واقع التكريس التشريعي والقضائي لقوانين البوليس والأمن في القانون الدولي الخاص المغربي

واقع التكريس التشريعي والقضائي لقوانين البوليس والأمن في القانون الدولي الخاص المغربي

The reality of législative and judicial consécration to police and Security laws in Marocain private international Law.

القاسمي مصطفى

طالب باحث بسلك الدكتوراه

جامعة محمد الخامس بالرباط -كلية الحقوق والاقتصاد اكدال

:[email protected]

ملخص المقالة :

تتناول المقالة قوانين البوليس والأمن- قوانين النظام العام الاجتماعي و الاقتصادي -التي تكون واجبة التطبيق على الروابط القانونية التي تدخل في نطاق سريانها، في منازعات القانون الدولي الخاص، أيا كانت طبيعتها وطنية أم دولية، وهي ترمي بذلك إلى تحقيق الحماية اللازمة للنظام القانوني للمجتمع القاضي ،حيث أن هذه الاعتبارات تقتضي تطبيق هذه القواعد مباشرة دون أن يسبقه أي بحث في طبيعة المسألة أو المنازعة على خلاف ماهو معمول به عند إعمال منهج قاعدة الإسناد.

الكلمات المفاتيح:

القانون الدولي الخاص – قوانين الأمن والبوليس الوطني     – قوانين البوليس والأمن الأجنبية – التكريس التشريع – التكريس القضائي

 Article summary :

the article deals with police and Security laws -social and econmic public law laws – that are applicable to legal ties that fall within the scope of their application in disputes of private international law, whatever their national or international nature, and it aims to achieve the necessary preotection for tehe legalf system of the  judge commnity, whereas, ,these considerations require the application of these rules direcly without preceded by any research on the nature of the matter or  dispute ,contrary to what is used in the  implementation of the baze of attribution  method.

private international law -national police of and securite law   – police of and securite law foreign- the ligislative consecration – the judicial consecration

مقدمة

إذا كان الأصل في أية رابطة قانونية على صلة بدول مختلفة يتعين على القاضي أن يطبق القانون الذي تشير به قاعدة الإسناد وفقا للمنهج التنازعي التقليدي الذي يقوم على تحليل العلاقات محل النزاع بحثا عن القانون الواجب التطبيق في شأنها سواء كان هذا القانون هو قانون القاضي أو قانون أجنبي،فإن هذا الأمر ليس مطلقا من كل قيد، بل توجد عدة قوانين لا تسمح طبيعتها الخاصة بقبول الاشتراك القانوني بين الدول المختلفة، ففي وجود تلك القوانين يلتزم القاضي بتطبيق قانونه الوطني فقط، وإن كانت قاعدة الإسناد تقضي بتطبيق قانون أجنبي.

ومن بين هذه القواعد القانونية قواعد البوليس والأمن”التي تكون واجبة التطبيق على الروابط القانونية التي تدخل في نطاق سريانها[1]،أيا كانت طبيعتها وطنية أم دولية،وهي ترمي بذلك إلى تحقيق الحماية اللازمة للنظام القانوني للمجتمع القاضي ،حيث أن هذه الاعتبارات تقتضي تطبيق هذه القواعد مباشرة دون أن يسبقه أي بحث في طبيعة المسألة، كما يتطلب ذلك منهج قاعدة الإسناد[2].

ولقد ظهرت هذه القواعد مع مطلع القرن العشرين في ظل المذهب الاشتراكي نتيجة تطور الفكر السياسي والاقتصادي، بفضل تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية ،وسن العديد من القوانين التوجيهية الآمرة التي لا تفرق في تطبيقها بين العلاقات الداخلية أو الدولية،وهذا ما أدى إلى ظهور منهج قواعد البوليس والأمن على مستوى القانون الدولي الخاص إلى جانب منهج قاعدة الإسناد ومنهج القواعد المادية في فض منازعات العلاقات الدولية الخاصة[3].

وقد انتهى جانب من الفقه إلى ضرورة اعتماد المعيار الوظيفي أو الموضوعي للكشف وتقييم قاعدة قانونية بأنها ترقي إلى مصاف قواعد بوليس والأمن تطبق على النزاعات الداخلية و الدولية الخاصة دون تفرقة، بعد أن خلصوا إلى عدم كفاية معيار الغاية أو الهدف،وكذلك المعيار العضوي والمادي، فقام هذا المعيار عليهما معا تبعا للوظيفة التي تؤديها القواعد في النظام القانوني الذي تعد جزء منه[4].

ومما لا ريب فيه أن تدخل المشرع المغربي في السنوات الأخيرة بسن وتعديل وتغيير جملة من القوانين في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية بهدف حماية النظام العام الاقتصادي والاجتماعي ،جعلته يكرس نصوص قانونية أمرة ذات التطبيق الفوري على جميع النزاعات ذات طبيعة دولية وداخلية دون تفريق ، وهو يقتضي ضرورة تدخل المشرع  من اجل رسم حدود تطبيق قواعد والبوليس المغربية على النزاعات الدولية الخاصة حتى لا يغالى في تطبيقها من طرف  القضاء والحرص على عدالة الحل المعطى لهذه النزاعات لتطبيق القانون الأكثر ملاءمة وارتباطا بها.

كما أن الحركية التي شهدتها الروابط القانونية على مستوى الدولي بفضل العولمة التي جعلتها في ارتباط بأكثر من نظام قانوني لدول مختلفة أمام إشكالية تطبيق قواعد البوليس الأجنبية التي لها ارتباط بالنزاع، وهو ما أصبح يفرض على المشرع المغربي الانفتاح على هذه القواعد وذلك بتحديد شروط تطبيقها كلما كانت على صلة جدية بالنزاع المعروض على القضاء المغربي.

وبناء عليه تحقق دراسة هذا الموضوع من كونه يعالج مسألة تتعلق بقواعد تتصل بالنزاعات الداخلية والدولية دون تمييز تتنامى بصورة مطردة،وبشكل ملموس في القانون المغربي،ولاسيما أن القضاء المغربي ذهب في بعض من قراراته إلى تطبيق القانون المغربي على روابط قانونية الدولية دون استشارة القانون المختص نظرا لما تحققه هذه قواعد من حماية مصالح حيوية للدولة  غايتها ضمان الاستقرار على مستوى النظام العام الاجتماعي والاقتصادي.

لذلك سيكرس موضوع الدراسة للإجابة عن إشكالية التالية:

واقع تعامل كل من المشرع والقضاء المغربيين مع قوانين البوليس والأمن في القانون الدولي الخاص المغربي؟

إن الإجابة عن هذه الإشكالية تقتضي نهج مقاربة تحليلية من خلال التطرق لواقع التكريس التشريعي لقوانين البوليس والأمن من جهة (المطلب الأول) وواقع التعامل القضائي في تطبيقها من جهة ثانية (المطلب الثاني)

المطلب الأول: واقع التكريس التشريعي لقوانين البوليس والأمن الوطنية

لقد ساهمت التطورات والتحولات التي شهدها العالم بسبب العولمة وحركية الأموال والأفراد، لا محالة في دفع المشرع المغربي في الآونة الأخيرة إلى تبني سياسة القوانين التوجيهية و الحمائية تحتوي على قواعد أمرة ترقى إلى مصاف قوانين بوليس، تطبق على جميع النزاعات مهما كانت طبيعتها (الفقرة الأولى)  ونفس الأمر أصبح مكرسا في قوانين المقارنة التي أضحت  تزخر بقواعد أمرة تسري على جميع العلاقات والنزاعات مهما كانت طبيعتها دولية أو وطنية دون تفريق أو استشارة للقانون المختص بالنزاع بمقتضى قاعدة الإسناد(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى:بالنسبة لقوانين البوليس و الأمن الوطنية

لقد كان من المفروض بعد حصول البلاد على الاستقلال أن يتدخل المشرع المغربي بإصلاح ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب،أو إصدار مدونة جديدة تنظم القانون الدولي الخاص المغربي و تتجاوز بعض الحلول التقليدية التي أصبحت قاصرة ولا تساير التطور الذي عرفته منظومة القانون الدولي الخاص المقارنة.

ولقد بات مسلما به أن القانون المغربي عرف عدة تحولات ومستجدات ،إذ جرى تحديثه بصدور مجموعة من القوانين تتضمن قواعد حمائية العامة للمجتمع تهدف إلى حماية الأسس الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، نذكر على سبيل المثال مدونة الأسرة لسنة 2004، مدونة التجارة لسنة 1996،قانون المستهلك رقم31.08 لسنة 2011، والقانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة لسنة 2014، وقانون 65.99 المتعلق بمدونة الشغل،بالإضافة إلى قوانين أخرى كلها تتضمن قواعد حمائية وتوجيهية ذات وصف قوانين بوليس سواء أتت بصياغة صريحة أو ضمنية يستنبطها القاضي،مما يستوجب تطبيقها كلما كان النزاع المعروض على القاضي المغربي له روابط وصلة وثيقة بالقانون المغربي.

وعليه أضحى ضروريا على المشرع المغربي،أن يتدخل لتنظيم حدود تطبيق قواعد البوليس المغربية على النزاعات الدولية الخاصة، ويكون من الأفضل عليه الاستفادة من تجارب التشريعات المقارنة والاتفاقيات الدولية التي نظمت إمكانية تطبيق القواعد الآمرة المنتمية إلى قانونها الوطني على النزاعات الدولية الخاصة، نذكر على سبيل المثال ما كرسته الاتفاقيات الدولية التي أخذت بتطبيق قواعد البوليس والأمن،وسمحت لقضاء الدول التي يعرض عليها النزاع أن تعطي الأولوية لتطبيق القواعد الآمرة التي تنتمي إلى قانونه، بغض النظر عن القانون الواجب التطبيق،وهو ما نصت عليه اتفاقية روما المتعلقة بالقانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية و الصادرة سنة 1980 والمعدلة سنة 2008 في الفصل9 الذي جاء فيه“لا تنال نصوص الاتفاقية من قواعد قانون بلد القاضي التي تحكم بنحو آمر العلاقة العقدية آيا كان القانون الواجب التطبيق على العقد”[5]. 

وأما على مستوى التشريعات المقارنة نجد أن:

القانون الدولي الخاص الفيدرالي السويسري لسنة 1987 في مادة 18 التي تنص على: ”إعمال القانون المختص بمقتضى قواعد الإسناد المقررة في هذا القانون لا ينال من مجال سريان القواعد الآمرة في القانون السويسري والتي تفرض أهدافها الخاصة ضرورة تطبيقها على النزاع[6].

ونفس المقتضى كرسه القانون الدولي الخاص البلجيكي لسنة 2004 في الفصل 20 الذي جاء في متنه “الأحكام الواردة في القانون المختص لا يمكن أن تؤثر على تطبيق القواعد الآمرة أو النظام9 العام للقانون البلجيكي التي تريد الانطباق على نزاع دولي أيا كان القانون الذي تحدده قاعدة الإسناد بالنظر إلى الغرض والهدف الذي تسعى إلى تحقيقه…”[7] .

و كذلك المادة 3 من القانون المدني الفرنسي لسنة 1804 التي تنص على أن “قوانين الأمن والبوليس ملزمة لكل من يقطن الإقليم الفرنسي”

ونفس المنحى سلكه المشرع الاسباني في القانون المدني الصادر سنة 1889  في الفص 8  الذي جاء فيه أن “قواعد الأمن والبوليس، تطبق على كل من هو فوق التراب الإسباني[8]،

وأما على مستوى التشريعات العربية كرس المشرع الجزائري نص صريح فقط فقط يرجح تطبيق قوانين البوليس الوطنية على النزاعات الدولية في المادة 5 من القانون المدني لسنة 1975 التي تنص على ما يلي:”يخضع كل سكان القطر الجزائري لقوانين الشرطة والأمن”.

كما كرس المشرع التونسي في الفصل  38 من  مجلة القانون الدولي الخاص التونسية لسنة 196 تطبيق قواعد التطبيق الضروري التونسية حيث جاء فيه“تطبق مباشرة ومهما كان القانون المعيّن من قواعد التنازع أحكام القانون التونسي التي يكون تطبيقها ضروريا بالنظر إلى الغرض المقصود من وضعها”.

و الملاحظ أن أغلب التشريعات المقارنة التي نظمت كيفية تطبيق قواعد الآمرة الواردة في قانونها على نزاعات الدولية الخاصة، دون استشارة القانون المختص اشترطت شرطين:

الشرط الأول:أن يكون تطبيقها يرمي إلى تحقيق أغراض وأهداف تحمي السياسات الاجتماعية والاقتصادية للدولة.

الشرط الثاني:أن تكون العلاقة موضوع النزاع تدخل في نطاق السريان المكاني لتطبيق النص القانوني-أي اتصال العلاقة محل النزاع بالنظام الوطني- الذي له وصف قاعدة آمرة، حتى لا يتم مفاجئة الأطراف بقانون لم يكونوا يتوقعون تطبيقه عليه.

وعلى نحو آخر،فان تطبيق قواعد البوليس الوطنية على النزاعات الدولية الخاصة ليس بمنأى عن بعض الإشكالات القانونية من قبيل الفرض الذي تتنازع فيه أكثر من قاعدة واحدة للبوليس تنتمي كل منها لنظام قانوني مختلف يتوسطهم قانون القاضي المغربي، بحيث يكون لكل منها إرادة الانطباق على جانب واحد من جوانب الرابطة العقدية محل النزاع،فإلى أي معيار يمكن أن يستند القاضي في إجرائه المفاضلة بين هذه القواعد ؟

ولقد ذهب الفقه[9] إلى اقتراح فرضين كحل لهذا الإشكال:

الفرض الأول:ضرورة ترجيح قاعدة البوليس الوطنية لما يكفله ذلك من تحقيق للأهداف الاجتماعية والاقتصادية التي ترمي هذه القاعدة إلى تحقيقها في دولة القاضي[10].

الفرض الثاني:تطبيق قاعدة البوليس التي يؤدي إعمالها إلى إرضاء المصالح التي تسعى إلى تحقيقها باقي قواعد البوليس الأخرى التي تريد الانطباق(كما لو قام القاضي بتطبيق قاعدة بوليس التي تقرر حدا أقصى لسعر الفائدة يقل عن الحد المقرر في باقي القواعد[11].

ومن ناحية أخرى،قد يصطدم تطبيق قواعد البوليس الوطنية على نزاع معين بمشكلة  تنازع الانتقالي بين تاريخ إبرام عقد الشغل مثلا و لحظة البت في النزاع،فهل القاضي المغربي سيطبق مبدأ عدم رجعية القوانين على مراكز القانونية التي نشأت قبل تاريخ دخول قاعدة بوليس حيز التنفيذ؟.

وكما هو معلوم أن ظ.و.م.ف.أ. لم ينظم هذه المسألة وهو نفس الأمر بالنسبة القوانين الداخلية،ولكن على خلافه ذهبت محكمة في قرار صادر عنها بتاريخ 23/09/2009 إلى اعتبار عقد تشغيل الأجنبي المفتقر إلى التأشيرة باطل وغير منتج لأي أثر إلا فيما يخص الأجور المستحقة،وتأشيرة السلطات الإدارية المختصة لتشغيل الأجير لازمة لقيام عقد الشغل وليست مجرد إجراء شكلي،وبالتالي لا غنى عنها  حتى ولو أثبت الأجير اشتغاله بالمقاولة لسنوات”[12]

وهذا يوضح أن محكمة النقض ذهبت إلى تطبيق المادة 516 من مدونة الشغل، بأثر رجعي على عقد الشغل الذي أبرم قبل دخولها حيز التنفيذ، مما يبرر أن التوجه القضاء يميل  تطبيق قواعد البوليس بأثر فوري ورجعي على المراكز القانونية التي نشأت قبل دخول هذه القواعد حيز التنفيذ.

وإجمالا لقد أضحى مسلما به على المشرع المغربي أن يسلك منحى التشريعات المقارنة في تكريس نص قانوني صريح يعالج كيفية تطبيق قوانين البوليس المغربية على النزاعات الدولية الخاصة والإشكالات التي يطرحها تطبيقها ،بحيث يسمح للقاضي المغربي بإعمال منهج قواعد البوليس والأمن  إلى جانب أسلوب الإسناد التقليدي بشكل مستقل.

الفقرة الثانية: بالنسبة لقوانين البوليس والأمن الأجنبية

من أهداف القانون الدولي الخاص هو التنسيق بين مختلف الأنظمة القانونية ولا شك أن قبول تطبيق قوانين البوليس الأجنبية من المشرع المغربي سيسمح بتطبيق قوانين البوليس للدولة الوطنية من قبل الدولة الأجنبية،سيساعد على زيادة التعاون بين مختلف القوانين الوطنية في احترام القواعد التي

توصف بأنها من القواعد ذات التطبيق الضروري[13].

وعليه فإن القاضي المغربي سيكون ملزما بتطبيق قواعد البوليس الأجنبية على الوقائع المتنازع فيها والتي تدخل ضمن نطاق سريانها،وفقا لما حدده المشرع الأجنبي بصرف النظر عن القانون المختص بمقتضى قاعدة الإسناد، عندما تكون العلاقة محل النزاع مرتبطة بأكثر من نظام قانوني يتضمن قواعد آمرة تريد الانطباق لحماية أغراض سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية التي وضعت من أجلها[14]،وهنا نكون أمام إرادة منفردة وأحادية لتطبيق هذه القواعد وهي إرادة التي يتعين وفقا لها تطبيق القواعد الأجنبية على وقائع النزاع المطروح أمام القاضي المغربي.

و يمكن تصور نزاع معروض على القضاء المغربي له صلة بأكثر من دولة سواء عن طريق محل الإبرام،أو التنفيذ الذي قد يتجزء في دول مختلفة، أو الموطن [15]،مما يجعل التصرف القانوني مرتبط بأكثر نظام قانوني يتضمن قواعد أمرة تريد الانطباق على العلاقة محل النزاع بصرف النظر عن القانون المختص بمقتضى قاعدة الإسناد والتي لا تشكل جزءا منه[16].

ولقد ثار خلاف بين الفقه “PIERRE MAYER وFRANCESCAKIS  “حول إلزامية تطبيق هذه القواعد من عدمه بين من يرى عدم إلزام القاضي بتطبيقها،لأنها لا تنتمي إلى القانون المختص بمقتضى قواعد التنازع وبين من يلزم القاضي بتطبيقها ولو لم تكن جزء من النظام القانون المختصة شريطة أن تكون على صلة وثيقة بالنزاع[17].

وعليه يثار التساؤل ما هي شروط تطبيق قواعد بوليس الأجنبية أمام القاضي المغربي؟

وفي ظل غياب نص صريح ينظم شروط تطبيق قوانين البوليس الأجنبية في ق.د.خ.م ندعو المشرع

المغربي للاستفادة من تجارب بعض التشريعات المقارنة والاتفاقيات الدولية التي نظمت كيفية و شروط تطبيق قواعد البوليس الأجنبية بغض نظر عن القانون المختص بمقتض قاعدة الإسناد.

 ومن بين الاتفاقيات الدولية التي نظمت كيفية قواعد البوليس الأجنبية،نجد اتفاقية لاهاي لسنة 1978 المتعلقة بالقانون الواجب التطبيق على الوساطة والتمثيل التجاري في المادة 16 تنص على :”عند تطبيق هذه الاتفاقية فإنه يجوز الاعتداد بالنصوص الآمرة لكل دولة تربطها صلة جدية بالنزاع المطروح وذلك فيما لو كانت هذه النصوص يجب تطبيقها وفقا لقانون تلك الدولة أيا كان القانون الذي يعينه قواعد التنازع فيه”[18].

وكذلك أخدت اتفاقية روما لسنة 1980 والت يتم تعديلها سنة 2008 في الفصل 9 بإمكانية تطبيق قواعد الأمن والبوليس الأجنبية التي لها صلة وثيقة بالنزاع “يجوز إعطاء اثر لقوانين البوليس بالبلد الذي تكون فيه الالتزامات الناشئة عن العقد قد نفدت أو تك إجراؤها……وعند تحديد ما إذا كان يجب تطبيق تأثيرات هذه القوانين،يتم أخد في الاعتبار طبيعة هذه الأهداف وغرضها فضلا عن النتائج المترتبة على تطبيقها أو عدم تطبيقها[19].

وأما على مستوى تجارب التشريعات المقارنة، نجد الفقرة الثانية من الفصل 20 من القانون الدولي الخاص البلجيكي الصادر بتاريخ 2004 ينص “…عندما يطبق قانون الدولة ما بموجب هذا القانون،يمكن إعطاء اثر للقواعد الآمرة أو القانون العام لقانون دولة أخرى يرتبط بها النزاع ارتباطا وثيقا،إلى الحد الذي تنطبق عليه هذه الأحكام وفقا لقانون هذه الدولة الأخيرة،آيا كان القانون الذي تحدده قواعد التنازع،وعند تقرير ما إدا كان يجب تفعيل هذه الأحكام،يتم أخد بعين الاعتبار طبيعتها

والغرض منها والعواقب المترتبة على تطبيقها أو عدم تطبيقها”[20].

ونفس التوجه كرسه المشرع السويسري في القانون الدولي الخاص الصادر بتاريخ 1987 في الفقرة الثانية من الفصل 19 الذي جاء فيه” … يجوز أخذ في الاعتبار قاعدة آمرة في قانون غير القانون الذي يحدده هذا القانون إذا كانت العلاقة محل النزاع ذات ارتباط بهذا القانون.

عند تقرير ما إذا كان ينبغي أخد هذا القانون في الحسبان ،يجب  مراعاة الغرض المقصود منها والنتائج  التي يجب تطبيقها من أجل الوصول إلى حكم ملائم يأخذ بعين الاعتبار  محتوى القانون السويسري “[21].

كما ذهب المشرع التونسي في مجلة القانون الدولي الخاص التونسي إلى تكريس شروط تطبيق قواعد البوليس الأجنبية في الفصل 38 الذي جاء فيه“…..و يطبّق القاضي أحكام القانون الأجنبي غير المعيّن بقواعد التنازع إذا كان لهذا القانون روابط وثيقة بالوضعية القانونية و كان تطبيق الأحكام المذكورة ضروريا بالنظر إلى الغرض المقصود منها.

ولا يمنع من تطبيق القانون الأجنبي أو أخذه بعين الاعتبار اكتساؤه صبغة القانون العام”[22].

وإمكانية التطبيق لقواعد البوليس الأجنبية  كذلك لم يقتصر تكريسها على التشريعات الوطنية بل كرستها كذلك الاتفاقيات الدولية  الجماعية.

وعليه يتضح من هذه التجارب المقارنة في تنظيمها لقواعد البوليس الأجنبية، أنها تميل إلى ترك المجال للسلطة التقديرية للقاضي في تطبيق هذه القواعد من خلال مراعاة الاعتبارات التالية:

أولا:أهدافها التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار.

ثانيا:البحث في نتائج التي تترتب على تطبيقها ومقارنتها مع النتائج التي يمكن أن تترتب من عدم التطبيق.

كما يستفاد أن تطبيق هذه القواعد يكون وفقا للشروط محددة وهي:

الشرط الأول:أن تكون هذه القواعد تنتمي إلى قانون غير قانون المختص بمقتضى قواعد الإسناد.

الشرط الثاني: يجب أن تكون هذه القواعد واجبة التطبيق بوصفها قواعد بوليس تبعا للنظام القانوني الذي تنتمي إليه.

الشرط الثالث: ضرورة أن تكون هناك رابطة حقيقية وثيقة بين قانون الدولة التي تنتمي إليه هذه القاعدة النزاع المطروح.

الشرط الرابع: عدم تعارض قواعد البوليس الأجنبية مع النظام العام في دولة القاضي وفقا للمعنى المقصود في مجال القانون الدولي الخاص.

الشرط الخامس: ينبغي أن يكون هناك مبرر لتطبيق هذه القواعد بالنظر إلى طبيعتها وهدفها وغايتها والنتائج المترتبة على تطبيق هذه القواعد من عدمه.

وعلى نحو أخر،قد يجد القاضي المغربي نفسه أمام تنازع بين عدة قواعد بوليس أجنبية تريد الانطباق على النزاع المعروض عليه، فما هو سبيل لفض مثل هذا الإشكال؟.

وجواب على ذلك، ذهب الفقه إلى اقتراح ثلاثة الحلول:

الحل الأول:إعمال قواعد البوليس التي تنتمي إلى الدولة التي كان يمكن أن، تختص محاكمها أيضا بالفصل في النزاع،على أساس أن اختصاص محاكم هذه الدولة بالنزاع يفيد في حد ذاته ارتباطه بهذه الدولة مما يحقق لها مصلحة جدية في تطبيق قانونها في هذه الحالة.

الحل الثاني:إعمال قواعد البوليس التي تنتمي إلى دولة التنفيذ لأنها هي المصلحة الأولى الجديرة بالحماية، وفي هذه الدولة سيتم تنفيذ الحكم مما يقتضي تدخل سلطات العامة لديها الذين لا يخضعون إلا لأوامر مشرع دولتهم[23].

الحل الثالث:إعمال قواعد البوليس التي تنتمي إلى القانون الذي يتمتع بالفاعلية الأقوى في مواجهة أطراف المنازعة، بحيث يصعب عليهم استبعادها أو الإفلات منها[24]،

و الحل الأخير الذي نساير،وفي الغالب سيكون قاعدة البوليس التي تنتمي للدولة المتوقع تنفيذ الحكم فيها وهو الحل الذي نقترح على المشرع المغربي الأخذ به مستقبلا في تنظيمه لمنهج قواعد البوليس.

وانطلاقا من هذه الاعتبارات القانونية والفقهية،ندعو المشرع المغربي إلى إيراد نص قانوني يؤكد قبوله تطبيق قواعد البوليس الوطنية والأجنبية من خلال رسم حدود تطبيقها،ولاسيما أن القضاء المغربي ذهب في بعض قراراته إلى تطبيق قواعد البوليس نوردها في المطلب الثاني.

المطلب الثاني:التعامل القضائي مع تطبيق قوانين البوليس و الأمن

لقد ذهب القضاء في بعض قراراته إلى تطبيق القانون المغربي مباشرة على بعض المنازعات الدولية الخاصة(الفقرة الأولى)، كما كرس نفس التوجه بالنسبة لقواعد البوليس الأجنبية (الفقرة الثانية) بغض النظر عن القانون المختص بمقتضى قاعدة الإسناد.

الفقرة الأولى:التعامل القضائي مع تطبيق قوانين البوليس والأمن الوطنية

إذا كانت قواعد البوليس والأمن تتسم بطابع أمر، يقتضي إعمالها وتطبيقها لما ترمي إليه من اعتبارات تتعلق بالأسس الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، للمجتمع[25]، فان القاضي المغربي يكون ملزم بتطبيقها كلما كانت العلاقة لها صلة قوية بدولته، إما عن طريق محل الإبرام، أو محل التنفيذ، أو الجنسية[26] إذا كان أحد الأطراف يحمل الجنسية المغربية.

 وفي السياق أعلاه ذهبت محكمة النقض المغربية في قرار فريد من نوعه إلى تعطيل إعمال الفصل 3 من ظ.و.م.ف.ل. بخصوص تطبيق القانون الشخصي على أهلية تعاقد مصري مع بنك مغربي،حيث جاء في القرار” لكن حيث أن البنك المقرض حين تعاقد مع طالب النقض كامل جاهلا بالقانون المصري الذي ينظم أهلية الطاعن،وأن واقعة جهله لهذا القانون لا يمكن أن تنعكس أو تمس بمصالحه المترتبة عن التعاقد، وأن المحكمة بذلك قد استبعدت الفصل 3 من ظ و م ف ل،وطبقت القانون المغربي الذي يتيسر للمتعاقدين الاضطلاع عليه باعتبار أن الأمر يتعلق برابطة قانونية مختلطة بين شخصين من جنسيتين مختلفتين،مما جعل قراراها في محله والوسيلة بدون أساس”[27].

والواضح أن محكمة النقض في ظل غياب نص قانوني يكرس الاستثناء على  القاعدة الأصل الواردة في الفص 3 من ظ و ف ل  فيما يخص تطبيق القانون الشخصي على الأهلية،أن قرارها كان نتيجة تأثرها بالقرار الشهير الصادر عن محكمة النقض الفرنسية في قضية ليزا ردي[28].

ومما لا شك فيه أن محكمة النقض ذهبت إلى تقرير المصلحة الجديرة بالحماية هي مصلحة المتعاقد الوطني ،وحتى إن كان طرفا العقد أجنبين[29]،فإن فكرة المصلحة تكمن في تأمين سلامة المعاملات التي تتم على الإقليم الوطني،وبالتالي حماية المصلحة الوطنية لدولة القاضي[30]، أي الدولة المغربية.

وفي اعتقادنا أن تطبيق القانون المغربي على أهلية الأجنبي كاستثناء في التصرفات التي يكون فيها الطرف الوطني جاهلا بنقص أهلية الطرف الأجنبي، أو في علاقة مختلطة بين شخصين من جنسية مختلفة وكان محل إبرام التصرف بالمغرب ،يجب تكريسه كاستثناء بقاعدة آمرة على الفصل 3 من ظ.و.م.ف.ل.أسوة ببعض التشريعات المقارنة التي كرست ذلك، مثل المشرع التونسي في في الفصل40 من مجلة القانون الدولي الخاص التونسية لسنة  1996[31].

وفضلا عن ذلك، ذهبت محكمة النقض في القرار الصادر بتاريخ 31 ماي 2011  إلى تطبيق الفصل 49 من مدونة الأسرة المغربية على دعوى مرفوعة من طرف زوج أجنبي أمام المحكمة المغربية للمطالبة باقتسام الأموال المكتسبة خلال فترة الزواج،وذلك عملا بمقتضيات الفقرة 3 من المادة2 من

مدونة الأسرة التي تنص على سريان أحكامها على العلاقات التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا[32].

وعلى نحو أخر، ذهبت محكمة النقض في قرار صادر بتاريخ 1 فبراير إلى 2002  في عقد رهن المبرم على عقار يملكه قاصر بواسطة والده في إطار النيابة القانونية وذلك لضمان قرض لفائدة البنك يعتبر صحيحا،ولا مجال لتطبيق القانون المصري المتعلق بالأهلية والولاية لأن قاعدة الإسناد مستثناة بشأن هذا التصرف مادام الرهن قد انصب على عقار يقع بالمغرب عملا بأحكام الفصل 17 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بشأن الوضعية المدنية للأجانب،والمحكمة لما استبعدت الفصل 3 من ظهير 12/08/1913 وطبقت القانون المغربي الذي يتيسر للمتعاقدين الاطلاع عليه باعتبار أن الأمر يتعلق برابطة قانونية مختلطة أي واقعة بين شخصين من جنسيين مختلفين يكون قرارها في محله[33].

وفي مجال الشغل ذهبت محكمة النقض في قرار صادر بتاريخ  23  شتنبر 2009 إلى اعتبار عقد تشغيل أجنبي المفتقر للتأشيرة باطل وغير منتج لأي أثر، إلا فيما يخص الأجور المستحقة استنادا إلى القاعدة أمرة الواردة في الفقرة الأولي من المادة 516 من مدونة الشغل التي جاء فيها” يجب على كل مشغل يرغب في تشغيل أجير أجنبي أن يحصل على رخصة من  قبل السلطات الحكومية المكلفة بالتشغيل تسلم على شكل تأشيرة توضع على عقد الشغل.

يعتبر تاريخ التأشيرة هو تاريخ بداية عقد الشغل[34].

وعلى مستوى القانون الاتفاقي في موضوع الإجراءات الضرورية لحماية الطفل المحضون،ذهب المجلس الأعلى في قرار مؤرخ في 30/11/2000إلى الاستدلال بالفصل 25 من الاتفاقية الفرنسية المغربية[35]، من أجل جلب الاختصاص القضائي والتشريعي للقاضي المغربي حيث جاء فيه”يأمر القاضي في الدولة التي نقل إليها الطفل واحتفظ به فيها بتسليمه فورا بصفة وقتية إلى الحاضن الممارس لحضانة الطفل الفعلية قبل النزاع”[36].

والملاحظ أن هذه القرارات طبقت القانون المغربي مباشرة استنادا إلى نصوص أمرة ترجح تطبيقه على القانون الأجنبي، غير أن تطبيقه لم يؤسس استنادا إلى نص قانوني في القانون الدولي الخاص المغربي يشكل القاعدة العامة وسند القانوني في تطبيقه،وهو ما يقوي طرحنا على ضرورة تدخل المشرع المغربي بتنظيم كيفية وشروط ومعايير تطبيق قواعد البوليس المغربية على النزاعات الدولية الخاصة حتى لا يتم مفاجئة الأطراف بقانون لم يكونوا يتوقعون تطبيقه،بل يجب أن يكون الأصل هو إعمال المنهج ألتنازعي والاستثناء إعمال منهج قواعد البوليس في حالة الضرورة عندما يكون النزاع يدخل في نطاق تطبيق قاعدة بوليسية تحقق أهداف وغايات مرتبطة بمصلحة المجتمع.

الفقرة الثانية: التعامل القضائي مع تطبيق قوانين البوليس والأمن الأجنبية

الملاحظ أن القضاء المغربي ذهب في بعض قراراته القليلة إلى تطبيق قواعد البوليس الأجنبية على التصرفات القانونية بغض النظر عن القانون الذي اختاره الأطراف وهذا ما يستشف من إحدى القرارات الفريدة لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة الصادر بتاريخ 31يناير 1994 استبعدت تطبيق القانون المختار على عقد هبة لفائدة فرنسيين وإبطاله  بدعوى أنه يخالف مقتضيات المادة 10 من ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب الذي يلزم الفرنسيين بإبرام عقودهم التي تتم بالمغرب وفقا للشكل المحدد طبقا لقوانينهم الوطنية .

وقد جاء هذا القرار مسببا في حيثياته بمجموعة من المقتضيات القانونية لتبريره نذكر من بينها :

_إن الفصل 10 من ظهير 1913 ينص على أن العقود التي يبرمها الفرنسيين المقيمون بالمغرب يجب أن تتم على الشكل المحدد طبقا لقوانينهم الوطنية.

_الفصل 931 من القانون المدني الفرنسي يعتبر الصدقة أو الهبة عقدا رسميا يتعين تحريره من طرف موثق.

_إن عقد الهبة المحررة من طرف الواهب شخصيا جاء مخالفا للقانون الفرنسي ولذلك فهو باطل [37].

وعليه كان مفروضا على المحكمة الاستناد فقط إلى فصل 931 من القانون المدني الفرنسي كقاعدة أمرة تلزم الفرنسيين إبرام بعض تصرفات في الشكل الرسمي دون الاعتماد على عبارة”الفرنسيين “الواردة في الفصل 10 من ظهير الوضعية للفرنسيين والأجانب لتبرير موقفها،والذي نعتقد أن نطاق سريانها كان مرتبط بفترة الحماية،أما بعد استقلال المغرب فانه أصبح متجاوزا الاحتفاظ بهذه العبارة،بل أضحى ضروريا إعادة الصياغة وحذفها حتى تكون قاعدة إسناد قاعدة مجردة.

وفي قرار أخر استبعدت محكمة الاستئناف بالرباط تطبيق القانون الفرنسي الذي يجيز تحرير وصية بخط اليد، وطبقت الفصل 992 من القانون المدني الهولندي الذي يفرض لصحة الوصية أن تحرر لدى موثق(قرار محكمة الاستئناف بالرباط في 1920.6.8)[38].

خاتمة:

و إجمالا يمكن القول أن قوانين البوليس و الأمن  أضحت في حاجة ماسة إلى تدخل المشرع المغربي لتنظيمها، ورسم حدود تطبيقها على منازعات القانون الدولي الخاص حماية لتوقعات المشروعة الأشخاص ، و تكريسا للأمن القانوني ، ولاسيما أن القانون المغربي أصبح  يزخر بمثل هذه  القواعد ، بفضل تزايد تدخل الدولة بوضع قواعد قانونية تحمي الأسس الاجتماعية والاقتصادية للدولة في مواجهة إرادة الأطراف، ولهذا نفتح الباب لطرح سؤال ليكون محل دراسة أخرى لهذا المقال، كيف يمكن الكشف وتقيييم قاعدة قانونية داخلية أمرة ترتقي الى مصاف قاعدة بوليسية تطبق على جميع المنازعات بغض النظر عن طبيعتها الداخلية الدولية؟ ماهو المعيار المناسب لذلك؟


[1] – و يقصد بالقواعد البوليس، مجموعة القواعد الموضوعية في النظام القانوني الوطني والذي بلغ طابعها الأمر حدا يقتضي إعمالها على المسائل التي تدخل في مجال سريانها بصرف النظر عن نوع العلاقة وطنية بحتة أم ذات طابع دولي.

كما تعرف هذه القواعد من جهة أخرى بأنها ” القواعد التي تلازم تدخل الدولة، والتي ترمي إلى تحقيق وحماية المصالح الحيوية والضرورية الاقتصادية والاجتماعية للجماعة، والتي يترتب على عدم احترامها إهدار ما تبتغيه السياسة التشريعية، وتكون واجبة التطبيق على كافة الروابط التي تدخل في مجال سريانها أيا كانت طبيعتها وطنية أم ذات طابع دولي: أحمد عبد الكريم سلامة:” القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد القانون العام في القانون الدولي الخاص”، (دراسة تحليلية تطبيقية)الطبعة الأولى، دار النهضة العربية سنة 1985 ، ص 16 وما بعدها.

[2] _جميلة أوحيدة:”آليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي”، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة-الرباط-2007، ص21.

[3] _ محمود محمد ياقوت:”قانون الإرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق”، دار الفكر الجامعي-الإسكندرية، 2003، ص25.

[4] _ ياقوت محمد محمود: مرجع سابق، ص 70.

[5] __ Article 9

Lois de police

1. 2. Les dispositions du présent règlement ne pourront porter  atteinte à l’application d66es lois de police du juge saisi.

[6]_ Art. 18

Sont réservées les dispositions impératives du droit suisse qui, en raison de leur but particulier, sont applicables quel que soit le droit désigné par la présente loi.

[7] _ Art.20 :

« Les dispositions de la présente loi ne portent pas atteinte à l’application des règles impératives ou ordre public du droit belge qui entendre régir une situation international quel que soit le droit désigné par les règles de conflit de lois, en vertu de la loi ou en raison de leur but manifeste. »

[8] _ Artículo 8.

1. Las leyes penales, las de policía y las de seguridad pública obligan a todos los que se hallen en territorio español.

[9]_POMMIER : principe d’autonomie et loi du contrat en droit international privé conventionnel, thèse, Paris, 1992, p201.

نقلا عن محمد محمود الياقوت:”قانون الإرادة وقواعد البوليس ض6رورية التطبيق”، مرجع سابق، ص 189.

[10] _محمد إبراهيم على محمد:”القواعد الدولية الآمرة “،دار الفكر الجامعي،2001 ،ص103.

[11] _محمد محمود الياقوت:”قانون الإرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق”، مرجع سابق، ص 191.

[12]_ قرار محكمة النقض عدد 1006 المؤرخ في 2009/09/23 في الملف عدد 2008/1/5/1256 منشور في الجريدة الالكترونية القانونية الرابط أسفله:

_http://www.alkanounia.com/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%B6-%D8%B9%D8%AF%D8%AF-1006-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%B1%D8%AE-%D9%81%D9%8A-2009-09-23%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%81%D8%B9%D8%AF%D8%AF-2008-1-5-1256-j15.html /13 juin 2018 à 12:13:40.

[13]_بدران شكيب الرفاعي:”عقود الاستهلاك في القانون الدولي الخاص”، دار الكتاب القانونية،دار شتات، للنشر والبرمجيات،مصر،2011، ص 344.

[14] _SIDI MOHAMED ALIOUAT:«contrat bancaires internationaux el la loi applicable»,mémoire de magister de droit  bancaire et financier international, faculté de droit –Oran ,Algérie,2010 ,p 297.

[15] _ على سبيل المثال “إذا تعاقد شخص تونسي له إقامة اعتيادية في ايطاليا مع فرع لشركة  مغربية في ايطاليا على شراء سلع استهلاكية يتم تسليمها في بريطانية،وعند تسليم السلعة وجد المشتري أن هناك اختلافا في المواصفات المتفق عليها وتمسك المورد في  حقه في تغيير بعض الموصفات استنادا إلى القانون الايطالي( قانون بلد الإبرام)،فإذا قام المشتري التونسي  برفع أمام القضاء المغربي، فان القاضي المغربي سيطبق القانون المختار بين الطرفين استنادا إلى الفصل 13 من ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب،غير أنه يكون ملزما بمراعاة القواعد الآمرة في بلد التنفيذ الذي هو بريطانيا.

[16] _ مبروك بنموسى”شرح مجلة القانون الدولي الخاص التونسي”،الطبعة الأولى،المغاربية للطباعة والنشر والإشهار،2003،ص 345.

[17] _ محمود محمد ياقوت:”قانون الإرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق “، مرجع سابق،ص 157،

[18] _ Article 16

Lors de l’application de la présente Convention, il pourra être donné effet aux dispositions impératives de tout Etat avec lequel la situation présente un lien effectif, si et dans la mesure où, selon le droit de cet Etat, ces dispositions sont applicables quelle que soit la loi désignée par ses règles de conflit.

[19] _ 3. Il pourra également être donné effet aux lois de police du pays dans lequel les obligations découlant du contrat doivent être ou ont été exécutées, dans la mesure où lesdites lois de police rendent l’exécution du contrat illégale. Pour décider si effet doit être donné à ces lois de police, il est tenu compte de leur nature et de leur objet, ainsi que des conséquences de leur application ou de leur non-application.

[20] _Règles spéciales d’applicabilité

Art. 20. Lors de l’application, en vertu de la présente loi, du droit d’un Etat, il peut être donné effet aux dispositions impératives ou d’ordre public du droit d’un autre Etat avec lequel la situation présente un lien étroit, si et dans la mesure où, selon le droit de ce dernier Etat, ces dispositions sont applicables quel que soit le droit désigné par les règles de conflit de lois. Pour décider si effet doit être donné à ces dispositions, il est tenu compte de leur nature et de leur objet ainsi que des conséquences qui découleraient de leur application ou de leur nonapplication.

[21] _Art. 19 .Lorsque des intérêts légitimes et manifestement prépondérants au regard de la conception suisse du droit l’exigent, une disposition impérative d’un droit autre que celui désigné par la présente loi peut être prise en considération, si la situation visée présente un lien étroit avec ce droit.

2 Pour juger si une telle disposition doit être prise en considération, on tiendra compte du but qu’elle vise et des conséquences qu’aurait son application pour arriver à une décision adéquate au regard de la conception suisse du droit.

[22] _ لطفي الشادلي ومالك الغزواني:” تعليق على مجلة القانون الدولي الخاص التونسية”،بدون ذكر الطبعة،2008.ص 546.

[23] _ محمود محمد ياقوت:”قانون الإرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق “، مرجع سابق، ص 193.

[24] CHRISTOPHE SERQGLINI : loi police et justice arbitrale internationale, Dalloz, 2000, p412.

[25] _SANDRINE CLAVEL :Droit international prive ,Dalloz ,2016,p105

[26] _أحمد عبد الكريم سلامة: القانون الدولي الخاص النوعي، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية- القاهرة، سنة، ص 188.

[27] _ قرار المجلس الأعلى عدد 3253،الصادر بتاريخ 12 نونبر 2003،ملف مدني عدد 3045/1/2/2002،منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد61 ،2003،ص40.

[28] _ تتلخص وقائع هذا القرار في أن شابا مكسيكيا يسمى ليزاردي عمره 23سنة، اشترى من تاجر فرنسي بعض المجوهرات، وحرر مقابل ثمنها سندات بقيمة 800 فرنك، وعند حلول أجل الأداء، امتنع هذا الشاب عن الأداء مرتكزا على الدفع المتمثل في كون السندات المذكورة باطلة لنقص أهليته وفقا لقانونه الوطني( المكسيكي)، الذي يحدد سن الرشد في 25 سنة، غير أن القضاء الفرنسي لم بستجب لهذا الدفع ،حيث أيدت محكمة النقض محاكم الموضوع التي حكمت على ليزاردي بأداء قيمة السندات، على أساس أن التاجر الفرنسي لا يلزم بمعرفة جميع القوانين الأجنبية، ويكفي أن يكون تعاقد بدون خفة أو رعونة وبحسن نية”: يونس صلاح الدين علي: مرجع سابق، ص297.

[29] _ في قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط الصادر في 18 نونبر 1937 قضى بإبطال تصرف تم بين أم قاصرين بصفتها وصية عليهم وبين شخص له جنسية فرنسية استنادا إلى المادة 56 من ظ ل ع.دون أي  استشارة للقانون الوطني الذي يحكم الأهلية،وهذا يؤكد أن محكمة الاستئناف بالرباط أولت أهمية كبيرة لمبدأ استقرار المعاملات: محمد امعنان عيساوي:”تنازع القوانين بشأن الأهلية في القانون الدولي الخاص المغربي”،بحث نيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص،كلية الحقوق-أكدال،2006-2007، ص154.

[30] _                 يونس صلاح الدين علي:”دراسة تحليلية في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية.الطبعة الأولى، منشورات زين الحقوقية،بيروت-لبنان،2016،ص 298.

[31] _ الفصل 40 – تخضع أهلية التصرّف للقانون الشخصي بالنسبة للذوات الطبيعية، أما بالنسبة للذوات المعنوية فهي تخضع إلى قانون الدولة التي تتعاطى فيها ذلك النشاط.وإذا كان أحد الأطراف في التزام مالي له الأهلية حسب قانون الدولة التي أبرم فيها ذلك الالتزام فإنه لا يمكنه الاحتجاج بعدم أهليته أو نقصانها عملا بقانونه الشخصي أو بقانون الدولة التي نشأ فيها أ و تعاطى فيها نشاطه إلا إذا كان الطرف المتعاقد معه يعلم أو كان عليه العلم بانعدام أهليته أو نقصانها عند إبرام الالتزام.

[32] _  قرار محكمة النقض عدد 310 الصادر بتاريخ 31 ماي 2011 في الملف الشرعي عدد 431/2/1/2010(منشور في مجلة محكمة النقض –العدد 74- سنة 2012-ص 142).

[33] _قرار محكمة النقض عدد 3253 المؤرخ في 12/11/2003 في الملف المدني عدد:3045/1/2/2002(منشور في مجلة محكمة النقض-العدد 62-سنة 2004-ص20).

[34]_ قرار محكمة النقض  عدد 1006 الصادر بتاريخ 23 شتنبر 2009 في الملف عدد 2008/1/1256 منشور في جريدة الكترونية “القانونية” في رابط اسفله:

_http://www.alkanounia.com/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%B6-%D8%B9%D8%AF%D8%AF-1006-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%B1%D8%AE-%D9%81%D9%8A-2009-09-23%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%81%D8%B9%D8%AF%D8%AF-2008-1-5-1256-j15.html /13 juin 2018 à 12:13:40.

[35] _ الاتفاقية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة وبالتعاون القضائي المبرمة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية سنة 1981.

[36] _ قرار محكمة النقض عدد 1158 المؤرخ في 30/11/2000 في الملف الشرعي عدد:206/2/1/98(قرار منشور في كتاب محمد الشافعي:”الأجانب بالمغرب، الجزء الأول”،الطبعة الأولى،مطبعة الوراقة الوطنية –مراكش، 2006،ص 109.

[37] _قرار محكمة الاستئناف بالقنيطرة ملف عدد 1386/94 المؤرخ في 31/1/1994(قرار منشور في مجلة الإشعاع ،العدد 12-1995ص190.

[38] _مجموعة ببنان المغربية 1922،المجلد2ص12:بور مضان محمد:”كيفية تفعيل قواعد القانون الأجنبي أمام القضاء بالمغرب”،دار أبي رقراق للطباعة والنشر-الرباط،2008،ص 70.

إقرأ أيضاً

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي

الرقابة على الدستورية والأمن القانوني دراسة في ضوء الإجتهاد القضائي الدستوري المغربي Constitutional control and …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *