أحدث التدوينات

الحماية القانونية للماء

مجلة المنارة للدراسات القانونية والادارية

عبد الرحمان بهلول
طالب باحث
شعبة القانون الخاص

الحماية القانونية للماء

2014

المختصرات

ج.ر : جريدة رسمية
ص : صفحة
ق.م.ج : قانون المسطرة الجنائية
ق.ج.م : القانون الجنائي المغربي
م س : مرجع سابق
ج : جزء

Abréviation

Op.cit : Ouvrage précité
P : page
DES : Diplôme des Etudes supérieures

مـقـدمـة
إن حاجات الإنسان المادية والمعنوية متعددة مثل حاجاته إلى المأكل والملبس والسكن والعمل والتنقل، كما أنه في حاجة إلى السكينة والحرية وغيرهما من متطلبات النفس البشرية، والفرد في سعيه لإشباع حاجته وتحقيق رغباته قد تتعارض مصالحه مع غيره من الأفراد، لذا كان لابد من تنظيم وتدخل قانوني لضمان توفيرها للإنسان وتوزيعها بين أفراد المجتمع بشكل عادل وحتى لا تبقى معرضة للفوضى يحصل عليها القوي ولا يتمكن منها الضعيف .
لقد ترعرعت الحضارات الإنسانية الأولى على ضفاف المجاري المائية، فالحضارة الفرعونية نشأت على ضفاف النيل، والحضارة السامرية والسومرية على ضفاف دجلة والفرات، والحضارة الهندية علة ضفاف “الكنج” و”السند”، والحضارة الأوروبية على ضفاف الراين والدانوب والسين والتايمز
ويعتبر الماء أحد أهم هذه الحاجات الإنسانية لقوله تعالى: ” وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ” ، لذلك أولته الشريعة الإسلامية المكانة التي يستحقها، فذكر لفظ الماء ثلاثا وستين مرة في القرآن الكريم ، وورد في السنة النبوية في أحاديث كثيرة فعن أبي هريرة أنه قال: قلت يا رسول الله إني رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء، قال صلى الله عليه وسلم:” كل شيء خلق من ماء”
كان طبيعيا أن يهتم المشرع المغربي بتنظيم هذه الثروة الوطنية الهامة، وأن يصدر بشأنها جملة من النصوص القانونية، لتحديد نطاقها، والحفاظ عليها، وحمايتها من الاعتداء، ويعتبر منشور فاتح نونبر 1912 في شأن تحديد ضابط مؤقت للعقارات التي لا يمكن امتلاكها أو تفويتها، أول نص وُضِع من طرف إدارة الحماية أدْخِلت بموجبه المياه في عداد الأموال العامة، تلاه صدور ظهير فاتح يوليوز 1914 في شأن الأملاك العمومية الذي حدد مكونات الملك العمومي التي لا يسوغ لأحد أن يتفرد بتملكها من بينها مجاري المياه، والآبار الارتوازية، والبحيرات الكبيرة والصغيرة والمستنقعات والترع التي تسير للري .. والملاحظ أن الظهير المذكور لم يجعل كل المياه أملاكا عامة، اعتباراً لأصحاب حقوق المياه بل ترك الأمر للتعديلات اللاحقة، حيث جاء تعديل الفصل الأول من ظهير فاتح يوليوز 1914 بمقتضى ظهير 8 نونبر 1919 الذي أدخل ضمن الملك العمومي كل المياه سواء كانت جوفية أو سطحية ومجاري المياه وينابيع المياه أياً كانت طبيعتها.
كما أن الفقرة الخامسة من الفصل الأول ضمت إلى الملك العام المائي كل الأراضي التي تعتبر وعاءً للمياه وإن كانت غير مغطاة بها بشكل دائم.
وعمد المشرع إلى إيجاد إطار قانوني يعالج بعض الإشكاليات التي أثيرت بعد تطبيق ظهير فاتح يونيو 1914 وظهير 8 نونبر 1919، خاصة ما يتعلق بحدود الأملاك العمومية ونطاقها الجغرافي والوضعية القانونية لموضع مجاري المياه، وأصدر ظهير فاتح غشت 1925 المتعلق بجعل ضابط المياه الذي أدخل إلى الملك العام المائي مجاري المياه العمومية وضفاف الأنهار وموضع مجاري المياه التي يجري عليها المد والجزر، كما تبنى طريقة تدبير المياه من طرف الإدارة وذلك عبر عقد الامتياز أو الترخيص .
وبعد سنوات طويلة من الانتظار، أصدر المشرع المغربي القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء ، مستهلا إياه بديباجة موضحة للأسباب التي دفعته لإصداره، وموزعا على 123 مادة، ومنظما في ثلاثة عشر بابا، أوجزها كما يلي:
الباب الأول: خصص له المشرع خمس مواد متعلقة بأحكام الملك العام المائي.
الباب الثاني: من المادة السادسة إلى الحادية عشر، أكد فيها المشرع على تمسكه بالحقوق المعترف بها لأصحابها، مع جعلها خاضعة لقانون نزع الملكية عند الاقتضاء.
الباب الثالث: خصص له المشرع مادة وحيدة هي المادة 12 والتي منع بمقتضاها أي تجاوز لمجاري المياه، والسواقي، والبحيرات، والعيون، وقنوات الملاحة أو الري.. التي تدخل في نطاق الملك العام المائي.
الباب الرابع: من المادة 13 إلى المادة 24 تتعلق بالمجلس الأعلى للماء والمناخ، والمخطط الوطني للماء والمخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة لموارد المياه، وتحديد اختصاصات وكالات الأحواض المائية.
الباب الخامس: من المادة 25 إلى المادة 50، تتعلق بحقوق وواجبات الملاك، والترخيصات والامتيازات المتعلقة بالملك العام المائي، ومدارات المحافظة ومدارات المنع.
الباب السادس: من المادة 51 إلى المادة 57 وتتعلق بمحاربة تلوث المياه.
الباب السابع: من المادة 58 إلى المادة 66 وتتعلق بالمياه المخصصة للاستعمال الغذائي، وتلك المخصصة لتحضير أو تصبير المواد الغذائية الموجهة للعموم.
الباب الثامن: من المادة 67 إلى المادة 78 وتتعلق باستعمال وبيع المياه الطبيعية وذات المنفعة الطبية، ومياه العين، أو مياه المائدة.
الباب التاسع: من المادة 79 إلى المادة 85 وتتعلق بكيفية الحصول على ترخيص من أجل استعمال المياه لأغراض فلاحية ودور وكالات الحوض المائي في ذلك.
الباب العاشر: من المادة 86 إلى المادة 88 ويتعلق بأحكام الماء في حالة الخصاص.
الباب الحادي عشر: من المادة 89 إلى المادة 100 وتتعلق بإجراءات إنجاز الأثقاب بقصد البحث عن الماء، وطرق محاربة الفيضانات عبر إقامة منشآت وتجهيزات في الأراضي التي يمكن أن تغمرها المياه.
الباب الثاني عشر: من المادة 101 إلى المادة 103 وتتعلق بدور الجماعات المحلية في إحداث لجنة الماء بكل عمالة أو إقليم، والمهام المنوطة بها، ودورها الاستشاري قبل منح رخص المياه من طرف وكالة الحوض المائي.
الباب الثالث عشر: من المادة 104 إلى المادة 122 ويتعلق بدور شرطة المياه والمخالفات والعقوبات.
وخصصت المادة 123 لنسخ الأحكام المخالفة لهذا القانون .
وقد أكد القانون الجديد على المبادئ العامة والأحكام الأساسية السابقة في موضوعه، والتي لم ينفها ولم يلغها، وإنما مدد العمل بها بنصه عليها صراحة، وأغناها بإضافات جديدة ومبتكرة تتلاءم مع روح العصر، وتنسجم مع فلسفته الجديدة، والمؤسسة على ترسيخ ووضع الدولة يدها على ثرواتها المائية للتحكم في صرفها واستعمالها، وفق ما تقتضيه المصلحة العامة وضمن المستجدات الهيكلية للمؤسسات المكلفة بتدبير الملك العام المائي، أحدث القانون الجديد ما يعرف ب “وكالات الأحواض المائية” كمؤسسات عمومية متمتعة بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، إلى جانب المؤسسات السابقة المتمثلة في المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي، ووزارة التجهيز والنقل واللوجستيك، ووزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، ومصالح العمالة أو الإقليم.
كما أكد القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء على الجهات المكلفة بحماية الملك العام المائي المنظمة في الظهائر السابقة، ومنح بمقتضى المادة 104 لشرطة المياه مكنة القيام بمعاينة مخالفات مقتضيـات هذا القانون ونصوصه التطبيقية، وعدد الأفعال التي تعد جريمة ونص على عقوباتها كجلب مياه سطحية أو جوفية بدون ترخيص، أو إذا ما وقع داخل المساحات السقويـة المعدة والمجهزة من طرف الدولة، ضبط جلب غير مرخص به مثل صبيب أعلى من الصبيـب المرخص به وسقي غير مرخص أو خارج الأوقات المحددة، وسرقة الماء، وأحال بخصوص منع شرطة المياه من مزاولة مهامها على العقوبات الواردة في الفصل 609 من القانون الجنائي .
يكتسي الموضوع أهمية بالغة لما لهذا المورد الحيوي من دور في تنمية العقارات في بلادنا، وخاصة في المدارات المسقية، نظرا لكثرة الحاجات في وقت نضوب مصادر التعبئة المناسبة، كما أنه يعد أحد أهم العناصر لاستمرار الإنسان على وجه البسيطة، وبذلك استحق أن يكون أحد مقومات السيادة الوطنية .
يرجع اختيار موضوع ” الحماية القانونية للماء” إلى عدة دوافع منها:
اعتبار المياه أحد أهم المواضيع المتداولة يوميا لارتباطها الوثيق بالحاجيات اليومية والأساسية لحياة الإنسان بشكل خاص والاقتصاد الوطني بشكل عام، إلا أن المثير للانتباه هو ندرة الدراسات الخاصة وبشكل أساسي باللغة العربية، هذا النقص البين في البحوث دفعني إلى البحث في الموضوع.
التعريف بالقانون رقم 10.95 المتعلق بالماء، وأهم المقتضيات الحمائية المتعلقة بالثروة المائية، والبيئة، والمستهلك المائي.
ويواجه الباحث في موضوع الملك العام المائي مجموعة من الصعوبات، أهمها، ندرة الكتابات والمقالات والأبحاث الجامعية في الموضوع، وصعوبة الوصول لبعضها، كما أن الأحكام والقرارات القضائية المنشورة في هذا المجال قليلة جدا، والبحث عن غير المنشور منها غير متاح بالشكل المطلوب، إلا ما تعلق بسرقة أو جلب الماء بدون ترخيص في بعض المحاكم الموجودة بنفوذها مناطق مسقية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن البحث في الملك العام المائي، مرتبط بمواضيع ذات صلة وثيقة بالقانون العام مثل القانون الإداري، وأخرى ذات صلة بالقانون الخاص كقانون التحفيظ العقاري ، ومدونة الحقوق العينية ، وقانون المسطرة المدنية ، والقانون الجنائي، وقانون المسطرة الجنائية ، وقانون البيئة ، وقانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت .
ويطرح موضوع الحماية القانونية للماء عدة إشكالات وتساؤلات في نفس الآن، من قبيل مدى توفير الحماية المتطلبة للماء في ظل حسم المشرع لطبيعته القانونية ؟ وهل وفر تعدد الجهات المتدخلة في حماية هذا المورد الغاية المنشودة من ذلك؟ وهل ينطبق القانون الموضوع مع واقع الماء، نظرا لما تحدثه مجاري الأنهار من تغيير في حدود العقارات؟
لدراسة الموضوع ارتأيت تقسيمه إلى فصلين على الشكل التالي:
الفصل الأول: النظام القانوني للمياه وحمايتها الإدارية
الفصل الثاني : ضوابط ونطاق الحماية الجنائية للملك العام المائي

الفصل الأول
النظام القانوني للمياه وحمايتها الإدارية

عرف المغرب تنظيم المياه منذ القدم وفق الأعراف المحلية لكل منطقة، ومع دخول الإسلام إليه تم إعادة تنظيم تدبيرها عبر أحكام الراجح والمشهور وما جرى به العمل في مذهب الإمام مالك، مع الاحتفاظ بالأعراف المحلية غير المتناقضة معه، وبذلك أصبح الماء دائرا بين الملكية العمومية والملكية الخصوصية أو متأرجحا بينهما ولا قيد عليه سوى عدم الإضرار بالغير .
إن تنظيم الماء لم يصل إلى الصيغة الحالية إلا بعد مروره بعدة مراحل ساهمت في نشأتها ونموها عبر التاريخ عدة عوامل، سياسية، واقتصادية، واجتماعية، ودينية، وبدخول الاستعمار الفرنسي إلى المغرب أصدرت سلطات الحماية عدة قوانين تنظيمية في هذا المجال منها منشور فاتح نونبر 1912 الذي حدد العقارات التي لا يمكن امتلاكها أو تفويتها، تلاه صدور ظهير فاتح يوليوز 1914 المنظم للملك العمومي الذي عدد أملاك الدولة العامة، ومنها الملك العام المائي، وحفاظا على السلم والأمن الاجتماعيين، ونظرا لارتباط المغاربة بالأرض والماء فإن المشرع استثنى من الأملاك العامة المائية الحقوق التي تم الاعتراف بها للأفراد من قبل الإدارة.
وانطلاقا من مبدإ عمومية الملك العام المائي، فإن الخواص لا يمكنهم استعماله أو استغلاله إلا بعد حصولهم على ترخيص من الجهات المكلفة بالمحافظة عليه، ويحدد الترخيص نطاق سريانه والتزامات وحقوق المرخص له، مع احتفاظ الإدارة بحق سحبه كلما أخل المرخص له بشروط العقد، من أهمها استنزاف أو تلويث الماء.
ومن أجل تدبير ناجع للموارد المائية بالمغرب، فإن قانون الماء أحدث مجموعة من المؤسسات للحفاظ على هذه الموارد الحيوية، سواء على الصعيد الوطني كالمجلس الأعلى للماء والمناخ، والمجلس الوطني للبيئة، أو على الصعيد الجهوي كوكالات الأحواض المائية، والمركز الجهوي للاستثمار الفلاحي محددا اختصاصاتها وطرق تدخلها.
وعملية التخطيط لاستعمال الموارد المائية وحمايتها تكون إما عن طريق المخطط الوطني للماء الذي يضع استراتيجية وطنية بعيدة المدى لتدبير الموارد المتواجدة على سطح الأرض وفي باطنها وطنيا، وإما عن طريق المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة الذي يقوم بتدبير الموارد المائية لوكالة الحوض المائي بما فيها مصبات الأنهار من أجل التأمين الكمي والكيفي للحاجيات الحاضرة والمستقبلية لمستعملي الحوض.
فما هو المفهوم القانوني للملك العام المائي؟ وما هي تقسيماته في ظل الترسانة القانونية للمغرب؟ وما هي الوسائل الإدارية التي أتى بها المشرع لحماية هذه الثروة الحيوية؟
للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها سأقسم هذا الفصل إلى مبحثين:
المبحث الأول: مفهوم الملك العام المائي وتقسيماته
المبحث الثاني: الطرق الإدارية لحماية الملك العام المائي

المبحث الأول:
مفهوم الملك العام المائي وتقسيماته
إن شخصية الدولة المعنوية لا تحتاج إلى نص دستوري أو قانوني ليقررها، فهي تتقرر تلقائيا وبالضرورة منذ أن تتمكن جماعة سياسية حاكمة من السيطرة على مجموعة من الأفراد في إقليم محدد من أقاليم العالم، ومن ثم فشخصية الدولة ركن من أركان وجودها وفقا لقواعد القانون الدولي العام، وهي التي تضمن لها الاستمرارية عبر القرون بصرف النظر عن أشكال الحكومات التي قد تتعاقب عليها، ومن ثم فلا حاجة لأن يتضمن الدستور نصا على شخصية الدولة .
فالأملاك العامة للدولة محددة في ظهير فاتح يوليوز 1914 المنظم للملك العام للدولة، والتي تعتبر عامة لا يسوغ لأحد تملكها باعتبارها مرصودة للمنفعة العامة، سواء بفعل الطبيعة كالأنهار والشواطئ، والتي تبقى مشاعة بين جميع الأفراد، أو نتيجة تدخل الإنسان كالطرق والقناطر والأسواق وتم إلحاقها بأملاك الدولة العامة.
ومن المعلوم أنه لا يمكن لأحد أن يستغني عن الماء لكونه مصدر بقاء جميع المخلوقات وبدونه تنعدم الحياة ويصير مصير الإنسان وباقي الكائنات الفناء ، والحاجة الماسة لهذه المادة الحيوية تجعلها ملكا عاما للجميع، ويأخذ الماء صفة العمومية من طبيعته ذاتها، لكونه مخصصا لاستعمال العموم، وهذا ما حدا بالمشرع المغربي إلى إدراجه ضمن الأملاك العامة .
وفي هذا المجال حددت المادة الثانية من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء الأنهار الكبرى بالمغرب، وضفافها، وحالات تغيير مجرى النهر بفعل الطبيعة والفرضيات الواردة عليه، كما حددت حقوق المجاورين للنهر المهجور أو الجديد.
وبالنظر إلى الخاصية المتميزة للماء باعتباره سائلا طبيعيا، وارتباطه بالأرض، فقد ثار نقاش فقهي وقضائي حول الطبيعة القانونية للماء، بين من اعتبره منقولا ومن اعتبره عقارا، واتجاه وسط ذهب إلى اعتبار الماء الذي في باطن الأرض أو مسالا عليها يأخذ أحكام العقار ما لم تتدخل يد الإنسان.
إذا كان المشرع حسم في مسألة الملكية العامة للماء، فإن ذلك لم يمنعه من استثناء الحقوق المكتسبة من هذا المجال، فأقر لمن اعترفت له الإدارة بهذا الحق، وفق شروط محددة، تملك الماء والتصرف فيه.
وسيتم في هذا المبحث التطرق إلى مفهوم الملك العام المائي ( المطلب الأول)، ونطاق تطبيق قانون الماء والاستثناءات الوارد عليه ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول: مفهوم الملك العام المائي ونطاق تطبيقه
إن الأملاك العامة مخصصة لتحقيق مصلحة عامة، الشيء الذي يتطلب حماية خاصة، وهذه الحماية أيا كان وجهها، إنما تدور مع تخصيص الملك للنفع العام، بمعنى أنه متى زال هذا التخصيص فعلا بقرار، زالت مقتضيات الحماية القانونية ودخل الملك في نطاق الدومين الخاص وبالتالي يخضع لأحكام القانون الخاص .
وقد كانت سنة 1914 نقطة تحول متميز في الميدان الذي يهمنا، وأعني بذلك نظام المياه والحقوق المائية، لكون هذه السنة هي التي شهدت ميلاد أول نص قانوني رسمي حدد بموجبه المشرع المغربي النطاق الموضوعي والمادي للملك العمومي للدولة، والذي بموجبه أصبحت أصناف المياه جزءاً من مكوناته ( فقرة أولى ).
ومن المقتضيات التي جاء بها قانون الماء، إقراره لأحكام الالتصاق الطبيعي كسبب من أسباب كسب الملكية بسبب التغيرات الطبيعية للأنهار والتي لا دخل ليد الإنسان فيها، سواء باتساع ضفاف الأنهار أو تقلصها، أو هجر النهر لمجراه الطبيعي واتخاذه لمجرى جديد (فقرة ثانية ).
الفقرة الأولى: مفهوم الملك العام المائي
إن التعامل القانوني مع المياه في المغرب ليس حديث العهد، فهو قديم جدا وفي ارتباط وثيق مع ممارسة الأنشطة الزراعية، وقد تجلت مظاهره الأولى في الأعراف والمعاهدات التي كانت تتم بين القبائل حول العيون والخطارات مما راكم عددا من الوثائق التي تنظم الاستفادة من الماء وتوزيع الحصص وفقا للأعراف المحلية وأحكام الفقه الإسلامي ، واستمر هذا الوضع إلى أن دخلت الحماية إلى المغرب حيث أعادت بلورة الإطار القانوني للمياه (أولا)، مما أعطى لقانون الماء مميزات خاصة به (ثانيا).
أولا: الإطار القانوني للماء
دخلت فرنسا إلى المغرب بواسطة معاهدة 30 مارس 1912، وكان من بين أهدفها السيطرة على الأرض الفلاحية عبر التحكم في مصادر الثروة المائية، وبذلك أصدرت منشور فاتح نونبر 1912 الذي حدد العقارات التي لا يمكن امتلاكها أو تفويتها، من ضمنها موارد الماء العمومية ، وفي هذه المرحلة طرحت فكرة التوفيق بين المصلحة الخاصة للملاك الخواص من المغاربة، والمصلحة العامة المرتبطة بمصالح الدولة المستعمرة، كما طرحت أفكاراً تدعو إلى تبني نظام حرية الملكية الخاصة للمياه، بينما ذهب رأي آخر إلى تبني الملكية العامة للمياه بشكل مطلق دون مراعاة حقوق الخواص .
وباعتبار أسبقية تنظيم المستعمر الفرنسي للملكية العامة للماء في الجزائر وتونس ، خَلُصت الأشغال التحضيرية لظهير فاتح يوليوز 1914 وما رافقها من نقاشات تُوضِحُ بشكل جلي رغبة المشرع في تبني مشروع مناسب للحالة المحلية، إلى اعتبار الماء ثروة لا يجب أن تترك للمنافسة الحرة بين الخواص ، وإصدار المشرع لهذا الظهير ما هو إلا وجه من أوجه الحداثة التي استهدفت الجانب الهيكلي أو الشكلي للقانون المغربي التقليدي أو العتيق
إن تطبيق مبدأ الملكية العامة للماء جاء بشكل تدريجي، توج بصدور ظهير فاتح يوليوز1914 المنظم للملك العام للدولة الذي جاء في الفصل الأول منه على أنه:” تدخل في عدد الأملاك العمومية الأملاك الآتية وهي:
أولا: شاطئ البحر الذي يمتد إلى الحد الأقصى من مد البحر عند ارتفاعه مع منطقة مساحتها ستة أمتار تقاس من الحد المذكور،
ثانيا: الأخلجة والمراسي والأموان وملحقاتها،
ثالثا: المنارات والفنارات والعلامات التي توضع للإنذار بالخطر وكافة الأعمال المعدة للإضاءة والإنذار بالمخاطر في الشواطئ وملحقاتها،
رابعا: مجاري المياه مهما كان نوعها مع منابعها،
خامسا: الآبار المعروفة الارتوازية والتي يفجر منها الماء وأيضا الآبار والمواد العمومية،
سادسا: البحيرات الكبيرة والصغيرة والمستنقعات والسباخ،
سابعا: الترع التي تسير فيها المراكب والتي تستعمل للري أو التي تجفف وتعتبر أشغالا عمومية…”
وبالرجوع إلى الفصل الأول المشار إليه آنفا يلاحظ أن المشرع المغربي لم يعط تعريفا واضحا للأملاك العمومية، بل اكتفى بتحديدها، معتمدا على فكرة الاستعمال من طرف الجميع ، فإرادة المشرع اتجهت إلى تحديد نطاق سريان قواعد الملك العام للدولة، وذلك عبر تحديده لتمظهرات هذا الملك مما هو مشاع بين أفراد الأمة، بحيث لا يحق لأحد أن يتملك واحدة من مكونات الملك العمومي المذكور في الفصل السابق، فاستبعاد التملك والانفراد الخاص بالاستفادة الشخصية دليل على عمومية تلك الأراضي ، وهذا ما أكده الاجتهاد القضائي المغربي .
إثر ذلك صدر ظهير 28 يوليوز 1918 المتعلق بالملك القروي الذي اعتبر المياه التي يشربها الناس أو التي هي معدة لتوريد الماشية وكذلك الأجهزة المعدة لذلك ضمن الملك العمومي .
إلا أن تعديل الفصل الأول من ظهير فاتح يوليوز1914 المنظم للملك العام للدولة بمقتضى ظهير 8 نونبر 1919 اعتبر المياه أينما وجدت وعلى أي صفة كانت ملكا عموميا ما عدا مياه الأمطار المستغلة مباشرة أو التي وقع تجميعها في خزانات اصطناعية ، فلم يكتف المشرع بإدخال المياه ضمن الملكية العمومية بل تعدى ذلك إلى ضم الأراضي التي توجد عليها هذه المياه ضمن الملك العام حتى ولو كانت هذه الأراضي غير مغطاة بالمياه بشكل دائم، كما هو الشأن بالنسبة للبحيرات التي تنشأ في فصل الشتاء وتجف في فصل الصيف .
لكن ندرة المياه وقلتها في أغلب المناطق بسبب الجفاف، وارتكاز النظام الاجتماعي في المغرب على الفلاحة، جعلا الدولة تتدخل بغية فرض نوع من الاستغلال المشترك للماء، حيث أصدرت ظهير فاتح غشت 1925 في شأن نظام المياه ، الذي حدد المعايير والأنظمة التي يجب العمل بها لاستغلال الماء بالمغرب، وقرر أنه لا يجوز لأي كان استغلال المياه إلا بموجب رخصة أو امتياز .
ثانيا: خصوصيات قانون الماء
من خلال قراءة قواعد قانون الماء، يمكن ذكر بعض خصائصه:
1. قانون الماء فرع من فروع القانون العام:
يعتبر قانون الماء أحد فروع القانون العام، لكونه ينظم العلاقة بين الإدارة والأفراد، كما أن حمايته تدخل في إطار المصلحة العامة ، ويكتسب صفة العمومية بشكل طبيعي لكونه مخصصا بطبيعته للمصلحة العامة دون تدخل من جانب الإنسان، مثل شواطئ البحار ومجاري الأنهار، فالطبيعة هي التي هيأت ذلك النوع من الأموال لكي يكون محققا للنفع العام دون أن يكون للإنسان يد في ذلك، وبالتالي لا حاجة لصدور قرار من الإدارة العامة لاعتباره مالا عاما، وإذا صدر القرار فهو كاشفا لحقيقة قائمة وليس منشئا لها. أما المال الحكمي، فهو مال هيأه الإنسان وخصصه لتحقيق المنفعة العامة كالجسور والسكك الحديدية وغيرهما، وذلك بصدور قرار صريح أو ضمني في ذلك .

2. قانون الماء قانون ذو طابع إداري:
وذلك لكون أحد موضوعات القانون الإداري تحديد الخدمات التي تؤديها السلطة التنفيذية للجمهور، فالحكومة هي التي تشرف على تسيير العمل في كافة المرافق العامة للدولة، فهي التي تتولى تنظيم مرفق رجال الأمن وكافة مرافق الخدمات الاجتماعية الأخرى كالتعليم و الصحة والمواصلات ، وتحقيق المصلحة العامة من طرف السلطة العمومية أو على الأقل تحت إشرافها، لا ينال من صفتها هذه تحقيقها لبعض الربح، لأن مثل هذه الأرباح إنما هي نتيجة قانونية تتصل بتسيير وإدارة هذه المرافق ، ومنها المياه وما يتعلق تدبيرها.
3. قانون الماء قانون إلزامي:
تعتبر نصوص قانون الماء آمرة ، وهذا يتضح بشكل جلي من خلال استعمال المشرع لعبارات تفيد الوجوب والإلزام كالأمر والنهي ، مثل ما جاء في :
– المادة 10 ” يجب على مالكي الحقوق المكتسبة…”
– المادة 11″ لا يمكن تفويت أو كراء عقارات فلاحية..”
– المادة 12″ يمنع ما يلي…”
– المادة 27″ يجب أن يصرح بكل جلب للماء…”
الفقرة الثانية: نطاق تطبيق قانون الماء
حافظ القانون 10.95 المتعلق بالماء على جميع المكونات الواردة في ظهير فاتح يوليوز 1914 المعدل بمقتضى ظهير فاتح غشت 1925، وفي هذا الإطار وضع المشرع لائحة شاملة لمكونات الملك العام المائي وذلك بموجب المادة الثانية من قانون الماء حيث نصت على أنه ” يدخـل في عداد الملك العام المائي بمقتضى هذا القانون ما يلي :
أ‌- جميع الطبقات المائية، سواء كانـت سطحية أو جوفية، ومجاري المياه بكل أنواعها والمنابع كيفما كانت طبيعتها ؛
ب‌- البحيـرات والبـرك والسبخـات وكذا البحيـرات الشاطئية والمستنقعات المالحة والمستنقعات مـن كل الأنواع التي ليس لها اتصال مباشر مع البحر. وتدخل في هذه الفئة القطـع الأرضيـة التي بدون أن تكون مغمـورة بالميـاه بصفـة دائمة لا تكون قابلة للاستعمال الفلاحي في السنوات العادية، نظرا لإمكانياتها المائيـة ؛
ج‌- الآبار الارتوازية والآبـار والمساقي ذات الاستعمـال العمومي المشيدة من طرف الدولة أو لفائدتها وكذلـك مناطـق حمايتها المحددة بمقتضيات تنظيمية. وتتكون هـذه المناطق مـن منطقة مباشرة تضـم إلى الملك العـام المائي، وعنـد الاقتضـاء من منـطقتين إحداهما قريبة والأخرى بعيدة لا تخضعان إلا للارتفاقات ؛
د‌- قنـوات الملاحـة والـري والتطهيـر المخصصـة لاستعمال عمومي وكذلك الأراضي الواقعة في ضفافهـا الحـرة والتـي لا يجـب أن يتجـاوز عرضها خمسة وعشرين مترا لكل ضفة حرة ؛
ه‌- الحـواجـز والسدود والقناطر المائية وقنوات وأنابيب الماء والسواقـي المخصصة لاستعمال عمومي من أجل حماية الأراضي من المـياه، والـري وتزويـد المـراكز الحضرية والتجمعات القروية بالماء أو لاستخدام القوى المائية ؛
و‌- مسيل مجـاري الميـاه الدائمـة وغير الدائمـة وكـذلك منابعـها ومسيل السيول التي يترك فيها سيلان المياه آثارا بارزة ؛
ز- الحافـات إلى حـدود المستـوى الذي تبلغه ميـاه الفيضان والتـي تحـدد نصوص تنظيمية تواترها بالنسبة لكل مجرى ماء أو مقطع منـه، وكذا كل المساحات المغطـاة بمد يبلغ معامله 120 في أجزاء مجاري الماء الخاضعة لتأثير هذا المد ؛
ح‌- الضفاف الحرة انطلاقا من حدود الحافات :
– بعرض ستة أمتار على المجاري المائية، أو مقاطع المجاري المائيـة التالية: ملوية من مصبه إلى منابعه، سبو من مصبه إلى منابعه، اللوكوس من مصبه إلى منابعه، أم الربيـع من مصبه إلى منابعه، وأبو رقراق من مصبه إلى سد سيدي محـمد بن عبد الله ؛
– بعرض مترين على المجاري المائية أو مقاطع المجاري المائية الأخرى”.
ويلاحظ أن المشرع قد استعمل مصطلح المياه القارية في قانون 11.03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة وهو مصطلح لم يسبق استعماله في ظهير 1914، كما لم يستعمله في القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء، حيث اقتصر المشرع آنذاك على استعمال مصطلح الماء أو الملك العام المائي أو الموارد المائية .
وسأقتصر في هذه الفقرة على الحديث عن نطاق الملك العام المائي في حالة تغيير مجرى النهر، والذي يحدث بفعل الطبيعة وبدون تدخل الإنسان، كأن يغير نهر من الأنهار مجراه أو يتخذ مجرى جديدا له وذلك طبقا للمادتين الثالثة والرابعة من القانون 10.95 المتعلق بالماء.
الحالة الأولى: التغيير في مجرى النهر.
حدد البند(ح) من المادة الثانية من قانون 10.95 حدود الحافات بالضفاف الحرة بعرض ستة أمتار على المجاري المائية أو مقاطع المجاري المائية التالية: ملوية من مصبه إلى منابعه، سبو من مصبه إلى منابعه، اللوكوس من مصبه إلى منابعه, وأبو رقراق من مصبه إلى سد سيدي محمد بن عبد الله.
وتبدأ هذه الضفاف الحرة من آخر حد تصل إليه مياه النهر الجارية عند امتلائها وقبل الفيضان، فإذا كان التغيير في المجرى حصل نتيجة فيضان مياه النهر وأدى إلى غمر قسم من الضفاف الحرة، فأصبح عرض تلك الضفاف أقل من الحد الذي عينه القانون فيجب أن يضم جزء من الأراضي المجاورة إلى ما تبقى من الضفة القديمة إلى أن يصل عرضها الحد المذكور .
أما باقي الأنهار أو المجاري المائية أو مقاطع المجاري كما سماها المشرع في المادة الثانية(ح-2) فعرضها متران.
ويضم إلى الملك العام المائي مع الضفاف الحرة التي يشملها المسيل الجديد الذي يشقه المجرى المائي بشكل طبيعي ، وتكتسب الأملاك الخاصة صفة العمومية بتخصيصها للمنفعة العامة، ويتم ذلك بفعل الطبيعة .
أما إذا جرى التعديل نتيجة انحصار مياه النهر، وأدى إلى التحاق جزء المجرى الذي هجرته المياه بالضفاف الحرة، بحيث زاد عرضها عن الحد القانوني فإنه يُقْتَطعُ من هذه الضفاف جزءٌ يوازي عرضه الجزء الذي التحق بها، ويعطى هذا الجزء المقتطع بدون مقابل لصاحب الأرض المجاورة للمجرى ، حيث جاء في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء أنه” في حالة تقدم المياه، تسلم المنطقة المذكورة مجانا للمالك المجاور إذا أثبت ملكيته لها قبل أن تغطيها المياه شريطة احترام الارتفاقات الناتجة أو التي قد تنتج عن العرف أو عن القوانين والأنظمة”، وهكذا تصبح ملكية العقارات المتاخمة لمجاري الأنهار المتأرجحة بين الدولة والأفراد بحسب ارتفاع وانخفاض مستوى المياه في النهر على مدار السنة .
الحالة الثانية: اتخاذ النهر مجرى جديدا له.
عالج المشرع أحكام هذه الحالة في المادة الرابعة من القانون رقم 10.95، فإذا اتخذ النهر مجرى جديدا بحيث صار يجري في أرض جديدة بفعل الطبيعة وبدون تدخل الإنسان، فإن المجرى الجديد والضفاف الحرة التابعة له تلحق بأملاك الدولة العامة فتنزع ملكيتها الخاصة من المالك السابق لها .
وأرى أن نزع الملكية المتحدث عنه لا يكون وفق القانون رقم 7.81 والإجراءات والمساطر المتبعة فيه، بل هو نزع تلقائي بحسب تمدد مياه النهر.
أما تعويض أصحاب الأرض التي اخترقها المجرى الجديد والضفاف الحرة التابعة له فينبغي التمييز فيه بين فرضيتين:
الفرضية الأولى:
إذا لم تهجر المياه كلية المسيل القديم، وظلت جارية به، فإن المشرع حرم مالكي العقارات التي يخترقها المسيل الجديد من أي تعويض. ويبدو أن هذا المقتضى مجحف في حق أصحاب العقارات التي سيشغلها المجرى الجديد، على اعتبار أن المسيل الجديد سيحرمهم من جزء من أرضهم، وكان على المشرع بدل التنصيص في آخر الفقرة الثانية من المادة الرابعة على حرمان مالكي العقارات من التعويض، أن يحيل على مقتضيات الفصل 41 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت الذي ينص على أنه” إذا كان الاستعجال يقتضي أن تضم لفائدة الدولة بعض الموارد المائية قصد القيام بإعداد شامل نص مقرر إعلان المنفعة العامة على هذا الاستعجال وعين في نفس الوقت الحقوق المائية التي تقتضي بالتخلي عنها
ويمكن الإذن بموجب هذا المقرر في حيازة الحقوق المائية المذكورة حالا أو آجلا، وفي هذه الحالة يجب على اللجنة المكلفة عند تعذر الاتفاق بالمراضاة أن تقوم بتقديم التعويضات داخل أجل شهرين يبتدئ من تاريخ نشر مقرر إعلان المنفعة العامة، وتطبق بعد ذلك المسطرة المنصوص عليها في الفصل 18 وما يليه.
يدفع التعويض عن نزع الملكية طبقا لأحكام الفصل 29 وما يليه بعد أن يسقط المبلغ الذي قبضه المنزوع ملكيته..” .
الفرضية الثانية:
إذا تخلى النهر عن مجراه القديم، وأخذ له مجرى جديداً فالحكم يكون كالتالي:
أ- إذا كان المجريان القديم الذي هجرته المياه والجديد يقعان في أرض لمالك واحد، تعطى لهذا الأخير أرض المجرى القديم وضفافه وتزول عنه صفة الملك العام وتسلم له مجانا، وذلك تعويضا عينيا له مقابل الأرض التي فقدها في المجرى الجديد والتي أصبحت من الأملاك العامة .
أما إذا كان المجرى القديم يقع في أرض مملوكة لشخص غير المالك للأرض التي يقع المجرى الجديد فيها، فإن صفة الملك العمومي تزول عن المجرى القديم، ويمكن للمالكين اكتساب ملكيته عن طريق الحق في الشفعة بالنسبة لكل واحد منهم إلى حدود المسيل القديم بعد استيفاء الإجراءات القانونية ، حيث يحدد ثمن المسيل القديم من قبل خبراء يعينهم رئيس المحكمة المختصة بطلب من الإدارة، وإذا لم يصرح الملاكون المجاورون للنهر عن نيتهم في الاكتساب بالأثمنة المحددة من قبل الخبراء، في ظرف ثلاثة أشهر من الإشعار الموجه من قبل الإدارة، فإنه يتم بيع المسيل القديم وفق القواعد التي تحدد بيع الأملاك الخاصة للدولة .
ويحدد حسب الفقرة الرابعة من المادة الرابعة السالفة الذكر ثمن المسيل القديم من قبل خبراء يعينهم رئيس المحكمة المختصة أو بطلب من الإدارة، والرئيس المختص هو رئيس المحكمة الابتدائية التي يوجد بها المسيل القديم، وإذا ما وجد – المسيل القديم – في دائرة اختصاص أكثر من محكمتين فأظن أنه ينعقد للتي بها أكبر جزء منه.
وبخصوص مسطرة التعويض فإنه “وإذا لم يصرح الملاكون المجاورون للنهر عن نيتهم في الاكتساب بالأثمان المحددة من قبل الخبراء، وفي ظرف ثلاثة أشهر من الإشعار الموجه إليهم من قبل الإدارة. فانه يتم بيع المسيل القديم وفق القواعد التي تحدد بيع الأملاك الخاصة للدولة
ويوزع الثمن الناتج عن البيع على ملاك الأراضي التي يحتلها المجرى الجديد كل بحسب نسبة قيمة الأرض التي فقدها، وذلك على سبيل التعويض .
وتجدر الإشارة إلى أن نطاق الملك العام المائي يقف عند حقوق الملكية أو الانتفاع أو الاستعمال التي تم اكتسابها بصفة قانونية على الملك العام المائي قبل صدور ظهير فاتح يوليوز 1914 في شأن الأملاك العمومية وظهير فاتح غشت 1925 المتعلق بجعل ضابط المياه، والتي أودع أصحابها لدى الإدارة مطالب تستند إلى وجودها داخل أجل خمس سنوات تبتدئ من صدور القانون رقم 10.95 إذ أنه بانقضاء هذا الأجل لا يمكن لأي أحد أن يدعي أي حق على الملك العام المائي .
المطلب الثاني: الطبيعة القانونية لحقوق الماء
إذا كان الماء في مفهومه اللغوي يعتبر مادة سائلة لا لون لها ولا رائحة، فمن خصائص هذه المادة أنها متنقلة، لكن هذه الخاصية الطبيعية لا يمكن أن تسعفنا في تحديد طبيعته القانونية، ذلك أن المفهوم القانوني للماء يختلف تمام الاختلاف عن المفهوم اللغوي والاصطلاحي .
وهذا ما يدفع إلى طرح التساؤل التالي: هل يمكن اعتبار الماء منقولا تسري عليه الأحكام الخاصة بالأموال المنقولة؟ أم يعد عقارا تطبق بشأنه مقتضيات الأموال العقارية ( فقرة أولى).
وباعتبار الماء ملكية عامة حسب مختلف القوانين الصادرة في هذا الشأن، فهل القاعدة مطلقة أم ترد عليها استثناءات؟ ( فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: الطبيعة القانونية للماء
حدد المشرع المغربي في المادة السادسة من مدونة الحقوق العينية العقارات بطبيعتها، إلا أنه لم يوضح في قوانين الماء بشكل صريح الطبيعة القانونية للماء، بيد أن الفقه اهتدى إلى مجموعة من المبادئ التي من شأنها توضيح قصد المشرع.
1- السند التشريعي
يتضح من أحكام الفصل السادس من ظهير 2 يونيو1915 “الملغى” أن العقارات بطبيعتها في التشريع المغربي هي الأراضي والبنايات والمنشآت المثبتة والمرساة ببناء والأغراس المثبتة بجذورها في الأرض .
وهذا ما أكدته المادة السادسة من مدونة الحقوق العينية بشكل صريح إذ نصت على أن: “العقار بطبيعته هو كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقلـه من دون تلف أو تغيير في هيئته ” .
أما المنقول فلم يرد له تعريف في التشريع المغربي، وقد عرفه الأستاذ مأمون الكزبري بأنه كل شيء يمكن نقله من مكان إلى آخر بدون تلف، سواء تحرك بنفسه كالحيوان أو بفعل قوة خارجية كالجماد، شريطة عدم رصده لاستغلال عقار .
يستفاد مما سبق أن العقارات هي الأشياء الثابتة و المستقرة في مكانها و التي لا يمكن نقلها بدون تلف، وإذا طبقنا هذا المعيار على الماء الذي يعتبر محلا لحقوق المياه، فإنه من حيث مادته وطبيعته قابل للتنقل من مكان لآخر دون تلف، فالماء في تركيبته الطبيعية مادة سائلة تقبل النقل دون تلف ، فهل يمكن والحالة هاته اعتبار الماء منقولا ؟
2- موقف القضاء والفقه
لقد أضفى القضاء المغربي في عهد الحماية الطبيعة العقارية على المياه، عندما قرر بأن الحقوق الواردة على الماء هي حقوق عينية عقارية ولو لم يتم تحديدها من الناحية الإدارية بعد، ولم ترتبط بعقار معين بذاته، مادامت تمثل في حقيقتها جزءا من أملاك الدولة العامة، حيث اعتبرت محكمة الاستئناف بالرباط أن حقوق المياه حقوقا عينية عقارية ولو لم يتم الاعتراف بهذه الحقوق بصفة قانونية، وأن عدم ارتباطها بعقار معين لا يفقدها هذه الصفة لكونها جزءا من الملك العام.
ويرى أحد الباحثين أن تكييف محكمة الاستئناف بالرباط استند على فكرة الملكية العامة للماء، وأن كل المياه هي ملك عام للدولة لأنها جزء لا يتجزأ من العقار الذي يعتبر في أساسه ملكا عموميا( الدومين العام). وحتى إن كانت غير مندمجة في عقار عمومي بصفة مباشرة فإنها تعتبر كذلك حقوقا عينية عقارية، إلا أن هذا التكييف يمكن أن يكون مقبولا حالة اندماج المياه في الدومين العام، أما إذا كانت مندمجة في ملك خصوصي فان حقوق المياه لن تستمد طبيعتها العقارية من الدومين العام بل انطلاقا من اندماجها في العقار الخاص، وسبب هذا التكييف غير الدقيق هو هيمنة الفكر الاستعماري الذي كان يحاول اعتبار المياه ملكا عموميا حتى تتمكن الدولة الاستعمارية من الهيمنة على الثروة المائية وتثبيت أقدامها وتحقيق مصالحها وأطماعها.
إلا أنه بعد الاستقلال تبنى القضاء المغربي تكييفا مغايرا، إذ اعتبر أن الطبيعة العقارية لحقوق المياه تجد أساسها في التصاقها واندماجها في العقار الذي ترد عليه، وهو ما يستشف من أحد الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية بكلميم الذي جاء فيه” إن المدعى عليه كان له الحق في التمسك بالحوز والملك المذكور إذ لم يدل بأية حجة وذلك تماشيا مع القاعدة المقررة بقرار المجلس الأعلى المتمسك به، أما والحالة أن المدعين قد أدلوا برسم قسمة يفيد تملكهم لسبع طاسات وربع بنوبة الخميس بعين ووغيست يجعله ملزما بإثبات سند حيازته وتواجده بعين الماء المذكورة”.
إن استخدام هذا الحكم لعبارة “حيازته وتواجده بعين الماء” تفيد أن هذا الحق ذو طبيعة عقارية.
أما الفقه فانقسم إلى ثلاث اتجاهات بخصوص الطبيعة القانونية لحقوق الماء .
حيث يرى الاتجاه الأول بأن حقوق المياه ترد على مادة تستهلك بمجرد الاستعمال، في حين أن الحقوق الأخرى، كالحقوق العرفية الإسلامية ترد على عقارا لا يستهلك بمجرد الاستعمال، واعتبر الفقيه صونيه ” Sonnier ” أن التوجه الذي أعطى الصفة العقارية للماء ولحقوق المياه غير مبني على أساس صحيح وسليم، لأن الماء منقول وليس عقارا بالنظر إلى طبيعته المتحركة.
أما الاتجاه الثاني فانقسم إلى رأيين حيث يرى الرأي الأول أن حقوق المياه مبهمة وغير واضحة إذا لم تكن واردة على عقار محفظ ومقيدة في الرسم العقاري، وأن هذه الحقوق تصبح ذات طبيعة عقارية بمجرد تقييدها في الرسم العقاري، أما الرأي الثاني من هذا التوجه فاعتبر أن حقوق المياه حقوق عينية عقارية أيا كانت طبيعة العقار الذي ترد عليه.
وذهب الاتجاه الثالث إلى أن الماء ذو طبيعة عقارية على اعتبار أن الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها، ومن ثم فالمياه الموجودة في باطن الأرض وتلك المنسابة على السطح تعد عقارات بطبيعتها مادامت يد الإنسان لم تمتد إليها وتعزلها عن مكانها الطبيعي، ويصير الماء منقولا بعد فصله عن الأرض، لأن هذه الأخيرة في الحقيقة هي التي تضفي عليه الصبغة العقارية فيتحول بذلك إلى منقول بطبيعته، مثله في ذلك مثل المقالع والمناجم، والقاعدة السالفة – حسب هذا الاتجاه – تستفاد ضمنيا من الفصل 11 من ظهير 02 يونيو 1915 الملغى – المادة 15 من مدونة الحقوق العينية – حيث جاء فيها أن” ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المعني في التمتع بها إلا إذا نص القانون أو الاتفاق على ما يخالف ذلك”.
ويظهر أن التوجهين الأول والثاني منتقدان، على اعتبار أن المعيار الذي أخذ به الاتجاه الأول هو معيار كلاسيكي يميز بين المنقول والعقار، وقد أصبح متجاوزا مع تبني تكييف المنقول المخصص لخدمة العقار بأنه عقار بالتخصيص . أما التوجه الثاني فيعاب عليه حصره الصفة العقارية للماء على الحقوق المقيدة بالرسم العقاري، دون اعتبار الحقوق الواردة على العقار غير المحفظ، وأرى أن موقف الأستاذ الكشبور حري بالتأييد لانسجامه مع طبيعة حقوق المياه التي ترد على العقارات بطبيعتها من جهة، ومع ما ورد في المادة 16 من مدونة الحقوق العينية من جهة أخرى، كما أن الفصل 41 من القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت ينص على أنه” إذا كان الاستعجال يقتضي أن تضم لفائدة الدولة بعض الموارد المائية قصد القيام بإعداد شامل نص مقرر إعلان المنفعة العامة على هذا الاستعجال وعين في نفس الوقت الحقوق المائية التي يقضى بالتخلي عنها”، ومعلوم أن نطاق هذا القانون هو العقار ، وتبنى المشرع للصفة العقارية للماء وفر لهذا العنصر حماية قانونية هامة، سواء من حيث خضوع حقوق المياه للتقسيم الذي يعرفه العقار، أو من حيث الحماية المقررة لكل واحد سواء كان محفـظــا أو غير

محفظ، وبذلك يستفيد من الحماية المدنية والجنائية .
الفقرة الثانية: تقسيم حقوق الماء
القاعدة في التشريع المغربي الحالي أن المياه تمثل من حيث طبيعتها القانونية جانبا هاما من أملاك الدولة العامة، غير أن المشرع حافظ صراحة للخواص على الحقوق المكتسبة العائدة لهم قبل إعلان تلك المنفعة.
وسأتناول في هذه الفقرة المياه كأملاك عامة للدولة (أولا) والاستثناءات الوارد عليها (ثانيا).
أولا – المبدأ: الماء ملك عام
اقتفى المشرع المغربي أثر الظهائر السابقة صراحة حين تبنى الملكية العامة للماء في الفقرة الأولى من
المادة الأولى من القانون رقم 10.95 حيث نصت على أن” الماء ملك عام، ولا يمكن أن يكون موضوع تملك خاص مع مراعاة مقتضيات الباب الثاني بعده”.
وحسنا فعل المشرع عندما لم يعرف الماء، وذلك لصعوبة إعطاء تعريف جامع مانع للماء من جهة، ولكون التعاريف من اختصاص الفقه من جهة أخرى، فاقتصر على ذكر ما يدخل في عداد الملك العام المائي في المادة الثانية من نفس القانون.
ونظرا للأهمية البالغة للماء باعتباره مصدر كل شيء وأصله، لم يبخل الفقهاء في تنوير العموم بالتصدي للنوازل المعروضة عليهم، وبيان حقوق الجماعة في الماء باعتباره ملكا مشتركا انطلاقا من الحديث النبوي الشريف” الناس شركاء في ثلاث: “الماء والكلأ والنار”، أظن أن تخصيص الحديث لعبارة الناس يحمل العديد من المعاني، إذ لم يقتصر الخطاب على المسلمين أو أهل الكتاب بل جاء التعبير مطلقا يفيد كل إنسان مهما كان عرقه أو لونه أو دينه .
وما يستفاد من تنصيص المشرع المغربي والفقه الإسلامي على الملكية العامة للماء، هو كون هذه المادة عصب الحياة، ولا يمكن أن تستمر بدون الملكية المشتركة لها.
ثانيا- الاستثناء: الماء ملك خاص
أقر الشارع أن الماء مشترك بين الناس يتقاسمون الانتفاع به بما لا يضر بعضهم بعضا، إلا أنه إذا علم وثبت تملكه لأحد فهو أحق به ، ومع دخول الحماية للمغرب وقرارها جعل الماء ملكا عاما للدولة، فإن هذا القرار – إعلان مبدأ الملكية العامة للمياه- بصورة مفاجئة قد يثير غضب وثورة الأهالي الأصليين أصحاب الأرض، وأصحاب المياه الحقيقيين، خاصة أن هذا العنصر يمثل المصدر الرئيسي للحياة بالنسبة إليهم جميعا، وأن المساس به قد يشكل خطرا كبيرا على المستعمر نفسه، فتقرر استثناء هام على هذا المبدأ تمثل في عدم سريانه على الحقوق المكتسبة من طرف الأهالي . فحقوق الملكية والاستنفاع والاستعمال المكتسبة بكيفية متنوعة على الأملاك العامة قبل دخول هذا الظهير حيز التنفيذ تظل سارية .
وقد خص القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء الباب الثاني للحقوق المكتسبة على الملك العام المائي، إذ نصت المادة السادسة منه على أنه ” يحـتفظ بحقوق الملكيـة أو الانتفاع أو الاستعمال التي اكتسبت بصفة قانونية على الملك العام المائي قبل صـدور الظهيـر الشريف الصادر في 7 شعبان 1332 (فاتح يوليوز 1914) في شـأن الملك العام والظهير الشريف الصادر في 11 محـرم 1344 (فـاتـح غشت 1925) في شأن نظام المياه كمـا وقع تغييرهما وتتميمهما أو قبل تـاريـخ استرجاعها من طرف المملكة بالنسبة للمناطق التي لا يطبق فيها هذان النصان.”
إن أغلب مدونات الماء في العالم تجعل الماء ملكا عموميا لا يجوز حجزه ولا التصرف فيه ولا ادعاء اكتساب ملكيته بالتقادم. إلا أن قانون 10.95 ترك بعض الاستثناءات الناتجة عن استعمال بعض المنابع أو السواقي التي تضمنها قوانين الحق في الاستعمال .
ومسألة الاعتراف بالحقوق المكتسبة على الملك العام المائي تكون بعد تحقيق تجريه الإدارة من تلقاء نفسها، أو بطلب من المعني بالأمر وأخذ رأي وزارة الداخلية صاحبة المصلحة في ذلك ، وتملك الدولة للماء يبقى مجرد قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها من جانب صاحب المصلحة في ذلك، أي إثبات وجود حقوق عينية خاصة على ما اعتبره ذلك التحديد داخلا في نطاق الملك العام، وهذه القرينة تستفاد صراحة من مقتضيات التشريع المغربي نفسه ، وهو ما أكده حكم للمحكمة الابتدائية بالحسيمة حيث نص على أنه: ” لما كان الأمر يتعلق بدعوى استحقاقية منصبة على منبع مائي فإن استحضار مقتضيات الظهير الشريف الصادر بتاريخ يوليوز 1914 مسألة لازمة، وهذه المقتضيات تعطي في مادته الأولى بأن الماء ملك عمومي، بما في ذلك العيون ومنابع الأنهار والمياه الجوفية، ولا يستثنى من ذلك إلا ما ثبت أنه كان قبل صدور هذا الظهير مملوكا ملكية خاصة لأصحابه، وهم في ذلك حجة تامة وثابتة أقرتها مراسيم صادرة لفائدتهم على وزارة الأشغال العمومية، فهذه المراسيم وحدها هي منطلق الحقوق بالنسبة لتلك المياه منها في ذلك رسم التحفيظ، وفي المقابل فإن كل شخص لم يتبع هذه الإجراءات ولم تعترف له وزارة الأشغال العمومية بملكيته لحق مائي لا يعتبر مالكا له، فوزارة الأشغال العمومية هي الإدارة المختصة بإدارة استغلال المياه العامة، وهي التي تمنح التراخيص للأفراد لاستغلال هذه المياه بكيفيات معينة وبمقادير محددة ” .
ويتعين على من يتمسك بالحق العيني على الملك العام المائي أن يكون مقررا له قبل صدور ظهير 1914 وظهير 1925، وثابتاً له طبقا لقواعد الفقه الإسلامي والأعراف المحلية ، أو داخل أجل خمس سنوات من صدور القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء. ويرى الأستاذ محمد بونبات أن المادة السادسة من قانون الماء أعطت مهلة جديدة، وسمحت بإمكانية إحياء الحقوق المائية القديمة وتخليصها من الملك العام المائي.
ويبدو لي أن المادة المذكورة فتحت الأجل فقط بالنسبة للأقاليم الجنوبية، والمناطق المحتلة كسبتة ومليلية، أما بخصوص مفهوم الإثبات فإنه ليس مطلقا كما يتبين من ظاهر المادة السادسة من قانون 10.95، إذ استبعدت محكمة النقض شهادة الشهود في هذا الخصوص، حيث جاء في أحد قراراتها ” إن حقوق الغير على الماء كملك عمومي للدولة لا تثبت بشهادة الشهود فضلا عن كونها لا تخص المطالبين وحدهم بالاستفادة من الماء ولو مع وجود سدين تقليديين…
وحيث لذلك يبقى الطلب غير مرتكز على أساس وحليف الرفض “.
إن تقييد محكمة النقض لوسائل الإثبات واستبعاد شهادة الشهود راجع إلى محاولة حماية الملك العام المائي أكثر في زمن أصبح فيه الحصول على الشهود أمرا هينا.
وفي نزاع بين أحدى جمعيات مستخدمي المياه المخصصة للزراعة وحافري بئر، ولكون الإدارة لم تعترف لهما بحق استغلال الماء، فإنه جاء في حيثيات قرار لمحكمة الاستئناف بتازة ما يلي: “وحيث تبين للمحكمة من خلال مراجعة أوراق الملف ومحتوياته أنه بغض النظر عن ما جاء في تقرير الخبرة المنجزة من طرف وكالة الحوض المائي والتي هي مؤسسة عمومية تشرف على استعمال الملك العام المائي من كونها تستبعد أن يكون لاستغلال البئر أثر سلبي على العين وهي الخبرة الرسمية لكن غير الحضورية فإن الصفة في الادعاء غير ثابتة أصلا ذلك أن الماء ملك عام ولا يمكن أن يكون موضوع تملك خاص وأن الحقوق المكتسبة على المياه المتنازع بشأنها غير ثابتة طبقا للمادة 6 من القانون المتعلق بالماء ..
وحيث أن الصفة من النظام العام تثيرها المحكمة في جميع المراحل مما يتعين معه بعد الإلغاء و التصدي، الحكم بعدم قبول الدعوى ”
وأرى أنه كان يجب على وكالة الحوض المائي أن تتدخل في مواجهة طرفي النزاع لاعتدائهما على الملك العام المائي، لأن الخبرة المنجزة من طرفها جاءت بكون صاحبي البئر لا يتوفران على أي رخصة للحفر أو لجلب الماء.
ومن الآثار المترتبة على اعتراف الإدارة بالحق المكتسب على المياه للأفراد أنها:
– تكون محلا لجميع التصرفات القانونية بعوض أو بغير عوض.
– تكون محلا للحجز طبقا للمقتضيات القانونية المضمنة بقانون المسطرة المدنية.
– تكون موضوعا لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة طبقا للأحكام الجاري بها العمل في هذا الصدد .
– يحق لمالكي حقوق المياه تقييد هذه الحقوق بالرسم العقاري الذي ترد عليه وتصبح بذلك خاضعة للقانون المدني، في حين تبقى المياه العامة خاضعة للقانون الإداري.
– إن الملك العام المائي يستعصي عن قاعدة التطهير المترتبة عن تأسيس الرسم العقاري .

المبحث الثاني
الطرق الإدارية لحماية الملك العام المائي
إذا كان المبدأ أن الماء ملك عام لا يسوغ لأحد تملكه باعتباره مرصودا للمنفعة العامة، فإنه يحق للخواص استعمال الماء العام إذا ما حصلوا على ترخيص مسبق من طرف الإدارة المختصة.
وقد حدد المشرع المغربي العمليات التي تخضع للترخيص بمقتضى المادة 38 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء، وحدد الإجراءات التي يلزم القيام بها للحصول عليه، وتختص وكالة الحوض المائي بالبت في طلبات الترخيص وتحدد مدته والتـي لا يمكن أن تتجاوز عشرين سنة قابلة للتجديد، وكذا التدابير التي يجب عليه القيام بها لتجنب تدهور المياه التي يستعملها، وفي حالة مخالفة المستفيد لالتزاماته وشروط الترخيص فإنه يحق للإدارة سحبه منه ( المطلب الأول).
وبالمقابل فإنه يمكن للمرخص له استعمال الماء العمومي بحسب ما جاء في قرار الترخيص، والتزام الإدارة بعدم التشويش عليه، ومنحه مكنة رد كل اعتداء عليه من طرف الغير(المطلب الثاني).
المطلب الأول: حماية الملك العام المائي عن طريق الترخيص
وضع المشرع مجموعة من الإجراءات الوقائية للمحافظة على الملك العام المائي من بينها الترخيص الذي تمنح بموجبه الإدارة لأحد الأشخاص حق استعمال الماء، وحدد الحالات التي يمنح فيها والمسطرة المتبعة للاستفادة منه، وكذا الحالات التي يسحب فيها (فقرة أولى).
وألقى على عاتق المرخص له مجموعة من الالتزامات التي عليه القيام بها تحت طائلة سحب الترخيص منه، ومنحه حقوقا والتزامات ينبغي على الإدارة الالتزام بها حتى يتمكن من الاستفادة منه على الوجه المطلوب. فما هو نطاق سريانه؟ وما هي مسطرته؟ وفي أي حالات يسحب؟ (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: نطاق حق الترخيص ومسطرته
لقد سبقت الإشارة إلى كون مفهوم الملك العام المائي تم استقاؤه من ظهير فاتح يوليوز 1914، وظهير 8 نونبر 1919، بحيث اعتبرت جميع أنواع المياه في عداد الأملاك العمومية للدولة، ما عدا مياه الأمطار المستغلة مباشرة أو التي تم تجميعها في خزانات اصطناعية والمياه المكتسبة عليها حقوق خاصة ومعلن عن وجودها في الأجل القانوني .
وانطلاقا من مبدإ عمومية الملك العام المائي، فان الخواص لا يمكنهم استعماله إلا بعد الحصول على ترخيص من وكالة الحوض المائي المعينة، أو المركز الجهوي للاستثمار الفلاحي.
وقد حدد المشرع في قانون الماء نطاق الحق في الترخيص(أ)، وحدد مسطرته(ب).
أ- نطاق حق الترخيص
إن مبدأ الملكية العمومية للمياه يقتضي أحيانا أن تكون المياه التي تنبع من عقار معين ملكا للدولة، في حين يعود العقار الذي تنبع منه لأحد الخواص. وأمام هذا الوضع القانوني والواقعي المعقد، فإن أي التقاط أو استعمال للمياه الواقعة في الملكيات الخاصة إلا ويحتاج إلى ترخيص مسبق من إدارة المياه .
والعمليات الخاضعة للترخيص هي :
1- أشغال البحث مع مراعاة المادة 26 ، أو التقاط المياه الجوفية أو النابعة وحفر الآبار وإنجاز الأثقاب التي يتجاوز عمقها الحد المشار إليه في المادة 26.
2- أشغال التقاط واستعمال مياه العيون الطبيعية الواقعة في الملكيات الخاصة.
3- إقامة منشآت لمدة لا تتجاوز خمس سنوات قابلة للتجديد، بهدف استعمال الملك العام المائي كالمطاحن المائية والحواجز والسدود أو القنوات، بشرط ألا تعرقل حرية سيلان المياه وحرية السير على الضفاف الحرة وألا تتسبب في تلوث المياه.
4- جلب صبيب من مياه الطبقة الجوفية كيفما كانت طبيعتها يفوق الحد الذي تحدده نصوص تنظيمية.
5- مأخذ المياه المقامة على المجاري المائية أو القنوات المتفرعة عن الوديان واستغلال المعديات أو الممرات على المجاري المائية.
6- جلب المياه كيفما كانت طبيعتها من أجل بيعها أو من أجل استعمالها للعلاج الطبي.
وهذا ما أكده قرار صادر عن محكمة الاستئناف بتازة إذ جاء فيه: “حيث إنه يدخل في عداد الملك العام المائي بمقتضى قانون الماء جميع الطبقات المائية، سواء كانت سطحية أو جوفية، ومجاري المياه بكل أنواعها والمنابع كيفما كانت طبيعتها وكذا الآبار.
وحيث إن وكالة الحوض المائي عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، يناط بها منح الرخص والامتيازات الخاصة باستعمال الملك العام المائي وكذا تقديم كل خدمة وخصوصا المساعدة التقنية للأشخاص العامة …ومسك سجل لحقوق المياه المعترف بها وللامتيازات ورخص جلب الماء الممنوحة ” .
ب- مسطرة الترخيص
إن استعمال الماء لم يعد دون مراقبة وحماية من طرف الإدارة، إذ أن أي استعمال له إلا ويتطلب ترخيصا مسبقا ، وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 36 بالقول” تمنح الترخيصات والامتيازات المتعلقة بالملك العام المائي المشار إليها في هذا الفرع والتي تحدد نصوص تنظيمية شكليات المصادقة عليها بعد إجراء بحث علني، ويترتب عن هذه الترخيصات والامتيازات تحمل مصاريف الملف “.
وتبدأ مسطرة الترخيص بتقديم طلب في الموضوع إلى مدير وكالة الحوض المائي التي تقع في دائرة اختصاصها المياه المراد الترخيص باستعمالها، ولا بد لطالب الترخيص سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا من تحرير طلبه كتابة وفق مطبوعات توزعها الوكالة مجانا، ويودعها مقابل وصل أو يرسلها بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل .
غير أن عملية منح الترخيصات تستوجب فتح بحث علني لا تتجاوز مدته ثلاثين يوما، تقوم بإجرائه لجنة خاصة يعهد إليها بتلقي مطالب وملاحظات المعنيين من العموم ثم دراستها ، وحسب المادة الثانية من مرسوم 4 فبراير 1998 المتعلق بتحديد مسطرة منح التراخيص والامتيازات المتعلقة بالملك العام المائي فإنه” تتألف اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 36 بالقانون المشار إليه أعلاه رقم 10.95 من:
– ممثل السلطة الإدارية المحلية المختصة باعتبار موقع نقطة جلب الماء أو جزء الملك العام المائي المعني، رئيسا،
-ممثل مصالح العمالة أو الإقليم التابعة للوزارة المكلفة بالتجهيز والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي المعني عندما يتم جلب الماء داخل منطقة نفوذه،
– ممثل أو ممثلي مصالح العمالة أو الإقليم التابعة للوزارة أو الوزارات المنتمي إليها القطاع المرفق ،
– ممثل وكالة الحوض المائي المعنية، كاتبا،
– ممثل الجماعة أو الجماعات المعنية.
ويجوز للرئيس بعد استشارة اللجنة أن يدعو للمشاركة في أعماله على سبيل الاستشارة كل شخص يمكن أن يساعد لجنة البحث في تحرياتها”
وانتقد أحد الباحثين عدم إدراج اللجنة لتمثيلية مستعملي الماء، وأمل أن يتدارك المشرع هذا النقص لضمان مشاركة مستعملي المياه أو من يمثلهم في قرارات اللجنة وتحرياتها ، ولا أظن أن هذا الانتقاد صائب، لأنه يحق لممثلي مستعملي الماء التدخل عن طريق التعرض أمام وكالة الحوض المائي، ولا يجب أن تكون طرفا في لجنة مكونة من طرف جهات إدارية من جانب وأنها قد تكون حكما وخصما في نفس الآن حالة تقدم أحد الأفراد المجاورين لها بطلب الترخيص بجلب الماء المجاور لنقطة استغلالها.
وخلال مدة البحث تضع السلطة العمومية رهن إشارة العموم بمقر الجماعة المعنية، ملف المشروع وسجل الملاحظات من أجل تلقي ملاحظاتهم أو تعرضاتهم حول طلبات المعنيين، وبعد ذلك تبدي اللجنة رأيها في الموضوع بواسطة محضر يوقعه الأعضاء، ويوجهه رئيسها إلى مدير الوكالة داخل أجل 15 يوما من تاريخ انتهاء البحث .
وتجدر الإشارة إلى أن المادة 22 من المرسوم رقم 02.97.487 السالف الذكر، تمنح للمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي داخل مناطق نفوذها الاختصاصات نفسها المسندة لوكالات الأحواض المائية، فيما يتعلق بمنح التراخيص لجلب الماء المعد للسقي، وهذا ما أكدته الدورية المشتركة بين وزير التجهيز والنقل واللوجستيك ووزير الفلاحة والصيد البحري حول تطبيق مقتضيات المرسوم 487-97-2 بتاريخ 4 فبراير 1998 المتعلق بتحديد مسطرة منح التراخيص والامتيازات لاستغلال الملك العام المائي داخل نفوذ دائرة المكاتب الجهوية حيث يسند إلى مديري المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي داخل مناطق نفوذ مكاتبهم الجهوية، منح ترخيص جلب المياه لأغراض فلاحية .
لكن السؤال المطروح ما هو الجزاء الذي رتبه المشرع على مخالفة الإجراءات القانونية المتعلقة بالترخيص؟ بمعنى هل يمكن سحب الترخيص من المستفيد متى أخل بالضوابط القانونية المعمول بها في قانون الماء والشروط المنصوص عليها في الترخيص الممنوح له؟ ذلك ما سنراه من خلال النقطة الموالية.
ج- سحب الترخيص:
عملا بقاعدة توازي الأشكال، فإن الإدارة لها صلاحية منح الترخيص، وهي نفسها التي تقوم بسحبه من المرخص له إذا لم يجعل نشاطه مطابقا للمقاييس القانونية البيئية، وذلك بإصدار قرار إداري بسحب الرخصة أو توقيف المنشأة كليا، أو جزئيا ، ويتم سحب الترخيص من طرف وكالة الحوض المائي في أي وقت وبدون تعويض المسحوب منه بعد توجيه إنذار كتابي للمعني بالأمر .
وقد حددت المادة 39 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء حالات سحب الترخيص وهي:
” – … عدم احترام الشروط التي يتضمنها الترخيص،
– إذا لم يشرع في استعمال الترخيص داخل أجل سنتين،
– إذا تم تفويض الترخيص أو تحويله دون موافقة مسبقة من وكالة الحوض ما عدا الاستثناء المنصوص عليه في المادة 40 بعده،
-إذا لم يتم تسديد الأتاوات في الآجال المحددة،
– إذا استعملت المياه لغرض غير مرخص به،
ويمكن لوكالة الحوض المائي في أي وقت تغيير الرخصة أو تقليص مدتها أو سحبها من أجل المنفعة العامة، بشرط توجيه إشعار للمستفيد لا تقل مدته عن ثلاثين يوما. ويخول هذا التغيير أو التقليص أو السحب الحق في التعويض لفائدة المستفيد من الترخيص إذا حصل له ضرر مباشر من جراء ذلك”.
كما يتم سحب الترخيص أيضا في حالة تحويله بمعزل عن العقار الذي منح لفائدته. وعند تجزئة العقار المستفيد فإن تقسيم المياه بين القطع المجزأة يجب أن يكون موضوع ترخيصات جديدة تحل محل الترخيص الأصلي .
ويجب أن تكون الغاية من قرار مدير وكالة الحوض المائي كأي قرار إداري تحقيق المصلحة العامة وأن يكون معللا ، وإلا تم الطعن فيه بسبب التعسف في استعمال الحق ، وذلك طبقا لمقتضيات المادة الثامنة من القانون رقم 90.41 التي تنص على أنه ” تختص المحاكم الإدارية … بالبت ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطة الإدارية بسبب تجاوز السلطة..”.
وإذا تعلق الأمر بتراخيص جلب الماء المعد للسقي فإن سحب الترخيص يكون من طرف المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي كما تنص على ذلك المادة 39-3 من مرسوم 4/2/1989.
الفقرة الثانية: حقوق وواجبات المستفيد من الترخيص
منح المشرع للمستفيد من الترخيص مجموعة من الحقوق عند استعماله للملك العام المائي تخوله ممارسة حقه بشكل سليم ( أ )، كما فرض عليه مجموعة من الالتزامات ( ب ).
أ – حقوق المستفيد من الترخيص
يمكن للمرخص له استعمال الماء العمومي بحسب ما جاء في قرار الترخيص، والذي يمكن أن يكون لأغراض منزلية، أو صناعية، أو فلاحية، وينتج عن هذا الحق التزام على عاتق وكالة الحوض المائي ، بتخويل وتسهيل استعمال المرخص له للماء العمومي وذلك بعدم إعاقة استعماله له، أو إثقال كاهله أو التضييق على هذا إلا ما كان في إطار اختصاصها كشرطة إدارية، وذلك باتخاذ كافة التدابير لفرض احترام قرار الترخيص .
ومن أجل استغلال أمثل للترخيص، فقد منح المشرع للمرخص له الحق في احتلال جزء من الملك العام المائي الضروري للمنشآت والعمليات المرخص بها شرط عدم الإضرار بالغير .
ويمنح قرار الترخيص للمرخص له مكنة التمتع بجميع الحقوق القانونية لرد كل اعتداء من شأنه أن يشوش على استعماله للمياه، سواء بسرقتها أو وضع اليد عليها أو إعاقة سيلانها، حيث يحق له طرق باب القضاء لاسترجاع حقه.
وتنص الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء أن الترخيص مرتبط بالعقار وفي حالة التصرف فيه يتحول الترخيص بقوة القانون إلى المالك الجديد، شريطة قيامه بالتصريح بالتفويت إلى وكالة الحوض المائي أو المركز الجهوي للاستثمار الفلاحي داخل أجل ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ انتقال الملكية، فإذا كان العقار محفظا فإنه لن ينتج أثره تجاه الغير إلا من تاريخ تقييده بالرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، أما إذا كان العقار غير محفظ فإن انتقال الملكية يكون من تاريخ العقد، والعقد يلزم أن يفرغ في الشكل المحدد في المادة الرابعة من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية.
والملاحظ أن المادة 40 أعلاه لم تحدد شكل التصريح، هل يجب أن يكون كتابيا أم شفهيا؟ ويتضح أنه يلزم أن يكون كتابيا ومرفقا بعقد انتقال الملكية، وفي حالة عدم الالتزام بهذا الإجراء فإن المشرع رتب جزاء البطلان على الترخيص الممنوح لفائدة العقار، ويسحب بمجرد انقضاء الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ انتقال الملكية.
وفي حالة تعسف وكالة الحوض المائي أو المركز الجهوي للاستثمار الفلاحي وقيامهما بسحب الترخيص أو تقليص مدته دون سبب قانوني، فإنه يحق للمرخص له اللجوء إلى القضاء من أجل إلغاء هذا القرار أو المطالبة بالتعويض عن الضرر اللاحق .

ب – التزامات المستفيد من الترخيص
تستنتج التزامات المستفيد من الترخيص من خلال القراءة المعكوسة للفقرة الثالثة من المادة 39 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء وهي :
– احترام الشروط التي يتضمنها الترخيص.
– الشروع في استعمال الترخيص داخل أجل سنتين.
– الحصول على موافقة مسبقة عند تفويـت الترخيـص أو تحويله للغير من وكالة الحـوض ما عدا الاستثناء المنصوص عليه في المادة 40.
– تسديد الإتاوات في الآجال المحددة.
– استعمال المياه للغرض المرخص به.
وأضافت المادة الأولى من المرسوم رقم 2.97.489 الخاص بتحديد مسطرة التراخيص والامتيازات المتعلقة بالملك العام المائي أيضا تحديد الصبيب المراد جلبه، والعمق المحتمل للمنشأة ومستويات الماء الملتقطة أو المراد التقاطها، وكذا المساحة المراد سقيها عندما يتعلق الأمر بالسقي أو المزمع تهيئتها عندما يتعلق الأمر بتهيئة بحيرات أو برك أو مستنقعات.
كما يحدد المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي التدابير التي يجب على المستفيد من الترخيص القيام بها لتجنب تدهور المياه التي يستعملها إما عن طريق الجلب أو الصرف ومبلغ وكيفيات أداء الإتاوات، وكذا التدابير التي يلزم القيام بها تطبيقا لمقتضيات الباب السادس من قانون الماء بخصوص محاربة تلوث المياه .
المطلب الثاني: الهيآت الإدارية المكلفة بتدبير الملك العام المائي
إن الانطباع الأول الذي يخرج به كل من يلقي نظرة على مواد قانون الماء، هو حرص المشرع المغربي على إبراز فلسفته التشريعية في هذا المجال، والرامية إلى إحكام السيطرة الإدارية وتقوية صلاحياتها، بفسح المجال أمام أجهزتها للتدخل كلما اقتضت الظروف والأحوال ذلك، إما من أجل المراقبة، أو فرض مقاييس لعقلنة استعمال الموارد المائية واتخاذ ما يلزم من الإجراءات الاحترازية لضمان المحافظة على جودتها ، ولهذا الغرض نظم المشرع عدة هيئات متدخلة في هذا المجال (فقرة أولى).
وبغية تدبير محكم لإدارة الموارد المائية، فإن السياسات الجديدة لقانون الماء تتمثل في الاعتماد على التدبير اللامركزي، يكون مجاله الحوض المائي، وضابطه المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة المعتمد على خلاصات نتائج المخطط الوطني للماء (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: الهيئات الإدارية
لما كانت إدارة المياه العمومية أمرا ضروريا، فقد أنشأ المشرع هيئات إدارية تتولى تدبير وتسيير المياه العمومية سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي أو المحلي، ولاشتراك جميع المعنيين بمسألة الماء، فقد أحدث القانون رقم 10.95 جهازين لهما وظيفة استشارية، أحدهما ذو بعد وطني وآخر له بعد جهوي .
أولا: الهيئات الوطنية
تتمثل الهيئات الوطنية المعنية بمسألة الماء في المجلس الأعلى للماء والمناخ (1) والمجلس الوطني للبيئة(2).
1 – المجلس الأعلى للماء والمناخ
تم تنظيمه في الفرع الأول من الباب الرابع من قانون الماء، حيث جاء في المادة 13 منه على أنه ” يحـدث مجلس تحت اسم المجلس الأعلى للماء والمناخ يكلف بصياغة التوجهات العامة للسياسة الوطنية في مجال الماء والمناخ…”
أنشئ المجلس سنة 1981 وانعقد ثماني مرات، حيث ناقش المخطط المديري للتهيئة المتعلقة بمنابع المياه والتلوث المائي، واقتصاد الماء وقانون الماء، وانعقد في دورته التاسعة في يونيو 2000، ومنذ إنشائه لم يصدر المشرع أي قانون لتحديد اختصاصاته إلى أن صدر قانون الماء .
ويتألف المجلس الأعلى للماء والمناخ من طائفتين، الأولى تضم أعضاء من الجهات الإدارية المعنية بالماء وهم ممثلو الدولة ووكالات الأحواض المائية، والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للكهرباء، والمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي، والثانية تضم أعضاء من مستعملي المياه المنتخبين من طرف نظرائهم وممثلين عن مؤسسات التكوين المهني، ويمكن للمجلس أن يستدعي كل شخص مختص في مجال الماء .
وقد نصت ديباجة المرسوم المتعلق بتأليف وتسيير المجلس الأعلى للماء والمناخ على أن المَلِك هو الرئيس الشرفي للمجلس، غير أن الرئاسة الفعلية تكون لرئيس الحكومة الذي يدعو المجلس للانعقاد مرة واحدة في السنة على الأقل، ويعهد للجنة الدائمة للمجلس بتحضير جدول أعماله واجتماعاته وأشغال دوراته، وتطبيق التحديات الصادرة عنه ودراسة كل القضايا التي لها علاقة بالماء .
2- المجلس الوطني للبيئة
تأسس المجلس الوطني للبيئة بمقتضى مرسوم 1011-93-2 بتاريخ 20 يناير 1995 ، في إطار إعادة تنظيم الوحدات الإدارية المكلفة بحماية البيئة، وتترأس السلطة الحكومية المكلفة بالبيئة المجلس، وتضم ممثلي السلطات الحكومية المكلفة بالشؤون الخارجية والتعاون الدولي، والفلاحة والصيد البحري والملاحة البحرية والدفاع الوطني والبيئة..
وحسب المادة الثانية من المرسوم فان المجلس يختص بالمحافظة على التوازن البيئي وخاصة المياه والأرض، وتحسين إطار العيش وظروفه، ويجتمع مرتين في السنة أو كلما دعت الضرورة إلى ذلك ، وعلى هذا الأساس يقوم بتوجيه وتنسيق مجهودات الدولة من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعية والإعلام والتحسيس بأهمية حماية البيئة، ويقترح على الدولة المشاريع الكفيلة بذلك .
ثانيا: الهيئات الجهوية
بالموازاة مع المجلس الوطني للبيئة، نصت المادة الثانية عشر على تأسيس المجالس الجهوية للبيئة حيث تقوم بتطبيق التوجهات والتوصيات الصادرة عن المجلس الوطني وجرد المشاكل البيئية جهويا، وبذلك تحويل الإدارة المحلية من أجل تقريبها من المستهلكين .
وقد وضع المشرع إطارا مؤسساتيا من أجل تأمين الموارد المائية والتخطيط لتنميتها والمحافظة عليها، وكذلك تدبيرها في إطار لا مركزي على مستوى الأحواض المائية ، وأنشأ المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي والتي يدخل في اختصاصاتها تدبير وتوزيع استعمالها لأغراض فلاحية .
1- وكالات الأحواض المائية
أراد المشرع إنشاء هيئات خاصة لتدبير وحماية الموارد المائية، وهذا ما جاء به قانون الماء عندما أنشأ على مستوى كل حوض مائي مؤسسة تدعى وكالة الحوض المائي، وهي مؤسسة عامة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وفي تقديمه لقانون الماء رأى المشرع أن من أهداف هذا القانون تدبير الموارد المائية في إطار وحدة جغرافية هي الحوض المائي، الذي يعتبر ابتكارا مهما من شأنه خلق تصور حول تدبير لا مركزي للماء.
وتجربة وكالات الأحواض المائية عرفتها فرنسا بموجب قانون 1964 وأثبتت نجاحها من حيث اتخاذ القرارات بعين المكان، وحماية المياه العمومية بواسطة شرطة المياه، وأمام نجاح هذه التجربة ارتأى المشرع المغربي تبني هذا التنظيم من خلال المادة 20 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء.
وأول وكالة تم إحداثها هي وكالة حوض أم الربيع ، تلاها إحداث باقي الوكالات وهي وكالة الحوض المائي لملوية ، ووكالة الحوض المائي للوكوس ، ووكالة الحوض المائي لسبو ، ووكالة الحوض المائي لأبي رقراق الشاوية ، ووكالة الحوض المائي لتانسيفت ، ووكالة الحوض المائي لسوس ماسة درعة .
وتتكون وكالات الأحواض المائية من مدير يتوفر على السلطات والاختصاصات الضرورية لتسيير الوكالة، وينفذ مقررات مجلس الإدارة، وعند الاقتضاء مقررات اللجان كما يقوم بمنح الرخص والامتيازات باستعمال الملك العام المائي المنصوص عليها في قانون الماء .
واختصاصات وكالات الأحواض المائية محددة بموجب القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء، ويمكن اختزال مهامها في تدبير وحماية الملك العام المائي الموضوع رهن إشارتها والمحدد بموجب المادة الثانية من هذا القانون ماعدا:
– المياه التي اكتسبت عليها حقوق خاصة وتم الاعتراف بها.
– المياه المالحة التي تخضع للقانون المنجمي.
– مياه الأنهار التي يمكنها استقبال السفن، طبقا للقانون رقم 15.02 المتعلق بالموانئ .
– مياه البحار والمعدة ضمنيا حسب مقتضيات قانون الماء.
– المنشآت التي تم وضعها رهن إشارة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي .
ويبدو أن تجربة الأحواض المائية ساهمت بشكل كبير في تجسيد الحماية القانونية للملك العام المائي من خلال التدبير اللامركزي للمياه، مما ساهم بسرعة ضبط المجال وزجر الاعتداء عليه خاصة، مع الدور المنوط بشرطة المياه التي سيتم الحديث عنها لاحقا.
2- المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي
أنشئت المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي بتاريخ 22 أكتوبر 1966 وهي مؤسسات عمومية خاضعة لوصاية وزارة الفلاحة، ومسؤولة عن إدارة الموارد المائية المخصصة للاستعمال الفلاحي داخل دائرة نفوذ المكاتب ، واختصاصها هذا ممنوح بمقتضى تفويض من قبل الوزارة المكلفة بالماء حيث خصت المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي بحق منح رخص جلب المياه ، وهو أحد الاستثناءات الواردة على اختصاصات وكالات الأحواض المائية.
ومن أهم اختصاصات المكاتب الجهوية للاستثمار تأمين استغلال وصيانة التجهيزات لضمان خدمة مائية دائمة وفعالة، وتأمين إنجاز التجهيزات الهيدرو فلاحية لحساب الدولة، مع منحها الحق في دعم ملائم للفلاحين في مجال التنمية الفلاحية، بالإضافة إلى استخلاص إتاوات مياه السقي ومزاولة شرطة المياه .
وحفاظا على التنسيق بين المكاتب الجهوية ووكالات الأحواض المائية، فإن مديري المكاتب ملزمون بتوجيه نسخ من قرارات الترخيص بجلب الماء لأغراض فلاحية، وكذا المقررات المتعلقة بتغييرها أو إلغائها أو تجديدها أو سحبها أو تحويلها إلى مدير وكالة الحوض المائي المعنية، وإلى الوزير المكلف بالتجهيز، ورغم ذلك فان تعدد المتدخلين بالنسبة لنقطة مائية واحدة يمكن أن يؤدي إلى تنازع الاختصاص وتضارب التدابير المتخذة وإعاقة تطبيق المخططات التوجيهية والوطنية .
ويبدو أن المشرع من خلال هذا المقتضى يهدف إلى جعل الأحواض الغنية بالموارد المائية متضامنة بشكل ملزم مع الأحواض المائية التي تعرف نقصا في مواردها المائية، بغية تفادي الفوارق بينها من جهة وخدمة للمستهلك المائي بما يحقق الأمن الاجتماعي من جهة أخرى.
ويوضع المخطط الوطني للماء لمدة لا تقل عن 20 سنة، ويمكن مراجعته بصفة دورية كل خمس سنوات ما عدا إذا اقتضت الظروف الاستثنائية تغيير محتواه قبل هذه المدة .

الفقرة الثانية: الآليات القانونية لتدبير الملك العام المائي
أدت سنوات الجفاف التي عاشها المغرب ابتداء من ثمانينيات القرن الماضي إلى الإحساس بخطورة الموقف، مما أدى إلى التفكير في وضع إستراتيجية وطنية للتخطيط من أجل ترشيد استغلال الموارد المائية المتاحة وتفادي تبذيرها أو استغلالها بطريقة تؤثر على جودتها وصلاحيتها للاستعمال .
وعملية التخطيط لاستعمال الموارد المائية وحمايتها حسب قانون الماء تكون إما عن طريق المخطط الوطني للماء، أو عن طريق المخططات التوجيهية للتهيئة المندمجة للموارد المائية.
1- المخطط الوطني للماء
جاء في المادة في 3 من مرسوم 2.97.223 أنه ” تتولى وزارة التجهيز إعداد مشروع المخطط الوطني للماء وتعرضه على نظر وزارة الداخلية ووزارة المالية ووزارة الفلاحة ووزارة الصحة العمومية ووزارة الطاقة والمعادن ووزارة التجارة والصناعة التقليدية ووزارة البيئة والوزارة المكلفة بالسكان.
وبعد استيفاء الإجراءات المذكورة، يعرض وزير التجهيز مشروع المخطط على نظر المجلس الأعلى للماء والمناخ”، هذا الأخير الذي يدرس ويبدي رأيه حول هذا المخطط.
والهدف من هذا المخطط هو وضع استراتيجية وطنية على المدى البعيد في إطار سياسة مائية عامة، لتدبير الموارد المائية المتواجدة بسطح الأرض وفي باطنها بكافة التراب الوطني، وتهدف عملية التخطيط في الأصل إلى التوفيق بين الحاجيات المتزايدة للمجتمع على الموارد المائية، وفق متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبين الموارد المائية المتوفرة في الأنهار والبحيرات والسدود وفي باطن الأرض، كما تهدف إلى تحقيق تخطيط منسجم ومرن لاستعمال هذه الموارد بشكل معقلن وفعال .
وقد حددت المادة 19 من القانون 10.95 المتعلق بالماء الخطوط العريضة التي تقوم الإدارة بوضعها بناء على نتائج وخلاصات المخططات التوجيهية لتهيئة الأحواض المائية وهي:
– الأولوية الوطنية فيما يتعلق بتعبئة واستعمال موارد المياه.
– برنامج ومدة إنجاز التجهيزات المائية على المستوى الوطني.
– الروابط التي يجب أن توجد بينه وبين مخططات التهيئة المندمجة لموارد المياه ومخططات إعداد التراب.
– الإجراءات المرافقة له، خصوصا منها الاقتصادية والمالية والنظامية والتنظيمية والتحسيسية والتربوية للسكان، الضرورية لسريان مفعوله.
– شروط تحويل المياه من الأحواض المائية التي تتوفر على فائض منها إلى الأحواض التي تعرف عجزا فيها.
ومدة المخطط التوجيهي هي عشرون سنة على الأقل، ويمكن أن تراجع من طرف الإدارة كل خمس سنوات ما عدا إذا اقتضت الظروف الاستثنائية تغيير محتواه قبل هذه المدة .
فإذا كان المخطط الوطني يحدد الاستراتيجية الوطنية والتوجهات الكبرى في مجال تدبير الماء، فان المخطط التوجيهي المراد اعتماده على مستوى كل حوض مائي هو المعني بوضع مخططات ومشاريع عملية في إطار تدبير لا مركزي للموارد المائية، سواء تعلق الأمر بالتعبئة أو التنمية أو بعقلنة الاستعمال أو بالحماية من التلوث والاستنزاف .
2- المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة
حدد القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء اختصاصات وكالات الأحواض المائية، من أجل السهر على التخطيط والتهيئة والتدبير والتنفيذ ومراقبة الاستعمالات المختلفة للموارد المتوفرة في حدود اختصاصات نفوذها كما هو وارد في المادة 15 منه .
تتولى وكالات الأحواض المائية إعداد مشروع المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة وترفعه إلى وزير التجهيز الذي يعرضه على أنظار الوزارات المعنية، وبعد استيفاء الإجراءات المذكورة يعرض المخطط على نظر المجلس الأعلى للماء والمناخ، ولا يصبح ناجزا إلا بعد اعتماده بمرسوم من طرف الوزارة المكلفة بالماء ونشره في الجريدة الرسمية .
إلا أنه بعد إحداث وكالات الأحواض المائية، فإن الاختصاص الممنوح للإدارة بمقتضى المادة 99 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء لم يعد ذا حاجة، حيث نصت على أنه “في انتظار إحداث وكالات الأحواض، تكلف الإدارة بممارسة الاختصاصات التي يعترف بها هذا القانون لهذه الوكالات” وبذلك أصبح إعداد مشروع المخطط التوجيهي للماء والمصادقة عليه اختصاصا أصيلا لوكالات الأحواض المائية.
ويهدف المخطط التوجيهي إلى تدبير الموارد المائية للحوض بما فيها مصبات الأنهار من أجل التأمين الكيفي والكمي للحاجيات المائية الراهنة والمستقبلية لمختلف مستعملي مياه الحوض المائي .
ومن أهم الإجراءات التي يجب على المخطط التوجيهي للتهيئة اعتمادها
أ- الحدود الترابية للحوض أو الأحواض التي يطبق فيها المخطط.
ب- التقييم والتطور الكمي والكيفي للموارد والحاجيات المائية في الحوض.
ج- مخطط تقييم المياه بين مختلف قطاعات الحوض والاستعمالات الرئيسية للماء في الحوض، وعند الاقتضاء يحدد هذا المخطط فائض المياه التي يمكن تحويلها إلى أحواض أخرى.
د- العمليات الضرورية لتعبئة وتوزيع وحماية وترميم موارد المياه والملك العمومي المائي ولا سيما المنشآت المائية.
ه- وضع التصميم العام للتهيئة المائية للحوض الذي من شأنه أن يضمن المحافظة على الموارد وملاءمتها للحاجيات.
و- الشروط الخاصة لاستعمال الماء ولا سيما تلك المتعلقة باستثماره وبالحفاظ على جودته وبمحاربة تبذيره .

الفصل الثاني
ضوابط ونطاق الحماية الجنائية للملك
العام المائي
لم يكتف المشرع المغربي بحماية الملك العام المائي عن طريق إضفاء صفة العمومية علية، وما ترتبه هذه الأخيرة من آثار قانونية فقط، بل عززها بقواعد زجرية تضمن حماية خاصة واستثنائية لهذا المورد الحيوي، من ذلك قواعد موضوعية وأخرى إجرائية.
وقد سلك المشرع المغربي هذا النهج نظرا للإقبال المتزايد على الثروة المائية، سواء بالاستعمال المنزلي، أو الصناعي، أو الفلاحي، ولإدراكه خطورة الاعتداء على هذه المادة الهامة من جهة، كما أن المساس بها قد يهدد الأمن الاجتماعي والاستقرار العام من جهة أخرى.
هذا، وقد بلور مهندسو السياسة المائية بالمغرب منذ الاستقلال، توجها لم يراع شروط الحفاظ على الثروة المائية، وبالتالي كان لزاما، وبشكل ملح ومستعجل، إعادة النظر في أسس السياسة المائية المغربية وإدراج البعد البيئي في تدبير هذا المورد الهش، وفق مقاربة تتجاوز الرؤية القطاعية، وتؤسس لإطار قانوني شامل .
ولمواجهة هذه الوضعية كان من الضروري التوفر على آليات قانونية ناجعة لتنظيم وتوزيع الموارد المائية ومراقبة استعمالها، حيث تم وضع خطة لتهيئة الموارد المائية وتوفيرها وتوزيعها .
وقد عدد القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء الأفعال التي من شأن القيام بها، ترتيب المسؤولية الجنائية على صاحبها، فمنع كل خرق لهذا القانون بجلب الماء سواء السطحي أو الجوفي، وأقر له عقوبات حبسية ومالية، كما جرم الأفعال التي ترتكب داخل المساحات المسقية حماية للماء الفلاحي من الاعتداء، وما يثيره ذلك من اضطرابات اجتماعية.
ومن مميزات هذا القانون أنه يساهم في تحسين الوضع البيئي للموارد المائية الوطنية حيث سيكون أداة فعالة لمحاربة تلويث المياه ، فإدارة المياه تحتاج إلى تطبيق القواعد والقوانين والمعايير البيئية، وتعمل على وقاية الموارد المائية والمحافظة عليها لتنسجم معها. ونظرا للتنوع البيئي الذي يعرفه المغرب، وسيرا على النهج الأممي الحامي للبيئة، فإن المغرب لم يتردد في الاندماج في هذا السياق وأقر قواعد حمائية هامة للبيئة سواء في القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء، أو في نصوص أخرى .
كما جاء قانون الماء بنصوص لحماية المستهلك المائي مما قد يهدد صحته من استهلاك مادة ملوثة، أو ما قد يتعرض له من غش في المادة المستهلكة، وعدد في المادة 76 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء الجرائم المتعلقة به.
ولتحقيق هذه الغايات لا بد من تدخل جهاز يقوم بالسهر على تطبيق هذه المقتضيات، وضبط المخالفات المتعلقة بها. ويتكون هذا الجهاز من الشرطة القضائية، والأعوان المعينين من الإدارة الذين أعطاهم المشرع اسم “شرطة المياه”.
إلا أن عمل هذا الجهاز لا يخلو من إكراهات داخلية وخارجية تؤثر على سير عمله ومردوديته.
لدراسة هذه الإشكالات سأقسم هذا الفصل إلى مبحثين:

المبحث الأول: مظاهر الحماية الجنائية على مستوى التجريم.
المبحث الثاني: مظاهر الحماية الجنائية على مستوى ضبط المخالفات.

المبحث الأول
مظاهر الحماية الجنائية على مستوى التجريم
ركز علماء الإجرام والعقاب وأخصائيو الإصلاح على كل ما يتعلق بالجريمة والمجرم، من حيث الدوافع والأسباب، ثم إيجاد آليات المعالجة والتأهيل، وظهرت عدة بحوث ودراسات في أوروبا تستهدف سلوك المجرم داخل المجتمع وتحاول الكشف عن العوامل الكامنة وراء الظاهرة الإجرامية ، حيث أصبح الإنسان في حد ذاته يشكل موضوعا من بين المواضيع التي استقطبت العلماء والمفكرين، فتناولوه من جميع الجوانب النفسية والاجتماعية وغيرهما .
ولا يجرم المشرع المغربي الأفعال سواء كانت إيجابية أو سلبية إلا إذا كانت مضرة بالمجتمع، وبهذا أصبح المشرع الجنائي لا يتحكم في موضوع التجريم والعقاب بدون ضوابط إذ أن الفعل لا يجرم إلا إذا كانت طبيعته تهدد مصالح المجتمع وتزعزع أمنه واستقراره .
وفي هذا الإطار جاء القانون رقم 10.95 بنصوص تجرم حالات الأفعال أو الامتناع وعاقب عليها حماية للملك العام المائي، فجرم بمقتضى المادة 113 منه جريمة جلب الماء وعاقب عليها بما هو وارد في الفصل 606 من القانون الجنائي ، كما جرم الاعتداءات المرتكبة داخل المساحات المسقية بمقتضى المادة 114 من قانون الماء.
وانسجاما مع ما يعرفه العالم من اهتمام متزايد بالبيئة وحمايتها من التلوث، فإن المشرع سن مقتضيات حمائية لها سواء في قانون الماء أو قوانين أخرى.
ولم يغفل سن آليات قانونية لحماية المستهلك المائي من التلاعب الذي قد يتعرض له من بائعي المادة، بل نص على عقوبات زجرية في القانون المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع، وكذا القانون رقم 08.31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك .
ولدراسة هذه المحاور سأقسم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول : الجرائم المرتبطة بجلب الماء
المطلب الثاني: الجرائم المرتبطة بالبيئة والمستهلك المائي
المطلب الأول: الجرائم المرتبطة بجلب الماء
إن حماية الملك العام المائي لا تقتصر على سن نصوص تضفي عليه الصبغة العامة، وتمنع التملك الخاص لها فقط، بل يلزم سن نصوص قانونية تجعل من شأن جلب الماء بدون إذن سابق من طرف الإدارة يعتبر بمثابة جريمة يعاقب عليها القانون.
وتجد جريمة جلب الماء بدون إذن قانوني أساسها في المادة 113 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء التي أحالت – بخصوص عقوبتها- على الفقرة الثانية من الفصل 606 من القانون الجنائي ( فقرة أولى).
أما إذا وقع الجلب داخل المساحات المسقيـة المعدة والمجهزة من طرف الدولة، ضبط جلب غير مرخص به مثل صبيب أعلى من الصبيـب المرخص به وسقي غير مرخص أو خارج الأوقات المحددة، وسرقة الماء فإنه إضافة إلى العقوبات المنصوص عليها في قانون الماء تضاعف الإتاوات ( فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: جريمة جلب الماء
تجد جريمة جلب الماء أساسها القانوني في المادة 113 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء والتي جاء فيها أن: ” كل شخص قام بجلب مياه سطحية أو جوفية خرقا لأحكام هذا القانون المتعلقة بشروط استعمال الماء يتعرض للعقوبات المنصوص عليها في الفصل 606 (الفقرة الثانية) من القانون الجنائي السالف الذكر.
ويعاقب المساهمون والشركاء بنفس عقوبة الفاعل الرئيسي”.
وتحويل المياه يعني تغيير مسارها، وذلك بتوجيهها إلى عقار الجاني ليستفيد منها بدل المستحق لها أو تغيير مسارها بقصد الإضرار بالمستفيد دون انتفاع الجاني بها والصورة الأولى هي الأكثر شيوعا .
ومن الملاحظات التي يمكن إبداؤها حول هذا الفصل هو تنصيص المشرع على جريمة “جلب مياه سطحية أو جوفية” وعدم وضعه لعقوبتها بقانون الماء، بل أحال على الفصل 606 من القانون الجنائي والذي ينص على أنه “ويعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من 200 إلى 500 درهم من حول عمدا وبدون حق مياها عامة أو خاصة”.
ورأى الأستاذ محمد بونبات أن المشرع تشدد عندما أضاف إلى الفاعل كلاً من المساهم والمشارك في المخالفة مخالفا بذلك النظم الجاري بها العمل التي تقـضي
بأن المشارك والمساهم لا يعاقب بنفس عقوبة الفاعل الأصلي إلا في الجنايات .
ولا أظن أن المشرع تشدد في هذا الباب بل كان منسجما مع قواعد القانون الجنائي، لكون جريمة جلب الماء ليست مخالفة، بل تعد جنحة ضبطية، حسب ما جاء في الفقرتين الرابعة والخامسة من الفصل 111 من القانون الجنائي بالقول: ” الجريمة التي يعاقب عليها القانون بحبس حده الأقصى سنتان أو أقل أو بغرامة تزيد عن مائتي درهم تعد جنحة ضبطية”، وبالرجوع إلى الفقرة الثانية من الفصل 606 من نفس القانون، نجد عقوبة تحويل المياه عمدا هي الحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من 200 إلى 500 درهم.
ويرى أحد الباحثين أن تنصيص المشرع على تجريم المساس بالحدود الفاصلة بين العقارات في الفقرة الأولى من الفصل 606، وذلك عن طريق ردم الخندق أو السياج إن كليا أو جزئيا أو قطع أو قلع الأحساك أو نقل أو إزالة نصب أو أي علامة مغروسة أو متعارف عليها لإثبات الحدود، وانتقاله في الفقرة الثانية إلى التنصيص على تجريم تحويل المياه غير منطقي، لعدم وجود أي مبرر لدمج الجريمتين في فصل واحد .
واتفق مع الرأي الذي خلص إليه الباحث بخصوص عدم وجود رابط بين الفقرتين، حيث أن الفقرة الأولى من الفصل 606 منظمة في الفرع الثامن – المتعلق بالتخريب والتعييب والإتلاف – من الباب التاسع المتعلق بالجنايات والجنح المتعلقة بالأموال، وكان على المشرع تنظيم جريمة جلب الماء في الفرع الخامس المتعلق بالاعتداء على الأملاك العقارية والذي أفرد له فصلا واحدا هو الفصل 570 الذي ينص على أنه ” يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من مائتين إلى 500 درهم من انتزع عقارا من حيازة غيره خلسة أو باستعمال التدليس…”
ويبقى تنصيص المشرع على جريمة تحويل الماء في الفقرة الثانية من الفصل 606 مجانبا للصواب، وذلك راجع لاعتبار المشرع ومعه جانب مهم من الفقه والقضاء أن الماء عقار كما سلف الذكر ، ولا يصح قول المشرع في هذا الفصل إلا في حالة تحويل الماء وتعبئته في قارورات أو صهاريج أو غيرهما، وبذلك تتحول الطبيعة القانونية للماء من عقار إلى منقول.
وبالرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة 113 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء نجد أنها قد نصت على قواعد زجرية تضمن الحماية المطلوبة ضد الجلب غير المرخص به للماء، من خلال معاقبة المساهمين والشركاء بنفس عقوبة الفاعل الأصلي، وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض أنه ” إذا وقع الضرر من أشخاص متعددين عملوا متواطئين كان كل منهم مسؤولا بالتضامن عن النتائج دون تمييز بين من كان منهم منخرطا أو مشاركا أو فاعلا أصليا، ويطبق نفس الحكم إذا تعدد المسؤولون عن الضرر وتعذر تحديد فاعله الأصلي من بينهم وتحديد النسبة التي ساهم بها كل واحد منهم في الضرر اللاحق به فإنها قضت برفض الطلب المتعلق بالحكم عليهم بالتضامن بأداء التعويض المحكوم به مما كان معه قرارها خارقا للقانون ومعرضا للنقض”
ولتحقق جريمة تحويل المياه لا بد من تحقق الركن المادي والمعنوي فيها:
أولا: الركن المادي
يتجلى الركن المادي في جريمة تحويل المياه في تجريم المشرع المغربي لهذا الفعل، من خلال التنصيص عليه في المادة 113 أعلاه، وكذا القواعد الثابتة في التشريعات الجنائية الحديثة، حيث أن الأفعال مهما بلغت درجة مساسها بالنظام الاجتماعي لا يمكن العقاب عليها إلا إذا جرمها المشرع وحدد لها عقوبات معينة، فالفعل يعتبر مشروعا ولا وجود للجريمة ما دام المشرع لا يصبغ عليه الصفة غير المشروعة ، وفي جريمة تحويل المياه، فإن السلوك الإجرامي يتمثل في قيام الفاعل بفعل مادي بأي طريقة تؤدي إلى تغيير مسار المياه سواء بإزالة السد المائي، أو تحويل اتجاهه بالشكل الذي يؤدي إلى تحويل اتجاه المياه من عقار إلى آخر .
ثانيا: الركن المعنوي
يتمثل الركن المعنوي في ضرورة توفر القصد الجنائي، وقد عرفه الأستاذ محمد شهيب بأنه الشكل العادي للإرادة الآثمة قانونا، إذ تنصرف إرادة الجاني إلى الفعل الذي يرتكبه والنتيجة المقصودة بالعقاب، فتبدو الخطيئة في أظهر صورها، والقصد الجنائي بهذا المعنى هو إرادة تحقق الواقعة الإجرامية مع العلم بالعناصر المكونة لها، كما تم تعريفه أيضا بأنه ” القوة النفسية التي تقف وراء النشاط المُجَرم الذي استهدف به الفاعل إراديا الاعتداء على مصلحة من المصالح المحمية من طرف المشرع الجنائي”
وهو ما عبر عنه المشرع ب” عمدا ” أي القيام بفعل التحويل بسوء نية مسبقة وبإرادة آثمة تتجه عن وعي وإدراك إلى تحقق الفعل الإجرامي والنتيجة الإجرامية، وأضاف المشرع عبارة ” وبدون حق ” أي أن الفاعل لا حق له في التصرف في الماء أو حيازته للقيام بتحويله .

الفقرة الثانية: المخالفات المرتكبة داخل المساحات المسقية
تجد هذه المخالفة أساسها القانوني في الفقرة الثالثة من المادة 114 حيث نصت على أنه ” وإذا وقع، داخل المساحات السقويـة المعدة والمجهزة من طرف الدولة، ضبط جلب غير مرخص به مثل صبيب أعلى من الصبيـب المرخص به وسقي غير مرخص أو خارج الأوقات المحددة، وسرقة الماء… ومن غير مساس بالعقوبات المطبقة عن مخـالفة شرطة الميـاه المنصوص عليها في هذا القانون، فإنه يمكن إجبار المخالف على أداء إتاوة إضافية قدرها ضعف الإتاوة العادية المستحقة من الأمتار المكعبة المجلوبة بصفة غير قانونية. ويتم احتساب الأمتار بطريقة جزافية مع افتراض أن الصبيب المجلوب بصفة غير شرعية قد وقع بصفة مستمرة خلال العشرة أيام السابقة لضبط المخالفة.”
وقد نص المشرع في المادة السابقة على عدة جرائم، وأوردها على سبيل المثال حيث قال: “مثل صبيب أعلى” وكذا وضعه نقط الحذف بعد تنصيصه على سرقة الماء…” مما يترك الباب مفتوحا لإدراج جرائم أخرى كلما ظهر لها موجب.
وقد سبق للمشرع المغربي أن عرف السرقة في الفصل 505 من ق.ج بالقول: “من اختلس عمدا مالا مملوكا للغير يعد سارقا…” ويتبين أن المشرع تعرض في الفصل 505 لعقوبة السرقة البسيطة، أي التي تكون قد ارتكبت في ظروف عادية فاعتبرها جنحة من الجنح، لكن بالإطلاع على باقي النصوص العائدة لهذه الجريمة ويتضح من خلال ذلك أن المشرع المغربي كيف كل جريمة سرقة على حدة، بحسب ظروف ارتكابها، وحدد لها العقوبة الملائمة بحسب هذه الظروف .
فهل مفهوم السرقة الوارد في القانون الجنائي هو ما يقصده المشرع في قانون الماء؟
الملاحظ أن هذا الفعل يمكن أن يكيف على أنه جريمة سرقة تخضع لأحكام الفصل 505 من ق.ج، إلا أن المشرع المغربي اعتبر في قانون الماء أن سرقة الماء هي جلب غير مرخص به للماء، وأحال بشأنها على العقوبة المنصوص عليها في الفصل 606 من ق.ج الذي يتعلق بتحويل المياه من مجراها الطبيعي دون اختلاسها ولم يشر إلى العقوبة المقررة للسرقة بشكل عام والمنصوص عليها في الفصل 505 من ق.ج. وبالتالي يجب تطبيق النص الخاص وهو قانون الماء واستبعاد النص العام، كيفما كانت هذه السرقة سواء عن طريق تحويل المياه من مجراها “أي كانت لها صفة عقار”، أو أخذها من مكانها الطبيعي ووضعها في صهاريج أو غيرها “أي كانت لها صفة منقول”
وقد جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بالجديدة بأن “…. المسمى (ب.م) يقوم بسرقة ماء السقي بواسطة أنابيب بلاستيك لسقي بقعة بورية بالمنطقة…”.
وجاء في حكم آخر أن ” المتهم بارتكابه داخل الدائرة القضائية لهذه المحكمة ومنذ زمن لم يمض عليه أمد التقادم الجنحي، مخالفة سرقة مياه السقي والري المنصوص عليها وعلى عقوبتها في ظهير 16/08/1995…
وحيث تتلخص وقائع النازلة من المحضر المنجز من طرف المكتب الجهوي للإستثمار الفلاحي عدد 15/11 أنه بتاريخ 13/09/2011 ضبط المتهم وقد ارتكب المذكور أعلاه وتم تحرير محضر معاينة بشأنها”
ويمكن تصور الجلب غير المرخص له أيضا في حالة مخالفة الدورة المائية التي تحتسب غالبا بالوقت حالة قيام المستغل بسقي أرضه خارج الأوقات المحددة، أو الزيادة في السقي عن الوقت المخصص له.
والملاحظ أن العقوبات التي تصدر بحق المخالفين جد هزيلة لا ترقى إلى مستوى الردع المطلوب والحماية المتطلبة قضاء للملك العام المائي، حيث جاء في حكم آخر لنفس المحكمة “فإن المحكمة وهي تبت علنيا ابتدائيا وغيابيا بمؤاخذة المتهم من أجل المنسوب إليه والحكم عليه بغرامة نافذة قدرها 1000 درهم مع الصائر والإجبار في الأدنى “.
وحسب الأحكام المتوفر عليها أثناء البحث فإنه نادرا ما يحضر المتهم لجلسة المحكمة أو ينصب عنه محاميا، لعلمه المسبق بالحكم الذي سيصدر في حقه والمتمثل في الغرامة، والتي يستطيع دفعها دون تردد، أو عدم المتباعة، حيث جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتيزنيت ما يلي: ” حيث توبع الظنين وأحيل على المحكمة من أجل من نسب إليه.
وحيث أن الظنين تخلف على الحضور رغم توصله بالاستدعاء بصفة قانونية.
وحيث أن تصريحات الظنين تمهيديا لم يرد فيها ما يفيد أن قام بتحويل مجرى الماء.
وحيث أن وثائق الملف خالية مما يثبت أن الظنين اقترف الفعل المتابع من أجله… فإن المحكمة تصرح علنيا وابتدائيا وبمثابة حضوري بعم مؤاخذة الظنين من أجل ما نسب إليه والحكم ببراءته وتحميل الخزينة العامة الصائر”
وأمام تعدد نفس القضايا وصدور نفس الأحكام فإن المحاكم وضعت مطبوعا جاهزا للأحكام تضاف إليه فقط بعض المعلومات المتعلقة بالظنين ونوع المخالفة و العقوبة الصادرة بشأنها.
وإذا ما عاد الشخص الذي ارتكب الجريمة بعد أن حكم عليه بحكم حائز لقوة الشيء المحكوم به من أجل جريمة سابقة فإنه يعتبر في حالة عود ، وقد نظم المشرع المغربي -على غرار باقي التشريعات المقارنة- أحكام العود في القانون الجنائي ولم يعط تعريفا له، بل اكتفى بذكر حالاته في الفصول من 154 إلى 160، تاركا بذلك مهمة تعريفه للفقه. ولا يمكن أن تطلق صفة عائد على مجرم إلا إذا توفرت فيه عدة شروط، أهمها أن يكون قد صدر في حق الشخص حكم جنائي، وأن يكون هذا الحكم حائزا لقوة الشيء المحكوم به من أجل جريمة سابقة، وأن يعود الشخص إلى ارتكاب جريمة ثانية حسب ما حدده القانون .
ونصت الفقرة الرابعة والخامسة من المادة 114 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء أنه “وفي حالة العود، فإن المخالف يتعرض لعقوبة من نفس الدرجـة، إلا أن الثمن المطبق ينتقل من الضعف إلى ثلاث مرات من الثمن العادي.
وفي حالة العود من جديد، فإن المخالف يمكن حرمانه من الماء إلى حين نهاية موسم السقي الجاري به. وفي هذه الحالة يبقى خاضعاً لأداء الحد الأدنى للإتاوة المحدد في النصوص الجاري بها العمل.”
المطلب الثاني: حماية البيئة والمستهلك في قانون الماء
إن الارتفاع الملحوظ في وثيرة النمو الديموغرافي، وتوسع المناطق الحضرية، وما رافق ذلك من تطور عمراني، وانتشار الصناعات التحويلية بمختلف أنواعها، كل ذلك كان له تأثير مباشر على تزايد الطلب على المياه من جهة، وعلى تعرض مواردها للتلوث أكثر من أي وقت مضى من جهة ثانية .
وباعتبار الماء أحد أهم مقومات الحياة على سطح الأرض بالنسبة للإنسان والحيوان والنبات، فإنه أيضا قد يكون سببا في تهديد الحياة عليها إذا كان ملوثا، ومع ازدياد عدد السكان في العالم المصاحب للتقدم الصناعي والتكنولوجي تسارع تلويث مياه الأنهار والبحيرات والبحار والمياه الجوفية ، ووعيا من المشرع المغربي بخطورة المسألة تدخل بعدة نصوص لتجريم تلوث الملك العام المائي (فقرة أولى).
كما سن في نفس القانون مقتضيات عدة لحماية المستهلك المائي في المادة 73 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء ( فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: المخالفات المتعلقة بالبيئة
يتميز المغرب بتنوع بيئي لا مثيل له في حوض البحر الأبيض المتوسط، فالثروات البيئية ذات قيمة للاستهلاك والاستعمال من الصعب تقديرها، فضلا عن الدور المهم الذي تلعبه، غير أن هناك مخاطر تهددها، ترجع بالأساس إلى تعدد الأنشطة البشرية، ذلك أن التزايد الديموغرافي، من جهة، والتنمية الاقتصادية على حساب الموارد الطبيعية، من جهة أخرى، يؤديان إلى تدمير هذا التنوع .
وقد كانت مسألة الحفاظ على ثروات البلاد من التلوث – كالمياه ، والتربة، والشواطئ- هاجسا ثقيلا شغل بال المسؤولين في المغرب منذ السنوات الأولى لاستقلاله، ودفعهم إلى اتخاذ عدة إجراءات احترازية حيال بعض تصرفات السكان في تعاملهم مع عناصر البيئة الطبيعية، بما في ذلك الموارد المائية، بقصد الحد من الآفات السلبية، وكافة أنواع الأذى التي يمكن أن تنعكس على البيئة سلبا .
ومن تجليات ذلك، عملت السلطات العمومية على إعادة هيكلة اللجنة الوطنية للمحافظة على البيئة الطبيعية المحدثة بمرسوم 28 ماي 1974 في عدة مناسبات من أجل مسايرة التطورات التي عرفها المغرب في هذا المجال، ففي بداية الثمانينيات صدر مرسوم 12 ماي 1980 المتعلق بإعادة تنظيم المؤسسات المكلفة بحماية البيئة وتحسينها ، وتم بمقتضى هذا المرسوم إحداث مجلس وطني للمحافظة على البيئة، بدل اللجنة الوطنية، وكذا إحداث مجالس جهوية مكلفة بمتابعة القضايا البيئية على المستوى الجهوي. وقد عمل المرسوم على توسيع اختصاصات هذا المجلس وتعزيز عملية التشاور والتنسيق من خلالها بين كافة الأطراف المعنية بقطاع البيئة سواء على المستوى الوطني أو على المستوى المحلي
ومن مميزات القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء أنه سيساهم في تحسين الوضع البيئي للموارد المائية الوطنية حيث سيكون أداة فعالة لمحاربة تلويث المياه، علما بأن تحقيق هذا الهدف يتطلب عملا تشريعيا إضافيا قي مجال تدبير الشواطئ وتقنين استعمال الموارد الكيماوية المستعملة في الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية .
وقد خص قانون الماء مواد لمحاربة التلويث المائي، ويمكن تعريف تلويث الماء بأنه إحداث إتلاف أو فساد في نوعية الماء بما يؤدي إلى تدهور نظامها الإيكولوجي بصورة أو بأخرى إلى درجة تسبب في نتائج مؤذية ناجمة عن استخدام هذا الماء ، ويعرف كذلك بأنه أي تغير فزيائي أو كيميائي في نوعية المياه، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، يؤثر سلبا على الكائنات الحية، أو يجعل المياه غير صالحة للاستخدامات المطلوبة، مما يؤثر على حياة الفرد والأسرة والمجتمع .
وفي هذا السياق جاء الدستور الجديد بمقتضى جد هام يتعلق بحق المواطن المغربي في بيئة سليمة، حيث نص الفصل 31 منه على أن: ” تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتسيير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في:
– العلاج والعناية الصحية؛
– …
– الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة”.
وهو ما يدعم ما جاء به المشرع في الباب السادس من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء المعنون ب”محاربة تلوث المياه”، إذ خصص له المواد من 51 إلى 57، حيث منعت المادة 53 كل عمليات صب أو سيلان أو رمي أو إيداع مباشر أو غير مباشر في مياه سطحية أو طبقات جوفية من شـأنـه أن يـغير المميزات الفيزيائية بما فيها الحرارية والإشعاعية والكيميائيـة والبيولوجية أو البكتيرولوجية بدون ترخيص سابق تسلمه وكـالة الحوض بعد إجراء بحث.
أما العمليات الموجودة قبل صدور هذا القانون، فإنه يجب التصريح بها داخل الأجل الذي تحدده وكالة الحوض المائي، ويعتبر التصريح المقدم في هذا الشأن بمثابة ترخيص يخضع للشروط المشار إليها سابقا.
وقد نصت المادة 57 من قانون الماء على شروط استعمال المياه المستعملة، والتي تحتاج إلى ترخيص من وكالة الحوض المائي، واعتبر المشرع المغربي في المادة 112 من قانون الماء أن كل خرق لمقتضيات المادة 57 يشكل جريمة يعاقب عليها بالحبـس من شهر إلى 12 شهرا وبغرامة من 1200 إلى 2500 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
وتتكون هذه الجريمة من ركن مادي يتمثل في القيام باستعمال المياه المستعملة دون الحصول على ترخيص من وكالة الحوض المائي، وركن معنوي يتمثل في أن يكون للفاعل النية والقصد الجنائي في استعمال المياه المستعملة رغم عدم توفره على ترخيص مسبق من الوكالة .
وتؤكد مختلف الدراسات أن جودة المياه السطحية والباطنية أصبحت تواجه تدهوراً ملحوظا نتيجة التلوث، ومن أسبابه نجد التخلص من مياه الصرف الصحي بالمجاري المائية أو على الأتربة، وكذا المياه العادمة الصناعية دون تنقية في المجاري المائية، ورشح الأسمدة والمبيدات المستعملة في الزراعة، حيث أصبحت عدة نقاط مائية تعرف تركيزات عالية من النترات تفوق المعايير الطبيعية للماء الشروب، وهو 50 ملغ/لتر، كما هو الحال مع فرشة تادلة .
ومن أجل المحافظة على موارد المياه العامة والجوفية من عوامل وأسباب التلوث، فإن المشرع نص صراحة في المادة 54 على منع ما يلي :
1- إفراغ ميـاه مستعملة أو نفايات صلبة في الوديان الجافة وفي الآبار والمساقي والمغـاسل العموميـة والأثقاب والقنوات ودهاليز التقاط المياه. ويسمح فقط بتفريغ المياه الراسبة أو الميـاه المنزلية المستـعملة في آبار مصفية مسبوقة بمبلعات ؛
2- القيـام بأي تفريش أو طمر للمصاريف المائيـة ووضع نفايات من شأنها تلويث المياه الجوفية عن طريق التسرب أو تلويث المياه السطحية عن طريق السيلان؛
3- تنظيف الغسيل أو أشياء أخرى خاصة اللحـوم أو الجلود أو المنتجـات الحيوانـية في مياه السواقي وأنابيب الماء والقناطر المائية والقنوات والخزانـات والآبـار التي تغذي المدن والتـجمعات السكنية والأماكن العمومية وداخـل مناطق حمايـة هذه السواقي والأنابيب والقنـاطر والقنوات والخزانات والآبار؛
4- الاستحـمام والاغتسال في المنشآت المذكورة أو توريد الحيوانات منها وتنظيفها أو غسلها ؛
5- وضع مـواد مضرة وإنشـاء مـراحـيـض أو بالوعات داخل مناطق حماية السـواقي وأنابيب الماء والقناطر المائية والقنوات والخزانات والآبار المذكورة؛
6- رمي الحـيـوانات الميتـة في مجـاري الماء وفي البـحـيرات والبرك والمستنقعات ودفنها بمقربة من الآبار والنـافورات والمساقـي العمومية ؛
7- القيـام داخل المدارات الحضرية والمراكز المحددة والتـجـمعات القروية التي تتوفر على مخطط للتنمية برمي أية مياه مستعملة أو أية مادة مضرة بالصحة العمومية خـارج الأماكن المعينة لهذا الغرض أو بكيفية تتـعارض مع ما هو منصوص عليه في هذا القانون وفي النصوص التنظيمية الجاري بها العمل.
ويهدف المشرع من تجريم هذه الأفعال إلى الحفاظ على الصحة العامة، والحماية من التلوث، لأن من شأن استعمال مياه مستعملة سواء في الفلاحة أو في أي استعمال آخر أن يؤدي إلى إضرار بالصحة العامة وتلويث البيئة، وأن وكالة الحوض لا ترخص باستعمال المياه المستعملة إلا بعد إخضاعها للمعالجات خاصة والتثبت من عدم إضرارها بالصحة العامة في الاستعمالات التي ستخصص لها .
ومن أجل حماية أكثر لمستعملي الماء، فإن المشرع قد حمى المستهلك المائي بمقتضيات خاصة.
الفقرة الثانية: الحماية القانونية للمستهلك المائي
أصبحت حماية المستهلك الشغل الرئيسي للأفراد وبشكل خاص في الجانب الاقتصادي منها، ومن البديهي أن للاستهلاك دورا أساسيا في الحياة الاقتصادية لما له من تأثير في الحياة اليومية للفرد والمجتمع، الأمر الذي دفع بالمشرع المغربي إلى إصدار العديد من النصوص التشريعية التي تهدف إلى حماية المستهلك من تجاوزات المنتجين والبائعين والمحتكرين.
ولتطبيق هذه الحماية فإن المشرع الجنائي يضع عدداً من النصوص التجريمية بقدر عدد الأفعال التي يريد منعها، وفي كل نص من تلك النصوص يحدد نموذجا لما ينبغي أن تكون عليه الجريمة، ويتطلب بعد ذلك أن يكون الفعل المرتكب مطابقا لهذا النموذج لكي يستمد منه الصفة غير المشروعة ، وفي هذا السياق جاءت المادة 76 من قانون الماء كآلية قانونية لحماية المستهلك المائي من التلاعب الذي قد يتعرض له من بائعي المادة، وانطلاقا من ذلك يمكن تسمية هذه الجرائم، بجرائم غش وتضليل المستهلك المائي، جرمها قانون الماء في الفقرة الأولى من المادة المذكورة بالقول ” يعتبر ما يلي جريمة بمفهوم القانون رقم 13.83 المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.83.108 بتاريخ 9 محرم 1405 ( 5 أكتوبر 1984) ويعاقب عليها بالعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون”.
ومع صدور القانون القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، فإن المقتضيات الواردة فيه هي الواجبة التطبيق بدل القانون المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع، لكون المادة 196 منه نسخت المادة العاشرة من القانون المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع بالقول ” تنسخ أحكام الفصل 10 من القانون رقم 10.83 المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع .”
وقد عرفت مجلة المياه التونسية ماء الاستهلاك بالقول: “الماء المعد للاستهلاك هو الماء الخام أو المعالج المعد للشرب وللأغراض المنزلية ولصنع المشروبات الغازية والمياه المعدنية وكل مادة غذائية، ويجب ألا يشمل الماء المعد للاستهلاك على كميات مضرة ولا على مواد كيميائية ولا على جراثيم مضرة بالصحة كما يجب علاوة على ذلك أن يكون خاليا من علائم التلوث وأن تكون له خصائص مقبولة من حيث تكوينه العضوي” .
لذا جاء قانون الاستهلاك بمجموعة من القواعد القانونية لحماية المستهلك في مواجهة التحولات الاقتصادية والتطورات العلمية، بعد أن تبين عدم كفاية القواعد العامة للتعاقد في توفير رضى حر ومتبصر للمستهلك كطرف ضعيف في مواجهة المهنيين المتمتعين بكل عناصر التفوق .
فعقد الاستهلاك يجمع بين مستهلك مشدود بجاذبية قوة الإغراءات، منبهر بفعل تنوع أساليب العرض والدعاية، مندفع نحو استهلاك مواد وسلع وأغذية وخدمات يجهل في الغالب كنهها وتركيبتها، وبين مهني يمتلك القدرة الفنية والتقنية التي تخوله إمكانية التحكم في ظروف التعاقد وشروطه، بحيث يستدرج المستهلك في الحقيقة إلى التوقيع على عقد لا يساهم في إنشائه بإرادة متبصرة وواعية بكل حيثيات الاتفاق وتداعياته، فإن قانون الاستهلاك يطرح مجموعة من الأحكام التي ترمي في مجملها إلى تدعيم رضا المستهلك حتى ينشأ العقد الاستهلاكي عن بينة واختيار حقيقيين ، وهو ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون رقم 08.31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك بالقول إنه” يجب على كل مورد أن يمكن المستهلك بأي وسيلة ملائمة من معرفة المميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة التي من شأنها مساعدته على القيام باختيار معقول باعتبار حاجياته وإمكانياته.
ولهذه الغاية، يجب على كل مورد أن يعلم المستهلك بوجه خاص عن طريق وضع العلامة أو العنونة أو الإعلان أو بأي طريقة مناسبة أخرى بأسعار المنتوجات والسلع وبتعريفات الخدمات وطريقة الاستخدام أو دليل الاستعمال ..”
وتحقيق التوازن يتطلب توفير الحماية للطرف الضعيف في المعادلة، هذه الحماية التي تأخذ ثلاثة أبعاد، أولها الحماية المادية للمستهلك بضمان سلامته الصحية، ثانيها الحماية القضائية وثالثها الحماية القانونية، وتتمثل في حق ولوج العدالة والحق في التعويض .
ولحماية المستهلك المائي، فقد عددت المادة 73 من قانون الماء مجموعة من الجرائم، ويتعلق الأمر ب:
– جريمة الحيازة من أجل البيع أو العرض للبيع تحت اسم ” ماء طبيعي” ذي منعة طبية ، وماء المائدة أو ماء العين غير مرخص رسميا باستغلاله وبعرضه للبيع أو بيعه.
ويأتي هذا التجريم لحماية المستهلكين من أي تناول لمياه لا تستجيب للمعايير الصحية الضرورية، وما ينتج عن ذلك من أضرار صحية خطيرة.
– جريمة الحيازة بغرض البيع أو العرض للبيـع أو البيع تحت تسمية مطبقـة علـى الميـاه الغازية طبيعيا لماء غازي مصطنع، أو تمت تقويـة نسبـة الغاز فيـه، إذا لم تكـن هذه الإضافة أو التقويـة مرخصـا بـها ومشـارا إليـها صراحـة في كل أشكـال التـعبئـة الموضوعة رهن إشارة العموم، وهو ما من شأنه أن يشكل تزييفا، والتزييف هو التغيير الذي يدخل على المنتوج بفعل يد الإنسان بطرق كثيرة، أهمها الخلط أو النزع .
– جريمة الحيازة بغرض البيع أو العـرض للبيـع أو البيـع عـن قصد تحـت تسميـات متعددة لنفس الماء، وفي هذا تضليل للمستهلك من أجل إيقاعه في غلط يدفعه إلى التعاقد بوسائل احتيالية، ويحق للمستهلك والحالة هذه المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه نتيجة هذا الفعل الجرمي سواء في إطار الدعوى المدنية التابعة، أو دعوى مدنية أمام القضاء المدني .
– جريمة الحيازة بغرض البيع أو العرض للبيع أو البيع عن قصد تحت اسم معين، لمـاء ليس له الأصل المشار إليه، وهو ما يشكل إشهارا كاذبا ، ويكون الإشهار كاذبا في وجود السلع أو الخدمات و طبيعتها وتركيب وجودها ومحتواها من العناصر المفيدة ومنشئها وكميتها وطريقة وتاريخ صنعها وخصائصها .
والملاحظ أن الشروط التي تنقل فيها المياه المعبأة غير صحية، إذ تنقل في النهار تحت أشعة الشمس مما يؤثر على خصائصها ويفقدها جودتها المطلوبة، لذا يجب أن يتدخل المشرع بإلزام المهنيين بنقل وتخزين المياه المعبأة وفق ظروف تستجيب لمعايير السلامة الصحية من قبيل نقلها ليلا وتغطية القوارير بغطاء يضمن عدم تعرضها لأشعة الشمس وخزنها في مكان خال من الرطوبة وبعيدا عن المواد الملوثة.
– اسـتعمال أي إشـارة أو عـلامـة على الأوراق التـجـاريـة والفاتـورات والفهـارس والبـيـانات التمهيدية والملصقات والإعلانات أو أية وسيلة أخرى للإشهار يكـون من شأنها أن تحدث غموضا في ذهن المستهلك حول طبيعة وحـجم وجـودة ومصـدر المياه، وهو ما أكدته المادة 21 من القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك بالقول إنه “يمنع كل إشهار من شأنه أن يوقع في الغلط بأي وجه من الوجوه، إذا كان ذلك يتعلق بواحد أو أكثر من العناصر التالية:
حقيقة وجود السلع أو المنتوجات والخدمات محل الإشهار وطبيعتها وتركيبها، ومميزاتها الأساسية ومحتواها من العناصر المفيدة ونوعها ومنشؤها وكميتها وطريقة وتاريخ صنعها وخصائصها وسعرها أو تعريفتها وشروط بيعها…”
عدم الإشارة على المنتوج إلى تاريخ عرضه للبيـع وتاريخ نهاية صلاحيتـه، يعد أحد أهم المقتضيات التي يجب على المهني الحرص على توضيحها للمستهلك بشكل مقروء وفي مكان واضح، وعدم الإشارة لذلك من شأنه أن يضر بصحة المستهلك، مما قد يهدد الأمن والصحة الاجتماعيين، لذلك حرص المشرع على زجر عدم الإشارة إلى تاريخ نهاية صلاحية المنتوج المائي.
وبالرجوع إلى القرار المشترك لوزير الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري ووزير الصحة ، فإنه يجب أن يـبين في المياه المعدنية من الينابيع أو المائدة التاريخ الأقصى للصلاحية، وهو سنة واحدة. أما الحرارة القصوى للحفظ فقد أشار الجدول الملحق بالقرار إلى أنها متغيرة، وفي هذا قصور حمائي للمستهلك،على اعتبار الظروف التي تنقل فيها المياه في فصل الصيف.

المبحث الثاني
مظاهر الحماية الجنائية على مستوى ضبط المخالفات
تقتضي دراسة الإجراءات الخاصة التي يجب سلوكها بالنسبة لجرائم المياه تحديد الجهات التي يخولها المشرع حق ضبط هذه الجرائم والتي سماها شرطة الماء ، ومن وظائف شرطة الماء – كما هو الحال بالنسبة للشرطة القضائية العامة – تدعيم الحفاظ على طمأنينة وسلامة الأفراد، وكذا المحافظة على النظام العام في الجانب المتعلق بالمياه .
وقد حدد القانون 10.95 المتعلق بالماء في المادة 104 الجهات التي يتكون منها جهاز شرطة الماء، وتتمثل في ضباط الشرطة القضائية المنصوص عليهم في المادتين 19 و 20 من قانون المسطرة الجنائية، وكذا الأعوان المعينين لهذا الغرض من طرف الإدارة ووكالة الحوض، وحدد الاختصاصات الموكولة إليه والمتمثلة في حماية الملك العام المائي من كل اعتداء من شأنه أن يلحق الضرر، وذلك بتحرير محضر للمخالف، محددا البيانات التي يجب أن تدرج فيه وحجيته القانونية (المطلب الأول) .
بيد أن مزاولة شرطة الماء لا تخلو من إكراهات عدة تؤثر على الجدوى منه ومن الدور المنوط به، منها ما هو مرتبط بالجهاز نفسه، ومنها ما هو مرتبط بالمحيط الذي يشتغل فيه ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: الجهاز المكلف بمعاينة مخالفات الماء وحجية محاضره
عدد مشرع المسطرة الجنائية ضباط الشرطة القضائية وحدد المهام المنوطة بهم والمتمثلة في مهمة البحث والتحري عن الجرائم البيئية في إطار نشاطهم العام، وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها وتحرير محضر في ذلك مع إخطار وكيل الملك المختص وإفادته بأصول هذه المحاضر .
إلى جانب ضباط الشرطة القضائية توجد شرطة إدارية تهدف وظائفها أساسا إلى تدعيم الحفاظ على طمأنينة وسلامة الأفراد، وكذا المحافظة على النظام العام في الجانب المتعلق بالمياه هي ” شرطة المياه” (فقرة أولى).
وجميع الأعمال التي تقوم بها شرطة المياه تنجز في وثائق مكتوبة تسمى المحاضر، وقد حدد المشرع المغربي شكليتها وحجيتها في الإثبات، ونص على أن عدم التقيد بالإجراءات الواجب تضمينها بها، من شأنه أن يضعف قوتها القانونية كورقة إثبات ضد مرتكب المخالفة ( فقرة ثانية ).
الفقرة الأولى: الجهاز المكلف بمعاينة مخالفات قانون الماء
إن مفهوم الشرطة القضائية لا يمكن أن يقصد منه تلك الهيئة الموجودة في بنايات الأمن الوطني أو الدرك الملكي، بل هي هيئات خول لها المشرع الصلاحية للبحث عن الجرائم ومشاهدتها وجمع الحجج عليها والبحث عن الفاعل أو الفاعلين وتقديمهم إلى النيابة العامة .
ويجد الجهاز المكلف بضبط مخالفات الماء أساسه في المادة 104 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء التي نصت على أنه” يعهد بمعاينة المخالفات لمقتضيات هذا القانون ونصوصه التطبيقية، علاوة على ضباط الشرطة القضائية إلى الأعوان المعينين لهذا الغرض من طرف الإدارة ووكالة الحوض والمحلفين طبقا للتشريع المتعلق بأداء القسم من طرف الأعوان المكلفين بتحرير المحاضر”.
وشرطه الماء ليست وليدة القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء بل أنشأها المشرع بمقتضى الفصل 24 من ظهير فاتح غشت 1925 المتعلق بجعل ضابط المياه، وكانت تشمل مهندسي الطرق والأشغال العمومية، والموظفين والأعوان بإدارة المياه والغابات الذين لهم الصفة الضبطية، إضافة إلى ضباط الشرطة القضائية من شرطة ودرك وكل شخص مكلف بحراسة المياه.
وعرف أحد الباحثين شرطة المياه بأنها جهاز إداري يتمتع بالصفة الضبطية يتولى ضبط ومعاينة الجرائم والخروقات الماسة بقانون الماء، والتي تهدد سلامة الملك العام المائي بصفة خاصة والأمن العام المائي بصفة عامة وعرفها آخر بأنها ذلك الجهاز الذي يقوم بمراقبة تطبيق القوانين والقرارات والمعين من طرف الإدارة .
والأشخاص الموكول لهم ضبط مخالفات الماء حسب المادة 104 أعلاه صنفان هما:
ضباط الشرطة القضائية(أولا)، والأعوان المكلفون لهذا الغرض من طرف الإدارة ووكالة الحوض المائي(ثانيا).
أولا: ضباط الشرطة القضائية
لن تتم دراسة جهاز الشرطة القضائية باعتباره أحد مباحث المسطرة الجنائية، ولكن سيتم من باب تحديد الأشخاص الذين أوكل لهم المشرع إمكانية المعاينة والتثبت من المخالفات المتعلقة بقانون الماء .
وضباط الشرطة القضائية منظمون في الباب الثاني من الباب الأول من القسم الأول من الكتاب الأول من قانون المسطرة الجنائية المغربي، وهم حسب المادة 19 منه يضمون بالإضافة إلى الوكيل العام للملك ووكيل الملك ونوابهما وقاضي التحقيق، بوصفهم ضباطا سامين للشرطة القضائية، كذلك ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث وأعوان الشرطة القضائية.
الضباط العاديون المحددون في المادة 20 من القانون السالف الذكر وهم أساسا المدير العام للأمن الوطني وولاة الأمن والمراقبون العامون للشرطة، وعمداء الشرطة وضباطها، وضباط الدرك الملكي وذووا الرتب فيه. وكذا الدركيون الذين يتولون قيادة فرقة أو مركز للدرك طيلة مدة هذه القيادة، تم الباشاوات والقواد .
ويمكن أن تخول كذلك صفة ضباط الشرطة القضائية لمفتشي الشرطة التابعين للأمن الوطني ممن قضوا على الأقل 3 سنوات بهذه الصفة بقرار مشترك لوزيري العدل والداخلية وللدركيين الذين قضوا على الأقل 3 سنوات من الخدمة بالدرك الملكي وعينوا رسميا بقرار مشترك لوزير العدل والسلطة الحكومية المكلفة بالدفاع الوطني .
ثانيا: الأعوان المعينون من طرف الإدارة ووكالة الحوض المائي
ويمثلون الأشخاص الذين تم تعيينهم بقرار يصدره كاتب الدولة المكلف بالماء بعد استشارة مدير وكالة الحوض المائي المختص والذي يقدم تقريرا في الموضوع حول سيرة وسلوك الموظف المقترح وقدرته على تحمل هاته المسؤولية كما يمكن تعيينهم بقرار لمدير وكالة الحوض المائي والذي يبقى المختص في ذلك بصفة أصيلة .
وإذا تعلق الأمر بالموظفين المكلفين بمعاينة مخالفات الماء أو الشرطة المائية التابعين للمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي، فإنه يتم اختيارهم من لدن رؤساء مكاتب توزيع الماء، ورؤساء مراكز تسيير شبكة الري، وبعد ذلك يقوم مدير المكتب باقتراح من رئيس قسم تسيير الري التابع له باتخاذ قرار تعيين الموظف المقترح للقيام بتثبيت مخالفات سرقة مياه السقي، وكذا الخسائر والأضرار التي تمس الملك العمومي ومرافقه .
ويلزم الأعوان المذكورين أداء اليمين القانونية حسب ما جاء في المادة 104 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء وإلا فقدت المحاضر التي ينجزونها قوتها الثبوتية.
والملاحظ أن تعدد المتدخلين في ضبط مخالفات الماء لا يؤدي الوظيفة المطلوبة بل يؤثر سلبا عليها على اعتبار اعتقاد هذه الجهات أن ضبط مخالفات الماء ليس اختصاصا أصيلا لها، أو لجهل عناصرها بهذه المهمة، نفس الشيء نجده مع تعدد جهات الضبط في قوانين أخرى كالقانون رقم12.90 المتعلق بالتعمير والقانون رقم 90.25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات .
نفس الإشكالية يعرفها التشريع الفرنسي، لذلك دعا الفقيه الفرنسي Carole Evard إلى توحيد كافة الوحدات الإدارية المكلفة بشرطة المياه في مصلحة واحدة تحت إشراف ووصاية جهاز واحد لان من كثرة المتدخلين وغياب التنسيق ضياع الأهداف، وتعاني شرطة المياه في فرنسا من ضعف في تغطية كافة التراب الفرنسي الشيء الذي يؤدي إلى عدم تفعيل النصوص القانونية والعقوبات المقررة ويطرح إشكالية تطبيق “الملوث مؤدي” .
والملاحظ أن شرطة الماء في المغرب ليست أفضل حالا من نظيرتها الفرنسية سواء من حيث تعدد المتدخلين ومحدودية فعاليتهم، سواء من حيث قلة الأعوان المكلفين بضبط مخالفات الماء على مستوى كل حوض مائي، أو من حيث عدم القدرة على تغطيته ترابيا، إذ نجد عدد الأعوان بوكالة الحوض المائي بملوية ستة أفراد، وهذا العدد من المستحيل أن يغطي تراب الحوض الذي يضم 12 عمالة إقليما، و170 جماعة .
وتعاني شرطة الماء من جهل المواطنين بهذا الجهاز وعدم توفرهم على زي رسمي من شأنه أن ينبه المخالفين إلى صفة هذه الفئة كما سنرى لاحقا.

الفقرة الثانية: حجية المحاضر المنجزة من طرف شرطة المياه
إن مجموع العمليات التي تقوم بها شرطة المياه بجميع مكوناتها لا تكون لها قيمة قانونية ما لم تفرغ في الشكل القانوني الذي أطلق عليه المشرع اسم ” المحضر” ، والمحضر حسب المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية هو ” الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضباط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامهم ويضمنها ما تلقاه من تصريحات أو قام به من عمليات ترجع لاختصاصه”.
إلا أن قانون الماء لم يعرف المحضر، بل اكتفى بذكر ما يجب أن يتضمنه حيث جاء في المادة 108 منه على أنه ” يجب أن يـتضمن محضر المعاينة على الخصوص ظروف ارتكـاب المخالفة وشروحات المخالف وكذا العناصر التي تبين مادية المخالفات.
وتوجه المحاضر المحررة إلى المحاكم المختصة داخل أجل عشرة أيام، ويوثق بالمعاينات التي يتضمنها المحضر إلى أن يثبت العكس”.
فما هي البيانات التي يجب أن يتضمنها المحضر؟ وما حجيته القانونية؟
أولا: بيانات محضر المعاينة
لقد اقتصرت المادة الآنفة الذكر على ذكر أهم البيانات التي يلزم أن يتضمنها المحضر، ويرجع بخصوص باقي البيانات المتطلبة في المحاضر إلى قانون المسطرة الجنائية باعتبارها الشريعة العامة في هذا المجال.
والمحاضر تتوج عمل جهاز شرطة الماء بحيث يجب أن تتضمن جميع المعلومات المتعلقة بالمخالفة، وأهميتها تزداد في المجال الجنحي لأن رجال القضاء سيركزون بدرجة أساسية على ما هو وارد فيها من معلومات ما لم يقتنع القاضي بضرورة استبعادها كلما تراءت له ظروف وقرائن تدعم قناعاته .
ومن أهم الطعون الموجهة للمحاضر أمام هيئة القضاء نجد عدم التفصيل في ذكر ظروف ارتكاب المخالفة من حيث زمانها ومكانها وطبيعتها بشكل مدقق، خاصة إذا كان المحضر هو الوثيقة الوحيدة بالملف، والاعتناء بشكليات المحضر من تعريف بالجهاز الذي ينتمي إليه محرر المخالفة وصفته وغيرهما مما يرفع الجهالة عنه كمثال على ذلك “محضر المعاينة رقم 10/102، يوم المعاينة: في يوم الخميس 17/06/2010 على الساعة الثانية مساء، أنا الموقع أسفله ( م.ص) تقني بوكالة الحوض المائي لسبو وعون الشرطة المكلف بمراقبة الملك العام المائي بمقتضى القرار رقم 17 بتاريخ 21/07/2008 الصادر عن السيد كاتب الدولة المكلف بالبيئة والماء، والمؤدي اليمين القانونية أمام المحكمة الابتدائية بفاس بتاريخ 25/09/2008 نورد المعطيات الآتية:
سند التدخل.
في إطار مراقبتنا للملك العام المائي على مستوى مقطع من واد بورجلين ضبطنا ….”
نفس الشيء نجده مع بعض المحاضر المنجزة في شأن مخالفة شروط استعمال الماء الفلاحي، إذ تكون خالية من أي إشارة إلى توقيع المخالف، وهذا مالم ينظمه قانون الماء رقم 10.95 ضمن أحكامه، إذ لم يشر إلى توقيع المكلف بشرطة المياه في النصوص المتعلقة بإثبات المخالفات، ومع ذلك فإن هذه المحاضر – من الناحية العملية – تتضمن توقيع العون الذي عاين وأثبت المخالفة وحرر المحضر بشأنها، لما للتوقيع من أهمية.
وعلى العون المكلف بضبط المخالفة تبني الحياد الذي لا يعني فقط عدم تحريف الوقائع– الذي هو شرط في تحقق الموضوعية – وإنما الامتناع عن إعطاء تأويلات للوقائع التي تناولها البحث بحيث يصل به الأمر إلى إعطائها تكييفا قانونيا بحسب ما اقتنع به شخصيا، لأن هذا ليس من صلاحياته التي تقتصر على جمع المعلومات بشأن أفعال ووقائع معينة ووضعها رهن إشارة السلطة التي أوكل إليها القانون سلطة اتخاذ القرار بشأن المتابعة أو عدمها.
إن عون شرطة المياه يقوم باستعراض الوقائع دون تكييفها قانونا، لأن هذا العمل من اختصاص الجهات القضائية، مع الإشارة إلى أن الإدارات المختصة قد اعتمدت نماذج مطبوعة لمحاضر مختلف المخالفات ، وذلك لتفادي نقص البيانات اللازمة في المحضر والتي من شأن نقصانها أن يؤدي إلى الطعن فيها.
ويوجه المحضر طبقا للمادة 108 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء إلى المحاكم المختصة داخل أجل 10 أيام، غير أن المشرع لم يحدد تاريخ بداية احتسابها، هل من يوم تحرير المحضر؟ أم من يوم ارتكاب المخالفة؟
انقسم الباحثون بخصوص تحديد ابتداء العشرة أيام إلى قسمين، حيث ذهب التوجه الأول إلى أنه وإن كان استعمال المشرع في هذه المادة لعبارة ” المحاضر المحررة ” يسمح بالقول إن أجل العشرة أيام يحتسب من تاريخ المحضر وليس من تاريخ وقوع المخالفة، فإن تأكيد المادة 106 على فورية تحرير المحاضر يجعل من الضروري أن يكون التاريخان واحدا، وأن عدم احترام هذا الأجل لبعث المحاضر للمحكمة يجعلها معيبة من حيث الشكل. في حين ذهب التوجه الثاني إلى أن أجل العشرة أيام يحتسب من تاريخ تحرير المحضر، ذلك أن إجراءات البحث التمهيدي قد تستغرق وقتا أطول من عشرة أيام، خاصة وإن صاحبتها عمليات أخرى من قبيل التحليلات المخبرية للعينات واستجماع الوثائق والاستماع للمعنيين بالأمر.
وحسب ما تكون لدي من رأي فإن التوجه الثاني حري بالتأييد على اعتبار المبررات المنطقية التي جاء بها، وكذا انسجاما مع روح المادة 108 التي جاءت في فقرتها الثانية بصيغة ” وتوجه المحاضر المحررة إلى المحاكم المختصة داخل 10 أيام ..”.
ثانيا: حجية محضر المعاينة
ينص الفصل 291 من ق.م.ج على ما يلي ” إن المحاضر والتقارير التي يحررها في شأن التثبت من الجنح والمخالفات ضباط الشرطة القضائية وجنود الدرك يوثق بمضمونها ما لم يثبت ما يخالف ذلك”.
لقد ميز المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية بين محاضر الضابطة القضائية على مستوى الجنح والجنايات، فبينما أعطى لمحاضر الضابطة القضائية في الجنح حجية نسبية، إذ جاء في قرار لمحكمة النقض ” إن المحضر المستوفي لما يشترطه القانون يقوم حجة لا يمكن دحضها إلا بقيام الدليل القاطع على مخالفتها للوقائع بواسطة حجة تماثلها في قوة الإثبات، كشهادة الشهود المستمع إليهم بصفة قانونية، وكالإدلاء بمحاضر أخرى أو تقارير خبراء أو ما شابه ذلك من المستندات الموثوق بصحتها قانونا”، فإنه اعتبرها على مستوى الجنايات مجرد بيانات ، حيث جاء في قرار لمحكمة النقض أنه ” لئن كان الفصل 293 من ق م ج ينص على أن المحاضر والتقارير في الجنايات لا تعتبر إلا مجرد بيانات، فإن للمحكمة أن تأخذ بما جاء فيها متى اطمأنت إليه، لأن ما حواه من اعترافات يخضع تقديره لقضاة الموضوع في حدود سلطتهم”.
واعتبر المشرع أن المحاضر المعدة من طرف إدارة المياه والغابات محاضر رسمية لا يطعن فيها إلا بالزور حيت تنص المادة 65 من ظهير 10 أكتوبر 1917المتعلق بحفظ الغابات واستغلالها على ” أن التقارير التي يكتبها الموظفون.. تعتبر حجة صحيحة في ثبوت المخالفات المقررة فيها كيفما كانت العقوبة ويعتبر ما تضمنه التقارير من المخالفات صحيحا كيفما كانت معاقبته ما لم يدع التزوير فيها “، وهو ما أكدته محكمة النقض بالقول “إن المحاضر التي يحررها ويمضيها أعوان إدارة المياه والغابات، تقوم حجة على الأفعال المادية المتعلقة بالجنح التي تشهد بوقوعها، ما لم يطعن في تلك المحاضر بالزور (الفصل 28 من ظهير 11/04/1922)” ، كما جاء في حيثيات حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالجديدة أن ” الظنين بارتكابه داخل الدائرة القضائية لهذه المحكمة منذ زمن لم يمض عليه أمد التقادم الجنحي لجنحة سرقة مياه السقي … حيث تفيد معطيات تقرير المخالفة أن الظنين قام بما نسب إليه، وحيث أن المحاضر والتقارير التي يحررها مأمورو المياه والغابات في شأن المخالفات والجنح يوثق بمضمونها ما لم يثبت العكس بادعاء الزور.”
وبذلك يكون لمحاضر رجال المياه والغابات المتعلقة بالجرائم الواردة في قانون الماء الصفة الرسمية استنادا إلى الفصل 65 من ظهير 10 أكتوبر 1917 وليس الحجية النسبية الواردة في المادة 108 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء، لأن النص الخاص أولى بالتطبيق من النص العام.
وحتى تكون لمحاضر شرطة المياه الصفة الرسمية، فإنهم غالبا ما يطلبون من القائد الإمضاء إلى جانبهم بمحضر المعاينة .
أمام هذا الوضع لا بد من تدخل تشريعي لتعديل الفقرة الثانية من المادة 108 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء والتنصيص على رسمية محاضر المعاينة المنجزة من طرف الأعوان والموظفين المشار إليهم في المادة 104 من نفس القانون، وأقترح أن تكون على الشكل التالي ” وتوجه المحاضر المحررة إلى المحاكم المختصة داخل أجل عشرة أيام من تاريخ تحرير المحضر، ويوثق بالمعاينات التي يتضمنها إلى أن يطعن فيها بالزور”

المطلب الثاني: إكراهات مزاولة شرطة الماء بين النص و الواقع
تتعدد الإكراهات التي تواجه مزاولي شرطة الماء، بين ما هو ناتج عن عوامل مرتبطة بالقانون المتعلق بالماء وما يعتريه من نقص وعدم وضوح في العديد من فقراته خاصة تلك المرتبطة بإجراء المعاينة والتكليف من جهة، وارتباطه بقوانين أخرى ذات صلة من جهة أخرى، الشيء الذي ينقص من مردودية عمل العاملين على ضبط مخالفات الماء ( فقرة أولى).
إلا أن الممارسة العملية لأفراد شرطة المياه وقيامهم بضبط المخالفات المرتكبة في حق الملك العام المائي ، أبرزت لهم إكراهات واقعية متمثلة في ضعف الدعم اللوجستيكي من جانب، ومواجهتهم الدائمة مع المخالفين وما يترتب عنها من احتكاك من جانب آخر (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: الإكراهات المرتبطة بالتشريع
أدى إخضاع الماء لنفس أحكام العقار إلى تعقيد في البنية القانونية لحق الماء، وتجلى أكثر بعد رسوخ أعراف مائية محلية فصلت ملكية الماء عن ملكية العقار، حيث أصبحت ملكية هذا الأخير غير مرتبطة بالماء، وأصبح مالك الأرض ليس هو مالك المياه، كما أصبحنا أمام ملكية خاصة واردة على أراضي الجموع والكَيش وهي أراض غير قابلة للملكية الخاصة ، كما نجد أن حقوق المياه تخضع للتصرف والتفويت أو الهبة مع العلم أن النظام القانوني الواردة عليه يمنع هذه التصرفات.
ولحماية الملك العام المائي فإن قانون الماء جاء ليؤكد على شرطة الماء ودورها كمؤسسة مهمة في التنمية المستدامة في مجال الماء، ووضع مقتضيات تنظيمية لهذا الجهاز من أجل تدبير مندمج لمصادر المياه ، بيد أن شرطة الماء تواجه عدة إكراهات تشوش على عملها والأهداف المرجوة منه، كتكليف وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك -قطاع الأشغال العمومية سابقا- بتدبير هذا الملك بمقتضى ظهير فاتح يوليوز 1914، ورغم أن تدبير الملك العام المائي تميز بالتشتت منذ ذلك الحين لدرجة أن كل صنف منه (مائي، بحري..) كان يسيره قطاع خاص، إلا أن هذا الظهير يبقى هو السند القانوني الأول الذي يمكن قطاع التجهيز والنقل واللوجستيك من تكوين شرطة الماء .
وغالبا ما لا يتم هذا التكليف على أسس ومعايير موضوعية كالكفاءة والنزاهة وغيرهما، بل إن بطاقات التكليف تمنح أحيانا لبعض الأعوان كالسائقين، وفي جميع الحالات سواء كان المكلفون أعوانا أو أطرا عليا، فإن المحلفين المكلفين على الصعيد المركزي لم ينجزوا أي محاضر خاصة بشرطة الماء .
كما أن هنالك تناقضا بين بعض مقتضيات القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء ومقتضيات بعض القوانين القطاعية كظهير 25 غشت 1914 المتعلق بالمؤسسات المصنفة بحيث يجب أن تتضمن هاته المؤسسات مقتضيات تهم مكان وكيفية وشروط إفراغ واستعمال ومعالجة المياه العادمة والنفايات، لكون السلطات التي تمنح هذه الرخص لا تسهر على تدبير الموارد المائية، مما يجعل هذه المقتضيات غير ملائمة أو متناقضة مع رخص الصب الممنوحة من طرف وكالة الحوض المائي. وكذا ظهير 16 أبريل 1951 بشأن سن نظام المناجم الذي تخضع بموجبه لنظام المناجم المياه الجوفية المائية التي تعتبر ملكا عاما مائيا حسب القانون 10.95 المتعلق بالماء .
ويلاحظ أن هناك إفراطا في الإحالة على النصوص التنظيمية، مما أراه مشوشا على عمل المتتبع والباحث
الفقرة الثانية: الإكراهات الواقعية
من الإكراهات المرتبطة بالمحيط، نقص الصرامة من طرف المحاكم المكلفة بتطبيق النصوص القانونية المعتمدة ، وهي المعول عليها – مع باقي الأجهزة الساهرة على تفعيل قانون الماء – للحفاظ على هذه الثروة الإنسانية .
كما تواجه شرطة الماء معيقات تتعلق بالتحقق من هوية المخالف وعدم توقيعه على المحضر، مما قد يعرض دعواها للنقض، حيث جاء في قرار لمحكمة النقض أنه ” تكون المحكمة الزجرية قد بنت قرارها على غير أساس لما أدانت المتهم بجنحة سرقة مياه السقي بناء على اعترافه المضمن في محضر الشرطة القضائية رغم أنه ينكر أمامها صدور هذا الاعتراف عنه، ورغم كون التصريح المنسوب إليه في المحضر غير مذيل بتوقيعه مستندة في قضائها على مقتضيات القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء الذي لم يستلزم صراحة توقيع المصرح على محضر معاينة المخالفة المنجز من طرف شرطة المياه، ذلك أن الاعتراف الذي يتضمنه محضر الضابطة القضائية لكي يعتبر وسيلة إثبات يجب أن يكون صادرا عن المتهم، وهو لا يعتبر كذلك إذا كان التصريح المنسوب إليه في المحضر لا يقر بصدوره عنه أو لا يعقبه توقيعه بحسب الأحوال المقررة بمقتضى المادة 24 من ق م ج التي يتوجب التقيد بها وتطبيقها بخصوص شكليات محاضر الضابطة القضائية”.
وبخصوص الإكراهات التي تواجه أعوان شرطة الماء، ولإغناء البحث أكثر، قمت بدراسة ميدانية عن طريق توزيع استمارة تشمل عدة أسئلة حول المهام العملية والصعوبات التي تواجه أفراد شرطة الماء، وتتكون العينة من خمسة أفراد من شرطة الماء، جاءت بما يلي:
بخصوص تعرض أفراد شرطة الماء للتهديد والاعتداء، كانت نتيجة البحث كما يلي:

يستنتج من البيان أعلاه أن أفراد شرطة الماء يتعرضون أحيانا للإهانة أو الاعتداء بغض النظر عن نوعه( سب، شتم..)، وتبقى المعطيات أعلاه نسبية في ظل غياب دراسة رسمية في هذا الشأن.
إضافة إلى ذلك فإن النصوص المنظمة لشرطة الماء لم تشر إلى الزي الذي يجب إن يرتديه شرطي الماء، الشيء الذي يتسبب لهم في عدة مشاكل تتمثل في عدم معرفة المواطنين لهذا الجهاز، مما قد يتسبب في قلة احترامهم له، وهذا ما دفع بعض أعوان شرطة الماء إلى الإحجام عن القيام بدورهم مخافة التعرض للاعتداء، وحسب العينة المعنية فهناك إجماع بنسبة 100% على أنه لو وجد هذا الزي لكان الاحترام الواجب للجهاز وأفراده، كما هو الحال مع أفراد الأمن الوطني أو أعوان المياه والغابات.
وأمام هذا الوضع لا بد من تدخل تشريعي في أول فرصة تسنح بتعديل القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء والتنصيص على الزي الرسمي الذي يلزم أن يرتديه مزاولو شرطة المياه.
ومن الصعوبات التي تواجه أفراد شرطة المياه عند معاينة المخالفة، عدم وجود مالك أو مستغل المنشآت موضوع المخالفة في غالب الأحيان بعين المكان، مما ينتج عنه صعوبة الحصول على هويته، وبالتالي عدم القيام بمعاينة الجريمة، على اعتبار أن المشرع المغربي ألزم ضمنيا إدراج اسم المخالف حين نص على أنه “يجب أن يتضمن محضر المعاينة على الخصوص ظروف ارتكاب المخالفة وشروحات المخالف وكذا العناصر التي تبين مادية المخالفة” ، وأرى أنه يلزم على شرطي الماء ضبط المخالفة ولو أن المخالف غير موجود في مكان الجريمة، إذا ما أتيحت له بأية وسيلة معرفة هويته، خاصة إذا كان معروفا لدى أعوان السلطة.
ومن المشاكل التي يعاني منها أفراد شرطة الماء حسب الاستمارة الموزعة نجد أيضا:
– عدم وجود حوافز مالية للقيام بهذا الدور الهام والخطير.
– وسائل التنقل إلى أماكن الجرائم غير متوفرة في بعض الأحيان، أو أن بعضها قديم ولم يعد صالحا.
– عدم وجود تحسيس للمواطنين في وسائل البث المرئية، والمسموعة، والمقروءة بالدور المنوط بالجهاز.
إن عدم وجود هذا التحسيس من طرف الإدارة المكلفة بالماء، ووكالات الأحواض المائية، والمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي، دفعني إلى القيام باستقصاء رأي المواطنين – وأغلبهم من القانونيين – حول مدى معرفتهم بشرطة المياه، وكان السؤال: هل تعرف بوجود شرطة المياه؟
وقد كانت النتيجة كالتالي:

أي أن اثنين من أصل خمسين شخصا لا يعرفون شرطة المياه، بمعنى أن أكثر من 96 % من المغاربة لا يعرفون هذا الجهاز، مما يتطلب من الجهات المكلفة بالماء مضاعفة مجهوداتها التحسيسية للتعريف به، وبالتالي حماية الملك العام المائي عن طريق الوعي بأهمية المحافظة عليه.

خـاتـمـة
في ختام هذا البحث المعنون ب ” الحماية القانونية للماء”، تأكد لنا أن القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء زكى في عمومه القواعد الواردة في الظهائر السابقة غير المتعارضة مع نصوصه، وبشكل أساسي الملكية العامة للمياه، والتي لا يجوز استغلالها أو استعمالها أو التصرف فيها إلا بمقتضى تصريح من الإدارة أو وكالة الحوض المائي، ما عدا الحقوق المعترف بها لأصحابها ومياه الأمطار التي تتساقط على العقارات أو المجمعة بشكل اصطناعي .
فتدخل الدولة هذا راجع إلى محاولة المشرع المغربي تنظيم المياه بما يحقق الأمن المائي، والمحافظة على هذا المورد الحيوي والثروة الوطنية من التبذير وسوء الاستعمال، لأن البلاد تواجه تحديا حقيقيا بسبب تعاقب سنوات الجفاف ونضوب الفرشة المائية.
ومن أجل حماية الملك العام المائي، أقترح ما يلي:
على المستوى التشريعي:
‌أ – تحيين النصوص المتعلقة بالعقوبات، والزيادة في الغرامات ومدة الحبس تماشيا مع حجم الجرم المرتكب في حق الملك العام المائي.
‌ب – تبني مدونة جديدة تدمج قانون الماء في قانون البيئة.
‌ج – تعديل النصوص الغامضة في قانون الماء والتي تحمل أكثر من تأويل كالفصل 108 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء، وتحديد البيانات اللازمة في محضر المعاينة ونقطة انطلاق احتساب العشرة أيام المتعلقة بتوجيه المحاضر المحررة إلى المحاكم المختصة.
‌د – إقرار الحجية الرسمية لمحاضر شرطة المياه، كما هو الشأن بالنسبة للمحاضر المنجزة من طرف أعوان المياه والغابات.
‌ه – تنظيم الزي الخاص بشرطة المياه والزيادة في عدد أفرادها.
‌و – توحيد كافة الوحدات الإدارية المكلفة بشرطة المياه في مصلحة واحدة تحت إشراف ووصاية جهاز واحد.
على المستوى العملي:
‌أ – اعتماد مقاربة تشاركية مع الجهات الملوثة للبيئة والماء، والرقي بها من جهات ملوثة- مؤدية إلى جهات شريكة.
‌ب – التكوين المستمر لأفراد شرطة المياه في مجال المعاينة، وتدريبهم على تقنيات وشكليات تحرير المحاضر، وتعويضهم عن مهام المعاينة.
‌ج – القيام بحملات تحسيسية وتوعوية في مختلف وسائل الإعلام بأهمية المحافظة على الماء من التلوث والهدر، وتوضيح الدور الهام لشرطة المياه في هذا المجال.
‌د – تخصيص دورات تكوينية لفائدة القضاة، مع تدريس قانون الماء والبيئة في المعهد العالي للقضاء.

المملكة المغربية
محكمة الاستئناف
بتـــازة

الغرفة المدنية
رقم : 332/2010
قرار عدد : 149
تاريخ : 04-04-2013 * بـــاسم جلالـــة الملـــك و طبقا للقانون *

أصدرت محكمة الاستئناف بتازة بتاريخ 04/04/2013 وهي تبث قي المادة المدنية مؤلفة من السادة :
ذ/ عبدالقادر العلمــي : رئيسا
ذ/ كمـال فاتـــــح: مستشارا ومقررا
ذ /لحسن الســــاوي: مستشارا
وبمساعدة السيدة: مغزة علية كاتبة للضبط.
القرار الآتي نصه :
بين السيد:
هرموش محمد بن عبدالسلام وهرموش بلقاسم بن عبدالسلام الساكنون بجماعة الصباب جرسيف .
ينوب عنهما الأستاذ عبدالمالك الادريسي و محمد الصيوري والأستاذة لطيفة صديق المحامون بهيئة بتازة.
بوصفه مستانف من جهة.

وبين السيد:

جمعية مستخدمي المياه المخصصة للزراعة عين الحوت جماعة الصباب دائرة جرسيف بواسطة رئيسها واعضاء مجلسها الاداري بعنوانها جماعة الصباب
ينوب عنها ذ/ محمد بوليف المحامي بهيئة بتازة.

بوصفه مستأنف عليه من جهة أخرى.

بناء على مقال الاستئناف والحكم المستأنف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق المدرجة
بالملف.
وبناء على تقرير السيد المستشار المقرر الذي لم تقع تلاوته بإعفاء من الرئيس وعدم
معارضة الطرفين.

وتطبيقا لمقتضيات الفصل 134 وما يليه والفصل 328 وما يليه والفصل 425 من
قانون المسطرة المدنية.

في الشكـــــــــــــــل:

حيث انه بتاريخ 9 يوليوز 2010 استانف هرموش محمد وهرموش بلقاسم الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بجرسيف في الملف المدني عدد 15/2009 بتاريخ 30/12/2009 والقاضي بقبول الدعوى وفي الموضوع بالزام المدعى عليهما بهدم البئر المحادي بعين الحوت والذي اقيم بمنزل والدهما والذي يعتمد على الة ضخ قطرها ثلاث ارباع لضخ المياه والمشار اليه بمحضر الزيارة التي تمت بعين الحوت بالصباب من طرف اللجنة الادارية بتاريخ 13/07/2006 فقط دون غيره من الابار مع شمول الحكم بغرامة تهديدية قدرها 50.00 درهم عن كل يوم تاخير عن التنفيذ مع تحميلهما الصائر وبرفض باقي الطلبات.

وحيث ان الاستئناف قد توفر على شروط ممارسته الشكلية المنصوص عليها في الفصل 134 و 142 من ق م م مما يتعين معه الحكم بقبوله شكلا لاسيما وان الطي ورد دون تبيان تاريخ التبليغ .

في الموضــــــــــــــــوع :

حيث يستفاد من وثائق الملف ومحتوياته انه بتاريخ 23/01/2009 تقدمت المدعية جمعية عين حوت بواسطة دفاعها امام ابتدائية جرسيف بمقال افتتاحي وكذبك مقال اصلاحي والذي تعرض فيه انه في اطار الاعمال العمومية الهادفة الى تنمية البلاد تم تاسيس جمعية عين الحوت بجماعة الصباب بهدف تنمية اقتصاد ومحاربة الجفاف في البادية بحيث تقوم بتوزيع حصص الماء الا ان المدعى عليهما بزعامة والدهما المرحوم عبدالسلام خرموس قاموا بحفر بئر محادي لعين الحوت واصبحوا يجلبوا منه الماء بصورة عشوائية مما اثر سلبا على العين خاصة وانه قد سبق للسلطات المحلية وان وجهت لهم عدة انذارات بهذا الخصوص من اجل الكف عن حفر البئر لكنهم زادوا تعنتا وحفروا ابار اخرى وصلت الى ستة وهو ما اثر على الفرشة المائية التي ينبع منها ينبوع عين الحوت التي تستغلها الجمعية وان والد المدعى عليهما وبعد الانذارات الموجهة اليه من طرف مديرية التجهيز واعداد التراب الوطني التزم كتابة بموجب التزام مصحح الامضاء بالكف عن العمل غير المشروع الا انه تراجع عن التزامه وعاد الى حفر الابار لطلب الماء بدون حق وهو ما يشكل خطرا دائما يهدد الجماعة والمنطقة لاجله يلتمس اصدار حكم يقضي على المدعى عليهما بهدم جميع الابار المحادية لعين الحوت تحت طائلة غرامة تهديدية لاتقل عن 200 درهم لكل واحد منهما عن كل يوم تاخير او امتناع عن التنفيذ وتحميلهما الصائر مجبرا في الاقصى مع شموةل الحكم بالنفاذ المعجل وارفقت مقالها بصورة من التزام المدعى عليهما ووالدهما المرحوم وبصورة من شهادة ادارية وبصورة من اتفافية وبصورة من انطار موجه من طرف المديرية الاقليمية للتجهيز لوالدا المدعى عليهما من اجل الكف عن حفر البئر وبمحضر منجز من طرف السلطة المحلية .
وبناء على ادراج القضية بجلسة 21/10/2009 حضرتها ذة صديق عن المدعى عليهما والتمست مهلة للادلاء بما يفيذ سبقية البث في القضية .
وبناء على ادلاء دفاع المدعي عليهما بنسخة عادية من حكم ابتدائي وقرار استئنافي وبامر استعجالي .
وبناء على ادراج القضية بعدة جلسات اخرها جلسة 16/12/2009 حضرتها دفاع المدعى عليهما وتخلف عنها دفاع المدعية رغم الاعلام فتم حجز القضية للتامل لجلسة 30/04/2009 .
وحيث صد الحكم المطعون فيه بالاستئناف من طرف هرموش محمد وهرموش بلقاسم .
في اسباب الاستئناف
حيث عاب المستانف على الحكم المستانف كونه جاء مخالفا للصواب ذلك انه سبق لنفس الجمعية المستانف عليها ان استصدرت حكما قضى برفض طلبها هذا و انه سبق لنفس الطرف ان استصدرت حكما قضى بعدم الاختصاص بنفس الموضوع في مواجهتي دائما و انه سبق وان تقدم بطعنه الرامي الى سبق الفصل في النازلة وادليت بالحجج التي تفيذ ذلك ولكن بدون جدوى
لهذه الاسباب : يلتمس من حيث الشكل : قبول الاستئناف شكلا و في الموضوع : الغاء الحكم المستانف والتصدي والقول بسبق الفصل في النازلة .
وبناء على المذكرة الجوابية للمستانف عليها بواسطة دفاعها مودعة لدى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 23/03/2012 والرامية الى عدم قبول الاستئناف وتاييد الحكم المستانف .
وبناء على المذكرة المرفقة المؤرخة في 30/11/2011 والتي يعرض فيها المستانفين بواسطة دفاعهما انها يؤكدان مقالهما الاستئنافي ويوضحان ان البئر التي حكمت المحكمة بردمها حفر وبني سنة 1984 في ملكهما من طرف والدهما وان استغلاله استمر منذ ذلك الى حدود الان وهو مايجعل حقهما مكتسبا وطاله التقادم وان الحق المكتسب بالتقادم حفر بئر واستغلاله لايرثر على صبيب العين وهو ما ابتته معاينات وتقارير خبرة سابقة يتعلق بنفس الموضوع وان الامر ببئر واحدة ووحيدة وان استغلالها يتم بواسطة مضخة كهربائية صغيرة قياسا 4/3 وان هذا الاستغلال ليس له أي تاثير على صبيب العين ان مسؤولي الدولة المغربية يشعون تلك المبادرات وذلك بواسطة نشرات اذاعية وتلفزية تحت حافري الابار الى التوجه الى اقرب وكالة للحوض المائي لتسجيل ابارهم وان مثل ذلك الحكم سوف يؤثر سلبا على الاستقرار بالمناطق القروية وعلى الاستثمار بها ملتمسين اساسا عدم قبول الطلب شكلا لكونه مخالف لقواعد الاثبات ورفض الطلب موضعا بكونه غير مؤسس ولكون الامر يتعلق بحق مكتسب بالتقادم منذ 1984 و لكون الضرر الذي يدعيه المستانف هو ضرر محتمل ولو بعد الامر باجراء خبرة يعهد بها لذوي الاختصاص وارفقا مذكرتهما بمحضرؤ معاينة وتقرير خبرة في ملف عقود 26/2006 .
وبناءا على المذكرة تاكيدية للمستانف عليها بواسطة دفاعها مودعة بتاريخ 20/12/2012 ان الخبرة والمعاينة المدلى بها من صنع المستانفين ملتمسة التاييد .
وبناءا على القرار التمهيدي القاضي باجراء خبرة بتاريخ 26/01/2012 .
وبناءا على طلب المستانف عليها بواسطة دفاعها مودع لدى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 14/03/2012 والرامي الى استبدال الخبير عبدالقادر السباعي .
وبناءا على القرار التمهيدي الصادر بتاريخ 22/03/2012 والقاضي بتكليف الخبير الطاوسي امحمد وبالمامورية .
وبناءا على تقرير الخبير الطوسي امحمد المؤرخ في 9/7/2012 والمفضي الى انه بالرجوع الى حفر البئر القديم العهد وطبيعته التقليدية وعمه والمساحة التي تفصله مع موقع النبع عين الحوت انه لايحدث أي تاثير او ضرر عن صبيب مياه عين الحوت وان مياه البئر جوفية ومنبع العين هي سطحية .
و بناءا على مستنتجات على ضوء الخبرة مودعة لدى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 6/09/2012 والتي يلتمس فيها دفاع المستانفين المصادقة على الخبرة والغاء الحكم المستانف وبعد التصدي الحكم برفض الطلب .
وبناءا على مستنتجات على ضوء الخبرة مودعة لدى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 26/09/2012 و التي يلتمس فيها المستانف عليها اعادة الخبرة لعدم جديتها لكون الخبير الطوسي يفيد ان البئر بعيدة عن العين ب 270 متر في حين ان السباعي سنة 2006 افاد انها بعيدة 180 متر فقط علما كذلك ان المياه الجوفية تستغرق المياه السطحية او توماتيكية خاصة اذا كانت المسافة قريبة بينهما واحتياطيا الوقوف على عين المكان بمعية السلطة المحلية واحتياطيا جدا تاييد الحكم المستانف.
وبناء على ادراج القضية بجلسة 27/09/2012 حضرها ذ/ عبدالمالك الادريسي عن ذ/ الصيوري فقط والفي بالملف مذكرة ذ/ محمد بوليف على ضوء الخبرة تسلم ذ/ الادريسي نسخة منها موضحا مرة ثانية انه ينوب عن ذة صادق ايضا واكد المذكرة المدلى بها والتمس الاستجابة لاقصى ماورد فيها المقال الاستئنافي مما اعتبرت معه المحكمة القضية جاهزة وقررت حجزها للمداولة لجلسة 18/10/2012 .
وبناءا على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 18/10/2012 والقاضي علنيا وتمهيديا ان محكمة الاستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا وتمهيديا باعادة الخبرة على البئر والعين موضوع النزاع يقوم بها مدير وكالة الحوض لملوية بوجدة بعد التاكد من القيام بواسطة مهندس هيدرولوجي بعد ادائه اليمين ان لم يكن محلفا وذلك بالوقوف على عين المكان والتاكد من ترخيص طرفي النزاع وتسجيل حقوق الماء بالنسبة للطرفين وحصولهما او من خلفوه على ترخيص الحفر او الاستغلال مع تبيان الخصائص الجيوديزة لكن من العين والبئر وبعدهما عن بعضهما وصبيبهما ومدى تاثير استغلال البئر على العين وطريقة الاستغلال المنزلي او الزراعي للبئر على صبيب العين واتجاه التيارات الجوفية بين العين والبئر وكذا على جودة المياه وعلى المكلف بالانجاز التاكد من استدعاء كل الاطراف ودفاعيهما بواسطة البريد المضمون مع الاشعار بالتوصل بمدة كافية لاتقل عن خمسة ايام التاكد من حضور طرفي النزاع يوم الخبرة مع انجاز تقرير حول المامورية باللغة العربية في 6 نسخ موقعة والموافاة بالناتج فور الانجاز داخل اجل شهر من تاريخ التوصل بهذا القرار .
وبناءا على تقرير الخبرة المودع بالملف والذي جاء فيه انه تم استدعاء طرفي النزاع من طرف وكالة الحوض المائي لمولية عن طريق السلطة المحلية بواسطة فاكس رقم و ج م م 004 بتاريخ 4 يناير 2013 لحضور الخبرة الميدانية التي حدد لها تاريخ 10 يناير 2012 وقد اجريت الخبرة التقنية في اليوم المحدد وهو 10 يناير 2012 بحضور جميع الاطراف باستثناء رئيس جمعية مستغلي عين الحوت و بخصوص معطيات حول الموارد المائية بالمنطقة فان :
الجماعة القروية الصباب تقع في حوض ملوية الوسطى بوسط غرب سهل كرسيج حيث المناخ السائد جاف مع تساقطات سنوية في حدود 200 ملم تتميز التربة بالجماعة بطبيعة طمية رملية في الولجات على جوانب الوديان اما بباقي الجهات فهي ذات طبيعة طينية كلسية يبقى النساط الفلاحي بالجماعة جد محدود ولذك بفعل الاكراهات المناخية وصعوية التضاريس واهم الزراعات تتركز بالقرب من واد ملوية ومركز الجماعة حيث يتم اللجوء الى السقي من خلال عين الحوت و بخصوص المياه السطحية : يمثل واد ملوية اهم مورد مائي بالجماعة كما يعبرها كل من واد بوراشد وواد مزكيتام في الفترات المطوية و بخصوص المياه الجوفية : يغلب على اكثر من نصف تراب الجماعة التكوينات الصلصالية الميوسنية هذه التكوينات تتخللها طبقات رملية ذات انتاجية ضعيهة من 1 الى 1 ل /ث/منشاة عمقها يصل الى 100 متر مستوى عمق الماء يصل قرابة 15 م عن مستوى سطح الارض ويشغل جنوب الجماعة تكوينات جوراسية متكونة اساسا من حث بوراشد بصبيب 3.5ل/ث/ منشاة اضافة الى ذلك يشكل الجريان التحتي لواد ملوية مورد مائي مهم لكنه يتميز بجودة رديئة يتم استعمال المياه السطحية والجوفية بالجماعة لغرض السقي والتزود بالماء الشروب يهيمن نمط السقي التقليدي على عملية السقي اضافة الى السقي بالتنقيط والسقي بالرش تقدر احتياجات الساكنة من الماء الصالح للشرب في افق 2015 ب 3.68 لتر في الثانية و بخصوص خصائص عين الحوت والبئر :
1- خصائص عين الحوت :
العمالة كرسيف
الدائرة كرسيف
قيادة بركين
الجماعة الصباب
مستغل عين الحوت جمعية مستخدمي المياه المخصصة للزراعة
احداثيات العين حسب خريطة بوراشد بسلم 1/50000
=x 672.629 =y374.260 =z 602 م
مصدر العين : تتشكل العين من تصريف مياه الفرشة المائية المسماة لمعروف طريقة سيلان العين هناك منبع رئيسي دو اتجاه من الشمال الغربي الى الجونب الشرقي ومنبعين صغيرين اتجاه سيلانهما من الغرب الى الشرق .
الاستغلال الحالي للعين :
التجهيزات تم ترميم العين بالحجارة وانجاز نفق تحت القنطرة في اتجاه الشمال الغربي ويتم نقل مياه العين بواسطة سواقي تقليدية وخزان ارضي لجمع المياه مبنى بالخرسانة سعته 720 متر مكعب وتتوفر العين على صبيب المتوسط تم تقديره ب 8 لتر في الثانية يوجد في سافلة العين حاجز على وادي بوراشد لجمع مياه السيلان التحتي للوادي من اجل استغلالها كذلك لاغراض السقي نسبة ملوحة مياه العين تصل الى 1.351 غرام في اللتر .
تسقي العين بطريقة تقليدية مساحة 400 هكتار عدد الاسر المستفيدة من هذه العين 450 اسرة حسب السلطة المحلية .
موقع العين بالنسبة للبئر يوجد منبع العين في عالية البئر على مسافة 264 مترطولي .
لاتوجد أي حقوق مكتسبة على الماء على هذه العين معترف بها لدى وكالة الحوض المائي لملوية .
2- خصائص البئر :
العمالة كرسيف
الدائرة كرسيف
قيادة بركين
الجماعة الصباب
اسم صاحبي البئر هرموش محمد بن عبدالسلام وهرموش بلقاسم بن عبدالسلام
احداثيات البئر حسب خريطة بوراشد بسلم 1/50000
= x672.663 = Y 374.003 =z 611 م
تاريخ انجاز البئر 1982 حسب تصريح صاحبي البئر
العمق الاجكاعلي 12.68 م قطر 0.73 م نوع البناء بالحجارة
مستوى الماء على سطح الارض 10.09 م
الملوحة 1.638 غ / ل
المسافة الفاصلة بين البئر والعين 264 م
مقطع جيولوجي للبئر طين وطين ملي
التجهيز بوسائل الضخ :
تاريخ التجهيز بوسائل الضخ سنة 2000 حسب تصريح صاحبي البئر
نوع المضخة ذات محور افقي تعمل بالكهرباء
عمق تثبيت المضخة 12 م وقطر انابيب الضخ 0.025 م
الصببيب 0.4 ل / ث
خزان فوق الارض سعته 8.7 متر مكعب يوجد داخل الاسطبل
الاستعمال
اغراض فلاحية المساحة المسقية 5.1 هكتار
تزويد اسرة صاحبي البئر بالماء الشروب
طريقة السقي بالتنقيط انابيب قطرها 0.025 م
نوع المغروسات اشجار الزيتون
موقع البئر بالنسبة للعين ان البئر يوجد في سافلة العين الجنوب الغربي ويبعد عنها ب 264 متر طولي .
ان صاحبي البئر لايتوفران على أي رخهصة للحفر او لجلب الماء
بخصوص نتائج البحث الميداني
بناء على المعطيات لدى وكالة الحوض المائي لملوية وعلى الخبرة الميدانية المنجزة بتاريخ 10 يناير 2012 فانه تم استخلاص مايلي : – ان عين الحوت توجد على الضفة اليمنى من نهر وادي بوراشد في عالية البئر طبيعتها تصريف مياه فرشة مائية مكونة من احجار رملية وحصى وسط طين بالطبقة المائية لمعروف .
رغم ان البئر والعين يوجدان بنفس الطبقة المائية لمعروف فان اتجاه سيلان المياه الجوفية من العين في اتجاه البئر كما بينه ارتفاع سطح ماء البئر الذي يصل الى 601 متر في حين ان ارتفاع سطح ماء العين 602 متر كما ان صبيب استغلال البئر ضعيف 0.4 لتر في التانية ويؤثر على صبيب العين الذي يتعدى 8 لتر في الثانية بحكم المسافة الفاصلة بين البئر والعين والتي تصل الى 264 متر و تتوفر الجمعية على مورد اضافي للماء وهو مياه الحاجز المنجز على سافلة العين لجمع مياه العيون المتبقية بين العين والحاجز من طرف جمعية مستغلي العين لاغراض زراعية .
اما جودة المياه خاصة فيما يتعلق بدرجة الملوحة مختلفة مابين البئر ومياه العين ليخلص التقني الممتاز لدى وكالة الحوض المائي في الاخير المسمى مبارك الزيقة انه نظرا للمعطيات المتوفر والسالفة الذكر فان الوكالة تستبعد ان يكون لاستغلال البئر بالخصائص المذكورة اعلاه اثر سلبي على العين كما تدعو الفرقاء المتنازعين الى تسوية وضعيتهم اتجاه الملك العام المائي طبقا للقوانين الجاري بها العمل في اقر الاجال تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في هذا الشان .
وبناء على مستنتجات على ضوء الخبرة المؤرخة في 18/03/2013 والتي يعرض فيها المستانفان انه بناءا على تقرير الخبرة الذي انجزته الوكالة المذكورة الذي اوضحت فيها انها تستبعد ان يكون لاستغلال البئر بالخصائص المذكورة وفق الخبرة اثر سلبي على العين وفقا للخلاصة التي توصلت بها الوكالة بناءا على نتائج البحث الميداني و المصادقة على تقرير الخبرة والحكم تبعا لذلك بالغاء الحكم المطعون فيه بعد التصدي والحكم برفض طلب الجمعية المذكورة عين الحوت لكونه غير مؤسس مع تحميل المستانف عليها الصائر .
وبناءا على مذكرة بعد الخبرة للمستانف عليها المودعة لدى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 21/03/2013 والتي تعرض فيها بواسطة دفاعها ان هذه الخبرة جاءت معيبة ولم تستجب للمعطيات القانونية الملزمة للخبير بعلة انه لم يتم استدعاء المنوب عنها وان التقرير انجز بمحضر المستانف فقط والدليل على ذلك ان الخبير لم يرفق في تقريره بما يفيد توصل المنوب عنها باي استدعاء بل لم يدل حتى بما يفيذ قيامه بالاجراءات المنصوص عليها في الفصل 63 من قانون المسطرة المدنية وان الخبرة غيابية في حق المنوب عنها وبالتالي فلايمكن الاعتداد بها لأجله تلتمس المنوب عنها من جنابكم الموقر استبعاد هذا التقرير والقول باعادة الخبرة من جديد حضورية في حق جميع الاطراف .
وبناءا على عرض القضية على عدة جلسات اخرها جلسة 21/03/2013 الفي خلالها بالملف بمستنتجات الخبرة مدلى بها من طرف ذ/ة صديق واخرى مدلى بها من طرف ذ/ بولسف مما تقرر معه اعتبار القضية جاهزة وحجزها للمداولة لجلسة 04/04/2013 .

التعليل

حيث ركز المستانف استئنافه على الاسباب المذكورة اعلاه .
وحيث تبين للمحكمة من خلال مراجعة اوراق الملف ومحتوياته انه بغض النظر عن ماجاء في تقرير الخبرة المنجزة من طرف وكالة الحوض المائي والتي هي مؤسسة عمومية تشرف على استعمال الملك العام المائي من كونها تستبعد ان يكون لاستغلال البئر اثر سلبي على العين وهي الخبرة الرسمية لكن غير الحضورية فان الصفة في الادعاء غير ثابتة اصلا ذلك ان الماء ملك عام ولايمكن ان يكون موضوع تملك خاص وان الحقوق المكتسبة على المياه المتنازع بشانها غير ثابتة طبقا للمادة 6 من القانون المتعلق بالماء { راجع محمد الشاوني القانون المتعلق بالماء والحق في الماء بالفرنسية } مطبعة المعارف الجديدة الرباط ص 20 وما يليها .
وحيث ان الصفة من النظام العام تثيرها المحكمة في جميع المراحل مما يتعين معه بعد الإلغاء و التصدي الحكم بعدم قبول الدعوى .
وحيث ان خاسر الاستئناف يتحمل صائره .
لهده الأسباب

ان محكمة الاستئناف وهي تقضي علنيا وحضوريا و انتهائيا
في الشكـــــــــل: بقبول الاستئنـــــاف .

في الموضــــــــوع : الغاء الحكم المستانف وبعد التصدي التصريح بعدم قبول الدعوى وتحميل المستانف عليها الصائر .

بهدا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة اعلاه بالقاعة العادية للجلسات بمقر محكمة الاستئناف
امضاء:

الرئيس : المقرر : الكاتب :

قائمة المراجع
أولا: المراجع باللغة العربية
أ- المراجع العامة والخاصة
– أبي الفضل جمال الدين بن مكرم بن منظور: لسان العرب، ج 13، مطبعة دار صادر، بيروت 1956.
– أستاذنا أحمد بنكوكوس: القانون الدستوري والنظم السياسية، دار النشر الجسور بوجدة ، طبعة 2000.
– أستاذنا إدريس الفاخوري: المدخل لدراسة القانون، نظرية القانون والحق، دار النشر الجسور بوجدة، الطبعة الأولى 2001.
– أستاذنا إدريس الفاخوري: مدونة الحقوق العينية على ضوء القانون 39.08، دار النشر المعرفة، الرباط، طبعة 2013.
– إدريس السماحي: القانون المدني” الحقوق العينية ونظام التحفيظ العقاري”، شركة أمير بزار للطباعة والتأليف، الطبعة الأولى 2003.
– أسامة عثمان: الموسوعة القضائية لأملاك الدولة العامة في ضوء القضاء والفقه، منشأة المعارف بالإسكندرية، دون ذكر الطبعة.
– الحسن هوداية: محاضر الضابطة القضائية، أهميتها وحجيتها القانونية والإشكاليات المطروحة بشأنها في العمل القضائي، مطبعة دار السلام الرباط، دون ذكر الطبعة.
– إسماعيل بن كثير القرشي: تفسير القرآن العظيم، مطبعة دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، طبعة 1400-1980، ج3.
– الهادي مقداد: قانون البيئة، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1433-2012.
– بوعزاوي بوجمعة: القانون الإداري للأملاك، مطبعة إميليف، “بدون مكان النشر”، الطبعة الأولى 2013.
– جواد الغماري: جرائم الغش في البضائع، دراسة- شرح- نصوص، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، الطبعة الثانية 1422-2002.
– دليل شرطة الماء: صادر عن وكالة الحوض المائي لأم الربيع، أكتوبر 2011.
– عبد الرحمان البكريوي: الوجيز في القانون الإداري المغربي، مطبعة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى،1995.
– أستاذنا عبد العزيز حضري: العقود الاستهلاكية، مطبعة طه حسين بوجدة، طبعة 2011-2012.
– عبد اللطيف بوحموش: دليل الشرطة القضائية في تحرير المحاضر وتوثيق المساطر، مطبعة الأمنية الرباط، الطبعة الثالثة 2013.
– عبد الواحد العلمي: شرح القانون الجنائي المغربي- القسم الخاص- مطبعة النجاح الجديدة البيضاء، الطبعة الثانية 1430-2009.
– عمر أزوكاغ: مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء قانون 14.07 ومدونة الحقوق العينية” دراسة عملية ورصد للمواقف القضائية لمحكمة النقض”، مطبعة النجاح الجديدة البيضاء، الطبعة الأولى 1433-2012.
– غالب محمد رجا الزعارير: الماء في القرآن الكريم، مكتبة دار النزمان للنشر والتوزيع، المدينة المنورة، 1422هـ .
– لطيفة الداودي: الوجيز في القانون الجنائي المغربي – القسم العام- المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى 2007.
– مأمون الكزبري: التحفيظ العقاري والحقوق العينية والحقوق العينية الأصلية والتبعية، مطبعة النجاح الجديد، الدار البيضاء، طبعة 1978.
– محمد الرضواني: مفاهيم أساسية في القانون العام، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الرابعة، أكتوبر 2013.
– محمد بونبات: حقوق الماء في المغرب مقاربة النوازل والأعراف وقانون الماء،المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، سلسلة آفاق القانون4، الطبعة الأولى 2000.
– أستاذنا محمد شهيب : النظرية العامة للقانون الجنائي، الجزء الأول– الجريمة-“بدون مكان النشر”، طبعة 2013.
– مليكة الصروخ: القانون الإداري دراسة مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الثالثة 1996.
– منية بنلمليح: قانون الأملاك العمومية بالمغرب، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، طبعة 2009.
ب – الأطاريح والرسائل
1: الأطاريح الجامعية
– أحمد إد لفقيه: نظام المياه والحقوق المرتبطة بها في القانون المغربي، أطروحة لنيل دكتوراة الدولة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، السنة الجامعية 1998- 1999.
– علوي طاهري محمد: حقوق المياه في التشريع المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، مجموعة البحث والتكوين في القانون المدني المعمق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس أكدال بالرباط، السنة الجامعية 2008- 2009.
– محمد أوزيان: الأملاك المخزنية بالمغرب النظام القانوني والمنازعات القضائية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، جامعة محمد الأول بوجدة، السنة الجامعية 2012-2013.
2: الرسائل
– بوجبير بثينة، حقوق المجني عليه في القانون الجنائي الجزائري، مذكرة ماجستير في القانون الجنائي والعلوم الجنائية، كلية الحقوق والعلوم الإدارية، جامعة الجزائر بالجزائر، السنة الجامعية 2001- 2002.
– محمد الزردة: الشرطة القضائية في مجال المياه بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، شعبة القانون الخاص، وحدة القانون المدني المعمق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، السنة الجامعية 1998- 1999.
ج- المقالات
– إبراهيم فكري: الأملاك الجماعية مميزاتها الحقوقية وطبيعتها المادية، أعمال الندوة الوطنية التي نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق -جامعة القاضي عياض – مراكش، يومي 5و6 أبريل 2002، الطبعة الأولى 2003.
– إدريس بلمحجوب: كلمة بمناسبة المائدة المستديرة الثالثة حول قانون الماء ودور القضاء وشرطة المياه في تفعيله، العدد الثالث،2011.
– اسماعيلي حسن: قراءة في القانون رقم 95-10 المتعلق بالماء، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 57- 58 يوليوز- أكتوبر 2004 .
– أستاذنا الحسين بلحساني: أساس الالتزام بتبصير المستهلك ومظاهره، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون، العدد الرابع، دجنبر 2001.
– حسن منصف: هذا الماء الذي تشربون؟، مجلة ملفات عقارية، العدد الثالث، السنة 2013.
– نائل عبد الرحمان صلاح: الحماية الجزائية للمستهلك في القانون الأردني، مجلة الحقوق، السنة الثالثة والعشرون، العدد الرابع، دجنبر 1999.
– محمد مومن: حماية مياه السقي في القانون المغربي، مجلة الأملاك، العدد الثاني، السنة 2007.
– عبد الوهاب رافع: الأنظمة العقارية في المغرب،أعمال الندوة الوطنية التي نظمها مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية -جامعة القاضي عياض – مراكش، يومي 5و6 أبريل 2002، الطبعة الأولى 2003.
– محمد الكشبور: حقوق المياه ونظام التحفيظ العقاري، الندوة المشتركة حول نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، الرباط في 4-6 ماي 1990.
– عشوان عبد الله: دور القضاء في حماية الملك المائي قراءة في القانون رقم 95-10 المتعلق بالماء، مجلة المعيار، العدد 45، يونيو 2011.
– رشيد حوبابي: المائدة المستديرة الثالثة حول قانون الماء ودور القضاء وشرطة المياه في تفعيله، العدد الثالث،2011.
– محمد الشاوني: المائدة المستديرة الثالثة حول قانون الماء ودور القضاء وشرطة المياه في تفعيله، العدد الثالث،2011.
– حازم المالكي: أحكام المياه فقها وقضاء، المائدة المستديرة الثالثة حول قانون الماء ودور القضاء وشرطة المياه في تفعيله، العدد الثالث،2011.
– أستاذتنا دنيا مباركة: الحماية القانونية لرضى مستهلكي السلع والخدمات، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون، العدد الرابع، دجنبر 2001.
– محمد الكشبور: الأوضاع القانونية الخاصة بالمياه في الفقه الإسلامي وفي تشريعات دول المغرب العربي، مجلة القضاء والقانون، السنة الثانية والعشرون، العدد 142 نونبر 1990.
– محمد بنعبد الجليل: من تاريخ الماء بالمغرب ” مياه فاس وروافدها نموذجا”، مجلة المصباحية، العدد السادس 2003.
د- المجلات
– المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 16، 2004.
– سلسلة الأنظمة والمنازعات العقارية، الجزء الأول، الطبعة الثانية 2011.
– مجلة المعيار، العدد 17، سنة 1990.
– مجلة المنبر القانوني، العدد الأول، أكتوبر 2011.
– مجلة القضاء والقانون عدد 48-49 السنة الخامسة، ابريل- ماي 1962.
– مجلة القضاء والقانون، عدد 54.
– مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 53-54.
ه- التقارير
– تقرير الخمسينية: المغرب الممكن، إسهام في النقاش العام من أجل طموح مشترك، مطبعة دار النشر المغربية الدار البيضاء، 2006.
– تقرير حول ندوة خصوصية قانون حماية المستهلك على ضوء قانون الالتزامات والعقود والتي نظمتها مؤسسة محمد الإدريسي العلمي المشيشي بشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال، مداخلة عبد المجيد غميجة: حماية المستهلك بين الأمن القانوني والإنصاف، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 101، نونبر – دجنبر 2011.
و- المواقع الإلكترونية
– موقع المنشاوي للدراسات والبحوث www.minshawi.com
– موقع مغرس www.maghress.com
– موقع ويكيبيديا www.ar.wikipidia.org

ثانيا: المراجع باللغة الفرنسية
A- Les Ouvrages
-Allal El Menouar : Aspects institutionnels et réglementaires des ressources en eau au Maroc, Imprimerie de la Tour, Rabat, Mai 2009.
– Chaouni Mohammed : La loi sur l’eau et le droit à l’eau, Imprimerie Al Maarif Al jadida, Rabat, 2005.
– Houria tazi sadeq : Du droit de l’eau au droit à l’eau au Maroc et ailleurs, Imprimerie Toumi oulja, Salé, 2007.
– Paul Decoux: droit foncier Marocain, Edition la porte 1977.
B- Les mémoires
– Ameur Mberk : les statuts juridiques de l’eau et l’irrigation au Maroc, mémoire de D.E.S, faculté de droit, Rabat, 1982.

الفهرس
مـقـدمـة …………………………………………………………. 2
الفصل الأول: النظام القانوني للمياه وحمايتها الإدارية ……………………… 9
المبحث الأول: مفهوم الملك العام المائي وتقسيماته ……………………. 11
المطلب الأول: مفهوم الملك العام المائي ونطاق تطبيقه …………….. 12
الفقرة الأولى: مفهوم الملك العام المائي ……………………… 13
الفقرة الثانية: نطاق تطبيق قانون الماء ……………………… 18
المطلب الثاني: الطبيعة القانونية لحقوق الماء …………………….. 25
الفقرة الأولى: الطبيعة القانونية للماء ……………………….. 26
الفقرة الثانية: تقسيم حقوق الماء …………………………… 31
المبحث الثاني: الطرق الإدارية لحماية الملك العام المائي ……………….. 37
المطلب الأول: حماية الملك العام المائي عن طريق الترخيص ……… 37
الفقرة الأولى: نطاق حق الترخيص ومسطرته ……………….. 38
الفقرة الثانية: حقوق وواجبات المستفيد من الترخيص …………. 44
المطلب الثاني: الهيآت الإدارية المكلفة بتدبير الملك العام المائي …….. 46
الفقرة الأولى: الهيئات الإدارية …………………………….. 47
الفقرة الثانية: الآليات القانونية لتدبير الملك العام المائي ……….. 53
الفصل الثاني: ضوابط ونطاق الحماية الجنائية للملك ……………………… 57
العام المائي.
المبحث الأول: مظاهر الحماية الجنائية على مستوى التجريم …………… 60
المطلب الأول: الجرائم المرتبطة بجلب الماء ……………………… 61
الفقرة الأولى: جريمة جلب الماء …………………………… 62
الفقرة الثانية: المخالفات المرتكبة داخل المساحات المسقية ……… 66
المطلب الثاني: حماية البيئة والمستهلك في قانون الماء …………….. 70
الفقرة الأولى: المخالفات المتعلقة بالبيئة …………………….. 70
الفقرة الثانية: الحماية القانونية للمستهلك المائي ………………. 75
المبحث الثاني: مظاهر الحماية الجنائية على مستوى ضبط المخالفات …….. 81
المطلب الأول: الجهاز المكلف بمعاينة مخالفات الماء وحجية محاضره .. 82
الفقرة الأولى: الجهاز المكلف بمعاينة مخالفات قانون الماء ……… 82
الفقرة الثانية: حجية المحاضر المنجزة من طرف شرطة المياه …. 86
المطلب الثاني: إكراهات مزاولة شرطة الماء بين النص و الواقع ……. 92
الفقرة الأولى: الإكراهات المرتبطة بالتشريع …………………. 92
الفقرة الثانية: الإكراهات الواقعية ……………………………. 94
خـاتـمـة ……………………………………………………….. 99
الملاحق …………………………………………………………. 101
قائمة المراجع ……………………………………………………… 113
الفهرس ……………………………………………………………. 120