الأحكام الخاصة بالشرط التحكيمي في القانون المغربي
عبد الكبير نشيد
طالب باحث: بماستر المدني والتجاري
جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية -عين الشق-
الملخص:
يتمحور هذا الموضوع بالأساس حول أحكام الشرط التحكيمي في القانون المغربي، بحيث يعتبر هذا الأخير من الالتزامات التعاقدية التي تتميز بعدة خصوصيات، من بينها أن الشرط التحكيمي ينظمه المشرع المغربي بمقتضى قواعد قانونية عامة (قانون الالتزامات و العقود) و أخرى خاصة (القانون رقم 05.08 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الاتفاقية).
كما أن الشرط التحكيمي يثير عدة اشكالات سواء على المستوى القانوني أو على المستوى العملي و التي تطرقنا لها في هذا المقال، و من بين أهم الخصائص التي يتميز بها الشرط التحكيمي أنه يستقل عن العقد الأصلي عكس ما عليه الأمر في القواعد العامة المنصوص عليها في قانون الالتزامات و العقود و هو ما يسمى (بمبدأ استقلال الشرط التحكيمي)، ناهيك عن عدم جوازية اللجوء إلى القضاء في الأمور التي هي محل الشرط التحكيمي، بمعنى أن النزاعات التي هي محل الشرط التحكيمي يمنع على القضاء البث فيها إذا ما دفع بذلك من له المصلحة (المدعى عليه)، و هذا ما تطرقنا له في نفس الموضوع إلى جانب أسباب إنقضائه.
summary
This issue is mainly cantered around the provisions of the arbitration clause in Moroccan law, so that the latter (the arbitration clause) is considered one of the contractual obligations that are characterized by several specificities, among which is that the arbitration clause is regulated by the Moroccan legislator according to general legal rules (the law of obligations and contracts) and others in particular ( Law No. 05.08 on Arbitration and Agreement Mediation). Also, the arbitration clause raises several problems, whether at the legal level or at the practical level, which we have discussed in this article, and among the most important characteristics that distinguish the arbitration clause is that it is independent from the original contract, contrary to what is in the general rules stipulated in the Obligations Law And contracts, which is the so-called principle of independence of the arbitration clause.
Not to mention that it is not permissible to resort to the judiciary in matters that are the subject of the arbitration clause, meaning that the disputes that are the subject of the arbitration clause prohibits the judiciary to broadcast in it if it is paid by the one who has the interest (the defendant), and this is what we discussed in the same matter besides The reasons for its expiration.
مقدمة.
يُعد التحكيم وسيلة من وسائل حل المنازعات، حيث عرفته المجتمعات القديمة واتخذت منه أداة لتسوية المنازعات بين أفرادها، على أساس الأعراف والتقاليد السائدة آنذاك، كما أن ديننا الحنيف أقر كذلك مشروعيته، كما جاء في محكم التنزيل قوله عز وجل: “وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بيْنِهِمَا فَابعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يوَفِّقِ اللَّهُ بينهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا“[1].
والطريق إلى التحكيم تكون نابعة من مبدأ سلطان الإرادة الذي يخوله القانون لأفراد المجتمع، حيث يمكن لهم في هذا الصدد الاتفاق رضائيا على عرض النزاعات التي نشأت أو قد تنشأ فيما بعد، على محكم أو هيئة تحكيمية للفصل فيها دون اللجوء إلى القضاء الموضوعي، و بالنظر لأهمية التحكيم في فض المنازعات وتسويتها بطريقة ودية و وفق ما تعبر عنه إرادة الأطراف، أصبحت الدول تعمل على تقنين قواعده و تنظيم أحكامه، حيث تم عقد العديد من المؤتمرات الدولية وتوقيع المعاهدات والاتفاقيات وإصدار تشريعات تخص مجال التحكيم في مجموعة من الدول من بينها المغرب.
وبالتالي فإن التحكيم طبقا للقانون رقم 05.08[2]، المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، هو اتفاق له صورتان، بمعنى أنه قد يكون اتفاق التحكيم إما في صورة مشارطة التحكيم “أي عقد التحكيم” والذي يتفق بمقتضاه الأطراف على اللجوء إلى التحكيم في عقد منفصل على العقد الأصلي، وذلك من أجل عرض النزاعات التي نشأت بينهم على محكم أو هيئة تحكيمية.
و قد يأتي هذا الاتفاق في صورة ثانية وهي التي ستكون موضوع الدارسة في هذا المقال القانوني، و تتمثل هذه الصورة في ما يسمى بالشرط التحكيمي، هذا الأخير قد يضمن في العقد الأصلي مصدر الرابطة التعاقدية للأطراف، سواء كان هذا العقد مدنيا أم عقدا تجاريا أم إداريا، كما قد يضمن الشرط التحكيمي في وثيقة مستقلة عن العقد الأصلي، أو أن يأتي على شكل إحالة على عقد آخر يتضمن شرطا تحكيميا يهتدي الأطراف إلى إعمال أحكامه والالتزام بأثاره القانونية، وبالتالي يصبح أطراف العلاقة التعاقدية ملتزمين بمقتضى الشرط التحكيمي على عرض ما ينشأ من نزاعات قد تحدث في المستقبل على محكم أو هيئة تحكيمية.
والشرط التحكيمي باعتباره كيان قانوني “التزام تعاقدي”، فإن أحكامه العامة تخضع لمقتضيات قانون الالتزامات والعقود[3]، أما بشأن أحكامه الخاصة فإن تنظيمها يخضع للقانون رقم 05.08 المتعلق بقانون التحكيم والوساطة الاتفاقية.
أهمية الموضوع:
تتجلى الأهمية النظرية والقانونية للشرط التحكيمي، فيما يميزه عن باقي الشروط الأخرى المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود، وذلك بخضوعه لتنظيم قانوني مزدوج كما سبق الذكر، وبالتالي يكون الأفراد في إعمالهم للشرط التحكيمي، ملزمين أولا باحترام ما يقتضيه قانون الالتزامات والعقود من التزامات وواجبات وآثار قانونية، ناهيك عن احترامهم لأحكامه الخاصة والمنصوص عليها في القانون 05.08.
أما بخصوص أهمية الشرط التحكيمي العملية، فإنها تكمن في تخويله للأفراد صلاحية اللجوء إلى نظام التحكيم بدل القضاء، حيث يمكنهم بمحض إرادتهم الحرة أن يتفقوا بمقتضى الشرط التحكيمي على حل النزاعات التي قد تنشأ بينهم في المستقبل عن طريق مؤسسة التحكيم، بعيدا عن جلسات القضاء التي تتسم بالتعقيد على مستوى الإجراءات المسطرية وطول أمدها، إضافة لما يوفره نظام التحكيم من سرية وسرعة ومرونة، كما يمكن أيضا لأطراف أن يدفعوا بوجود الشرط التحكيمي أمام القضاء.
إشكالية الموضوع:
يتمحور الإشكال المركزي لموضوع دراستنا ” الشرط التحكيمي” فيما مدى نجاح المشرع المغربي في تنظيمه لهذا الالتزام القانوني، وما هي الطبيعة القانونية للشرط التحكيمي في كل من قانون الالتزامات والعقود والقانون رقم 05.08؟
وتتفرع عن الاشكال المركزي للموضوع الأسئلة التالية:
ما هي الأحكام القانونية المنظمة للشرط التحكيمي في ضوء القانون المغربي؟ وما مدى إمكانية امتداد أثاره للغير؟ وما هي أسباب انقضائه؟
للإجابة عما سبق ذكره من إشكال مركزي والأسئلة المتفرعة عنه، سوف نعتمد التصميم التالي:
المبحث الأول: أحكام الشرط التحكيمي في التشريع المغربي.
المبحث الثاني: أثار الشرط التحكيمي وأسباب انقضاءه.
المبحث الأول: أحكام الشرط التحكيمي في التشريع المغربي.
باعتبار ان الشرط التحكيمي التزام قانوني، يخضع لمزيج من النصوص القانونية العامة “قانون الالتزامات والعقود”، والخاصة “القانون 05.08″، فإن الأمر يقتضي منا التطرق لكل من الطبيعة القانونية للشرط التحكيمي وشروط صحته (المطلب الأول)، وكذا دراسة صوره ونطاق تطبيقه (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الطبيعة القانونية للشرط التحكيمي وشروط صحته.
للإحاطة والإلمام بأحكام الشرط التحكيمي في ضوء التشريع المغربي، يجب علينا أولا الوقوف على تحديد طبيعته القانونية (الفقرة الأولى) وبعدها تسليط الضوء على شروط صحته (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الطبيعة القانونية للشرط التحكيمي
يعتبر الشرط التحكيمي إحدى أنواع اتفاق التحكيم، والغاية من هذا الأخير هو إيجاد حل للمنازعات التي قد تنشأ عن العلاقة التعاقدية للأفراد في المستقبل، عن طريق ما يسمى بنظام التحكيم[4].
ولقد عرفه المشرع المغربي من خلال الفصل 316[5]، من القانون 05.08 المعدل لقانون المسطرة المدنية بأن “شرط التحكيم هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف العقد بأن يعرضوا على التحكيم النزعات التي تنشأ عن العقد المذكور”
و من خلال هذا الفصل يتضح أن شرط التحكيم أمر مستقبلي غير محقق الوقوع (النزعات التي قد تنشأ عن العقد)، حيث أن هذا النزاع قد يحصل وقد لا يحصل، كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يحدد الطبيعة القانونية للشرط التحكيمي بشكل صريح، خلافا لما ذهبت إليه بعض التشريعات المقارنة، حيث نجد على سبيل المثال المشرع المصري الذي حدد طبيعة الشرط التحكيمي على أنه وعد بالتعاقد، بمعنى اعتبره “التزام تعاقدي” يتم بتوافق إرادتين أو أكثر، بموجبه يعد أحد المتعاقدين الآخر بإبرام عقد في المستقبل من أجل حل المنازعات المستقبلية بواسطة التحكيم[6]. وتنص المادة 101 من القانون المدني المصري على أن شرط التحكيم يعني “الاتفاق الذي يتعهد بموجبه كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقيل (محله حل النزاعات عن طريق التحكيم)، ولا ينعقد إلا إذا عينت به المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامها فيه”، ومفاد هذه المادة أن الوعد بالتعاقد هو عقد كامل يتم بإيجاب وقبول، لذلك يجب أن تتوفر فيه أركان وشروط الانعقاد اللازمة للإبرام أي عقد من العقود.
لكن تجب الإشارة إلى أن الالتزام ها هنا يقع على عاتق الواعد دون الموعود له، إلى حين إبرام العقد النهائي، وبناء على ما سبق فإن شرط التحكيم في ظل التشريع المصري ما هو إلا مجرد وعد بالتعاقد[7].
أما في القانون الفرنسي فقد شكل اشرط التحكيمي وعدا بإبرام اتفاق التحكيم في المستقبل، عند نشوء النزاع الذي كان موضوع الشرط التحكيمي، بمعنى أنه حلقة مؤدية لعقد التحكيم[8].
والشرط التحكيمي في الفقه الفرنسي لا يعدوا أن يكون إلا بندا من بنود العقد، حيث أنه لا يتضمن كل التفاصيل اللازمة لقيام العقود، مما يجعله يوصف بالغموض، الأمر الذي يترتب عليه استحالة حل النزاع عن طريق التحكيم، مالم يسعى الأطراف إلى إبرام مشارطة التحكيم “عقد التحكيم” فيما بعد، لأن هذا الأخير هو الذي تضمن به كل التفاصيل اللازمة لحل النزاع عن طريق التحكيم[9].
ومن وجهة نظرنا فإنه لتحديد الطبيعة القانونية للشرط التحكيمي، لابد لنا من التعرف على الشرط في ظل قانون الالتزامات والعقود المغربي، لمعرفة هل يعتبر الشرط التحكيمي من ضمن الشروط التي نظمها المشرع المغربي في قانون الالتزامات والعقود، أم أن الأمر على خلاف ذلك؟
فكما نعلم فإن الشرط يعتبر وصفا من أوصاف الالتزام التي نظمها قانون الالتزامات والعقود المغربي، كما أنه أمر مستقبل غير محقق الوقوع، حيث يتوقف على تحققه وجود الالتزام أو نفاده[10]، وهو على نوعين، إما شرط واقف أو شرط فاسخ.
و بالتالي فالشرط التحكيمي يشبه الشرط في قانون الالتزامات و العقود، كون النزاع المتفق بشأنه أمر مستقبل و غير محقق الوقوع، إلا أن الشرط التحكيمي يختلف عن الشرط في قانون الالتزامات و العقود، إذ أن الأول يحتاج إلى أهلية خاصة لإبرامه، و اشتراط الكتابة لصحة انعقاده، و تعيين المحكمين أو الهيئة التحكيمية التي سوف تفصل في النزاع، و بالتالي لا يمكننا اعتبار الشرط التحكيمي ضمن زمرة الشروط، و إنما يعتبر مجرد التزام تعاقدي، يلتزم بمقتضاه الأطراف اتجاه بعضهما البعض، على عرض ما قد ينشأ بينهم من نزاعات في المستقبل على محكم أو هيئة تحكيمية.
وبالرجوع إلى القواعد العامة في قانون الالتزامات والعقود، نستشف أن الشرط التحكيمي مجرد التزام تعاقدي ملزم لأطرافه، وهذا ما يؤكد عليه الفصل 230 من ق.ل.ع الذي ينص على أن “الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهم معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون”.
وتجب الاشارة إلى أن الشرط التحكيمي يبقى مستقلا عن العقد الأصلي، حتى ولو كان هذا الأخير غير مشروع أو وقع باطلا أو تم فسخه، حيث أن العقد الأصلي لا يؤثر على الشرط التحكيمي سواء كان هذا الشرط مدرجا في العقد الأصلي، أم كان مضمنا في وثيقة مستقلة عنه، أو في صورة إحالة على عقد آخر، وأساس هذه الاستقلالية التي يتمتع بها الشرط التحكيمي عن العقد الأصلي، هو معالجته موضوعا مختلفا عن موضوع العقد الأصلي.
الفقرة الثانية: شروط صحة الشرط التحكيمي.
كما سبقت الإشارة أن الشرط التحكيمي هو ذلك الالتزام التعاقدي الذي بموجبه يلتزم أطراف العقد الأصلي، بأن يعرضوا على التحكيم النزعات التي قد تنشأ عن ذلك العقد، وتقتضي صياغته توافر شروط موضوعية وأخرى شكلية.
وباعتبار الشرط التحكيمي التزام تعاقدي، والذي بموجبه تتوافق إرادة طرفيه على إحداث آثر قانوني، فإنه يخضع وجوبا للأحكام العامة لقانون الالتزامات والعقود، والتي تعتبر ضرورية لصحة الالتزامات التعاقدية ككل، وهي كل من الرضا والأهلية والمحل والسبب[11].
إلا أن هذه الشروط الموضوعية العامة غير كافية للقول بصحة الشرط التحكيمي قانونا، حيث لابد من توفر شروط أخرى خاصة، والتي نظمها المشرع المغربي في القانون رقم 05.08 المتعلق بقانون التحكيم والوساطة الاتفاقية، وهذه الشروط يمكن حصرها في كتابة الشرط التحكيمي، وكذا تعيين المحكمين أو هيئة التحكيم، وهو ما نصت عليه الفصل 317، حيث اشترط لصحة الشرط التحكيمي ما يلي:
يجب، تحت طائلة البطلان:
– أن يضمن شرط التحكيم كتابة في الاتفاق الأصلي أو في وثيقة تحيل إليه، بشكل لا لبس فيه؛
– أن ينص في شرط التحكيم إما على تعيين المحكم أو المحكمين وإما على طريقة تعيينهم“
بالرجوع إلى هذه الشروط المنصوص عليها في الفصل 317 أعلاه، نجد أن الشرط المتعلق بكتابة شرط التحكيم قد اختلفت التشريعات المقارنة في مدى اعتباره شرط للانعقاد أم للإثبات.
بالنسبة للمشرع الجزائري قد اعتبر الكتابة شرط لصحة وانعقاد الشرط التحكيمي وهو ما أوضحته المادة 1008 من القانون المدني الجزائري حيث جاء فيها ما يلي:
“يثبت شرط التحكيم، تحت طائلة البطلان، بالكتابة في الاتفاقية الأصلية أو في الوثيقة التي تستند إليها.
يجب أن يتضمن شرط التحكيم، تحت طائلة البطلان، تعيين المحكم أو المحكمين أو تحديد كيفيات تعيينهم“[12].
وبالاطلاع على موقف التنظيمات الدولية، نجد أن اتفاقية نيويورك لسنة 1958 ميلادية، قد حسمت الأمر بالنص صراحة على ضرورة الكتابة لصحة شرط التحكيم والكتابة في هذه الحالة تعد شرطا للصحة والانعقاد، وليس للإثبات[13].
أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد انتهج منهج مرن في تحديد شرط الكتابة حيث جعلها شكلية انعقاد وليس شكلية إثبات وذلك بموجب الفصل 317 من القانون 05.08، وأن تخلف الكتابة في صياغة الشرط التحكيمي، يترتب عنه البطلان كما سبق ورأينا.
أما بالنسبة لتعيين المحكم أو الهيئة التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعيينها، فهذه الشكلية هي الأخرى أكد الفصل 317 على ضرورة احترامها من قبل الأطراف تحت طائلة البطلان.
انطلاقا من هذا الفصل فإن الشرط التحكيمي الذي لا يتضمن تعيينا للمحكم أَو الهيئة التحكيمية أو طريقة تعينيها يعتبر باطلا بقوة القانون.
أما إذا لم يحدد عددهم فيتم الرجوع إلى الفصل 2-327 في فقرته الثانية، والذي ينص على أنه:
“… فإذا لم يتفق الأطراف على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة…”.
المطلب الثاني: صور الشرط التحكيمي ونطاق تطبيقه.
بعد التطرق للطبيعة القانونية للشرط التحكيمي وأهم شروط صحته، سنعالج في هذا المطلب الصور التي قد يتخذها اتفاق الأفراد أثناء صياغتهم للشرط التحكيمي (الفقرة الأولى)، وبيان نطاق تطبيقه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: صور الشرط التحكيمي.
يعتبر الشرط التحكيمي إحدى صور اتفاق التحكيم كما سبق الذكر، وهو الآخر “الشرط التحكيمي” يمكن أن يضمن إما كبند في صلب العقد (أولا)، أو في صورة اتفاق مستقل عن ذلك العقد (ثانيا)، وإما على شكل إحالة على عقد أخر (ثالثا).
أولا: الشرط التحكيمي المدرج في العقد الأصلي.
الشرط التحكيمي عادة ما يدرج في العقد الأصلي المنظم للعلاقة التعاقدية، فيتفق طرفا العقد على أن ما قد ينشأ بينهما في المستقبل من منازعات يتم الفصل فيها عن طريق التحكيم، سواء كان الشرط التحكيمي واردا في بداية العقد أم في نهايته فهما سيان، كما يجوز أن يكون محل الشرط التحكيمي هو فض بعض المنازعات التي قد تنشأ عن العقد وليس جميعها، بمعنى أن للأفراد الحرية في تحديد النزاعات التي يمكن أن تكون محل الشرط التحكيمي، ولا يلزمهم في ذلك أي مقتضى قانوني، شريطة أن لا يكون محل هذه المنازعات مخالف للنظام العام أو الأخلاق الحميدة و إلا وقع باطلا[14]. كما لو كان موضع النزاع هو الإتجار في المخدرات، فيتفق مثلا الأطراف بمقتضى الشرط التحكيمي، على حل المنازعات التي قد تنشأ في المستقبل بسبب التجارة في المخدرات عن طريق التحكيم.
ثانيا: الشرط التحكيمي كاتفاق مستقل.
في هذه الحالة قد يكون الشرط التحكيمي واردا على شكل التزام مستقل، أي أن يكون قائما بذاته ومنفصلا عن العقد الأصلي، ويجوز أن يكون الشرط التحكيمي ملحقا من ملحقات العقد الأصلي فيما بعد، ولا يؤثر ذلك في وصفه بأنه شرط تحكيمي، شريطة أن يتم الاتفاق عليه قبل نشوء النزاع بالفعل بين أطراف العلاقة التعاقدية، وإلا كنا أمام عقد تحكيم[15].
ومثال ذلك أن يبرم الأطراف عقدا تجاريا، دون أن يتم تضمين هذا العقد بشرط تحكيمي، و في مرحلة لاحقة و قبل نشوء أي نزاع يعرض أحدهما على الآخر تسوية كل أو بعض النزاعات التي قد تنشأ عن العقد أو تتعلق به عن طريق التحكيم، فيوافق الطرف الآخر على الالتزام بما جاء في الشرط التحكيمي، حيث في هذه الحالة نكون أمام عقد أصلي منظم للعلاقة التجارية، و الذي يخلو من الشرط التحكيمي، إضافة إلى التزام تعاقدي “الشرط التحكيمي” مستقل عن العقد الأصلي، محله تسوية النزاعات التي قد تنشأ بين الأطراف في المستقبل عن طريق التحكيم[16].
وبالتالي يكون موضوع العقد الأصلي هو العلاقة التجارية، وموضوع الشرط التحكيمي هو حل النزاع الذي قد ينشأ في المستقبل من لدن محكم أو هيئة تحكيمية.
لكن يبقى الاشكال المطروح في هذا الصدد هو: في حالة بطلان ذلك العقد الأصلي، هل يترتب عنه كذلك بطلان الشرط التحكيمي باعتباره التزام تبعي؟ عملا بمقتضيات الفصل 307 من قانون الالتزامات والعقود الذي نص على أن: “بطلان الالتزام الأصلي يترتب عليه بطلان الالتزامات التابعة ما لم يظهر العكس من القانون أو من طبيعة الالتزام التابع…”، أم أن الأمر على خلاف ذلك؟
وبالرجوع للفصل 318 من القانون 05.08 المتعلق بقانون التحكيم والوساطة الاتفاقية، نجده ينص على ما يلي: “يعتبر شرط التحكيم اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى، ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته”.
إذن من خلال الفصل 318 باعتباره نص خاص واجب التطبيق بالأولوية بدل الفصل 307 باعتباره نص عام، فإنه لا يمكن للأطراف التمسك ببطلان الشرط التحكيمي بعلة بطلان العقد الأصلي، ولو كان هذا الأخير باطلا بقوة القانون، تطبيقا لمبدأ (استقلال الشرط التحكيمي عن العقد الأصلي).
ثالثا: الشرط التحكيمي بالإحالة.
نقصد بهذه الصورة اتفاق أطراف عقد ما “العقد الأول”، على حل النزاعات التي قد تنشأ في المستقبل بمقتضى شرط تحكيمي مضمن بعقد آخر “العقد الثاني”، لتكون بذلك هذه النزاعات الناشئة عن “العقد الأول” خاضعة لأحكام الشرط التحكيمي المضمن في “العقد الثاني” عن طريق الإحالة، وإعمال هذه الصيغة كثيرا ما نجدها في عقود النقل البحري[17].
إذن فالشرط التحكيمي بالإحالة هو تلك الإشارة الصادرة من الأطراف في صلب العقد المبرم بينهم، تحيل على عقد آخر يتضمن شرط تحكيمي، واعتبار هذا الأخير جزء لا يتجزأ من العقد الأول، حيث يصبح الأطراف في هذه الفرضية ملزمين بأحكام العقد المحال عليه، وكذا التزامهم بما يترتب عنه من آثار قانونية، مع الإشارة إلى أنه متى وردت الإحالة في صلب العقد فإنه لا يعتد بالاحتجاج أو الجهل بهذه الإحالة، شريطة أن تكون واضحة ولا لبس فيها، تطبيقا لمقتضيات الفصل 313 من القانون 05.08 في فقرته الثالثة التي جاء فيها ما يلي:
“ويعد في حكم اتفاق التحكيم المبرم كتابة كل إحالة في عقد مكتوب إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية، أو إلى أي وثيقة أخرى تتضمن شرطا تحكيميا إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد”.
الفقرة الثانية: نطاق تطبيق الشرط التحكيمي.
ان نظام التحكيم هو نظام استثنائي يقوم كبديل عن القضاء الرسمي أو كقضاء خاص، لأن الأصل هو التقاضي أمام محاكم الموضوع، والاستثناء هو المثول أمام جهة تحكيمية، ومن خلال اطلاعنا على القانون رقم 05.08 نجد أن المشرع المغربي قد حدد النزاعات التي يمكن أن تكون محل اتفاق التحكيم، تطبيقا لمقتضيات الفصول 308 و309 و310 من قانون المسطرة المدنية، وقياسا على نظام التحكيم ككل نستشف أن الشرط التحكيمي يجوز أن يعمل به في عدة مجالات، سنتطرق لبعضها فقط، والأمر يتعلق بالنزاعات التجارية (أولا)، وأيضا النزاعات الإدارية (ثانيا).
أولا: النزاعات المتعلقة بالمجال التجاري.
بالرجوع إلى المادة 5 من القانون 53.95[18]، المتعلق بإحداث المحاكم التجارية نجدها تنص على أن المحاكم التجارية تختص بالنظر في:
– الدعاوى المتعلق بالعقود التجارية.
– الدعاوى التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية.
– النزاعات المتعلقة بالأوراق التجارية.
– النزاعات الناشئة بين الشركاء في الشركة التجارية.
– النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية.
ومن خلال الفصل 308 من قانون المسطرة المدنية يكون المشرع المغربي قد حدد النزاعات التجارية التي يمكن أن تكون محل الشرط التحكيمي، وتجدر الاشارة إلى أنه لا يمكن اللجوء إلى التحكيم لفض المنازعات التي يكون موضوعها صعوبات المقاولة سواء تعلق الأمر بمساطر الوقاية أو مساطر المعالجة، لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم الفصل في القضايا المتعلقة بإجراءات الوقاية ومساطر المعالجة خارج الضوابط القانونية والمسطرية المقررة بأحكام الكتاب الخامس من مدونة التجارة[19].
أما بشأن جواز إعمال الشرط التحكيمي من قبل المقاولات العامة الخاضعة لقانون الشركات والمؤسسات العامة، فإن المشرع تعامل بنوع من المرونة حيث نص في الفصل 311 من القانون 05.08 على أنه: “يجوز للمقاولات العامة الخاضعة لقانون الشركات التجارية أن تبرم اتفاق التحكيم وفق الإجراءات والشروط المحددة من لدن مجالس إدارتها أو رقابتها أو أجهزة تسيرها. رغم عن مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 317 من قانون المسطرة المدنية بعده…”
ثانيا: النزاعات المتعلقة بالمجال الإداري.
بعد أن كان قانون المسطرة المدنية لسنة 1974، يمنع على الدولة -أشخاص القانون العام-اللجوء إلى التحكيم بخصوص العقود التي يبرمونها، لكن هذا المنع زال مع صدور القانون 05.08 والذي تحققت معه إمكانية الدولة ومؤسساتها اعمال الشرط التحكيمي، وبالتالي اللجوء إلى التحكيم[20].
وعلى الرغم من ذلك نجد أن المشرع المغربي قيد إمكانية الدولة ومؤسساتها في اللجوء إلى التحكيم، حيث ينص الفصل 310 من القانون 05.08 على أنه: ” لا يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية…”
بمعنى أنه لا يجوز أن يضمن الشرط تحكيمي في عقد تكون الدولة أو الجماعة المحلية منفردة بالتصرف فيه[21]، وإضافة لذلك منع المشرع المغربي اللجوء إلى التحكيم من أجل حل النزاعات الضريبية لخصوصيتها.
المبحث الثاني: آثار الشرط التحكيمي وأسباب انقضاءه.
يعتبر الشرط التحكيمي التزام تعاقدي يثقل كاهل الأطراف، ويقيد حريتهم في اللجوء إلى القضاء أو إلى أي وسيلة أخرى غير التحكيم (المطلب الاول)، ما لم ينقضي هذا الشرط بأحد أسباب الانقضاء العامة أو الخاصة (المطلب الثاني).
المطلب الاول: اثار الشرط التحكيمي.
يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد التحكيم أو شرط التحكيم، وإذا كان هذا الأخير -شرط التحكيم -هو اتفاق الأطراف على اللجوء إلى المحكمين وذلك قبل نشوء أي نزاع بينهم، وبهذا يكون الشرط مدرجا بالعقد وملزما لمن اتفقوا عليه في حالة حدوث خلاف بينهم بخصوص تنفيذ أو تفسير العقد لاحقا[22]، ويرد هذا الشرط عادة بصيغة مقتضبة تحيل على أحكام التحكيم، ومتى توفرت فيه الشروط اللازمة لصحته، فإنه يؤثر لا محالة على مركز الأطراف (الفقرة الأولى) وعلى حقهم في اللجوء الى القضاء (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: آثار الشرط التحكيمي على الأطراف.
إذا كان الشرط التحكيمي عبارة عن اتفاق بين الأطراف من أجل عرض كل ما قد ينشأ بينهما من نزاعات على التحكيم، فإن مع ذلك يعد عقدا حقيقيا مستقلا عن العقد الأصلي[23]، رغم وروده في هذا العقد ويخضع من حيث تنظيمه وأثاره للقواعد العامة للعقود ومن بين هذه القواعد العامة في مجال التعاقد، نجد أن العقد لا يقيد إلا طرفيه؛ أي أن القوة الملزمة للشرط التحكيمي تكون ملزمة لطرفيه كمبدأ عام ولا يضر الغير ولا ينفعه، وخرق هذه القوة الملزمة يترتب عنه الحق في الدفع بوجود الشرط التحكيمي.
ومما لا شك فيه أن الشرط التحكيمي التزام تعاقدي يثقل كاهل الاطراف المتفقة عليه، مما يعطي مكنة قانونية لكل طرف من مطالبة الطرف الاخر بتنفيذه اختيارا وإلا جبرا، كما أن هناك بعض الحالات التي يتدخل فيها القضاء لتعيين محكم كالحالة التي يتم فيها الاتفاق بين الأطراف مسبقا على اللجوء إلى التحكيم ويمتنع أحد طرفي العقد عن اللجوء إلى التحكيم عند نشوء النزاع، وعملا بمقتضيات الفصل 327.5من ق. م.م، فقد عمل هذا الفصل على تحديد بعض الحالات التي يتدخل فيها القضاء من أجل تشكيل الهيئة التحكيمية، فالأصل أن الأطراف هما من يحددانها، ولا يقبل تدخل القضاء في ذلك إلا وفق شروط معينة، وذلك عندما تتحقق واقعة عدم تعين الهيئة التحكيمية مسبقا من قبل الأطراف، أو عدم تحديد كيفية وتاريخ اختيار المحكمين، أو إثبات عدم اتفاق الأطراف على ذلك.
وعليه فإذا تم اللجوء إلى القضاء لحل النزاع وتم الاتفاق مسبقا على عرضه على التحكيم فإن المدعى عليه هو من يملك حق الدفع بهذا الشرط التحكيمي، وهذا الأمر نصت عليه مختلف النصوص القانونية[24]، وبما أن هذا الدفع مقرر لمصلحة الخصوم، كما أن أساس الدفع بالشرط التحكيمي هو اتفاق الطرفين على اللجوء إلى التحكيم واستبعاد القضاء من الفصل في النزاع -الدور السلبي للقضاء-فإن الطرف الذي قام برفع الدعوى أمام القضاء قد عبر عن تنازله هو فقط، ويبقى صاحب المصلحة المدعى عليه هو من له الحق في التمسك بهذا الشرط في صورة دفع .
غير أنه يثار إشكال بخصوص وقت نشوء الحق في التمسك بهذا الدفع؟ للإجابة عن ذلك ذهب بعض الفقه[25]، معتبرا أن حق التمسك بالدفع بالشرط التحكيمي ينشأ من لحظة توافر المصلحة الحالة من استعمال الحق وفقا للمادة الثالثة من ق.م.م[26]، أما البعض الآخر فقد اعتبر أن إرادة الأطراف تلعب دورا مهما في خلق الدفع بالشرط التحكيمي، حيث أن الاتفاق على التحكيم يؤدي إلى إنشاء الدفع بعدم قبول الدعوى إذا ما لم يحترم ما جاء في الشرط التحكيمي[27]، و من وجهة نظرنا المتواضعة فإن الحق في الدفع بالشرط التحكيمي يتولد أثناء رفع الدعوى وليس من لحظة إبرام الشرط التحكيمي.
وعليه فإن الشرط التحكيمي الذي يثيره أحد الأطراف-المدعى عليه-لا يمكن إثارته إلا في اللحظة التي تنشأ فيها الواقعة التي تثير التمسك به، وهي تقديم الدعوى أمام القضاء الموضوعي، في نزاع اتفق الاطراف على حله عن طريق التحكيم، و هو حق مخول للمدعى عليه فقط، لأن الطرف الأول في شرط التحكيم عبر عن تنازله عندما لجأ إلى القضاء، ولكي يتمسك المدعى عليه بهذا الدفع يجب أن يكون موقعا على الشرط التحكيمي، لا سيما عندما يكون الشرط منفصلا عن العقد الأصلي-عقد التوريد ببعض المواد الأولية -مثلا.
كما أن التمسك بالشرط التحكيمي في بعض الحالات قد يمتد إلى غير المتعاقدين الأصليين، فكما هو معلوم أن القوة الملزمة للشرطة التحكيمي، لا تختلف عن القوة الملزمة للعقد بصفة عامة، وهذا نابع من كون العقد شريعة المتعاقدين[28]، والشرط التحكيمي شأنه شأن أي اتفاق لا يلزم إلا أطرافه، فالمبدأ هو نسبية الشرط التحكيمي من حيت آثاره فلا يلزم إلا أطرافه كأصل عام[29]. إلا أن هناك بعض الاستثناءات عن القاعدة المذكورة، حيث يكون الشرط التحكيمي ملزما للغير رغم عدم توقيعه عليه، فما هي هذه الحالات؟
أولا: التمسك بالشرط التحكيمي تجاه الغير.
الغير كما هو معلوم كل شخص ليس من الأطراف ولا خلفا عاما أو خاصا لأحد الأطراف[30]، والأصل أن لا يكون للشرط التحكيمي أثر بالنسبة للغير ولا يمتد إليه، عملا بمبدأ نسبية آثار العقد أو الالتزامات،
غير أن هذه القاعدة كما قلنا سابقا ترد عليها استثناءات بسبب خصوصية الشرط التحكيمي، والتعارض بين مصلحة الغير ومصالح الأطراف، وبالتالي فمن الممكن أن يلزم هذا الشرط أشخاص لم يكونوا أصلا ممن اتفقوا عليه، ويخول لأحد الأطراف الموقعة التمسك بامتداده للغير.
وفي هذا الإطار جاء قرار يتماشى مع امتداد الشرط التحكيمي للغير، وهذا القرار الصادر بتاريخ 29/5/2013 تستأنف بمقتضاه جزئيا الأمر الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء تحت رقم 3921 بتاريخ 28/12/2012 في الملف عدد 2426/1/2011 القاضي بما يلي: حيث يستفاد من وثائق الملف والأمر المطعون فيه أن المستأنفتين شركتي فايف ف سي بي و كونستروكسيون و بروسيدي دي سيمانتري المغرب تقدمتا بواسطة محاميهما إلى رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء بمقال افتتاحي مؤدى عنه بتاريخ 24/10/2011 تعرضان فيه أنهما استصدرتا حكما تحكيميا بتاريخ 21/9/2011 قضى بما يلي:
1-بامتداد الشرط التحكيمي المتفق عليه بعقد الصفقة المؤرخ في 24/7/2008 الى شركة اينا هولدينغ؛ 2-ان هذا العقد تم فسخه بدون سبب من طرف المدعى عليهما عملا بالفصل 377 من القانون السويسري وأن هذا الحكم التحكيمي اتخذ بأغلبية الاعضاء المكونين للمحكمة التحكيمية؛
3-وبالحكم على المدعى عليهما بأدائهما على وجه التضامن فيما بينهما للمدعتين مبلغ 19.487.200 اورو مع الفوائد بنسبة 5% ابتداء من 31/7/2009 الى غاية أداء هذا المبلغ بكامله وان هذا الحكم التحكيمي صدر أيضا بالأغلبية وبرفض الطلب المضاد؛
تانيا: التمسك بالشرط التحكيمي تجاه الخلف العام أو الخاص.
لقد أجمع الفقه والقانون المقارن والمغربي على امتداد أثر العقد إلى غير أطرافه الأصليين وبالأخص الخلف العام والخاص، وحسب القانون المغربي، فإن انصراف أثر الالتزامات إلى الخلف العام يكرسه الفصل 229 من ق.ل.ع حيث جاء فيه ” تنتج الالتزامات أثرها لا بين المتعاقدين فحسب، ولكن أيضا بين ورثتهما وخلفائهما“.
الفقرة الثانية: آثار الشرط التحكيمي على الحق في التقاضي.
إن الحق في التقاضي يعتبر حقا من الحقوق الأساسية للأفراد، حيث تم تنظيمه بمقتضى الفصل 118 من الدستور[31]الذي ينص على أن: حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحة التي يحميها القانون، لهذا يحق لكل الأفراد اللجوء إلى القضاء لحل نزاعاتهم واسترجاع حقوقهم المهضومة والتي قد تتعرض للجحود والنكران.
إلا أن المشرع المغربي قد يغل يد المحكمة التي يرفع إليها النزاع المتفق بشأنه على التحكيم، وسواء عرض على الهيئة التحكيمية أو لم يعرض عليها فإن المحكمة تصرح بعدم القبول الدعوى لوجود الشرط التحكيمي، شريطة أن يدفع بذلك المدعى عليه قبل الدخول في جوهر النزاع.
وقد حسمت القوانين المقارنة والقانون المغربي في علاقة الشرط التحكيمي بالنظام العام رغم اختلافها حول طبيعة هذا الدفع، حيث اعتبرت المادة 1458 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي أن الدفع بالشرط التحكيمي يتعلق بالمصلحة الخاصة للأطراف، ولا يجب على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها، وهذا ما نصت عليه المادة 13 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 حيث يتبين من هذا النص أن هذا الدفع لا يتعلق بالنظام العام، بل يتعين أن يتمسك به المدعى عليه قبل أي طلب أو دفاع في الموضوع[32].
أما المشرع المغربي فقد سار في نفس الاتجاه واعتبر الدفع بشرط التحكيم دفعا غير متعلق بالنظام العام، ونص على ذلك في الفصل 327 من قانون رقم 05.08، ومن مميزات التصريح بعدم القبول المنصوص عليه في هذا الفصل في نظر جانب من الفقه أنه غير متعلق بالنظام العام، ولا يجوز للمحكمة إثارته تلقائيا وإنما لا يتم ذلك إلا بناء على طلب صاحب المصلحة في ذلك[33]، وكما هو معلوم أن الدفوع المتعلقة بالنظام العام تكون للمحكمة السلطة في اثارتها فيمن تلقاء نفسها.
وبالتالي على المدعى عليه، أن يتمسك بالدفع لمنع المحكمة من النظر في النزاع، وإن لم يتمسك بذلك اعتبر متنازلا عن الشرط التحكيمي، وحينها تصبح للمحكمة ولاية للبث في النزاع باعتبارها صاحبة الاختصاص.
المطلب الثاني: انقضاء الشرط التحكيمي:
مما لا شك فيه ان شرط التحكيم هو التزام قانوني نابع من إرادة الأطراف وفقا للعقد شريعة المتعاقدين، ويثقل كاهلهم مما يعطي الأحقية لكل منهما في جبر الطرف الأخر على تنفيذه، كما يمكن أن ينقضي هذا الشرط بالاستناد إلى طرق انقضاء الالتزامات عموما (الفقرة الأولى)، أو أن ينقضي وفقا لخصوصياته (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أسباب الانقضاء العامة.
يعتبر البطلان من بين أسباب إنهاء الشرط التحكيمي متى كان مفتقرا لأحد الأركان الأساسية التي يقوم عليها من أهلية ورضا ومحل وسبب، حيث نص الفصل 308 من قسم التحكيم والوساطة الاتفاقية للمسطرة المدنية على أنه “يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها”، وعليه فإن بطلان الشرط التحكيمي الذي يعتبر شكل من أشكال اتفاق التحكيم ينبني على انعدام أهلية الأطراف، بالإضافة إلى عدم إمكانية إبرام الشرط التحكيمي على حقوق الغير التي لا يملكها أحد طرفيه “الشرط التحكيمي”.
كما يجب في هذا الصدد التقيد بمقتضيات قانون الالتزامات و العقود لاسيما الفصل 62 منه الذي ألزم ضرورة كون سبب “الشرط التحكيمي” مشروعا تحت طائلة العدم، حيث يعتبر سبب “الشرط التحكيمي” غير مشروع متى كان مخالفا للنظام العام و الأخلاق الحميدة و القانون، كذلك يكون الشرط التحكيمي محل البطلان متى هم النزاعات التي تتعلق بحالات الأشخاص و أهليتهم أو الحقوق الشخصية التي لا تكون موضوع تجارة[34]، و هذا ما سارت عليه محكمة الاستئناف التجارية بمراكش في قرار صادر عنها جاء فيه: “حيث ان مادام المشرع المغربي في الفصل 306 ق.م.م أجاز للأطراف الاتفاق على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها و استثنى من دائرة الأشياء التي يمكن ان يرد بشأنها التحكيم الهبات و الوصايا المتعلقة بالأطعمة و الملابس و المساكن و القضايا المتعلقة بقضايا الأشخاص و أهليتهم و المسائل التي تمس النظام العام، التي أخص بالذكر بعضا منها و ما دام النزاع القائم بين الطرفين لا يدخل ضمن واحدة من الحالات المسطرة أعلاه، فإنه لا مجال للحديث عن خرق مبدأ السيادة لكون المشرع هو الذي اعطى للأفراد إمكانية اللجوء الى التحكيم...[35]“، بالإضافة إلى إن النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية متى كانت محل شرط التحكيم فإن جزاءه البطلان، و لو كانت هذه النزاعات ذات طابع مالي لمخالفتها للنظام العام وفقا لمقتضيات الفقرة الأولى و الثانية من الفصل 310. فمتى كان الشرط التحكيمي باطلا فإنه لا يصحح بالتقادم ولا الاجازة ولا يرتب أي أثر قانوني سواء بين الأطراف او تجاه الغير.
كما أن شرط التحكيم قد يستجمع الأركان اللازمة لقيامه، إلا أنه يبقى معرضا لقابلية الإبطال متى تخلفت أحد شروط صحته، كحالة نقصان أهلية أحد الأطراف، أو شابه عيب من عيوب الإرادة من إكراه أو تدليس، هذا ما أكدته محكمة الاستئناف بمراكش في قرار صادر عنها جاء فيه: ” إن اتفاق الشخص بمحض إرادته على اللجوء إلى التحكيم والقبول بكافة شروطه يجعل الشرط التحكيمي صحيحا، وأن الغبن لا يخول الابطال إلا إذا نتج عن تدليس الطرف الأخر[36]“، كما يمكن أن يتم ابطال الشرط التحكيمي متى نص القانون على ذلك، حيث نص الفصل 894 من ق.ل.ع على أنه: “لا يجوز للوكيل، كيما كانت صلاحياته، بغير إذن صريح من الموكل توجيه اليمين الحاسمة، ولا إجراء الإقرار القضائي، ولا الدفاع أمام القضاء في جوهر الدعوى، ولا قبول الحكم أو التنازل عنه، ولا “قبول التحكيم” أو إجراء الصلح…”، و عليه فمتى تم قبول التحكيم من طرف الوكيل بمقتضى الشرط التحكيمي دون إذن صريح من موكله، فإن هذا الشرط يبقى قابل للإبطال ما لم تتم إجازته من طرف الأصيل، كما يمكن أن ينقضي الشرط التحكيمي متى كان تنفيذه مستحيلا، كالحالة التي ينصب على معاملة محضورة أو غير مشروعة قانونا، أو كان السبب راجع لقوة قاهرة أو ظرف طارئ.
وإذا كانت الوسائل البديلة عموما والتحكيم خصوصا طرق بديلة لحل النزاعات تنبني أساسا على مبدأ سلطان الإرادة، فإن إرادة الأطراف تبقا لها الصلاحية الكاملة في تعديل وتوسيع نطاق الشرط التحكيمي أو إنهائه عن طريق الإقالة الاختيارية، إلا أن أثار إنهاء الشرط التحكيمي حسب الطريقة الأخيرة تترتب وفقا لإرادة الأطراف، على عكس الانهاء الناتج عن البطلان أو الابطال حيث يؤدي ذلك إلى إعدام جميع الالتزامات الناشئة عنه؛ من تشكيل الهيئة التحكيمية والقرارات والأوامر الصادرة عنها بما فيها الحكم التحكيمي.
الفقرة الثانية: أسباب الانقضاء الخاصة.
لقد نص الفصل 317 من ق.م.م على ان: ” يجب، تحت طائلة البطلان
– أن يضمن شرط التحكيم كتابة في الاتفاق الأصلي أو في وثيقة تحيل إليه، بشكل لا لبس فيه؛
– أن ينص في شرط التحكيم إما على تعيين المحكم أو المحكمين وإما على طريقة تعيينهم”.
والملاحظ من خلال استقراء بنود هذا الفصل أن المشرع المغربي قد أفرد خصوصيات في بطلان الشرط التحكيمي إضافة على المبادئ العامة، حيث ألزم بضرورة تضمين الشرط التحكيمي كتابة في العقد الأصلي أو في وثيقة تحيل إليه، ويعتبر الشرط التحكيمي مكتوبا في كل إحالة في عقد مكتوب إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية، أو أي وثيقة أخرى تتضمن شرطا تحكيميا[37]، شريطة أن تكون هذه الإحالة واضحة ولا لبس فيها، وهذا ما سارت عليه محكمة النقض في قرار صادر عنها جاء فيه:” حيث تمسكت الطالبة بمقتضى مقالها الاستئنافي، بأن شهادة تأمين السفر تشير الى ان ضمانات وشروط التطبيق تطابق الشروط العامة للعقد، هذه الأخيرة التي احالت مادتها 43 على التحكيم للبت في كل نزاع قد ينشأ بين الطرفين حول تنفيذ شروط التعاقد بينهما، فردته المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بقولها، “لئن كان عقد التأمين يحيل على الشروط العامة لهذا العقد ، والتي تتضمن شرطا تحكيميا يلزم طرفي النزاع بعرض كل خلاف بينهما قد ينشأ بمناسبة تنفيذ العقد المذكور على هيئة تحكيمية ، فان هذه الإحالة ليست كافية لجعل شرط التحكيم المحال عليه نافذا، طالما انها مجرد احالة عامة لم تتضمن بشكل صريح اشارة صريحة وواضحة الى شرط التحكيم، مما تكون معه ارادة الطرفين غير واضحة في اللجوء الى التحكيم، وحتى على فرض وجود ارتباط عضوي بين عقد التأمين وباقي الشروط العامة التي وقعت الإحالة عليها ، فانه يشترط لصحة شرط التحكيم الوارد فيها، ان يقع التنصيص فيه على تعيين المحكم او المحكمين او على طريقة تعيينهم ، وكيفية وتاريخ اختيارهم تحت طائلة البطلان وفقا لأحكام الفصل 317 من ق.م.م ، وهو ما خلا منه شرط التحكيم، مما يجعله باطل وغير نافذ “، في حين ينص الفصل المذكور على انه:” يجب تحت طائلة البطلان ان ضمن شرط التحكيم كتابة ف الاتفاق الأصلي او في وثيقة تحيل اليه بشكل لا لبس فيه، وان ينص في شرط التحكيم اما على تعيين المحكم او المحكمين واما على طريقة تعيينهم ” ، وبالرجوع لأصل التأمين موضوع البوليصة عدد 7000065 المدلى به رفقة مذكرة المطلوب بجلسة 27/10/2011، يكفي انها اشارت الى ان ضماناته و شروط تطبيقه تبقي مطابقة للشروط العامة للعقد المكتتب ، ونص الفصل 43 منها على رغبة الطرفيان في حل أي نزاع قد ينشب بينهما حول تأويل أو تنفيذ بنود عقد التأمين بموجب طريق ودي ثنائي بينهما وفي حالة تعذر ذلك يرفع النزاع لهيئة تحكيمية مؤلفة ما ثلاثة أشخاص ،على ان يعين كل طرف محكما ، وقبل بدء المناقشات يعين هذان المحكمان محكما ثالثا مرجحا، وهو ما يفيد ان شرط التحكيم المضمن بالشروط العامة لعقد التأمين أحيل عليه بمقتضى وثيقة التأمين، وان كان لم ينص على تعيين المحكمين فهو اشار لطريقة تعيينهم كما سلف الذكر مما يبقى القرار بما ذهب اليه خارقا للمقتضيات المحتج بها ويتعين نقضه[38]“.
وبالرغم من تحقق شرط الكتابة فإن عدم تحقق البند الثاني من الفصل يقع شرط التحكيم باطلا، والمتمثل في تعيين المحكم أو المحكمين أو الاتفاق على طريقة تعيينهم، إلا أن الملاحظ من خلال التوجه القضائي أنه متى كانت الوثيقة المحال عليها تتضمن كيفية تعيين المحكمين فإنها تحل محل هذا البند ويبقي الشرط التحكيمي صحيحا، كما أن أهمية كتابة الشرط التحكيمي لا تمكن في تجنب بطلان الاتفاق فحسب، بل لها أهمية كبرى سواء في التنفيذ الجبري للأحكام التحكيمية الوطنية أو في الاعتراف وتذييل الاحكام التحكيمية الدولية، حيث يستلزم للقيام بهذه الإجراءات ضرورة تقديم إلى جانب المقرر التحكيمي نسخة من الشرط التحكيمي[39]. وتُعد هذه الحالة الأخيرة من النتائج الطبيعية لانتهاء وانقضاء الشرط التحكيمي وذلك بتحقيق الغاية المرجوة منه وهو الفصل في النزاع بحكم نهائي تتم المصادقة عليه وتنفيذه من الجهة المختصة.
ولا يخفى أيضاً أن الشرط التحكيمي ينقضي بعدم صدور الحكم التحكيمي داخل الأجل الاتفاقي ـأو القانوني، مما يخول للأطراف أحقية اللجوء إلى المحكمة المختصة للنظر في النزاع، وهذا ما نص عليه الفصل 327-20 من ق.م.م في فقرته الأخيرة:” إذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه في الفقرة أعلاه جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المختصة أن يصدر أمرا بإنهاء إجراءات التحكيم فيكون لأي من الطرفين بعد ذلك رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلا للنظر في النزاع”، كما ينقضي الشرط التحكمي في حالة عدم التمسك به ممن له المصلحة من الاطراف قبل الدخول في جوهر النزاع وفق ما تم التطرق اليه سابقا، كما تبقى في جميع الأحوال للأطراف وفقا لمبدأ سلطان الارادة الصلاحية الكاملة في تضمين الشرط التحكيمي موجبات الانقضاء بما فيها الشرط الفاسخ .
وتجدر الإشارة بشأن بطلان العقد الأساسي وأثره على شرط التحكيم، أو بطلان شرط التحكيم وأثره على العقد الأساسي المضمن له، فخلافا للقواعد العامة التي تقتضي استتباع الفرع للأصل في حالة الزوال، فإن المشرع المغربي افرد خصوصيات للشرط التحكيمي على غيره من الشروط، وذلك بجعله اتفاقا مستقلا عن باقي شروط العقد المضمن له. حيث لا يترتب بطلان العقد الأساسي أو فسخه أو إنهائه أي أثر عليه متى كان صحيحا في ذاته، والعكس صحيح متى كان العقد الاصلي سليم من الناحية القانونية، فحسب منظورنا المتواضع فإننا سنعتبره شرط عاق، كونه خرج من رحم العقد الأصلي وتحرر منه دون تأثير وتأثر.
خاتمة
نخلص القول أن الشرط التحكيمي هو اللبنة الأساسية للعملية التحكيمية إلى جانب عقد التحكيم، يتوخى الأطراف عند التنصيص عليه إنهاء النزاع الناشئ بينهما باللجوء الى التحكيم كوسيلة بديلة لحل المنازعات، نظرا لما يتيح من المزايا خاصة في النزاعات المتعلقة بالمجال التجاري، فهو التزام قانوني تعاقدي مستقل عن الالتزام الأصلي الناشئ له و لا يتأثر بتأثره متى استوفى الشروط الموضوعية و الشكلية اللازمة لصحته، ويمكن القول أن شرط التحكيم خصوصا و التحكيم عموما لم ينل ما يستحقه من اهتمام في القانون المغربي، لاسيما ان المشرع قد غلب طابعه الاجرائي على الموضوعي و نظمه في قانون المسطرة المدنية، فبالأحرى ان يستمد جذوره من قانون الالتزامات و العقود، مما يدفعنا الى التساؤل هل شرط التحكيم يمكن اعتباره عقد من نوع خاص، ام انه مجرد اجراء مسطري.
لائحة المراجع.
- مود السيد التحيوي، شرط التحكيم وجزاء الإخلال به، د.ذ.م، طبعة 2013.
- .
- ، موسوعة التحكيم التجاري الدولي في المنازعات المشروعة، د.ذ.م.ن، د.ذ.ط، د.ذ.ت.ن.
[1] سورة النساء، الآية 35.
[2] القانون رقم 05.08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.169، بتاريخ 30 نونبر 2007، منشور بالجريدة الرسمية، ع 5584، بتاريخ 6 دجنبر 2007، ص: 3894.
[3] ظهير شريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود.
[4] نوال الكرتي، شرط التحكيم في المادة التجارية، دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر قانون المقاولة التجارية، جامعة الحسن الأول بسطات، موسم 2011-2012، ص:16
[5] ظهير شريف رقم 1.07.169 صادر في 19 من ذي القعدة 1428، (30 نوفمبر2007)، الجريدة الرسمية ع 5584 بتاريخ 25 ذو القعدة (6 ديسمبر2007).
[6] محمود السيد التحيوي، شرط التحكيم وجزاء الإخلال به، د.ذ.م.ن، ط 2013، ص:76.
[7] عائشة حجاب، طبيعة شرط التحكيم وجزاء الإخلال به دراسة تحليلية مقارنة، رسالة لنيل شهادة الماستر تخصص قانون الأعمال بكلية المسيلة –الجزائر سنة 2012-2013، ص:6.
[8] خالد محمد القاضي، موسوعة التحكيم التجاري الدولي في المنازعات المشروعة، د.ذ.م.ن، د.ذ.ط، ص:18.
[9] عائشة حجاب، م.س، ص:58.
[10] ينص الفصل 107 من قانون الالتزامات والعقود على أن “الشرط تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع، إما وجود الالتزام أو زواله، والأمر الذي وقع في الماضي أو الواقع حالا لا يصلح أن يكون شرطا وإن كان مجهولا من الطرفيين “
[11]عائشة حجاب، م.س، ص:12.
[12] القانون رقم 08. 09 مؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق ل 25 فبراير س 2008، المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
[13] عائشة حجاب، م.س، ص:44.
[14] محمد رافع، اتفاق التحكيم في ظل القانون المغربي والاتفاقيات الدولية، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، ع 117، مط النجاح الجديدة – الدار البيضاء، دجنبر 2008، ص: 263.
[15] صالح بن عبد الله العوفي، المبادئ القانونية في صياغة عقود التجارة الدولية، مركز البحوث والدراسات الإدارية، الرياض، ط 1998، ص:205.
[16] حمزة حداد، دور التحكيم في تسوية المنازعات، مقال منشور بمجلة التحكيم، ع 5، د.ذ.م.ن، ط 2001، ص:13.
[17] مختار أحمد بريري، التحكيم التجاري الدولي، دار النهضة العربية-القاهرة، ط 1995، ص:54.
[18] ظهير شريف رقم 1.97.65 صادر في 4 شوال 1417، الموافق ل (12 فبراير 1997)، بتنفيذ القانون رقم 53.95 المتعلق بإحداث المحاكم التجارية، الجريدة الرسمية ع 4482، بتاريخ 8 محرم 1418 (15 ماي 1997)، ص: 1141.
[19] ظهير شريف رقم 1.96.83 صادر في 15 من ربيـع الأول 1417) فاتح أغسطس 1996 (بتنفيذ القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، الجريدة الرسمية ع 4418 بتاريخ 19 جمادى الأولى 1417 )3 أكتوبر 1996)، ص 2187.
[20] محمد رافع، مرجع سابق، ص: 266.
[21] عبد الكبير العلوي الصوصي، التحكيم في المنازعات الإدارية، مقال منشور بمجلة العلوم القانونية، العدد 1، مط النجاح الجديدة – الدار البيضاء، د.ذ.ط، ص: 26 وما يليها.
[22] ع الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، نشر وتوزيع مكتبة المعرفة مراكش ط 2013، ص320.
[23] راجع الفصل 318من ق.م.م.
[24] الفصل 316 من ق.م.م الذي ينص على أن شرط التحكيم هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور.
قانون المرافعات المصري نص في المادة 13من القانون رقم 27 لسنة 1944 المتعلق بالتحكيم في المواد المدنية والتجارية على ما يلي: يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا رفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى.
نص قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 في المادة 12 على أنه *على المحكمة التي يرفع إليها نزاع بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم برد الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل الدخول في أساس في الدعوى.
[25] أحمد إبراهيم عبد التواب، اتفاق التحكيم والد فوع المتعلقة به، دار النهضة العربية، ط الأولى، س 2008، ص 21.
[26]تنص المادة الثالثة من قانون المرافعات المصري لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه مصلحة قائمة يقرها القانون.
[27] نبيل إسماعيل عمر، الدفع بعدم قبول ونظامه الأساسي، مط المعارف الإسكندرية، ط الأولى، س 2008، ص 221.
[28]الفصل 230 من ق. ل. ع:” الالتزامات التعاقدية المنشأة غلى وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون”.
[29] الفصل 228 من ق.ل.ع: «الالتزامات لا تلزم إلا من كان طرفا في العقد، فهي لا تضر الغير ولا تنفعهم إلا في الحالات المذكورة في القانون”.
[30] عبد الله دريوش، الدفع بوجود شرط التحكيم دراسة مقارنة، مط النجاح الجديدة، ط 2016، ص72.
[31] ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1232 (29يوليوز2011) بتنفيذ نص الدستور *الجريدة الرسمية ع 5964مكرر-28شعبان 2432 (30يوليوز2011).
[32] – ومن القوانين التي اعتبرت الدمع بشرط التحكيم غير متعلق بالنظام العامة -قانون التحكيم التونسي رقم 4 لسنة 1993 المادة 19 -قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2011 في المادة 12 -قانون التحكيم اليمني في المادة 19 -قانون التحكيم الكويتي المادة 5 / 1 / 3 للاطلاع على هذه القوانين انظر ص 18 وما بعدها من هذا المؤلف.
[33] عبد الكريم الطالب –الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية م.س، ص341.
[34] المادة 109 من ق.م.م.
[35] القرار ع 151، صادر بتاريخ 20/04/1999، في الملف عدد 159159/1999، أشار اليه مصطفى بونجة ونهال اللواح، التعليق على قانون التحكيم، في ضوء القضاء والفقه العربي والدولي، مط الأمنية، ط الأولى 2019، ص:37.
[36] القرار ع 508 بتاريخ 12/05/2010، ملف رقم: 2842-05-2009، صيغة PDF .
[37] الفقرة الأخيرة من الفصل 313 من ق.م.م.
[38] قرار ع 1/338 الصادر بتاريخ 5/9/2013، في الملف عدد 2012/1/3/1220، أشار اليه مصطفى بونجة ونهال اللواح، م.س، ص:62.
[39] الفصل 327-31 و327-47 من ق.م.م.