التزام الدولة بضمان الرعاية الصحية بين المطلب الاجتماعي والرهان الاقتصادي

التزام الدولة بضمان الرعاية الصحية بين المطلب الاجتماعي والرهان الاقتصادي

The state’s guarantee of health care between the social requirement and the economic wager

عبد المنعم الأنصاري

 طالب باحث بسلك الدكتوراه كلية الحقوق السويسي – الرباط –

EL ANSARI ABDELMOUNIM

PHD STUDENT IN Faculty of Law SUISSI – Rabat-

ABDELMOUNIM.ANS@gmail.com

ملخص:

         يبرز التزام الدولة بضمان الحماية الصحية كأحد البنود الأساسية في العقد الاجتماعي القائم بين الدولة والمواطن، وهو ما تعمل على تنفيذه عبر مجموعة من الأدوات والوسائل؛ إذ تشكل المنظومة الصحية والسياسة الصحية أحد المرتكزات الأساسية لتحقيق هذا الالتزام، غير أنه في واقعنا الحاضر، برزت مجموعة من المظاهر المعبرة عن تحلل الدولة من بعض التزاماتها الاجتماعية، خاصة تلك المتعلقة بضمان الرعاية الصحية، وهو الواقع الذي اختلف في تفسيره كثير من الباحثين بين مبرر لهذا التحلل وداعٍ إلى تغيير بعض بنود العقد الاجتماعي، بإفساح المجال للقطاع الخاص كي يعوّض الدولة في تنفيذ تلك الالتزامات الصحية، وبين مناد بترسيخ بنود العقد الاجتماعي القائم على تحمل الدولة مسؤوليتها في تنفيذ الالتزامات الاجتماعية ومنها الرعاية الصحية.

هذا التباين بين الموقفين يعكس وجها من أوجه الصراع بين المنطق الاجتماعي القائم على معيار تثبيت الخدمات العمومية بوصفه التزاما على عاتق الدولة تقوم به لتلبية احتياجات مواطنيها، وبين المنطق الاقتصادي القائم على السوق المالي، المتسم بفتح المجال أمام المنافسة بين مختلف المتدخلين في المنظومة الصحية.

         غير أن مسألة الرعاية الصحية تتطلب تجاوز منطق الصراع بين البعدين الاجتماعي والاقتصادي، والسعي نحو تحديد رؤية استراتيجية قائمة على إرادة سياسية تستهدف بالأساس الاستجابة لحاجيات الساكنة وتطلعاتها، في إطار عملية تشاور وتوافق حول نموذج وطني للرعاية الصحية يعكس التوافق على بنود العقد الاجتماعي بين الدولة وساكنتها، خاصة في الشق المتعلق بالحقوق في الميدان الصحي ضمن هذا العقد.

الكلمات المفتاحية: العقد الاجتماعي – الرعاية الصحية – المنظومة الصحية – السياسة الصحية – القطاع الخاص

Summary

Within the framework of the social contract that stands between the state and the citizen. The state’s guarantee of the health protection emerges as one of the basic provisions. This protection is implemented through a set of tools and means. The health system and policy   constitutes one of the main pillars to achieve this commitment.

However, in nowadays, many manifestations show that the state gets rid of a set of social obligations, especially ensuring health care. Face to this fact, the researchers are split into two groups. Some of them justify the state’s disclaimer of its responsibilities, and call for   changing some clauses in the social contract by allowing the private sector to replace the state in implementing health obligations. On the other hand, others defend the clauses of the existing social contract, and ask the state to assume its responsibility in the fulfillment of the social obligations including the healthcare.

Key words: social contract – health care – health system – health policy – private sector

تقديم:

تعد الحماية الصحية حقا من الحقوق التي تجسد إحدى بنود العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن، وهي حقوق يتم تصريفها عبر أدوات السياسة العمومية الرئيسية، لإضفاء الطابع المؤسسي على الحماية وإعادة التوزيع، وفق منظومة صحية تشتمل بالأساس على كل المنظمات والمؤسسات والموارد التي تستثمر لإنتاج أفعال مرتبطة بالصحة.

         وقدتزايد الاهتمام وطنيا ودوليا بأهمية المنظومات الصحية وتطويرها منذ صدور تقرير منظمة الصحة العالمية سنة 2000، حيث أشار التقرير إلى الدور الكبير الذي يمكنه أن تقوم به هذه المنظومات في تحقيق أهداف الرعاية الصحية، وتوفير التمويل العادل للخدمات الصحية، والسعي نحو الاستجابة لحاجيات السكان.

وتظهر أهمية المنظومات الصحية كعنصر رئيسي من عناصر العقد الاجتماعي الذي يجمع بين الدولة ومواطنيها – في مجال الرعاية الصحية – مستندة في ذلك على مجموعة من الاعتبارات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية[1].

وقد تكونت هذه الاعتبارات وترسخت في المجتمعات عبر مراحل تاريخية مختلفة، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث شهدت هذه الفترة تنامي دور الدولة في تأمين مجموعة من البنيات والخدمات الاجتماعية العامة، من بينها بنيات وخدمات صحية في إطار منظومة صحية وطنية تتولى الدولة مسؤولية ديناميتها واستمراريتها.

غير أنه في سياق فشل الدول النامية في تحقيق الكفاية المادية والنوعية من البنيات والخدمات الاجتماعية، ومعها الفشل في تحقيق الالتزامات المتعلقة ببنود الحماية الصحية، ضعفت ثقة المواطن في القطاع العام، وهو ما دفعه إلى التوجّه نحو القطاع الخاص، لما يتميز به من مزايا الجاهزية والجودة، وهو وضعٌ تُتحمّل فيه الدولة المسؤولية بشكل أساسي، مما يجعل كثير من الباحثين يتساءلون عن مدى التزام الدولة الحديثة بهذا البند الأساسي من العقد الاجتماعي.

ولملامسة بعض جوانب الإشكالية سنحاول ابتداءً بحث المفاهيم الأساسية المؤطّرة للموضوع، ثم سنسعى بعد ذلك إلى إبراز أهم مظاهر تحلّل الدولة الحديثة من التزاماتها الاجتماعية، لنبيّن في الأخير مدى تأثير ضعف التزام الدولة بالحق في الصحة وانعكاسه على طبيعة العقد الاجتماعي القائم مع مواطنيها.

  1. الحق في الصحة العمومية تجسيد لبنود العقد الاجتماعي

ركز رواد نظرية العقد الاجتماعي[2] على أن بناء الدولة يؤسّس أصلا على وجود مجموعة من الناس أو الجماعات التي يوجد بينها تنظيم اجتماعي معين، يستند إلى الشرعية القانونية، ووجود التزام متبادل بين الحكام والمحكومين[3].

وبالنظر في بنود العقد الاجتماعي لدول العالم الثالث بعد استقلالها، كانت المضامين الاجتماعية أهم البنود التي أعطت الأنظمة الناشئة علّة جودها، فتطورت مجموعة من الخدمات العمومية مثل: التعليم، الصحة، التقاعد، النقل… على أساس سياسة اقتصادية بنيت في الغالب بالاستناد إلى دور نشيط للدولة المتدخلة في كل مجالات الإنتاج والتوزيع والتجارة[4].

والتزاما بتلك البنود، توسّع دور الدولة بشكل كبير في توفير السلع والخدمات في مجالات متعددة، مثل التعليم، والصحة، وشبكات الأمان الاجتماعي، والبنية الأساسية، مادية أو مؤسسية، فضلا عن الوظائف التقليدية، في توفير الأمن والاستقرار، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والدفاع عن حدود البلد، وتوفير نظام قانوني عادل، وتحقيق استقرار نقدي ومالي سليم[5].

ويعد التزام الدولة بضمان الحق في الصحة العمومية أحد أبرز بنود العقد الاجتماعي الذي فرض على الدول النامية، وذلك بالنظر في الإرث الكولونيالي الذي خلف نُظُماً صحية مبنية على غرار النماذج الاستعمارية، والتي تتأرجح بين العمل الخيري وانهماك المستعمر بالصحة العامة، فأصبحت الصحة على إثر ذلك حقا مكفولا من قبل الدولة المستقلة.

ونظرا لأن الصحّة حق مكفول بهذا الاعتبار، فإن هذا يدفعنا لاستجلاء مفهوم الصحة واستعراض تنوّع تعاريفه وتعدّدها، فعلى مستوى الاصطلاح، يدلّ مفهوم الصّحّة على معنيين: الأول يشير إلى أنها حالة توازن نسبي لوظائف الجسم، وهي بالتالي تقابل المرض كحالة انحراف عن الحالة الطبيعية. أما الاستخدام الثاني فيشير إلى أنها علم وفن للوقاية من المرض، والارتقاء بالصحة من خلال المجهودات المنظمة من طرف المجتمع، وتشمل العديد من المجالات والميادين[6].

لقد عرّفت منظمة الصحة العالمية الصحة في دستورها لسنة 1948 بأنها ”حالة السلامة والعافية الجسدية والاجتماعية والذهنية الكاملة، وليس مجرد غياب المرض”، كما أكدت على أن التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان، دون تمييز بسبب العنصر أو الدين أو العقيدة السياسية أو الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية.[7]

والملاحظ أنه قد ظهرت تعريفات عديدة للصحة، وتباينت بينها أو تقاربت بحسب اختلاف مجالات التناول، مما حدا بالبعض إلى تصنيف هذه التعاريف إلى ثلاثة:

  • الصنف ”المفاهيمي”: حيث تعتبر الصحة حالة من الرفاه، وتعريف المنظمة العالمية ينتمي إلى هذا الصنف.
  • الصنف الوظيفي: حيث يتم وصف الصحة بأنها ”قدرة الفرد القصوى فيما يتعلق بالوفاء بالأدوار التي أنيطت له حتى يكون كائنا اجتماعيا”.
  • ت‌-  الصنف البيئي: في إشارة إلى مفهوم التكيّف، ينظر إلى الصحة على أنها التعديل الناجح والدائم للكائن الحي في بيئته[8].

أما على المستوى السياسي والإداري، فإن أي تعريف للصحة، يحدّد كنتاج للتدخل الإداري على مستوى 5 عوامل:

  • العوامل البيولوجية.
  • العوامل المرتبطة بالبيئة المادية.
  • العوامل المرتبطة بالسلوكات الفردية.
  • العوامل المرتبطة بالنموذج الوظيفي للمنظومة الاجتماعية والاقتصادية.
  • العوامل المرتبطة بالمنظومة العلاجية.

وجدير بالذكر أن أغلب هذه العوامل مرتبطة فيما بينها، وبدرجات متفاوتة، وتنطوي على خيارات سياسية من أجل تحقيق أعلى مستوى ممكن من الصحة للسكان.[9]

لقد أصبحت الصحة العمومية تظهر بوصفها مشروعا سياسيا، منذ القرنين 18 و19، وتتجلّى مهمتها في حماية الساكنة من الأمراض، وضمان شروط المعيشة في حدها الأدنى لعمال المناجم ومدن الثورة الصناعية.

   ويتفق مجموعة من الباحثين على أن تعاريف الصحة العمومية تركز على هدف مشترك، هو الحد من ظهور المرض والحفاظ على صحة السكان، ومن وجهة نظرهم هذه، فإن العناصر الأساسية لنظرية الصحة العامة الجديدة وممارستها، تتجلى كالآتي:

  • مسؤولية جماعية عن الصحة.
  • دور رئيسي تؤديه الدولة في حماية الصحة العامة وتعزيزها.
  • إرشادات وتوجيهات بشأن فئات السكان أو جماعات سكانية بأكملها.
  • الحماية، ولا سيما الاستراتيجيات الجماعية في مجال الوقاية الأولية.
  • ·        مراعاة المحددات الاجتماعية والاقتصادية للصحة والمرض، فضلا عن أهم عوامل الخطر.
  • ·        مقاربة متعددة التخصصات تتضمن أساليب كمية ونوعية.
  • ·        إشراك الساكنة المعنية[10].

أما حاليا،  فيعرف مجال الصحة العمومية اتساعا وتمددا مستمرا، وهو الشيء الذي يطرح أمامه تحديات جديدة على مستويات متعددة: اجتماعية، بيئية، اقتصادية، وخصوصا ما يتعلق بالمنظومة العلاجية.

  • السياسة الصحية تعبير عن اختيارات الدولة في المجال الاجتماعي

تعد السياسات الاجتماعية مجالات مهمة في السياسات العمومية باعتبارها، آلية لبناء وترسيخ العدالة الاجتماعية، وإدماج مبادئ المساواة والتضامن، وحقوق الإنسان لتحسين الرفاه العام لجميع المواطنين بمختلف فئاتهم.

وتمثل السياسة الصحية بعدا أساسيا من أبعاد السياسات الاجتماعية؛ إذ يمكن تعريفها على أنها موقف الحكومة الرسمي في ميدان الصحة، والذي تعبر عنه من خلال خطاباتها الرسمية أو من خلال وثائقها التخطيطية.[11]

وفي إطار ضبط المنظومات الصحية، يمكن تعريف هذه السياسات العمومية – ومنها السياسة الصحية- بمحاولات ضبط الأوضاع التي تعتبر مشكلة عمومية داخل جماعة أو بين جماعات. والمشكلة تكون عمومية عندما تلامس بطريقة ما توزيع الموارد بين الفاعلين الاجتماعيين. والضبط يسعى إلى إرجاع الحالة، حيث المشكلة العمومية، إلى المعايير التي ابتعد عنها (الضبط السلبي)، أو التقريب من المعايير التي لم يتم الوصول إليها بعد(الضبط الإيجابي).[12]

إنّ محاولات الضبط عبر السياسات العمومية تشمل مجموعة من القرارات المترابطة فيما بينها، وهذه القرارات غالبا ما تجمع في ثلاث عمليات، تسمى ”مراحل”: مرحلة الظهور، مرحلة الصياغة، ومرحلة تنفيذ السياسات العمومية.[13]

وتترجم مخرجات هذه المراحل عمليا في أشكال متعددة من البرامج والاستراتيجيات التي يفترض بلورتها وتنفيذها ضمن منظور التلاقي والتكامل بين الدولة وجميع المتدخلين في المنظومة الصحية من جهة، وتنفيذ بنود العقد الاجتماعي من جهة ثانية، وهو ما يتطلب تحقيق الاستجابة الدائمة والمستمرة للحاجيات والتطلعات والحقوق الصحية للساكنة.

غير أن التحول في وظيفة الدولة والسياسات العمومية أصبح موضوع مساءلة واعتراض من طرف الحركات السياسة والاجتماعية والمدنية، بحكم فشل الخدمات العمومية، وذلك نتيجة السياسات الانتقائية القائمة على اعتبارات الكلفة المالية ومقاربة الاستهداف والانتقاء البشري والمجالي.

  • مظاهر التحلل من الالتزامات الاجتماعية للدولة في مجال الرعاية الصحية

يقوم مبدأ ”الدولة الاجتماعية ”على كفالة الحقوق الاجتماعية للأفراد، مؤطَّرا ببنود العهد الدولي [14] الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعاهدات الأخرى[15]، بحيث يقابل كل حق من تلك الحقوق التزامات معينة من جانب الدولة.

         تبين الملاحظة الممتدة في الزمن من المنظور التاريخي، أن بناء الدولة وتطور الحماية الاجتماعية مترابطان، وذلك منذ التدخلات الاجتماعية الأولى، بحيث تتمتع الدولة بالآليات الإدارية للتحكم في الأشخاص والعلاقات الاجتماعية؛ إذ منذ القرن 19، أصبحت الدولة مؤسسة مركزية للضبط الاجتماعي وتنظيم العلاقات الاجتماعية.[16]

         وتتسم الفترة المعاصرة أيضا بإعادة بناء النظام السياسي موازاة مع بناء المؤسسات الاجتماعية. بحيث يلاحظ ذلك في العمليات التنظيمية، ولا سيما من خلال تطبيق اللاتركيز، والضبط السياسي بصفة عامة “للحكومة  الاجتماعية”،  من خلال  تدبير أكثر ترابي من جهة، واعتبار دوافع  خارج المنظومة السياسية الوطنية من جهة أخرى[17].

         وقد عرفت أنظمة الحماية تطورا هاما غداة الحرب العالمية الثانية، مستفيدة بذلك من مكتسبات دولة الرعاية، بحيث عرف القطاع الصحي جراء ذلك تطورات مهمة نظرا لأهمية الوسائل المعبأة للرعاية الصحية، وتوصيات المنظمات الدولية بحق مجموع الدول في التوفر على أفضل وضع صحي[18]، وبتوفير الخدمات الصحية لجميع الأشخاص[19].

         وتطبيقا لذلك، عمدت كثير من الدول النامية إلى اعتماد المجانية في مجال الرعاية الصحية بوصفه مبدأً لعمل البنيات العمومية للصحة؛ إذ تم وضع سياسات مجانية أو داعمة للعلاجات، تبتغي الحد من فوارق الدخل التي تحول دون المساواة في التمتع بصحة جيدة.[20]

         ومن منطق المساواة الذي يحكم هذه السياسات الصحية، ودعوى الحفاظ وضمان المصلحة العامة، تم تبرير هيمنة السلطة العمومية في القطاع الصحي.

         فقد عرف العالم أزمة اجتماعية واقتصادية في دول الشمال والجنوب خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين، بحيث أصبحت الحكومات في مواجهة أزمات مالية عميقة، أدت في كثير من الحالات إلى فرض قيود، وأحيانا إلى إصلاحات، في إطار خطط التقويم الهيكلي، ونتيجة لذلك، تدهورت حالة البنيات العمومية، وتم الحد من عملية التوظيف في الوظيفة العمومية، بسبب القيود الاقتصادية، وانخفضت وسائل أداء البنيات الصحية انخفاضا كبيرا، وأخيرا عرف العرض العمومي تراجعا كبيرا.

وبناءً على ذلك، أصبحت هذه الظرفية غير مناسبة للاستمرار في تلك السياسات الصحية (المجانية ودعم العلاجات)، الشيء الذي أدى إلى انخفاض الميزانيات العامة المخصصة للصحة، واستحالة تحقيق إصلاحات في مجال السياسات الصحية.

  • هل من حاجة إلى عقد اجتماعي جديد متعلق بالصحة؟

تعود الفكرة الرئيسية لمسألة “العقد الاجتماعي” عند جون جاك روسو إلى أن العلاقة بين الحاكم والمحكومين يحكمها عقد له شروط، إن خالفها الحاكم يعتبر العقد لاغيا، وبالتالي لا سلطة للحاكم حينئذ، وهو الأمر المعمول به في الدول الديمقراطية التي تؤمن بالتداول السلمي للسلطة، لكن يلاحظ في أغلب دول العالم الثالث، أن السلطة العمومية – بفعل منطق الحكم القائم – لا تستجيب لمجموعة من شروط العقد، فينتج عن ذلك توترات اجتماعية قد تبلغ حد إجبار الحاكم على التنحّي.

غير أن مفهوم الخدمات العمومية المعمول في كثير من الدول بعد استقلالها، لم يعكس بالضرورة مفهوم دولة الرعاية كنتيجة لعقد اجتماعي أو لرؤية واضحة[21]، ذلك أن دولة الريع[22] حلت محل مكان دولة الرعاية، فانحسرت وظيفة الرعاية في تأمين الحد الأدنى من الخدمات العمومية، وإن كانت بكمية محدودة وجودة متفاوتة.

إن الاهتمام الأساسي لكثير من دول العالم الثالث بعد استقلالها، كان هو حماية النظام القائم والمستفيدين منه، أكثر من تحقيق رؤية سياسية اجتماعية متكاملة، فالمهم هو توزيع ما يمكن توزيعه من الريع من دون المساس بأمن النظام ومصالح النخب النافذة والتخلص من المساءلة، ذلك أن توزيع الريع قد يعفي في نظر النخب الحاكمة في دول الريع من أي مسؤولية ومحاسبة، لأن ما يتم توزيعه هو مبادرة الحاكم وليس نتيجة لعقد اجتماعي[23].

وبناءً على تلك الاختيارات، عجزت كثير من الحكومات عن الوفاء لانتظارات المواطنين في مجال الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم، والقضاء على البطالة، الشيء الذي ساهم في إذكاء الثورات خصوصا الثورات العربية التي اشتعلت أواخر العام 2010، وظهور احتجاجات بين الفينة وأخرى تطالب بإنشاء المزيد من البنيات التحتية الاجتماعية، وتحسين مستوى الخدمات العمومية مما يعد إيذانًا بانتهاء صلاحية العقود الاجتماعية القديمة.

وعلى إثر ذلك، برزت دعوات منظمات نقدية دولية وإقليمية، تنادي بتغيير بنود العقد الاجتماعي، القائمة على تقديم خدمات عمومية جيدة ونوعية، وتجاوز مستويات الخدمات الرديئة والمتدنّية، والتي لم تعد مناسبة لتلبية احتياجات الجيل الحالي من المواطنين، الذين يفضلون الخروج من الشبكة العامة، والاتجاه إلى شبكات قائمة على آليات السوق[24].

في هذا الإطار، تحث المؤسسات المانحة الدول على تشجيع المنافسة الاقتصادية في المجالات الاجتماعية، بمبرر تحسين النوعية والهبوط بالتكاليف، لا سيما الأدوية والإمدادات والمعدات[25].

بالإضافة إلى ذلك، وفي ظل ضعف نجاعة الخدمات الصحية التي يقدمها القطاع العام، يقترح تقرير التنمية العالمية للبنك الدولي على الدول ذات الدخل المتدني والمتوسط، تجديد منظوماتها الصحية على مبادئ أساسية، أهمها اعتبار السوق الاقتصادي (مجال التقاء العرض والطلب) الوسيلة الفضلى لتوفير الموارد[26].

  إن مناخ ضعف ثقة المواطن في القطاع العام، وإكراه اللجوء نحو القطاع الخاص، يفسر إجراء تغييرات في مجموعة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين المواطنين والدولة، مما يبرر حسب المؤسسات الدولية المانحة[27]، صياغة عقد اجتماعي جديد، من بنوده تشجيع الدولة على المنافسة في القطاع الخاص، وتحقيق المساواة في الفرص، عبر قيام الدولة بإحلال تحويلات نقدية (موجهة) محل الدعم، تخول لكل فرد دفع أسعار السوق. وبهذه الطريقة، يستطيع الفقراء الحصول على الخدمات الخاصة التي لا يحصل عليها في الوقت الحالي إلا الأغنياء والقادرون على دفع التكاليف[28].

في مقابل ذلك ظهرت دعوات ترفض دعوات المؤسسات النقدية الدولية ”لتسليع” الخدمات العمومية الأساسية، (صحة، تعليم،…) مستندة على مجموعة من الاعتبارات أهمها:

  • الخدمة العمومية الأساسية حق من حقوق المواطنات والمواطنين، تكفله المواثيق الدولية، وخصوصا العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبروتوكولات المتعلقة به.
  • أن تقوية الدول الوطنية وتعزيز الديمقراطية يمر أساسا عبر بناء دول قوية تكفل لمواطنيها خدمات أساسية مجانية وذات جودة، تكون في صلب العقد الاجتماعي.
  • أن التفاوتات بين مواطني دول المنطقة وبين مواطني الدولة الواحدة هو عامل كابح لتطورها وازدهار العيش لسكانها.
  • أن تسليع وخوصصة الخدمات الأساسية سيؤدي إلى المزيد من التفاوتات الاجتماعية والاضطرابات[29].

ورغم ذلك، واصلت مجموعة من الدول تبني سياسات عمومية اتسمت بالتقليص من النفقات الاجتماعية، والتشجيع على المنافسة الاقتصادية، في توافق مع المفهوم الجديد للدولة، الذي يحول دون تدخلها في الميدان الاجتماعي لفائدة التوازنات المالية.

         وبذلك أصبح تطبيق قانون السوق المبدأ الأساسي للتدبير العمومي الجديد، القائم على فرضية اعتبار السوق أكثر كفاءة من التخطيط[30]، وهي الفرضية التي اعتمدتها العديد من دول العالم في عملية إصلاح الدولة[31].

         وكان من تأثير هذا المبدأ، تهميش المنطق الاجتماعي الذي يتعامل مع الصحة بوصفه حق إنساني، في مقابل المنطق الاقتصادي الذي يتعامل مع الصحة بوصفها سلعة، على غرار السلع المتداولة في السوق، أي سلعة استهلاكية تخضع لمنطق العرض والطلب الذي لا يملك المواطن فيه تأثيرا كبيرا.

وبإعلان سياسات التحرير الاقتصادي تحت ضغط المؤسسات المالية العالمية، خاصة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ولتجاوز الإكراهات المالية المرتبطة بالقطاع الصحي، تم التشجيع على إدماج أنشطة القطاع الخاص، وكذلك اتخاذ مسار الخوصصة السريعة لمختلف منظومات العلاج الصحي.

يبرز هدفَ هذه الإصلاحاتِ المقترحةِ نقطتان رئيسيتان:

  • تعويض نسبة كبرى من التمويل العمومي – الذي أثبت فشله – بالتمويل الخاص.
  • وضع مسار للامركزية السياسة الصحية، للسماح للسلطات العمومية بإنشاء ”أسواق محلية” للصحة والتأمين على المرض.

         ولهذا، كان من البديهي أن تجر هذه السياسات على ناهجيها ردود فعل متباينة، فهناك من دعّمها بمبررات أهمّها، أنّ:

  • عملية تحرير وعولمة التجارة في ميدان السلع والخدمات الكثير تحمل من الآثار الإيجابية على مجال الصحة العالمية، خاصة على شعوب البلدان الفقيرة، فيمكن أن تدفع لصالح تسهيل تدفق السلع والخدمات التي تحسن الصحة مثل الأجهزة الطبية والأدوية واللقاحات ونشر التكنولوجيا.
  • الحفاظ على التوازنات المالية ضروري لتحقيق أهداف الدولة في الحفاظ على المصلحة العامة، والتركيز على الأدوار السيادية ‘’régaliennes’’ .

وفي مقابل موقف الدّاعمين، هناك من رفض تلك التوجّهات، بحجّة أن عملية تحرير القطاع الصحي عملية حساسة، وهناك خطورة في إخضاع الصحة لمنطق السوق بالنظر إلى التنافي القائم بين قانون السوق ومبدأ الحق في الصحة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى العديد من المنزلقات، أهمها عدم اعتبار الحاجات الملحة والمبررة التي تفتقد إلى من يؤدي تكلفتها.

         وفي هذا الصدد، تلاحظ منظمة أطباء بلا حدود أن المصالح المالية أضحت هي المتحكمة في سوق الأدوية بدلا عن مصالح المرضى، فالدواء أصبح مثله مثل أي منتوج يخضع لقانون العرض والطلب.

         وتكمن خطورة منطق السوق كذلك، فيما يؤدي إليه من نتائج، ومنها التسويق الحصري للمنتوجات ذات المردودية المالية، مع إعطاء الأسبقية لبراءة الاختراع(ADPIC 1994)  بدلا عن الحاجيات الإنسانية، فيصبح المرض تبعا لذلك، مصدرا للربح، ويصبح العلاج الطبي الخاص مكونا فقط من مكونات الناتج الداخلي الخام، في حين يتم اعتبار الصحة العمومية مجرّد تكلفة[32].

         وعلاقة بالمنظومات الصحية، يتخوف أصحاب هذا الاتجاه من سعي الفاعلين الخواص، إلى التأثير في صنع السياسة الصحية سعيا إلى تموقع أفضل في المنظومة الصحية، والدفاع عن مصالحهم الربحية من أجل بيئة استثمارية ملائمة، من خلال إغراءات الطلب في السوق الصحي، بغض النظر عن الآثار الصحية المترتّبة عن ذلك.

            وفي مقابل المقاربات الليبيرالية، ثمة مقاربة ترمي إلى إقصاء الصحة من المجال الاقتصادي، معتبرة إياها مسألة اجتماعية، تخوّل من خلالها قيادة المنظومة الصحية من قبل السلطات العمومية بالنظر، من جهة أولى لمقاييس الجودة والإنصاف، ولتشجيع التضامن عوض المنافسة الحرة من جهة ثانية.

         يبدو أن تقديم الرعاية الصحية من منظور مجتمعي، يجب أن يكون وفق الاحتياج لا القدرة على الدفع، ولذلك فقد تشتغل الحكومات مباشرة في تقديم الرعاية الصحية لضمان إمكانية وصول مجموعات معينة من السكان إلى الرعاية الصحية، مثل ذوي الدخل المحدود، والأطفال الذين قد لا يتلقون الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها[33].

         وبين المقاربة الأولى والثانية، تبرز الخصوصية الاقتصادية والاجتماعية للصحة، مما يبرر ضبط المنظومات الصحية، عبر مؤسسات تعمل خارج منطق السوق، وتلعب دورا هاما في توجيه مختلف الفاعلين في المنظومة، وفي إبداع نماذج فعّالة في مجال عرض الخدمات واستهلاك العلاجات[34].

وعموما، يعدّ تحرير الحماية الاجتماعية، ومنها الرعاية الصحية، وجها واحدا من أوجه الصراع بين الضبط، والسياسة، والسوق. ولايزال هذا النضال يأخذ بعدا أيديولوجيا، لأن من وراء تعزيز إضفاء الطابع الفردي على العلاقات الاجتماعية المصاحبة لأنظمة الضبط الاقتصادي الجديدة، يتم التساؤل عن التضامن الجماعي الذي هو أساس المواطنة وإطار الحماية الجماعية، والتي من خلالها بنيت الحماية الاجتماعية[35].

خاتمة:

إن مسألة الرعاية الصحية تتطلب تجاوز منطق الصراع بين المطالب الاجتماعية والمصالح الاقتصادية، والسعي نحو تحديد رؤية استراتيجية قائمة على إرادة سياسة تستهدف بالأساس الاستجابة لحاجيات وتطلعات الساكنة، في إطار عملية تشاور وتوافق حول نموذج وطني للرعاية الصحية، يعكس التوافق على بنود العقد الاجتماعي بين الدولة وساكنتها في شقه المتعلق بالحقوق في الميدان الصحي.

في أفق تحقيق ذلك، يتوجب أن تتوجه جهود السياسة العمومية أولا نحو الرفع من الشعور بالمسؤولية لدى جميع الفاعلين المتدخلين في مختلف أنواع القرارات ومستوياتها، في الدولة والمجتمع، لتقوية الوظائف الاستراتيجية للتخطيط، والتنسيق، والضبط، والمتابعة، وتقويم السياسات العمومية.

 واستشرافا لحفظ صحة الساكنة المغربية وتحسينها، وفي ظل تزايد الاحتياجات الصحية للساكنة من جهة، وتنامي الاكراهات الاقتصادية وتقلص الموارد المالية من جهة أخرى، يتطلب بلورة سياسة عمومية، تستطيع توقع الاحتياجات المستقبلية، وتحديد الأولويات لتلبيتها، وتمكين مختلف المتدخلين في المنظومة الصحية من المساهمة في تحقيقها.


[1]     منظمة الصحة العالمية، التقرير الخاص بالصحة في العالم: الرعاية الصحية الأولية الآن أكثر من أي وقت مضى 2008 ص 91

[2]  هوبز، روسو، لوك

[3]   مولود زايد الطيب، علم الاجتماع السياسي، دار الكتب الوطنية، بنغازي ليبيا، الطبعة الأولى 2007 ص 115

[4]  يونس الحبوسي، مقال منشور في موقع جمعية أطاك المغربية.

[5]   حازم الببلاوي، النظام الاقتصادي الدولي المعاصر، من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى نهاية الحرب الباردة، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، العدد 257 ص 196

[6]  عبد الحي محمود، الصحة بين البعدين الثقافي والاجتماعي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، مصر 2003، ص 25 ذكر في حوكمة الصحة العالمية، بين الأسس المعيارية والمصالح التجارية، مذكرة مكملة لمستلزمات نيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية، من إعداد الطالب بوحريص محمد الصديق، جامعة الحاج لخضر-باتنة- 2012 2013 الجزائر ص 11

[7]  موقع منظمة الصحة العالمية ، http://www.who.int/governance/eb/who_constitution_ar.pdf دستور منظمة الصحة العالمية، ص 1

[8] Bernard Marrot, l’administration de la santé en France, édition Harmattan, 1995, p138

[9] Bernard Marrot, op.cit,  p140

[10] Jeanine Pommier, Olivier Grimaud« Les fonctions essentielles de santé publique : histoire, définition et applications possibles  », Santé Publique ,éditeur la Société Française de Santé Publique, 2007/hs (Vol. 19), p. 9-14.

[11] Magali Barbieri et Pierre Cantrelle, politique de santé et population, édition de L’ostrom, 1991 p :51.

[12] Vincent Lemieux, le système de santé au Québec, organisation acteurs et enjeux, les presse de l’université Laval août 2003, p120.

[13]Vincent Lemieux, op.cit p :120.

[14]   معاهدة متعددة الأطراف اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 ودخلت حيز النفاذ من 3 يناير 1976. تلزم أطرافها العمل من أجل منح الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الأقاليم والأفراد الثقة غير المتمتعة بالحكم الذاتي وبما في ذلك حقوق العمال والحق في الصحة وحق التعلم والحق في مستوى معيشي لائق

[15]  مثل: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

[16] Les politiques sociales et leurs institutions, collection dirigée par Jean-Paul Chagnollaud, harmattan2013 p113

[17]Les politiques sociales et leurs institutions, op.cit, p 113

[18]  المنظمة العالمية للصحة سنة 1946

[19]  المؤتمر الدولي للصحة آلما اتا  بجمهورية كازخستان سنة 1978

[20] Stéphane Tizio, « l’approche contractuelle » d’une perspective intérêts individuelle à une perspective systémique, Ed. Kart hala.

[21]  زياد حافظ، “دولة الرفاهية الاجتماعية” مركز دراسات الوحدة العربية، حوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها المركز بالتعاون مع المعهد السويدي بالإسكندرية، الطبعة الأولى 2006، ص 409.

[22]  تستمد دولة الريع جميع أو معظم دخلها من الأنشطة الريعية، بينما تهدف دولة الرعاية إلى توفير الحد الأدنى من الخدمات الصحية والتربوية وشبكة الحماية الاجتماعية ومنها الضمان الاجتماعي، وتلتزم بسياسات من شأنها التخفيف من الفوارق الاجتماعية: زياد حافظ نفس المصدر ص 410.

[23]  زياد حافظ، مصدر سابق، ص 410.

[24]   البنك الدولي للإنشاء والتعمير/البنك الدولي، 2015.

[25]  تقرير عن التنمية في العالم 1993 الاستثمار في الصحة البنك الدولي للإنشاء والتعمير /البنك الدولي، مؤسسة الأهرام مصر الطبعة الأولى يونيو 1993 ص19.

[26]  تقرير التنمية مرجع سابق ص:27.

[27]  [27]   نحو عقد اجتماعي جديد، المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، البنك الدولي للإنشاء والتعمير/البنك الدولي، 2015، ص27.

[28]  نحو عقد اجتماعي جديد، مرجع سابق، ص 28

[29]  بيان حركة أنفاس الديمقراطية – المغرب، حركة 6 أبريل – مصر، حركة كفانا – موريتانيا، المعهد التونسي للديمقراطية و التنمية – تونس، أطاك المغرب، أطاك تونس، منشور في موقع جمعية أطاك المغرب.

[30]  ينطوي التخطيط على استثمار أحسن القابليات الموجودة بطريقة منظمة وبصورة متصاعدة ومتطلعة للمستقبل لاتخاذ مناهج تتعلق بالعلاقات المشتركة ضمن الإطار القومي العام: عبد الواحد الجاسور‎، موسوعة علم السياسة، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، 2009عمان، الاردن، ص 117

[31]  سعد الركراكي، الحق في الصحة: الواقع والآفاق، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية 112، سنة 2016، ص 91

[32]  سعد الركراكي، م س ص 92

[33]  التحليل الاقتصادي في الرعاية الصحية انسي ديفلن ، ديفد باركن ؛ ترجمة عبدالمحسن صالح الحيدر ، ت لرياض: معهد الإدارة العامة  تاريخ النشر:       1434 هـ، 2013م ، ص 190

[34]  سعد الركراكي، م س ص 424

[35]   Les politiques sociales et leurs institutions, op.cit  p 114

إقرأ أيضاً

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية Work …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *