الإجرام الرياضي في التشريع المغربي
Sports Crime in Moroccan Legislation
محمد المبطول
MOHAMED EL MEBTOUL
طالب باحث بسلك الدكتوراه
جامعة محمد الخامس بالرباط
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ سلا
الملخص: تعتبر الرياضة من أهم الأنشطة التي مارسها الإنسان على مر التاريخ، نظرا لما لها من فوائد بدنية ونفسية وتربوية هامة تساعد على تحمل متطلبات الحياة ومواجهة مصاعب الدهر. وإذا كانت الرياضة قد تأسست عبر تاريخها على أسس من القيم الاجتماعية، وفي مقدمتها الأساس الأخلاقي القائم على الروح الرياضية والإخاء والسمو، إذ لعبت الرياضة أدوارا مختلفة في تجنيد وتنظيم الشباب، وكانت أسلوبا ووسيلة للتعبير ولتأييد الشخصية الوطنية، فإن تغلغل عدة تأثيرات ومنها السياسة والاقتصاد خاصة، جعل مجال الرياضة مسرحا تمارس فيه أنواع عدة من الجريمة تتراوح بين الإجرام الفردي البسيط والإجرام المنظم المعقد، والذي شكل أحد البثور السوداء في وجه الرياضة الجميل، جعلت منه ظاهرة جديرة بالدراسة في الوقت الراهن، حيث أن الإجرام الرياضي لم يعد أمرا طارئا، ولا حدثا استثنائيا يمكن تجاهله، وإنما أصبح ظاهرة اجتماعية بامتياز، ينبغي البحث في دلالاتها وأسبابها، ولا بد من تفاعل الجميع إن شئنا الحد من خطورتها. وتهدف هذه المقالة إلى إبراز أهم تجليات الإجرام الرياضي في الساحة الرياضية الوطنية، وكيف واجهه المشرع المغربي سواء موضوعيا أو إجرائيا، حيث لم يقتصر هذا الأخير في معالجته لظاهرة على النصوص العامة (مجموعة القانون الجنائي) بل ضمن أيضا نصوصا خاصة بعض الجرائم التي من شأنها تعزيز سياسته الجنائية في مكافحة الظاهرة والحد منها، ومن أبرز هذه القوانين القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية. والقانون التأديبي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. | Summary : Sport is considered one of the most important activities practiced by human beings throughout history, because of its important physical, psychological and educational benefits that help to meet the requirements of life and to face its difficulties. If sport was founded throughout its history on the foundations of social values, especially moral ones based on the sporting spirit, brotherhood and primacy. It also played different roles in youth recruitment and organization and it was a means of expression and support of the national character. The penetration of several influences related to politics and economy in particular, made sports a scene for many types of crimes, ranging from simple and individual crimes to complex and organized ones. This has formed one of the black pimples in the face of the beautiful sport and made it a phenomenon worthy of studying now, as sports criminality is no longer a matter that can be ignored. It has become a very distinguished social phenomenon that should be explored with the interaction of everybody, to look for its implications and causes in order to reduce its severity. This article aims to highlight the most important manifestations of sports criminality in the national sports arena and how the Moroccan legislator faced it objectively and procedurally. Given that, he did not deal with it through general provisions only (criminal law), but he also included special provisions that will strengthen the criminal law in order to combat and reduce this phenomenon. The most notable of these laws are the law No. 30.09 on physical education and the disciplinary law of the Royal Moroccan Football Federation. |
الكلمات المفتاحية شغب الملاعب– التلاعب بنتائج المباريات – العقود الرياضية – السلامة الرياضية | Keywords : hoologanism– Match-fixing-: Sports Contracts-Sports Safety |
مقدمة:
تعد الرياضة أحد الأنشطة الإنسانية المهمة، فلا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات الإنسانية من شكل من أشكال الرياضة، بغض النظر عن درجة تقدم أو تخلف هذا المجتمع، ولقد عرفها الإنسان عبر عصوره وحضارته المختلفة، وإن تفاوتت توجهات كل حضارة بشأنها، فبعض الحضارات اهتمت بالرياضة لاعتبارات عسكرية سواء كانت دفاعية أو توسعية، والبعض الآخر مارس الرياضة لشغل أوقات الفراغ وكشكل من أشكال الترويح، بينما وظفت الرياضة في حضارات أخرى كطريقة تربوية، حيث فطن المفكرون التربويون القدماء إلى إطار القيم الذي تحفل به الرياضة، وقدرتها الكبيرة على التنشئة والتطويع، وبناء الشخصية الاجتماعية المتوازنة، ناهيك عن الآثار الصحية التي ارتبطت منذ القدم بممارسة الرياضة وتدريباتها البدنية، وهذا المفهوم الذي أكدته نتائج البحوث العلمية حول الآثار الصحية على المستوى البيولوجي للإنسان. [1]
إن الرياضة باعتبارها مظهرا اجتماعيا واضحا، أصبحت تفرض نفسها في أوساط الباحثين، وأصبحت منجزات الرياضة على المستوى الإجمالي وأنشطتها تعد أحد المؤشرات العامة التي يحكم من خلالها على مستوى التقدم الاجتماعي والثقافي لمجتمع ما، فالرياضة أضحت ظاهرة متداخلة بشكل عضوي بنظام الكيانات والبنى الاجتماعية، كما أن التقدم والرقي الرياضي يتوقف على المعطيات الاجتماعية السائدة في المجتمع، ولذلك فإن التحليل النهائي للظروف الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وحجم ومدى التأثيرات الحيوية بينها هو الذي يحدد عبر عدد من الروابط غير المباشرة إلى أي مدى يمكن
أن تتقدم الرياضة، وأيضا إلى أي مدى يمكن أن تتدهور. [2]
وإذا كانت الرياضة قد تأسست عبر تاريخها على أسس من القيم الاجتماعية، وفي مقدمتها الأساس الأخلاقي القائم على الروح الرياضية والإخاء والسمو، حيث يجتمع الناس على الود والتفاهم والصداقة في إطار ترويحي يعمل على إزالة التوترات، ويساعد على التقارب ونبذ الفرقة، فإن تغلغل عدة تأثيرات ومنها السياسة والاقتصاد خاصة، جعل مجال الرياضة مسرحا تمارس فيه أنواع عدة من الجريمة تتراوح بين الإجرام الفردي البسيط والإجرام المنظم المعقد، جعلت منها ظاهرة جديرة بالدراسة في الوقت الراهن، حيث أن الإجرام الرياضي لم يعد أمرا طارئا، ولا حدثا استثنائيا يمكن تجاهله، وإنما أصبح ظاهرة اجتماعية بامتياز، لابد من البحث في دلالاتها وأسبابها، إن شئنا الحد من خطورتها.
بناء على ذلك عمدت مختلف الدوا، ومن بينها المملكة المغربية[3] على ضرورة وجود قوانين وتشريعات تحكم الرياضة وخاصة التنافسية منها،[4] مما فتح المجال لطرح سؤال جوهري يتمحور حول مدى وعي المشرع المغربي بخطورة ظاهرة الإجرام الرياضي ؟ وإلى أي حد وفق في إيجاد ترسانة قانونية كفيلة بالحد منها ؟ وهو الإشكال الذي تتفرع عنه التساؤلات التالية:
- كيف غزت الجريمة مجال الرياضة في الوقت الذي كانت عاملا أساسيا للحد منها ؟
- ما هي الأسباب الكامنة وراء ذلك ؟
- كيف يمكن الحد من استفحال ظاهرة الإجرام في الرياضة ؟
- وماهي انعكاسات ذلك على تغير مفهوم الرياضة؟
ولأجل الإحاطة محاولة بالموضوع سأعمل على تناوله في نقطتين أساسيتين:
- أولا: الإجرام الرياضي البسيط أسبابه وسبل مكافحته.
- ثانيا: الإجرام الرياضي المنظم مظاهره وتداعياته.
أولا: الإجرام الرياضي البسيط أسبابه وسبل مكافحته.
سنتولى في هذه النقطة الحديث عن كل من ظاهرة شغب الملاعب (1)، ومسألة الإخلال بالسلامة الرياضية(2).
- ظاهرة شغب الملاعب:
تقع الملاعب الرياضية بما تحتويه من منشآت وأجهزة على مساحة محددة، تجعلها قبلة لحشود غفيرة من الجماهير في مختلف التظاهرات الرياضية، إذ لا يمكن ممارسة أي رياضة دون وجود جماهير، فالجمهور هو جزء – اللاعب رقم 12 في لعبة كرة القدم – من النشاط الرياضي، بيد أن مميزات هذا العنصر تقابلها سلبيات تعكر صفو الروح الرياضية والتنافس الشريف، تتمثل أساسا في ظاهرة شغب الملاعب التي أصبحت واسعة الانتشار في الملاعب الرياضية العالمية، وهي ظاهرة ليست بالحديثة وإنما هي ظاهرة قديمة قدم الرياضة التنافسية.
ويقصد بشغب الملاعب الرياضية: “الأعمال العدوانية من ضرب، وتدمير، وتخريب، وكذلك التصرفات غير اللائقة واللاأخلاقية التي يقوم بها اللاعبون والإداريون والجماهير الرياضية خرقا للأنظمة القانونية المعمول بها قبل وأثناء وبعد المسابقات الرياضية.”[5]
وتاريخ الرياضة على مر العصور حافل بالأحداث المجسدة لهذه الظاهرة، إذ يرجعها الباحثين إلى الأصول الاثنوجرافية[6] للمنافسات الرياضية القديمة للإنسان البدائي، حيث كان الصراع على أشده وكانت المباريات بمثابة المعارك، وتفض النزاعات بالطرق الحبية، فقد نعت كونراند لورينز الرياضة بقوله: “إنها أحد أشكال الطقوس المميزة لمعركة أعدتها الثقافة الإنسانية.”[7]
والحوادث الممثلة للظاهرة لم تقتصر على العصور القديمة، بل إنها ظاهرة متجددة ومتغيرة في كل زمن
وحين، إذ شهد العالم أحداثا عديدة تراوحت بين الخسائر المادية والبشرية وبين قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول، ونذكر من هذه الحوادث:
- أدت أعمال العنف والشغب سنة 1964 في مباراة (بيرو) و(الأرجنتين) إلى قتل 318 شخصا وجرح أزيد من 500 آخرين إثر احتساب الحكم لأحد الأهداف تسللا في هذه المباراة، ولم يمنع تدخل قوات الأمن من حدوث المأساة.
- تعد الكارثة الأكثر ذهولا هي التي حدثت في أمريكا الوسطى سنة 1969، ففي مباراة (هندوراس) و(السلفادور) ضمن تصفيات كأس العالم، أدت حوادث العنف والشغب إلى قطع العلاقات بين البلدين وإعلان حالة الحرب سميت ب “حرب كرة القدم”.
- أحداث ما بعد مباراة (الجزائر) و(مصر) في اللقاء الفاصل في السودان برسم تصفيات كأس العالم 2010، حيث أدت أحداث الشغب والعنف إلى تأثر وجمود العلاقات بين البلدين.
فأحداث الشغب في الملاعب الرياضية ما هي إلا تعبير عن ثقافة مكتسبة وسلوك مفتعل، غير أنه لا يخفى ـ غالبا ـ تأثير الواقع الاجتماعي والأحداث المعاشة يوميا، وهو ما جعل المفكر سارتر يستعين بأحداث المنافسات الرياضية للدلالة على البناء الجدلي للجماعات البشرية وأدوار الأفراد، ويستشف من تحليله أن الصراع في الملاعب الرياضية يتناسب مع تركيبة الجماعات البشرية والنظام الاجتماعي الذي يمثله مهما بدا ذلك متناقضا.[8]
وإذا كانت ظاهرة الشغب في الملاعب الرياضية تنطوي على هذه الخطورة البالغة، فإن القضاء عليها لن يتأتى إلا بالفهم والإلمام بمسبباتها، هذه الأخيرة التي تختلف من مجتمع لآخر، فضلا عن كونها متعددة يصعب حصرها، ومتسمة بالتباين من حيث التأثير.
والعوامل المسببة لهذه الظاهرة تجاذبتها نظريات مختلفة،[9]حاولت كل واحدة منها تفسير السلوك المكون
أو المؤطر للعنف والشغب، وهي النظريات التي يمكن إجلالها في الآتي:
- نظرية الغرائز أو التفسير البيولوجي:
تفترض هذه النظرية أن الإنسان يولد ولديه استعداد مسبق للعدوان، والذي يظهر بشكل مباشر أو عن طريق التنفيس في المواقف المقبولة اجتماعيا، مثل المنافسات الرياضية.
- نظرية التعلم الاجتماعي:
تفترض هذه النظرية أن العنف والشغب ظاهرة مكتسبة عن طريق الملاحظة والمحاكاة، ويتعلمها الأفراد كما يتعلمون أي نوع من أنواع السلوكيات الاجتماعية الأخرى، وهو ليس غريزيا يولد مع الإنسان كما ذهبت لذلك النظرية السابقة.
- نظرية الإحباط:
يرى أنصار هذه النظرية أن العنف والشغب ما هو إلا نتيجة الإحباط الذي يؤدي إلى القيام بالسلوك العدواني، حيث أنه متى ما تعرض الفرد إلى موقف محبط فإن العنف والشغب يكون
استجابة طبيعية لهذا الموقف.
وإن كان لنا أن نقول شيئا حول هذه النظريات أو إمكانية الترجيح بينها، فإننا نساير نظرية التعلم الاجتماعي، ونرد ذلك إلى أن تصرف الفرد وعقليته وهو بمفرده، يختلف عن تصرفه وعقليته وهو ضمن جماعات الشغب التي يلتقي بها في الملاعب الرياضية، ففي الصورة الأولى يحكم العقل ويتصف بالاتزان، ويبتعد عن كل ما يسيء لصور، عالما أن أنظار المجتمع مسلطة عيله، فضلا عن وعيه بالمسؤولية القانونية التي يمكن أن تطاله إذا ما أساء التصرف، بينما في الصورة الثانية ينضم إلى الجماعات المشاغبة ويتأثر بسلوكها، فينعدم ـ مبدئيا ـ شعوره بالمسؤولية، وتغيب عن ذهنه نظرة المجتمع إليه فيقد على التصرف وفق لتصرفاتها ويمشي على هديها.[10]
ومهما اختلفت تفسيرات المنظرين والباحثين وتعددت منطلقاتهم، فإن أسباب ظاهرة شغب الملاعب صعب الحصر، لكن يمكن ذكر أهمها في التالي:
- الحشد الزائد.
- تأثير الكحوليات والمخدرات.
- التحكيم الهزيل والمتحيز.
- الجماهير المتعصبة بشدة لفريقها.
- الأداء السلبي في مباريات حساسة.
- التوترات الاجتماعية والسياسية.
- عدم تهيئ الظروف الملائمة للدخول والخروج من الملعب.
- عدم احترام القوانين الجاري بها العمل.
- استفزاز المشجعين من قبل بعض اللاعبين أو سوء تقدير أحد رجال الأمن أثناء معالجة بعض الحالات.
- الشحن الإعلامي السلبي للجماهير بسبب المنافسة.
- ميل بعض الأفراد إلى العنف عندما يكونوا في جماعات.
وإذا أردنا أن تسير الرياضة بالشكل السليم والبعيد عن هذه الظاهرة السلبية لابد من إيجاد حلول كفيلة بإحاطة الظاهرة بإطار يسهل معه احتوائها، ومكافحتها بكيفية نلمس نجاعتها على أرض الواقع.
لعل أبرز وسيلة لكبح جماح هذه الظاهرة هي نشر ثقافة التنافس الشريف وتقبل الخسارة كما الفوز، وهو أمر يقتضي التحسيس بخطورتها ومساوئها سواء بشكل غير مباشر بواسطة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة،[11] أو بشكل مباشر عن طريق توزيع مناشير بمناسبة بيع التذاكر، وتوزيع قمصان تحمل شعارات مكافحة الشغب،[12] إضافة إلى وضع لائحة الممنوعات بالصور أمام أبواب الملاعب، كما يمكن تحقيق هذه الغاية من خلال تنظيم مسابقات الجمهور المثالي، واللاعب المثالي في آخر الموسم، فضلا عن تكوين خلية أمن الملاعب الرياضية التي يمكن تشكيلها من ممثل السلطات المحلية، وممثل النيابة العامة، وممثل الأمن الوطني، وممثل الدرك الملكي.[13] ومن الأمور التي تعد غاية في الأهمية، الاهتمام برفع مستوى كفاءة التحكيم الرياضي، ناهيك عن إنفاذ العقوبات الزجرية، [14] إذا لم تنجح الأساليب الوقائية ـ على مسببي ومرتكبي الشغب بشكل يحد من هذه الظاهرة التي تهدد الرياضة وجماليتها.
وهكذا، ولما كان التشريع أحد الآليات التي تملكها الدولة لحكم المجتمع وبسط سيطرتها وسيادتها على الأفراد، وتحديد الإطار العام لسلوكياتهم والحؤول دون جنوحهم عن النظام العام للدولة، وأمام تفشي ظاهرة الشغب في الملاعب الوطنية، عمل المشرع المغربي على التدخل لضبط هذا المجال الحيوي، وذلك من خلال القانون رقم 09.09 المغير والمتمم لمجموعة القانون الجنائي،[15] وخصص له الفرع الثاني مكرر، من خلال 19 فصلا تمم بها الفصل 308 تحت عنوان: “العنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها.”
وبالرجوع إلى هذه الفصول يتضح أن المشرع المغربي حاول من خلال الأفعال المجرمة والعقوبات المقررة لها، وضع سياسة جنائية كفيلة بالحد من هذه الظاهرة، تميزت بعدة خصائص، أبرزها التعدد والتنوع في التجريمات، حيث حاول المشرع الإحاطة بمختلف الأفعال الجرمية التي تساهم في حدوث العنف سواء قبل أو أثناء أو بعد المباريات والتظاهرات الرياضية، إذ قسمها وفقا لطبيعتها وأثرها على الأفراد، آخذ في ذلك بعين الاعتبار الأوجه المتعددة لمألات العنف (الموت والإيذاء والخسائر المادية)، إلى أعمال عنف ينتج عنها الموت (الفصل 308 – 1)، عاقب عليها – إذا توافرت شروط الفصل 403 – بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 1.200 إلى 20.000 درهم، وأعمال عنف ارتكب خلالها ضرب وجرح أو أي نوع آخر من أنواع العنف أو الإيذاء (الفصل 308 – 2)، حدد لها عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وغرامة من 1.200 إلى 10.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط،[16]بالإضافة إلى أعمال عنف ذات طبيعة مادية تنصب على الأموال سواء كانت عقارية أو منقولة ( الفصل 08 – 3) أقر لها عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر
إلى سنة وبغرامة من 1.200 إلى 10.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.[17]
كما أنه من الملاحظ أن مشرع القانون رقم 09.09 وسَّع من نطاق التجريم، وهو ما من يتضح من خلال العنوان المعتمد لهذا القانون، إذ يتميز نطاق تطبيقه ببعد ترابي يتجاوز ما قد يفهم من القراءة السطحية له، التي تفيد بأنه يطبق داخل الحدود الجغرافية للمنشئات والتظاهرات الرياضية، وهو أمر بخلاف الواقع العملي، إذ يمتد تطبيق أحكامه إلى الأفعال الجرمية المرتكبة بعد إجراء المباريات والتظاهرات الرياضية، وكذا في الأماكن العمومية التي تبث فيها تلك المباريات أو التظاهرات الرياضية،
وجدير بالذكر أن مشرع القانون رقم 09.09 استحضر طبيعة البيئة التي يمارس فيها العنف الرياضي، والذي تتسم غالبا بالجماعية، من قبيل مجموعات الإلتراس، وهو ما يبرر استخدامه لمصطلح “المساهمة” والتي تفيد أن كل شخص ارتكب شخصيا فعل يدخل في التنفيذ المادي للأفعال المجرمة بموجب هذا القانون يعتبر مساهما في جرائم العنف الرياضي طبقا للفصول المشكلة لهذا القانون، والمشار إليها أعلاه.[18]
ولأن القضاء هو المرآة العاكسة لنجاعة التشريعات والضامن لحسن تطبيقها، فقد منحه المشرع صلاحيات مهمة، وأناط به دورا فعالا في التدخل كلما ظهر لها موجب للتدخل، وتم منحه الحق في الحكم بالمصادرة لفائدة الدولة الأدوات والأشياء التي استعملت أو كانت ستستعمل في ارتكاب الجريمة التي تحصلت منها، وكذلك المنح وغيرها من الفوائد التي كوفئ بها مرتكب الجريمة أو كانت معدة لمكافأته (الفصل 308 – 15)، كما يجوز للمحكمة أن تأمر بنشر المقرر الصادر بالإدانة طبقا لأحكام الفصل 48 من القانون الجنائي أو بثه بمختلف الوسائل السمعية البصرية أو بتعليقه (الفصل 308 – 16)، إضافة إلى إمكانية أن تأمر المحكمة بحل الشخص المعنوي في حالة صدور مقرر بإدانته من أجل إحدى الجرائم المنصوص عليها سابقا (الفصل 308 – 17)، فضلا عن تمكين المحكمة من سلطة الحكم علاوة على العقوبات المنصوص عليها في قانون الشغب على الشخص المدان بالمنع من حضور المباريات أو التظاهرات الرياضية لمدة لا يمكن أن تتجاوز سنتين مع إمكانية شمول هذا التدبير بالنفاذ المعجل، كما يسوغ للحكمة أيضا تحديد صورة هذا المنع، إما بملازمة محل إقامته أو مكان آخر أو تكليفه بالتردد على مركز الأمن أو السلطة المحلية وذلك خلال وقت إجراء المباريات أو التظاهرات الرياضية التي منع من حضورها (الفصل 308 – 18).
وعموما، فيمكن القول أن المملكة المغربية قد خطت خطوات هامة في اتجاه مواجهة الظاهرة، لكنها خطوات تبقى قاصرة وغير كافية، حيث أن الاقتصار على المقاربة الأمنية أو الزجرية أبان على عدم نجاعته، خاصة عند عدم تفعيل القرارات وتنزيل الإجراءات في هذا الشأن، إذ رغم وجود قوانين صارمة مازالت ظاهرة الشغب في تزايد مما يدفعنا إلى القول بضرورة إعادة النظر في المقاربة الزجرية ذاتها، عبر بلورة سريعة وملحة للقانون 09.09، بالإضافة إلى تنويع الزوايا التي يمكن النظر منها إلى هذه الظاهرة.
- ظاهرة الإخلال بالسلامة الرياضية:
تمتد ظاهرة الإصابات الرياضية لمختلف التخصصات الفردية منها والجماعية، وأصبحت من المواضيع الأكثر أهمية التي تشغل البال وتؤرق الرياضيين الممارسين نظرا للخطورة المتأصلة في بعض الألعاب، حيث يكون غالبا الاحتكاك مباشرة مع الخصم من جهة أو نتيجة لعدم الوعي الكافي بالممارسة الصحية للأنشطة الرياضية، أو لمخالفة للنظم والقوانين المنظمة للسلامة الرياضية من جهة أخرى. فاحتمال التعرض للإصابة الرياضية وارد عند جميع الرياضيين، ويبقى البحث قائما لدى المعنيين بتدريب الأنشطة الرياضية لإيجاد أفضل السبل والوسائل للوقاية والتقليل من حوادث الإصابات الرياضية، أو على الأقل في حالة حدوثها محاولة التعريف بالطريقة العلمية السليمة في إسعاف وتأهيل الإصابة وإعادة اللاعب للممارسة.
وإذا كانت الإصابات الرياضية أمرا طبيعيا نظرا للتنافس الشديد والشريف في الآن نفسه أثناء ممارسة اللعبة، لاسيما الجماعية منها، ففي مقابل ذلك تتعدد الحالات الشاذة التي تخرج عن الإطار الاعتيادي للرياضة، تكون ناتجة عن إخلال الرياضيين ذاتهم للأنظمة والقوانين المؤطرة للسلامة الرياضية، مما يؤدي إلى الجنوح عن الهدف الأسمى للرياضة، ولعل الأمثلة على هذه الظاهرة كثيرة في الملاعب الرياضية كملاعب كرة القدم، وكرة القدم الأمريكية، وملاعب الهوكي على الجليد. وهو ما يفسر كثرة حالات الإيقاف التي يتعرض لها الرياضيين، ونحو ذلك إيقاف لاعبة أمريكية مدى الحياة عن ممارسة كرة القدم بسبب عنفها المعتاد أثناء المباريات.
هكذا أصبح الرياضي بحاجة إلى حماية وضمان لمواجهة خطر الإصابة قبل وبعد وقوعها، وذلك باتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية من الإصابة، وكذا التعامل مع الإصابة، ويعتبر التأمين الأداة الضرورية لتحقيق الرياضيين للحماية المرجوة، إذ أضحى ـ التأمين ـ مطلب جميع الفئات المكونة للجسم الرياضي، حفاظا على العنصر الأساسي في أي لعبة وهو الرياضي نفسه، إضافة إلى النادي الذي استثمر الكثير لتكوين هذا الرياضي.[19]
والتأمين في المجال الرياضي ليس بالأمر الحديث، بل أن تطوره اقترن بتطور الرياضة، خاصة مع إقبال شركات التأمين على تغطية المخاطر الرياضية، بعدما صار التأمين في هذا الميدان ضرورة ملحة، زكتها الأحداث الرياضية المصحوبة بانعدام السلامة بين الفينة والأخرى.
والتاريخ الرياضي يحفظ لنا مجموعة من وثائق التأمين وصلت لأرقام كبيرة تقدر بالملايين، ومن أمثلة ذلك اكتتاب اللاعب البرازيلي pelé لوثيقة تأمين بثلاثة ملايين فرنك فرنسي أثناء كأس العالم سنة 1969 بإنجلترا، وكذا التأمين الذي عقده حارس مرمى المنتخب الاسباني إيكر كسياس بمبلغ 7000 يورو، وكذلك التأمين الذي أبرمه الملاكم محمد علي بطل العلم في الوزن الثقيل ب 600.000 فرنك فرنسي قيل مواجهة البطل الألماني كارل ميلدن بورغ.[20] وهي كلها وثائق أبرمت لتأمين الإصابة عن المخاطر الرياضية التي قد يتعرض له الرياضيين، والتي يعود سببها في الغالب إلى إخلال المنافس بالنظم المعمول بها، ليبقى التأمين هو الضمان الأنجع لتفادي الإصابة، فضلا عن تطبيق القواعد القانونية المنظمة للسلامة الرياضية والضرب على أيدي الرياضيين غير المنضبطين.
غير أن القول بضرورة التأمين في المجال الرياضي لا يعني غياب إمكانية المسائلة الجنائية إذا ثبت أن الأفعال المخلة بقواعد السلامة الرياضة والمنافية للعب النظيف، والتي ترتكب عن عمد وسوء نية، حيث أنه بالرغم من اعتبار الألعاب الرياضية إحدى أسباب التبرير التي لم ترد في نص الفصل 124 من القانون الجنائي، فإن ذلك مشروط بأن تأتي هذه الأفعال التي ترتبت عنها الإصابات الرياضية ضمن الأنواع الرياضية المعترف بها قانونا، ووفقا القواعد الرياضية المعمول بها دون قصد إحداث الضرر، وأن يقع العنف أثناء ممارسة اللعبة، ثم رضا المنافس بالمشاركة في المباراة.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مشرع القانون رقم 30.09[21] قد أوجب بمقتضى المادة 78 منه على الجامعات الرياضية أن تحدد القواعد التقنية المطبقة على التجهيزات الرياضية، لا سيما من أجل ضمان سلامة الرياضيين وسلامة المنافسات والتظاهرات الرياضية بصفة عامة.
ثانيا: الإجرام الرياضي المنظم مظاهره وتداعياته.
تبوأت الرياضة والأنشطة البدنية مكانة واضحة على الساحتين المحلية والعالمية، كظاهرة اجتماعية تستحق الدراسة والتأمل، ولقد برزت مظاهر هذه المكانة من خلال إنشاء الهيئات والمؤسسات والجمعيات والروابط والاتحادات واللجان المهتمة بالرياضة، وتعمل على رعاية أنشطتها محليا ودوليا، ولقد برز الاهتمام بالرياضة خلال المائة سنة المنصرمة نتيجة لعدد من الظروف الاقتصادية والاجتماعية والتغيرات الثقافية العميقة التي وقعت إبان تلك الفترة، ولقد كان التتويج الفعلي لنجاح الرياضة في إحياء الألعاب الأولمبية وإقامة أول دورة حديثة منها سنة 1896، ولعل النجاح المطرد في إقامة هذه الدورات من العوامل العامة التي أثارت الاهتمام بالرياضة على كل المستويات، وساعد في ذلك الدور المهم الذي لعبه الإعلام وبخاصة التلفزيون في تقديم الرياضة للعامة وتبسيط مفاهيمها، وتشكيل اتجاهات إيجابية
نحوها. [22]
ويعتقد مفكر التربية البدنية،”zeigler” أن عدة قوى أصبحت تؤثر في الرياضة ومنها أساسا القيم والمعايير الأخلاقية، السياسة، الاقتصاد، الدين و البيئة، وبالرغم من أن الطابع البدني يطغى على المنافسة الرياضية، فإن الصفات المعنوية والنفسية والمعرفية والعقلية، تستخدم جميعها خلال المنافسات الرياضية، ولا يمكن إغفالها، مما جعل للرياضة خصائص ومتطلبات. ولأجل ذلك يعتقد عالم الاجتماع “mongan” أن للرياضة مظهرين أساسيين، مظهر طقوسي”Ritualistic” وآخر درامي”Dramatic”[23]وهما معا يثيران الكثير من المشاعر والأحاسيس وهو ما جعل الرياضة وسيلة للتوفيق بين الأوضاع الاجتماعية القائمة وبين التعبير النفسي اللاشعوري، حتى قيل أنه أصبحت الرياضة تقدم المتعة للمشاهدين، والمكانة للرياضيين، والأموال للمدربين والإداريين ورياضيي الاحتراف.
وبذلك اصطبغت الرياضة بالصبغة المادية، وأصبحت أحد أكبر مجالات تسويق البضائع والمصالح التجارية، وقد كان وراء الارتقاء الملحوظ للرياضة مصالح رأسمالية، حيث أنه كلما زادت درجة تصنيع المجتمع واهتماماته بالتقنيات الحديثة زاد حجم المصادر الإضافية التي يمكن استثمارها في الرياضة لكونها مصدرا للربح ووسيلة دعاية ناجحة. [24]
وأمام هذا التحول الراديكالي في وظيفة الرياضة كوسيلة للترويح، ونزوعها نحو المادية وانصهارها في دورة الاقتصاد، جعلها كغيرها من قطاعات الإنتاج الأخرى، مجالا للعديد من الممارسات اللاشرعية، بلغت في أقصى خطورتها صورا من الإجرام المنظم كالتزوير في العقود الرياضية (1) والتلاعب في نتائج المباريات الرياضية (2).
- التزوير في العقود الرياضية:
يعتبر العقد أهم صور التصرف القانوني في الحياة الإجتماعية لأن الإرادة المنفردة ليست سوى مصدر استثنائي للالتزام، لا تنشئه إلا في حالات محددة يعترف لها القانون بالقدرة على إنشاء الروابط
القانونية. [25]
والرياضة إحدى المجالات الحيوية التي تستوجب في معاملاتها اللجوء إلى الآليات والمؤسسات القانونية، وإحدى هذه الآليات أو المؤسسات نجد العقد الرياضي.[26]
ولاعتبار العقد بأنه رياضي،[27] هناك ثلاث معايير: المعيار الشخصي وطبقا له يعد العقد رياضيا إذا قام بإبرامه شخص رياضي أيا كان محل العقد ومهما كانت طبيعته، وهناك المعيار الموضوعي، وطبقا له يعد العقد رياضيا إذا كان محله عملا رياضيا متمثلا إما في لعبة رياضية أو عمل غرضه وهدفه رياضي، وأخيرا هناك المعيار الطبيعي ومفاده أن العقد يعتبر رياضيا إذا كانت طبيعته تقتضي ذلك.[28]
وبغض النظر عن مدى توفق هذه المعايير في تحديد مفهوم العقد الرياضي، فإن التساؤل المثار هو: من هو الرياضي؟
إنه بالرجوع إلى المادة 56 من القانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، نجدها تنص على أنه: “تمنح صفة رياضي هاوي أو محترف للرياضيين الممارسين للأنشطة البدنية والرياضية، من لدن الجامعة المعنية، وفقا للتعاريف المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون وللأنظمة العامة للجامعات الرياضية” وبالعودة إلى المادة الأولى من نفس القانون نجدها تنص على أن: “الرياضي هو كل لاعب أو ممارس رياضي يزاول نشاطا رياضيا بدنيا أو ذهنيا” كما عرفت الرياضي المحترف بأنه: “كل رياضي أو كل إطار رياضي يمارس أو يؤطر مقابل أجر بصفة رئيسية أو حصرية نشاطا رياضيا لأجل المشاركة في منافسات أو تظاهرات رياضية.”
ويتميز العقد الرياضي بعدة خصائص منها، أنه عقد رضائي كقاعدة عامة يتم بالإيجاب والقبول، وبالتالي فهو عقد ملزم لجميع أطرافه، كما أنه عقد معاوضة فيه أخد وعطاء أو مقابل، وهو عقد مستمر، فالمدة فيه عنصر جوهري، وأخيرا فإن العقود الرياضية التي يبرمها اللاعبون مع النوادي تعد من عقود الإذعان، إذ يذعن الرياضيون لشروط النادي أو غيره، المسبقة للتعاقد معه، ومع ذلك فإن التفاوض في العقد الرياضي أمر قائم،[29] فضلا عن أن هناك من كيفه بأنه عقد عمل ذو طبيعة خاصة.[30]
وبالرجوع إلى الفصل 58 من القانون أعلاه، نجده يشدد على الجمعيات والشركات الرياضية حينما تقوم بالاستغلال التجاري لفائدتها أو لفائدة مسانديها للصورة الجماعية لفرق أو للرياضيين، أن يتم ذلك بعقود رياضية، ويجب تبعا لذلك دفع جزء من مداخيل ذلك الاستغلال التجاري للفرق أو الرياضيين أو الأطر الرياضية المعنية بالعقد. وتحدد شروط الاستغلال التجاري بالعقد الرياضي وفقا لشروط المادة 14 من نفس القانون، ولا يمكن للرياضيين تبعا لذلك تفويت صورتهم الفردية إلى أحد المنافسين للطرف الثاني للعقد، أو أن يرتبطوا بعدة عقود عن نفس الفترة.
كما أنه جدير بالذكر أن مشرع القانون 30.09 يعاقب بغرامة من 50.000 إلى 100.000 درهم الجمعيات الرياضية أو الشركات الرياضية أو المؤسسات الخاصة للرياضة وللتربية البدنية أو مراكز التكوين إذا قامت بتشغيل رياضيين محترفين أو أطر رياضية محترفة دون أن تبرم مع كل واحد منهم عقدا رياضيا، كما هو منصوص عليه في المادة 14 من هذا القانون.(المادة 94/2).
كما تجدر الإشارة إلى أنه بجانب العقوبات التي تقررها – حسب كل رياضة – الجامعات الملكية المنظمة للعبة في حق من ثبت تورطهم في عمليات تزوير العقود الرياضية تطبق القواعد العامة المتعلقة بتزوير المحررات الرسمية وفقا للفصول من 351 إلى 359 من القانون الجنائي.
وهكذا، فإن التطور الهائل الذي عرفته الرياضة، ودخولها عالم المال والأعمال وخضوعها لقواعد الصفقات والأرباح، وبالنظر إلى مستوى التنافس الحاد بين الأندية الرياضية التي تحول أغلبها إلى شركات تجارية ضخمة يتم تداول أسهمها في البورصات العالمية، وبالنظر إلى حجم الأموال والأرباح المتحصلة من عقود الرعاية والاحتضان، أصبحت العقود الرياضية وخاصة عقود الاحتراف مجالا واسعا لكل الممارسات المشبوهة،[31] فالرغبة في تحصيل أكبر قدر من الأرباح من جانب الشركات الرياضية، يقابله جشع الرياضيين اللذين يسعون بدافع الشهرة أحيانا أو بدافع الخوف من المستقبل إلى رفع سقف المطالب المادية. وعليه أصبحنا نعاين عدة صور من التدليس والتزوير والإجحاف في العقود الرياضية، بل وحتى التواطؤ من أجل الإيقاع في الغلط عن طريق الاحتيال، ومن أهم صور الاخلالات المتعلقة بعقود الرياضة خاصة الاحترافية منها نذكر على سبيل المثال:
- التزوير في مدة العقد الاحترافي، حيث تستعمل المدة الزائدة عن المدة الأصلية في ابتزاز الرياضي لدفعه إلى التنازل عن مستحقاته في حالة عدم الرغبة في تجديد العقد.
- التصريح الكاذب بقيمة العقد الرياضي قصد تسهيل عملية التهرب الضريبي.
- الترويج الكاذب لعقود احتراف أو رعاية وهمية بغية رفع قيمة الرياضي في سوق الانتقالات.
- عمليات النصب والاحتيال الممارسة من بعض وكلاء الرياضيين المحترفين.
- عدم تمكين الرياضي المحترف من ما يسمى “بالبطاقة الدولية” قصد التعاقد مع طرف آخر وذلك بنية الابتزاز.
- تنظيم بعض المنافسات الرياضية بمقتضى العقود المبرمة على أساس أنها خيرية في حين أنها تكون تجارية وذلك قصد الاستئثار بالأرباح.
- التزوير في سن الرياضيين، أو في بعض وثائقهم الشخصية الرسمية.
- توقيع مجموعة من العقود الرياضية من طرف نفس الرياضي لنفس الفترة.
- ادعاء صفة رياضي “دو مستوى عالي” المنظمة قانونا، قصد إبرام عقود بشروط مادية مرتفعة.
- إخفاء بعض الأمراض غير العضوية الصعبة التشخيص أو إظهار مزايا غير حقيقية من طرف وكلاء الرياضيين بغرض التدليس.
إن القائمة تبقى طويلة، ذلك أن التطور التكنولوجي وسرعة النمو الاقتصادي جعل من الرياضة والرياضيين سلعة تجارية تخضع لميكانزمات السوق وتتأثر بالأساليب الملتوية والاحتيالية السائدة، وتبقى المقاربة الزجرية لشل هذه الظاهرة المتفشية في عالم الرياضة، والتي قد تصل إلى السجن والغرامات الباهظة، غير كافية لكبح جماح هذه الاخلالات، ويبقى السبيل هو التوعية واليقظة الاجتماعية والرجوع بالأساس إلى جوهر الرياضة كوسيلة نبيلة غايتها الترويح والتهذيب والتقارب بين الأفراد والجماعات.
- التلاعب في نتائج المباريات الرياضية:
بالنظر إلى أهمية المسابقات الرياضية على اختلاف أنواعها، وما تدره من أموال سواء من عائدات بيع حقوق البث التلفزيوني أو عقود الدعاية والإشهار، أصبحت هذه المسابقات ساحة للمراهنات بامتياز، وإذا كانت ثقافة المراهنات قد غزت جميع المجالات فإن الرياضة تعتبر اليوم أهم سوق للمراهنات نظرا لكثرة المسابقات الرياضية وتنوعها وغرابتها أحيانا، ونظرا لإمكانية التلاعب في نتائجها ما دام الأمر متوقفا على إرادة أفراد بعينهم يتحكمون في النتائج ويمكنهم تغيير مجرياتها في كل وقت وحين. ولذلك نجد اليوم أن حالات الفساد المالي والإداري أصبحت مرتبطة بالتلاعب بنتائج المباريات الرياضية، وقد شهد مبالغ المراهنات المالية على المباريات الرياضية زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة، كما يسر استخدام الانترنت إلى حد كبير في إمكانية المراهنة على المباريات في جميع أنحاء العالم، ونظرا لإمكانية تحقيق أرباح كبيرة والخطر الضئيل لكشف التلاعب، بات هذا الأخير أكثر جذبا للمجرمين وعصابات الجريمة المنظمة، وغسل الأموال، حيث الأرقام بالمليارات، إذ أنه تضخ ثلاثة ملايين دولار يوميا من الأموال للمراهنات في مجال مباريات كرة القدم وحدها. [32]
وتتركز أهم شبكات التلاعب في نتائج المباريات في أوربا، حيث تسخر شركات التحويل السريع للأموال للقيام بنقل الرشاوى إلى شتى أنحاء العالم، هذه الرشاوى التي تصل إلى حد 100.000 يورو للمباراة الواحدة، سواء كان المتلقي لاعبا رياضيا أو حكما أو مسؤولا إداريا في البعثة المستهدفة،[33] ولعل أهم مثال على هذه الفضائح ما أسفر عنه التحقيق الذي باشرته منظمة “اليوروبول” والذي أسفر على كشف التلاعب في نتائج أكثر من 380 مباراة في أوربا وحدها، و300 مباراة أخرى في كل من افريقيا وأسيا وأمريكا الجنوبية والوسطى، وتعتبر مقابلات تصفيات كأس العالم وكأس أوربا من أهم المباريات الرياضية المستهدفة لأنها تستأثر بمتابعة جماهيرية كاسحة،[34] وقبل ذلك تفجرت فضيحة “الكالشيو بولي” في ايطاليا، كما أن سنة 2012 وحدها عرفت توقيف 93 لاعبا في تركيا، و100 في زمبابوي، وفي كوريا الجنوبية أقدم مدرب ومجموعة من اللاعبين على الانتحار عقب إدانتهم بالتلاعب بنتائج مباريات البطولة الاحترافية، كما أدين وعوقب بالسجن في الصين أزيد من 60 لاعبا وحكما ومدربا ومسؤولا محليا على نفس الممارسات أعلاه،[35] وما يقال عن كرة القدم يقال عن كرة اليد كفضيحة التلاعب في نتائج بطولة كرة اليد الفرنسية العام سنة 2011، وكذلك في بطولة محترفي كرة السلة الأمريكية NBA، وكافة أصناف الرياضات عبر العالم سواء تعلق الأمر بالرياضة الهاوية أو الاحترافية.
وفي أواخر شهر ماي 2015 ألقت الشرطة السويسرية القبض على 7 مسؤولين كبار من قادة الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA في مدينة زيوريخ بسبب تورطهم في قضايا فساد ورشوة من قبل بعض الدول للحصول على شرف تنظيم كأس العالم، وأيضا غسيل الأموال بناء على طلب من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.
والمغرب لا يشكل استثناء من هذه الظاهرة، حيث ظهرت على الساحة الوطنية مؤخرا – وليست القضية الأولى – قضية التلاعب بمباريات البطولة الوطنية الاحترافية “اتصالات المغرب”، حيث طفت على سطح الأحداث الكروية ببلادنا شبهة التلاعب بنتيجة مباراة الكوكب المراكشي ويوسفية برشيد، بشكل اعتبره نادي المغرب التطواني مشينا وخادشا بسمعة الكرة الوطنية.
ومما سبق، فإن أخطر الأمراض التي أصبح يخشى معها على مجال الرياضة وصيرورتها وسمعتها
عموما، هو تغلغل الجريمة المنظمة[36] والتي مثلنا لها بتحكم مافيا المراهنات والقمار عبر العالم في
نتائج مباريات ومنافسات رياضية عالمية، ولعل هذا الخطر هو الذي دفع بالفيفا وهي أعلى هيئة دولية تتولى تسيير شؤون الرياضة الأكثر شعبية في العالم وهي كرة القدم، وبشراكة مع الأنتربول إلى إطلاق برنامج عالمي يركز على المراهنات النظامية وغير النظامية وعلى التلاعب بنتائج المباريات، وذلك لتحقيق أمرين هامين:
- تعليم وتدريب الجهات الفاعلة الرئيسية في اللعبة، على كيفية تحديد محاولات إفساد المباريات أو التلاعب بنتائجها ومقاومتها والإبلاغ عنها.
- العمل على إعداد أجهزة إنفاذ القانون للتحقيق والتعاون في القضايا المتصلة بالفساد والتلاعب بنتائج المباريات، ولأجل ذلك تم إحداث الوحدة المعنية بالنزاهة في الرياضة في مقر الأمانة العامة للأنتربول بمدينة ليون الفرنسية، وهذه الوحدة التي تلقت مؤخرا أكبر هبة مالية تقدم لمنظمة أمنية من طرف الفيفا والتي بلغت 20 مليون يورو لتنفيذ برنامجها الطموح على مدى عشر سنوات.[37]
ولا تقتصر الجهود الدولية على هذه الشراكة والبرامج، بل توجد مجموعة من الهيئات مختلفة المناهل ومتنوعة التخصصات، غير أن جلها إن لم نقل كلها تعمل في فلك المرجعيات الدولية المتعلقة بمكافحة
الفساد بشكل عام، كاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003،[38] والتوصيات مؤتمر الدول
الأطراف في الاتفاقية السالفة الذكر المنعقد بفيينا أيام 22 إلى 24 غشت 2016، والذي تمحور حول موضوع النزاهة في المجال الرياضي، وينضاف إلى ذلك توصيات المؤتمر الدولي السادس للوزراء وكبار الموظفين المسؤولين عن التربية البدنية والرياضة والتابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة المنعقد بتاريخ : 19/ 10/ 2017، أكدت على ضرورة التزام السلطات الوطنية والهيئات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالرياضة من بحث جميع جوانب النزاهة في الرياضة بطريقة فعالة.
ومن جملة هذه الهيئات نجد المجلس الدولي للأمن الرياضي ICSS،[39] والمنظمة الدولية للنزاهة الرياضية SIGA،[40]وكذا الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA.[41]
أما على الصعيد الوطني فقد بدلت الهيئات المكلفة بتدبير الشأن الرياضي جهودا حثيثة في هذا الصدد،
أملا منها في تطوير العرض الرياضي وخلق جو من المنافسة الشريفة، وهي جهود لا تنفصل عن الجهود العامة التي تبدلها الدولة في مكافحة الفساد بشكل عام، حيث أصبحت للمملكة استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد 2016 – 2025 كترجمة لالتزاماتها الدولية في هذا الإطار، كما أن دستور 2011 نص في
الفصلين 36 و167 منه على إحداث “الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة”
وانسجاما مع التزاماته الدولية نص الفصلين 36 و167 من دستور المملكة على إحداث هيئة وطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة التي تقوم بمهام المبادرة والتنسيق والاشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد، وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال، وكذا المساهمة في تخليق الحياة العامة، وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، وثقافة المرفق العام ، وقيم المواطنة المسؤولة وقد صدر بشأن تنظيمها وأليات اشتغالها وكذا عضويتها، القانون التنظيمي رقم 113.12 بتاريخ 2 يوليوز 2015 [42].ولتفعيل هذه الاستراتيجية تم إحداث اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد على مستوى رئاسة الحكومة بتاريخ : 2/11/2017.[43]
أما على مستوى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فهناك مجهودات تبدل في هذا المجال وإن كانت على قلّتها لكنها محمودة، إذ أنه من جملة أهداف الجامعة الملكية لكرة القدم المنصوص عليها في المادة 5 من نظامها الأساسي منع الطرق والممارسات التي من شأنها أن تلحق ضررا بنزاهة المنافسات أو اللاعبين الرسميين والأعضاء أو التي تتسبب في إحداث تجاوزات في كرة القدم وكذا اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة .
وانسجاما مع أهدافها في هذا المجال، وكذا تفعيلا للوائح ودوريات الاتحاد الدولي لكرة القدم في مجال حماية النزاهة الرياضية، تضمنت المدونة التأديبية للجامعة الملكية لكرة القدم نصوصا تجرم وتعاقب الأفعال النافية للقيم الرياضية من قبيل الرشوة المنصوص عليها وعلى عقوبتها من خلال الفص 99، ثم فعل التأثير غير المشروع على نتائج المباريات من خلال الفصل 100، وكذا تجريم الغش الرياضي من خلال الفصل 101، ثم تجريم فعل تزوير ورقة المباراة من خلال الفصل 102، تم تجريم تعاطي المنشطات من خلال الفصل 103 من القانون التأديبي للجامعة.[44] وزيادة على هذا يمكن تطبيق العقوبات المقررة لجريمة
الرشوة في مجموعة القانون الجنائي (الفصلين 248 و249).
ويطرح التلاعب بنتائج المباريات تهديدا أوسع نطاقا أيضا، إذ يستخدم المجرمون الأموال المتأتية منه في أنشطة غير مشروعة أخرى. وبات من المهم، أكثر من أيّ وقت مضى، وضع استراتيجيات منسقة لمنع التلاعب بنتائج المباريات عن طريق إشراك الجهات المعنية على كل من الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.
خاتمة:
إنه أمام استفحال ظاهرة الإجرام في الوسط الرياضي تعالت الأصوات لإعادة النظر في الطبيعة التنافسية للرياضة، بعد أن تحولت أغلب المنافسات الرياضية إلى صراع مرير قد يتخطى كل القيم البشرية، واستعانت بأساليب أبعد ما تكون من قيم الرياضة الأصلية كالعنف والعدوان، والغش وتعاطي المنشطات، وتقديم الرشاوى للمسؤولين والرسميين والرياضيين، الأمر الذي أصبح ينذر بتقويض نظام الرياضة بكامله. فهل أصبحنا ملزمين بتقبل منطق البيزنس الرياضي؟
[1] أمين أنور الخولي، الرياضة والمجتمع، مجلة عالم المعرفة، عدد 216، دجنبر 1996، ص، 5. أنظر أيضا: بوطالبي بن جدو، محاضرات في مادة تاريخ وفلسفة التربية البدنية والرياضية، سنة أولى ليسانس، جامعة محمد لمين دباغين، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، فرع: علوم وتقنيات النشاطات البدنية والرياضية، السنة الجامعية: 2015 – 2016.
مات فيف، أساسيات التربية البدنية، دون ذكر الطبعة، موسكو ، دار النشر التقدم، 1981، ترجمة أمين أنور الخولي، ص، 8.[2]
[3] ارتقى دستور المملكة المغربية لسنة 2011 بالرياضة لدرجة الحق الدستوري الواجب تحقيقه وتنميته وتوفير مختلف الوسائل لتيسير التمتع به، وهو ما يتضح من نصوص الفصول 26، 31، 33 منه.
[4] تعد الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة بالصخيرات سنة 2008، المرجعية الأساسية لمختلف القوانين والاستراتيجيات التي اعتمدتها المملكة في هذا القطاع، حيث أشار جلالته إلى: ” …إن الوضع المقلق لرياضتنا الوطنية، على علاته الكثيرة، يمكن تلخيصه في إشكالات رئيسية، وهي بإيجاز: إعادة النظر في نظام الحكامة المعمول به في تسيير الجامعات والأندية، وملاءمة الإطار القانوني مع التطورات التي يعرفها هذا القطاع ،…” “…ولتجاوز الأزمة الحالية، فإنه يتعين وضع نظام عصري وفعال لتنظيم القطاع الرياضي، يقوم على إعادة هيكلة المشهد الرياضي الوطني وتأهيل التنظيمات الرياضية للاحترافية ودمقرطة الهيآت المكلفة بالتسيير إن الوضع يتطلب، قبل كل شيء، اتخاذ التدابير المؤسساتية والقانونية الملائمة لمواكبة التطورات المتسارعة التي تعرفها الرياضة العالمية، ولاسيما متطلبات تطوير الاحترافية.”
[5] مراد زويقات، جريمة شغب الملاعب، ورقة مقدمة لاستكمال لمادة علم الجريمة التطبيقي، الفصل الأول، كلية الدراسات العليا، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، العام الدراسي 1426ـ1427، ص 5.
[6] الإثنوجرافيا فرع من علم الإنسان، إذ ينصب على دراسة الطباع، ويدرس قيم الناس وحياتهم اليومية، والعلاقات الاجتماعية، ويحصل على المعلومات بطرق مختلفة تشمل الحديث مع أعضاء المجتمع وتصوير أنشطتهم على شرائط أو تقارير مكتوبة.
[7] أمين أنور الخولي، م س، ص 226.
[8] أمين أنور الخولي، م س، ص 226.
[9] للاطلاع أكثر على هذه النظريات، أنظر سعد سعيد الزهراني، سيكولوجية العنف والشغب لدى الجماعات، أبحاث الندوة العلمية ـ أمن الملاعب الرياضية، الرياض 26 ـ 27 / 6/ 2000، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، (تاريخ ومكان النشر والناشر غير مذكورين)، الطبعة الأولى، ص 70 ـ 74.
[10] من أجل التعرف أكثر على التفسير العلمي النفسي لسلوكيات الجماهير، أنظر: سيغموند فرويد، علم نفس الجماهير، ترجمة جورج طرابيشي، الطبعة الأولى، بيروت، دار الطليعة، 2006. وأنظر أيضا: غوستاف لو بان، سيكولوجيا الجماهير، ترجمة هشام صالح، الطبعة الأولى، بيروت، دار الساقي، 1991.
[11] أنظر في هذا الإطار: خليفة طالب بهبهاني، دور وسائل الإعلام في الحد من شغب الملاعب الرياضية، مداخلة ضمن ندوة: الأمن الرياضي تحت عنوان: شغب الملاعب وأساليب مواجهته، التي نظمها مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض، 2004، ص 9.
[12] أنظر في هذا الصدد: سمير عبد القادر خطاب، دور التربية في تنمية الوعي الرياضي لدى المشجعين، مداخلة ضمن ندوة: الأمن الرياضي تحت عنوان: شغب الملاعب وأساليب مواجهته، التي نظمها مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض، 2004، ص 59.
[13] أنظر في هذا السياق، ممدوح عبد الحميد عبد المطلب، دور أجهزة الأمن في فرض الأمن أثناء المناسبات الرياضية، مداخلة ضمن ندوة: الأمن الرياضي تحت عنوان: شغب الملاعب وأساليب مواجهته، التي نظمها مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض، 2004، ص 113.
وجدير بالذكر في هذا السياق أن المديرية العامة للأمن الوطني قد أحدثت قسم الأمن الرياضي التابع لمديرية الأمن العمومي، والخلايا التابعة له في مختلف المدن مهمتها تتبع التظاهرات الرياضية، بغية القيام بدورها الريادي في التطبيق السليم للقانون رقم 09.09 بمعية الجهات المعنية من وزارة الداخلية والأندية.
[14] الأمر الذي أقره المشرع المغربي بموجب القانون رقم 09.09 المتعلق بمحاربة العنف داخل الملاعب المتمم لمجموعة القانون الجنائي.
[15] ظهير شريف رقم 1.11.38، الصادر في 29 من جمادى الآخرة 1432 الموافق ل 2 يونيو 2011، بتنفيذ القانون رقم 09.09 المتعلق بالعنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، والمتمم لمجموعة القانون الجنائي، الجريدة الرسمية عدد 5956، الصادرة بتاريخ 27 رجب 1432 الموافق ل 30 يونيو 2011، ص 3081.
[16] حيث تمت متابعة الأظناء في هذه النازلة على الدخول إلى ملعب تحت تأثير مخدر والمساهمة في أعمال العنف أثناء إجراء مباراة رياضية، ارتكب خلالها أعمال الضرب والجرح وإلحاق خسائر مادية بمال منقول مملوك للغير وإتلاف أجزاء من الملعب وارتكاب عنف في حق موظف عمومي أثناء قيامه بوظيفته، حيت تم الحكم عليهم بالحبس بثلاثة أشهر وغرامة مالية قدرها 1200 درهم في حق واحد منهم والحكم على الباقي بشهرين وغرامة مالية قدرها 1200 درهم. حكم المحكمة الابتدائية (الزجرية) بالدار البيضاء)، في الملف الجنحي التلبسي عدد 2105/2013/2999، بتاريخ: 29/04/2013، غير منشور.
[17] إذ تمت معاقبة الظنين في هذه النازلة بشهر واحد حبسا نافذا و غرامة نافذة قدرها 2000 درهم على إثر مساهمته في إلحاق أضرار مادية بمنقولات مملوكة للغير بمناسبة تظاهرة رياضية. حكم المحكمة الابتدائية (الزجرية) بالدار البيضاء، في الملف الجنحي التلبسي عدد 13/1581/2013، بتاريخ: 22 /02 /2013، غير منشور.
[18] بوركبة نبيل، قراءة في القانون رقم 09.09 المتعلق بالعنف المرتكب في المباريات والتظاهرات الرياضية، مقال منشور بموقع: marocdroit.com اطلاع يوم: 01/10/2019، على الساعة:h30 16.
[19] معزيز عبد الكريم، العقد والتأمين والتعويض في المجال الرياضي، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد السابع، الجزائر، ص 242. أنظر كذلك: رعد أدهم عبد الحميد، ريبر حسين يوسف، التأمين عن الاصابات الجسدية للرياضي المحترف – دراسة مقارنة، مجلة جامعة تكريت للحقوق، السنة 8، المجلد 3، العدد 29، 2016، ص 172 وما بعدها.
[20] معزيز عبد الكريم، نفس المرجع، ص 254.
[21] ظهير شريف رقم 1.10.150 صادر في 13 من رمضان 1431 (24 أغسطس 2010) بتنفيذ القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، الجريدة الرسمية عدد: 5885، بتاريخ 16 ذو القعدة 1431 (25 أكتوبر 2010)، ص 4805.
[22] أمين أنور الخولي، م س، ص، 29.
[23] محمد علي محمد، وقت الفراغ في المجتمع الحديث، الإسكندرية، دار المعرفة، 1981، ص، 120.
[24] أمين أنور الخولي ، م س، ص،111.
[25] العربي بلحاج ، النظرية العامة للالتزام في القانون المدني الجزائري، الجزء الثاني، الطبعة السادسة، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية،1999، ص،42.
[26] وفقا للمادة 14 من القانون رقم 30.09 والتي أحالت عليها المادة الأولى من ذات القانون فإن الجمعيات الرياضية تبرم عقود شغل مع الرياضيين المحترفين والأطر الرياضية المحترفة تسمى “عقودا رياضية” وفق عقود نموذجية تحددها الإدارة حسب خصائص الرياضيين أو الأطر الرياضية وخصائص كل نشاط رياضي، وبالتالي لا يخرج مفهوم العقد الرياضي عن مفهوم العقد بصفة عامة كما هو في القانون المدني لكن شريطة أن يأتي وفق الشكليات التي حددتها الإدارة الرياضية المعنية في العقد النموذجي. أنظر في هذا الصدد: موسي محمد وآخرون، العقد الرياضي النموذجي، مقال منشور بموقع: www.maroclaw.com تم الاطلاع بتاريخ: 13/10/2019، على الساعة: h3016.
[27] يعرف موضوع العقود الرياضية بالمغرب مجموعة من الإشكالات، تتلخص في اعتماد رخصة الجامعة كآلية للتحايل على العقد، وغياب تسجيل العقود بالجامعة، وإمضاء العقود من طرف واحد، وعدم حصول اللاعبين على نسخ العقود، ثم غياب القانون الداخلي للأندية. أنظر في هذا الصدد: المتقي عبد الإله، عقود اللاعبين… عيوب وثغرات وتحايل، مقال منشور على الموقع: assabah.ma بتاريخ: 6 شتنبر 2017، تم الاطلاع بتاريخ: 10/10/2019، على الساعة: h1515.
[28] معزيز عبد الكريم، م س، ص 245 وما بعدها.
[29] محمد سليمان الأحمد وآخرون، الثقافة بين القانون والرياضة، مدخل فلسفي ثقافي عام في القانون الرياضي، الطبعة الأولى، عمان ، دار وائل للنشر، 2005،ص،95.
[30] علاء الدين زياد، عقد العمل الرياضي، مذكرة التخرج لنيل شهادة الماجستير، تخصص: القانون الرياضي، جامعة جيلالي اليابس، كلية الحقوق والعلوم السياسية، سيدي بلعباس، الجزائر، السنة الجامعية: 2015 – 2016، ص. 55.
[31] محمد سليمان أحمد، الوضع القانوني لعقود انتقال اللاعبين المحترفين، عمان، دار الثقافة، 2001،ص، 18.
[32] نشرة الأنتربول، الأمانة العامة، النزاهة في مجال الرياضة، التوعية بالفساد في كرة القدم وزيادة فهمه، 2012، ص 2.
[33] على أنه ليست الرشاوى هي الوسيلة الوحيدة للضغط واستمالة هؤلاء، بل نجد كذلك استعمال السلع الباهظة الثمن أو الخدمات الجنسية أو التهديد باستعمال العنف.
[34] لعل المثال الأبرز لهذه المراهنات نجد المقامر السنغافوري الشهير ويلسون بيرومال، الذي اعترف في مقابلة مع شبكة »سي إن إن» الأمريكية أنه جني بين 5 و6 ملايين دولار من خلال التأثير والتلاعب في حوالي 100 مباراة دولية سواء في الدورات الأوليمبية أو تصفيات كأس العالم وكأس أمم أفريقيا وغيرها من المحافل الرياضية الكبرى.
أسس بيرومال شركات وهمية مثل »football4U» بهدف إغراء العديد من الاتحادات الأهلية والكثير من الأندية مما ضمن له تحقيق مبالغ خيالية، كما استطاع إبرام عدة عقود وهمية مع عدة اتحادات مثل جنوب أفريقيا وبوليفيا لإقامة مباريات ودية يرتبها بنفسه ويحدد نتائجها.. ولم يكتف بيرومال بذلك فقد اعترف بأنه أحيانا يختار الحكام واختيار الملاعب وتأجيرها ليوم كامل باسم هذه الشركات الوهمية التي يطلقها. أنظر: قنديل محمد، المراهنات.. بزنس بلا رقيب، مقال منشور بموقع: akhbarelyom.com تم الاطلاع بتاريخ: 09/11/2019، على الساعة: 00.27.
[35] الموقع الإلكتروني: www.reuters.com/article/sport اطلاع يوم: 01/10/2019 على الساعة: 35،23 ليلا.
[36] جراء اعتبارات ذات طبيعة اقتصادية وسياسية وحتى اجتماعية لم تستطع الدول على حصر مفهوم الجريمة المنظمة في تعريف جامع مانع، لهذا نجد جل التشريعات تخلو من تعريف هذه الجريمة، لكن هذا لا يمنع من ذكر التعاريف التي وضعها الفقه، ومنها: “أنها تلك الجريمة التي ترتكب من تنظيم إجرامي هيكلي يتكون من شخصين فأكثر تحكمه قواعد معينة أهمها قاعدة الصمت، ويعمل هذا التنظيم بشكل مستمر لفترة غير محددة ويعبر نشاطه حدود الدول، ويسعى للحصول على الربح المادي.” جهاد محمد البريزات، الجريمة المنظمة، الطبعة الأولى، اعمان – لأردن، دار الثقافة، 2008، ص 45.
[37] نشرة الأنتربول، الأمانة العامة، م س، ص، 4 و5.
[38] لقد وقعت المملكة المغربية على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في 31 أكتوبر 2003، ثم صادقت عليها في 9 ماي 2007، الجريدة الرسمية عدد: 5596، بتاريخ 8 محرم 1429 (17 يناير 2008)، ص 133.
كما وقعت المملكة على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد بتاريخ 21 دجنبر 2010، الجريدة الرسمية عدد: 6228، بتاريخ 6 ربيع الآخر 1435 (6 فبراير 2014)، ص 743.
[39] هي منظمة غير ربحية، ليست لها أي توجهات أو ارتباطات خاصة أو حكومية، وتهدف إلى أن تصبح مركزا عالميا للخبرة، وبوصفه مركزا دوليا مقره بالدوحة، بقطر، يعمل المركز مع جميع الأشخاص المسؤولين عن الأمن الرياضي، والسلامة والنزاهة، وتشمل قائمة عملائه وشركائه وأصحاب المصلحة الرئيسيين مثل منظمي الفعاليات والحكومات والدول المرشحة، والجهات المالكة للبنية التحتية، والجمعيات الرياضية، والبطولات والأندية. للتعرف أكثر على هذا المركز أنر الموقع التالي: http://www.theicss.org/
[40] تأسست المنظمة الدولية للنزاهة الرياضة سنة 2017 بلندن، ومقرها بجنيف بسويسرا كأول منظمة دولية في العالم تعنى بالنزاهة في الرياضة، وتم إدراجها كمؤسسة مستقلة وفقا للقانون السويسري، وتهتم هذه المنظمة بكل ما يتعلق بالنزاهة في الرياضة عبر ثلاث محاور رئيسية وهي: الحوكمة الجيدة التي تستند على معايير مبادرة النزاهة والشفافية في الرياضة والتي تتضمن أعلى المعايير من حيث الديمقراطية والشفافية والمسائلة والتمثيل الحقيقي للشركاء وأصحاب المصالح في عمليات صناعة القرار بالاتحادات والمؤسسات الرياضية المختلفة، وكذلك النزاهة المالية وذلك وفقا لتوصيات منتدى النزاهة المالية في الرياضة ، بما في ذلك الالتزام بالرقابة الشاملة والتوافق مع المعايير. بالإضافة إلى النزاهة الرياضية وهو الجانب الذي يشمل مكافحة التلاعب في نتائج المباريات والمراهنات غير المشروعة من خلال تطبيق قواعد ومبادئ الدليل الصادر عن البرنامج المشترك بين جامعة باريس السوربون والمركز الدولي للأمن الرياضي.
[41] هي الهيئة المنظمة للعبة كرة القدم في العالم، تأسست في 21 ماي 1904، في باريس، ويقع مقرها بمدينة زيوريخ السويسرية، وتظم 211 من اتحادات كرة القدم في العالم. أنظر: الموسوعة الحرة: ويكيبيديا.
[42] ظهير شريف رقم 1.15.65 صادر في 21 شعبان 1436 (9يونيو 2015) بتنفيذ القانون رقم 113.12 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. الجريدة الرسمية عدد: 6374، بتاريخ 15 رمضان 1436 (2 يوليوز 2015)، ص 6075.
[43] مرسوم رقم 2.17.264 صادر في 28 من رمضان 1438 (23 يونيو 2017) بإحداث اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد. الجريدة الرسمية عدد: ،6582 بتاريخ 4 شوال 1438 (29 يونيو 2017)، ص 3858.
[44] وقد خرج للوجود قانون محاربة تعاطي المنشطات في مجال الرياضة سنة 2017. ظهير شريف رقم 1.17.26 صادر في 8 ذو الحجة 1438 (30 أغسطس 2017) بتنفيذ القانون رقم 97.12 المتعلق بمكافحة تعاطي المنشطات في مجال الرياضة، الجريدة الرسمية عدد: 6604، بتاريخ: 23 ذو الحجة 1438 الموافق ل 14 شتنبر 2017، ص 5048.