تأخر سن الزواج في المجتمع العُماني

تأخر سن الزواج في المجتمع العُماني

حمد بن نعيم الحرسوسي

يحاول هذا المقال أن يعرَف التأخر في سن الزواج في المجتمع العماني الذي يشهد انتقالا من القيم التقليدية إلى القيم الحديثة محاولا تحليل أسبابه وتعيين النتائج المترتبة عليه.

الإنجليزية:

In this article I’m trying to define the concept of spinsterhood in sultanate of Oman society as a result of transition from traditional values to a modern one, and to analyze its causes and its consequences.    

الفرنسية:

Dans cet article j’essaie de definer le concept du celibate dans la societe de la sultanate d’oman de sa transmission des valeurs traditionnelles a celles  modernes, et d’analyser ses sources et ses consequences.    

تأخر سن الزواج في المجتمع العماني

مُـــقدّمـة

لا شك بأن الزواج من أقدم النظم الاجتماعية وأكثرها شيوعاً وقبولاً؛ حيث أنه رباط مقدس وسنة من سنن الله في خلقه؛ لما فيه من رحمة ومودة وألفة وتكاثر، ووقاية للنفس البشرية من الأمراض والآثام، ووسيلة شرعية للعلاقة بين الرجل والمرأة بصورة تحفظ كرامته، كما أنه الطريقة الفضلى لإشباع الحاجات البيولوجية والنفسية والاجتماعية.          ويعد الزواج من الأحداث المهمة في حياة الفرد حيث يؤدي الزواج إلى خلق أنواع جديدة من العلاقات الاجتماعية تتجاوز الزوجين الجديدين إلى أسرهما والنسق القرابي. وعلى الرغم من قدم نظام الزواج فقد تعرض لبعض التغيرات؛ نتيجة لما يتعرض له المجتمع من تحولات اجتماعية واقتصادية، ولعل من أهم التغيرات ما طرأ على السن عند الزواج من تغير، فأصبح يميل إلى التأخر، بعد أن كان الزواج المبكر هو النمط السائد في المجتمع، ولا شك أن لظاهرة تأخر سن الزواج آثار سلبية على الفرد والأسرة والمجتمع.                                                                           

  الزواج هو الوسيلة المثلى لبناء مُجتمع هادئ ومُستقر، والأسرة تتكون عن طريق الزواج الذي يُشبع الحاجات النفسية والجسدية للأفراد، ويُقمع الانحراف والشذوذ، ويُحقق الحياة الواعدة ويُفر الهدوء والاستقرار، وتعتبر الأسرة من أهم الجماعات وأعظمها تأثيراً في حياة الأفراد والجماعات، وإنها الوحدة البنائية الأساسية التي تنشأ عن طريقها مختلف التجمعات الاجتماعية، وهي التي تقوم بالدور الرئيسي في بناء صرح المجتمع، وتدعيم وحدته وتماسكه وتنظيم سلوك أفراده بما يتلاءم مع الأدوار الاجتماعية المختلفة وفقاً للنمط الحضاري العام[1] .                                         

وتختلف التغيرات التي أصابت الأسرة والزواج من مجتمع إلى آخر. ففي النصف الثاني من القرن العشرين تعرضت الأسرة الخليجية لتغيرات شملت جميع جوانب الحياة؛ بسبب اكتشاف النفط ،وما أحدثه من تغير في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أدت هذه التغيرات إلى التحول من ثقافات محلية محكومة بحدودها الضيقة إلى ثقافات كونية تستمد الكثير من عناصرها من الخارج[2].                                                                                

هذه التغيرات غيرت كثيراً من المفاهيم والمواقف، وسمحت ببروز قيمة الحرية ودعمها واستمرارها في السلوك والفعل والتصرف، وارتفاع قيمة الفرد كفرد، وظهورها في العلاقات الاجتماعية كوحدة مستقلة في سلوكه وصفاته ومهاراته وقدراته، وأصبح الزواج أو العزوف عنه أو تأجيله أمراً يختص بالفرد وعاطفته، وأهدافه، وميوله، وطموحاته، واتجاهاته، وقيمه، ولا يشاركه أحد في اتخاذ قراره هذا[3].                                                                            

ومن خلال هذا المقال فإننا سوف نحاول تسليط الضوء على موضوع تأخر سن الزواج في سلطنة عمان والذي لا شك هو حديث عهد الظهور لآن سلطنة عمان وحتى فترة قريبة (منتصف التسعينيات من القرن الماضي) كان يسود فيها الزواج المبكر وهذا بطبيعة الحال لعدة اسباب سوف نأتي الى ذكرها بالتفصيل لاحقا من خلال هذا المقال، كما سنحاول التعرف على الخصائص الديمغرافية والاجتماعية والثقافية للمتأخرين في الزواج من الجنسين، ورصد أسباب تأخر سن الزواج الوقوف على الآثار المترتبة .                                                                           

الاشـــكالية:

كان الزواج المبكر هو السائد في العائلة العمانية التقليدية، وخاصة في المناطق الريفية والبدوية في عمان؛ وذلك تحصيناً لهم من الوقوع في الزلل، فكانت الفتاة تزوج في سن مبكرة ابتداء من سن الرابعة عشرة فما فوق، ويزوج الابن في سن السادسة عشرة فما فوق .أما اليوم ونتيجة للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية كدخول المرأة إلى مجالات التعليم والعمل، وتزايد معدل الأسرة النووية، ودور وسائل الإعلام وتأثيرها على دور المرأة، فقد انعكست آثار هذه التغيرات على  منظومة القيم الثقافية التقليدية، فظهرت ثقافة جديدة تتمثل في ظهور قيم جديدة لم تكن توجد في جيل الآباء، وخاصة فيما يتعلق بالزواج، ولعل من أهمها ما طرأ على سن الزواج فلم يعد سن البلوغ مؤشراً على القدرة على تحمل أعباء الزواج بعد زيادة متطلبات الزواج، الأمر الذي أدى إلى تأخر سن الزواج بعد أن كان الزواج المبكر هو النمط السائد في المجتمع حتى وقت قريب[4].                                                                                   

   ومن خلال هذا المقال سوف نحاول ان نعرض لظاهرة تأخر سن الزواج، وذلك من خلال إلقاء الضوء على المحددات الاجتماعية لنظام الزواج في ضوء خصوصية المجتمع العماني، ومحاولة الكشف عن اهم الاسباب المؤدية إلى   تأخر سن الزواج ،ومعرفة الاثار المترتبة على تأخر سن الزواج على الفرد على وجه الخصوص وعلى الاسرة والمجتمع.    

ويمكننا هنا ان نطرح  تساؤلاً رئيسياً هو: ما الأبعاد الاجتماعية لنظام الزواج وظاهرة تأخر سن الزواج في المجتمع العماني؟ ويتفرع من هذا التساؤل الرئيسي تساؤلات فرعية هي:                                                        

– ما الخصائص الديمغرافية والاجتماعية والثقافية للمتأخرين عن الزواج؟         

– ما المحددات الاجتماعية لنظام الزواج في ضوء خصوصية المجتمع العماني؟    

– ما أسباب تأخر سن الزواج؟                                                         

– ما أهم الآثار المترتبة على تأخر سن الزواج على الفرد، الأسرة، المجتمع؟

الفرضية الرئيسة :

الثقافة الجديدة المتمثلة بانفتاح عمان على انماط اجتماعية واقتصادية حديثة، احدثت تغيرات في طبيعة العلاقات الاجتماعية والاسرية تمثل ذلك في تحول الاسرة الممتدة  الكبيرة التي عرفها المجتمع الى الاسرة النووية الصغيرة، ومن منظومة الزواج المبكر اصبح يميل الى تأخير سن الزواج.                                                                  

الفرضيات الفرعية:   

– انتقلت سلطنة عمان من مجتمع تقليدي تحكمه الاعراف التقليدية يسود فيه الزواج المبكر انطلاقا من منظومة قيمية  اسلامية الى مجتمع حديث تلعب فيه العوامل الاقتصادية دور مهم ومباشر في تأخير سن الزواج.                      

– تامين المجتمع قيميا ودينيا والنهوض بالجانب الاقتصادي يقلل من الاثار السلبية المترتبة على تأخر سن الزواج.       

أولاً: الاطار المفاهيمي للزواج

تختلف أنماط الزواج وممارساته من مجتمع إلى آخر باختلاف ثقافة المجتمع، وهذا الاختلاف لا يقلل من أهميته كظاهرة اجتماعية توجد في كل المجتمعات الإنسانية باختلاف الزمان والمكان، وبالنظر للزواج كنظام اجتماعي، فإنه الوسيلة المشروعة لبقاء النوع الإنساني إلى جانب ما للزواج من دور هام في تحديد العلاقات بين الجنسين على أسس مشروعة.

أ – التعريف اللغوي للزواج:

الزواج من زوجّ يزوج زواجاً، وأصله زوج، والزوج خلاف الفرد، يقال زوج أو فرد كما يقال شفع أو وتر، قال تعالى: ” وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج “[5]. ويعرف الزواج في اللغة بأنه اقتران أحد الشيئين بالآخر وارتباطهما بعد ان كانا منفصلين، من ذلك قوله تعالى: ” كذلك وزوجناهم بحور عين “[6] أي قرناهم بهم . كما تطلق كلمة (النكاح) في اللغة على العقد، وعلى الوطء وعلى الضم حسياً ومعنوياً، كضم المحسوس إلى المحسوس، أو ضم قوله إلى قوله، كما يطلق على لفظ الزواج لفظ النكاح. وكثرة استعمال القرآن الكريم، والفقهاء للفظ النكاح، يدل أن مدلول لفظي الزواج والنكاح واحد[7].                                                       

ب – الزواج شرعاً :

عرف الفقهاء الزواج بتعريفات متقاربة تدور كلها حول الغاية والمقصد منه، وقد جاء في القرآن كلمتين بديلتين عن الزواج هما النكاح والاستمتاع. فالنكاح عقد بين الرجل والمرأة يحل بسببه كل منهما على الآخر[8].  ومما يؤكد على قدسية هذه العلاقة فقد سمى القرآن عقد الزواج بميثاق غليظ كما قال جلّ شأنه : “وأخذت منكم ميثاقاً غليظاً “[9] .                                                                                      

والزواج علاقة شرعية بين الرجل والمرأة، تؤسس لمجموعة من الحقوق والواجبات التي ترتب لكل منهما بناء على عقد الزوجية، ولقد رسمها الإسلام بدقة تساعد على تكوين الأسرة الصالحة والمستقرة، وتلبي لكل من الزوجين غرائزه وحاجاته الفردية ومتطلباته الفطرية، وتؤدي إلى التناسل، وتحقق اللبنة الأساس في بناء المجتمع ونموه[10].                                                                                                      

ج – التعريف القانوني للزواج:

يعرف قانون الأحوال الشخصية العماني في الكتاب الأول من الباب الثاني مادة(4) الزواج بأنه ” عقد شرعي بين الرجل وامرأة، غايته الإحصان وإنشاء أسرة مستقرة، برعاية الزوج على أسس تكفل لهما أعبائهما بمودة ورحمة”[11].                                                                                                    

د – تعريف علم الاجتماع للزواج:

يعرف قاموس علم الاجتماع الزواج أنه علاقة جنسية مقررة اجتماعياً بين شخصين ينتميان إلى جنسين مختلفين، ويتوقع أن تستمر لمدة أطول من الوقت الذي تتطلبه عملية حمل وإنجاب الأطفال، وتكاد تكون العلاقة الثابتة هي أهم ما يميز الزواج في مختلف الثقافات[12].                                                  

ويعرف الزواج أيضاً بأنه مؤسسة اجتماعية مهمة لها نصوصها وأحكامها وقوانينها التي تختلف من حضارة إلى أخرى، وتستمر فترة طويلة من الزمن يستطيع خلالها البالغان إنجاب الأطفال‘ وتربيتهم تربية اجتماعية وأخلاقية ودينية يقرها المجتمع ويعترف بوجودها وأهميتها[13].                                                  

ثانيا: تعريف تأخر سن الزواج                   

يختلف سن الزواج بين المجتمعات الشرقية والغربية اختلافا واضحاً. كما نجد هذا الاختلاف بين مكونات المجتمع الواحد؛ انطلاقا من الواقع والقانون، والعرف وآراء الناس في مختلف الطبقات والمناطق ، ومدى التغير في عاداته وتقاليده. ففي مجتمعاتنا العربية نجد أن الزواج المبكر منتشر في الريف بسبب تدنى المستويات التعليمية، وقلة فرص العمل أو عدم توفرها أصلاً لذا؛ تختفي هذه المشكلة كون أغلب الزيجات تتم بعد البلوغ مباشرة، أما في المدينة فبسبب تزايد فرص الدراسة والعمل نجد هناك عزوفاً من الشباب نحو الزواج فيتزوجون في سن متأخر مما يشكل تهديداً لبنية المجتمع؛ وذلك لما يترتب على تأخر سن الزواج من الآثار على الفرد والأسرة والمجتمع[14].                                                                                          

وقد اختلف العلماء في السن الذي تعد المرأة فيه متأخرة عن الزواج، حيث ذكر بعضهم إن سن التأخر يعود إلى العرف، فقد يطلق ويصف العانس على المرأة التي لم تتزوج وإن لم تبلغ الثلاثين، وأشار البعض بأنها المرحلة العمرية التي تتخطى بها المرأة سن الزواج المتعارف في المجتمع[15].                                        

واعتبر قانون الأحوال الشخصية العماني في المادة(7) ” أن أهلية الزواج تكمل بالعقل، وتمام الثامنة عشرة من العمر “[16].                                                                                                    

وفي هذا السياق، يعرف التأخر هو الميل والإعراض عن الزواج مؤقتاً، ويختلف العزوف من مجتمع لآخر، حيث ما يطلق عليه عزوف  في مجتمع لا يعتبر عمراً مناسباً للزواج في مجتمع آخر. حيث أن عمر البلوغ قد يتأخر بعوامل وراثية ومناخية فضلاً عن عوامل ترتبط بالبيئة الاجتماعية[17].                                    

وشهد عام 2016م انخفاضا ملحوظا في عدد وثائق الزواج في سلطنة عمان بنسبة 6.4% عن عام 2015م،حيث بلغ عدد الوثائق 24 ألف وثيقة زواج، من جهة أخرى، ارتفعت حالات الطلاق في عام 2016م بنسبة 3.2%، لتصل إلى 3 آلاف و 736 وثيقة[18].                                              

واشار المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن العام 2016 هو الأقل في عدد حالات الزواج المسجلة والأعلى في عدد حالات الطلاق خلال السنوات الخمس السابقة.                                                   

وسجل عدد وثائق الزواج انخفاضا في السنوات الماضية، فبينما أصبح في عام 2016 24 ألف حالة، كان عدد وثائق الزواج في عام 2012م 29 ألف وثيقة.                                                          

ثالثا: أسباب تأخر سن الزواج في المجتمع العماني

لا شك ان الاسباب المؤدية الى تأخر سن الزواج في المجتمع العماني كثيرة ومتعددة؛ ولكن يمكننا في هذا الاطار ذكر مجموعة من اهم الاسباب التي لها دور كبير ومباشر في تأخر سن الزواج، وذلك بناء على نتائج عدة دراسات عمانية أجريت في هذا الموضوع:                                                               

أن هناك مجموعة من الأسباب الاقتصادية تلعب دوراً رئيسياً في تأخر سن الزواج، والتي تمثلت في ارتفاع المهور، والتكاليف الباهظة للزواج، وعدم تناسب الدخل مع أعباء المعيشة، بالإضافة إلى قلة توفر فرص العمل. كما أن هناك أسباب دينية لتأخر سن الزواج، وهو اعتقاد غالبية الناس بوجود قسمة ونصيب، الذي يلعب دوراً كبيراً في تأخر سن الزواج[19].                                                                       

عدم وجود فرص التعارف بين الجنسين، وقلة التزاور الأسري بسبب ضعف الروابط الأسرية يؤدي إلى تضييق فرص العثور على شريك الحياة المناسب، مما يؤدي إلى تأخير سن الزواج لدى الشباب[20].                       

كذلك فإن الاختيار الحر وعدم تدخل الوالدين في اختيار الشريك لابنهم أو لابنتهم يعد سبباً من أسباب تأخر سن الزواج. كما أن تفضيل الفتاة العاملة ووضع مواصفات معينة لشريك الحياة، أضف إلى ذلك طبيعة تعقيدات الحياة الحديثة، وزيادة تكاليف ومتطلبات الزواج، واستقلالية الأبناء، وتحملهم معظم مصاريف وأعباء الزواج، بالإضافة إلى تأثير عامل التغير الاجتماعي، وخصوصاً التغير في مجال التعليم، كلها عوامل وأسباب ساعدت على ارتفاع سن الزواج[21].                                                          

إذن مما سبق يمكننا القول أن تأخر سن الزوا يرجع لعدة عوامل منها: الاهتمام باستكمال التعليم الجامعي، بالنسبة لكل من الذكور والإناث، كما أن العامل الاقتصادي له دور اساسي في تأخر سن الزواج، لأن الشاب لا يستطيع أن يقبل على الزواج إلا بعد أن يكون قد وصل إلى وضع اقتصادي مناسب يمكنه من أن يبدأ الحياة الزوجية[22].                                                                                         

رابعاً: الآثار المترتبة على تأخر سن الزواج

اما اذا تحدثنا عن الاثار المترتبة على تأخر سن الزواج؛ فإن تأخر سن الزواج له آثار سلبية على الفرد والأسرة والمجتمع، فبالنسبة للأفراد يؤدي تأخر سن الزواج إلى خلق حالة نفسية لديهم تتمثل في عدم الاستقرار النفسي والعاطفي، والعزلة والانسحاب من المجتمع. كما يؤدي إلى حرمان المرأة من عاطفة الأمومة.         

 أما على مستوى الأسرة والمجتمع فإن تأخر سن الزواج يؤدي إلى انتشار العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، بالإضافة إلى ظهور أشكال جديدة من الزواج كالمسيار والزواج العرف.[23]                           

خاتمة:

يعد الزواج ظاهرة عامة تسود معظم المجتمعات سواء أكانت بدائية أم متحضرة، قديمة أم حديثة، بعض النظر عن الكيفية التي تحدث بها هذه الظاهرة. والزواج لا يتم بطريقة متماثلة في جميع المجتمعات، كما لا يتم وفق أسلوب واحد لدى جميع أفراد المجتمع الواحد، فهو كظاهرة اجتماعية يكتسب لون المجتمع، الذي يتم فيه فهو في القرى والمجتمعات الريفية، تحكمه قواعد تختلف عن تلك التي ألفها المجتمع الحضري وهذا ينطبق على المجتمع العماني لا سيما في الوقت الحاضر[24].                                                                

وشهد الزواج في المجتمع العماني في الآونة الأخيرة، تغيرات أساسية؛ بسبب مجموعة من التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي شهدتها السلطنة منذ زهاء اربعة عقود؛ بسبب الطفرة التي صاحبت ظهور النفط، بالإضافة إلى الانفتاح على الثقافات الأخرى كنتيجة لآثار العولمة، ودخول التكنولوجيا التي حلت محل كثير من الاساليب التقليدية.                                                                                      

  كل هذه العوامل وغيرها انعكست على النسق القيمي في المجتمع العماني، ولا سيما قيم ومحددات الزواج فتغير مفهوم الزواج التقليدي الذي كان قائماً على أن كمال العضوية داخل المجتمع لا يتحقق إلا من خلال الزواج. ولم يكن مسموحاً بما يسمى بالعزوبية أو العنوسة الاختيارية كما هو موجود في وقتنا الحالي، أو بوصف الزواج عائقاً يحيل دون تحقيق تطلعات فردية أو حراك اجتماعي ما، أو حتى عدم الرغبة في تأسيس أسرة لعدم الرغبة في تحمل المسؤوليات والتبعات المترتبة[25].                                                    

إذن ما اردنا الوصول إليه من خلال هذا المقال هو بطبيعة الحال ليس فقط الكشف عن جوانب ظاهرة تأخر سن الزواج، وما حدث من تحولات اجتماعية واقتصادية في منظومة الزواج، بل كيف يمكننا العمل على مواجهة هذه الظاهرة، حيث نرى أنه يمكن معالجة هذا من خلال تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، لا سيما  المؤسسات الدينية من خلال خطب الجمعة، والمناسبات الدينية الاخرى، ونشر التوعية الدينية عن الأضرار المترتبة على تأخر سن الزواج، ولا شك أن نشر التوعية الدينية على نطاق واسع من شأنه أن يكون قناعات مختلفة لدى الشباب عن مفاهيم الزواج، والمهور وعدم المغالاة في تكاليف الزواج، وهذا بدوره قد يؤدي إلى التقليل من انتشار ظاهرة تأخر سن الزواج، التي تلعب الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمعتقدات الدينية دوراً كبيراً في وجودها.                                                                     

  كذلك توعية الشباب بفوائد الزواج، وتجميل صورة تكوين أسرة، وأولاد ومنزل، ومساعدتهم من خلال التوسع في بناء المجمعات السكنية كالفلل أو الشقق أو المساكن الشعبية ذات التكلفة المناسبة والأسعار المناسبة؛ التي تشجع الشباب على الزواج. كما أن توعية أولياء الامور على التيسير في المهور والرضا بالقليل تماشياً مع توجيهات المصطفى صلى الله عليه وسلم “أقلهن مهراً أكثرهن بركة” وعدم تكليف الراغب في الزواج ما لا يستطيع.                                                                                         

توفير فرص العمل للباحثين عن العمل ، ورفع الأجور في القطاعين العام والخاص، من خلال إيجاد وظائف جديدة للشباب سواء في القطاع الخاص أم الحكومي، ورفع سقف الأجور لتتناسب مع غلاء المعيشة.       العمل على إنشاء صندوق الزواج على مستوى السلطنة أو في كل ولاية أو محافظة، لتقديم مساعدات   للشباب الراغب في الزواج من الجنسين، من خلال الدولة ودعم   المسؤولين وأهل الخير لصناديق الزواج؛ لتقديم منح الزواج، وإحياء سنة الوقف الخيري؛ لمساعدة الشباب على الزواج.                               

ومن الاشياء المهمة ايضا، هو عدم تأخير الزواج بحجج واهية كمواصلة التعليم أو البحث عن وظيفة والإقدام على الزواج حين توفر إمكانيات الزواج بصورة مقبولة، وخاصة الفتيات التي تقل أمامهن فرص الزواج كلما تقدم بهن العمر، وبالتالي تقل فرصهن في الإنجاب مع مرور العمر، ويؤدي ذلك إلى حرمانهن من غريزة الأمومة.                                                                                                      

لائحة المراجع

1- ابن منظور، محمد بن كرم، لسان العرب، (مادة زوج،3/ 1884)، بيروت، دار صادر(1980).     

2- آل نواب، عبد الرب نواب، تأخر سن الزواج وأسبابه وأخطار وطرق علاجه على ضوء القرآن العظيم والسنة المطهرة، الرياض( دار العاصمة للنشر والتوزيع،1415هـ).                                           

3- الجهوري، هلال حمدان، التوافق الزواجي لدى عينة من العاملين في قطاع الصحة والتعليم في سلطنة عمان في ضوء بعض المتغيرات (رسالة ماجستير)، جامعة اليرموك، الأردن(2008).                        

4- الجوير، إبراهيم مبارك ، تأخير الشباب الجامعي في الزواج “المؤثرات والمعالجة”، الرياض، مكتبة العبيكان،(1995).                                                                                          

5- الحارثي، سيف، الأسرة والزواج في سلطنة عمان: دراسة سسيولوجية مطبقة على ولاية إبراء (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة محمد الخامس، المغرب(2003).                                             

6- الخالدي، نبيل عمران،  تأخر سن الزواج في العراق “دراسة في أثر الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية (رسالة ماجستير غير منشورة)، كلية الآداب، جامعة القادسية، العراق،(2007).              

7- الخان، عوف عبد الرحمن، زواج الأقارب بين التقاليد والمخاطر الوراثية، السلسة الصحية، حلقة رقم (1)، سلطنة عمان، الفردوس للطباعة  ،(2007).                                                         

8- الخضوري، سالم محمد، الأبعاد الثقافية والاجتماعية للتنمية “دراسة لمشروعات التجربة التنموية في سلطنة عمان، 1970 – 1990 (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة الإسكندرية، كلية الآداب، (1997).   

9- الزعابي، نورة علي، تأخر سن الزواج وآثاره الاجتماعية، دراسة تطبيقية على مجتمع الإمارات العربية المتحدة، جمعية النهضة النسائية، دبي،(1993).                                                            

10- السداني، نورية، تاريخ المرأة العمانية، الكويت، مطابع دار السياسة،(1984).                       

11- السلمي، عبدالله حفيفي، وشاكر، بواب بن علي، إسهامات العمل الخيري في مساعدة الشباب على الزواج والاستقرار الأسري، المؤتمر العلمي السابع، كلية الخدمة الاجتماعية، جامعة حلوان،(2004).     

12- الصبحي، إبراهيم، المجتمع العماني عادات وتقاليد ونشأتها وتطورها، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة القاهرة،(2007).                                                                                    

13- العبيداني، شمسة، التنشئة الاجتماعية في الحضر العماني، دراسة ميدانية لطبيعة التنشئة في مدينة إبراء بالمنطقة الشرقية (رسالة ماجستير غير منشورة)، (2007).                                                  

14- العبيدي، إبراهيم، والخليفة، عبدالله، بعض المحددات الأسرية والاجتماعية لتأخر سن زواج الفتيات، مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، العدد الأول والثاني،(1992).                                    

15- عرفات، فضيلة، ظاهرة تأخر سن الزواج (العنوسة) في المجتمع العراقي، أسبابها وآثارها والحلول والمقترحات للحد منها، جامعة بغداد،(2009).                                                            

16- العلمي، هلا بهاء، تأخر سن الزواج وظاهرة العنوسة في الأردن، (رسالة ماجستير غير منشورة)، الجامعة الأردنية، الأردن،(2001).                                                                          

17- غضوب، مي، ما بعد الحداثة العرب في لقطة الفيديو، بيروت، دار الساقي، (1992).              

18- المسلمي، شيخة، التعليم ومظاهر التغير الثقافي في الأسرة العمانية، (رسالة دكتوراه غير منشورة)، جامعة القاهرة،(2002).                                                                                    

19- اللواتية، سلوى جعفر، الأبعاد الاجتماعية لتأخر سن الزواج في المجتمع العماني، “دراسة ميدانية مطبقة على محافظة مسقط”، (رسالة ماجستير)، جامعة السلطان قابوس،(2012).                               

20- الناقولا، جهاد، العوامل المؤثرة في تأخر سن الزواج عند الشباب ومنعكساته، دراسة ميدانية في حي الدويلعة (ماجستير غير منشورة)، جامعة دمشق، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، (2003).                

21- الهنائي، كاملة، غلاء المهور، مجلة نزوى، مسقط، سلطنة عمان، العدد 39، (2009).              

22- وزارة العدل، سلطنة عمان، قانون الأحوال الشخصية، (1997).                                     

23- اليحيائي، سالم، العنوسة في الخليج رؤية فقهية واجتماعية “دراسة تطبيقية تحليلية” عمان نموذجاً (رسالة دكتوراه غير منشورة)، جامعة الزيتونة، عمّان، (2006).                                            

24- الحرسوسي، حمد، تاخر سن الزواج في سلطنة عمان، دراسة سوسيوانثروبولوجية في محافظة الوسطى، رسالة ماجستير القاهرة ،2016.

– نعيم، قاسم، حقوق الزوج والزوجة، بيروت، دار الهادي،2005،ط3.

– غيث، محمد عاطف، قاموس علم الاجتماع، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1979.              

– المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، سلطنة عمان، مسقط.                                                 


اللواتية، سلوى جعفر، الأبعاد الاجتماعية لتأخر سن الزواج في المجتمع العماني، “دراسة ميدانية مطبقة على محافظة مسقط”، (رسالة       ماجستير)، جامعة السلطان قابوس،2012، ص21  [1]

غضوب، مي، ما بعد الحداثة العرب في لقطة الفيديو، بيروت، دار الساقي، 1992،ص17[2]

اللواتية، سلوى جعفر، الأبعاد الاجتماعية لتأخر سن الزواج في المجتمع العماني، “دراسة ميدانية مطبقة على محافظة مسقط”، (رسالة       ماجستير)، جامعة السلطان قابوس،2012، ص86       [3]

4الحرسوسي، حمد، تاخر سن الزواج في سلطنة عمان، دراسة سوسيوانثروبولوجية في محافظة الوسطى، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة،2016،ص18.

5 (سورة ق، الآية، 7) .

.(سورة الدخان، الآية، 54). [6]

. ابن منظور، لسان العرب، بيروت، دار صادر،1980،(مادة زوج،3/ص1884). [7]

السلمي، عبدالله حفيفي، وشاكر، بواب بن علي، إسهامات العمل الخيري في مساعدة الشباب على الزواج والاستقرار الأسري، المؤتمر العلمي السابع، كلية الخدمة الاجتماعية، جامعة حلوان،2004،ص2093)[8]

. ( سورة النساء، آية 21)[9]

نعيم، قاسم، حقوق الزوج والزوجة، بيروت، دار الهادي،2005،ص18.[10]

. وزارة العدل، سلطنة عمان، قانون الأحوال الشخصية، 1997، ص14.           [11]

. غيث، محمد عاطف، قاموس علم الاجتماع، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1979ص278-279.[12]

. اللواتية، سلوى جعفر، الأبعاد الاجتماعية لتأخر سن الزواج في المجتمع العماني، “دراسة ميدانية مطبقة على محافظة مسقط”، (رسالة       ماجستير)، جامعة السلطان قابوس،2012، ص33.[13]

. عرفات، فضيلة، ظاهرة تأخر سن الزواج (العنوسة) في المجتمع العراقي، أسبابها وآثارها والحلول والمقترحات للحد منها، جامعة بغداد،2009، ص4.                                                                . [14]

. (المرجع السابق، ص6 ).[15]

. وزارة العدل، سلطنة عمان، قانون الأحوال الشخصية، 1997، ص15.  [16]

. الجوير، إبراهيم مبارك ، تأخير الشباب الجامعي في الزواج “المؤثرات والمعالجة”، الرياض، مكتبة العبيكان،(1995، ص 53). [17]

. ( المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، سلطنة عمان).[18]

. اليحيائي، سالم، العنوسة في الخليج رؤية فقهية واجتماعية “دراسة تطبيقية تحليلية” عمان نموذجاً (رسالة دكتوراه غير منشورة)، جامعة الزيتونة، عمّان، (2006،ص431).[19]

. اللواتية، سلوى جعفر، الأبعاد الاجتماعية لتأخر سن الزواج في المجتمع العماني، “دراسة ميدانية مطبقة على محافظة مسقط”، (رسالة       ماجستير)، جامعة السلطان قابوس،2012، ص156.[20]

المرجع السابق،ص161).). [21]

. العبيداني، شمسة، التنشئة الاجتماعية في الحضر العماني، دراسة ميدانية لطبيعة التنشئة في مدينة إبراء بالمنطقة الشرقية (رسالة ماجستير غير منشورة)،2007،ص117.                                                     .[22]

. اللواتية، سلوى جعفر، الأبعاد الاجتماعية لتأخر سن الزواج في المجتمع العماني، “دراسة ميدانية مطبقة على محافظة مسقط”، (رسالة     ماجستير)، جامعة السلطان قابوس،2012، ص163. [23]

. الجهوري، هلال حمدان، التوافق الزواجي لدى عينة من العاملين في قطاع الصحة والتعليم في سلطنة عمان في ضوء بعض المتغيرات (رسالة ماجستير)، جامعة اليرموك، الأردن(2008، ص5).                                 . [24]

. الحرسوسي، حمد، تاخر سن الزواج في سلطنة عمان، دراسة سوسيوانثروبولوجية في محافظة الوسطى، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة،2016،ص61. [25]

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *