يمسؤولية الدولة عن اعمال الضابطة القضائية في القضاء الإداري المغربي
جمال العزوز
طالب باحث
إطار بالمديرية الجهوية للمياه و الغابات و محاربة التصحر بالخميسات.
أقر القضاء الإداري المغربي مسؤولية الدولة عن أعمال الضابطة القضائية والمرتبطة أساسا بأعمال الضبط الإداري، بحيث تم اعتبارها أعمالا إدارية تخضع لمبدأ المشروعية وتمتد إليها رقابة القاضي الإداري إلغاء وتعويضا، بينما تبقى أعمال الضبط القضائي أعمالا قضائية تخضع فيها الضابطة القضائية لسلطة النيابة العامة وهي سلطة قضائية بطبيعتها وبالتالي تعفى هذه الأعمال من إمكانية إثارة مسؤولية الدولة بخصوصها شأنها شأن الأعمال القضائية كمبدأ عام.
لكن تطور نظام المسؤولية الإدارية المستمر والرغبة في تحصين حقوق و حريات المواطنين اتجاه أنشطة الإدارة سيؤدي إلى امتداد نطاق المسؤولية الإدارية ليشمل أعمال الضابطة القضائية التي تدخل في زمرة الأعمال القضائية إذ أن مبدأ عدم مسؤولية الدولة عن الأعمال القضائية، لم يعد مسايرا لتطور قواعد المسؤولية الإدارية المعاصرة، خاصة وأن مسؤولية الدولة قد شملت معظم الأنشطة الإدارية، كما أن المسؤولية القائمة على المخاطر ازداد شأنها في السنوات الأخيرة مع ازدياد القيمة القانونية لمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة، مما دفع المشرعين الأجانب الواحد تلو الآخر باتخاذ الخطوة الحاسمة للتخلص من المبدأ السابق بموجب نصوص قانونية.
وقد أقدم المشرع المغربي بدوره على اتخاذ خطوة جريئة في هذا المجال من خلال دستور 2011 حيث نص الفصل 122 على أنه “يحق لكل من تضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة”، وهو نص يكرس إمكانية مساءلة الدولة عن الخطأ القضائي بشكل صريح و ذالك وفق نص دستوري أسمى.
وهذا التطور الذي حققته هذه التشريعات وعلى رأسها المشرع المغربي في ميدان مسؤولية الدولة على الخطأ القضائي من شأنه توسيع نطاق المسؤولية الإدارية لتشمل جميع أعمال الضابطة القضائية بما فيها الأعمال ذات الصبغة القضائية، وهذا في حد ذاته يعتبر دعامة أساسية لحقوق الأفراد وتكريس لاحترام الحريات التي يحميها القانون.
ذلك أن أعمال الضابطة القضائية تعد أكثر خطورة من أعمال القضاة نظرا لاحتكاكها المباشر بالجمهور، ونظرا للإمكانيات المتاحة لهذه المؤسسة المرتبطة بإمكانية استخدام للقوة و كذا مجموع التدابير ذات الطابع القسري التي يمكنها المس بالحريات الشخصية للأفراد ، ذلك أن تمتع رجال الضابطة القضائية بمبدأ عدم المسؤولية الإدارية عن أعمالهم من شأنه صد الحماية التي يوليها القاضي الإداري للأفراد من جراء تجاوز الضابطة القضائية لسلطاتها و بالتالي الانعكاس بشكل سلبي على حقوق الأفراد وحرياتهم.