Site icon مجلة المنارة

حجية محضر المهندس المساح الطبوغرافي

حجية محضر المهندس المساح الطبوغرافي

محمد أنس لحميدي

 خريج ماستر قانون العقود و العقار و التوثيق لكلية الحقوق بجامعة ابن زهر أكادير .

مقدمة :

    تعتبر مسطرة التحفيظ هي القوام الأساس الذي يتيح للمحافظ إتخاذ قرار التحفيظ، بعد المرور من كافة الإجراءات القانونية و التأكد من سلامتها و التحقق من الحجج و المستندات المدعمة لطلب التحفيظ، فإن عملية التحديد تعتبر بحق أهم و أخطر الإجراءات[1] التي نص عليها مشرع ظهير التحفيظ العقاري منذ سنة 1913 و الذي تممه و عدله بالقانون 14.07[2].

و تعتبر عملية التحديد إجراء أساسي و مرحلة هامة و مفصلة من مراحل مسطرة التحفيظ، إلى جانب الإشهار العقاري القائم على النشر بالجريدة الرسمية و التعليق لدى الجهات المخول لها قانونا بذلك، بل هي الأهم على الإطلاق بالنظر إلى الأدوار التي تلعبها خلال مسطرة التحفيظ، فهي أولا عملية طبوغرافية و تقنية تسهم في رسم معالم العقار بشكل دقيق سواء من حيث الموقع أو المساحة أو الحدود أو المشتملات، بالإضافة إلى وعاء القطعة أو القطع المتعرض عليها بداخله، و هي أيضا عملية إشهارية من حيث أن تواجد ممثل المصلحة الطبوغرافية رفقة الأشخاص المعنيين بعملية التحديد و إشتغاله بآليات خاصة ووضعه لأرفات التحديد من شأنه أن يلفت انتباه العموم إلى خضوع العقار بأبعاده و حدوده إلى عملية تحفيظ وشيكة .

 و هي كذلك عملية قانونية يتم فيها استفسار طالب التحفيظ و جميع المتدخلين عن كل ما يتعلق

بالملك المعني من حقوق عينية أو منازعات أو تحملات قد ترد عليه، بالإضافة إلى اعتبار التحديد فرصة لمعاينة الحيازة و مدتها.

و قد نجح نظام التحفيظ العقاري عبر اختياره لنظام دقيق و المسح في توحيد طرق احتساب مساحة العقار باتخاذ الهكتار و الآر و السنتي آر نسبة للقياس الموحدة[3] . و إذا كان كل تحفيظ يقتضي من المحافظ على الأملاك العقارية تأسيس رسم عقاري يتضمن لزوما: وصفا مفصلا للعقار مع حدوده و بيان الأملاك المجاورة و الملاصقة له و نوعه و مساحته و يحمل هذا الرسم العقاري رقما ترتيبيا و اسما خاصا به و يبقى تصميم العقار ملحقا به، فإن ذلك الوصف و ذلك التصميم هما نتيجتان لعملية أساسية رئيسية تميز مسطرة التحفيظ العقاري و هي عملية التحديد. و عليه فإن تحقيق هذه الأهداف يتطلب بالدرجة الأساسية تحديد العقار و بيان مساحته و مشتملاته و التحملات الواردة عليه، وذلك عن طريق عمليات هندسية و قانونية يقوم بها المهندس المساح الطبوغرافي الذي ينتدبه المحافظ على الأملاك العقارية لهذه الغاية.

          و تتم ترجمة مختلف العمليات التي تعرفها عملية التحديد عبر عناصر يتم تحريرها في محضر التحديد، و يعتبر المحضر الذي يحرره المهندس المساح الطبوغرافي آلية لترجمة الوضعية القانونية و الهندسية للعقار من الميدان إلى المحضر، حيث أوجب المشرع المغربي قبل تحريره (أي المحضر) إلى احترام الخطوات المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري و المراسيم المنظمة لعملية التحديد، كما هو منظم في الفصول 19 و 20 و 22 و 23 و 25 من ظهير التحفيظ العقاري و كذا مرسوم 14 يوليوز 2014 في شأن اجراءات التحفيظ العقاري[4]، و يعتبر محضر التحديد آلية مكملة و مرتبطة بعملية التحديد و بالمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب الذي يسهر على تسييرها و القيام بأعمالها و تحرير محضرها .

لم يعرف المشرع المغربي محضر التحديد، إلا أنه يمكن اعتباره على أنه بحث قانوني و كذا طبوغرافي تقني، ويشكل ترجمة لعمليات التحديد المنصوص عليها في الفصل 20، و تدرج فيه مجموعة من البيانات المنصوص عليها في الفصل 21 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بالقانون 14.07،و التي تخص المواصفات و مختلف التدخلات التي طرأت خلال القيام بعملية التحديد، و كذلك التعرضات و التدخلات، و التي هي أعمال يطغى عليها البحث القانوني أكثر من العمل التقني،لكن هذا لا يغير من كون محضر التحديد عمل تقني و طبوغرافي محض. كما  أنه لم ينص المشرع المغربي في ظهير التحفيظ العقاري على الطبيعة القانونية لمحضر التحديد و لا عن حجيته، مكتفيا فقط بالإشارة إلى نوع البيانات التي يتطلب أن يتضمنها .

كما نشير أنه بصدور القانون 14.07 تم تتميم و تغيير العديد من مضامين ظهير التحفيظ العقاري الصادر في 12 غشت 1913، والتي من بينها ما يخص عمليات التحديد، خاصة الفصل 19 منه الذي أصبح ينص صراحة على إسناد المسؤولية عن إجراء عملية التحديد، إلى المهندس المساح الطبوغرافي المحلف و المنتمي إلى جهاز المسح العقاري، و المقيد بجدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين.

     و حسنا فعل المشرع بإصداره هذا المقتضى الجديد لأنه جاء لينسجم مع المقتضيات و الأحكام المنصوص عليها في القانون رقم 30.93 الخاص بمزاولة مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية [5]بالمغرب، مما يجعله معرضا للمساءلة في حالة الإخلال بواجب من الواجبات التي تفرضها عليه طبيعة وظيفته و المتمثلة بالأساس في إنجاز عملية التحديد و تحرير محضره على الوجه المطلوب .

   و تتجلى أهمية الموضوع في العناية التي أولاها المشرع لعملة التحديد وكذا المحضر الذي يعتبر ترجمة لتلك العملية، حيث خصها المشرع بمجموعة من الفصول[6] في ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون رقم 14.07.

        الإشكالية الرئيسية لهذا الموضوع تتمثل  بالأساس في حجية المحضر الذي يحرره المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب في إطار مسطرة التحفيظ العقاري، و ذلك بتحديد قيمته القانونية من خلال النظر في طبيعته القانونية، و كذا إلى طبيعة المسؤولية المترتبة عن تحرير هذا المحضر  و  أساسها و حدودها .

       و تتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الفرعية منها :

   _  ما هي العناصر المكونة لمحضر المهندس المساح الطبوغرافي (محضر التحديد) ؟

    _  هل يمكن اعتبار التقني الطبوغرافي الذي يحرر هذا المحضر موظفا عموميا ؟

   _  ما مصير المحضر الذي يعده المهندس المساح الطبوغرافي في حال انتفاء أحد بياناته ؟

   _ ما حجية محضر المهندس المساح الطبوغرافي في الإثبات ؟

   _ ما طبيعة و أساس المسؤولية الناتجة عن تحرير المحضر من قبل المهندس المساح الطبوغرافي و حدود مسؤولية هذا الأخير عن فعل التقني الطبوغرافي ؟

إن الإجابة على الإشكالية المطروحة يقتضي منا تقسيم الموضوع لمبحثين :

المبحث الأول : تحرير محضر المهندس المساح الطبوغرافي

المبحث الثاني : حجية محضر المهندس المساح الطبوغرافي و المسؤولية المترتبة عنه

المبحث الأول : تحرير محضر المهندس المساح الطبوغرافي

    تعتبر عملية التحديد الطبوغرافي موضوع مطلب التحفيظ آلية هامة تساهم في تمكين المحافظ من التأكد بشكل واضح من جدية مطلب التحفيظ و قيمته، أو أحقية التعرض عليه، لذلك فإن طبيعة هذه العملية معقدة، لكونها ذات طبيعة تقنية و إشهارية و أيضا ذات طابع قانوني[7].

     و به لقد خول ظهير التحفيظ العقاري من خلال الفصل 19 للمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب أمر انجاز عملية التحديد تحت كامل مسؤوليته. و يشترط في المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب حسب الفصل 19 من الفقرة الأولى أن يكون “محلفا من جهاز المساح العقاري، مقيدا في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين ” .

و قد أثارت مقتضيات هذا الفصل تأويلات و صعوبات في التطبيق من حيث تفويض المهندسين المساحيين  الطبوغرافيين بعض اختصاصاتهم للتقنيين  الطبوغرافيين و عن قانونية هذا التفويض و به تحفظ هؤلاء الأخيرين بشأن القيام بعمليات التحديد .

          و في هذا الإطار  تدخل المشرع المغربي لتجاوز هذا الإشكال بموجب القانون 12 _ 57، و الذي يعطي فيه الصلاحية لفئة التقنيين الطبوغرافيين المرسمين و المحلفين المنتمين لمصلحة المسح العقاري بإنجاز عملية التحديد التي يكلفون بها من طرف المهندس المساح الطبوغرافي المحلف و المنتمي لمصلحة المسح العقاري و المنتدبين من لدن المحافظ على الأملاك العقارية[8] .

         و بعد الإنتهاء من عملية التحديد فإنه يتم تحرير محضر التحديد، وفق الشكل الذي نص عليه ظهير التحفظ العقاري في الفصل 21 منه، مع مراعات كل العناصر التي تم التنصيص عليها أي القانونية منها و التقنية .

المطلب الأول : المختصون بتحرير محضر التحديد

   جاء في الفصل 21 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بقانون 07-14: “يحرر المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب محضرا للتحديد ….”، و يتضح من منطوق هذا الأخير أن المشرع خول للمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب حصرا إعداد محضر التحديد.

و يشترط في المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب أن يكون محلفا من جهاز المسح العقاري مقيدا في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، و تجدر الإشارة إلى احتدام النقاش حول هذا المقتضى، خصوصا ما رافق تطبيقه من إقصاء لفئة التقنيين الطبوغرافيين الذين كانوا يزاولون مهام المساح المنتدب لعملية التحديد في ظل مقتضيات القانون القديم [9].

   في ظل هذا صدرت مذكرة عن المحافظ العام إلى السادة المحافظين على الأملاك العقارية، تجيز التفويض للتقنيين الطبوغرافيين، إنجاز عمليات التحديد المتعلقة بمساطر التحفيظ و كذا العمليات الهندسية اللاحقة التي تهم الرسوم العقارية و جميع الإجراءات المرتبطة بهذه العمليات، بما فبها تحرير محضر التحديد المنصوص عليه في الفصل 21 من القانون 14.07 .

       إلا أن المذكرة  لاقت اعتراضا قويا من طرف التقنيين الطبوغرافيين و ذلك على اعتبار  أن الفصل 19 كان قاطعا باشتراطه صفه المهندس المساح الطبوغرافي[10]، مما حذى بالمشرع أن يتدخل لتقنين و شرعنة هذا التفويض إليهم بموجب القانون [11]57.12 .

الفقرة الأولى : المهندس المساح الطبوغرافي

كما أشرنا سابقا فإن المحافظ على الأملاك العقارية ينتدب لتحرير محضر التحديد كما نص ظهير التحفيظ بموجب الفصل 21 منه المهندس المساح الطبوغرافي، و تبعا لذلك فإنه يستنتج من خلال نفس القانون أنه يجب أن يتوفر  في المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب لإنجاز عمليات التحديد و العمليات اللاحقة  مجموعة من الشروط القانونية[12] و هي كالآتي : أن يكون مهندسا مساحا طبوغرافيا،و أن يكون منتميا لجهاز المسح العقاري، أن يكون محلفا، و أن يكون مقيدا في جدول هيئة المهندسين المساحين الطبوغرافيين .

      و نشير إلى أنه قبل تعديل ظهير التحفيظ العقاري بقانون 14.07، فإن المحافظ على الأملاك العقارية كان هو المسؤول الأول و المباشر  عن إجراء عمليات التحديد و إعداد محضره [13] .

     و تعتبر  مهنة الهندسة الطبوغرافية من المهن التي نظمها المشرع، و في إطاره يعتبر الظهير الشريف الصادر بتاريخ 25 فبراير 1994 بتنفيذ القانون رقم 30.93 بمثابة القانون الإطار المنظم لمهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية .

أولا- قانون 30.93 المنظم لمهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية

نظم القانون رقم 30.93 مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية، و بالإطلاع على مضامين و نصوص  هذا القانون نرى أنه نظم في بابه الأول المعنون “بمهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية ”، الذي خصص فصله الأول لاختصاصات المهندس المساح الطبوغرافي التي سنتطرق إليها لاحقا  .

       أما في فصله الثاني نظم المشرع من خلاله ممارسة المهنة في القطاع الخاص حيث أشارت المادة الرابعة من قانون 30.93 على أن المهندس المساح الطبوغرافي يمارس مهنته في القطاع الخاص إما باعتباره مستقلا أو باعتباره أجيرا لمهندس مساح طبوغرافي مستقل أو لشركة تتكون من مهندسين طبوغرافيين إما بوصفها شريكا في شركة تتكون من مهندسين طبوغرافيين، و كذا بوصفه مديرا لقطاع طبوغرافي تابع لشركات متعددة الأنشطة تزاول بصورة تبعية مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية،و يتوجب على المهندسين المساحين الذين يزاولون المهنة باعتبارهم مستقلين أن يفعلوا ذلك باسمهم الحقيقي، لا باسم مستعار أو بتسمية غير محددة[14].

      و يجوز للمهندسين المساحين الطبوغرافيين أن يؤسسوا شركات أشخاص لمزاولة مهنتهم بشرط أن جميع المشاركين فيها أعضاء في هيئة المهندسين المساحين الطبوغرافيين[15]، و كما يجوز لهم أيضا أن يؤسسوا لمزاولة مهنتهم شركات بالأسهم و شركات ذات مسؤولية محدودة لكن بشرط احترام البنود المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون 30.93، و من أبرز هذه البنود البند الأول الذي ينص على أنه يجب أن يكون غرض هاته الشركات هو مزاولة مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية لا غير .

    كما نص نفس القانون على أنه للمجلس الوطني لهيئة المهندسين المساحين الطبوغرافيين و للإدارة أن يطلب من القضاء حل كل شركة من شركات المهندسين المساحين الطبوغرافيين حال مخالفتها لأحكام القانون المنظم للمهنة، إضافة للحالات التي يسمح فيها القانون الجاري به العمل بطلب حل الشركات [16]. و كما ينبغي الإحاطة أنه يتوجب على كل مهندس مساح طبوغرافي أن يمتنع من القيام بأي عمل تكون له علاقة بمصالحه الشخصية أو العائلية مع مهمة يكون بصدد إنجازها[17].

و في هذا الصدد نتساؤل عن درجة القرابة العائلية التي ينبغي تفادي إنجاز عمل لصالحها حيث أن مصطلح “العائلة ” يمكن اعتباره عاما و شاملا لأي درجة قرابة عائلية مهما كانت حيث ينبغي على المشرع أن يكون أكثر تحديدا،أم أن المشرع كان متعمدا منع المهندس من القيام بأي عمل لصالح أحد أفراد “العائلة” مهما كانت درجة القرابة العائلية قطعا مع أي محاباة قد تكون اتجاهه على حساب القانون.     أما فيما يخص الباب الثاني من قانون 30.93 و الذي يخص تنظيم المهنة،و التي يخص الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين،هذه الأخيرة تحدث و تضم الأشخاص الماديين و المعنويين الراغبين في القيام في القطاع الخاص أو العام بالأعمال المهنية المحددة في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المذكور (إعداد الدراسات و العمليات و التصاميم و الوثائق التي ترجع إلى الجيوديزيا ووضع الخرائط الطبوغرافية، تحديد العقارات،و القيام بأعمال الخبرة في الميدان العقاري أو تتعلق بالملكية المشتركة و التجزئات العقارية … )،ويتوجب على المهندس المساح الطبوغرافي أن يطلب القيد في جدول الهيئة الوطنية قبل الشروع في مزاولة مهنته .

       و كما نعلم أنه يستوجب لقيام المهندس المساح الطبوغرافي بأعمال التحديد و إعداد محضره، أن يكون مقيدا بجدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين بصريح نص الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بالقانون 14.07 .

        و القيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين يستلزم شروطا نص عليها المشرع المغربي في المادة 26 من القانون رقم 30.93، هذه الأخيرة استوجبت أن يكون المهندس المساح الطبوغرافي مقيما في بالمغرب و كذا أن يكون من جنسية مغربية، و أن يكون حاصلا على شهادة الهندسة الطبوغرافية المسلمة من معهد الحسن الثاني للزراعة و البيطرة أو شهادة تعترف بمعادلتها، و كما نصت نفس المادة على شروط تخص شرف المهنة التي يجب أن يتحلى بها المهندس المساح الطبوغرافي، من قبيل ألا يكون قد صدر عليه حكم نهائي لمدة ستة أشهر أو أكثر دون وقف التنفيذ،أو ألا يكون قد تم فصله من مهامه أو إحالته على التقاعد تلقائيا بعدما كان من الموظفين القدماء،من أجل ارتكاب أفعال مخلة بشرف المهنة أو تتنافى و ممارسة المهنة بشكل سليم، حيث أنه في هذه الحالة الأخيرة لا يجوز له تقديم طلب القيد بجدول الهيئة إذا لم تكن قد مضت خمس سنوات على قضائه مدة العقوبة الصادرة في حقه أو قرار التوقيف، أو الإحالة على التقاعد التلقائي، و في حال توفر الشروط فيجب عليه أن يؤدي مبلغ الإشتراك المستحق للهيئة[18].

ثانيا – اختصاص المهندس المساح الطبوغرافي وفق القانون 30.93

  نصت المادة الأول من القانون رقم 30.93 على اختصاصات المهندس المساح الطبوغرافي و الأعمال المهنية التي تدخل في إطار مهنته، حيث تناط بالمهندس المساح الطبوغرافي مهمة القيام باسمه و تحت مسؤوليته، بإعداد الدراسات و العمليات و التصاميم و الوثائق التي ترجع إلى الجيودوزيا ووضع الخرائط الطبوغرافية، أو تدخل في إنجاز رسومات العقارات على اختلاف مقاييسها و أساليب مباشرتها و تحديد العقارات و القيام بأعمال الخبرة في الميدان العقاري أو تتعلق بالملكية المشتركة و التجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات .

     و كما أنه يجوز للمهندس المساح الطبوغرافي  في إطار نفس المادة المذكورة، كذلك القيام وفق نفس الشروط،بالدراسات و الأعمال الطبوغرافية المتعلقة بعمليات رسم التصاميم و تحديد مواقع المنشآت و ضم الأراضي و إعداد التراب الوطني و المباني و الأشغال العمومية. و سنفصل في بعض هذه المهام الموكولة للمهندس المساح الطبوغرافي :

  1. إنجاز رسومات العقارات و تحديدها .

يقوم المهندس المساح الطبوغرافي بمهمة ترجمة الواقع الميداني و نقله بشكل دقيق و ضبوط و مضبوط سواء خلال مرحلة التحديد التي ينجز خلالها محضر التحديد و التصميم المؤقت للتحديد أو خلال مرحلة المسح العقاري و هي عملية مكملة للعملية السابقة، حيث يتم خلالها ربط العقار  بالشبكة الجيوديزية لحصر المساحة النهائية[19]، و ألزم المشرع المغربي في المادتين 21 و23 من مرسوم 14 يوليوز 2014 في شأن إجراءات التحفيظ، بربط جميع الأشغال التي تنجزها مصلحة المسح بالنقط الجيوديزية[20]، من أجل توحيد مرجع الإحداثيات على المستوى الوطني، و تفاديا لما يمكن أن ينتج عن تعدد الأنظمة الجيوديزية من تداخلات بين العقارات [21].

    و لإنجاز التصميم المؤقت يتم استخدام تكنولوجيا متطورة PDA ، حيث يحتوي هذا الجهاز على GPS  مع امكانية تزويده بخريطة رقمية cadastrale numerique mappe  تسهل عملية التموقع على الميدان و تسرع من وقت إنجاز العملية. أما عملية المسح العقاري أو الطبوغرافي فتعتمد على آلات طبوغرافية حديثة تقوم بحساب الزوايا و المسافات أو GPS[22] .

     و يتضمن التصميم اسم المهندس المساح الطبوغرافي الذي أعده و تاريخ المسح و اسم و توقيع رئيس مصلحة المسح العقاري أو من ينوب عنه[23]

يعتبر من أساسيات وضع نظام الملكية المشتركة هو وجوب خضوعها للإشهار  طبقا لأحكام المادة 50 من القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية[24] الذي ينص على أنه  :” يجب أن يشهر نظام الملكية المشتركة بواسطة تقييده في السجلات العقارية و في الرسم العقاري الأصلي و نظيره مرفقا بالوثائق المنصوص عليها في المادتين 10 و 11 أعلاه “.

     و لتقييد نظام الملكية المشتركة فإن المشرع المغربي يجب أن يرفق بملف تقني يتم إعداده وفق الشروط

و الكيفيات المنصوص عليها في النصوص التشريعية و التنظيمية[25] و لاسيما المادة 17 من مرسوم 14 يوليوز 2014 المتعلق بإجراءات التحفيظ العقاري التي تنص على أنه :

     ” يقوم كل  طالب للتقسيم أو التجزئة أو تطبيق نظام الملكية المشتركة أو الإدماج أو مطابقة التصميم العقاري  للحالة الراهنة للعقار أو إعادة الأنصاب بالنسبة للعقار المحفظ أو في طور التحفيظ الذي تم إنجاز تصميمه العقاري. بإعداد ملف تقني ينجز من طرف مهندس مساح طبوغرافي ينتمي إلى القطاع الخاص، مسجل بجدول الهيئة الوطنية للمساحين الطبوغرافيين .

     يتضمن الملف التقني، التصميم العقاري و محضر التحديد الموقع من الأطراف المعنية و المهندس المساح الطبوغرافي المذكور،مع ضرورة مطابقتهما للمعطيات المضمنة في العقود و الوثائق المتعلقة بالعملية المطلوبة .

   يودع الملف التقني لدى مصلحة المسح العقاري المختصة التي تقوم بمراقبته و نقله على خريطة المسح العقاري و التأشير عليه و حفظه ” . 

   3-  العمليات المتعلقة بالتجزئات العقارية :

عرف المشرع المغربي بموجب المادة الأولى من القانون 25-90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات[26] التجزئات العقارية بكونها “تقسيم عقار من العقارات عن طريق البيع أو الإيجار أو القسمة إلى بقعتين أو أكثر لتشييد مبان للسكنى أو لغرض صناعي أو سياحي أو تجاري أو حرفي مهما كانت مساحة البقع التي يتكون منها العقار المراد تجزئته “.

     و نصت المادة الرابعة من القانون رقم 25.90 على أن الإذن بالتجزئة يسلم بطلب من صاحب الشأن، و لا تقبل طلبات إنجاز التجزئات إلا إذا كانت مرفوقة بمجموعة من الوثائق و التي تقدم في سبع نسخ [27]،و من هذه الوثائق التي تخص المهندس المساح الطبوغرافي، رسم طبوغرافي محرر على أساس النقط المحسوبة للدائرة المراد تجزئتها المبينة على الخريطة العقارية يكون محررا على أساس مقياس 1500\1 أو 1000\1 في الحالة التي تزيد فيها مساحة التجزئة على 25 هكتارا حيث يجب أن يتولى هذا الرسم على وجه الخصوص بيان حدود الأرض مع أرقام الأنصاب و الرسوم العقارية الموضوعة للأراضي المجاورة و المسافات الفاصلة بين الأنصاب و النقط المضلعة و منحنيات المستوى و كل الأغراس و الأبنية القائمة إذا اقتضى الأمر ذلك. حيث أن هذا الرسم الطبوغرافي يقوم على أساسه المهندس المعماري بتصور مشروع التجزئة من الوجهة المعمارية [28]، و كذا يكون أساسا لرسم تصور البنيات التحتية ( الرسم البياني لتوزيع الماء و الكهرباء و الإنارة العامة، و موضع المنشآت الخاصة، و شبكة الاتصالات، و شبكة صرف المياه و توزيع المياه الشروب و الكهرباء …) .

     و يستوجب على طالب التجزئة أن يعين مهندسا معماريا أو مهندس مختص أو مهندس مساحة ليتولى بصفته منسقا مهام السهر على إنجاز الأشغال المتعلقة بالتجزئة [29].

     و يتولى أيضا المهندس المساح الطبوغرافي إعداد الدراسات و الأعمال الطبوغرافية التي تخص العمليات المتعلقة برسم التصاميم و تحديد المنشآت و ضم الأراضي، و يقوم المهندس المساح بدور مهم كذلك في ظل عملية التقسيم، و كذلك توكل إليه مهمة القيام بأعمال الخبرة[30]، لكن شريطة تعيينه من قبل القاضي في قضايا النزاعات العقارية، و يعهد أيضا له المشاركة في الدراسة التقنية و الهندسية المرتبطة بميادين التعمير و البناء و الأشغال العمومية و إعداد التراب الوطني .

   و عليه يمكننا القول أن المهام و الأعمال الهندسية التي وردت في المادة الأولى من قانون 30.93 تتسم بالعمومية و التوسع و أن التي ذكرت ما هي إلا على سبيل المثال لا الحصر، و مما يجعلها قابلة للتطبيق على جميع الحالات المستجدة  في مجال الهندسة المساحية الطبوغرافية .

      و ختاما يتولى المهندسين المساحين الطبوغرافيين مسؤولية أعمالهم في جميع الأحوال و كيفما كانت الطريقة التي يزاولون بها مهنتهم [31] و يجب عليهم التقيد بالنصوص التنظيمية و التشريعية التي تحكم مهنتهم، و لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة الهندسة المساحة الطبوغرافية و لا أن يحمل لقبه [32]، إلا إذا كان مقيدا في جدول هيئة المهندسين المساحين الطبوغرافيين .

الفقرة الثانية : التقني الطبوغرافي

بعد صدور القانون 14.07، فإن المؤهل من الناحية القانونية للقيام بعمليات التحديد و تحرير محضره هو المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب وحده دون غيره، على عكس الصياغة السابقة[33] التي كانت تشمل التقني و المهندس على حد السواء، حيث أن المشرع كان واضحا في الصياغة، و أسند مهمة التحديد و تحرير محضر للمهندس المساح الطبوغرافي حصرا بموجب منطوق الفصل 19 و ما بعده من قانون 14.07 .

     و مع إقصاء القانون 14.07 الجديد لفئة التقنيين الطبوغرافيين الذين كانوا يزاولون مهمة المساح المنتدب لعملية التحديد قبل تعديل الفصل 19، طرح هذا نقاشا محتدما، و ما زكاه هو عدم توفر مصالح المسح العقاري على عدد كاف من المهندسين المساحين الطبوغرافيين، ما أدى إلى طرح إشكال حول عدم ملائمة النص التشريعي الجديد مع الواقع العملي و إكراهاته .

      ما حدى بالمدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية ببعث مذكرة إلى المحافظين في ربوع المملكة، يحثهم فيها على استئناف التقنيين الطبوغرافيين أعمال التحديد بناء على تفويض كتابي من طرف رئيس مصلحة المسح العقاري، لكن هذه المذكرة لاقت اعتراضا قويا من طرف التقنيين الطبوغرافيين .

أولا- تحرير المحضر على ضوء مذكرة المحافظ العام

      بالرجوع لمنطوق الفصلين 19 و 21 من ظهير التحفيظ المغير و المتمم لظهير التحفيظ العقاري، فإن المحافظ العقاري ينتدب للقيام بأعمال التحديد و تحرير محضره إلى المهندس المساح الطبوغرافي بشكل صريح، أي أنه يشترط فيمن يقوم بها أن يكون “محلفا” و ينتمي إلى جهاز “المسح العقاري” و كذا أن يكون “مقيدا في جدول الهيئة الوطنية للمساحين الطبوغرافيين” .

و في ظل هذا التعديل، فإن إدارة المحافظة العقارية عرفت ركودا يتجلى في جمود و تراكم العديد من ملفات مطالب التحفيظ، نظرا لقلة المهندسين المساحين الطبوغرافيين المحلفين و المقيدين بجدول الهيئة الوطنية، و كذا لرفض العديد من التقنيين الطبوغرافيين مباشرة عملية التحديد و تحرير محاضره على اعتبار أن الفصل 19 حرمهم من ذلك على حسب تعبيرهم [34].

    و في هذا الإطار  و لتجاوز هذا الجمود تدخل المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية و بعث بمذكرة[35] إلى رؤساء المصالح الخارجية التابعين لإدارته، و التي جاء فيها: ” …. و تفعيلا لمقتضيات القانون المذكور، و استجابة لضرورة المصلحة و إعمالا للمبادئ العامة للتفويض الإداري، فإنه يتعين على السادة رؤساء مصالح المسح العقاري أن يسندوا بتفويض كتابي إنجاز عمليات التحديد المتعلقة بمساطر التحفيظ و كذا العمليات الهندسية اللاحقة التي تهم الرسوم العقارية و جميع الإجراءات المرتبطة بهذه العمليات، لأحد التقنيين الطبوغرافيين التابعين لمصلحتهم…”.

و طرحت هذه المذكرة نقاشا محتدما و اعتراضا من لدن التقنيين الطبوغرافيين على اعتبار أن المذكرة بنظرهم لن تغطي صراحة الفصل 19 الذي جاء دقيقا في اشتراط صفة المهندس المساح الطبوغرافي، و على اعتبار أن التفويض ليكون صحيحا من الناحية القانونية يجب توفره على شرطين: أولا – وجوب وجود نص قانوني يجيز التفويض، و ثانيا – أن يصدر قرار إداري بالتفويض يمكن صاحب السلطة الأصلية من التعبير عن إرادته في التفويض إلى غيره.[36]

       يتضح من خلال هذا أن تفويض عمليات التحديد للتقنيين الطبوغرافيين هو تفويض باطل لغياب أي نص قانوني يجيزه في ظهير التحفيظ العقاري، و كون عبارات الفصل 19 واضحة و صريحة العبارات و تقضي بمنح الإختصاص للمهندسين المساحين حصرا [37]، كما أن عملية التحديد تعد من الإختصاصات الأصيلة التي تعود للمحافظ على الأملاك العقارية و بالتالي، فإنه وحده من يملك الإختصاص لتفويض عملية التحديد و كذا إلغائه، و ليس رئيس مصلحة المسح العقاري الذي لا تربطه بالتقني الطبوغرافي سوى العلاقة الإدارية بين الرئيس و المرؤوس[38].

و من خلال ما سبق فإن بطلان هذه المذكرة ترتب آثارا من بينها أن مباشرة التقنيين الطبوغرافيين لعمليات التحديد بناءا على التفويض الذي جاءت به المذكرة لا يحميهم و لا يعفيهم من المساءلة بل يفضي إلى إعمال الفرع السابع من القانون  الجنائي[39] الذي يخص انتحال الوظائف أو الألقاب، و نخص بالذكر

الفصل 380 منه[40] .

و كما أنه من الآثار أيضا أن مباشرة التحديد من قبل التقنيين الطبوغرافيين قد يؤدي في إطار الرقابة القضائية البعدية على الرسم العقاري إلى النطق بعدم سلامة مسطرة تأسيسه، و بالتالي فقدانه للصبغة القانونية مما يؤدي إلى إبطاله تبعا لقاعدة أن “ما بني على باطل فهو باطل” [41].

      و به و برأينا أنه يتوجب أن يتوفر إطار قانوني يمنح الشرعية للتفويض الذي دعت إليه المذكرة المذكورة، لأن النص القانوني نفسه الذي يجيز التفويض هو نفسه غير موجود، على اعتبار أن الفصل 19 منح الإختصاص الأصيل للمهندس المساح الطبوغرافي المحلف من جهاز  المسح العقاري و المقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين لتسيير عمليات التحديد بما فيها تحرير محضره، حيث لم يتم أي إشارة للتقني الطبوغرافي للقيام بها، و نستنتج أن إصدار هذا الفصل عرف تسرعا و عدم ملائمة للقاعدة القانونية مع الواقع العملي مما حدى بالإدارة بإصدارها لهذه المذكرة تجاوزا لنقص المهندسين المساحين الطبوغرافيين المؤهلين لتسيير عمليات التحديد .

ثانيا : التدخل التشريعي بموجب القانون 57.12 .

     كما سبق و أشرنا فإن الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري المغير و المتمم بالقانون رقم 14.07،يشير إلى كون مهام التحديد و تحرير محضره موكولة للمهندس المساح الطبوغرافي وحده و لا يمكن لشخص القيام بمهامه بصريح النص، حيث أنه هو من يتأكد من الحيز المادي للعقار ووضعيته القانونية و به يتحمل مسؤولية شخصية في خضمه، وكذا عن المحضر الذي يعده نتيجة لذلك و عن محتوى هذا الأخير و مضمونه.   و قد أفرزت بعض النزاعات التي عرضت أمام المحاكم التي أدانت المهندس المساح الطبوغرافي رغم ما قدم من تبريرات عن كونه لم يخرج لعمليات التحديد، و أن المحكمة اعتمدت على صراحة النصوص المنظمة لعملية التحديد [42]، و به لا يمكن للمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب أن يفوض مهامه لأحد التقنيين الطبوغرافيين لينجز عملية التحديد أو يوقع المحاضر نيابة عنه، حيث أن الإنتداب خول للمحافظ لفائدة المهندسين المساحين الطبوغرافيين حصرا و لم يتم التنصيص على منح هذا الإختصاص إلى تقنيين طبوغرافيين، و كما أن هذا الأخير ليس مهندسا مساحا طبوغرافيا و هو غير مقيد في جدول الهيئة الوطنية للمساحين الطبوغرافيين، حيث أنه لا تفويض بدون نص قانوني واضح .

 و به عبر التقنيين الطبوغرافيين عن رفضهم القيام بأعمال تدخل في اختصاص المهندس الطبوغرافي كما نص عليها القانون، لأن ذلك من شأنه تعريض مستقبل التقنيين الطبوغرافيين المهنيين للخطر إذا تمت متابعتهم قضائيا.[43]

و توجت مطالبات التقنيين الطبوغرافيين بإصدار المشرع لقانون 57.12[44]، لتدارك الهفوة التي أدت للشلل في معالجة الملفات العقارية العالقة نتيجة لهذا الإشكال القانوني، حيث قدمت الوزارة الوصية على القطاع بناءا على اقتراحات الجمعية بتعديل ظهير 12 غشت 1913 المتمم و الغير بقانون 14.07 و الذي نص على ما يلي :

” تتميما  لمقتضيات الفصول 19 و 20 و 21 و 34 و 54 من الظهير الشريف الصادر في رمضان 1331  (12 أغسطس 1913 ) المتعلق بالتحفيظ العقاري، يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية أن ينتدب لإنجاز عمليات التحديد المشار إليها في الفصول المذكورة:

    1-مهندسا مساحا طبوغرافيا محلفا ينتمي إلى مصلحة المسح العقاري، كما يمكن لهذا الأخير أن يكلف أحد العاملين المؤهلين التابعين له لإنجاز عمليات التحديد و يحدد ذلك بنص تنظيمي.

    2-أو مهندسا مساحا طبوغرافيا ينتمي إلى القطاع الخاص مسجلا بجدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين “.    و به نستنتج من خلال مضمون القانون 57.12 أنه جاء بالآتي :

     و بالتالي فإن التقني الطبوغرافي أصبح له كامل الصلاحية القانونية التي تخوله القيام بأعمال التحديد، و القيام بكل ما يتوجب القيام به وفق نصوص ظهير التحفيظ العقاري، وكذا إعداد و تحرير محضر التحديد تحت مسؤوليته الشخصية الكاملة في حال ما تم تكليفه بذلك، و حسنا فعل المشرع المغربي بتدخله هذا، و الذي ساهم في حل الإشكال الذي كان مطروحا، و بالتالي إنهاء الجمود الذي كان يعرقل مسطرة التحفيظ . 

المطلب الثاني : العناصر القانونية و التقنية المكونة لمحضر المهندس المساح الطبوغرافي .

       يعود الإختصاص في تحرير محضر التحديد للمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب، و يعتبر هذا خطوة مهمة تتخلل مسطرة التحفيظ، حيث يقوم المهندس المساح المحلف من جهاز المسح العقاري و المقيد في جدول الهيئة الوطنية،  بإنجاز عملية التحديد تحت مسؤوليته بحضور طالب التحفيظ[46]، و يتضمن المحضر الذي يعده المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب مجموعة من العناصر  منها ما هو قانوني و آخر فني و تقني، و قد نص الفصل 21 [47]من ظهير التحفيظ العقاري المغير و المتمم بالقانون 14.07 عليها

الفقرة الأولى : العناصر القانونية لمحضر التحديد

    و تتجلى العناصر القانونية المكونة لمحضر المهندس المساح الطبوغرافي، من خلال تضمين إجراءات البحث القانوني، و  كذا تلقي التصربحات و الاتفاقات و مختلف الأحداث التي شهدتها عملية التحديد، و كذا تضمين المحضر بمختلف الوثائق المدلى بها من قبل أطراف عملية التحديد.

أولا- اجراءات البحث القانوني

في اليوم المعين للتحديد يحضر جميع الأشخاص الذين لهم علاقة بالعقار موضوع التحديد، و به تحدث جلبة و تجمعا ملفتا للإنتباه خصوصا في البوادي، حيث يهرع كثير من الناس و حتى المارة إلى موقع العقار، بدافع الفضول و حب الإستطلاع، أو لأنهم أصحاب الحق الحقيقيين، حيث يسألون عن سبب العملية و فحواها، و قيمتها و آثارها على المساس بحقوقهم [48].

و  يتم استدعاء طالب التحفيظ فور أدائه واجبات إدراج مطلبه استدعاءا بطريقة مباشرة مقابل وصل لحضور عملية التحديد، يتضمن تاريخ ووقت إجراء العملية فيما توجه باقي الإستداعاءات إلى :

 و تتضمن هذه الإستداعاءات الدعوة لحضور عملية التحديد شخصيا أو بواسطة نائب بوكالة صحيحة .

     و بالإطلاع على مضمون الفصل 21 فإن أول ما يقوم به المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب في تحريره لمحضر التحديد هو تضمين تاريخ ووقت العملية (أي التحديد) على اعتبار أن عملية التحديد تنجز في التاريخ و الوقت المعينين له وفقا لما نصت عليه الفقرة الأولى للفصل 20، هذا الأخير الذي ينظم عملية تسيير التحديد من قبل المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب .

      كما أنه يتوجب تضمين تاريخ ووقت التحديد سواء أنجز مرة واحدة أو عدة مرات، و لايخفى ما لهذه العملية من أثر قانوني، و به فإنه يستوجب تضمين تاريخ ووقت العملية من أجل إثبات تاريخ و ساعة إجراء عملية التحديد لتكون حجة أثناء تفعيل أي أثر قانوني .  

أما فيما يخص إجراء البحث القانوني الذي يقضي بتحرير الأسماء الشخصية و العائلية للحاضرين و صفاتهم و عناوينهم، و التحقق منها من طرف المهندس المساح المنتدب، وفق ما هو منصوص عليه في البند الثاني من الفصل 21 من القانون 14.07 المتمم و المغير لظهير التحفيظ العقاري .

      و تتم عملية التحديد في حضور طالب التحفيظ الذي يدعي ملكية العقار  موضوع التحديد، أو المتمتع بأحد الحقوق العينية أو المجاورين للعقار، أو الغير، و يتوجب على المهندس المساح الإشارة إلى مراجع و أرقام البطائق الوطنية و يستحسن أيضا تدوين الأسماء الكاملة لكافة الحاضرين، وتشمل الإسم الشخصي و العائلي و النسب، رغم أن الفصل المذكور اقتصر فقط على الاسمين العائلي و الشخصي، و لذلك أهمية بالغة في تحديد الأشخاص الحاضرين و عدم الخلط بينهم نظرا لتشابه الكثير من الأسماء خاصة عند عدم توفر أحدهم لوثيقة تثبت الهوية أو رقم التعريف الوطني[49].

ثانيا- تلقي التصريحات و الوثائق

و من العناصر القانونية الأخرى التي أوجب المشرع تضمينها بمحضر التحديد من قبل المهندس المساح الطبوغرافي، هي تلقي التصريحات من قبل كل المتدخلين في عملية التحديد و كذا الوثائق التي تدعم ادعاءاتتهم، كما أنه يتوجب على المهندس المساح المنتدب تضمين كافة الأحداث التي تتخلل عملية التحديد  .

         و من الأحداث التي يجب أن يتعرض لها المهندس المساح المنتدب في محضر التحديد، ففي الحالة التي يتصادم فيها طالب التحفيظ و أحد المتدخلين أثناء عملية التحديد، و تعذر بموجبه على المهندس المساح إنجاز عملية التحديد في وقتها بسبب نزاع حول الملك[50] .

       و يعمل المهندس المساح الطبوغرافي أثناء عملية التحديد بالاستفسارات اللازمة المتعلقة بالملك المعني، فيستفسر طالب التحفيظ و المجاورين و المعارضين و المتدخلين و أصحاب الحقوق العينية و التحملات العقارية المصرح بها، مع تضمينها في محضر التحديد [51]، و به يعمل على استلام الوثائق التي تدعم ادعاء كل طرف دون أن يخوض في جوهرها، على اعتبار أن ذلك اختصاص جوهري حصري للمحافظ العقاري، و أن يرفقها بمحضر التحديد .

  كما يمكن للمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب أثناء القيام بعملية التحديد تلقي التعرضات[52] بعين المكان [53]. حيث يمكن لمن يهمه الأمر التدخل للمنازعة في الحق المراد تحفيظه أو في مداه أو في شأن حدود العقار أو استحقاقه لحق عيني، و إن وقع شيء من ذلك يتعين على المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب الإشارة إلى المنازعة في حينها بمحضر التحديد، كأن يكتب أنه عند زرع العلامة رقم كذا تدخل فلان و هو مجاور من الجهة كذا و تعرض مدعيا تملكه لجزء للعقار المراد تحفيظه، و حينها يعمل المهندس المساح المنتدب على ضبط الجزء المتنازع في شأنه أنه تبعا لتصريحات المتعرض[54].

        إن المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب و إن أسند إليه المشرع تلقي التعرضات أثناء عمليات التحديد كاختصاص قانوني محض إلا أنه –أي المشرع- لم يلزمه بمطالبة المتعرض بالوثائق و الحجج المؤيدة للتعرض، كون هذا الإختصاص يبقى محتكرا من طرف المحافظ على الأملاك العقارية وحده، و هو الذي يراسل المعني بالأمر بخصوص ذلك .

الفقرة الثانية : العناصر التقنية لمحضر التحديد .

      و يشكل العمل الهندسي و التقني محورا أساسيا في عمل المساح أثناء عملية التحديد،بل هو جوهر هذه العملية من حيث اختصاصه و تكوينه الفني، و تتجلى العناصر التقنية لمحضر  المهندس المساح الطبوغرافي ،في ضبط حدود العقار و إجراءات البحث و إرفاق التصميم المؤقت بمحضر التحديد 

أولا- ضبط حدود العقار و مميزاته

ترتبط العناصر  التقنية التي يحررها المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب في محضر التحديد التي نص عليها الفصل 21 من ظهير التحفيظ، بالعمل الذي ينجزه المهندس المساح المنتدب بالميدان و التي حددها المشرع العقاري بالفصل 20 من نفس القانون المذكور، حيث يعمل المهندس المساح المنتدب على استفسار طالب التحفيظ عن حدود العقار الذي يعتزم تحفيظه، و كذا يبدي المجاورون و كل المتدخلين ما لهم من ملاحظات و منازعات، و يقوم كذلك بمعاينة حالة العقار و يضع الأنصاب سواء لتحديد المحيط الذي عينه طالب التحفيظ أو لضبط القطع المشمولة به .

      و بالتالي فإنه يتوجب على المهندس المساح تحرير وصف موقع الأنصاب و عددها و وصف العقار، وفق ما نصت عليه الفقرة الخامسة من الفصل 21 من ظهير التحفيظ : ” 5- وصف موقع الأنصاب و عددها ووصف حدود العقار و الأجزاء المشمولة به … “، حيث يشرع طالب التحفيظ بتعيين حدود العقار المراد تحفيظه [55]، و يقوم بغرس الأنصاب بالنسبة للأراضي البيضاء، ووضع الطلاء الأحمر بالنسبة للعقارات المبنية أو تثبيت أوتاد حديدية في الأماكن المرصوصة بالإسمنت و قد يتم الإكتفاء أحيانا بالحدود

الطبيعية [56] .

      أما  الأجزاء المشمولة التي يقوم المهندس المساح الطبوغرافي بوصفها في محضر التحديد، يتجلى في التحملات العقارية  كالارتفاقات الناتجة عن الوضعية الطبيعية للأماكن، و الارتفاقات المنشأة بحكم اتفاق الأطراف، و كذا الإرتفاقات المنشأة بحكم القانون لصالح العموم أو الخواص (كالإصطفاف أو المسافات عن أسوار  المدن و القواعد الخاصة بحق الماء …)

     أما العنصر التقني الآخر الذي يتوجب على المهندس المساح المنتدب تحريره هو العنصر المنصوص عليه في الفقرة الخامسة من الفصل 21 من ظهير التحفيظ العقاري  المغير و المتمم بالقانون 14.07، أي معاينات البحث و مميزات العقار ( الربى و الوهاد و الطرق و الجدران و مجاري المياه، و كل توابع الملك العمومي و البناءات و الآبار و البساتين و الأغراس و المزروعات، مع بيان أسماء الحائزين عند الإقتضاء، و المقابر و الأضرحة و غير ذلك)، أي الوصف الدقيق المميز للعقار موضوع التحديد المؤقت.

مع ذكر المسالك و الممرات الموصلة للعقار ، و الجداول و مجاري المياه التي تخترقه، و هل الأرض مسقية أو بعلية (مثلا) ؟، و كذلك الشرح المفصل لكل ما يتعلق بالمنشآت  اللاصقة بالأرض و بمجاري المياه الطبيعية منها و الإصطناعية، مع البيان و الوصف الشافي لأنواع المنشآت اللأخرى الموجودة بالعقار، كالبنايات و المخازن و الآبار، إلى  غير ذلك أي كل ما يمكن أن تكون له فائدة في بيانه و ذكره في قطع أسباب النزاع حالا  مستقبلا.

ثانيا- التصميم المؤقت للتحديد

أوجب المشرع المغربي بموجب الفقرة الأخيرة من الفصل 21 من ظهير التحفيظ العقاري المتمم و المغير بالقانون 14.07 على المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب، بعد تحرير محضر التحديد المؤقت إنجاز تصميم هندسي يحدد فيه كل المواصفات المتعلقة بالعقار [57]، حيث نص الفصل المذكور على ما يلي : “… يرفق بالمحضر التصميم المؤقت للتحديد .. “، و يعتبر هذا آخر العناصر التقنية التي يتوجب أن تكون مرفوقة بمحضر التحديد، و ذلك قصد تحقيق موقعه و تمييز مساحته و أشكاله الهندسية .

       و يعتبر  تصميم التحديد من صميم عمل المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب حيث يحدد على هذه الخريطة كل المواصفات المتعلقة بالعقار قصد تحقيق موقعه و تعيين مساحته و أشكاله أفقيا و عموديا مع بيان مشتملاته. و بما أن انجاز هذا التصميم يتطلب الدقة و الاتقان، فإن المهندس يقوم بوضع مسودة تصميم أولي تشتمل على البيانات و الأرقام الضرورية في انتظار القيام بتصميم نهائي بمكاتب مصلحة الهندسة و المسح العقاري .

      و كذلك فإن التصميم الهندسي ذا قيمة كبيرة لمعرفة المساحة الحقيقية للعقار و بيان حدوده بدقة،و بعد إنجاز محضر التحديد و التصميم الإعدادي، يوجه المهندس تقريرا إلى المحافظ العقاري مرفقا بكل الوثائق و المستندات المسلمة إليه من الأطراف، ليتعرف على محتويات الملف و متابعة الإجراءات.

      كما يضع المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب خلال عملية التحديد تصميما مؤقتا للتحديد، و ذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 20 من ظهير التحفيظ العقاري، و هو تصميم موجز الغرض منه أساسا تأكيد الملاحظات المدونة بالمحضر و تسهيل قرائته[58] . و يعتمد في وضعه على ما نص عليه الفصل 114 من

تعليمة إنجاز أشغال التحديد و التصميم في إطار نظام التحفيظ العقاري[59] .

المبحث الثاني : حجية محضر المهندس المساح الطبوغرافي و المسؤولية المترتبة عنه

      بعد تحرير العناصر القانونية و التقنية للمحضر الذي يعده المهندس المساح المنتدب، فإنه من خلال هذا المحضر يستند لإعداد التصميم النهائي و ضبط الوضعية القانونية للعقار لتأسيس الرسم العقاري من قبل المحافظ على الأملاك العقارية و اكتساب الرسم لقاعدة التطهير، مما يطرح من خلاله التساؤل حول حجية محضر المهندس المساح الطبوغرافي نظرا لأهميته القانونية و آثاره في عملية التحفيظ ؟ و عن طبيعة المسؤولية المترتبة عن هذا المحضر  و أساسها القانوني .

المطلب الأول : حجية محضر المهندس المساح الطبوغرافي

لم ينص المشرع المغربي في ظهير التحفيظ العقاري على الطبيعة القانونية لمحضر التحديد و لا عن حجيته، مكتفيا فقط بالإشارة إلى نوع البيانات التي يتطلب أن يتضمنها، و به يثار التساؤل حول الطبيعة القانونية لمحضر التحديد ؟، و هل يتمتع بحجية قانونية تمنحه القوة في الإثبات  ؟ .

الفقرة الأولى: الطبيعة القانونية لمحضر  التحديد .

    يعتبر محضر المهندس المساح الطبوغرافي أنه بحث قانوني إلى جانب أنه تدرج فيه مجموعة من البيانات و كذا المواصفات و مختلف الأحداث التي تطرأ خلال عملية التحديد، من تعرضات و تدخلات و هي أعمال يطغى عليها البحث القانوني أكثر من العمل التقني، لكن هذا لا يغير من كون محضر التحديد عملا تقنيا بحد ذاته يضبط الوضعية الهندسية للعقار موضوع التحديد و التحفيظ، و به نتساءل عن القيمة القانونية لهذا المحضر ؟ هل هو محرر ذو طبيعة عرفية أو رسمية ؟ .

     و لم ينص المشرع في ظهير التحفيظ العقاري على الطبيعة القانونية لمحضر التحديد، مكتفيا بالإشارة إلى نوع البيانات التي يتطلب أن يحتويها و يتضمنها[60]، و تساؤلنا ليس اعتباطيا على اعتبار أن تكييف الطبيعة القانونية للمحضر الذي يحرره المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب، سيحدد القيمة القانونية للمحضر الذي يحرره و كذا حجيته .

      و في خضم هذا انبثق اتجاهين فقهيين :

     –  اتجاه أول [61] يرى على أن محضر  التحديد لا يعتبر وثيقة رسمية و أن قيمة هذا المحضر  لا تعدو  أن تكون شهادة فقط حيث أن للمحافظ على الأملاك العقارية فقط أن يستأنس بهذا المحضر  عند اتخاذ قرار بخصوص العقار المراد تحفيظه وتحديد مصيره و أنه لا يمكن أن يرقى إلى درجة الوثيقة الرسمية .

   –  أما الرأي الثاني [62] فيرى بأن محضر التحديد هو  وثيقة رسمية، و بالتالي فإن له حجية مطلقة بين الأطراف و في مواجهة الغير و لا يمكن الطعن فيه إلا بالزور .

    و به فإننا سنعمل على تحديد طبيعة المحضر الذي أعده المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب أثناء عملية التحديد، و يستوجب لاعتبار  محضر المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب ورقة عرفية حضور عنصري الكتابة و التوقيع، كما أنه يستوجب فيها وفق الفصل 425 من قانون الإلتزامات و العقود أن يقع الإعتراف من مختلف الأطراف و الإقرار بها، و به فمحضر التحديد يكون حجة للشخص المنسوب إليه ما لم يقم بإنكاره، إلا أنه بمجرد انكار الخصم توقيع الورقة المنسوبة إليه فإن هذا المحضر يصبح غير صالح للإحتجاج به، و من خلاله يقع على من يتمسك به أن يقيم الدليل على صحة المحضر و صدوره و كذا صحة توقيعه باتباع الإجراءات الخاصة بتحقيق الخطوط .

      و  برأينا أن هذا لا يستقيم حيث أنه لا يمكن اعتبار  محضر التحديد ورقة عرفية، باعتباره وسيلة من وسائل الإثبات فإن طبيعته تستوجب أن تكون له قوة قانونية في الإثبات، نظرا لأهمية محضر التحديد في تحديد وضيعة العقار موضوع عملية التحفيظ و في تحديد قرار المحافظ بشأنه، و به يستوجب أن تكون للمحضر حجية قاطعة .

       و به فإن محضر التحديد يتعين أن تكون له قوة الورقة الرسمية في الإثبات أي كحجة قاطعة، و كذا أن تتوفر في المحضر العناصر التي استوجبها المشرع في الوثيقة الرسمية من  خلال الفصل 418 من قانون الإلتزامات و العقود .

      و لابد أن تتوافر مجموعة من العناصر في المحرر الرسمي فالعنصر الأول يتمثل في صدوره عن الدولة و التعبير عن إرادتها في شأن من الشؤون التي تختص بها، و يتم هذا الإصدار من قبل شخص ذاتي يعمل بإسم هذا الأخيرة (الدولة) و لحسابها، أي يملك بمقتضى القانون صفة تمثيلها، و هذا الشخص هو الموظف العمومي الذي يجب أن يكون مكلفا و مختصا بموجب القانون بتدوين المحرر موضوعا و مكانا[63]، و أن يكون القانون قد أسند إليه أمر التدخل فيه لإضفاء الرسمية عليه .

       و هذا ما يمكن أن ينطبق على المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب الذي نص ظهير التحفيظ العقاري بموجب الفصل 19 و 21 منه، حيث نص المشرع العقاري على وجوب أن يكون محلفا من جهاز المسح العقاري، و مقيدا في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، و لكن في خضم هذا، هل يمكن اعتبار التقني الطبوغرافي أو المهندس المساح الطبوغرافي الذي ينتمي للقطاع الخاص موظفا عموميا ؟ و به أي قيمة ستكون لمحضر التحديد ؟ و هل سيتمتع بنفس قوة حجية المحاضر المنجزة من طرف مساحي مصلحة المسح ؟ .

        إلا أنه بصدور القانون رقم 57.12 المتمم لبعض فصول ظهير التحفيظ العقاري، أعطى المشرع المحافظ إمكانية انتداب مهندس مساح طبوغرافي ينتمي إلى القطاع الخاص و مسجل بجدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، وكذا للأعوان العاملين المؤهلين التابعين لأحد المهندسين المساحين المحلفين الذين ينتمون لمصلحة المسح العقاري  أي التقنيين الطبوغرافيين . حيث أنه بالنسبة لهؤلاء الأخيرين فإن اكتساب المحضر الذي يقومون بتحريره للقوة و الحجية، يتوقف على مصادقة المهندس المساح الطبوغرافي الذي كلفه . أما فيما يخص القطاع الخاص عند تحريره لمحضر التحديد، فإنه بالرجوع إلى الفصل 419 من قانون الإلتزامات و العقود[64] و المبادئ العامة للقانون الإداري فإنه بمجرد مصادقة مصلحة المسح على

محضر التحديد المنجز من قبل المهندس المساح المنتمي للقطاع الخاص، يصبح ورقة رسمية لا يمكن الطعن فيه إلا بالزور، و يتمتع بنفس حجية المحاضر المنجزة من طرف مساحي مصلحة المسح، بمعنى أن رسمية هذه المحاضر متوقفة على مصادقة مصلحة المسح عليها، حيث أن هذه الإشكالية دفعت بمهندسي القطاع الخاص إلى المطالبة بالحصول على صفة ضابط عمومي[65] .

      و قد زكى القانون هذا بصدور مرسوم 14 يوليوز 2014، حيث نصت المادة 17 في فقرتها الثانية على أن محضر التحديد الموقع من الأطراف المعنية و المهندس المساح الطبوغرافي المنتمي إلى القطاع الخاص، يجب أن يودع لدى مصلحة المسح العقاري المختصة قصد التأشير عليه و حفظه .

       و في هذا الإطار فإذا حرر المحضر شخص غير مختص فإنه يقع باطلا ما دام المشرع كان صريحا فيما يخص الجهات المخول لها تسيير عمليات التحديد و تحرير محضره و به فلا يتصور من الأطراف المعنية بعملية التحديد أن تقوم بتحرير المحضر دون الجهة المختصة قانونا بموجب ظهير التحفيظ .

      أما العنصر الأخير  الذي يستوجب في المحرر الرسمي فيتجلى في أن يتم وفق الأوضاع و الإجراءات التي رسمها القانون، إما بكيفية مباشرة أو غير مباشرة عن طريق هيئات فوض إليها رسم تلك الإجراءات، فالقانون يعين البيانات الجوهرية أو الأساسية التي يجب أن يحتويها المحرر و يحدد الشكل الذي يتعين أن يفرغ فيه [66]، و هو ما أقره المشرع في المحضر الذي يعده المهندس المساح المنتدب، حيث ألزمه بمجموعة من البيانات و العناصر القانونية و التقنية  المنصوص عليها في الفصل 21 من ظهير التحفيظ العقاري .

       و من خلال ما سبق فإن الراجح بنظرنا بخصوص طبيعة محضر المهندس المساح الطبوغرافي هو أنه محرر رسمي صادر عن  شخص محلف قانونا، لا يمكن الطعن فيه إلا بالزور، و لا تقتصر الصفة الرسمية للمحرر على ما يثبته الموظف العمومي[67] بنفسه (أي المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب ) من بيانات تتعلق بما عاينه من وقائع و ما باشره من إجراءات على نحو يكسبها حجية على الكافة لا يجوز اثبات ما يعاكسها إلا عن طريق الطعن بالزور، و إنما ما يتلقاه من ذوي الشأن أي أطراف عملية التحديد، من أقوال و بيانات كما صدرت عنهم بحيث يكون دوره في هذه الحالة دور الرواية فحسب .

          و ما يؤيد توجهنا هو ما نص عليه الفصل 36 من القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 المقرر لتفاصيل تطبيق نظام التحفيظ :

     ” إن محاضر التحديد و غيرها من المحاضر المحددة من طرف الأعوان المحلفين و التابعين للمحافظة العقارية لها قوة الحجية بما تضمنته إلى أن يقوم الدليل على ما يخالفها ” .

     و  كرس هذا ما اتجه إليه القضاء المغربي في مجموعة من القرارات،منها ما صدر عن ابتدائية الناضور الذي جاء فيه[68] : ” … أن أرض المطلب بيضاء و خالية من الأشجار حسب محضر التحديد و التصميم العقاري و الذي له قوة الحجية طبقا للفصل 36  في القرار الوزاري المؤرخ في 3 يونيو 1915 المحدد في 3 يونيو 1915 المحدد لتفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري … ” .

           و هذا ما أكده قرار[69] صدر عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) يؤكد على رسمية محضر التحديد و الذي جاء فيه ما يلي : “و حيث إن المطعون فيه أجاب عن دفوع الطاعن و علل قضائه بأنه بالرجوع إلى وثائق الملف و جواب المحافظ يتبين أن عملية المسح المتعلقة بالرسم العقاري عدد 3259\18 البالغة 18 هكتار و 19 آر و 51 سنتيار، و التي تمت بحضور المستأنف وقع على محضر التحديد المنجز بنفس التاريخ و الذي يعتبر وثيقة رسمية للملك لا يمكن الطعن فيه إلا بالزور ،و أن المستأنف وقع على تقرير الحضور المؤرخ في 15\12\1988 على المساحة التي أظهرها التصميم النهائي فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار معللا و مرتكزا على أساس قانوني …” .

         و به يكرس القضاء الإتجاه الذي يري على أن الطبيعة القانونية لمحضر المهندس المساح الطبوغرافي هو محرر رسمي، و إن لم يشر المشرع لذلك في ظهير التحفيظ العقاري صراحة، و به و على هذا الأساس و على اعتبار أن المحضر هو وسيلة اثبات تهم الجوانب القانونية و الهندسية للعقار  و بالتالي فهو ورقة رسمية يحررها موظف عمومي مختص  وفق الشكل الذي يحدده القانون.

الفقرة الثانية : حجية محضر المهندس المساح الطبوغرافي .

          و على اعتبار أن المحضر الذي يحرره المهندس المساح الطبوغرافي هو ورقة رسمية فإننا سننظر في حجيته في الإثبات و تأثيره على عملية التحفيظ ، و كذا النظر في الحالات التي يمكن الطعن فيها بزورية المحضر ، و كذلك في الحالات التي يمكن تقرير بطلانه .

أولا- حجية المحضر من حيث الإثبات

        قبل التخصيص في حجية محضر التحديد من الضروري المرور على حجية هذا المحضر حسب القواعد العامة على اعتبار أنه محرر رسمي، فمن خلال الفصلين 419 و 420 من قانون الإلتزامات و العقود، أنه يجب أن يتوفر في المحرر الرسمي مجموعة من الشروط القانونية لتكون له حجية قوية في الإثبات و يكتسب الصبغة الرسمية، حيث باكتسابها لا حاجة إلى الإقرار به، فهو ينقل عبئ الإثبات، و تفرض على الخصم الذي يتنازع في صحة الورقة أن يقيم الدليل على صحتها، و يقع عبئ نقضها على الخصم الذي ينكرها، و لا يمكن الطعن في توقيعها أو مضمونها أو شكلها إلا عن طريق ادعاء الزور[70].

        و الورقة الرسمية  حجة بسلامتها المادية أي بعدم حصول تغيير  في محتوياتها التي حررت فيها وقت انشاءها و لا يشترط في ذلك إلا أن يكون مظهرها الخارجي غير باعث على الإرتياب و الشك في مصدرها و سلامتها، فإذا وجد في الورقة كشط أو محو أو تحشير أو غير ذلك من العيوب المادية، كان للمحكمة أن تقدر ما يترتب على ذلك من اسقاط قيمة الورقة في الإثبات أو نقصها .

       و به خلال ما سبق فالمحضر الذي يحرره المهندس المساح المنتدب ورقة رسمية لها حجية في الإثبات حتى يطعن فيها بالتزوير،حيث يكون الغرض من هذا المحضر اثبات مجموعة من العناصر القانونية و التقنية للعقار يتم تضمينها به. و تكون لهذا المحضر آثار تهم مسطرة التحفيظ العقاري و قرار المحافظ العقاري بشأنها .

        يتجلى هذا أنه بعد قيام المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب بعملية التحديد في التاريخ المعين لها،يحيل محضر التحديد و التصميم المؤقت على المحافظ العقار، الذي يعمل على مراقبة صحته من الناحية الشكلية فقط و مدى مطابقته للتصميم المؤقت للتحديد المرفق به، على اعتبار أن تضمينات المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب تتسم بالحجية القانونية[71] .

        كما يعمل المحافظ العقاري على مراقبة و تفحص التصاميم الهندسية التي ينجزها المهندس المساح الطبوغرافي المنتمي للقطاع الخاص و المؤشر عليها من طرف رئيس مصلحة المسح العقاري، حيث يعمل على مطابقتها مع التصميم المؤقت للتحديد، مع أخذه بعين الإعتبار لجميع الملاحظات المضمنة ببطاقة الملاحظات الخاصة بقائمة الإرسال .

        إن رقابة المحافظ على المحضر  و  التصميم الهندسي المرفق به تدخل في إطار ولايته و إشرافه العام على تسيير عملية التحديد باعتباره صاحب الاختصاص الأصيل، كما جاء في الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري . كما تعد هذه الرقابة مهمة في اتخاذ المحافظ لقراره بخصوص مآل مطلب التحفيظ و الذي يكون إما إيجابيا أو سلبيا . و هذا ما نستشفه من الفصل 30 من القانون 14.07 سواء بالمفهوم المباشر أو عن طريق مفهوم المخالفة و الذي نص على  :” خلال الثلاثة أشهر المالية لانصرام أجل التعرض يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتحفيظ العقار بعد التحقق من انجاز جميع الإجراءات المقررة في هذا القانون، و من شرعية الطلب و كفاية الحجج المدلى بها و عدم وقوع أي تعرض”. و به يجب على المحافظ عند دراسته مطلب التحفيظ بهدف اخاذ قرار بشأنه أن يتأكد من إنجاز النشر بالجريدة الرسمية و كذا التعليق لدى الإدارات المختصة لإعلانات التحفيظ العقاري[72]، بالإضافة إلى تحققه من إنجاز عملية التحديد باعتبار مجموع هذه الإجراءات تدخل ضمن التدابير التي قررها ظهير التحفيظ العقاري كما تم تغييره و تتميمه بموجب القانون 14.07 .

      إن واجب التحقق من انجاز عملية التحديد من طرف المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب يقضي من المحافظ على الأملاك العقارية أن يراقب الآتي  :

        و هكذا يجد المحافظ في محضر التحديد النظامي السند قصد تحفيظ العقار بالسجلات العقارية عند حصول تطابق الوثائق الهندسية مع رسوم و حجج طالب التحفيظ. و عندئذ يعمد إلى  إقامة رسم عقاري يتضمن لزوما : “وصفا مفصلا للعقار مع حدوده و بيان الأملاك المجاورة و الملاصقة له و نوعه و مساحته…” [73]. و قد يقرر المحافظ أيضا على العقار مجموعة التحملات و الحقوق العينية يستقيها مباشرة من محضر التحديد[74] .

       و من جهة أخرى، يعتبر محضر التحديد سندا للمحافظ قصد اتخاذ قرارات إلغاء و رفض بسبب ما قد يتضمنه من أسباب و مبررات أتى القانون 14.07 على ذكرها[75]. و هي الأسباب التي يستخلص

بعضها من عدم انطباق رسوم و حجج طالب التحفيظ على الوعاء المحدد بمقتضى محضر التحديد و التصميم النهائي. و خير مثال على ذلك ما قد تسفر عنه التصاميم الهندسية من مساحة تفوق بكثير المساحة المصرح بها.فإذا ما تراخى طالب التحفيظ عن تبرير الفارق في المساحة بحجج إضافية أو لم يطلب استخراج هذا الفائض في المساحة، فإن المحافظ سيعمل على إلغاء المطلب بعد توجيه إنذار  إليه حسب ما يقتضيه الفصل 50 من ظهير التحفيظ العقاري .

        كما يكشف محضر التحديد أيضا عن حالات تخول المحافظ إلغاء المطلب و هي الحالات المنصوص عليها في الفصل 23 من نفس القانون :

      و بالموازاة مع الأسباب الموجبة للإلغاء نذكر أيضا الأسباب التي تؤسس لرفض المطلب. ومنها ما تتم الإشارة إليه بمحضر التحديد من قبيل :

      و بناءا على ما سبق نتساءل عن ما إذا كان قانون التحفيظ محقا حينما احتفظ لمحاضر التحديد بقوة الحجية ؟

      و باعتقادنا أنه شيئ طبيعي أن يحتفظ قانون التحفيظ لهذه المحاضر بقوة الحجية،لأنها في الواقع وثائق تحتوي على نتيجة العمليات القانونية و المساحية السابقة على التحفيظ و التي تهدف إلى حصر العقارات و تحديد مواقعها و ما لها من حقوق و ما عليها من ارتفاقات و ما يقدمه أصحاب الشأن من مستندات و ما يثيرونه من تعرضات  و بالتالي و في رأينا فالمشرع كان محقا في أن يمنح لمحاضر التحديد قوة الحجية .

ثانيا- الطعن بالزور في المحضر و تقرير البطلان

يعد المحضر الذي يعده المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب كما سبق و أشرنا ورقة رسمية، هدفه إثبات مختلف العناصر القانونية التي تتعلق بتصريحات الأطراف و هوياتهم و الإتفاقات التي تمت بينهم أثناء إجراء التحديد، و كذا الوثائق التي تهم الحجج المدلى بها لإثبات ادعاءاتهم بشأن ملكية العقار و الحقوق العينية الواردة عليه، و كذا إثبات العناصر التقنية الواردة التي تخص مميزات العقار ووصفه و ضبط حدوده، و اعداد التصميم المؤقت، و به توقيع جميع الأطراف بالإضافة للمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب المحضر الذي حرره كتعبير عن اقرارهم لمضامين المحضر .

     و هذه العناصر نص عليها المشرع المغربي بموجب الفصل 21 من ظهير التحفيظ العقاري المتمم و المعدل بالقانون 14.07، و إذا كان هذا المحرر يكتسي أهمية بالغة في إثبات الوضعية القانونية و الهندسية للعقار و كذا تحديد المحافظ على الأملاك العقارية لقراره حول مصير هذا العقار ،فإنه يحدث أن ينازع أحد الأطراف في صحة المحضر و ما يتضمنه من بيانات، إما بالطعن فيه بالزور بسبب زوريتها أو بسبب خطأ أو سهو من المهندس المساح بصفته منتدبا حصريا لإجراء عملية التحديد و تحرير محضره،و بالتالي المطالبة بتقرير بطلان المحضر .

  1. الطعن بالزور في المحضر :

عند المنازعة في صحة المحضر الذي يعده المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب، فإن مصداقية هذا الأخير تكون على المحك و تكون محل المنازعة بالأساس،حيث تمس بأمانته و تطعن في صدقه، على اعتبار أن الأمانة و الصدق هما أمران مفترضان في الموظف العمومي الذي يحرر الورقة الرسمية .

   و يقصد بالزور لغة، الكذب و عدم الصحة، فهو إلباس الحق بالباطل لإيهام الناس بصحة أمر لا يطابق الواقع و لا ينسجم مع الحقيقة، لذا جرى إطلاق لفظ الزور على تزين الكاذب و تحسينه[77].

     و في الإصطلاح القانوني، فالزور أو التزوير هو تغيير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق التي بينها القانون تغييرا من شـأنه أن يسب ضررا للغير  [78].

     أما القضاء المغربي فعرف الزور بأنه الإدعاء بحصول تغيير في الحقيقة بقصد الغش في العقد تغييرا من شأنه إحداث ضرر بمصلحة المتمسك به أو الأغيار [79] .

     و الطعن بالزور إما أن يكون موضوعا لدعوى عمومية تثار أمام المحكمة الزجرية  المختصة لعقاب المزورين و شركائهم، وإما أن يكون موضوعا لدعوى مدنية الهدف منها إثبات تزوير محرر سواء كان رسميا أو عرفيا،و تهدم حجيته في الإثبات [80] .

    و يظهر مما سبق أن التزوير  في المحررات هو تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع و البيانات التي يراد إبقاءها بمستند يحتج به، و قد عرف المشرع المغربي التزوير في المحررات في الفصل 351 من القانون الجنائي[81] حيث نص على أن :” تزوير الأوراق هو تغيير الحقيقة فيها بسوء نية، تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون “.

       و به فالورقة الرسمية التي يحررها الموظف العمومي و التي يشهد فيها على الوقائع و الإتفاقات، تكون لها حجة قاطعة حتى على الغير  و ذلك إلى أن يطعن فيها بالزور [82]، أي أن يقوم بتغيير الحقيقة بإظهار أمر معين من غير الصورة التي وجب أن يكون عليها بحيث يأتي مخالفا للحالة الواقعية التي ينبغي أن تكون له لو لم يتدخل نشاط الجاني فيه. فإذا لم يحدث شيء من ذلك فلا وجود للتزوير و لو كان الجاني سيء النية يظن أن ما قام بإثباته في المحرر من بيانات يخالف الحقيقة،بينما هو في الواقع الأمر مطابق لها [83].

        للحقيقة التي يطالها التغيير في نطاق جريمة التزوير،دلالة قانونية ليست بالضرورة هي دلالتها اللغوية، لذلك لا يقصد بها الحقيقة الواقعية المطلقة، أي تطابق الواقع تمام المطابقة، و إنما يراد بها الحقيقة القانونية النسبية التي تطابق ما كان ينبغي إدراجه بالمحرر وفقا للقانون، و ذلك إما إذعانا لصاحب الشأن التي أنشئ المحرر للتعبير عنها، و إما انصياعا لإرادة الشارع الذي يقرر قرينة معينة، فإذا أثبت الجاني في المحرر ما يخالف إرادة صاحب الشأن أو القرينة التي قررها القانون تحقق تغيير الحقيقة في مدلوله القانوني و بالتالي وقع التزوير، و لو كان ما أثبته يطابق الحقيقة الواقعية مطابقة تامة. و ترتيبا على ذلك، لا يعتبر تغييرا للحقيقة أي حذف مضمون المحرر أو إضافة إليه، طالما ظلت الحقيقة المنبعثة منه على حالتها قبل الحذف أو الإضافة، و كذلك لا تغيير بمجرد محو عبارة مكررة في السند أو إضافة عبارة تزيد المعنى المراد وضوحا، لكن التغيير يقع إذا نجم عنه خلق حقيقة جديدة أو تحريف حقيقة قائمة أو تدقيقها على نحو تصبح أكثر حسما عند الاحتجاج بها أو إسنادها إلى غير من صدرت عنه[84] .

         و تغيير الحقيقة في معناه القانوني، يتحقق و لو كان التغيير جزئيا أي لحق بيانا واحدا أو أكثر من بيانات المحرر، و لو مس فقط الحقيقة النسبية المثبتة فيه حتى و لو كانت مخافة للحقيقة الواقعية المطلقة [85].

       إن القانون لا يتطلب أن تتغير الحقيقة بكاملها، إنما يكتفي بأقل قدر من التغيير، سواء انصب على واحد فقط من بياناته، فالقدر اليسير من التغيير يكفي لاهدار كل الثقة التي يمثلها المحضر  الذي يعده المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب، إذ هو على الأقل يثير الارتياب و الشك حول صدق البيانات المدرجة به، فالبيانات التي نص عليها المشرع في محضر التحديد غاية في الدقة و الأهمية،لأنها في الواقع وثائق تحتوي على نتيجة العمليات القانونية و المساحية السابقة على التحفيظ و التي تهدف إلى حصر العقارات و تحديد مواقعها و ما لها من حقوق و ما عليها من ارتفاقات و ما يقدمه أصحاب الشأن من مستندات و ما يثيرونه من تعرضات، و به لا يتصور مثلا الإخلال بأحد هذه البيانات .

       فإن تغيير الحقيقة مثلا بتحرير محضر لعملية تحديد لم يتم إجراءها أصلا و لم تحترم فيها شروطها التي تبتدئ باستدعاء كافة الاطراف من مدعي الملكية و المجاورين ليوم ووقت عملية التحديد المحددة في الجريدة الرسمية، و الإقتصار فقط على تحرير محضر و اختلاق تصريحات وهمية و كذلك توقيعات، بغرض التأثير في وضعية العقار  زورا، يعتبر وجها من أوجه التزوير و يصبح المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب الذي حرر المحضر جانيا،حيث أنه لا يتصور حصول تزوير في المحضر  الذي يعده بصفته موظفا عموميا مختص بتحريره، و لذلك يسأل وحده إن غير بسوء نية ما أملاه عليه الأطراف أو أخفى وثائق أو مميزات العقار و ما عاينه به إلى غير ذلك، بسوء نية بهدف إخفاء أو تغيير الحقيقة .

           و يختص القضاء وحده دون غيره في البث في زورية المحضر و أي وثيقة سواء كانت رسمية أو عرفية، و عند انتهائه من اجراءات تحقيق الزور بفحص نتيجتها و عرضها على الخصوم لإبداء وجهة نظرهم بشأنها و مناقشتها، ثم تبث من مدى أحقية مدعي الزور في ادعائه لتصدر حكما بشأنه إما برفض الإدعاء بالزور و الحكم بصحة المحضر المطعون فيه و إما بقبول الإدعاء بالزور و الحكم بزورية المحرر [86].

         و هو الحكم الذي تترتب عليه آثار قانونية تختلف  بحسب نتيجة الحكم، حيث نص المشرع المغربي بموجب الفصل 421 من قانون الإلتزامات و العقود على أنه :” في حالة تقديم دعوى الزور الأصلية، يوقف تنفيذ الورقة المطعون فيها بالزور بصدور قرار الإتهام، أما إذا كان قرار الإتهام لم يصدر، أو وقع الطعن بالزور بدعوى فرعية فللمحكمة وفقا لظروف الحال أن توقف مؤقتا تنفيذ الورقة ” .

       سكتت جل التشريعات المدنية عن اعطاء تعريف لنظام البطلان منها قانون الإلتزامات و العقود المغربي، و به فهذا يقتضي منا الإستئناس ببعض التعاريف الفقهية منها :

     البطلان هو الجزاء الذي يقرره المشرع اما لعدم توافر ركن من أركان العقد، و إما بموجب نص قانوني يقضي في حالة خاصة أو لاعتبارات تتعلق بالنظام العام، لبطلان تصرف ما رغم توافر سائر أركان انعقاده[87].

       كما عرف بعض الفقه البطلان بأنه “عدم الصحة أو عدم النفاذ الذي يلحق تصرفا قانونيا لمخالفته كأمر أو نهي من المشرع “[88]، أما الفقيه السنهوري[89] فإنه عرف البطلان بكونه ”الجزاء القانوني على عدم استجماع العقد لأركانه الكاملة مستوفية لشروطها” .

         و لم يشر المشرع العقاري إلى العوامل التي يمكن أن تجعل من محضر التحديد باطلا، و لكن باعتباره محررا رسميا، سنعمل على الإشارة إلى بعض العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى بطلان هذا المحضر  و عدم نفاذه على عملية التحفيظ، باعتباره محررا رسميا .

          و من أبرز العوامل التي قد تؤدي إلى عدم نفاذ هذا المحضر نذكر منها :

     _ عدم اختصاص الموظف العمومي بتسيير  عملية التحديد أي أن المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب غير مؤهل لتسيير عملية التحديد،حيث أن الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري استوجب فيه أن يكون محلفا من جهاز المسح الطبوغرافي، مقيدا في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، و كذلك القانون رقم 57.12 المتمم لبعض فصول ظهير التحفيظ العقاري الذي نص في فقرته الثانية أنه  يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية أن ينتدب أيضا لإنجاز عمليات التحديد مهندسا مساحا طبوغرافيا ينتمي إلى القطاع الخاص مسجلا بجدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين. و يتوجب عليه أن يكون محترما لشروط القيد بجدول الهيئة منها الحصول على شهادة الهندسية الطبوغرافية المسلمة من معهد الحسن الثاني للزراعة و البيطرة أو شهادة تعترف الإدارة بمعادلتها، و أن يؤدي مبلغ الإشتراك المستحق للهيئة، و ألا يكون قد حذف من جدول الخبراء المحلفين من أجل ارتكاب أفعال تخل بشرف المهنة و غيرها من الشروط المنصوص عليها في المادة 26 من القانون المنظم لقانون المهنة رقم 30.93. كما أنه قد يعود عدم اختصاص المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب إلى وجود مانع أو حائل قانوني يمنعه من تحرير الورقة الرسمية (أي المحضر) كأن يكون قريبا لأحد أطراف عملية التحديد[90]، فإذا خالف هذا المنع كان المحرر الذي أصدره باطلا، و يعرف هذا المنع في الفقه بعدم الاختصاص الشخصي[91].

    _ و العامل الآخر هو عدم أهلية المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب لاصدار المحرر، كأن يكون معزولا أو موقوفا بقرار من الجهة المختصة. إلا أنه إذا كان لم يعلم بالعزل أو الوقف، و كان أصحاب الشأن الذين تعاملوا معه،هم أيضا حسنوا النية لا يعلمون بأي أمر من تلك الأمور، فإن الورقة التي يحررها المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب تكون صحيحة راعيا للوضع الظاهر المقرون بحسن النية .و تطبيقا لحماية هذا الوضع الظاهر، حتى و لو كان تعيينه في هذه الوظيفة قد تم خلافا للقانون، و هذا ما يعرف عند فقهاء القانون الإداري بالموظف الفعلي Fonctionnaire de fait ، أي الموظف من حيث الواقع. وترتيبا على ذلك، فإن جميع الوقائع التي ينجزها هذا الموظف العمومي في إطار وظيفته تعتبر صحيحة[92] .

        _ أما العامل الأخير هو إهمال الإجراءات و الأوضاع التي أوجب القانون مراعاتها لإنجاز عملية التحديد و كذا الفراغ من تحرير  محضره،و هي العمليات التي تخص عملية التحديد و تحرير محضره و المنصوص عليها في الفصل 20 و 21 من ظهير التحفيظ العقاري، كمثال عن ذلك، إغفال المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب انجاز عملية التحديد في التاريخ و الوقت المحدد في المرسوم، حيث أن المشرع مما لا شك فيه حدد ضوابط عملية التحديد، و من بينها  أن تتم في التاريخ و الساعة المحددة طبقا للفصل 20 من ظهير التحفيظ العقاري،و لكن الواقع العملي يعرف أحيانا تجاوزات، و ما يدل على ذلك هو وجود عدة مذكرات للمدير العام للوكالة[93]، يذكر فيها رؤساء مصالح المسح بضرورة الحرص على احترام التاريخ و الساعة المحددين للتحديد، و قد يصل الأمر إلى متابعات قضائية، و هو ما يستفاد من حيثيات متابعة محافظ الفقيه بن صالح و من معه، حيث في القرار السابق الذكر: “…و حيث تبين من خلال المحضر  المنجز قبل الضابطة بعد الخروج إلى عين المكان أن المتهم لم يخرج بتاتا إلى عين المكان(…) حسب ما أفاد به، و على أساس أن الأخيرة (الضابطة القضائية) عند خروجها رفقة المساح الذي قام بالتحديد عاينت عدم تواجد الآفات B4  وB3وB2 و التي أفاد المتهم بشأنها بأنها ربما انتزعت من مكانها، أما الآفتين B6  وB5 و كذا العمود ذو التوتر العالي فلم يزرهم و إنما حصل على المعومات بشأنها من طالب التحفيظ …”. و هذا يعتبر خرقا صريحا لنص القانون الذي أوجب إجراء عملية التحديد في التاريخ و الوقت المحددين، حتى يتسنى لكل الأطراف من أصحاب الحقوق العينية و كذا المجاورين الحضور في اليوم المعين لإبداء آرائهم و الدفاع عن حقوقهم .

         كما أنه في حال إنشاء التصميم المؤقت للتحديد، و الذي يعتبر وثيقة أساسية و محورية في نظام التحفيظ العقاري ككل إذ لا وجود للتحفيظ العقاري بدونها، لكونها تؤدي مهمة تفادي تأسيس رسوم عقارية فوق أخرى، و به ففي حال لم يتم احترام الحدود أو وضع الأنصاب بطريقة قانونية أو فطن طالب التحفيظ إلى نقصان في المساحة أو زيادة و بلغ إلى علم المحافظ قبل أن يقع النشر في الجريدة الرسمية لإعلان اختتام عملية التحديد المؤقت[94]، فإن ذلك يؤدي إلى بطلان محضر التحديد و عدم نفاذه .

          إلى أنه ينبغي الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يشر إلى مصير محضر التحديد في حال ظهور خلل أو خطأ أثناء القيام بالعمليات القانونية و التقنية لعملية التحديد، إلى أنه و انسجاما مع الفصل 30 من ظهير التحفيظ العقاري الذي يحتم على المحافظ على الأملاك العقارية التحقق من إنجاز جميع الإجراءات المقررة في القانون، و من شرعية الحجج المدلى بها، و عدم وقوع أي تعرض، فإنه يتوجب عليه مراقبة محضر التحديد و بالذات من سريان عملية التحديد في ظروف عادية لكونهما مترابطان، و بالذات العمليات التقنية، و هذه الأخيرة يتوجب على إثرها على مدير المسح العقاري أن يخبر المحافظ بكل ما يقع أثناء قيامه بالمراقبة،من تطاول على الأملاك المحفظة أو في طور التحفيظ[95] .

            و في  حال وقوع خطإ أو إغفال أثناء تحرير أحد العناصر المنصوص عليها في الفصل 21 من ظهير التحفيظ بخصوص محضر التحديد،لم يشر المشرع إلى مآل عملية التحديد و كذا محضره،إلى أن الواقع العملي يشير إلى أن المحافظين على الأملاك العقارية يقومون بإلغاء المحضر المعيب و يوقف نفاذه، سواء كان ذلك بسبب زوريته أو لعيب به و يعلن عن إجراء التحديد التصحيحي بشرط أن يكون ذلك قبل النشر في الجريدة الرسمية لإعلان اختتام عملية التحديد المؤقت و يتم الإعلان عن إعادة عملية التحديد بنفس الشروط المنصوص عليها في الفصول 17 و 18 و19 من ظهير التحفيظ العقاري ضمانا لشفافية العملية، و إذا قدم طلب التصحيح بعد النشر في الجريدة الرسمية، و انقضى أجل التعرض، فإن التحديد التصحيحي يخضع لمسطرة التحديد و الإشهار  و التعليق لفتح باب التعرض بشأنه[96].

        و ختاما لمطلبنا هذا و انسجاما مع الواقع العملي لعملية التحفيظ، فإن لمحضر التحديد آثارا مهمة تؤدي إلى تأسيس الرسم العقاري و به سربان قاعدة التطهير، و به فإنه يستوجب على المهندس المساح الطبوغرافي التقيد بالحذر  و الصدق و الأمانة اللازمين، حيث أن الطعن بزورية المحضر و ثبوت ذلك يعني الطعن في مسطرة التحفيظ ذاتها و التأثير على السير العادي لهذه العملية. و به يتوجب على المهندس المساح توخي الحيطة و الحذر  و المهنية اللازمة تفاديا لإثارة مسؤوليته القانونية .

المطلب الثاني : طبيعة مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي في تحريره للمحضر و أساسها.

      ينجز المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب عملية التحديد و إعداد محضرها تحت مسؤوليتهه، أو يكلف التقني الطبوغرافي الذي ينتمي إلى مصلحة المسح العقاري كما نص القانون 57.12 المتمم لظهير التحفيظ العقاري أو ينتدب المحافظ لإنجاز عملية التحديد المهندس المساح الطبوغرافي المنتمي للقطاع الخاص بحسب نفس القانون المذكور، كما أنه تختلف هذه المسؤولية بحسب ما إذا كان ينتمي إلى القطاع العام باعتباره مستخدما بجهاز المسح الطبوغرافي، أو كونه يمارس مهامه بصفة مستقلة أي ينتمي إلى القطاع الخاص، الشيء الذي يدفعنا إلى العمل على تحديده طبيعة هذه المسؤولية (الفقرة الأولى) و كذا إلى الأساس الذي تقوم عليه (الفقرة الثانية) .

الفقرة الأولى : طبيعة المسؤولية المدنية للمهندس المساح الطبوغرافي.

        تنقسم المسؤولية المدنية إلى مسؤولية تقصيرية و مسؤولية عقدية، فالتقصيرية هي التي تترتب على ما يحدثه الشخص من ضرر للغير بخطأه، أما العقدية فهي تنشأ عن الإخلال بما التزم به المتعاقد[97].

           و نص الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بالقانون 14.07 على أنه:

    ” يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتسيير عمليات التحديد، و ينتدب لهذه الغاية مهندسا مساحا طبوغرافيا محلفا من جهاز المسح العقاري، مقيدا في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين

       ينجز المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب عملية التحديد، تحت مسؤوليته .”

        و كما نص الفصل 21 على العناصر الفنية و القانونية التي يجب أن يتوفر عليها محضر التحديد، و التي يجب التقيد بها أثناء تحريره للمحضر .

      و من خلال القراءة المتأنية للفصول السابق ذكرها يتضح جليا بأن المشرع المغربي قد حمل المسؤولية للمهندس المساح الطبوغرافي عند إنجاز عملية التحديد، و ذلك عكس ما كان سائدا في ظل ظهير التحفيظ قبل تعديله بمقتضى القانون 14.07، الذي كان فيه المحافظ على الأملاك العقارية هو من يقوم بتسيير عمليات التحديد، حيث كان ينص في فصله 19 على أنه :

       ” يقوم المحافظ على الأملاك العقارية أو نائب عنه بتسيير عمليات التحديد المؤقت بمساعدة و مشاركة مهندس محلف من مصلحة المسح و التصميم و بمحضر طالب التحفيظ أو مفوض خاص عنه … “.

       و قد جاء هذا المقتضى الذي نص عليه القانون 14.07 منسجما مع مقتضيات المادة الأولى من القانون رقم 30.93 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المساحة الطبوغرافية، التي جعلت قيام المهندس المساح

الطبوغرافي بمهامه باسمه و تحت مسؤوليته[98].

       إلا أنه على ضوء ما سبق فإن أحد الباحثين ذهب إلى أن مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب تنحصر فيما يتعلق بالجانب التقني، كاستفسار طالب التحفيظ و المجاورين عن كل ما يتعلق بالملك المعني و عن واقع الحيازة و مدتها و حالتها ووضع الأنصاب و تحرير محضر التحديد و التصميم المؤقت[99].

         إلا أن أحد الباحثين ذهب في اتجاه آخر و اعتبر أن مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب يجب أن تكون مزدوجة بين ما هو تقني و ما هو قانوني، لأن المشرع لما أسند إليه القيام بعمليات التحديد لم يكلفه فقط بما هو تقني و إنما خول له أيضا القيام بمهام قانونية[100].

        و نحن بدورنا نعتقد بصوابية الرأي الآخذ بأن مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي هي مسؤولية مزدوجة، حيث بالإطلاع على الفصول 19 و20و 21 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بالقانون 14.07، يتضح جليا إلى أن إسناد مسؤولية القيام بعملية التحديد و إعداد محضره هي للمهندس المساح الطبوغرافي حصرا، دون تمييز بين الجانب القانوني و التقني منها .

       و بناءا على هذه المسؤولية فكل إخلال من قبل المهندس المساح الطبوغرافي يعرضه إلى المسؤولية التقصيرية لأنه و هو بصدد تحرير محضر التحديد لا يقوم إلا بواجبه القانوني الذي تمليه عليه قواعد وظيفته و كذا ما ينص عليه ظهبر التحفيظ العقاري دون أن يستطيع الإمتناع عن ذلك[101].

        و على ضوء ما سبق فإن برأينا أن المسؤولية التقصيرية تتحقق في حال إخلال المهندس المساح الطبوغرافي بالتزامه القانوني، و إحداثه ضررا للغير بخطأه،كما أن العلاقة التي تجمع مالك العقار موضوع

التحديد بالمهندس المساح الطبوغرافي هي علاقة قانونية بعيدة عن العلاقة التعاقدية .

       و باعتبار المهندس المساح الطبوغرافي المحلف المنتمي لجهاز المسح العقاري أي القطاع العمومي التابع للدولة، فإن هذه الأخيرة تكون مسؤولة عن الأضرار المرتكبة من قبل هذه الفئة، تماشيا مع مقتضيات الفصلين 70 و80 من ظهير الالتزامات و العقود و الذي يستشف منهما أن الدولة مسؤولة عن الأضرار الناتجة عن التسيير و كذلك مسؤولة عن الأخطاء المصلحية التي يرتكبها موظفيها[102].

       و إذا كان المشرع قد أقر  صراحة مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي عن عمليات التحديد، فإنه قد خول له في الوقت نفسه إمكانية تكليف أحد العاملين المؤهلين التابعين له لإنجاز عملية التحديد، ذلك أن القانون رقم 57.12 المتمم لفصول ظهير التحفيظ العقاري، أوجب تأهيل التقنيين الطبوغرافيين المرسمين و المحلفين التابعين لمصحة المسح العقاري، لإنجاز عمليات التحديد التي يكلفون بها من طرف المساحين الطبوغرافيين .

     و كما سبق و أشرنا، أن المهندس المساح الطبوغرافي هو الذي يتحمل المسؤولية بمناسبة قيامه بعملية التحديد، لكن الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد الحالات التي يعهد فيها إلى التقنيين الطبوغرافيين القيام بعملية التحديد فهل يتحمل المهندس المساح الطبوغرافي مسؤولية الأخطاء الصادرة عن هؤلاء التقنيين ؟ أم أن التقنيين يتحملون المسؤولية الشخصية بناء على واجباتهم المهنية التي تفرض عليهم أداء مهامهم و الحرص على عدم الوقوع في الأخطاء المهنية ؟ .

       و ذهب أحد الباحثين[103] إلى القول أن المهندس المساح الطبوغرافي و إن كان حسب المشرع هو المسؤول عن التحديد، إلا أن تفويضه للتقني للقيام بهذا الإجراء هو بالضرورة تحمل للمسؤولية انطلاقا من قاعدة أن الشخص مسؤول عن الأخطاء التي يرتكبها بنفسه لا عن الأخطاء التي يرتكبها غيره و على هذا الأساس، لا يمكن في أي حال الإعفاء التام للتقني الطبوغرافي من مسؤوليته عن إجراء التحديد و إسنادها إلى المهندس المساح الطبوغرافي باعتباره من قام بالتفويض، على اعتبار أن التقني هو الذي ينجز عملية التحديد فعليا، و هو الذي وقف على العقار المراد تحديده، و قام بالبحث القانوني المفروض في التحديد، و كذلك قام بوضع الأنصب و تحديد معالم العقار، و توج ذلك بإنجاز محضر التحديد ذو الحجية القانونية موقعا من طرفه و من طرف الحاضرين في العملية. غير أن الإعفاء التام للمهندس المساح الطبوغرافي لا يجب أن يشمل الواجبات المفروضة عليه و المتمثلة في الرقابة على عمل التقني الطبوغرافي لعدة اعتبارات، و تتجلى في أن التقني الطبوغرافي ينجز التحديد بناء على تفويض صادر من قبل المهندس المساح، و الإعتبار الثاني في أن علاقة المهندس المساح بالتقني الطبوغرافي هي علاقة إدارية بين رئيس و مرؤوس .

إلا أنه برأينا و إن كان المشرع اعتبر أن المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب هو المسؤول بشكل حصري عن القيام بأعمال التحديد، إلا أنه لم يحدد طبيعة مسؤوليته عن الأخطاء التي يرتكبها التقني الطبوغرافي الذي يكلفه، و على اعتبار أن العلاقة بينهما هي علاقة رئيس و مرؤوس فإن قواعد العمل الإداري التي تتعلق بتفويض الإختصاص و الذي يتم بوجود سند قانوني (القانون رقم 57.12 المتمم لفصول ظهير التحفيظ العقاري)، فإن المفوض له (التقني الطبوغرافي) هو من يتحمل المسؤولية بخصوص قراراته و مهامه[104]، و به فهو يعتبر مسؤولا عن عملية التحديد و تحرير محضرها شكلا و جوهرا، إلا أنه لا يجب إعفاء المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب لكونه هو من فوض التقني الطبوغرافي[105]، و المسؤول الأول عن مراقبة أعمال التحديد و تحرير محضرها على الأقل الجانب الشكلي منها .

       أما فيما يخص المهندس المساح الطبوغرافي المنتمي للقطاع الخاص فهناك جدلية فيما يخص طبيعة المسؤولية الملقاة عليه لكونه يقوم بمهامه في إطار تعاقد مع الإدارة أي الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية أي بموجب صفقة عمومية، حيث هناك غموض في تحديد طبيعة المسؤولية الملقاة عليه، هل هي مسؤولية تقصيرية أم مسؤولية عقدية ؟ .

بعد صدور القانون رقم 57.12 المتمم لبعض فصول ظهير التحفيظ العقاري، أعطى المشرع للمحافظ على الأملاك العقارية إمكانية انتداب مهندس مساح طبوغرافي ينتمي إلى القطاع الخاص و مسجل بجدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، مما يعني أن المهندس المساح المنتمي للقطاع الخاص بإمكانه إنجاز عملية التحديد أثناء مسطرة التحفيظ .

      و ثم بعد ذلك صدر مرسوم 14 يونيو 2014، ليستشف من مادته 17، أن المشرع لما اشترط على مهندس القطاع الخاص و طالب العملية، إمضاء محضر التحديد، كان بمثابة نص تطبيقي لقانون 57.12، مما يعني أن القطاع الخاص بإمكانه انجاز التحديد للملفات اللاحقة لتأسيس الرسم العقاري أيضا .

       و  ارتباطا مع الواقع العملي يمارس المهندس المساح الطبوغرافي المنتمي للقطاع الخاص في إطار التعاقد مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و بالذات بموجب صفقة عمومية تحت لواء شركة للمهندسين المساحين الطبوغرافيين في غالب الأحيان .

و به كما سبق و ذكرنا فقيام المحافظ على الأملاك العقارية بانتداب مهندس مساح طبوغرافي ينتمي للقطاع الخاص يأتي في إطار  التعاقد مع القطاع الذي ينتمي إليه أي الخاص بموجب صفقة عمومية، و لكن التساؤل الذي يطرح عن طبيعة المسؤولية المنبثقة عن إنجاز  عملية التحديد و تحرير محضره، هل هي مسؤولية عقدية ؟ .

         و الأصل في العقد أنه يلزم عاقديه بكل ما يجيء فيه فهو يتضمن قوة تحتم على طرفيه الرضوخ و الإذعان له في كل ما يحتويه، و بعبارة أخرى هو يتضمن قوة ملزمة لطرفيه باحترامه، بالنسبة لكل أحكامه، فهو بالنسبة إليهما، و في حدود تنظيم العلاقات التي يحكمها، كالقانون، فلا يستطيع أحدهما أن يستقل بنقضه، و لا بتعديله ما لم يصرح له القانون بذلك، و إذا انتهى القاضي إلى أن هناك عقدا صحيحا، مستجمعا لأركانه و شروط صحته، و تحدد مضمونه على النحو الذي فصلناه، فإنه يصبح واجب التنفيذ، فإذا لم يقم المدين بالتنفيذ الإختياري أمكن جبره على التنفيذ، أما إذا امتنع عن التنفيذ العيني، و كان هذا التنفيذ غير ممكن، أو كان ممكنا و لكن الدائن طلب التعويض و لم يتمسك المدين بالتنفيذ العيني، فإنه في هذه الحالة تقوم المسؤولية العقدية، إذ يلتزم المدين بدلا من التنفيذ العيني أن يعوض الدائن عن الضرر الذي لحقه من عدم تنفيذ الإلتزام [106].

       و على ضوء ما سبق يمكن القول أن إخلال المهندس المساح الطبوغرافي المنتمي للقطاع الخاص بأحد التزاماته العقدية التي تفرض عليه القيام بعملية التحديد و تحرير محضرها يثير مسؤوليته العقدية، حيث أنه يفترص فيه القيام بتنفيذ العمل الذي تم التعاقد عليه مع الإدارة مع مراعاة الضوابط القانونية التي نص عليها ظهير التحفيظ للقيام بعملية التحديد و كذا الشكل و الضوابط الذي يحرر به محضر التحديد و التي لا يجوز الإتفاق على مخالفتها لكونها من النظام العام،و بالتالي فالمهندس المساح الطبوغرافي المنتمي للقطاع الخاص يتحمل المسؤولية عن كل إخلال بالتزام عقدي في حال توافر شروطها المتمثلة في الخطأ و الضرر و العلاقة السببية بينهما، إلا أنه في نفس الإتجاه و إن أخذنا على أن عدم تنفيذ الإلتزام من قبل المهندس المساح الطبوغرافي يثير مسؤوليته اتجاه الإدارة، فما مصير  طالب التحفيظ الذي لا تجمعه أي علاقة تعاقدية مع المهندس المساح المنتمي للقطاع الخاص و بالذات في حال أخل المهندس المساح بالتزامه القانوني و سبب ضررا لطالب التحفيظ ؟ ألا يمكن اعتبار  أن طبيعة هذه المسؤولية هي تقصيرية ؟ .

       و به يمكن القول أن طبيعة المسؤولية المترتبة عن عملية التحديد و تحرير محضره ذو طبيعة مزدوجة، حيث أن العلاقة التي تجمع المهندس المساح الطبوغرافي المنتمي إلى القطاع الخاص و المحافظة العقارية هي علاقة تعاقدية و أن المسؤولية المترتبة عنها هي مسؤولية عقدية و لكنها مرتبطة أيضا بطبيعة الخطأ الذي يرتكبه المساح، حيث تنشأ المسؤولية التقصيرية (الفعل الضار)، بسبب الإضرار غير المشروع بالغير سواء كان هذا الغير، الإدارة(المحافظة على الأملاك العقارية) أو أحد أطراف عملية التحديد، و سواء كان هذا الضرر يسيرا أو جسيما، فالمسؤولية التقصيرية تنشأ بعيدا عن الإلتزام العقدي، و يكون مصدر الإلتزام بها القانون، أي أنه في حال الإخلال بواجب فرضه القانون، و إضرار شخص ما، فإنه يلزم على إثر هذا التعويض للشخص المتضرر من فعله .

الفقرة الثانية : أساس المسؤولية المدنية للمهندس المساح الطبوغرافي .

كما سبق و أشرنا فالمهندس المساح الطبوغرافي يمكن أن يشتغل بالقطاع العام بمعنى أن يكون تابع إلى الدولة. و بالتالي، فكل خطأ ارتكبه و سبب ضررا للغير إلا ويتحمل المسؤولية التقصيرية عن هذا الضرر، و يمكن أن يشتغل في القطاع الخاص و كما سبق و ذكرنا فإن طبيعة مسؤوليته عن إنجاز عملية التحديد و تحرير محضره في إطار مسطرة التحفيظ فهي ذو طبيعة مزدوجة لكونها تعاقدية في علاقته بالإدارة، و قانونية في علاقته بطالب التحفيظ، و لا خلاف بين المسؤولية التقصيرية و العقدية للمهندس المساح الطبوغرافي فيما يخص الأركان التي تقوم عليها كلتا المسؤوليتين لقيامهما، و تتجلى هذه الأركان في ركن الخطأ المرتكب من طرف المهندس المساح الطبوغرافي و ركن الضرر الذي أصاب المتضرر إضافة إلى ركن ثالث و هو ركن العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر .

  1. الخطأ .

  تتطلب مساءلة المهندس المساح الطبوغرافي مدنيا وجود خطأ مرتكب من طرفه عند تنفيذه لمهمته سواء أثناء إجراء عملية التحديد أو أثناء تحرير محضره، و الخطأ هو الإخلال بالتزام قانوني، كما يتجلى في المسؤولية العقدية في الإخلال بالتزام تعاقدي. هذا الأخير يكون إما التزاما بعناية و إما أن يكون التزما بنتيجة، بينما الإلتزام القانوني فهو دائما التزام ببذل عناية، و هو أن يتوخى الشخص في سلوكه اليقظة و التبصر و الحذر حتى لا يضر بغير[107] .

        و يعتبر الخطأ من أهم الأركان الثلاثة التي تقوم عليها مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب، و قد عرفه المشرع المغربي في الفصل 78 في الفقرة الثانية من قانون الإلتزامات و العقود :” … الخطأ هو ترك ما كان يجب فعله أو ما كان يجب الإمساك عنه و ذلك من غير قصد لإحداث الضرر” فمن خلال هذا التعريف يتضح أن للخطأ ركن مادي و ركن معنوي، فالأول هو إخلال بالتزام قانوني، و هذا الإلتزام إما أن ينص عليه القانون و إما أن يكون من قبيل الإلتزامات العامة التي تفرض على الإنسان احترام حقوق الغير و الإمتناع عن المساس بها . أما الركن االثاني (أي المعنوي) و هو أن يكون من أتى الفعل المساءل عليه مدركا لما قام به، مثلا، أن يكون المهندس المساح الطبوغرافي مدركا للخطأ و متمتع بكافة قواه العقلية[108].

       و بحكم أن المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب ينتمي إلى مهنة منظمة فإن الخطأ المرتكب من قبله  يتخذ وصفا آخر و هو الخطأ المهني، و هو ذلك الخطأ الذي يرتكبه أصحاب المهن الحرة أثناء ممارستهم لمهنتهم بخروجهم عن السلوك المألوف طبقا للقواعد و الأصول المستقر عليها، مما يعني أن المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب يعد مرتكبا لخطأ مهني إذا لم يراع أثناء مهامه السلوك المعتاد في ممارسته لهذه المهنة ما توجبه أخلاقياتها و طبيعتها و ضوابط القانون المنظم لها[109] .

       و تتعدد صور الأخطاء المرتكبة من طرف المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب نجد من بينها :

     _  إجراء المهندس المساح الطبوغرافي عملية التحديد دون أن تتوافر فيه الشروط المطلوبة قانونا، و التي سبق و أن تطرقنا إليها، عندها يكون قد ارتكب خطأ يوكب المساءلة متى تبث أن هذا الخطأ قد سبب ضررا لأحد الأطراف أو الغير، كمثال على ذلك أن يجري المهندس المساح عملية التحديد دون أن يكون مقيدا بجدول الهيئة الوطنية للمساحين الطبوغرافيين .

    _  عدم قيام المهندس المساح الطبوغرافي  لعملية التحديد في التاريخ و الساعة المقررة لها سلفا من قبل المحافظ، و إن إجراء هذا التحديد خارج التاريخ أو الوقت المحدد له يعتبر خطأ موجب للمساءلة كأن يحصل ضرر بالنسبة لأحد المجاورين الذي سبق له أن توصل باستدعاء إلى التحديد ينص فيه على تاريخ معين ليتفاجئ بإجراء هذا التحديد في تاريخ آخر غير الذي تم إشهاره.

   _  كذلك يعتبر من الأخطاء التي تخلف ضررا إما لطالب التحفيظ و إما للغير هو عدم قيام المهندس المساح الطبوغرافي بضبط الموقع الحقيقي للعقار، أو عدم تضمين مشتملاته أو التحملات التي تثقله أو عدم ضبط المساحة الحقيقية للعقار . وغيرها من الأخطاء التي يمكن للمهندس المساح أن يقع فيها بمناسبة التحديد و تخلف ضررا .

  _  و كذلك إغفال أحد البيانات الإلزامية لمحضر التحديد،كالبيانات المتعلقة بالحاضرين و بوصف العقار و حدوده و مشتملاته و الأنصاب التي وضعت و عددها و أماكن وضعها، وقد نص الفصل 21 من ظهير التحفيظ العقاري المغير و المتمم بالقانون 14.07 على جميع البيانات المهم إدراجها في محضر التحديد، و ألزم المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب التوقيع على المحضر و الذي يعد بمثابة اعتراف على صحة ما يتضمنه، و كل إغفال لأحد البيانات يشكل خطأ من جانب المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب و يثير مسؤوليته عن ذلك .و بالتالي فالخطأ هنا يجب أن يكون عبارة عن إخلال بالتزام قانوني مصدره بالأساس مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري، والقانون المنظم لمهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية .

يعتبر الضرر ركنا أساسيا للمسؤولية المدنية بوجه عام، حيث إن حدوثه هو الذي يميز المسؤولية المدنية عن المسؤولية الجنائية، لكون هذه الأخيرة تقوم حتى في حالة عدم حدوث ضرر كما هو الحال في الجرائم التي عاقب عليها المشرع حتى و لو يترتب عليها ضرر[110].

       و من المبادئ العامة في المسؤولية لمدنية أن الشخص لا يسأل عن الضرر الذي أصاب الغير إلا إذا كان خطأه هو السبب الوحيد، و من تم، فكل خطأ يسبب ضررا للغير يلزم مرتكبه بتعويض الضرر. و الخطأ لا يكون منتجا و لا يعتد به في إطار المسؤولية المدنية للمهندس المساح الطبوغرافي، إلا إذا سبب للمتضرر ضررا ماديا أو معنويا. و لذلك، يتحتم على القضاء رفض طلبات التعويض إذا لم يثبت للمحكمة وجود الضرر و لو وجد الخطأ[111].

        و يعرف الضرر لدى الفقه عادة بأنه الأذى الذي يصيب المضرور  في جسمه أو ماله أو شرفه أو عواطفه[112]. و قد أورد المشرع المغربي تعريفين للضرر حيث عرفه في إطار المسؤولية التقصيرية من خلال الفصل 98 من ظهير الإلتزامات و العقود في فقرته الأولى بأنه :” الضرر في الجرائم و أشباه الجرائم، هو الخسارة التي لحقت المدعي فعلا و المصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب إضرارا به، و كذلك ما حرم من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل”. أما الضرر في إطار المسؤولية العقدية فقد عرفه المشرع في الفصل 264 من ظهير الإلتزامات و العقود بأنه :” الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية و ما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالإلتزام و تقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة المحكمة التي يجب عليها أن تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه …” .

       و بالتالي و من خلال ما سبق فالأخطاء يشترط فيها أن تكون قد سببت ضررا اما لطالب التحفيظ أو الغير، و المقصود بالغير هنا كل مجاور أو متدخل أو مهني بعملية التحديد اثبت أنه تضرر جراء هذه العملية، و تجب الإشارة في بعض الأحيان إلى أنه قد يقع خلط بين الأضرار الصادرة عن المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب في التحديد، و بين حالات أخرى قد تسبب ضررا إلا أنها ليست نتيجة خطأ صادر من قبل المهندس المساح، فالمجاور الذي لم يحضر عملية التحديد بسبب عدم توصله باستدعاء، لا يمكن له أن يعتبر  إجراء التحديد في غيابه من قبل المهندس المساح الطبوغرافي خطأ صادر عن هذا الأخير  سبب له ضررا، حيث أن اجراء عملية التحديد لا يمكن في جميع الأحوال أن يتوقف حضور على جميع الأشخاص المعنيين به، ما دام المشرع لم يرتب بطلان هذه العملية بسبب ذلك من جهة، كما أنه خول إمكانية سلوك مسطرة التعرض للمطالبة بحق عيني على العقار لأي كان من جهة أخرى .

إن صدور الخطأ الذي أحدث الضرر ليس وحده الكافي لتحقق المسؤولية المدنية على المهندس المساح الطبوغرافي، بل يجب أن يكون الخطأ هو السبب المباشر في حدوث الضرر،  أي لابد من تحقق الركن الثالث و الذي يتجلى في العلاقة السببية بينهما، أي وجود علاقة مباشرة بين الخطأ الذي يرتكبه المسؤول و الضرر الذي أصاب المتضرر، و تعتبر العلاقة السببية الركن الثالث من أركان المسؤولية المدنية بنوعيها(العقدية و التقصيرية) [113]. و العلاقة السببية لها دور أساسي في تحقيق المسؤولية المدنية بشكل عام و مسؤولية المهندس المساح الطبوغرافي بشكل خاص .

 فالمشرع المغربي تطرق إلى العلاقة السببية و اشترط توفرها لقيام المسؤولية، و إن لم يكن ذلك بصفة مباشرة، حيث تطرق في الفصل 77 من ظهير الإلتزامات و العقود :” كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة و اختيار و من غير أن يسمح له القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير. ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر. إذا أثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر”.

        و به يعتبر المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب مسؤولا عن الأضرار التي يحدثها بفعله أو بخطئه، حيث يلتزم بتعويض المتضرر عما لحقه بفعله أو بخطئه، حيث يلزم تعويض المتضرر عما لحقه من ضرر، و لكي يكون المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب مسؤولا عن الضرر الذي أصاب المضرور، يجب أن تكون هناك علاقة سببية قائمة ما بين فعل المهندس المساح و الضرر الذي أصاب المضرور  .

     و عليه فعندما يقع ضرر على شخص تسبب فيه المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب نتيجة لخطئه أو رعونته أو عدم تبصره، فإنه لا يمكن الجزم بقيام مسؤولية هذا الأخير مباشرة و إلزامه بالتعويض، و إنما يلزم أن يكون الضرر قد حصل بواسطة فعل المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب أثناء قيامه بمهامه في تحديد العقار أو معاينة الحيازة و كذا تحريره لمحضر التحديد و إلى غيره من مهامه المنوطة به قانونا .

خاتمة :

من خلال دراستنا لموضوع حجية محضر المهندس المساح الطبوغرافي، تطرقنا لمجموعة من الجوانب التي تحيط بهذا الموضوع حيث أن المشرع المغربي لم يضع تعريفا لمحضر التحديد و الذي استنتجنا أنه يمكن اعتباره على أنه بحث قانوني و كذا طبوغرافي، و يشكل ترجمة لعمليات التحديد المنصوص عليها في الفصل 20، و تدرج فيه مجموعة من البيانات المنصوص عليها في الفصل 21 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بالقانون 14.07.

كما تطرقنا للمختصين في تحرير محضر المهندس المساح الطبوغرافي (محضر التحديد) الذي أناط المشرع للمحافظ على الأملاك العقارية انتداب مهندس مساح طبوغرافي محلف ينتمي لمصلحة المسح العقاري و مقيد بجدول الهيئة الوطنية للمساحين الطبوغرافيين بموجب الفصل 19 من القانون 14.07، كما أن هذا الأخير (المهندس المساح المحلف) أجاز له المشرع تفويض تقني طبوغرافي للقيام بعملية التحديد و تحرير محضره، بموجب القانون 57.12 المتمم لفصول ظهير التحفيظ العقاري، بعد أن كانت في السابق إشكالية التفويض تتم بدون سند قانوني، كما أن القانون رقم 57.12 أجاز للمحافظ انتداب مهندس مساح طبوغرافي ينتمي للقطاع الخاص للقيام بعملية التحديد و تحرير محضره، و يقوم المهندس المساح المنتدب بالقيام بأعماله وفق فصول ظهير التحفيظ العقاري و القانون 30.39 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة الطبوغرافية.

         و لم يشر المشرع إلى حجية المحضر الذي يحرر المهندس المساح الطبوغرافي، مما حذى بنا إلى البحث في طبيعته القانونية، و التي خلصنا إلى أنه ورقة رسمية يحررها موظف عمومي، وفق الشكل و الضوابط التي حددها القانون، و ذلك بالرجوع إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإلتزامات و العقود، كما أنه يعتبر وسيلة اثبات تهم الجوانب القانونية و الهندسية للعقار، و بالتالي فهو ورقة رسمية لها حجية قاطعة في الإثبات و لا يمكن الطعن فيه إلا بالزور .

أما بخصوص المسؤولية المترتبة عن تحرير محضر التحديد، قمنا بالبحث في طبيعة المسؤولية المترتبة على المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب و التي خلصنا إلى أنها مسؤولية تقصيرية، تثار في حال الإخلال بالإلتزامات القانونية التي نص عليها ظهير التحفيظ العقاري أثناء عملية التحديد و تحرير محضره، كما أن المهندس المساح المنتدب المحلف المنتمي لجهاز المسح العقاري و الذي يفوض أحد الأعوان التقنيين برأينا هو المسؤول بشكل حصري عن القيام بأعمال التحديد، إلا أنه لم يحدد طبيعة مسؤوليته عن الأخطاء التي يرتكبها التقني الطبوغرافي الذي يكلفه، و على اعتبار أن العلاقة بينهما هي علاقة رئيس و مرؤوس فإن قواعد العمل الإداري التي تتعلق بتفويض الإختصاص و الذي يتم بوجود سند قانوني (القانون رقم 57.12 المتمم لفصول ظهير التحفيظ العقاري)، فإن المفوض له (التقني الطبوغرافي) هو من يتحمل المسؤولية بخصوص قراراته و مهامه، و به فهو يعتبر مسؤولا عن عملية التحديد و تحرير محضرها شكلا و جوهرا، إلا أنه لا يجب إعفاء المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب لكونه هو من فوض التقني الطبوغرافي، و المسؤول الأول عن مراقبة أعمال التحديد و تحرير محضرها على الأقل الجانب الشكلي منها .

           أما بخصوص طبيعة مسؤولية المهندس المساح المنتمي للقطاع الخاص استنتجنا أن طبيعة المسؤولية المترتبة عن قيامه بعملية التحديد و تحريره لمحضره ذو طبيعة مزدوجة، حيث أن العلاقة التي تجمع المهندس المساح الطبوغرافي المنتمي إلى القطاع الخاص و المحافظة العقارية هي علاقة تعاقدية و أن المسؤولية المترتبة عنها هي مسؤولية عقدية و لكنها مرتبطة أيضا بطبيعة الخطأ الذي يرتكبه المساح، حيث تنشأ المسؤولية التقصيرية (الفعل الضار)، بسبب الإضرار غير المشروع بالغير سواء كان هذا الغير، الإدارة(المحافظة على الأملاك العقارية) أو أحد أطراف عملية التحديد، و سواء كان هذا الضرر يسيرا أو جسيما، فالمسؤولية التقصيرية تنشأ بعيدا عن الإلتزام العقدي، و يكون مصدر الإلتزام بها القانون، أي أنه في حال الإخلال بواجب فرضه القانون، و إضرار شخص ما، فإنه يلزم على إثر هذا، التعويض للشخص المتضرر من فعله .


[1]– عسولي محمد : الحماية القانونية لحقوق  الغير خلال المرحلة الإدارية للتحفيظ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2006-2007، ص: 53 .

[2]– الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.177 المؤرخ في 25 ذي الحجة 1432 و الموافق ل 22 نونبر 2011، الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نونبر 2011، ص: 5575 .

[3]– 1 هكتار = 10000 متر مربع .

    1 آر     = 10 أمتار مربع     1 السنتي آر= 1 متر مربع .

[4]-مرسوم رقم 2.13.18 صادر في 16 رمضان 1435 (14 يوليوز 2014) في شأن إجراءات التحفيظ، الجريدة الرسمية عدد 6277، 30 رمضان 1435 (28 يوليوز 2014)،ص: 6119 و ما بعدها  .

[5]– ظهير شريف رقم 1.94.126 صادر في 14 رمضان 1414 (25 فبراير 1994) بتنفيذ القانون رقم 30.93 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية و بإحداث الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، الجريدة الرسمية عدد 4246 ، 3 شوال 1414 (16 مارس 1994)، ص: 356 و ما بعده .

[6]– الفصول 19 و 20 و21 و22 و 23 و 38 و 43 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بالقانون 14.07 .

[7]PAUL DECROUX : Droit foncier marocain , Edition la porte 2002 , p : 78 .

[8]– محمد أهتوت : وضعية المهندس المساح الطبوغرافي في التشريع العقاري المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود و العقار،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، جامعة محمد الأول-وجدة،السنة الجامعية 2016-2015، ص: 20 .

[9] – هشام البصري : إشكالات تدبير مسطرة التحديد على ضوء القانون 14-07، أعمال الندوة العلمية التي نظمتها مجلة المنبر القانوني بشراكة مع القضاء المدني يوم 5 ماي 2012 بتزنيت، منشورات مجلة المنبر القانوني، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2012، ص: 20 .

-[10] المرجع نفسه، ص: 21 .

[11] – ظهير شريف رقم 1.13.116 صادر في 26 من صفر 1435 (30 ديسمبر 2013) بتنفيذ القانون رقم 57.12 يتمم بمقتضاه الظهير الشريف  الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري، الجريدة الرسمية عدد 6224، بتاريخ 23 يناير  2014، ص: 262.

 -[12]الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري المتمم و المعدل بالقانون 14.07

 -[13]ياسين أيت حدو : دور المهندس المساح الطبوغرافي في إنجاز عمليات التحديد ، مذكرة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية تخصص القانون المدني، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، جامعة الرباط – أكدال، السنة الجامعية 2017-2018،ص :12 .

 -[14]المادة الخامسة من القانون رقم 30.93 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية و بإحداث الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين .

 -[15]المادة الثامنة من القانون رقم 30.93 .

 -[16]المادة 27 من القانون رقم 30.93 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية و بإحداث الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين البوغرافيين .

 -[17]المادة 24 من القانون رقم 30.93 .

 -[18]المادة 39 من القانون رقم 30.93 : “يفرض لفائدة الهيئة اشتراك سنوي و إجباري يجب على كل عضو فيها أن يقوم بأدائه و إلا تعرض لعقوبة تأديبية .

   و يشمل الإشتراك المذكور القسط اللازم لتسيير و إدارة المشاريع المنصوص عليها في البند 7 من المادة 38 أعلاه “.

(البند السابع من المادة 38 من نفس القانون ينص على : “… 7- ادراة ممتلكات الهيئة و إحداث جميع مشاريع التعاون و المساعدة الخاصة بأعضائها و كذا مشاريع التقاعد بالنسبة لمن لا يعملون منهم في القطاع العام …” ).

 -[19]محمد السهلي : مستجدات قانون 14.07 في شقه المتعلق بعمليات التحديد و المسح العقاري، أعمال الندوة العلمية التي نظمتها مجلة المنبر القانوني بشراكة مع القضاء المدني يوم 5 ماي 2012 بتزنيت، منشورات مجلة المنبر القانوني، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2012، ص: 71.

 -[20]جاء في المرسوم 14 يوليوز 2014 ما يلي :

-المادة 21 : “ينجز تصميم العقار حسب المقاييس و المعايير التقنية المعمول بها و يتم في نفس الوقت ربطه بعلامات الشبكة الجيوديزية العامة و الثابتة و الأكثر قربا للعقار” .

-المادة 23 : “تقوم مصلحة المسح العقاري بربط جميع الأشغال التي تنجزها بالنقط الجيوديزية الموضوعة لهذا الغرض”.

 -[21]المصطفى أمزيغ : مراقبة الملفات التقنية من طرف مصلحة المسح العقاري، مذكرة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية “القانون المدني”، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية-أكدال، جامعة محمد الخامس-الرباط، السنة الجامعية 2016-2015، ص: 29 .

[22]-AZBAIR Maryem et BOUGNINE Fatima : le réflixion sur la multiplicité des Systems de cordonnées qu Maroc ,projet de fin d’etude pour obtention de l’ingénieur topographie ,IAV Hassan II , juillet 2012 , p : 14 .

[23]– الفقرة الثالثة للمادة 21 من مرسوم 14 يوليوز 2014 .

[24] – ظهير شريف رقم 1.08.298 صادر في 25 رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية، الجريدة الرسمية عدد 5054 بتاريخ 7 نونبر 2002، ص: 3157 .

[25] – الفقرة الأولى من المادة العاشرة من قانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية .

[26] – قانون 90-25 يتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.7 صادر في 15 من ذي الحجة عام 1412 من ذي الحجة عام 1412 موافق 17 يونيو 1992 . ج.ر، عدد 4159 بتاريخ 14 محرم عام 1413 موافق 15 يوليوز 1992 ، ص 880 و ما بعدها .

[27]– المواد 2 و 3 و4 و5 من المرسوم رقم 2.92.833 صادر في 25 ربيع الأول 1414 موافق 12 أكتوبر 1993 لتطبيق القانون رقم 25.12 المتعلق بالتجزئات العقارية، جريدة رسمية عدد 4225 بتاريخ 1993، ص : 2057 .

[28]– المادة 14 من القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات .

[29]– المادة 17 من القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات .

[30]– نص الفصل 34 من ظهير التحفيظ العقاري المغير و المتمم بقانون 14.07 :” يعين رئيس المحكمة الابتدائية فور توصله بمطلب التحفيظ قاضيا مقررا يكلف بتحضير القضية للحكم و اتخاذ الاجراءات المناسبة لهذه الغاية. و يمكن للقاضي المقرر على الخصوص إما تلقائيا و إما بطلب من أحد الأطراف أن ينتقل إلى عين العقار موضوع النزاع ليجري بشأنه بحثا أو يطبق عليه الرسوم … و يكمنه إن اقتضى الحال طلب مساعدة مهندس مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري مقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، … ” .

[31]– المادة 2 من القانون رقم 30.93 .

[32]– المادة 3 من القانون رقم 30.93 .

[33] -الفصل 19 من ظهير التحفيظ الملغى : ” يقوم المحافظ على الأملاك العقارية أو النائب عنه بتسيير عمليات التحديد بحضور طالب التحفيظ و يمكنه أن ينتدب بشكل صحيح مساحا محلفا من جهاز المسح العقاري … “.،

– و يجب الإشارة إلى أن عبارة “مساح” التي نص عليها المشرع في الفصل المذكور باللغة العربية، فإن في النسخة الفرنسية تم إيراد مصطلح Géomètre  كمرادف لعبارة المساح، و التي تدل على المهندس المساح الطبوغرافي و التقني الطبوغرافي على حد السواء .

[34] – محمد أوزيان : الأساس الإجتهادي المبرر لتفويض عمليات التحديد للتقنيين الطبوغرافيين مناقشة في ضوء المذكرة المؤرخة في 5 دجنبر 2011 و الصادرة عن المدير للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية ،مقال منشور بمجلة القضاء و القانون، العدد 161، السنة 2012، ص: 16و17 .

[35]– مذكرة المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطيةعدد 12276، المؤرخة في 5 دجنبر 2011، في موضوع : “في شأن إنجاز عمليات التحديد و العمليات الهندسية اللاحقة” .

[36] – مليكة الصروخ : القانون الإداري، دراسة مقارنة، الطبعة السابعة 2010، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، نشر و توزيع دار القلم بالرباط، ص : 67 و 68 .

[37] – علي العيساوي: مستجدات إجراءات التحديد المؤقت للعقار المؤقت للعقار المراد تحفيظه على ضوء القانون 14.07، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط، السنة 2014- 2015، ص : 29 .

[38]– عبد الحق السراوي : النظام القانوني للعمليات الهندسية في مجال التحفيظ العقاري ،أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم القانونية،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية،جامعة القاضي عياض- مراكش، السنة الجامعية : 2018-2019،ص: 38 .

[39] – ظهير  شريف رقم 1.03.207 صادر في 16 رمضان 1424 الموافق ل (11 نونبر 2003) القاضي بتنفيذ القانون رقم 24.03 المتعلق بتغيير و تتميم مجموعة القانون الجنائي، منشور بالجريدة الرسيمة عدد 5175، بتاريخ 12 ذو القعدة 1424 الموافق ل (5 يناير 2004)، ص: 421.

[40] – ينص الفصل 380 من القانون الجنائي على ما يلي :  “من تدخل بغير صفة في وظيفة عامة، مدنية كانت أو عسكرية أو قام بعمل من أعمال تلك الوظيفة، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، ما لم يكون فعله جريمة أشد”.

[41]– محمد أوزيان : مرجع سابق ،ص: 20 .

[42]– (ملف فقيه بن صالح الذي أدين فيه المحافظ العقاري و رئيس المصلحة الطبوغرافية و التقنيون الطبوغرافيون) قرار صادر عن محكمة الإستئناف بني ملال  تحت عدد 11\36 الصادر بتاريخ 19-04-2011 في الملف الجنائي عدد 09\360، أورده محمد خيري : مستجدات قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، طبعة 2013، ص : 179 .

[43]– محمد السهلي : مرجع سابق ،ص: 77 .

[44]– الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.13.116، بتاريخ 26 صفر 1435 الموافق ل (30 ديسمبر 2013) بتنفيذ القانون رقم 57.12 يتمم بمقتضاه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6224، بتاريخ 23 يناير 2014، ص: 262 .

[45]أنظر المادة الأولى من المرسوم رقم 2.14.173 صادر في 11 من جمادى الآخرة 1435 (11 أبريل 2014) بتطبيق الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري؛ الجريدة الرسمية عدد 6252 بتاريخ فاتح رجب 1435 (فاتح ماي 2014)، ص 4352.

تنص المادة الأولى:

“تطبيقا لمقتضيات القانون رقم 57.12 المشار إليه أعلاه، يؤهل التقنيون الطوبوغرافيون المرسمون، المحلفون التابعون لمصلحة المسح العقاري، لإنجاز عمليات التحديد التي يكلفون بها من طرف المهندسين المساحين الطوبوغرافيين المحلفين، المنتمين إلى مصلحة المسح العقاري والمنتدبين من لدن المحافظ على الأملاك العقارية”.

[46]– نصت الفقرة الثانية من الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري المغير و المتمم بالقانون 14.07 على أنه :” … ينجز المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب عملية التحديد، تحت مسؤوليته بحضور طالب التحفيظ …”.

[47] – نص الفصل 21 من ظهير التحفيظ العقاري المغير و المتمم بالقانون 14.07، على ما يلي:

     ” يحرر المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب محضرا للتحديد يبين فيه :

  1. تاريخ ووقت العملية سواء أنجزت في مرة واحدة أو عدة مرات؛
  2. الأسماء الشخصية و العائلية للحاضرين و صفاتهم و مراجع الوثائق المثبتة لهوياتهم و عناوينهم؛
  3. مختلف الأحداث التي وقعت أثناء العملية و تصريحات الأطراف التي تدخلت فيها؛
  4. معاينات البحث و مميزات العقار (الربى و الوهاد و الممرات و الطرق و الجدران و مجاري المياه، و كل توابع الملك العمومي و البناءات و الآبار و البساتين و الأغراس و المزروعات، مع بيان أسماء الحائزين عند الإقتضاء، و المقابر و الأضرحة إلى غير ذلك)؛
  5. وصف موقع الأنصاب و عددها ووصف حدود العقار و الأجزاء المشمولة به؛
  6. الوثائق المدلى بها من لدن الأطراف؛
  7. الاتفاقات التي تمت بين الأطراف أثناء إجراء التحديد.

     يوقع محضر التحديد من طرف المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب، و كل الأطراف الحاضرة و إلا فينص على أنهم لا يستطيعون التوقيع أو امتنعوا عنه .

يرفق بالمحضر التصميم المؤقت للتحديد، و الوثائق المدلى بها من قبل الأطراف، و تحرر قائمة بهذه المرفقات .”

[48]-محمد العسولي : مرجع سابق، ص:59.

[49]– ياسين أيت حدو : مرجع سابق، ص: 61 .

[50]– ابراهيم يحضيه : الاشكالات العملية في مسطرة التحفيظ الإدارية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ،جامعة القاضي عياض-مراكش، السنة الجامعية 2015-2014، ص: 82 .

[51]– المرجع نفسه، ص :64 .

[52]– التعرض : هو ادعاء يتقدم به أحد من الغير ضد طالب التحفيظ بمقتضاه ينازع المتعرض في أصل حق ملكية طالب التحفيظ، أو في مدى هذا الحق، أو في حدود العقار المطلوب تحفيظه، أو يطالب بحق عيني مترتب له على هذا العقار و ينكره عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر إليه في مطلبه، و على المتعرض إثبات ما يدعيه،  إذ يعتبر القانون أن المتعرض بمثابة مدع في مواجة طالب التحفيظ، و يترتب عليه بالتالي إقامة البينة على صحة ادعائه حتى لو كان العقار في حيازته.

(عبد الكريم شهبون : الشافي في شرح قانون التحفيظ العقاري رقم 14.07،مكتبة الرشاد، سطات، الطبعة الأولى 2014، ص: 85 )

[53]– عبد الله بوبكري : التعرضات و حماية الملكية العقارية أثناء المسطرة الإدارية للتحفيظ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود و العقار، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2008-2007، ص: 15 .

[54]– حميد الربيعي و مصطفى الشطيبي : الطابع القانوني و الهندسي لعملية التحديد كإجراء جوهري في نظام التحفيظ العقاري، مقال منشور بسلسلة دفاتر محكمة النقض، نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية، العدد 21، مطبعة الأمنية، الرباط 2015، ص : 106 .

[55]– الفصل 20 من ظهير التحفيظ العقاري المغير و المتمم بالفانون 14.07 ينص على : ” … يضع المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب الأنصاب سواء لتحديد المحيط الذي عينه طالب التحفيظ أو لضبط القطع المشمولة به …” .

[56]– عبد الحق السراوي :مرجع سابق، ص: 59 .

[57]– علي العيساوي : مرجع سابق، ص: 44 .

[58]– إن إعداد التصميم الهندسي يعد اختصاصا أصيلا للمهندس المساح الطبوغرافي المنتمي إلى القطاع الخاص، عكس عملية التحديد الأولية التي تعد من الإختصاصات الأصلية للمهندس المساح الطبوغرافي المنتمي إلى القطاع العام، و هذا يعد من أبرز أوجه الاختلاف في المهام بينهما .

– جاء في حكم صادر عن ابتدائية الناضور :” … و حيث يظهر من خلال التصميم العقاري المنجز من طرف المهندس المساح الطبوغرافي أن الأرض فلاحية و تبلغ مساحتها 08 هكتار و 02 آر و 57 سنتيار …” في الملف العقاري عدد 261\03 مؤرخ 02\11\2011 .

[59]– حميد الربيعي و مصطفى الشطيبي : مرجع سابق،ص : 82 .

[60]– ياسين أيت حدو : مرجع سابق، ص: 92 .

[61]– محمد ابن الحاج السلمي : سياسة التحفيظ العقاري في المغرب بين الإشهار العقاري و التخطيط الاجتماعي الاقتصادي، منشورات عكاظ، الرباط، ماي 2002 ، ص: 77 .

[62] عبد الكريم شهبون : مرجع سابق،ص: 78 .

[63]– عبد الرزاق أحمد السنهوري :الإثبات، آثار الإلتزام {الوسيط} الجزء الثاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت-لبنان، 1952، ص: 121 .

[64]– الفصل 419 من قانون الإلتزامات و العقود :” الورقة الرسمية حجة قاطعة، حتى على الغير، في الوقائع و الإتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره و ذلك إلى أن يطعن فيها بالزور .”

[65]– المصطفى أمزيغ: مرجع سابق، ص: 47 .

[66]– جواد بوكلاطة الإدريسي :جريمة التزوير في المحررات في نطاق التشريع المغربي و المقارن، الطبعة الثانية-2009، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ص: 198 .

[67]– لا نقصد بالموظف العمومي المفهوم التقليدي و الذي يشترط الدوام و الاستمرار في تقلد الوظيفة كما حددته المادة الثانية من ظهير 24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام الخاص بالوظيفة العمومية ظهير شريف رقم 008-58-1 صادر بتاريخ 4 شعبان 1377(24 فبراير 1958)، الجريدة الرسمية عدد 2372 بتاريخ 21 رمضان 1377-11 أبريل 1958: “يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة و يرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة”. بل نقصد المفهوم الذي نص عليه قانون الإلتزامات والعقود بموجب الفصلين 418 و 419 منه، حيث اعتبر على أنه يعتبر موظفا عموميا كل شخص له صلاحية التوثيق وفق الشكل الذي يحدده القانون، كما أن الورقة الرسمية تصبح لها الحجية فيما يخص الوقائع و الاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره، حيث أن المفهوم الذي قصده المشرع في هذه الحالات هو المفهوم الواسع للموظف العمومي أي ذلك الشخص الذي منح سلطة التعبير عن إرادة الدولة في مجال من المجالات التي تختص بتسييرها و منح تبعا لذلك صفة إصدار محررات تتضمن تعبيرا عن هذه الإرادة، و تلتزم الدولة بما دون فيها، و يقوم هذا الشخص بتدوين المحرر وفق الشكل الذي حدده القانون، و قد يكون هذا الشخص يقوم بمهامه بصفة مستقلة كالموثق و العدل وفق ضوابط خاصة تنظم مهامهم، أو كمستخدم كالمهندس المساح الطبوغرافي المحلف في جهاز المسح العقاري، أو كموظف عمومي بفهومه التقليدي أو الإداري، حيث تمنح لهم الدولة الصفة الضبطية بقوة القانون لتحرير المحررات الرسمية وفق الضوابط التي حددها القانون.

[68]– حكم صادر عن ابتدائية الناضور بتاريخ 26\02\2007، رقم 82، في الملف العقاري عدد 98\8\06 (حكم غير منشور) .

[69]– قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) بتاريخ 14-09-2010، عدد 3760 في الملف المدني عدد 225\1\1\2009، (قرار غير منشور) .

[70]– ادريس العلوي العبدلاوي : شرح وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، طبعة 1990، مطبعة فضالة المحمدية-الرباط ،ص: 73.

[71]– أنظر الفصل  36 من القرار الوزيري المؤرخ في 03 يونيو 1915 .

[72]– أنظر الفصل 18 من ظهير التحفيظ العقاري المتمم و المعدل بالقانون 14.07 .

[73]–  الفصل 52 من ظهير التحفيظ العقاري المتمم و المعدل بالقانون 14.07

[74]– كالجدار المشترك و حق المرور و حق المطل …، و هكذا جاء في الفصل 52 من ظهير التحفيظ العقاري المتمم و المعدل بالقانون 14.07 ما يلي :” كل تحفيظ يقتضي من المحافظ على الأملاك العقارية إقامة رسم عقاري يتضمن لزوما: …3-الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقار…” .

[75]– القضاء يمكنه أيضا أن يستخلص قضاءه من تضمينات محضر التحديد. راجع بهذا الشأن قرار المجلس الأعلى عدد 3816 المؤرخ في 21 نونبر 2007 في الملف المدني عدد 939\1\1\2006 و الذي جاء فيه :” …و من جهة ثانية فإنه يتجلى من محضر التحديد المنجز بتاريخ 10-12-1991 من طرف مصلحة المسح العقاري التابع للمحافظة العقارية  و بحضور الطاعن نفسه و توقيعه عليه أن أرض المطلب عدد 60283\31 محل النزاع إنما عبارة غابة و أنه ليس ما يفيد أن الطاعن أدلى أمام المحكمة بخلاف ما جاء بالمحضر المذكور…” (قرار غير منشور) .

[76]– راجع الفصل 1و 62 من ظهير التحفيظ العقاري المتمم و المعدل بالقانون 14.07 و كذا الفصل 8 من ظهير 16 يناير 1926 بخصوص سن نظام خاص بشأن التحديد الاداري لأملاك الدولة .

[77]– ابن منظور :لسان العرب، المجلد الرابع ،دار بيروت، ص : 336-337 .

[78]– فتحي والي : الوسيط في قانون القضاء المجني، طبعة 2، سنة 1987، ص : 594 .

[79]– رشيد السويلي : دعوى الزور الفرعية في قانون المسطرة  المدنية، رسالة نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، فوج 38، سنة 2011\2013، ص: 10 .

[80]– عبد اللطيف البغيل : التقاضي أمام المحاكم المدنية من رفع الدعوى إلى صدور الحكم ،طبعة 2013، (دون ذكر المطبعة )، ص : 200 .

[81]– ظهير شريف رقم 1.03.207 صادر في 16 رمضان 1424 الموافق ل (11 نونبر 2003) القاضي بتنفيذ القانون رقم 24.03 المتعلق بتغير و تتميم مجموعة القانون الجنائي، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5175، بتاريخ 12 ذو القعدة 1424 الموافق ل ( 5يناير 2004)،ص: 21 و 22 .

[82]– الفقرة الأولى من الفصل 419 من قانون الإلتزامات و العقود .

[83]– جواد بوكلاطة الإدريسي : مرحع سابق،ص: 66 .

[84]– محمد زكي أبو عامر : قانون العقوبات-القسم الخاص، الدار الجامعية للطبع و النشر، (بدون ذكر السنة)، ص: 435-436 .

[85]– جواد بوكلاطة الإدريسي : مرحع سابق، ص: 70.

[86]– أحمد شوقي الشلقاني : الضرر في تزوير المحررات، رسالة الدكتوراه في الحقوق، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، السنة 1980، ص: 306 .

[87]– أستاذنا محمد العلمي : محاضرات في النظرية العامة للإلتزامات و العقود ،مصادر الإلتزام (العقد نموذجا)، الطبعة السادسة، مطبعة كومايلا تيكيوين، أكادير، ص: 15 .

[88]– أوبري ورو :شرح القانون المدني، الجزء الأول، فقرة 37 .

[89]– عبد الرزاق أحمد السنهوري :الوسيط في شرح القانون المدني- الجزء الأول، مصادر الإلتزام، طبعة أولى، سنة 1952، دار النشر للجامعات المصرية، ص : 532 .

[90]– تنص المادة 24 من القانون رقم 30.93 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المساحية الطبوغرافية و بإحداث الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين على: ” يجب على كل مهندس مساح طبوغرافي أن يمنتع من القيام بأي عمل تكون له علاقة بمصالحه الشخصية و العائلية أو يتناقض مع مهمة بصدد انجازها “.

[91]– عبد الرزاق أحمد السنهوري : “الوسيط”، الجزء الثاني، الاثبات، آثار الالتزام، مرجع سابق، ص: 123 و ما يليها .

[92]– جواد بوكلاطة الإدريسي : مرحع سابق، ص: 175 .

[93]Voir par exemple la Note de Service N’1755/ancfcc/dcad/dnrv. De 24 aout 2004 .

[94]– المادة 4  من مرسوم 4 يوليوز 2014 :” بمجرد انتهاء عمليات التحديد أو التحديد التكميلي و المسح الطبوغرافي، يتم انجاز التصميم المتعلق بالعقار المطلوب تحفيظه، و الذي تبين فيه حدود و مساحة العقار أو كل جزء في العقار، كما يتم تضمين به كل مميزات العقار المبينة بمحضر التحديد و تلك المعاينة أثناء المسح الطبوغرافي “.

[95]– المصطفى أمزيغ : مرجع سابق، ص: 35 .

[96]– عمر أزوكار : التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري و قضاء محكمة النقض، الطبعة الأولى، 2014، مطبعة النجاح الجديدة الجديدة- الدار البيضاء، ص: 98 .

[97]– ادريس العلوي العبدلاوي: شرح القانون المدني- النظرية العامة للإلتزام، الجزء الثاني، طبعة 2006، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ص: 88 .

[98]– تنص المادة الأولى من القانون 30.93 على أنه :” تناط بالمهندس المساح الطبوغرافي مهمة القيام، باسمه و تحت مسؤوليته، بإعداد الدراسات و العمليات و التصاميم و الوثائق التي ترجع إلى الجيودوزيا ووضع الخرائط الطبوغرافية أو تدخل في انجاز رسوم العقارات على اختلاف مقاييسها و أساليب مباشرتها و تحديد العقارات بأعمال الخبرة في الميدان العقاري …” .

[99]–  علي العيساوي : مرجع سابق، ص: 70-71 .

[100]-محمد أهتوت : مرجع سابق ،ص: 94 .

[101]– نورالدين عسال : المسؤولية المدنية للمهندس المساح الطبوغرافي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الدراسات القانونية العقارية، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، السنة الجامعية 2017-2018، ص: 18 .

[102]– عبد الله عامر عاشور :مسؤولية المساح المدنية عن الخطأ في تثبيت حدود العقار، مجلة كلية العلوم القانونية و السياسية، دون ذكر السنة و الطبعة، ص: 41 .

[103]– عبد الحق السراوي : مرجع سابق،ص: 391 .

[104]– عبد الواحد القريشي : التنظيم الإداري المغربي، سلسلة إضاءات في الدراسات القانونية العدد 4، مطبعة الأمنية-الرباط، (دون ذكر الطبعة)، ص: 14 .

[105]– الفصل 85 من قانون الالتزامات و العقود : ” لا يكون الشخص مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب، لكن يكون مسؤولا أيضا عن الضرر الذي يحدثه الأشخاص الذين هم في عهدته”.

[106]– ادريس العلوي العبدلاوي: شرح القانون المدني- النظرية العامة للإلتزام، مرجع سابق، ص: 101 .

[107]– الحسين شمس الدين: تفويت الفرصة في المسؤولية المدنية من الفكرة إلى النظرية، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة العدد 17، الطبعة الأولى، سنة 2009، ص: 210 .

[108]– المختار بن أحمد العطار : النظرية العامة للالتزامات في ضوء القانون المغربي، مطبعة الجديد، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، سنة 2011، ص: 389 .

[109]– محمد حسين منصور :المسؤولية الطبية، دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية ت ت غ م، ص: 20 .

[110]– المختار بن احمد العطار: مرجع سابق، ص: 68 .

[111]– الحسين شمس الدين : مرجع سابق، ص: 228 .

[112]– عبد الرزاق أحمد السنهوري :الإثبات ، آثار الإلتزام {الوسيط} الجزء الثاني، مرجع سابق، ص: 890 .

[113]– عبد الرزاق أحمد السنهوري :الإثبات ، آثار الإلتزام {الوسيط} الجزء الثاني، مرجع سابق، ص: 872 و 873 .

Exit mobile version