المسئولية القانونية للإعلام عن إفشاء السر الوظيفي

المسئولية القانونية للإعلام عن إفشاء السر الوظيفي

د. هشام عبد السيد الصافي محمد بدر الدين

مقدمة:

       يعتبر الحق في التعبير أو حرية التعبير من الحقوق الملازمة واللصيقة بالإنسان لذلك نجد أن هناك اتفاقيات دولية وإقليمية تفرد نصوصا لهذا الحق، بل وأغلب دساتير دول العالم تفعل ذلك، فهو ليس حقا فرديا بل  هو حق اجتماعي إذ بدونه لا يمكن للإنسان أن يتواصل مع غيره من البشر فلا يستطيع نقل أفكاره، ولا يستطيع تلقي آراء غيره، وهو ببساطة شديدة  يعرف بأنه “هو حق الشخص في أن يقول ما يريد بحرية ودون خوف أو إكراه أو تهديد وبالطريقة التي يراها مناسبة وفي الوقت الذي يراه مناسبا، وكذلك يشمل هذا الحق أن لا يجبر أي شخص على الكلام إذا اختار أن لا يتكلم”،  وبهذا فإن الحق في التعبير يشمل الجانب الإيجابي وهو الكلام والجانب السلبي وهو الصمت.

       وهو ما تبنته المحكمة الدستورية العليا بمصر عندما قضت بأن” حرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أبو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير، قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها، ذلك أن ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير- وعلى ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة – هو أن يكون التماس الآراء والأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها غير منحصر في مصادر بذواتها تحد من قنواتها، بل قصد أن تترامى آفاقها، وأن تتعدد مواردها وأدواتها، سعياً لتعدد الآراء، ومحوراً لكل اتجاه، بل أن حرية التعبير أبلغ ما تكون أثراً في مجال اتصالها بالشئون العامة، وعرض أوضاعها تبياناً لنواحي التقصير فيها، فقد أراد الدستور بضمانها أن تهيمن على مظاهر الحياة في أعماق منابتها، بما يحول بين السلطة وفرض وصايتها على العقل العام، وألا تكون معاييرها مرجعاً لتقييم الآراء التي تتصل بتكوينه ولا عائقاً دون تدفقها، ومن ثم لم يعد جائزاً تقييد حرية التعبير وتفاعل الآراء التي تتولد عنها بأغلال تعوق ممارستها، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة على نشرها أو من ناحية العقوبة اللاحقة التي تتوخى قمعها، إذ يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها – وعلانية – تلك الأفكار التي تجول في عقولهم ويطرحونها عزماً – ولو عارضتها السلطة العامة – إحداثاً من جانبهم – وبالوسائل السلمية – لتغيير قد يكون مطلوباً- وما الحق في الرقابة الشعبية النابعة من يقظة المواطنين المعنيين بالشئون العامة، الحريصين على متابعة جوانبها، وتقرير موقفهم من سلبياتها إلا فرع من حرية التعبير ونتاج لها([1]).

         إذا لكل شخص الحق في أن يعبر عن رأيه بحرية وبالوسيلة التي يراها مناسبة، ومن هذه الوسائل بالطبع الإعلام بوسائله المختلفة، وبالطبع لكي تقوم وسائل الإعلام بوظائفها المختلفة يجب أن تتمتع بالحماية القانونية من الرقابة المسبقة على ما ينشر بها أو من إصدار أوامر بمنع النشر أو إعاقته بها من خلال قرارات أو أوامر بالحجب أو المنع أو المصادرة أو الإغلاق، وأيضا يجب عدم معاقبة الناشر بها على ما قام بنشره بها جنائيا إلا بتوافر مصلحة حقيقية وملحة، وبموجب نص قانوني واضح ومحدد، يوازن ليس فقط ما بين حق الفرد في التعبير وإنما أيضا مصلحة المجتمع في تلقي المعلومات والآراء وما بين المصلحة التي تدعي الدولة حمايتها، وبناء على حكم قضائي تراعى فيه جميع ضمانات المحاكمة العادلة، ودون اللجوء إلى العقوبات الجسدية أو المغالاة في العقوبات المالية، وهو ما ورد في الدستور المصري المعدل عام 2014  في عدد من نصوصه([2]).

       إلا أن الحق في التعبير لا يعني الفوضى، ولا يتصور قيام مجتمع صحي وآمن يستطيع كل فرد فيه أن يعبر بالمطلق عما يشاء ومتى شاء وكيفما شاء، إذ بقبول الإنسان العيش ضمن جماعة فإن الحق في التعبير تحده حقوق أخرى كما تقيده مصالح فردية وجماعية، مقابلة لها أهميتها وقيمتها بالنسبة للأفراد والمجتمع، ومن هنا فإن نوعا من التوازن يجب أن يتوفر ليضمن القدر اللازم من الحرية.

أهمية البحث: ترجع أهمية هذا البحث في أنه يتناول موضوع هام طفي بقوة على سطح الحياة اليومية في مصر خصوصا بعد ثورتي 25 يناير 2011، 30 يونيو 2013 ، ألا وهو ظهور عدد من متولي الوظائف العامة بالدولة، على شاشات الفضائيات أو في تصريحات صحفية أو على المدونات الإلكترونية الكبرى ناشر مستندات واسرار تتعلق بوظيفته، أو بالدولة أو بأشخاص داخل الدولة، دون تصريح مسبق بذلك من رؤسائه أو من الأشخاص أصحاب هذه البيانات والمستندات مما يعد خرقا واضحا لحق الدولة في حماية اسرارها، التي قد تتعلق بأمنها الداخلي أو الخارجي أو علاقتها بجيرانها، كما انها تعد خرقا لحق الأفراد في الخصوصية، ويتم تبرير هؤلاء الموظفين لما اقترفوه من ذنب وظيفي وجرم جنائي بأنهم يحاولون كشف الفساد ومحاربته وأن الدستور المصري تحدث عن الشفافية الإدارية وهو ما يقتضي الكشف عن كل ما لديهم من معلومات ومستندات([3]).

     كما أن الإعلامي الذي قام بنشر ذلك السر الوظيفي أو ساهم في نشره بغرض الشهرة بين أقرانه، يتحجج بأنه له حصانة وبحرية الإعلام وأن مصدره هو المدان، ويحاول أن يبرر مسئوليته عما أقترفه من جرم في حق الدولة أو الأفراد علي حسب درجة جسامة السر الوظيفي الذي اذاعه أو ساهم في إذاعته، ثم بالبحث عن المستفيد الرئيسي من إذاعة السر الوظيفي نجدها المؤسسة الإعلامية التي تذيعه عبر وسائلها لتحقق شهرة بين نظيرتها، وتجذب الناس لمتابعتها، وبما أن هذه المؤسسة شخص اعتباري فتحاول تبرير موقفها بنسبة الخطأ لتابعيها للتخلص من المسئولية. وسنحاول في هذا البحث القاء الضوء عن كل تلك الأمور مع البحث عن مسئولية للإعلامي وللمؤسسة الإعلامية تلازم وتجاور مسئولية الموظف الذي أفشي ذلك السر.

إشكالية البحث: يثير البحث عدد من التساؤلات الهامة محاولا الإجابة عليها، تبدأ بتحديد مفهوم السر الوظيفي لوجود نقص تشريعي في تحديد مفهومه، هذا النقص الذي قد يستغل في إضفاء السرية علي كل فساد إداري في الدولة للتستر عليه مما يعيق الرقابة الشعبية، ومن هنا كان لابد من القاء الضوء عن مفهوم  الشفافية الإدارية ومدى تعارضها مع السر الوظيفي، ثم ما هو دور الإعلام في تحقيق الموائمة بين السر الوظيفي والشفافية الإدارية، ومدى مسئولية الإعلامي حال إفشاء الموظف لما ائتمن عليه من سر وظيفي من خلاله أو بواسطته ، وتحديد نطاق تلك المسئولية، وما إذا كانت المؤسسة الإعلامية باعتبارها شخصا اعتباريا تسأل عن إفشاء السر الوظيفي عبرها وبمعرفة تابعيها وفي حالة مسئوليتها ما هو نطاق هذه المسئولية. وذلك في إطار عدد من القوانين صدرت حديثا منها القانون 178 لسنة 2018 بشأن الهيئة الوطنية للإعلام، والقانون 179 لسنة 2018 بشأن الهيئة الوطنية للصحافة، والقانون 180 بشأن قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمنشورين بالجريدة الرسمية في 27/8/2018.

الصعوبات التي واجهت الباحث: عدم وجود مراجع قد تناولت هذا الموضوع من قبل فكل من تناول السر الوظيفي تناوله بشكل منفرد وتناول فيه مسئولية الموظف أو المهني عن إفشائه للسر الوظيفي سواء على نطاق المسئولية التأديبية أو المسئولية الجنائية، ولم تقترب تلك الكتابات من مسئوليته المدنية، ثم كتابات وابحاث أخرى تناولت مسئولية الصحفي المدنية أو الجنائية عن جرائم النشر، إلا أن  أحدا لم يقترب من مسئولية المؤسسة الإعلامية أو حتى الصحفية عن جرائم النشر، بل كل من تعرض تعرض للمسئولية الجنائية للشخص الاعتباري، الأمر الذي جعلنا نحاول التوفيق بين كل ما كتب في موضوعات متناثرة مبعثرة وتجميعها في إطار بحثنا هذا للتأصيل لمسئولية الإعلامي والمؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي بمعرفتها أو من خلالها.

خطة البحث: تناولت بحثي هذا في مبحثين مبحث أول: أحاول فيه التأصيل النظري للمفاهيم التي يدور البحث في فلكها وهي السر الوظيفي، الشفافية الإدارية، الإعلام والعلاقة التي تربط بينهم. ثم في مبحث ثاني: أجتهد لأوضح وأوصل لمسئولية الإعلامي والمؤسسة الإعلامية عن إفشاء ذلك السر، وذلك كالآتي:

المبحث الأول: التأصيل النظري للعلاقة بين الإعلام والسر الوظيفي والشفافية الإدارية.

المبحث الثاني: التأصيل القانوني للمسئولية الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي.

المبحث الأول

التأصيل النظري للعلاقة بين الإعلام والسر الوظيفي والشفافية الإدارية

تمهيد وتقسيم:

        يطلع الموظف العام بحكم وظيفته علي أسرار يتعلق بعضها بأمن الدولة جميعها أو بالدفاع عن تراب الوطن أو بالمواطنين أبناء ذلك الوطن، تلك الأسرار التي ما كان من المتيسر له الاطلاع عليها لولا أنه يتقلد إحدى وظائف الجهاز الإداري بالدولة، لذلك هناك التزام أدبي وقانوني يقع علي عاتق الموظف العام يمنعه من انتهاك هذه السرية؛ إلا أن الدول تختلف في تحديد نطاق ما هو سري يمتنع علي الموظف  إفشائه، وبين ما هو غير سري يجوز إطلاع الغير عليه عن طريق وسائل الإعلام المختلفة فيما يسمى بالشفافية الإدارية، وذلك حسب درجتها في سلم الديمقراطية، فالدول المتخلفة عن ركب الديمقراطية السرية في أعمال موظفيها وسلطتها التنفيذية هي الأساس، بينما نجد في الدول الديمقراطية يقل نطاق السرية لحساب الشفافية([4])، وسنحاول في هذا الفصل توضيح ماهية السر الوظيفي لنتمكن من وضع حدود قانونية يمكن علي أساسها الحكم علي ما يعد سري لا يجوز إفشائه إلا في حالات معينة، وما هو غير سري فلا مسئولية تقع علي الموظف عند إفشائه، وماهية الشفافية الإدارية باعتبارها الوجه الأخر للسر الوظيفي ،وماهية الإعلام كوسيلة تستخدم لإفشاء السر الوظيفي وتحقيق الشفافية الإدارية وذلك في مطلبين كالآتي:

المطلب الأول: ماهية السر الوظيفي.

المطلب الثاني: ماهية الإعلام.

المطلب الأول

ماهية السر الوظيفي

        يعد التزام الموظف بحماية الأسرار الوظيفية التي يطلع عليها بحكم تلك الوظيفة قيداً على حريته في إبداء رأيه ([5] فواجب المحافظة على الأسرار الوظيفية، واجب أساسي، لا غني عنه لحماية الأفراد المتعاملين مع الإدارة ولحماية الإدارة نفسها، وهذا الواجب بحكم طبيعته يقتضي تطبيقا واسعاً، يشمل جميع الموظفين العموميين، ويتضمن كل ما يطلع عليه هؤلاء من معلومات ووثائق بمناسبة قيامهم بعملهم، لذلك فإن كل البيانات والمعلومات التي تصل إلي علم الموظف بمناسبة قيامه بعمله ([6])، وهو ما سنتناوله في ثلاثة فروع كالآتي:

الفرع الأول: مفهوم السر الوظيفي.

الفرع الثاني: أساس الالتزام بعدم إفشاء السر الوظيفي.

الفرع الثالث: نطاق الالتزام بالسر الوظيفي وطرق ووسائل إفشائه.

الفرع الأول

مفهوم السر الوظيفي

التعريف الفقهي للسر الوظيفي ([7]):  يختلف تعريف السر الوظيفي  باختلاف الظروف والأزمنة والأمكنة فما يعد سراً بالنسبة لشخص قد لا يعد سراً بالنسبة لشخص آخر، وما يعد سراً في ظروف معينة قد لا يعد سراً في غيرها([8])، وقد تصدي الفقه لتعريف السر الوظيفي فعرفه جانب بأنه” كل ما يعرفه الموظف  أثناء أو بمناسبة ممارسة وظيفته أو بسببها وكان في إفشائه ضرر”([9])، وعرفه  جانب أخر بأنه” الواقعة التي يري القانون مصلحة في حصر العلم بها في شخص أو اشخاص محددين”([10])، وعرفه جانب ثالث بأنه” واقعة أو صفة ينحصر نطاق العلم بها في عدد محدود من الأشخاص إذا كانت ثمة مصلحة يعتبر بها القانون في أن يظل العلم بها محصوراً في هذا النطاق”([11])، وعرفه جانب رابع بأنه” كل ما يتصل بالمعلومات والإجراءات والقرارات التي يطلع عليها الموظف من خلال ممارسة الوظيفة العامة”([12])، كما ذهب جانب خامس بأنه” التزام الموظف بالمحافظة علي سر المهنة بكل ما يتعلق بالأفعال والمعلومات التي يطلع عليها أثناء ممارسته المهنة أو من خلال ممارسته لوظائفه، فيمتنع عليه إذاعتها أو نشرها بأية صورة كانت أو تسليمها إلي أي شخص إلا إذا كان مسئولاً”([13]).

     وعرفه جانب أخير يؤيده الباحث بأنه” تلك المعلومات التي يطلع عليها الموظف أثناء تأدية وظيفته أو بسببها والمعلومات التي يحرم على الموظف البوح بها وهي أما أن تكون سرية بطبيعتها كالأمور العسكرية، أو عرفا كالمسائل المتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد، وأما أن تعتبر كذلك بالنص في القوانين أو القرارات أو التعليمات الإدارية على اعتبارها سرية لا يجوز للغير الاطلاع عليها”([14]).

التعريف التشريعي للسر الوظيفي:  لم تجر التشريعات علي وتيرة واحدة في تحديد ما يعد سراً وظيفياً فهناك ثلاثة اتجاهات الاتجاه الأول : تتجه فيه هذه التشريعات صوب عدم وضع تحديد لما يعد سرا وظيفيا وذلك باعتباره فكرة واسعة تتنوع إلي صور كثيرة مما لا يجوز معه تقييده بتعريف ضيق، وهو اتجاه منتقد من جانب الفقه الذي يري أن القوانين التي حرمت على الموظف العام إفشاء السر الوظيفي لم تهتم بتعريف ما هو السر الوظيفي جاءت لتضيق من نطاق حرية الموظف العام في التعبير، وذلك بأن تستخدم جهة الإدارة هذا الحظر كسيف مسلط على الموظف بأن تضفي صفة السرية على أشياء لا تستحق السرية ([15]).

       أما الاتجاه الثاني: فيميل نحو تقسيم ما يعد سرا وظيفيا إلى حقيقي وحكمي ثم يترك للسلطة التنفيذية بالدولة أمر إصدار مرسوم بعد أخذ رأي الخبراء المختصين ([16])، وهو بهذا الشكل يكون قابلاً للتعديل والتكملة وفقاً لما تظهره التجارب، في حين أن الاتجاه الثالث: يميل لوضع تحديد شامل لما يعد سرا وظيفياً عن طريق سرد كل ما يمكن أن يعتبر كذلك ([17]).

         كماأن بعض التشريعات قامت بتحديد طائفة من الأشخاص الذين يقع علي عاتقهم الالتزام بالمحافظة علي السر الذي يتلقونه من الناس بحكم وظيفتهم أو مهنتهم، ولم تحدد تلك التشريعات علي سبيل الحصر الأمناء علي الأسرار ([18])، والضابط في ذلك أن يكون الشخص منتميا إلي إحدى المهن التي يلتزم أصحابها بحفظ السر، وتلك المهن يفترض في من يمتهنها أن يكون محلاً للثقة العامة من قبل المجتمع عمومه، فلا يكفي أن يكون محلاً للثقة من قبل بعض الأفراد، فهي هامة اجتماعيا، ولا تمارس إلا بالعلم بالأسرار والالتجاء إلي أصحابها اضطراري ([19]).

الشروط الواجب توافرها حتى نقول إن هناك سرا وظيفيا: يتضح من التعريفات السابقة أنه لا يمكن القول بوجود سر وظيفي دون توافر ثلاثة عناصر هي:

1-أن يكون سراً بطبيعته أو بطبيعة الظروف المحيطة به: هناك اتجاهين فقهيين في تحديد السر الوظيفي الاتجاه الأول: يأخذ بالمعيار الشخصي: حيث يتم تحديد وصف السرية عن طريق صاحب السر نفسه بصورة مباشرة سواء كان مواطن يرغب في جعل أمور خاصة تتصل بحياته الخاصة في جانب السرية طواعية، فالموظف لا يلتزم إلا بالحفاظ علي ما عهد به إليه صاحب السر، وأما أن تكون قد صدرت تعليمات من السلطة الإدارية باعتبار أمور معينة من قبل الأسرار التي لا يجوز لأحد الاطلاع عليها، أما الاتجاه الآخر فيأخذ بالمعيار الموضوعي: وهو الذي ينظر لموضوع المعلومة ومضمونها، والوقائع المرتبطة بها دون النظر لإرادة صاحب السر، فهو يخضع لمعيار الرجل العادي في الحكم علي المعلومة أو الموضوع، مثال ذلك سرية العطاءات المقدمة في المناقصات والمزيدات، وكذلك أسئلة الامتحانات([20]).

          ويري هذا الجانب الآخر من الفقه أن إضفاء السرية على واقعة معينة يعتمد على ما جري عليه الناس عادة على اعتباره سراً، كما أنه يري أن الضابط في اعتبار الواقعة سرا ضابط ذو شقين: الشق الأول: أن يتعلق السر بوقائع محددة وصادقة، فلا التزام بالسر مع وقائع كاذبة تتعلق بوقائع غير حقيقية لا وجود لها([21])، والشق الثاني: أن توجد مصلحة مشروعة في ابقاء المعلومة أو الواقعة سرا، فإذا لم تكن هناك مصلحة فإن صفة السر لا تثبت ([22]).

      وترجع أهمية المصلحة في تحديد السر أنه إذا كان القانون يعترف بمصلحة في كتمان سر ما فإنه إذا وجدت مصلحة أعلي مرتبة في إفشاء السر يعترف بها القانون كذلك فإنه يقوم علي أساس من هذه المصلحة ” سبب للإباحة” ينفي عن الإفشاء الصفة غير المشروعة ([23])، ويعد تحديد ما إذا كانت الواقعة أو المعلومة سراً من عدمه من المسائل الموضوعية التي يترك أمر تقديرها لمحكمة الموضوع في كل حالة علي حدة ([24]).

2-ألا يكون معلوم للكافة: لم يضع القانونيين حدا معينا لعدد الأشخاص حتى يحتفظ الخبر بالسرية فتظل الواقعة سرية حتى ولو كانت معلومة لبعض الأشخاص أو بعض الجمهور طالما أنها لم تصل إلى علمهم بطريقة مؤكدة أي إذا كانت مجرد إشاعة أو خبر غير مؤكد ([25]).

      كما يمكن أن تكون المعلومة قد وصلت بصورة كاملة صحيحة لعدد من الأشخاص؛ إلا أنه يتعين أن يكون نطاق العلم بها محصورا في أشخاص محددين، حتى ولو كان عددهم كبير، أما إذا كان الذي يعلم بالواقعة عدد غير محدد بحيث لا يكون في الاستطاعة السيطرة على نطاق العلم بها فتنتفي عنها صفة السرية ([26])، ولا يلزم لاعتبار الواقعة أو المعلومة سراً أن يكون قد حصل عليها الغير من صاحبها مباشرة بل تظل الواقعة سراً حتى ولو حصل عليها الشخص من غير صاحبها ([27]

3- أن يعلم الموظف بالسر في أثناء الوظيفة أو بسببها: لكي يوصف السر بأنه مهني أو وظيفي يجب أن تكون له صلة بالوظيفة أو المهنة التي يمارسها المؤتمن، سواء بصورة مباشرة ويشمل ما يطلع عليه الموظف بحكم وظيفته، أو بشكل غير مباشر إذا قد يتيح العمل الوظيفي للموظف الاطلاع علي أسرار معينة يكلفه زملائه في العمل تبليغها، أو كحالة الموظف الذي يطلع علي محتوى المراسلات التي تمر علي زميله بسبب وجودهما في مكان عمل واحد، أو أن تكون الأعمال سرية إلا أن ممارستها أو انجازها يتطلب ممن نيط بهم تلك الواجبات أن يستعين بأشخاص آخرين لمساعدته لعدم إمكان أدائه لها بصورة منفردة([28]).         

الفرع الثاني

أساس الالتزام بعدم إفشاء السر الوظيفي

       يرجع التزام الموظف بعدم إفشاء السر الوظيفي لأساس تشريعيا فهناك نصوص كثيرة متناثرة سواء أكانت في قوانين الوظيفة العامة ” الخدمة المدنية” أو قانون العقوبات، كما أن هناك عدد من النظريات الفقهية التي قيلت في أساس الالتزام بعدم إفشاء السر الوظيفي وسنحاول توضيحهما في الآتي:

التشريعات وأساس الالتزام بعدم إفشاء السر الوظيفي: هناك عدد من النصوص القانونية التي تؤكد على التزام الموظف أو المهني بعدم إفشاء السر الوظيفي، والتي تتمثل في الآتي:

أولا: التنظيم القانوني للالتزام بالسر الوظيفي من الناحية التأديبية: هذا الالتزام مقرر في فرنسا بموجب المرسوم رقم 224 لسنة 1959 الصادر في 4 فبراير 1959 المادة العاشرة بشأن الموظفين والمعدل بالقانون رقم 634 لسنة 1983 الصادر في 13 يوليو 1983 والذي جري نصها علي أن كل موظف يلتزم بكتمان السر الوقائع والمعلومات التي عرفها أثناء ممارسته لوظيفته ويحظر عليه إفشاء الأوراق والمستندات الخاصة بالخدمة ولا يمكن إعفاء الموظف من هذا الالتزام إلا بتصريح من الجهة التي يتبعها([29])،ويطلق علي هذا الالتزام بالفرنسيةLa discretion professionnelle ، ويستطيع الوزير باعتباره الرئيس الإداري الأعلى لوزارته أن يعفي الموظف منه إذ وجد المصلحة في ذلك([30]).

          وقد ورد في اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية المصري رقم 81 لسنة 2016 نصا مفصلا عن النص الفرنسي لحماية السر الوظيفي ([31]) ؛ إلا أن هناك قوانين آخري تناولت الأسرار الوظيفية بالحماية التي عند مخالفتها تستوجب المساءلة التأديبية لمن خالفها منها القانون 121 لسنة 1975 بشأن المحافظة علي الوثائق الرسمية للدولة  والذي نص في المادة 2 منه علي أن ” لا يجوز لمن اطلع بحكم عمله أو مسئوليته أو حصل علي وثائق أو مستندات غير منشورة من المشار إليها في المادة الأولي أو علي صور منها أن يقوم بنشرها أو بنشر محتواها كله أو بعضه إلا بتصريح خاص يصدر بقرار من مجلس الوزراء بناء علي عرض الوزير المختص([32])، والقرار الجمهوري رقم 472 لسنة 1979 بشأن المحافظة على الوثائق الخاصة بالدولة ([33])، فضلاً عن قرار وزير المالية رقم 270 لسنة 2009 بإصدار لائحة محفوظات الحكومة([34]).

ثانيا: التنظيم القانوني للالتزام بالسر الوظيفي من الناحية الجنائية: بدأت حماية السر الوظيفي في فرنسا بمرسوم 1815 بالقانون الجنائي الذي نص في مادته 378 علي ” معاقبة الأشخاص الذين يفشون الأسرار التي عهدت إليهم أو تحصلوا عليها بمناسبة ممارسة مهنتهم([35])، وقدصار المشرع المصري علي ذات النهج فقام بوضع نص عام يجرم إفشاء السر الوظيفي وذلك بالنص في المادة 310 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937علي أن” كل من كان من الأطباء أو الجراحين أو الصيادلة أو القوابل أو غيرهم مودعا إليهم بمقتضي صناعته أو وظيفته سر خصوصي ائتمن عليه فأفشاه في غير الأحوال التي يلزمه القانون فيها بتبليغ ذلك يعاقب  الحبس مدة لا تزيد على ستة شهور أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصريا.ولا تسرى أحكام هذه المادة إلا في الأحوال التي لم يرخص فيها قانون بإفشاء أمور معينة كالمقرر في المواد 202 ، 203 ، 204، 205 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية، رفع الحد الأقصى لعقوبة الغرامة بموجب القانون رقم 29 لسنة 1982..”.

         وعلى الرغم من أن النص قد قام بتحديد بعض المهن الملزمة بحفظ السر الوظيفي إلا أن الفقه والقضاء قد أجمع على أن المهن المذكورة بالنص وردت على سبيل المثال وأن النص يشمل كل من يتلقون أسرار بمناسبة ممارسة عملهم، وهو ما يفهم من كلمة ” غيرهم” الواردة بالنص ([36]).

       كما أنه توجد عدد من النصوص الجنائية الواردة بشكل متناثر في عدد من القوانين بتفرد حماية جنائية علي السر الوظيفي لبعض الوظائف منها على سبيل المثال المادة 154 من قانون العقوبات السابق والتي نصت على إلزام موظفي البريد والبرق بالمحافظة علي سرية المراسلات.

         والمادة 58 من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 علي جرت علي” التزام مأموري الضبط القضائي بأسرار المهنة عما وصل إلى علمهم بسبب التفتيش من معلومات عن الأشياء والأوراق المضبوطة”، والمادة 75 من قانون الإجراءات الجنائية والتي اعتبرت” إجراءات التحقيق والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار وألزمت قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم بعدم إفشائها”

          وما قررته المادة 5 من القرار بقانون رقم 205 لسنة 1990 في شأن سرية الحسابات بالبنوك بالنص علي أن” يحظر علي رؤساء وأعضاء مجالس إدارة البنوك ومديريها أو العاملين بها إعطاء أو كشف أية معلومات أو بيانات عن عملاء البنوك أو حساباتهم أو ودائعهم أو الأمانات أو الخزائن الخاصة بهم أو معاملاتهم أو تمكين الغير من الاطلاع عليها في غير الحالات المرخص بمقتضي أحكام هذا القانون”، وما نصت المادة 101 في القانون 91 لسنة 2005 والخاص بالضرائب علي الدخل بأنه ” يلتزم كل شخص يكون له بحكم وظيفته أو اختصاصه أو عمله شأن في ربط أو تحصيل الضرائب المنصوص عليها في هذا القانون أو في الفصل فيما يتعلق بها من منازعات بمراعاة سرية المهنة ولا يجوز لأي من العاملين بالمصلحة ممن لا يتصل عملهم بربط أو تحصيل الضريبة إعطاء أي بيانات أو إطلاع الغير علي إيه ورقة أو بيان أو ملف أو غيره..”.

        كما قرر أخير بنص 26 من القانون 178 لسنة 2018 بشأن الهيئة الوطنية للإعلام والذي جرى نصها على أن” يلتزم العاملون بالهيئة بالحفاظ علي سرية وخصوصية المعلومات والوثائق التي يتم الحصول أو الاطلاع عليها بمناسبة القيام بمهامهم وعدم افشائها أو استخدامها في غير الأغراض المخصصة لها”([37]).

ثالثا: التنظيم القانوني للالتزام بالسر الوظيفي من الناحية المدنية: يمكن أن يرتب على إفشاء الأسرار المسؤولية المدنية إذا ترتبت أضرار مادية أو أدبية عن واقعة الإفشاء ([38])، وبالطبع قد يكون خطأ الإفشاء خطأ شخصي فيسأل عنه الموظف في ماله الخاص، وقد يكون خطأ المرفق الذي يعمل فيه وبالتالي يتحمل المرفق التعويض، وقد يكون الخطأ مشترك يجتمع فيه خطأ الموظف والمرفق معاً.  

      ولكى  نستطيع تحديد المسئولية المدنية عن إفشاء السر الوظيفي لا بد من الوقوف علي طبيعة الالتزام بحفظ السر فهو يعد في طبيعته تطبيقاً للالتزام السلبي بالامتناع عن عمل، ويعد التزاماً بتحقيق نتيجة في ذات الوقت، فالملتزم بالسرية لا يكفي أن يقوم بالجهد والعناية اللازمة للحفاظ علي سرية الوقائع والمعلومات المعهودة إليه، وإنما هو ملتزم التزاماً تاماً بعدم إفشاء تلك الأسرار في غير الأحوال القانونية التي يجوز فيها ذلك، فلا يكفي أن يثبت أنه قام ببذل الجهد والعناية اللازمة للحفاظ علي تلك الأسرار دون إفشائها، وبالتالي هو التزام ذو طبيعة مختلطة ما بين الإطلاق والنسبية، فالموظف يلتزم بصفة أساسية بحفظ السر الوظيفي لكن مع وجود بعض الاستثناءات التي تتيح له إفشائه إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك([39]).

الفقه وأساس الالتزام بعدم إفشاء السر الوظيفي: تعددت النظريات والاتجاهات الفقهية التي قيلت لتحديد الأساس القانوني للالتزام بالسر الوظيفي ([40]).

 النظرية الأولى: العقد هو أساس الالتزام بالسر الوظيفي: حيث يري أصحابها أن أساس الالتزام بالحفاظ علي السر الوظيفيوجود رابطة تعاقدية بين صاحب السر والمؤتمن عليه، وقامت هذه النظرية على مبدأ حرية صاحب السر في اختيار الأمين عليه؛ إلا أن هذه النظرية لا تصلح أن تكون أساس لحفظ السرية في حالات معينة ليس من بينها من وجهة نظرنا الوظيفة العامة.

 النظرية الثانية: النظام العام كأساس للالتزام بالسرية : يأخذ أصحاب هذه النظرية بفكرة المصلحة الأولى بالرعاية فتجريم إفشاء السر لديهم يكون لحماية مصلحة أسمى وأعلي من مجرد حماية مصلحة صاحب السر الفردية، وهي مصلحة المجتمع ككل، وعلي الرغم من أن هذه النظرية قد تضع تفسيراً للالتزام بالسر الوظيفي إلا أنها تؤدي إلي جعل الالتزام بالسر التزاما مطلقاً فلا يستطيع الأمين علي السر إفشائه رغم موافقة صاحب السر علي ذلك، بل حتى ولو كان هناك مصلحة لصاحب السر في إفشائه، كما أن فكرة النظام العام متغيرة من حيث المكان والزمان؛ إضافة إلي أن القول بذلك قد يؤدي لإفلات الأمين علي السر من المسئولية حيال خطأه بتمسكه بالتزام الصمت والسرية لإخفاء الخطأ الذي صدر منه، وبذلك يتم إهدار مصلحة المجتمع ككل مقابل مصلحة الأمين.

 النظرية الثالثة: الطابع المزدوج للالتزام بالسر الوظيفي: حاول أصحاب هذه النظرية المزج بين النظريتين السابقتين وذلك بقولهم إن الالتزام بالسرية له طابع مزدوج فهو يهدف من ناحية إلى حماية المصلحة الخاصة لصاحب السر، وبالتالي يجوز له أن يصرح للأمين عليه بإفشائه، كما يهدف لحماية المصلحة العامة وهو ما يبرر وجود عقوبة جنائية في حالة الإخلال به.

المبررات الفقهية للمسئولية القانونية عن إفشاء السر الوظيفي: هناك عدد من الأسباب التي ساقها الفقه كمبررات لتجريم إفشاء الموظف العام للسر الوظيفي منها الآتي ([41]):

1-يقف الموظف العام بحكم عمله على كثير من أسرار الناس لاسيما أولئك الذين يتصل عملهم بالخصوصيات الدقيقة للمواطنين كرجال النيابة والأطباء ورجال الأمن ومأموري الضرائب، وإذا كان المواطنون يكشفون مكرهين أسرارهم لهؤلاء الموظفين فإن الدين والأعراف وحتى القانون الوضعي يحثان على عدم إذاعتها إلى عامة الناس، والإفشاء في هذه الحالة يعد اعتداء علي حق صاحب السر من المواطنين في كتمان سره، ويؤدي إلى إحجام الأفراد عن اللجوء إليهم خشية افتضاح أسرارهم، الأمر الذي يصيب المجتمع ببالغ الضرر.

2-الموظف العام هو ممثل الدولة المؤتمن من ناحيتها على أداء الخدمات العامة للمواطنين، والمؤتمن      على أسرارها التي لا يجب إذاعتها ونشرها على عموم المواطنين، أو الخوض في تفاصيلها وإلا ضاع   الهدف منها وقلت قيمتها نظراً لما لها من طبيعة خاصة، وبالتالي للإدارة الحق في أن يصمت موظفوها عن إفشاء ما يتعلق بهذه الوقائع أو المعلومات التي عرفوها أثناء ممارستهم لوظائفهم.

3-الدولة لها مصلحة في كتمان أسرارها العسكرية والاقتصادية والسياسية والصناعية لما يترتب على هذا الإفشاء من تأثير ضار على وجودها وبقائها بين الأمم.

4-السرية ضمان لفاعلية النشاط الإداري فاطلاع الأفراد على بعض الأمور قد يهدد تحقيقها لأهدافها بفاعلية، لذلك لا يجوز أن تكون الإدارة مجرد بيت من زجاج مكشوف لكافة الأفراد على اختلاف اتجاهاتهم، فالعلانية قد تؤدى لإعاقة النشاط الإداري لتوافر مناخ المنازعات، كما أنها تعتبر اعتداء علي حياة الإدارة الداخلية لأن استقلال الإدارة الذي توفره السرية يعنى في النهاية استقلال الموظفين، فالموظفون سيعملون بقدر أقل من الحرية والاستقلال إذا ما خطر في اذهانهم أن أراءهم سوف يطلع عليها الأخرون.

5-السرية تضمن للإدارة عدم الخوض في محاولات قد يكون لها طابع سياسي مما يحافظ على حيادها، فإذا كانت الإدارة العامة هي الإدارة التنفيذية التي تتولي تنفيذ السياسة العامة التي تضعها الحكومة المنتخبة من قبل الشعب صاحب السيادة الحقيقية، فإن الواقع العملي يؤكد ضرورة ابعاد هذه الإدارة عن المشاحنات والمنازعات ذات الطابع السياسي بين طوائف المعارضة والحكومة، ومن هنا كانت السرية الإدارية هي الضمانة الحقيقية لحياد الحكومة.

6-المواطنين أنفسهم يقتنعون ويعتقدون بضرورة وأهمية السرية خاصة في مجالات الأمن الوطني، وفي المجالات التي تتعلق بحياتهم الخاصة ([42]).

      لابد ألا يفتح الباب للموظف العام في التعامل مع وسائل الإعلام ونشر ما يقع تحت يديه من اسرار وظيفية، راغبا في تحقيق الشهرة، أو نكاية في جهة الإدارة عند الخلاف معها، أو طبقا لتقديره الشخصي أنه يحقق الصالح العام بإفشائه.

الفرع الثالث

نطاق الالتزام بالسر الوظيفي وطرق ووسائل إفشائه

نطاق الالتزام بالسر الوظيفي: يمتد الالتزام بالسر الوظيفي ليشمل جميع التقارير والمحاضر والتحقيقات وبوجه عام وكافة الوثائق التي تحت يد الموظف، وهو ما أكده القضاء الإداري الفرنسي بأن” الالتزام بالكتمان يشمل كافة الوقائع والمعلومات التي يقف عليها الموظف بسبب أو أثناء ممارسة وظيفته فضلاً عن جميع الوثائق التي تكون تحت يده باعتباره التزاماً عاماً مطلقاً، بل أن عمومية الحظر تمتد من الناحية الشخصية لتستغرق جميع من يتصل بهم الموظف، إذا يحظر عليه الإفشاء أو الكشف عن تلك الوثائق أو ما تنطوي عليه من معلومات أو بيانات حتى لأحد زملائه ولو كان يعمل معه في ذات مكتبه”([43]).

        كما لا يجوز له أن يفشي هذه الأسرار سواء في معرض التدليل علي موقف سياسي معين أو من خلال مناصرته لحزب سياسي معين أو حتى إبداء رأيه في موضوع عام مستخدماً في ذلك المعلومات التي وصلت إلي علمه من خلال وظيفته، وهذا القيد واجب يلاحق الموظف داخل مقر عمله وخارجه علي حد سواء، وهذا الالتزام يجد اساسه في واجب التحفظ ([44])، كما يلاحقه أثناء الخدمة أو خارجها فهو واجب مستمر، لا يقتصر عن الفترة التي يمارس فيها الوظيفة العامة ([45])، كما يشمل حظر إفشاء الأسرار الإدارية المعلومات المسموح بنشرها متى تم إذاعتها قبل الموعد المحدد للنشر لأن الإفشاء السابق للأوان من شأنه أن يضر بصورة أو بأخري بالمصلحة العامة([46])،  ولعل هذا ما دفع جانب من الفقه بالتعبير عن هذا الالتزام بقوله أنه التزام بالصمت المطلق([47]).

أنواع السر الوظيفي: تقسم الأسرار التي يطلع عليها الموظف بحكم طبيعة عمله إلى صور عدة منها ([48]):

  1. الأسرار الحكومية: وهي تلك المتصلة بوظيفة الدولة بوصفها سلطة حكم مثل الأسرار العسكرية، والأمنية والأسرار المتصلة بعلاقات الدول الأخرى.
  2. الأسرار الإدارية: وهي أسرار الجهات الإدارية التي لا تمس سلامة الدولة، إلا أن إفشائها من شأنه الإضرار بالنظام العام وحسن سير المرافق العامة وانتظام العمل داخلها.
  3. الأسرار الشخصية: وهي الأسرار التي تعد حقا شخصيا لأحد الافراد أو مجموعة منهم وتمس شؤونهم الشخصية أو العائلية أو تلك التي تتعلق بالعمل، مثالها حق المريض في إخفاء حالته الصحية مما يلزم الطبيب بكتمانه، وحق الزوج في أن تبقي الأسرار العائلية التي يطلع عليها القاضي أو الموظف في المحكمة على الكتمان.

طرق إفشاء السر الوظيفي: هناك عدد من الأساليب التي يتبعها الموظف العام عند افشائه لما ائتمن عليه من سر وظيفي، والغالب في الإفشاء أن يكون صريحا لا لبس فيه ولا غموض، وذلك عن طريق تقديم السر إلى الغير بفعل واضح وصريح من المؤتمن علي السر؛ إلا أنه وقد يكون الإفشاء ضمنيا بأن يصدر من المؤتمن علي السر قول أو فعل يدل علي مضمونه ، وقد يكون الإفشاء التلقائي بأن يبادر المؤتمن علي السر بكشف السر دون أن يطلب أحد منه ذلك، كما قد يكون الإفشاء غير التلقائي بناء على طلب الغير، وقد يكون الإفشاء لكامل السر، وقد يكون لجزء منه متى كان الجزء المعلن يدل علي الجزء المتبقي من السر، وقد يتم نشر السر بفعل إيجابي من المؤتمن عليه وذلك شفاهه أو كتابة بشكل عام أو بشكل خاص، وقد يكون بفعل سلبي  بالامتناع كما لو شاهد المؤتمن علي سر معين شخص من الغير يحاول الاطلاع علي الأوراق المدون بها السر ولم يحاول منعه رغم استطاعته([49]).

       فالعبرة في الإفشاء هو إضافة معلومة جديدة للغير بغض النظر عن صغر أو كبر حجم المعلومة الجديدة، فإذا كان هذا الغير يعلم بالواقعة محل الإفشاء من قبل علم اليقين فإن افضاء الموظف إليه بها لا يعد إفشاء ([50]).

وسائل إفشاء السر الوظيفي: هناك عدد من الوسائليمكن من خلالها أن يتم إفشاء الموظف العام للسر الوظيفي بعدة وسائل منها الكلام: ويتحقق ذلك عن طريق المشافهة بالحديث أو الخطابة التي توجه إلي شخص أو مجموعة من الأشخاص أو عدد غير محدد منهم، وقد يكون الكلام مباشراً بين أفراد حاضرين في مكان واحد ، كما قد يكون موجها إلي شخص أو أشخاص بعيدين عن الموظف، كما في حالة التصريح إلي وسائل الإعلام كالصحافة ومحطات الإذاعة أو التلفزة الأرضية أو الفضاء أو عن طريق الهاتف أو الحديث عبر شبكة الإنترنت، أو عن طريق الكتابة: والتي قد تتم بخط اليد أو الألة الكاتبة أو الحاسوب أو الهاتف النقال أو عن طريق الإنترنت، كما يشمل أيضاً الرسوم المختلفة التي يمكن أن تحتويها وثائق متعددة كالرسائل أو المطبوعات المتنوعة من صحف ومجلات وكتب وملصقات، أو عن طريق الصور: الثابتة كالفوتوغرافية والمتحركة كأشرطة الفيديو والسينما والخرائط، ومما لا شك فيه أن ثورة الاتصالات أدى لإتاحة فرص وأشكال أكثر تنوعاً لإفشاء الأسرار وإيصالها إلي الأخرين بسرعة فائقة والتي منها المدونات وغرف الدردشة والبريد الإلكتروني والرسائل القصيرة عبر الهاتف الجوال وما ستسفر عنه التطورات التقنية مستقبلا، ولعل ما حدث من قيام موقع ويكليكس بنشر مئات الآلاف من الوثائق عن الحرب في العراق وافغانستان في شهر أكتوبر 2010([51]).

المطلب الثاني

ماهية الإعلام

          لم تعد أجهزة الإعلام قناة صغيرة تصب في أرض مغلقة أو موجة عالية تتكسر على شاطئ مجهول، بل تعد أشبه بنهر دافق يشق طريقه وسط القفر والمعمور، فيزود القفر بالعمران ويضفي على المعمور زادا وأكثر سعة وأقوى نماء ([52])، فالعصر الذي نعيشه هو عصر الإعلام بكل معاني الكلمة، نتيجة التطور الهائل في وسائل الإعلام مما جعله جزءا أساسيا في حياتنا اليومية، وستناول ماهية الإعلام في فرعين كالآتي:

الفرع الأول: مفهوم الإعلام.

الفرع الثاني: العلاقة بين الإعلام والسر الوظيفي.

الفرع الأول

مفهوم الإعلام

 التعريف الفقهي للإعلام ([53]): لم يتفق الباحثون على تعريف موحد للإعلام فعرفه البعض من خلال الوصف المجرد لنقل المعلومة معرفا أياه بأنه ” نقل المعلومات أو الأفكار إلى الأخرين سواء تمثلت تقنية النقل في بث التلفاز أو المذياع أو شبكات المعلومات، أو ما ينشر في الصحف والكتب وغيرها من المطبوعات. وسواء تم نقل المعلومات مقروءة أم مسموعة أم مرئية أم رقمية”([54]).

       وحاول البعض إبراز الإعلام باعتباره رسالة سامية يحاول أصحابها إصلاح حال المجتمعات فعرفه بأنه” كافة أوجه انشطة الاتصال التي يستهدف تزويد الجمهور بكافة الحقائق والأخبار الصحيحة والمعلومات عن القضايا والموضوعات والمشكلات ومجريات الأمور بطريقة موضوعية وبدون تحريف، بما يؤدى إلى خلق أكبر درجة ممكنة من المعرفة والوعي والإدراك والإحاطة الشاملة لفئات المتلقين للمادة الإعلامية، بما يسهم في تنوير الرأي العام وتكوين الرأي الصائب لدى الجمهور”([55]).

       وهناك جانب عرف الإعلام من خلال وصفه بطريقة مجردة بأنه”  التبليغ والأخبار وعملية تزويد الناس بالأخبار والحقائق والمعلومات الصادقة عن طريق وسائل نشر الأخبار والمعلومات والآراء والحاجات والمشاعر والمعرفة والتجارب على الجماهير بشكل شفوي أو باستخدام وسائل أخرى بغرض الإقناع أو تأثير على السلوك”([56])، وبأنه” نقل الأفكار والمعلومات إلي الآخرين سواء عن طريق الصحف والكتب أو أي شكل من أشكال المطبوعات، أو عن طريق وسائل الاتصال الحديثة مثل القنوات التلفزيونية أو شبكات المعلومات، وسواء كان نقل المعلومات بوسيلة مقروءة أو مسموعة أو مرئية”([57]).

التعريف التشريعي للإعلام: نهج القانون رقم 178 لسنة 2018 بشأن الهيئة الوطنية للإعلام ذات النهج الوصفي لرسالة الإعلام في  تعريفه للإعلام المسموع أو الإلكتروني في المادة الأولى منه بأنه” كل بث إذاعي أو تلفزيوني أو إلكتروني يصل إلي الجمهور أو فئات معينة منه بإشارات أو صور أو صوت أو رسومات أو كتابات لا تتسم بطابع المراسلات الخاصة بواسطة أي وسيلة من الوسائل السلكية واللاسلكية والرقمية وغيرها من التقنيات الحديثة أو أي وسيلة من وسائل البث والنقل الإذاعية والتلفزيونية والإلكترونية وغيرها، ويصدر عن اشخاص طبيعية أو اعتبارية عامة أو خاصة ووفقا للقواعد والإجراءات المنظمة باللائحة التنفيذية لهذا القانون”([58]).

التعريف الفقهي للإعلامي: يعرف الإعلامي بأنه” القائم بعملية نقل المعلومات والثقافات بشتى أنواعها إلى المتلقي عبر وسائل الاتصال الجماهيري، المرئية منها كالتلفاز والقنوات الفضائية أو المسموعة كالإذاعة أو المقروءة كالصحف والمجلات سواء كانت دورية أو غير دورية صحفا عامة أو متخصصة”، فيشمل مصطلح الإعلام الصحفي، كاتب الرأي، سواء كان العمل الإعلامي من خلال الصحافة الورقية أو الإلكترونية، كما يشمل المراسل التلفزيوني، ومقدم البرامج والمذيع ([59]).

التعريف التشريعي للإعلامي: عرفالقانون رقم 178 لسنة 2018 بشأن الهيئة الوطنية للإعلام الإعلامي في مادته الأولى بأنه” كل عضو مقيد بجداول نقابة الإعلاميين”([60]).

مفهوم العمل الإعلامي: لم يعرف القانون 178 لسنة 2018، ولا القانون 180 لسنة 2018 العمل الإعلامي، إلا أنه يمكن تعرف العمل الإعلام بأنه” عملية نقل المعلومات والثقافات بشتى أنواعها إلى المتلقي عبر وسائل الاتصال الجماهيري”([61]).

الضوابط والقيود القضائية للعمل الإعلامي: أرسي القضاء الإداري المصري مجموعة من الضوابط التي يجب أن يسير عليها العمل الإعلامي حتى يحقق الرسالة المطلوبة منها والتي تتمثل في الآتي ([62]):

أولا: قيد مراعاة اعتبارات المصلحة العامة.

ثانيا: قيد التعددية الإعلامية بمراعاة حق المشاهد والمستمع في استقبال رسالة اتصالية تعددية من خلال برامج متنوعة وإفساح المجال للتكوينات السياسية والاجتماعية المختلفة للتعبير عن نفسها للتفاعل في إطار مشترك.
ثالثا: قيد الحق في الرد ، فإذا كان للإعلامي حرية العرض والتعليق على الأحداث أو إثارة الموضوعات الهادفة ومناقشتها، فإن للمستمع وللمشاهد الحق في الرد وإيضاح حقيقة ما تم بثه وإذاعته متعلقاً به، ويكون الرد إما بتكذيب ما نشر عنه من وقائع أو بإذاعة حقيقة الوقائع أو بإضافة بيانات أخرى أو بطلب حذف كل ما تم بثه أو بعضه ، فحق الرد مقرر للناس كافة بلا تمييز، فلا يجوز حرمان أي شخص من ممارسته بسبب اتجاهه السياسي أو عقيدته الدينية أو جنسيته أو انتمائه الفكري أو المهني أو الحرفي أو الرياضي أو غيره أو اختلافه في الرأي مع القائمين على مشروع البث السمعي أو البصري، ويشمل حق الرد كافة صور التعبير المستخدمة في وسائل الاتصال السمعية والبصرية سواء كانت قولاً أو فعلاً أو كتابةً أو رسماً أو صورة أو كاريكاتيراً ، ومن خصائص الحق في الرد أنه حق مستقل عن المسئولية الجنائية والعقاب المقرر لها، ومستقل عن المسئولية المدنية والتعويض الناجم عنها، كما أنه مستقل عن المسئولية الإدارية الجزاءات الإدارية والتأديبية المقررة لها ، إذ لصاحب حق الرد الجمع بين ذلك كله ، والحق في الرد ثابت للأفراد سواء أضيروا أم لا ، وهو حق واجب التلبية يذاع في ذات توقيت إذاعة الخبر أو التحليل المطلوب الرد عليه وفي ظروف مشاهدة واحدة تؤمن لطالب حق الرد جمهوراً موازياً .

رابعا: قيد الحق في الخصوصية ، بمراعاة أنه لا يجوز أن يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو أقواله أو أفعاله ، ولكل شخص وفقاً لما قررته المادة (12) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل ، وهو ما نال التأكيد في المادة (45) من الدستور المصري بتقرير أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون ، وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة ، وأن سريتها مكفولة ، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقاً لأحكام القانون ، فالحق في الخصوصية Right to privacy  هو حق أصيل من حقوق الإنسان سواء نص عليه الدستور أو أغفله ، فليس لوسائل الإعلام تحت ستار البحث عن الحقيقة وحق الإنسان في المعرفة أن تتعامل مع قضية الخصوصية باقتحام الحياة الخاصة للمواطنين فذلك اعتداء تأباه الأديان والفطرة السليمة ما لم يكن المساس لمصلحة عامة أعلى أو لمصلحة خاصة أرجح.

خامسا: قيد التزام الموضوعية والدقة ، والموضوعية مؤداها أنه يجب على مراكز ومحطات وقنوات البث السمعي والبصري تجنب اتخاذ موقف أو رأي في مسألة محل خلاف، وعدم توجيه النقاش لبلوغ نتيجة بذاتها يسعى الإعلامي لترويجها بغير حق ، والبعد عن استخدام وسائل المونتاج للمشاهد المصورة والاقتصار على عرض المشاهد المعبرة عن وجهة نظر المخرج أو المعد أو المذيع الشخصية ، فضلاً عن عدم الاستعمال المغرض لمفردات اللغة لتحميلها بالإيحاءات والظلال المؤدية لإصدار أحكام مطلقة بالإدانة أو تشويه الأشخاص وسمعتهم ، والموضوعية المتطلبة في البث السمعي والبصري لا تكون فحسب في البرامج السياسية وإنما في كافة البرامج، ومراعاة الدقة تقتضي دوماً الفحص الدقيق لمضمون الخبر أو المعلومة المعروضة تجنباً للإضرار بالغير.

سادسا: قيد عدم الخلط بين الإعلام والدعاية ، فالإعلام سرد للوقائع والحقائق دونما تبديل أو تحريف أو ترتيب يحمل التوجيه بوجهة نظر مغرضة ، وهو يكون بالنشر أو بالإذاعة أو التليفزيون أي باستعمال الكتابة أو القول أو الرؤية ، ومن ثم فهو توضيح وتفسير للوقائع بالحقائق والأرقام ، بينما الدعاية فهي العمل بكل الأساليب والوسائل لتأييد فكرة أو عقيدة معينة ، فالغاية هنا تبرر الوسيلة لدى رجل الدعاية في كثير من الأحيان ، ومن ثم فقد يكون من أدواته التحريف أو التبديل أو التغيير في الوقائع والحقائق ، كما قد يتبع أسلوب التهييج والإثارة والمبالغة طالما كان في ذلك تحقيق لهدفه، فبينما رجل الإعلام يقول الحق نجد رجل الدعاية قد يقول الحق والباطل أو كليهما معاً، أو يقول كلمة حق يراد بها باطل، ومن ثم كان الإعلام والإعلامي شعلة حق يخفت وهيجها وتنطفئ إذا انحرف بها عن مسارها وتدخلت شخصيته وأغراضه وأهوائه حاكماً لرداء الإعلام الذي يرتديه.

الفرع الثاني

العلاقة بين الإعلام والسر الوظيفي

        المشكلة الحقيقية التي تواجه أي دولة أن أكثر المجالات التي يتم فرض قيود عليها هو مجال المعلومات، فلا شك أن التوفيق بين حماية أسرار الوظيفة وحرية تداول المعلومات الإدارية من خلال وسائل الإعلام مطلبان متناقضان غالباً ([63])؛ إلا أن الدول تختلف في مدى إضفاء السرية على الأعمال الإدارية ومنع الإعلام من الاقتراب منها علي حسب التقدم الحضاري تقسيم حكومات العالم في درجة اخفائها أو اظهارها لحقيقة المعلومات المتعلقة بنشاطها وإعلانها إلى ثلاثة أقسام كالآتي ([64]):

الحكومة المغلقة: وتمثل الغالبية الساحقة من البلاد المتخلفة حيث يختفي الجانب الأكبر من المعلومات وراء جدران قائمة على الكتمان، فلا يسمع أحد عن بعضها ويسمع البعض الآخر فيظهر على هيئة بيانات خاوية من أي حق، ولا يعرف الناس من المعلومات إلا ما تريد له الحكومة أن يعرفه، وفي البلاد الشيوعية تبلغ السرية ذروتها فتحجب الحقائق عن عامة الشعب ويصل الأمر إلى حد إعداد نوعين من الإحصائيات، نوع مزور يجهز للاستهلاك المحلي وينشر على المواطنين لتوجيههم وجهة معينة قررتها الحكومة ([65]).

الحكومات شبة المفتوحة: وهي الحكومات التي تقوم بإتاحة المعلومات بعد عرضها على الحكام وكبار المسئولين ليحددوا القرارات المتعلقة بسرية بموضوع البيانات التي يمكن تداولها مثل الاتجاه الأمريكي الذي يعمل علي نشر المعلومات بطريقة تبعث على التفاؤل والأمل العريض بالنسبة للمواطنين، إلا أن هذه الدول تختلط فيها السرية المستخدمة لحماية الأمن الوطني بالسرية المستخدمة لتعزيز النفوذ السياسي والبيروقراطي مما يؤدي إلي نمو السرية علي نحو يصبح معه نظام حماية السرية بدافع الأمن الوطني أكثر تعقيدا مما يسمح بفرصة تسريب المعلومات السرية بصورة غير ظاهرة فتصبح المعلومات السرية فعلاً عرضة للتسريب بمعرفة القيادات العليا بهدف تحقيق مصالحهم الشخصية وهذا الأمر يشجع علي عدم احترام نظام تصنيف المعلومات السرية، كما أنه يقوض مصداقية سياسة تصنيف المعلومات وغيرها من القيود المفروضة علي الحق في الوصول إلي المعلومات، وبالتالي عدم القدرة علي التمييز بين السرية المفروضة لحماية الأمن الوطني والسرية غير الضرورية التي ليس لها مبرر([66]).

الحكومات المفتوحة: وهى دول تسعي بقدر الإمكان لإنهاء مجتمع السرية وتحقيق مجتمع الديمقراطية الإدارية، وذلك بإتاحة المعلومات للجميع وطرحها للحوار المجتمعي([67])، فالحكومة المفتوحة تعرف بمدى افصاحها ونشرها المعلومات وحجمها والوسائل والطريقة التي تنشر بها المعلومات فيما إذا كانت الكترونياً أو غير ذلك ومدى استجابة الحكومة لطلب المعلومات غير المنشورة سواء من المواطنين أو وسائل الإعلام وغيرها- ويقاس مدى التزام الدول بالإفصاح ونشر المعلومات وتسهيل الوصول إليها بإصدار القوانين المتعلقة بالإفصاح ونشر المعلومات – هذه العوامل تحدد مدى اهتمام الحكومة بالانفتاح علي مواطنيها ومشاركتهم كافة المعلومات التي تتعلق بشئونهم وحياتهم لتبرهن الدولة أنها تعمل لمصلحة مواطنيها، وتريد أن تكسب ثقتهم فعليها أن تثبت ذلك من خلال نشرها كل ما يمكن نشره عن قراراتها ومشاريعها وميزانياتها ومواردها ونتائج سياساتها وأعمالها وتوقعاتها المستقبلية – والأسباب التي بنت عليها قراراتها وبالتالي تأثير وعواقب تلك القرارات خاصة ما يتعلق بالشئون الحياتية والمعيشة والتنموية للمواطنين، وتعد  أغلب حكومات دول الاتجاه الأوربي من هذه الحكومات حيث تقوم بنشر المعلومات بصراحة وموضوعية وشرف رغم ما قد تتضمنه من مصاعب أو مشاكل أو اخبار غير سارة([68]).

 العلاقة بين الإعلام والشفافية الإدارية: يثير مصطلحالشفافية الإدارية قدرا من الصعوبة لأنه ليس  بمصطلح قانوني وإنما دائما ما يعبر عنها في السياق القانوني بمبدأ العلانية، وفي الواقع العلانية تتضمن الشفافية إذ تفترض العلانية وصول حقيقي للمعلومات، يمكن أن يسهم في إعلام الرأي العام وصولاً إلي تكوين فكرة محددة بصدد موضوع معين، فالشفافة مبدأ يكفل ظهور الحقيقة دون تغيير تمهيدا للإعلان عنها، إلا أنها لا تعد ضمانة للعلانية فلا يوجد في قواعد القانون بصفة عامة ما يلزم مسئول باتباع قواعد معينة للإعلان عن قرارا قبل إصداره وهو ما يوضح الفرق بين العلانية والشفافية([69]). 

         الإعلام إذا هو إحدى الوسائل التي تتحقق بها هذه الشفافية الإدارية ([70])، فمن غير الممكن للإعلام القيام بوظيفته في جمع الأخبار إلا إذا اعترف بحق الإعلام في الحصول على المعلومة ([71])، ولا يقتصر دور الإعلام في تيسير الحصول على المعلومة فقط، بل يلازمه أيضا استكمال المعلومة المبتورة، وتصحيح الزائف منها ([72]).

 دور الإعلام في تحقيق الموازنة بين الشفافية الإدارية والالتزام بالسر الوظيفي: على الإعلام أن يقوم بمسئوليته المجتمعية تجاه وطنه، فلا يقتصر دور الإعلام عن نشر المعلومات والأخبار الإدارية محققا الشفافية الإدارية فحسب، بل عليه مراعاة الصدق في نقل الحقيقة والموضوعية والحيادية والنزاهة والعدالة، فضلا عن احترام الكرامة الإنسانية ومراعاة المصالح العليا للوطن، فدور الإعلام هو تسليط الضوء علي أي مشكلة وابرازها، دون تضخيم أو تهويل أو محاولة للإثارة في غير محلها، ويجب عليه في جميع الأحوال المحافظة علي الأمن والسلم الاجتماعي للمجتمع، وإقراره وأن ينأى عن كافة المسائل الشائكة والأمور غير المؤكدة التي يمكن أن تثير البلبلة في الشارع وبين أفراد المجتمع، فالحق في الإعلام والحصول علي المعلومة هو حق غير مطلق، بل حق له ضوابط ([73]).

      العلانية المطلقة مفسدة مطلقة، والمثال على ذلك ما حدث من تسريب للوثائق السرية عن طريق موقع ويكليكس، والذي أثاره تسريب كافة الرسائل الدبلوماسية لوزارة الخارجية لذا يجب الاعتراف بوجوب هامش السرية في حدود معينة ولاعتبارات خاصة تتقرر بوضوح، وهو ذات المبدأ الذي يبرر منع النشر بصدد بعض القضايا، حرمان وسائل الإعلام المرئي من دخول قاعة المحكمة بصدد بعض القضايا مثلا ([74]). وهو ما يمكن من خلاله تحقيق التوازن بين الحق في الشفافية الإدارية والحصول على المعلومة، والالتزام بالحفاظ على الأسرار الوظيفية.

المبحث الثاني

التأصيل القانوني لمسئولية الإعلام عن إفشاء السر الوظيفي

تمهيد وتقسيم:

       أباح القانون لوسائل الإعلام نشر الأخبار التي تصل إليها، وذلك للأهمية الاجتماعية التي تنتج عن نشر الأخبار من إلمام المواطنين بقضايا وهموم بلدهم؛ إلا أنه ليس كل الأخبار يجوز نشرها لمساس تلك الأخبار بأسرار الدولة وحياة الأفراد بما لا يحقق المصلحة الاجتماعية التي من أجلها أباح القانون النشر، وذلك حتى ولو كانت الرواية صادقة وتم عرضها دون تبديل أو تحريف، وتتمثل المسئولية القانونية للإعلام في مسئولية الإعلامي ورؤسائه عن إفشاء السر الوظيفي، ومسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشائه، وهو ما سنتناوله في الآتي:

المطلب الأول: المسئولية القانونية للإعلامي عن إفشاء السر الوظيفي.

المطلب الثاني: المسئولية القانونية للمؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي.

المطلب الأول

المسئولية القانونية للإعلامي عن أفشاء السر الوظيفي

      يثير العمل الإعلامي المسئولية بأنواعها الثلاثة التأديبية، والجنائية، والمدنية، وذلك حسب طبيعة العمل الذي يمارسه الإعلامي نفسه، وما إذا كان يعمل في القطاع الخاص أو العام، وسنتحدث عن هذه المسئولية بشيء من الايجاز، في ثلاثة فروع كالآتي:

الفرع الأول: المسئولية التأديبية للإعلامي عن إفشاء السر الوظيفي.

الفرع الثاني: المسئولية الجنائية للإعلامي عن إفشاء السر الوظيفي.

الفرع الثالث: المسئولية المدنية للإعلامي عن إفشاء السر الوظيفي.

الفرع الأول

المسئولية التأديبية للإعلامي عن إفشاء السر الوظيفي

      تتقرر مسئولية الإعلامي التأديبية عندما يقوم بإفشاء اسرار الدولة أو الأشخاص التي حصل عليها من موظفي الدولة من خلال نشرها عن طريق المؤسسة الإعلامية، التي يعمل بها أو عن طريق استضافتهم وإعطائهم مساحة كافية لنشر تفاصيل ما بحوزتهم من أسرار تمس أمن الدولة أو الحياة الخاصة للأفراد ([75]).

الأساس القانوني للمسئولية التأديبية للإعلامي عن إفشاء السر الوظيفي: على الرغم من أن القانون أعطى الحق للصحفي أو الإعلامي حق نشر المعلومات والبيانات والأخبار التي لا يحظر القانون إفشائها([76])، إلا أنه ربط حقه وقيده بما يحظر القانون نشره فجعل الأصل حق النشر والاستثناء ما قرره القانون بنصوص خاصة، وهو ما أوضحته وأكدت عليه نصوص القانون ومنها نص المادة 10 من القانون 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام والتي نصت على أنه” يحظر فرض أي قيود تعوق توفير المعلومات أو اتاحتها أو تحول دون تكافؤ الفرص بين مختلف الصحف المطبوعة والالكترونية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة أو حقها في الحصول على المعلومات، وذلك كله دون الإخلال بمقتضيات الأمن القومي، والدفاع عن الوطن”. ونص المادة 11 منه والذي جرى على الآتي” مع مراعاة أحكام المادتين (9، 10) من القانون للصحفي أو الإعلامي الحق في تلقي إجابه على ما يستفسر عنه من معلومات وبيانات واخبار، وذلك ما لم تكن هذه المعلومات أو البيانات أو الأخبار سرية بطبيعتها أو طبقا للقانون”.

    ثم أوضح القانون في المادة 17 منه واجبات الإعلامي بالنص على أن” يلتزم الصحفي أو الإعلامي في أدائه المهني بالمبادئ والقيم التي يتضمنها الدستور كما يلتزم بأحكام القانون وميثاق الشرف المهني والسياسة التحريرية للصحيفة أو الوسيلة الإعلامية المتعاقد معها وبآداب المهنة وتقاليدها، بما لا ينتهك حقا من حقوق المواطنين أو يمس حريتهم”. وبالعودة لميثاق الشرف المهني المعتمد بقرار مجلس نقابة الإعلاميين رقم 17 لسنة 2017 والمنشور في الوقائع المصرية العدد 287 (تابع) في 20 ديسمبر 2017 أن من بين الالتزامات التي تقع على الإعلامي” الالتزام بعدم إذاعة أي أخبار تخص القوات المسلحة أو الشرطة إلا من مصادرها الرسمية، وأنه عليه عدم انتهاك حرمة الحياة الخاصة والعائلية للمواطنين كافة، وأن عليه احترام الدستور المصري، وأن عليه الاعتماد على مصادر معلنة وواضحة ومسئولة ومتخصصة كلما أمكن وتجنب تداول الشائعات والأخبار المجهلة”.

      وبالرجوع لنصوص الدستور المصري الحالي والمعدل في عام 2014 نجده قد أعطى للإعلام حرية ولكن في حدود عدم المساس بالأمن القومي وبأسرار الدولة وأفرادها فنص في المادة 71 منه على أن” يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زَمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون”. وهو ما نري أنه يتكامل مع نص المادة 57 منه والتي جاء نصها أن” للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التي يبينها القانون”، والمادة 86 منه والتي نصت على أن” الحفاظ على الأمن القومي واجب، والتزام الكافة بمراعاته مسئولية وطنية، يكفلها القانون.” اللتين حددتا حدود تلك الحرية ([77]).

        ويختلف النظام التأديبي الذي سيخضع له الإعلامي بحسب ما إذا كان ينتمي ويعمل في مؤسسة إعلامية مملوكة للدولة فيصبح موظف عام يخضع لما نص عليه القانون 81 لسنة 2016 بشأن الخدمة المدنية باعتباره الشريعة العامة الحاكمة للوظيفة العامة الآن، وفي حالة وجود لوائح جزاءات خاصة بالمؤسسات الإعلامية تطبق إلى جوار القانون؛ أو أنه يعمل في مؤسسة خاصة غير فيخضع لعقد العمل المبرم معها ([78]).

       وقد تنتهي مساءلة الإعلامي الذي قام بنشر السر وإعلانه أو المساعدة في ذلك في المؤسسات الإعلامية العامة بالفصل ([79])، أو بإنهاء عقد العمل في حالة المؤسسات الإعلامية الخاصة، كما أن الإعلامي يسأل بخلاف ذلك أمام نقابته والتي قد تنتهي إلي الغاء قيده بها وشطبه من عضويتها وهو ما نصت عليه المادة 18 من القانون 180 لسنة 2018 من أن”…يسأل الصحفي أو الإعلامي تأديبيا أمام نقابته إذا أخل بواجباته المنصوص عليها في القانون أو في ميثاق الشرف المهني، وفقا للأحكام المنصوص عليها في قانون النقابة، وذلك دون الإخلال بحق المؤسسات الصحفية والإعلامية في تطبيق اللوائح المنظمة للمساءلة التأديبية للعاملين بها”([80]).

       كما أن إعلان السر الوظيفي عبر وسائل الإعلام لا يتم إلا من خلال مشاركة عدد من الإعلاميين، وهذا التعدد يستوجب مساءلة كل فرد بقدر مساهمته في نشر وإعلان السر الوظيفي، ولذلك لا يسأل تأديبيا في موضوع نشر السر أو إعلانه عبر الوسيلة الإعلامية أو تسهيل ذلك ليس الإعلامي الذي قام بذلك بل كل رؤسائه كل بحسب موقعه الوظيفي، وذلك باعتبارهم  جميعا كان لديهم إمكانية مراقبة محتوى الرسالة المنشورة، وبالتالي إمكانية منع نشر السر الوظيفي، وبصفة خاصة بالنسبة لرؤساء الإعلامي المتهم بنشر السر الوظيفي بنفسه  أو تسهيل نشره، وذلك للواجب الملقي علي عاتقهم واجب الإشراف والمتابعة؛ إلا أن رأى فقهى يري أن مسئوليتهم لا تكون تبعا لهذا الواجب إلا إذا كان البث الإعلامي مسجل مسبقا أي غير مباشر، بينما في حالة البث المباشر تسقط مسئوليتهم لأنهم يفقدون القدرة علي ممارسة الإشراف والتوجيه([81]).

       ونحن من جانبنا نرى أنه يجب مساءلة رؤساء الإعلامي المتهم بنشر السر الوظيفي بنفسه أو تسهيل نشره من خلال استضافة من ينشره، في حالة البث المباشر لأنهم لا يفاجؤون بما يتم نشره لوجود إعداد مسبق للخطوط العريضة على الأقل للموضوع الذي سيتم نشره إعلاميا، وتحديد الضيف الذي سيحضر، وفي أي شيء سيسمح له بالكلام فيه، بالإضافة لقدرة كل وسيلة إعلامية عن قطع بثها أو إيقافه عند اكتشاف وجود ارتكاب جريمة ترتكب عبرها.

        وهو ما نجده مطبقا فعلا في قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 3 لسنة 2018 بتاريخ 22/1/2018 حيث انتهى إلى إحالة كل من مقدم ومعد برنامج (هنا القاهرة) علي قناة القاهرة والناس، مقدم ومعد برنامج (صح النوم) علي قناة L.T.C، مقدم ومعد برنامج كلام في الكورة علي قناة L.T.C، مديرو القنوات بهذه القنوات للتحقيق نظرا لما بدر منهم من تجاوزات ومخالفات في هذه البرامج.

الفرع الثاني

المسئولية الجنائية للإعلامي عن إفشاء السر الوظيفي

         إن تطبيق القواعد العامة في القانون الجنائي في مجال جرائم الإعلام بصفة عامة، ومنها جريمة إفشاء السر الوظيفي، تؤدي إلى إثارة الكثير من المشاكل، حيث يقوم على أي وسيلة إعلامية عدد من الأشخاص التي تتشابك وتتداخل أعمالهم، فالوسيلة الإعلامية الآن تمثل مشرع ضخم ذو طابع إعلامي اقتصادي سياسي في ذات الوقت، وكثرة المتدخلين في العمل الإعلامي يثير مشكلة تحديد الفاعل الأصلي للجريمة ومن هو الشريك أو المساهم ([82]).

 أساس المسئولية الجنائية للإعلامي عن إفشاء السر الوظيفي: تعددت الأبحاث التي حاولت إيجاد حل لمشكلة المسئولية الجنائية للإعلامي عن الجرائم الإعلامية بصفة عامة، جريمة إفشاء السر الوظيفي بصفة خاصة، محاولة المواءمة بين اعتبارات العدالة التي تتأذي من إدانة شخص لم يرتكب الجريمة، ومصلحة المجتمع التي قد تهدد إذا فر مرتكب الجريمة من العقاب، وانتهت تلك الأبحاث لطرح ثلاثة حلول لهذه الإشكالية تتمثل في الآتي:

أولا: المسئولية المبنية على الإهمال: وطبقا لهذا الحل يسأل كل القائمين على الوسيلة الإعلامية بما فيهم الإعلام الذي أذاع أو ساعد في إذاعة السر الوظيفي، وتستند هذا الرأي إلى أن الإهمال الذي وقع منهم أثناء تأدية وظائفهم هو أساس المسئولية ([83]).

         وقد أخذ على هذا الرأي أنه لا يمكن معاقبة شخص طبقا للقانون الجنائي باعتباره فاعلا أصليا عن جريمة عمدية نتيجة أنه أهمل في أداء وظيفته أو لم يحتاط في أداء عمله؛ إلا أن البعض دافع عن هذا الرأي باعتباره وسيلة لردع تجاوزات الوسائل الإعلامية في حق المجتمع عند افشائها للسر الوظيفي ([84]).

ثانيا: المسئولية المبنية على فكرة التضامن: وتقوم هذه الفكرة على مساءلة جميع القائمين على الوسيلة الإعلامية التي قامت بنشر السر الوظيفي من خلالها باعتبارهم جميعا فاعلين بالتضامن عن جريمة النشر، وقد أخذ على هذا الرأي غرابته في مجال المسئولية الجنائية فالمسئولية التضامنية مقبولة في القانون المدني إلا أنها ليست كذلك في مجال المسئولية الجنائية، فلا يتصور في قانون العقوبات أن يرتكب شخصا ما جريمة، ويتحمل تبعاتها شخص أخر متضامن معه ولو أراد ذلك بإرادته ([85]).

ثالثا: المسئولية المبنية علي فكرة التتابع أو التعاقب: وتقوم هذه الفكرة علي ترتيب الأشخاص المسئولين جنائيا عن ارتكاب جريمة النشر للسر الوظيفي عبر الوسيلة الإعلامية، فيسأل من هو علي قمة الترتيب أو التسلسل فإن لم يكن معروفا فالذي يليه، وهكذا حتى نصل للشخص الأخير في التسلسل، فتقوم فكرة المسئولية بالتعاقب علي الافتراض والذي قد يسند المسئولية الجنائية لأشخاص لا يعرفون شيئا عن الجريمة المرتكبة، وتتميز هذه الفكرة بوضوحها وسهولة تطبيقها، فالضابط في تحديد المسئول هو ترتيب الأشخاص المسئولين قانونا عن الوسيلة الإعلامية ؛ إلا أنه يعاب عليه أنه يتعارض مع مبدأ شخصية المسئولية الجنائية والذي يقضي بأنه لا جريمة بدون خطأ([86]).

أسباب الإعفاء من المسئولية الجنائية عن إفشاء السر الوظيفي: هناك أسباب تعفي الإعلامي من المسئولية الجنائية عن إفشاء السر الوظيفي أو تسهيل إفشائه، وهناك أسباب تعفي رؤسائه من تلك المسئولية.

أولا: أسباب إعفاء رؤساء الإعلامي المفشى للسر الوظيفي من المسئولية عن الإفشاء: يعفي الرؤساء في هذه الحالة من المساءلة الجنائية في حالتين ([87]):

الأولى: حال إثباتهم عند بدء التحقيق الجنائي في هذه الواقعة أن إفشاء السر الوظيفي أو تسهيل إفشائه عبر الوسيلة الإعلامية التي يعملون بها قد تم دون علمهم، وقدموا كل ما لديهم من معلومات تساعد على معرفة الفاعل الحقيقي لجريمة الإفشاء.

الثانية: إذا أرشد في أثناء التحقيق عن مرتكب الجريمة وقدم كل ما لديه من معلومات لإثبات مسئولية من أرشد عنه.

ثانيا: أسباب إعفاء الإعلامي المفشى للسر الوظيفي من المسئولية عن الإفشاء: قد قرر الفقه عدد من الشروط يجب توافرها مجتمعه لإعفاء الإعلامي من المسئولية عن إفشاء السر الوظيفي أو تسهيل إفشائه، وتتمثل تلك الشروط في الآتي:

الشرط الأول: أن يكون الخبر الذي تم إفشاء السر الوظيفي من خلاله صحيحا: فالإعلام وظيفته تقديم الأخبار الصحيحة بكل صدق وموضوعية بعيدا عن الهوى أو القصد في تحقيق مآرب شخصية.

الشرط الثاني: أن يكون الخبر الذي تم إفشاء السر الوظيفي من خلاله عن واقعة تهم الجمهور: فالخبر المنشور لابد أن يكون ذو أهمية معينة للجمهور بحيث يكون نشر الخبر المحتوى علي السر الوظيفي محققا للمصلحة العامة، وأن يكون من مصلحة الناس الاطلاع عليه للتنبيه من خطر معين أو بدافع تمكين الرأي العام من مراقبة أعمال الحكومة وموظفيها، وتقدير قيامهم بالأعمال الموكلة إليهم من عدمها؛ إلا أنه ليس كل ما يهم الجمهور يجوز نشره فهناك ما يهمهم الاطلاع عليه إلا أنه لا يجوز نشره لمصلحة راجحة علي حق الجمهور في العلم وهو حق الدولة في الحفاظ علي أسرارها، حيث يحظر نشر هذه الأسرار بأية وسيلة من الوسائل([88]).

الشرط الثالث: أن يكون إفشاء السر الوظيفي أو تسهيل إفشائه قد تم بحسن نية: أن يكون الإعلامي قد اتجه إرادته إلى إفشاء السر الوظيفي أو تسهيل إفشائه بدافع تحقيق مصلحة عامة تهم الجمهور، وحسن النية يتعلق بالجانب المعنوي للجريمة؛ إلا أنه ليس معنا باطنيا بقدر ما هو موقف أو حالة يوجد فيها الشخص تشوه حكمه على الأمور رغم تقديره لها تقديرا كافيا واعتماده على تصرفه فيها على أسباب معقولة، وفكرة حسن النية أو القصد يتم التعامل معها في هذه الحالة بنوع من الحظر فهي مقررة للتوفيق بين المصالح المتعارضة ([89]).

موانع مسئولية الإعلامي ورؤسائه من المسئولية الجنائية عن إفشاء السر الوظيفي: وتتمثل تلك الموانع في حالة الإكراه والضرورة، والإكراه هو قوة من شأنها أن تمحو إرادة الفاعل أو تقيدها إلى درجة كبيرة ولا يستطيع مقاومتها فيتصرف وفقا لما يفرضه عليه من مصدر القوة فقد يتعرض الإعلامي لإكراه مادي أو معنوي (حالة الضرورة)، يفرض عليه إفشاء السر الوظيفي أو استضافة من يفشيه كما يمكن أن يتعرض رئيسه لذلك، وهنا تنتفي المسئولية لانتفاء الإرادة مطلقا ([90]).

الفرع الثالث

المسئولية المدنية للإعلامي عن إفشاء السر الوظيفي

        يعتبر افشاء السر الوظيفي من خلال الوسائل الإعلامية بواسطة إعلامي من الأمور التي تستوجب المساءلة المدنية للإعلامي سواء قام الإعلامي بنفسه بإفشائه أو من خلال استضافته لآخر يقوم هو بإفشائه، وبالطبع من الأسرار الوظيفية ما يمس كيان الدولة وأمنها الداخلي أو الخارجي، ومنها ما يمس حياة الأفراد الخاصة، فقد يؤدى إفشاء سر وظيفي لانهيار بورصة دولة ما أو انخفاض سعر تداول عملتها، أو تدهور العلاقات بينها وبين جيرانها، وقد يؤدى لفقد شخص لوظيفة أو تدهور حياته العائلية …الخ، لذلك كان للتعويض دورا هاما في جبر الضرر، وتخفيف الألم.

شروط الحكم بالتعويض المدني علي الإعلامي نتيجة إفشائه للسر الوظيفي: يعتبر نص المادة 163 من القانون المدني المصري رقم 141 لسنة 1948 أساس الحكم بالتعويض على الإعلامي المفشى للسر الوظيفي والتي جري نصها على أن” كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض”.

1-الخطأ: يتمثل الخطأ في نشر السر الوظيفي أو المساعدة في ذلك، ولا يكلف المعتدى عليه بنشر السر الوظيفي بإثبات ذلك الخطأ، ولا يستطيع الإعلامي تبرير خطأه بأن السر قد نشر من قبل أو أن هناك موافقة من الجهات الأمنية بالدولة أو الفرد المعتدى عليه بالنشر، طالما فشل في اثبات وجود مثل ذلك الأذن ([91]).     

       فالخطأ هنا يفترض حتى مع وجود حسن النية لدى الإعلامي، بل وخطأ يثبت في حق الإعلامي ولو لم يكن عمدي، بل يكفي في ذلك مجرد الإهمال أو الخطأ البسيط ، وإذا كان الأمر كذلك فان المضرور من نشر السر الوظيفي لا يكلف بأكثر من إثبات الاعتداء علي السر الوظيفي الخاص به، ونشره في وسائل الإعلام من خلال تقديم نسخه مثلاً من الصحيفة أو المجلة أو أي وسيلة أخرى للإعلام تم بها الاعتداء، فضلا عن ذلك فان القضاء يتمتع بسلطة تقديريه تجاه اعتبار مجرد الاعتداء على السر الوظيفي بنشره يكون ركن الخطأ في المسؤولية المدنية أم لا خاصة([92]).

2-الضرر: الضرر ركن أساسي في المسئولية المدنية بصفة عامة، ذلك لأنه إذا أمكن تصور مسئولية دون خطأ؛ إلا أنه لا يمكن تصور مسئولية دون ضرر، والضرر الناتج عن إفشاء السر الوظيفي قد يكون ماديا يتمثل فيما فات المضرور من كسب، وما لحقه من خسارة،، كما قد يكون أدبيا (معنويا)، والذي يتمثل في المعاناة التي يعانيها المضرور من إفشاء السر الوظيفي، وفي الغالب يكون الضرر الواقع من إفشاء السر الوظيفي علي الدولة ماديا، بينما في حالات إفشاء أسرار الأفراد يكون الضرر معنويا، ويشترط في ذلك الضرر أن يكون ضررا محققا، بأن يكون قد وقع فعلا أو سيقع حتما، فتوافر الضرر أمر لازم للحكم بالتعويض فلا يكفي فعل النشر للسر الوظيفي بل يجب حدوث ضرر حتى يستحق التعويض([93])، ويري البعض بحق أن مجرد إفشاء الإعلامي للسر الوظيفي يستتبع بالضرورة توافر الضرر وتحققه فالضرر في مثل هذه الجريمة مفترض([94]).

  1. 1-   علاقة السببية: وهي الرابط بين خطأ الإعلامي الذي أدى إلي إفشاء السر الوظيفي والضرر الناشئ عن إفشاء ذلك السر، فلابد للمدعى المتضرر من إفشاء السر الوظيفي أن يثبت وجود علاقة سببيه بين خطأ الإعلامي والضرر الواقع عليه، وفي حالة فشله في إثبات ذلك لا يسأل الإعلامي مدنيا أمام المضرور من إفشاء السر الوظيفي ([95]).

تطبيقات قضائية على مسئولية الإعلامي عن إفشاء السر الوظيفي: أصدرت محكمة النقض المصرية عددا من الأحكام التي تتعلق بمسئولية الصحفي عن انتهاك حرمة الحياة الخاصة للأشخاص والتي يمكن الاستعانة بما ورد فيها لتوضيح فكرة مسئولية الإعلامي عن إفشاء السر الوظيفي.

    أكدت حكم محكمة النقض من أن الاهمال يستوجب التعويض” إذ كان البين من الأوراق أن جريدة ……….. التي يرأسها المطعون ضده قد نشرت خبراً بعددها الصادر بتاريخ …… بالصفحة ….. يفيد أن الطاعن قتل شقيقه خطأ حال إطلاقه أعيره نارية من مسدسه غير المرخص احتفاءً بعرس شقيقتهما رغم أن النيابة تولت تحقيق الواقعة وأصدرت قرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ولم توجه اتهاما للطاعن، ولم تكشف الأوراق عن دليل على صحة ما نسبته إليه الجريدة، وهو مسلك ينم عن التسرع ويعد ضرباً من ضروب الخطأ الموجب للمسئولية لا يشترط لتحققه توافر سوء النية لدى مرتكبه، وتقوم به مسئولية المطعون ضده بصفته عن هذا النشر. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأقام قضاءه برفض دعوى التعويض (عن الأضرار الناجمة عن خطأ الناشر) على سند من عدم وجود خطأ في جانب الصحفي محرر الخبر وانتفاء سوء نيته، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال”([96]).

      وفي حكم أخر أكدت محكمة النقض على ثبوت الخط حتى ولو كان النشر قد تم بحسن نية فقضت بأن” إذ كان الثابت من الأوراق أن الصحيفة التي يمثلها المطعون ضدهما قد نشرت أن الرقابة الإدارية أحالت أمين الحزب الوطني ورئيس المجلس المحلي لمركز المنيا إلى النيابة العامة – لاستغلال سلطة نفوذه بالضغط على بعض المسئولين بالمنيا والقاهرة لإتمام الإفراج عن مساحة 10 س ، 7 ط ، 5 ف للسيدة ………………… داخل الكتلة السكنية مقابل حصوله على مساحة 6 ط قيمتها 100 ألف جنيه – بما يعني اتهام الطاعن الذي يشغل الصفة النيابية التي أوردها الخبر والمساس بسمعته وذلك قبل أن يتحدد موقفه بصفة نهائية, وهو منهما مسلك ينم عن التسرع ويعد ضرباً من ضروب الخطأ الموجب للمسئولية المدنية والذي لا يشترط لتحققه – خلافاً للمسئولية الجنائية – توافر سوء النية لدى مرتكبه يستوي في ذلك أن تكون العبارات المنشورة منقولة عن الغير أو من إنشاء الناشر، ذلك بأن نقل الكتابة التي تتضمن مساساً بسمعة الآخرين ونشرها يعتبر كالنشر الجديد سواء بسواء، ولا يقبل من أحد للإفلات من المسئولية أن يتذرع بأن تلك الكتابة منقولة عن جهة أخرى إذ الواجب يقضي على من ينقل كتابة بأن يتحقق قبل إقدامه على النشر من أن تلك الكتابة لا تنطوي على أية مخالفة أو خطأ، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض دعوى التعويض التي أقامها الطاعن على ما ذهب إليه من أن ما نسبته الجريدة إلى الطاعن لم يتعد نقل بلاغ الرقابة الإدارية وتقريرها إلى النيابة العامة وهو من قبل النشر المباح، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه”([97]).

العناصر الواجب مراعاتها عند تقدير التعويض عن إفشاء الإعلامي للسر الوظيفي: تعيين عناصر الضرر من مسائل القانون، وتقدير التعويض بقيمته وقت الحكم بالتعويض لا وقت وقوع الضرر، ويقوم تقدير التعويض على اعتبارات شخصية تختلف من محكمة لأخرى، ولذلك هناك عناصر معينة يجب مراعاتها عند تقدير التعويض منها ([98]):

  1. أن يكون التعويض عن إفشاء السر الوظيفي متناسبا مع الضرر الحادث من إفشائه فلا يزيد مقدار التعويض أو ينقص عن قدر الضرر فالهدف من التعويض هو إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر.
  2. أن يتم مراعاة الظروف الملابسة لإفشاء السر الوظيفي وأثر الإفشاء على المضرور، ويقدر التعويض في هذه الحالة بما إذا كان الخطأ جسيما أم بسيطا، فيؤخذ في الاعتبار مدى انتشار الوسيلة الإعلامية التي نشر السر الوظيفي من خلالها.
  3. الحالة المهنية للمتضرر من النشر.
  4. حسن نية الإعلامي الناشر.

المطلب الثاني

المسئولية القانونية للمؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي

المؤسسات الإعلامية اشخاص معنوية اعترف لها القانون بالشخصية القانونية المستقلة التي تسمح لها باكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات ([99])، ونظرا لأن طبيعة نشاط المؤسسة الإعلامية يتم من خلال اشخاص طبيعيين يمكن مساءلتهم عن إفشاء السر الوظيفي كما سبق وأن ذكرت، فكان لزاما علينا توضيح ما إذا كان يمكن مساءلة تلك المؤسسات عن إفشاء السر الوظيفي بواسطتها ومن خلالها، هو ما سنحاول توضيحه في ثلاثة فروع كالآتي:

الفرع الأول: الأساس القانوني لمسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي.

الفرع الثاني: المسئولية التأديبية والجنائية للمؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي.

الفرع الثالث: المسئولية المدنية للمؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي

الفرع الأول

الأساس القانوني لمسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي

       تستند مساءلة المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي على الرغم من كونها شخصية اعتبارية، وإلى مبررات فقهية تم ترجمتها إلى نصوص تشريعية، تتمثل في الآتي:

المبررات الفقهية لمسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي: هناك خلافا فقهيا حول مسئولية المؤسسة الإعلامية عما ترتكبه من جرائم وعلى رأسها جريمة إفشاء السر الوظيفي، فاتجاه يري بعدم جواز مساءلة المؤسسة الإعلامية عن جرائمها بصفة عامة ومنها جريمة إفشاء السر الوظيفي، والاتجاه الأخر يري جواز مساءلتها، ولكل اتجاه منهم له أسبابه وأسانيده والتي تتمثل في الآتي:

الاتجاه المعارض لمسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي: يستند إلى ما يلي ([100]):

  1. المؤسسة الإعلامية ما هي إلا شخص اعتباري افتراض قانوني فلا يتصور اتيانها لسلوك إفشاء السر الوظيفي ولا يمكن نسبة تلك الجريمة لها بركنيها المادي والمعنوي، فهذه الجريمة تتم بمعرفة الأشخاص الطبيعيين الممثلين للمؤسسة الإعلامية، وهم من يسألون عنها، ثم القول بمسئولية المؤسسة الإعلامية في هذه الحالة يتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة بطريق غير مباشر، إذ القول بمسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي أن تطال العقوبة جميع المساهمين في انشائه على الرغم من بعدهم عن ارتكاب هذه الجريمة.
  2. المؤسسة الإعلامية تمنح الشخصية القانونية في حدود الغرض من إنشائها، فيما يطلق عليه مبدأ التخصص، فإن تجاوزت ذلك الغرض فلا وجود قانوني لها، ولا يتصور أن يكون من بين أغراضها إفشاء السر الوظيفي.
  3. العقوبات التي يمكن توقيعها على المؤسسة الإعلامية نتيجة إفشاء السر الوظيفي لن تضر المؤسسة الإعلامية بقدر أنها ستضر العاملين بها سواء من الإعلاميين المتورطين في ذلك أو غيرهم، وهو ما يتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة، كما أن الغرض من العقوبة من تحقيق الردع والإصلاح وإعادة التأهيل لن يحدث مع المؤسسة الإعلامية، فأشد عقوبة يمكن أن توقع عليها الحل، فهي عقوبة صورية لأن المؤسسة الإعلامية تستطيع أن تنشأ مرة أخرى بمعرفة أصحابها تحت مسمى آخر، وبالتالي لن تحقق العقوبة هدفها من تحقيق الردع.

الاتجاه المؤيد لمسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي: يستند إلى ما يلي ([101]):

  1. المؤسسة الإعلامية ليست شخصا مفترضا قانونا بل هو شخص حقيقي قائم القانون لم يفترضه بل أكد على وجوده وتدخل لتنظيمه، فهو شخص قائم بذاته مستقل عن مكونيه وله إرادة متميزة، يستطيع من خلالها ارتكاب جريمة إفشاء السر الوظيفي، فالمؤسسة الإعلامية تسأل مدنيا عن إخلالها بعقودها مثلا فلما لا تسأل عن جريمة إفشاء السر الوظيفي.
  2. القول بأن الوجود القانوني للمؤسسة الإعلامية مرتبط بالغرض من إنشائها وأن أي فعل يخرج عن غرض الإنشاء يجعلها غير موجودة قول غير صحيح، فمبدأ تخصيص لا يعنى عدم وجود المؤسسة الإعلامية عند خروجها عن الغرض من إنشائها بل يعنى أن تصرفها هذا غير مشروع يستوجب مساءلتها. فالإنسان لم يخلق لارتكاب الجرائم وعلى الرغم من ذلك يعاقب عند خروجه عن الغرض الذي خلق من أجله
  3. يمكن تطبيق عقوبات تتلاءم مع طبيعة المؤسسة الإعلامية، والتي تؤثر في الذمة المالية للمؤسسة الإعلامية، وتحقق الردع للقائمين عليها، فلا يكررون فعل إفشاء السر الوظيفي مثل عقوبة الغرامة المالية، والمصادرة، والتوقيف عن ممارسة النشاط، بل ويمكن أن تمس وجوده كعقوبة الحل.
  4. القول بأن عقاب المؤسسة الإعلامية سيمتد للعاملين بها من أشخاص طبعيين لم يرتكبوا أي ذنب ولم يساهموا من قريب أو بعيد في إفشاء السر الوظيفي، قول مردود عليها بأن ذلك من الآثار غير المباشرة للعقوبة، مثل تأثر أسرة المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية.

     وقد نجح هذا الاتجاه من فرض أرائه على السياسة التشريعية والتي نراها تتجه لتقرير مسئولية الشخص المعنوي في كل المجالات الآن.

الأساس القانوني لمساءلة المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي: أخذ القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام بما انتهى إليه الرأي الفقهي الذي يجيز مساءلة المؤسسة الإعلامية جنائيا عن الجرائم التي ترتكب عبرها وبواسطتها ومنها بالطبع إفشاء السر الوظيفي في بنصوص صريحة وواضحة فنص في صدر المادة 18 منه على أن” مع عدم الإخلال بالمسئولية القانونية للصحيفة أو الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني، يسأل الصحفي أو الإعلامي.”، وهذا النص يظهر بما لا يدع مجالا للشك أن مسئولية المؤسسة الإعلامية مفروغا منها بل هي تسبق مسئولية الصحفي.

        ثم تطرق القانون في مادته 94 ، شارحا الجزاءات التي يمكن توقيعها على المؤسسة الإعلامية، وأن هذه الجزاءات منصوص عليها في اللائحة التي ترافق الترخيص الممنوح للمؤسسة الإعلامية مما يعنى العلم المسبق لتلك المؤسسة بهذه الجزاءات، ثم لم يترك الأمر لهوى المجلس بل جعل هناك رقابة من القضاء الإداري علي تلك الجزاءات بعد اللجوء  للتظلم  للمجلس الأعلى لعله يستجيب ويلغي قراره بالجزاء أو يعدله([102])، فنص فيها على أن” يضع المجلس لائحة الجزاءات والتدابير الإدارية والمالية التي يجوز توقيعها على المؤسسات الصحفية والمؤسسات الصحفية القومية والمؤسسات الإعلامية والمؤسسات الإعلامية العامة، حال الإخلال بأحكام هذا القانون، وإجراءات التظلم منها. وتعتبر هذه اللوائح جزءا لا يتجزأ من التراخيص أو الموافقات الصادرة أو غيرها من التصرفات والإجراءات والأعمال بين المجلس الأعلى وتلك الجهات.

ويجوز أن تتضمن هذه اللائحة ما يأتي: 

1-إلزام المؤسسة أو الوسيلة بإزالة أسباب المخالفة خلال مدة محددة أو إزالتها على نفقتها.
2-توقيع الجزاءات المالية المنصوص عليها في التراخيص في حالة عدم الالتزام بشروط الترخيص.

3-منع نشر أو بث المادة الإعلامية لفترة محددة أو بصفة دائمة.

وفي جميع الأحوال لا يجوز توقيع أي من تلك الجزاءات أو التدابير إلا في حالة انتهاك أي مؤسسة صحفية أو إعلامية للقواعد أو المعايير المهنية أو الأعراف المكتوبة.

وبعد إجراء الفحص اللازم من المجلس الأعلى ويكون توقيع الجزاء بقرار مسبب. ولذوي الشأن الطعن على هذه الجزاءات أو التدابير أمام محكمة القضاء الإداري”([103]).

          ثم تطرق القانون للجزاء الذي يعد بمثابة حكم إعدام على المؤسسة الإعلامية، وهو قرار إلغاء الترخيص ونظرا لخطورة هذا الجزاء فقد أحاطه المشرع بعدد من الضمانات منها أنه لا يوقع بصفة فورية، بل تمهل المؤسسة الإعلامية لفترة زمنية لا تقل عن مدة معينة ولا تزيد عنها، لتصحيح أوضاعها، وفي النهاية ضمانة الطعن أمام القضاء، فجري نص المادة 95 منه على أن” للمجلس الأعلى الحق في الغاء ترخيص مزاولة البث الإعلامي أو الموقع الإلكتروني في الأحوال الآتية:

1-……………2-إذا فقد المرخص له شرطا من شروط الترخيص المحدد له في هذا القانون أو خالف حكما جوهريا من أحكامه، وذلك بشرط إخطار المجلس للجهة المخالفة بأوجه المخالفة ومنحها مهلة مناسبة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد عن شهر لتصحيح المخالفة. ولذوي الشأن الطعن على القرار الصادر بذلك أمام محكمة القضاء الإداري”.

الطبيعة القانونية لمسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي: قررت النصوص القانونية السابقة مسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي بشكل مباشر بحيث يمكن اسناد جريمة إفشاء السر الوظيفي لها بطريقة مباشرة فتقام عليها دعاوى المسئولية بصفة أصلية، وتتحمل كافة المسئولية الناتجة عن الإفشاء، بغض النظر عن مسئولية الأشخاص الطبيعيين الممثلين لها أو المتولين إدارتها، كما قررت المسئولية غير المباشرة لها عن أفشاء السر الوظيفي من خلال الأشخاص الطبيعيين الممثلين لها أو المتولين إدارتها ([104]).

الشروط القانونية لقيام مسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي: لا يكفي لقيام مسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي أن تكون من المخاطبين بأحكام القانون، بل يجب أن يكون قد ارتكبت جريمة إفشاء السر الوظيفي من خلال أجهزة المؤسسة الإعلامية (مجلس الإدارة، رئيس القناة، رئيس التحرير…الخ)، والتي يحددها القانون، أو ممثليه الطبيعيين، وأن تكون جريمة إفشاء السر الوظيفي قد تمت لحساب المؤسسة الإعلامية ولصالحها، ولا يشترط هنا أن تحقق المؤسسة مصلحة ذاتية أو مصلحة مادية، وبالتالي لو كان ارتكاب إفشاء السر الوظيفي لصالح ولحساب الشخص الطبيعي الذي أفشاه أيا كان أو كان الإفشاء من قبله بغرض الإضرار بالمؤسسة الإعلامية ذاتها فلا توجد مسئولية علي المؤسسة الإعلامية نتيجة الإفشاء ([105]).

الفرع الثاني

المسئولية التأديبية والجنائية للمؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي

      هناك عدد من العقوبات الجزاءات التأديبية (الإدارية) والجنائية التي نص عليها المشرع في القانون 180 لسنة 2018، والتي تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف منها ردع كافة المؤسسات الإعلامية بما فيها المؤسسة المخالفة وتنبيها لخطورة ما ستتعرض له عند إفشائها للسر الوظيفي، كما تهدف إلى تحقيق العدالة بأن تعيد التوازن من جديد إلى الحقوق لأن إفشاء السر الوظيفي يخل بهذا التوازن، وتوقيع العقاب يحققه من جديد، ونظرا لصعوبة الفصل بين هذه العقوبات وتحديد ما منها يعد إداري، وما منها يعد جنائي لطبيعة المؤسسة الإعلامية من كونها شخص اعتباري، وتتمثل تلك العقوبات في الآتي:

إلزام المؤسسة أو الوسيلة الإعلامية بإزالة أسباب المخالفة خلال مدة محددة: بمعنى إزالة ما تم نشره عن طريق المؤسسة الإعلامية خلال مدة قصيرة حتى لا يتمكن أكبر عدد من متابعيها من الإلمام بالسر الوظيفي والعلم به، وتنصب الأشياء التي تجب إزالتها على الكتابات، والرسوم، والصور، والرموز، وغيرها من الأشياء والوسائل المتعلقة بإذاعة السر الوظيفي، والأشياء الملحقة بها،  بما في ذلك المواقع الإلكترونية التي تقوم بإعادة نشر ما نشرته المؤسسة الإعلامية من سر وظيفي ([106])، ويتم إزالة أسباب المخالفة من وجهة نظرنا بمعرفة المجلس الأعلى للإعلام والصحافة، وذلك لخطورة ترك إزالة كل ما هو متعلق بنشر السر الوظيفي للمؤسسة الإعلامية، ويجب أن تتم الإزالة في أسرع وقت، كما أنه طبقا لنص القانون قد يتم إلزام المؤسسة بإزالة أسباب المخالفة علي نفقتها الخاصة.

نشر الحكم الصادر من القضاء على المؤسسة الإعلامية أو تابعيها نتيجة إفشاء السر الوظيفي على نفقتها: والنشر هنا عقوبة تقرر بمعرفة القضاء على حساب ونفقة المؤسسة الإعلامية ويكون النشر في وسائلها حتى تحدث العلانية بالنسبة للجميع، وقد يكون النشر بناء علي طلب المجنى عليه أو تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، ويتم نشر الحكم وحيثياته، وإذا امتنعت المؤسسة الإعلامية عن النشر يعد ذلك بمثابة جريمة جديدة تعاقب علي أساسها([107])، ويحقق  نشر الأحكام من وجهة نظرنا أبعاد منها إعلام الناس بأن القضاء يضمن حق المجتمع، وبيان أسماء الجناة للاحتراز منهم، بالإضافة إلى تحقيق عامل الردع الذي تهدف إليه القوانين العقابية، كذلك في المساهمة بنشر الثقافة القانونية وخلق حالة الوعي القانوني لدى عامة الناس الذي بموجبه ننهض بالحياة العامة نحو التقدم والتطور وتوفير الأمن.

 الغرامة: وهي إلزام المؤسسة الإعلامية التي قامت بإفشاء السر الوظيفي بموجب حكم قضائي أن تقوم بدفع مبلغ مالي لخزينة الدولة يتفاوت حسب جسامة الضرر المترتب على جريمة إفشاء السر الوظيفي، أو الفائدة التي حصلت عليها المؤسسة الإعلامية من إفشائها للسر الوظيفي، وتتميز عقوبة الغرامة فضلا عن أنها تدخل لخزينة الدولة مبلغ مالي، وأنها تحقق الغرض من العقوبة وهو الردع، أنها تحصل فوريا ولا يوقف استئناف الحكم الصادر بها تحصيلها ([108]).

       وتتميز هذه العقوبة بأنها تمس الجانب المالي فقط للوسيلة الإعلامية ولا تمس وجودها فهي لا تعوق حرية الرأي والإعلام، كما أن اثرها لا يتجاوز الشخص المعنوي إلي العاملين فيه([109]).

            وقد نص القانون 180 لسنة 2018 على عقوبة الغرامة للمؤسسة الإعلامية في المادة 106 بالنص على أن” تعاقب الصحيفة أو المؤسسة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني بغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد عن مليوني جنيه إذا ثبت في حقها مخالفة طبيعة النشاط المرخص لها به وتقضي المحكمة فضلا عن ذلك بإلغاء الترخيص أو حجب الموقع”.

        وتظهر فكرة تطبيق الغرامة كعقوبة توقع علي المؤسسة الإعلامية في عدد من القرارات التي اتخذها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مثل القرار رقم 6 لسنة 2018 الصادر بتاريخ 5/2/2018 بالإنذار بتوقيع غرامة قدرها 25 ألف جنيه علي قناة L.T.C تضاف لأية عقوبة ستوقع علي القناة، والقرار رقم 8 لسنة 2018 الصادر بتاريخ 21/2/2018 بتوقيع عقوبة غرامة قدرها 25 الف جنيه مضافا اليها قيمة الغرامة السابقة، القرار 14 لسنة 2018 الصادر بتاريخ 27/3/2018 بتوقيع غرامة خمسون الف جنيه علي ذات القناة، والقرار 21 لسنة 2018 بتاريخ 14/5/2018 بتوقيع غرامة 25 الف جنيه علي ذات القناة، وهو مثل للغرامات التي تحصل من المؤسسات الإعلامية عند مخالفتها لمعايير العمل الإعلامي.

المصادرة: تعد المصادرة من العقوبات المالية التي توقع على المؤسسة الإعلامية التي تقوم بإفشاء السر الوظيفي، وذلك من خلال مصادرة جهة الإدارة ووضع يدها على ما تمتلكه هذه المؤسسة من وسائل استخدمت في إفشاء السر الوظيفي، وتشمل المصادرة المكاسب المتحققة التي حصلت عليها المؤسسة الإعلامية، وتتم المصادرة أما بناء علي حكم قضائي، أو بناء على قرار إداري صادر من السلطة الإدارية ” المجلس الأعلى للإعلام والصحافة”([110]).

منع نشر أو بث المادة الإعلامية لفترة محدودة أو بصفة دائمة: نتيجة أن المؤسسات الإعلامية يمكن أن ترتكب من خلال ادواتها العديد من الجرائم التي منها إفشاء السر الوظيفي فقد أعطى المشرع المجلس الأعلى للإعلام لوقف بث المادة الإعلامية لفترة محدودة أو بصفة دائمة، كما أنه يجوز لأفراد المجتمع المطالبة بذلك قضائيا لما لهم من مصلحة مؤكدة في ضبط أداء المؤسسة الإعلامية، وبالتالي يمكننا تقسيم منع النشر أو البث إلى قسمين كالآتي:

  1. منع نشر أو بث المادة الإعلامية لفترة محدودة أو بصفة دائمة بمعرفة جهة الإدارة:  أعطى المشرع الحق للمجلس الأعلى للإعلام بوقف أو منع بث المادة الإعلامية الخاصة بالسر الوظيفي، وهو ما تم استخدامه مع بعض البرامج منها ما أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من قراره رقم 9 لسنة 2018 في 28/2/2018، بإيقاف بث برنامج “الوسط الفني” الذي يذاع على قناة “الحدث اليوم” لمدة أسبوعين، والقرار رقم 6 لسنة 2018 الصادر الخاص بإيقاف برنامج” ملعب شريف” المذاع علي قناة L.T.C  لمدة أسبوع، والقرار رقم 8 لسنة 2018 الصادر بتاريخ 21/2/2018 بوقف برنامج ” صح النوم” المذاع علي قناة  L.T.C ، وغيرها من القرات التي تهدف إلي ضبط العمل الإعلامي والتأكد من عدم مخالفته للقوانين والنظام العام للدولة.

      وهو ما يعد تطبيقا لفكرة الضبط الإداري للمؤسسة الإعلامية، والتي تعد مجموعة من تدخلات الإدارة التي ترمى إلى أن تفرض على التصرف الحر للمؤسسة الإعلامية النظام الذي تطالب به الحياة في المجتمع، فهو نوع من التدخل في الأنشطة الخاصة بها، غير أن هذا التدخل بغرض تنظيم نشاطها وليس تقييده ([111]).

  • منع نشر أو بث المادة الإعلامية لفترة محدودة أو بصفة دائمة بمعرفة القضاء: حالة تراخى جهة الإدارة الممثلة في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والصحافة من اتخاذ إجراءاته تجاه المؤسسة الإعلامية التي قامت بنشر السر الوظيفي، فهنا من حق كل مواطن من المواطنين المصريين الذين تتأثر مراكزهم القانونية والشخصية بما تبثه هذه المؤسسة من إقامة دعوى أمام القضاء يطالب فيها بمنع بث أو نشر المادة الإعلامية التي يتم فيها انتهاك السر الوظيفي، وهنا القضاء يستجيب مصدرا حكما بهذا المفهوم بإلغاء القرار السلبي الصادر من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والصحافة بعدم اتخاذه إجراءات منع البث([112]).

        وهو ما نجد له تطبيقات قضائية عديدة منها الحكم الصادر بمنع بث برنامج مصر اليوم علي قناة الفراعين ومنع مذيعه من الظهور علي القناة واستند الحكم إلي أن” في ضوء ما تقدم جميعه فإن حرية الاتصال السمعي والبصري لا يحكمها (نظرية السلطة) وهي الصحافة والإعلام الداعم للسلطة وأقوال وأفعال الحاكم أياً ما كانت ، ولا يحكمها كذلك (نظرية الحرية) القائمة على إطلاق حق الفرد في المعرفة بحسبانه حقاً طبيعياً لا يخضع لرقابة أو قيد من أي نوع ومن ثم حق الفرد في إنشاء الصحف والقنوات الفضائية دون ترخيص أو تصريح ، وإنما يحكمها (نظرية المسئولية الاجتماعية) وهي النظرية التي قامت لتواجه نظرية الحرية المطلقة بما قدمته من مواد الجريمة والجنس والعنف واقتحام خصوصيات الأفراد والتشهير بهم ونشر الإشاعات والأكاذيب ، ولتنبذ إعلام الابتذال والابتزاز والمبالغة، ومن ثم ارتكزت نظرية المسئولية الاجتماعية على أن للإعلام المقروء والمرئي والمسموع والرقمي وظيفة اجتماعية ، وأنه يتعين إقامة التوازن بين حرية الرأي والتعبير وبين مصلحة المجتمع وأهدافه وحماية القيم والتقاليد والحق في الخصوصية. 

       فالحرية وفقاً لهذه النظرية حق وواجب ومسئولية في وقت واحد والتزام بالموضوعية وبالمعلومات الصحيحة غير المغلوطة ، وتقديم ما يهم عموم الناس بما يسهم في تكوين رأي عام مستنير وعدم الاعتداء على خصوصية الأفراد والمحافظة على سمعتهم ، والالتزام بالضوابط الأخلاقية والقانونية الحاكمة للعمل الإعلامي-  وحيث إنه وعن المخالفات المكونة لركن السبب الداعية إلى التزام الجهة الإدارية بإصدار قرارها بالإجراءات التي أوجبتها القوانين واللوائح ومدى ثبوتها، فإنه يتعين ابتداءً التأكيد على أن الواجبات الملقاة على عاتق الجهة الإدارية في مواجهة إخلال المشروعات والقنوات الفضائية لا يتوقف على ثبوت ارتكاب القنوات الفضائية بمعديها ومخرجيها ومقدمي برامجها لجرائم جنائية يتم البت فيها بأحكام جنائية باتة أو نهائية ، وإنما العبرة بوقوع المخالفات وفقاً لأحكام القوانين واللوائح سواء كانت مخالفات إدارية أو مخالفات لضوابط ومعايير العمل الإعلامي حتى ولو لم ترق إلى تكوين جريمة جنائية بالمعني والحدود والأركان المبينة بكل من قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية ، فلا يغل يد الإدارة عن اتخاذ الإجراء الواجب متى كانت المخالفة متحققة على النحو الذي يتصادم مع حرية التعبير ويتجاوز ذلك إلى التشهير أو الاعتداء على حق الخصوصية أو استعمال القناة الفضائية في الإساءة إلى الأشخاص أو التطاول عليهم على أي نحو.

       إذ لا يجوز لجهة الإدارة تحت ستار حرية التعبير ترك الغث من القول والتجريح والتشهير بأي من المواطنين بدعوى عدم صدور أحكام جنائية تثبت ارتكاب القناة لجرائم مما يعاقب عليها قانون العقوبات ، إذ من جهة أولى :فقد لا يسعى من ناله التشهير والإساءة إلى ولوج الطريق الجنائي ، ومن جهة ثانية: يكون انتظار الإدارة لصدور حكم جنائي بمثابة دعوة صريحة للقنوات الفضائية لتكون ساحة لتخليص الحسابات ولتكون سوقاً للفاحش والسيئ من القول والفعل، ومن جهة ثالثة: تكون الجهة الإدارية قد تخلت عن الدور المنوط بها تحقيقه في حماية المشاهد والمستمع وتركته فريسة لحمى وسعار البذيء من التطاول والإساءة والتشهير، ومن جهة رابعة: فقد تحول عصمة أو حصانة من التحقيق في المخالفات أو تتبع أو ملاحقة المخالف فيزيد إمعاناً في المخالفة تحت ستار العصمة أو الحصانة ، فهذا القول لا يستقيم مع الدور المنوط بالجهة الإدارية.

       وقد ثبت للمحكمة من كل ما تقدم أن قناة الفراعين، قد قامت تحت سمع وبصر كل الجهات ذات الاختصاص ببث مجموعة من حلقات برنامج مصر اليوم، وفيها قام المدعي عليه الثامن بالتلفظ بألفاظ تعف مدونات الحكم أن تتضمنها، كما أنها آذت سمع المحكمة، والتي حرصت على الاستماع لكل جملة أو كلمة تضمنتها تلك الأقراص، وكان أهون عليها أن لا تطول آذانها أو سمعها مثل هذا الذي تضمنته، لولا أمانة أداء الواجب بالاطلاع على كل ما يقدمه أطراف الخصومة تحقيقاً لدفاعهم.     

       وقد ظهر للمحكمة من خلال الاطلاع على ما تقدم أن تلك القناة، وما تبثه وما تلفظ به المدعى عليه الثامن قد شوه المادة الإعلامية التي تقدمها للجمهور، بربطها دون دواع من مصلحة عامة ، بالتهكم تارة على الأخرين أو بالتطاول عليهم، والإساءة إليهم دون مقتضى من سياق عرض المادة الإعلامية ، فخرج بمضمون البرنامج عن غاياته التي يتعين أن يكون رائدها خدمة المشاهد ، الذي لن يفيد شيئاً من التعرض للناس خصوماً كانوا للمذيع أو أصدقاء ، فالعمل الإعلامي سواء كان مقروءًا أو مرئياً أو مسموعاً أو رقمياً، يتعين أن يتمتع بوظيفة اجتماعية ، فيقيم التوازن بين حرية الرأي والتعبير، وبين مصلحة المجتمع وأهدافه، وحماية القيم والتقاليد والحق في الخصوصية، فالحرية حق وواجب ومسئولية في وقت واحد ، والتزام بالموضوعية وبالمعلومات الصحيحة غير المغلوطة، وتقديم ما يهم عموم الناس، بما يسهم في تكوين رأي عام مستنير وعدم الاعتداء على خصوصية الأفراد والمحافظة على سمعتهم ، والالتزام بالضوابط الأخلاقية والقانونية الحاكمة للعمل الإعلامي ،الأمر الذى يعد خروجاً عن الرسالة الإعلامية([113]).

غلق أو وقف المؤسسة الإعلامية التي افشت السر الوظيفي: وهو ما يعد من الجزاءات الشديدة حيث تتعلق بوجود المؤسسة الإعلامية، وقد يكون الغلق مؤقت لفترة زمنية معينة لعل المؤسسة الإعلامية تراجع نفسها فيما تبثه، وقد يكون دائم فيما يعرف ومن أمثلة غلق المؤسسة الإعلامية لفترة محددة القرار الصادر من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والصحافة تحت رقم 50 لسنة 2018 بتاريخ 2/9/2018 بغلق قناة L.T.C   لمدة أسبوعين فيما يعد أول تطبيق للقانون 180 لسنة 2018. وبهذا يكون الغلق لفترة مؤقته إجراء من إجراءات الضبط التي يقوم بها المجلس لضبط سلوك المؤسسة الإعلامية لإعادتها للطريق المسموح به قانونا للعمل الإعلامي ([114]). وهو ما نراه يتعارض مع نص المادة 71 من الدستور الحالي المعدل في 2014 والذي جرى نصها على أن” يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زَمن الحرب أو التعبئة العامة”.

 الغاء ترخيص مزاولة البث الإعلامي للمؤسسة الإعلامية التي افشت السر الوظيفي: الغاء الترخيص الإداري الممنوح للمؤسسة الإعلامية يعد بمثابة حكم الإعدام الصادر على الشخص الطبيعي، فهو يقوم بإلغاء قرار جهة الإدارة الصادر لصالح المؤسسة الإعلامية لممارسة نشاطها الإعلامي، لمخالفة المؤسسة لشروط منح الترخيص أو تخلف شرط أو أكثر من شروط منح الترخيص، وإلغاء الترخيص قد يصدر من المجلس الأعلى للإعلام كقرار صادر من جهة الإدارة وقد يصدر من القضاء ([115])

         وهو ما نرى له تطبيقا عمليا في حكم القضاء الإداري في الدعوى رقم 50297 لسنة 65 ق بتاريخ 3/9/2014 بغلق قناة الجزيرة مباشر مصر واليرموك والقدس وأحرار 25 يناير والذي جاءت حيثياته لتؤكد علي أن” قامت تحت سمع وبصر الجميع بالخروج عن الحياد المفترض في الإعلام، وخانت الأمانة وميثاق الشرف الإعلامي، وأخذت على عاتقها بث الأكاذيب بعد ثورة الشعب على حكم جماعة الإخوان المسلمين في 30 يونيو 2013، وتصوير الثورة على أنها أكاذيب وتمثيليات أخرجها مخرجون سينمائيون، وأن الجموع التي خرجت في هذا اليوم قلة لا تمثل الشعب المصري، وأن ما حدث هذا اليوم انقلاب عسكري وليس ثورة شعبية. كما أن هذه القنوات نشرت وقائع غير صحيحة ومزيفة لإشاعة الفتنة بين الشعب والجيش، والإساءة لجيش مصر العظيم وسبه وتحريض المرتزقة في سيناء على مهاجمة الجيش والشرطة، وسب الشعب بكل فئاته، ووصف القضاة والمهندسين والمحامين وغيرهم من فئات الشعب بألفاظ نابية، ونقل وقائع غير صحيحة ومزيفه كنشر صور أطفال سوريين قتلى والادعاء كذباً أنهم أطفال مصريون قتلهم الجميع- إنها ما هي إلا شيطان مريد سقطت عنه ورقة التوت بمجرد سقوط الأنظمة الفاشية، وانكشفت سوءاتها، فإذا بها شريك في مؤامرة دولية تهدف إلى تقسيم الوطن وبث الفرقة بين أبنائه، وبينهم وبين الجيش والشرطة، وصولاً إلى تمكين جماعة مرفوضة شعبياً من رقاب شعب مصر وحكمه وفقاً لما يرونه، ووفقاً لمخططاتهم التي تباركها وترعاها منظمات عالمية، ودول وقوى أجنبية لا تضمر خيراً للشعوب العربية والإسلامية بل لا تضمر خيراً للدين الإسلامي- الذى تدعى جماعات الإسلام السياسي الدفاع عنه والعمل على رفعته. كما رأت المحكمة أن هذه القنوات جاوزت التعاطف والتأييد لفصيل معين على حساب الأغلبية من الشعب إلى التزوير والتلفيق، وقلب الحقائق ونشر أخبار كاذبة ومشاهد ملفقة بقصد استدعاء الخارج على مصر، ودعوة قوى أجنبية لاحتلال مصر، مخالفة بذلك أبجديات الشعور بالوطنية والولاء للأرض والعرض وبما يضر الأمن القومي المصري، ويعد مخالفة للدين الحنيف- وانتهت المحكمة إلي “إنه يتعين على القائمين على البث الفضائي استخدام السلطات التي منحها لهم القانون، لوقف هذا العبث الإعلامي بأمن مصر، حيث إن استمرار هذه القنوات يمثل استهانة واستفزازاً لمشاعر المواطنين عامة في المجتمع المصري والإضرار بالأمن القومي والعبث باستقرار مصر. وانتهت المحكمة إلى أن العمل الإعلامي في مصر، سواء كان مسموعاً أو مقروءًا أو مرئياً أو رقمياً، يتعين أن يتمتع بوظيفة اجتماعية، فيقيم التوازن بين حرية الرأي والتعبير، وبين مصلحة المجتمع وأهدافه، وحماية القيم والتقاليد والحق في الخصوصية”([116]).

      وهو ما نراه قد طبق في تجاوز المؤسسات الإعلامية الإلكترونية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة الدائرة الثانية، بتاريخ 22/4/2018، في الطعن رقم ٥٠٦٢٤ لسنة ٧١ ق برفض الطعن المقام من السيد/ أيمن نور بصفته صاحب قناة وموقع الشرق والذي أقام ذلك الطعن مطالبا فيه بإلغاء قرار حجب موقع القناة من مصر. واختصم فيه رئيس الوزراء ووزير الداخلية. وبنيت حيثيات المحكمة في رفض الطعن أنه تم حجب مواقع إلكترونية لوسائل إعلام وصحف تابعة لقطر وجماعة الإخوان الإرهابية، ومنها ما يتم بثه من تركيا، وذلك في مايو 2017، وشملت قائمة المواقع المحجوبة مواقع قنوات وصحف الجزيرة والشرق والعرب والراية والوطن القطرية، ووكالة الأنباء القطرية وموقع قناة الجزيرة وعربي 21 وصحيفة الشعب، والحرية بوست، وحسم، وهافينجتون، وإخوان أونلاين وغيرها. واعتادت المواقع المشار إليها بث مضامين إعلامية مساندة لجماعة الإخوان الإرهابية وتعمد ترويج الشائعات ضد الدولة. 

خصائص الجزاءات التي توقع على المؤسسات الإعلامية لإفشائها السر الوظيفي: هناك عدد من الخصائص التي تمييز الجزاءات سالفة الذكر والتي جاء بها القانون 180 لسنة 2018 منها الآتي ([117]):

  1. حماية المجتمع والمحافظة على حقوق الأغلبية التي تتعرض للأخطار نتيجة إفشاء السر الوظيفي.
  2. القدرة علي ردع المؤسسات الإعلامية المخالفة بما تمثله تلك العقوبات من تهديد لاستمرار وجود نشاطها والتأثير على سمعتها ووضعها تحت الرقابة القضائية وحرمانها من بعض حقوقها.
  3. حجم الغرامة التي توقع على المؤسسة الإعلامية تتناسب مع جسامة الأثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تنتج عن إفشاء السر الوظيفي وعدم التزام المؤسسة الإعلامية بقواعد الحيطة والحذر ومقتضيات الالتزام بوسائل الأمان.
  4. 4-   تتوافق تلك العقوبات مع كون المؤسسة الإعلامية ذات شخصية اعتبارية لا يمكن للمشرع من توقيع عقوبات سالبة للحرية في حقها، مع الحفاظ في ذات الوقت على الهدف من العقوبة وهو تحقيق الردع.

الفرع الثالث

المسئولية المدنية للمؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي

       تلتزم المؤسسة الإعلامية بتعويض الأضرار الناشئة عن مخالفتها لنصوص القانون بإفشائها السر الوظيفي؛ أن الفقه يميز بين مسئوليتها المباشرة عن تعويض المضرورين من إفشاء السر الوظيفي نتيجة عملها هي، وبين مسئوليتها غير المباشرة عن ذلك، فهناك طائفتين من موظفي المؤسسة الإعلامية طائفة العقل المدبر والمسيطر على المؤسسة الإعلامية وهم رئيس مجلس الإدارة وأعضائه والمدير التنفيذي وهم من يقومون برسم سياساتها وإصدار التعليمات والأوامر التي تنظم كيفية ممارسة نشاطها، وهم من يمثلون إرادتها فتسأل عما يصدر منهم باسمها من أفعال مسئولية مباشرة، وهناك طائفة أخرى تتمثل في أياد المؤسسة الإعلامية وهم التابعون الذين يقتصر دورهم على تنفيذ السياسات والاوامر الصادرة من العقل المدبر الذي يجسد إرادتها وهؤلاء تسأل عنهم مسئولية غير مباشرة ([118]).

المسئولية المباشرة للمؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي: تترتب المسئولية التقصيرية المباشرة للمؤسسة الإعلامية نتيجة انحرافها عن السلوك الواجب عليها اتباعه ويقاس عنصر الانحراف وعدم الحرص واليقظة المكون للخطأ بالقياس على مؤسسة إعلامية أخرى تعمل في ذات ظروفها، ويجب على المضرور في هذه الحالة إثبات انحراف المؤسسة الإعلامية بإفشائها للسر الوظيفي أو عد تحليها باليقظة والحذر حتى لا يذاع ذلك السر، وبالطبع من سيقوم بالانحراف المكون لركن الخطأ  هم ممثليه القانونيين كأعضاء مجلس إدارة المؤسسة الإعلامية فإي عمل يصدر من ممثل المؤسسة الإعلامية ينسب خطأه مباشرة لها، وخطأ المؤسسة الإعلامية هو خطأ مفترض يمكن أثبات عكسه([119]).

المسئولية الغير مباشرة للمؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي: تعتبر مسئولية المؤسسة الإعلامية غير المباشرة من أهم صور المسؤولية التقصيرية وأكثرها حدوثًا في الحياة العملية، فعلي الرغم أنها في حقيقة الأمر قد تكون لم ترتكب أي فعل يتعلق بإفشاء السر الوظيفي، إلا أن القانون جعلها مسئولة عمن قام بارتكاب هذا الفعل، لذلك فقد ارتأى المشرع أن يحيط هذه المسئولية بمجموعة من الشروط التي لا تقوم مسئولية المؤسسة إلا بتحققها، والتي نصت عليها المادة 174 من القانون رقم 131 لسنة 1948 حيث جاء نصها” (1) أن يكون المتبوع مسئولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها.(2) وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متى كانت عليه سلطة فعليه في رقابته وتوجيهه”.

     فهناك ثلاثة شروط طبقا للنص السابق يجب أن تتوافر حتى نقر بالمسئولية غير المباشرة للمؤسسة الإعلامية عن أعمال العاملين بها وتتمثل في الآتي:

  1. وجود علاقة تبعية بين المؤسسة الإعلامية والعامل أو الموظف الذي قام بإفشاء السر الوظيفي أو ساعد على إفشائه: وعلاقة التبعية قد تكون لارتباط التابع بالمؤسسة الإعلامية بموجب عقد عمل أو خضوعه للمؤسسة اقتصاديا لاضطراره لكسب العيش من خلال العمل بها وذلك في المؤسسات الخاصة؛ بينما في المؤسسات العامة فعلاقة التبعية تنظمها اللائحة لتعيينه بالمؤسسة بموجب قرار إداري. وعلاقة التبعية تظهر في رقابة وتوجيه المؤسسة الإعلامية له حتى ولوكان ممثلها في ذلك لا يملك الجوانب الفنية التي تساعده في التوجيه والرقابة، وتسأل المؤسسة الإعلامية عن عمل تابع التابع أي من يسخره العامل لديها لتنفيذ عملها بشرط أن تكون للمؤسسة الإعلامية سلطة الرقابة والتوجيه على تابع التابع. وعلاقة التبعية بين المؤسسة الإعلامية والعامل أو الموظف الذي قام بإفشاء السر الوظيفي أو ساعد على إفشائه، لا تفترض بل على المضرور من إفشاء السر الوظيفي إثباتها بكافة طرق الإثبات ([120]).
  2. وقوع افشاء السر الوظيفي أو المساعدة في إفشائه من الموظف أو العامل التابع للمؤسسة الإعلامية:

فلا تكفي علاقة التبعية لإثبات حدوث مسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء موظفيها للسر الوظيفي أو مساعدتهم على ذلك بل يجب إثبات ذلك فمسئولية المؤسسة الإعلامية عن أعمال تابعيها تدور وجود أو عدما مع مسئولية تابعيها فيجب أن يكون ذلك التابع قد أخطأ بإفشائه للسر الوظيفي أو ساعد في ذلك، وأن يكون ذلك الإفشاء سبب ضرر للغير ويرتبط الإفشاء بالضرر بعلاقة سببيه ([121]).

  • أن يكون افشاء السر الوظيفي أو المساعدة في إفشائه قد تمت أثناء تأدية التابع لوظيفته بالمؤسسة الإعلامية أو بسببها: وذلك أمر منطقي فسلطة الرقابة والتوجيه للمؤسسة الإعلامية علي موظفيها والعاملين بها لا تكون إلا أثناء تأديتهم لوظائفهم أو بسببها، ويكون إفشاء السر الوظيفي أو المساعدة في إفشائه تم بمناسبة تأدية الوظيفة بأن يكون قد تم ذلك وهو يقوم بعمل من أعمال وظيفته، وأن يكون لازال يعمل لدى المؤسسة الإعلامية حال ارتكابه ذلك، ولا يشترط في هذه الحالة أن يكون الفعل إيجابا بل يمكن أن يكون إفشاء السر الوظيفي أو المساعدة في إفشائه قد تم بالامتناع؛ أما  إفشاء السر الوظيفي أو المساعدة في إفشائه يكون بسبب الوظيفة إذا ارتكب عن طريق تزيده في أداء عمله أو إساءته لاستعمال سلطته أي أن وظيفته هي التي يسرت له وهيأت له ارتكاب هذا الفعل([122]).

أساس مسئولية المؤسسة الإعلامية عن عمل تابعها: حددت محكمة النقض أساس مسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء تابعها للسر الوظيفي حاسمة بذلك  جدلا فقهيا كبيرا، فقضت بأن المقرر في قضاء محكمة النقض أن القانون المدني أقام في المادة 174 منه مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس، مرجعه سوء اختياره لتابعه، وتقصيره في رقابته وأن القانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعاً من التابع “حال تأدية الوظيفة أو بسببها” ولم يقصد أن تكون المسئولية مقتصرة على خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته، أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ، أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه، بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة، أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع، أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه التابع لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي، وسواء أكان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها. وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه”([123]).

وقضت مفصلة لأساس هذه المسئولية مجيبة علي تساءل هام لما قررت بأن” مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور تقوم على فكرة الضمان القانوني، فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد، ومن ثم فإن للمتبوع الحق في الرجوع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور لا على أساس أنه مسئول معه، بل لأنه مسئول عنه”([124]).

أثار المسئولية المدنية غير المباشرة للمؤسسة الإعلامية: تتمثل تلك الأثار في العلاقة بين المضرور والمؤسسة الإعلامية وتابعها الذي قام بإفشاء السر الوظيفي أو ساعد على إفشائه، وبين المؤسسة الإعلامية وتابعها من جهة أخرى.

العلاقة بين المضرور والمؤسسة الإعلامية وتابعها: يجوز للمضرور من إفشاء السر الوظيفي أن يقيم دعوى التعويض علي المؤسسة الإعلامية التي تم الإفشاء من خلالها وبواسطة تابعيها، ويجوز له إدخال التابع الذي قام بالإفشاء أو ساعد عليه في دعوى التعويض، وفي هذه الحالة يكون كل منهما مسئولا عن سداد كامل التعويض المحكوم به؛  ومن الممكن له كما سبق أن ذكرت في المسئولية المدنية للإعلامي أن يعود  مباشرة علي التابع بدعوى المسئولية الشخصية ، وهنا لا يجوز إدخال المؤسسة الإعلامية في الدعوى إلا إذا كانت قد ساهمت بجزء من الخطأ الذي سبب الضرر وهنا يكون إدخالها بدعوى المسئولية الشخصية المباشرة عن الضرر وليس باعتبارها متبوعا؛ إلا أن الواقع العملي والمنطق القانوني يختار الرجوع علي المؤسسة الإعلامية باعتباره الأقدر علي دفع التعويض المالي، فلا يصطدم بإعسار التابع بعد الحكم، كما ان هذا هو السبب الرئيسي والحقيقي الذي جعل المؤسسة الإعلامية مسئولة إلي جانب تابعها عن عمله([125]).

العلاقة بين المؤسسة الإعلامية وتابعها: أجاز القانون للمؤسسة الإعلامية الرجوع بما قامت بسداده تعويضا عن إفشاء تابعها للسر الوظيفي أو مساعدته في ذلك، فنصت المادة 175 من القانون المدني رقم 131 لسنة 1948 علي أن” للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولا عن تعويض الضرر”، ويجب علي المؤسسة الإعلامية إثبات خطأ تابعها الذي تسبب في إفشاء السر الوظيفي، وعلي ذلك يكون رجوعها عليه كليا أو جزئيا علي حسب مساهمة التابع في الخطأ الذي تسبب في إفشاء السر الوظيفي والذي حكم بالتعويض بسببه([126]).

       وهو ما قضت به محكمة النقض من أن” مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور، وتقوم على فكرة الضمان القانوني فيعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد. ومن ثم فإذا أوفى المتبوع بالتعويض كان له أن يرجع به كله على تابعه محدث الضرر، كما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه المسئول عنه وليس مسئولاً معه، وهذه القاعدة هي التي قننها المشرع في المادة 175 من القانون المدني التي تقضي بأن للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر ولم يقصد المشرع بتلك المادة أن يستحدث للمتبوع دعوى شخصية جديدة يرجع بها على تابعه”([127]).

الخاتمة

       أصبح الإعلام بمؤسساته المختلفة وسيلة فعالة في تشكيل المجتمع وبنائه، وفي تضليله وأثارت الفتن فيه وهدمه، ومن هنا ظهرت خطورة إفشاء السر الوظيفي المجرم إفشائه بموجب نصوص قانونية موجودة في قوانين مختلفة عبر تلك المؤسسات وبواسطة عمالها وتابعيها ووسائلها، وتظهر تلك الخطورة في ما يحتويه ذلك السر فإذا كان سرا يتعلق بأمن البلاد من الداخل أو الخارج أو سر دبلوماسي يعكر صفو العلاقات بين الدول ، أو سر حربي أو سر اقتصادي يؤدى لسقوط البورصة، وتهاوى سعر صرف العملة أمام العملات الأجنبية، أو حدوث تلاعب في أسعار سلع أو احتكارها وتخزينها مما يضر ابلغ الضرر بكيان الدولة والمجتمع، وقد يتعلق السر الوظيفي بالحياة الخاصة للإفراد مثل حياتهم الصحية أو العائلية ويتم استغلاله بغرض تصفيتهم سياسيا أو وظيفيا أو اغتيالهم معنويا أو بغرض النكاية فيهم، ويتعاظم أثر إفشاء السر الوظيفي عبر المؤسسات الإعلامية لتحقق العلانية بشكل لا مثيل له فيتابعها ملايين ، ففي وقت قصير يصبح السر في متناول ملايين من البشر يلوكونه بألسنتهم، فكان لابد من القاء الضوء علي خطورة تلك المؤسسات ودورها في إفشاء السر الوظيفي ومن ثم مسئوليتها القانونية عن ذلك وهو ما حاولنا جاهدين فعله في هذا البحث.

       فتناولنا التأصيل للعلاقة بين الإعلام والسر الوظيفي في مبحث أول: تناولنا في مطلب أول: ماهية السر الوظيفي من حيث المفهوم والنطاق وانواعه وطرق ووسائل إفشائه والأساس القانوني للالتزام بعدم إفشائه، ثم تطرقنا في المطلب الثاني إلي ماهية الإعلام من حيث مفهومه والقيود المفروضة عليه، والعلاقة بينه وبين السر الوظيفي وكيفية الموائمة بينهما.

       ثم في المبحث الثاني: أصلنا قانونا لمسئولية الإعلامي والمؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي فجاء المطلب الأول: متناولا مسئولية الإعلامي التأديبية والجنائية والمدنية عن إفشاء السر الوظيفي، وجاء المطلب الثاني في مسئولية المؤسسة الإعلامية عن إفشاء السر الوظيفي متناولين الأساس القانوني لهذه المسئولية، الجزاءات التي يمكن مساءلة المؤسسة الإعلامية بها عن إفشاء السر الوظيفي ثم انتهينا للمسئولية المدنية لها عن تعويض المضرورين من إفشاء السر الوظيفي. وخلصنا في بحثنا هذا إلي النتائج التالية:

أولا: لابد من صدور تشريع يعرف السر الوظيفي تعريفا دقيقا حتى لا يتم التوسع في الصاق عبار سر وظيفي على كل معلومة لا ترغب السلطة التنفيذية بأجهزتها  المختلفة في إخفائها، مما يرسخ لمكافأة الفساد وعدم اكتشافه أو الاقتراب منه بحجة أن هذا الأمر يتعلق بالسر الوظيفي.

ثانيا: على المشرع المصري أن يسارع في إصدار قانون الشفافية الإدارية تطبيقا لنص 68 من الدستور المصري الحالي الصادر عام 2014 والذي جاء نصها أن “المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمداً.وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمتنها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقاً للقانون”. وهذا القانون سيساعد في كشف النقاب عن الكثير من المعلومات التي يعدها البعض اسرار وظيفية، وسيساعد بالفعل على الحفاظ على ما يعد سرا وظيفيا حقيقيا، فكثرة الأسرار تقلل من أهميتها لدى حاملها والمؤتمن عليها.

ثالثا: يجب على السلطة التنفيذية المصرية ممثلة في المجلس الأعلى للإعلام بسرعة إصدار اللوائح المنظمة لعمل القوانين 178، 179، 180 لسنة 2018، ذاكرين العقوبات التي يمكن أن توقع علي الإعلامي، وعلي المؤسسة الإعلامية بشكل مفصل، موضحين العقوبة وسبب توقيعها علي أن يكون من ضمن تلك الأسباب سبب إفشاء السر الوظيفي بشكل صريح ومعلن مع تحديد ما يعد سرا وظيفيا علي سبيل المثال لا الحصر مع الإحالة إلي التعريف الذي سيرد في القانون المقترح في البند أولا وقانون الشفافية الإدارية في البند ثانيا من النتائج.

رابعا: التركيز علي العقوبات المالية سواء علي الإعلامي أو المؤسسة الإعلامية في حالة إفشاء السر الوظيفي أو المساعدة في إفشائه، علي أن يتم شطب الإعلامي من نقابته التابع لها، وغلق وسحب الترخيص من المؤسسة الإعلامية حال تكرار ارتكابها لإفشاء السر الوظيفي أو المساعدة في إفشائه.

وفي الختام أذكر قول الإمام الشافعي عندما قال:

كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي

وإذا ما أزددت علماً زادني علماً بجهلي

تم بحمد الله وتوفيقه

قائمة المراجع

أولا: المراجع باللغة العربية:

د. إبراهيم عبد الله المسلمي: الإعلام والمجتمع، دار الفكر العربي، ط.2، 2007.

د. أحمد حسن فولى: نحو قانون دولي للإعلام مواجهة الحرب الإعلامية في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، 2018.

د. أحمد سليمان مغاوري سليمان: مسئولية الإعلام عن جرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة، بحث مقدم للمؤتمر العلمي الرابع لكلية الحقوق جامعة طنطا، القانون والإعلام، المنعقد خلال الفترة من 23-24 إبريل 2017.

أ. أحمد عزت وأخرين : حرية تداول المعلومات دراسة قانونية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، ط.2، 2013.

د. السيد عبد الحميد محمد عبد القادر: ممارسة الموظف للحريات العامة في القانون الإداري والقانون الدولي، رسالة دكتوراه، حقوق أسيوط، 2002.

د. أمل لطفي حسن جاب الله: أصول القانون الإداري الجزء الثاني النشاط الإداري، د. ن ، د. ت.

أ. بشري مداسي: الحق في الإعلام من خلال القوانين والنصوص التنظيمية للمؤسسات الإعلامية في الجزائر، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية والإعلام، جامعة الجزائر (3)، الجزائر، 2011.

د. بطي سلطان المهيري: أسس وأنواع المسئولية الجنائية للشخص الاعتباري في القانون الإنجليزي وقانون العقوبات لدولة الامارات المتحدة دراسة تحليلية مقارنة، مجلة الشريعة والقانون، كلية الشريعة والقانون، جامعة الامارات العربية المتحدة، العدد(66)، إبريل 2016.

د. بن عشي حفصية: الجرائم التعبيرية دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية،2016.

د. جابر يوسف عبد الكريم المراغي: جرائم انتهاك أسرار الدفاع عن البلاد من الناحيتين الموضوعية والإجرامية، دار النهضة العربية، 1998.

أ. جاري شيراز: مسئولية الموظف عن إفشاء السر المهني، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خضير بسكره، الجزائر، 2013-2014.

د. جعفر كاظم جبر الموازنى، د. نعيم كاظم جبر الموازنى: نحو نظام قانوني لمسئولية الصحفي المدنية عن عرض صور ضحايا الجريمة، مجلة مركز دراسات الكوفة، العراق، عدد (7)، 2011.

د. جميل عبد الباقي الصغير: الانترنت والقانون الجنائي، دار النهضة العربية، 2012.

د. حامد راشد: شرح قانون العقوبات القسم العام، د.ن، 2008.

أ. حبيبة أمير: المسئولية الناشئة عن عمل الغير، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، الجزائر، 2014.

د. حسام الدين كامل الأهواني: المدخل للعلوم القانونية، ط3، د. ن، 1997.

د. خالد الزبيدي: التزام الموظف العام بكتمان أسرار الوظيفة العامة في القانون الأردني دراسة مقارنة، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، العدد (3)، السنة (36)، سبتمبر 2012.

د. خالد رمضان عبد العال سلطان: المسئولية الجنائية عن جرائم الصحافة دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، حقوق حلوان، 2002.

د. رأفت جوهري رمضان: العمل الإعلامي والخطورة الإجرامية، دار النهضة العربية، 2012.

أ. رامي يوسف محمد ناصر: المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجرائم الاقتصادية، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، 2010.

د. رانيا محمود الكيلاني: المسئولية الاجتماعية للإعلام المصري فيما بعد ثورة يناير 2011، مجلة كلية الآداب، جامعة طنطا، مصر، عدد (26)، الجزء الأول، يناير 2013

أ. ربيع ناجح راجح أبو الحسن: مسئولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين، 2008.

د. رنا إبراهيم سليمان العطور: المسئولية الجزائية للشخص المعنوي، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد (22)، العدد(2).

أ. ريمة موايعية: النظام القانوني للمصادرة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة العربي التبسي تبسه، الجزائر، 2016.

د. سعد صالح شكطى الجبوري: مسئولية الصحفي الجنائية عن جرائم النشر دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2013.

المستشار. سعداوي مفتاح: جريمة إفشاء الموظف العام أسرار وظيفته وأثرها علي وضعه التأديبي، مركز معلومات النيابة الإدارية، ص8، 9 متاح على شبكة الإنترنت علي موقع: www.ba.menoufia.com

أ.شيماء شمسه: أخلاقيات العمل الإعلامي من منظور إسلامي ” دراسة تحليلية نظرية”، رسالة ماجستير، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة الشهيد حمد لخضر، الوادي، الجزائر، 2015.

د. طارق سرور: شرح قانون العقوبات القسم الخاص جرائم الأشخاص والأموال، دار النهضة العربية، 2010.

د. طارق حسنين الزيات: حرية الرأي لدي الموظف العام ” دراسة مقارنة مصر وفرنسا”، د. ن، ط.2، 1998.

د. عادل أبو الخير: الضبط الإداري وحدوده، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995.

أ. عبد الرحمن عبيد الله عطا الله الوليدات: الحماية الجزائية للأسرار المهنية في القانون الأردني دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، حقوق جامعة الشرق الأوسط، عمان، الأردن، 2010.

 د. عبد الرحمن عزاوى: الرخص الإدارية في التشريع الجزائري، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الجزائر، الجزائر، 2007.

د. عبد المنعم عبد الحميد إبراهيم شرف: التزام الموظف العام بالتحفظ في ضوء أحكام القضاء الإداري دراسة مقارنة، مجلة روح القوانين، كلية الحقوق جامعة طنطا، العدد(65)، يناير 2014.

د. عمر سالم: نحو قانون جنائي للصحافة، دار النهضة العربية، ط.1، 1995.

د. عمرو محمد سلامة العليوى: حق الحصول على المعلومات في ضوء القانون الأردني رقم 47 لسنة 2007 دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، حقوق عين شمس، 2011.

د. غنام محمد غنام: الحماية الجنائية لأسرار الأفراد لدي الموظف العام، مجلة كلية الحقوق، جامعة المنصورة، العدد الرابع، أكتوبر 1988.

د. فارس بن علوش بادي السبيعي: دور الشفافية والمساءلة في الحد من الفساد الإداري في القطاعات الحكومية، رسالة دكتوراه، كلية الدراسات العليا، قسم العلوم الإدارية، جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض، السعودية، 2010.

د. فاطمة عادل سعيد عبد الغفار: القضاء والإعلام، رسالة دكتوراه، حقوق عين شمس، 2016.

أ. فتحي الإبياري: نحو اعلام دولي جديد، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1988.

أ. فريدة غليم: المسؤولية المدنية للشخص الاعتباري، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة البويرة، 2013.

د. كمال طلبة المتولي سلامة، دور الدولة في حماية السرية والاستثناءات الواردة عليها، مركز الدراسات العربية، ط.1، 2015.

د. ماجد راغب الحلو: حرية الإعلام والقانون، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2009.

د. ماجد راغب الحلو: السرية في أعمال السلطة التنفيذية، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، جامعة الإسكندرية، العدد الأول، 1975.

د. مجدي بسيوني علي أحمد: العقوبة الخاصة بين النظرية والتطبيق، رسالة دكتوراه، حقوق حلوان، 2015.

د. مجدي محب حافظ: الحماية الجنائية لأسرار الدولة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1997.

د. مجدي مدحت النهري: الموظف العام، دار النهضة العربية، 1996.

د. محمد باهي أبو يونس: التنظيم القانوني لحرية الحصول على الوثائق الإدارية في التشريع الفرنسي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2002

د. محمد عبد الظاهر حسين: المسئولية المدنية للمحامي تجاه العميل، دار النهضة العربية، 1996.

أ. محمد عبد الجواد الأحمد: المسئولية المدنية للإعلامي في الشريعة الإسلامية والنظام السعودي، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، 2000.

المستشار. محمد ماهر: إفشاء سر المهنة الطبية، مجلة القضاة، العدد التاسع، سبتمبر 1975.

د. محمد نصر محمد القطري: المسئولية الجنائية للشخص الاعتباري دراسة مقارنة، مجلة جامعة المجمعة، المملكة العربية السعودية، العدد (5)، يونيو 2014.

د. محمود نجيب حسنى: شرح قانون العقوبات القسم الخاص، دار النهضة العربية، 1988.

د. مروة محمد العيسوي: مدة توافق الإفصاح في الجهاز المصرفي مع مبدأ السرية، المركز القومي للإصدارات القانونية، ط.1، 2016.

أ. مريم الحاسي: التزام البنك بالمحافظة علي السر المهني، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبو بكر بلقايد تلمسان، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، 2011-2012.

أ. مريم كحلولة: أحكام المسئولية الجزائية للشخص المعنوي في التشريع الجزائري، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة د. الطاهر مولاي سعيدة، الجزائر، 2017.

د. مصطفي أحمد عبد الجواد حجازي: الحياة الخاصة ومسئولية الصحفي ” دراسة فقهية قضائية مقارنة في القانونين المصري والفرنسي”، دار الفكر العربي، 2001.

د. معتز نزيه صادق المهدى: الالتزام بالسرية والمسئولية المدنية دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 2007.

د. نبيلة عبد الحليم كامل، د. جابر جاد نصار: الوسيط في القانون الإداري، دار النهضة العربية، 2004.

د. ياسر حسين بهنس: الحماية الجنائية للسرية في القانون الضريبي، مركز الدراسات العربية، ط.1، 2015.

د. يسري حسن القصاص: الضوابط الجنائية لحرية الرأي والتعبير دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة،2014.

ثانيا: المراجع الأجنبية:

Armstrong Elia: Integrity, Transparency and Accountability in Public Administration: Recent Trends Regional and International Developments and emerging Issues .Economic social.affairs, edition 2005.

Auby (J.M.) et Ducos –Ader (R.):Droit administrative: La function pubique¸ et les travaux publiques.Paris.Dalloz,1986.

BAUDOUIN (Jean-Lois):” Secret Professionnel et droit au secret dans le droit québecois comparé au droit Français et la common-law”.Paris, Librarie générale de droit et de jurisprudence, 1965.no.

Compulsory Membership in an Association Prescribed by Law for the Practice of Journalism, Advisory OpinionOC-5/85, 13 November 1985, para. 30.

LE GRAND (A):médiateur.Répertoire de contentieux administratifs Encoclopedie.Dalloz.1993.

Lemasurier J.Vers une démocratie administrative: Du refus d´informer au droit d´être informé, RDP, 1980.

Michel prieur,Droit de l’environment4ed dalloz,2001.

MONGIN(M.),problem de ressponsablité ,pénale de directeurs de publication, R.S.C,1974,

William Wilson, Criminal law Edinburgh: Pearson education limited, Fifth edition, 2014.

Patrice Jourdain: Les principes de la resposabilité civile-3e éd-Dalloz, 1996.

Report of the Commission on Protecting and Reducing Government printing office, Washington, 1997, p8, 9.available at: http://www.biblioteapleyades.net..

:RESPONSABILITE DU DIRECTEUR DE LA PUBLICATION: MEME EN CAS D’EXTERNALISATION ? Journal, Avocate Paris 75005, Disponible sur le site: https://www.murielle-cahen.com.

 

Yves Jégouzo,la modernization et la transparence de l`administration au défi de Wikileaks, AJDP, 2010.


([1]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 25 لسنة 22 ق دستورية جلسة 5/5/ 2001.

وهو ما أكد عليه الدستور المصري المعدل عام 2014 في المادة 65 منه بالنص على أن” حرية الفكر والرأي مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر”.

([2]) نصت المادة 70 منه على أن “حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة، وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي.وتصدر الصحف بمجرد الإخطار على النحو الذي ينظمه القانون. وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث الإذاعي والمرئي والصحف الإلكترونية”. كما نصت المادة 71 منه على الحماية الكاملة لوسائل الإعلام حتى تمارس نشاطها بالنص على أن” يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زَمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون”، وقد أكدت على استقلال المؤسسات الإعلامية حتى المملوكة لها في المادة 72 منها تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام”.

([3]) نص الدستور المصري الحالي المعدل عام 2014 في المادة 68 منه علي أن” المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمداً.وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمتنها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقاً للقانون”.

([4]) ففي أو تقرير للمدياتير الفرنسي قرر فيه أن السرية التي تحيط بها الإدارة أعمالها عادة بغيضة تمثل أثراً للنظام النابليوني المستبد، قد آن الأوان للتخلص منها بلا رجعة لتحل محلها العلانية التي تفرض على الإدارة الفرنسية الشفافية، وتضع نهاية لهذا الاحتكار الإداري السيء للمعلومات، راجع:

LE GRAND (A):médiateur.Répertoire de contentieux administratifs Encoclopedie.Dalloz.1993, p5.

، راجع د. محمد باهي أبو يونس: التنظيم القانوني لحرية الحصول على الوثائق الإدارية، دار الجامعة الجديدة للنشر،2002، ص9.

([5]) وذلك لا يشمل غيرها من الأسرار التي يطلع عليها بأي طريق آخر، د. أمل لطفي حسن جاب الله: أصول القانون الإداري الجزء الثاني النشاط الإداري، د. ن، د. ت، ص249، 250.

([6]) د. نبيلة عبد الحليم كامل، د. جابر جاد نصار: الوسيط في القانون الإداري، دار النهضة العربية، 2004، ص473.

([7]) كلمة سر secret مشتقة من كلمة sacred  والتي تعنى مقدس حيث اقترن السر في بداية الأمر بطبيعة التقديس، وقد بدأت المحافظة علي السر الوظيفي كواجب ذو طبيعة أخلاقية في البداية فكان يحكم كل مهنة القانون الأخلاقي للمهنة، ثم نظرا لأن المهن كثيرة ومختلفة وكل مهنة يطلع صاحبها علي أسرار عديدة يؤدي افشائها إلي خطر كبير قد يهدد كافة نواحي الحياة، راجع أ. عبد الرحمن عبيد الله عطا الله الوليدات: الحماية الجزائية للأسرار المهنية في القانون الأردني دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، حقوق جامعة الشرق الأوسط، عمان، الأردن، 2010، ص 2، وما بعدها.

([8]) د. ياسر حسين بهنس: الحماية الجنائية للسرية في القانون الضريبي، مركز الدراسات العربية، ط.1، 2015، ص15.

([9]) راجع المستشار. محمد ماهر: إفشاء سر المهنة الطبية، مجلة القضاة، العدد التاسع، سبتمبر 1975، ص99، 100.

([10]) راجع قريب من هذا المعنى أ. جاري شيراز: مسئولية الموظف عن إفشاء السر المهني، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خضير بسكره، الجزائر، 2013-2014، ص20.

([11]) د. محمود نجيب حسنى: شرح قانون العقوبات القسم الخاص، دار النهضة العربية، 1988، ص753.

وعرف أيضاً بأنه: اسباغ الدولة علي واقعة أو شيء ما صفة السرية بحيث يتعين بقاؤه محجوباً عن غير من كلف بحفظه أو استعماله ما لم تتقرر إباحته، راجع في ذلك أ. عبد الرحمن عبيد الله عطا الله الوليدات، مرجع سابق، ص14.

([12]) د. خالد الزبيدي: التزام الموظف العام بكتمان أسرار الوظيفة العامة في القانون الأردني دراسة مقارنة، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، العدد (3)، السنة (36)، سبتمبر 2012، ص542.

([13]) د. عبد المنعم عبد الحميد إبراهيم شرف: التزام الموظف العام بالتحفظ في ضوء أحكام القضاء الإداري دراسة مقارنة، مجلة روح القوانين، كلية الحقوق جامعة طنطا، العدد(65)، يناير 2014، ص102.

([14]) د. جابر يوسف عبد الكريم المراغي: جرائم انتهاك أسرار الدفاع عن البلاد من الناحيتين الموضوعية والإجرامية، دار النهضة العربية، 1998، ص136.

([15]) د. السيد عبد الحميد محمد عبد القادر: ممارسة الموظف للحريات العامة في القانون الإداري والقانون الدولي، رسالة دكتوراه، حقوق أسيوط، 2002، ص582.

([16]) وهو تقريبا ما صار علي نهجه القانون العماني الخاص بأسرار الوظيفة والأماكن المحمية الصادر في 28/8/1975، والذي اهتمت بتعريف الوثائق محل الحماية فعرف في المادة الأولي منه أصدراه الوثيقة أو المعلومات رسمية بأنها: أي رسم أو صورة أو مخطط أو نموذج أو تصميم أو شكل أو عينة أو مقالة أو مذكرة أو وثيقة أو معلومات ذات صلة مباشرة أو غير مباشرة بوظيفة أي موظف.، كما عرفت الوثيقة أو المعلومات الرسمية المصنفة بأنها: أية وثيقة أو معلومات رسمية تحمل التصنيف (سري) أو (سري جدا) أو (مكتوم) أو (محظور) أو أي تصنيف أخر مماثل، وأية وثيقة أو معلومات رسمية يكون إفشاؤها مناقضا لمصالح الدولة. ثم تطرق في المادة الثانية إلي التطبيق العملي للقانون فقرر أنه تحقيقا لأغراض هذا القانون، تشمل عبارة “وثيقة أو معلومات رسمية” أي جزء من وثيقة أو معلومات رسمية، عبارة “وثيقة أو معلومات رسمية مصنفة” أي جزء من وثيقة أو معلومات رسمية مصنفة. وتشمل العبارات التي تشير إلى نقل “الوثائق أو المعلومات الرسمية أو الوثائق أو المعلومات الرسمية المصنفة نقلها المادي أو الشفوي، كإعطاء الوثيقة أو المعلومات الأصلية أو نسخها أو صورة أو خلاصة عنها، أو إفشائها أو صفها أو إبرازها أو تحويلها، وكذلك إتاحة الفرصة أمام شخص أخر لكي يتلقى أو ينسخ أو يصور أو يلخص أية وثيقة أو معلومات رسمية أو أية وثيقة أو معلومات رسمية مصنفة.

([17])، راجع قريب من ذلك د. مجدي محب حافظ: الحماية الجنائية لأسرار الدولة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1997، ص163، وما بعدها.

([18]) د. طارق سرور: شرح قانون العقوبات القسم الخاص جرائم الأشخاص والأموال، دار النهضة العربية، 2010، ص 641.

([19]) د. ياسر حسين بهنس، مرجع سابق، ص23.

وهو ما يتوافر في الموظف العام الذي تتيح له وظيفته العامة أن يطلع على أمور وأسرار لم يكن في استطاعته أن يطلع عليها لولا وظيفته. أ. جاري شيراز، مرجع سابق، ص19.

([20]) د. غنام محمد غنام: الحماية الجنائية لأسرار الأفراد لدي الموظف العام، مجلة كلية الحقوق، جامعة المنصورة، العدد الرابع، أكتوبر 1988، ص165، د. خالد الزبيدي، مرجع سابق، ص543، 544، د. عبد المنعم عبد الحميد إبراهيم شرف، مرجع سابق، ص101.

وما ذهب إليه القضاء الفرنسي من اعتبار المواضيع غير النهائية والأعمال التحضيرية التي تقوم بها الإدارة غير قابلة للاطلاع، راجع:Michel prieur,Droit de l’environment4ed dalloz,2001,p105.                                     

([21]) د. محمد عبد الظاهر حسين: المسئولية المدنية للمحامي تجاه العميل، دار النهضة العربية، 1996، ص127.

([22]) وهو ما قضت به محكمة استئناف Orléans الفرنسية عام 1929 عندما حكمت بأن” إذا كان إفشاء الواقعة التي أسر بها إلي الأمين ( وقد كان طبيبا) ليس من شأنه إحداث ضرر من أي طبيعة كانت وإذا لم يكن لصاحب السر مصلحة في الكتمان فإن صفة السرية لا تنطبق علي الواقعة محل الذكر..” راجع:

Orléans14nov.1929, D.H.1930.76.

([23]) د. محمود نجيب حسنى، مرجع سابق، ص753، وما بعدها.

([24]) د. ياسر حسين بهنس، مرجع سابق، ص17، 18.

وهو ما قضت به محكمة النقض المصرية من أن” القانون لم يبين معنى السر، وترك الأمر لتقدير القضاة، فوجب أن يرجع في ذلك إلي العرف وظروف كل حادثة علي انفراد” راجع حكم محكمة النقض الصادر في فبراير 1942، مشار إليه لدى د. غنام محمد غنام، مرجع سابق، ص172.

([25]) د. غنام محمد غنام، مرجع سابق، ص164.

وهو ما قضي به القضاء الفرنسي في العديد من أحكامه منها:

Rennes 7 mai 1979, J.C.P.1980.ıı.19333, note Chambon, Crim Janv.1968, and D.1968.153.

([26]) د. محمود نجيب حسنى، مرجع سابق، ص753، وما بعدها.

([27]) د. خالد الزبيدي، مرجع سابق، ص544، 545، د. ياسر حسين بهنس، مرجع سابق، ص17، 18.

([28]) د. خالد الزبيدي، مرجع سابق، ص545.

([29]) د. جابر يوسف عبد الكريم المراغي، مرجع سابق، ص139.

([30]) راجع :

Auby (J.M.) et Ducos –Ader (R.):Droit administrative: La function pubique¸ et les travaux publiques.Paris.Dalloz,1986,p.190.

([31]) حيث جاء نص المادة 150 من اللائحة التنفيذية للقانون 81 لسنة 2016، عندما تناولت مخالفات الموظفين قامت بتخصيص أكثر من فقرة بها للحماية من انتهاك السر الوظيفي فجاء نصهم كالآتي:1……..2-إفشاء أية معلومات يطلع عليها بحكم وظيفته إذا كانت سرية أو بموجب تعليمات تقضي بذلك دون أذن كتابي من الرئيس المختص ويظل هذا الالتزام قائما يعد ترك الخدمة. 7-الاحتفاظ لنفسه بأصل أية ورقة رسمية أو نزع هذا الأصل من الملفات المخصصة لحفظه، ولو كانت خاصة بعمل كلف به أو الاحتفاظ بضرورة أي وثيقة رسمية أو ذات طابع سري.

8-أن يفضي بأي تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته عن طريق وسائل الإعلام والاتصال إلا إذا كان مصرحا له بذلك كتابة من الرئيس.17-مباشرة أي نشاط أو آتيان أي سلوك من شأنه تكدير الآمن العام أو التأثير على السلام الاجتماعي”.

وهو تقريبا ما كان مقررا في القانون السابق 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالدولة والذي نص في المادة (77 /7،8، 9) على أن”…. 7- أن يفضي بأي تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته عن طريق الصحف أو غير ذلك من طرق النشر إلا إذا كان مصرح له بذلك كتابة من الرئيس المختص. 8-على الموظف العام أن يفشي الأمور التي يطلع عليها بحكم وظيفته إذا كانت سرية بطبيعتها أو بموجب تعليمات تقضي بذلك، ويظل هذا الالتزام بالكتمان قائما ولو بعد ترك العامل الخدمة.9-أن يحتفظ لنفسه بأصل أي ورقة من الأوراق الرسمية أو ينزع هذا الأصل من الملفات المخصصة لحفظه ولو كانت خاصة بعمل مكلف به شخصياً. أن يخالف إجراءات الأمن الخاص والعام التي يصدر بها قرار من السلطة المختصة”.

([32]) وقد نصت المادة الأولي منه على أن” يضع رئيس الجمهورية بقرار منه نظاما للمحافظة على الوثائق والمستندات الرسمية للدولة ويبين هذا النظام أسلوب نشر واستعمال الوثائق والمستندات الرسمية التي تتعلق بالسياسات العليا للدولة أو بالأمن القومي والتي لا ينص الدستور أو القانون على نشرها فور صدورها أو إقرارها.ويجوز أن يتضمن هذا النظام النص على منع نشر بعض هذه الوثائق لمدة لا تجاوز خمسين عاما إذا ما اقتضت المصلحة العامة ذلك.

وقد عبرت المذكرة الايضاحية لمشروع القانون سالف البيان عن التوجه الحقيقي للتشريع، ناحية إعاقة حرية تداول المعلومات بشكل جلي، حيث جاء في تلك المذكرة أنه لوحظ في الفترة الأخيرة اتجاه بعض الكتاب والناشرين والمؤلفين الذين يتعرضون لتاريخ مصر وأحداث ما قبل ثورة 23 يوليو وما بعدها،  إلى الاستعانة ببعض الوثائق والمستندات الرسمية التي تتعلق بما يتناولونه من موضوعات والتي تتصل مع ذلك بالسياسة العليا للدولة أو أمنها القومي أو سلامتها العامة، ولما كان توفير الثقة فيما يكتب عن مصر وتاريخها أمرا واجبا، ولما كانت معاونة هؤلاء الكتاب والناشرين على الاستيثاق لدقة وصحة ما يكتبونه أمرا واجبا كذلك، فقد ارتأى توفيقا بين اعتبارات حرية النشر والكتابة التي كفلها الدستور واعتبارات الاحتياط لتاريخ مصر وأمنها القومي، ووضع تنظيم يكفل حماية هذه الاعتبارات كلها، ويمنع نشر أي شيء من هذه الوثائق والمستندات إلا بتصريح خاص، يصدر من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص، راجع المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 121 لسنة 1975.

([33]) والذي جاء نص المادة الأولي منه على أن” تعتبر الوثائق والمستندات والمكاتبات التي تتعلق بالسياسات العليا للدولة أو بالأمن القومي سرية لا يجوز نشرها أو إذاعتها كلها أو بعضها كما لا يجوز تداولها أو الاطلاع عليها إلا لمن تستوجب طبيعة عمله ذلك وذلك كله ما لم تكن مما ينص الدستور أو القانون على نشرها فور صدورها”.

ويري البعض أن قرار رئيس الجمهورية سالف البيان ساقط قطعا في هوة عدم الدستورية للأسباب الآتية:1-عدم وجود مقتض للتفويض. -2  صدور القرار غير محدد المدة وفقا لما نصّت عليه المادة 108 من دستور 1971 ، الذي صدر القرار أثناء العمل به التي نصّت على أن “لرئيس الجمهورية عند الضرورة وفي الأحوال الاستثنائية، وبناء على تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثي أعضائه، أن يصدر قرارات لها قوة القانون، ويجب أن يكون التفويض لمدة

محددة، وأن تُبين موضوعات هذه القرارات والأسس التي تقوم عليها ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب في أول جلسة بعد انتهاء مدة التفويض، فإذا لم تعرض أو عرضت ولم يوافق المجلس عليها زال ما كان لها من قوة القانون” .3-صدر هذا القرار ونشر في الجريدة الرسمية دون عرضه على مجلس الشعب، بالمخالفة للنص الدستوري سالف البيان.

4- من ناحية الموضوع فقد توسعت المادة الأولى في نطاق الحظر، بما يجاوز الحظر الوارد في المادة الثانية من القانون 121 لسنة 1975 ، حيث اعتبرت الوثائق والمستندات والمكاتبات التي تتعلق بالسياسات العليا للدولة أو بالأمن القومي سرية، لا يجوز نشرها أو إذاعتها كلها أو بعضها، كما لا يجوز تداولها أو الاطلاع عليها، إلا لمن تستوجب طبيعة عمله ذلك، وذلك ما لم تكن مما ينص الدستور أو القانون على نشرها فور صدورها، وهو ما يتجاوز نطاق المصدر التشريعي لهذا القرار المتمثل في القانون 121 لسنة 1975 ، راجع أ. أحمد عزت وأخرين : حرية تداول المعلومات دراسة قانونية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، ط.2، 2013، ص39، 40.

([34]) والمقصود بمحفوظات الحكومة وفقا للمادة الأولى من هذه اللائحة “جميع السجلات والدفاتر والمستندات والأوراق والاستمارات بأنواعها وأرقامها المختلفة، المستعملة في مجال عمل وحدات الجهاز الإداري للدولة، ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة” وألزمت المادة الثالثة من اللائحة أمين غرفة المحفوظات ألا يسلم شيئا منها إلا بناء على طلب رسمي، موضح به نوع المحفوظات المطلوبة والغرض من طلبها، ويشفع هذا الطلب بإذن كتابي من الرئيس المختص بالتسليم“، ويتضح من هذا النص أن الوثائق المودعة في أرشيفات الحفظ ودار المحفوظات العمومية يمكن الاطلاع عليها فقط من قبل الموظفين العاملين بالدولة، وأن الاطلاع غير متاح للجمهور بوجه عام، وهو ما أكدته المادة التاسعة والعشرون” بأن يجوز لأي موظف مختص بإذن كتابي من الرئيس المختص الاطلاع لضرورة مصلحية على أي سجل أو دفتر أو ورقة من المحفوظات وأخذ صورة أو مستخرج منها، وكذلك للقضاة وأعضاء النيابة الاطلاع على المحفوظات متى ندبوا لذلك رسميا، وأنه يمتنع على الأفراد الاطلاع على المحفوظات أو الدخول إلى غرف الحفظ”.

([35]) د. محمد عبد الظاهر حسين، مرجع سابق، ص131.

([36]) د. محمد عبد الظاهر حسين، مرجع سابق، ص131.

([37]) وهو ذاته ما قررته المادة 27 من القانون 179 لسنة 2018 بشأن الهيئة الوطنية للصحافة والمنشور بالجريدة الرسمية العدد (34) مكرر(د) في 27/8/2018.

([38]) راجع أ. جاري شيراز، مرجع سابق، ص29.

وتحكم المسئولية المدنية في هذه الحالة نصوص القانون المدني 131 لسنة 1948 أرقام 163، 165، 166، 167، 168، 169.

([39]) د. معتز نزيه صادق المهدى، مرجع سابق، ص68، وما بعدها.

([40]) راجع في هذه النظريات بالتفصيل كلا من د. محمد عبد الظاهر حسين، مرجع سابق، ص131، وما بعدها، د. معتز نزيه صادق المهدى: الالتزام بالسرية والمسئولية المدنية دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 2007، ص21، وما بعدها، د. مروة محمد العيسوي: مدة توافق الإفصاح في الجهاز المصرفي مع مبدأ السرية، المركز القومي للإصدارات القانونية، ط.1، 2016، ص41، وما بعدها، راجع في تفاصيل هذه الآراء الفقهية أ. مريم الحاسي: التزام البنك بالمحافظة علي السر المهني، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبو بكر بلقايد تلمسان، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، 2011-2012، ص54، وما بعدها.

([41]) راجع:

BAUDOUIN (Jean-Lois):” Secret Professionnel et droit au secret dans le droit québecois comparé au droit Français et la common-law”.Paris, Librarie générale de droit et de jurisprudence, 1965.no.169, p.113.

، د. مجدي محب حافظ، مرجع سابق، ص132، أ. عبد الرحمن عبيد الله عطا الله الوليدات، مرجع سابق، ص23، 24، د. خالد الزبيدي، مرجع سابق، ص549، 550، أ. جاري شيراز، مرجع سابق، ص24، د. كمال طلبة المتولي سلامة، دور الدولة في حماية السرية والاستثناءات الواردة عليها، مركز الدراسات العربية، ط.1، 2015، ص13، 14.

([42]) د. عمرو محمد سلامة العليوى: حق الحصول على المعلومات في ضوء القانون الأردني رقم 47 لسنة 2007 دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، حقوق عين شمس، 2011، ص326، 327.

([43]) راجع:

C.E.6mars 1953.Faucheux .Rec.p.123.R.D, P, 1954.concl.Chardeau.p.1030.note.walline.

C.E.17nouvember 1953.J.C.P.1954.2.8119.NOTE: Chavanne.

وراجع في تفاصيل ذلك د. محمد باهي أبو يونس، مرجع سابق، ص109، 110، أ. جاري شيراز، مرجع سابق، ص25.

([44]) د. طارق حسنين الزيات: حرية الرأي لدي الموظف العام ” دراسة مقارنة مصر وفرنسا”، د. ن، ط.2، 1998، ص288، وما بعدها.

([45]) د. مجدي مدحت النهري: الموظف العام، دار النهضة العربية، 1996، ص99، د. السيد عبد الحميد محمد عبد القادر، مرجع سابق، ص578.

([46]) د. مجدي محب حافظ، مرجع سابق، ص131.

([47]) د. محمد باهي أبو يونس: التنظيم القانوني لحرية الحصول على الوثائق الإدارية في التشريع الفرنسي، مرجع سابق، ص110.

([48]) د. خالد الزبيدي، مرجع سابق، ص546، 547.

([49]) راجع المستشار. محمد ماهر، مرجع سابق، ص96، أ. جاري شيراز: مرجع سابق، ص32، وما بعدها، أ. مريم الحاسي، مرجع سابق، ص122، 113.

([50]) راجع المستشار. سعداوي مفتاح: جريمة إفشاء الموظف العام أسرار وظيفته وأثرها علي وضعه التأديبي، مركز معلومات النيابة الإدارية، ص8، 9 متاح على شبكة الإنترنت علي موقع: www.ba.menoufia.com

([51]) د. خالد الزبيدي، مرجع سابق، ص596، وما بعدها.

([52]) أ. فتحي الإبياري: نحو اعلام دولي جديد، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1988، ص13.

([53]) تطور مفهوم الإعلام عبر التاريخ على عدة مراحل مرت عليها البشرية المرحلة البدائية، ثم مرحلة اكتشاف الوسيلة الخارجية، فمرحلة تطوير الاكتشافات وحسن استعمالها، ويصب كل هذا ضمن رغبة إشباع فضول الإنسان واكتشافه للمجهول والاتصال بالآخرين. حيث ساعد ذلك على إقامة نظام اتصالي جماهيري، اختلف في أسلوبه ومضمونه وشكله من زمن لآخر، وأهم مرحلة في تطور الاتصال تلك التي اخترع فيها الطباعة على يد جوتنبرج في القرن الخامس عشر، حيث تم توسيع دائرة المتلقين للرسالة الإعلامية، لتشهد اليوم كل دساتير العالم اعترافها بحق المواطن في الاعتقاد والرأي والتعبير، والتي تعتبر من الحريات الأساسية التي تبقى ممارستها مرهونة بقدرة الإنسان على الإعلان عنها ومشاركة غيره من بني جنسه فيها. لذلك استلزم توافر أدنى قدر من الحرية في الاطلاع بكيفية كاملة وموضوعية على الوقائع التي تهم المجتمع على الصعيدين الوطني والدولي، وإبداء رأيه، راجع أ. بشري مداسي: الحق في الإعلام من خلال القوانين والنصوص التنظيمية للمؤسسات الإعلامية في الجزائر، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية والإعلام، جامعة الجزائر (3)، الجزائر، 2011، ص14.

([54]) د. ماجد راغب الحلو: حرية الإعلام والقانون، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2009، ص7.

([55]) د. إبراهيم عبد الله المسلمي: الإعلام والمجتمع، دار الفكر العربي، ط.2، 2007، ص27، د. رأفت جوهري رمضان: العمل الإعلامي والخطورة الإجرامية، دار النهضة العربية، 2012، ص19، د. أحمد حسن فولى: نحو قانون دولي للإعلام مواجهة الحرب الإعلامية في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، 2018، ص21.

([56]) أ. شيماء شمسه: أخلاقيات العمل الإعلامي من منظور إسلامي ” دراسة تحليلية نظرية”، رسالة ماجستير، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة الشهيد حمد لخضر، الوادي، الجزائر، 2015، ص22.

([57]) د. أحمد حسن فولى، مرجع سابق، ص22.

([58]) القانون منشور بالجريدة الرسمية العدد (34) مكرر(ج) في 27/8/2018، وهو ذاته ما ورد من تعريف بالمادة الأولى من القانون 180 لسنة 2018 المنشور بالجريدة الرسمية العدد(34) مكرر(ه) في 27/8/ 2018.

([59]) أ. محمد عبد الجواد الأحمد: المسئولية المدنية للإعلامي في الشريعة الإسلامية والنظام السعودي، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، 2000، ص12.

([60]) وهو ذاته ما ورد من تعريف بالمادة الأولى من القانون 180 لسنة 2018.

([61]) أ. محمد عبد الجواد الأحمد، مرجع سابق، ص10.

([62]) راجع حكم محكمة القضاء الإداري الدائرة (7) في الطعن رقم 8920 لسنة 66 ق بتاريخ 14/1/2011.

([63]) د. مجدي محب حافظ، مرجع سابق، ص190.

([64]) راجع قريب من ذلك د. ماجد راغب الحلو: السرية في أعمال السلطة التنفيذية، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، جامعة الإسكندرية، العدد الأول، 1975، ص55، ما بعدها.

([65]) راجع :

Rollad Drago, Cours de science administrative, 1968-1969, p.43.

، د. ماجد راغب الحلو: السرية في أعمال السلطة التنفيذية، مرجع سابق، ص52، 53.

والأمثلة علي ما تفعله هذه الحكومات كثيرة مثلاٌ يمكن أن تقوم السلطة السياسية بالدولة بتقرير القيام بحرب لتحرير أرض الدولة المحتلة في تاريخ معين وتتولي السلطة الإدارية بالدولة خفية إجراءات الاستعدادات اللازمة لتنفيذ هذا القرار في ميعاده المحدد، فهذه سرية مقبولة تتفق والصالح العام؛ غير أن السرية قد تستر أعمالا غير مشروعة أو مناسبة مثل أن تقرر السلطة السياسية القضاء علي حزب أو اتجاه سياسي داخل الدولة، وبالطبع لن تعلن عن ذلك لمخالفته لمبادئ الديمقراطية والدستور، ثم توكل أمر تنفيذ ذلك للسلطة الإدارية التي تقوم بتنفيذه بقرارات تفصيلية غير معلنة وأعمال مادية خفية تتوصل عن طريقها إلي القضاء علي هذا الحزب أو ذلك الاتجاه باعتقال أو اغتيال رجاله، والاستيلاء علي معداته وأمواله

وبالطبع هناك العديد من الأعمال التي ضربت عليها الحكومة المصرية بابا من السرية لتغطية سياساتها الفاشلة منها علي سبيل المثال سرية خسائر الحكومة المصرية في حرب اليمن التي مات فيها الآلاف وانفق فيها الملايين من الدولارات وأخفيت فيها الحقائق فلم تظهر إلا بعد وفاة عبد الناصر، وإخفاء احتلال شرم الشيخ من قبل اسرائيل بعد العدوان الثلاثي عام 1956 علي الشعب علي الرغم من أهمية هذا الموضوع للمواطنين،  وحجب الحكومة للقيمة الحقيقية للديون المسحقة علي الدولة للدول الأجنبية بحجة ألا ينتاب الناس شعور باليأس أو يكثروا من نقد السياسة التي أدت إلي تضخم هذه الديون مع قلة الاستفادة منها أو المقدرة علي سدادها ، وكانت هذه الديون في معظمها ثمن الأسلحة السوفيتية التي حطمها العدو الاسرائيلي عام 1967، راجع في ذلك د. ماجد راغب الحلو: السرية في أعمال السلطة التنفيذية، مرجع سابق، ص97، 98. 

([66]) راجع في ذلك تقرير لجنة الحماية والحد من السرية في أمريكا في تقريرها الصادر سنة 1997:

Report of the Commission on Protecting and Reducing Government printing office, Washington, 1997, p8, 9.available at: http://www.biblioteapleyades.net.

وهو ما نجده واضحا في التوجيه المنشور بتوقيع الرئيس باراك أوباما رئيس أكبر دولة في العالم على موقع البيت الأبيض والذي جاء به الآتي: مذكرة لرؤساء الإدارات والوكالات التنفيذية -الموضوع: الشفافية والحكومة المنفتحة:

تلتزم حكومتي بخلق مستوى غير مسبوق من الانفتاح الحكومي على الجمهور لضمان ثقته، وذلك من خلال الشفافية والمشاركة العامة، والتعاون، والانفتاح تعزيزا لديمقراطيتنا ورفعا لكفاءة وفعالية حكومتنا. فشفافية الحكومة تعزز المساءلة وتوفر المعلومات للمواطنين حول ما تقوم به حكومتهم، ونظرا لأن المعلومات التي تحتفظ بها الحكومة الاتحادية هي ثروة وطنية، فحكومتي ملتزمة بأن تتخذ الإجراءات المناسبة، بما يتفق مع القانون والسياسة، في الكشف عن المعلومات – فمشاركة الجمهور للحكومة يعزز فعالية الحكومة ويحسن نوعية قراراته، كما تتوزع المعرفة على نطاق واسع في المجتمع، فعلي الإدارات التنفيذية والوكالات أن تقدم للمواطنين الأميركيين فرص المشاركة في صنع السياسات والقرارات الحكومية والاستفادة من هذه المشاركة، وعليها أيضا البحث في سبل زيادة فرص المشاركة بين المواطنين والحكومة، وكيفية تحسينها- وأني الزم المسئول عن الميزانية والرئيس التنفيذي لتكنولوجيا المعلومات والمسئولين عن الإدارات المختلفة بضرورة تنفيذ تلك التوصية خلال 120 يوم  – تنشر هذه المذكرة في السجل الفدرالي. باراك اوباما

وكان نص التوجيه تحت عنوان:

Transparency and Open Government: Memorandum for the Heads of Executive Departments and Agencies,SUBJECT:      Transparency and Open Government

راجع في نص التوجيه باللغة الإنجليزية موقع البيت الأبيض على شبكة الإنترنت:

https://www.whitehouse.gov/the_press_office/TransparencyandOpenGovernment

([67]) راجع:

Lemasurier J.Vers une démocratie administrative: Du refus d´informer au droit d´être informé, RDP, 1980, P.1255.

وهو ما قررته محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان أنه “من المهم بالنسبة للمواطن العادي أن يعرف آراء الآخرين، وأن يتمتع بالحق في اتاحة المعلومات بشكل عام، وخصوصا الحق في نقل آراءه للآخرين. وقد انتهت المحكمة إلى أن المجتمع غير المُطلِع ليس مجتمع حر “، راجع:

Compulsory Membership in an Association Prescribed by Law for the Practice of Journalism, Advisory OpinionOC-5/85, 13 November 1985, para. 30.

([68]) راجع د. عبد الله بن سعد الغامدي، مرجع سابق، ص16، 17.

([69]) د. فاطمة عادل سعيد عبد الغفار: القضاء والإعلام، رسالة دكتوراه، حقوق عين شمس، 2016، ص98.

وقد عرف البعض الشفافية الإدارية بأنها ” أن تعمل الإدارة العامة في بيت من زجاج كل ما به مكشوف للعاملين والجمهور، وذلك بأن تتضمن الأنظمة التي تعمل من خلالها الإدارة الوسائل اللازمة التي تكفل العلم والمعرفة للكافة بحقيقة أنشطتها وأعمالها بالإفصاح والعلانية والوضوح وبالتالي القدرة على مساءلتها ومحاسبتها”، راجع:

Armstrong Elia: Integrity, Transparency and Accountability in Public Administration: Recent Trends Regional and International Developments and emerging Issues .Economic social.affairs, edition 2005,p3.

، د. فارس بن علوش بادي السبيعي: دور الشفافية والمساءلة في الحد من الفساد الإداري في القطاعات الحكومية، رسالة دكتوراه، كلية الدراسات العليا، قسم العلوم الإدارية، جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض، السعودية، 2010، ص15.

([70]) فالعلانية هي” كل ما يقع تحت نظر الكافة أو يصل إلى سمعهم أو يمكنهم أن يطلعوا عليه بمشيئتهم دون عائق”، راجع د. رأفت جوهري رمضان، مرجع سابق، ص20، 21.

([71]) د. فاطمة عادل سعيد عبد الغفار، مرجع سابق، ص98.

([72])  لقد صار الإعلام حقا أساسيا من حقوق الإنسان التي لا غنى عنها ذلك أنه إذا كانت المعرفة حق طبيعي لكل إنسان فإن وسائل الإعلام تعد من أهم مصادر تحصيلها، ويعتبر الحق في الإعلام من الحقوق الجوهرية التي تعزز كرامة الإنسان، وتحترم خياراته ورغبته في المعرفة، وتهيئ له ظروفا أفضل للحياة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية، ولأنه ليس للمعرفة سقف تقف عنده أو يحد منها، فإنه لكي يكتمل  هذا الحق يتطلب الأمر عدم تقييد حرية وسائل الإعلام حتى تكون قادرة على إشباع الحاجة والرغبة في المعرفة، ويذهب البعض إلى أن حرية الإعلام تعد من الحريات الأساسية التي تدعم الحريات الأخرى وتحميها، كما أنها حق أخلاقي، وهذه الحرية  جزء أساسي من كرامة الإنسان، وهي شرط حيوي للتنمية السليمة والدائمة، راجع أ. شيماء شمسه، مرجع سابق، ص10، أ. بشري مداسي، مرجع سابق، ص14، 15.

([73]) د. رانيا محمود الكيلاني: المسئولية الاجتماعية للإعلام المصري فيما بعد ثورة يناير 2011، مجلة كلية الآداب، جامعة طنطا، مصر، عدد (26)، الجزء الأول، يناير 2013، ص 315، 316.

([74]) راجع:

Yves Jégouzo,la modernization et la transparence de l`administration au défi de Wikileaks, AJDP, 2010,P.2449.

([75]) ونحن من جانبنا نرى أن الوسيلة الإعلامية تشمل الصحف والكتب الورقية والالكترونية وأن القانون قد أغفل النص عليها لوجود قانون صدر في ذات تاريخ القانون السابق تحت رقم 179 لسنة 2018 بشأن الهيئة الوطنية للصحافة والذي عرف في المادة الأولى منه المطبوعات بأنها” الكتب، أو الرسوم، أو القطع الموسيقية أو الصور أو غير ذلك من وسائل التمثيل متى نقلت بالطرق الميكانيكية أو الكيميائية أو الإلكترونية أو غيرها فأصبحت بذلك قابلة للتداول”، وعرف الصحيفة بأنها” كل إصدار ورقي أو إلكتروني يتولى مسئولية تحريره أو بثه صحفيون نقابيون ويصدر باسم موحد وبصفة دورية في مواعيد منتظمة، ويصدر عن شخص مصري طبيعي أو اعتباري عام أو خاص ووفقا للقواعد والإجراءات التي تنظمها اللائحة التنفيذية لهذا القانون”. وكان من وجهة نظرنا لا بد من ذكر الصحافة المطبوعة والإلكترونية والكتب ضمن الوسيلة الإعلامية أيضا.

([76]) راجع نص المادة 9 من القانون 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام والمنشور بالجريدة الرسمية العدد (34) مكرر(ه) في 27/8/2018.

([77]) وهو ما يتوافق مع ما قضت به المحكمة الدستورية العليا من  أنالأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجاً متآلفاً متماسكاً ، بما مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض ، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذى يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ، ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ، أو باعتبارها قيماً مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي” راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 11  لسنة 13 ق. س جلسة 8/7/2000. وهو ما نصت عليه المادة (227) من دستور 2014 عندما نصت على أن” يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجاً مترابطاً، وكلاً لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة”.

([78]) حيث نصت المادة 14 من القانون رقم 180 لسنة 2018 على أن” تخضع العلاقة بين العاملين بالصحف ووسائل الإعلام وجهات العمل التي يعملون بها لعقد عمل يحدد نوع العمل ومكانه والمرتب وملحقاته والمزايا التكميلية والترقيات والتعويضات بما لا يتعارض مع عقد العمل الجماعي في حالة وجوده ولا تسري تلك العقود إلا بعد تصديق النقابة المعنية عليها. وتسري أحكام قانون العمل فيما لم يرد بشأنه نص خاص فيها”.

عرف القانون 178 لسنة 2018، والقانون 180 لسنة 2018 في مادتهما الأولى المؤسسة الإعلامية العامة بأنها” المؤسسات أو الشركات التي تنشئها الهيئة الوطنية للإعلام لإدارة الوسائل الإعلامية العامة أو أي نشاط توافق عليه الهيئة الوطنية للإعلام”، وعرفت الوسيلة الإعلامية العامة بأنها” قنوات التلفزيون الأرضية والفضائية، ومحطات الإذاعة السلكية واللاسلكية والإلكترونية التي تملكها الدولة ملكية خاصة”.

([79]) وقد نص القانون 178 لسنة 2018 علي جزاء انهاء العمل في المادة (34) بالنص على أن” للهيئة أن تصدر قرار بإنهاء عمل رئيس القناة أو الوسيلة الإعلامية العامة إذا ثبت إخلاله الجسيم بواجباته أو فقد شرطا من شروط التعيين”.

وقد نصت المادة (52) 179 لسنة 2018 بشأن الهيئة العامة للصحافة على أن” للهيئة أن تصدر قرارا بعزل رئيس مجلس الإدارة أو رئيس التحرير أو عضو أو أكثر من أعضاء المجلس المعيين إذا ثبت إخلاله الجسيم بواجباته أو فقد شرط من شروط التعيين”.

([80]) عدد من القرارات التي اتخذها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لإحالة المخالف من الإعلاميين للتحقيق معه بمعرفة نقابته وإخطاره بنتيجة التحقيق، منها مثلا القرار رقم 6 لسنة 2018 الصادر بتاريخ 5/2/2018 بإحالة السيد/ أحمد الشريف إلي نقابة الإعلاميين للتحقيق معه فيما بدر منه من تجاوزات في برنامجه ملعب شريف، والقرار رقم 8 لسنة 2018 الصادر بتاريخ 21/2/2018 بإحالة السيد/ محمد الغيطي للتحقيق معه فيما بدر منه من تجاوزات، وقراره رقم 9 لسنة 2018 في 28/2/2018، بإيقاف بث برنامج “الوسط الفني” وإحالة أحمد عبد العزيز مقدم البرنامج للتحقيق بنقابة الإعلاميين، والقرار 9 لسنة 2017 بإحالة مذيعة برنامج المشاغبة للتحقيق معها.

([81]) راجع قريب من هذا المعنى د. جميل عبد الباقي الصغير: الانترنت والقانون الجنائي، دار النهضة العربية، 2012، ص88، وما بعدها.

([82]) د. بن عشي حفصية: الجرائم التعبيرية دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية،2016، ص227، وما بعدها.

([83]) راجع:

MONGIN(M.),problem de ressponsablité ,pénale de directeurs de publication, R.S.C,1974,P.60.

([84]) راجع في هذا السياق د. عمر سالم: نحو قانون جنائي للصحافة، دار النهضة العربية، ط.1، 1995، ص135، وما بعدها.

قد قررت محكمة النقض الفرنسية المسئولية الجنائية لمدير النشر واعتبرت المحكمة أن مدير المنشور لم يزيل الرسالة التشهيرية بالسرعة الكافية، في حين أنه بعد قيامه بتنبيه الشخص المعني، كان بإمكانه فعل ذلك، وبالتالي فإن المسؤولية الجنائية لمدير المنشور هي التي شاركت وليس في خدمة الاعتدال. في الواقع، رأت المحكمة أنه على الرغم من أن المحرر لم يكن لديه معرفة شخصية بالملاحظات المثيرة للجدل، إلا أنه كان قادراً مع ذلك على ممارسة واجبه في الإشراف. قد يبدو هذا الحل مدهشًا في أن العطل يعزى أساسًا إلى خدمة الإشراف الخارجي. ودعماً لهذا المنطق، أخذت المحكمة العليا في الاعتبار حقيقة أنه “إذا ظهر اسمها وجودة مديرها المنشور على الموقع”، لم يكن هذا هو حال إحداثياتها ولا سيما عنوان البريد الإلكتروني الخاص بها. . ومن ثم، اعتبرت محكمة النقض أن مدير المنشور كان في وضع يمكنه من ممارسة واجبه الإشرافي وأنه “لا يعتمد بشكل مفيد على الوظيفة المعتدلة التي يجري الاستعانة بمصادر خارجية بها ولا على مصلحة”. أحكام تحكم المسئولية الجنائية لمضيف الموقع “. وبالتالي، فإن حقيقة الاستعانة بمصادر خارجية في خدمة الاعتدال لا يجعل من الممكن الانتقاص من النظام المنصوص عليه في المادة 93-3 من قانون الاتصال السمعي البصري المعدل. بموجب هذا الحكم، ترجع محكمة النقض إلى أسس نظام المسؤولية الجنائية لمدير المنشور. ويؤكد من جديد أن فعل النشر والنشر على الجمهور يشكل التبرير الحقيقي لنظام التبعة للمسئولية. ولذلك، فإن مجرد منح الموافقة على النشر هو أن المسؤولية قائمة على أساس وليس حقيقة كونها مصدر المحتوى. هذا قرار وقائي خاص لضحايا التعليقات التشهيرية. راجع في ذلك:

ARTIC :RESPONSABILITE DU DIRECTEUR DE LA PUBLICATION: MEME EN CAS D’EXTERNALISATION ? Journal, Avocate Paris 75005, Disponible sur le site: https://www.murielle-cahen.com.

([85]) د. يسري حسن القصاص، مرجع سابق، ص90، 91.

([86]) راجع قريب من هذا المعنى د. جميل عبد الباقي الصغير، مرجع سابق، ص90، وما بعدها.

([87]) د. خالد رمضان عبد العال سلطان: المسئولية الجنائية عن جرائم الصحافة دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، حقوق حلوان، 2002، ص386.

([88]) د. سعد صالح شكطى الجبوري: مسئولية الصحفي الجنائية عن جرائم النشر دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2013، ص130، 131.

([89]) راجع د. خالد رمضان عبد العال سلطان، مرجع سابق، ص 105، وما بعدها.

([90]) د. عمر سالم، مرجع سابق، ص205، 206.

وهي ما نصت عليها المادة 61 من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 وتعديلاته من أنه” لا عقاب علي من ارتكب جريمة الجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ولا في قدرته منعه بطريقة أخرى”.

([91]) راجع قريب من المعنى د. مصطفي أحمد عبد الجواد حجازي: الحياة الخاصة ومسئولية الصحفي ” دراسة فقهية قضائية مقارنة في القانونين المصري والفرنسي”، دار الفكر العربي، 2001، ص242، وما بعدها.

([92]) راجع د. جعفر كاظم جبر الموازنى، د. نعيم كاظم جبر الموازنى: نحو نظام قانوني لمسئولية الصحفي المدنية عن عرض صور ضحايا الجريمة، مجلة مركز دراسات الكوفة، العراق، عدد (7)، 2011، ص67.

([93]) راجع:

Patrice Jourdain: Les principes de la resposabilité civile-3e éd-Dalloz, 1996, p.121.

، راجع د. أحمد سليمان مغاوري سليمان: مسئولية الإعلام عن جرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة، بحث مقدم للمؤتمر العلمي الرابع لكلية الحقوق جامعة طنطا، القانون والإعلام، المنعقد خلال الفترة من 23-24 إبريل 2017، ص30، وما بعدها.

([94]) د. مصطفي أحمد عبد الجواد حجازي، مرجع سابق، ص247، وما بعدها.

([95]) راجع د. جعفر كاظم جبر الموازنى، د. نعيم كاظم جبر الموازنى، مرجع سابق، ص68.

([96]) راجع حكم محكمة النقض في الطعن رقم 8271 لسنة 64 ق مدني جلسة 12/3/2005.

([97]) راجع حكم محكمة النقض في الطعن رقم 1833 لسنة 62 قضائية مدنى جلسة  9/7/1998.

([98]) د. خالد مصطفي فهمي، مرجع سابق، ص446، وما بعدها.

([99]) حيث تنص المادة (53) من القانون المدني المصري على أن” 1ـ يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق الا ما كان منها ملازماً لصفة الانسان الطبيعية، وذلك في الحدود التي قررها القانون. 2ـ فيكون له: (أ) ذمة مالية مستقلة (ب) أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه، أو التي يقررها القانون (ج) حق التقاضي (د) موطن مستقل، ويعتبر موطنه المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته، والشركات التي مركزها الرئيسي في الخارج، ولها نشاط في مصر يعتبر مركز إدارتها ، بالنسبة إلى القانون الداخلي ، المكان الذي توجد فيه الادارة المحلية .3ـ ويكون له نائب يعبر عن ارادته “.

([100]) د. خالد رمضان عبد العال سلطان، مرجع سابق، ص438، وما بعدها، د. رنا إبراهيم سليمان العطور: المسئولية الجزائية للشخص المعنوي، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد (22)، العدد(2)، ص343، 344، أ. مريم كحلولة: أحكام المسئولية الجزائية للشخص المعنوي في التشريع الجزائري، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة د. الطاهر مولاي سعيدة، الجزائر، 2017، ص34، 35.

([101]) د. خالد رمضان عبد العال سلطان، مرجع سابق، ص441، وما بعدها، د. رنا إبراهيم سليمان العطور، مرجع سابق، ص344، 345، د. محمد نصر محمد القطري: المسئولية الجنائية للشخص الاعتباري دراسة مقارنة، مجلة جامعة المجمعة، المملكة العربية السعودية، العدد (5)، يونيو 2014، ص 22، وما بعدها، أ. مريم كحلولة، مرجع سابق، ص36، وما بعدها.

([102]) وهو ما نراه يتوافق تماما مع نص الدستور المصري الحالي المعدل في 2014 بخصوص مبدأ شرعية التجريم وكأنه يتعامل مع المؤسسة الإعلامية كشخص طبيعي يستحق تقنين الأفعال التي سيعاقب عليها، حيث نصت المادة 95 منه على أن” العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون”.

([103]) وهذا النص يشبه إلي حد كبير نص المادة 26 من القانون 92 لسنة 2016 بشأن التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام الملغي بالقانون 180 لسنة 2018، والتي جاء نصها” مع عدم الإخلال باختصاص النيابة العامة، يحرك المجلس الأعلى من تلقاء نفسه، أو بناء على شكوى تقدم إليه، الدعاوى القضائية عن أي مخالفة لأحكام هذا القانون أو إذا رصدت لجنة تقويم المحتوى انتهاكا من أية مؤسسة صحفية أو إعلامية للقواعد والمعايير المهنية والأعراف المكتوبة “الأكواد”.ويضع المجلس لائحة الجزاءات والتدابير التي يجوز توقيعها على المؤسسات الصحفية والمؤسسات الصحفية القومية والمؤسسات الإعلامية والمؤسسات الإعلامية العامة والوسائل الإعلامية والوسائل الإعلامية العامة، حال الإخلال بأحكام هذا القانون، وإجراءات التظلم منها، على أن تتضمن ما يأتي:1- إلزام المؤسسة أو الوسيلة بإزالة أسباب المخالفة خلال مدة محددة أو إزالتها على نفقتها.2-توقيع الجزاءات المالية المنصوص عليها في التراخيص في حالة عدم الالتزام بشروط الترخيص. 3- منع نشر أو بث المادة الصحفية أو الإعلامية لفترة محددة أو بصفة دائمة.ويتم إخطار النقابة المختصة لفتح التحقيق اللازم في المخالفات التي تقع من أحد أعضائها بمناسبة توقيع المجلس أحد الجزاءات على إحدى الجهات الخاضعة للمجلس الأعلى وتلتزم النقابة المعنية باتخاذ الإجراءات التأديبية في مواجهة الشخص المسئول عن المخالفة وفقا لقانونها.

([104]) راجع في هذا السياق أ. رامي يوسف محمد ناصر: المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجرائم الاقتصادية، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، 2010، ص25، وما بعدها، د. محمد نصر محمد القطري، مرجع سابق، ص 39، وما بعدها.

([105]) راجع في هذا المعنى أ. رامي يوسف محمد ناصر، مرجع سابق، ص40، وما بعدها، د. محمد نصر محمد القطري، مرجع سابق، ص 44، 45، أ. مريم كحلولة، مرجع سابق، ص54، وما بعدها.

([106]) د. عمر سالم، مرجع سابق، ص 219، وما بعدها.

([107]) راجع في نشر الأحكام العقابية د. عمر سالم، مرجع سابق، ص222، وما بعدها، د. سعد صالح شكطى الجبوري، مرجع سابق، ص222، وما بعدها.

([108]) د. حامد راشد: شرح قانون العقوبات القسم العام، د. ن، 2008، ص 106، وما بعدها.

وقد قررت محكمة النقض في حكم لها أن الغرامة يمكن أن تحصل من المؤسسة الإعلامية وهى خاصة بها  و تحصل من الإعلاميين التابعين لها ولا يكونوا متضامنين في سدادها فقضت بأنه”  إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد بجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل متهم على انفراد خلافا للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك ” فالغرامات العادية هي عقوبة أصلية يحكم بها القاضي على كل مجرم فيلزم وحده بأدائها سواء كان فاعلاً أو شريكاً في جريمة واحدة وهذا هو معنى قول المشرع ( الغرامات يحكم بها على كل متهم على انفراد ) ذلك أن عقوبة الغرامة في هذه الحالة شخصية مرتبطة بمسئولية الجاني لا بحسب عدد المشتركين معه في الفعل أو حسب عسرهم”، راجع حكم محكمة النقض المصرية في الطعن  رقم 18811 لسنة 65 ق جلسة 16-2-2005.

([109]) د. خالد رمضان عبد العال سلطان، مرجع سابق، ص449، 450.

([110]) راجع في فكرة المصادرة د. خالد رمضان عبد العال سلطان، مرجع سابق، ص451، 452، د. مجدي بسيوني علي أحمد: العقوبة الخاصة بين النظرية والتطبيق، رسالة دكتوراه، حقوق حلوان، 2015، ص168، وما بعدها، أ. ريمة موايعية: النظام القانوني للمصادرة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة العربي التبسي تبسه، الجزائر، 2016، ص22، وما بعدها.

وعرفت محكمة النقض المصرية المصادرة ” من المقرر أن المصادرة إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة قهرا عن صاحبها وبغير مقابل وهي معنوية اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذك وكان المقصود بالآلات التي استعملت في الجريمة كل إداه استخدمها الجاني ليزيد من امكانياته لتنفيذها أو لتخطى عقبة تعترض تنفيذه” راجع حكم محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 3306 لسنة 61 ق نقض جنائي جلسة 9-2-1993

وقضت بتبرير مصادرة الأشياء التي تعد مخالفة للقانون بأن من المقرر ” أن مصادرة مالا يجوز إحرازه أو حيازته من الاشياء التي تخرج بذاتها عن دائرة التعامل إنما هو تدبير عيني وقائي بنصب على الشي ذاته لإخراجه عن تلك الدائرة لأن اساسها رفع الضرر أو دفع الخطر من بقائها في يد من يحرزها، ومن ثم كانت المصادرة الوجوبية” راجع حكم محكمة النقض المصرية في الطعن رقم 281 لسنه 61 ق نقض جنائي جلسة 11-10-1992.

([111]) راجع في مفهوم الضبط الإداري د. عادل أبو الخير: الضبط الإداري وحدوده، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995، ص80، وما بعدها.

([112]) والقرار الإداري السلبي فهو تعبير عن موقف سلبي للإدارة ، فهي لا تعلن عن إرادتها للسير في اتجاه أو آخر بالنسبة لموضوع الأمر الواجب عليها اتخاذ موقف بشأنه ، وإن كانت في ذات الوقت تعلن عن إرادتها الصريحة في الامتناع عن إصدار قرار كان يتعين عليها إصداره ، ولقد حرص الفقه والقضاء الإداري دائماً على إباحة الطعن في القرارات السلبية شأنها في ذلك شأن القرارات الإيجابية ، وأكدت القوانين المتتابعة التي نظمت مجلس الدولة المصري هذه القاعدة بالنص عليها صراحة فنصت الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على أنه ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح ، ومناط قيام القرار السلبي هو ثبوت امتناع الإدارة عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح ، بأن تكون هناك قاعدة قانونية عامة تقرر حقاً أو مركزاً قانونياً محدداً، وأن يتطلب اكتساب هذا الحق أو المركز القانوني تدخلاً من جانب الإدارة لتقريره ، وأن يكون القانون قد فرض على الإدارة اتخاذ قرار معين بلا أدنى تقدير لها في هذا الشأن ، وأن يثبت بيقين أنه قد طلب منها اتخاذ القرار الواجب عليها اتخاذه ، وأنها أصمت أذنيها عن نداء القانون ، والتزمت السلبية، ولم تنهض لاتخاذ القرار الذي فرض المشرع عليها اتخاذه ، وعندئذ يكون تخلفها عنه بمثابة امتناع عن أداء هذا الواجب ، بما يشكل قراراً سلبياً مما يجوز الطعن عليه بدعوى الإلغاء، راجع حكم محكمة القضاء الإداري في قضية منع برنامج مصر اليوم من البث علي قناة الفراعين والصادر من الدائرة (7) في الطعن رقم 8920 لسنة 66ق بجلسة 14/ 1/ 2011.

([113]).  راجع حكم محكمة القضاء الإداري الصادر من الدائرة (7) في الطعن رقم 8920 لسنة 66ق بجلسة 14/ 1/ 2011.

وهو ما أكدت  عليه المحكمة الإدارية العليا في حكم سابق لها بأن” المحكمة وهي تنتصر للمبادئ والقيم الأخلاقية التي يقوم عليها الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في نطاق الانحياز لحرية الرأي والتعبير المسئولة ، فإنها تنوه إلى أن مسئولية الجهة الإدارية جد خطيرة في ألا تقهر رأيا أو فكراً وألا تحول بينه وبين حرية الوصول إلى جمهور المشاهدين والمستمعين ، وأن تحمي الإعلام المستنير الداعم لحرية التعبير والمحافظ على تقاليد وأعراف وحقوق المشاهد والمستمع والقارئ ، وفي ذات الوقت يقع على كاهلها حماية القيم والأخلاق وحماية الأسرة المصرية من انتشار الغث من التشهير والإساءة إلى سمعة المواطنين بغير مقتض ، وأن تكون القدوة في تحقيق هذه الحماية في وقت سادت فيه الألفاظ الهابطة مسامع ومرأى الأسرة المصرية وتردت فيه لغة الخطاب والحوار ، وتطايرت الألفاظ البذيئة والشتائم في كل صوب وحدب على الهواء وفي المجالس المنتخبة وفي غيرها ، وصارت سلاطة اللسان وتبادل الألفاظ القبيحة والمعاني الهابطة والتلاسن داخل أروقة المجالس على اختلاف أنواعها وعبر القوات الفضائية بألفاظ وعبارات خادشه للحياء وسيلة الكثيرين في الانتصار لرأيه والحط من رأي وكرامة الآخرين ، خصوماً كانوا أو مخالفين له في الرأي ، وطال الانفلات قيادات الأصل فيها أنها القدوة لينفلت اللسان ليس بالشتائم وسب الأشخاص فحسب بل بوصف بعضهم البعض بأوصاف تعف مدونات الحكم أن تحتويها وبلغ بعضها حد الإساءة إلى الدين ذاته في مناقشات برلمانية وأخرى في مناقشات فضائية ، تشبثاً بحصانة قد تحول بينهم وبين أن ينالهم عقاب على أفعال تصوروا على غير الحقيقة أنها قد تعصمهم من قضاء المشروعية ، فسادت قيم فاسدة لا تقيم وزناً لمشاعر الأسرة المصرية والنشء فيها، في وقت كان من المتعين أن تكون تلك القيادات والأجهزة الإعلامية وغيرها قدوة لجيل يعلق عليه آمال التقدم والرقي ، وهي ظواهر من شأنها أن تهدم البنيان الديمقراطي وتعوق مسيرة تطوره ، إن شعباً بحجم وتاريخ وحضارة وأصالة وعراقة وريادة وأخلاق الشعب المصري لجدير بأن يكون موطناً للأخلاق الفاضلة ، وناشراً للقيم الإنسانية الرفيعة وليس مصدراً للسيئ من القول والفعل وللكلمات البذيئة والعبارات الساقطة والمعاني الهابطة ، وعلى ذلك فإن تقاعس الجهات الإدارية عن اتخاذ الإجراءات التي أوجبتها القوانين واللوائح ومواثيق الشرف لهو دعوة لإطلاق العنان لبذاءات تهدد السلام والأمن الاجتماعي وتضرب الحريات العامة الملتزمة بالشرعية والقانون في مقتل”، راجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 32440 لسنة 63   ق. ع جلسة27  /2 /2010.

([114]) راجع في الوقف د. ماجد راغب الحلو: حرية الإعلام والقانون، دار منشأة المعارف، الإسكندرية، 2009، ص173، وما بعدها.

([115]) راجع د. خالد رمضان عبد العال سلطان، مرجع سابق، ص 453، د. ماجد راغب الحلو: حرية الإعلام والقانون، مرجع سابق، ص 206، وما بعدها، راجع في الترخيص الإدارية بصفة عامة د. عبد الرحمن عزاوى: الرخص الإدارية في التشريع الجزائري، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الجزائر، الجزائر، 2007، ص155، وما بعدها.

فالمؤسسة الإعلامية كأي شخص اعتباري عبارة عن مجموعة من الأشخاص والأموال بقصد تحقيق غرض مشترك، لكن يلزم هذه المجموعة اعتراف الدولة بها حتى تمنح الشخصية القانونية، هذا الاعتراف هو ما يتمثل في الترخيص بالعمل في المجال الإعلامي، راجع في الشخصية الاعتبارية د. حسام الدين كامل الأهواني: المدخل للعلوم القانونية، ط3، د. ن، 1997، ص329، وما بعدها.

([116]) وقد أكدت محكمة القضاء الإداري علي حكمها السابق برفضها إعادة الترخيص للعمل في مصر في الدعوى المقامة من ممثلها القانوني تحت رقم 7846 لسنة 68 ق بتاريخ 26/5/2017.

([117]) د. محمد نصر محمد القطري، مرجع سابق، ص56، 57.

([118]) راجع في ذلك:

William Wilson, Criminal law Edinburgh: Pearson education limited, Fifth edition, 2014, p165et s.

، د. بطي سلطان المهيري: أسس وأنواع المسئولية الجنائية للشخص الاعتباري في القانون الإنجليزي وقانون العقوبات لدولة الامارات المتحدة دراسة تحليلية مقارنة، مجلة الشريعة والقانون، كلية الشريعة والقانون، جامعة الامارات العربية المتحدة، العدد(66)، إبريل 2016، ص40، وما بعدها.  

([119]) أ. فريدة غليم: المسؤولية المدنية للشخص الاعتباري، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة البويرة، 2013، ص30، وما بعدها.

([120]) راجع في مسئولية المتبوع عن فعل تابعه أ. ربيع ناجح راجح أبو الحسن: مسئولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين، 2008، ص73، وما بعدها.

وهو ما قضت به محكمة النقض من أن” مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها تتحقق على ما نصت عليه المادة 174 من القانون المدني، إذا كان للمتبوع على التابع سلطة فعلية في توجيهه ورقابته في عمل معين يقوم على الاختيار، بل إن مناطها هو السلطة الفعلية التي تقوم حتى ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار التابع متى كانت له عليه سلطة فعلية في الرقابة والتوجيه”، راجع حكم محكمة النقض في الطعن رقم 481لسنة 43 ق نقض مدني جلسة 23/11/1978.

([121]) راجع أ. ربيع ناجح راجح أبو الحسن، مرجع سابق، ص84، وما بعدها.

([122]) راجع في مسئولية المتبوع عن فعل تابعه أ. حبيبة أمير: المسئولية الناشئة عن عمل الغير، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، الجزائر، 2014، ص50، وما بعدها.

وهو ما قضت به محكمة النقض من أن” مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه لا تقوم إلا إذا كان الضرر ناشئاً عن عمل غير مشروع وقع من التابع حال تأدية وظيفته أو بسببها ويقع على المضرور عبء إثبات خطأ التابع. ومن ثم يجب في الحكم الذي يقضي بإلزام المتبوع بالتعويض أن يبين الخطأ الذي وقع من التابع، والأدلة التي استظهر منها وقوع هذا الخطأ وإلا كان الحكم قاصر التسبيب بما يوجب نقضه”، راجع حكم محكمة النقض في الطعن رقم 587 لسنة 45 ق نقض مدني جلسة 26/10/1978.

([123]) راجع حكم محكمة النقض في الطعن رقم 469 لسنة 36ق نقض مدني جلسة 1/6/ 1971.

([124]) راجع حكم محكمة النقض في الطعن رقم 657 لسنة 42 ق نقض مدني جلسة 5/8/1976.

([125]) أ. ربيع ناجح راجح أبو الحسن، مرجع سابق، ص119، 120، راجع أ. حبيبة أمير، مرجع سابق، ص69، 70.

([126]) أ. ربيع ناجح راجح أبو الحسن، مرجع سابق، ص127، 128، راجع أ. حبيبة أمير، مرجع سابق، ص70، 71.

وهو ما قضت به محكمة النقض من أن” ارتكاب التابع فعلاً غير مشروع دون وقوع خطأ شخصي من المتبوع. مؤداه. يكون المتبوع متضامناً مع تابعه ومسئولاً قبل المضرور. للمضرور خيار الرجوع على التابع أو المتبوع أو عليهما معاً” راجع حكم محكمة النقض في الطعن رقم 1905 لسنة 56 ق نقض مدني جلسة 7/6/ 1993.

([127]) راجع حكم محكمة النقض في الطعن رقم 960 لسنة 58 ق نقض مدني جلسة 27/12/1990.