السياسة الخارجية الإماراتية في القرن الإفريقي واليمن: الآثار والنتائج
UAE Foreign Policy in the Horn of Africa and Yemen: Implications and Results
مقدمة
تُعد السياسة الخارجية في أي دولة جزءا لا يتجزأ من سياستها الداخلية والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالحفاظ على النظام السياسي للدولة والشعب والإقليم مع المحافظة على ملحة الدولة القومية ، وقد عرفت موسوعة السياسة ” السياسة الخارجية ” على أنها العمل على تنظيم كل ما يقع تحت سيادة الدولة من الشعب والمؤسسات.[1] و كل سياسة خارجية في أي دولة تهدف إلى المحافظة على الروابط الرئيسية لعلاقاتها مع الدول الأخرى عن طريق استخدام ” الدبلوماسية”، وكلما كانت الدولة تتمتع بالقوة الداخلية سنعكس ذلك بالإيجاب على قوة السياسة الخارجية نظرا للتعاون المتبادل فيما بينهم ، وعند التطرق لمسألة السياسة الخارجية لأي دولة يجب الوقوف على العوامل الداخلية وعلى العوامل الخارجية ، فالعوامل الداخلية متمثلة بالموقع الجغرافي والجانب الثقافي والاجتماعي والسكاني والاقتصادي والعسكري، أما العوامل الخارجية فهي تتمثل علاقة الدولة بمنطقة الإقليم والشق الدولي ومستجدات الساحة العالمية. وما يهمنا هنا هو التطرق إلى ” السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة” والتي تعتمد بكل علم على الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة، والعمل على تقديم الدعم لدول الخليج العربي، والقيام بتشكيل العلاقات الدولية المتوازنة، وتوطيد الترابط العربي، وتقوم ” الإمارات” باتباع مجموعة من الأهداف الدائمة في سياستها الخارجية والتي تتمثل بكيان الدولة وعناصره من الشعب، والنظام السياسي، والإقليم والأمن القومي، وكذلك الأهداف المتغيرة التي تتمثل بالشق الإقليمي أو الدولي والتي تنتهي بانتهاء الموقف السياسي، بالإضافة إلى الأهداف بعيدة المدى التي تكون دائما بشكل مدروس للمستقبل، وتأتي مبادئ السياسة الخارجية الإماراتية على النحو الآتي :
- العمل على انتهاج سياسة العلاقات الودية مع دول العالم أجمع.
- عند وقوع دولة الإمارات العربية المتحدة في خلافات مع الجوار فإنها تلجأ إلى الطرق السلمية.
- تُرحب دولة الإمارات بالدول التي ترغب بالانضمام إليها.
- العمل على إحداث توازن في علاقاتها مع الجانب العربي الإسلامي والجانب الأجنبي انطلاقا من مبدأ الاحترام والتعاون المتبادل.
- اعتمادها على سياسة الحياد أو سياسة عدم الانحياز انطلاقا من إيمانها بأن اتباع مثل هذه السياسة يحول دون وقوع الخلافات مع الدول وبالتالي نصل للسلام العالمي.
ولتُحقق الإمارات الهدف القومي لسياستها الخارجية كان لا بد من إضافة جانب نصرة قضايا الأمن القومي العربي انطلاقا من مبدأ الوحدة العربية والملحة الواحدة التي تجمعهم، وكذلك الجذور العربية المتأصلة بينهم منذ التاريخ ،لذلك قامت بمساعدة بعض الدول العربية من الناحية القومية ، والناحية الاقتصادية عن طريق إمداد هذه الدول بالمعونات المالية والقروض من صناديق الإنماء وكذلك تقديم المنح.[2]
كما وتعمل ” دولة الإمارات العربية المتحدة” على تعزيز سياساتها مع منطقة ” القرن الإفريقي”، ويُشير القرن الإفريقي إلى المنطقة التي تقع في شرق قارة إفريقيا وتسمى بالقرن نظرا لبروز شكل المنطقة على شكل القرن، وتضم منطقة القرن الإفريقي أراضي من ( الصومال- جيبوتي- أثيوبيا – وكينيا ) ، وتعتبر هذه المنطقة منطقة صراع بسبب أهميته السياسية والعسكرية والاقتصادية خاصة مع وجود ” مضيق باب المندب” الذي يتصل بالساحل الشمالي للقرن الإفريقي، [3] وبالتالي يمكنن القول أن ” القرن الإفريقي” يُعبر عن مفهوم سياسي جغرافي حديث يختلف تفسير مفهومه من علم إلى آخر ، فقد حاول تفسيره علماء الجغرافيا والأنثروبولوجيا وعلماء السياسة، فمن وجهة نظر علماء السياسة المتخصصين في الصراعات الدولية يتم تفسير مفهوم ” القرن الإفريقي” على أنه الوحدة السياسية التي تضم جيبوتي والصومال وأثيوبيا وهي منطقة ذات صراع ثقافي قومي .[4] وقد برز دور الإمارات بشكل فعال في أزمة ” اليمن” منذ آذار لعام 2015م من خلال المشاركة مع قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وذلك لمساعدة اليمنيين على التخلص من الحوثيين المسلحين وجنود ” الرئيس الراحل” علي عبد الله صالح” ، ونجحت القوات الإماراتية في التخلص من جماعة الحوثيين في عدد من مناطق اليمن ، ولكن يشك البعض في نية الإمارات العربية المتحدة تجاه اليمن خاصة مع التواجد العسكري كبير الحجم، والسياسات المتبعة من قِبَلِها في اليمن. وسنحاول في هذا البحث تقديم إجابة عن التساؤلات التالية:
- ما هي أهمية القرن الإفريقي للخليج العربي؟
- ما هو دور السياسة الخارجية الإماراتية في ” منطقة القرن الإفريقي” ؟
- ما هو دور السياسة الخارجية الإماراتية في ” دولة اليمن” في ظل أزمتها المتعلقة بالانقلاب الحوثي؟
- ما هي أهداف دولة الإمارات العربية المتحدة من مساعدة الدولة اليمنية في أزمتها ضد الانقلاب الحوثي؟
أولا: أهمية” القرن الإفريقي” للخليج العربي
يحظى القرن الإفريقي بأهمية كبيرة وواسعة نظرا لموقعه الجغرافي المميز، بسبب وقوع جزء من المنطقة على المحيط الهندي ومضيق بابا المندب ، واحتوائها على المواد البترولية مما أكسبها الأهمية الاقتصادية خاصة في التعامل مع منطقة الخليج العربي ، وكذلك جاهزية أرضيها لإقامة حملات عسكرية عليها مما أكسبها الأهمية العسكرية والسياسية ، وفيما يتعلق بالعلاقة التي تجمع بين ” منطقة القرن الإفريقي” ومنطقة الخليج العربي هي وجود الاتصال التاريخي والجغرافي فيما بينهم ، بحيث أنه من الناحية التاريخية كان الخليج العربي عن طريق تجارته البحرية يربط ما بين شبه الجزيرة العربية ودول ساحل القرن الإفريقي وبالتالي أدى ذلك إلى تعارف شعوب الجهتين على بعضهم البعض ، فتاريخيا يعبر عن شعب القرن الإفريقي “بشعب الحبشة” الذي هاجر المسلمون إليه للتعرف على ثقافتهم، وبالتطرق إلى طبيعة التعامل الواقعي بين الخليج العربي وبين القرن الإفريقي نجد أن الجانب الاقتصادي والسياسي والعسكري هم أبرز الجوانب التي تربط بين المنطقتين ، بحيث أن ( الجانب الاقتصادي) هو الذي يتمثل بإقامة العديد من الاتفاقيات الأحادية بين الطرفين ، بالإضافة إلى التوجه للعمل الاستثماري والعمل على مساعدة أكثر من دولة في القرن الإفريقي [5]، أما ( الجانب العسكري والسياسي) يتعلق بمسألة أنصار الله أو ” الحوثيون” وهم عبارة عن حركة دينية عقائدية وتؤمن بالشيعية وعقائد الاثني عشرية هدفها سياسي متعلق بالحرب مع دولة اليمن التي استمرت لأربع سنوات وعادت لإشعال الحرب في اليمن مرة أخرى وفي السعودية ، وتهدف الخليج إلى ضم القرن الإفريقي إلى صفها للوقوف ضد هذا التوسع الإيراني الشيعي في اليمن .[6]
كما وترى دول مجلس التعاون الخليجي أن الجانب الاقتصادي داخل القرن الإفريقي يفوق الجاني السياسي فيها ، والسبب في هذا هو عدم وجود الاستقرار السياسي الداخلي في إفريقيا ، وقامت المملكة العربية السعودية بإبرام عدد من الاتفاقيات مع بعض دول القرن الإفريقي ، ومثال ذلك حث مواطنيها على الاستثمار داخل إثيوبيا ، كاتفاقية داعمة لاتفاقية تجنب الازدواج الضريبي عام 2014، وكذلك هناك اتفاقية مع جيبوتي متمثلة بالمنتدى الاقتصادي السعودي في عام 2017م . وكان لدولة الإمارات العربية المتحدة دورا هاما داخل أراضي القرن الإفريقي، ومثلها قطر ومن ثم الكويت أيضا، ولكن تتفق جميع دول مجلس التعاون الخليجي على محاربة النفوذ الإيراني في القرن ، وتسعى هذه الدول إلى مساعدتها للتخلص من حالات الانقسام والإرهاب فيها ، فمثلا الاستثمارات الخليجية المتواجدة في “الصومال” كما وعملت على نشر الأمن الاستخباراتي الخليجي داخل القرن خاصة في ظل وجود ” عاصفة الحزم” .[7]
ثانيا: دور السياسة الخارجية الإماراتية في منطقة القرن الإفريقي
دولة الإمارات العربية المتحدة هي دولة خليجية ذات سمات وخصائص مميزة على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، ولأنها تؤمن بالانفتاح على العالم وإقامة العلاقات الودية مع الآخرين والعمل على تحقيق السلام العالمي ، فقد كان دورها جليا في ذلك من خلال مناصرتها للشعوب الإفريقية التي طالبت بالتحرير والاستقلال ، كما عملت على إمدادهم بالمساعدات المادية والمعنوية والوقوف إلى جانب هذه الشعوب في مسألة عنصرية حكومة جنوب إفريقيا. [8]
وبالاعتماد على الأهمية التي تشكلها العلاقة القائمة بين دولة الإمارات العربية المتحدة و” منطقة القرن الإفريقي” نجد بروز الأهمية الإقليمية التي تشكلها ” دولة الإمارات العربية المتحدة ” تجاه هذه المنطقة على الصعيد السياسي تتجلى بالعمل على مساعدتها في الجانب الإنساني والجانب الإغاثي ، بالإضافة إلى نشر السلم والأمن في مناطق الصراع الإفريقي، وأبرز الأسباب التي دفعت الإمارات إلى التوجه نحو
القرن الإفريقي هي وجود ” عاصفة الحزم” وهذا مسمى اطلقته السعودية على الحوثيين المتواجدين في اليمن ، وعلى أية حال كان لا بد للإمارات التدخل في هذه المسـألة لأنها تؤثر على الأمن القومي للدولة بحيث تضامنت مع السعودية من خلال العمل على تضييق السبل على إيران لعدم إيصال الإمدادات الإرهابية إلى منطقة القرن الإفريقي ، لأن أي ضرر سيجتاح القرن سيؤثر حتما على أمن منطقة الخليج العربي لذلك اتجهت الإمارات إلى فرض سيطرتها على الملاحة البحرية التي تقع ضمن الموانئ البحرية المشرفة على إدارتها في القرن الإفريقي ، وإمداد التحالف العربي الذي يقف ضد عاصفة الحزم بالمواد الغذائية والبترولية ، وكذلك مكافحة العمليات الإرهابية خاصة تلك المتواجدة في دولة الصومال ، والتوقيع على الاتفاقيات الثنائية مع دول القرن لأجل ضمان عدم الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة. وبالنظر إلى الدول التي تتفاعل الإمارات معها في منطقة القرن الإفريقي نجد ( جيبوتي – الصومال- إثيوبيا- إرتيريا) وقامت بعمل علاقات دبلوماسية مع هذه الدول ففيما يتعلق ( بجيبوتي) انحدرت العلاقات بينها وبين دولة الإمارات في عام 2015م بسبب شركة موانئ دبي العالمية ثم استعادت نشاطها في إقامة اتفاقات ثنائية معها وتقديم منحة بقيمة 50مليون دولار لأجل تمويل مشروعات تنموية ، أما علاقتها مع ( الصومال) فكانت متمثلة بميثاق دبي لعام 2012م والذي هدف إلى مكافحة القرصنة البحرية ، وتعود علاقتها مع ( إرتيريا) لعام 1993م ، فقد ساهمت في عملية المفاوضات عندما انفصلت عن أثيوبيا ، كما وتقاربت الإمارات معها عسكريا وامنيا عن طريق إنشاء قاعدة عسكرية فيها لدعم قوات التحالف العربي الذين يقاتلون ضد جماعة الحوثيين في اليمن ، وكذلك تقربت الإمارات من (إثيوبيا) أو أديس أبابا في عام 2016م عن طريق توقيع اتفاقية مع بنك أوروميا بمبلغ 184 مليون درهم من خلال أبو ظبي لتنمية القطاع الزراعي وكذلك الماشية. أما على الصعيد الاقتصادي قامت الإمارات بزيادة عدد الاتفاقيات الاقتصادية مع دول القرن ، والعمل على حماية الممرات البحرية التي تنقل النفط الخاص بها وأهمها : ميناء( أريتيريا) و (بربرة ) في دولة الصومال.[9]
لدى دولة الإمارات سلسلة من العلاقات الطويلة مع ” منطقة القرن الإفريقي” المتعلقة بالتجارة البحرية، كما و قامت إلى جانب السعودية بمساعدة دول القرن الإفريقي المتمثلة بإرتيريا و إثيوبيا على إحداث حالة التقارب فيما بينهم ، وساهمت السعودية والإمارات في تهدئة الأوضاع ما بين إثيوبيا و الجمهورية المصرية ، بالإضافة إلى أنه يمكن للإمارات أن تعمل على إقامة الصلح بينها وبين “مقديشيو” وذلك للتخلص من حالة الانقسام بين حكومة الرئيس ” فارجاغاو” وبين ” القادة الإقليميين ” ، كما أن الإمارات
تستطيع تشجيع الحلفاء على عقد الصلح مع مقديشو ، وتعتبر الإمارات والسعودية الآن محور محادثات المستقبل فهما ممثلين جيوسياسيين على امتداد البحر الأحمر ، كما وأنهما يمكن أن تلعبان أدوار مهمة لصنع السلام. يمكن لأبو ظبي وأقرانها تشجيع التكامل الاقتصادي الإقليمي والمساعدة في إعطاء الزعماء في القرن الإفريقي دفعة إضافية من الدعم السياسي والمالي ، وكذلك كانت الإمارات تستضيف الشتات الكبيرة من دول القرن الإفريقي ، كما وأن الإمارات تعتبر نموذجا اقتصاديا متنوعا نظرا لأنها تعتمد على الملاحة البحرية من خلال مضيق باب المندب ومضيق باب هرمز والممر الضيق من خليج عدن بحيث يتواجد فيها ناقلات النفط وناقلات البضائع الخاصة بها ، وتعتبر إفريقيا طموحا لوجستيا – تجاريا كبيرا لكثير من الدول وبخاصة دول الخليج العربي .[10]
ثالثا: دور السياسة الخارجية الإماراتية في ” دولة اليمن” في ظل أزمتها المتعلقة بالانقلاب الحوثي
تعد ” دولة اليمن” دولة مهمة على الصعيد الإقليمي والدولي نظرا لما تتمتع به من أهمية استراتيجية واقتصادية وسياسية خاصة بمجاورتها لدول مجلس التعاون الخليجي ، ولأجل ذلك فإن أي ضرر أو اختراق يصيب الدولة اليمنية سيؤدي إلى تضرر دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها ” المملكة العربية السعودية” وهذا ما حدث عندما اجتاحت ” عاصفة الحزم ” أو ” جماعة الحوثيين ” الدولة اليمنية، فهذه الجماعات تصنف على أنها جماعات إرهابية خطيرة ، إذ تعود جذور هذه الأزمة السياسية إلى رفض الشعب اليمني لوجود الرئيس اليمني الراحل ” علي عبد الله صالح” في عام 2011م وكان هذا الرفض باستخدام أسلوب الاحتجاجات ، وتجلت مخاطر الأزمة اليمنية في توقف الحياة السياسية في الدولة من الناحية الدستورية وبالتالي تدهور الناحية الانتخابية ، وكذلك تفي حالة الفوضى والعنف المتمثل بعمليات الإجرام ، بالإضافة إلى حالة الصراع بين سلطة الحكم وجماعة الحوثيين بسبب رغبة الحوثيين بإزاحة السلطة والحل محلها ، والأهم هو ازدياد الصراع ما بين إيران والسعودية وذلك بسبب توسع وتغلغل النفوذ الإيراني عبر جماعة الحوثيين ، لأن السعودية بذلك تحمي الأمن القومي الداخلي وكذلك الأمن الإقليمي ، عدا عن التدهور المتفشي في الوضع المعيشي والاقتصادي للمواطن اليمني تزامنا مع عدم وجود المساعدات الخارجية الكافية من المواد الغذائية والأدوية ويتوقع فيما بعد أن تنحسر هذه المساعدات بشكل أكبر من ذلك خصوصا وأن القسم الأكبر من هذه المساعدات يأتي بالأصل من دول الخليج العربي.[11] وتتبع الإمارات العربية المتحدة في الحرب اليمنية سياسة الهيمنة ، ووصفها خبير استراتيجي على أنها عملية أو خطة عدوانية تجاه الدولة اليمنية وغرضها الأول والأخير هو غرض سياسي – عسكري والدليل على ذك هو وجود المكاسب الاقتصادية التي جنتها من خلال التعاون مع المملكة العربية السعودية في الجانب العسكري بالإضافة إلى الدولة اليمنية الممثلة بالرئيس ” عبد ربه منصور هادي” فقد عمل الرئيس اليمني على إحباط أهداف السياسة الإماراتية ، فالطرف السعودي والإماراتي يحصلان على أعلى نسبة من المكاسب في مقابل أن الدولة اليمنية تتمتع بنسبة أقل مع أنها تقع ضمن ميزان الشراكة. وقد سعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الوقوف إلى جانب دولة اليمن في حربها والعمل على تخطي حلفائها في ذلك، بحيث عملت على التحالف مع المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى وجود عشرة دول معهم ، فبينما السعودية كانت تقاتل ضد الحوثيين وجيشهم على الحدود اليمنية كانت الإمارات تتصرف تبعا لمصالحها الخاصة ، كما وتسعى الإمارات والسعودية إلى الاتفاق على نظام اتحادي فيدرالي يمني يجعل من الإيجابيات الجيوبوليتيكة للمناطق اليمنية التي تقع تحت النفوذ الإماراتي وبالتالي تحويل هذه المناطق إلى شراكة إماراتية –سعودية عن طريق جعل ميناء عدن مربوطا بموانئ دبي العالمية عن طريق إرجاع اتفاقيه 2012م ، وإقامة قواعد عسكرية على الزر والمضائق البحرية التي تطل اليمن عليها ، وكذلك التصدي لأهداف ” حزب التجمع اليمني للإصلاح” لأنه يتبع للإخوان المسلمين ووضع داخل لائحة الإرهاب العالمية. [12]
ولقد قامت وزارة الخارجية الإماراتية في( 12 ديسمبر لعام 2017م) بعقد اجتماعين مهمين في العاصمة أبو ظبي للبحث في الأزمة اليمينة وما ستؤول إليه وذلك بالاشتراك مع وزارة الخارجية لكل من ( المملكة العربية السعودية – بريطانيا-نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي) وخرج الاجتماع الأول بالتأكيد على دعم جهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن في تنشيط الحركة السياسية في البلاد ، وكذلك الانتقاد للسياسة الإيرانية في دعمها لميليشيات الحوثي في اليمن ، أما الاجتماع الثاني عقد في 14 ديسمبر لعام 2017م بين ولي عهد السعودية( محمد بن سلمان) وولي عهد أبو ظبي( زايد آل نهيان) مع ” محمد عبد الله اليدومي” وهو رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح بمشاركة وزير الدولة السعودي (مساعد العيبان) ووضح وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أن هذا الاجتماع يفضي إلى بيان أمرين:
- أن تقوم قوات التحالف بإعادة النظر في الاستراتيجيات التي تتبعها لأنها أصبحت قسما واسعا في الصراع بين المملكة العربية السعودية وبين طهران على النفوذ الإقليمي.
- أن تعمد أبو ظبي والمملكة العربية السعودية إلى مراجعة تحالفها مع الأحزاب السياسية الإسلامية للوصول إلى المصلحة لأنه بعد مقتل الرئيس اليمني علي عبد اله صالح لم يتبق سوى حزبين مسيطرين وهما ( حزب أنصار الله ” الحوثيين” ، وحزب الإصلاح وهو الأقوى على المستوى اليمني السياسي).[13]
رابعا: أهداف دولة الإمارات العربية المتحدة من مساعدة دولة اليمن في أزمتها ضد الانقلاب الحوثي
لقد انقسمت الآراء حول أفعال الدولة الإماراتية داخل اليمن، فمنهم من رأى أنها تقف حليفا مع السعودية في هذه القضية لأنها ترغب بالحفاظ على الأمن الإقليمي في المنطقة، والبعض الآخر رأى أنها تسعى إلى السيطرة على الملاحة البحرية في اليمن خاصة في بحر العرب وخليج عدن نظرا لنفوذها الكبير المتواجد في الموانئ الجنوبية لليمن في سبيل إضعاف دولة عُمان في الملاحة البحرية ، فهناك تخوف من اجتياح الدولة الإماراتية للأراضي العمانية ، وسعى الإمارات جاهدة إلى زيادة النفوذ الجغرافي السياسي بداية من وراء بحر العرب وصولا إلى خليج السويس وخليج عدن وحت المحيط الهندي ، وذلك يرجع إلى رغبتها في توسيع النفوذ الإماراتي في المجال الاقتصادي والعسكري خاصة في ظل وجود لمنافسة الكبيرة مع تركيا والمملكة العربية السعودية وطهران، وكذلك ترغب في إمداد ودعم السياسة الإماراتية في مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ، بالإضافة إلى الرغبة في زيادة عمليات مكافحة الإرهاب لكسب ود القوى الكبرى في العالم ، ويتحقق هدف الإمارات الاقتصادي من خلال السيطرة على ست قطاعات بترولية بحرية ثلاثة منها تقع مقابل جهة السواحل اليمنية المتصلة بشاطئ البحر الأحمر ولاة أخرى متعلقة بخليج عدن.
وتعمل الإمارات على تحقيق أهدافها الاستراتيجية في الدولة اليمنية من خلال :
- الأدوات الاستراتيجية السلمية.
- الأدوات الاستراتيجية الخشنة.
فعمدت دولة الإمارات إلى استخدام نفوذها المالي ، ونفوذها الإعلامي ، ونفوذ المال السياسي كأدوات سلمية في التعامل مع الأزمة اليمنية وتحقيق أهدافها الاستراتيجية من خلالها ، ففي المجال الإعلامي قامت الإمارات بتوجيه المتابعين اليمنيين إلى الأهداف التي جاء بها التحالف العربي عن طريق وضع حيل متعلقة بالحرب مثل : إبعاد الأهداف الاستراتيجية عن الأنظار، وذلك بمعنى جعل الشعب اليمني يصدق أن تواجد الجيش الإماراتي في اليمن هو للوقوف إلى جانبها في الحرب وهذا ينطبق أيضا على جيوش التحالف العربي ، كما وعملت على تظليم المعلومات والتكتم على الأحداث الموجعة والمفجعة التي أصابت الشعب اليمني خلال الحرب ، وقد أشارت أصابع الاتهام إلى دولة الإمارات في عملية تظليل المعلومات والدليل على ذلك هو استهداف مقاتلي المقاومة الشعبية عبر استخدام الطيارات ، أضف إلى ذلك المعتقلات الخاصة بالإمارات التي تتواجد في عدن وحضرموت ، أما على صعيد نفوذ المال السياسي المتعلق بها فإنها تتمثل في الإشارة غلى الإمارات بأنها تمد جهات عسكري- سياسية –إعلامية بالمال لجعلها اليد اليمنى لها في معرفة من يقف ضد المشاريع الإماراتية في اليمن ، وكذلك كان الحال في ليبيا ، فالإمارات تستخدم المال لكسب جميع الأطراف إلى صفها. أما الأدوات الاستراتيجية الخشنة فإنها تتمثل النفوذ الإماراتي الدولي عن طريق البحث عن زعامات سياسية تساندها للوقوف والتصدي لمن يعارض السياسة الإماراتية.[14]
ملخص:
هدف هذا البحث إلى التعرف على التعرف على الدور السياسي – الاستراتيجي الذي تلعبه السياسة الخارجية “لدولة الإمارات العربية المتحدة” في منطقة ” القرن الإفريقي” خاصة في ظل وجود عاصفة الحزم فيها ، بالإضافة إلى الشراكات الإقتصادية التي تجمع بينهم بحيث نرى أن هدفها سياسي- اقتصادي في هذه المنطقة ، كما وستوضح هذه الدراسة الدور السياسي – الاستراتيجي الذي تلعبه ” دولة الإمارات العربية المتحدة ” في الدولة اليمنية في ظل حربها مع جماعة” أنصار الله” أو ” جماعة الحوثيين”، وهدفها من ذلك هو تحقيق طموحات إقليمية وعربية في اليمن خاصة وأن هذه الفاجعة أدت إلى تدهور الجوانب الإقتصادية – السياسية- والاجتماعية – والعسكرية فيها ، مما جعل الدولة اليمنية ضعيفة من كل الجوانب وليس بمقدورها إلا الاستنجاد بالدول الإقليمية والتي تجاورها ، كما ويوضح هذا البحث الأهداف / الدوافع التي جعلت الدولة الإماراتية تتدخل لحل النزاع اليمني ، والرغبة التي تتملكها لأجل إزاحة قوات التحالف التي تنافسها على ثروات الدولة اليمنية خاصة طرق الملاحة البحرية والثروة البترولية. واستخدمت الباحثة في هذا البحث المنهج الوصفي لأن هذه الظاهرة حديثة ومعاصرة وبحاجة إلى الوصف والتفسير.
Abstract:
The aim of this research is to identify the political and strategic role played by the foreign policy of the UAE in the “Horn of Africa”, particularly in the presence of a storm of firmness, in addition to the economic partnerships that combine them, in this region. This study will also explain the political-strategic role played by the UAE in the Yemeni state in the context of its war with “Ansar Allah” or “the Houthis”. Its aim is to achieve regional and Arab ambitions in Yemen, This tragedy led to the deterioration of the And the economic, political, social and military aspects of it, which made the Yemeni state weak in all aspects and cannot but resort to neighboring countries and neighboring countries. This research also clarifies the objectives / motives that led the UAE to intervene to resolve the Yemeni conflict, which compete for the wealth of the Yemeni state, especially the ways of maritime navigation and petroleum wealth. The researcher used this descriptive approach because this phenomenon is modern and contemporary and needs to be described and explained.
ومن أهم النتائج التي توصل لها البحث: أن السياسة الخارجية للدولة الإماراتية تستند إلى نفوذها الواسع في مركزها السياسي والاقتصادي والمالي والعسكري والإعلامي ، إذ تقوم من خلاله بإرساء قاعدة من قوى الزعامة السياسية على جميع المستويات لتكون مناهضة لها في أعمالها ولتقف معها ضد من يعادي سياساتها ، كما وأنها تعمل على خرط نفسها داخل الساحة الدولية والإقليمية من خلال مساعدة الدول التي تعاني من الأزمات في مختلف النواحي لأجل توسيع هذا النفوذ وضمان قوة وزعامة لنفسها ، وكذلك يغلب على السياسة الخارجية الإماراتية الطابع البراغماتي في مساعدتها لدول الجوار.
The most important findings of the research:
The UAE’s foreign policy is based on its broad influence in its political, economic, financial, and military and media positions. It establishes a base of political leadership at all levels to counter it in its actions and to stand against those who oppose its policies. It is also working on mapping itself in the international and regional arena by helping countries in crisis in various areas to expand this influence and ensure the strength and leadership for themselves, as well as the UAE foreign policy is pragmatic in its assistance to neighboring countries.
المراجع:
- المراجع باللغة العربية:
- احمد عبد الله بن سعيد. (2007م). البعد العربي في السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة (1990-2003م). جامعة الدول العربية، الدراسات السياسية. معهد البحوث والدراسات العربية.
- جواد صندل جازع . (2011م). الحركة الحوثية في اليمن: دراسة في الجغرافية السياسية. مجلة ديالي(49)، الصفحات 1-54.
- عبد الرازق علي عثمان. (1992م). القرن الإفريقي” التاريخ والجيوبوليتيك”. مجلة مركز الوثائق والدراسات الإنسانية، 4(4)، الصفحات 365-402.
- عبد الوهاب الكيالي. (1993م). موسوعة السياسة (المجلد 3). بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
- علي حميدان . (1990م). السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة. شؤون اجتماعيه، 7(26)، الصفحات 197-202.
- فريق الأزمات العربي ، أحمد سعيد نوفل ، عاطف الجولاني ، قاصد محمود ، عبد الحميد الكيالي ، و جواد الحمد . (فبراير, 2015م). الأزمة اليمنية: إلى أين؟ مركز دراسات الشرق الأوسط(7)، الصفحات 1-19.
- محمود حسن أحمد خليل. (مارس , 1993م). حقيقة الصراع في القرن الإفريقي. مجلة الدبلوماسي(3)، الصفحات 80-86.
- منى سليمان. (22 12, 2017م). التداعيات الإقليمية للأزمة اليمنية بعد مقتل “صالح”. السياسة الدولية: دورية متخصصة في الشؤون الدولية تصدر عن مؤسسة الأهرام.
- المراجع باللغة الإنجليزية:
- The United Arab Emirates in the Horn of Africa. (2018, November 6). Crisis Group Middle East Briefing N°65, pp. 1-12.
- المواقع الإلكترونية:
- نهال أحمد . (16يوليو, 2018). دبلوماسية السلام : الدور الإماراتي في القرن الإفريقي. تم الاسترداد من المركز العربي للبحوث والدراسات: http://www.acrseg.org/40826
- عمر محمد معلم حسن. (13 أكتوبر, 2017). القرن الإفريقي والخليج العربي. تم الاسترداد من مركز مقديشو للبحوث و الدراسات: http://mogadishucenter.com/2017/10/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A
- علي الذهب. (2017م ). دوافع الدور الإماراتي في الحرب اليمنية ومخاطره. تم الاسترداد من مركز الجزيرة للدراسات : http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/07/170710081445847.html
- أمينة العريمي . (2017). الحسابات الخليجية في القرن الأفريقي. تم الاسترداد من مركز مقديشو للبحوث والدراسات : http://mogadishucenter.com/2017/03/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9
[1] عبد الوهاب الكيالي. (1993م). موسوعة السياسة (المجلد 3). بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
[2] احمد عبد الله بن سعيد. (2007م). البعد العربي في السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة (1990-2003م). جامعة الدول العربية، الدراسات السياسية. معهد البحوث والدراسات العربية.
[3] محمود حسن أحمد خليل. (مارس , 1993م). حقيقة الصراع في القرن الإفريقي. مجلة الدبلوماسي(3)، الصفحات 80-86.
[4] عبد الرازق علي عثمان. (1992م). القرن الإفريقي” التاريخ والجيوبوليتيك”. مجلة مركز الوثائق والدراسات الإنسانية، 4(4)، الصفحات 365-402.
[5] عمر محمد معلم حسن. (13 أكتوبر, 2017). القرن الإفريقي والخليج العربي. تم الاسترداد من مركز مقديشو للبحوث والدراسات:http://mogadishucenter.com/2017/10/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A
[6] جواد صندل جازع . (2011م). الحركة الحوثية في اليمن: دراسة في الجغرافية السياسية. مجلة ديالي(49)، الصفحات 1-54.
[7] أمينة العريمي . (2017). الحسابات الخليجية في القرن الأفريقي. تم الاسترداد من مركز مقديشو للبحوث والدراسات : http://mogadishucenter.com/2017/03/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9–
[8] علي حميدان . (1990م). السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة. شؤون اجتماعية، 7(26)، الصفحات 197-202.
[9] نهال أحمد . (16 يوليو, 2018). دبلوماسية السلام : الدور الإماراتي في القرن الإفريقي. تم الاسترداد من المركز العربي للبحوث والدراسات: http://www.acrseg.org/40826
[10] The United Arab Emirates in the Horn of Africa. (2018, November 6). Crisis Group Middle East Briefing N°65, pp. 1-12.
[11] فريق الأزمات العربي ، أحمد سعيد نوفل ، عاطف الجولاني ، قاصد محمود ، عبد الحميد الكيالي ، و جواد الحمد . (فبراير, 2015م). الأزمة اليمنية : إلى أين؟ مركز دراسات الشرق الأوسط(7)، الصفحات 1-19.
[12] علي الذهب. (2017م ). دوافع الدور الإماراتي في الحرب اليمنية ومخاطره. تم الاسترداد من مركز الجزيرة للدراسات : http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/07/170710081445847.html
[13] منى سليمان. (22 12, 2017م). التداعيات الإقليمية للأزمة اليمنية بعد مقتل “صالح”. السياسة الدولية: دورية متخصصة في الشؤون الدولية تصدر عن مؤسسة الأهرام.
[14] علي الذهب. (2017م ). دوافع الدور الإماراتي في الحرب اليمنية ومخاطره. تم الاسترداد من مركز الجزيرة للدراسات : http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/07/170710081445847.html