مقدمة :
إن التحولات الاقتصادية و الاجتماعية التي يعرفها المجتمع في الدولة الحديثة أدى إلى تزايد أهمية دور العقار في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية باعتباره الأرضية الأساسية للإنشاء أي مشروع تنموي لذلك تعمل الدولة باستمرار إلى تنمية رصيدها العقاري و ذلك باعتماد مجموعة من الآليات القانونية على رأسها مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة إذ تعتبر هذه المسطرة آلية قانونية لحماية حق الملكية المنصوص على حمايته في المواثيق الدولية حيث جاء في المادة 17 من التصريح العالمي لحقوق الإنسان و المواطن الصادر سنة 1789 على أن حق الملكية مقدس و لا يمكن أن يحرم أي أحد منه إلا إذا فرضت ذلك قطعا الضرورة العامة و شرط تعويض عادل و مسبق ، كما نص الدستور المغربي لسنة 2011 في فصله الخامس و الثلاثون على أن القانون يضمن “حق الملكية و يمكن الحد من نطاقها و ممارستها بموجب القانون ، إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد و لا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون …”، ويعتبر نزع الملكية عملية إدارية بواسطتها تقوم الإدارة بإلزام أحد الخواص على التخلي عن ملكيته العقارية ، التي تكون في حاجة إليها لتحقيق هدف يرتبط بالمصلحة العامة)[1] ( كما يمكن تعريفها كامتياز يسمح للدولة ، عن طريق مبادرة شخص عام أو خاص إستعمال سلطته لكي يتخلى شخص عام أو شخص خاص ، و ذلك بهدف تحقيق منفعة عامة([2]) و تحقيق احترام مجموعة ضمانات ذات طابع إجرائي و موضوعي )[3](
و تمتد فكرة نزع الملكية إلى ما قبل الحماية لا سيما من خلال الفصلين 113 و 114 من اثفاقية الجزيرة الخضراء ثم تلاه مجموعة من القوانين المنظمة لهذه المسطرة([4]) توجت بالقانون([5] ) رقم 7.89 الصادر بتاريخ 6 ماي 1982و المرسوم التطبيقي([6]) له الصادر بتاريخ 16 ابريل 1983. و يؤدي خروج الادارة عن تطبيق هذه المسطرة و الاستيلاء على ملكية الغير اعتداء ماديا على حق اجمعت جميع المواثيق الدولية و القوانين بمستوياتها المتعدد على ضرور حفظها و حمايتها و يعد القضاء الإداري الحامي الطبيعي لهذا الحق و بالتبعية القضاء الإستعجالي الإداري
حيث اكتسب هذا الأخير أهمية كبيرة في العصر الحديث، بعد أن صار اللجوء إليه في كثير من الحالات طلباً للفصل في أحوال طارئة تتطلب اتخاذ تدابير مستعجلة ومؤقتة ريثما يفصل في أصل الحق، إذ يهدف القضاء المستعجل بصفة عامة إلى اتخاذ تدابير عاجلة ووقتية تقتضيها الضرورة لدفع ضرر وشيك أو محتمل الوقوع على حقوق المدعي أو لإزالة تعد حاصل على حقوق أو أوضاع مشروعة ظاهرة له. وقد حتم إنشاء هذا القضاء حاجة الخروج من اتباع الإجراءات العادية في المحاكمة التي قد تكون طويلة الأمد، ثقيلة الوقع، بطيئة الحركة مما يجعل الضرر يتفاقم، فإلى أي حد يمكن القول ان القاضي الإداري الإستعجالي يلعب دورا في حماية الملكية العقارية الخاصة و ماهي حدود هذه الحماية ؟ لمعالجة هذه الإشكالية سنعتمد تقسيم هذه الدراسة إلى محورين و هما على الشكل التالي :
المبحث الأول : دور القاضي الإستعجالي الإداري في مادة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
المبحث الثاني: اختصاص القاضي الإستعجالي الإداري في رفع الإعتداء المادي
المبحث الأول : دور القاضي الإستعجالي الإداري في مادة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
يستمد القاضي الإداري الإستعجالي تدخله في مجال نزع الملكية من القانون و قد حدد هذا الأخير مجال تدخله و شكل هذا التدخل (المطلب الأول) كما حدد القانون و الاجتهاد القضائي الجوانب الإجرائية و المسطرة الإدارية المتبعة في نزع الملكية و الخاضعة لرقابة القاضي الإداري الإستعجالي ( المطلب الثاني)
المطلب الأول: مجال تدخل القاضي الإداري الإستعجالي
قبل التطرق إلى الإطار المسطري لتدخل القاضي الإداري الإستعجالي(الفرع الثاني ) كان لا بد من التعرف أولا على العقارات و الأملاك القابلة للنزع الملكية ( الفرع الاول) .
الفرع الأول : العقارات محل الحماية القضائية المستعجلة
العقار لغة المنزل و الضيعة و يقال أيضا أن العقار هو الضيعة و النخل و الأرض و نحو ذلك وعقار البيت متاعه[7] ، أما اصطلاحا فالعقارات إما عقارات بطبيعتها أو عقارات بالتخصيص([8] )و قد اجمع الفقه أن العقارات القابلة للنزع الملكية هي العقارات بطبيعتها([9] )إلا أنهم اختلفوا على قابلية العقارات بالتخصيص([10]) لتكون موضوعا للنزع الملكية إذ يرى جانب منهم انه لا يمكن نزع ملكيتها إلا إذا شكلت جزءا متكاملا من العقار الأصلي([11]) و قد أجاز بعض الفقه نزع ملكية العقارات بالتخصيص متى أمكن إزالتها بدون تلف للعقار المتصل به ([12]) و ذهب الأستاذ مامون الكزبري إلى انه يمكن تقرير نزع ملكية العقار بالتخصيص بشرط أن يتم ذكره صراحة و إلا أمكن لمالكها فصلها عن العقار الذي ترتبط به و الاحتفاظ بها ([13]) كما يرى الأستاذ احمد اجعون أن هذه العقارات هي في الأصل منقولات رصدت لخدمة العقار و بالتالي لا يشملها نزع الملكية إلا إذا تعلق الأمر بأشياء ملتصقة بصفة أبدية و تمثل جزءا من العقار و تعتبر تابعة له و تبقى سلطة الفصل للقضاء في كل حالة على حدة ([14]) ، و قد نص الفصل الأول من قانون نزع الملكية أن نزع الملكية تنصب على العقارات و الحقوق العينية([15]) الاصلية([16]) كحق الانتفاع أو السطحية والحقوق المستمدة من الفقه الإسلامي أما الحقوق العينية التبعية([17]) فلا يمكن نزع ملكيتها إلا مع العقار المترتبة عليه و لا يجوز نزع ملكية المباني ذات الصبغة الدينية المعدة لإقامة مختلف الشعائر وكذا المقابر ([18]) والعقارات التابعة للملك العام والمنشآت العسكرية([19]).ويمكن نزع بالإضافة إلى العقارات اللازمة لإنجاز المنشآت أو العمليات المعلن أنها ذات منفعة عامة على الجزء الباقي من هذه العقارات وعلى العقارات المجاورة لها إذا تبين أن نزع ملكيتها ضروري لتحقيق هدف المنفعة العامة المنشود أو إذا كان إنجاز الأشغال يؤدى إلى زيادة ملحوظة في قيمة العقارات المذكورة([20]) و تجدر الاشارة ان دعاوى الفسخ أو الاستحقاق وجميع الدعاوى العينية الأخرى لا يمكن لها ان توقف نزع الملكية أو أن تحول دون إنتاج آثاره ، وتحول حقوق المطالبين إلى حقوق في التعويض ويبقى العقار خالصا منه([21])
الفرع الثاني : دعوى الإذن بالحيازة
تعد هذه الدعوى الإطار المسطري لتدخل القاضي الإداري الإستعجالي في مادة نزع الملكية و تتميز عن باقي الدعاوى الإدارية الإستعجالية كونها اولا تكون فيها الإدارة هي المدعية والمنزوع ملكيته هو المدعى عليه وهذا على خلاف القاعدة العامة المقررة أمام القضاء الإداري الإستعجالي ([22]) .
وهذا ما أكده قرار للمحكمة الإدارية الإستئنافية بمراكش و الذي جاء فيه « وحيث لئن كان المكتب الوطني للكهرباء يتكفل بالمصلحة العمومية………لا يخول له حق اللجوء إلى المحكمة الإدارية في شخص رئيسها للمطالبة بوضع حد لعرقلة مرور الخط الذي يعتزم إقامته مادام أن الإجراء المطلوب القيام به يهم أشخاصا ذاتيين وهو ما يخرج عن اختصاص المحكمة المذكورة كما هو محدد بموجب المادة 8 من ق 41/90 المحدث لها وبالتبعية عن اختصاص رئيسها وذلك في ظل غياب أي نص قانوني خاص يجيز له ذلك وهو ما ذهب إليه المجلس الأعلى – الغرفة الإدارية – في القرار عدد 496 بتاريخ 05/05/2004 ملف إداري عدد 848-4-1-2004 »([23])
كما أن خصوصية دعوى الإذن بالحيازة تتجلى في تميز قواعدها الشكلية والموضوعية عن الدعوى الإستعجالية الأخرى إذ يشترط القانون في المنازعات الإدارية الإستعجالية توفر شروط موضوعية وأخرى شكلية. إلا أن دعوى الحيازة تستغني عن بعض هذه الشروط بحكم القانون فهي لا تشترط توفر عنصر الاستعجال لقيام اختصاص قاضي المستعجلات فهي دعوى إستعجالية بحكم القانون إذ يكون القاضي في حالتها في غنى عن البحث عن عنصر الاستعجال ([24]) فاختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالنظر في هذه الدعوى يكون بمقتضى نص صريح في القانون حيث نصت المادة 19 من قانون نزع الملكية على انه « يختص قاضي المستعجلات وحده للإذن بواسطة أمر في الحيازة مقابل دفع أو إيداع تعويض احتياطي…. » وعليه لا يمكن للأشخاص المنزوعة ملكيتهم التمسك بانتفاء هذا العنصر وانعدامه ([25])
وأنه لا يمكن مطالبة نازع الملكية بإثباته ولا للمدعى عليه الحق في التمسك بانعدامه ([26]) فالمشرع جرد قاضي المستعجلات من سلطته التقديرية في إقرار عنصر الاستعجال كما هو الحال في الدعوى الإستعجالية الأخرى ، وألزمه بقبول الدعوى والإذن بالحيازة إلا في حالة بطلان المسطرة .
ويرى بعض الفقه ([27]) أن الحكمة وراء تقرير هذا الاستثناء يكمن في أن هذه القضايا تتميز باستعجال واضح وبين حيث لا يمكن للإدارة نازعة الملكية أن تنتظر الحكم القاضي بنقل الملكية للبدء في الأشغال التي تقررت من أجلها مسطرة نزع الملكية خاصة وأن بعض المشاريع تتميز بأهمية قصوى كبناء المستشفيات والمدارس وبعض السدود وطرق لفك العزلة عن بعض القرى و المداشر .
وقد تطرق المشرع الجزائري من خلال قانون رقم 91/11 المؤرخ في 27 أبريل 1991 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة في المادة 28 منه « أن السلطة الإدارية المخولة أن تطلب عند الضرورة من الجهة القضائية المختصة الإشهاد باستلام الأموال . ويصدر القرار القضائي حينئذ إجراء استعجاليا » ، و لا يقتصر دور القاضي الإداري الإستعجالي على مجرد الاشهاد للادارة بحيازتها أو وضع يدها على الاموال المنزوعة للمنفعة العامة ، بل هو الذي يرخص لها ذلك لكونه يتمتع بسلطة تقديرية لفحص حالة الضرورة من عدمه([28])
و الملاحظ أن النص العربي للمادة 28 من القانون الجزائري تتحدث عن الإشهاد في حين يتحدث النص الفرنسي للمادة نفسها عن الترخيص بالدخول في الحيازة للأموال، وهو الأقرب إلى الصواب حيث إن دور القاضي الإداري ليس مجرد الإشهاد للإدارة بحيازة بل هو الذي يرخص لها بذلك لكونه يتمتع بسلطة تقديرية لفحص مدى وجود حالة الضرورة من عدمه فالقاضي يبقى مؤهلا لإصدار قرار بعد التحقق من مقتضيات الضرورة وبإمكانه أن يرفض ترخيص الإدارة إلى وضع اليد الفوري حتى يفصل النزاع إن وجهت له دعوى من طرف المالك المعني بمسألة تحديد مبلغ التعويض ([29]). وهذا على خلاف المشرع المغربي حيث لا يملك القاضي الإستعجالي في إطار الاذن بالحيازة رفض الطلب إلا عند بطلان المسطرة أما مسألة التعويض وتحديده فهي تقام بدعوى مستقلة تدخل في اختصاص القضاء الموضوعي ، أما المشرع المصري فلم يتطرق لهذا النوع من الدعوى .إذ تقوم الإدارة نازعة الملكية بنزع الملكية دون الحاجة إلى استصدار أمر استعجالي لكن القانون المصري اعتمد بدوره دعوى التعويض ([30]).
و إذا كان المشرع المغربي قد ميز دعوى الحيازة واعتبرها دعوى إستعجالية حكما فهل جاء بالجديد بخصوص شرط عدم المساس بالجوهر الذي يعتبر بدوره شرطا أساسيا للقيام اختصاص القضاء الإستعجالي.
لقد اختلف الفقه في هذا الشأن حيث اعتبر فريق منه أن دعوى الإذن بالحيازة كباقي الدعوى الإستعجالية لا يحق للقاضي أن يمس بالجوهر وذلك راجع لغياب مجموعة من الضمانات عن المسطرة الإستعجالية ولطابع السرعة الذي يميز هذه المنازعات عموما ([31]) أما الاتجاه الاخر فيرى أن القضاء الإستعجالي في مادة نزع الملكية يدخل إطار القضاء الإستعجالي الموضوعي نسبة إلى أن القاضي يبت ولو تعلق الامر بموضوع الحق ([32]) و نحن نتفق مع هذا الرأي إذا ان شرط عدم مساس بجوهر الحق المدعى فيه متوافر في هاته الدعوى على الإعتبار أن قاضي المستعجلات يبت في الحيازة وليس في نقل الملكية إلا أن الإذن بالحيازة يعتبر في الحقيقة الأمر إجراء لنقل الملكية فبمجرد صدور الحكم الإستعجالي في دعوى الحيازي بفقد الملاك الأرض نهائيا إذ لا يحق لهم حتى الطعن في هذا الحكم كما سنرى لاحقا بتالي فقد مس هذا الحكم بحقهم في تملك العقار موضوع النزع وهذا دليل على مساس هذا الأمر الإستعجالي بأصل الحق وقد دهب الأستاذان محمد الأعرج وسمير أحيذار إلى القول أن ” قاضي المستعجلات لا يأمر بإجراء وقتي يمكن العدول عنه ، وإنما في الحقيقة هو قاضي الموضوع ينظر على وجه السرعة في طلب موضوعي هو نقل حيارة عقار إلى من لم يسبق أن كان حائزا له ” ([33] )
و إذا كان تميز دعوى الإذن بالحيازة عن باقي الدعوى الإستعجالية الأخرى واضح على مستوى الشروط الموضوعية فإن تميزها يظهر كذلك على مستوى بعض الشروط الشكلية فرقابة قاضي المستعجلات لا تحتمل التعقب أو الاستدراك باللجوء إلى طرق الطعن العادية فدعوى الإذن بالحيازة غير قابلة للاستئناف ولا للتعرض وهذا ما نصت عليه الفقرة 2 من الفصل 31 من قانون نزع الملكية كما أنها غير قابلة للطعن بالطرق غير العادية كإعادة النظر و التعرض الخارج عن الخصومة التي سلم القضاء بقبولها في أحكام القضاء الإستعجالي([34]).
ومن الاستثناءات المميزة لدعوى الإذن بالحيازة ما نصت عليه الفقرة 3 من الفصل 18 من قانون نزع الملكية والذي جاء فيها « استثناءا من أحكام الفصل 32 من ق م م تقبل الطلبات ولو لم ينص فيها على احد البيانات المقررة في الفصل السابق إذا تعذر على نازع الملكية الإدلاء بها» ، وقد ورد في حيثيات أمر إستعجالي صدر عن المحكمة الابتدائية بالرباط ما يؤكد ذلك حيث جاء فيه ” إن ما تدرع به أحد المدعي عليهم من أن المقال غير مقبول شكلا دفع مردود لان فصل 18 صريح إذ يبيح للدولة عدم التقيد بمقتضيات الفصل 32 من م.م”([35]) وهذا ما أكدته كذلك نفس المحكمة في إحدى أحكامها الإستعجالية بخصوص الدفع المتعلق بعدم التنصيص المدعي في المقال على مهن الأطراف وأهليتهم حيث أجابت أن « البيانات الأخرى الناقصة فإن الفقرة الثالثة من الفصل 18 من قانون نزع الملكية تسمح بقبول طلبات نزع الملكية سواء تعلق الأمر بطلب الحيازة أو بنقل الملكية ولو لم ينص فيها على احد البيانات المقررة في الفصل المذكور إذا تعذر على نازع الملكية الإدلاء بها»([36]) هذا الإجراء أصبح يعفي نازع الملكية من إصلاح مسطرة نزع الملكية وذلك من اجل إدخال البيانات الخاصة بالملاك الجدد للعقار إذا تعذر عليه معرفة ذلك وإجراء كذلك مكن الإدارة من ربح الوقت والجهد والإسراع في إنجاز الأشغال و تبسيط المسطرة ([37]) وذلك من اجل المصلحة العامة. و يرى بعض الفقه أن خضوع دعوى الحيازة إلى قانون نزع الملكية الذي تختلط فيه قواعد الموضوع بقواعد الشكل و خضوعها كذلك للقانون المحدث للمحاكم الإدارية الذي يعتبر قانونا شكليا يضفي على هذا النوع من الدعوى طبيعة خاصة و متميزة ([38])
المطلب الثاني : مراقبة القضاء الإستعجالي للمسطرة الإدارية و حدود اختصاصه
الفرع الاول : دور القاضي الإستعجالي في مراقبة المسطرة الإدارية
تعتبر مراقبة القاضي الإستعجالي للمسطرة الإدارية من أهم مظاهر الحماية المؤقت لحق الملكية التي أقرها القانون وتبدأ هذه الرقابة بالتأكد من تقديم الطلب داخل الأجل القانوني ، فالإدارة ملزمة بأن تقديم طلب نقل الملكية خلال أجل السنتين من تاريخ نشر مقرر التخلي بالجريدة الرسمية وفي الحالة عدم احترام هذا المقتضى فلا يمكن للقاضي الإداري الإستعجالي الحكم بالحيازة إلا بموجب إعلان جديد للمنفعية العامة وقد اعتبرت المحكمة الإدارية بالرباط هذا المقتضى سببا لسقوط حق نقل الملكية ، إذا جاء في أحد أحكامها أن مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 17 من ق ن.م تشترط صراحة لأجل نقل الملكية بإيداع المقال من طرف نازع الملكية داخل اجل السنتين ابتداء من تاريخ نشر المقرر بالجريدة الرسمية و انه بالرجوع إلى اوراق الملف يتبين ان مقال المدعى مسجل بتاريخ 29 نونبر 1994 في حين ان المرسوم رقم 2-90-541 المتعلق باعلان المنفعة العامة صادر في 29 نونبر 1990 أي خارج أجل السنتين المنصوص عليها قانونا و بما ان أجال تنفيد الدعوى تعتبر من النظام العام و بالتالي فإن المحكمة تعمل على مراقبتها تلقائيا لذا يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا” ([39]) و في حكم أخر جاء فيه “عدم تقديم دعوى نقل الملكية داخل اجل سنتين من تاريخ نشر المرسوم وفق الكيفية المحددة أعلاه، يجعل الطلب غير مؤسس وبالتالي غير مقبول” ([40]) إلا أنه في بعض الحالات الخاصة و التي يكتفي فيها بالتبليغ فيتم إحتساب هذا الاجل ابتداء من تاريخ التبليغ ([41]) .
وإذا كان يعتبر الخوض في جوهر النزاع ممنوع على القاضي الإستعجالي فإن المشرع أعطي للقاضي الإستعجالي الإختصاص بمراقبة الإجراءات الجوهرية والمسطرية والسهر على عدم التهاون أو تغافل الإدارة عن القيام بها، حيث تطرقت المادة 24 من قانون نزع الملكية أنه « لا يجوز لقاضي المستعجلات رفض الإذن في ذلك إلا بسبب بطلان المسطرة » وتتجسد صحة المسطرة في توفر الملف على الوثائق التالية:
– وصل إيداع مبلغ إحتياطي يعادل قيمة التعويض الذي اقترحته اللجنة الإدارية مع صورة من محضر اللجنة .
– نسخة من الجريدة الرسمية التي تم بها المرسوم القاضي بإعلان المنفعة العامة وصورة لإعلان نفس المرسوم بإحدى الجرائد الوطنية المتخصصة في الإعلانات القانونية ، وصورة التصميم التجزيئي للعقارات المستهدفة بالنزاع([42]) ،
– شهادة من المحافظ على الأملاك العقارية تتضمن قائمة أصحاب الحقوق العينية المثقلة للعقار المستهدف بالنزع إذا كان محفظا([43]).
– شهادة من المحافظ على الأملاك العقارية بتقييد مشروع مقرر التخلي بالرسم أو بالرسوم العقارية المعنية بنزع الملكية، أو بتقييده بسجل التعرضات مع الإفادة عند الاقتضاء عن أسماء المتعرضين ونوع الحقوق المتعرض بشأنها بابنسبة للعقارات الموجودة في طور التحفيظ([44])
– شهادة من المحكمة الإدارية المختصة بتقييد مشروع النزع بالسجل المنصوص عليه في الفصل 455 من ق.م.م بالنسبة للعقارات التي لم يتم تحفيظها أو وضعها في طور التحفيظ.
– شهادة مسلمة من إدارة الجماعة المحلية تثبت إشهار مشروع نزع الملكية عن طريق وضعه رهن إشارة العموم مرفقا بالتصميم التجزيئي طيلة مدة شهرين ([45]).
– سجل التصريحات والملاحظات والتعرضات المحتملة المعبر عنها فترة الاشهار.
و بتالي فإن رقابة قاضي المستعجلات رهينة بمدى توفر طلب الاذن بالحيازة على الوثائق المشار إليها سابقا فهذه الرقابة كما يرى بعض الباحثين « تقتصر على التأكد من المطابقة بين الاجراءات الإدارية ومعيارها القانوني » وتعتبر هذه الرقابة من النظام العام أي أنها رقابة تلقائي([46]) يمارسها قاضي المستعجلات وإذ لم يثرها أصحاب المصلحة.
في حين يرى فريق آخر من الفقه أن هذه المراقبة تنصب بالأساس على عدم إحترام الفصول المتعلقة بالاعلان و النشر و الايداع و البحث ([47]) من طرف الأشخاص المذكورين في الفصل 3 إذ ان أهم ما أتى به قانون نزع الملكية هو الغاء التبليغ إلى الملاك و ذوي الحقوق العينية كما كان معمولا به في القوانين السابقة و حرصا من المشرع على تعويض هذا الفراغ فإنه احاط عملية نزع الملكية بإشهار واسع النطاق حيث عدد إجراءات النشر و التعليق و ذلك لخلق نوع من التوازن بين متطلبات السرعة و ضرورة الحفاظ على حقوق الملاك و قد نصت المادة 8 على وجوب نشر المقرر المذكور بكامله في الجريدة الرسمية النشرة العامة كما يجب نشر نفس المقرر في جريدة وطنية أو اكثر مأذون لها بنشر الاعلانات القانونية كما أكدت المادة 8 من ق. ن .م على تعليق النص كامل بمكاتب الجماعة التي تقع فيها المنطقة المقرر نزع ملكيتها كما أعطى القانون إمكانية اللجوء إلى وسائل الاشهار الاخرى كالمناداة في الأسواق مراعاة للمستوى الثقافي و الاجتماعي لبعض الملاك .
كما تكون المسطرة باطلة إذا لم يصدر مقررا إداريا بتعيين المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها أو صدر ولم يتخذ بشأنه تدابير الإشهار المنصوص عليها في الفصول 8-9-10-11 12 ( [48])
وهذا ما أكدته بعض الاجتهادات القضائية حيث أن « المقصود ببطلان المسطرة حسب الفصل 24 من قانون نزع الملكية هو تخلف إحدى الإجراءات المنصوص عليها في فصل 8 وما يليه من ذات القانون».([49]) إلا أن الملاحظ أن قاضي المستعجلات الادري يبسط رقابته على مدى احترام إجراءات أخرى غير مسطرة النشر و التبليغ اذ جاء في احدى اجتهادته ” حيث إنه بموجب الفصل 7 من القانون 81-7 يمكن للمقرر المعلن المنفعة العامة أن يحدد مباشرة الأملاك التي يشملها نزع الملكية ، وفي هاته الحالة لا داعي لإصدار مقرر بالتخلي بالجريدة الرسمية أو تبليغه طبقا للفصل 9 من القانون أعلاه .
وحيث تبين من دراسة أوراق الملف أن المرسوم القاضي بإعلان المنفعة العامة أعلاه عين مباشرة الأملاك التي تم نزع ملكيتها ، فلم يكن بالتالي مجال لإصدار مقرر بالتخلي في هاته الحالة طبقا لمقتضيات الفصول 7 و 9 و17 من القانون 81 – 7 أعلاه وهذا ما استقر عليه قضاء المجلس الأعلى في قراره عدد 28 بتاريـــــخ 13/1/2000 بالملف الإداري 908/61 قضية الدهالي ضد المكتب الوطني للماء الصالح للشرب .([50]) إلا أن هذه الرقابة و على أهميتها تبقى جد محدودة ، فماهي إذن مظاهر هذه المحدودية ؟
الفرع الثاني : حدود اختصاص القاضي الإداري الإستعجالي في مراقبة مسطرة نزع الملكية
تظهر محدودية تدخل قاضي المستعجلات في الإجابة عن التساؤل التالي ، هل تقتصر مراقبته على الإجراءات المسطرية ام تمتد إلى غيرها كمراقبة الأموال القابلة للنزع أو الأشخاص المخول لهم حق النزع أو مراقبة شرط المنفعة العامة ?
لقد أجابت المحكمة الإدارية بالرباط عن هذا التساؤلات من خلال أحد أحكامها حيث جاء فيه” وحيث أنه استنادا لأحكام المادة 24 من القانون رقم 81/7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة فإن قاضي المستعجلات يمكن له الإذن في الحيازة لنازع الملكية متى تبين له بأن المسطرة المنصوص عليها في فصول 8،9،10،12 من القانون أعلاه قد تمت بصورة صحيحة وحيث أنه وبعد الاطلاع على الوثائق المعززة للطلب تبين لنا أن المدعية قد سلكت جميع الإجراءات الإدارية المنصوص عليها في الفصول المشار إليها أعلاه والمتمثلة في التعليق والإيداع والنشر وباقي الإجراءات الأخرى وحيث إن قاضي المستعجلات تحدد مهمته في إصدار الأذن بالحيازة ولا يمكنه أن يتطرق لمسألة البحث حول مالك العقار المراد نزع ملكيته بعد إثارة هذه النقطة من طرف الاطراف المدعى عليهم في نازلة الحال وإن ذلك يعود إلى اختصاص قاضي الموضوع……..»([51])
و من خلال مقتضيات هذا الحكم يتضح لنا محدودية دور قاضي المستعجلات في مجال نزع الملكية حيث يقتصر دوره على مراقبة الإجراءات المسطرية لنزع الملكية ([52]) فالقاضي الإستعجالي لا تمتد رقابته على الأسباب القانونية التي تحدد الحقوق والالتزامات الأطراف حيث يبحث في ظاهر مستندات الدعوى بحثا عرضيا وسطحيا وبالقدر الذي يوصله إلى الإجراء الوقائي المرغوب فيه ودون أن يخوض في أصل الحق الذي يتركه سليما ليفصل فيه قاضي الموضوع ([53])
و من مظاهر محدودية مراقبة القاضي الإداري الإستعجالي لمسطرة نزع الملكية عدم اختصاصه في رقابة شرط المنفعة العامة من خلال مراقبة الموازنة بين منافعها و أضرارها إذ يرى بعض الفقه انه” لا يمكن قانونا اعتبار عملية نزع الملكية محققة للمنفعة العامة إلا إذا كانت الإضرار التي تلحق الملكية الخاصة من جرائها و ما تتطلبه من تكاليف مالية و كذلك ما يحتمل أن ينتج عنها من مضار اجتماعية لا تتجاوز بشكل مبالغ فيه المزايا او المنافع التي يمكن ان تترتب عليها([54])
و إذا كان الاجتهاد القضائي أقر سابقا أحقية تدخل قاضي الموضوع في مراقبة الموازنة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة من خلال ما أبدعه مجلس الدولة الفرنسي في القضية الشهيرة ( المدنية الشرقية الجديدة) بتاريخ 28 ماي 1971 حيت أتى بقاعدة “أن أي مشروع لا يمكن الاعتراف له قانون بتوافر شرط المنفعة العامة إلا إذا كانت الأضرار التي يلحقها بمنفعة عامة أخرى ليست باهظة بالنظر إلى المنفعة التي تحققها( [55]) وقد دهب المجلس الأعلى المغربي في نفس الاتجاه وتبنى نظرية الموازنة في قضايا نزع الملكية من خلال قراره في القضية الشركة العقارية ميموزةا والذي جاء فيه ” إذا كانت الإدارة تتوفر على السلطة التقديرية في خصوص المنفعة العامة التي تسعى إلى تحقيقها من وراء نزع الملكية ، فإن ذلك لا يمنع القضاء الإداري من مراقبة مضمون أغراض المنفعة العامة المذكورة وما إذا كان المنزوع ملكيته كما هو الحال في النازلة يسعى إلى تحقيق نفس الأغراض و الأهداف بموافقة الإدارة المسبقة لإنجاز هذا المشروع مما يعني أن الإدارة التي رخصت للطاعنة لتحقيق هذا المشروع وتركتها تحقق جزءا منه وتنفق مبالغ مالية هامة لا يمكنها أن تسعى إلى نزع هذه الملكية المنفعة العامة لتحقيق نفس الأغراض و إلا فأنها تكون مشتطة في استعمال سلطتها إن المنفعة العامة التي تتدرع بها الإدارة لإصدار المرسوم المطعون فيه تحققت بالفعل غير أن المشروع الذي أنجزت الطاعنة طرفا مهما منه باعتراف الإدارة وبموافقتها الواضحة والصريحة مما يجب إلغاء المقرر المطعون فيه ([56])
وإذا كان قاضي الإداري الموضوعي تمكن من فرض رقابته على شرط المنفعة العامة فان القاضي الإداري الإستعجالي مقيد بمجموعة من القيود تحول بينه و بين فرض هذه الرقابة و منها أن شرط المنفعة العامة يأتي في شكل قرار إداري و بالتالي فإن الطعن فيه هو من اختصاص قاضي الإلغاء ، أما القيد الثاني فهو نابع من طبيعة القضاء الإستعجالي نفسه إذ يفرض القانون لتدخل القاضي الإستعجالي عدم مساسه بجوهر الحق و يعتبر الخوض في شرط المنفعة العامة تدخل في محل قرار إداري و بالتالي تدخل في جوهر الحق .
إلا أن تدخل القاضي الإستعجالي يبقى في صالح أطراف الدعوى فالإدارة لا تنتظر الحكم القضائي لتنقل إليها الملكية والتي غالبا يتطلب هذا الحكم وقت كثيرا مما قد يعرقل عمل الإدارات العمومية وبالتالي المصلحة العامة ونفس الوقت فهو في صالح المنزوع ملكيته إذ على أقل فهو يستفيد من المبلغ التعويض المؤقت في انتظار الحكم له بالتعويض النهائي ([57])
المبحث الثاني: دور القاضي الإستعجالي الإداري في رفع الإعتداء المادي
إن الحديث عن مضمون سلطات القاضي الإداري الإستعجالي في رفع الاعتداء المادي( المطلب الثاني) يستلزم منا التعرف على محدداته و أشكاله أولا (المطلب الأول)
المطلب الأول : محددات الاعتداء المادي
سنتطرق في هذا المطلب إلى مفهوم الاعتداء المادي عند الفقه و الاجتهاد القضائي (الفرع الأول) كما سنتطرق إلى طبيعة الأعمال المادية التي تشكل فعل التعدي ( الفرع الثاني )
الفرع الأول : مفهوم الإعتداء المادي
يعد الفقيه ” لافيير ” أول من وضح فكرة الاعتداء المادي ووضع تعريفا له وذلك في تقريره الذي قدمه كمفوض للحكومة إلى محكمة التنازع في قضيةLeu Monnier بتاريخ 1878/05/05 ، حيث ربط الاعتداء المادي بفكرة اغتصاب السلطة ، فدهب في هذا التقرير ، إلى أن الخطأ الفاحش ، والاغتصاب الواضح ، والاعتداء غير مبرر على الحقوق الخاصة ، بجرد القرار من صفته الإدارية ، ويصبح مجرد عمل من الأعمال الاعتداء المادي ، و انتهى في تقريره إلى تعريف الاعتداء المادي بأنه خروج الإدارة عن سلطتها وعن اختصاصاتها
« il ya voie de fait au cas ou l’administration sortait non seulement de ses propres attributions mais des attribution même de l’autorité administrative »[58]
الإعتداء المادي هو ذلك الصنف من الأعمال التي تخرج من خلاله الإدارة عن إطار مبدأ الشرعية بشكل سافر مما يجعله منقطع الصلة بأي نص تشريعي أو تنظيمي ([59]) و يتحقق الإعتداء المادي في مجال حق الملكية عند قيام الإدارة بتصرف يمس بحرية التملك دون أن يكون لها بأي شكل من الأشكال صلة بالممارسة المشروعة للامتيازات القانونية الممنوحة لها كسلطة إدارية ([60]).
كما عرف بعض الفقه « الإعتداء المادي» بأنه إرتكاب الإدارة أثناء قيامها بنشاط مادي تنفيذي عدم مشروعية جسيم ظاهر من شأنه أن يتضمن اعتداء على حق الملكية أو مساسا بحرية من الحريات العامة»([61]) .وانطلاقا من هذا التعريف يتضح لنا أن الإعتداء المادي عنصران أساسيان : العنصر الاول يتمثل في التنفيذ المادي بمعنى أنه يجب أن يكون هناك عمل تنفيذي مادي مباشر يرى القاضي أنه يكفي أن يكون تهديدا لحق الملكية. كالقيام بعملية بناء أو إقامة سياج أو هدم محل أو اقتحامه بالقوة بدون الاستناد في ذلك إلى القانون وقد استقر الاجتهاد القضائي في تعريف الإعتداء المادي حول فكرة مفادها أنه خرق فادح لحق الملكية ترتكبه الإدارة ضدا على كل الضمانات الأساسية التي نص عليها القانون ([62]) وقد اعتبر المجلس الأعلى « احتلال الإدارة لملك الغير قبل أن تتخذ القرار بالاحتلال المؤقت هو عمل يكتسي صبغة اعتداء وقت إنجازه »([63]) .
وقد استقر القضاء الإداري على تحديد مفهوم الإعتداء المادي على أنه كل نشاط يستعص إدخاله ضمن ممارسة السلطة الإدارية([64]) ، وعرفته المحكمة الإدارية بالرباط بقولها « إن الإدارة حينما تقوم بارتكاب الإعتداء سواء في صورة قرار إداري صارخ في عدم مشروعيته أو في تنفيذ عمل مشروع الذي يصبح بعد هذا التنفيذ قرارا معدوما – كما في نازلة الحال- فإنها تكون في الحالتين معا قد ارتكبت اعتداء ماديا يخرجها عن مبدأ الشرعية ويجرد عملها من صفته الإدارية. وحيث إذا حصل أن الإدارة أثناء مباشرتها لوظائفها الإدارية خرجت عن الحدود المقررة لها في القانون خروجا يشكل ‘اعتداء صارخا وجسيما على مبدأ الشرعية فإن العمل الإداري يفقد في هذه الحالة طبيعته الإدارية وتنقطع الصلة بينه وبين القانون و يصبح مجرد عمل مادي يشبه عمل الافراد العاديين» ([65]) .
الفرع الثاني : طبيعة الأعمال الإدارية التي تشكل فعل التعدي
انطلاقا مما سبق يتضح لنا أن الإعتداء المادي يتأسس على عنصران أساسيان : العنصر الاول يتمثل في التنفيذ المادي بمعنى أنه يجب أن يكون هناك عمل تنفيذي مادي مباشر يرى القاضي أنه يكفي أن يكون تهديدا لحق الملكية. كالقيام بعملية بناء أو إقامة سياج أو هدم محل أو اقتحامه بالقوة بدون الاستناد في ذلك إلى القانون
إلا أن بعض الفقه يرى « أن الأساس القانوني للغصب والإعتداء ليس العمل المادي التنفيذي الذي تقوم به الإدارة على العقار المستولى عليه لان ذلك إنما هو مظهر واقعي خارجي له فقط، وإنما أساسه اعتماد الإدارة في القيام به على قرار إداري معدوم مادامت مرجعية هذا القرار لا تستند على أي مقتضى قانوني»([66]) بحيث تستند الإدارة في هذه الحالة إلى قرار أصدرته من أجل الإستيلاء على ملكية خاصة بدون أن يكون بهذا القرار أي سند قانوني ، فهو معدوم لأنه ينطوي على مخالفة صارخة لمبدأ المشروعية وبالتالي لا يمكن أن يرتب أي أثر قانوني( [67])
أما العنصر الثاني يتجلى في عدم مشروعية جسيم وظاهر للعمل الإدارة وهذا يعني أن عدم مشروعية بسيط لا يكون في حد ذاته اعتداء ماديا بل يشترط أن يكون هناك عدم مشروعية جسيم([68]) . كما عرفه بعض الفقه أنه تصرف يصدر عن الإدارة أثناء قيامها بنشاط مادي تنفيذي يتسم بعدم المشروعية الجسيم والظاهر لاعتدائه على حق الملكية الخاص أو مساسه بحرية من الحريات العامة المصونة بالدستور فالاعتداء المادي هو كل عمل لا صلة له مطلقا بتطبيق نص قانوني أو تنظيمي أو حتى بإحدى الصلاحيات المسندة للإدارة فهو العمل الذي لا يمكن اعتباره عملا ذي طبيعة إدارية يمكن إدراجه ضمن ممارسة السلطة الإدارية .
وتجدر الإشارة أن الإعتداء المادي قد تنصب على حق الملكية لذاته كما أنه قد ينصب على حق من الحقوق العينية والارتفاقات الأخرى التي هي في خدمة العقار كما هو الشأن بالنسبة للأشغال التي تقوم بها الإدارة خارج العقار.
ويأخذ الاعتداء المادي عدة أشكال منها إقامة إدارات عمومية أو بناء مدارس فوق ملك الخواص دون موافقتهم ([69]) او بناء مشاريع سكنية اجتماعية ([70]) أو تمرير و مد الأسلاك الكهربائية عالية التوتر أو مد قنوات الصرف الصحي او تشيد مستشفيات أو مساكن وظيفية ([71]) كما نجد بعض الجماعات الترابية تقوم بالاستيلاء على عقارات الخواص لاستعمالها كأسواق أسبوعية أو مستودعات للسيارات أو المحجوزات …
المطلب الثاني : مضمون سلطات القضاء الإستعجالي في دعوى الإعتداء المادي
ان الحديث عن مضمون سلطات القاضي الإداري الإستعجالي في رفع الاعتداء المادي (الفرع الثاني) يستدعي منا الحديث أولا عن الإطار القانوني لاختصاصه في هذا المجال ( الفرع الثاني)
الفرع الأول : تأسيس الاختصاص للقضاء الإداري الإستعجالي في رفع الاعتداء المادي
يعتبر القضاء الإداري هو الحامي الطبيعي لحق الملكية من الإعتداء المادي للإدارة عليه رغم أنه عرف في بداية إحداث المحاكم الإدارية([72]) اضطرابا من حيث إسناد الإختصاص إليه في هذا النوع من القضايا متأثرا في ذلك على ما يبدو بالاجتهاد القضائي الفرنسي([73]) إذ يعتبر هذا الأخير أن المحاكم العادية هي المختصة بنظر الدعاوى الناتجة عن الاعتداء المادي مستند في ذلك إلى التبريرات التالية :
- كون المحاكم العادية هي الحامي الطبيعي للملكية الخاصة
- كون القاضي العادي يملك سلطة قوية و استثنائية لا يملكها القاضي العادي للوقاية من الاعتداء المادي أو إيقافه
- كون الاعتداء المادي و طبيعته و الشكل الذي صدر عليه أو الطريقة التي نفذ بها هو الذي أنزل الإدارة منزلة الأفراد العاديين و أفقدها ميزة التقاضي أمام القضاء العادي([74]).
و قد سار المجلس الأعلى في نفس الاتجاه إذ كان يعتبر هذه القضايا من اختصاص المحاكم العادية حيث كان يعلل موقفه بكون الفصل 8 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية قد عدد اختصاص المحاكم الإدارية على سبيل الحصر ولم يمنحها الولاية للبث في جميع المنازعات الإدارية وأنه لم يرد فيه على أن هذه المحاكم مختصة في إزالة التعدي الناتج عن أعمال ونشاطات الإدارة ومادام الأمر كذلك فإن أي موضوع لم يتم التنصيص عليه في تلك المادة فهو يعود لاختصاص القاضي العادي ([75])، وقد انقسمت المحاكم الإدارية في البداية بين مؤيد لهذا الاتجاه مبررين أن ما ورد في المادة 8 من القانون 4/90 جاء على سبيل الحصر ولا يمكن تجاوزه ([76]) وقد أسس هذا الاتجاه موقفه على اعتبار أن المادة 19 من قانون رقم 41/90 التي تؤسس اختصاص رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضي المستعجلات لم تشر صراحة إلى اختصاصه لوقف أعمال التعدي الصادرة عن الإدارة نظر للطبيعة الخاصة بحالة الاعتداء المادي التي تتخلى فيه الإدارة عن امتيازاتها و تنزل منزلة الخواص و بالتالي فإن رئيس المحكمة الابتدائية هو المختص لوقف أعمال التعدي([77]) و يرى الأستاذ مصطفى التراب أن تبني هذا الموقف يرجع إلى تأثر القضاء المغربي بالقضاء الفرنسي و الذي يعتبر القاضي العادي هو الحامي الطبيعي لحق الملكية و هو مبرر خاص بفرنسا و بماضيها التاريخي([78]) و بما أن المغرب لم يعرف مثل هذه المعطيات التاريخية فإن ليس هناك ما يدعو قانونا و واقعا إلى التشبث بهذا الموقف و مادامت المادة 8 من قانون رقم 41/90 لم تستثني صراحة قضايا الاعتداء المادي من دائرة اختصاصها النوعي فإنها مبدئيا هي المختصة ([79]) وقد ذهب بعض الفقه إلى تبرير هذا الموقف بأن المحاكم الإدارية كانت حريصة على ألا تفاجئ بالتسرع في التجديد و قطع الصلة مع الماضي فجاء موقفها متميز بالتريث و التأني و عملت في الفترة الأولى على الحفاظ على النهج السابق و عدم الخروج عما هو مستقر و متواتر و لم تسع إلى تطوير و تغيير هذا القطاع ([80]) و سرعان ما استقر القضاء المغربي على اعتبار المحاكم الإدارية هي الجهة المختصة([81]) للبث في طلبات رفع الاعتداء المادي وإيقاف أشغاله وكانت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في قضية « كدليا غاشيل KADALIA RACHALL» أول محكمة أقرت هذا المبدأ في أمر استعجالي بتاريخ 26 أبريل 1994 وقد بنت هذه المحكمة موقفها على تفسير منطقي حيث اعتبرت أن الفصل 19 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية أعطى لرئيس المحكمة اختصاصات قاضي المستعجلات ومن بينها النظر في دعوى الإعتداء المادي خاصة انه ليس هناك نص قانوني يمنع قاضي المستعجلات الإداري من مزاولة هذا الإختصاص([82]) ، و قد استقر القضاء الإداري على اعتباره مختصا في طلبات رفع الإعتداء المادي و إيقاف إشغاله مند أن أقرت الغرفة الإدارية هذا الاتجاه بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 20/06/1996 في الملف الإداري رقم 96.150 الذي أقر اختصاص المحاكم الإدارية تم كرس المجلس الأعلى نفس الموقف في قراره عدد 658 الصادر بتاريخ 19/09/1996 و الذي جاء فيه « وحيث إنه إذا كان الاجتهاد القضائي السابق للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قد سار على أن المحاكم الإدارية تقتصر على الإختصاص بالنظر في دعاوى التعويض عن الأضرار الناتجة عن نشاطات أشخاص القانون العام ومنها دعاوى التعويض عن احتلال الإدارة غير المشروع لأراضي الخواص كما يفهم من الفصل 8 من قانون 41.90 المنشئ للمحاكم الإدارية دون النظر في رفع الإعتداء المادي على أساس أنه من اختصاص المحاكم العادية، فإن الاتجاه الجديد للغرفة الإدارية كما ترجمه القرار الصادر بتاريخ 20/06/1996 في الملف 150/96 هو اختصاص المحكمة الإدارية وهي بصدد البت في طلبات التعويض عن الأضرار الناتجة عن نشاطات أشخاص القانون العام في مجال الإعتداء المادي تكون ملزمة لا محالة بالبت والتأكد من قيام عناصر الإعتداء المادي والمبررات التي تتذرع بها الإدارة من جهة، ومن جهة أخرى فإنها في هذه الحالة ستنظر في شقين متلازمين لدعوى واحدة تجمعها رابطة واحدة ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، وإلا فما هي المحكمة المتوخاة من إسناد الإختصاص بالبت في طلبات التعويض عن الإعتداء المادي للإدارة إلى المحاكم العادية في الوقت الذي كان من المفروض قانونا أن يكون الإختصاص في المجالين معا موكولا لجهة قضائية واحدة.
وحيث إن الفصلين 79 و 88 من قانون العقود والالتزامات اللذين تمسك بهما المستأنف لتأكيد اختصاص المحاكم العادية للبت في النزاع الحالي المتعلق برفع الإعتداء المادي للإدارة ولا مجال لهما في النازلة الحالية إذ الفصل 79 المذكور يتعلق بترتيب مسؤولية الدولة والبلديات عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها، بينما الفصل 80 المذكور يتعلق بالمسؤولية الشخصية لمستخدمي الدولة والبلديات»([83]).
حيث تقدم المدعي بعدة طلبات من بينها الحكم بطرد المدعى عليه من ارضه و حيث انه بخصوص هذا الطلب فان الامر يتعلق باعتداء مادي لادارة على ملكية الخاصة للمدعي ، و ان هذه المحكمة دأبت سابقا على اعتبار القاضي العادي هو الحامي للحريات العامة و بالتالي للملكيات الخاصة حيث كانت تصرح بعدم اختصاصها بالبت في مثل هذه الطلبات ، مسايرة للقضاء الفرنسي….و تماشيا مع مقاصد المشرع يكون القاضي الإداري هو القاضي الطبيعي للبت في طلب رفع الاعتداء المادي([84])
و إذا كان القضاء الإداري الموضوعي من خلال ما سبق مختص بالبت في قضايا الإعتداء المادي فإنه و بالتبعية يحق للقاضي الإستعجالي الأمر برفع الإعتداء المادي ووضع حد له سواء بطرد الإدارة او ايقاف الاشغال التي تمارسها على العقار ([85]) باعتبار ان القضاء الإستعجالي الإداري يستمد اختصاصه من اختصاص المحكمة الإدارية نفسها و يعتبر قرار الغرفة الإدارية عدد 474 الصادر بتاريخ 20 شتنبر 1996 من أولى القرارات التي اعطت تأويلا واسعا لمقتضيات الفصل 19 من قانون رقم41/90 و الذي جاء فيه : والحالة كذلك أن المحاكم الإدارية إذا كانت مقيدة من حيث الإختصاص النوعي بنص الفصل 8 من قانون 90-41 المنشئ لها فإن هذا الفصل عندما خول البت في طلبات التعويض عن الأضرار الناتجة عن أعمال الإدارة المادية فإنها تكون من باب أولى وأخرى مؤهلة للبت كذلك في طلبات رفع الإعتداء المادي، مما يخول المحكمة الإدارية النظر في شقين متلازمين لدعوى واحدة تجمعهما رابطة واحدة ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، وإلا فما هي المحكمة المتوخاة من إسناد الإختصاص بالبت في التعويض عن الإعتداء المادي للإدارة إلى المحاكم الإدارية وإسناد الإختصاص فيما يخص رفع الإعتداء المادي للإدارة إلى المحاكم العادية في الوقت الذي كان من المفروض قانونا أن يكون الإختصاص في المجالين معا موكولا لجهة قضائية واحدة…
وحيث إنه من جهة أخرى، فإذا كان الإختصاص قبل إحداث المحاكم الإدارية منعقدا للمحاكم الابتدائية كدرجة أولى ولمحاكم الاستئناف كدرجة ثانية للنظر في دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام وكانت هذه المحاكم تنظر في دعاوى التعويض عن الإعتداء المادي في هذا الإطار، وتقضي تبعا لذلك إذا طلب منها برفع حالة الإعتداء المادي وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه كطلب تابع أو بأمر استعجالي وقتي من قاضي المستعجلات أو بحكم قطعي بناء على طلب منفرد بذلك فإن المشرع عندما نقل اختصاص النظر في دعاوي التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام، ومنها دعاوى التعويض عن الإعتداء المادي على المحاكم الإدارية ونقل اختصاص قاضي المستعجلات الوقتية المرتبط من رئيس المحكمة الابتدائية إلى رئيس المحكمة الإدارية يكون بذلك قد نقل على المحاكم و إلى رئيسها اختصاص النظر في الطلبات التبعية، وأصبح اختصاصها بالتتبع إذا طلب منها ذلك النظر في رفع الإعتداء المادي الممارس من طرف الإدارة».([86])
و خلاصة القول ان الاجتهاد القضائي مستقر في الوقت الراهن على الرأي القائل بإختصاص المحاكم الإدارية بالطلبات الوقتية و الرامية إلى رفع حالة الإعتداء المادي و جبر الضرر الناجم عنه مما يؤشر على تقوية الحماية القضائية لحق الملكية ([87]).
الفرع الثاني : مظاهر الحماية المؤقت لحق الملكية من الاعتداء المادي
من صور الإعتداء المادي على الملكية الخاصة و التي يتدخل القضاء الإستعجالي لحمايتها، إقدام الدولة على إقامة مدرسة على ملك الغير الخاص ([88]) ، أو مد قنوات الصرف الصحي بأرض الخواص أو احتلال ملك الغير و البناء فيه بنايات تجارية إلى غيرها من أشكال التعدي و قد تصدى القضاء الإستعجالي للاعتداء المادي على أملاك الغير حيث اعتبر « إن احتلال ملك الغير بدون حق و لا سند من طرف الجماعة المحلية وبنائها فيه بناءات تجارية و اجتماعية يشكل وضعا غير قانوني، تقتضي المصلحة العامة و كذلك مصلحة المالك وضع حد له في اقرب وقت الأمر الذي يعطي لدعوى الإفراغ صبغة استعجال يختص قاضي المستعجلات بالنظر فيها »([89])
وقد اعتبر القاضي الإداري الإستعجالي خروج الإدارة عن قواعد قانون نزع الملكية، اعتداء مادي يستوجب إيقافه باعتبار حق الملك مضمون دستوريا ولا يجوز نزعه من يد صاحبه إلا وفق الإجراءات المقررة لقانون نزع الملكية المتمثلة في استصدار مرسوم نزع الملكية واستئذان القضاء الإستعجالي في حيازة العقار موضوع نزع الملكية والمطالبة بنقل ملكية مقابل التعويض المحدد قضاء ، وأن كل إخلال لهاته المقتضيات القانونية وحيازة العقار حيادا عليها يضفي صبغة الغصب والتعدي على تلك الحيازة التي لا ترتب عنها أي آثار قانونية ولو بطول أمدها سواء فيما يخص سقوط الحق بالتقادم أو اكتساب الملكية ويملك القضاء الإستعجالي حق التصدي لذلك الاعتداء المادي عن طريق إيقافه أو رفعه بحسب الأحوال ،” وحيث يؤخذ من ظاهر أوراق الملف ومستنداته أن الطالب هو مالك العقار موضوع الطلب وأن الإدارة المطلوب ضدها بصدد القيام بأشغال به حيادا على الإجراءات المقررة لنزع الملكية ، مما تبقى معه تلك الأشغال جارية على وجه التعدي ، والطلب حول ايقافها مؤسس .لهذه الاسباب نأمر علنيا ابتدائيا غيابيا
بإيقاف أشغال بناء السور الجارية بالقطعة الأرضية موضوع الطلب ، مع النفاذ المعجل وإرجاء البت في الصائر “([90]). وثم تأكيد نفس الأمر في حكم أخر جاء فيه “وحيث يؤخذ من ظاهر أوراق الملف ومستنداته أن الطالبين هم مالكو العقار موضوع الطلب و أن المطلوب ضده لا ينازع في ذلك و لا في الأشغال الجارية به بقدر ما يدفع بالمساهمة المجانية المنصوص عليها بالفصل 37 من قانون التعمير، علما بأن المساهمة المجانية ولو في حالة ما إذا كان المالك العقار المجاور للطريق ملزما بها فإن تطبيقها على أرض الواقع تستدعي سلوك المسطرة القانونية لوضع اليد على العقار المعني بها مما تبقى معه الأشغال الجارية بالملك موضوع الطلب حيادا على قانون نزع الملكية و على وجه التعدي و الغصب و الطلب حول إيقافها مؤسس، سيما و أن حالة الاستعجال قائمة بالنظر عن ما يترتب عن إتمامها من تعذر إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه”([91])،
نستنتج من هذا الحكم ان القاضي الإستعجالي لا يكتفي بالحكم برفع الاعتداء المادي بل يذهب إلى الحكم بارجاع الحالة إلى ما كانت عليه و هو امر ايجابي حيث إن بعض الأشغال المقامة على العقار المسلوب قد يصعب على المتضرر إزالة مخلفاتها أو إعادتها لما كانت عليه سابقا .
و من مظاهر الحماية التي يوفرها القاضي الإداري الإستعجالي لحق الملكية في مجال الاعتداء المادي هو فرض الغرامة التهديدية على الإدارة في حالة عدم تنفيذ الأوامر القضائية الصادرة عنه خاصة و انها مشمولة بالنفاذ المعجل حيت أكد القاضي الإستعجالي الإداري أن” طلب تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة المدعى عليها باعتبارها شخص من أشخاص القانون العام مؤسسا ،طبقا لمقتضيات الفصل 448 من ق م م المحال عليه بموجب المادة 7 والقانون 90-41 مادام أن تنفيذ الأمر لصيق شخص المنفذ عليه وتلزم إدارته في تنفيذه دونها إمكانية للتنفيذ الجبري وبما لنا من سلطة تقديرية في تحديدها أخذا بعين الاعتبار طبيعة الأمر المعني بالتنفيذ نرى تحديدها في ضوء الطلب في مبلغ 500 درهم يوميا عن كل يوم تأخير عن التنفيذ “([92]).
وهذا أمر ايجابي كذلك إذ يعتبر عدم تنفيذ الأوامر القضائية ضربا لحرمة وهيبة وقدسية القضاء كما انه يزرع الشك حول فعالية وجدوى القضاء الإداري . و ترجع إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية إلى غياب مسطرة فعالة وناجعة لإجبار الإدارة على التنفيذ، فقانون المحاكم الإدارية وكذلك قانون المسطرة المدنية لا يتضمنان الوسائل اللازمة لجبر الإدارة على تنفيذ الأحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به، لذلك استنبطا القاضي الإدارية بعض الآليات القانونية المعمول بها أمام المحاكم العادية لحل هذه الإشكالية ومنها الغرامة التهديدية وهي وسيلة قانونية منحها المشرع بمقتضى المادة 448 من قانون المسطرة المدنية للدائن لتمكينه من الحصول على التنفيذ العيني متى كان الأمر يتعلق بالقيام بعمل أو بالامتناع عنه لصيق بشخص المنفذ عليه، ممكن وجائز قانونا وتلزم إرادته في تنفيذه ولا تسعف فيه إجراءات التنفيذ الجبري ومن خصائص الغرامة التهديدية أنها تهديدية وتحذيرية وتحكمية ولا يقضى بها إلا بناء على طلب.
لكن رغم كل هذه يبقى دور القاضي الإستعجالي الإداري محدودا إذ لا يمكن له إزالة الأشغال التي ترتبط بالمنفعة العامة و التي ستؤدي إزالتها إلى أضرار بهذه المنفعة تفوق الضرر الناتج للمتعدى عليه و هذا ما أكده حكم للمحكمة الإدارية بالرباط و الذي جاء فيه : وحيث يهدف الطلب إلى استصدار أمر بإفراغ وزارة التعليم من العقار موضوع الطلب للاحتلال بدون سند ولا قانون .
وحيث إنه إذا كان من المقرر دستورا أن حق الملك مضمون دستوريا ولا يجوز نزعه من يد صاحبه إلا في إطار الإجراءات المقررة بقانون نزع الملكية 81-7 أو الفصل 15 من دستور المملكة ، وأن القضاء الإستعجالي يملك حق رفع كل اعتداء مادي واقع على العقار المغصوب ، فإنه من المقرر كذلك أنه لا يجوز تعطيل المرفق العام المنشأ على وجه غير صحيح لانتفاع جمهور الناس بخدماته ، وأن قاضي المستعجلات يملك سلطة الموازنة بين الصــــــــالح العام والصالح الخاص مع ترجيـــــــع المصلحة العامـــــــــة على كل مصلحة خاصة متــــــــــــى كان لذلك مبرر.
وحيث إنه إذا كان ذلك يشكل غصبا واعتداء ماديا على العقار المذكور، فقد تم صرف أموال عمومية على إنشاء المرفق التعليمي أعلاه و أضحى مشغلا ومنتفعا بخدماته من طرف المواطنين لذلك فالموازنة بين المصلحة الخاصة للطالب المتمثلة في رفع الاعتداء المادي على ملكه والمصلحة العامة المتمثلة في انتفاع المواطنين من خدمات المرفق العمومي والمحافظة على المال العام تقتضي ترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ، وبالتالي عدم الاستجابة لطلب الإفراغ أعلاه ، سيما وأن حقوق الطالب محفوظة في مقاضاة الإدارة بالتعويض عن فقدان الملك والحرمان من الاستغلال لغاية إنشاء المرفق العمومي ، خصوصا وأنه لم يتقدم بطلب بإيقاف الأشغال في الإبان وقبل صيرورة العقار مرفقا عموميا ([93]).
و باستقراء للإحكام السابقة يتبين ان دور القاضي الإستعجالي في مجال حماية العقار من الإعتداء المادي تحده نظرية الموازنة بين المنفعة العامة و المنفعة الخاصة حيث تعطى الأسبقية للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة في رفع الاعتداء المادي و من الأشياء الأخرى التي تحد من دور القاضي الإداري الإستعجالي الالتزام بالقواعد العامة للقضاء الإستعجالي خاصة شرط عدم المساس بجوهر الحق حيث أكدت مجموعة من الأحكام التزام القاضي بهذا الشرط و منها حكم للمحكمة الإدارية بالرباط الذي جاء فيه “وحيث في نازلة الحال ، فإن الإدارة المدعى عليها استظهرت بقرار للاحتلال المؤقت مؤرخ في 19/2/2008 يعطيها الحق في احتلال القطعة الأرضية موضوع النزاع لمدة سنة قابلة للتجديد قصد إقامة ممرات لآليات الورش وإنجاز الأشغال التحضيرية اللازمة لانجاز أشغال بناء مدخل مدينة الفنيدق انطلاقا من الطريق السيار الرابط بين تطوان و الفنيدق ، في حين أن محضر المعاينة وتقرير الخبرة المدلى بهما من طرف المدعية لا يفيدان بأن المدعى عليها تجاوزت ما هو مسموح لها بموجب قرار الاحتلال المذكور ، الأمر الذي تكون معه واقعة الاعتداء المادي موضوع منازعة جدية ، وبالتالـــــي يبقى الإجراء المطلوب فيه مساس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر ، ويتعين بالتالي التصريح برفع النظر لعدم الاختصاص([94]) . ” و في حكم أخر عمل القاضي إلى توضيح الالتزام بهذا الشرط معلل ذلك بأنه “لئن كان من المقرر فقها وقضاء أنه يرجع لقاضي الأمور المستعجلة الاختصاص بجعل حد لكل اعتداء مادي أو غصب أو قطع تعسفي لوضعية قانونية أو تعاقدية ، وذلك بإرجاع الأطراف إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل حدوث الغضب حماية منه للمراكز القانونية الواضحة وضرورة صيرورة وترتيـــــب آثارها القانونية فإن اختصاصه بالبت في مثل الطلب وبالاستجابة إليه مشروط بمقتضى الفصلين 149 و152 من قانون المسطرة المدنية بتوافر حالة الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق وهما شرطان متلازما، إذا انعدم احدهما زال اختصاص قاضي الأمور المستعجلة لفائدة قضاء الموضوع ، و أن المقصود بأصل الحق الممنوع على القضاء المستعجل المساس به هو السبب القانوني الذي يحدد حقوق كل من الطرفين والتزاماته قبل الآخر إذ يحظر عليه تناوله بالتفسير والتأويل وتأسيس قضاءه بذلك على أسباب تمس أصل الحق أو تعرض لقيمة المستندات المدلى بها أو تأمر باتخاذ إجراء تمهيدي بإثبات أصل الحق المقصود بالحماية من خلال الإجراء المطلـوب، غير أن شـــــــرط عدم المساس بأصل الحق هذا لا يمنع قاضي الأمور المستعجلة من البحث في المستندات المقدمة إليه بحثا عرضيا يلتمس من ظاهره في ضوء سلطته التقديرية من جهة أي الطرفين أجدر بالحماية ومن جهة أخرى مبلغ الجد في المنازعة على ضوء أوجه الدفاع الموضوعية القانونية المثارة فإذا استبان له أن المنازعة جدية وأن أصل الحق والمركز القانوني للطالب – سند الطلب – لم يعد واضحا وضوحا يستوجب الحماية من طرف القضاء المستعجل بالإجراء المطلوب وأن البت فيه من شأنه المساس بأصل الحق حكم بعدم اختصاصه بالبت في الطلب ومتى إذا كانت المنازعة حوله مفتعلة والغاية منها إبعاد اختصاص القضاء الإستعجالي من البت في الطلب حكم باختصاصه وبالإجراء المطلوب حماية للأوضاع القانونية القائمة .
وحيث إنه إعمالا للقواعد سالفة الذكر التي تحكم وتنظم اختصاص القضاء الإستعجالي وتطبيقها على ظاهر واقع النزاع ومستنداته ، ولما كانت المطالبة باتخاذ الإجراء المطلوب تنطوي على استجلاء عناصر الاعتداء المادي مما يفضي ذلك إلى المساس بما يمكن ان يقضى به في الجوهر، وهو أمر محضور على قاضي المستعجلات مما يقضي إلى التصريح برفع النظر لعدم الاختصاص([95]) .
كما أن القاضي الإداري الإستعجالي لا يتدخل إلا عند قيام اعتداء مادي على ارض الواقع و أن مجرد مبادرة الإدارة من الوجهة القانونية للقيام به لا يملك معها الحق في التدخل و هذا ما أكده حكم للمحكمة الإدارة بالرباط اذ جاء في حيثياته ” لئن كان قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية يختص بإيقاف الاعتداء المادي وبرفعه متى كان في بدايته ولم يكـــــن هناك أي نزاع حول قيامـه ، فإنه في نازلة الحال لا خلاف بين الطرفين أن الجزء غير المشمول بالتعويض بموجب الحكم عدد 709الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 28/4/2008 في الملف عدد 645/7/05 لازال عاريا ولم تضع الإدارة يدها عليه واقعيا وإنما بادرت إلى تخصيصه من الوجهة القانونية لمنطقة خضراء تحمل علامة 186 V بموجب تصميم التهيئة الجديد لمقاطعة بني مكادة المصادق عليه بموجب المرسوم عدد 2.05.1595 بتاريخ 09/01/2006 والصادر بالجريدة الرسمية عدد 5391 بتاريخ 30/1/2006 ، مما حاصله أن ذلك التخصيص يدخله تحت الأثر الملزم لوثائق التعمير ، وأن القول بموجود الاعتداء المادي واقعيا في غياب وضع الإدارة يدها على العقار يقتضى فحصا موضوعيا للنزاع مما يخرج عن اختصاص قاضي المستعجلات”([96])
خاتمة :
يتأسس تدخل القاضي الإداري ألاستعجالي في مادة نزع الملكية على الفصل 24 من قانون نزع الملكية و ينحصر دوره كما رأينا سابقا في مراقبة سلامة الإجراءات الإدارية و المسطرية و لا يملك فحص شرعية القرارات الصادرة في هذا المجال أو مناقشة الأسباب القانونية أو موازنة بين شرط المنفعة العامة و المصلحة الخاصة ، إلا أن دوره في مجال حماية العقارات الخاصة لا يقف عند مراقبة مسطرة نزع الملكية بل ينتقل الى حماية العقارات الخاصة في حالة الاعتداء المادي للإدارة على هاته الأخيرة و إن كانت تعوقه بعض المعيقات القانونية و المسطرية من ممارسة رقابة فعالة ، فهل تطور النظام القانوني المغربي و خطط الحكومة لتطوير منظومة العدالة قد تعطي مجالا اوسع لمؤسسة قاضي المستعجلات الاداري في فرض رقابة واسعة على الادارة في مجال حماية الحقوق و الحريات بصفة عامة و حق الملكية العقارية بصفة خاصة ؟
[1] Gustave pesier : Droit administratif ; Dalloz ;1 er édition ; 1993 p 50
[2] مفهوم فضفاض يصعب تحديده نظرا لارتباطه الوثيق بتدخل الدولة المتزايد في شتى المجلات وقد احجم المشرع عن تحديده فاسحا المجال إلى الفقه و القضاء لهذه المهمة راجع A.Homont : L’ expropriation pour cause d ’utité publique ; LITEC,1ER edition 1957 p18.
[3] Auby (JM) et Bon(p): Droit administrative des bines ; Dalloz-paris 1991 p310
[4] منشور فاتح نونبر 1912 الجريدة الرسمية لسنة 1912 و ظهير 26 مارس 1914 الجريدة الرسمية عدد 48 بتاريخ 3 ابريل 1914 المتعلق بنزع الملكية بعوض و استغلالها مؤقتا للمصلحة العمومية المعدل بظهير 3 ابريل 1953 الجريدة الرسمية عدد 2011 بتاريخ 11 ماي 1951 ص 1033 و ظهير 25 يونيو 1927 المتعلق بتحفيظ العقارات المنزوعة ملكيتها بسبب المنفعة العامة ، و الظهير الصادر بتاريخ 15 ماي 1925 المتعلق بنظام نزع الملكية في منطقة طنجة الدولية.
[5] قانون رقم 7-89 بتاريخ 6 ماي 1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و الاحتلال المؤقت ، الجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 15 يونيو 1985 ص 180
[6] مرسوم تطبيقي رقم 2.82.382 بتاريخ 13 ابريل 1987 الجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 15 يونيو 1983 ص 988
[7] ابن منظور : لسان العرب ، دار المعرفة باب العين الجزء 34 ص3037
[8] المادة 5 من القانون رقم 32-09-المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق
[9] تنص المادة 6 القانون رقم 32-09-المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق بان العقار بطبيعنه هو كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله من دون تلف او تغيير في هيئته.
[10] تنص المادة 7 من القانون رقم 32-09-المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق ان العقار بالتخصيص هو المنقول الذي يضعه مالكه في عقار يملكه رصدا لخدمة هذا العقار و استغلاله أو يلحقه به بصفة دائمة.
[11] Charles Debbach ; J M Poutier et JC Ricci : Institutions et droit administratif biens expropriation ,Travaux publiques »PUF Paris 1978 P229.
[12] Jacques Ferbos et Georges Salles : « Expropriation et évaluation des biens » 4 éme édition mise à jour et augmentée – édition du moniteur 1979( collection actualité juriique) p 51
[13] مأمون الكزبري : التحفيظ العقاري و الحقوق العينية الاصلية و التبعية في ضوء التشريع المغربي , الجزء الاول , طبعة 1987 ص 233
[14] احمد اجعون : أحمد اجعون: اختصاصات المحاكم الإدارية في مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق اكدال الرباط، السنة الجامعية 1999 – 2000 ص 68
[15] تنص المادة 8 من القانون رقم 32-09-المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق ان ” الحق العيني العقاري هو سلطة مباشرة يخولها القانون لشخص معين على عقار معين و يكون الحق العيني أصليا أو تبعيا”
[16] المادة 9 من القانون رقم 32-09-المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق تنص ان الحق العيني الاصلي هو الحق الذي يقوم بذاته من غير حاجة إلى حق أخر يستند إليه
[17] تنص المادة 10 من القانون رقم 32-09-المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق ان ” الحق العيني التبعي هو الحق الذي لا يقوم بذاته ، و انما يستند في قيامه على و جود حق شخصي و يكون ضمانا للوفاء به و الحقوق العينية التبعية هي :الامتيازات- الرهن الحيازي – الرهون الرسمية .
[18] لا تعتبر الاراض العارية ذات صبغة دينية ولو أن ملكيتها ترجع إلى نظارة الاحباس راجع الامر عدد 154/95 بتاريخ 28 يونيو 1996 الصادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء .
[19] المادة 4 من قانون رقم 7-89 بتاريخ 6 ماي 1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و الاحتلال المؤقت ، الجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 15 يونيو 1985 ص 180
[20] المادة 6 من قانون رقم 7-89 بتاريخ 6 ماي 1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و الاحتلال المؤقت ، الجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 15 يونيو 1985 ص 180
[21] المادة 38 من قانون نزع الملكية
[22] قرار المجلس الاعلى الصادر بتاريخ 1/07/1958 مجموع قرارت المجلس الاعلى 57-56 ص 159 محمد أجعون ، المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية – .سلسلة مواضيع الساعة ، عدد 50سنة 2005 ص 92 .
[23] المحكمة الإدارية الاستئنافية قرار رقم 37 صادر بتاريخ 27/03/2007 في الملف رقم 05/02/2007 مجلة الحقوق المغربية عدد 17 السنة 4 أبريل 2009 ص 255.
[24] إبراهيم زعيم : مسطرة وقف التنفيذ ومسطرة الاستعجال في المادة الإدارية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية – السلسلة العادية ، يوليوز- شتنبر 1995. ص71.
[25] محمد الكشبور : نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، الطبعة الاولى سنة 1989 ص 134.
[26] أمر استعجالي عدد 6 بتاريخ 14/02/1995 ملف رقم 32/94 س ذكره محمد أجعون ص 28 م.س.أطروحة.
[27] محمد أجعون : م.س ، ص 28.
[28] أحمد رحماني : نزع الملكية من أجل المنعة العامة ، مجلة الادارة ، المجلد 4 ، العدد 2 ، 1994 ص 13
[29] مسعود سيمو : المبادئ العامة للمنازعات الإدارية نظرية الإختصاص الجزء 3 الطبعة 4 سنة 2005 ص 60.
[30] احمد أجعون : م س ، ص 25.
[31] محمد أجعون :م.س ص 30.
[32] محمد النجاري: في تعليق على الأمر الإستعجالي عدد 127/27 المتعلق بالذن لنازع الملكية بالحيازة الفورية ، مجلة المحامي عدد سنة 1988 ص 66.
[33] محمد الأعرج وسمير أحيذار : اختصاص القضاء الإداري الشامل في م.م.إ.م.ت عدد 71 نونبر- دجنبر 2006 ص 20
[34] موسى عبود ومحمد السامحي: المختصر في المسطرة المدنية والسلم القضائي، مطبعة الصومعة 1994 ص 170.
[35] المحكمة الابتدائية بالرباط ، أمر عدد 2533 في الملف الستعجالي عدد 6/86922 بتاريخ 23 دجنبر 1986 (غير منشور)
[36] المحكمة الإدارية بالرباط الأمر رقم 21 بتاريخ 06/02/1995 ذكره أحمد اجعون اطروحة لنيل شهتدو الدكتورة المرجع السابق ص 34.
[37] جيلالي امزيد: م س ص 112.
[38] محمد الكشبور : نظام المحاكم الإدارية وقانون نزع الملكية ، المجلة المغربية الاقتصاد والقانون المقارن ع 21- 1994 ص 123
[39] المجكمة الإدارية للرباط حكم عدد 46 بتاريخ 09/07/1997 ملف اداري عدد 202/95 اشار اليه محمد الاعرج و سمير أحيذار : المرجع السابق ، ص 17
[40] المحكمة الإدارية بالرباط الامر رقم 1014 ملف رقم 699/06 س بتاريخ 15/11/05 بين الوكالة الخاصة طنجة البحر الابيض المتوسط ضد الرابط عبد الحنين
[41] محمد الاعرج و سمير أحيذار : المرجع السابق ، ص 17
[42] تنص م 8 من قانون نزع الملكية « تتخذ بشأن المقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة تدابير الاشهار الاتية : نشر المقرر بكامله في الجريدية الرسمية ( الجزء الاول) ونشر إعلان بشأنه في جريدة أو عدة جرائد مأذون لها في نشر الاعلانات القانونية مع الاشارة إلى الجريدة الرسمية التي وقع نشره بها.
[43] المادة 11 من قانون نزع الملكية “…. ويتعين على نازع الملكية أن يطلب من المحافظ على الأملاك العقارية تسليمه شهادة تتضمن قائمة تتضمن الأشخاص الموجودة بأيديهم حقوق عينية مقيدة في السجلات العقارية ، ويمكن أن تكون هذه الشهادة جماعية.”
م 12 من قانون نزع الملكية.[44]
[46] المجكمة الإدارية للرباط حكم عدد 74 بتاريخ 27/04/1995 ملف اداري عدد 57/94(غير منشور)
[47] حسن صحيب : القضاء الإداري ،المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية ، سلسلة مؤلفات و اعمال جامعية عدد 80 ، الطبعة الاولى ، 2008 ص 188
[48] محمد النجاري في تعليقه على الأمر الإستعجالي رقم 127/97 مجلة المحامي عدد 12/88 ص 68 .
[49] المحكمة الإدارية بالبيضاء الأمر عدد 6 الصادر بتاريخ 14/02/1995 في الملف عدد 32 /94 س أوردة محمد أجعون أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ص 64.
[50] المحكمة الإدارية بالرباط الامر رقم 1012 في الملف رقم 697/6 س بتاريخ 15/11/2006 بين الوكالة الخاصة طنجة البحر الأبيض المتوسط ضد الازرق عبد السلام ( غير منشور)
[51] المحكمة الإدارية بالرباط ،الأمر رقم 565 الصادر بتاريخ 27/07/2005 في الملف عدد 524/05 س منشور في موقع وزارة العدل.
[52] التوسع أكثر راجع أطروحة الأستاذ محمد أجعون م.س.
[53] إبراهيم زعيم م.س ص 72
[54] Gustave Pesier : Droit administratif ; Dalloz ;1 er édition ; 1993 p 52.
[55] C E- 28/05/1971 ministre d’équipement et du logement /c/ fédération de défense de personnes concernées par le projet Dénomé « Ville nouvelle est » REC 409 Coucl Braibout
[56] قرار المجلس الأعلى رقم 378 الصادر بتاريخ 10/02/1992 ملف رقم 10023 الشركة العقارية ميموزة وضد وزير الأول ومن معه دكره (أحمد أجعون : تطور رقابة المجلس الأعلى على شرط المنفعة العامة في موضوع نزع الملكية ، م.م.إ.م.ت سلسلة العادية عدد مزدوج 38-39 ماي غشت 2001 ص 139 ) .
[57] احمد أجعون : اختصاص القاضي الإداري الإستعجالي في المادة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة م.م.ا.ت سلسلة المواضيع الساعة ع 50 ، 2005 ص ، 88 .
[58] مصطفى التراب : استيلاء الإدارة على الملكية الخاصة ومدى تعارضه مع مشروعية وسيادة القانون ، م.م.إ.م.ت سلسلة عادية ،ع 75 يوليوز غشت 2007 ص 15
[59] عبد الكريم حيضرة : إشكالية الإختصاص القضائي في دعوى الإعتداء المادي بالمغربRAMALD مواضيع الساعة عدد 47 سنة 2004 ص 45.
[60] جيلالي أمزيد: مباحث في مستجدات القضاء الإداري م.س ص 104.
[61] J .Waline : Droit administrative ; Paris , Dalloz, 21éme edition , 2006 P502
[62] جيلالي أمزيد: م.س.ص 105
[63] قرار المجلس الاعلى عدد 345 بتاريخ 4/08/1978 في الملف الإداري رقم 54269 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 26 س 1980 ص 173 .
C.S.A arrêté n°27 du 4 décembre 1958 ;consorts félix ; c . Etat chérifien .Rec/ p 164[64]
دكره ح اربيعي خديجة امعيزة : الإعتداء المادي وحدود اختصاص قاضي المستعجلات : تعليق على الأمر الإستعجالي رقم 25 الصادر عن إدارية وجدة بتاريخ 5 يونيو 2006 . المجلة المغربية للمنازعات القانونية عدد 4 سنة 2007 ص 127.
[65] م.إدا بالرباط حكم عدد 96 بتاريخ 13/04/1995، شركة بروموبوعا ضد المجلس البلدي ، مجلة المعيار عدد 21 يناير 1996 ص 226.
[66] عبد الحميد الحمداني: العمل القضائي في مجال الغصب ونقل الملكية، رسالة المحاماة عدد 27 ص 2.
[67] مصطفى التراب : استيلاء الإدارة على الملكية الخاصة ومدى تعارضه مع المشروعية وسيادة القانون ، م.م.إ.م.ت سلسلة عادية – يوليوز- غشت ، عدد 75 .2007 ص 13 .
[68] الحسن الوزاني شاهدي : الاعتداء المادي الإداري و اختصاص قاضي المستعجلات , المجلة المغربية للقانون عدد 3 سنة ، 1985 ، ص160.
[69] المحكمة الإدارية بالرباط حكم عدد 65 بتاريخ 23 فبراير 1995 العناية بنداود و من معه ضد الجماعة القروية لعين السبت ، المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية عدد 13 أكتوبر-دجنبر السلسلة العادية 1995 ص 66
[70] المجلس الاعلى ، الغرف الإدارية ، قرار عدد393 بتاريخ 12 اكتوبر 1995، مايوحل الحاج بلقاسم ضد الدولة المغربية ، المجلة المغربية للادارة المحلية للتنمية عدد 14-15 السلسلة العادية 1996 ص162
[71] المجلس الاعلى الغرفة الإدارية قرار رقم 296 بتاريخ 2 ابريل 1998 الوكيل القضائي ضد الحاج عبد الرزاق ، المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية السلسة العادية عدد 44-45 غشت 2002 ص 166
[72] الملاحظ أن المشرع المغربي عندما تعرض لاختصاصات المحاكم الإدارية الجديدة سيما في المواد 8-9-11-44 من قانون 90/41 لم يشر إلى دعاوى الإعتداء المادي
[73] لقد حسم القانون رقم 112 لسنة 1946 المنشئ لمجلس الدولة المصري المعدل بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ان الاختصاص في دعوى الاعتداء المادي من اختصاص القضاء الإداري .
[74] الحسن سيمو : قضاء الإلغاء و الأعمال المادية للإدارة ، مجلة الإشعاع ، عدد 13 لسنة 7 دجنبر 1995 ص 12
[75] المجلس الأعلى ،قرار عدد 393 منشور المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد مزدوج 14-15 سنة 1996 ص 159.
[76] المحكمة الإدارية بمكناس نالملف الإستعجالي رقم 1 س/94 بتاريخ 14/06/1994 ، منشور المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية -السلسلة العادية عدد 1 سنة 1995
[77] M A Benabdallah :compétence administrative et voie de fait ; REMALD ;N°13 p 83
[78] مصطفى التراب : استيلاء الإدارة على الملكية الخاصة ومدى تعارضه مع المشروعية وسيادة القانون ، م.م.إ.م.ت سلسلة عادية – يوليوز- غشت ، عدد 75 .2007 ص17
[79] J.Hassoun « Apropos de la voe de fait» REMALD N°16 P 70
[80] امال المشرفي : م س ص 17
[81] للتوسع أكثر راجع عبد الكريم حيضرة م.س ص 46 و مايليها.
[82] T .A Casablanca ;26 avril 1994 ;Rachelle et consorts ,Note Michel Rousset « Le juge administratif et la voie de fait au Maroc » In l’admministration marocaine ,son juge ; PUMAG 1995 P 407.
[83] المجلس الاعلى قرار عدد 658 بتاريخ 19/09/1996 ، اينوس عبد الغني ، المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية ، عدد 22 ص 165
[84] المحكمة الإدارية بالرباط حكم عدد 87 بتاريخ 09/05/1996 قضية عمر اكوح ضد الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق ، المجلة المغربية للادارة المحلية و التنمية السلسلة العادية سنة 1996 ص 149.
[85] عبد الحميد حمداني : م .س ص 3
[86] ذكرة عبد الحميد حمداني : م .س ص 3
[87] الجيلالي امزيد : مباحث في مستجدات القضاء الإداري ،م.س ص 110
[88] المحكمة الإدارية بالرباط ، أمر عدد 09 الصادر بتاريخ 18/01/2006 بين بين حروش زهرة و الدولة المغربية حكم غيلر منشور .
[89] المجلس الاعلى قرار رقم 155 الصادر بتاريخ 01/07/1983 في الملف المدني عدد 85764 ذكره حميد حمداني ، م.س ص4
[90] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 688 بتاريــــخ 10/06/2009 في الملف رقم 261/1/09 بيـــــن المدعــي : السيد محمد تملو كاتان ضد رئيس المجلس القروي لجماعة باب برد (حكم غير منشور)
[91] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 631 بتاريــــخ 27/05/2009 في الملف رقم 368/1/09 بيـــــن المدعــي : ورثة عبد السلام البارودي ضد الدولة المغربية (حكم غير منشور)
[92] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 850بتاريــــخ 1/11/2006في الملف رقم 485/06بيـــــن المدعــي : السيد ناصر الحسين ضد رئيس المجلس البلدي للعرائش (حكم غير منشور)
[93]المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 09 بتاريــــخ 18/01/2006 في الملف رقم 1419/05 بيـــــن المدعــي : السيدة حروش زهرة ضد الدولة المغربية (حكم غير منشور)
[94] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 329 بتاريــــخ 25/06/2008 في الملف رقم 211/08 بيـــــن المدعــي : السيدة فاطمة يونس ضد الدولة المغربية (حكم غير منشور)
[95] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 272 بتاريــــخ 28/05/2008 في الملف رقم 255/س08 بيـــــن المدعــي : شركة حافلات الكرامة للنقل العمومي ، ش ذ م م . Ste KARAMA BUS sarl ضد السيد والي جهة الرباط سلا زمور زعير (حكم غير منشور)
[96] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 523 بتاريــــخ 29/04/2009 في الملف رقم 129/01 /09 بيـــــن المدعــية : السيدة لطيفة العربي الغرناط ضد رئيس المجلس الحضري لطنجة (حكم غير منشور)