أهمية الاتفاقيات الجبائية الدولية
داخل التشريعات والقوانين الداخلية
ماجدولين انكر
باحثة بسلك الدكتوراه قانون عام،
تخصص مالية عمومية،
مختبر الدراسات المالية والدستورية والتنموية
بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بفاس
مقدمة:
لقد درج فقه القانون الدولي[1] على تعريف الاتفاقيات أوالمعاهدات الدولية بأنها “اتفاق دولي يعقد كتابة بين أشخاص القانون الدولي سواء تم تدوينه في وثيقة واحدة أو في أكثر من وثيقة وأيا كانت التسمية التي تطلق عليها”[2]. أي معاهدة أو اتفاقية أو بروتوكول أو ميثاق…. إلخ[3].
فعلاقة الاتفاقيات الدولية بالتشريعات الداخلية شهدت تطورا ملحوظا، فهي لم تعد آلية قانونية لتنظيم العلاقة بين الدول فحسب، وإنما وسيلة لتنظيم العلاقات بين الدولة وأفرادها، وأصبحت بذلك جزء من النظام القانوني الداخلي، والتي يمكن الدفع بها أمام المحاكم الوطنية للدفاع عن حقوق الأفراد وحرياتهم، ناهيك عن وجودها كمصدر للقانون الوطني انطلاقا من عملية الملاءمة بينها وبين التشريعات الداخلية في إطار ما يسمى بظاهرة تدويل الدساتير والقوانين الوطنية.
بذلك نكون أمام دينامية جديدة عرفها مفهوم الاتفاقيات الدولية والتي يمكن تعريفها بأنها: تلك القواعد القانونية ذات الطابع الدولي، التي تتعاقد بموجبها الدول لإحداث منفعة مشتركة في عدة ميادين مختلفة، توقع وتصادق عليها، وتنشرها في الجريدة الرسمية لإعلام العموم بها، والعمل على ملاءمة تشريعاتها الوطنية مع المقتضيات المصادق عليها تفاديا لأي تعارض بين القواعد داخل الدولة الواحدة، والعمل على إعطائها مكانة سامية ضمن الهرم التشريعي والقانوني الداخلي. وهذا طبعا يختلف من دولة لأخرى بحسب طبيعة النظام السياسي.
في هذا الصدد عرفت اتفاقية فيينا لعام 1969 في مادتها الثانية / الفقرة (أ) الاتفاقية الدولية على أنها: “ذلك الاتفاق الدولي المعقود بين الدول وصيغة مكتوبة، الذي ينظمه القانون الدولي سواء تضمنته وثيقة واحدة أو وثيقتان متصلتان أو أكثر، ومهما كانت تسمية الخاصة”[4]. وهو نفس التعريف الذي عرفه فقهاء القانون الدولي.وقد تتخذ الاتفاقيات الدولية تسميات متعددة منها، معاهدة اتفاقية، ميثاق، عهد، بروتوكول إلى غير ذلك من التسميات، كما أن هناك القوانين الوطنية ما يرتب بعض الآثار على التباين في استعمال الاصطلاحات المختلفة.
قد ظهرت المعاهدات الدولية كإحدى الوسائل الاتصالية منذ العصور القديمة خصوصا مع عهد الفراعنة والأشوريين والبابليين، والقرطاجيين واليونانيين، واتخذت شكل معاهدات تخالف ومعاهدات صلح. وكانت تحكم عملية إبرامها قواعد العرف الدولي آنذاك، لكن بعد تطور المجتمع الدولي، أصبحت الاتفاقيات الدولية المصدر الأول والمباشر الذي ينظم العلاقات بين الدول[5].
فموضوع الاتفاقيات الدولية له أهمية كبرى داخل المنظومة الدولية كما لها دور مهم في حماية حقوق وحريات المواطنين، حالة عدم شمول القوانين الوطنية للمنازعة المثارة، وبالتالي لها مهمة تأسيسية وتكميلية للقوانين الوطنية، وهذه الأهمية نتيجة تداخل العلاقات الدولية واتساع نطاقها في العصر الحديث.
إن انخراط المغرب في بعض المنظمات الدولية، وتوقيعه على اتفاقيات معينة، يفرض عليه احترام هذه الالتزامات، والعمل على تكييف تشريعاته الداخلية مع توجهات ونصوص هذه الاتفاقيات.
كما ينطبق هذا الأمر على مختلف فروع القانون الداخلي، فهو ينطبق كذلك على التشريع القانوني الضريبي الداخلي، في إطار ما يسمى بمآل الالتزامات الدولية للمغرب فيما يخص المجال الضريبي وصناعته، وهي إما ناتجة عن التوقيع على الاتفاقيات الضريبة الدولية، أو ناتجة عن الالتزام بإصلاح المنظومة الجبائية الوطنية.
في خضم كل التطورات، لم تعرف القوانين والتشريعات الجبائية للدول تغيرا ملموسا يتماشى مع واقع علاقاتها الاقتصادية الدولية، كما أن تمسكها بسيادتها الضريبية، ورغبتها في الاستفادة من تلك التطورات لزيادة مداخيلها الجبائية، إلى تداخل الاختصاصات الضريبية للدول، مما أفرز عدة مشاكل ذات طبيعة ضريبية كان أبرزها الازدواج الضريبي Double Imposition وظاهرة التهرب والغش الضريبي الدوليين، التي ازدادت انتشارا بعد ظهور ما يعرف بالجنان أو الواحات الضريبة، والتي تقدم تحفيزات جبائية مغرية، وتضمن الحفاظ على سرية المعلومات البنكية.
وبغرض الحد من تلك المشاكل، وبعدما عجزت التشريعات الضريبية للدول عن إيجاد حلول مناسبة لها، لجأت هذه الدول إلى عقد اتفاقيات جبائية دولية، وهي عبارة عن أدوات قانونية تهدف إلى تنظيم العلاقات الضريبية بين الدول. لذلك فإن اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي تعد الوسيلة الفعالة لإعادة صياغة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية للدول المتعاقدة من خلال اتخاذ الإجراءات التي تستهدف الزيادة في حجم استثمارات الدولة واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
كما تهدف هذه الاتفاقيات إلى وضع قواعد تحتكم إليها دولة الإقامة ودولة المصدر في تحديد حق كل منهما في فرض الضريبة على عناصر الدخل أو الرأسمال التي يحققها المقيم في إحدى الدولتين، بشكل يسمح بعدة مزايا ضريبية: أسعار ضريبية منخفضة، حوافز ضريبية للاستثمارات الأجنبية[6].
فالاتفاقيات الدولية تعد معاهدات ثنائية في غالب الأحيان، توقع من طرف الدول وتهدف إلى تقسيم سلطة تضريب الدخول ورؤوس الأموال الخاضعةللضريبة في دولتين في نفس الوقت[7]، كما أن هذا النوع من الاتفاقيات يتوخى بشكل أساسي تشجيع الاستثمارات الخاصة بمواطني الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات، وتشجيع انتقال رؤوس الأموال عن طريق إيجاد الحل للمشكلات الضريبية التي تثار بمناسبة فرض الضريبة عند قيام المشروعات بهذه الدول[8].
لذلك سنحاول في هذا الموضوع التعرف أكثر على الاتفاقيات الجبائية بحيث سنتطرق في [المبحث الأول] لدراسة الإطار العام لهذه الاتفاقيات،ثم في [المبحث الثاني] سنقوم بعرض المحتوى العام للاتفاقيات الجبائية الدولية.
المبحث الأول: الإطار العام للاتفاقيات الجبائية الدولية
لدراسة الإطار العام للاتفاقيات الجبائية، يجب تحديد ماهيتها، تطورها، دورها،حدودها و ذلك في [المطلب الأول] و إطارها القانوني في [المطلب الثاني].
المطلب الأول: ماهية ودور الاتفاقيات الجبائية الدولية
تعتبر الاتفاقيات الجبائية الدولية مصدرا مهما من مصادر الجباية الدولية، إلى جانب القوانين الداخلية، حيث تهدف الجباية الدولية إلى تحديد شروط فرض الضريبة على العمليات الدولية، أي تلك العمليات التي يقوم بها شخص مقيم في دولة ما داخل إقليم دولة أخرى، أو مع شخص مقيم في دولة أخرى. ولا يعتبر موضوع جباية دولية إلا إذا كان الأساس الضريبي كالدخل أو الثروة خاضعا للضريبة من طرف سلطتين ضريبيتين مختلفتين أو أكثر، بحيث ترى كل سلطة أن ذلك الأساس لا يدخل في مجال اختصاصها الضريبي[9].
كما تعد مصدرا هاما من مصادر القانون الضريبي الاتفاقي، حيث تعتبر بمثابة اتفاق بين دولتين أو أكثر يجمع بينهم اتفاق ضريبي، وذلك فيما يتعلق بالضرائب على الدخل، أو الثروة. حيث تعقد كذلك بخصوص الضرائب على الميراث، أو على الضريبة على التنبر، كما أنها تمنع دافع الضرائب بأن يخضع الضريبة مرتين بسبب التطبيق المتزامن للقوانين الضريبية[10].
كما تهدف إلى تحديد فرض الضريبة على العمليات الدولية، أي كل العمليات التي يقوم بها الشخص المقيم في دولة ما، داخل إقليم دولة أخرى أو مع شخص في دولة أخرى، كما أن الحديث عن الجباية الدولية لا يمكن الحديث عنها إلا إذا كان الأساس الضريبي كالدخل أو الثروة خاضعا للضريبة من طرف سلطتين مختلفتين أو أكثر، بحيث ترى كل سلطة أن ذلك الأساس يدخل في مجال اختصاصها الضريبي[11].هكذا فالاتفاقيات الدولية تعد معاهدات ثنائية في غالب الأحيان توقع من طرف الدول وتهدف إلى تقسيم سلطة تضريب الدخول ورؤوس الأموال الخاضعة للضريبة في دولتين في نفس الوقت[12].
كماتعتبر الاتفاقيات الضريبية ذلك العقد الممضي بين دولتين أو أكثر يدور موضوعها حول أمور ضريبية، وبصيغة أخرى فإن الاتفاقيات الضريبية تعبر عن إرادة كل طرف في السعي لإحقاق مبادئ العدالة والمساواة في فرض الضريبة من أجل تفادي الآثار السلبية لكل من الازدواج الضريبي، التهرب الضريبي والعمل على ترقية وتشجيع الاستثمار[13].
كما تعتبر أيضا بداية لانطلاق مسلسل صناعة القرار الضريبي الوطني، وذلك من خلال ملاءمة التشريع الضريبي الداخلي لمضامين هذه الاتفاقيات، على اعتبار أن هذه الأخيرة تصبح بعد التصديق عليها سارية المفعول، بل تسمو على التشريع الضريبي الداخلي. حيث يقول “Maxime chretien” “إن الدول لا تقبل أن تضع حدودا وبنفسها لسيادتها، إلا إذا اقتضت مصلحتها ذلك”[14].و بالفعل فإن وضع حدود لاختصاص الدولة في المادة الضريبية لا يتم إلا بشكل محدود ومركز، في إطار اتفاق متبادل بين دولتين تعبران عنه في اتفاقات ثنائية تهدف إلى محاربة الازدواج الضريبي.
حسب GilberTixier: “فالإتفاق الضريبي هو كقنطرة بواسطتها يتم الربط بين نظامين ضريبيين، فهو لا يشكل نظاما ضريبيا في حد ذاته”[15]. فالاتفاقيات الضريبية تتميز بالخصائص التالية:
- يتسم مجال تطبيق الاتفاقات الضريبية الدولية بمحدوديته، حيث لا يستفيد من مقتضيات الاتفاق إلا صنف محدد من الملزمين بالضريبة أي “المقيمين”.
- داخل مجال تطبيقها فإن الاتفاقيات الضريبية لا تحل إلا محل عدد قليل من القوانين الداخلية، وهو أمر لا يمكن تعميمه مثلا في القانون الأمريكي.
- إلى جانب محدودية الاتفاق من حيث الأشخاص المستفيدين، فإن هذه الاتفاقيات تبقى محدودة من حيث الزمن.
وبالتالي فالاتفاقيات الجبائية تعد مصدرا هاما من مصادر الجبايات الدولية، إذ توفر القوانين الداخلية للدول قواعد وطرق لتنظيم العلاقات الضريبية بينهما، وإيجاد حلول للمشاكل الضريبية على المستوى الدولي،فهي لا تخرج عن كونها تعطي امتيازات جبائية أو ضريبية وفي الدول المستقبلة من طرف مشرعي الدول.هذا ما يجعلنا نتساءل عن الاطار القانوني لهذه الاتفاقيات ؟ بمعنى آخر ما هي مكانة الاتفاقيات الدولية داخل الدستور المغربي و المنظومة القانونية المغربية؟
المطلب الثاني: الإطار القانوني للاتفاقيات الجبائية الدولية
سعى المغرب مثل البلدان المستوردة لرأسمال الأجنبي، إلى تهيئة مناخ يقضي بغرض الاستثمار الدولي من خلال العناية بإبرام الاتفاقيات الدولية بالإضافة إلى المزايا الضريبية التي يوفرها تشريعها المحلي من أجل القضاء على الازدواج الضريبي على الاستثمار الأجنبي، والإيرادات مع عدد من البلدان المصدرة لرأسمال[16].
فهذه الاتفاقية لا تخرج عن كونها معاهدات دولية تخضع للقانون الدولي وذلك حسب تعريفها في اتفاقية فيينا للمعاهدات تبعا للمادة الثانية لسنة 1969، التي تقول على أنها: “اتفاق دولي يعقد بين دولتين أو أكثر ويخضع للقانون الدولي، سواء تم في وثيقة واحدة أو أكثر أو أيا كانت التسمية التي تطلق عليه…”.
ويتضح من خلال هذا التعريف أنه قد تتعدد التسميات التي تستخدم الدلالة على معاهدة دولية، إلا أنه يشترط فيها أن تبرم من طرف أشخاص القانون الدولي أي من طرف دولتين أو أكثر، كما يجب أن تكون موثقة ومكتوبة، إذ لا يمكن اعتبار الاتفاق الشفوي الذي يتم بين ممثلي الدولتين أو مجموعة من الدول على أنها معاهدة دولية، لأن أي معاهدة دولية لابد أن يترتب عليها نتائج قانونية دولية تتجسد في الحقوق التي تمنح للدولة التي تكون طرف في المعاهدة كما أنها تكون عليها واجبات يجب الالتزام بها.
كما يجب القول على أن الاتفاقيات الجبائية الدولية، هي عبارة عن تلك المعاهدات الدولية التي يكون موضوعها ضريبي محض، وهي تختلف عن الاتفاقيات التي تحتوي على بعض النصوص والأحكام الضريبية كاتفاقيات التعاون في المجال العلمي أو الثقافي أو التقني. فالمقصود بهذه الاتفاقيات التي يكون موضوعها عاما، حيث تعمل على تنظيم العلاقات الضريبية بين الدولتين أو أكثر بالنسبة لمجموعة من الضرائب خاصة منها الضرائب على الدخل والثروة والتركات، كما يمكن أن تشمل ضرائب أخرى مثل للطابع حق الطبع كما سبق ذكره آنفا.
وتجدر الإشارة إلى أن الأصل في وجود الاتفاقيات الجبائية هو عدم تعارض القوانين والنظم الضريبية للدول مع مضمون الاتفاقيات الجبائية التي تبرمها الدول، حيث يعتبر كل منهما مكملا للآخر، كما تعد القوانين الضريبية مرجعا لا غنى عنه لتفسير بعض المصطلحات أو النصوص الاتفاقية الغامضة والغير واضحة، لكنه قد يحدث في بعض الحالات تعارض بينهما، نظرا لكون الاتفاقيات تحتل مكانة أسمى من القانون الداخلي للدول، فإن الأحكام للاتفاقية هي التي تسري وتطبق.
كما هو معروف فإن مكانة الاتفاقيات الدولية تثير جدلا فقهيا واسعا في الأنظمة القانونية، خاصة عند غياب النصوص الدستورية المحددة لمركزها القانوني، وهذا الإشكال في حقيقة الأمر جزء من المشكل العام المتمثل في طبيعة العلاقة بين القانون الدولي والقانون الوطني. ولتحديد مكانتها في السلم التشريعي والقانوني داخل أي نظام من شأنه توضيح الرؤى لدى المؤسسات الدستورية للعمل على معيار معين وقار في علاقتها مع القضايا والوقائع القانونية خصوصا ذات الصلة بما هو خارجي.
حيث إن تعدد التفسيرات واختلاف الآراء في تصور الفقه والقضاء راجع لا محالة إلى غموض النص وإبهامه، وهذا ما رافق تصور المشرع المغربي منذ أول دستور سنة 1962 إلى غاية دستور 1996، حيث نجد قواعد قانونية صريحة بخصوص تحديد العلاقة بين ما هو وطني ودولي اللهم بعض التشريعات الصادرة عن المشرع العادي، حيث اكتفت الدساتير السابقة لدستور سنة 2011 بتحديد السلطة التي لها حق التوقيع والمصادقة على الاتفاقيات، وقيدت هذه المصادقة بموافقة السلطة التشريعية في حالة ما إذا كانت هذه الاتفاقيات تلزم مالية الدولة.
إن عدم استقرار رأي موحد حول المسألة، دفع المؤسسة الملكية إلى إقحام نفسها في النقاش من خلال الخطاب الملكي ل 17 يونيو 2011 الذي جاء فيه “وفي هذا الصدد تم دسترة سمو المواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب، على التشريعات الوطنية”[17].
في هذا السياق جاء دستور 2011 بمجموعة من المستجدات، همت بالخصوص مكانة الاتفاقيات الدولية ومسطرة إقراراها، بحيث نص صراحة على سمو الاتفاقيات المصادق عليها، لكنه ربط هذا السمو بأحكام الدستور و قوانين المملكة والهوية الوطنية الراسخة.
فبالرجوع إلى تصدير الدستور المغربي، جعل الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية والعمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة، هذا ما أكد عليه دستور المملكة المغربية لسنة 2011 في ديباجته[18].
يوجد نوعان من الاتفاقيات الجبائية، هما اتفاقيات ثنائية وأخرى متعددة الأطراف التي تهم المسائل الضريبية.
فالنوع الأول يمثل تلك المعاهدات الجبائية التي تبرم بين دولتين فقط، وهو النمط الأكثر شيوعا، وما يميزها هو سهولة التوصل إلى اتفاق حول الإجراءات والأساليب التي يمكن من خلالها تنظيم العلاقات الضريبية بين الدولتين المتعاقدتين وتجنب حدوث مشكلة الازدواج الضريبي بالنسبة للمكلفين الذين تربطهم علاقات اجتماعية (الإقامة) واقتصادية (ممارسة نشاط اقتصادي بالبلدين معا، إذ تعد أكثر فعالية لحل تلك المشكلة إلا أن مجال تطبيقها يبقى محدودا بالدولتين طرفي الاتفاقية على نطاق ضيق.
فالتعاون الثنائي يتم أساسا عن طريق تبادل المعلومات والمساعدة الإدارية بين دولتين ترتبطان باتفاقية تنص عادة على هذا الشرط. وقد أبرم المغرب العديد من الاتفاقيات مع بعض الدول في مجال دعم المساعدة الإدارية المتبادلة، والملاحظ أن هذه الاتفاقيات كلها تحرص بشكل كبير على تحديد الموطن الجبائي للأشخاص المنتمين للدولتين المتعاقدين، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الوعي بخطورة الجهل بموطن هؤلاء الأشخاص، حيث عادة ما يتم تغييره لأجل التحايل على السلطة الجبائية والتهرب من الضريبة تبعا. ولهذا تنص المادة الثانية من الاتفاقية الجبائية المبرمة بين المغرب وفرنسا بتاريخ 8 يناير 1974 على ما يلي:
“إن موطن الشخص الطبيعي في منظور الاتفاقية الحالية، هو المكان الذي يوجد فيه محل إقامته الدائمة، وإذا كان لهذا الشخص محل إقامة دائم في كلتا الدولتين، فإنه يعتد بالموطن الذي توجد فيه أنشطته المهنية أو بالموطن الذي يقيم فيه أكثر مدة.
ومن أجل تطبيق هذه الاتفاقية، فإن موطن الأشخاص المعنويين هو المكان الذي يوجد فيه مقر الشركة القانوني، أما بالنسبة لمجموعة الأشخاص الذاتيين اللذين لا يتوفرون على الشخصية المعنوية، فإن موطنهم يتحدد بالمكان الذي يوجد فيه مقر إدارتهم الفعلية[19].
وفيما يخص أشكال هذا التعاون، فقد نصت المادتان 17 و18 من الاتفاقية المبرمة بين المغرب والسويد بتاريخ 21 غشت 1961، حيث تعتبر من أقدم الاتفاقيات التي أبرمها المغرب، فهاتين المادتين تنصان على أنه بإمكان الإدارة الجبائية المغربية أن تطلب من الإدارة السويدية معلومات عن حالات واقعية تتعلق بالأشخاص المغاربة ـ طبيعيين أو معنويين ـ والأرباح والاستغلالات الصناعية التجارية والفلاحية المكتسبة في السويد من طرف هؤلاء الأشخاص، وتملك الإدارة السويدية نفس الحق.
كما تلتزم الدولتان المتعاقدتان بمنح المساعدة من أجل استرجاع الزيادات والفوائد والغرامات، باستثناء تلك التي لها طابع جنائي، وذلك حسب القواعد الخاصة بالتشريع التي تخضع له الضرائب المستحقة نهائيا، والتي تشكل محل الاتفاقية[20].
كما نصت المادة 28 من الاتفاقية المغربية الفرنسية المذكورة سابقا، على ما يلي: “إن السلطات الجبائية لكل دولة ترسل السلطات الجبائية للدولة الأخرى المعلومات الجبائية التي توجد تحت تصرفها، والتي تكون ضرورية ومهمة لربط وتحصيل الضرائب موضوع الاتفاقية، ولتطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بزجر الغش الضريبي”[21].
وفي إطار تطبيق هذه الاتفاقيات، فإن تبادل المعلومات قد يتم بناء على طلب حول حالات خاصة أو تلقائيا، والمعلومات المحصل عليها من طرف كل دولة متعاقدة تبقى سرية، لأن مسطرة المساعدة لا تطبق بين الإدارات الجبائية إلا عندما تكون كل واحدة متأكدة بأن المعلومات المتبادلة في إطار التعاون الثنائي ستظل سرية Confidentiel، بحيث لا يطلع عليها إلا من طرف السلطات المكلفة بربط وتحصيل الضرائب، وبالمطالبات والطعون المتعلقة بها، وكذا من طرف السلطات القضائية من أجل المتابعة الجنائية[22].
إلا أن تبادل المعلومات في إطار التعاون الثنائي تعترضه مجموعة من القيود التقنية قد تحد من فعاليته، ومن ذلك مثلا، أن الدول عادة ما تحرص على تضمين الاتفاقية بندا يقضي بعدم تبادل المعلومات التي من شأنها إفشاء سر تجاري أو صناعي أو مهني، وبعدم منح المساعدة إذا كانت تهدد سيادتها، أو أمنها، أو تضر بنظامها العام.
أما النوع الثاني، فهو يتعلق بالاتفاقيات المتعددة الأطراف حيث تبرم بين أكثر من دولتين، ونادرا ما يتم اللجوء إلى عقد مثل هذه الاتفاقيات، لأن الوصول إلى حلول المشاكل الضريبية بين مجموعة من الدول يعتبر عملية صعبة ومعقدة تتطلب جهودا كبيرة للتنسيق من أجل إرضاء جميع الأطراف، خاصة في ظل اختلاف الأنظمة الضريبية لكل دولة، غير أن هذا الشكل من الاتفاقيات له قدرة أكبر على حل مشكلة التعدد الضريبي، وبالأخص الحالة الثلاثية في فرض الضريبة على المكلف.فنظرا للمركز القوي والوسائل المادية المتوفرة للشركات والمجموعات العابرة للقارات، فقد أصبح من الضروري أن تتعاون الإدارات والسلطات الجبائية على نطاق واسع.
وفي إطار التعاون الدولي المتعدد الأطراف دائما، اقترحت اللجنة الأوروبية تطوير المراقبات الجبائية المتزامنة للمقاولات الموجودة في مختلف الدول الأعضاء، مع ضرورة التنسيق على مستوى المجموعة الأوروبية لتحقيق مواجهة فعالة ضد تحويلات الأرباح، كما اقترحت استعمال تقنية الأداء بالخارج[23].
وإذا كانت الاتفاقيات الثنائية المبرمة من طرف المغرب هي السائدة في هذا الميدان، فإن الاستثناء الوحيد الذي سجل، هو إبرام اتفاقية ضريبية إقليمية متعددة الأطراف بين دول اتحاد المغرب العربي بالجزائر بتاريخ 23 يوليو 1990. وقد سميت هذه الاتفاقية المتعددة الأطراف، باتفاقية تفادي الازدواج الضريبي وإرساء قواعد التعاون المتبادل في ميدان الضرائب على الدخل بين دول اتحاد المغرب العربي، حيث أبرمت على معاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي، وخصوصا المادة الثالثة من هذه المعاهدة[24]. وقد ركزت هذه الاتفاقية على مسألة تجنب الازدواج الضريبي من خلال إتباع طريقة الإعفاء والخصم، حيث نص الفصل 26 منها على تبادل المعلومات بين الدول المتعاقدة فيما يخص الضرائب موضوع هذه الاتفاقية، وذلك بهدف مقاومة التزوير والتهرب الضريبي الدولي[25].
ومن جهة أخرى، فإن تجربة دول اتحاد المغرب العربي في عصر التكتلات الاقتصادية وعقد الاتفاقيات لدعم القدرة التنافسية، وإبرام المعاهدات بين الدول لتعزيز هياكلها الاقتصادية، برز قيام اتحاد المغرب العربي الذي تم الإعلان عنه في اتفاقية مراكش في 17 فبراير كضرورة ملحة أملتها طبيعة العلاقات التي تربط بين الدول في العصر الحديث والتي لا مكان فيها إلا للأقوى والأقدر على الانصهار في النظام العالمي الجديد.
ويضم مجلس الوحدة المغاربية كل من الجزائر، المغرب، تونس، ليبيا، موريتانيا، والهدف منها قيام الاتحاد وتحقيق المصلحة المشتركة والتطور المستمر لكل شعوب المنطقة، ورغبة كل من دول الاتحاد في دعم الاستثمار وتسهيل انتقال الأشخاص وتسهيل الخدمات والسلع ورؤوس الأموال، فيما بينها أقرب مبدأ تنسيق الأنظمة الضريبية للبلدان المغاربية منذ الاجتماع الأول للمجلس الوزاري المكلف بالمالية والنقد والذي عقد في مدينة الرباط بتاريخ 14 يونيو 1990، وقد أقر الاتحاد المغاربي في 14 يوليو سنة 1993 عددا من الاتفاقيات المتعددة الأطراف المتعلقة بالمسائل الضريبية منها الاتفاقية المغاربية لتجنب الازدواج الضريبي دخلت حيز التطبيق ابتداء من 14 يوليو 1994، لتحل محل الاتفاقيات الثنائية المبرمة بين دول الاتحاد، وتتمثل أهداف هذه الاتفاقية في إرساء قواعد التعاون المتبادل في ميدان الضرائب على الدخل من خلال تخفيف الضغط الضريبي والحد من ظاهرة التهرب الضريبي، وكذلك تكريس مبدأ التعاون الضريبي، وتيسير انتقال الأشخاص والبضائع، إلى جانب إعطاء مصداقية للمنطقة المغاربية في تعاملها مع الاتحاد الأوربي وإقامة منطقة للتبادل الحر الأورومتوسطية من جهة، وإقامة سوق مغاربية مشتركة لتكون الفضاء الطبيعي، ليلعب التنسيق الضريبي دوره بفعالية من جهة أخرى، إضافة إلى إمكانية مساهمة هذا التنسيق في تفادي العوامل المؤدية لبروز منافسة ضريبية تنهك الأوعية الضريبية في البلدان المغاربية وتعرض بنيتها للتآكل، إلى جانب قدرته على إنعاش المبادلات التجارية المغاربية بالشكل الذي يسمح للمنطقة تسريع نسق التكامل الإقليمي[26].
ناهيك عما لهذا التنسيق من فوائد متوقعة على مستوى توفير المعطيات والمعلومات الضريبية اللازمة لتحليل السياسات الضريبية القائمة، خاصة المعلومات ذات الطبيعة الدولية، والتي لها أهمية بالغة ليس فقط لكسب تأييد الرأي العام للمبادرات الجبائية المتخذة من قبل السلطات العمومية، لكن أيضا لدراسة وتحليل الظواهر الجبائية الدولية التي أضحت تتطور بسرعة[27].
المبحث الثاني: المحتوى العام للاتفاقيات الجبائية الدولية
تحتوي معظم الاتفاقيات الجبائية التي تعقد بين الدول على مواد مستوحاة من الاتفاقية النموذجية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أو الاتفاقية النموذجية للأمم المتحدة. حيث تتكون تلك المعاهدات من ثلاثين مادة تقريبا بحيث يمكن أن تكون أكثر وتأتي في أربع مجموعات.حيث تتكون المجموعة الأولى من مواد تمهيدية،بحيث تحوي الاتفاقيات الجبائية الدولية كغيرها من المعاهدات الدولية على مجموعة من المواد التمهيدية، يحدد فيها مجال التطبيق لهذه الاتفاقية وتقديم تعاريف لبعض المصطلحات المستخدمة في نصها، وغالبا ما تتكون من مجال تطبيق الاتفاقية و من تعاريف.
أما المجموعة الثانية فيتم من خلالها توزيع الحق في فرض الضريبة بين الدولتين المتعاقدتين. ثم تأتي المجموعة الثالثة التي تضم طرق وتقنيات تفادي مشكلة الازدواج الضريبي الدولي. وأخيرا المجموعة الرابعة وهي عبارة عن إجراءات نهائية وختامية تتعلق بتحديد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ وإلغائها، وإجراءات لمحاربة التهرب والغش الضريبي الدولي وبنود أخرى.كما يمكن أن يرفق نص الاتفاقية ببروتوكول وهو عبارة عن وثيقة ملحقة بالاتفاقية، وجزء منها يهدف إلى توضيح بعض الأحكام الغامضة من المعاهدة أو إضافة بعض الإجراءات التي لم تتطرق لها الدول في نص الاتفاقية[28].
لذلك سنتناول في هذا المبحث كيفية توزيع الاختصاص الضريبي بالنسبة للضريبة على الدخل [المطلب الأول]، ثم في [المطلب الثاني] سنتطرق لدراسة توزيع الاختصاص الضريبي بالنسبة للضريبة على الثروة.
المطلب الأول :توزيع الاختصاص الضريبي بالنسبة للضريبة على الدخل
يتم توزيع الاختصاص الضريبي أو الحق في فرض الضريبة بين كلمن دولة إقامة المكلف ودولة مصدر الدخل، باتفاق بينهما بموجب معاهدة جبائية من أجل تفادي مشكلة الازدواج الضريبي الدولي، حيث يحدد مجال الاختصاص الضريبي لكل منهما، وبالنسبة لكل فئة من فئات الدخل. حيث يتم ذلك وفقا لمجموعة من المعايير، أولهما هو الإقامة الجبائية للمكلف فطبقا للاتفاقية النموذجية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، يكون للدولة التي يقيم فيها المكلف الأولوية في إخضاع الدخول التي يحققها للضريبة. ثم يأتي بعدها معيار مصدر الدخل، بالإضافة إلى معيار آخر ذو أهمية بالغة في تحديد الدولة التي يمنح لها الحق في فرض الضريبة بالنسبة لأرباح الشركات، ألا وهو معيار المنشأة المستقرة، ويتعلق بتلك الشركات التي تمارس أنشطة خارج موطن إقامتها بصفة دائمة.
أولا معيار الإقامة الجبائية[29]، حيث تعد من أهم معايير الإخضاع الضريبي التي تعتمدها الدول ضمن قوانينها الضريبية،كما تعتبر في إطار الاتفاقيات الجبائية معيارا أساسيا يسمح بتوزيع الحق في فرض الضريبة بين الأطراف المتعاقدة.
ولتحديد موطن الإقامة بالنسبة للشخص الطبيعي والمعنوي، فإنه جرت العادة أن تترك الاتفاقيات الحرية لكل دولة متعاقدة لوضع الشروط التي يجب أن يستوفيها هذا الشخص حتى يعتبر مقيما بها، وحتى يخضع بناء على إقامته للضريبة وفقا لما ينص عليه قانونها الداخلي.
ولقد نصت الاتفاقية النموذجية لمنظمة (OCDE) على أنه يعتبر مقيم بدولة متعاقدة[30] “أي شخص يكون خاضعا بموجب قانون تلك الدولة للضرائب المفروضة قي تلك الدولة بحكم سكنه، إقامته، أو مقر إدارته الفعلي أو أي معيار آخر…”.
ونلاحظ أن هذه المنظمة أقرت بموجب تحديد مفهوم الإقامة الجبائية وفقا لقانون كل دولة، ولكنها أعطت أمثلة عن المعايير التي قد تتبع في ذلك كوجود مسكن بالنسبة للشخص الطبيعي في الدولة،ومقر الإدارة الفعلي بالنسبة للشخص الاعتباري.
إن الإقامة شرط أساسي لتطبيق الاتفاقية، فالشخص الذي لا يقيم في أي من الدولتين المتعاقدتين لا يمكنه الاستفادة من الإجراءات والأحكام الاتفاقية لتفادي الازدواج الضريبي. وقد يحدث أن يستوفي الشخص شروط الإقامة في كلتا الدولتين، نظرا لاختلاف تلك الشروط والمعايير التي يأخذ بها قانون كل دولة، وفي هذه الحالة سيعاني من ازدواج ضريبي بسبب خضوع جميع دخوله للضرائب في كلتا الدولتين.إلا أن الاتفاقيات الجبائية تسعى إلى وضع معايير الفصل في مشكلة ازدواج إقامة المكلف حتى يتسنى تطبيقها على هذا المكلف. وفي هذا الصدد قدمت منظمة OCDE في اتفاقيتها النموذجية مجموعة من المعايير يمكن اعتمادها عند إبرام معاهدات جبائية لحل تلك المشكلة، من خلال المادة الرابعة أنه[31]:
“عندما يكون الشخص بمقتضى أحكام الفقرة الأولى، مقيما في كلتا الدولتين المتعاقدتين فإن مركزه يحدد على النحو التالي:
- لا يعد مقيما إلا في الدولة التي يكون له مسكن دائم فيها، وإذا كان له مسكن دائم في كلتا الدولتين،لا يعد مقيما إلا في الدولة التي تربطه بها أوثق العلاقات الشخصية والاقتصادية )مركز المصالح الحيوية(.
- إذا تعذر تحديد الدولة التي يوجد فيها مركز مصالحه الحيوية، أو لم يكن له سكن دائم في أي من الدولتين، لا يعد مقيما إلا في الدولة التيله فيها مسكن اعتيادي.
- إذا كان له مسكن اعتيادي في كلتا الدولتين أو لم يكن له مسكن اعتيادي في أي منهما، لا يعد مقيما إلا في الدولة التي يحمل جنسيتها.
- إذا كان يحمل جنسية كلتا الدولتين أو لا يحمل جنسية أي منهما تقوم السلطات المختصة للدولتين المتعاقدتين بتسوية المسألة بالتراضي”.
ونلاحظ أن المعايير التي اقترحتها الاتفاقية النموذجية جاءت مرتبة حسب الأولوية والمعيار الذي يأتي على رأس القائمة هو المسكن الدائم للشخص، وهو عبارة عن المسكن الذي يملكه الشخص أو يستأجره، وأيا كان نوعه )بين، شقة… إلخ(، ولابد أن يقيم فيه بصفة دائمة، إذ لا يعتبر المنزل الذي يقيم فيه أي شخص لمدة معينة فقط، خلال إجازة أو لفترة تكوينه، أنه مسكن دائم له[32].
وإذا كان للشخص مسكن دائم في الدولتين المتعاقدتين، يعتبر الشخص مقيما في الدولة التي يوجد فيها مركز مصالحه الحيوية، وهي الدولة التي تربطه بها أوثق العلاقات الشخصية والاقتصادية، وحسب الشروح التي قدمتها لجنة الشؤون الجبائية التابعة لمنظمةOCDE أنه لتحديد ذلك المركز، لابد من الأخذ بعين الاعتبار العلاقات العائلية والاجتماعية للشخص، ومقر أعماله والمكان الذي يدير منه ممتلكاته[33]. كما أنه لو تعذر عدم الوصول إلى حل الإقامة يأتي معيار الجنسية لتحديد موطن إقامة الشخص،كما قد لا تعتمد على المعايير السابقة عندما يعتبر الشخص مقيما في دولتين، وقد تعتمد تلك المعايير لكن بتفسيرات أخرى.
وإن لميتم التوصل إلى حل لمشكلة ازدواج الإقامة باستخدام المعايير السابقة، فإذا كان يحمل جنسية كلتا الدولتين، يتم طرح المسألة على السلطات المختصة للوصول إلى حل بالتراضي.أما بالنسبة للشخص الاعتباري، فيعد مقيما في الدولة التي يوجد فيها مقر الإدارة الفعلية[34].
ثانيا معيار مصدر الدخل، يمكن لدولة ما الحصول على الحق في فرض الضريبة على دخل يعود لشخص غير مقيم بها، إذا تحقق هذا الدخل داخل إقليمها، ويوجد مصدر الدخل بصفة عامة في الدولة التي يمارس فيها المكلف لنشاط يذر عليه دخلا أو ربحا، وعلى سبيل المثال، يعتبر البلد مصدر الدخل، بالنسبة لفئة الأجور، ذلك البلد الذي يزاول فيه الشخص عمله.كما يتمثل أيضا في الدولة التي يقيم فيها الشخص المدين[35]، بالنسبة لبعض الدخول، كالفوائد التي يعتبر مصدرها دولة إقامة الشخص الذي يدفعها المقترض، وبالنسبة لأرباح الأسهم، يعد مصدرها أينما يوجد المقر الاجتماعي للمؤسسة المانحة لتلك الأرباح. وبالنسبة لفئة الدخول العقارية، فمن اليسير تحديد مصدرها، والمتمثل في الدولة التي توجد فيها أملاك العقارات. حيث يحتل هذا المعيار المرتبة الثانية بعد معيار الإقامة، حيث حاولت الدول المتقدمة بقدر الإمكان أن تعتمد هذا الأخير لتوزيع الحق في فرض الضريبة، حفاظا على مصالحها نظرا لكونها المصدرة لرؤوس الأموال. أما بالنسبة للدول النامية فقد دافعت على معيار المصدر لكونها المستقبلة لرؤوس الأموال الأجنبية.
ثالثا معيار المنشأة القارة[36]، يعتبر هذا المفهوم من أهم المفاهيم التي تتناولها الاتفاقيات ويسمح تحديدها بفرض الضريبة فقط من طرف الدولة التي توجد بها هذه المنشأة، دون أن تخضع للضريبة مرة أخرى في الدولة التي يوجد بها المقر الرئيسي للمؤسسة المالكة للمنشأة المستقرة.
وتعرف المنشأة المستقرة حسب الاتفاقية النموذجية لمنظمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في مادتها الخامسة على أنها منشأة ثابتة للأعمال تمارس بواسطتها أية مؤسسة كامل نشاطها أو بعضه.فمن خلال هذا يمكننا أن نستخلص بأنه حتى يكون لمؤسسة ما منشأة مستقرة في دولة أخرى، لابد أن تتصف الأنشطة التي تمارسها تلك المؤسسة في الدولة الأخرى بالدوام[37].
يتم توزيع الاختصاص الضريبي بين الدولتين بالنسبة لضرائب الدخل كما يلي:
أولا بالنسبة للمداخيل العقارية، يمنح الحق في فرض الضريبة التي توجد بها الأملاك العقارية، أي الدولة مصدر الدخل، حيث جاء في الفقرة الأولى من المادة السادسة للاتفاقية النموذجية لمنظمة OCDE أن: “الدخل الذي يجنيه شخص مقيم في دولة متعاقدة منممتلكات عقارية تقع في الدولة المتعاقدة الأخرى، (بما في ذلك مداخيل المستثمرات الفلاحية أو الغابوية) تخضع للضريبة في تلك الدولة الأخرى”[38].هذا يعني أن الدولة مصدر الدخل هي الدولة الوحيدة التي يمكنها إخضاع المداخيل العقارية للضريبة، وبالتالي فإن مشكلة الازدواج الضريبة يتم تفاذيها تلقائيا، ولكن تحتاج الدولتان المتعاقدتان إلى تبني طرق لتحقيق ذلك.
كما أن الاتفاقية النموذجية (OCDE) حددت المقصود بالمداخيل العقارية في مادتها السادسة، الفقرة الثالثة. حيث ارتأت على أن المعنى الذي يعطيه إياها قانون الدولة المتعاقدة التي توجد بها الأملاك المعنية. وتشمل الممتلكات العقارية ممتلكات ملحقة بها وهي الممتلكات الماشية الحية، وغير الحية للمستثمرات الفلاحية والغابوية، والحقوق التي تنطبق عليها أحكام القانون الخاص المتعلق بالملكية العقارية وحقوق الانتفاع بهذه الممتلكات، والحقوق المترتبة عن استغلال أو حق استغلال مناجم المعادن، والمنابع وغيرها من الموارد الطبيعية. ولا تعتبر السفن والبواخر والطائرات أملاكا عقارية، وتطبق أحكام الفقرة الأولى على الاستعمال المباشر للأملاك العقارية، أو إيجارها، أو أي شكل آخر من أشكال استغلال هذه الممتلكات.ونلاحظ من هذا التعريف أنه يتميز بنوع من الدقة والشمولية، كما أن هذه الاتفاقية النموذجية تترك المجال مفتوحا لتحديد المقصود بالممتلكات العقارية. وفقا لقانون الدولة التي تتواجد فيها.
أما بخصوص أرباح المؤسسات، إذا كانت مؤسسة تابعة لدولة متعاقدة تمارس نشاطها في الدولة الأخرى،في غياب منشأة مستقرة، فإن أرباح هذه المؤسسة لا تخضع للضريبة إلا في الدولة التي هي تابعة لها. أما إذا كان لتلك المؤسسة منشأة مستقرة في الدولة الأخرى، فستخضع للضريبة في هذه الدولة، بالنسبة للأرباح المنسوبة للمنشأة المستقرة، حسب ما نصت عليه الاتفاقية النموذجية لمنظمة (OCDE)[39].منه نلاحظ بالنسبة لفئة أرباح المؤسسات أن معيار المنشأة المستقرة ضروري، لأنه يسمح بتحديد الدولة التي لها الحق في فرض الضريبة على الأرباح المنسوبة لها، والمتمثلة في الدولة التي تتواجد فيها هذه المنشأة، وبالتالي يتم تفادي الازدواج الضريبي بالنسبة لهذه الأرباح، لكونها لا تخضع لاقتطاع ضريبي مرة أخرى في الدولة التي تتواجد فيها المؤسسة المالكة. حيث أشارت الاتفاقية النموذجية، إلى أن النفقات التي يمكن خصمها من أجل تحديد أرباح المنشأة المستقرة، لابد أن ترتبط بنشاط هذه المنشأة، بما فيها نفقات الإدارة.
وبخصوص مداخيل الملاحة البحرية والجوية، وطبقا للمادة الثامنة من الاتفاقية النموذجية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)، فإن الأرباح الناتجة عن استغلال السفن أو الطائرات، في حركة النقل الدولي لا تخضع للضريبة إلا في الدولة المتعاقدة التي يوجد بها مقر الإدارة الفعلي.وحسب نفس المادة، إذا كان مقر الإدارة الفعلية لمؤسسة ملاحة بحرية،يوجد على متن سفينة،فإن هذا المقر يعتبر موجودا في الدولة التي يوجد بها ميناء قيد هذه السفينة، وفي حالة لم يكن لها ميناء قيد، اعتبر المقر موجودا في الدولة التي يقيم بها مستغل السفينة[40].فهذه المادة تسمح بتجنب الازدواج الضريبي بالنسبة لمداخيل الملاحة البحرية والجوية، يمنح الحق في فرض الضريبة للدولة التي يوجد بها مقر إدارته الفعلية.
أما أرباح المؤسسات المشتركة، قد تساهم شركة تابعة لإحدى الدولتين المتعاقدتين، في رأس مال شركة أخرى تتواجد في الدولة المتعاقدة الأخرى، كما قد يساهم نفس الأشخاص في رأسمال أو في إدارة أو مراقبة كلتا الشركتين. ونتيجة لهذه العلاقة قد تتعاملان وفقا لشروط، لن تتفق عليها الشركتين لو لم تربطهما تلك العلاقة، فإن الأرباح التي لولا هذه الشروط، لكانت قد حققتها إحدى الشركتين بحيث يمكن إدراجها ضمن أرباح هذه الشركة وإخضاعها للضريبة[41].
وبخصوص أرباح الأسهم تخضع للضريبة في الدولة التي يقيم فيها المستفيد من هذه الأرباح، كما تخضع أيضا في الدولة التي توجد بها الشركة الدافعة للأرباح )الدولة مصدر الربح( حسب تشريعها، وفقا للاتفاقية النموذجية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ولقد أضافت هذه الاتفاقية، أنه إذا كان المقيم بالدولة هو المستفيد الفعلي، فإن نسبة الضريبة في الدولة المصدر لا يمكن أن تتجاوز[42]:
- 5% من المبلغ الإجمالي لأرباح الأسهم، إذا كان المستفيد الفعلي هو شركة تملك بصفة مباشرة 25% من رأسمال الشركة الدافعة لأرباح الأسهم.
- 15% من المبلغ الإجمالي للأرباح الأسهم، في جميع الحالات الأخرى.
ونلاحظ أنه بالنسبة لفئة أرباح الأسهم، هناك اقتسام للحق في فرض الضريبة بين الدولتين المتعاقدتين،وفقا للاتفاقية النموذجية مع تحديد لسقف يجب ألا يتعداه معدل الضريبة في الدولة المصدر من أجل تخفيض العبء الضريبي على المستفيد من الأرباح.
وقد يحدث أن يكون المستفيد الفعلي من أرباح الأسهم، شخص اعتباري أو طبيعي مقيم في دولة متعاقدة، وأن يمارس نشاطها عن طريق منشأة مستقرة أو قاعدة ثابتة متواجدة في نفس الدولة التي توجد بها المؤسسة الدافعة للأرباح، وفي مثل هذه الحالة لا تطبق الإجراءات السابقة المتعلقة بأرباح الأسهم، وإنما تدخل في نطاق أرباح المؤسسات، وتسري بذلك عليها أحكام المادة السابعة من الاتفاقية النموذجية.
أما الفوائد تخضع للضريبة في الدولة التي يقيم بها المستفيد منها أو المستلم للفوائد، وأيضا في الدولة التي نشأت فيها هذه الفوائد. أي الدولة التي يقيم فيها المدين، وفقا لما ينص عليه تشريعها[43]. ونلاحظ أن المعاملة الجبائية التي تتلقاها الفوائد في إطار الاتفاقية الجبائية النموذجية هي نفس المعاملة التي تتلقاها أرباح الأسهم، حيث يتم اقتسام الحق في فرض الضريبة بين الدولتين.غير أن تلك الاتفاقية حددت سقفا لمعدل الضريبة الذي تفرضه الدولة التي تنشأ فيها الفوائد، في الحالة التي يكون فيها الشخص المستقبل لتلك الفوائد،والمقيم في الدولة المتعاقدة الأخرى، هو المستفيد الفعلي منها، ويتمثل هذا السقف في 10% من المبلغ الإجمالي للفوائد.
حسب نموذج منظمة التنمية والتعاون الاقتصاديةOCDE، لا تخضع الإتاوات الضريبية، إلا في دولة إقامة المستفيد الفعلي منها[44]، وتكون بذلك قد منحت الحق في فرض الضريبة على هذه الفئة من الدخل، إلى دولة إقامة المستفيد الفعلي فقط، مما يسمح بتفادي الازدواج الضريبي. لكن بالمقابل، فإن هذا الإجراء لا يخدم سوى مصالح الدول المتقدمة التي غالبا ما تمثل دولة إقامة المستفيد من الإتاوات.
أما بالنسبة للاتفاقية النموذجية للأمم المتحدة، فقد حاولت أن توازن بين مصالح كل من دولة إقامة المستفيد والتي تمثل الدول المتقدمة ومصالح الدول التي تنشأ فيها تلك الإتاوات، أي تلك التي يقيم فيه دافعها، وتمثل الدول النامية، حيث منحت الحق في فرض الضريبة لكلتيهما، وليس لدولة الإقامة فقط، لكنها أجازت تحديد سقف لمعدل الضريبة التي تفرض الدولة التي تنشأ فيها تلك الإتاوات، وإذا كان المستفيد الفعلي متواجدا في دولة الإقامة، من أجل تخفيض العبء الضريبي على هذا المستفيد، وتركت الحرية للدولتين المتعاقدتين لتحديد ذلك السقف بالاتفاق بينهما[45].
وإذا كان المستفيد الفعلي من الإتاوات هي مؤسسة مقيمة في إحدى الدولتين،وتمارس نشاطا في الدولة المتعاقدة الأخرى،عن طريق منشأة مستقرة هناك، وكانت تلك الإتاوة منسوبة للمنشأة المستقرة، ففي هذه الحالة تدخل الإتاوة ضمن فئة أرباح المؤسسات وتخضع للضريبة بنفس الطريقة التي تطرقنا لها بالنسبة لهذه الفئة[46].
الأرباح الرأسمالية[47]، فيما يتعلق بالتصرف في الممتلكات العقارية السالفة الذكر، فإن الأرباح الناتجة عن هذا التصرف تخضع بموجب المادة 13 من الاتفاقية النموذجية لمنظمة OCDE للضريبة في الدولة التي توجد بها تلك الممتلكات ونلاحظ أن الحق في الإخضاع الضريبي منح في هذه الحالة، للدولة مصدر الدخل فقط، مما يسمح بتفادي الازدواج الضريبي.
وحسب نفس المادة الثالثة عشر، فإن الأرباح الناتجة عن التصرف في الأملاك المنقولة التي تمتلكها مؤسسة تابعة لدولة متعاقدة، بحيث تكون تلك الممتلكات، جزءا من رأس مال منشأة مستقرة مقيمة في دولة متعاقدة أخرى، فإن تلك الأرباح تخضع للضريبة في الدولة التي توجد بها المنشأة المستقرة وليس في دولة إقامة المؤسسة التي تمتلكها.كما أن الأرباح المحققة من التصرف في السفن أو الطائرات، تخضع للضريبة في الدولة التي يوجد بها مقر الإدارة الفعلية للمؤسسة التي تملك تلك السفن أو الطائرات. و منه فإن الأرباح التي يحققها مقيم في دولة متعاقدة من التصرف في أسهم تتألف من ممتلكات عقاريةبنسبة تزيد عن 50%، وتتواجد تلك الممتلكات في الدولة المتعاقدة الأخرى،فإن هذه الأرباح تخضع للضريبة في تلك الدولة الأخرى.
وفي جميع الحالات، غير تلك المذكورة في هذه الفقرة، فإن الأرباح الرأسمالية تخضع للضريبة في دولة إقامة المستفيد من هذه الأرباح، وذلك طبقا لنفس المادة من الاتفاقية النموذجية. كما تجدر الإشارة إلى أن الأرباح المحققة من ممارسة المهن المستقلة تتم معاملتها بنفس الطريقة التي تتم بها معاملة الأرباح المحققة في إطار المنشأة المستقرة، لذا فقد فضلت لجنة الشؤون الجبائية إلغاءها من اتفاقيتها النموذجية لسنة 2001.
أما فيما يتعلق بمداخيل المهن غير المستقلة[48]، إن الأجر والمكافآت التي يتقاضاه شخص مقيم في إحدى الدولتين، نتيجة لممارسته لعمل مأجور في الدولة المتعاقدة الأخرى،تخضع للضريبة في هذه الأخيرة،حسب الاتفاقية النموذجية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، لكن توجد بعض الحالات التي لا تخضع فيها تلك الأجورأو المكافآت المماثلة للضريبة في تلك الدولة الأخرى، الدولة التي يمارس فيها الشخص عمله،وإنما فقط في دولة إقامة الشخص الذي يتقاضاها، وتتمثل هذه الحالات فيما يلي:
- إذا كان الشخص المستفيد، يقيم في الدولة الأخرى لفترة أو لفترات لا تزيد في مجموعها عن 183 يوما خلال أي فترة مدتها اثنا عشر شهر للسنة الجبائية المعنية.
- إذا كان الأجر مدفوعا من طرف رب عمل غير مقيم في الدولة الأخرى.
- إذا كان لا يتحمل الأجر مؤسسة مستقرة يملكها رب العمل في الدولة الأخرى.
وبالتالي فإن حدوث مثل هذه الحالات، يسمح بأن يقتصر الحق في فرض الضريبة على دولة الإقامة فقط، ويتم بذلك تفادي أي ازدواج ضريبي.
أما فيما يخص أتعاب الحضور، لقد تم التطرق لهذا النوع من المداخيل، فالمادة 16 من الاتفاقية النموذجية لمنظمة التنمية الاقتصادية (OCDE)، نصت على أن تخضع أتعاب الحضور والمكافآت المماثلة، التي يحصل عليها مقيم في دولة متعاقدة، بصفته عضوا في مجلس إدارة أو مراقبة شركة مقيمة في الدولة المتعاقدة الأخرى، للضريبة في هذه الأخيرة[49].أي أنه بالنسبة لهذه الفئة من المداخيل تم الأخذ بمعيار مصدر الدخل، لتحديد الدولة التي لها الحق في فرض الضريبة، وبما أن هذه الضريبة تفرض من طرف دولة واحدة، فبمجرد تطبيق هذه المادة فإنه يتم تفادي الازدواج الضريبي، وتخفيض العبء الضريبي بالنسبة لذلك الشخص.
كما تخضع المداخيل التي يحققها الفنانون والرياضيون المقيمون في دولة متعاقدة للضريبة في الدولة التي يمارسون فيها نشاطاتهم، حسب نموذج منظمة OCDE[50].ونلاحظ أنه بالنسبة لهذا النوع من المداخيل أيضا، أن المعيار الذي تم الأخذ به هو معيار مصدر الدخل، وليس معيار الإقامة، كما سيؤدي ذلك لتفادي الازدواج الضريبي، لاقتصار هذه المداخيل للضريبة، من طرف سلطة ضريبية واحدة وهي دولة ممارسة النشاط )مصدر الدخل(.
فيما يتعلق بالمعاشات حسب نموذج منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، لا تخضع المعاشات والمكافآت العمومية المدفوعة لشخص مقيم في دولة متعاقدة مقابل عمل سابق، للضريبة إلا في هذه الدولة[51].ومن الواضح أنه تم الأخذ بمعيار الإقامة لتحديد الدولة التي من حقها فرض الضريبة في إطار الاتفاقية النموذجية، كما يؤدي ذلك إلى تجنب حدوث مشكلة ازدواج ضريبي.
كما أن مداخيل الوظائف العمومية[52]، تخضع المرتبات والأجور، والمكافآت المماثلة، غير الأجر التقاعدي والتي تدفعها دولة متعاقدة أو إحدى تقسيماتها السياسية أو جماعاتها المحلية مقابل خدمات قدمها لها حسب نموذج منظمة OCDE.أما إذا كان الشخص قد قدم تلك الخدمات في الدولة المتعاقدة الأخرى ويقيم فيها ويحمل جنسيتها،أو أنه لم يصبح مقيما بها إلا لغرض تقديم تلك الخدمات، فإن المرتبات والأجور والمكافآت المماثلة التي يحصلها تخضع للضريبة في هذه الدولة فقط ) دولة الإقامة(. أما بخصوص المعاش التقاعدي الذي تدفعه الدولة المتعاقدة، أو إحدى جماعاتها المحلية، أو إحدى تقسيماتها الفرعية لشخص مقابل خدمات قدمها لها، بحيث يقيم هذا الشخص في الدولة المتعاقدة الأخرى، ويحمل جنسيتها، فسيخضع للضريبة في هذه الأخيرة. ونلاحظ أنه بالنسبة لمداخيل الوظائف العمومية استندت اللجنة الجبائية لهذه المنظمة عند توزيعها للحق في فرض الضريبة، إلى إقامة الشخص المقدم للخدمات، إلى جانب جنسيته وهي من بين الحالات القليلة التي تستند فيها الاتفاقية لمعيار الجنسية.
لقد جاء في الاتفاقية النموذجية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE أن المبالغ التي يحصل عليها طالب أو متدرب في دولة متعاقدة يعتبر أو كان يعتبر قبل زيارته لهذه الدولة، مقيما في الدولة المتعاقدة الأخرى، من أجل تغطية مصاريف دراسته أو تكوينه.كما أن هذه المبالغ لا تخضع للضريبة في الدولة التي يزاول فيها هذا الطالب أو المندوب دراسته أو تكوينه، شرط أن يتحصل عليها من خارج هذه الدولة[53].فمن خلال أحكام هذه المادة، نلاحظ أنه لتخفيض العبء الضريبي على المبالغ التي يحصلها الطلبة والمتدربون أثناء تواجدهم بدولة أخرى لغرض الدراسة أو التكوين، حيث اقترحت المنظمة النموذجيةOCDE ألا تخضع تلك المبالغ للضريبة في تلك الدولة.
أما المداخيل الأخرى، طبقا لما نصت الاتفاقية النموذجية لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)، فإن عناصر الدخل التي لم يتم تناولها في المواد السابقة، فإنها تخضع للضريبة في دولة إقامة المستفيد منها فقط، تفاديا لحدوث ازدواج ضريبي[54].على غرار الاتفاقية النموذجية لهيئة الأمم المتحدة فقط أضافت فقرة أخرى في نفس المادة، تشير إلى جواز فرض الضريبة بالنسبة لعناصر الدخل التي لم تتناولها المواد السابقة، في الدولة التي تنشأ فيها تلك العناصر. وهنا نلاحظ أيضا جهود هيئة الأمم المتحدة من أجل تحقيق التوازن بين مصلحة دولة الإقامة، ودولة مصدر الدخل.
المطلب الثاني: توزيع الاختصاص الضريبي بالنسبة للضريبة على الثروة
تتطرق الاتفاقيات الجبائية كذلك إلى توزيع الحق في فرض الضريبة بالنسبة للثروة حسب الأجزاء المكونة لها، والتي ستتناولها حسب اتفاقية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية كالتالي[55]:
- أن الثروة المكونة من الممتلكات المنقولة، التي تشكل جزءا من أصول منشأة دائمة تابعة لمؤسسة مقيمة في دولة متعاقدة، وأن تلك المنشأة المستقرة متواجدة في الدولة المتعاقدة الأخرى، فإن تلك الثروة تخضع للضريبة في هذه الأخيرة أي في الدولة التي تتواجد فيها المنشأة المستقرة.
- أن الثروة المكونة من السفن والطائرات المستخدمة في النقل الدولي أو الأملاك المنقولة المتعلقة باستغلال تلك السفن والطائرات تخضع للضريبة في الدولة التي توجد بها مقر الإدارة الفعلية للمؤسسة المستغلة.
أما العناصر الأخرى المكونة لثروة مقيم في دولة متعاقدة فتخضع للضريبة في هذه الدولة فقط.
من خلال كل ما سبق ذكره، يمكننا الإشادة بالجهود الدولية لتطوير الاتفاقيات الجبائية، حيث كان للمنظمات والهيئات الدولية إسهامات كبيرة، من أجل معالجة مشكل الازدواج الضريبي والمتمثلة في غرفة التجارة الدولية، وعصبة الأمم المتحدة. ثم بعدها هيئة الأمم المتحدة ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. كما أشرنا سابقا في القسم الأول، حيث قد حاولت هذه المنظمات للوصول إلى حل لمشكلة الازدواج الضريبي الدولي من خلال إبرام المعاهدات الجبائية، وذلك بعد الدراسات والأبحاث التي أجرتها، والاجتماعات والمؤتمرات التي نظمتها من أجل تفاوض ممثلي مختلف الدول في سبيل الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف. و من المهم أن نشير إلى الدور الذي تلعبه منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في توفير مرجع أساسي لمعالجة الازدواج الضريبي الدولي من خلال اتفاقيتها النموذجية.
خاتمة:
إن أهمية المسألة الضريبية في العلاقات الدولية، ليست وليدة اليوم لارتباطها بظاهرة العولمة، بل ترجع إلى منتصف القرن 19 ميلادي إبان إبرام الاتفاقيات الأولى بين الدول لتفادي الازدواج الضريبي[56] وكانت أول هذه الاتفاقيات مبرمة بين فرنسا وبلجيكا سنة 1843. فالاتفاقيات الدولية تعد معاهدات ثنائية في غالب الأحيان، توقع من طرف الدول وتهدف إلى تقسيم سلطة تضريب الدخول ورؤوس الأموال الخاضعة للضريبة في دولتين في نفس الوقت[57]، كما أن هذا النوع من الاتفاقيات يتوخى بشكل أساسي تشجيع الاستثمارات الخاصة بمواطني الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات، وتشجيع انتقال رؤوس الأموال عن طريق إيجاد الحل للمشكلات الضريبية التي تثار بمناسبة فرض الضريبة عند قيام المشروعات بهذه الدول[58].
وبالتالي فالاتفاقيات الجبائية تعتبر أداة قانونية فعالة ليس فقط لتفادي الازدواج الضريبي، ومنع التهرب الضريبي، بل أنها تعد جزءا لا يتجزأ من التشريع الضريبي والسياسة الضريبية التي تنطلق من الداخل بمفهومها الواسع، والتي تعالج القضايا الضريبية التي تنطلق من الداخل وتمتد لتعبر الحدود الوطنية.
كما يتضح لنا مما سبق أن الاتفاقيات الجبائية الدولية تتطلب منهجية لإعدادها، وهو ما يقوي من فعاليتها في مواجهة مشكلة الازدواج الضريبي الدولي والقضاء عليه، حيث نحدد في موادها الأولى مجال تطبيقاتها بالنسبة للأشخاص والضرائب والأقاليم، ثم ضبط بعض المفاهيم الضرورية والمصطلحات الهامة. ثم يليها مجموعة أخرى من المواد يحدد من خلالها مجال الاختصاص الضريبي لكل الدولتين المتعاقدتين، ويوزع الحق بينهما في فرض الضريبة بالنسبة لكل نوع من المداخيل، ثم تحدد بعد ذلك الطرق والأساليب المعتمدة من طرف الدولتين لمعالجة الازدواج الضريبي، وهذا الجزء من الاتفاقية في غاية الأهمية إلى جانب المواد التي تخص تحديد الاختصاص الضريبي للدولتين، وفي الأخير تأتي مجموعة من المواد تتعلق بتطبيق الاتفاقية من حيث الزمان وكيفية حل المشاكل التي تنشأ عند تطبيقها وإجراءات مكافحة التهرب والغش الضريبي.
وبالتالي ومن خلال هذا كله يمكننا أن نطرح الإشكال التالي المتمثل في كيف استطاعت هذه الاتفاقيات الجبائية تحقيق الهدف والمغزى الذي من خلاله تعمل الدول على إبرامها؟
لائحة المراجع باللغة العربية:
الكتب:
– إبراهيم العناني،” القانون الدولي العام”، دار النهضة العربية، 1982.
– سالم الشوابكة، “الازدواج الضريبي في الضرائب على الدخل وطرائف تجنبه مع دراسة تطبيقية مقارنة”، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 21، العدد الثاني، 2005، صفحة 72.
صلاح عامرة،”مقدمة وجيزة لدراسة القانون الدولي العام المعاصر”، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية، 1993.
-عبد السلام جعفر،” مبادئ القانون الدولي العام”، الطبعة الثانية، سنة 1986.
الأطروحات:
– عصام القرني،” صناعة القرار الضريبي بالمغرب” أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادي والاجتماعية، سلا، 2015-2016.
– الطاهري توفيق، “اتخاذ القرار الجبائي والعدالة الجبائية”، أطروحة دكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية أكدال 2008-2009.
– محمد عباس محرزي،” نحو تنسيق ضريبي في إطار التكامل الاقتصادي المغاربي”، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، فرع النقود والمالية، الجزائر، كلية علوم الاقتصاد والتسيير سنة 2005.
المقالات:
– عزوز علي، “آليات ومتطلبات تفعيل التنسيق الضريبي العربي”، الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، العدد 8، 2012.
– هاني عبد الكريم، “الازدواج الضريبي الدولي، المغرب كنموذج”، مجلة المنارة للدارسات القانونية والإدارية، عدد 02/2012.
الاتفاقيات والنصوص القانونية:
– ظهير شريف رقم 1.73.348 الصادر في 8 رجب 1393 الموافق ل (8 غشت 1973) بنشر الاتفاقية المتعلقة بالحق في إبرام المعاهدات والموقع عليها بفيينا بيوم 23 مايو 1969، الجريدة الرسمية عدد 3239، بتاريخ 12 ذو القعدة 1394 الموافق ل (27 نونبر 1974)، صفحة 3447.
– الدستور المغربي لسنة 2011.
لائحة المراجع باللغة الفرنسية:
Les ouvrages
[1]- Bruno Gouthière, les impôts dans les affaires internationales, édition Français Lefebvre, 4ème édition Paris 1998, [1]- Guy Gest et Gilberd. Tixier,” droit fiscal international”;2ème édition; PUF. 1990. [1]- Jacques MALHERBE, Droit fiscal international » maison Larcier, Bruxelles, 1994. [1]- Maxime CHRETEN, a la recherche d’un droit international commun, siery 1955. [1]- Salaheddine NADIF , « La fiscalité internationale dans le réseau conventionnel Marocain », Afrique challenge Edition, LBDO 2012. [1]- (A) Ouhajjou, ” Droit fiscale”, cours pour étudiants de semestre IV option droit, année universitaire 2015/2016, FSJESF.– European Union, European commission, « political economy of tax reforms, workshop proceedings” publications office of the European Union, 2016.
– GHOUTIERE (Bruno) : « Les impôts dans les affaires internationales » édition B. LEFEBVRE, Paris 1995-1996.
– Mathias. Niyonzima : « La clause de monnaie étrangère dans les contrats internationaux », BRUYLANT- Bruxelles ;1990.
– modèle de convention des nations unies , concernant les doubles imposition entre pays développés et pays en développement révision de 2011.
Thèses
-TAHAR TOUFALI, l’impact de la fiscalité sur les investissement et l’économie au Maroc, Thèse doctorat, université Jean Moulin Faculté de droit, Lyon III, décembre 1997.
Les conventions et Les lois
– convention entre le gouvernement de la république Française et le gouvernement du royaume du Maroc tendant à éliminer les double impositions et à établir des règles d’assistance mutuelle administrative en matière fiscal (ensemble un protocole), signé à Paris le 29 mai 1970. Approuvée par la loi n° 71-369 du 19 mai 1971, entrée en vigueur le 1er décembre 1971, et publiée par le décret n° 71-1022 du 22 novembre 1971.
Protocole, deux échanges de lettres du 29 mai 1970, publiés dans les mêmes conditions que la convention, et modifiée par l’avenant signé à rabat le 18 août 1989, approuvé par le n° 90-353 du 20 Avril 1990, entré en vigueur le 1er décembre 1990 et publié par le décret n° 90-1135 du 18 décembre 1990, rectificatif du 28 Janvier 1991.
-note circulaire n°534 du 4 décembre 1961 – service des impôts urbains- portant instruction pour l’application de la convention Maroc suédoise.
– Le constitution Marocain 2011.
– République Algérienne, Ministère des finances, DGI, Bulletin d’information de la DGI, N° 53, 2011 page 2.
[1]– إبراهيم العناني: القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، 1982، ص 15.
أيضا: صلاح عامرة مقدمة وجيزة لدراسة القانون الدولي العام المعاصر، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية، 1993، صفحة 108 و109.
[2]– عبد السلام جعفر، مبادئ القانون الدولي العام، الطبعة الثانية سنة 1986، صفحة 98.
[3]– Mathias. Niyonzima : « La clause de monnaie étrangère dans les contrats internationaux », BRUYLANT- Bruxelles ;1990 ; p 26.
Il a souligné a ce sujet que : « En droit des gens, les termes contrat, traité pacte, protocole, ou convention, désignent tous l’idée d’un accord de volonté entre sujets de droit international ».
ومنه فإن كل هذه التسميات المتداولة في معنى الاتفاقيات الدولية.
[4]– ظهير شريف رقم 1.73.348 الصادر في 8 رجب 1393 الموافق ل (8 غشت 1973) بنشر الاتفاقية المتعلقة بالحق في إبرام المعاهدات والموقع عليها بفيينا بيوم 23 مايو 1969، الجريدة الرسمية عدد 3239، بتاريخ 12 ذو القعدة 1394 الموافق ل (27 نونبر 1974)، صفحة 3447.
[5]– Jacques MALHERBE, Droit fiscal international » maison Larcier, Bruxelles, 1994 ; p : 11.
[6]– هاني عبد الكريم، الازدواج الضريبي الدولي، المغرب كنموذج، مجلة المنارة للدارسات القانونية والإدارية، عدد 02/2012، صفحة 30.
[7]– عصام القرني، صناعة القرار الضريبي بالمغرب” أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادي والاجتماعية، سلا، 2015-2016، صفحة 139.
[8]– سالم الشوابكة، الازدواج الضريبي في الضرائب على الدخل وطرائف تجنبه مع دراسة تطبيقية مقارنة، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 21، العدد الثاني، 2005، صفحة 72.
[9]– Bruno Gouthière, les impôts dans les affaires internationales, édition Français Lefebvre, 4ème édition Paris 1998, p 11.
[10]– Salaheddine NADIF , « La fiscalité internationale dans le réseau conventionnel Marocain », Afrique challenge Edition, LBDO 2012 ; page 29.
[11]– (A) Ouhajjou, ” Droit fiscale”, cours pour étudiants de semestre IV option droit, année universitaire 2015/2016, FSJESF, page 12.
[12]– République Algérienne, Ministère des finances, DGI, Bulletin d’information de la DGI, N° 53, 2011 page 2.
[13]– عزوز علي، آليات ومتطلبات تفعيل التنسيق الضريبي العربي، الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والانسانية، العدد 8، 2012، صفحة 61.
[14]– Maxime CHRETEN, a la recherche d’un droit international commun, siery 1955.
[15]– Guy Gest et Gilberd. Tixier, « droit fiscal international, PUF. 1990, 2ème édition, page 270.
[16]TAHAR TOUFALI, l’impact de la fiscalité sur les investissement et l’économie au Maroc, Thèse doctorat, université Jean Moulin Faculté de droit, Lyon III, décembre 1997, page 121.
[17]– نص الخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى الأمة 17 يونيو 2011 موجود على الرابط: www.courdecassation.ma
[18]– دستور الجديد للمملكة المغربية لسنة 2011
[19] – convention entre le gouvernement de la république Française et le gouvernement du royaume du Maroc tendant à éliminer les double impositions et à établir des règles d’assistance mutuelle administrative en matière fiscal (ensemble un protocole), signé à Paris le 29 mai 1970. Approuvée par la loi n° 71-369 du 19 mai 1971, entrée en vigueur le 1er décembre 1971, et publiée par le décret n° 71-1022 du 22 novembre 1971.
Protocole, deux échanges de lettres du 29 mai 1970, publiés dans les mêmes conditions que la convention, et modifiée par l’avenant signé à rabat le 18 août 1989, approuvé par le n° 90-353 du 20 Avril 1990, entré en vigueur le 1er décembre 1990 et publié par le décret n° 90-1135 du 18 décembre 1990, rectificatif du 28 Janvier 1991.
[20] -note circulaire n°534 du 4 décembre 1961 – service des impôts urbains- portant instruction pour l’application de la convention maroco suédoise.
[21]– Convention entre le gouvernement de la république Français et le gouvernement du royaume du Maroc, op, cit.
[22]– عز الدين سيمو، التهرب الضريبي كجريمة اقتصادية أبعادها آثارها، دبلوم لنيل الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2000-2001 صفحة 96.
[23]– Convention entre le gouvernement de la république Français et le gouvernement du royaume du Maroc, op, cit.
[24]– تنص هذه المادة على نهج سياسة مشتركة بين دول الأعضاء في الميادين الدولية والاقتصادية والثقافية.
[25]– عصام القرني: “صناعة القرار الضريبي بالمغرب” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، سنة 2015-2016، صفحة 144.
[26]– محمد عباس محرزي، نحو تنسيق ضريبي في إطار التكامل الاقتصادي المغاربي، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، فرع النقود والمالية، الجزائر، كلية علوم الاقتصاد والتسيير سنة 2005، صفحة 222.
[27]– European Union, European commission, « political economy of tax reforms, workshop proceedings” publications office of the European Union, 2016, p 59.
[28]Bruno GOUTHIERE, les impôts dans les affaires internationales ,op.cit page de 128 jusqu’a 133.
[29] – chapitre II,article 4 résidence, modèle de convention des nations unies ,concernant les doubles imposition entre pays développés et pays en développement révision de 2011,page 9.
[30]– Article (4) paragraphe 1 du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page 9.
[31]– Article (4) paragraphe 2 du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page4.
[32] – Bruno Gouthière,les impôts dans les affaires internationales, op, cit, p 440.
[33] – Bruno Gouthière,les impôts dans les affaires internationales, op, cit, p 442.
[34] – Article (4) paragraphe 1 du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page 9.
[35] – Bruno Gouthière,les impôts dans les affaires internationales, op, cit, page 281.
[36] Chapitre II, article 5 établissement stable du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenuetle fortune, op, cit, page 10.
[37] – Article (5) du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page 10.
[38] – chapitre III, Article 6 revenus immobiliers, du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page13.
[39]– chapitre III ;Article 7,bénéfices des entreprises; du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, pages 13 et 14.
[40] -chapitre III, Article 8;navigation maritime, intérieure et aérienne du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, pages 15 et 16.
[41]– chapitre III,Article 09,entreprises associées du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, pages 16 et 17.
[42] chapitre III,Article 10,dividendes du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, pages 17 et 18.
[43] – chapitre III, Article 11 , intérêts du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, pages 18 et 19.
[44]– chapitre III,Article 12,redevances du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, pages 19 et 20.
[45]– المادة 12 من اتفاقية الأمم المتحدة النموذجية لتفادي الازدواج الضريبي بين البلدان المتقدمة النمو والبلدان النامية،م س، صفحة 20 و22.
[46] – chapitre III;Article 12, redevance, du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page 19 et 20.
[47] – chapitre III, Article 13,gains en capital du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, pages 20 et 21.
[48] chapitre III ,Article 15professions dépendantes du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page 22.
[49] – chapitre III, Article 16 , tantièmes et rémunérations du personnel de direction de haut niveau , du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, pages 22 et 23.
[50]– chapitre III,Article 17, artistes du spectacle et athlètes du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page23.
[51]– chapitre III,Article 18, pensions et prestations de sécurité sociale variantes A et B du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page23 et 24.
[52]– chapitre III, Article 19, fonction publique, du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page 24.
[53]-chapitre III,Article 20, étudiants, du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page 25.
[54] -chapitreIV, Article 22,imposition de la fortune, du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, op, cit, page 26.
[55]– article 22 du modèle de convention fiscale l’OCDE, concernant le revenu et le fortune, imposition de la commentaires sur la fortune ; op cit ; pages 316et 317.
[56]– الطاهري توفيق، “اتخاذ القرار الجبائي والعدالة الجبائية”، أطروحة دكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية أكدال2008-2009 صفحة 83.
[57]– عصام القرني،”صناعة القرار الضريبي بالمغرب” أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادي والاجتماعية، سلا، 2015-2016، صفحة 139.
[58]– سالم الشوابكة، “الازدواج الضريبي في الضرائب على الدخل وطرائق تجنبه مع دراسة تطبيقية مقارنة”، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 21، العدد الثاني، 2005، صفحة 72.