المسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية بأنشطة مشروعة دوليا.
International liability for pollution of the marine environment with internationally
Legitimate activities
سلطانة ادمين
IDAMINE SALTANA
الدكتوراه في القانون العام
جامعة محمد الخامس-الرباط-
مقدمة
يقصد بالمسؤولية الدولية بمفهومها التقليدي، العلاقة القانونية التي تنحصر في الدولة فقط، والتي تنصب على الحقوق والواجبات الممكن اكتسابها أو تحملها بمقتضى الأهلية القانونية الدولية. وطبقا لهذا المفهوم، فالمسؤولية تثار بين الدول فقط؛ بمعنى أن الدولة وحدها هي التي تلتزم بإصلاح الضرر أو التعويض عن الفعل غير المشروع، وهي وحدها التي يحق لها إثارة المسؤولية الدولية في مواجهة دولة أخرى، استنادا إلى حقها في مراقبة حسن تطبيق قواعد القانون الدولي، أو ممارسة الحماية الدبلوماسية لفائدة رعاياها.
ويحصر المفهوم التقليدي المسؤولية الدولية في أفعال معينة، هي الأفعال غير المشروعة، وتعتبر المسؤولية الدولية علاقة قانونية ثنائية فيما بين الدولة المتضررة والدولة الفاعلة؛ لكن المسؤولية الدولية في المفهوم الحديث، تتخطى حاجز الأفعال غير المشروعة وتتعدى إطار العلاقة القانونية الثنائية؛ فالأفعال المولدة للمسؤولية الدولية، قد تكون من قبيل الأفعال غير المشروعة دوليا، وهذا هو الأساس التقليدي للمسؤولية الدولية[1]، وقد تكون من قبيل الأفعال غير المحظورة دوليا، وهذا هو الأساس الجديد للمسؤولية الدولية، بحيث تكون الدولة، أو الشخص الدولي المعني، مسؤولة عن الأعمال الضارة غير المحظورة إلى جانب مسؤوليتها عن الأفعال غير المشروعة[2].
ويعكس هذا التقسيم التطور الحالي في قانون المسؤولية الدولية، ويجد أساسه في الفقه الدولي، والاجتهادات القضائية، والاتفاقيات الدولية، وأعمال تدوين وتنمية القانون الدولي. ذلك أنه ونتيجة للتقدم العلمي والتكنولوجي، أصبحت الأنشطة المشروعة ذاتها تحدث أضرارا جسيمة دفعت خطورتها إلى البحث عن أساس جديد لتغطية حالات المسؤولية الدولية عن الأضرار العابرة للحدود، التي لا يشملها مفهوم الخطأ، ولا تدخل في عداد الأفعال غير المشروعة دوليا[3].
وبناء عليه، يثير هذا التطور الجوهري في أساس المسؤولية الدولية، التساؤل بالضرورة عن المسؤولية الدولية بأفعال مشروعة ذات الصلة بالصور المختلفة لتلوث البيئة بصورة عامة، قبل الخوض في استكشاف حدود هذه المسؤولية عن تلوث البيئة البحرية؟
وغني عن البيان، أن البيئة بصورة عامة تعرضت إلى تدهور سريع ومتزايد خلال العقود الستة الأخيرة. ولعل الإنسان والأنشطة البشرية المختلفة، هي العامل الرئيسي المسبب لهذا التدهور الذي شمل كافة الموارد الطبيعية، وفي مقدمتها الموارد المائية، بسبب التطور الصناعي الكبير، والعدد الهائل من المنشآت الصناعية الضخمة والمختلفة المقاييس والأنواع.
لذا تعتبر مشاكل تلوث البيئة الطبيعية اليوم، في مقدمة المشكلات الدولية التي تهتم بمواجهتها ومعالجتها دول العالم المختلفة، حيث تعمل على مكافحة التلوث وحماية البيئة، سواء أكانت بحرية أو مائية أو برية من مصادر التلوث المتنوعة.
وإذا كان التقدم العلمي الهائل الذي وصل إليه الإنسان في مختلف مجالات الحياة له إيجابياته ولمساته الواضحة في توفير الرفاهية والراحة للأفراد؛ فقد تفرعت عنه سلبيات ومخاطر متعددة، في مقدمتها تلوث البيئة سواء في الماء أو الهواء أو التربة، وما ينشأ عنه من أضرار أو أخطار تهدد صحة وحياة الإنسان والحيوان والنبات.
ولمكافحة هذه السلبيات والآثار الضارة والخطيرة، ولتحقيق التوازن والانسجام بين التقدم العلمي وتطوراته ونتائجه، وبين الحياة الطبيعية بعناصرها ومجالاتها المتعددة، شعرت الدول بالحاجة الملحة إلى ضرورة وضع السبل الفعالة لحماية البيئة، والعمل على مكافحة التلوث بأشكاله ومصادره المتنوعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، عبر سلوك الوسائل الفنية أو الإدارية أو التشريعية.
ويرجع اهتمام المجتمع الدولي بالبيئة البحرية، لما تتمتع به البحار والمحيطات من ثروات حيوية ومعدنية سواء تعلق الأمر بأعماق البحر، أو فوق سطح البحر، أو في حجم مياهه؛ ولقد كان الرأي السائد، هو عدم حدوث أي تأثير من ممارسة الأنشطة البحرية على التوازن البيئي للبحر بالنظر لشساعة المجال البحري؛ لكن سرعان ما تأكد المجتمع المدني من خطأ هذه النظرية، وأصبحت البشرية تعاني من آثار تلوث البحار.
والملاحظ هو كون موضوع حماية البيئة ووضع قواعد تنظم المسؤولية الدولية للبيئة، لم يكن ضمن اهتمامات قواعد القانون الدولي التقليدي في مجال المسؤولية، وهذا راجع إلى عدم وجود قواعد قانونية عرفية تنظم هذه المسألة، وتحديدا تلك القواعد المتعلقة بالمسؤولية الدولية عن النتائج المترتبة عن أفعال لا يحظرها القانون الدولي، لكن على الرغم من عدم وجود نص نوعي خاص يتضمن الاعتراف بمبدأ المسؤولية عن النتائج الضارة للأفعال غير المحظورة دوليا، كمبدأ من المبادئ الأساسية في القانون الدولي[4]، فإنه قد تم تكريس هذا المبدأ بصورة مجزأة ومشتتة في العديد من مصادر القانون الدولي العام[5].
هذا وقد حاول الفقه والقضاء الدوليين، إيجاد حل لتلك المشاكل المتعلقة بالبيئة، والتي ظهرت كمشاكل قانونية بين الدول، وذلك عن طريق اللجوء والاستناد إلى القواعد العامة للقانون الدولي التقليدي، وكذلك إلى عدة محاور قانونية رئيسية لمواجهة تلك المشاكل، كنظرية الخطأ، ونظرية الفعل غير المشروع، ونظرية المخاطر، وذلك من أجل تقرير مبدأ مسؤولية الدولة لتعويض ما ينجم عن أي نشاط يصدر في إقليمها، من جراء الأضرار التي تلحق بالبيئة، أو ما يعبر عنه بالضرر العابر للحدود، والذي يمس بيئة الدول المجاورة، وأيضا لمواجهة المبادئ التقليدية وفي مقدمتها مبدأ سيادة الدولة المطلقة على إقليمها[6].
واستنادا إلى ما سبق، يبدو أن تطور القانون الدولي أدى إلى ظهور نظامين للمسؤولية الدولية، أحدهما يتعلق بالأفعال غير المشروعة دوليا، وثانيهما يتعلق بالأفعال غير المحظورة دوليا. فقد فرضت التحولات والتطورات المتعددة التي أصبح يعرفها المنتظم الدولي، وفي مقدمتها ظهور مشاكل جديدة تساهم في تلوث البيئة البحرية، إلى تطور قواعد القانون الدولي، حتى يتمكن من مواكبة هذه التحولات، والحيلولة دون تفاقم ظاهرة تلوث البحار، من خلال تبني مقاربة جديدة في إطار المسؤولية الدولية والتي تنبني أساسا على نظرية المخاطر[7].ويعود الفضل الكبير في هذا المضمار، إلى لجنة القانون الدولي من خلال مبادرتها الرامية إلى محاولة صياغة قواعد تتعلق بهذا المجال، والتي لا تستهدف التعويض عن الأضرار التي تنتج عن ممارسة الدول لأنشطة مشروعة دوليا، بقدر ما تسعى إلى محاولة تمكين الدول، من التوفيق بين أهدافها وبين أعمالها بحيث لا تؤدي هذه الأعمال إلى إلحاق خسارة أو ضرر بدولة أخرى[8].
وللتدقيق في هذا الموضوع، سيتم تناوله من خلال ثلاثة زوايا أساسية: تتعلق بالنطاق القانوني للمسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية بأنشطة مشروعة دوليا، وإبراز عناصر هذه المسؤولية، وأخيرا الآثار المترتبة عنها.
المبحث الأول: النطاق القانوني للمسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية بأنشطة مشروعة دوليا.
أمام الاهتمام الدولي المتزايد بمشاكل تلوث البيئة البحرية، وظهور مصادر جديدة من التلوث تتمثل في الأنشطة المشروعة دوليا، أبرمت عدة اتفاقيات ومعاهدات، كما ظهرت إعلانات ومبادئ واجتهادات قضائية تحاول التقليل من هاته المخاطر الناجمة عن هذه الأنشطة[9]؛ ومن منظورنا الخاص نرى عدم تناولها حظر ممارسة أنشطة بعينها، أو السماح بمباشرة أنشطة مع حظر بعض الأفعال المكونة لهذه الأنشطة؛ فقد تطرقت هذه الاتفاقيات والمعاهدات بشكل مباشر إلى أحكام المسؤولية الدولية بشكل عام، تهدف إلى تنظيم مباشرة أنشطة متنوعة داخل مجال البيئة البحرية، ومن أجل حماية هذه البيئة البحرية من أوجه التلوث.
المطلب الأول: الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بشأن تلوث البيئة البحرية بأفعال مشروعة دوليا.
تتسم المعاهدات المتعلقة بالمسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية بأنشطة غير محظورة دوليا، بكونها تتقاسم خطورة هذه الأنشطة من جهة، ومن جهة أخرى تتفق هذه الاتفاقيات على المسؤولية المطلقة التي تنشئ المسؤولية الدولية.
ومن أهم الاتفاقيات التي تتطرق إلى هذا الموضوع، نجد الاتفاقية الثنائية بين الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول بشأن المسؤولية عن الأضرار التي قد تنشأ عن استخدام السفينة النووية الأمريكية “سافانا” لموانئ تلك الدول، والاتفاق المبرم ما بين حكومة ليبريا وجمهورية ألمانيا الاتحادية بشأن استخدام السفينة الألمانية “ن.س. أوتوهان” للموانئ والمياه الليبرية في 27 ماي 1970، والاتفاقية المتعلقة بمسؤولية مشغلي السفن النووية المنعقدة في بروكسيل سنة 1962، وهذه الأخيرة ستكون موضوع دراستنا بشكل مفصل فيما يتعلق بمحورنا هذا.
الفقرة الاولى: بخصوص الترخيص
تعتبر الاتفاقية المتعلقة بمسؤولية مشغلي السفن النووية المنعقدة في بروكسيل سنة 1962، من بين الاتفاقيات التي تطرقت إلى المسؤولية الدولية عن تلوث البحرية بأفعال مشروعة، والتي تطرقت إلى موضوع التعويض في الفقرة في المادة 15 صراحة إلى الزامية الدول الأطراف بأن تتخذ كافة التدابير الضرورية لعدم تشغيل أية سفينة نووية ترفع علم هذه الدولة أو تلك، إذا لم يكن هناك ترخيص أو إذن مسبق من الدولة المعنية، ويترتب عن هذا أنه في حالة تسيير سفينة نووية، ترفع علم دولة طرف، وبدون ترخيص أو إذن مسبق من دولة العلم، ففي هذه الحالة تعتبر الدولة بمثابة المرخص، “وتعد مسؤولة عن تعويض المضرورين وفقا للالتزامات المفروضة على الدولة المرخصة بموجب المادة الثالثة وفي نطاق الحد المقرر فيها”[10].
وفي إطار المسؤولية الدولية أيضا عن الأضرار النووية التي يحدثها تشغيل السفن النووية، فإن كافة الأطراف في الاتفاقية المبرمة ملزمة بأن “تتعهد بأن لا تمنح ترخيصا أو إذنا بتشغيل سفينة نووية ترفع علم دولة أخرى”[11]، ولا يمنع ذلك من الترخيص لهذه السفينة بالعمل وفقا للقانون الوطني للدولة المرخصة، وفي نطاق المياه الداخلية والبحر الاقليمي لهذه الدولة[12]
الفقرة الثانية: بخصوص التعويض.
بالإضافة إلى حديثها عن الترخيص، تطرقت الاتفاقية المتعلقة بمسؤولية مشغلي السفن النووية المنعقدة في بروكسيل سنة 1962، في الفقرة الثانية من المادة الثالثة، الى التعويض في المسؤولية الولية عن الأفعال المشروعة دوليا، بحيث اشترطت أن يحتفظ المشغل بالتأمين، أو أن يقدم ضمانا ماليا يغطي حدود مسؤوليته، كما ألقت هذه الاتفاقية التزاما على الدول الأطراف حتى يتأكد لها وصول هذه التعويضات كاملة لمستحقيها، عبر تكفل الدولة صاحبة الترخيص للسفينة النووية المسببة للضرر، بسداد أية مطالب تكون موجهة ضد المشغل، ومستقلة بالتعويض عن الضرر النووي، ولكفالة هذا السداد، ألزمت الاتفاقية الدولة الطرف المرخصة للسفينة، بأن توفر الأموال الكفيلة بتغطية العجز في قيمة التأمين، أو الضمانات المالية التي يحتفظ بها المشغل للسفينة النووية، وذلك قصد الوصول إلى قيمة التعويضات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من نفس المادة (المادة الثالثة). وعلى أساسه، فالدولة الطرف تتحمل المسؤولية الدولية لضمان إلزام المشغلين المرخص لهم بتشغيل سفن نووية، بالتعويض عن الأخطاء التي يرتكبونها، وإلا أصبحت هذه الدولة ملزمة بأداء التعويضات أو أداء الفروق المالية بين قيمة التأمين وبين الحد الأقصى المقرر للتعويض بمقتضى هذه الاتفاقية.
المطلب الثاني: المسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية بأنشطة مشروعة دوليا في أحكام القضاء والممارسة الدولية.
تؤكد الممارسات الدولية أن مسؤولية تلوث البحار بأفعال مشروعة دوليا يبقى على عاتق الدول، سواء تسبب في هذا التلوث أجهزة تابعة للدولة أو أشخاص يوجدون فوق إقليم الدولة، حيث تبادر الدول إلى أداء مبالغ أو اعتذار أو تعويضات للدول المتضررة، وهذا يؤكد مهما كانت تسميات هذه العمليات، تحمل الدولة المسؤولية عن الأنشطة الضارة التي تكون هي سببا فيها. وما يؤكد هذا الموقف أحكام القضاء التي فرضت المسؤولية الدولية على عاتق الدول (فقرة أولى)، بالإضافة إلى الممارسات الدولية (فقرة ثانية).
الفقرة الاولى: أحكام القضاء
ارتباطا بقضية “كورفو”[13] فإن محكمة العدل الدولية، أقرت مبدأ “أن الدول ملزمة بأن لا
تسمح عن علم، باستخدام إقليمها في ارتكاب أفعال تتناقض مع حقوق غيرها من الدول”[14].
وهذا المبدأ يلاحظ أنه استقر في القانون الدولي، على أساس عدم السماح للدولة بأن تمارس أفعالا معينة، أو تعلم باستخدامات تتناقض مع حقوق الغير من الدول وتجيزها.
ونفس المبدأ نجده أيضا في قرار التحكيم في قضية “مسبك تزيل” حيث قضى بأنه: “… ليس لأية دولة الحق في استخدام إقليمها، أو أن تسمح باستخدامه بطريقة… ينتج عنها خسارة على إقليم دولة أخرى أو لممتلكات الأشخاص الموجودين في هذا الإقليم…”[15].
الفقرة الثانية: الممارسات الدولية
تقوم الممارسة الدبلوماسية الدولية على تأكيد مسؤولية الدول عن تلوث البحار بأنشطة مشروعة دوليا[16]، وفي هذا الإطار نسرد كمثال حادثة ناقلة النفط جوليان بالقرب من الساحل الغربي لجزيرة مونسو اليابانية سنة 1981، حيث انقسمت ناقلة النفط جوليان إلى عدة أجزاء، مما نتج عنها تدفق النفط الذي كانت تحمله بشكل كلي، مما تسبب في أضرار خطيرة بالبيئة البحرية.
وعلى إثر هذا الحادث، أقدمت الحكومة الليبيرية باعتبارها دولة علم ناقلة للنفط، على تقديم تعويض مالي لفائدة الصيادين المتضررين من هذا الحادث، رغم عدم اعترافها بمسؤوليتها القانونية عما وقع، وإن كانت مبادرتها إلى تعويض المتضررين، بمثابة اعتراف منها بمسؤوليتها عن الأنشطة المشروعة التي تجري في نطاق ولايتها وتحت رقابتها، بوصفها دولة علم الناقلة. وإن كان في الأصل أن ملكية هذه الناقلة تعود لمشغل خاص.
المطلب الثالث: موقف المؤتمرات واللجان القانونية الدولية من المسؤولية الدولية عن الأفعال المشروعة دوليا.
تعتبر قرارات المؤتمرات الدولية وقواعد المسؤولية الدولية عن أضرار استخدامات البيئة ذات أهمية قصوى في تطوير القانون الدولي البيئي، والتي يوجد على رأسها مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة الإنسانية، بالإضافة إلى توصيات اللجان الدولية التي تشتغل تحت إشراف أجهزة الأمم المتحدة[17].
الفقرة الاولى: مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة الإنسانية
تحت شعار “فقط أرض واحدة”، عقد في استوكهولم سنة 1972، وبدعوى من الأمم المتحدة. مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة الإنسانية، مستهدفا تحقيق “رؤية ومبادئ مشتركة لإلهام شعوب العالم، وإرشادها في مجال حفظ البيئة البشرية وتنميتها”[18].
ويحتوي إعلان البيئة الإنسانية الذي أصدره المؤتمر، على 26 مبدأ ولكن ما يهمنا في هذا الإطار المبادئ الثلاثة: المبدأ السابع، المبدأين الحادي والعشرين والثاني والعشرين.
- المبدأ السابع: “يجب أن تتخذ الدول جميع الخطوات الممكنة لمنع تلوث البحار بالمواد التي يمكن أن تعرض صحة البشر للخطر، أو أن تضر بالموارد الحية والأحياء البحرية، أو أن تضر بمرافق الاستحمام الطبيعية، أو أن تتداخل مع الاستخدامات المشروعة للبحار”.
- المبدأ 21: “للدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، حق السيادة في استغلال مواردها طبقا لسياستها البيئية الخاصة، وهي تتحمل مسؤولية ضمان أن الأنشطة المضطلع بها داخل حدود ولايتها، أو تحت رقابتها لا تضر ببيئة دول أخرى، أو ببيئة مناطق تقع خارج حدود الولاية الوطنية”.
- المبدأ 22: “على الدول أن تعاون في زيادة تطوير القانون الدولي، المتعلق بالمسؤولية وتعويض ضحايا التلوث والأضرار البيئية الأخرى، التي تتسبب فيها أنشطة يضطلع بها داخل حدود سلطة هذه الدول، أو تحت رقابتها بمناطق واقعة خارج حدود سلطاتها”.
من خلال هذه المبادئ الثلاثة، يلاحظ أن المؤتمر وجه دعوة تدريجية إلى تحمل الدولة لمسؤوليتها بشكل عام، من خلال منع التلوث في المبدأ السابع وخاصة الملوثات التي تصدر عن الأنشطة المشروعة (المبدأ الواحد والعشرين)، ودعوة الدول إلى التعاون من أجل إيجاد قواعد جديدة للمسؤولية الدولية، (المبدأ الثاني والعشرون).
الفقرة الثانية: قواعد المسؤولية في أعمال اللجان القانونية.
بعد مؤتمر استوكهولم تم إحداث برنامج الأمم المتحدة للبيئة سنة 1973 ومقره نيروبي بكينيا، ليقوم بوضع وتتميم قواعد القانون الدولي للبيئة.
وعلى هذا الأساس، عقدت عدة مؤتمرات نتج عنها إصدار توصيات أو توجيهات اعتبرت كقواعد أساسية لحماية البيئة البحرية، ورغم اتصاف هذه القواعد بالمرونة، فإن بعضها له طابع الإلزام القانوني؛ إذ أن معظمها سبق وأن استقر في العرف القانوني الدولي، والبعض الآخر من هذه القواعد مستمد من مبادئ عامة قانونية معترف بها في الأمم المستهدفة، وهي على هذا الأساس تعتبر قواعد قانونية دولية لها صفة الإلزام القانوني[19].
ونذكر بالخصوص بعض المبادئ:
- مبادئ قواعد السلوك في الميدان البيئي، قصد إرشاد الدول لحفظ وتنسيق واستغلال الموارد الطبيعية التي تتقاسمها دولتان أو أكثر.
- الدراسة المعنية بالجوانب القانونية الخاصة بالبيئة، والمتعلقة بالبحث والتنقيب في المناطق البحرية داخل حدود الولاية الوطنية[20].
- قواعد مونتريال للقانون الدولي السارية على التلوث العابر للحدود[21].
- مبادئ مونتريال التوجيهية لحماية البيئة البحرية من التلوث من مصادر في البر 1985.
إن هذا التراكم في مجال المسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية يتطلع إلى حماية البيئة بشكل عام، والبيئة البحرية بشكل خاص وهذه المسؤولية لا تقوم إلا بإقرار عناصرها.
المبحث الثاني: عناصر المسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية بأفعال مشروعة دوليا.
تتجلى إشكالية قيام المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المحرمة دوليا في طبيعة هذه الأفعال التي تعود بالنفع على البشرية؛ إلا أن المجتمع الدولي حسم الأمر بضمان تعويض المتضررين من هذه الأفعال استنادا على نظرية المخاطر. ورغم ذلك فإن قواعد هذه المسؤولية
لازالت في طور التكوين بالمقارنة مع المسؤولية الدولية الناتجة عن أفعال غير مشروعة دوليا[22].
إن قيام المسؤولية الدولية عن النتائج الضارة للأفعال المشروعة دوليا تتطلب عنصرين أساسيين، عنصر يعتمد على النشاط المادي ذي الطبيعة الخطرة وما يحدثه من أضرار مادية؛ أي أنه عنصر موضوعي، والعنصر الثاني شخصي ويتعلق بمجال ولاية شخص دولي.
المطلب الاول: العنصر الموضوعي.
يتفق فقهاء القانون الدولي على كون عنصر الضرر يعد شرطا أساسيا لقيام المسؤولية،
وذلك على أساس نظرية المخاطر؛ فخطورة المساس بسلامة البيئة البحرية تحتل موقعا مهما في
نشوء المسؤولية الدولية.
وعلى هذا الأساس فالعنصر الموضوعي للمسؤولية الدولية يقوم إما بناءا على خطر يهدد البيئة البحرية أو ضرر قد مسها، وهو ما سوف نتناوله الآن.
الفقرة الأولى: الخطر:
أدى التطور التقني والتكنولوجي إلى المزيد من استغلال الموارد البيئية، نتج عنها بشكل موازي تلوث البيئة البحرية أو مخاطر المس بسلامتها، مما حدا بالمنتظم الدولي إلى إقرار المسؤولية الدولية التي تحدثها الأنشطة المشروعة والتي تكون خطيرة على البيئة البحرية مستقبلا؛ بحيث استند الفقه الدولي على “الخطر” الذي تتميز به هذه الأفعال، ليقرر قيام المسؤولية الدولية عن النتائج الخطيرة والضارة بالبيئة البحرية نتيجة أنشطة غير محرمة دوليا[23].
وبناء عليه فالمسؤولية الدولية، تتعلق بأنشطة تتسم بالخطورة، إذ تنطوي هذه الأنشطة على سلسلة من الأفعال المادية المتداخلة، والتي تشكل في مجملها نشاطا تنذر طبيعته بأكبر الاحتمالات لحدوث ضرر ملموس ماس بسلامة البيئة؛ فمدار البحث هنا، أنشطة خطرة في مجملها، وليس فعلا ضارا بعينه. وقد يعتبر ذلك خروجا على القاعدة التقليدية التي تنشئ المسؤولية عن نتائج أفعال بعينها، سواء أكانت هذه الأفعال تعد إخلالا بالتزام دولي، أي مسؤولية عن فعل غير مشروع أو كانت أفعالا ضارة ترتب مسؤولية سببية، أي مسؤولية المخاطر[24].
وبالتالي فإن التعويل على خطورة النشاط في مجمله تبدو منسقة ومتلائمة مع المفهوم الحديث للمسؤولية الدولية. إذ تستلزم خطورة النشاط، التزامات أساسية تتعلق بمنع وقوع الضرر، وما يتبع ذلك من التزامات ثانوية تؤدي إلى تحقيق الهدف الوقائي للمسؤولية الدولية.
الفقرة الثانية: الضرر:
يعتبر الضرر الركن الأساسي للعنصر الموضوعي للمسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية بأنشطة مشروعة دوليا، وقد عرفه الفقيه “جريفراث” بكونه “الخسارة المادية أو المعنوية أو الأذى الذي يلحق دولة ما”[25].
ويقوم عنصر الضرر على شرطين أساسيين، يتعلق الأول بشرط الضرر الملموس، أي أن يكون الضرر قابل للقياس سواء أكان طفيفا أو كبيرا[26]. والشرط الثاني أن هناك علاقة سببية مادية بين النشاط الخطر والضرر، بمعنى أنه يشترط في الضرر أن يكون نتيجة طبيعية للنشاط الخطر، لا يقطعها ولا يتدخل لإحداثها، نشاط إنساني آخر، وقد أجمع معظم الفقه الدولي على ضرورة هذا الشرط[27].
المطلب الثاني: العنصر الشخصي
يقصد بالعنصر الشخصي للمسؤولية، إسناد الضرر أو الأضرار المتوقع حدوثها إلى أحد
أشخاص القانون الدولي، ويختلف العنصر الشخصي في المسؤولية الدولية عن الأفعال المشروعة دوليا، عنه في المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المشروعة دوليا، والتي تقوم على أساس معيار وظيفي؛ في حين أن الأول يستند على معيار ارتكاب النشاط الضار داخل إقليم الدولة. وهذا المعيار قد أتاح إمكانية نسبة الأنشطة الضارة التي تحدثها كيانات خاصة إلى الشخص الدولي الذي نشأ النشاط الخطر داخل إقليمه.
وعلى هذا الأساس سوف نتناول بالتحديد نسبة النشاط الضار إلى الشخص الدولي، لنعمد بعد ذلك لتناول شروط العنصر الشخصي للمسؤولية، على ان نتحدث في الأخير عن مسؤولية الدول عن أنشطة الكيانات الخاصة.
الفقرة الاولى: معيار نسبة النشاط الضار
يعتبر مبدأ السيادة الإقليمية من أقدم المبادئ المستقرة في القانون الدولي[28]. وعلى هذا الأساس فقد اعتمده فقهاء القانون الدولي من أجل تأصيل مسؤولية المخاطر، وهو نفس المبدأ الذي اعتمد من أجل إسناد المسؤولية عن نتائج الأنشطة الخطرة، إلى أحد أشخاص القانون الدولي الذي قام بالنشاط الضار على إقليمه. إذ أن السيادة لما لها من مدلولات تجعل السلطة العامة للدول على إقليمها الوطني، تمنح للدول الأخرى حقوقا حصرية على تلك البقعة الجغرافية، تفرض أن تتلاءم مع واجبات تدين بها الدول لبعضها البعض في المجتمع الدولي[29].
وبناء عليه، فالدولة التي ترفض أي تدخل من دولة أخرى في سيادتها الإقليمية، عليها بالمقابل ألا تسمح بإتيان أنشطة في إقليمها تشكل انتهاكا لسيادة دولة أخرى، وهذا الواجب الملازم للسيادة، هو الذي يفرض على الدول مباشرة تصرفها في إقليمها، بما لا يسمح بالإضرار بإقليم دولة أخرى. فالسيادة وإن كانت جوهر النظام القانوني الدولي، إلا أنه يجب إدراكها من منظور التعايش، والترابط الدوليين، واللذين لا يمكن وجودهما إلا في مجتمع تتساوى الدول المتعايشة فيه، أمام القانون[30]. ولذلك فليس لأية دولة، حين تمارس سيادتها على إقليمها أن تخل بسيادة دولة أخرى، ووفق هذا المنظور الإيجابي للسيادة الإقليمية تعد الدول مسؤولة عن الأنشطة الضارة والخطرة التي تنشأ في إقليمها، وترتب ضررا يخل بالسيادة الإقليمية لدول أخرى[31].
وهذا الأمر نلمسه أساسا في المبدأ 21 من إعلان استوكهولم، حيث عبر صراحة عن مسؤولية الدولة المسيطرة على الإقليم؛ إذ نص على إلزام الدول بأن تضمن بأن لا تتسبب الأنشطة التي تجرى داخل ولايتها، أو تحت رقابتها، في إحداث أضرار بالمناطق خارج حدود ولايتها الوطنية[32].
الفقرة الثانية: شروط إسناد النشاط للشخص الدولي.
إن معيار انتساب النشاط الضار إلى دولة ما؛ يقتضي أن تكون هذه الدولة التي وقع الخطر في إقليمها، وقع تحت رقابتها الفعلية، بحيث يجب أن تكون الدولة على علم بهذا النشاط، ومن هنا فشروط إسناد النشاط للشخص الدولي يتطلب شرطين أساسيين:
أولا: قيام النشاط في نطاق ولاية الدولة أو تحت رقابتها.
يقصد بمفهوم ولاية الدولة، أن هذه الولاية لا تقتصر على المجال الإقليمي للدولة فقط، وإنما تمتد إلى المجال الذي تمارس فيه سيادتها[33]، لتشمل بالإضافة إلى الإقليم جميع الأنشطة التي تقع خارج نطاق الدولة[34]. وبذلك تمتد ولاية الشخص الدولي لتشمل أنشطة السفن التي تحمل علمه وأيضا الطائرات المسجلة لديه.
ويقصد بمعيار رقابة الدولة على الأنشطة الخطرة، كل تلك الأنشطة التي تقع تحت سيطرة الشخص الدولي، بالإضافة إلى الأنشطة التي يمارسها بنفسه حتى ولو جرت ممارستها خارج نطاق الولاية التي يقررها له القانون الدولي، أو حتى في نطاق ولاية دولة أخرى[35].
ثانيا: علم الشخص الدولي بنشوء النشاط الخطر في نطاق ولايته أو تحت رقابته.
لقد أثار موضوع علم الدولة بنشوء النشاط الخطر، نقاشا كبيرا بين فقهاء القانون الدولي، ما بين منكر له على أساس نظرية المخاطر، وما بين مؤيد له على أساس مبادئ العدالة والإنصاف.
وبناء على المعطى الثاني، فإن التوسع الذي أتيح لولاية الدولة الساحلية من خلال القانون الدولي الجديد للبحار، يظل من المجحف حقا أن تبقى الدولة الساحلية مسؤولة عن الأنشطة الضارة على إقليمها، خاصة وأن الدول تتفاوت فيما بينها، في إمكانية قيامها بالرقابة على مناطقها البحرية. وهو ما يبدو جليا في الإمكانات المتواضعة للدول النامية، التي تفتقر كثيرا إلى الوسائل الكافية لمراقبة الأنشطة التي تجري في نطاق تلك الولاية التي يمنحها القانون الدولي حاليا[36].
وهذا ما تبناه أيضا جانب كبير من فقهاء القانون الدولي الحديث؛ إذ أعطى اهتماما كبيرا بضرورة العلم المسبق لدى الدولة بنشوء نشاط ضار في إقليمها، حتى تتقرر مسؤوليتها عما يحدثه هذا النشاط من أضرار[37]؛ فالفقيه “كلسن” يرى أن علم الدولة المسبق بالخطورة الشديدة للنشاط الواقع تحت ولايتها، أو في نطاق اختصاصها، يستوجب نشوء مسؤوليتها، في أن تتخذ إجراءات لمنع الضرر أو خفضه على الأقل إلى أقصى حد ممكن[38].
الفقرة الثالثة: مسؤولية الدول عن أنشطة الكيانات الخاصة
لا يمكن اختزال الأنشطة التي تمس بالبيئة الإنسانية في تلك التي يقوم بها أشخاص القانون الدولي، من خلال موظفيها أو ممثليها أو أجهزتها، بل تتم أيضا من خلال كيانات خاصة، سواء كانت عبارة عن أشخاص عاديين أو هيئات منظمة، مما أدى إلى حدوث خلاف بين الفقهاء بشأن إمكانية نسبة هذه الأنشطة إلى أشخاص القانون الدولي والتي تخضع لها هذه الكيانات الخاصة.
ونحن نتفق مع رأي جانب من الفقهاء الدوليين، وعلى رأسهم الفقيه “هاندل”[39] الذي يرى ضرورة تدعيم الدور الفعال الذي تؤديه مسؤولية الدول في هذا المجال، حتى ولو كانت الأنشطة الضارة قد ارتكبت بواسطة كيانات خاصة، من خلال اضطلاع الدول بدور رئيسي في حماية البيئة البحرية، وذلك بأن تمتنع الدول عن الترخيص بمزاولة أنشطة تؤدي بأخطار جسيمة تؤثر في سلامة البيئة، وأن تقوم الدول أيضا بممارسة رقابة فعالة على هذه الأنشطة التي كانت قد رخصت لها حتى تتوخى أو تقلل من أضرارها، وأن تفرض على كل الدول كذلك ضمان أداء التعويضات إلى كل من تضرر بسبب هذه الأنشطة[40].
المحث الثالث: آثار المسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية بأفعال مشروعة دوليا
إن آثار المسؤولية الدولية في إطار الأفعال غير محظورة دوليا لا ترتبط بوقوع الضرر، بقدر ما ترتبط بالخطر ذاته، وعلى هذا الأساس فإن الخطر ينتج عنه التزاما بمنع وقوع الضرر أو على الأقل التخفيف من حدته قدر الإمكان. أما الضرر فينشئ إصلاح الضرر من خلال إزالته عينا أو التعويض عنه نقدا. وهذه الالتزامات تقوم على عاتق الشخص الدولي فور وقوع النشاط الخطر في نطاق ولايته أو تحت رقابته.
المطلب الاول: الالتزام الوقائي من خطر تلوث البيئة البحرية.
يعتبر الالتزام الوقائي الركيزة الأساسية في سلامة البيئة البحرية والتي يجب عدم إتاحة أية فرصة يمكن أن تؤدي بتلوث البحار أو الضرر به أو تهديده.
وهذا الالتزام العام بالوقاية يقوم على مجموعة من الالتزامات والتي تتقاطع في منع وقوع أي ضرر بالبيئة البحرية أو التقليل منه، وإن كان الأصل هو أن منع وقوع الضرر هو الأساس المبدئي للسياسة البيئية، حتى يتم تحقيق سلامة البيئة البحرية وعدم المساس بها، وهذه الالتزامات يمكن إجمالها في أربعة نقط أساسية، الالتزام بمنع الضرر والتقليل منه، والالتزام بالإعلام والالتزام بواجب التفاوض وأخيرا الالتزام بالتعاون تجمعها جميعا.
الفقرة الأولى الالتزام بمنع الضرر وتقليله.
يعتبر الالتزام بمنع الضرر أحد الأوجه المهمة في تطور فقه القانون الدولي. فهو التزام لا يتعلق بمنع أنشطة غير مشروعة دوليا بل بأنشطة غير محظورة. يعتمد على معيار توازن المصالح في المجتمع الدولي وهو معيار يسمح بالقيام بأنشطة تهدد البيئة البحرية وفي نفس الوقت تشكل نفعا كبيرا للمجتمع الدولي.
وعلى هذا الأساس فإن المنع يلعب دورا أساسيا في حماية البيئة البحرية. حيث يرى الفقيه ” باكستر” المقرر الخاص السابق للجنة القانون الدولي، أنه أفضل التزام يمكن أن يحمي البيئة بالمقارنة مع الالتزامات التقليدية المتمثلة في تقديم تعويض عن الضرر الناتج عن مثل هذه الأنشطة[41].
بحيث انطلق “باكستر” من كون واجب المنع أو ما يسميه هو ب “تفادي الآثار الضارة”، أن هذا الواجب هو القوة المحركة لموضوع المسؤولية الدولية عن النتائج الضارة الناتجة عن أنشطة مشروعة في القانون الدولي. كما أن اهمال هذا الواجب لا يقتضي تحقق الضرر بالفعل، وإنما هو واجب يقترن بوجود خطر في ممارسة نشاط ما. كما يرى أيضا أن هذا الواجب ينبثق من الولاية الخالصة التي يمنحها القانون الدولي للدول، بسبب ما لها من سلطة إقليمية أو رقابية على الأنشطة التي تجري في نطاق ولايتها أو تحت سلطتها[42].
بالإضافة إلى ذلك فإن فقهاء القانون الدولي استنبطوا هذا الالتزام من خلال المبدأ 21 من إعلان استوكهولم الذي يلزم الدول بأن تضمن منع إلحاق الضرر بالبيئة في الدول الأخرى أو خارج حدود ولايتها الوطنية من خلال ممارسات تجري في نطاق ولايتها أو تحت رقابتها الفعلية.
كذلك تضمنت أحكام القضاء الدولي عبارات تنطوي على الالتزام بالمنع من وقع ضرر عابر للحدود؛ ففي قضية مضيق كورفو رأت المحكمة مبدأ عاما يقضي بمنع الضرر العابر للحدود، فقضت بأن “الدول ملتزمة بألا تسمح عن علم باستخدام إقليمها، في إتيان بأفعال تتناقض مع حقوق غيرها من الدول”[43].
إن الالتزام بمنع الضرر يستهدف الوقاية من نتائج ضارة على البيئة البحرية وتقليلها إلى أدنى حد ممكن؛ فتدفق النفط مثلا، إثر حوادث الناقلات العملاقة يرتب على الدول التزاما بتوقي وتقليل آثاره الضارة دون أن يؤدي هذا الالتزام في آخر المطاف بمنع أنشطة نقل النفط بحرا.
- الالتزام بالإعلام.
في إطار تلوث البحار فإن الالتزامات تقع بالدرجة الأولى على الدولة المصدر التي ينشأ في نطاقها أو تحت رقابتها الخطر، وفي المقابل فإن من واجب الدولة المتأثرة أن تتخذ جميع الإجراءات الوقائية ضد ما يهددها من أخطار، مما يتطلب التزام دولة المصدر بإعلام الدولة المتضررة بالحادث سواء كانت الدولة المتضررة متأثرة أو يحتمل أن تتأثر جراء نشاط ما. وهذا الإعلام يقوم على أساس تزويد الدولة المتأثرة بكافة المعلومات والبيانات الضرورية المتعلقة بخصائص هذا النشاط والمخاطر الممكن أن تنشئ عنه، ونوع الضرر المحتمل وقوعه مستقبلا. بحيث يصبح لدى الدولة المتأثرة إمكانية إجراء تقسيم شامل للآثار البيئية لهذا النشاط ونتائجه[44].
ويجد هذا الالتزام سند في الفقه الدولي وخاصة مع الفقيه “كلسن” الذي يرى أن الدولة التي تسمح بمباشرة نشاط شديد الخطورة، داخل نطاق ولايتها، تعد مسؤولة عن الالتزام بإعلام الدول، المحتمل إصابتها من جراء مباشرة هذه الأنشطة[45].
أما على مستوى المعاهدات الدولية فنجد أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار قد أقرت التزام الإعلام بشكل كبير من العناية. حيث قامت بإلقاء عبء الالتزام للإبلاغ عن الخطر، على عاتق أي من الدول الأطراف، طالما كانت هذه الدولة تعلم بخطر يتهدد البيئة البحرية.
إن الالتزام بالإعلام يحقق حماية أفضل للبيئة الإنسانية بشكل عام والبحرية بشكل خاص.
- الالتزام بواجب التفاوض
إن الالتزام بالتفاوض يقوم على أساس تفاوض الدولة المصدر في مرحلة سابقة لمزاولة النشاط الخطر مع الدولة المتأثرة أو من الممكن أن تتأثر، وهذا التفاوض يستمر مع قيام الدولة المصدر بالأنشطة الخطرة وتتفاوض مع الدول متى رأت أن هناك خطر ما قد يتهددها.
وإن كان هناك اختلاف بين الفقهاء ومدى قانونية التفاوض. حيث يرى البعض أنه لا يتم بالإلزامية[46]، ويرى جانب كبير من الفقهاء إلزامية هذا الالتزام، فالفقيه “باربوزا” مثلا يرى أن واجب التفاوض يعد التزاما قانونيا كاملا، مستقرا في القانون الدولي، يستمد صفته الإلزامية القانونية من الحظر العام الذي يفرضه القانون الدولي على الدول، بعدم إلحاق الضرر بغيرها والذي عبرت عنه القاعدة العرفية الراسخة “استعمل ما لك دون الإضرار بالغير”[47].
وفيما يتعلق بالمعاهدات الدولية نجد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار قد نصت على إلزام الدول المشاركة في استغلال المكامن المعدنية في منطقة قاع البحار، خارج حدود الولاية الوطنية لإحدى الدول الساحلية، بأن تقوم هذه الدول بالتفاوض مع الدولة الساحلية بغية تفادي التعدي على الحقوق والمصالح المشروعة لهذه الدول[48].
وبناء عليه يتضح مدى إلزامية التفاوض في مجال حماية البيئة البحرية من التلوث وذلك مطابقا لقواعد القانون الدولي الذي يمنع إلحاق الضرر بالغير.
- واجب التعاون
يعرف المجتمع الدولي تفاوتات بين الفاعلين داخله، ما بين تفاوتات تقنية واقتصادية، مما يؤثر على دور كل طرف في مكافحة ومواجهة أخطار التلوث، وعلى هذا الأساس انبثق واجب التعاون بين الدول كعاقبة قانونية للمسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية بأنشطة غير محظورة دوليا، وذلك بناء على اعتبارات حسن النية التي تعتبر من المبادئ الأساسية والتي تشكل عنصرا مشتركا وأساسيا في جميع الالتزامات الدولية.
ويقصد بالتعاون هنا مستويين، التعاون بين الدولة المصدر وباقي الدول، والمنظمات الدولية المختصة، حيث يكون التعاون على أساس التقليل من الخطر إلى أدنى حد له. والمستوى الثاني: التعاون بين الدولة المصدر والدول المتأثرة ويهدف إلى التخفيف من آثار ونتائج الأنشطة الضارة الخطرة[49]. والتعاون هو علاقة ما بين الدولة المصدر والدولة المتأثرة. حيث قد تنشأ المسؤولية الدولية بشكل مشترك. فإذا كان الأمر عاديا بالنسبة للدولة المصدر فإن الدولة المتأثرة قد يظهر التزامها إذا ما كانت تملك الإمكانيات التقنية والاقتصادية، ما يجعلها قادرة للتصدي للآثار الضارة والتي تهدد البيئة البحرية وهذا الالتزام لا يكون دائما مجانا.
وواجب التعاون قد تم تكريسه بشكل مهم في الفقه الدستوري حيث يرى الفقيه “باكستر” أن عدم امتثال الدول لواجب التعاون يعد عملا غير مشروع دائما[50]. ومن حيث الاتفاقيات الدولية نجد الاتفاقية الكويتية الإقليمية للتعاون في حماية البيئة البحرية من التلوث، والتي نصت على إلزامية الدول بالتعاون بين أطرافها من أجل اتخاذ التدابير المناسبة لمنع وتقليل ومكافحة التلوث البحري[51].
المطلب الثاني: إصلاح الضرر
يعتبر إصلاح الضرر أحد الأسس التقليدية للمسؤولية الدولية الناشئة عن مختلف أنواع الأنشطة المشروعة وغير المشروعة دوليا؛ وعلى الرغم من تطابق إصلاح الضرر للآثار المترتبة عن الأفعال غير المشروعة دوليا وغير محظورة دوليا؛ فإنه يختلف من حيث طبيعته وأسسه بينهما كما يلي:
- إصلاح الضرر في المسؤولية الدولية عن الأنشطة غير المشروعة، يتأسس على نظرية الفعل غير المشروع؛ في حين يتأسس على نظرية المخاطر في الأنشطة عن المحظورة دوليا.
- يعتبر إصلاح الضرر في المسؤولية الدولية عن الفعل غير المشروع التزام ثانوي يترتب على انتهاك لالتزام أولي قضت به إحدى قواعد القانون الدولي الاتفاقية أو العرفية؛ في حين يعتبر التزام أولي في المسؤولية الدولية عن الأفعال المشروعة دوليا.
- إذا كانت القاعدة الأساسية في إصلاح الضرر في المسؤولية الدولية للفعل غير المشروع دوليا، هو إعادة الحال إلى ما كان عليه، فإن هذا الأثر تم إغفاله عن الأنشطة المشروعة الدولية.
ونحن من خلال هذا المطلب سنعمد إلى دراسة التعويض النقدي، عبر الحديث أولا عن الأساس القانوني للتعويض، وثانيا عبر التطرق للأضرار القابلة للتعويض.
الفقرة الاولى: الأساس القانوني للتعويض
يفرض الواقع الدولي ممارسة الفاعلين الدوليين لأنشطتهم في مجال البيئة البحرية دون إلحاق الضرر بالغير، وذلك على أساس قاعدة حسن الجوار والقاعدة العرفية المرسخة في العرف الدولي “استعمل ما لك دون الإضرار بالغير”، ومن خلاله وجب إصلاح الضرر الناشئ عن الأنشطة المشروعة دوليا في البيئة البحرية[52]. وهو ما يستنتج معه أن إصلاح الضرر يجد سنده القانوني في القانون الدولي العرفي الذي يقوم على عدم إلحاق الضرر بالغير.
ومن جانب آخر فإن لجنة القانون الدولي، وهي تعد لمشروع المسؤولية الدولية عن النتائج الضارة الناجمة عن أفعال لا يحظرها القانون الدولي، حاولت أن تخفف من حدة المسؤولية المطلقة، والتي يقوم عليها إصلاح الضرر، فاتجه الفقيه “باربوزا” إلى محاولة صياغة قاعدة للتعويض عن أضرار الأنشطة غير المحظورة دوليا، تستند على شرطين هامين: أولهما التوقعات المشتركة، والثاني يتعلق بالمفاوضات بين الأطراف المعنية، بشأن تقدير التعويض[53].
ويقصد بالشرط الأول، الدراية بأن شيئا ما سيحدث من جراء ممارسة نشاط بعينه، وأن تتجه إرادة هذه الدول إلى منح تعويض عند حدوث هذه النتائج الضارة[54]. أما المفاوضات التي تجري بين الأطراف المعنية بشأن التعويضات، فهي تتضمن ضمن مجموعة من الاعتبارات، ترمي إلى تحقيق توازن المصالح بين الدولة المصدر، والدولة المتأثرة وكذلك تتضمن ما قامت به الدولة المصدر من تدابير للحيلولة دون وقوع الضرر أو تقليله إلى الحد الأدنى ومدى ما كانت تجنيه الدولة المتأثرة من فوائد من ممارسة الدولة المصدر لهذا النشاط الخطر الذي أحدث الضرر[55]. ومن خلال ما سبق يلاحظ أن إصلاح الضرر الناشئ عن أنشطة غير محظورة دوليا، يستند إلى قاعدة نظرية المخاطر وهذا ما أكدته عدة اتفاقيات دولية[56].
الفقرة الثانية: الأضرار القابلة للتعويض
الأصل في إصلاح الضرر التعويض عن كل ما يلحق المضرور من ضرر سواء كان ماديا أو غير مادي، إلا أن الفقه والاتفاقيات الدوليين اختلفوا في تحديد الأضرار القابلة للتعويض.
وفي هذا الإطار ذهب الفقيه “جريفراث” إلى أنه إذا كان التعويض عن الضرر المعنوي يبقى ضروريا في إطار المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المشروعة دوليا، فإنه في إطار الأضرار الناشئة عن الأفعال غير المحظورة دوليا لا يستلزم سوى التعويض المادي[57]. في حين يرى الفقيه “هاندل” أن عبور المواد الملوثة في المياه الإقليمية لدولة ما، دون أن يتسبب في أضرار مادية ملموسة لا يعد انتهاكا لسيادة الدولة، ولا يترتب عنه نشوء المسؤولية الدولية. أي لا يتوجب التعويض[58].
الفقرة الثالثة: حدود التعويض وضماناته.
إن التعويضات عن الأضرار التي تلحق الدول بسبب أنشطة غير محظورة دوليا تقيدها اعتبارات عدة تهدف إلى خلق نوع من توازن المصالح في المجتمع الدولي؛ بين المصالح القومية، من خلال أنشطة مشروعة وذات فائدة اقتصادية وبين تهديد البيئة البحرية بالتلوث، وعلى هذا الأساس تم خلق نظام يقضي بإنشاء صناديق للتعويض عن أضرار التلوث البحري حيث أبرم في هذا الصدد الاتفاقية الدولية المتعلقة بإنشاء صندوق دولي للتعويض عن الأضرار الناجمة عن التلوث النفطي.
أ : حدود التعويض
يهدف وضع حد أقصى أو أدنى للتعويض إلى خلق نوع من العدالة لدى مالك السفينة المتسببة في التلوث، وحتى لا يؤدي إرهاق المالك إلى إيقاف النشاط النافع بأكمله؛ وفي نفس الوقت اعتبارا لمصالح المتضررين وفيما يلي بعض الاتفاقيات وحدود التعويض.
- الاتفاقية الدولية بشأن التضييق من مسؤولية ملاك السفن البحرية والتي أبرمت في بروكسيل سنة 1957، بحيث تم تحديد التعويض عن الأرواح في 3100 فرنك عن كل طن من وزن السفينة، والأضرار المادية كحد أقصى 1000 فرنك عن كل طن من وزن السفينة.
- الاتفاقية المتعلقة بالمسؤولية قبل الغير في مجال الطاقة النووية الموقعة بباريس سنة
1960، حددت إجمالي التعويض كحد أقصى 15 مليون وحدة من وحدات حساب الاتفاق
النقدي الأوربي وأن لا يقل عن التعويض عن 5 ملايين وحدة حسابية.
- اتفاقية مسؤولية مشغلي السفن النووية ببروكسيل عام 1962 جعلت التعويض أن لا يتجاوز 1500 مليون فرنك وغيرها من الاتفاقيات الأخرى والتي اجتمعت جميعها في عدم استفادت المشغل من حدود التعويضات إذا أثبت أن الحادث صادر عن إهمال منه أو خطأ منسوب إليه.
ب: ضمانات التعويض.
اهتمت كافة الاتفاقيات التي تنظم المسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية على ضمان حقوق المتضررين في الحصول على التعويضات، وانطلقت الوسائل الضامنة هاته من التأمينات التي تغطي حدود المسؤولية وصولا إلى إنشاء صندوق دولي للتعويض عن أضرار التلوث النفطي[59].
فمعظم الاتفاقيات الدولية تنص على ضرورة احتفاظ المشغل بتأمينات تغطي حدود مسؤوليته، رغم أنها لم تنص على كفالة الدول التي صرحت بالنشاط، لأداء المشغل لما يثبت في حقه من تعويضات. إلا أن الدول بموجب مسؤوليتها الدولية، تظل ملزمة بأن تعوض المضرورين من جراء ما يلحق بهم من أضرار جرت في نطاق ولايتها أو تحت سيطرتها الفعلية وفقا لقواعد المسؤولية الدولية(1)[60].
كل هذه الاتفاقيات والمعاهدات والأحكام القضائية، وما جاء به الفقه القانوني الدولي، وكل الاجتهادات لحماية البيئة البحرية من التلوث، تدخل في التأصيل القانوني لحدود المسؤولية الدولية عن تلوث البيئة البحرية، فما هو نطاق التطبيق المادي لحدود هذه المسؤولية.
الخاتمة
يتبين من كل ما تقدم أن مشاكل البيئة البحرية، تتفاقم رغم وجود قوانين دولية ووطنية، واتفاقيات ومعاهدات تتعلق بمواضيع التلوث البحري والمسؤولية الدولية الناتجة عنها. لذلك فالوصول إلى الهدف الأسمى، لحماية البيئة البحرية، يستدعي تكثيف الجهود والمبادرات الدولية والوطنية في اتجاهين:
الاتجاه الأول يتطلب أربعة أمور:
أولها: حث جميع الدول على المشاركة والانضمام في أي تجمع يهدف إلى حماية البيئة البحرية وعدم التوان في ذلك، والتصديق على الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تصب في مصلحة البيئة بما في ذلك البيئة البحرية؛
وثانيها: ضرورة إتباع آليات أفضل لتبادل المعلومات بين الدول والمنظمات الدولية الحكومية منها وغير الحكومية بشأن المشاكل البيئية، ويجب أن تتصف هذه الآليات بالسرعة، والدقة، والبعد عن الجوانب الإجرائية والشكلية، وذلك للانتفاع بها واستخدامها في مواجهة أي خطر يهدد البيئة بشكل عام و البيئة البحرية بشكل خاص؛
وثالثها: ضرورة التطبيق الصارم للقانون ضد كل من يساهم في تلويث البيئة البحرية من الكوارث الناتجة عن الحروب والنزاعات المسلحة، وحتى المناورات والتدريبات العسكرية التي تستغل الطبيعة أسوأ استغلال، وعدم التساهل في ملاحقة من يهدد بيئة الإنسان الأمن؛
ورابعها: يجب أن يتغير اعتقادنا بأن مياه البحر والمحيطات هي سلة المهملات الطبيعية، التي ممكن أن تلقى فيها كل أنواع المخلفات، لذلك فالمسؤولية تتقاسمها الخاصة والعامة؛ فعلى كل فرد أن يعي دوره، وعلى الحكومات أن تعي مسؤولياتها.
والاتجاه الثاني يستدعي ثلاثة أمور في غاية الأهمية:
الأمر الأول هو: مناشدة الدول على سن القوانين والتشريعات الداخلية المتسمة بالصرامة في ملاحقة ملوثي البيئة، وعدم التراخي في توقيع العقوبات عليهم، وملئ الفراغ التشريعي في بعض البلدان النامية؛
الأمر الثاني: التشدد في مراقبة السفن التي تزور الموانئ، كما اقترحت المفوضية الأوروبية، والتعامل بقسوة مع السفن التي لا تستوفي مقاييس السلامة؛ والعمل الجاد والفوري على تطبيق كافة الاتفاقيات الدولية المتعلقة، بتلوث البيئة البحرية؛
والأمر الثالث: توجيه الإعلام ووسائله الفعالة إلى نشر الوعي البيئي، وتكثيف برامجه الداعية إلى المحافظة عليها، وكذلك زيادة النشرات والبحوث والدوريات المتخصصة في هذا المجال، والتي تحمل طابع التوجيه والإرشاد للتعامل مع البيئة البحرية، لإخراج جيل مشبع بالتربية البيئية.
[1]– الكتاب الفرنسيون يستعملون تعبير “générateur fait” للدلالة على الفعل المولد للمسؤولية الدولية. ورغم هذه الخصوصية اللغوية فإن تحليل المضمون يضطرهم إلى التمييز بين الفعل غير المشروع “illicite fait” والفعل المشروع “licite fait” انظر كمثال على ذلك:
– Pierre Marie Dupuy, «le fait générateur de la responsabilité internationale des Etat», RCADI. 1984, p. 188. pp. 1
[2]– انظر: عبد الواحد الناصر، قانون العلاقات الدولية، النظريات والمفاهيم الأسـاسية، الرباط 1994، ص.207 وما يليها.
[3]– انظر: عبد الواحد الناصر، الحياة القانونية الدولية: مدخل لفهم اتجاهات التطور وإشكاليات التطبيق في القانون الدولي العام، منشورات الزمن، الرباط 2011، ص 330-331.
[4]– انظر عبد السلام منصور الشيوي، “التعويض عن الأضرار البيئية في نطاق القانون الدولي العام”، دار الكتب القانونية، مصر، طبعة 2009، ص 28.
[5]– انظر عبد الواحد الناصر، “مبدأ المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المحظورة دوليا”، المجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، جامعة محمد الخامس، أكدال، العدد 31/32، 1999، ص41 إلى 59.
[6]– انظر محمد عبد الحميد، “النظرية العامة للمسؤولية الدولية عن النتائج الضارة عن أفعال لا يحظرها القانون الدولي”، دار النهضة العربية، القاهرة، 1999، ص.97. وانظر أيضا: محمد أحمد حشيش، “المفهوم القانوني للبيئة”، دار الكتب الوطنية، مصر، الطبعة الأولى 2008، ص.169.
[7]– انظر محمد حافظ غانم، محاضرات المسؤولية الدولية، معهد الدراسات العربية العالية، 1962، ص. 95-97؛ وحامد سلطان، القانون الدولية العام وقت السلم، القاهرة 1965، ص.319,
وانظر أيضا محمد عبد الحميد، المرجع السابق ص.141-165.
[8]– انظر عبد الواحد الناصر، “مبدأ المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المحظورة دوليا، المجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد، جامعة محمد الخامس – أكدال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، العدد المزدوج 31/32، سنة 1999، ص. 41 إلى 59.
[9]– انظر هشام بشير، حماية البيئة في القانون الدولي الإنساني، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة 2011، ص. 19 إلى 33.
[10]– الفقرة الأولى والثالثة من المادة 15.
[11]– الفقرة الرابعة من المادة 15.
[12]– نفس الفقرة من نفس المادة.
[13]– قضبة مضيق كورفو ترجع اساسا الى 15 مايو 1946 عند وجود سفينتين بريطانيتين حربيتين و عبورهم من الجزء الشمالي من مضيق كورفو و قد تم حرقهم بواسطة المدفعية الالبانية، للمزيد انظر : محمود خليفة جودة ” الوضع القانوني للمضايق الدولية ، دراسة قضية مضيق كورفو” متوفر على الموقع الالكتروني التالي: https://www.academia.edu/7482515/%D9%82%D8%B تم الاطلاع عليه بتاريخ: 31/07/2019.
[14]– ICJ. Reports, 1949, p 22.
[15]– Barros, and Johnston, op.cit, p. 177-195
[16]– انظر رياض صالح أبو العطا، دور القانون الدولي العام في مجال حماية البيئة، دار النهضة العربية، القاهرة 2008، ص. 95-97.
[17]– انظر حازم حسن جمعة، الأمم المتحدة والنظام الدولي لحماية البيئة، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، يوليوز 1994، العدد 117، وانظر أيضا: عبد العزيز مخيمر عبد الهادي، دور المنظمات الدولية في حماية البيئة، منشورات دار النهضة العربية، االقاهرة 1986.
[18] – ديباجة إعلان مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة الإنسانية.
انظر مطبوع برنامج الأمم المتحدة للبيئة….، 1985 رقم Na … 85-6206.
[19]– صلاح الدين عامر، مرجع سابق، ص.24-25.
[20]– أنظر سلسلة المبادئ التوجيهية والقواعد للقانون البيئي رقم 4، مطبوع برنامج الأمم المتحدة للبيئة نيروبي، 1985.
[21]– أنظر جولة لجنة القانون الدولي عام 1983، المجلة II الجزء I ص.312.
[22]– انظر عبد الواحد الناصر، مبدأ المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المحظورة دوليا، المرجع المشار إليه سابقا، ص. 41 وما يليها.
[23]– Goldie, LEF «liability for damage and the progressive development of international law» op.cit, p 120.
[24]– Barbosa. J. First report on international liability for injurious consequences arising out of acts not prohibited by international law, 1989 (UN doc A/CN4/423) p 7.
[25]– Graefrath, B, op.cit p 20.
[26]– تقرير لجنة القانون الدولي عن أعمال دورتها الأربعين 1988 ص.77.
[27]– محمد حافظ غانم، مرجع سابق، ص.115.
[28]– Handl: op.cit , p50.
[29]– Handl. G. State liability for accidental transnational environmental danger p 527.
[30]– Barbosa, first report, 1986 p 27.
[31]– للمزيد من التفصيل انظر صلاح هاشم مرجع سابق، ص.459-460-461.
[32]– انظر المبدأ 21 من إعلان الأمم المتحدة للبيئة الإنسانية استوكهولم 1972.
[33]– Barboza op.cit p 11.
[34]– Morin, op. cit., p 342.
[35]– Barboza, op. cit., p 11.
[36]– صلاح هاشم، مرجع سابق، ص.481-482.
[37]– نفس المرجع ص.484.
[39]– Handl, op. cit., p 86.
[40]– صلاح هاشم، مرجع سابق، ص.487.
[41]– Baxter, R, Preliminary reporton international liability for injurious consequences arising out of acts not prohibited by international low, YILC 1980 vole II part one p 249.
[42]– نفس المرجع ص.330.
[43]– Baross and Jolnston, op. cit., p 76.
[44]– Barboza, op. cit., p 16.
[45]– Kelson, op.cit, p 243.
[46]– Schwebel, first report on the law of the non-navigational uses of international watercourses, in Y.I.L.C 1979 vol II, part one, p 142.
[47]– Barboza, op.cit, p 18.
[48]– المادة 142 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982.
[49]– Barboza: op.cit, p 12,21.
[50]– باكستر: تقرير الرابع، 1983 بالأمم المتحدة للجنة القانون الدولي ص.321.
[51]– المادة 8 من اتفاقية الكويت الإقليمية للتعاون في حماية البيئة البحرية من التلوث، 1978.
[52]– Tecloff. L.A International law and the protection of the oceans from pollution, in international environmental law, ed by tecloff and letton, the free press New York, 1974, p 116
[53]– صلاح هاشم، مرجع سابق، ص.539-540.
[54]– Barboza, op.cit, p 30.
[55]– صلاح هاشم، مرجع سابق، ص.541.
[56]– مثال اتفاقية فيينا المتعلقة بالمسؤولية المدنية عن أضرار الطاقة النووية 1963.
[57]– Graefrath, op.cit, p 20.
[58]– Handl, op.cit, p 75.
[59]– الاتفاقية الدولية المتعلقة بإنشاء صندوق دولي للتعويض عن الأضرار الناجمة عن التلوث النفطي، 1981.
[60]– صلاح هاشم، مرجع سابق، ص.553.