إرهاصات الحكامة الجهوية في القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات

إرهاصات الحكامة الجهوية في القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات

د. مولاي هشام جاز

باحث في القانون العام والعلوم السياسية

  لم يكن وضع الإطار الدستوري للجهة في المغرب كافيا في بناء الصرح القانوني للحكامة الجهوية، بل شكل خطوة أساسية في بلورتها واستكمالها من خلال صدور القانون التنظيمي الذي سيؤطر الإطار الدستوري ويجسده على أرض الواقع، بحيث أن القانون 111.14 المتعلق بالجهات،سيمهد للمقتضيات المهيكلة له، بالإحالة إلى أن إحداث وتنظيم الجهات يستند إلى الثوابت والمبادئ المنصوص عليها في الدستور، وخاصة الفصل الأول منه[1].

 كما أنه وبعد أن يجتهد في إعطاء التعريف القانوني للجهة، سيحيل إلى المرتكزات المؤطرة لتدبير وتنظيم الجهة وخاصة مبدأ التدبير الحر، وأيضا مبدأي التعاون والتضامن بين الجهات وبينها وبين الجماعات الترابية الأخرى[2].

ذات المقتضيات، ستعمل على إقرار مكانة الصدارة للجهة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى في عمليات إعداد برامج التنمية الجهوية، والتصاميم الجهوية لإعداد التراب وتنفيذها وتتبعها، مع مراعاة الاختصاصات الذاتية للجماعات الترابية الأخرى في عمليات إعداد برامج التنمية الجهوية، والتصاميم الجهوية لإعداد التراب وتنفيذها وتتبعها، مع مراعاة الاختصاصات الذاتية للجماعات الترابية الأخرى. كما ستعمل، وبناء على مبدأ التفريع على الإقرار بممارسة الجهة للاختصاصات الذاتية المسندة إليها، والاختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة. وكذا الاختصاصات المنقولة إليها من هذه الأخيرة. أما على المستوى الثاني من التحليل فإن الهيكلة العامة لقانون الجهة ستبقى وفية للمقتضيات الواردة في الفصل 146 من الدستور، والتي سيعاد تكريسها من خلال المادة الأولى من القانون التنظيمي للجهة، والذي سيجعل التعاطي مع هذه الأخيرة محكوما باستحضار العناصر المرجعية التالية:

  • شروط تدبير الجهة لشؤونها؛
  • اختصاصات الجهة وصلاحيات مجلس الجهة ورئيسه؛
  • إدارة الجهة وأجهزة تنفيذ المشاريع وآليات التعاون والشراكة؛
  • النظام المالي للجهة ومصدر ومواردها؛
  • أشكال وكيفيات التعاون بين الجهات والآليات الرامية إلى ضمان تكييف تطور التنظيم الترابي في هذا الاتجاه؛
  • قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر.

العناصر السابقة المهيكلة للنظام القانوني للجهة، والمكرسة للحكامة الترابية، سنحاول تناولها من خلال فرعين رئيسيين: الفرع الأول يهم البناء المؤسساتي والوظيفي للجهة، أما  الفرع الثاني فيهم الآليات التنظيمية المتعلقة بحكامة الجهة.

الفرع الأول: البناء المؤسساتي والوظيفي للجهة

تسعف المقتضيات التنظيمية للقانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، في إبراز العناصر المهيكلة للحكامة الترابية. والواقع، أنه وبالرجوع إلى هذه المقتضيات سيظهر أن الجانب الإجرائي لهذه الأخيرة، لا يخرج عن أحد المستويين الاثنين من المكونات المستوى المؤسساتي، المتعلق بالبنيات المؤسساتية للجهة في هيكلتها وتنظيمها(الفقرة الأولى)، أما المستوى الثاني من الإطار الإجرائي فإنه، يرتبط بالمستوى التدبيري أو الوظيفي المقابل لسلطة تنفيذ المداولات والمقررات من قبل المجالس الجهوية[3](الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: ارهاصات الحكامة في البناء المؤسساتي للجهة                                              

لقد حاول القانون 111.14 تفادي محدودية نتائج ظهير 2 أبريل 1997 وعجزه عن تفعيل نظام الجهوية ببلادنا بسبب ضعف الإطار المؤسساتي، وحتى لا يتكرر هذا عمل القانون المشار إليه على تعزيز دور أجهزة تدبير مجلس الجهة وتجويد أنظمة تسييرها (أولا)، كما عمل على تدعيم إدارة الجهة بهياكل جديدة (ثانيا).

أولا: تعزيز دور أجهزة تدبير مجلس الجهة وتجويد أنظمة تسييرها

ثلاث عناصر كبرى يلزم استحضارها بخصوص تناول أجهزة تدبير الجهة، وتهم هذه العناصر في جانبها الأولي تنظيم مجلس الجهة، ويتعلق الجانب الثاني بتسييرها، أما الجانب الثالث فيهم النظام الأساسي للمنتخب الجهوي.

1)- تنظيم المجلس الجهوي:

تحيل الجهة في تنظيمها القانوني الجديد على مستجدات تنظيمية في غاية الأهمية. ليس فحسب على مستوى انتخاب مجالس الجهات، الذي أصبح يعتد بقاعدة الاقتراع العام المباشر؛ أو على مستوى الوضع الجديد لجهازها التنفيذي، المشكل أساسا من كل من رئيس مجلس الجهة ونواب هذا الأخير، ولكن أيضا من خلال الأجهزة المساعدة داخل المجلس[4]. وهكذا، فإذا كان رئيس الجهة سيحظى في ظل المقتضيات التنظيمية الجديدة بالوضع الطبيعي الواجب الاعتراف به له كرئيس لجماعة ترابية، يخضع في اختياره وتسميته لقاعدة الاقتراع العلني، ولجملة من الشروط والواجبات المنصوص عليها قانونا، فإن ذات المقتضيات ستعمل أيضا على تبيان طريقة انتخاب نواب الرئيس، الذين سيضطلعون بمهام مساعدة هذا الأخير في تأدية المهام المنوطة به.

أما الأجهزة المساعدة لمجلس، فإنها ستضم إلى جانب كل من كاتب المجلس ونائبه، كأجهزة لتوثيق ذاكرة المجلس وجلساته وأشغاله واللجان الدائمة بمجلس الجهة، آلية ما يعرف “بالفرق” داخل مجلس الجهة[5]، واللجان الدائمة بالمجلس تشكل آليات تقليدية في التدبير الجهوي، على اعتبار أنها آليات واكبت التجربة المحلية في جانب هام من مراحلها التاريخية، فإن آلية الفرق ستشكل تجديدا في تنسيق العمل الجماعي داخل المجلس الجهوي، بما يسعف في حسن الاضطلاع بالمهام والاختصاصات الموكولة للجهات.

2)- تسيير المجلس الجهوي:  ينضبط تسيير مجلس الجهة إلى جانبين اثنين من المقتضيات، أولى هذه المقتضيات، وتهم نظام دورات هذا الأخير[6]. أما الجانب الثاني من المقتضيات، فإنه يهم المقتضيات المتعلقة بنظام سير عمل المجلس الجهوي، سواء في الجانب المرتبط بإعداد جدول الأعمال والذي أصبح منوطا برئيس المجلس بتعاون مع أعضاء المكتب، أو ضرورة التقيد بالنقطة أو النقط المدرجة بجدول الأعمال والإجراءات المسطرية الخاصة بذلك، أو السير العام لمداولات المجلس والشروط المتطلبة للانعقاد القانوني، أو آجال الدورات وإمكانات التمديد، أو الطرق الخاصة بإخبار أعضاء المجلس[7].

3)- تحسين النظام الأساسي للمنتخب: عمل القانون التنظيمي المتعلق بالجهات[8]، من خلال المواد من 54 إلى 79، على تمتيع المنتخب الجهوي بنظام أساسي، ينص على مجموعة من الحقوق ومجموعة أخرى من الواجبات[9].

ثانيا: دعم إدارة الجهة بهياكل جديدة

بالإمكان الإقرار، بأن من المستجدات الهامة التي جاء بها القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات المقتضيات الخاصة بإدارة الجهة، ليس فقط على المستويات الإدارية الداخلية المنظمة لإدارة هذه الأخيرة، وإنما أيضا على المستويات الخارجية التنفيذية والعملياتية لتدخلها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والآليات التي أقرها القانون لأجل إنجاح الأدوار المنوطة بالجهة في هذه المجالات.

وهكذا على مستوى الهياكل الداخلية لإدارة الجهة، فإن المستجدات رامت بهذا الخصوص إحداث كل من “المديرية العامة للمصالح[10]” و”مديرية لشؤون الرئاسة والمجلس”. كما أن المستوى الخارجي العملياتي لتنفيذ المشاريع والبرامج المقررة من طرف المجالس الجهوية، سيقضى بشأنها القانون بإحداث أجهزة مختصة لذلك، ستتخذ مسمى “الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع” لدى كل جهة تتمتع بالاستقلال الإداري والمالين تناط بها مهام إعداد مشاريع الجهة وتنفيذها، وتتبع إنجازها. وتتولى مد المجلس بكل أشكال المساعدة القانونية والهندسية والتقنية والمالية عند دراسة وإعداد المشاريع والبرامج التنموية المقررة من طرف المجلس الجهوي. وتعتبر هكذا الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع[11]، إحدى الآليات التجديدية والعملية في المهام والأدوار المطلوب من الجهات الاضطلاع بها. وهكذا فقد عمل القانون على تنظيم الجوانب الخاصة بإحداث هذه الوكالات، على اعتبارها شخص من الأشخاص المعنوية العامة المتمتعة بالاستقلال الإداري والمالي، تختص بمهام تقديم المساعدة وأيضا نهام تنفيذ المشاريع والبرامج المقررة من قبل مجالس الجهات.

من جانب آخر، فإن القانون وفي إطار السعي والحرص على مبدأ النجاعة في تدبير المشاريع التنموية للجهات، سينص على إحداث “شركات التنمية الجهوية[12]” وهي عبارة عن شركات مساهمة، تختص بممارسة الأنشطة ذات الطابع الاقتصادي، التي تدخل في اختصاصات الجهة أو تدبير إحدى مرافقها. كما حدد القانون الشروط العامة لإحداث مثل هذه الشركات والأغراض المنوطة بها، وأيضا نسب المساهمة فيها والطرق العامة لتدبيرها[13].

هكذا وبعد تطرقنا للجانب الهيكلي البنيوي الذي يعبر في شكل منه عن إرهاصات الحكامة الترابية ننتقل إلى الجانب الوظيفي والمرتبط باختصاصات الجهة وإمكانياتها المالية.

الفقرة الثانية: البناء الوظيفي للجهة في ظل القانون 111.14

تعد الجهة جماعة ترابية ووحدة إدارية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي، لذا كان لزاما منحها مجموعة من الاختصاصات والصلاحيات لأجل البث في قضايا الجهة (أولا)، حيث أن المجلس الجهوي يتخذ تدابير لضمان تنمية الجهات اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، لهذا ثم مد الجهات بالوسائل المالية اللازمة لأجل تحقيق هذا المشروع التنموي (ثانيا).

أولا: اختصاصات الجهة

خول القانون 111.14 مجموعة من اختصاصات للجهة ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية، في إطار قانوني واضح يحدد المسؤوليات، ويقوم على التنسيق بين الدولة ومختلف الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية. وانطلاقا من قانون التنظيم الجهوي المذكور تبرز ثلاثة أصناف من الاختصاصات التي يخولها القانون للجهات وهي: اختصاصات ذاتية، اختصاصات مشتركة، واختصاصات منقولة من الدولة إلى الجهة.

1)- الاختصاصات الذاتية للجهة: تحيل الاختصاصات الذاتية في علاقتها بالجهات، إلى الاختصاصات التي أوكلها القانون على سبيل الحصر للجهات؛ إن على المستويات الاقتصادية أو المجالية أو المالية أو البشرية، بما يعزز من استقلالها الذاتي في ممارسة الشؤون المحلية ، وتجدر الإشارة إلى أن الاختصاصات الذاتية للجهات تتفرع إلى مستويين اثنين:

–  الاختصاصات المرتبطة بالتنمية الجهوية؛

–  والاختصاصات المرتبطة  بمجال إعداد التراب.

وإذا كان القانون قد حاول رصد وتعداد وتأطير الاختصاصات العائدة للجهة في مجال التنمية الجهوية، وبالأوجه المتعددة لهذه الأخيرة؛ إن على المستويات الاقتصادية والبشرية والمجالية والثقافية والبيئية، وكذا في إطار الصيغ الخاصة بالتعاون الدولي، فإنه سيهتم باختصاصات الجهة في مجال إعداد التراب؛ لا من حيث وضع الآلية القانونية لذلك متمثلة في التصميم الجهوي لإعداد التراب، ولكن أيضا من خلال الآليات الإجرائية للوصول للأهداف المسطرة في هذا التصميم يلزم الإحالة في إطار اختصاصات الجهة، إلى التأطير المرجعي والإرشادي لهذه الأخيرة؛ من خلال مقتضيات المادة الثمانون (80) من القانون التنظيمي لهذه الأخيرة، والذي سينيط بالجهة مهام النهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة، وما يقتضيه ذلك من تنظيم لشروط هذه الأخيرة وتنسيقها وتتبعها، في المجالات التالية:

–  تحسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيته الاقتصادية؛

–  تحقيق الاستعمال الأمثل للموارد الطبيعية وتثمينها والحفاظ عليها؛

–  اعتماد التدابير والإجراءات المشجعة للمقارنة ومحيطها، والعمل على تيسير توطين الأنشطة المنتجة للثروة والشغل؛

–  الإسهام في تحقيق التنمية المستدامة؛

–  العمل على  تحسين القدرات التدبيرية للموارد البشرية وتكوينها.

المواد من 81 إلى 90 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.

2)- الاختصاصات المشتركة والمنقولة من الدولة إلى الجهة إلى جانب الاختصاصات الذاتية والتي تم العمل على التعداد القانوني للمجالات المرتبطة بها، فإن نفس التعداد سيعتمد بالنسبة لميادين الاختصاصات المشتركة بين الجهة والدولة، كما سيتم أيضا تبيان الآليات المعتمدة لأجرأة هذه الاختصاصات، والدفع بتنفيذها على أرض الواقع. وهكذا، وعلى مستوى الاختصاصات المشتركة، وفي ظل توخي تكريس مبدأي المشاركة والنجاعة في الاضطلاع بها، فإنها ستهم مجالات التنمية أكانت ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو بيئي أو ثقافي أو سياحي[14].

أما بالنسبة للاختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجهات، فإن القانون قد عمل على تعدادها على سبيل الحصر، وتهم المجالات الخاصة بالصناعة، والصحة، والتجارة، والتعليم، والثقافة، والرياضة، والثقافة، والطاقة، والماء، والبيئة[15]. وإذا كان القانون قد اختار بالنسبة للاختصاصات المشتركة آلية “التعاقد”؛ إما بمبادرة من الدولة أو بطلب من الجهة، فإنه سيتم الاعتداد بآلية “التدرج” و”التمايز” كآليات إجرائية بخصوص الاختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجهات[16].

ثانيا: مقاربة الإمكانيات الموضوعية والمادية لدى الجهة

تكمن الإمكانيات الموضوعية في مختلف الصلاحيات  الموكولة لكل  من مجلس الجهة كجهاز منتخب لهذه الأخيرة ورئيس الجهة كممثل لجهازها التنفيذي، وهي صلاحيات متعددة المجالات ومتنوعة الميادين والاهتمامات بالنسبة لكل من مجلس الجهة ورئيسه (أ). وتكمن الإمكانيات المادية (ب) في مختلف المقتضيات التنظيمية التي همت المجال المالي للجهة والتي جاءت لترجمة مختلف المبادرات والمشاريع على مستوى أرض الواقع.

1)- صلاحيات مجلس الجهة ورئيسه اعترف القانون 111.14  للمجلس الجهوي بصلاحيات التدخل في ميادين اثنين؛ وهما ميدان الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، وما يرتبط بذلك من صلاحيات في ميادين التنمية الجهوية، وإعداد التراب، والمرافق العمومية، والمالية والجبايات، وأملاك الجهة، ثم الميدان الخاص بمجالات التعاون والشراكة. أما رئيس مجلس الجهة كجهاز تنفيذي لهذه الأخيرة، فإن صلاحياته تتوزع هي الأخرى إلى صلاحيات تنفيذية بخصوص مداولات ومقررات المجلس الجهوي، وصلاحيات تدبيرية ومن أبرزها الحق في ممارسة السلطة التنظيمية[17]، إلى جانب جملة من الصلاحيات التدبرية الأخرى[18].

2)- مالية الجهة

يعتبر المجال المالي من بين أهم المجالات التي يتداول فيها مفهوم الحكامة بشكل واسع، باعتبار أن العنصر المالي يحتل، وبشكل كبير، مكانة هامة في كل السياسات العمومية والترابية، فهو الأداة التي تنفذ بها هذه السياسات وتمول بها كل المرافق وتنجز بها المشاريع التنموية، وتترجم بها المجالس المنتخبة وعلى رأسها المجالس الجهوية برامجها السياسية إلى واقع ملموس. وفي هذا الصدد جاء القانون التنظيمي رقم 111.14 الصادر في 7 يوليوز 2015 المتعلق بالجهات بمجموعة من المستجدات التي تروم النهوض بمالية الجهة، والتي يمكن حصرها في الآتي :

–  تمكين الجهات من موارد مالية[19] هامة تتمثل بالخصوص في (%5) من حصيلة الضريبة على الشركات و %5  من حصيلة الضريبة على الدخل و(%20) من حصيلة الضريبة على عقود التأمين، تضاف إليها مخصصات مالية من الميزانية العامة للدولة في أفق بلوغ 10 ملايير درهم سنة 2021. ويتم رصد هذه الموارد بوتيرة تزايد سنوي تدريجي؛

– تكريس القانون التنظيمي للدور التنفيذي لرئيس الجهة على المستوى المالي بالاعتراف له بصفة الآمر بالصرف؛ وهي صفة تؤهل صاحبها إلى جانب الأمر بقبض مداخيل الجهة، بصرف نفقاتها، كما أن العمليات المرتبطة بتنفيذ ميزانية الجهة هي موكولة لكل من الآمر بالصرف والخازن لدى الجهة؛  وهذا ما نصت عليه المادة 209  من القانون المتعلق بالجهات بقولها “يعتبر رئيس مجلس الجهة آمرا بقبض مداخيل الجهة وصرف نفقاتها. يعهد بالعمليات المالية و المحاسباتية المترتبة عن تنفيذ ميزانية الجهة إلى الآمر بالصرف والخازن لدى الجهة”.

– التنصيص على أن نقل الاختصاصات يكون مقترنا بنقل الموارد المالية المطابقة لها؛

– تطبيقا لمقتضيات الفصل 142 من الدستور، فقد تم تفعيل إحداث صندوقي التأهيل الاجتماعي والتضامن بين الجهات؛

–  إعادة هيكلة تبويبات الميزانية[20] من أجل الانتقال من مقاربة للنفقات مرتكزة على الوسائل إلى ميزانية مرتكزة على النتائج مقدمة على أساس برامج ومشاريع وعمليات؛

– اعتماد برمجة متعددة السنوات وتحيين البرمجة سنويا لملائمتها مع تطور الموارد والتكاليف؛

–  إخضاع مالية الجهة لمراقبة المجالس الجهوية للحسابات؛ 

–  إخضاع العمليات المالية والمحاسباتية للجهة لتدقيق سنوي تنجزه بشكل مشترك المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية في عين المكان وبناء على الوثائق المالية والمحاسباتية؛

–  إخضاع صفقات الأشغال والتوريدات والخدمات لحساب الجهة والهيئات التابعة لها ومجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجهة طرفا فيها للنصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية للدولة؛

– إمكانية إحداث لجان للتقصي حول مسألة تهم تدبير شؤون الجهة؛

الفرع الثاني: الآليات المتعلقة بحكامة الجهة

إذا كانت معايير وآليات الحكامة، متعددة بتعدد المجالات والقطاعات التي تشملها، فإننا سنحاول الأخذ بمقاربة “حكامة الجهة”، كمستوى من المقاربات القطاعية التي تهم مستوى له أهمية على المستوى الترابي وهو الجهات. وعلى ذلك فإن الحكامة على هذا المستوى من التعاطي، سنحاول مقاربتها انطلاقا من مستويين اثنين، يهم الأول منهما التكريس التنظيمي لاستقلالية الجهة في تدبير شؤونها (الفقرة الأولى)، كما سنهتم في مستوى ثان، بعلاقة الجهة بآليات التشارك والاقتراح والتعاون والتضامن(الفقرة الثانية)، كتجسيد متقدم لأجرأة مبدأ المشاركة وكآليات سيناط بها تصحيح الاختلالات الداخلية والتفاوتات البينية بين الجهات.

الفقرة الأولى: التدبير الحر للشأن الجهوي

لقد جاء القانون التنظيمي 111.14  المتعلق بالجهات لـتأكيد وتنزيل مقتضيات الدستور فيما يخص الجهوية المتقدمة، إذ حمل العديد من المستجدات فيما يخص حكامة الجهة، ومن بين أهم هذه المستجدات التكريس لحرية واستقلالية الجهات في تدبير شؤونها، من خلال تحديد الشروط والعناصر والأبعاد المؤطرة لتطبيقات مبدأ التدبير الحر (أولا)، وكذا التخفيف من الوصاية الإدارية لصالح الرقابة القضائية[21] من خلال المحاكم الإدارية (ثانيا).

أولا: الجهة ومبدأ التدبير الحر

تتبوأ الجهات أهمية قصوى في المشهد السياسي بعد التعديل الدستوري لسنة 2011 الذي اعتبرها مؤسسات مستقلة وذات ” تدبير حر” فضلا على القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات. فإذا ما توقفنا عند التدبير الحر من الناحية الاصطلاحية فإننا نجده يفيد الحرية في التدبير والإدارة، ومن ثم فهو لا يعني الحرية في الحكم، بل يقتصر على الحرية في تدبير أو إدارة الشؤون الإدارية دون السياسية[22]وبربطه بالجهات فهو يعني حرية واستقلالية هذه الوحدات في تدبير شؤونها. وهذه الحرية أو الاستقلالية تمتد لتشمل عناصر مختلفة في التدبير. فالفصل الرابع من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات نص على أن ” تدبير الجهة لشؤونها يرتكز على مبدأ التدبير الحر، الذي يخول بمقتضاه لكل جهة في حدود اختصاصاها سلطة التداول بكيفية ديمقراطية، وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها طبقا لأحكام هذا القانون التنظيمي، والنصوص التشريعية والتنظيمية المتخذة لتطبيقة” بمعنى أن تمارس الجهات اختصاصاتها بما هو موكول لها في النصوص القانونية، والدولة لها حق المراقبة البعدية، أي ترك نوع من الحرية للمدبر الجهوي في ممارسة اختصاصاته في مقابل مسائلته عن النتائج التي أنجزها، وله حرية التصرف في الموارد المتاحة له في إطار احترام القانون، ومبادئ التدبير الحر تستمد أسسها من مفهوم “الشخصية المعنوية”  المعترف بها للجهات وبمقتضاها تتمتع هذه الأخيرة بالاستقلال الإداري والمالي[23]

وقد عرف الكتاب الثاني الذي أصدرته اللجنة الاستشارية للجهوية المتقدمة  مبدأ التدبير الحر بأنه، “التداول والتقرير بحرية في إطار الاختصاصات الممنوحة للجماعات الترابية صراحة وعلى صلاحياتها في تطبيق مداولاتها وتنفيذ قراراتها” فهو بهذا المعنى يعطي كامل الصلاحية والحرية لمجالس الجماعات الترابية في تحديد وبلورة اختياراتها وبرامجها في احترام تام للمقتضيات القانونية التنظيمية وبمراعات الامكانات التمويلية، فالمجالس في ظل هذا المبدأ الدستوري هي القائد المخطط، والبناء الاستراتيجي للتنمية المحلية، وذلك لتوفرها على صلاحيات وضع المخططات والبرامج التنموية، وهذا يجعل الجماعات الترابية مجالسا للتدبير، خاصة بعد التنصيص على التنسيق بين القطاعات اللاممركزة الذي يقوم به الولاة والعمال على الصعيد الجهوي، وهذا لا شك أنه سيؤدي إلى تبني سياسة اللاتمركز الواسع الذي يعتبر مدخلا أساسيا لنجاح الجهوية المتقدمة.

أما عن تطبيقات مبدأ التدبير الحر، وكما أحال عليها القانون التنظيمي فإنها تتوزع إلى مستويين اثنين من التمظهرات، المستوى الأول، وقد تمت فيه الإحالة على جملة من المبادئ العامة المؤطرة لذات المبدأ، حيث أحال القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، على جملة من المبادئ العامة لمبدأ التدبير الحر؛ وهي مبادئ عشرة تحيل على كل من مبادئ:[24]

  • المساواة بين المواطنين في ولوج المرافق العمومية التابعة للجهة؛
  • الاستمرارية في أداء الخدمات من قبل الجهة وضمان جودتها؛
  •  تكريس قيم الديمقراطية والشفافية والمحاسبة والمسؤولية؛
  •  ترسيخ سيادة القانون؛ والتشارك والفعالية والنزاهة”.

أما المستوى الثاني فسيعدد من جانبه القواعد الإجرائية الخاصة بتطبيقات مبدأ التدبير الحر، سواء من قبل مجلس الجهة أو الهيآت التباعة، أو قبل رئيس الجهة. كما يبين الجدول الآتي:

الأدوات العملية لأجرأة قواعد حكامة مبدأ التدبير الحر
على مستوى مجلس الجهة ورئيسه  والهيآت التابعة لهعلى مستوى رئيس مجلس الجهة
حسب المادة 244 من القانون 111.14 المتعلق بالجهات فإن الآليات التي تهم مجلس الجهة ورئيسه والهيآت التابعة له، تتمثل في ضرورة احترام الإجراءات والمقتضيات والقواعد التالية: – مقتضيات النظام الداخلي للمجلس – التداول خلال جلسات المجلس بكيفية ديمقراطية؛ – حضور ومشاركة الأعضاء، بصفة منتظمة، في مداولات المجلس؛أناط القانون برئيس الجهة مهمة اتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل  اعتماد الأساليب الفعالة للتدبير والمتمثلة في[25]: تحديد المهام ووضع دلائل للمساطر المتعلقة بالأنشطة والمهام المنوطة  بإدارة الجهة وبأجهزتها التنفيذية والتدبيرية؛ –  تبني نظام التدبير بحسب الأهداف ؛ – وضع منظومة لتتبع المشاريع والبرامج تحدد فيها المؤشرات الخاصة بمجال التقييم.

المصدر: تركيب شخصي[26]

الأدوات العملية لأجرأة قواعد حكامة مبدأ التدبير الحر
على مستوى مجلس الجهة ورئيسه  والهيآت التابعة لهعلى مستوى رئيس مجلس الجهة
– شفافية مداولات المجلس؛ – آليات الديمقراطية التشاركية؛ – المقتضيات المتعلقة بوضع الميزانية والتصويت عليها وتنفيذها؛ – المقتضيات المنظمة للصفقات؛  – القواعد والشروط المتعلقة بولوج الوظائف بإدارة الجهة والهيئات التابعة لها ومجموعات الجهات ومجموعات الجماعات الترابية؛ -القواعد المتعلقة بربط المسؤولية بالمحاسبة؛ – عدم استغلال التسريبات المخلة بالمنافسة النزيهة؛ – التصريح بالممتلكات؛ – عدم تنازع المصالح؛ عدم استغلال مواقع النفوذ.  كما أن رئيس الجهة، وحسب المادة 247 من ذات القانون وفي إطار مبادئ الحكامة التي أشرنا إليها سالفا يقوم بـما يلي: –  تسليم نسخة من محاضر الجلسات لكل عضو من أعضاء المجلس داخل أجل الخمسة عشر (15) يوما الموالية لاختتام الدورة على أبعد تقدير، وفق مسطرة يحددها النظام الداخلي للمجلس؛ –  تعليق المقررات في ظرف عشرة  (10) أيام بمقر الجهة، ويحق لكل المواطنات والمواطنين والجمعيات ومختلف الفاعلين أن يطلبوا الاطلاع على المقررات، طبقا للتشريع الجاري به العمل.   

المصدر: تركيب شخصي[27]

انطلاقا من الإطار القانوني وملامح مبدأ التدبير الحر بمنظومته الحالية، يتضح لنا بأن الارتقاء بالجهات عبر تمتيعها بهذا المبدأ، اختيار وطني وإرادة سياسية، فرضه وجود شؤون محلية مستقلة عن الشؤون الوطنية في ظل الممارسة الفعلية للنظام اللامركزي واللاتمركز. الشيء الذي يفرض التخفيف من الوصاية لصالح الرقابة القضائية[28].

ثانيا: التخفيف من الوصاية الإدارية لصالح الرقابة القضائية

مقارنة مع قانون96-47 الصادر بتاريخ 6 أبريل1997 المتعلق بالتنظيم الجهوي نلاحظ أن القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات  قد قلص من مجال الوصاية وأبقى على ممارسة الوصاية الإدارية تحت مراقبة القاضي الإداري[29].

وبالتالي تحول المغرب من المفهوم التقليدي للوصاية إلى مفهوم متطور يعتمد على إشراك القضاء في الرقابة على الجماعات الترابية، محتذيا في ذلك بالقانون الفرنسي المنظم للرقابة على الجماعات المحلية، الذي ألغى الرقابة الإدارية المسبقة[30] على الهيئات اللامركزية، وحولها إلى رقابة إدارية بعدية تنتهي إلى رقابة قضائية في حالة الإحالة على القضاء الإداري.

فهذه المقتضيات تشكل نقلة نوعية في رقابة القضاء الإداري على الجماعات الترابية، إذ أصبح يختص بإنزال العقوبات التأديبية على أعضاء المجالس المنتخبة، وحل هذه المجالس، وهي اختصاصات جديدة تسند للمحاكم الإدارية بالإضافة إلى رقابة المشروعية. وهذا ما يعبر عن رغبة المشرع في تقوية دور القضاء الإداري في تعزيز الجهوية المتقدمة والرقي بها، وضمان المشروعية، من خلال تحقيق  التوازن بين ممثلي السلطة المركزية والمجالس المنتخبة. فإلى أي حد كرس المشرع الرقابة القضائية كبديل عن الوصاية الإدارية في إطار الجهوية المتقدمة؟ هذا ما سوف نحاول التطرق إليه في الآتي:

1): رقابة القضاء الإداري على هياكل الجهات: شكل القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات نقلة نوعية في مجال الرقابة على الجهات، حيث أصبح للمحاكم الإدارية دور مهم في ممارسة الرقابة على المجالس المنتخبة، سواء الرقابة على أعضاء هذه المجالس أو على المجلس ككل.

أ) الرقابة على أعضاء مجالس الجهات، حلت المحاكم الإدارية محل سلطات الوصاية في توقيع الجزاءات التأديبية على أعضاء مجالس الجهات، في حالة إخلالهم بمهامهم سواء الرئيس أو نوابه أو باقي الأعضاء، حيث أصبح العزل[31] والتوقيف يتم بمقتضى حكم قضائي بدل قرار إداري كما كان سابقا.[32]

ب) حل مجالس الجهات، أصبح حل مجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى أو توقيفها يتم بمقتضى حكم قضائي صادر عن المحكمة الإدارية، عكس ما كان عليه في السابق، إذ كان حل مجلس الجهة يتم عن طريق مرسوم معلل ينشر في الجريدة الرسمية[33]، وهذا المستجد يشكل ضمانة لاستقلالية هذه المجالس، واستمرارها إذ لم تعد تحث وطأة سلطات الوصاية[34].

من خلال ما سبق نلاحظ أن القضاء الإداري أصبح يمارس رقابة من صنف تأديبي على مجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى، وهي اختصاصات جديدة تسند إلى المحاكم الإدارية، هذا بالإضافة إلى توسيع رقابة المشروعية على أعمال الجماعات الترابية.

2): رقابة القضاء الإداري على أعمال مجالس الجهات:

 لقد وسع المشرع من سلطات القضاء الإداري في مجال رقابة المشروعية، إذ كانت الرقابة القضائية تقتصر على الجهات دون باقي المستويات الأخرى للجهوية، التي كانت تمارس فيها الرقابة من طرف سلطة الوصاية، ليقوم المشرع بالمساواة بين جميع الجماعات الترابية في الرقابة القضائية.

  • رقابة المشروعية:

عرفت الرقابة على قرارات مجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى عدة تطورات، إذ تم التقليص من الرقابة الإدارية لصالح الرقابة القضائية على أعمال المجالس، ولم يعد للسلطة المركزية السلطة التقريرية في مواجهة أعمال هذه المجالس، بل لابد من اللجوء إلى المحاكم الإدارية لإعطاء كلمتها في كل نزاع، وذلك طبقا للمادة 66 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، التي نصت على اختصاص القضاء وحده بالتصريح ببطلان مداولات مجلس الجهة[35]، ونفس المقتضى نصت عليه القوانين التنظيمية للجماعات الترابية الأخرى.فكل نزاع بين ممثلي السلطة المركزية والمجالس المنتخبة حول شرعية قرارات مجالس الجماعات الترابية يجب إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية للبت فيه، وإن كان هذا المقتضى لا يحمل جديدا بالنسبة للجهات، لأن الإعلان عن البطلان كان من اختصاص المحاكم الإدارية في السابق[36].

  • إيقاف تنفيذ القرارات:

 نظرا  للأثر غير الواقف للطعن في القضاء الإداري، فقد نصت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية على دعوى إيقاف التنفيذ لإيقاف تنفيذ القرارات إلى حين البت فيها من طرف محكمة الموضوع، وإن كان قانون الجهة رقم 47.96 المنسوخ كان يرتب إيقاف التنفيذ في هذه الحالة تلقائيا بمجرد تقديم الطعن، وذلك بالنص صراحة أن إحالة النزاع على المحكمة الإدارية يترتب عنه بحكم القانون توقيف تنفيذ القرار الإداري المتنازع فيه، لكن المشرع تدارك هذا الأمر من خلال القوانين التنظيمية الحالية.

في حالة رفع المنازعة في شرعية القرارات الإدارية أمام المحكمة الإدارية يجب بالموازاة رفع دعوى إيقاف التنفيذ لوقف تنفيذ هذه القرارات، وكذلك الأمر في حالة التعرض على أعمال المجالس المنتخبة. حيث يمكن لممثلي السلطة المركزية التعرض على كل قرار لا يندرج في صلاحيات المجالس المنتخبة أو جاء مخالفا للقانون، و كذلك التعرض على النظام الداخلي للمجلس، ويجب على المجلس إجراء مداولة جديدة في شأن الأمور التي كانت موضوع تعرض، لكن في حالة عدم استجابة المجلس، يمكن إحالة الأمر إلى القضاء الاستعجالي لدى المحكمة الإدارية لطلب إيقاف تنفيذ القرار موضوع التعرض، إلى حين بت المحكمة في الموضوع[37].

الفقرة الثانية: الجهة وآليات التشارك والاقتراح والتعاون والتضامن

أصبحت التنمية الجهوية في مفهومها الحديث، تتطلب آليات ومهارات منهجية وتقنية لتنزيلها على أرض الواقع قصد إشراك مختلف الفاعلين، وهذا ما حاول المشرع  التنظيمي تكريسه في القانون 111.14 المتعلق بالجهات. عندما نص على  آليات التشارك والاقتراح (أولا)، وعلى آليات التعاون والتضامن (ثانيا)، تماشيا ما المقتضيات الدستورية لسنة 2011.

أولا: آليات التشارك والاقتراح

اهتم قانون الجهة، بإحداث جملة من الآليات الإجرائية، تدخل في إطار المقاربات التشاركية على المستوى الجهوي. وهكذا، وعلى المستوى الأول من الآليات، سيتم إحداث آليات تشاورية تكون أداة للفعل التشاركي، من قبيل كل من فعاليات المجتمع المدني أو الشباب أو الفاعلين الاقتصاديين. لأجل تيسير الإسهام الإجرائي لهذه الفعاليات في إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية.

أما على مستوى الفعل الاقتراحي، فإن الآلية المعتمدة من قبل القانون، هي العمل على إقرار آلية لتقديم “العرائض” من قبل المواطنات والمواطنين والجمعيات. وهذه عبارة عن اقتراح في صيغة مكتوبة، يقدم لمجلس الجهة الداخل في اختصاصها لأجل إدراجه بجدول أعمالها. وقد عمل القانون، على تحديد الشروط المتطلبة لتقديم هذه العرائض، والكيفيات التي يتم بها التقديم، والإجراءات المواكبة لذلك[38].

1): التدبير الجهوي والآليات التشاركية للحوار والتشاور

بالإمكان اعتبار الآليات التشاركية للحوار والتشاور، آلية ضمن الآليات الإجرائية والعملية لتكريس الطابع التشاركي في التدبير الجهوي. الأمر الذي يستدعي التعرض إلى هذا النوع من الآليات، والغرض من إحداثها، ثم تناول موالي للصيغ الكبرى للآليات التشاركية للحوار والتشاور.

أ)- الآليات التشاركية للحوار والتشاور: على خلاف القانون السابق الذي أطر الجهة –القانون 47.96- أصبح بإمكان الجهات اليوم في ظل القانون 111.14 إحداث آليات تشاركية للحوار والتشاور، تعمل على تيسير إسهام المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية الجهوية والعمل على تتبعها. هذه الآليات، هي بشكل أو بآخر أحد الطرق العملية لتجسيد المقاربة التشاركية، خاصة وأن الأمر يتعلق بالاهتمامات الممكن التعبير عنها سواء من قبل المجتمع المدني، أو من قبل الشباب، أو من قبل الفاعلين الاقتصاديين على مستوى الجهة، وهي أطراف تبقى معنية بشكل مباشر أو غير مباشر باهتمامات الجهة الخاصة بالتنمية الجهوية[39].

ب)- صيغ الآليات التشاركية للحوار والتشاو: اعتمد المشرع في القانون 111.14 المتعلق بالجهة ثلاث مجالات لتفعيل الآليات التشاركية للحوار والتشاور، وتهم مجالات العلاقة مع كل من المجتمع المدني، وقطاع الشباب، والفاعلين الاقتصاديين. وقد أقر القانون في هذا الإطار ضرورة إحداث ثلاث هيئات استشارية[40].

2): التدبير الجهوي وآليات تقديم العرائض

العريضة وفق المادة 119 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهة هي، كل محرر تطالب بموجبه المواطنات والمواطنين والجمعيات مجلس الجهة، بإدراج نقطة تدخل في صلاحياته ضمن جدول أعماله. هذه الآلية القانونية، ستشكل التجسيد العملي للمقتضى الدستوري الذي سيسمح للمواطنات والمواطنين والجمعيات بحق تقديم عرائض، يكون الغرض منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في صلاحياته ضمن جدول أعماله. وقد وضع القانون جملة من الشروط بالنسبة لتقديم العرائض[41]، كما حدد الكيفيات التي يتم بها إيداع هذه العرائض[42].

ثانيا:  الحكامة الترابية وآليات التعاون والتضامن 

كما هو الحال بالنسبة لآليات التشارك والاقتراح، فإن القانون سيعمل على إقرار آليات للتعاون والتضامن على مستوى المنظومة الجهوية. وهكذا، فإن المجال الأول الذي سيحظى باهتمام المشرع، هو إقرار آليات للتعاون والشراكة فيما بين الجهات وبينها وبين الجماعات الترابية الأخرى، تأخذ تسمية “مجموعة الجهات” أو “مجموعات الجماعات الترابية”. كما تم إقرار صيغ أخرى للتعاون والشراكة، بواسطة صيغ الاتفاقيات بين الجهات والجماعات الترابية، أو بينها وبين أطراف ومؤسسات أخرى.

نفس الحرص سيتم إيلاؤه لموضوع التأهيل والتضامن بين الجهات، وذلك من خلال إيجاد آليات مؤسساتية سواء للتأهيل الجهوي، خاصة في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبشرية لهذه الأخيرة؛ متمثلة في “صندوق التأهيل الاجتماعي” أو من خلال إقرار آليات للتضامن بين الجهات؛ متمثلة في “صندوق التضامن بين الجهات”، وهي آلية تهم في المقام الأول الحرص على خلق تعاون بين الجهات وذات الامكانات الوافرة اقتصاديا، والجهات التي تعرف محدودية في الإمكانات المالية؛ أو بصيغة أخرى إيجاد تضامن بين الجهات الغنية والجهات الفقيرة[43].

1): آليات التعاون والشراكة

تأخذ صيغ التعاون والشراكة بالنسبة للجهات صيغتين اثنين، صيغة مؤسساتية بواسطة كل من مجموعة الجهات ومجموعة الجماعات الترابية[44]. وصيغة  أخرى تتمثل في إبرام “شركات التنمية الجهوية” وهي شركات مساهمة  أعطى القانون لكل من الجهة ومجموعاتها ومجموعات الجماعات الترابية الحق في إحداثها، وذلك من أجل ممارسة الأنشطة ذات الطبيعة الاقتصادية التي تدخل في اختصاصات الجهة أو تدبير مرفق عمومي تابع للجهة[45].

2)- آليات التأهيل والتضامن:

إن الشروط الموضوعية لواقع الجهات على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، وظاهرة الاختلال البين في الإمكانات والوسائل المتوفرة لديها، تبرر موقف المشرع لمعالجة مثل هذه الاختلالات سواء عن طريق آلية التأهيل بواسطة “صندوق التأهيل الاجتماعي”[46]، أو عن طريق آلية للتضامن، بواسطة ” صندوق التضامن بين الجهات” وهذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 243 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهة على أن “تحدد بموجب قانون المالية موارد هذا الصندوق ونفقاته وكيفيات تسييره”. وإذا كانت صفة الآمر بالصرف، قد أنيطت بالنسبة لصندوق التأهيل الاجتماعي برئيس الحكومة، فإن ذات الصفة ستناط بوزير الداخلية في علاقاته بصندوق التضامن بين الجهات كآمر بالصرف. وقد أحال القانون على مرسوم يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، لأجل تحديد معايير توزيع مداخيل هذا الصندوق على الجهات المعنية.

لقد حاولنا في إطار حكامة الجهة، استحضار كل مبادئ التدبير الحر، وآليات المشاركة والتشارك، وآليات التعاون والتضامن، كمبادئ موجهة للتدبير الجهوي في ظل المقتضيات القانونية الجديدة. وبالإمكان اعتبار هذه المبادئ آليات مجددة لتدبير الجهة، وبما سيسعف بصورة أو بأخرى في تحقيق هدف التدبير الجيد لشؤونها الاقتصادية والاجتماعية؛ فمبدأ التدبير الحر، بإمكانه أن يشكل الأداة التدبيرية لتسيير الشؤون الجهوية؛ والآليات التشاركية الحوار والتشاور، بمقدورها أن تجسد الأداة الديمقراطية بالنسبة للجهة في علاقتها بالمحيط الخارجي؛ كما آليات التعاون والتضامن، قد تشكل من جانبها الأداة التصحيحية لإشكالات الاختلال وعدم التوازن فيما بين الجهات، أو بين الجهات، أو بين هذه الأخيرة والجماعات الترابية الأخرى.

من خلال ما سبق، يمكن القول إن الجهوية بالمغرب دخلت منعطفا جديدا يدل على تطور حكامتها، وقابليتها للتوسع لتشمل اختصاصات أخرى مستقبلا. بالمقارنة مع التجارب الأجنبية التي قطعت أشواطا مهمة في هذا المجال تماشيا مع تباينات الحاجيات والخصوصيات. وبالنظر إلى الأهمية التي تحتلها الحكامة الترابية في صلب الاهتمامات، وباستحضار المدة الفاصلة بين التكريس الدستوري، والإقرار القانوني للجهوية المتقدمة وبين مستواها الآن يمكننا أن نتساءل عن واقع حال الحكامة الترابية.


[1]  تنص الفقرة الرابعة من الفصل الأول من الدستور  المغربي لسنة 2011 على الآتي:” التنظيم الترابي للملة تنظيم لا مركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة”.

[2] الشريف الغيوبي: “استقلالية السلطة التنفيذية للجهة على ضوء القانون 111-14″، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، العدد 11، دجنبر 2016.

[3]  وهو مستوى يجد تجسيده الأولي والعملي، في تمتيع هذه الأخيرة بالوسائل القانونية والمادية الكفيلة بتحقيق ذلك،  والمتمثلة أساسا في حق ممارسة سلطة تنظيمية محلية، تتولى من خلالها وضع قواعد تنظيمية في الحالات التي يحددها القانون. كما يتجسد في منحها اختصاصات فعلية وواقعية، تمكنها من تدبير شؤونها وتعزز حرية عملها. 

[4]  المواد من 9 إلى 34 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.

[5] وهي آلية تساعد على تنسيق العمل بين مجموعة من الأعضاء المنتمين لمجلس الجهة، لأجل توحيد الرؤى والمواقف في مجموعة من القضايا التي تهم الشؤون الجهوية.

 [6] تتوزع  دورات  المجلس إلى دورات عادية تعقد قانونيا ثلاث مرات في السنة، ودورات استثنائية يتم اللجوء إليها في الحالات التي تستدعي ذلك، وفق الشكليات والإجراءات المسطرية المنظمة،  سواء من قبل أعضاء المجلس، أو عند تقديم العرائض من قبل المواطنات والمواطنين والجمعيات، أو من طرف سلطة الوصاية ممثلة في شخص الوالي

[7]  من مستجدات القانون التنظيمي حول الجهة أيضا هو الإمكانية المفتوحة أمام أعضاء مجلس الجهة بأن يوجهوا، بصفة فردية أو جماعية، أسئلة كتابية إلى رئيس المجلس حول كل مسألة تهم مصالح الجهة. وتسجل هذه الأسئلة في جدول أعمال دورة المجلس الموالية لتاريخ التوصل بها، شرط أن يتم التوصل بها قبل شهر من انعقاد الدورة. وتتم الإجابة عنها في جلسة تنعقد لهذا الغرض. وفي حالة عدم الجواب داخل هذا الأجل، يسجل السؤال، بطلب من العضو، بحكم القانون، حسب الترتيب بجدول أعمال الجلسات الموالية والمخصصة للإجابة عن الأسئلة في الدورات المقبلة. ولا يمكن أن يتجاوز الوقت المخصص من طرف مجلس الجهة للإجابة عن الأسئلة المطروحة جلسة واحدة عن كل دورة. ويحدد النظام الداخلي للمجلس شروط إشهار الأسئلة والأجوبة.

كما أصبح بإمكان المجلس إحداث لجنة للتقصي حول مسألة تهم تدبير شؤون الجهة، وذلك بطلب من نصف الأعضاء المزاولين مهامهم على الأقل .وتعد هذه اللجنة تقريراً حول المهمة التي أحدثت من أجلها في ظرف شهر على الأكثر، ويناقش هذا التقرير من طرف المجلس الذي يقرر بشأن توجيه نسخة منه إلى المجلس الجهوي للحسابات .

  •  المواد من 35 إلى 53 من القانون التنظيمي  111.14 المتعلق بالجهات

[8]  لم يكن التنظيم الجهوي السابق- مع استثناء بعض المواد- ينص على نظام أساسي للمنتخب وهو ما حاول  القانون التنظيمي 111.14 تداركه بتخصيص الباب الثالث ﴿المواد من 54 إلى79 ﴾.

[9]  المواد 54 إلى 74 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات.

[10]  تضطلع المديرية العامة للمصالح بدور إداري صرف بالنسبة للجهة. وقد عوضت إلى حد ما الدور التقليدي للإدارة الخاصة بالجماعات المحلية، في ظل المقتضيات القانونية لما قبل القوانين التنظيمية الجديدة, ويوجد على رأس هذه المديرية، “مدير عام للمصالح” أسند له القانون مهام مساعدة الرئيس في ممارسة صلاحياته، والإشراف على إدارة الجهة – تحت مسؤولية الرئيس ومراقبته-، وتنسيق العمل الإداري لمصالح الجهة، والسهر على حسن سيره.

[11]  إن توظيف مصطلح الوكالة بخصوص الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، وإن كان يتقاطع من حيث الحق القانوني المخول للجهات في إحداث الوكالات بمفهومها الإداري التقليدي، كأشخاص معنوية عامة تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، وكطريقة من طرق إدارة المرافق العامة، تعتد بالتنظيم والتسيير المباشر لهذه الأخيرة، عن طريق أموالها وموظفيها، مستخدمة في ذلك وسائل القانون العام، فإنه بالنسبة للوكالة بالشكل الموظف في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، فيمكن اعتبارها بالأساس آلية للتدبير والتنفيذ العملياتي لشؤون الجهة، سواء من حيث تقديم المساعدة أو تنفيذ المشاريع والبرامج المقررة من طرف مجالس الجهات.

  • أنظر بخصوص المفهوم التقليدي للوكالة: مليكة الصروخ: القانون الإداري، دراسة مقارنة، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب، الدار البيضاء، الطبعة السادسة، نونبر 2006، ص853.

[12] تسمى “شركات التنمية الجهوية”، أو المساهمة في رأسمالها باشتراك مع شخص أو عدة أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام أو الخاص. ويتم إحداث هذه الشركات لممارسة أنشطة ذات الطبيعة الاقتصادية، التي تدخل في اختصاصات الجهة، أو تدبير مرفق عمومي تابع للجهة.

  •  المواد من 145 إلى 147 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات

[13]  تجد المقتضيات الخاصة بشركات التنمية الجهوية، أولى مرجعيتها القانونية في المقتضيات المنظمة السابق وردها في الظهير الشريف رقم 1.08.153 صادر في 18 فبراير 2009 القاضي بتنفيذ القانون رقم 17.08 المعدل والمتمم للقانون رقم 78.00 صادر في 18 فبراير  2009 القاضي بتنفيذ القانون رقم 17.08 المعدل والمتمم للقانون رقم 78.00 المتعلق بالتنظيم الجماعي، ج.ر. عدد 5711 بتاريخ 23 فبراير 2009. والذي نص على أنه: “يمكن للجماعات المحلية ومجموعاتها إحداث شركات التنمية المحلية أو المساهمة في رأسمالها باشتراك مع شخص أو عدة أشخاص معنوية خاضعة للقانون العام أو الخاص…”

  • الباب العشر، الفصل الثاني، من المقتضيات الخاصة بشركات التنمية المحلية، المادة 140.

[14]  تمارس الاختصاصات المشتركة بين الجهة والدولة بشكل تعاقدي، إما بمبادرة من الدولة أو بطلب من الجهة، انظر: المادة  91 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات.

[15]  وهذا ما أشارت إليه المادة 94 من القانون 111.14 بقولها “تحدد اعتمادا على مبدأ التفريع مجالات الاختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجهة، وتشمل هذه المجالات بصفة خاصة : ” التجهيزات والبنيات التحتية ذات البعد الجهوي؛  الصناعة ؛ الصحة ؛ التجارة ؛ التعليم ؛ الثقافة ؛ الرياضة ؛ الطاقة والماء والبيئة”.

[16]    انظر المادة 95 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات

[17]  اعتبر القانون رئيس مجلس الجهة الجهاز التنفيذي لهذه الأخيرة، وهذه الصفة تعترف لصاحبها بحق تنفيذ مداولات المجلس ومقرراته، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لذلك.  للمزيد  من التفصيل حول اختصاصات رئيس المجلس الجهوي، تراجع المادة 99 من القانون المتعلق بالجهات.

[18]  من ذلك الاعتراف له بحق ممارسة السلطة التنظيمية، والحق في تسيير المصالح الإدارية للجهة وتدبير مختلف شؤونها، وإعداد برنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي لإعداد التراب، وإعداد الميزانية، وإبرام صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات ورفع الدعاوى القضائية إلى جانب الصلاحيات المنصوص عليها في القانون.

  • المواد 102 إلى 111 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.

[19]   تشتمل موارد الجهة  حسب المادة  189 من القانون التنظيمي لمتعلق بالجهات على:

–   حصيلة الضرائب أو حصص ضرائب الدولة المخصصة للجهة بمقتضى قوانين المالية، ولاسيما فيما يتعلق بالضريبة على الشركات وبالضريبة على الدخل، والرسم على عقود التأمين، طبقا لأحكام المادة 188 أعلاه؛ المخصصات المالية من الميزانية العامة للدولة المشار إليها في المادة 188 أعلاه؛ حصيلة الضرائب والرسوم المأذون للجهة في تحصيلها طبقا للتشريع الجاري به العمل؛  حصيلة الأتاوى المحدثة طبقا للتشريع الجاري به العمل؛ حصيلة الأجور عن الخدمات المقدمة، طبقا لمقتضيات المادة 98 من هذا القانون التنظيمي؛  حصيلة الغرامات طبقا للتشريع الجاري به العمل؛  حصيلة الاستغلالات والأتاوى وحصص الأرباح، وكذلك الموارد وحصيلة المساهمات المالية المتأتية من المؤسسات والمقاولات التابعة للجهة أو المساهمة فيها ؛ الإمدادات الممنوحة من قبل الدولة أو الأشخاص الاعتبارية الخاضعة للقانون العام؛  حصيلة الاقتراضات المرخص بها ؛ دخول الأملاك والمساهمات ؛ حصيلة بيع المنقولات والعقارات ؛ أموال المساعدات والهبات و الوصايا مداخيل مختلفة والموارد الأخرى المقررة في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

[20]  تتكون ميزانية الجهة في بنائها التقليدي العام من مكوني قسمي التسيير والتجهز (الجزء الأول والجزء الثاني من الميزانية) واللذين إلى جانب لبنية الخاصة بهما؛ سواء من حيث الإيرادات أو النفقات، والمدة القانونية للميزانية، وضرورة تقعيدها بشكل متواز وصادق؛ فإن هم مستجد بالنسبة للمقتضيات القانونية الجديدة، هو إدخال الطابع الوظيفي في تبويب نفقات الميزانية، باعتماد التبويب عن طريق “البرامج” و”العمليات”.

إلى جانب هذا،  مشتملات ميزانية الجهة في شكلها لتقليدي، هو إمكانية الاشتمال أيضا على ميزانيات ملحقة تهم تدبير بعض المرافق  التي لا تتمتع الشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي. ما يسمح القانون بمكانية إحداث حسابات خصوصية؛ وهذه الأخيرة عبارة عن عمليات مالية تساعد على تنفيذ جانب من المشاريع والتجهيزات.

  • أنظر المواد من 165 إلى 185 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.
  •  

[21] تعتبر رقابة القضاء الإداري أهم ضمانة لاحترام المشروعية من جهة، وضمان استقلالية الجماعات الترابية من جهة أخرى، كما ستضمن الشفافية في العلاقة بين السلطة المركزية والجماعات الترابية.

[22] Tarik Zair : «Le principe de libre administration des collectivités territoriales » REMALD n° 107 Novembre –  Décembre,p.14.

[23]  كانت فرنسا سباقة إلى إعطاء مبدأ التدبير الحر طابعه الدستوري، من خلال المادة 34 من دستور 1958، والذي ستؤكده المراجعة الدستورية المؤرخة في 23 مارس 2003 من خلال المادة 72،مقررة بأن الجماعات الترابية تدبر بشكل حر من طرف مجالسها المنتخبة . هذه الدسترة الفرنسية لمبدأ التدبير الحر، سيعمد المشرع المغربي إلى تبنيها من خلال المقتضيات الدستورية لدستور2011، بإعطاء المبدأ قيمته الدستورية واعتباره مرتكزا من مرتكزات التنظيم الجهوي والترابي، تاركا للقوانين التنظيمية مهمة تحديد الشروط والعناصر والأبعاد المؤطرة لتطبيقاته للاستزادة حول مفهوم التدبير الحر يراجع مقالنا التالي:مولاي هشام جاز: “الجماعات الترابية ومبدأ التدبير الحر”: مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، عدد خاص 2017، ص ص 154-155.

[24]  المادة 243 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.

[25]  المادة 244 من القانون  التنظيمي 111.14  المتعلق بالجهات.

[26]  تركيب شخصي مقتبس من النصوص الواردة في القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، الفصول من 244- 247.

[27]  انظر الفصول 244 -247 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.

[28] Tarik Zair : «Le principe de libre administration des collectivités territoriales » op.cit p.14.

[29]  رغم أن المشرع في القانون التنظيمي 111.14  المتعلق بالجهات لم يذهب إلى درجة إلغاء الوصاية إلا أنه قلص من مجالها ولم تعد تشمل مجالات التنفيذ و التمثيل.

فيما يخص التنفيذ ، فبعدما  كانت المادة 55 من قانون96-74 المتعلق بالتنظيم الجهوي خولت لعامل العمالة أو الإقليم مركز الجهة صلاحيات تنفيذ القرارات المالية للمجلس الجهوي وهو ما كان يضيق بشكل مجحف من قدرة التحرك لدى رئيس الجهة، جعلت مسودة مشروع القانون التنظيمي حول الجهة تنفيذ قرارات المجلس من اختصاص رئيس المجلس الجهوي وحده حيث تنص المادة 95على أن: “ينفذ الرئيس مقررات المجلس ويتخذ التدابير اللازمة لهذا الغرض” كما تنص المادة 91: “يعتبر رئيس المجلس السلطة التنفيذية للجهة والآمر بالصرف”.

وبخصوص التمثيل القانوني للجهة فقد أصبح رئيس المجلس الجهوي حسب المادة 91 من القانون 111.14 المتعلق بالجهات هو الممثل الرسمي للجهة في جميع أعمال الحياة المدنية والإدارية والقضائية ويسير إدارتها ويسهر على مصالحها بعدما كانت المادة 56 من القانون المنظم للجهة تنص على أن ممثل الدولة يمارس اختصاص التمثيل القانوني للجهة أمام القضاء، حيث يحق له أن يدافع على مصالح الجهة في الدعاوى المقامة ضدها وأن يستأنف مسطرة المنازعات و يتابعها إلى نهايتها دون الحاجة إلى الموافقة القبلية للمجلس الجهوي. كما يحق له أن يفعل من تلقاء نفسه مسطرة إقامة و استئناف الدعاوى لصالح الجهة إذا كان الأمر يتعلق بدعاوى الحيازة و الأعمال التحفظية أو الموقفة لسقوط الحق و الدعاوى الاستعجالية.

[30]  تجدر الإشارة هنا إلى أن القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات على الرغم من كونه قد ألغى الوصاية في مجالات التنفيذ و التمثيل، فإنه أبقى على ممارسة الرقابة الإدارية من طرف سلطة الوصاية تحت المراقبة القضائية وذلك على غرار القانون السابق مع بعض التعديلات الطفيفة، فتطبيقا لمقتضيات الفصل 145 من الدستور، يمارس والي الجهة مهام المراقبة الإدارية على الجوانب المرتبطة بشرعية قرارات ومقررات الجهة. ويتم البت في النزاعات المتعلقة بالمراقبة الإدارية من طرف المحكمة الإدارية المختصة . وهو ما يتجلى في المجالات التالية:

  • اعتراض الوالي على قرارات المجلس المادة 101 من القانون 111.14 المتعلق بالجهات
  • التصريح ببطلان المداولات المادة 102 من نفس القانون
  • سلطة الحلول المادة 57  من نفس القانون
  •  

[31]   طبقا للمادة 66 من القانون التنظيمي للجهات التي نصت على أنه “يختص القضاء وحده بعزل أعضاء المجلس…”

[32]  تبت المحكمة الإدارية في طلب العزل في أجل شهر من تاريخ تقديم الطلب، وفي حالة الاستعجال يمكن إحالة الأمر إلى القضاء الاستعجالي بالمحكمة الإدارية الذي يبت فيه في أجل 48 ساعة من تاريخ التوصل بالطلب، ويترتب على الإحالة على المحكمة الإدارية توقيف المعني بالأمر عن ممارسة مهامه إلى حين البت في طلب العزل، طبقا للمادة 67 من القانون التنظيمي للجهات،

[33]  أحمد أجعون “الإطار القانوني والتنظيمي للجهوية بالمغرب” منشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية، عدد يونيو 2005، ص:39.

[34]  بالرجوع إلى القوانين التنظيمية نجدها تنص على اختصاص القضاء وحده بحل مجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى، وقد حددت الحالات التي تجيز اللجوء إلى المحكمة الإدارية لطلب حل المجلس وهي:

  • إذا كانت مصالح الجماعة الترابية مهددة لأسباب تمس بحسن سير المجلس (المادة 75 من القانون التنظيمي للجهات)؛
  • إذا رفض المجلس القيام بالأعمال المنوطة به بمقتضى القانون، أو رفض التداول و اتخاذ المقرر المتعلق بالميزانية أو بتدبير المرافق العمومية للجماعة الترابية؛
  • إذا وقع إخلال في سير المجلس من شأنه تهديد السير الطبيعي للجماعة الترابية. (المادة 76 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات).

ويمكن حل المكتب كذلك في حالة صدور حكم قضائي من القضاء الاستعجالي بالمحكمة الإدارية، يقضي بوجود حالة امتناع أو انقطاع الرئيس عن مزاولة مهامه، وذلك عند انقطاع الرئيس أو امتناعه عن مزاولة مهامه لمدة شهرين، ولكن قبل إحالة الأمر إلى القضاء الاستعجالي يجب إعذار الرئيس لاستئناف أعماله، و في حالة عدم استجابته في أجل سبعة أيام يمكن اللجوء إلى القضاء.( المادة 23 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات)

[35]  حيث تنص المادة 66 من القانون 111.14 على أنه “يختص القضاء وحده بعزل أعضاء المجلس وكذلك التصريح ببطلان مداولات مجلس الجهة، وكذا إيقاف تنفيذ المقررات والقرارات التي قد تشوبها عيوب قانونية…يختص القضاء وحده بحل مجلس الجهة،” 

[36]  حسن الوزاني الشاهدي: “الجهة أداة لتطوير ودعم اللامركزية” منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 52: 2006، ص:25.

[37]  المادة 114 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.

[38]  المواد من 116 إلى 122 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهة.

[39]  المادة 116 من القانون 111.14 المتعلق بالجهات.

[40]  حددت المادة 117 من القانون 111.14 المتعلق بالجهات هذه الهيئات  في :

– هيئة استشارية للشراكة مع فعاليات المجتمع المدني، تختص بدراسة القضايا الجهوية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع؛

– هيئة استشارية تختص بدراسة القضايا المتعلقة باهتمامات الشباب؛

– هيئة استشارية للشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين بالجهة، وتهتم بدراسة القضايا الجهوية ذات الطابع الاقتصادي.

[41]  تتحدد هذه الشروط حسب المادة 119 و120 من القانون التنظيمي للجهة في :

  • أن تقديم العرائض من قبل المواطنات والمواطنين، مشروط قانونا بمجموعة من الشروط الخاصة بالإقامة بالجهة، أو ممارسة نشاط اقتصادي أو تجاري أو مهني بها، وفي ضرورة توفر مصلجة مشتركة في تقديم العريضة، وفي ضرورة استيفاء عدد محدد من التوقيعات حسب عدد ساكنة الجهة، وبنسبة مئوية محدد بالنسبة للعمالات والأقاليم المكونة للجهة .
  • أن تقديم العرائض من قبلها، مشروط قانونا هو الآخر بشرط الاعتراف والتأسيس بالمغرب لمدة تزيد على ثلاث سنوات، وأن تكون الجمعية في وضعية سليمة إزاء القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، وأن يكون مقرها أو أحد فروعها واقعا بتراب الجهة المعنية بالعريضة؛ وأن يكون نشاطها أيضا مرتبطا بموضوع العريضة

[42]  المادة 121 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.

[43]  المواد  من 148 إلى 164 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.

[44]  ينص القانون التنظيمي 14-111 على أن تسيير مجموعات الجهات، يناط بمجلس ينتخب بهذا الخصوص، تمثل فيه الجهات المعنية حسب حصة مساهمتها وبمنتدب واحد على الأقل لكل جهة من الجهات الاعضاء. كما ينتخب مجلس المجموعة من بين أعضائه رئيسا ونائبين اثنين يشكلون مكتب المجموعة، غلى جانب انتخاب كل من كاتب للمجموعة ونائب له. وتسري على مجموعة الجهات، أحكام القانون التنظيمي والنصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة المتعلقة بتسيير الجهات، سواء من حيث صلاحيات رئيس مجموعة الجهات، أو تدبير إدارتها، وحالات الإنابة المؤقتة، أو الأمور المتعلقة بالمراقبة والنظام الأساسي للمنتخب، ونظام تسيير المجلس ومداولاته، والقواعد المالية والمحاسبية المطبقة على الجهة، كما تم تحديد الحالات التي قد تستدعي حل مجموعة الجهات ومجموعات الجماعات الترابية (المادة 153 والمادة 161 من نفس القانون).

[45]  تعمل اتفاقيات التعاون والشراكة، على تحديد الموارد التي يقرر كل طرف تعبئتها من أجل إنجاز لمشروع أو النشاط المشترك. كما أن القانون أقر بضرورة أن تعتمد ميزانية أو حساب خصوصي لإحدى الجماعات الترابية المعنية، سندا ماليا ومحاسبيا للمشروع أو النشاط موضوع التعاون (المادتان 163 و164 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات).

[46] المادة 229 من القانون 111- 14

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *