التفويض التشريعي في المغرب وتونس

التفويض التشريعي في المغرب وتونس

 محمد لشكاكي

                                           باحث بسلك الدكتوراة

                                          جامعة محمد الخامس

                                                كلية الحقوق السويسي- الرباط.

مقدمـــــــة:

يعتبر مبدأ فصل السلطات المرن في النظام البرلماني التقليدي أحد القواعد الثابتة في فقه القانون العام، إذ يتولى البرلمان بمفرده سن القاعدة القانونية في كافة المجالات وفي مختلف الميادين، ذلك ما قرره الدستور الفرنسي للجمهورية الرابعة ل 1946 حيث تنص المادة 13 بصراحة على أن الجمعية الوطنية تقر القوانين وحدها ولا تملك تفويض هذا الحق ([1]). إلا أنه مع الانقلاب الذي أحدثه دستور 1958، أصبح بإمكان البرلمان أن يفوض للحكومة حق ممارسة الوظيفة التشريعية بصفة مؤقتة. وسارت على هذا النهج دساتير دول المغرب الكبير، إذ سمحت للحكومات بالتشريع بصفة منفردة في المجال الخاص بالبرلمان، وأثناء دورات انعقاده، ويطلق على هذا النوع من التشريعات مراسيم التفويض. هذا ولم يتوقف دور السلطة التنفيذية، إلى جانب الاعتراض على القوانين وإصدار قرارات بمقتضى الدستور، عند مشاركة البرلمان في مجال التشريع العادي فحسب، بل أصبحت مشرعا خلال الظروف الاستثنائية،

في الظروف الاستثنائية، يتهدد وجود الدولة واستقرارها، على نحو يجعل البرلمان عاجزا عن التدخل السريع لمواجهة الأزمة، لهذا يلجأ إلى التخلي عن جزء من الاختصاص التشريعي لفائدة السلطة التنفيذية، ذلك أن إعداد القوانين في البرلمانات يتطلب إجراءات مسطرية معقدة وبطيئة، قد تعرض البلاد للخطر، وأن توفر السلطة التنفيذية على الخبرة الفنية يمكن الحكومات من اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على إدارة المرفق العام وتأمين النظام العام على الوجه الأكمل. وعلاوة على ذلك، تطلب الحكومة من البرلمان خلال انعقاده، عن طريق قانون الإذن، بأن تصدر قرارات في موضوعات محددة ولمدة معينة، استنادا إلى نص دستوري صريح يجيز التفويض، فتكتسب القرارات استنادا إلى قانون التفويض خصائص وقوة العمل التشريعي بعد إقرارها من قبل البرلمان، حتى لا تتجاوز اختصاصات البرلمان، على نحو يؤدي إلى اختلال التوازن  بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وهكذا يمكن للحكومة أن تحل محل البرلمان وقتيا، أي عندما يكون منعقدا.

 ومهما يكن، فإن التفويض التشريعي يعد من أقوى وسائل تأثير الحكومة على الوظيفة التشريعية للبرلمان، حيث يبقى استثناء عارضا وخروجا عن مبدأ فصل السلطات، قد يهدد الممارسة الديمقراطية و يعرض حقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية للخطر.

ولمقاربة الموضوع نتوقف على المحاور الاتية:

الفقـــرة الأولــى: ماهية التفـويــض التشريعــي:

الفقـــرة الثانيــة: التطور التاريخي للتفويض التشريعي.

         الفقـــرة الثالثــة: موقف الدساتير من التفويض التشريعي:

الفقـــرة الرابــعة: شروط التفويض التشريعي.

الفقرة الخامسة: الطبيعــة القانونيــة لمراسيــم التفويــض

الفقـــرة الأولــى: ماهية التفـويــض التشريعــي:

يقصد بالتفويض التشريعي كل ترخيص يمنحه البرلمان للحكومة بممارسة الوظيفة التشريعية، في مجال محدد ولفترة زمنية محددة ولتحقيق غاية معينة ([2])، ومعناه أن يسمح البرلمان بواسطة قانون التفويض للسطة التنفيذية أن تقوم بالتشريع بدلا منه في بعض المواضيع ولمدة معينة بواسطة أوامر أو مراسيم لها قوة القانون([3])، فلا تصدرها الحكومة في فترة غياب البرلمان، كلوائح الضرورة، بل تصدرها خلال فترة انعقاده، ومن هنا كانت خطورتها، لأن الأصل في البرلمان هو أن يمارس اختصاصاته بنفسه، وليس أن يتنازل للسلطة التنفيذية عن اختصاص دستوري أصيل، الأمر الذي لا يتفق مع مبدأ فصل السلطات الذي تقوم عليه الدساتير معظم المعاصرة([4]).

وقد أخذ هذا النوع من اللوائح ينتشر في الأنظمة الدستورية  بعد الحرب العالمية الأولى، فقد كرسه دستور فرنسا لسنة 1958، وأخذت به الدساتير المغاربية، جاعلة منه أداة حكومية لممارسة جزء من الوظيفة التشريعية الخاصة بالبرلمان([5]). فالدستور الفرنسي ل1958 قد رفع من مكانة الحكومة على حساب السلطة التشريعية، حيث قلص من مجال القانون، أي مجال تدخل السلطة التشريعية، وفي المقابل منح الحكومة جزءا من ممارسة السلطة التشريعية([6]).

وقد سارت دساتير المغرب العربي على هذا النهج، إذ لم تكتف بتحديد مجال القانون وإطلاق مجال اللائحة، بل سمحت للحكومة بالتشريع في المجال الخاص بالبرلمان سواء كان منعقدا أو خلال الفترة الفاصلة بين انعقاد الدورات البرلمانية، كما اتسع ميدان استخدام التفويض التشريعي في الأنظمة السياسية، على نحو أدى إلى اختلال التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. 

وتجدر الإشارة إلى أن تسمية مراسيم التفويض التشريعي في (القرارات التي لها قوة القانون)، أقرب إلى الصواب من تسميها بقوانين التفويض، كونها صادرة من قبل السلطة التنفيذية وليس من قبل السلطة التشريعية، وأن عدم الاتفاق مع مبدأ فصل السلطات أمر لا يعتد به، ذلك أن التفويض يعتبر نوعا من أنواع التعاون بين السلطتين التنفيذية([7]).

الفقرة الثانية: التطور التاريخي لتفويض التشريعي.

يجمع غالبية الفقه على أن ظاهرة التفويض التشريعي بدأت بالظهور في انجلترا، بصدور إعلان الحقوق عام 1689 عقب الثورة الشعبية ل 1688 ضد سلطان الملوك (جيمس الثاني) ، حيث تأكدت سلطة البرلمان في مجال سن القوانين وتم تقييد سلطات الملك. وفي نهاية القرن السابع عشر، اعترفت المحاكم بالتفويض التشريعي لتخفيف العبء على البرلمان ومواجهة طلبات الأمة على الوجه المطلوب، وذلك بالسماح بإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، كلوائح السجون واللوائح الخاصة بالديون والمنشآت الصناعية…([8])

في القرن الثامن عشر، لم يتردد البرلمان في توسيع نطاق التفويض التشريعي للحكومة، وظهرت الرقابة السياسية في هذا الشأن. ولعل النموذج الأبرز والواضح في التفويض البرلماني، ذلك الذي تم بموجب قانون (Mutingact) للتاج في تنظيم الجيش وإقامة المحاكم العسكرية، ومع ميلاد التشريع الاجتماعي الإنجليزي، في عام 1832، أصبح القرن التاسع عشر بحق هو قرن التفويض التشريعي([9]).

 لكن التطور الكبير للتفويض البرلماني للسلطة التنفيذية، حدث في القرن العشرين، سيما بعد الحرب العالمية الأولى، بسبب الطفرات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية وازدياد نشاطات الدولة وما أفرزه التقدم التكنولوجي من مسائل فنية معقدة تحتاج إلى دراية وخبرة فنية عالية. في هذا الإطار، نادى القاضي (Scrhon) بضرورة تطوير وسائل إدارة الدولة في فترة الحرب والتنازل عن مبدأ سيادة البرلمان على التشريع ([10]).

 غير أن تنامي التفويض التشريعي، استرعى انتباه الفكر السياسي الانجليزي وأوساط السياسيين والبرلمانيين وبعض رجال الأحزاب السياسية، وأخذ يحذر من تلك الظاهرة، لأنها تؤدي إلى التعطيل الجزئي أو الكلي للدستور، أو بالأحرى أن التفويض غير المحدود لسلطة التشريع يهدد النظام البرلماني نفسه بالتوقف([11]).

ولعل نشر كتاب ”الاستبداد الجديد” من قبل أحد رؤساء القضاة اللورد”هيوارت”، والذي أشار فيه إلى أن نظام التفويض البرلماني فيه ما فيه من تهديد لسيادة البرلمان وحكم القانون، سيؤدي بالسلطة التنفيذية إلى الاستبداد، الأمر الذي دعا إلى تشكيل لجنة لدراسة الموضوع، تحت رئاسة ”ايرل دونومور”، انتهى تقريرها إلى اعتبار التفويض التشريعي عرفا سائدا في انجلترا، ووضعت له ضوابط معينة، وناشدت البرلمان إلى الاستمرار في التفويض العادي([12]) وألا يكثر من التفويض الاستثنائي([13]) إلا في الظروف الاستثنائية([14]). 

الفقرة الثالثة: موقف الدساتير من التفويض التشريعي:

تناولت دساتير المغرب الكبير أسوة بالدستور الفرنسي ل 1958 موضوع التفويض التشريعي، رغم أنه في ظل الجمهوريتين الثالثة والرابعة، لم يكن التفويض التشريعي جائزا بصراحة بموجب الدستور([15]). ومع ذلك، لم يتنازل المشرع الدستوري في الجمهورية الرابعة عن بعض الاختصاص لفائدة الحكومة، وفي هذا الصدد أكد وزير المالية الفرنسي في ظل الجمهورية الرابعة على ضرورة العودة إلى نظام حكومي شبيه بما كان عليه الحال في حكومة الجمهورية الثالثة، ويعني ذلك إجازة التفويض التشريعي رغم منعه بموجب نص تشريعي([16]).

وفي تفسيره للمادة 13 من دستور الجمهورية الفرنسية الرابعة، أصدر مجلس الدولة الفرنسي قرار 6 فبراير 1953، يذهب إلى أن عدم منع البرلمان من توسيع الصلاحية التنظيمية للحكومة يتوقف على شرط محدودية موضوع التفويض دون أن تكون محفوظة بمقتضى الدستور أو تقاليد الجمهورسة لصلاحية المشرع وحده.

ولاحظ أستاذنا د/ مصطفى قلوش أن مسألة تفويض التشريع لم تبدأ إلا مع صدور دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة([17])، وفي هذا الصدد يقول: ” والقاعدة الأصلية في النظام البرلماني أنه في إطار الوظيفة التشريعية يتولى المجلس النيابي سن القواعد في الميدان المحدد له دستوريا، إلا أنه منذ الانقلاب الذي أحدثه دستور 1958 في فرنسا، والدساتير التي حدت حدوه، أصبح في إمكان المجلس النيابي أن يفوض الحكومة ممارسة الوظيفة التشريعية بصفة مؤقتة([18]). وعلى العكس من ذلك، يرى الأستاذ ” شارل ذي باش” أن المادة 38 من دستور فرنسا ل سنة 1958 لم تضف جديدا في هذا المجال إلى الأحكام التي استقر العمل بها خلال الجمهوريتين الثالثة والرابعة، وأن الجديد الذي جاءت به المادة هو إضفاء الطابع الدستوري على ظاهرة المراسيم بقانون التي وجدت في ظل الجمهوريتين السايقتين([19]).

وعلاوة على ذلك، أشار الدستور المغربي النافذ لسنة 2011 إلى التفويض التشريعي في الفصل 70 ([20])، فإذا كان المشرع الدستوري قد أشار بشكل صريح على أن البرلمان هو السلطة التشريعية الأصلية، مع عدم جواز تنازل أي سلطة عن اختصاصاتها الدستورية لسلطة أخرى، ثم عاد وسمح للسلطة التنفيذية بممارسة السلطة التشريعية عن طريق التشريع بالتفويض أوالتشريع بالإذن وفقا لشروط معينة، مما يتطلب الأمر من المشرع الدستوري إعادة صياغة النص الدستوري بشكل واضح ودقيق عن طريق الإشارة إلى جواز التفويض استثناء ضمن نص دستوري محدد ومنفصل.

وجاء في الفصل 70 من الدستور التونسي ل 2014([21]) أن مجلس النواب عندما يكون قائما، فإنه يختار بسبب ما يشكوه من تراكم مشاريع القوانين أو لأي سبب آخر أن يفوض لرئيس الحكومة إصدار مراسيم، لا تصح إلا إذا اتخذت شكل قانون يصادق عليه مجلس نواب الشعب بثلاثة أخماس أعضائه( وهو ما يقابل الوضعية الحالية 131 نائبا من 217)، و أن لا تتعدى مدة التفويض شهرين إثنين، على أن ينص ذات القانون على مجال التفويض، وأن تعرض تلك المراسيم على المجلس فور انقضاء مدة التفويض للمصادقة عليها، على أن يستثنى من المراسيم النظام الانتخابي([22]).

ومنح الدستور الجزائري لسنة 2016  في المادة 124 ([23])، لرئيس الجمهورية على غرار دستور 1996، سلطة التشريع عن طريق الأوامر، في حالة الاستعجال عند شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال الفترة الفاصلة بين الدورات البرلمانية، بعد استشارة مجلس الدولة، وبذلك لم يتناول دستور 2016 تقنية التفويض التشريعي التي أخذ بها كل من دستور 1963 (المادة 58) ودستور 1976 (المادة 153).

وفقا لدستور 2016، لا حاجة لرئيس الجمهورية في العودة إلى البرلمان للمطالبة بالتفويض له، فحق التشريع ثابت للرئيس وحده، يتحكم فيه كما يشاء، فلا يجوز لغيره ممارسته وهو غير قابل للتفويض.

أما الدستور الموريتاني ل1991 والمعدل والمتمم في 2006 و2012، فقد أشار في المادة 60 ([24])، إلى أن سلطة التشريع بأمر قانوني، تتطلب موافقة رئيس الجمهورية، وأن عدم تسلم البرلمان لقانون التصديق قبل التاريخ الذي يحدده قانون التأهيل، يقضي ببطلان هذه الأوامر، وأن قانون التأهيل يكون بمجرد حل الجمعية الوطنية([25]).

من خلال النصوص الدستورية السابقة، يمكن القول على أن الدساتير المغاربية قد أجتمعت على تقرير حق السلطة التنفيذية في التدخل في ممارسة السلطة التشريعية عن طريق التفويض (التشريع بأوامر)، أضف إلى ذلك أن دساتير كل من تونس والمغرب وموريتانيا، جاءت بتفويض التشريع لفائدة الحكومة خلافا للدستور الجزائري أسند التشريع عن طريق أوامر لرئيس الدولة، وهو ما يعد خروجا عن القواعد العامة في الأنظمة الدستورية المغاربية التي تتطلب الحصول على الإذن للتفويض التشريعي.

وقد بينت مقارنة النصوص الدستورية الاختلافات الآتية:

أولا: أن الدساتير المغاربية اختلفت في شأن الجهة المختصة بصلاحية التفويض التشريعي، حيث نسبت هذه الصلاحية في دساتير؛ المغرب ، تونس وموريتانيا للحكومة، فيما نسبت في الدستور الجزائري لرئيس الجمهورية. ويختلف الدستور الموريتاني على أنه لا يمكن للحكومة أن تستأذن البرلمان في هذا الشأن إلا بعد موافقة رئيس الجمهورية على ذلك([26]). ونلاحظ أن البرلمان هو من يمنح التفويض ويصدر قانون الإذن للسلطة التنفيذية دون وجود أي إشارة إلى تقديم أي طلب من الحكومة في الدستورين المغربي والتونسي، استنادا للفقرة ” للقانون أن يأذن للحكومة…” في النص المغربي والفقرة: ” يمكن لمجلس نواب الشعب… أن يفوض…” في النص التونسي. وإن هذا الاختلاف نلاحظه من الظاهر فقط ولا ينطبق على الجوهر، لأنه استنادا إلى المادة 38 من الدستور الفرنسي التي تنص على أنه:” ”يجوز للحكومة أن تطلب تفويضا من البرلمان لمدة محددة لاتخاذ الإجراءات بموجب المرسوم والتي تدخل عادة في نطاق اختصاص القانون وذلك من أجل تنفيذ برنامجها”، يمكن القول أن المشرع الدستوري المغربي والتونسي يقصدان من خلال النص على أن البرلمان يأذن للحكومة بالتشريع بناء على طلب منها بعد اقتناعه بالأسباب الموجبة لهذا الإجراء والمقدمة له من طرفها، ذلك ما أكده الفقه الفرنسي الذي يرى أنه لا يجوز للبرلمان أن يثير مسألة اللجوء إلى تفويض التشريع من تلقاء نفسه، وأكدته المادة 38 من الدستور الفرنسي ل 1958. فالبرلمان هو من يعطي للحكومة صلاحية التشريع في مكانه بموجب قانون الإذن، وهو ما ينسجم مع الرأي الراجع في فقه القانون العام الفرنسي([27]).

ثانيا: لا يفيد توظيف الدساتير المغاربية لتسميات مختلفة، بوجود أي فرق في الدلالة، فعبارة ”مراسيم” في الدستورين المغربي والجزائري، وعبارة ”أوامر تشريعية” في النص الجزائري وعبارة ” أوامر قانونية” في النص الموريتاني، لها نفس القيمة القانونية.

ثالثا: أن الدستورين الموريتاني والمغربي يجعلان قانون التأهيل لاغيا إذا وقع حل المجلس النيابي، على خلاف الدستورين الجزائري والتونسي اللذان سكتا عن المقتضى.

يتضح مما سبق أن البرلمان باعتباره صاحب الاختصاص الأصيل في التشريع يمكنه أن يتنازل لفائدة السلطة التنفيذية في الظروف الاستثنائية بواسطة تقنية التفويض عن جزء من هذا الاختصاص، التي يأذن بموجبها للسلطة التنفيذية أن تصدر لوائح تفويضية حتى يتسنى لها تحقيق برامجها، غير أن صلاحيات السلطة التنفيذية تبقى مقيدة بالغاية والمدة الزمنية التي يتضمنها قانون الإذن. والبرلمان له الحق في رفض المصادقة على قانون التفويض وليس من حق السلطة التنفيذية أن تلزم البرلمان بقبول طلب التفويض.

الفقرة الرابعة: شروط التفويض التشريعي:

رأينا أن موقف الدساتير المغاربية، يتلخص في أن البرلمان يتبني بصراحة تقنية تفويض التشريع للسلطة التنفيذية ، وحتى لا يخرج التفويض عن كونه مجرد ترخيص استثنائي، فإن تطبيقه يخضه لشروط وضوابط محددة. لا يمكن للبرلمان أن يمنح للسلطة التنفيذية ترخيصا للحلول محله في ممارسة السلطة التشريعية، إلا بعد  تحديد الموضوعات التي تكون محلا للتفويض والمدة الزمنية للتفويض خلالها.

أولا: تحديد موضوع التفويض:

لم تحدد المادة 38 من الدستور الفرنسي موضوعات التفويض، واقتصرت فقط على أن الهدف من التفويض هو تنفيذ برامج الحكومة، ذلك ما يؤيده  اتجاه معين،  معتبرا أن موضوعات التفويض هي ما وردت في البرنامج الحكومي ووافق عليه البرلمان، إلا أن هذا الرأي مردود عليه، ذلك أنه لا يبرر التفويض التشريعي لمواجهة الظروف الاستثنائية التي قد تحدث في المستقبل، وهذا يعني أن للحكومة أن تقدم الموضوعات ببرنامج خاص تلحقه بمشروع قانون التفويض ويكون للبرلمان تقدير ملاءمة هذا البرنامج.

إلا أن الاستناد إلى المادة 34 التي حددت نطاق التفويض على سبيل الحصر، والمادة 41 التي تمنع البرلمان من التشريع في موضوع التفويض التشريعي، يفهم من ورائه أن تحديد موضوع التفويض يعد شرطا ضروريا، وإلا فإن الحكومة قد تلجا إلى إصدار اللوائح في الموضوعات التي لا تنظم إلا بقانون، وهو ما يعد تخليا كاملا للبرلمان عن الاختصاصات التشريعية، نعتبره غير جائز من الناحية الدستورية.  وتضيف المادة 41 أنه للحكومة لها أن ترفع الأمر إلى المجلس الدستوري لمنع تدخله في الموضوعات المفوضة للحكومة ([28]).

وقد أثبت الواقع العملي أن البرلمان الفرنسي أحيانا يحدد موضوعات التفويض بعبارات دقيقة وأحيانا أخرى يحدد الموضوعات بعبارات عامة وواسعة يسهل إعطاؤها معان كثيرة.

وفي نفس الاتجاه، ذهب الدستوران المغربي و التونسي، حيث لم يتعرضا بشكل واضح ودقيق للغاية من التفويض. استخدم النص التونسي تعبير: ” لغرض معين”، والنص المغربي تعبير ”لغاية معينة”، على عكس النص الموريتاني الذي استخدم تعبير: ” لأجل تنفيذ البرنامج الحكومي”، ومع ذلك، فهي غاية واسعة النطاق لأن مجالات البرنامج الحكومي متعددة مما يجعل نطاق مراسيم التفويض أكثر اتساعا. أما الدستور الجزائري، فإنه لم يتطرق للمسألة، وبالتالي فإن رئيس الجمهورية يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في هذا الشأن.

وبالرجوع إلى المادة 38 من الدستور الفرنسي، نجد أن الدستور الموريتاني قد اقتبس من نظيره الفرنسي العبارة نفسها، غبر أن الواقع في فرنسا غير ذلك، حيث أصدرت الحكومة، مباشرة بعد تعيين الوزير الأول بتاريخ 25 غشت 1976، تطبيقا للمادة 38، وهو ما اعتبرته المعارضة المكونة من الاشتراكيين والراديكاليين غير دستوري، ذلك أن البرنامج المنصوص عليه في المادة 38 هو من برنامج الحكومة المنصوص عليه  في المادة 39 التي بموجبها يتعهد الوزير الأول أمام الجمعية الوطنية بالبرنامج الذي يعتزم تطبيقه، فاعتبر المجلس الدستوري أن عبارة ”برنامج” الواردة في المادة 38 من الدستور تختلف عن نظيرتها (المادة 49) مستندا إلى الأعمال التحضيرية للدستور([29]).

 في هذا السياق، يعد تحديد الغاية من التفويض أمرا ضروريا لأنه مجرد ترخيص استثنائي، فإذا كان الغرض المعين مثلا ينحصر في إعادة تنظيم القطاع الصناعي، فإن المراسيم- في هذه الحالة- يمكن أن تتعلق بالعديد من جوانب النشاط الصناعي، ذلك أن إعادة تنظيم القطاع الصناعي تطرح مسائل مختلفة تهم حرية التجارة والصناعة وحقوق الأجراء وواجباتهم، والقانون النقابي، وقانون الاستثمارات، وقانون التجارة الخارجية، لذلك، فإن التأويل السليم” لغاية معينة” يقتضي ألا يجرد البرلمان من اختصاصه بموجب التفويض، لذلك من المناسب تضييق التأويل بالنسبة للغاية المعينة نظرا لكون التفويض يشكا استثناء عن الاختصاص العام للبرلمان، وقد ذهب في نفس الاتجاه الأستاذ ”لافروف” وهو بصدد تحليل المادة 38 من الدستور الفرنسي، حيث يقول: ”أنه لا يمكن أن يتعلق الأمر بتفويض يتخلى بمقتضاه البرلمان عن مجموع اختصاصه”. وعموما يجب أن ينصب التفويض التشريعي على أمور محددة، بحيث لا يجوز للحكومة أن تشرع إلا في الإطار الذي حدده البرلمان في قانون التأهيل ([30]).

من قوانين التفويض في فرنسا المحددة المواضيع تحديدا دقيقا هو قانون 26/12 ل 1961 الذي منح الحكومة سلطة اتخاذ الإجراءات التي تدخل في نطاق القانون والتي تتعلق بالضمانات الأساسية للموظفين المدنيين والمبادئ الجوهرية المتعلقة بحق العمل والضمان الاجتماعي، والقانون الصادر في 4 شباط 1982 الذي فوض الحكومة تنظيم بعض المسائل الاجتماعية والمالية الخاصة ببعض البنوك والشركات([31]).

ثانيا: المدة الزمنية للتفويض.

يتوقف التفويض التشريعي على أن يأذن البرلمان للسلطة التنفيذية ولغاية محددة الحق في إصدار مراسيم خلال مدة زمنية، يجب أن تكون محددة حتى لا يتحول ذلك إلى تفويض دائم واستئثار مطلق، من شأنه أن يؤدي إلى تضييق مجال القانون. والملاحظ أن الدساتير محل الدراسة لم تحدد المدة الزمنية للتفويض التشريعي بصراحة، الأمر الذي قد يطرح بعض المشاكل عند تجاوز الحكومة الأجل المحدد لها في قانون التفويض، خصوصا وأن الدساتير لم تقرن عدم الالتزام بأجل التفويض بأي جزاء.

في هذا الصدد، وصف الفقه الدستوري مدة التفويض التي تصل إلى خمس أو ست سنوات مثلا، بعدم الدستورية لأنها يشكل تحديدا لاختصاص البرلمان طيلة مدة الولاية التشريعية، ولأجل ذلك يجب أن تكون المدة المحدودة معقولة حتى لا تحول بين البرلمان وممارسة اختصاصه(…) وقد نص الدستور الفرنسي لسنة 1958 على هذه الإمكانية، حيث منح الحكومة- بمقتضى المادة 41- إمكانية الدفع بعد القبول كل اقتراح أو تعديل مناف لقانون التفويض المتخذ بناء على المادة 38 من الدستور([32]).

من جهة أخرى، نص الدستور الفرنسي لسنة 1958: ” يجوز للحكومة أن تطلب تفويضا من البرلمان لمدة محددة لاتخاذ الاجراءات بموجب المرسوم والتي تدخل عادة في اختصاص نطاق القانون… وقد نص المشرع الدستوري التونسي على أن لا تتعدى مدة التفويض شهرين إثنين، وأن تعرض تلك المراسيم على المجلس فور انقضاء مدة التفويض للمصادقة عليها، على أن يستثنى من المراسيم النظام الانتخابي، فيما نص المشرع….

وإذا كان التفويض التشريعي ينتهي باستيفاء الأجل المحدد في قانون الإذن، فالسؤال الذي يطرح هو مصير قرارات التفويض في حالة حل مجلس النواب أو انتهاء دورة البرلمان. هل تلغى بسبب غياب البرلمان أم أن البرلمان الجديد هو من يقرر مصيرها؟

نص الدستوران الموريتاني والمغربي صراحة على أن قانون الإذن يبطل إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما، أي أنه ينتهي بحل المجلس الذي أصدره. فالسؤال يطرح حول مصير قانون الإذن في حالة في حالة انتهاء الولاية التشريعية للمجلس الذي أصدره قبل نهاية مدة التفويض، مثلما حدث في المغرب سنة 1997، حيث فوضت الحكومة بموجب القانون المالي للسنة المالية 1997-1998 (المادة 2)، حق إصدار مراسيم خلال هذه السنة تقوم بمقتضاها بتغيير أسعار أو وقف استيفاء الرسوم الجمركية.

ينص الدستور المغربي لسنة 2011 على أن : ”… ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو إحداهما…([33]). وينص الدستور الموريتاني لسنة 2012 على أن:” ”، بينما سكت الدستوران الجزائري والتونسي.

في شأن الموضوع، ظهر اتجاهان فقهيان:

الاتجاه الأول:

ذهب الاتجاه إلى أن مفعول القرارات التنظيمية ينتهي بغياب البرلمان، وبالتالي تنتهي الاختصاصات التفويضية، ويؤكد على وجود نصوص دستورية تشير إلى المسألة أو تسكت عن الإشارة إليها.

وفي هذا الإطار، ذهب الأستاذ ”سليمان الطماوي” إلى أن قانون الإذن يصبح لاغيا في حالة حل البرلمان أو انتهاء ولايته التشريعية. وقد سارت الجمهورية الفرنسية الخامسة على هذا النهج، حيث كانت الحكومة تطلب تفويض التشريع في بداية الولاية التشريعية للبرلمان، فقد طلبت حكومة ”ميشيل دوبري” سنة 1960 تفويض سلطة التشريع لمدة سنة من أجل التغلب على على التمرد الذي شب في الجزائر بداية 1960، وطلبت حكومة ” بيير مورا” من البرلمان تفويضا مماثلا، كما تقدمت حكومة ”جاك شيراك” بطلب مماثل سنة 1986([34]).

الاتجاه الثاني:

يؤكد هذا الاتجاه على أن غياب البرلمان لا يؤدي إلى انتهاء الاختصاصات التفويضية، إذ تبقى طوال مدة التفويض المحددة من قبل البرلمان في قانون التفويض، أو بإلغاء قانون التفويض بقانون لاحق. فالبرلمان الجديد كمؤسسة تشريعية متجددة لها أن تقرر بقاء قوانين التفويض أو إلغائها حسب الظروف.

في هذا الإطار، ذهب الأستاذ ”مصطفى قلوش” إلى أن قانون الإذن لا ينتهي بانتهاء ولاية البرلمان الذي وافق على الترخيص للحكومة في أن تنوب عنه في سن القواعد القانونية في المجالات التي تدخل في اختصاصه، وتبعا لذلك يمكن للحكومة أن تستفيذ من هذه الرخصة الدستورية وتتخذ مراسيم في ظل ولاية برلمان جديد. في ذات الإطار، اتخذ الوزير الأول في الحكومة المغربية المعينة في 14 مارس 1998 بالمغرب المرسوم رقم 2-89-347 بتاريخ 16 مارس 1998، المعدل للرسم الجمركي المفروض على استيراد بعض المنتجات والذي وصف بعدم الدستورية لأنه لم يتم التداول بشأنه في المجلس الوزاري([35])

ومع ذلك، يبقى الاتجاه الأول أكثر وجاهة، إذ أن بطلان مراسيم التفويض بمجرد انتهاء الولاية التشريعية يبدو مسألة غير طبيعية، والبرلمان عند التصويت على قانون الإذن يكون قد أخذ بعين الاعتبار هذا الأمر.

الفقرة الخامسة: الطبيعة القانونية للتفويض التشريعي.

اختلف الفقه الدستوري في شأن الطبيعة القانونية للتفويض التشريعي، وفي هذا الإطار، صنف الفقه الفرنسي السائد الأوامر التفويضية من حيث طبيعتها على أساس المجال الزمني إلى مرحلتين: مرحلة ما قبل التصديق البرلماني على مراسيم التفويض، ومرحلة ما بعد التصديق البرلماني على مراسيم التفويض([36]).

– المرحلة الأولى: تعتبر مراسيم التفويض قبل التصديق عليها مجرد أعمال إدارية، وتخضع لرقابة القضاء الإداري، ورفع من منزلتها قانون التفويض وجعل لها نفس قوة القانون فتستطيع أن تعدل أو تلغي القوانين القائمة، وهذا ما أكده مجلس الدولة الفرنسي عندما ألغى أمرا اتخذ بناء على المادة 38 باعتباره قرارا إداريا بتاريخ 24 نونبر 1961.

أما المرحلة الثانية: تتحول الأوامر التفويضية بعد المصادقة عليها من قبل البرلمان، من كونها قرارات إدارية إلى قوانين ([37])  تخرج من نطاق رقابة القضاء الإداري  إلى القضاء الدستوري.

يستند كل اتجاه على حجج خاصة.

الاتجاه الأول: 

يأخذ بالطبيعة التشريعية لمراسيم التفويضية، إذ تنسب هذه الأخيرة لصنف القوانين، وقد اعتمد الاتجاه على الحجج الآتية:

– أن مراسيم التفويض تندرج ضمن مجال القانون، بالنظر إلى كونها نصوص تصدر عن السلطة التنفيذية بناء على تفويض تشريعي منصوص عليه دستوريا.

الاتجاه الثاني:

يأخذ بالطبيعة التنظيمية للمراسيم التفويضية، وقد استند في ذلك على الحجج الآتية:

– تصدر المراسيم التفويضية عن السلطة التنفيذية، لذلك فهي نصوص تنظيمية مهما كان موضوعها أو المجال الذي نظمته.

خاتمة:

على الرغم من الأهمية الكبيرة التي يحضى بها التفويض التشريعي في النظمة السياسية المعاصرة، لما يترتب عليه من فوائد عملية كثيرة، إلا أن جمهور الفقهاء، قد طالب باستخدام التفويض التشريعي بالقدر اللازم وفي الإطار الضيق والمحدد، كونها استثناء من القاعدة والاستثناء لايجوز التوسع فيه، حتى لا يحصل اختلال التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لما له من آثار سلبية على الممارسة الديمقراطية في الدولة وعلى حقوق الأفراد وحرياتهم، ولا يتأتى ذلك دون وضع الضوابط والقيود التي تحكم الظاهرة، ومن أبرزها الرقابة القضائية.


– مصطفى قلوش: التأصيل الفقهي لبعض الإشكاليات الفقهية، مجموعة من المقالات المنشورة في جريدة الحركة.[1]

[2]– Voir Abderahmane Amalou- La loi en droit constitutionnel Marocain-thèse pour l’obtention du Doctorat d’état en droit public- Faculté  des sciences juridiques, économiques et sociales- Université Mohamed V-Agdal-Rabat-1970-p: 101.   

[3]– نوارة تريعة: مبدأ الفصل بين السلطات في دول المغرب العربي- دراسة مقارنة- دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية 2018، ص: 377.

[4]– سيدي محمد ولد سيد آب: تفويض التشريع في إطار دساتير دول المغرب العربي- دراسة مقارنة- المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية- عدد 28 يوليو- سبتمبر- 1999-ص: 28.

[5]– نفس المصدر، ص: 28.

[6]– سيدي محمد ولد سيد آب: الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي- دراسة مقارنة-، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية- أكدال، جامعة محمد الخامس، الرباط، ديسمبر 1998، ص: 470.

[7] – مهند صالح الطراونة: العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في النظام البرلماني، الطبعة الأولى 2009- عمان، مؤسسة الوراق، ص: 197

[8] – نفس المصدر، ص:198- 199.

[9]– عبد الكريم سعيد دانا: دور البرلمان في الأنظمة البرلمانية المعاصرة (ضعف الأداء التشريعي والرقابي للبرلمان)- دراسة تحليلية مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى 2013، ص: 122.

[10]– مهند صالح الطراونة: العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في النظام البرلماني، مرجع سابق، ص: 199.

[11]– عبد الكريم سعيد دانا، مرجع سابق، ص: 122.

[12]– يقصد بالتفويض العادي السلطات التي يمارسها التاج أو الحكومة بتفويض من البرلمان وتتميز بطابها الإداري، ولا يتعدى سلطتهم إلى وضع التفاصيل أو تحديد الشروط أو تكملة النقص فيه.

[13] – يقصد بالتفويض الاستثنائي منح التاج والحكومة سلطات قوية كإصدار القوانين أو وقف العمل بالقوانين القائمة أو تعديلها وذلك في حالات الضرورة ويتم إعفاؤها من الرقابة بنص التفويض ذاته.

[14] – عبد الكريم سعيد دانا، مرجع سابق، ص: 123.

[15]– تنص المادة 13 من الدستور الفرنسي ل 1946 على أن: ” الجمعية الوطنية وحدها هي التي تضع القانون، وهبي لا تملك أن تفوض هذا الحق’.

[16] – سيفان باكراد ميسروب: تزايد الدور التشريعي للسلطة التنفيذية في الأنظمة الدستورية المعاصرة، دار الكتب القانونية، مصر- الإمارات، 2017، ص: 162-163.

[17]– تنص المادة 38 من الدستور الفرنسي ل 1958 على ما يلي: ” يمكن للحكومة من أجل تنفيذ برنامجها، أن تطلب من البرلمان الترخيص لها، بأن تتخذ بموجب أوامر ولمدة محدودة، تدابير هي عادة من اختصاص القانون. وتصدر هذه الأوامر في مجلس الوزراء بعد أخذ رأي مجلس الدولة. وتكون نافذة المفعول من تاريخ نشرها، ولكنها تصبح باطلة إذا لم يعرض مشروع القانون الخاص بإقرارها على البرلمان، وذلك قبل نهاية المدة المحددة في قانون التفويض. ولا يمكن إقرارها إلا بشكل صريح. وعند انقضاء الأجل المذكور في الفقرة الأولى من هذه المادة، لا يمكن تعديل الأوامر إلا بقانون، وذلك في المواد التي تدخل في النطاق التشريعي”.

– مصطفى قلوش: النظام الدستوري المغربي، الطبعة الأولى 1987، ص: 190.[18]

[19] – Charles debbash : les ordonnances de l’article 38 dans la constitution du 4 octobre 1958, J.C.B 1962, P : 1700.

[20] – ينص الفصل 70 من الدستور المغربي ل 2011 على ما يلي: ”يصدر القانون عن البرلمان بالتصويت، وللقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود ولغاية معينة بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذه ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها، غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصداره، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما”.

[21] – ينص الفصل 70 من الدستور التونسي ل 2014 على ما يلي: ”يمكن لمجلس نوّاب الشّعب بثلاثة أخماس أعضائه أن يفوض بقانون لمدّة محدودة لا تتجاوز الشّهرين و لغرض معيّن إلى رئيس الحكومة إصدار مراسيم تدخل في مجال القانون تعرض حال انقضاء المدّة المذكورة على مصادقة المجلس، يستثنى النّظام الانتخابي من مجال المراسيم”.

[22]– الحبيب خضر: الوجيز في شرح الدستور، مجمع الأطرش، الطبعة الأولى- تونس2017، ص: 83.

[23]– تنص المادة 124 من الدستور الجزائري لسنة 2016 على ما يلي: ” لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال العطل البرلمانية، بعد الأخذ برأي مجلس الدولة، ويعرض رئيس الجمهورية النصوص التي اتخذها على كل غرفة من البرلمان في أول دورة له لتوافق عليها، تعد لاغية الأوامر التي لا يوافق عليها البرلمان، يمكن رئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في الحالة الاستثنائية المذكورة في المادة 93 من الدستور، تتخذ الأوامر في مجلس الوزراء.

[24] – تنص المادة 60 من الدستور الموريتاني المعدل والمتمم سنة 2012 على ما يلي: ” للحكومة، بعد موافقة رئيس الجمهورية ومن أجل تنفيذ برنامجها، أن تستأذن البرلمان في إصدار أمر قانوني خلال أجل مسمى يقضي باتخاذ إجراءات من العادة أن تكون في مجال القانون، يتخذ هذه الأوامر القانونية مجلس الوزراء وهي تتطلب موافقة رئيس الجمهورية الذي يوقعها، تدخل الأوامر القانونية حيز التنفيذ فور نشرها. غير أنها تصبح لاغية إذا لم يتسلم البرلمان مشروع قانون التصديق قبل التاريخ الذي يحدده قانون التأهيل، وبانقضاء الأجل المذكور في الفقرة الأولى من هذه المادة، تصبح هذه الأوامر القانونية غير قابلة للتعديل إلا بموجب القانون في المواضيع الخاصة بالمجال التشريعي، يصبح قانون التأهيل لاغيا إذا حلت الجمعية الوطنية”.

[25] – والملاحظ أن الأوامر القانونية ليست غريبة عن النظام السياسي الموريتاني، فقد كانت السلطة التشريعية في موريتانيا تمارس عن طريق أوامر قانونية خلال القترة ما بين 10 يوليوز 1978 وصدور دستور 1991 وتنصيب المؤسسات التي أقامها، بل امتد ذلك حتى تنصيب رئيس الجمهورية في 18 أبريل 1992 والاجتماع الأول للبرلمان في 27 أبريل 1992، فالبلاد خلال هذه الفترة كانت تحكمها اللجنة العسكرية بموجب مواثيق دستورية كان آخرها ميثاق 9 فبراير 1985، الذي كان ينص في المادة الثالثة على أن اللجنة العسكرية هي التي تمارس السلطة التشريعية وتمارسها بأوامر قانونية(أورده سيدي محمد ولد سيد آب، في مقال بعنوان: تفويض التشريع في إطار دساتير دول المغرب العربي- دراسة مقارنة- المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية- عدد 28 يوليو- سبتمبر- 1999- ص:30).

[26] – نوارة تريعة، مرجع سابق، ص: 379

[27] – سيدي محمد ولد سيد آب، مرجع سابق، ص:30

[28] – عبد الكريم سعيد دانا، مرجع سابق، ص: 130.

– فدوى مرابط: السلطة التنفيذية في بلدان المغرب العربي، دراسة قانونية مقارنة- مرجع سابق، ص: 260.[29]

[30]– سيدي محمد ولد سيد آب: الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي- دراسة مقارنة-، مرجع سابق، ص: 479- 480.

[31]– سيفان باكراد ميسروب، مرجع سابق، ص: 199.

[32]– سيدي محمد ولد سيد آب: الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي- دراسة مقارنة-، مرجع سابق، ص: 481.

– الفصل 70 من الدستور المغرب يل 2011.[33]

– سيدي محمد ولد سيد آب: الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي- دراسة مقارنة-، مرجع سابق، ص: 483.[34]

– نفس المصدر، ص: 483.[35]

[36]– عبد الكريم سعيد دانا، مرجع سابق، ص: 132.

[37]– نوارة تريعة، مرجع سابق، ص: 386-387.

إقرأ أيضاً

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011

التأطير الدستوري لمقتضيات  الوظيفة العمومية على ضوء دستور 2011 الوعبان لرباس  باحث في سلك الدكتوراه …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *