أبحاث اللاجئين: إطار مفاهيمي ومنهجي

أبحاث اللاجئين: إطار مفاهيمي ومنهجي

الدكتور خالد محمد دفع الله

أستاذ العلوم السياسية المساعد

جامعة العلوم التطبيقية / مملكة البحرين

ملخص:

عرض البحث مقدمة ضافية عن موضوعه بالقدر الذي يُمكِّن المُتخصص وغير المُتخصص من استيعابه. ثم قدم عرضاً وافياً عن الأدبيات التي تناولت الموضوع سبقه مدخل منهجى. كما ناقش باستفاضة مبررات وجود وبناء حقل متخصص لبحوث ودراسات اللاجئين. وهو أمر محل جدل. كما أعطى اشارات تاريخية تعكس التسلسل التاريخى للاهتمام بالظاهرة. ثم ناقش البحث قضية التصنيف التى تعترض غالب الباحثين فى العلوم الاجتماعية وبحوث اللاجئين بوجه خاص وعلل ارتباطها بابعاد النظرة الغربية التصنيفية للإنسان من حيث نظرته للآخر غير الغربي. ثم حاول ربط واقع ومستقبل وموقع السياسات من بحوث اللاجئين.

ابتدر البحث عرضه باستعراض منهجي فيه شيء من التفصيل حاول أن يبين فيه الفرق بين بحوث اللاجئين وغيرها من البحوث في العلوم الاجتماعية الأخرى عبر استعراض لماهية بحوث اللاجئين وماذا يبحث فيها وكيف يتم إجراءها. كما حاول أن يعطي إشارات فيها استطراد عن أهمية الإحصاءات والعينات وطرق انتخابها بالنسبة لظاهرة الهجرة بوجه عام.

المقدمة:

تدفقات اللاجئين ظاهرة عالمية لا تكاد تخلو منها قارة, ورغم أن إفريقيا شهدت القدر الأكبر من تدفقات اللاجئين إلا ان التوجهات الحديثة لمصادر الهجرة القسرية أخذت تنمو وتتكاثر في مناطق ودول لم تشهد هجرة قسرية بهذه الكثافة من قبل بمثلما هو حادث اليوم في سوريا والعراق. تاريخياً السودان يكاد يكون الدولة الاكثر ارسالاً واستقبالاً للاجئين من بين دول العالم العربي، وقد ظل كذلك لفترة تزيد عن الاربعة عقود. وقد شهدت فترة ما بعد الاستقلال تدفقات كثيفة ومن دول بعينها في العالم العربي في شقيه الآسيوي والإفريقي. وتبع ذلك العديد من الكتابات التي حاولت التعرف على الظاهرة وسبر أبعادها و تحليلها ورفع الوعي العام بها. كانت تلك الكتابات تعبر عن مقتضى الوقت والسياق. الآن هناك الكثير من المتغيرات. فعلى مستوى السياق السياسى الدولي لم يعد الحال كما كان عليه في السابق إبان فترة القطبين والصراع ما بين الشرق والغرب وكتلة عدم الانحياز.  كما أن الدول العربية لم تعد هي نفسها كما كانت عليه في السابق, حيث أصبحت ترنو نحو النهضة بعد أن كانت همومها متمحورة حول التخلص من أثآر الإستعمار, وهو تحدي له مطلوبات محددة يشكل العامل البشري فيها موقعاً مهماً. ومن هذه الزاوية هناك دول قليلة تكاملت لديها تجربة التعامل مع ظاهرة الهجرة، القسرية بشكل عام واللاجئين بشكل خاص، بكل أبعادها لطول الفترة الزمنية بالقدر الذي لم يتوافر لدول أخرى ابتداءً من استقبال تدفقات المهجرين قسرياً واللاجئين مروراً بإنفاذ المعالجات المتفق عليها دولياً وانتهاءً بتطبيق بنود الانقطاع وما ظهر حديثاً في أدبيات دراسات اللاجئين وفي تقارير الممارسين ويعرف بحالات تطاول أمد وجود اللاجئين في منطقة ما Refugees Protracted Situations. ونتاجاً لذلك لابد أن ترشح عن التجربة العديد من المفاهيم والمطلوبات الجديدة.

إضافة لذلك فإن اللاجئين بما تراكم لديهم من معارف مختلفة المصادر لم يعودوا كما كانوا. فبالتجربة وتنامي وسائل الاتصال عرفوا أهمية قدرتهم على الفعل في بيئة السياسة الدولية. فمشكلة اللاجئين الإرتريين على سبيل المثال اختبرت مدى جدوى العودة التطوعية كأحد أفضل الحلول لدى المجتمع الدولي وأظهرت مقدار حجم المبالغة في الاعتماد عليه كمعالجة وحل مثالي لمشكلة اللجوء. فقد عاد ما يزيد عن المليون لاجئي إرتري لبلادهم عن طريق التغيير السياسي وليس عن طريق المفوضية السامية أو المجتمع الدولي. كما إن من تبقى منهم في السودان وهم يزيدون عن 450 ألف لاجئ لم تعالج مشكلتهم إي من الحلول الدولية مع إن بعضهم ظل في السودان لخمسين عاما، وما زالت صفتهم القانونية أنهم لاجئون.

إضافة لهذا فان دراسات اللاجئين لم تعد تتقاذفها العلوم الاجتماعية فيما بينها, بل أصبحت علم مستقل وقائم بذاته. وبدأت مجتمعات في اسيا وإفريقيا مثلاً ترجع لمعاييرها الثقافية وأطرها الفكرية Paradigms في النظر إلى التحديات التي تواجهها وانتاج المعرفة. كما أن التجربة والممارسة العملية أثبتتا إن كثيراً من التصورات عن الظاهرة أو أبعادها وطرق التعامل معها ليست كما كان متصوراً عنها. وتبدلت العديد من المفاهيم التي وصلت عن طريق التجربة الدولية في أوربا وغيرها من القارات. وبرزت إدراكات جديدة ناتجة عن المحسوس والتجربة والممارسة العملية.

ولذلك فالمفاهيم السائدة بشكلها التقليدي ما عادت بكافية للتعاطي مع مستجدات العالم وتغير موازين القوى والعلاقات والتحالفات. وهو ما يتطلب اعادة النظر في الكثير من المسلمات. كما أنه يصبح من الأجدى البحث عن البدائل من ما هو متاح ويمكن الحصول عليه أو البحث عن طرق جديدة. والباحثون في المجال هم أفضل الفئات التي يمكن تتوافر لعرض معالجات علمية وعملية. ولعل هذا أهم تحدى يواجه الباحثين في ظاهرة اللجوء.

لهذا كله لابد من إعادة استيعاب الظاهرة وفهمها حتى يصدر الباحثون عن الواقع ويعبرون عن مقتضي الحال. حيث تتباين التحديات المرتبطة بالعامل السكاني وتباينات بنية المجتمع من دولة إلى اخرى في العالم العربي. ومن ثم يمكن توليد المفاهيم بالقدر الذي يجعلها معالجات علمية ومنهجية وواقعية ومرتبطة بسياقها الإنساني والجغرافي والبيئي في آن واحد. ولعل ابلغ وسيلة لتحقيق ذلك هو التمكن من مهارات الحصول على البيانات والمعلومات. ولهذا يجب أن تسبق البحوث سياسات اللاجئين وذلك يُمكّنها من أن تصدر عن خطة موجهة ورابطة واحدة.

فإذا كان ذلك كذلك نَجحنَا في دَمْج البحثِ التجريبيِ بالتدخّلِ العمليِ في أنشطة برامج اللاجئين فيصبح دخول باحثين من حقول أكاديمية متباينة ليَتعاملوا مع موضوعِ اللاجئين هو أحد أهم الميكانيزمات التي تدفع به إلى مساحات متقدمة تخدم جميع الأطراف الفاعلة في المجال. إلا أنه بدون تحديد رؤية الدولة تصبح بحوث اللاجئين عبارة عن جزر منعزلة ربما تضر أكثر مما تفيد وربما تصبح لا لون لها ولا طعم ولا رائحة كما هو حال بعض البحوث.

فى المنهج:

تجنب البحث التطرق إلى الإطار المفاهيمى والاصطلاحي للهجرة القسرية لأنه مجال واسع سيخرج البحث من حيث الحجم الى حجم أكبر إذ يتطلب ذلك ضمناً الإشارة إلى العلاقة بين المصطلحات ذات الصلة بالموضوع مثل: هجرة ولجوء ونزوح وخروج وإخراج واغتراب.

يعالج البحث مشكلة غموض المعالجة المنهجية لأبحاث اللاجئين من حيث الأساليب والأدوات والحصول على البيانات. وهو غموض مصدره تنازع انتماء الاكاديميين في المجال لتخصصات أكاديمية مختلفة, رغم تداخله مع علوم اجتماعية مختلفة، إلا أنه أخذ يبرز بشكل متنامي المتنامي كحقل معرفي متخصص ومختلف عن الحقول المعرفية الأخرى. وبالتالي يسعى لرسم خطوط متميزة للحقل في مجال البحث وأساليب جمع البيانات والمعلومات. وهو أمر لا يتفرد به هذا البحث, إلا أنه نادراً ما تطرقت له البحوث باللغة العربية، وهو مما يبرر إعداده.

التزم البحث الوظيفية كمنهج في الانتاج المعرفي, ليس كاطار تحليلي فقط ولكن بغرض لفت الانتباه لتحديد وظيفة معينة ومحددة لكل بحث يعالج بها أما تحدياً مجتمعياً أو يواجه الدولة. والوظيفية في الانتاج البحثي والمعرفي مبنية على الأصول الإجتماعية للتفكير وتقوم على رد الشئ إلى أصوله, أو ما يعرف بمقاربة العزو.([1]) وهي مقاربة ينتج عنها مستويان منهجيين, يهتم الأول بالمشكلات العامة في الدولة, ويهتم المستوى الثاني بالنماذج المنتجة عن البُنى الفكرية.([2]) والبحث مهتم بكلا النوعين من مناهج انتاج المعرفة. والمقاربة الوظيفية في علم السياسة تهدف إلى تتبع أدوات وأليات النظام وقدرته على التكيف وسعيه لتلبية أغراض النظام السياسي.([3]) وهذا يتسق مع ما أسماه أحمد عاطف بالعلاقات الوظيفية والسببية Functional& Causes.([4])

ويقودنا هذا للتصدى لمحاولات انكار أن يكون هناك مجالاً متخصصاً لدراسات وابحاث اللاجئين. حيث حاول ان يستعرض عدداً من المبررات التي تشكل اطاراً منطقياً لوجود مجال متخصص بهذا الاسم. كما إن البحث ليس عن اللاجئين بل يهدف تحديداً لجذب انتباه الباحثين إلى الخصوصية التي تكتنف مجال دراسات وأبحاث اللاجئين وفي نفس الوقت الحاجة إلى امتلاك الباحث في المجال لمهارات وأدوات متخصصة. وهو من ثم يهدف إلى تمليك مهارات وتأطير الجهد البحثي في التخصص.

ويحاول البحث أن يُمكِّن من لا خلفية له حول الموضوع للإلمام بقضايا الهجرة القسرية عن طريق عرض إشارات مهمة عن تاريخ الظاهرة فضلاً عن عرض بعض الإنتاج المعرفي في مجال منهجية بحوث اللاجئين بحيث تمكن المتخصص من الاستزادة. كما إن البحث بسط في عرض مصطلحي الأطر المفاهيمية الأساسية للظاهرة و ذلك بالشكل الذي لا يُحدث لبساً حول الموضوع.

الإطار المفاهيمي للموضوع:

بحوث اللاجئين هي الإجراءات التي يتم القيام بها لإنتاج المعرف الجديدة أو توليد معارف من ما هو موجود من معارف حول الموضوع عن طريق الملاحظة أو المقارنة أو غير ذلك من الأساليب والأدوات.([5]) وتقع ظاهرة اللاجئين موقع القلب من قضايا السياسة الدولية. وبالتالي هي جزء رئيس من قطاع العلاقات الخارجية. وما يستتبعه الوجود البشري للاجئين في أي بلد يوثق رباط الظاهرة بقطاعات أخرى كالخدمات والجهاز القضائي ومؤسسات إنفاذ القانون. وهذا كله مما يزيد الأمر تعقيداً.

وبشكل عام فان دراسات وبحوث اللاجئين عموما تعد من أنماط الدراسات المتداخلة والتي تصنف لعدد من الأنماط. فمثلاً البحوث التي تركز على ما مر به اللاجئين تعد بحوث تجريبية, بينما البحوث التي تركز على الأسباب والتحديات تُعد بحوث مفاهيمية.([6]) والبحوث قد تكون ذات طبيعة تحليلية أو تاريخية أو إحصائية. وبشكل عام يعد مجال بحوث اللاجئين مجالاً يتميز بالتوجه الشديد نحو الممارسة العملية والتمحور حول السياسات، ونتيجة لهذا تتجمع فيه مصادر معرفية متباينة. ورغم أن بحوث ودراسات اللاجئين ارتبطت منذ نشأتها بالسياسة الدولية إلا أنها حديثاً أخذت تتجه نحو الارتباط بشكل وثيق بسياسات التنمية بل وبشكل أساسي بالمنظمات التطوعية ومجتمع المانحين.([7])

ويتفق مع هذه الرؤية دراسات أخرى متخصصة إذ مثلاً يذهب كراداوى إلى أن بحوث اللاجئين من مجالات المعرفة التي تأثرت بشدة بنظام وبنية الظاهرة على المستوى الدولي من حيث وجود فاعلين مؤثرين مثل المنظمات الدولية والطوعية والدول المستقبلة والمرسلة للاجئين فضلاً عن المفوضية السامية للاجئين.([8]) ومن الواضح أن هذا الارتباط هو سبب أساسي لأنها تحولت إلى أن تكون مجرد استجابة وردود أفعال تعبر عن حاجات هذه المؤسسات والتي ليست بالضرورة أن تكون ثمرة ونتاج محض مجهودات أكاديمية لوجه المعرفة. ولهذا لا توجد مراكمة للمعارف في المجال إلا بالقدر الذي يحقق تطوير وتقويم سياسات المانحين.

ثانياً, فإن بحوث اللاجئين تصنف أيضاً كنمط من أنماط بحوث أوضاع الطوارئ السياسية والإنسانية المعقدة. والتعقيد مصادره متعددة، كما سنتبين هذا في في النقطة التالية. ثالثاً, الموضوع وثيق الصلة بالعلاقات الدولية والفاعلين وبيئة الفعل الدولي فيها, وذلك لتأثير عدد من الفاعلين الدوليين كالحكومات والمتمردين عليها والشركات العابرة للحدود القومية, وبالطبع المنظمات الدولية والطوعية أحد أهم الفاعلين الدوليين, حيث أنها بصفتها مؤسسات مانحة ذات قدرة عالية على التأثير في مجتمع اللاجئين بل وتدفقاتهم واتجاه هذه التدفقات.([9]) إلا أن هذا لا يعني أنه وفي سياق التفاعل الدولي يُـنظر إلى اللاجئين كفاعل دولي, بل هي ظاهرة عابرة للحدود الدولية  Transnational phenomenon. وبالتالي توفر سياقاتها بيئة صالحة للفعل الدولي.

وينعكس النظر إليها على هذا النحو على عملية الانتاج البحثي- المعرفي, وذلك من حيث الاطار التحليلي وأسلوب جمع البيانات والأدوات المستخدمة في ذلك. حيث يؤثر ذلك على طبيعة واتجاهات الفعل الدولي الذي يجدر الاهتمام به وبحثه. فولاء اللاجيئ لوطنه الأم وتاثير الفعل الدولي عليه على المستوى المحلي وتفاعل الفاعلين المحليين ذوي الارتباطات العابرة للحدود الدولية وشبكة العلاقات التي تنسجها العلاقات الاجتماعية والسياسية من حيث توظيفها وتوظيف الفعلين لها, كل ذلك مما يجعل من البحث في مجال اللاجئين عملية ذات طبيعة مختلفة ومتميزة. وهذا مما يجعل البحوث نفسها وعملية الانتاج المعرفي عن الظاهرة وحولها في كثير من الاحيان يقع تحت تأثير بعض الفاعلين الدوليين دون غيرهم من الفاعلين.

رابعاً هناك تحديات تؤثر على الحوث المنتجة. من ذلك التحديات التي تتصل بالحصول على البيانات ومشكلة الأمن والسلامة. إضافة لذلك سيطرة المنظمات الاجنبية في بعض الدول على المعسكرات. وهذا يؤدي ,مثلاً, إلى محاولات بعضها للحد من قدرة الباحث على رؤية أوضاع المعسكرات وسكانها من اللاجئين على حقيقتها. فإرسال “مرافق” من قبل إدارة المعسكر “ليساعد” الباحث في إكمال بحثه يعنى بالضرورة إقامة حاجز سميك بينه واللاجئين. ويشكل هذا التعويق خطراً مباشراً على صدقية البيانات التي يسعى الباحث للحصول عليها.

كما يتأتي التأثير على البحوث من زاوية أخرى مهمة مصدرها القدرة على التأثير على الأجندة البحثية والموضوعات المبحوثة والقضايا التي يتم التعرض إليها وكيفية تناولها. وهذه نفسها يتأتى التأثير عليها من التأثير على عمليات التمويل للبحوث ومشروعات الدراسات التي تجرى. وبالطبع تتفاوت مستويات ودرجات التأثير بين كل هذه الأطراف على اللاجئين والبحوث التي تجري حولهم. إجمالا نجد أن معظم البحوث في مجال اللاجئين تهدف إلى تطوير استجابات أكثر فاعلية للتحديات التي تواجه الفاعلين وزيادة الفاعلية والكفاءة في المجال وذلك عن طريق تبيين سلوكيات ومشاكل المهاجرين.([10]) ويتضمن ذلك دراسة الدوافع والاتجاهات العامة والافعال والاستجابة لها.

البعد الخامس, والشديد الأهمية, هو سيادة التغيير العالي المستمر وتدفقات أعداد اللاجئين في وسط بيئة غير آمنة من جهة. وليس هذه هي المشكلة وحدها فاللاجئين في اغلب الأحيان ولإحساس لديهم نجدهم يربطون الباحث بالمانحين ولذلك تجدهم مستعدين لقول كل ما يريدهم الباحث أن يقولوه والذي هو ليس بالضرورة صحيحاً أو صواباً. والتحدي حقيقة هو كيف يستطيع أن يتجنب الباحث مثل هذا النوع من السلوكيات. وهي سلوكيات تندرج تحت تحدى اكتساب ثقة أللاجئي والعينة المفحوصة.

هناك جانب آخر في النظر إلي الإطار المفاهيمى للظاهرة من حيث طبيعة إدراك الظاهرة نفسها. بمعنى هل ينظر الباحث إلي اللجوء ابتداءً “كأزمة” أو “كمشكلة” أم “ككارثة” أو “كظاهرة”. وذلك لأنها توصف من قبل البعض بــكونها: “كارثة” وآخرون بـكونها “ظاهرة” وفريق آخر يرى بأنها “مشكلة” وذهب بعضهم لتوصيفها باعتبارها “حالة طوارئ”. وهذا تنوع كبير يدل على حجم التعقيدات التي تكتنف هذه الظاهرة. فمثلاً من وصفوها بأنها ظاهرة برروا توصيفهم على أساس تبعاتها وحجم المعاناة سواء للاجئين أو البلد المضيف.([11]) وسارت في نفس الاتجاه ليندا كريتزر وبررت رؤيتها على أساس أن الظاهرة تتعلق بالتجارب الحياتية الحية والجهود التي تبذل لفهم طبيعة ومعنى تجربة كل يوم عبر اختبار ودراسة من مروا بتلك التجربة أو الخبرة.([12]) ومن المهم أن نثبت هنا ان التوصيف الصحيح والدقيق شديد الأهمية وذلك لأن الباحث سيصدر من بعد ذلك في تناوله للظاهرة عن فهم صحيح. وهكذا الممارس وصانع السياسة. فإدارة الكارثة غير إدارة الظاهرة أو المشكلة أو ألازمة أو الطوارئ. إذ إن لكل توصيف منها مقاربة معينة للعاطي معها.

سادساً, فإنه أيً ما كان منطلق النظر إليها إلا أنه من الأفضل دوما أن يتم النظر إليها كفرصة يجب أن تغتنم لأنها ربما لن تتكرر وأن تكررت يكون ذلك تحت سياق مختلف وظروف محلية أو إقليمية أو دولية لا  تتواءم مع متطلبات رسم السياسات أو الحاجات البحثية. وبالتالي لا يجب علي الباحث أن يتمحور حول المتطلبات المحدودة لمؤسسات العمل التطوعي. وبشكل خاص تلك الأفكار التي تتمحور حول فكرة التقييم التي تستحوذ على مؤسسات العمل في مجال اللاجئين كالمفوضية السامية للاجئين. فهذا النمط من البحوث يتمحور حول “فكرة إنجاز وتحقيق الفاعلية في برامج طوارئ ومساعدات اللاجئين وتجويد الأداء”.([13]) هذه الفكرة “الصغيرة” تصلح فقط لطموحات منظمة تطوعية أو مؤسسة عمل مهني ما لكنها غير كافية لتلبية آمال الأمة. فالعرب هم الاكثر معاناة، ولذلك يجب أن لا تكون بحوث اللاجئين أسيرة هذه الفكرة.

سادساً, هناك أسئلة متعلقة بمعدلات الوفيات والمواليد والخصوبة والاتجاهات الثقافية ومعدلات الاندماج الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع المحلى وغير ذلك من الأسئلة تنتظر الباحثين أن يجدوا لها إجابات منطقية. ولذلك فان أهداف أو فروض بحوث من على شاكلة “التأثير السالب للاجئين على وفرة السلع وأسعارها” أو “أثر النازحين على الخدمات العامة” لا يجب أن ينشغل بها الباحثين الجادين. إذ لدينا في العالم العربي تحديات تتعلق بالأمن القومي والاستقرار والنمو الاقتصادي والعلاقات مع دول الجوار وتأثيرات النفط على تدفقات المهاجرين ومعالجة الخلل السكاني والبنيوي وكيفية استيعاب المهاجرين في منظومة تنموية واجتماعية وسياسية شاملة ومتكاملة. تصل نسبة غير العرب في بعض الدول الخليجية إلى أكثر من 67% من السكان ويؤثرون على الثقافة واللغة والعادات والحياة العامة بشكل شبه كامل باستثناء الشأن السياسي.([14])

الأدبيات التي تعرضت للموضوع:

قد يسال متسائل عن مغزى ربط الأدبيات التي تعرضت للموضوع بالسياق المناطقى لبحوث اللاجئين. وهذا حق من بعض الوجوه. إلا إن المغزى من ذلك – وقد وضع على هذه الكيفية عن قصد- هو التأكيد على أن اتجاهات الاهتمام العام لبحوث اللاجئين لا يصبّ بالضرورة فيما يخدم السياقات المحلية والقاعدية, ولا يلام احد في هذه التوجهات إلا الباحثين المحليين لأنهم هم الأولى بتوجيه التركيز نحو ما يعتقدُ أو يظن انه مناط اهتمام المجتمع المحلي. ونلحظ ذلك من طبيعة محتوى وما تعرضت له الموضوعات المطروقة من قبل العديد من البحوث وتعدد زوايا تناولها وتباينها. ودعنا نثبت ما ذهبنا إليه بمحاولة لعرض الاتجاهات العامة للبحوث الغربية التي تناولت الظاهرة في فترات متباينة. كما سنعرض لنماذج من تلك البحوث التي أنتجتها المؤسسات السودانية كمثال واحد فقط في هذا السياق.

أليس بلوك حاولت التركيز على كيفية إجراء بحوث اللاجئين من منظور العمل الميداني. وركزت بشكل خاص على السياق الأوربي والأمريكي.([15]) روجر زيتر ركز في مقالته على الإطار المفاهيمى لمصطلح لاجئي وحاول أن يختبره إن كان قد تعرض لأي تغيير من بعد عقدين من الزمان وكان قد قام في دراسة سابقة له بنفس المحاولة.([16]) وقد حاول أن يستكشف إلى إي مدى تغير المصطلح مع التغيرات الدولية الحالية؟ وهل تأثر بالمؤسسات الدولية العاملة في الحقل أم لا؟ وهل أثرت فيه البيروقراطيات الحكومية أو التحولات الاجتماعية؟ وإلى إي مدى تأثر بالهجرات الدولية الضخمة والمختلفة؟

ولتتأكد من “طعم” تذوق الباحثين الغربيين لدنيانا وعالمنا انظر إلى أحد المختصين في مجال البحوث النوعية Qualitative Research, وهى من أنماط البحوث التي تدخل الباحث إلى تفاصيل الحياة المحلية, وهو يوصى الباحثين الغربيين وهم يقتربون من دنيانا و يدخلون فيها عن طريق أسلوب الملاحظة بالمشاركة وننقل نصاً قوله:

Structural analysis gives us the social meanings of a kinship system, for example, but not the meanings that structure has to the participant as a person. The descriptions tend to be “cold:” ceremonies without celebrants.  We want something “warmer” — to understand the experiences of others, to put ourselves in their place.[17]

مربط الفرس هو التشديد حتى في نقل الأحاسيس ليجعل من الملاحظة حية وليس مجرد عرض بارد لما شاهده الباحث. والشاهد هنا أن الباحث الذي ينطلق من السياق المحلي لا يحتاج إلى من يوجهه إلى ماذا يفعل لأنه حقيقة ينقل ما يشعر به حقاً بالقدر الذي يصلح مجتمعه ولا يؤذيه. وذلك لأننا ببساطة في موضعنا وموقعنا وسياقنا الطبيعي. وهذا مما يقود إلى التساؤل حول دوافع ومغازي باحثين يحملون مثل هذه الرؤى. ويجدر بنا هنا أن نشير إلى محاضرة لديفيد تورتون مخاطباً فيها جمعاً من الباحثين في مركز دراسات اللاجئين في جامعة أكسفورد ربط فيها ربطاً وثيقاً بين دراسات اللاجئين والمستكشفين الأوربيين الأوائل في آسيا وأفريقيا.([18])

تعرضت بعض الدراسات للظاهرة من حيث صحة اللاجئين الشباب النفسية.([19]) وحاولت أن تميز أسلوب إجراء البحوث حول هذه الفئة وعن هذا الموضوع عن غيره من الموضوعات والفئات في الأوضاع الطبيعية. كما حاولت أن تستكشف أفضل المناهج والأساليب المنهجية لدراسة محددات الصحة النفسية للاجئين الشباب. وذلك عبر مدخل يعكس حياتهم وتطلعاتهم ويُمكِّن في نفس الوقت من الحصول على البيانات اللازمة الصحيحة لمخططي السياسات في مجال الخدمات الاجتماعية. عرضت دراسات أخرى مشاركة اللاجئين في البحث وإنتاج وإعادة إنتاج المعارف ذات الصلة بالموضوع.([20]) وقد استخدمت في ذلك نماذج من مجتمعات اللاجئين أنفسهم. وهو موضوع أو أسلوب غير جديد تماما. وقد اعتبر هذا النمط من البحوث أن أصوات اللاجئين مركزية في العملية البحثية وأنهم ليسوا مجرد متلقين للعون أو سلبيين.

د.كراداوى تناول في دراسة له الموضوع من زاوية الدور The Role المؤسسي. وقد حاول في ورقته تقصى اتجاهات بحوث اللاجئين من جوانب تاريخية ومفاهيمية وكيف أن ازدهارها في إفريقيا كان تبعاً لما وجدته من اهتمام في أوربا كما أشار إلى دور مكونات نظام اللاجئين في تشكيل وتطور علم دراسات اللاجئين.([21])

بعض الدراسات تناولت الموضوع من منظور تاريخي وتتبعت “علم دراسات اللاجئين منذ عام 1920م إلى عام 1980م. واستقصت جذور الفكرة في المصادر التي ألفها الرواد في هذا المجال سواء كانوا قادمين من حقل الممارسين أو الأكاديميين أو صانعي السياسات.([22]) وقد ركزت الدراسة على الإجابة على أربعة أسئلة رئيسية وهى: إي اللاجئين يجب دراستهم؟ ومن هو اللاجئ؟ وما هي أسباب التدفقات؟ وما هي أفضل الحلول لمعالجة ظاهرة اللجوء؟. وإعطاء خلفية تاريخية عن أي ظاهرة من ظواهر اللجوء من الأهمية بمكان. فقد أثبتت بعض البحوث أن إسرائيل عند ما سعت لإعطاء تبرير للهجرة الكبيرة للاجئين الفلسطينيين في عام 1948م ادعت أنها إنما تمت بناء على طلب من الحكومات العربية.([23])

دراسات أخرى ربطت ما بين وضع اللاجئين كمتلقين للعون وفي حاجة ماسة للمساعدة واستقلال هذه الحاجة في الحصول على البيانات أو المعلومات أو إجراء البحوث. وركزت بشكل جوهري على الجوانب الأخلاقية في هذه المسالة. صحيح أنها توجه هذه الرسالة لزملائها في المجال إلا انه يبدو أننا أيضا بحاجة لما أشارت إليه وإلى أن يولى حظه من الاهتمام. كما أن الباحثة دعت إلى فتح باب الحوار لإجراء نقد أمين وهادف لممارسات بعض الباحثين في هذا المجال.([24])

اهتمت أوراق أخرى بتأثير التعقيدات السياسية وبيئة التدفقات نفسها على الأساليب المنهجية المستخدمة في بحوث اللاجئين. وكيف أن هذه البيئة نفسها تؤثر على الباحث وعمله كما حللت الاعتبارات المنهجية في دراسات اللاجئين.([25]) ومن البحوث المهمة تلك البحوث التي حاولت اختبار تأثيرات سياسات المانحين على دراسات اللاجئين وبشكل اخص مساندة المانحين لما يعرف بشراكات بحوث اللاجئين ما بين الشمال والجنوب.([26]) واختبرت الباحثة طبيعة تأثير المانحين على أجندة الأبحاث في مجال الهجرة القسرية واللاجئين من ضمن الإطار الواسع لتمويل بحوث التنمية ويتضمن ذلك زيادة المساعدات لبحوث الدراسات المتداخلة Inter/multidisciplinary Studies وذلك لأغراض تتعلق بالسياسات. كما تناولت تأثيرات هذه المساعدات على طبيعة العلاقة بين دول الشمال والجنوب.

ورقة فليب مارفليت اهتمت بجوانب التاريخ حيث تمحورت حول غياب موضوع اللاجئين من غالب دراسات التاريخ وغياب الجوانب التاريخية من علم دراسات اللاجئين. وتسآلت البحث عن مغزى صمت التاريخ فيما يتصل بظاهرة اللجوء وكيف يمكن تطوير أساليب ايجابية تتضمن التاريخ والماضي.([27]) دراسة اليزا ماسون من الأوراق المهمة وذات الطبيعة التقنية إذ تركزت حول أساليب الحصول على البيانات والمعلومات وكل ما ينشر على الانترنت عن اللاجئين بغض النظر عن المؤسسة التي تنشره أو تخصصها أو مجال عملها.([28]) وعرض البحث أدوات ذات صلة بالموضوع مثل RSS  ونظامFeds  والبريد الاليكتروني ومراقب الصفحات وأدوات لتتبع أحدث الدوريات والتقارير في المجال.

وعلى المستوى المحلى لا توجد حتى اليوم بحوث تقارن بين اللاجئين على أساس سرعة التفاعل مع المجتمع المحلى Social interaction المضيف من جهة والجنسية التي ينتمي لها اللاجئ من جهة أخرى. أو بحوث تقرن بين نفس الموضوع و الأبعاد الانثربولوجية والثقافية. كما تندر البحوث التي تعالج عملية الاندماج المحلى كأحد الحلول الدولية المطروحة لظاهرة اللجوء مقارنة بمتطلبات الدولة المستضيفة. بل مازال هذا الجانب يكتنفه الغموض وفي أحسن الأحوال الإهمال. في السودان مثلاً تنعدم تماماً الدراسات التي تتناول اللاجئين السودانيين بالخارج وتفاعلاتهم مع المجتمعات المضيفة, إلا إشارات. كما لا توجد بحوث حول تأثير السياق الأجنبي والبيئة المحيطة باللاجئين السودانيين في مدى واتجاه التفاعلات بين المكونات الاثنية والثقافية لمجتمع اللاجئين السودانيين أنفسهم وهل كان الوجود خارج الوطن ذو تأثير سالب أم موجب على التماسك الاثني والوطني؟ وذلك مقارنة بوضعهم قبل هجرتهم. وهو ما ينطبق بدرجات متفاوتة مع دول عربية أخرى.

يلاحظ انه لا يوجد حتى اليوم دراسات أو بحوث تناولت أوضاع اللاجئين من بعد خروجهم من الدول المستضيفة. فاللاجئين الذين يغادرون السودان إلى أوربا أو الولايات المتحدة أو استراليا لا توجد حولهم اي دراسات بعد خروجهم من بلد اللجوء الاول؟([29]) كما لا توجد بحوث تقارن أوضاعهم التي كانوا عليها وما وجدوه في بلد الملجأ الأول مع ما أوضاعهم في بلد إعادة التوطين. فاللاجئ في أوربا واستراليا يمكن أن يظل سنوات متطاولة كطالب لجوء Asylum seeker  بينما لا يحتاج في السودان، على سبيل المثال، إلا لأيام لتقنين وضعه كلاجئي وليس كطالب لجوء. ففي استراليا مثلاً قد يخرج الشخص من معسكرات اللاجئين بعد عدد من السنين ولا يمنح وثيقة المواطنة بل مجرد أوراق تأشيرات مؤقتة لا تمنحهم بالطبع حق المواطنة. هذا رغم ما يتداول عن العولمة وحرية مرور المعلومات والسلع والخدمات وعبور كل شي إلا البشر.

لا توجد حتى اليوم بحوث تعرض تقديرات لحجم إسهام الدول العربية كحكومات او كمجتمعات قاعدية في التعاطي مع ظاهرة اللجوء. فالسودان والمغرب وموريتانيا ومصر والاردن وسوريا ولبنان رغم التسليم الدولي بعظم إسهامها في استقبال اللاجئين إلا أنه لا توجد دراسات توثق حجم هذا الاسهام. ومن الواضح إن هذا موضوع يصلح ليكون مشروعاً بحثياً ضخماً يتم فيه ليس فقط ابراز حجم التماسك العربي والاسلامي ولكن أيضاً إبراز الدور الإنساني الذي كادت ان تندثر الحقائق حوله. مع ملاحظة أن الحاجة لهذا الجانب غير منتهية.

من جانب اختيار الموضوعات في إطار الوحدات السياسية نجد أنه يوجد تركيز على لاجئي دول بعينها أكثر من لاجئي دول أخرى بينما يندر أن توجد بحوث حول لاجئي بعض الدول. فاللاجئين من إثيوبيا وإرتريا هناك فيض من البحوث حولهما بينما لا يكاد يجد الباحث بحثاً عن لاجئي زائير أو أوغندا مثلاً. ونلحظ نفس الظاهرة على المستوى القطاعي فبينما بعض الموضوعات وجدت ما يزيد عن حظها من البحث أهملت أخرى تماما. فموضوع مثل العودة التطوعية قتل بحثاً بينما لا نكاد نجد سوى بحوث قليلة عن إعادة التوطين مع أن كل الموضوعين يشكلا جزء من الحلول الدولية الدائمة لمشكلة اللاجئين. وهو الامر نفسه بخصوص الفاعلين السياسيين غير الدول.

لم تجد البحوث التي تتناول الظاهرة من منظور عرض طبيعة واتجاهات استجابات المجتمع الدولي لأوضاع اللجوء الطارئة والفروقات في حجم واتجاه هذه الاستجابة من دولة لأخرى ومن أوضاع وسياقات لأخرى حظها من الاهتمام الكافي. كما أن مضمون هذه الاستجابات مابين السياسي والاقتصادي والمزيج بينها يحتاج لمزيد من الضوء. إضافة لهذا فإننا نلاحظ أن موضوع اندماج اللاجئين في المجتمع المضيف من منظور الدور المجتمعي والعلاقات على المستوى القاعدي بين اللاجئين والسكان المضيفين مازال تحكمه عقلية نمطية لم تمنح لنفسها الوقت الكافي للدخول في تفاصيل هذه العلاقة من منظور القوة والتفاعل. وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على دراسة العلاقة مابين النظم والهياكل الدولية التي صممت بالأساس للتعامل مع ظاهرة عابرة وواقع اللاجئين في مجتمعات يظلون فيها مقيمين لعقود متطاولة لا شهور، هذا جانب مازال يكتنفه الكثير من الغموض. ولذلك تأثيرات عميقة على بنية الدولة المستقبلة وسيادتها.

تاريخ الاهتمام بالظاهرة:

وجدت ظاهرة الهجرة القسرية على امتداد التأريخ الإنساني ومنذ أن وجد الصراع على الأرض ومنذ أن وجدت الحاجات الإنسانية الضرورية (الفسيولوجية) التي يحتاج أن يسدها الإنسان. إلا أن بروز هذا المصطلح بشكله الموسوم به والمتداول الآن وهو مصطلح “لاجئي” حديث جداً. ومنشأ المصطلح أوربا وهو منشأ وثيق الصلة بظاهرة الظلم وحرية المعتقد. ففي عام 1492م تمكن الكاثوليك الروم من فرنسا والبرتغال وأوربا من السيطرة على أسبانيا وهزيمة المسلمين الأسبان وسيطروا على مركز الحكم والدولة في غرناطة ووضعوا المسلمين أمام خيارين أما أن يتنصروا أو أن يغادروا أسبانيا.([30]) وكانت الهجرة هي حلّ للمسلمين وبعض اليهود. وعبر التاريخ لم يكن المصطلح ولا الظاهرة معروفان في العالم العربي الذي كان كله بيئة سياسية واجتماعية واحدة بالنسبة للحراك البشري افراداً وجماعات.

مما اشرنا إليه سابقا يبدو أنه كان للمفاهيم الثقافية الأوربية في إطارها التاريخي تأثيراً كبيراً على شكل واتجاه العلاقة التفاعلية ما بين أصحاب ديانتين من نفس العرق. فمثلاً لما تولى الإمبراطور الكاثوليكي لويس XIV سعى للقضاء على أي منافس للكاثوليكية في فرنسا وكان مصير البروتستانت الذين أصروا على عقيدتهم هو الاضطهاد حتى اضطرهم إلى مغادرة فرنسا واللجوء إلى بريطانيا.([31]) في بريطانيا عرف هؤلاء باسم Refugees وهو لفظ في أصله نحت من اللغة الفرنسية R`efugier والتي تعنى البحث عن مسكن أو ملجأ To seek shelter.([32]) وصلت الكلمة إلى الولايات المتحدة في نفس الفترة تقريباً وكان ذلك عام 1780م حيث استخدمت لوصف أولئك الهاربين المؤيدين لحكم الملك البريطاني جورج الثالث في حرب الاستقلال ضد بريطانيا.

أدت التدفقات المتزايدة للاجئين في جميع أنحاء العالم وبشكل خاص أفريقيا إلى الاهتمام المتزايد بدراسة اللاجئين. ويعد السودان اول دول عربية تنشئ معهداً عالياً متخصصاً بالظاهرة وسبق ذلك برنامجاً اكاديمياً في الجامعة منذ منتصف السبعينيات.([33])  وترجع بدايات نشأة دراسات اللاجئين كعلم منفصل إلى فترة حديثة هى بدايات عام 1980م, وبالتالي يًعد السودان مواكب للمجال. إذ تم إبتدار هذا النوع من الدراسات لأول مرة في السودان في بدايات فترة الثمانينات في مستوى برنامج أكاديمي بحثي في جامعة جوبا. ثم تبع ذلك تأسيس تخصص أكاديمي على مستوى الدبلوم العالي والماجستير في عام 1995م بتأسيس معهد دراسات الكوارث واللاجئين ثم كلية متخصصة في مستوى البكلاريوس في جامعة الرباط الوطني عام 2006م. ونلاحظ أن نفس فترة التأسيس في جامعة جوبا تكاد تماثل تأسيس برنامج دراسات اللاجئين في جامعة أكسفورد في بريطانيا والذي أسس عام 1982م. ويوجد اهتمام على نفس المستوى في الاردن وفي مصر تابع للجامعة الأمريكية. وجميعها تسير على نمط  البرنامج في جامعة أكسفورد في بريطانيا والذي تطور إلى مركز مستقل ومتخصص ويمنح درجات عليا في مجال الهجرة القسرية.

ودراسات اللاجئين بالضرورة تتضمن اشتمالها على معارف علم الاجتماع والأجناس والعلوم السياسية والسكان والاقتصاد والعلاقات الدولية والسياسية إضافة إلى القانون الدولي. ويرد البعض بدايات علم دراسات اللاجئين إلى عام 1920م وإن المجال ظل في حالة تطور ونمو متعاظم حتى برز عام 1980م وهو تاريخ ميلاده بشكله الحالي.([34])

في إطاره التاريخي حاول هذا العلم أن يدرس أربعة موضوعات عدها من كتبوا فيها جوهرية وهى: إي صنف من اللاجئين يجب أن يدرس؟ ومن هو اللاجئي وما هي أسباب اللجوء وأخيراً ما هي أفضل حلول ممكنة لمشكلة اللجوء. إلا أنه ورغم هذا مازال مجال دراسات اللاجئين يتعرض لانتقادات ترى أنه ليس من ثمة ضرورة أو مبررات لوجود مجال متخصص بهذا الاسم.

مبررات تخصيص اللاجئين ببرنامج أكاديمي منفصل:

التساؤلات حول جدوى وجود برنامج اكاديمي على هذا النحو ليست فقط وسط العامة بل حتى بين بعض الاكاديميين. لذا من الضروري وجود اجابات منطقية على هذه التساؤلات. والسبب الأساسي في ذلك نابع من قلة الاهتمام وسط الباحثين في الإشارة إلى الدوافع في إفراد مجال اللاجئين بتخصص أكاديمي قائم بذاته. كما أنه كثيراً ما تمت الإشارة إلى النمو المتسارع لهذا العلم خاصة في فترة الحرب الباردة وما بعدها. إلا أن الاهتمام بهذا العلم وإفراده بمجال تخصص منفصل مبرر من نواحي عديدة. ونورد أدناه عض هذه المبررات.

اولها عظم حجم الوجود البشري للاجئين. فقد ارتفعت أعداد اللاجئين من 2.4 مليون لاجئي عام 1974 إلى 10.5 مليون لاجئي في 1985م ثم ارتفع العدد إلى 14.9 مليون لاجئ في عام 1990م ثم كانت القمة التي اخذ العدد ينحسر منها في عام 1993م.([35]) بالطبع هذه الأرقام لا تشمل سوى أولئك الأشخاص المستوفين لمعايير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ولا تشمل ملايين غيرهم ممن يعرفوا بمصطلح اللاجئين العشوائيين Spontaneous. أما النازحين فقد وصل عددهم إلى 20 مليون نازح بينما المهجرين لأغراض التنمية فيقدرهم البنك الدولي بما يربو قليلا عن 10 مليون نازح على مستوى العالم. ويبدو أن ثمة ربط يمكن أن يتم هنا بين درجة التخلف و حجم حركة التهجير ألقسري لأغراض التنمية.

جاء في تقرير اللجنة المستقلة للقضايا الإنسانية الدولية أنه على مستوى العالم يخرج يوميا 700 شخص من وطنه التقليدي كلاجئي. ومما أشار إليه هذا التقرير أنه لا يوجد على المدى القريب أي فرص للتفاؤل بان هذه الظاهرة ستتناقص وبشكل خاص في الدول النامية. نشر هذا التقرير في العام 1982 وفي ذلك الوقت كان عدد اللاجئين اقل بكثير مما هو عليه الآن. وحديثاً أشارت بعض الدراسات إلى أنه يوجد لاجئي واحد من بين كل ثلاثة مهاجرين في العالم اليوم الذي يحتوى على  120 مليون مهاجر.([36])

وتقدر المنظمة الدولية للهجرة العدد الكلى لكافة أصناف المهجرين قسريا بـ 150 مليون مهجر يعيشون خارج أوطانهم الطبيعية،([37]) وهو عدد يمثل 2% من جملة سكان الأرض. ترى ألا يستحق 2% من سكان المعمورة أن يفردوا باهتمام متخصص؟

حديثاً أخذت ظاهرة اللاجئين وطالبي لجوء تأخذ أهميةُ أعظمُ مما كانت عليه في السابق وهو تطور نتج مِنْ الفهم المُتزايد لاعتبارهم يُمثّلونَ تهديدا للأمن القومي وبأنّهم يقوّضْون حقَّ الدول في السَيْطَرَة سيادتها على أراضيها وإلاعترافَ بحق المواطنين الأجانبِ في أرضِها.([38]) هذا الفهم قد أخذ يبرز في أوربا والغرب حديثا وقد اتخذت إجراءات عملية لتحصين أوربا من زحف لاجئي دول العالم الثالث وبشكل خاص إفريقيا إلا أن مجرد التفكير في شيء كهذا من قبل أي دولة في العالم الثالث يعرضها لقائمة من العقوبات لا قبل لها بها.

أحد مميزات الهجرة القسرية أن فئات المهاجرين لهم تجارب محددة وحاجات مميزة ومختلفة من الآخرين ومشتركة بينهم. وهو أمر دفع بالعديد من رجال المال والأعمال في الغرب إلى تحويل جزء مقدر من ثرواتهم للاستثمار فيه. وتحولت الإمدادات الإنسانية في هذا المجال ليس فقط إلى علم ومجال تخصصي في الإدارة بل إلى صناعة متماسكة ومربحة.

جانب آخر مهم وهو طبيعة اهتمام الغرب نفسه بالمهاجرين حفزته إلى تخصيصهم بمجال علم وبحث منفصل حتى يمكن الإجابة على العديد من تساؤلاته و ضبط سياساته. كما أن هذا التحديد مهم لأنه يمكن من تحديد كيفية واتجاه الاستجابة لها. فالغرب يحتاج لهم عبر ما يعرف ببرامج Brain-drain ويحتاجهم في بلدانهم. وقد عبر الباحث ديفيد تورتون أفضل تعبير عن هذه الرؤية. فقال ديفيد هناك طريقة للإجابة على وتبرير وجود مجال أكاديمي منفصل مختص بالهجرة القسرية وذلك ليس بالنظر إلى حاجات المهاجرين الخاصة بل بالنظر إلى حاجاتنا نحن.([39]) وتحديد حاجاتنا بدقة هومدخل مهم لمعالجة منهج التعاطي مع الظاهرة ومطلوبات مجتمعاتنا منها وكيفية التعاطي مع الفاعلين الاخرين فيها على اختلاف مستويات تفاعلهم معه, دول أو غير دول.

اهتمت العديد من الدراسات والبحوث سواء في العلوم الاجتماعية والانسانية والقانونية أو في البحوث التطبيقية مثل انتشار الأوبئة والأمراض أو حتى البحوث الهندسية المتصلة بمجال اسكان اللاجئين والتخطيط لاسكان اللاجئين في أوضاع الطوارئ الانسانية المعقدة بمشكلة اللاجئين. فقد أخذت ظاهرة اللاجئين تجذب أنظار العالم بشكل متصل بسبب الملايين من البشر الذين يتدفقون على مستوى العالم بسبب هذه الظاهرة, والتي نجدها عمت الشرق الأوسط وأفريقيا وامريكا الجنوبية والكاريبية وأوربا وآسيا بحثا عن حياة أفضل وأكثر أمنا. وهو الأمر الذي ولد ظاهرة تداخل ثقافي-إجتماعى شديدة الفاعلية مما عنى تبدل في معتقدات وقيم المجتمعات القاعدية.

وعندما نشير إلى المكون القيمى هنا إنما نعنى ضمنا المهارات والمعارف والقدرات التي يمتلكها هؤلاء القادمون الجدد بغض النظر عن حجم هذه القدرات.([40]) فإذا كان العالم الثالث كله, وليس العالم العربي فحسب, يواجه مشكلة ما يعرف بنزيف الأدمغة فان الله يتيح الآن الفرصة, للدول التي تعاني خللاً بنيوياً فيما يتصل بالسكان، وهي ظاهرة منتشرة بين عدد كبير من الدول العربية، لا لتعوض ما قد نزف أو ينزف من عقول بل لتفاضل بين ما هو متاح لديها من عقول وكيف يمكن أن تخلق الفرصة لما لم تستطيع أن تحصل عليه من قدرات. ولنعي اهمية ذلك يمكن أن نقرن بين العقول المهاجرة إلى الولايات المتحدة وما فيها من تقدم بهذه الظاهرة فقد أظهر تقريراً أن 24% من مجموع الأعضاء في الأكاديمية الأمريكية للعلوم هم من العلماء المهاجرين المولودين خارج الولايات المتحدة.([41])

هناك اهتمام متنامي بظاهرة اللجوء ويمتد هذا الاهتمام ويتعاظم ليس فقط بين الإعلاميين  والأكاديميين والباحثين العاملين في حقل البيئات الكارثيةComplex Political Emergency  أو حقل العمل الإنساني أو ما يعرف بالأوضاع السياسية المعقدة بل اخذ حتى صانعوا السياسة ومؤسسات الأمن القومي يضعون له أعظم اهتمام. وذلك لان قضايا اللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين قسراً لأسباب كارثية أو لأغراض التنمية أصبحت اليوم من الموضوعات ذات الأهمية المتزايدة يوما بعد يوم.

كما أخذت هذه الظاهرة تربط بموضوعات متباينة عندما يتم تناولها في الإعلام ابتداء من ارتفاع معدلات الإيدز أما كنتاج للعودة التطوعية للاجئين من دول الجوار أو لتدفقات لاجئين من هذه الدول نفسها أو لارتباطها بالأمن القومي والسياسة الخارجية والسلام. كما أخذت تربط بقضايا مثل أمن الحدود أو الأمن الثقافي والاجتماعي. والموضوع مهم من حيث تأثير ظاهرة الهجرة نفسها على خارطة العالم السياسية. فدولة عظمى مثل الولايات المتحدة قامت بالأساس على اللاجئين بل أن فيها اليوم 12 مليون لاجئي غير شرعي.([42])

بالرغم من أن أي تدفقات للمهاجرين بشكل عام واللاجئين بشكل خاص تحمل سمات خاصة بها تميزها عن غيرها من التدفقات لكن يوجد من السمات المشتركة ما يربطها بنسق واحد بالشكل الذي يمكّن من جعلها موضوعاً واحداً يستحق أن يدرس ويبحث فيه بشكل منفصل. ولهذا ولد علم دراسات اللاجئين والذي تبعه تطور أبحاث منفصلة عن اللاجئين, وهو ما نحن الآن بصدده.

بالتالي فإن تخصيص الظاهرة بمجال أكاديمي خاص يُوسِع ويُعمِق من دائرة المعرفة بها. وهو نفسه مدخل يُمكِّن من تطوير أساليب ومناهج التعامل معها وإدارتها ومعالجتها بشكل ايجابي ووقائي. إضافة لذلك فان البحث العلمي المنهجي يمكننا من التأكد من مدى حقيقة وصحة ما نعرفه عنها وتحديد ما الذي لا نعرفه عنها ومن ثم يجعل من وضع أجندة وسياسات بحثية محددة سهلاً ويُمكِّن من وضع وتصميم البرنامج البحثية المتخصصة المناسبة. وفي المحصلة الكلية توفر المعرفة المنتجة أدلة منطقية وعملية للسياسات بالقدر الذي يمكن به الدفاع عنها وتبريرها والتعرف على مكامن الخلل فيها عند وقوعه.

من أهم مبررات أهمية المنهج البحثي المتخصص ليست فقط في أسلوب جمع البيانات والتي تؤثر فيها البيئة والتي تؤثر في المجتمع المفحوص ذو الطبيعة الخاصة وفي الباحث نفسه بل وفي الدفاع عن نتائج البحث نفسه. إضافة لذلك تنبع أهميته من كونه يعطى الفرصة لمعرفة مواقع الخلل في البحث لوجود عينات ذات طبيعة خاصة و أنشطة تتسم بطابع السرية والغموض.

ويجدر أن نشير إلى أن تخصيص اللاجئين بمجال أكاديمي متخصص ليس مجرد ترف فكرى أو تشبه بما يجرى في الغرب أو نتاج اتجاهات استعلائية إنما لأسباب منطقية ومتطلبات عملية وحاجات لا مجال لتجاوزها. مما يجعل أمر تخصيصه ليس فقط ببرنامج دراسي وحسب بل بمؤسسة مختصة أمرا لامناص منه.     إذ أن ذلك يُعبر عن الاهتمام بإخوة الإنسانية وما تعانية من مآسي ونكبات كما انه رغم أنهم يعيشون بين السكان إلا أنه لا يكاد يشعر بوجودهم صانعي السياسات عندما يرسمون ويخططون للخدمات للمجتمع الذي يقيم فيه هؤلاء اللاجئين.

ومن الواضح أنه على تباين الاستجابات والمعالجات التي عرضها الباحثون والمختصون في المجال من الأكاديميين والممارسين إلا أن هناك ما يشبه الاتفاق حول أن اللجوء يشكل ظاهرة معقدة تستحق الانتباه والتحليل. وذلك لأنه, كما أشارت بعض الدراسات, نجد أنه من خلف ظاهرة الهجرة القسرية هناك أنماط من الضغوط السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والبيئية والتي تعقدت جميعاً بالتداخل ما بينها وبين العوامل الداخلية والخارجية.([43]) وهذا في حد ذاته ربما يعد المبررات القوية لوجود علم منفصل يمكن أن يختص بالهجرة القسرية بشكل عام واللاجئين بشكل خاص.

قضية التصنيف وأصناف وأنماط الهجرة:

ولّدتْ النِزاعات المُسَلَّحةُ والكوارث البيئية والمجاعات ومن ثم الهجرة القسريةُ عدد مِنْ ألمصطلحات ذات التوصيفات الجديدة مثل “مقاتلون مُسَرَّحون” “سجناء حربِ” “اللاجئون” و”اللاجئين المقاتلين” و”الأشخاص المرحَّلون داخلياً بغرض التنمية” و”المجموعات الضعيفة” و”النازحون داخليا” و”اللاجئون المحاربون”…الخ. ونتج عن هذه التصنيفات الناتجة بالحرب والنزاعات المسلحة تصنيفات للسياقات الجغرافية المعبرة عنها فنجد تصنيفات للفراغات والأطر الجغرافية مثل “منطقة حرب” أو منطقة قتال” و”مناطق نظيفة” و”معسكرات لاجئين” و”معسكرات جيش” و”دولة مرسلة للاجئين” و”دولة مستقبلة للاجئين”.        وذلك ثيق الصلة بالتصنيفات الجديدة للدول مثل “دول فاشلة” أو “دول اللجوء” أو “دول هامش” أو “دول وكيلة Proxy states“.

والسؤال هنا هو ما هي مغزي هذه التصنيفات؟ هل هي لمحض أغراض علمية أم لضرورات عملية وذلك لأن طبيعة دراسات اللاجئين تعطى مؤشرا يخرجها من حيز “العلمية” الصرف؟ دعنا نرجع إلى المصادر الغربية لنرى ماذا تقول عن التصنيفات ومغازيها. فقد لاحظ بعض الباحثين أن هناك مجموعة معيّنة مِنْ التصنيفات طُوّرتْ بالغربِ لكي تنتجَ وتشرّعَ لتركيب نظام عالمي جديد يحتل فيه الغرب موقع القيادة.([44]) وربط الباحث بين هذه التصنيفات لجماعات المهاجرين من لاجئين ونازحين..الخ وهذه الرغبة الغربية. ومن المفهوم والواضح تقسيم البشر على أساس مهاجرين وغير مهاجرين مصدره علاق الإنسان بالأرض من حيث الإقامة والترحال. ولكن ما هو غامض ويحتاج إلى الشرح والإيضاح هو تصنيفات الهجرة إلى قسرية وتطوعية ولاجئين ونازحين …الخ. في “مُجابهة التنميةِ”، يُناقشُ ويفسر أرتورو اسكوبار كيف أن مجموعات معيّنة من التصنيفات طُوّرتْ بالغربِ لكي تنتج وتُشرّعَ لتركيب نظام عالمي يفترض فيه الغرب لنفسه موقع القيادة.([45]) نتج هذه التوصيفات تصنيفات صنّفتْ أمم العالم على أساس حضاري، اما أمّة متخلّفة أَو متطورة أو نامية وكعَالم أول وثاني وثالث. ويجري استَعمالُها لوَصْف وتصنيف العالم، فهي أصلا أسست لتخدم أغراض السياسات. وهذه تصنيفات الغرض منها كما لاحظ سورينسين هو وضع هيكل تراتيبي للدول.([46]) وفي أي هيكل كهذا غالبا ما تقبع الدول المصدرة أو المستقبلة للاجئين في الذيل.

ومسألة مقاصد التصنيف ليست خاصة بالباحثين في العالم العربي أو في دول العالم الثالث فقط. بل حتى الباحثون الغربيين شكلت لهم عملية التصنيف نوعا من ألازمة. فقد ذهب بعض الباحثين، مثل هاوارد اديلمان، بعيداً في تشككهم حتى في مصطلحي”لاجئي” و”نازح” اللذين في اعتقاده إنما ينطويان على أجندة سياسية وذلك لأنها مصطلحات خرجت و أنتجت في سياقات تاريخية وسياسية محددة ذات صلة بالبحث حول فلسطين وقضية اللاجئين.([47]) كما أنه يعتقد أن مصطلح نازح ذو بعد وصفى وتقييمي. وهى إشكالية حتى بالنسبة إلى المنظمات الدولية المعنية بظاهرة الهجرة حيث تعانى من إشكالية في التمييز بين أنماط أو أصناف الهجرة المختلفة.([48]) مع ملاحظة أنه في الفترة الاخيرة تنامى النظر إلى النزوح واللجوء بأنهما وجهين لظاهرة واحدة. بمعنى أن يتم التعاطي والتفاعل الدولي مع ظاهرة النزوح من منظور فكري واسلوب بحثي واحد سواء على مستوى الادوات أو الفعل الدولي على تباين المقارنة هنا. المهم في المسألة هو اسقاط فلسفة وقوانين ونظم التفاعل الدولي مع ظاهرة اللاجئين على ظاهرة النزوح والتي هي في الأصل ذات طبيعة داخلية وليست دولية. قاد هذا مباشرة إلى اهتزاز مبدأ السيادة Sovereignty  والمتفق عليه دولياً.

والتصنيف لابد منه لتسهيل البحث وللمزيد من التخصص الذي ينتج عنه العمق في بحث ظاهرة. ولكن بالقدر الذي لا يوظف لإحداث تأثيرات سالبة على الدولة أو المجتمع المحلي، وفي هذا نتفق مع عدد من الباحثين. فمثلاً يرى دافيد تورتو أن ذلك أمراً مهما للآتي.([49]): أولاً بسبب أن المهاجرين القسريين لديهم حاجات خاصة تميزهم عن غيرهم من أنماط المهاجرين. وثانياً أن المهاجرين القسريين هم نتاج عملية واسعة للتغيير الاجتماعي والاقتصادي. وهو أمر شديد الأهمية وفقا للسياق الذي يتدفق فيه اللاجئين. فأحياناً لأن المهاجرين قسرياً بحاجة للاهتمام بهم بشكل خاص لأغراض تتعلق بالسياسة أو الاقتصاد والتجارة وأحيانا أخرى بسبب المهددات الأمنية المباشرة أو حتى لمحض عوامل ثقافية. وفي الواقع التصنيفات شديدة الأهمية في بحوث الطوارئ السياسية بشكل عام وبحوث اللاجئين بشكل خاص وذلك لأن التصنيفات تنعكس على التعريفات. ويبدو هذا واضحاً في النفس التبريري الذي يتسم به مصطلح لاجئي وهو يعرض لموضوع الغوث والعون وهما وثيقي الصلة بالحماية الدولية ونظام المساعدات كله. وقد لاحظت ايما حديد شئ من هذا في دراسة لها.([50])

وتصنف دراسات أخرى الهجرة إلى ثلاثة مستويات هي: الهجرة المؤقتة التي تضم المتكسبين والمرافقين والهجرة الإحلالية والهجرة غير القانونية أو المتسللة.([51]) وتصنف أيضا على أساس آخر هو إرادة المهاجر نفسه من حيث الرضي أو القسر. بينما تربط مدارس أخرى ما بين النزاع وبروز تعريفات معينة للمصطلحات المتداولة في مجال الهجرة, بل وتذهب ابعد من ذلك عندما تربط هذه المصطلحات بالنزاع حول فلسطين وتداعياته منذ عام 1917م- 1937م. ثم من بعد ذلك تدفقات المهاجرين اليهود وصراعهم حول نفس المنطقة مع العرب وخروج العرب كنازحين ولاجئين.([52]) وكيف أن تأثير الجدال في الأمم المتحدة حول القضية الفلسطينية طور من المصطلحات المستعملة وكان التنازع حول أسلوب ومنهج العمل الذي يحكم منظمة الهجرة الدولية IMO والذي انتهى بانتصار كامل للحركة اليهودية على مناديب الدول العربية المدافعين عن حق الفلسطينيين النازحين واللاجئين. وقد أسهم كل ذلك بشكل فاعل في إعطاء المصطلحات معانيها السائدة اليوم.

إذ نجد أن اليهود الذين وجدوا في معسكراتِ الإعتقال في أوروبا وأولئك الذين هَربوا غرباً لتَجَنُّب العَيْش تحت الشيوعيةِ قد صُنّفواْ كلاجئين وليس كنازحينِ. وتحول 250 ألف يهودي بدلاً من العودة إلى ديارهم التي نزحوا منها في أوربا،وهو المبدأ الأساسي من مبادئ الأمم المتحدة ويعرف بحق العودة، إلى الإنتِقال إلى أفضل ألاراضي الفلسطينية مع ملاحظة أن الغرب رفض آنذاك رفضاً باتاً خيار تهجيرهم إلية. إضافة إلى ذلك نجد أن بروز الهيمنة الأمريكية في الشؤونِ العالميةِ بَعْدَ أَنْ بَدأتْ الحرب العالمية الثانيةَ أدى إلى دعمِ الهجرةِ اليهوديةِ إلى فلسطين.([53])

ويعتقد سورينسين أن ما جرى حقيقة هو أخذ وعزل أوضاع لجوء وأحداث تدفقات ومجموعات معينة من اللاجئين من سياقها النصي ووضعها بالشكل الذي يجعل أوضاعها يمكن تصوره بالشكل المراد. ويعتقد مالكي أن البعض يحاول أن يجرد تصنيف اللاجئ من الصفة السياسية ليبنى من فوق هذا الفراغ الذي يحدثه قضية إنسانية بمضمون تاريخي.([54])

على أي إذا أردنا أَنْ نَفْهمَ الفروق الدقيقةِ بين تصنيفات الهجرة والعلاقة بين الهجرة إجباريةِ والتدخّلاتِ السياسيةِ فمن الضروريُ تَمييز وفَحْص الفرضياتِ والحقائقِ الأكثرِ تعييناً والتي تَرتبط بصنف معيّن من أصناف الهجرة بالقدر الذي يُؤثّر على أشكالِ التدخّلِ ونوعِ المعالجةِ.

هناك نمط آخر من التصنيفات لنمط من أنماط الهجرة القسرية وهى التي تنضوي تحت مصطلح “الرقيق الأبيض” وهي في الواقع تجارة جنس تقليدية. إذ تجذب السوق الأوربية والولايات المتحدة أعداد هائلة من الأطفال والنساء الذين يتم شراءهم من أسواق جورجيا وأوربا الشرقية وأذربيجان حيث يعمل في هذه الصناعة عدد كبير من الشركات وهذه الفئة تصنف على أنها جزء من ظاهرة وتيار الهجرة الدولية. وبالتالي أصبحت تدرس وتجري حولها البحوث من باب الهجرة الدولية المرتبطة بالعمل. بينما هي مماثلة تماماً لتجارة الرق التي كانت تجري في افريقيا في القرون التي افتتح فيها المستكشفون والرحالة الأوربيين مجاهل إفريقيا.

هناك نمط أخير قلما ما يضمن في أنماط الهجرة القسرية وهو يتعلق ببرامج استقطاب النخب أو ما يعرف ببرامج سرقة العقول Brain-Drain. وهو برنامج وثيق الصلة بما يعرف في ظاهرة اللجوء ببرامج إعادة التوطين  Resettlement programs. حيث أن الجامع بينهما منهجية اختيار من يجري إنتقاءهم في برامج اعادة التوطين. وكلمةDrain  باللغة الإنجليزية نفسها تتسع للعديد من التفسيرات. فهي تعنى تجفيف وإفراغ كما تعنى استدراج ونزوح واستنزاف. وجميعها ذات دلالات يمكن تضمينها العديد من التفسيرات لمغادرة النخب لأوطانها التي هي بأمسّ الحاجة إليها.

مناهج البحث في ظاهرة اللاجئين:([55])

هناك تباين في الآراء حول أيهما مقدم على الآخر هل مناهج البحث هي المقدمة أم المشكلة المبحوثة؟ يذهب البعض إلى أن “المشكلة” المبحوثة هي المقدمة والأهم من منهج البحث وتصميمه,([56])  وعلى أي حال نجد إننا هنا لابد أن نعطى المنهج البحثي حقه وحظه من الاهتمام.

ومن حيث أفضلية المناهج يجب أن نميز بين نمطين من البحوث,البحوث التي تنتج معرفة عامة تخدم اغراضاً متباينة, وتلك المعنية بشكل مباشر بالسياسات. إذ أنه في الغالب يفضل صانعوا السياسة استخدام البحوث ذات الطبيعة الكمية Qualitative على البحوث النوعية Quantitative وذلك للطبيعة الكلية للسياسات نفسها. أما البحوث النوعية ولطبيعتها الخاصة يبدو أنها ستكون المفضلة لأنواع معينة من البحوث على غيرها. وبالطبع هناك فرق بين المنهجين عند استخدامهما لبحوث السياسات.

وبحوث اللاجئين الكمية عبارة عن الأساليب التي يسعى بها الباحث لقياس الظاهرة الاجتماعية وجمع البيانات الرقمية عنها وتحليلها والتركيز حول الروابط بين الأعداد الأصغر وبين الحالات. وتُعرف بحوث اللاجئين الكمية أيضاً بأنها التقنيات التي تستخدم لجمع البيانات والمعلومات التي تتعامل مع الأرقام وكل ما يمكن قياسه. كما أنها تتميز بقدرتها على عرض النتائج التي يتم التوصل إليها عبر الجداول والرسوم البيانية وهو ما يميزها عن بحوث اللاجئين النوعية. وتُعرف بحوث اللاجئين الكمية, أيضاً, بأنها التقصي العلمي المنظم للخواص والظواهر والعلاقات التي بينها. وذلك بهدف استخدام وتطوير نماذج رياضية ونظريات وفروض تناسب الظاهرة مناط البحث. وتعد عملية القياس محور البحوث الكمية وذلك لأنها توفر الصلة الأساسية بين الملاحظة الاختبارية والتفسير الرياضي للعلاقات بين مكونات الظاهرة.

وبحوث اللاجئين الكمية هي طريقة تُؤكّدُ على قياسَ الحوادث وإتّجاهاتِ اللاجئين الموجودين من ضمن العينة المستهدفة. والسائد في بحوث اللاجئين الكمية أن يختار الباحث المنهج الذي يجاوب على أسئلة وفروض البحث بالشكل الكافي والمنطقي. وليس لاختيار أي منهج علاقة بتفضيلات شخصية لدى الباحث لهذا المنهج أو ذاك.

فالمناهج ذات الطبيعة الكمية إنما تصلح في تحليل وتفسير الملاحظات بغرض اكتشاف المعاني الكامنة في نماذج وأساليب العلاقات. ويتضمن ذلك تصنيف أنواع الظواهر والكينونات بشكل ليس بالضرورة أن يتضمن نماذج رياضية. فمثلاً إذا كان البحث عن نماذج العلاقات التفاعلية بين المكونات الاثنية المتباينة لمجتمع ما خلال فترات الكوارث التي نتجت عنها هجرات جماعية هي الهدف الأساسي لجمع البيانات فان البحث الكمي يستخدم لمعرفة الظاهرة مناط البحث ومن ثم تكوين نظرية يمكن اختبارها عن طريق بحوث كمية لاحقة.

أما بحوث اللاجئين النوعية Qualitative فهي مُهتمّة بشكل أساسي بتطوير تفسيراتِ للظاهرة المستهدفة. بمعنى آخر، يهدّفُ لمُسَاعَدَتنا لفَهْم ظاهرة اللجوء التي نراها ماثلة أمامنا ونهتم بشكل جوهري بالظاهرة من حيث الحصول على إجابات على أسئلة مثل: لماذا يسلك اللاجئين على النحو الذي يسلكون؟ وكيف تتكون آراءهم واتجاهاتهم وكيف تتأثر هذه الآراء والاتجاهات بمُشَكَّلة معينة؟ وكيف يتأثّرون بالأحداثِ التي تَجرُّى من حولهم؟ وكيف ولماذا تطورت ثقّافُتهم على هذا النحو؟ فعلى سبيل المثال إذا أخذنا بحث في صحة اللاجئين نجد أن استخدام المنهج النوعي أهم وذلك لأنه يغلب أن يتضمن أسئلة من على شاكلة استكشاف أَو تعريف المفاهيمِ أَو وجهاتِ النظر و”استكشاف فرص التطبيق والسياق الواقعي وبحث مواضيع حسّاسة حيث أنَّ المرونة متطلب أساسي لإجراء البحث وذلك لتَجَنُّب تسبّيب أي ضِيقِ. حيث تتمايز كل حالة عن غيرها من حيث التاريخ المرضي. وبالتالي لا تصلح بحوث اللاجئين الكمية.

ونحتاج لبحوث اللاجئين النوعية في قضايا ذات طبيعة خاصة.([57]) ومن الأمثلة على ذلك لماذا يفضل بعض اللاجئين من نفس الاثنية والشريحة الثقافية من دولة محددة العودة التطوعية بينما يفضل آخرين من نفس الجماعة الاندماج المحلى؟ أو كيف يوفّق اللاجئين بين المحافظة على ثقافاتهم والتأقلم مع المجتمع المحلى؟ كما يستخدم أحيانا لسبر غور العينات الخفية Hidden sample. رغم ضمور البحوث النوعية في الستينات والسبعينات إلا أن هناك توجه متسارع نحوها حالياً, وهناك اهتمام متزايد ببحوث اللاجئين النوعية خاصة إذا كانت الدراسة أو البحث يستهدفان الميادين ذات الطبيعة الفنية مثل أوبئة وأمراض معينة تترافق مع تدفقات اللاجئين في مجالات كالطب مثلاً.([58])

معظم بحوث اللاجئين النوعية تقود في نهاياتها إلى نوعين من التحليل هما([59]) تحليل من داخل الحالةWithin case  وتحليل حالة متقاطع Cross-case. التحليل من داخل الحالة يتضمن تحليل وتفسير البيانات وتقنياتها وذلك بغرض شرح وبيان الظاهرة في سياق مؤكد يجعل الحالة الفردية بغض النظر عما إذا كانت فرد أو جماعة صغيرة أو وحدة كبيرة الحجم كحركة متمردة مسلحة أو منظمة أو معسكر لاجئين. وفي الواقع تحليل داخل الحالة مناسب مع الأوضاع التي تتضمن أكثر من حالة واحدة مفردة.

إلا أن بحوث اللاجئين النوعية تواجه ثلاثة تحديات جوهرية, وهى: التمثيل والشرعية والتطبيق.([60]) مشكلة التمثيل تشير إلى صعوبة التمثيل الحى والمتناسب للتجارب الحية. وتشير الشرعية إلى مصطلحات مثل الصدقية والتعميم والثبات Reliability. ويعتمد التطبيق إلى حد بعيد على جودة الإشراف والمتابعة من قبل المشرف على الباحث أو قدرة الباحث نفسه وخبرته وتجربته في إجراء البحوث.

تهدف البحوثِ النوعية بشكل عام إلى التَعمق في الظاهرة وفَهْمها عن طريق إجْراء تحليل معمّق وذو حسّاسية ودرجة عالية مِنْ الوعي بالمَوْضُوعِ وبالممثلين المشاركَين في تلك الظاهرةِ محل البحث.([61]) ويغلب أن يلجأ بعض الباحثون لإستخدام المنهج النوعي بسبب قلة البيانات والمعلومات المتوفرة بشان الظاهرة أو القضية موضوع البحث.([62]) ولهذا السبب يوصى باللجوء إلى استخدام المنهج النوعي.

الإحصاءات في بحوث اللاجئين:

ابتداء من أوائل التسعينات أخذت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تعطى إحصاء اللاجئين أهمية أعظم ومتزايد. وبناء عليه تم تأسيس وحدة مختصة بالبيانات الإحصائية من حيث جمعها وتصنيفها وتحليلها وكتابة التقارير الإحصائية.([63]) رغم هذا إلا أن الفارق مازال واسعاً ما بين الواقع, وما تتحصل عليه المفوضية من بيانات إحصائية وبعبارة أدق ما تعرضه من بيانات. وتذهب بعض الدراسات إلى القول أن السبب في هذا التناقض يعود وبشكل جوهري إلى أسباب سياسية أكثر من كونه عائد إلى عوامل فنية.([64])

ويرتبط الإحصاء بشكل عام ارتباطاً وثيقاً ببحوث اللاجئين الكمية, وهي ترتبط أيضا بالبحوث الاقتصادية والعلوم الاجتماعية الأخرى فضلاً عن الرياضيات والأحياء. وعادة ما تكون نقطة الانطلاق في بحوث اللاجئين الكمية البداية بفرضية أو نظرية تتبع بتطبيقات مناهج وصفية أو إحصائية وتدرس العلاقات السببية Causal Relationships بمعالجة العوامل التي يعتقد الباحث بأنها تؤثر على الظاهرة المستهدفة بالدراسة. هذا في حين يجرى في نفس الوقت السيطرة على المتغيرات الأخرى ذات الصلة بنتائج التجربة أو الاختبار.

الإحصاء جانب حيوي ومهم في بحوث اللاجئين ولا يستغنى عنه الباحثون والممارسون أو واضعي السياسات. وهذا يشمل جميع أنماط الهجرة بغض النظر عن موضوع الإحصاء نفسه. فحجم الإغاثة وكميتها لا يرتبطان فقط بمقدار وحجم الحاجة إليهما فقط بل بالسياسات التي تحققها هذه الإغاثة في المقام الأول. بمعنى آخر فان التجربة أثبتت أن السياسات هي التي تحدد حجم الإغاثة التي يفترض أن تقدم وليس عدد هؤلاء المهاجرين وهذه نفسها لا يمكن أن تقدم بدون المعرفة الدقيقة للبيانات الخاصة بهم.[65] فهناك عوامل عديدة تلعب دورا محوريا على البيانات التي تنشر حول اللاجئين وتدفقاتهم. وتتراوح هذه العوامل مابين السياسي والتجاري والأمني.

هذا لا يعنى أن هناك إجماعاً حول أهمية ألإحصاءات بالنسبة لبحوث اللاجئين. فبعض المدارس تقلل من أهمية الإحصاءات.([66]) إلا أنه من المؤكد أن الإحصاءات تحتل مكان القلب بالنسبة للبحوث الكمية بشكل خاص وأي تجاهل لها يعنى وجود نقطة ضعف جوهرية في أي بحث ذو صلة باللاجئين. ويربط التشديد في استخدام الإحصاء في بحوث اللاجئين بالرغبة في السيطرة والهيمنة.([67])

إلا أن بعض الجهات العاملة في المجال تبرر التشدد في إجراء الإحصاءات لكونها وثيقة الصلة بوضع الميزانيات أو تصميم برامج المساعدات أو تقدير اتجاهات المستقبل والطوارئ السياسية….الخ. كما أن بعض الجهات تربط ذلك بضرورته لتوفير سبل الإمداد للإغاثات والمساعدات كما تقول بذلك بعض المنظمات والمفوضية السامية للاجئين.([68]) حيث تمكن البحوث الكمية من تحديد كميات الاغاثة والعون الذي يمكن ان تصنعه وتنتجه الشركات المتخصصة بينما تحدد الادوات النوعية إن كان ثمة منتجات بعينها تجد اولوية في مطلوبات اللاجئين وحاجاتهم.

وليس من المتاح في هذه العجالة التفصيل في الموضوع ولكن لابد من الإشارة إلى ثلاثة تحديات جوهرية تواجه الباحث في هذا الجانب. يتعلق الأول بدلالات النتائج واستخداماتها. ويتعلق الثاني بالتناقض في بيانات اللاجئين. أما التحدي الثالث فيتعلق بتسييس الإحصاءات. وهي جوانب تحتاج مباحث مستقلة بذاتها.

مصادر بيانات ومعلومات اللاجئين:

تتناثر بيانات ومعلومات اللاجئين الموجودة في الوثائق بين مؤسسات ومنظمات مختلفة. فضلاً عن ذلك تتباين مواقع وجودها ما بين المدن والمعسكرات أو المنظمات والمؤسسات الحكومية. إضافة لذلك كثيراً ما يكون الحصول عليها تكتنفه تحديات أمنية في مواقع غير آمنة هذا إذا أصبحت هي في حد ذاتها متاحة ويمكن الحصول عليها بدون معوقات. وهو الأمر الذي يتطلب إدارة حصيفة لعملية جمع البيانات وتوظيفها. وهذا يقودنا بشكل غير مباشر إلى طرق انتخاب العينات في بحوث اللاجئين بالسياسات بشكل مهم بحيث لا يمكن تجاوزه. فطبيعة الظاهرة نفسها وارتباطها بمؤسسات الحكم المتباينة يجعل من التخصصية والخصوصية مما لا يمكن تجاوزه. ودعنا نعطى أمثلة لما تذهب إليه البحث بمثالين, هما: اللاجئين المصابين بالايدز واللاجئين الناشطين سياسياً. فطبيعة هاتين الفئتين تستلزم اختيار أسلوب عينة معينة بدونها يصعب الوصول إلى هاتين الفئتين. وهي تشبه الفئات الميالة للانزواء من اللاجئين الذين يعيشون بعيدا عن الآخرين. وهؤلاء على الأغلب منغمسون في أنشطة غير قانونية بنظر السلطات الحكومية مثل القطع الجائر للغابات وتجارة التهريب والصيد الممنوع. وتندرج هذه الفئات اصطلاحاً تحت ما يعرف بالعينات الخفية Hidden sample.

خاتـمـــــة:

نواجه في العالم العربي تحديات جسام تتعلق بالنهضة والتنمية بل تكاد تكون تحديات تتعلق بالبقاء على وجه البسيطة ككينونات ذات سيادة وخصوصية سياسية وثقافية. تدفقات اللاجئين لا تتعلق فقط بالتهديدات السياسية التي يمكن أن تواجهها الدول ولكن يمكن أن تكون “فرصة” صالحة إذا تم إحسان إدارتها بالشكل الذي يطور معادلة توازن ما بين المهددات, أي كان محورها, إذا ارتبطت باللاجئين والتدفقات البشرية كمصدر, والاستخدام الأمثل للوارد من العقول والبشر. وهذا أمر لا يمكن أن يكون بعيداً عن البحوث إذا أُريد له أن يتم.

وما ذكرناه أعلاه يقودنا إلى القول بأنه إجمالاً فإن إجراء البحوث عن اللاجئين في حد ذاته قد لا يكون مشكلة لكثير من الباحثين. وفي الواقع تنتشر تجمعات اللاجئين ويمكن إجراء البحوث عنهم وحولهم مثلهم مثل إي مجتمع في العالم العربي بجناحيه الإفريقي والأسيوي. كما أنه من الممكن جمع بيانات ومعلومات عديدة عنهم من مصادر مختلفة ومتباينة. كما أنهم أنفسهم كمكون مادي غالبا يكونون موجودين في مناطق محددة. ولكن التحدي حقيقة ليس فقط في جمع البيانات ولا في جمع المعلومات ولكن في كيفية الاستفادة من هذه البيانات والمعلومات في توليد معارف جديدة. أما الجزء الثاني وهو الأهم فهو كيفية استخدام هذه المعارف بما ينفع ويفيد المجتمعات العربية. ويرتبط هذا بشكل وثيق باهمية بناء نموذج أو اطار معرفي يستوعب التحديات المحلية.

في هذا البحث حاولنا الاسهام في ذلك بالتعويل على أهمية البعد الوظيفي في اعداد وكتابة البحوث. بحيث عرضنا القضايا التي يمكن ان تكون مثار اهتمام لمستويات الحكم المختلفة وللمنظمات التطوعية أو للشركات والقطاع الخاص. كما بيّنا الأساليب المهمة وضرورة الصرامة في تحديدها وتحديد الأدوات التي يمكن استخدامها. ثم حاول البحث أن يربط بين أسلوب جمع البيانات والمعلومات من جهة والاداة من جهة أخرى. على أن هذه نفسه لم يكتمل بالشكل المؤمل, مما يفتح الباب أمام إعادة معالجة مسألة بناء نموذج أكثر اكتمالاً وتماماً.

 

المصادر العربية:

  1. أحمد كراداوى, الدكتور, حقوق اللاجئين في القوانين الدولية والقومية, ورقة عمل, المؤتمر القومي للاجئين, الخرطوم 18-20 ديسمبر 1994م.
  2. حليم بركات, الدكتور وبيتر ضود, الدكتور. النازحون: اقتلاع ونفي. منشورات مؤسسة الدراسات الفلسطينية. بيروت, 1968م.
  3. الصادق بخيت الفقيه, الدكتور, السود والأقليات في أمريكا, مجلة دراسات المستقبل, مجلة نصف سنوية, تصدر عن مركز دراسات المستقبل, العدد رقم 2 , المجلد رقم 3, ديسمبر 2007م. الخرطوم .
  4. عطوف محمود يسن, الدكتور, نزيف الأدمغة: هجرة العقول العربية إلى الدول التكنولوجية, دار الأندلس. لبنان, 1984م.
  5. عطوف محمود يسن, الدكتور, نزيف الأدمغة: هجرة العقول العربية إلى الدول التكنولوجية, دار الأندلس, لبنان, 1984.
  6. مصعب عبد القادر, الدكتور, سيسيولوجيا الهجرة وتداعياتها السياسية, مجلة السودان للبحوث والدراسات الإستراتيجية, مركز السودان للبحوث والدراسات الإستراتيجية, الخرطوم, فصلية محكمة, العدد الأول, يونيو 2007م.

المصادر الانجليزية:

  1. Ahmed A. Karadawi. Through the Looking Glass: COR and Refugee Studies and Research in the Sudan. COR. First Organizational Conference of COR. Unpublished 1989.
  2. Alice Bloch. Carrying Out a Survey of Refugee: Some Methodological Considerations and Guidelines. Journal of Refugees Studies.1999, 12, 4:376-383.Oxford University Press.UK.
  3. Andress Danevad &Greta Zeender. The Global IDP Project: Meeting the Challenge of Monitoring Internal Displacement.
  4. Anna Schmidt. I Know what you are doing: Reflexivity and Methods in Refugee Studies.htt://rsq.oxfordjournals.Org/cgil/content/abstract
  5. Anne Lacey & Donna Luff. Qualitative Data Analysis. Trent RDSU, 2007. trentrdsu.org.uk.
  6. Anthony Onwuegbuzie & Nancy L. Leech. Sampling Design in Qualitative Research: Making the Sampling Process More Public. The Qualitative Report. Vol.12, No.2, June 2007. www.nova.edu/ssss/qr/qr12-2/ Onwuegbuzie1.
  7. Assefaw Bariagaber. Linking Political Violence and Refugee Situations in the Horn of Africa: An Empirical Approach. International Migration Review. Vol. xxxiii, No.2, 1995.
  8. Bela Statistically Correct Asylum Data: Prospects and Limitations. Working Paper No.37. New Issues in Refugee Research. April 2001.Genva.
  9. Beverley Hancock, Elizabeth Ockleford & Kate Windridge. An Introduction to Qualitative Research. Trent RDSU, 2007. The Department of Primary Care & General Practice, University of Birmingham. trentrdsu.org.uk.
  10. Birgitte Refslund Sø Anthropological Contributions to Forced Migration Studies: Critical Analysis and Ethnography. Researching internal Displacement, NTNU, Trondhiem, 7-8 February 2003. Copenhagen.
  11. George Boeree. Qualitative Methods. Shippensburg University.1998.
  12. Carole Seymour- Jones. Refugees: Past and Present. New Discovery Books. New York, USA. 1992.
  13. Claudena Skran & Carla N. Daughtry. The Study of Refugees before “Refugee Studies”. http: // rsq .oxfordjournals .org/ cgi/content/abstract/26/3/15
  14. Connie Oxford. Changing the Research Question: Lessons from Qualitative Research. Researching Migration: Stories from the Field. The Social Science Research Council. New York. 2007. http: // www .ssrc. org / pubs / researching _migration.
  15. David Turto. Refugees, Forced Resettlers and other Forced Migrants: Towards a Unitary Study of Forced Migration. UNHCR. Working Paper No.94. Geneva. Sep 2003.
  16. David Turton. The Meaning of Place in a World of Movement: Lessons from Long-Term Field Research in Southern Ethiopia.
  17. David Wainwright. Can Sociological Research Be Qualitative, Critical and Valid? The Qualitative Report, Volume 3, Number 2, July, 1997. http://www.nova.edu/ssss/QR/QR3-2/wain.html.
  18. Eftihia Voutira. Refugees: Whose Term is it Anyway? Emic and Etic Construction of Refugees in Modern Greek. Published in The Refugee Convention at Fifty: A View from Forced Migration Studies. Edited by Joanne van Selm and Others .Lexington Books, USA.2003.
  19. Elisa Mason. Keeping With Refugee Researches. htt://rsq. oxfordjournals. Org/cgil/content/abstract.
  20. Ellen Lammers. Researching Refugees: Preoccupation with Power and Questions of Giving.htt: // rsq.oxfordjournals.org/ cgil /content/abstract.
  21. Emma Hadded. Who is a Refugee? EUI Working Paper, SPS, No.2004/6.
  22. Francis Deng. Research Needs & Challenges on Internal Displacement. Internally Displaced Persons. Researching Internal Displacement, NTNU Trondheim 7-8 February 2003.
  23. Greta Uehling. How Can We Obtain the Information We Need About Refugees? Forced Migration.18. fmreview.org/ FMR pdfs
  24. E. Harrell-Bond. Imposing Aid: Emergency Assistance to Refugees. Oxford University Press.1986.
  25. Howard Adelman. The Place of IDP Research in Refugee Studies. Researching internal displacement, NTNU Trondheim 7–8 February 2003.
  26. Ibrahim Elnur, Yassir Yacoub, Fatima Elrasheed and Ahmed Karadawi. Resource Guide to Displaced and Refugees Studies in the Sudan.Published by DPSG, Juba University, Sudan. October 1994.
  27. Jeff Crisp. Policy Challenges of the New Diasporas: Migrant Networks and their Impact on Asylum Flows and Regimes. Working Paper No. 7. New Issues in Refugee Research. Policy Research Unit, UNHCR. May 1999.
  28. Jessica R. Goodkind & Zermarie Deacon. Methodological Issues in Conducting Research with Refugee Women.
  29. Karen Jacobsen Loren Landau. Researching Refugees: Some Methodology &Ethical Considerations in Social Science and Forced Migration. UNHCR. Working Paper No.90.
  30. Linda Reflections on Research among Liberian Refugees. Forced Migration Review.No.8. Refugee Studies Center, University of Oxford. UK.
  31. Malkki, Refugees and Exile: From ‘Refugee Studies’ to the National Order of Things. Annual Review of Anthropology, 1995, 24: 495-523.
  32. Megan Bradley. Refugee Research Agendas: The Influence of Donors and North-South Partnerships. St. Anthony’s College, University of Oxford, UK. htt: // rsq. Oxfordjournals. Org/cgil/content/abstract.
  33. Philip Marfleet. Refugees and History: Why We Must Address the Past. Refugee Studies, University of East London, London. UK.htt://rsq.oxfordjournals.org/cgil/content/abstract.
  34. Riorgia Dona. The Microphysics of Participation in Refugee Research. Migration Studies August 2006.
  35. Roger Zetter. More Labels, Fewer Refugees: Remaking Refugee Label in Era of Globalization. Refugee Studies Center, Dep. Of International Development, Oxford University, UK. June 1 2006.
  36. Sandra M. Gifford and Others. Meaning or Measurement? Researching the Social Context of Health and Settlement among Newly Arrived Refugee Youth. Migration Studies, January 2006.
  37. Stephen Castles. Towards a Sociology of Forced Migration and Social Transformation. Sociology. Vol.37 (1): SAGA Publications, London.2003. fmreview.org/ FMR pdfs

[1]– أحمد عاطف, الدكتور, سيسيولوجية المعرفة: الماهية والمنهج, مجلة العلوم الاجتماعية, العدد 4, يناير 1977م, جامعة الكويت, الكويت, ص 9.

[2]– أحمد عاطف, الدكتور, المصدر السابق, ص 14.

[3]– حامد عبد الماجد, الدكتور, مقدمة منهجية في دراسة وطرق بحث الظواهر السياسية, جامعة القاهرة, دار الجامعة للطباعة والنشر, مصر, 2000م, ص 67-68.

[4]– أحمد عاطف, الدكتور, مصدر سبق ذكره, ص 17.

[5] بداهة معلوم ان البحث تختلف عن الدراسات, فالدراسات هي الاغراق في دراسة ما هو منتج اصلاً من المعرفة, بينما البحث هو التقصي والغوص في سبل انتاج المعرفة وانتاجها. والبحث مصطلح يشير إلى الإجراءات التطبيقية المتسقة مع الشروط المنهجية والذي يتم تطبيقه لإنتاج المعرفة.

[6]– David Turto. Refugees, Forced Resettlers and other Forced Migrants: Towards a Unitary Study of Forced    Migration. UNHCR. Working Paper No.94.Sep 2003. Geneva. P.2.

[7] – Stephen Castles. Towards a Sociology of Forced Migration and Social Transformation. Sociology. Vol.37 (1): SAGA Publications, London.2003. www.fmreview.org/ FMR pdfs 

.P.26.

[8]– أحمد عبد الودود كراداوى, معتمدية اللاجئين ودراسات اللاجئين في السودان, معتمدية اللاجئين, المؤتمر التنظيمي الأول, 1989م, ص 31.

[9]– Megan Bradley. Refugee Research Agendas: The Influence of Donors and North-South Partnerships. St. Anthony’s College, University of Oxford, UK.

[10]-Karen Jacobsen Loren Landau.  Researching Refugees: Some Methodology &Ethical Considerations in Social Science and Forced Migration. UNHCR. Working Paper No.90.P.1.

[11] – د. احمد كراداوى. حقوق اللاجئين في القوانين الدولية و القومية. ورقة عمل. المؤتمر القومي للاجئين. الخرطوم 18-20 ديسمبر 1994. ص 1.

[12]-Linda Kreitzer. Reflections on Research Among Liberian Refugees. Forced Migration Review.No.8. Issued by Refugee Studies Center, University of Oxford. UK. P.15.

[13] – B.E. Harrell-Bond. Imposing Aid: Emergency Assistance to Refugees. Oxford University Press.1986..P.375.

[14]– حديثاً جداً حتى هذا الاستثناء أصبح في غير مكانه إذ أخذت الهند تطالب بحقوق سياسية لمواطنيها الموجودين في بعض الدول الخليجية بدعوى اسهامهم في نهضة وتطور هذه الدول.

[15]-Alice Bloch. Carrying Out a Survey of Refugee: Some Methodological Considerations and Guidelines. Journal of Refugees Studies.1999, 12, 4:376-383.Oxford University Press.UK.

[16]– Roger Zetter. More Labels, Fewer Refugees: Remaking Refugee Label in Era of Globalization. Refugee Studies Center, Dep. Of International Development, Oxford UNIVERSITY. June 1 2006, UK.

[17] – C. George Boeree. QUALITATIVE METHODS. Shippensburg University.1998. P.32.

[18]-David Turton. The Meaning of Place in a World of Movement: Lessons from Long-Term Field Research in Southern Ethiopia. RSC Working Paper No. 18. August 2004 .P.4.

[19]-Sandra M. Gifford and Others. Meaning or Measurement ? Researching the Social Context of Health and Settlement among Newly Arrived Refugee Youth. Migration Studies, January 2006.

[20] – Riorgia Dona. The Microphysics of Participation in Refugee Research. Migration Studies August 2006.

[21]-Ahmed A. Karadawi. Through the Looking Glass: COR and Refugee Studies and Research in the Sudan.1989,COR.First Organizational Conference of COR. Paper.

[22]– Clauda Skran &Carla N. Daughtry. The Study of Refugees Before Refugee Studies. http:// rsq. oxfordjournals. org/cgil/ content/ abstract.

[23] – د. حليم بركات و د. بيتر ضود. النازحون: اقتلاع ونفى. منشورات مؤسسة الدراسات الفلسطينية. بيروت. 1968. ص 9.

[24]-Ellen Lammers. Researching Refugees: Preoccupation with Power and Questions of Giving. Available at:

htt: // rsq.oxfordjournals.org/ cgil /content/abstract.

[25]-Anna Schmidt. I Know what you are doing: Reflexivity and Methods in Refugee Studies. Available at:

 htt: // rsq. oxfordjournals. Org/cgil/content/ abstract.

[26]-Megana Bradley. Refugee Research Agendas: The Influence of Donors and North-South Partnerships. Htt: // rsq. Oxfordjournals . org/cgil/content/abstract.

[27]-Philip Marfleet. Refugees and History: Why we must address the Past?

          htt://rsq.oxfordjournals.org/cgil/content/abstract.

[28] – Elisa Mason. Keeping With Refugee Researches. htt://rsq. oxfordjournals. org/cgil/content/abstract.

[29]– Ibrahim Elnur, Yassir Yacoub, Fatima Elrasheed and Ahmed Karadawi. Resource Guide to Displaced and Refugees Studies in the Sudan. Published by DPSG, Juba University, Sudan. October 1994.

[30]– Carole Seymour- Jones. Refugees: Past and Present. New Discovery Books. New York, USA. 1992. P.6.

[31] -Carole Seymour- Jones, Op., Cit.P.6

[32]– Carole Seymour- Jones.P.6.

[33] – هذا لا يعنى أنه لم يكن هناك اهتمام باللاجئين على المستوى البحثي والعلمي إذ شهدت بعض الجامعات وجود بحوث على مستويات مختلفة من البكلاريوس وحتى الدكتوراة أعدها طلاب في الجامعات السودانية. وأول بحث من هذا النوع كان في عام 1974م بجامعة الخرطوم أعده عمر محمد على بمعهد الدراسات الإضافية. إضافة لهذا بعض الحقول العلمية تدعى تبعية دراسات اللاجئين إليها مثل علم اجتماع الإنثربولوجي أو علم الاجتماع أو السياسة أو القانون. إلا أنه من المؤكد الآن أن هذا المجال اتجه إلى أن يأخذ شكله الخاص به من حيث البرامج الدراسية والخاصة بأوجه وأصناف الهجرة القسرية المختلفة وتطور المصطلحات الأكاديمية الخاصة به وإطاره المفاهيمى ونماذجه التحليلية.

[34]-Claudena Skran & Carla N. Daughtry. The Study of Refugees before “Refugee Studies”. http: //rsq .oxfordjournals .org/ cgi/content/abstract/26/3/15.  

[35]Stephen Castles. Towards a Sociology of Forced Migration and Social Transformation.  Sociology. Vol.37(1):SAGA Publications, London.2003.P.14.

[36]– Jeff Crisp. Policy Challenges of the New Diasporas: Migrant Networks and their Impact on Asylum Flows and Regimes. Working Paper No. 7. New Issues in Refugee Research. Policy Research Unit, UNHCR. May 1999.P.2.

[37]– Stephen Castles. Op. Cit. P.15.

[38] – Jeff Crisp. Policy Challenges of the New Diasporas:P.2.

[39] -David Turton. P.8.

[40]– والباحث عند ما يختار مجال دراسات اللاجئين فهذا يعنى تلقائيا أنه اختار أن تكون السياقات الاجتماعية والسياسية والنفسية والاقتصادية للحرب والكوارث هي مجال بحثه. فمن ثم لابد أن يهيئ ذهنه ونفسه لعوالم من الشدة والرهق. فبيئة اللاجئين ودراستهم هي بيئة كوارث وحرب. والباحث الذي لا يهيئ نفسه لبيئة كهذه سيكون قد ضلّ الطريق. ولهذا عرفت بحوث اللاجئين بأنها جزء من بحوث بيئة الأوضاع السياسية المعقدة.

[41] – عطوف محمود يسن,الدكتور, نزيف الأدمغة: هجرة العقول العربية إلى الدول التكنولوجية, دار الأندلس, لبنان, 1984م ص 14.

[42] – الصادق بخيت الفقيه, الدكتور, مصدر سبق ذكره, ص 32.

[43]-David Turton. Conceptualization Forced Migration. RSC Working paper No.12. Oct 2003. Queen Elizabeth House, International Development Center, University of Oxford. UK.P.7.

[44]-Birgitte Refslund Sørensen. Anthropological  Contributions To Forced Migration Studies: Critical Analysis & Ethnography .P.7.

[45]-Birgitte Refslund Sørensen. Anthropological Contributions to Forced Migration Studies: Critical Analysis and Ethnography. Researching internal Displacement, NTNU, Trondhiem, 7-8 February 2003.Copenhagen.P.7.

[46]-Birgitte Refslund Sørensen.P.8.

[47]– Howard Adelman. The Place Of IDP Research in Refugee Studies. Researching internal displacement, NTNU Trondheim 7–8 February 2003.P.3.

[48] – د. مصعب عبد القادر. ص 36.

[49]– David Turto.P.6-7.

[50] -Emma Hadded. Who is a Refugee? EUI Working Paper, SPS, No.2004/6.P.4.

[51] – د. مصعب عبد القادر. مصدر سبق ذكره . ص 33.

[52]– Howard Adelman. The Place of IDP Research in Refugee Studies.P.2.

[53]-Howard Adelman. Op. Cit.P.2.

[54]-Malkki, L. Refugees and Exile: From ‘Refugee Studies’ to the National Order of Things. Annual Review of Anthropology, 1995, 24: 495-523.

[55]– استفاد البحث في هذا الجزء من مراجع مهمة منها:

  • Anne Lacey & Donna Luff. Qualitative Data Analysis. Trent RDSU, 2007. trentrdsu.org.uk.
  • Anthony Onwuegbuzie & Nancy L. Leech. Sampling Design in Qualitative Research: Making the Sampling Process More Public. The Qualitative Report. Vol.12, No.2, June 2007. www.nova.edu/ssss/qr/qr12-2/ Onwuegbuzie1.
  • Beverley Hancock, Elizabeth Ockleford & Kate Windridge. An Introduction to Qualitative Research. Trent RDSU, 2007. The Department of Primary Care & General Practice, University of Birmingham. trentrdsu.org.uk.
  • George Boeree. Qualitative Methods. Shippensburg University.1998.
  • David Wainwright. Can Sociological Research Be Qualitative, Critical and Valid? The Qualitative Report, Volume 3, Number 2, July, 1997. http://www.nova.edu/ssss/QR/QR3-2/wain.html.

[56] -Philip Davies, PhD. Is Evidence-Based Government Possible? Prime Minister’s Strategy Unit, Cabinet Office, London, 19 February 2004. P.24.

[57] -A. Lacey & D. Luff. Qualitative Data Analysis. Trent RDSU, 2007. P.5. Available at:  www.trentrdsu.org.uk.

[58]– David Wainwright. Can Sociological Research Be Qualitative, Critical and Valid? The Qualitative Report, Volume 3, Number 2, July, 1997. Available at: (http://www.nova.edu/ssss/QR/QR3-2/wain.html).

[59]– Anthony J. Onwuegbuzie & Nancy L. Leech. Sampling Design in Qualitative Research : Making the Sampling Process More Public. The Qualitative Report. Vol.12, No.2, June 2007.P.242.

[60]– Anthony J. Onwuegbuzie & Nancy L. Leech.. P. 238. Available at:

www.nova.edu/ssss/qr/qr12-2/ Onwuegbuzie1.

[61]– David Wainwright Op,Cit.P.13.

[62]–Connie G. Oxford. Changing the Research Question: Lessons from Qualitative Research. Researching Migration: Stories from the Field. The Social Science Research Council. New York. 2007.  P.119. Available at  http : // www .ssrc. org / pubs / researching _migration .

[63]-Bela Hovy. Statistically Correct Asylum Data: Prospects and Limitations. Working Paper No.37. New Issues in Refugee Research. April 2001.Genva. P.1.

[64]-Bela Hovy. Op,Cit.P.1.

[65] – خالد محمد دفع الله, السياسة الأمريكية تجاه لاجئي القرن الإفريقي, الناشر: المركز العالمي للدراسات والبحوث, الخرطوم, 2006م, ص 273.

[66] -Jeff Crisp. Who Has Counted? Op, Cit P.1.

[67] – Jeff Crisp. Who Has Counted Refugees? Op, Cit P.2.

[68] – Jeff Crisp. Who Has Counted Refugees. P.2.

إقرأ أيضاً

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية

العمل لأجل المنفعة العامة للأحداث وفقا لمسودة مشروع القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية Work …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *