أو التدريب إلا بعد موافقة صاحب البراءة،و هذا ما قد يشكل عقبة أمام التقدم العلمي،و يمثل نوعا من الاحتكار أو الاستئثار الذي يتمتع به صاحب البراءة،و هو ما لا يتفق مع النظرة الاجتماعية لأي حق،هذه النظرة تستوجب السماح للغير بالتدريب و التعليم،بل و الاستعمال الشخصي للصنف النباتي طالما أنه بعيد عن الاستغلال التجاري .
ومن أجل ذلك كله كان الرفض لنظام براءة الاختراع كوسيلة لحماية الأصناف النباتية،مما دفع إلى التفكير في وضع نظام خاص لهذه الحماية،و هو ما فعلته معظم الدول فيما بينها من خلال اتفاقية دولية بهذا الشأن التي تهدف بشكل أساسي إلى دعم أنشطة صناعة التقاوي التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات في الدول الصناعية الكبرى،و الدليل على ذلك الشروط التي تتطلبها الاتفاقية من أجل منح الحماية للصنف النباتي الجديد،و التي من بينها التجانس و الثبات الوراثي،و هذا ينتج عنه احتكار عدد محدد من شركات صناعة التقاوي السوق .
و قد وسعت اتفاقية اليوبوف من نطاق الحقوق الإستئثارية لمربي النبات لكي تشمل كل أشكال إعادة الإنتاج سواء لأغرض تجارية أو غيرها،و كذلك التخزين لمادة إكثار الصنف النباتي أو المادة المحصودة لأي غرض من الأغراض مما جعلها تقدم نموذجا للحماية شبيها بالحماية التي تقدمها براءة الاختراع .
و عليه يمكن القول أن الحصول على الموارد الجينية النباتية الموجودة ضرورة حتمية للتحسين و التطوير المستمر للنباتات بالنسبة للزراعة و الغذاء، حيث أن تنوع النباتات الجديدة لا يمكن أن يخلق من العدم،إذ أنه لا يوجد خلق فعلي في مجال تطوير النبات،فتنوع المحصولات لا يمكن أن يأخذ مجراه إلا على أساس الاستخدام و التحوير فيما يوجد في الطبيعة .
إن منح براءة الاختراع ينطوي على حظر استخدام المواد المبرأة في الدول التي اعترفت بهذه الحقوق،حيث لن تكون الجينات و لا السلالات النباتية متاحة لمزيد من التطور دون الموافقة المسبقة لأصحاب حقوق الملكية الفكرية .
لذلك تعمقت المخاوف لدى الكثير من الدول بسبب التطبيق الواسع النطاق لحقوق الملكية الفكرية خاصة براءة الاختراع على الكائنات الحية،و بسبب الإمكانية المتاحة في معظم الدول الصناعية في الحصول على الحقوق الإستئثارية لاستغلال الجينات و أي أجزاء خلوية صغيرة من النبات شأنها شأن الخلايا و السلالات النباتية،مما يجعل تحقيق نظام متعدد الأطراف المستند إلى مبدأ النفاذ المشترك مجرد وهم كاذب .
الخاتمة:
في ختام هذه الورقة البحثية يتضح لنا مدى سعي المشرع من خلال قانون الحيازة النباتية لوضع نظام لحماية الأصناف النباتية يقترب من نظام اليوبوف،لكن لا يتطابق معه،و ذلك بالعمل على إيجاد نوع من التوازن بين حماية المصالح المشروعة لمربي النبات و حماية المصلحة العامة في قطاعات مختلفة.
إن امتداد حقوق الملكية الفكرية إلى الموارد النباتية يخلق عددا من المسائل المتعلقة بالنفاذ إلى الموارد الجينية النباتية بقصد البحث و التربية،و التي يمكن معالجتها على المستوى القومي باستخدام وسائل لتوضيح بعض القواعد الدولية القابلة للتطبيق على الموضوع خاصة فيما يتعلق بآثارها على براءة الاختراع في الجينيات و قبول الاستثناء المتعلق بإجراء التجارب بخصوص المواد المبرأة.
و عليه يمكن التوصل إلى بعض الاستنتاجات،و من أهمها:
• أن تعرف شرط الجدة بطريقة تستبعد إمكانية منح البراءة لأي موضوع سبق إتاحته للجمهور بطريقة الوصف المكتوب أو بالاستعمال،أو بأي طريقة أخرى في أي دولة قبل تاريخ التقدم بالطلب،بما فيها الاستخدام من قبل الجماعات المحلية و الوطنية.
• الاحتفاظ بحق أي دولة كما هو معترف به حاليا في استبعاد النباتات، أو أي جزء منها بما فيها سلاسلDNAمن إمكانية منح البراءة.
• الأخذ بقواعد واضحة تؤكد على أن المواد النباتية التي تنمو بشكل طبيعي بما فيها الجينات تكون و ستظل خارج نطاق أي شكل من حماية حقوق الملكية الفكرية في أي بلد.
المراجع المعتمدة:
1) من بين هذه الاتفاقيات اتفاقية اليوبوف هي الاتفاقية التي سعت إلى إبرامها الدول الأوروبية في 2ديسمبر1961و تعرف بالفرنسية باسمUPOV و قد أنشأت اتحادا دوليا يقع بجنيف بسويسرا،أدخلت على هذه الأخيرة عدة تعديلات أخرها في 19مارس1991 الذي دخل حيز النفاذ في24أبريل.1998
2) اتفاقية التنوع البيولوجي التي صادقت عليها الجزائر بمقتضى المرسوم الرئاسي في.1995
3) يتعلق الأمر باتفاقية تربس المتفرعة عن اتفاقية المنظمة العالمية للتجارة المنعقدة بمراكش سنة .1994
4) القانون المصري يحمل رقم24 المؤرخ في 02جويلية.2000
5) أنظر في ذلك قانون الملكية الفكرية المصري رقم82لعام2000 وكذا قانون حماية البيئة السوداني رقم05لعام2001 و قانون حماية الملكية الصناعية الفلسطيني رقم 12لعام.2012
6) القانون الجزائري03/05المؤرخ في 6فيفري2005 و المتعلق بالبذور و الشتائل و حماية الحيازة النباتية.
7) البهجي عصام:حقوق الملكية الفكرية للأصناف النباتية الجديدة،الدار الجامعية مصر طبعة .2000
8) السيد أحمد عبد الخالق:حقوق الملكية الفكرية حماية أم نهب،دار المريخ للنشر السعودية طبعة .2004
9) عبد الظاهر حسين:الحماية القانونية للأصناف النباتية الجديدة، المكتب الجامعي الحديث مصر طبعة .2003
10) عرفة عبد الوهاب:حماية حقوق الملكية الفكرية، دار الفكر و القانون، مصر طبعة.2002
11) عماره ضحى مصطفى:حقوق الملكية الفكرية و حماية الأصناف النباتية الجديدة،رسالة دكتوراه كلية الحقوق جامعة المنوقية مصر السنة الجامعية.2011/2010
12) غالي محمود:الحماية القانونية للأصناف النباتية الجديدة،مذكرة ماجستير في القانون الخاص،جامعة نابلس فلسطين السنة الجامعية2013/2012 .
13) طلبة أنور:الاقتصاد السياسي لحماية حقوق الملكية الفكرية في ظل اتفاقية تربس،المكتب الجامعي الحديث مصر طبعة .2004
14) مستجير أحمد:طعامنا المهندس وراثيا، دار النهضة العربية مصر طبعة .2006
15) ممدوح ابراهيم:حقوق الملكية الفكرية،الدار الجامعية مصر طبعة .2011
16) هور مارتن:الملكية الفكرية و التنوع البيولوجي:دار المريخ للنشر،السعودية طبعة.2004

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *