مقدمة:
تحتل الضرائب دورا مهما باعتبارها أهم مورد من موارد الخزانة العامة و ما يترتب على ذلك من أهمية اقتصادية، ولهذا فإن عدم التزام المكلفين بدفعها و محاولتهم التهرب من أدائها ـ بغض النظر عن الشكل الذي يأخذه هذا التهرب ـ تنجم عنه أضرار كبيرة لا تقتصر فقط على تقليص إيرادات الدولة و ما قد يترتب عليه من خلل في السياسات الاقتصادية المتبعة و عدم إنجاز المشروعات الاقتصادية المبرمجة، بل قد يتجاوز ذلك إلى الإضرار بفهم الأفراد لواجباتهم اتجاه وطنهم و للعلاقات التي يجب أن تربطهم به ، فأمام هذا العرض وانطلاقا من الأهمية التي تكتسبها الجباية تبرز ملامح إشكالية البحث التي يمكن صياغتها في السؤال الموالي: ما هو الدور الذي تلعبه الضريبة ؟ وللخوض في هذا الإشكال نستعين بالأسئلة المساعدة التالية: ما هو التهرب الضريبي وأنواعه ؟ ما هي أسبابه ؟ وما هي أساليب معالجته ؟
جاءت هذه الورقة لدراســة و تحليــل التهرب الضريبي، و الاستعانة بما ينتج عن هذه التحليلات في وضع مقترحات تُسهم في معالجته، و لتحقيق هذا الهدف تم تقسيم الورقة على النحو التالي: القسم الأول: تعريف الضريبة، أهدافها و أنواعها. القسم الثاني: مظاهر التهرب الضريبي و معالجته.
القسم الأول:تعريف الضريبة، أهدافها و أنواعها:
أولا: تعريف الضريبة
لقد تعددت التعريفات الضريبية وفقا لاختلاف وجهات نظر الباحثون وتسليطهم الضوء على الزاوية التي ينظرون منها للضريبة.
فمنهم من يرى أنها مصدرا لإيرادات الدولة وأداة سياسية واقتصادية لتحقيق العدالة الاجتماعية ودافعا للتنمية واستقرار الاقتصاد القومي ،ويمكن تعريف الضريبة بأنها اقتطاع نقدي جبري نهائي يتحمله الممول ويقوم بدفعه بلا مقابل للمقدرة التكليفية للأعباء العامة أو تدخل السلطة لتحقيق أهداف معينة .
كما عرفها بعضهم بأنها فريضة مالية تضامنية تقطعها الدولة بصورة مباشرة ونهائية وتستخدمها لتحقيق أهدافها.
ويعتبر أول تعريف عصري للضريبة هو ما أتى به الفقيه الفرنسي ” جير Jere ” حيث يعرفها بأنها استقطاع نقدي تفرضه الدولة على الأفراد بطريقة نهائية وبلا مقابل بقصد تغطية الأعباء العامة. ([1])
ثانيا: أهداف الضريبة:
يمكن اللجوء إلى الضريبة أو على الأقل بعض أنواع الضرائب لمعالجة فترات الركود والانكماش ،حيث يقل الشراء والاستهلاك وتتكدس المنتجات فتقوم الحكومات بزيادة القوة الشرائية لدى أفراد الشعب من ذوي الدخول المتدنية وذلك بتخفيض معدل ضريبة الدخل في أجزائها الأولى ورفع الإعفاء الضريبي وزيادة الإعفاءات العائلية ،وتخفيض معدلات الضرائب غير المباشرة وخصوصا تلك المتعلقة بالحاجات الأساسية للمواطنين كالخبز والحليب ومشتقاته . ([2])
1) الأهداف الاجتماعية:
قد حاولت الدول في عصرنا الحاضر استخدام الضريبة كوسيلة هامة في تحقيق مجموعة من الغايات الاجتماعية ومن أهم هذه الغايات ما يلي:
ا – منع تكثف الثروات بأيدي عدد قليل من أفراد المجتمع
ب – توجيه سياسة النسل في الدول الراغبة في تشجيع النسل كبلدان أوروبا والبلدان الاسكندينافية وتستخدم الضريبة في الإكثار من عدد السكان.
ج – استخدام الضريبة كوسيلة لمشكلة حل السكن وذلك بإعفاء رأس المال المستثمر في هذا القطاع من الضرائب لفترة محددة.
د – معالجتها لكثير من الظواهر المنتشرة في المجتمع وتسيء إلى الصحة العامة وصحة الأفراد.([3])
2) الأهداف الاقتصادية :
وهي من أهم أهداف الضريبة في عصرنا الحاضر فالضريبة لا تقتطع دون أن تثير انعكاسات على الاستهلاك والإنتاج والادخار والاستثمار، لذلك تقوم الحكومات بما يلي:
ا – استخدام الضريبة لتشجيع بعض النشاطات الإنتاجية
ب – استخدام الضريبة لمعالجة الركود الاقتصادي
ج – استخدام الضريبة لمنع التمركز في المشاريع الاقتصادية
د – استخدام الضريبة لتشجيع الاستثمار والادخار
3)الأهداف المالية :
الهدف المالي من الأهداف الرئيسية والهامة لأي ضريبة ،فتأمين إيرادات دائمة من مصادر داخلية لخزانة الدولة أحد غايات السلطات الحكومية ومن هنا نشأت فكرة ” قاعدة وفرة حصيلة الضرائب ” أي اتساع وعاء الضريبة بحيث يكون شاملا لجميع الأشخاص الطبيعيين والإداريين مع الاقتصاد قدر الإمكان في نفقات الجباية حيث يكون الإيراد الضريبي مرتفعا ،وهذا ما نلاحظه في البلدان المتطورة حيث ترتفع نسبة الإيرادات الضريبية .([4])
ثالثا:أنواع الضرائب :
تخضع الأوعية الضريبية في كل بلد للمنظور الفلسفي والإداري لهذه الدولة وللقوانين الوضعية المتعلقة بالضريبة في عدة أوعية ضريبية حسب الضريبة الخاضعة لها ،وتنقسم الضرائب إلى مباشرة وغير مباشرة .
وهذا التقسيم قديم في علم المالية وأغلب الكتب المالية تعرضت له بكثير من الشرح والتفصيل . ([5])
ا) الضرائب المباشرة
تفرض ضريبة رأس المال بمناسبة الوجود والتحقق ،وسميت الضرائب المباشرة لكون مالك الثروة هو من يتحمل عبئها وليس بإمكانه أن يحول هذا العبء إلى غيره ومن أمثلتها :
- الضريبة على الدخل .
- الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية.
- الضريبة على الأجور والمرتبات.
وتتميز الضرائب المباشرة بعدة مزايا :
1 – العدالة في التكليف
2 – الثبات في الحصيلة
3 – الاقتصاد في الجباية ([6]).
4 – إنماء الوعاء الضريبي
5 – البعد عن المساواة
6 – البعد عن المرونة لأنه من الصعب زيادة الضرائب المباشرة بالسرعة التي تزداد بها الثروة القومية باعتبار أن تأثير المقدرة المالية للفرد لا تظهر بسرعة موازية لتأثير المقدرة المالية. ([7])
ب) الضرائب غير المباشرة:
تفرض على استعمالات الثروة أو الدخل وليس على الدخل بحد ذاته أو الثروة بحد ذاتها.
ج) مزايا وعيوب الضرائب غير المباشرة :
وتتمثل المزايا في النقاط التالية :
1 – سهولة الجباية فهي سهلة الأداء على المكلف بدفعها بحيث لا يكاد يشعر بها
2 – المرونة في التكليف
3 – الوفرة في الحصيلة.([8])
وتتمثل العيوب في النقاط التالية :
ا – البعد عن الملائمة ذلك أن جباية الضرائب غير المباشرة تنطوي أيضا إلى جانب سهولتها على مضايقات كثيرة يتحملها المنتجون الذين تجبى منهم الضرائب ب – البعد عن الثبات لأن حصائل الضرائب غير المباشرة تموج مع التيارات السياسية والاقتصادية بسبب ركود سوق التداول خلال الأزمات وحرص الناس على الحد من أنفاقهم ومعاملاتهم .
ج – البعد عن العدالة باعتبار أن وطأة الضرائب غير المباشرة أقل على الفقراء منها على الأغنياء.([9])
القسم الثاني: مظاهر التهرب الضريبي و معالجته:
المقصود بالتهرب الضريبي تخلص المكلف من دفع الضريبة المتوجبة عليه كليا أو جزئيا من دون أن يعكس عبأها على الغير( [10] )و يمكن أن يتم هذا التخلص عن طريق الاستفادة من بعض الثغرات الموجودة في التشريع الضريبي (التهرب المشروع). كما يمكن أن يتم عن طريق مخالفة القوانين و النظم المعمول بها (التهرب غير المشروع).
أولا: التهرب المشروع:
يحدث هذا النوع من التهرب عن طريق الاستفادة من بعض الثغرات الموجودة في التشريع الضريبي الذي لم توضع أحكامه بدقة كافية، بحيث يمكن للمكلف أن يجد منفذا في هذا التشريع يستطيع بواسطته التملص من دفع الضريبة دون أن يرتكب أية مخالفة قانونية، و لا يمكن بالتالي ملاحقته أو فرض عقوبة عليه و تختلف استفادة المكلفين من هذه الثغرات حسب خبرتهم في مجال التهرب و قدرتهم على الاستعانة بأصحاب الخبرة و التي تمكنهم من ابتكار وسائل و أشكال جديدة لتجنب دفع الضريبة، و تعتبر الضرائب التي تخضع لسعر تصاعدي حسب نظام تصاعد الشرائح، و كذلك الضرائب التي توجب فيها إعفاءات و تخفيضات كثيرة عرضة لهذا النوع من التهرب و كمثال على ذلك و في مجال الضريبة على الأجور و المرتبات، فمن المعلوم أن كل مهنة تقسم إلى درجات و كل درجة يقابلها أجر معين و على أساسه يتم فرض الضريبة. و لذلك تعمد بعض المؤسسات إلى تسجيل العدد الذي تقر به من عمالها في الدرجات السفلى؛ حتى تكون الضرائب منخفضة. ([11])
و هكذا تؤدي هذه الإعفاءات إلى عكس ما كان يراد منها بحيث تؤدي إلى فتح المجال أمام التهرب الضريبي منها خاصة بالنسبة للطبقات الغنية و تذهب الأهداف الاقتصادية و الاجتماعية من تطور اقتصادي و عدالة اجتماعية أدراج الرياح.
ثانيا: التهرب غير المشروع:
كما ذكرنا سابقا يقصد بهذا النوع من التهرب العمليات التي يقوم بها المكلفون و الهادفة إلى التخلص من دفع الضريبة عن طريق مخالفتهم للقوانين و النظم المعمول بها. و بذلك يصبحون عرضة للعقوبات القانونية المترتبة على المخالفات التي ارتكبوها، و يتخذ هذا النوع من التهرب أشكالا و صورا مختلفة و متنوعة من الصعب تحديدها أو حصرها.
فمن المعلوم مثلا أن النظام الضريبي الموريتاني يعتمد بصورة أساسية على تصريح الممول عن نفسه حيث يطلب منه تقديم تصريح في الوقت المحدد و يحتوي على معلومات معينة عن ضريبة محددة، و الامتناع عن تقديم هذا التصريح أو التأخر في تقديمه عن الأجل المحدد أو تقديمه بصورة ناقصة أو كاذبة يعتبر مخالفة يعاقب عليها حسب درجتها.
و من صوره كذلك التكتم على الممتلكات و إدخال السلع المستوردة من الخارج دون أن تمر بالمراكز الجمركية و ذلك للتهرب من دفع الرسوم الجمركية عليها، و هناك أيضا إخفاء المكلف بها لأمواله بمناسبة تحصيل الضريبة و هي ظاهرة شائعة في موريتانيا حيث يلاحظ مع بداية حملة ” جباية الضرائب” أن المحلات التجارية التي تظل طوال السنة تعج بجميع أنواع المواد التجارية تصبح المخازن شبه خاوية لا توجد فيها إلا مواد قليلة و ذات جودة منخفضة بل أن البعض منهم يوقف نشاطه طيلة فترة الحملة. بالإضافة إلى هذه الأمثلة هناك مظهر آخر و هو محاولة المكلفين تضليل وكلاء الضرائب الذين يقومون بمتابعة أصحاب السيارات من أجل التأكد من أدائهم للواجب الضريبي و يتم هذا التضليل عن طريق تقليد الأرقام و الأشكال و الألوان من طرف الأفراد العاديين لأشكال و ألوان الهيئات التي تتمتع بإعفاءات أو امتيازات في هذا المجال مثل الهيئات الدبلوماسية أو غيرها.
والهدف من هذا التقليد هو الاستفادة من الامتيازات الخاصة بهذه النوعية من السيارات مما يؤدي إلى نوع من الإرباك بخصوص التعامل مع هذا الكم الهائل من السيارات.
ثالثا:أسباب التهرب الضريبي
يمكن تقسيم العوامل التي تساعد على التهرب إلى ثلاثة أقسام :
- قسم يرجع إلى عيوب في التشريع الضريبي .
- قسم يرجع إلى عيوب في الإدارة المالية .
- قسم يرجع إلى عوامل نفسية متعددة .
1 – عيوب التشريع الضريبي:
- تعقد تشريعات الضرائب : ومن أمثلة هذا التعقيد ما تحويه قوانين الضرائب من إعفاءات وتخفيضات وإضافات في سعر الضريبة كل هذه التعقيدات تخلف مشاكل للإدارة المالية وتزيد من احتمال التهرب ،ولو أن الباعث على هذا التعقيد قد يكون في كثير من الأحيان تحقيق العدالة وإرضاء الممولين .
- المغالاة في تعدد الضرائب : فإن تعدد الضرائب يؤدي ولا محالة إلى زيادة تكلفة تحصيل الضريبة بالنسبة للممول ويترك ثغرات عديدة يمكن التسلل منها للتهرب من الضريبة .([12])
جـ – والثابت أنه كلما ارتفع سعر الضريبة وزاد عبؤها كلما كان ذلك مدعاة للتهرب منها كذلك قد يكون التفاوت في أسعار الضرائب مدعاة إلى التهرب أيضا ،هذا بالإضافة إلى أن التصاعد في سعر الضريبة إذا ما غولي فيه فإنه قد يعود إلى التهرب كذلك إذ يحاول الممول أن يخفض من وعاء الضريبة حتى ينقل من شريحة إلى أخرى .
2- عيوب الإدارة المالية :
- صعوبة تقدير وعاء الضريبة لا شك أن الصعوبات التي تلاقيها المالية في تقدير بعض أوعية الضرائب هي مما يشجع الممول على التهرب ،وقد تعمد الإدارة إلى ربط الضريبة ربطا جزافيا بأقل من القيمة الحقيقية أو بأكثر من قيمتها الحقيقية مما يؤدي إلى إحداث آثار معنوية تشجع على التهرب .
- عدم المساواة في التطبيق : يجدر بنا أن نفرق بين العدالة القانونية والعدالة الفعلية ،فقد تكون الضريبة عادلة من الوجهة القانونية كما أرادها المشرع المالي ثم تجئ صعوبات التطبيق فتقضي على هذه العدالة .ولاشك أن الضريبة لا تعتبر عادلة إلا إذا استوفت ركني الإدارة المالية والثابت أن عدم المساواة في التطبيق يضعف الثقة العامة بعدالة الضريبة ويكون من دواعي التهرب منها .
ج- تعقد الإجراءات الإدارية الخاصة بتحصيل الضريبة فالإجراءات الضرورية والروتينية المعقدة كثيرا تنذر بروح الكراهية للضريبة ،وهو ما يجب على الإدارة المالية تلافيه بأن تعمل على تسيرها .
3- العوامل النفسية في التهرب الضريبي :
تلعب العوامل النفسية دورا هاما في التهرب من الضريبة فكلما زاد الوعي المالي ضعف الباعث على التهرب ،وبالعكس كلما ضعف الوعي المالي كان الباعث النفساني على التهرب من الضريبة قويا وملموسا .ويعتقد بعض الماليين أن من العوامل النفسية ما لا مفر منه بالنسبة لبعض الضرائب فكثيرا ما تعترض الإدارة المالية صعوبات تطبيقية بالنسبة لتحديد الوعاء وربط الضريبة وتحصيلها مما يباعد بينها وبين تحقيق المساواة الفعلية بين الممولين .على انه مهما يكن من أمر فإن واجب المشروع المالي والإدارة المالية معا القضاء على هذه المساوئ وإضعاف أثرها على الأقل.([13])
رابعا: طرق مكافحة التهرب الضريبي:
كما لاحظنا أن أسباب التهرب الضريبي متعددة ومتنوعة ولا تعود لعامل واحد فقط فهناك عامل التشريع المالي والدوائر المالية وعامل المسؤول عن المكلف ولهذا فإن طرق مكافحة التهرب تختلف تبعا للنظام الضريبي في كل بلد كما تختلف هذه الطرق من ضريبة إلى أخرى في النظام الضريبي الواحد وسندرس وسائل مكافحة التهرب على النحو التالي :
- نشر الوعي الضريبي :
ويتم ذلك بتعريف المواطنين بالضريبة وطبيعتها ومشروعية حق الدولة في تقاضيها و أوجوه إنفاقها من خلال أجهزة الإعلام المختلفة، ولا يكتفي بإذاعة نشرات تذكر به في الصحف ليقوم المكلفون بإقراراتهم في الميعاد.
وسداد الضريبة في الوقت المناسب والمحدد لذلك لأن الشعور بالمسؤولية اتجاه دفع الضريبة أمرا لا يقوم فقط على الاعتبارات الموضوعية والفنية وحدها بل يستند إلى اكتمال الوعي الضريبي وتمتع أفراد المجتمع بروح الانتماء السليم إلى الوطن ،فأي نظام ضريبي ليس نظام جامدا آليا بل هو نظام اجتماعي اقتصادي وسياسي يستمد كيانه ومضمونه من روح المجتمع وعقليته ،فالوعي الضريبي هو أن يقتنع كل مكلف بدفع الضريبة المترتبة عليه ،وهذا الأمر يتطلب أن تقوم السلطات بترشيد الإنفاق العام بما يخدم الصالح العام حتى يشعر دافع الضريبة أن الموارد العامة إنما تعود عليه في شكل منافع وخدمات مباشرة وغير مباشرة ،والوعي الضريبي يتطلب أن لا يكون التهرب موضوع تأييد الرأي العام ومحل رضاءه لأن مثل هذا الأمر يدفع المكلفين إلى تقليد بعضهم بعضا في التهرب الضريبي .
- مراجعة التشريعات الضريبية
للتشريع الضريبي الجيد مجموعة من الصفات من حيث حسن الصيغة وانسجامها مع الوضع الاقتصادي فالتشريع المالي الجيد والمنسجم والمترابط عليه أن لا يتضمن ثغرات تترك عدم المساواة ،وهذا الأمر أيضا يتطلب تحسين الإجراءات الإدارية من حيث اختصار إجراءات التحقيق والتحصيل مما يساعد على سرعة تحقق الضريبة وجبايتها وبالتالي يتحقق عنصر الملائمة فلا تطول الإجراءات وتتعقد بحيث تترك ،مجال للمكلف بالتهرب من الضريبة . ([14])
ج – تحقيق العدالة الضريبية
لتحقيق مبدأ العدالة الضريبية لابد من مجموعة من السبل والإجراءات منها :
- شمولية العدالة الضريبية بحيث تصيب جميع الدخول حتى لا يشعر المكلف الذي يدفع الضريبة أن هنالك من يحقق إرادات ولا يدفع الضريبة .
- معدل الضريبة : يجب أن يكون معدل الضريبة في حدود المعقول لأن أي معدل مرتفع يترك آثارا سيئة في نفسية دافع الضريبة ،وأي ضريبة تأكل مطرحها وتدفع إلى التهرب الضريبي ،إن مثل هذه الضريبة تصيب رأس المال ولا تصيب الربح الناجم عن رأس المال .
- الإعفاءات الضريبية : أي نظام ضريبي يحتوي على إعفاءات فيها محاباة بعض الفئات على حساب فئات أخرى لابد أن يدفع الضريبة المتهرب منها لذلك على الإعفاءات أن تكون مدروسة بشكل جيد ويستفيد منها أشخاص بحاجة إلى إعفاءات وإلا أدى الأمر إلى تهرب ضريبي من قبل دافع الضرائب .
- الأخذ بمبدأ شخصية الضريبة : أي مراعاة الحالة الاجتماعية للمكلف وذلك لتجديد قدرته التكيفية الحقيقية بعد الأخذ في الحسبان الحد الأدنى الضروري لنفقات المعيشة وعدد أفراد أسرته ونمط حياته والأفراد الذين يقوم بإعالتهم .
- تشجيع المكلفين على مسك الدفاتر الحسابية : كلما نظم المكلفون نشاطهم في دفاتر قانونية وعرفية ساعد الدوائر المالية على تحديد أرباحهم الحقيقية بشكل صحيح ،لأن المكلف هو أقدر الناس على معرفة وضعه المالي وغياب الدفاتر التجارية الممسوكة بشكل منتظم من قبل أغلب المكلفين أحد العوامل الرئيسية في التهرب الضريبي والذي يحدث أن المكلف الذي ينظم دفاتر محاسبية غالبا ما يقوم بتنظيم نموذجين من الدفاتر الأول مخصص للدوائر المالية البحتة أما الثاني فيحتوي على العمليات المالية الفعلية للمكلف ويحتفظ بها التاجر لنفسه وقد يساعده أحيانا موظفو الدوائر المالية في تنظيم دفاتره في كلا النموذجين .
- الترابط بين الجهات المختلفة في الدوائر: إن لدى المكلفين معاملات مختلفة تربطهم بكثير من الوزارات والمصارف والإدارات والهيئات فهم يتعاملون مع المصارف عن طريق الحسابات الجارية والقروض والإيداعات.
خلاصة :
و كخلاصة لهذا الفصل يمكن القول أن التهرب الضريبي يتخذ صورا مختلفة و تتطلب معرفته معرفة هذه الصور سواء كانت على شكل استفادة من ثغرات في التشريع أو كانت على شكل مخالفات قانونية. كما أن هذه الظاهرة أصبحت تشكل خطرا كبيرا نتيجة لأضرارها الكبيرة.
و قد تعرضنا الأنواع التهرب الضريبي المشروع منه و الذي يعبر عن الفجوة القانونية التي بموجبها يتحايل المواطن على الضريبة نظرا لأنها من وجهة نظره يمكن أن لا يدفعها أينما أدرك أنه بوسعه التحايل على السلطات أو الإفلات من العقاب أو التهرب الضريبي غير المشروع أيمشكوالذي يعني أن يساهم المكلف بدفع الضريبة عن طريق التحايل مرة أخرى في عدم فرض الضريبية عليه، و من ذلك أن لا يصرح بممتلكاته أو أن يخزنها بعيدا عن أعين الجمارك و غيره.
و قد تعرضنا لآثار التهرب الضريبي على الدولة و على المجتمع و يأتي ذلك من خلال ربط البرامج و السياسات و إنجاز المشروعات بالدخل الضريبي.
وبالتالي فإن التهرب من دفعها يؤدي إلى الحيلولة دون إنجاز تلك البرامج أو تأخيرها .. إلخ. كما يستشف من أن التهرب الضريبي عدم الوعي الوطني بأهمية الضريبة في تنمية الوطن و الدفع به إلى مصاف الدول النامية.
المصادر:
1-حمادي ولد المختار ،دور الضرائب في الميزانية ،بحث لنيل شهادة المتريز في الاقتصاد،السنة الجامعية 2009/2010 ،جامعة نواكشوط ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية
2-مصطفى ولد أحمد ديدي ،مذكرة القانون الضريبي ،السنة الثالثة اقتصاد ،قسم تسيير ،2009/2010
3-صلاح ولد الداه ،مساهمة الضرائب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في موريتانيا خلال الفترة 2000 – 2009 ،جامعة نواكشوط ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية
4- رفعت المحجوب ،المالية العامة ،مكتبة النهضة ،القاهرة ،1971م
5- د.خالد الخطيب ،الأصول العلمية في المحاسبة الضريبية ،عمان – الأردن ،1989
6-خالد شحاذة ، احمد زهير شامية “أسس المالية العامة ،دار وائل للنشر ،عمان الأردن ،2003
7- حسن عواضة ” المالية العامة/ دراسة مقارنة” الطبعة 4، دار النهضة العربية للطباعة و النشر، بيروت / لبنان 1978
8- محمد الامين ولد يحي ” التهرب الضريبي في موريتانيا 90 ـ 91 رسالة متريز مقدمة بجامعة انواكشوط/ كلية العلوم القانونية و الاقتصادية، قسم التسيير
2002-2004
9-عبد المنعم فوزي ،المالية العامة والسياسة المالية ،دار النهضة للطباعة والنشر ،بيروت ،1972
10-عبد المنعم بركات فوزي ،المالية العامة والسياسة المالية ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،بيروت لبنان ،1972م
[1]– حمادي ولد المختار ،دور الضرائب في الميزانية العامة للدولة ،بحث لنيل شهادة المتريز في الاقتصاد،السنة الجامعية 2009/2010 ،جامعة نواكشوط ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية ،ص/6
2- د.خالد الخطيب ،الأصول العلمية في المحاسبة الضريبية ،عمان – الأردن ،1989 ،ص /19 .
/ الخطيب ،مرجع سبق ذكره ،ص / 1515 3-خالد
4-خالد الخطيب ،مرجع سبق ذكره ،ص / 16 .
5-خالد شحاذة ، احمد زهير شامية “أسس المالية العامة ،دار وائل للنشر ،عمان الأردن ،2003 ،ص/ 161 .
6- صلاح ولد الداه ، مرجع سبق ذكره ، ص / 19 .
– 7-صلاح ولد الداه ، مرجع سبق ذكره ، ص / 19
– 8-صلاح ولد الداه ،مرجع سبق ذكره ،ص /20 .
9 صلاح ولد الداه ،مرجع سبق ذكره ،ص / 21 .
10- حسن عواضة ” المالية العامة/ دراسة مقارنة” الطبعة 4، دار النهضة العربية للطباعة و النشر، بيروت / لبنان 1978 ص: 457
[11] 11- محمد الامين ولد يحي ” التهرب الضريبي في موريتانيا- رسالة متريز مقدمة بجامعة انواكشوط/ كلية العلوم القانونية
، ص:14
[12] 22-عبد المنعم فوزي ،المالية العامة والسياسة المالية ،دار النهضة للطباعة والنشر ،بيروت ،1972 ،ص/225 .
[13]23-عبد المنعم بركات فوزي ،المالية العامة والسياسة المالية ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،بيروت لبنان ،1972م ،ص/225 .
- [14]عبد المنعم بركات فوزي ،مرجع سبق ذكره ،ص/227 .